رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
طرقت عليها كثيرا بنبرة تتصاعد بخوفها : ضي!! أفتحي الباب . . لم يأت سوى سعالها المتكرر وتقيؤها الحاد، استغرقت وقتها حتى فتحت الباب وهي تضغط على بطنها بكفها.
رتيل عقدت حاجبيها بشحوب ملامحها التي اصفرت بالتعب، استندت عليها لتسير بخطى متعبة نحو الأريكة، جلست بتأوه من بطنها الذي يهيج بالوجع : أخاف صاير شي!
رتيل بإندفاع : لا إن شاء الله . . جلست على ركبتيها أمامها . . يوجعك كثير؟
اختنقت محاجرها بالدمع لتلفظ : مو مرة . . أقدر أتحمله
رتيل بضيق : أكلم عبدالعزيز؟ . . يعني ممكن فيه مستشفى قريب!
ضي : لا . . خلاص بنام وممكن يخف الألم
رتيل : طيب أنسدحي يمكن داخلك برد
ضي بإبتسامة : لو داخلني برد ما رجعت
رتيل بإبتسامة شاحبة: تحملي دلاختي بهالأمور . . بروح أجيب لك فراش يدفيك . . . إتجهت نحو الغرفة المنزوية لتجلب لها فراش يدثرها، غطت جسدها : إرتاحي . . . بخطوات خافتة نظرت للنافذة، لا ترى شيء سوى ظهره على الكرسي المتمرجح بفعل الهواء، سحبت جاكيتها لترتديه، أخذت وشاحها الصوفي لتلفه حول رقبتها، إتجهت نحو الباب وانحنت لتأخذ معطفه التي نامت به، شدت على مقبض الباب دون أن تصدر صوتا، إلتفت عليها لتسير برجفة من البرد الذي يصير أنفاسها لبياض متبخر، جلست بجانبه لتمد إليه معطفه، ارتداه فوق جاكيته ليلفظ : كيفك اليوم؟
رتيل دون أن تنظر إليه، أعينهما كليهما متجهة نحو المسطحات الخضراء التي أمامهما : بخير
عبدالعزيز : و ضي؟
رتيل : تمام . . إلتفتت عليه . . ما نمت؟
عبدالعزيز : متقطع نومي
رتيل تنهدت لتعود إلى صمتها مرة أخرى ويشاركها الصمت، نظراتهما جدل لا يهدأ.
سمع صوت طرق، إلتفتت رتيل للخلف بتوجس، عبدالعزيز وقف : هذا نايف . . . إتجه إليه ليقترب منه : أبو سعود يبي يكلمك . .
عبدالعزيز يأخذ الهاتف ليجيب : ألو
عبدالرحمن : هلا . . شلونك يبه؟
عبدالعزيز : تمام . . أنت شلونك؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله . . أموركم تمام؟
عبدالعزيز : إيه بس نايف يقول لازم نغير المكان لأنه شاك بأنهم عرفوه!
عبدالرحمن تنهد : بخلي نايف يدور على مكان ثاني إن شاء الله
عبدالعزيز : وش قررتوا؟
عبدالرحمن : بأقرب وقت راح أجي عشان نرجع الرياض كلنا وهناك بفهمك كل شي
عبدالعزيز : متى؟
عبدالرحمن : بس أضبط كم شغلة هنا وأسلمها لسلطان يكملها عني وأجيكم
عبدالعزيز : طيب
عبدالرحمن : رتيل عندك؟
عبدالعزيز : إيه . . لحظة . . . إتجه للخلف بخطواته الهادئة ليمد إليها الهاتف . . أبوك
بلهفة أخذته لتجيب : هلا
عبدالرحمن : هلابك
رتيل : شلونك يبه؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله و . . كلمتني عبير اليوم
رتيل وقفت بدهشة : جد!! وينها فيه؟ يعني بيتركونها؟
عبدالرحمن بإبتسامة لم يشعر بأنه تلذذ بها منذ مدة : أمورها تمام إن شاء الله كلها كم يوم وينتهي كل هذا
رتيل : قالت لك شي؟ تعبانة؟
عبدالرحمن : لا بس مشتاقة لنا كثيير
رتيل برجفة شفتيها تلألأت عينيها بالدمع : واحنا مشتاقين لها . . طيب يبه متى بتجي؟
عبدالرحمن : بس انتظر كم شغلة أنهيها وأجيكم . . أنتبهي لنفسك ولا تنسين صلواتك وكل أمورنا إن شاء الله بتتسهل
رتيل : إن شاء الله
عبدالرحمن : عطيني ضي!
رتيل بتوتر : طيب . . دخلت إلى البيت الدافىء . . . شكلها نايمة
عبدالرحمن عقد حاجبيه : نايمة الحين؟ . . فيها شي؟
رتيل : ا .. لا . . يعني شوي تعبانة بس . . يعني عادي تمام
عبدالرحمن بضيق : تعبانة!! رتيل وش صاير؟ فيه شي مخبينه عني؟
رتيل بربكة : لا . . يعني وش بيكون؟ . . هذا هي صحت
ضي التي كانت تحاول النوم ولم تستطع من الألم، رفعت عينيها إليها
رتيل : أبوي ..
ضي بحركة متهورة من لهفتها إليه ضربت بطنها بطرف الطاولة التي أمامها لتخرج " اه " موجعة من بين شفتيها الشاحبتين.
عبدالرحمن بخوف : ألو!! ..
رتيل تضع الهاتف على الطاولة : لا تتحركين . .
ضي أخذت الهاتف بعدم رضوخ لطلبات رتيل : ألو
عبدالرحمن : وش فيك؟
ضي تتحامل على وجعها: ولا شي بس صدمت بالطاولة . . المهم ماعلينا . . بشرني عنك؟
عبدالرحمن بعدم إقتناع : صاير شي؟
ضي : وش فيك عبدالرحمن؟ مافيه شي . .الحمدلله كل أمورنا تمام . . . أبي أسمع أخبارك؟ ليه ماجيت قبل أمس؟
عبدالرحمن : مقدرت! بس إن شاء الله هاليومين بجي
ضي : إن شاء الله
عبدالرحمن : يبه ضي فيك شي؟
ضي بضيق : صار فيني شي من قلت يبه
عبدالرحمن ضحك ليردف : لا تدققين مرة! طلعت عفوية
ضي بإبتسامة : الله يديم هالضحكة! من زمان ما سمعتها
رتيل بضحكة تجلس على الطاولة ليصل صوتها إلى والدها : من قده أبوي!
ضي بدأت الحمرة ترتفع لوجهها لتردف : كنت متأملة تجي قبل العيد!
عبدالرحمن تنهد : والله ماهو بإيدي . .
ضي : أهم شي سمعنا صوتك، لا تطول
عبدالرحمن : أبشري . . . تامرين على شي؟
ضي : ما أبي إلا سلامتك و ضحكتك
عبدالرحمن : الله يسلمك من كل شر . . أنتبهي لنفسك طيب يب . . طيب ضي
ضي تنهدت : طيب يبه
عبدالرحمن بضحكة عميقة أردف : بحفظ الرحمن يا روحي
ضي : مع السلامة . . أغلقته لتمده إليها.
وقفت رتيل بخبث : راح التعب؟
ضي بضحكة مجنونة : هههههههههههههههههههههههه مبسوطة . . مبسووووطة ودي أطييير
رتيل : هههههههههههههههههههههه عساه دوم . . خرجت لتمد إليه الهاتف.
إبتسم لإبتسامتها لتردف رتيل بفرح : أتصلت عبير على أبوي!
عبدالعزيز : كويس الحمدلله
رتيل : الحمدلله . .
عبدالعزيز : دقيقة بوديه لنايف وأجيك . . . ثواني قليلة حتى عاد وجلس بجانبها، إلتفت إليها بكامل جسده : شوفي عيونك كيف تضحك؟ لو أدري كان قلت له يتصل عليكم كل دقيقة.
رتيل إلتفتت نحوه بمسافة قصيرة تفصلهما، نظرت لغياهيب عينيه: محد يرد للحياة فرحها إلا صوت أبوي.
عبدالعزيز : الله يخليه ويطول بعمره
رتيل : امين . . . كليت شي؟ وجهك تعبان!
عبدالعزيز : مو مشتهي
رتيل : عبدالعزيز ممكن أسألك سؤال؟
عبدالعزيز تنهد بعينين تقبل الإجابة.
رتيل : كيف عرفت عن هالجرح؟ . . أشارت إلى بين حاجبيها.
عبدالعزيز بإبتسامة ضيقة : كنت أصلي الفجر بالمسجد وشفت سيارتكم مارة، قمت أخمن وش ممكن يخليكم تطلعون بهالوقت وما جاء الصبح الا وسألت الشغالة وقالت لي وعرفت.
رتيل : كنت أحسب في وقتها كنت تدري أني إسمعك عشان صدق أحقد عليك!
عبدالعزيز : ما عرفت إلا منك، بس أحب هالمكان
رتيل بإبتسامة : تحبه عشان . .
لم تكمل من قبلته العميقة بين حاجبيها ليهمس بضحكة مبحوحة : هنا موضع العشق . . أرتفع قليلا ليقبل جبينها . . وهنا الإحترام . . إلتفت جانبا نحو عينيها ليقبلها . . وهنا الود . . . مال قليلا ليقبل خدها . . وهنا الحنان . .
ضحك عند إذنها ليردف : أعلمك فن القبل؟ تراني خبرة من بعدك
رتيل تدفعه بقوة ليضج كل ما حوله بصوت ضحكاته، والحمرة ترتفع لأعلى رأسها، كل الأشياء في جسدها تغلي بالدماء.
إلتفت عليها بإبتسامة ونبرة فصيحة : جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل، فحرقنا نفوسنا في جحيم من القبل
رتيل تقلد صوته : أنا ماأحفظ شعر غزلي كثير!
عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههه
رتيل تقف بغضب ليسحبها بيده : له الجنة أبوك . . كان بيروح يومي بالكابة.
رتيل تحك جبينها بتوتر عميق لتردف دون أن تنظر إليه : لمين هالقصيدة؟
عبدالعزيز بخبث: عجبتك؟
رتيل : لا! بس كذا أسأل فضول
عبدالعزيز : لبشارة الخوري . . اللي قال ياعاقد الحاجبين على الجبين اللجين . . إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
رتيل : ما أعرفه
عبدالعزيز بإستغراب : اللي قال قتل الورد نفسه حسدا منك وألقى دماه في وجنتيك.
رتيل بإصرار :ما أعرفه
عبدالعزيز يبتعد بأنظاره للسماء : ما عندك ثقافة أدبية!
رتيل : لأني ما أحب الشعر! أحب المواويل
عبدالعزيز بضحكة إلتفت عليها : طقطقي علي! مسموحة
رتيل بإبتسامة تنظر إلى السماء و بصوت ناعم لم يعتاد أن يسمع فصاحته : أضنيتني بالهجر ما أظلمك . . . فارحم عسى الرحمن أن يرحمك
إلتفت عليها بدهشة جعلتها تضحك ليردف : هذي اللي ماتعرفه!
رتيل بضحكة محمرة بالخجل : أقولك شي! . . الأيام اللي كنا جالسين فيها في شقتك كنت أحب أشوف أغراضك وأكتشفها وأقراها! وعلق في مخي إسم الشاعر لما رجعنا الرياض ما قريت الا قصيدة وحدة وصرت أرددها دايم لين حفظتها . . بس ما تذكرتها يوم قلت البيت الأول لكن يوم قلت قتل الورد نفسه تذكرت اللي قريته بشقتك!
عبدالعزيز بإبتسامة يراقب حركات شفتيها الرقيقة.
رتيل : مولاي .. حكمتك في مهجتي . . فارفق بها يفديك من حكمك! . . ا . . ما كان
يكمل عنها بنبرة لا تقل صحة مخارج الحروف عنها : ما كان أحلى قبلات الهوى إن كنت لا تذكر . . فأسأل فمك، تمر بي كأنني لم أكن قلبك أو صدرك أو معصمك.
رتيل بنظرات متلألأة نحو السماء : لو مر سيف بيننا لم نكن نعلم . . هل جرى دمي أم دمك ؟
عبدالعزيز بإبتسامة واسعة : الله الله!
رتيل : سل الدجى كم راقني نجمه لما حكى .. مبسمه مبسمك
عبدالعزيز إلتفت عليها : يا بدر إذا واصلتني بالجفا . . ومت في شرخ الصبا مغرمك . . قل للدجى مات شهيد الوفا فأنثر على أكفانه أنجمك.
رتيل غرقت بضحكة مبحوحة وهي تدفىء كفيها بين فخذيها : هذي القصيدة خلتني أحب الشعر على فكرة!
عبدالعزيز : شكرا.
رتيل إلتفتت إليه بإبتسامة : عشاني حبيت الشعر؟
عبدالعزيز : عشانك جميلة.
ضاعت النظرات بينهما، هذه النظرات لا تصنف تحت الحب الناعم، هذه النظرات عشق موضعها: عليين. حركت الريح شعرها الملتوي بإلتواءات ناعمة تشبه تلعثم قلبها في هذه اللحظات، تاهت بحيرة هدبيه، رغم الدنيا، الحزن ومراسيل عينيك الحادة، رغم الناس والعالم الذي يباعد بمسافاته عنا، رغم الكلمات المودعة و الأشياء المخبئة في تلويحة، رغم إيماءات الغياب نحن نلتقي بقصيدة شفافة، بمباركة طيبة من حناجرنا المبحوحة.
،
في ساحة العمل المكتظة بحرقة الشمس، يتدرب على ثلاث ساعات متواصلة. أتى إليه ليناديه بصوت عالي : سلطان
سلطان الذي كان يتشبث بالحبل المتين الذي يربط المبنى بمبنى اخر، إلتفت عليه ليشير إليه بالإنتظار للحظات، رمى نفسه وخاصرته تلتف بحبل اخر، نزل ليقترب منه.
عبدالرحمن : بيته من داخل فيه شخصين عند الباب، وعند الباب 4 بس . . بتروح الحين؟
سلطان يفتح الحزام الغليظ ليرتفع الحبل المصنوع من المطاط إلى الأعلى : إيه . . بس خلني أغسل وأجيك
عبدالرحمن : طيب موضوع زياد وصلهم؟
سلطان : ماراح أطلع من بيته إلا وأنا عارف مين الكلاب اللي عندنا!
عبدالرحمن : المهم نفسك لا تجهدها ولا تدخل بخناقات معهم! توك طالع من العملية
سلطان : بتجلس سنة كاملة وأنت تقول توك طالع من العملية!
عبدالرحمن : الشرهة على اللي خايف عليك!
سلطان بإبتسامة : أبشر من عيوني . . طيب أسمعني فكرت وأنا أتدرب بهالشي وحسيته بيساعدنا كثير . . إذا دخلت أبيك تجي وتضربني! خلنا نوصل لهم أننا على إختلاف وبعدها بروح بيت رائد وبيتأكد رائد أننا على خلاف وبيوصل للحمار الثاني سليمان . . . وبعدها نطبخهم إثنينتهم على نار هادية
عبدالرحمن إتسعت إبتسامته : طيب أستعجل وأنا بنتظرك فوق
سلطان يشعر بالنوافذ التي تكشف هذه الساحة كثيرا : طيب حاول تبين إنك معصب
عبدالرحمن بجمود ملامحه : كلمني وبتركك الحين وحاول تحذف أي شي عشان تضبط السالفة
سلطان أعطى النوافذ ظهره ليتسع بضحكته : واثق أنهم أغبياء لو يشوفنا نضحك بعد يشكون
عبدالرحمن بعقدة حاجبيه : طيب يالله لا تطول . . بنتظرك فوق وبنتظر 5 دقايق وبطلع من مكتبي
سلطان : تمام . . أخذ نفس عميق ليعقد حاجبيه . . .
عبدالرحمن تركه بخطى سريعة إلى الداخل، سلطان بحركة غاضبة رمى المنشفة على الأرض وإتجه نحو دورات المياه.
أستمر دقائق حتى أغتسل وأرتدى لبسه العسكري، مسح وجهه ليتنهد ويعود بخطواته نحو المبنى، وضع السلاح على خاصرته والقبعة بجانبها، صعد للطابق الثاني لينظر لعبدالرحمن المتجه إليه بغضب يتضح بملامحه، شعر لوهلة بأنه صادق في غضبه، كل الأنظار بدأت تتبع خطاه الحادة.
لكمه بشدة جعلت أنفه ينزف دماء، بتعابير من سلطان صادقة بسبب الألم الذي بدأ يشعر به بأنفه، تخدر تماما كما تخدرت عيناه، أشار إليه بالسبابة وهو يقترب منه بخفوت، همس وأشعر كل من حوله بأنه يهدد، بخبث يعرفه سلطان جيدا : سلامات
سلطان بمثل همسه وهو ينحني بظهره بمحاولة أن يوقف النزيف الذي أندفع في أنفه : الله يسلمك ما سويت شي بس طيرت لي خشمي! . . إبتعد عبدالرحمن عائدا لمكتبه تاركا سلطان واقف أمام أنظار الجميع المندهشة/المصدومة.
وقف بربكة أقدامه : وش صاير؟
أحمد بإستغراب شديد : شكلهم مختلفين في شي!
سلطان بخطوات غاضبة عاد للدرج لينزل للأسفل، ركب سيارته ومن خلفه تتبعه السيارة الأخرى بإتجاه قصر رائد الجوهي.
سحب المنديل وهو يقود بكف واحدة، يمسح الدماء التي بدأت تسقط على قميصه، تنهد وهو يراقب السيارة من خلفه، أستغرق دقائق كثيرة حتى وصل للمنطقة. ركن السيارة بعيدا، إلتفت إليهما : واحد منكم يجلس هنا وواحد معاي
: إن شاء الله
سلطان و معاذ إتجها نحو الباب الخلفي، نظر لكاميرات المراقبة ليثبت ظهره بالجدار : انتظر . . تسلق الجدار ليضع أمامها حجرة صغيرة تحجب الرؤيا.
قفز ليردف : خلنا ندخل من هنا . . دخلا ليثبت السماعة في إذنه المتصلة بعبدالرحمن.
عبدالرحمن الذي يراقب الوضع بنفسه بعد أن فقد الثقة بموظفيه : فيه شخصين عند الباب الأمامي
سلطان : معاذ خلك هنا . . دخل من باب المطبخ ليرى الخادمة، أشار إليها بالصمت وهو يضع يده على السلاح. الخادمة برهبة إبتعدت ليصعد للأعلى بخطوات سريعة، عبدالرحمن : مكتبه على يمينك
سلطان تراجع عندما سمع خطى أحدهم، مد قدمه لتتلعثم خطى الاتي ويسقط على وجهه، جلس عليه وهو يضع كفه على فمه حتى لا يصدر صوتا، ضغط بقوة خلف رقبته حتى أغمى عليه، تركه وإتجه نحو المكتب، حاول فتحه ولكنه مقفل، بقوة دفع نفسه بإتجاه الباب حتى أنفتح، دخل وأغلقه عليه.
أخذ نفس عميق ليتجه نحو مكتبه، فتح الدروج لينظر إلى الأوراق، يقرأها بعجالة ليرميها بفوضوية على المكتب، إتجه نحو الملفات المصطفة بترتيب في رفوف مكتبته، إبتدأ من الملفات التي على الجانب الأيمن، قرأ بعض المعاملات والعقود التي تربطه مع شخصيات معروفة، تركها وهو يقف على ركبتيه لينظر للرف الأول، بدأت الأوراق تتوزع على الأرض، ليردف : كلها أشياء نعرفها!
عبدالرحمن : شوف أبحث! يمكن يحفظها بمكان ثاني
سلطان يقف ليأخذ نظرة شمولية لمكتبه الواسع : مافيه شي يذكر! . . إتجه نحو الجهة الأخرى من الغرفة لينظر إلى الباب الذي يتوسطها، حاول فتحه ولم يستطع، دفع نفسه بقوة بإتجاهه ولم ينكسر، حمل الكرسي ليدفعه بقوة نحو الباب حتى إنكسر وفتح.
نظر للمكان الشبه خاوي سوى جهة واحدة مكتظة بالأوراق والملفات الورقية.
سلطان بنظرة مندهشة : هنا أسماء الموظفين . . . وضع الأورق بجيبه دون أن يقرأها، أستغرق وقت كبير وهو يفتش بكل جهة تسقط عينه عليها، تراجع ليغلق الباب بهدوء ويضع الكرسي جانبا، اخذ منديلا ليمسح كل المواضع التي لمسها، مسح بصماته ورتب المكان، نظر نظرة أخيرة ليطل من النافذة على الرجال الذين يقفون عند الباب.
فتح الباب بهدوء ليغلقه بذات الهدوء، نظر للرجال الساقط أمامه وبكره أبعده بقدمه لينزل للأسفل، شعر بفوهة السلاح على رأسه من الخلف، تجمدت قدماه ليأت صوت عبدالرحمن : سلطان؟
: سلطان بن بدر بجلالة قدره مشرف عندنا!
سلطان : أبيك تبشر اللي فوقك
بضحكة مستفزة : لازم نبشره! بيجيك من باريس طاير!! . . دفعه حتى يسير للأسفل، سحب سلاحه من خاصرته ليرميه بعيدا : وش خذيت؟
سلطان : قرب أقولك
: قديمة الحركة
سلطان بخداع قدم قدمه اليمنى بخطوة وترك قدمه اليسرى ليشد بها ساق من خلفه حتى سقط من أعلى الدرج، هرول إليه سريعا ليسحب السلاح منه، أخذ سلاحه المرمي جانبا ووضعه في حزامه، رفعه من شعره بحدة الغضب : بلغه يا روح ماما . . . وخرج بخطوات سريعة بجانب معاذ.
،
طرقت عليها كثيرا بنبرة تتصاعد بخوفها : ضي!! أفتحي الباب . . لم يأت سوى سعالها المتكرر وتقيؤها الحاد، استغرقت وقتها حتى فتحت الباب وهي تضغط على بطنها بكفها.
رتيل عقدت حاجبيها بشحوب ملامحها التي اصفرت بالتعب، استندت عليها لتسير بخطى متعبة نحو الأريكة، جلست بتأوه من بطنها الذي يهيج بالوجع : أخاف صاير شي!
رتيل بإندفاع : لا إن شاء الله . . جلست على ركبتيها أمامها . . يوجعك كثير؟
اختنقت محاجرها بالدمع لتلفظ : مو مرة . . أقدر أتحمله
رتيل بضيق : أكلم عبدالعزيز؟ . . يعني ممكن فيه مستشفى قريب!
ضي : لا . . خلاص بنام وممكن يخف الألم
رتيل : طيب أنسدحي يمكن داخلك برد
ضي بإبتسامة : لو داخلني برد ما رجعت
رتيل بإبتسامة شاحبة: تحملي دلاختي بهالأمور . . بروح أجيب لك فراش يدفيك . . . إتجهت نحو الغرفة المنزوية لتجلب لها فراش يدثرها، غطت جسدها : إرتاحي . . . بخطوات خافتة نظرت للنافذة، لا ترى شيء سوى ظهره على الكرسي المتمرجح بفعل الهواء، سحبت جاكيتها لترتديه، أخذت وشاحها الصوفي لتلفه حول رقبتها، إتجهت نحو الباب وانحنت لتأخذ معطفه التي نامت به، شدت على مقبض الباب دون أن تصدر صوتا، إلتفت عليها لتسير برجفة من البرد الذي يصير أنفاسها لبياض متبخر، جلست بجانبه لتمد إليه معطفه، ارتداه فوق جاكيته ليلفظ : كيفك اليوم؟
رتيل دون أن تنظر إليه، أعينهما كليهما متجهة نحو المسطحات الخضراء التي أمامهما : بخير
عبدالعزيز : و ضي؟
رتيل : تمام . . إلتفتت عليه . . ما نمت؟
عبدالعزيز : متقطع نومي
رتيل تنهدت لتعود إلى صمتها مرة أخرى ويشاركها الصمت، نظراتهما جدل لا يهدأ.
سمع صوت طرق، إلتفتت رتيل للخلف بتوجس، عبدالعزيز وقف : هذا نايف . . . إتجه إليه ليقترب منه : أبو سعود يبي يكلمك . .
عبدالعزيز يأخذ الهاتف ليجيب : ألو
عبدالرحمن : هلا . . شلونك يبه؟
عبدالعزيز : تمام . . أنت شلونك؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله . . أموركم تمام؟
عبدالعزيز : إيه بس نايف يقول لازم نغير المكان لأنه شاك بأنهم عرفوه!
عبدالرحمن تنهد : بخلي نايف يدور على مكان ثاني إن شاء الله
عبدالعزيز : وش قررتوا؟
عبدالرحمن : بأقرب وقت راح أجي عشان نرجع الرياض كلنا وهناك بفهمك كل شي
عبدالعزيز : متى؟
عبدالرحمن : بس أضبط كم شغلة هنا وأسلمها لسلطان يكملها عني وأجيكم
عبدالعزيز : طيب
عبدالرحمن : رتيل عندك؟
عبدالعزيز : إيه . . لحظة . . . إتجه للخلف بخطواته الهادئة ليمد إليها الهاتف . . أبوك
بلهفة أخذته لتجيب : هلا
عبدالرحمن : هلابك
رتيل : شلونك يبه؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله و . . كلمتني عبير اليوم
رتيل وقفت بدهشة : جد!! وينها فيه؟ يعني بيتركونها؟
عبدالرحمن بإبتسامة لم يشعر بأنه تلذذ بها منذ مدة : أمورها تمام إن شاء الله كلها كم يوم وينتهي كل هذا
رتيل : قالت لك شي؟ تعبانة؟
عبدالرحمن : لا بس مشتاقة لنا كثيير
رتيل برجفة شفتيها تلألأت عينيها بالدمع : واحنا مشتاقين لها . . طيب يبه متى بتجي؟
عبدالرحمن : بس انتظر كم شغلة أنهيها وأجيكم . . أنتبهي لنفسك ولا تنسين صلواتك وكل أمورنا إن شاء الله بتتسهل
رتيل : إن شاء الله
عبدالرحمن : عطيني ضي!
رتيل بتوتر : طيب . . دخلت إلى البيت الدافىء . . . شكلها نايمة
عبدالرحمن عقد حاجبيه : نايمة الحين؟ . . فيها شي؟
رتيل : ا .. لا . . يعني شوي تعبانة بس . . يعني عادي تمام
عبدالرحمن بضيق : تعبانة!! رتيل وش صاير؟ فيه شي مخبينه عني؟
رتيل بربكة : لا . . يعني وش بيكون؟ . . هذا هي صحت
ضي التي كانت تحاول النوم ولم تستطع من الألم، رفعت عينيها إليها
رتيل : أبوي ..
ضي بحركة متهورة من لهفتها إليه ضربت بطنها بطرف الطاولة التي أمامها لتخرج " اه " موجعة من بين شفتيها الشاحبتين.
عبدالرحمن بخوف : ألو!! ..
رتيل تضع الهاتف على الطاولة : لا تتحركين . .
ضي أخذت الهاتف بعدم رضوخ لطلبات رتيل : ألو
عبدالرحمن : وش فيك؟
ضي تتحامل على وجعها: ولا شي بس صدمت بالطاولة . . المهم ماعلينا . . بشرني عنك؟
عبدالرحمن بعدم إقتناع : صاير شي؟
ضي : وش فيك عبدالرحمن؟ مافيه شي . .الحمدلله كل أمورنا تمام . . . أبي أسمع أخبارك؟ ليه ماجيت قبل أمس؟
عبدالرحمن : مقدرت! بس إن شاء الله هاليومين بجي
ضي : إن شاء الله
عبدالرحمن : يبه ضي فيك شي؟
ضي بضيق : صار فيني شي من قلت يبه
عبدالرحمن ضحك ليردف : لا تدققين مرة! طلعت عفوية
ضي بإبتسامة : الله يديم هالضحكة! من زمان ما سمعتها
رتيل بضحكة تجلس على الطاولة ليصل صوتها إلى والدها : من قده أبوي!
ضي بدأت الحمرة ترتفع لوجهها لتردف : كنت متأملة تجي قبل العيد!
عبدالرحمن تنهد : والله ماهو بإيدي . .
ضي : أهم شي سمعنا صوتك، لا تطول
عبدالرحمن : أبشري . . . تامرين على شي؟
ضي : ما أبي إلا سلامتك و ضحكتك
عبدالرحمن : الله يسلمك من كل شر . . أنتبهي لنفسك طيب يب . . طيب ضي
ضي تنهدت : طيب يبه
عبدالرحمن بضحكة عميقة أردف : بحفظ الرحمن يا روحي
ضي : مع السلامة . . أغلقته لتمده إليها.
وقفت رتيل بخبث : راح التعب؟
ضي بضحكة مجنونة : هههههههههههههههههههههههه مبسوطة . . مبسووووطة ودي أطييير
رتيل : هههههههههههههههههههههه عساه دوم . . خرجت لتمد إليه الهاتف.
إبتسم لإبتسامتها لتردف رتيل بفرح : أتصلت عبير على أبوي!
عبدالعزيز : كويس الحمدلله
رتيل : الحمدلله . .
عبدالعزيز : دقيقة بوديه لنايف وأجيك . . . ثواني قليلة حتى عاد وجلس بجانبها، إلتفت إليها بكامل جسده : شوفي عيونك كيف تضحك؟ لو أدري كان قلت له يتصل عليكم كل دقيقة.
رتيل إلتفتت نحوه بمسافة قصيرة تفصلهما، نظرت لغياهيب عينيه: محد يرد للحياة فرحها إلا صوت أبوي.
عبدالعزيز : الله يخليه ويطول بعمره
رتيل : امين . . . كليت شي؟ وجهك تعبان!
عبدالعزيز : مو مشتهي
رتيل : عبدالعزيز ممكن أسألك سؤال؟
عبدالعزيز تنهد بعينين تقبل الإجابة.
رتيل : كيف عرفت عن هالجرح؟ . . أشارت إلى بين حاجبيها.
عبدالعزيز بإبتسامة ضيقة : كنت أصلي الفجر بالمسجد وشفت سيارتكم مارة، قمت أخمن وش ممكن يخليكم تطلعون بهالوقت وما جاء الصبح الا وسألت الشغالة وقالت لي وعرفت.
رتيل : كنت أحسب في وقتها كنت تدري أني إسمعك عشان صدق أحقد عليك!
عبدالعزيز : ما عرفت إلا منك، بس أحب هالمكان
رتيل بإبتسامة : تحبه عشان . .
لم تكمل من قبلته العميقة بين حاجبيها ليهمس بضحكة مبحوحة : هنا موضع العشق . . أرتفع قليلا ليقبل جبينها . . وهنا الإحترام . . إلتفت جانبا نحو عينيها ليقبلها . . وهنا الود . . . مال قليلا ليقبل خدها . . وهنا الحنان . .
ضحك عند إذنها ليردف : أعلمك فن القبل؟ تراني خبرة من بعدك
رتيل تدفعه بقوة ليضج كل ما حوله بصوت ضحكاته، والحمرة ترتفع لأعلى رأسها، كل الأشياء في جسدها تغلي بالدماء.
إلتفت عليها بإبتسامة ونبرة فصيحة : جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل، فحرقنا نفوسنا في جحيم من القبل
رتيل تقلد صوته : أنا ماأحفظ شعر غزلي كثير!
عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههه
رتيل تقف بغضب ليسحبها بيده : له الجنة أبوك . . كان بيروح يومي بالكابة.
رتيل تحك جبينها بتوتر عميق لتردف دون أن تنظر إليه : لمين هالقصيدة؟
عبدالعزيز بخبث: عجبتك؟
رتيل : لا! بس كذا أسأل فضول
عبدالعزيز : لبشارة الخوري . . اللي قال ياعاقد الحاجبين على الجبين اللجين . . إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
رتيل : ما أعرفه
عبدالعزيز بإستغراب : اللي قال قتل الورد نفسه حسدا منك وألقى دماه في وجنتيك.
رتيل بإصرار :ما أعرفه
عبدالعزيز يبتعد بأنظاره للسماء : ما عندك ثقافة أدبية!
رتيل : لأني ما أحب الشعر! أحب المواويل
عبدالعزيز بضحكة إلتفت عليها : طقطقي علي! مسموحة
رتيل بإبتسامة تنظر إلى السماء و بصوت ناعم لم يعتاد أن يسمع فصاحته : أضنيتني بالهجر ما أظلمك . . . فارحم عسى الرحمن أن يرحمك
إلتفت عليها بدهشة جعلتها تضحك ليردف : هذي اللي ماتعرفه!
رتيل بضحكة محمرة بالخجل : أقولك شي! . . الأيام اللي كنا جالسين فيها في شقتك كنت أحب أشوف أغراضك وأكتشفها وأقراها! وعلق في مخي إسم الشاعر لما رجعنا الرياض ما قريت الا قصيدة وحدة وصرت أرددها دايم لين حفظتها . . بس ما تذكرتها يوم قلت البيت الأول لكن يوم قلت قتل الورد نفسه تذكرت اللي قريته بشقتك!
عبدالعزيز بإبتسامة يراقب حركات شفتيها الرقيقة.
رتيل : مولاي .. حكمتك في مهجتي . . فارفق بها يفديك من حكمك! . . ا . . ما كان
يكمل عنها بنبرة لا تقل صحة مخارج الحروف عنها : ما كان أحلى قبلات الهوى إن كنت لا تذكر . . فأسأل فمك، تمر بي كأنني لم أكن قلبك أو صدرك أو معصمك.
رتيل بنظرات متلألأة نحو السماء : لو مر سيف بيننا لم نكن نعلم . . هل جرى دمي أم دمك ؟
عبدالعزيز بإبتسامة واسعة : الله الله!
رتيل : سل الدجى كم راقني نجمه لما حكى .. مبسمه مبسمك
عبدالعزيز إلتفت عليها : يا بدر إذا واصلتني بالجفا . . ومت في شرخ الصبا مغرمك . . قل للدجى مات شهيد الوفا فأنثر على أكفانه أنجمك.
رتيل غرقت بضحكة مبحوحة وهي تدفىء كفيها بين فخذيها : هذي القصيدة خلتني أحب الشعر على فكرة!
عبدالعزيز : شكرا.
رتيل إلتفتت إليه بإبتسامة : عشاني حبيت الشعر؟
عبدالعزيز : عشانك جميلة.
ضاعت النظرات بينهما، هذه النظرات لا تصنف تحت الحب الناعم، هذه النظرات عشق موضعها: عليين. حركت الريح شعرها الملتوي بإلتواءات ناعمة تشبه تلعثم قلبها في هذه اللحظات، تاهت بحيرة هدبيه، رغم الدنيا، الحزن ومراسيل عينيك الحادة، رغم الناس والعالم الذي يباعد بمسافاته عنا، رغم الكلمات المودعة و الأشياء المخبئة في تلويحة، رغم إيماءات الغياب نحن نلتقي بقصيدة شفافة، بمباركة طيبة من حناجرنا المبحوحة.
،
في ساحة العمل المكتظة بحرقة الشمس، يتدرب على ثلاث ساعات متواصلة. أتى إليه ليناديه بصوت عالي : سلطان
سلطان الذي كان يتشبث بالحبل المتين الذي يربط المبنى بمبنى اخر، إلتفت عليه ليشير إليه بالإنتظار للحظات، رمى نفسه وخاصرته تلتف بحبل اخر، نزل ليقترب منه.
عبدالرحمن : بيته من داخل فيه شخصين عند الباب، وعند الباب 4 بس . . بتروح الحين؟
سلطان يفتح الحزام الغليظ ليرتفع الحبل المصنوع من المطاط إلى الأعلى : إيه . . بس خلني أغسل وأجيك
عبدالرحمن : طيب موضوع زياد وصلهم؟
سلطان : ماراح أطلع من بيته إلا وأنا عارف مين الكلاب اللي عندنا!
عبدالرحمن : المهم نفسك لا تجهدها ولا تدخل بخناقات معهم! توك طالع من العملية
سلطان : بتجلس سنة كاملة وأنت تقول توك طالع من العملية!
عبدالرحمن : الشرهة على اللي خايف عليك!
سلطان بإبتسامة : أبشر من عيوني . . طيب أسمعني فكرت وأنا أتدرب بهالشي وحسيته بيساعدنا كثير . . إذا دخلت أبيك تجي وتضربني! خلنا نوصل لهم أننا على إختلاف وبعدها بروح بيت رائد وبيتأكد رائد أننا على خلاف وبيوصل للحمار الثاني سليمان . . . وبعدها نطبخهم إثنينتهم على نار هادية
عبدالرحمن إتسعت إبتسامته : طيب أستعجل وأنا بنتظرك فوق
سلطان يشعر بالنوافذ التي تكشف هذه الساحة كثيرا : طيب حاول تبين إنك معصب
عبدالرحمن بجمود ملامحه : كلمني وبتركك الحين وحاول تحذف أي شي عشان تضبط السالفة
سلطان أعطى النوافذ ظهره ليتسع بضحكته : واثق أنهم أغبياء لو يشوفنا نضحك بعد يشكون
عبدالرحمن بعقدة حاجبيه : طيب يالله لا تطول . . بنتظرك فوق وبنتظر 5 دقايق وبطلع من مكتبي
سلطان : تمام . . أخذ نفس عميق ليعقد حاجبيه . . .
عبدالرحمن تركه بخطى سريعة إلى الداخل، سلطان بحركة غاضبة رمى المنشفة على الأرض وإتجه نحو دورات المياه.
أستمر دقائق حتى أغتسل وأرتدى لبسه العسكري، مسح وجهه ليتنهد ويعود بخطواته نحو المبنى، وضع السلاح على خاصرته والقبعة بجانبها، صعد للطابق الثاني لينظر لعبدالرحمن المتجه إليه بغضب يتضح بملامحه، شعر لوهلة بأنه صادق في غضبه، كل الأنظار بدأت تتبع خطاه الحادة.
لكمه بشدة جعلت أنفه ينزف دماء، بتعابير من سلطان صادقة بسبب الألم الذي بدأ يشعر به بأنفه، تخدر تماما كما تخدرت عيناه، أشار إليه بالسبابة وهو يقترب منه بخفوت، همس وأشعر كل من حوله بأنه يهدد، بخبث يعرفه سلطان جيدا : سلامات
سلطان بمثل همسه وهو ينحني بظهره بمحاولة أن يوقف النزيف الذي أندفع في أنفه : الله يسلمك ما سويت شي بس طيرت لي خشمي! . . إبتعد عبدالرحمن عائدا لمكتبه تاركا سلطان واقف أمام أنظار الجميع المندهشة/المصدومة.
وقف بربكة أقدامه : وش صاير؟
أحمد بإستغراب شديد : شكلهم مختلفين في شي!
سلطان بخطوات غاضبة عاد للدرج لينزل للأسفل، ركب سيارته ومن خلفه تتبعه السيارة الأخرى بإتجاه قصر رائد الجوهي.
سحب المنديل وهو يقود بكف واحدة، يمسح الدماء التي بدأت تسقط على قميصه، تنهد وهو يراقب السيارة من خلفه، أستغرق دقائق كثيرة حتى وصل للمنطقة. ركن السيارة بعيدا، إلتفت إليهما : واحد منكم يجلس هنا وواحد معاي
: إن شاء الله
سلطان و معاذ إتجها نحو الباب الخلفي، نظر لكاميرات المراقبة ليثبت ظهره بالجدار : انتظر . . تسلق الجدار ليضع أمامها حجرة صغيرة تحجب الرؤيا.
قفز ليردف : خلنا ندخل من هنا . . دخلا ليثبت السماعة في إذنه المتصلة بعبدالرحمن.
عبدالرحمن الذي يراقب الوضع بنفسه بعد أن فقد الثقة بموظفيه : فيه شخصين عند الباب الأمامي
سلطان : معاذ خلك هنا . . دخل من باب المطبخ ليرى الخادمة، أشار إليها بالصمت وهو يضع يده على السلاح. الخادمة برهبة إبتعدت ليصعد للأعلى بخطوات سريعة، عبدالرحمن : مكتبه على يمينك
سلطان تراجع عندما سمع خطى أحدهم، مد قدمه لتتلعثم خطى الاتي ويسقط على وجهه، جلس عليه وهو يضع كفه على فمه حتى لا يصدر صوتا، ضغط بقوة خلف رقبته حتى أغمى عليه، تركه وإتجه نحو المكتب، حاول فتحه ولكنه مقفل، بقوة دفع نفسه بإتجاه الباب حتى أنفتح، دخل وأغلقه عليه.
أخذ نفس عميق ليتجه نحو مكتبه، فتح الدروج لينظر إلى الأوراق، يقرأها بعجالة ليرميها بفوضوية على المكتب، إتجه نحو الملفات المصطفة بترتيب في رفوف مكتبته، إبتدأ من الملفات التي على الجانب الأيمن، قرأ بعض المعاملات والعقود التي تربطه مع شخصيات معروفة، تركها وهو يقف على ركبتيه لينظر للرف الأول، بدأت الأوراق تتوزع على الأرض، ليردف : كلها أشياء نعرفها!
عبدالرحمن : شوف أبحث! يمكن يحفظها بمكان ثاني
سلطان يقف ليأخذ نظرة شمولية لمكتبه الواسع : مافيه شي يذكر! . . إتجه نحو الجهة الأخرى من الغرفة لينظر إلى الباب الذي يتوسطها، حاول فتحه ولم يستطع، دفع نفسه بقوة بإتجاهه ولم ينكسر، حمل الكرسي ليدفعه بقوة نحو الباب حتى إنكسر وفتح.
نظر للمكان الشبه خاوي سوى جهة واحدة مكتظة بالأوراق والملفات الورقية.
سلطان بنظرة مندهشة : هنا أسماء الموظفين . . . وضع الأورق بجيبه دون أن يقرأها، أستغرق وقت كبير وهو يفتش بكل جهة تسقط عينه عليها، تراجع ليغلق الباب بهدوء ويضع الكرسي جانبا، اخذ منديلا ليمسح كل المواضع التي لمسها، مسح بصماته ورتب المكان، نظر نظرة أخيرة ليطل من النافذة على الرجال الذين يقفون عند الباب.
فتح الباب بهدوء ليغلقه بذات الهدوء، نظر للرجال الساقط أمامه وبكره أبعده بقدمه لينزل للأسفل، شعر بفوهة السلاح على رأسه من الخلف، تجمدت قدماه ليأت صوت عبدالرحمن : سلطان؟
: سلطان بن بدر بجلالة قدره مشرف عندنا!
سلطان : أبيك تبشر اللي فوقك
بضحكة مستفزة : لازم نبشره! بيجيك من باريس طاير!! . . دفعه حتى يسير للأسفل، سحب سلاحه من خاصرته ليرميه بعيدا : وش خذيت؟
سلطان : قرب أقولك
: قديمة الحركة
سلطان بخداع قدم قدمه اليمنى بخطوة وترك قدمه اليسرى ليشد بها ساق من خلفه حتى سقط من أعلى الدرج، هرول إليه سريعا ليسحب السلاح منه، أخذ سلاحه المرمي جانبا ووضعه في حزامه، رفعه من شعره بحدة الغضب : بلغه يا روح ماما . . . وخرج بخطوات سريعة بجانب معاذ.
تعليق