موسوعة عبير الثقافية ..(مفهرسة),,

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نوران العلي
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 3156

    لقد بهرت عبقرية خالد قواد الروم وأمراء جيشهم،
    مما حمل أحدهم، واسمه جرجح على أن يدعو خالدا للبروز اليه في احدى فترات الراحة بين القتال.
    وحين يلتقيان، يوجه القائد الرومي حديثه الى خالد قائلا:
    يا خالد، أصدقني ولا تكذبني فان الحر لا يكذب..
    هل أنزل على نبيكم سيفا من السماء فأعطاك اياه، فلا تسله على أحد الا هزمته؟؟
    قال خالد: لا..
    قال الرجل:
    فبم سميت بسيف الله؟
    قال خالد: ان الله بعث فينا نبيه، فمنا من صدقه ومنا من كذب.ز وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا الى الاسلام، وهدانا برسوله فبايعناه..
    فدعا لي الرسول، وقال لي: أنت سيف من سيوف الله، فهكذا سميت.. سيف الله.
    قال القائد الرومي: والام تدعون..؟
    قال خالد:
    الى توحيد الله، والى الاسلام.
    قال:
    هل لمن يدخل في الاسلام اليوم مثل ما لكم من المثوبة والأجر؟
    قال خالد: نعم وأفضل..
    قال الرجل: كيف وقد سبقتموه..؟
    قال خالد:
    لقد عشنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأينا اياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر..
    أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه، ثم امنتم بالغيب، فان أجركم أجزل وأكبر ا صدقتم الله سرائركم ونواياكم.
    وصاح القائد الرومي، وقد دفع جواده الى ناحية خالد، وقف بجواره:
    علمني الاسلام يا خالد.!!!
    وأسلم وصلى ركعتين لله عز وجل.. لم يصل سواهما، فقد استأنف الجيشان القتال..
    وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستيتا في طلب لبشهادة حتى نالها وظفر بها..!!
    وبعد، فها نحن أولاء نواجه العظمة الانسانية في مشهد من أبهى مشاهدها.. اذ كان خالد يقود جيوش المسلمين في هذه المعركة الضارية،
    ويستل النصر من بين أنياب الروم استلالا فذا، بقدر ما هو مضن ورهيب،
    يتبع خالد بن الوليد

    تعليق

    • نوران العلي
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 3156

      ويستل النصر من بين أنياب الروم استلالا فذا، بقدر ما هو مضن ورهيب،
      واذا به يفاجأ بالبريد القادم من المدينة من الخليقة الجديد، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب..
      وفيه تحية الفاروق للجيش المسلم، نعيه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه،
      وتولية أبي عبيدة بن الجراح مكانه..
      قرأ خالد الكتاب، وهمهم بابتهالات الترحم على ابي بكر والتوفيق لعمر..
      ثم طلب من حامل الكتاب ألا يبوح لأحد بما فيه وألزمه مكانه أمره ألا يغادره، وألا يتصل بأحد.
      استأنف قيادته للمعركة مخفيا موت أبي بكر، وأوامر عمر حتى يتحقق النصر الذي بات وشيكا وقريبا..
      ودقت ساعة الظفر، واندحر الروم..
      وتقدم البطل من أبي عبيدة مؤديا اليه تحية الجندي لقائده...
      وظنها أبو عبيدة في أول الأمر دعابة من دعابات القائد الذي حققق نصرا لم يكن في السحبان..
      بيد أنه ما فتئ أن راها حقيقة وجدا، فقبل خالد بين عينيه، وراح يطري عظمة نفسه وسجاياه..
      وثمت رواية تاريخية أخرى، تقول: ان الكتاب أرسل من أمير المؤمنين عمر الى أبي عبيدة، وكتم أبو عبيدة النبأ عن خالد حتى انتهت المعركة..
      وسواء كان الأمر هذا أو ذاك، فان مسلك خالد في كلتا الحالتين هو الذي يعنينا.. ولقد كان مسلكا بالغ الروعة والعظمة والجلال..
      ولا أعرف في حياة خالد كلها موقفا ينبئ باخلاصه العميق وصدقه الوثيق، مثل هذا الموقف...
      فسواء عليه أن يكون أميرا، أو جنديا..
      ان الامارة كالجندية، كلاهما سبب يؤدي به واجبه نحو الله الذي امن به، ونحو الرسول الذي بايعه، ونحو الدين الذي اعتنقه وسار تحت رايته..
      وجهده المبذول وهو أمير مطاع.. كجهده المبذول وهو جندي مطيع..!
      ولقد هيأ له هذا الانتصار العظيم على النفس، كما هيأه لغيره، طراز الخلفاء الذين كانوا على راس الأمة المسلمة والدولة المسلمة يوم ذاك..
      أبو بكر وعمر..

      يتبع خالد بن الوليد

      تعليق

      • نوران العلي
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 3156

        أبو بكر وعمر..
        اسمان لا يكاد يتحرك بهما لسان، حتى يخطر على البال كل معجز من فضائل الانسان، وعظمة الانسان..
        وعلى الرغم من الود الذي كان مفقودا أحيانا بين عمر وخالد، فان نزاهة عمر وعدله،و ورعه وعظمته الخارقة، لم تكن قط موضع تساؤل لدى خالد..
        ومن ثم لم تكن قراراته موضع شك، لأن الضمير الذي يمليها، قد بلغ من الورع، ومن الاستقامة،
        ومن الاخلاص والصدق أقصى ما يبلغه ضمير منزه ورشيد..
        لم يكن أمير المؤمنين عمر يأخذ على خالد من سوء، ولكنه كان يأخذ على سيفه التسرع، والحدة..
        ولقد عبر عن هذا حين اقترح على أبي بكر عزله اثر مقتل مالك بن نويرة،
        فقال:ان في سيف خالد رهقا
        أي خفة وحدة وتسرع..
        فأجابه الصديق قائلا:
        ما كنت لأشيم سيف سله الله على الكافرين.
        لم يقل عمر ان في خالد رهقا.. بل جعل الرهق لسيفه لا لشخصه، وهي كلمات لا تنم عن أدب أمير المؤمنين فحسب، بل وعن تقديره لخالد أيضا..
        وخالد رجل حرب من المهد الى اللحد..
        فبيئته، ونشأته، وتربيته وحياه كلها، قبل الاسلام وبعده كانت كلها وعاء لفارس، مخاطر، داهية..
        ثم ان الحاح ماضيه قبل السلام، والحروب التي خاضها ضد الرسول وأصحابه، والضربات التي أسقط بها سيفه أيام الشرك رؤوسا مؤمنة،
        وجباها عابدة، كل هذا كان له على ضميره ثقل مبهظ، جعل سيفه تواقا الى أن يطوح من دعامات الشرك أضعاف ما طوح من حملة الاسلام..
        وانكم لتذكرون العبارة التي أوردناها أول هذا الحديث والتي جاءت في سياق حديثه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ قال له:
        يا رسول الله..استغفر لي كل ما أوضعت فيه عن صد عن سبيل الله.
        وعلى الرغم من انباء الرسول صلى الله عليه وسلم اياه، بأن الاسلام يجب ما كان قبله، فانه يظل يتوسل على الظفر
        بعهد من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر الله له فيما صنعت من قبل يداه..
        والسيف حين يكون في يد فارس خارق كخالد بن الوليد، ثم يحرك اليد القابضة عليه ضمير متوهج بحرارة التطهر والتعويض،
        ومفعم بولاء مطلق لدين تحيط به المؤمرات والعداوات، فان من الصعب على هذا السيف أن يتخلى عن مبادئه الصارمة، وحدته الخاطفة.
        وهكذا رأينا سيف خالد يسبب لصاحبه المتاعب.
        فحين أرسله النبي عليه الصلاة والسلام بعد الفتح الى بعض قبائل العرب القريبة من مكة، وقال له:
        اني أبعثك داعيا لا مقاتلا.
        غلبه سيفه على أمره ودفعه الى دور المقاتل.. متخليا عن دور الداعي الذي أوصاه به الرسول
        مما جعله عليه السلام ينتفض جزعا وألما حين بلغه صنيع خالد.. وقام مستقبلا القبلة، رافعا يديه، ومعتذرا الى الله بقوله:
        اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد.
        ثم أرسل عليا ففدى لهم دماءهم وأموالهم.
        وقيل ان خالدا اعتذر عن نفسه بأن عبدالله بن حذافة السهمي قال له:
        ان رسول الله قد أمرك بقتالهم لامتناعهم عن الاسلام..
        كان خالد يحمل طاقة غير عادية.. وكان يستبد به توق عارم الى هدم عالمه القديم كله..
        ولو أننا نبصره وهو يهدم صنم العزى الذي أرسله النبي لهدمه.
        لو أننا نبصره وهو يدمدم بمعوله على هذه البناية الحجرية، لأبصرنا رجلا يبدو كأنه يقاتل جيشا بأسره، يطوح رؤوس أفرداه ويتبر بالمنايا صفوفه.
        فهو يضرب بيمينه، وبشماله، وبقدمه، ويصيح في الشظايا المتناثرة، والتراب المتساقط:
        يا عزى كفرانك، لا سبحانك
        اني رأيت الله قد أهانك..!!
        ثم يحرقها ويشعل النيران في ترابها..!
        كانت كل مظاهر الشرك وبقاياه في نظر خالد كالعزى لا مكان لها في العالم الجديد الذي وقف خالد تحت أعلامه..
        ولا يعرف خالد أداة لتصفيتها الا سيفه..
        والا.. كفرانك لا سبحانك..
        اني رأيت الله قد أهانك..!!
        على أننا اذ نتمنى مع أمير المؤمنين عمر، لوخلا سيف خالد من هذا الرهق، فاننا سنظل نردد مع أمير المؤمنين قوله:
        عجزت النساء أن يلدن مثل خالد..!!
        لقد بكاه عمر يوم مات بكاء كثيرا، وعلم الانس فيما بعد أنه لم يكن يبكي فقده وحسب،
        بل ويبكي فرصة أضاعها الموت عن عمر اذ كان يعتزم رد الامارة الى خالد بعد أن زال افتتان الناس به.
        ومحصت أسباب عزله، لولا أن تداركه الموت وسارع خالد الى لقاء ربه.
        نعم سارع البطل العظيم الى مثواه في الجنة..
        أما ان له أن يستريح..؟؟ هو الذي لم تشهد الأرض عدوا للراحة مثله..؟؟
        أما ان لجسده المجهد أن ينام قليلا..؟؟ هو الذي كان يصفه أصحابه وأعداؤه بأنه:
        الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام..؟؟
        يتبع خالد بن الوليد

        تعليق

        • نوران العلي
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 3156

          الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام..؟؟
          أما هو، فلو خير لاختار أن يمد الله له في عمره مزيدا من الوقت يواصل فيه هدم البقايا المتعفنة القديمة، ويتابع عمله وجهاده في سبيل الله والاسلام..
          ان روح هذا الرجل وريحانه ليوجدان دائما وابدا، حيث تصهل الخيل، وتلتمع الأسنة، وتخفق رايات التوحيد فوق الجيوش المسلمة..
          وأنه ليقول:
          ما ليلة يهدى الي فيها عروس، أو أبشر فيها بوليد، بأحب الي من ليلة شديدة الجليد، في سرية من المهاجرين، أصبح بهم المشركين..
          من أجل ذلك، كانت مأساة حياته أن يموت في فراشه، وهو الذي قضى حياته كلها فوق ظهر جواده، وتحت بريق سيفه...
          هو الذي غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقهر أصحاب الردة، وسوى بالتراب عرش فارس والروم،
          وقطع الأرض وثبا، في العراق خطوة خطوة، حتى فتحها للاسلام، وفي بلاد الشام خطوة خطوة حتى فتحها كلها للاسلام...
          أميرا يحمل شظف الجندي وتواضعه.. وجنديا يحمل مسؤولية الأمير وقدوته..
          كانت مأساة حياة البطل أن يموت البطل على فراشه..!!
          هنالك قال ودموعه تنثال من عينيه:
          لقد شهدت كذا، وكذا زحفا، وما في جسدي موضع الا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، أ، رمية سهم..
          ثم هأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء..!
          كلمات لا يجيد النطق بها في مثل هذا الموطن، الا مثل هذا الرجل، وحين كان يستقبل لحظات الرحيل، شرع يملي وصيته..
          أتجرون الى من أوصى..؟
          الى عمر بن الخطاب ذاته..!!
          أتدرون ما تركته..؟
          فرسه وسلاحه..!!
          ثم ماذا؟؟
          لا شيء قط ، مما يقتني الناس ويمتلكون..!!
          ذلك أنه لم يكن يستحوذ عليه وهو حي، سوى اقتناء النصر وامتلاك الظفر على أعداء الحق.
          وما كان في متاع الدنيا جميعه ما يستحوذ على حرصه..
          شيء واحد، كان يحرص عليه في شغف واستماتة.. تلك هي قلنسوته..
          سقطت منه يوم اليرموك. فأضنى نفسه والناس في البحث عنها.. فلما عوتب في ذلك قال:
          ان فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله واني أتافاءل بها، وأستنصر.
          وأخيرا، خرج جثمان البطل من داره محمولا على أعناق أصحابه ورمقته أم البطل الراحل بعينين اختلط فيهما بريق العزم بغاشية الحزن فقالت تودعه:
          أنت خير من ألف ألف من القو م اذا ما كبت وجوه الرجال
          أشجاع..؟ فأنت أشجع من لي ث غضنفر يذود عن أشبال
          أجواد..؟ فأنت أجود من سيل غامر يسيل بين الجبال
          وسمعها عمر فازداد قلبه خفقا.. ودمعه دفقا.. وقال:
          صدقت..
          والله ان كان لكذلك.
          وثوى البطل في مرقده..
          وقف أصحابه في خشوع، والدنيا من حولهم هاجعة، خاشعة، صامتة..
          لم يقطع الصمت المهيب سوى صهيل فرس جاءت تركض بعد أن خلعت رسنها،
          وقطعت شوارع المدينة وثبا وراء جثمان صاحبها، يقودها عبيره وأريجه..
          واذ بلغت الجمع الصامت والقبر الرطب لوت برأسها كالراية، وصهيلها يصدح.. تماما مثلما كانت تصنع والبطل فوق ظهرها،
          يهد عروش فارس والروم، ويشفي وساوس الوثنية والبغي، ويزيح من طريق الاسلام كل قوى التقهقر والشرك...
          وراحت وعيناها على القبر لا تزيغان تعلو برأسها وتهبط، ملوحة لسيدها وبطلها مؤدية له تحية الوداع..!!
          ثم مقفت ساكنة ورأسها مرتفع.. وجبهتها عالية.. ولكن من اقيها تسيل دموع غزار وكبار..!!
          لقد وقفها خالد مع سلاحه في سبيل الله..
          ولكن هل سيقدر فارس على أن يمتطي صهوتها بعد خالد..؟؟
          وهل ستذلل ظهرها لأحد سواه..؟؟
          ايه يا بطل كل نصر..
          ويا فجر كل ليلة..
          لقد كنت تعلو بروح جيشك على أهوال الزحف بقولك لجندك:
          عند الصباح يحمد القوم السرى..
          حتى ذهبت عنك مثلا..
          وهأنتذا، قد أتممت مسراك..
          فلصباحك الحمد أبا سليمان..!!
          ولذكراك المجد، والعطر، والخلد، يا خالد..!!
          ودعنا.. نردد مع أمير المؤمنين عمر كلماته العذاب الرطاب التي ودعك بها ورثاك:
          رحم الله أبا سليمان
          ما عند الله خير مما كان فيه
          ولقد عاش حميدا
          ومات سعيدا


          يتبع خالد بن الوليد

          تعليق

          • نوران العلي
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 3156

            معركة مؤته ,,وعبقرية خالدبن الوليد

            معركة مؤتة
            بقيادة خالد بن الوليد


            كان لعمرة القضاء وأحداث الحديبية قبلها أثرها الخطير في مكة نفسها ، فإن أهلها رأوا من تضامن المسلمين وتعاونهم وتعاطفهم ،
            وحسن نظامهم والتفاهم بينهم واقتدائهم بنبيهم ، ما جعلهم يدركون أن مثل هذه الجماعة لا يمكن الوقوف في وجهها ،
            وليس من أمل في التغلب عليها ، حتى لقد كانت عمرة القضاء قضاءا تاما على روح العناد والمقاومة في قريش ،
            وأدرك عقلاؤها أن من الخير الانضمام إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتمثل ذلك في إسلام
            خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة حارس الكعبة ،
            وبإسلام هؤلاء الثلاثة أسلم عدد كبير من أهل مكة ، وأصبحت مكة في حكم البلد الذي فتح أبوابه للدعوة الإسلامية ،
            ولم يبق إلا أن تفتح أبوابها وتسلم القيادة للمسلمين ، ومن ثم يمكن اعتبار فتح مكة قد تم للمسلمين من يوم عمرة القضاء
            لأن هذه العمرة أثرت على معنويات قريش أعظم التأثير .
            إن عمرة القضاء فتحت قلوب قريش ، وغزوة الفتح فتحت أبوابها ! ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء
            رجع إلى المدينة وأقام بها ذا الحجة والمحرم وصفرا وشهرى ربيع . وفي جمادى الأولى بعث جيشا قوامه ثلاثة الاف مقاتل إلى الشام،
            فقد كان لا بد من إخضاع الدويلات العربية النصرانية الموالية للروم ، وبالتالي سبق الروم إلى التحرك في المنطقة
            قبل تفكيرهم في القيام بعمل ضد الدولة الإسلامية الفتية،
            ولم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا الجيش، ولا تسمى المعركة غزوة إلا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا لم يخرج سميت سرية ،
            ولكن أغلب أصحاب السير تجاوزوا وسموا سرية مؤتة غزوة ، لأنها كانت أعظم حرب خاضها المسلمون
            في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة عدد المسلمين فيها ، ولما ترتب عليها من أهمية بالغة ،
            ولأنها كانت أول مواجهة مع الدولة الرومانية التي كانت تمثل أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض حينئذ .
            وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على هذه السرية وقال : إن أصيب فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر ، فعبد الله بن رواحة ،

            تعليق

            • نوران العلي
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 3156

              ودع المسلمون الجيش ، وانطلق إلى مشارف الشام إلا أن أخباره سبقته إلى الروم ،
              ولابد أن الانتصارات المتوالية التي حققها المسلمون سياسيا وعسكريا قد أكسبت المسلمين سمعة جعلت الروم يخافون على هيبتهم
              بين الأمم فاستعدوا استعدادا لم يخطر ببال أحد !!
              وذلك أن سرية المسلمين ذات الثلاثة الاف ، وصلت إلى معان لتجد في انتظارها مائة ألف من الروم،
              ومائة ألف أخرى من نصارى العرب التابعين للروم ديانة ، والخاضعين لهم سياسة ،
              فأقام المسلمون ليلتين يتشاورون في أمرهم ، هل يكتبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبرونه بخبر عددهم وما جمعه لهم ،
              فلعله يرسل إليهم المدد أو يأمرهم بأمره أم ماذا يفعلون ؟ وبينما هم على ذلك إذا
              بعبد الله بن رواحة يشجعهم قائلا : يا قوم ! والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون ! الشهادة !
              وما نقاتل الناس بعدد وقوة ولا كثرة . ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ،
              فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين ، إما الظهور وإما الشهادة !
              فكأن كلمات ابن رواحة حسمت الموقف ، فاختفت مشاعر التردد ، واستقر الرأى على القتال ثقة في الله وتوكلا عليه ،
              وانحاز زيد بالمسلمين إلى مؤتة جنوب الكرك فعسكروا هناك واستعدوا للقتال ، وبدأ ثلاثة الاف يواجههون مائتي ألف في ميدان مكشوف.
              ملحمة لم يعرف التاريخ لها مثيلا وبسالة ما عرف الخيال لمثلها سبيلا ،
              وأخذ الراية زيد ، فجعل يصول ويجول ، ملاقيا بصدره الرماح ، مقبلا غير مدبرا ، حتى أدركته الشهادة ،
              ثم تلقفها جعفر بن أبي طالب فجعل يقاتل ببسالة منقطعة النظير ، حتى عقر فرسه الشقراء وقاتل بالراية فقطعت يمينه ،
              فأمسكها بشماله فقطعت ، فاحتضن الراية حتى جاءته الشهادة وهو يقول:

              ياحبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها


              والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها


              على إذا لاقيتها ضرابها

              وصدق رضي الله عنه وكان في الثالثة والثلاثين من عمره ، وقد أبدله الله جناحين يطير بهما في الجنة ،
              ولما قتل جعفر حمل عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه ،
              وكأنه استحضر خطورة موقف الجيش فتردد يسيرا ثم لم يلبث أن عزم على ورود المنايا ونيل المنى جعل يرتجز:

              أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه


              إن أجلب الناس وشدو الرنة مالى أراك تكرهين الجنة


              قد طالما قد كنت مطمئنة هل أنت إلا نطفة في شنة

              وجعل يتذكر مقام صاحبيه ، ويمنى نفسه ورود مصيرهما الذي حققاه في ساحة الشرف:

              يا نفس إلا تقتلى تموتى هذا حمام الموت قد صليت


              وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلى فعلهما هديت

              ثم لم يلبث أن لحق بهما في ركب الشهداء ، فأخذ الراية ثابت بن أرقم ؟ وقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم
              ! قالوا : أنت . قال : ما أنا بفاعل . ثم اصطلح على خالد بن الوليد الذي أدرك خطورة الموقف .
              وشعر بالحاجة إلى مكيدة حربية ليخلص المسلمين من مأزقهم وينحاز بهم بأقل الخسائر الممكنة ، مع تجنب مطاردة الروم لهم .
              لأن موازين القوى ليست في صالح المسلمين .
              ونفذ خالد مكيدته الحربية فأعاد تنظيم جيشه في الليل وجعل الميسرة ميمنة ، والميمنة ميسرة ، والمؤخرة في المقدمة والمقدمة في المؤخرة ،
              ، فأصبح الأعداء أمام قوم مختلفين ورايات مختلفة فظنوا أن المسلمين جاءهم مدد ، فخافوهم ،
              وجعل خالد يقاتل بجيشه، ويتاخر بالمسلمين قليلا قليلا مع استمرار المناوشات ،
              فظن الروم أن المسلمين يريدون أن يستدرجوهم إلى قلب الصحراء لمكيدة دبروها ، فانحازوا إلى بلادهم دون أن يفكروا في مطاردة المسلمين ،
              ونجحت خطة خالد في إحراز الجيش دون كبير خسارة ، إذ لم يقتل للمسلمين أكثر من ثلاثة عشر شهيدا ،
              بينما يدل وصف المعركة على كثرة قتلى الأعداء وأن المسلمين أثخنوهم قتلى وجراحا ، وإن لم يعرف عددهم تحديدا ،
              وتنتهى معركة مؤنة لتضيف صفحة جديدة من صفحات المجد ، ظهر فيها استبسال المسلمين في القتال وشجاعتهم النادرة ،
              وحرصهم على الشهادة ، وتجلت فيها عبقرية خالد العسكرية ، ذلك البطل الذي لم يمض على إسلامه شهورا
              وها هو ذا يضع مكانته في خدمة دين الله.
              لقد انكسرت في يده يومئذ تسعة أسياف وهو ثابت لم يتزعزع ،
              ويقف النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ينعى الشهداء قبل مجيء الرسول بالخير،
              ويقول أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان
              قال : ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم ،
              والمراد بالفتح الانسحاب المنظم الناجح ، الذي أحرز الجيش دون خسائر مع ما أوقعه المسلمون بالروم من خسائر رغم تفوقهم العددي ،
              ويبين النبي صلى الله عليه وسلم منزلة شهداء مؤتة عند الله بقوله :
              (ما يسرني أو قال : ما يسرهم أنهم عندنا ! لما نالهم من عظيم التكريم).
              و كان يوم مؤتة هو يوم خالد بن الوليد الذي عرف فيه بسيف الله المسلول.
              يتبع خالد بن الوليد

              تعليق

              • نوران العلي
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 3156

                وإذا كان يوم مؤتة هو يوم خالد بن الوليد الذي عرف فيه بسيف الله
                فإن سرية ذات السلاسل التي خرجت بعد عودة جيش مؤتة بأيام كان فارسها وقائدها رفيق خالد بن
                الوليد في رحلة الإسلام ! إنه عمرو بن العاص داهية العرب الذي كان حديث الإسلام ،
                فأرسله النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة من الصحابة إلى ذات السلاسل لتأديب قضاعة التي
                بدأت تتجمع للإغارة على المدينة , فلما بلغ عمرا أن جموع المشركين كثيرة طلب المدد ،
                فأمده النبي صلى الله عليه وسلم بمائتين على رأسهم أبو عبيدة وفيهم أبو بكر وعمر فأخذوا
                يطاردون القبائل الموالية للروم ، وتوغل الجيش في ديار قضاعة التي هربت وتفرقت ، ومع أن عمرا
                دوخ أولئك الأعراب وشتت شملهم إلا أنه لم يلقهم في معركة حاسمة .
                يتبع خالد بن الوليد

                تعليق

                • نوران العلي
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 3156

                  معركة ذات السلآسل ,, بقيادة خالد بن الوليد

                  معركة ذات السلاسل
                  بقيادة خالد بن الوليد
                  اثناء خلافة ابو بكر الصديق
                  في 18هجريه في العراق

                  بعد أن انتهى الخليفة 'أبو بكر' من القضاء على حركة الردة الشريرة التي نجمت بأرض العرب، قرر أن يتفرغ للمهمة الأكبر
                  وهى نشر دين الله بعد أن مهد الجبهة الداخلية، وقضى على هذه الفتنة، وكان 'أبو بكر' يفكر في الجبهة المقترحة لبداية الحملات الجهادية
                  عملا بقوله عز وجل {يا أيها الذين امنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين} [123] سورة التوبة

                  وكانت الدولة الإسلامية تقع بين فكي أقوى دولتين في العالم وقتها،
                  دولة 'الفرس' المجوسية من ناحية الشرق بأرض العراق وإيران، ودولة'الروم' الصليبية من ناحية الشمال بأرض الشام والجزيرة،
                  وكان 'أبو بكر' يفضل الجبهة الشامية على الجبهة العراقية، ولكنه فضل البدء بدولة 'الفرس' لقوتها وشدة بأسها،
                  وأيضا لكفرها الأصلي، فهي أشد كفرا من دولة 'الروم' الذين هم أهل كتاب، وأخيرا استقر رأى الخليفة على البدء بالجبهة العراقية .


                  بعد أن انتهى القائد الكبير 'خالد بن الوليد' والمسلمين معه من حربه على المرتدين من 'بني حنيفة' أتباع 'مسيلمة الكذاب'
                  جاءته الأوامر من الخليفة أبى بكر بالتوجه إلى الأراضي العراقية، مع عدم إكراه أحد من المسلمين على مواصلة السير معه إلى العراق،
                  ومن أحب الرجوع بعد قتال المرتدين فليرجع،فانفض كثير من الجند، وعادوا إلى ديارهم،
                  ليس خوفا ولا فرارا من لقاء 'الفرس' ولكن تعبا وإرهاقا من حرب الردة، فلم يبقى مع 'خالد' سوى ألفين من المسلمين .


                  وما قام به 'أبو بكر' هو عين الصواب والبصيرة الثاقبة فإنه لن ينصر دين الله إلا من كان عنده الدافع الذاتي،
                  والرغبة التامة في ذلك، مع الاستعداد البدني والنفسي لذلك، فمن تعلق بشواغل الدنيا، أو كان خاطره وقلبه مع بيته وأهله
                  لا يصمد أبدا في القتال، كما أن هذا الجهاد جهاد طلب، وهو فرض كفاية كما قال أهل العلم .

                  العبقرية العسكرية

                  وضع الخليفة 'أبو بكر' خطة عسكرية هجومية، تجلت فيها عبقرية 'الصديق' الفذة،
                  حيث أمر قائده 'خالد بن الوليد' أن يهجم على العراق من ناحية الجنوب، وفي نفس الوقت أمر قائدا اخر لا يقل خبرة عن 'خالد بن الوليد'
                  وهو 'عياض بن غنم الفهرى' أن يهجم من ناحية الشمال، في شبه كماشة على العدو،
                  ثم قال لهما :{من وصل منكما أولا إلى 'الحيرة' واحتلها فهو الأمير على كل الجيوش بالعراق، فأوجد بذلك نوعا من التنافس الشريف والمشروع بين القائدين، يكون الرابح فيه هو الإسلام } .


                  كانت أول مدينة قصدها 'خالد بن الوليد' هي مدينة 'الأبلة'، وكانت ذات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث أنها ميناء 'الفرس' الوحيد على الخليج العربي،
                  ومنها تأتى كل الإمدادات للحاميات الفارسية المنتشرة بالعراق، وكانت هذه المدينة تحت قيادة أمير فارسي كبير الرتبة اسمه 'هرمز
                  وقد اشتق من اسمه اسم المضيق القائم حاليا عند الخليج العربي، وكان رجلا شريرا متكبرا، شديد البغض للإسلام والمسلمين،
                  وللجنس العربي بأسره، وكان العرب بالعراق يكرهونه بشدة، ويضربون به الأمثال
                  فيقولون : {أكفر من هرمز ، اخبث من هرمز}، فلما وصل 'خالد' بالجيوش الإسلامية هناك،
                  وكان تعداد هذه الجيوش قد بلغ ثمانية عشر ألفا بعد أن طلب الإمدادات من الخليفة،
                  أرسل برسالة للقائد 'هرمز' تبين حقيقة الجهاد الإسلامي، وفيها أصدق وصف لجند الإسلام، حيث جاء في الرسالة :-


                  {أما بعد فأسلم تسلم، أو اعتقد لنفسك ولقومك الذمة، وأقرر بالجزية، وإلا فلا تلومن إلا نفسك،
                  فلقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة}.


                  وهذا أصدق وصف لجند الإسلام، وهو الوصف الذي جعل أعداء الإسلام يهابون المسلمين،
                  وهو النفحة الغالية التي خرجت من قلوب المسلمين، وحل محلها 'الوهن' الذي
                  قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سبب تكالب الأمم علينا، وهو كما عرفه الرسول صلى الله عليه وسلم
                  {حب الدنيا وكراهية الموت} .


                  حرب الاستنزاف

                  'هرمز' يرفض الرسالة الإسلامية التي تدعوه إلى الإسلام أو الجزية، ويختار بيده مصيره المحتوم، ويرسل إلى كسرى يطلب الإمدادات،
                  وبالفعل يرسل كسرى إمدادات كبيرة جدا، ويجتمع عند 'هرمز' جيش جرار عظيم التسليح، ويبنى 'هرمز' خطته على الهجوم
                  على مدينة 'كاظمة' ظنا منه أن المسلمين سوف يعسكرون هناك، ولكنه يصطدم أمام العقلية العسكرية الفذة للقائد 'خالد بن الوليد' .




                  قام 'خالد بن الوليد' بما يعرف في العلوم العسكرية الحديثة بحرب استنزاف، ومناورات مرهقة للجيش الفارسي،
                  فقام 'خالد' وجيشه بالتوجه إلى منطقة 'الحفير'، وأقبل 'هرمز' إلى 'كاظمة' فوجدها خالية وأخبره الجواسيس أن المسلمين قد توجهوا إلى 'الحفير'،
                  فتوجه 'هرمز' بسرعة كبيرة جدا إلى 'الحفير' حتى يسبق المسلمين، وبالفعل وصل هناك قبل المسلمين، وقام بالاستعداد للقتال،
                  وحفر خنادق، وعبأ جيشه،
                  ولكن البطل 'خالد' يقرر تغير مسار جيشه ويكر راجعا إلى مدينة 'الكاظمة'، ويعسكر هناك ويستريح الجند قبل القتال .




                  تصل الأخبار إلى 'هرمز' فيستشيط غضبا، وتتوتر أعصابه جدا، ويتحرك بجيوشه المرهقة المتعبة إلى مدينة 'الكاظمة' ليستعد للصدام مع المسلمين،
                  وكان 'الفرس'أدرى بطبيعة الأرض وجغرافية المكان من المسلمين، فاستطاع 'هرمز' أن يسيطر على منابع الماء
                  بأن جعل نهر الفرات وراء ظهره، حتى يمنع المسلمين منه، وصدق الحق عندما قال { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم } [216] سورة البقرة
                  فقد كان سببا لاشتعال حمية المسلمين وحماستهم ضد الكفار، وقال 'خالد بن الوليد' كلمته الشهيرة تحفيزا بها الجند :
                  'ألا انزلوا وحطوا رحالكم، فلعمر الله ليصيرن الماء لأصبر الفريقين، وأكرم الجندين' .

                  وقبل أن يصطدم 'هرمز' قائد الجيوش الفارسية مع جيوش المسلمين أرسل بصورة الوضع إلى كسرى،
                  الذي قام بدوره بإرسال إمدادات كبيرة يقودها 'قارن بن قرباس' يكون دورها الحفاظ على مدينة 'الأبلة'
                  في حالة هزيمة 'هرمز' أمام المسلمين، لأهمية هذه المدينة كما أسلفنا .
                  يتبع خالد بن الوليد

                  تعليق

                  • نوران العلي
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 3156

                    يتبع معركة ذات السلاسل

                    سلاسل الموت

                    كان 'هرمز' رجلا متكبرا أهوجا، لا يستمع إلا لصوت نفسه فقط، حيث رفض الاستماع لنصائح قواده،
                    وأصر على أن يربط الجنود 'الفرس' أنفسهم بالسلاسل، حتى لا يفروا من أرض المعركة،
                    كناية عن القتال حتى الموت، لذلك فقد سميت المعركة بذات السلاسل .

                    والمسلمون أولى بهذا الصبر والثبات لأنهم على الحق والدين، وعدوهم على الباطل والكفر، وشتان بين الفريقين .

                    كان أول وقود المعركة وكما هو معتاد وقتها أيام الحروب أن يخرج القواد للمبارزة،
                    كان أول الوقود عندما خرج القائد الفارسي 'هرمز' لمبارزة القائد المسلم 'خالد بن الوليد'،
                    وكان 'هرمز' كما أسلفنا شديد الكفر والخيانة، فاتفق مع مجموعة من فرسانه على أن يهجموا على 'خالد' ويفتكوا به أثناء المبارزة ،
                    وبالفعل خرج المسلم للقاء الكافر، وبدأت المبارزة،
                    ولم يعهد أو يعلم عن 'خالد بن الوليد' أنه هزم قط في مبارزة طوال حياته قبل الإسلام وبعده ،
                    وقبل أن تقوم مجموعة الغدر بجريمتهم الشريرة فطن أحد أبطال المسلمين الكبار لذلك، وهو البطل المغوار 'القعقاع بن عمرو'،
                    صنو 'خالد' في البطولة والشجاعة، فخرج من بين الصفوف مسرعا، وانقض كالأسد الضاري على مجموعة الغدر فقتلهم جميعا،
                    وفي نفس الوقت أجهز 'خالد بن الوليد' على الخائن 'هرمز' وذبحه كالنعاج، وكان لذلك الأمر وقعا شديدا في نفوس 'الفرس'،
                    حيث انفرط عقدهم، وانحل نظامهم لمقتل قائدهم، وولوا الأدبار، وركب المسلمون أكتافهم، وأخذوا بأقفيتهم،
                    وقتلوا منهم أكثر من ثلاثين ألفا، وغرق الكثير في نهر الفرات، وقتل المربطون بالسلاسل عن بكرة أبيهم،
                    وكانت هزيمة مدوية على قوى الكفر وعباد النار، وفر باقي الجيش لا يلوى على شيء .

                    الفزع الكبير

                    لم تنته فصول المعركة عند هذا الحد، فمدينة 'الأبلة' لم تفتح بعد، وهناك جيوش قوية ترابط بها للدفاع عنها حال هزيمة جيوش 'هرمز' وقد كانت،
                    ووصلت فلول المنهزمين من جيش 'هرمز' وهى في حالة يرثى لها من هول الهزيمة، والقلوب فزعة ووجلة،
                    وانضمت هذه الفلول إلى جيش 'قارن بن قرباس' المكلف بحماية مدينة 'الأبلة'، وأخبروه بصورة الأمر فامتلأ قلبه هو الاخر فزعا ورعبا من لقاء المسلمين،
                    وأصر على الخروج من المدينة للقاء المسلمين خارجها، وذلك عند منطقة 'المذار'،
                    وإنما اختار تلك المنطقة تحديدا لأنها كانت على ضفاف نهر الفرات، وكان قد أعد أسطولا
                    من السفن استعدادا للهرب لو كانت الدائرة عليه، وكانت فلول المنهزمين من جيش 'هرمز'
                    ترى أفضلية البقاء داخل المدينة والتحصن بها، وذلك من شدة فزعهم من لقاء المسلمين في الميدان المفتوح .





                    كان القائد المحنك 'خالد بن الوليد' يعتمد في حروبه دائما على سلاح الاستطلاع الذي ينقل أخبار العدو أولا بأول،
                    وقد نقلت له استخباراته أن 'الفرس' معسكرون 'بالمذار'، فأرسل 'خالد' للخليفة 'أبو بكر'
                    يعلمه بأنه سوف يتحرك للمذار لضرب المعسكرات الفارسية هناك ليفتح الطريق إلى الأبلة،
                    ثم انطلق 'خالد' بأقصى سرعة للصدام مع 'الفرس'، وأرسل بين يديه طليعة من خيرة 'الفرسان'،
                    يقودهم أسد العراق 'المثنى بن حارثة'، وبالفعل وصل المسلمون بسرعة لا يتوقعها أحد من أعدائهم .


                    الفطنة العسكرية


                    عندما وصل المسلمون إلى منطقة المذار أخذ القائد 'خالد بن الوليد' يتفحص المعسكر، وأدرك بخبرته العسكرية، وفطنته الفذة
                    أن الفزع يملأ قلوب 'الفرس'، وذلك عندما رأى السفن راسية على ضفاف النهر،
                    وعندها أمر 'خالد' المسلمين بالصبر والثبات في القتال، والإقدام بلا رجوع، وكان جيش 'الفرس' يقدر بثمانين ألفا،
                    وجيش المسلمين بثمانية عشر ألفا، وميزان القوى المادي لصالح 'الفرس' .


                    خرج قائد 'الفرس' 'قارن' وكان شجاعا بطلا، وطلب المبارزة من المسلمين فخرج له رجلان 'خالد بن الوليد'
                    وأعرابي من البادية، لا يعلمه أحد، اسمه 'معقل بن الأعشى' الملقب 'بأبيض الركبان' لمبارزته، وسبق الأعرابي 'خالدا'،
                    وانقض كالصاعقة على 'قارن' وقتله في الحال، وخرج بعده العديد من أبطال 'الفرس' وقادته
                    فبارز 'عاصم بن عمرو' القائد 'الأنوشجان' فقتله،
                    وبارز الصحابي الجليل 'عدى بن حاتم' القائد 'قباذ' فقتله في الحال،
                    وأصبح الجيش الفارسي بلا قيادة .


                    كان من الطبيعي أن ينفرط عقد الجيش الفارسي بعد مصرع قادته، ولكن قلوبهم كانت مشحونة بالحقد والغيظ من المسلمين،
                    فاستماتوا في القتال على حنق وحفيظة، وحاولوا بكل قوتهم صد الهجوم الإسلامي ولكنهم فشلوا في النهاية تحت وطأة الهجوم الكاسح،

                    وانتصر المسلمون انتصارا مبينا، وفتحوا مدينة 'الأبلة'، وبذلك استقر الجنوب العراقي بأيدي المسلمين،
                    وسيطروا على أهم مواني 'الفرس' على الخليج،

                    وكان هذا الانتصار فاتحة سلسلة طويلة من المعارك الطاحنة بين 'الفرس' والمسلمين
                    على أرض العراق كان النصر فيها حليفا للمسلمين في جملتها، وانتهت بسقوط مملكة عباد النار .
                    يتبع خالد بن الوليد

                    تعليق

                    • نوران العلي
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 3156

                      معركة الحصيد.. [خالد بن الوليد]

                      معركة الحصيد..

                      ما زالت السيرة العسكرية للقائد المسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه
                      تقدم الدروس في مجال التخطيط العسكري،
                      والقيادة، والجوانب العسكرية الأخرى،
                      وخاصة في تأمين عوامل تحقيق النصر في المعركة،

                      ومن المعارك الكثيرة التي قادها خالد بن الوليد بنجاح: معركة الحصيد
                      التي وقعت في العاشر من شعبان؛ السنة الثانية عشرة للهجرة؛

                      وهذه المعركة تشكل نموذجا متطورا للدراسة في كبريات الكليات العسكرية في العالم في فن إدارة
                      المعركة القتالية في الصحراء

                      وممن تحدث مطولا ومرارا عن هذه المعركة: المنظر العسكري الروسي العقيد بروميكوف في كتبه العسكرية
                      التي وضعها للأكاديميات العسكرية الروسية
                      معتبرا هذه المعركة إبداعا عسكريا في مجال فن القيادة كما أظهره خالد بن الوليد؛
                      إن من جهة دراسة الموقف قبل المعركة بحكمة وعقلانية،
                      أو من جهة التخطيط القيادي المبني على المعطيات والمستجدات الميدانية..

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...