رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
المدخل لل متنبي.
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
و لكن من يبصر جفونك يعشق
أغرك مني أن حبك قاتلي
و أنك مهما تأمري القلب يفعل
يهواك ما عشت القلب فإن أمت
يتبع صداي صداك في الأقبر .
أنت النعيم لقلبي و العذاب له
فما أمرك في قلبي و أحلاك .
و ما عجبي موت المحبين في الهوى
و لكن بقاء العاشقين عجيب .
لقد دب الهوى لك في فؤادي
دبيب دم الحياة إلى عروقي .
خليلي فيما عشتما هل رأيتما
قتيلا بكى من حب قاتله قبلي
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم
و لا رضيت سواكم في الهوى بدلا .
فياليت هذا الحب يعشق مرة
فيعلم ما يلقى المحب من الهجر .
عيناك نازلتا القلوب فكلها
إما جريح أو مصاب المقتل.
و إني لأهوى النوم في غير حينه
لعل لقاء في المنام يكون.
و لولا الهوى ما ذل في الأرض عاشق
ولكن عزيز العاشقين ذليل.
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 58 )
يدخل بثرثرة عميقة مع روحه " من حقي يا أنا، لن أخرج من هذا الزواج خالي الوفاض، ...... " لحظة!!! منذ متى وأنا أفكر بهذه الإستغلالية ؟ بأن أفرغ حقدي بهذا الرخص ! أن اخذ حاجتي التي حرمت منها وأتركها، أتركها لهذه الدنيا تواجهها كيفما تريد لا دخل لي بها ، هذه الحركة القذرة التي ألطخ نفسي بها من يستحقها ؟ مللنا من المثالية والمبادىء الزائفة ، هذه المبادىء لم تجعلني سعيدا ولم تجعلني أظفر بما أريد، بائسة هذه المبادىء والقناعات وأنا الان على أتم إستعداد أن أعلن تنازلي عنها، أعلن تنازلي عن سخافات عقلي، ومن حقي أن أأخذ حقي الشرعي من هذا الزواج وإن كان يزعجها فهو يزعجني أكثر منها.
فتح الباب لتتقدم خطواته نحوها، رفعت عينها وهي متربعة في منتصف السرير وبين يديها إحدى الكتب التاريخية التي تحكي سيرة العهد العثماني.
سلطان : مساء الخير
الجوهرة بخفوت : مساء النور .. أعادت نظرها للكتاب مشتتة ولم تستطع التركيز بأي سطر وصلت، تحت أنظار سلطان المتأمل بها، تشعر بالسهام التي تخرج من عينيها وتخترقها. أطال وقوفه وأطال بضياعها، رفعت عينها مرة أخرى محاولة لمسك زمام ربكة قلبها بقربه.
وقفت لتتجه ناحية الباب، أن تجتمع معه تحت سقف واحد سبب للتكهرب لا أكثر، مسكها من معصمها وهي تمر بجانبه. أخذت شهيقا وأضاعت الزفير من بين شفتيها، تشعر كأنها تركض محاولة الظفر بالزفير هذا هو تعبيرها عن الإختناق الذي يسيطر عليها بقربه، سحب الكتاب ووضعه على الأريكة : أظن تعرفين بالشرع أكثر مني
الجوهرة بعدم إستيعاب تاهت نظراتها.
سلطان بهدوء متزن : زي ما لك واجبات عليك واجبات بعد.
الجوهرة بلعت ريقها الجاف لتردف بصوت مرتبك : ما ينطبق علينا هالشي
سلطان يجاريها بمثل التيار الذي تغرق به : وش ينطبق علينا ؟
الجوهرة تشعر بأنها تبتلع لسانها، شتت نظراتها لا رد لديها.
سلطان رفع حاجبه : وين وصلت ؟
تحشرجت محاجرها وهي تنطق : لا
تفاجىء، لم يتوقع أن تنطقها دون أن يمنعها خوفها، أردف بمحاولة إستفزاز أعصابها : وش اللي لا ؟
الجوهرة : واجباتك مهي معي
سلطان أمال فمه : ومين معه إن شاء الله ؟
الجوهرة ببرود عكس البراكين التي تفيض بقلبها : الشرع محللك 4 تزوج وخذ واجباتك منها
ترك معصمها ليردف : يعني موافقة أتزوج عليك ثلاث مو وحدة ؟
لو كنت مع أكره شخص على وجه هذه الكون لما رضيت بأن يشاركني معه أحد كيف معك يا سلطان ؟ ، تشعر بأن الدمع سيخون خامة صوتها ويبللها : طلقني و سو اللي تبي
سلطان بحدة الكلمات التي تجاور بعضها البعض وتشطر قلب الأنثى التي أمامه : كل مرة أكتشف فيك شي سيء، حتى قراراتك تجي بدون تفكير ..
الجوهرة بمثل حدته : أي قرار جاء بدون تفكير؟ طلاقي منك مفكرة فيه وحتى مفكرة بحياتي بعدك ..
سلطان بتملك : مالك حياة بعدي
الجوهرة تضغط على شفتها السفلية بأسنانها علها تخفف بعض من رعشتها : مو أنت اللي تقرر !! أقدر أوقف عمتك ضدك وأقدر أوقف أبوي ... لكن إلى الان أحاول أحترم قدرك عندهم عشان ما ينصدمون بأفعالك
سلطان أبتسم بسخرية : تهدديني ؟ خسرانة يالجوهرة مهما حاولت، إن كان عندك ورقتين ضدي فأنا عندي أكثر ..
الجوهرة أغمضت عينيها لثواني طويلة حتى نظرت إليه : بمفهومك الجاهلي أنه البنات دايم خسرانين
سلطان : البنات!! أنت من فئة البنات ؟
الجوهرة بلعت غصتها لتغص محاجرها بالدمع، تلألأت عينيها أمامه، لن تجد أقسى من هذه الكلمة وهي تعبر لسانه ببرود، لن تجد أقسى منها أبدا. أخفضت رأسها ليواسيها شعرها المنسدل على الجانبين، بكت ولم تخشى أن تبكي أمامه كالمرات التي تحاول بها أن لا تضعف ، هذه المرة أريد أن أضعف، أن أبكي ، أن تفلت دموعي من محجر عيني. يا قسوتك! ويا حنيني بقربك. كيف تنهمر الكلمات بزوائدها الحادة دون أن تجرح لسانك ؟ دون أن تتكور ك غصة تسد مجرى تنفسك! كيف يا سلطان لا تقتلك الكلمات قبل أن تقتلني؟ تربط مصيرك بمصيري وتغمس يديك بالملح حتى تمررها على جروحي! جروحي التي بقيت لسنوات غائرة مكشوفة، لم تسترها ولم تداويها! بقيت كما أنت وبقيت كما أنا . . خطين متجاورين لا يتقاطعان ولا يسيران معا.
رفعت عينها المنزلقة بالدمع وبنبرة باكية : وأنا كل مرة أكتشف أنك ما تمت للإنسانية بصلة، تبي تقسى !! أنا أقسى معاك!! مثل ما تسوي يا سلطان بسوي ! مثل ما تحلل على نفسك أنا بحللها ومثل ما تحرم على نفسك أنا بحرم على نفسي.
سلطان ببرود يناقض النار التي تصل لأعضاءه التنفسية : وش بتحرمين على نفسك ؟
أبتعدت عدة خطوات للخلف، مهما تظاهرت بالقوة أظل أخشى علي منك، أظل أخافك كما لم أخاف من أحد قبلك.
سلطان يقترب بخطاه وبنبرة متحدية : قوليها! وبعطيك درس في أصول التحريم
الجوهرة بضيق : أبعد.. خلني أطلع
سلطان بتملك سادي يشدها من خصرها الغض وهو يغرز أصابعه بها ليهمس عند إذنها بنبرة وصلت لها بسخرية في وقت كان يعنيها سلطان بجدية : دايم تخسرون يا بنت.
أعادها بخطوات حتى أرتطمت سيقانها بالسرير، أفلتها من قبضة أصابعه لتسقط بسكون الليل على المفرش السكري، الذي يعكس شفافية دمعها، أشعر بأن قلبي يبهت بإصفرار، أسمعت عن مرض العين؟ أن تشحب بلونها حتى يسقط لونها الطبيعي في القلب ويغرق، يتلوث قلبي يا سلطان كثيرا وأنت تزيده. " غرزت أصابعها في كلتا كفيها على المفرش " كنت أنتظر أن أموت ولكن ليس بهذه الطريقة الرخيصة. لم تترك لي حجة واحدة أخبرك بها أنني عنك أعفو، وعن قلبي الذي بين يديك أسامح. تواصل إستحلالك على جسد يراك في هذا الكون كل الكون، تواصل إستعمارك لخلايا الحركة فيني حتى جمدت الحياة بعيني ولم أستطع، لم أستطع يا سلطان أن أتجاوزك، أن أتجاوز عثراتي، مللت البنيان على التزييف، هذه ليست شخصيتي، هذه ليست أنا، هذه جوهرة سلطان، أنا التابعية لعينيك " الولعانة "، أنا شرعيتك الباطلة، أنا عقيدتك في الحب وأنت الحاكم والظالم. أنا الإنتماء لقلبك، لتشعب صدرك، أنا جوهرتك بينما أنت ! لم تكن يوما تخصني وحدي، لم تكن عيناك الداكنة تريدني، و حين أردت الإتكاء بين عينيك عجنتني بعقدة حاجبيك ، حين أردت أن أقيم الثورة على قلبك أستعمرتني، يا حزني! لم تكن مثله، تشافيت من تركي، تشافيت تماما ولكن مرضت بما هو أعظم، كنت في كل مرة تقترب بها مني أتذكر تقرب تركي لي أما هذه المرة لا يأت أبدا على بالي، لم يأت ولكن تعنف قلبي بما لايليق بحبك، تغرقني، تغرقني وما عدت أخشى غرقي.
أغمضت عينيها لتسيل دمعة ملتهبة على خدها، و لأنك تغيضني بملكيتك هذه المرة أنا من أستسلم لك يا سلطاني.
صعدت شفاهه لعينيها، قبل دمعتها وذراعيه تحاصرها من كل جانب، أشد الخيبة أن تقبل دمعة إمرأة أنت سببها. يا خذلاني من هذه الدنيا، و إنصهار الوجع في قلبي، أن يعيد هذا العضو النابض تركيب نفسه في كل مرة وتعيد الحياة إنصهاره في كل لحظة، يا وجع " الأنا " في صدري، يا تكاثر " الاه " في محجر عيني، كان بؤسا أن أراك في كل لحظة وكل ثانية أمامي ولا أتحرك، كان سيئا على نفسي أن أحرمك عليها، أن أبتعد في وقت كان اللاسبب يطغى علينا، في وقت لم أفهم نفورك، كنت أفهم فقط أنني أريد أن أحبك برضاك، لم يكن الجسد يوما مبتغاي، لم يكن أكبر ما أتمنى هو الظفر ببياض جسدك، كنت رجل أقاوم كل أهوائي أمامك، كنت رجل ألتمس لك من العذر ما يفوق السبعين، أمتنع عنك لأجل عينيك التي تتورد كلما رأتني، تضببت رؤيتي ولست مخطىء، إن كنت أخطأت في مسالك الدنيا بأكملها إلا أنني لم أخطىء بقلبك أبدا، لا أعرف أن أتعامل ببرود أمام عينين أشتهيها وجسد أتوق له لأن الشرع يكفل لي كل هذا، لم أكن شاذا عن القاعدة حين أردتك ولكن كنت شاذا عنها حينما قاومتك في كل مرة أراك بها، أطيل نظري بتفاصيلك الصغيرة، بأصابعك التي تخلخل شعرك في مللك وكفه التي تزيح خصلاتك جانبا في قراءتك، أراقب أدق الأشياء التي تقتلني كرجل وكنت أصمد لأنني لا أريد أن أرغمك على شيء. لكن هذه المرة أعلن إستسلامي من قناعاتي الشرقية، أعلن إستعماري لثلجية ملامحك، أعلن وبغطرسة لا أعرف كيف أبتليت بها أن لا حياة بعدي يالجوهرة.
،
بللت شفتيها الجافتين بلسانها حتى تنطق بإنسيابية، و ما حول رقبتها يضيق عليها، لم تنتبه لمن أمامها وهي تشتت أنظارها بإنزعاج وببحة : يبه
عبدالعزيز يحامل على نفسه حتى وقف وجلس على السرير بجانبها وبإبتسامة كانت تغيض رتيل بإستمرار : يا عيون يبه
عقدت حاجبيها لتصمت لثواني طويلة حتى تفتح عينيها مرة واحدة وتنظر له، تأملت صدره المغطى بالشاش الأبيض لتصعد أنظارها لرأسه المغطى أيضا، قطع تأملاته : الحمدلله على سلامتك
رتيل ترمش كثيرا حتى تستوعب : الله يسلمك .. أبوي هنا ؟
عبدالعزيز : الساعة 2 الفجر
رتيل عادت لصمتها لتقطعها الثواني الشاهقة ، تسأله برعشة شفتيها : كيفك ؟
أبتسم حتى بانت أسنانه : بدري
رتيل : حتى وأنت تعبان مستفز
عبدالعزيز أخذ نفسا عميقا وهو ينظر لشعرها " الويفي " : تمام الحمدلله أنها جت على كذا ماهو أكثر
رتيل : الحمدلله ... ألتفتت للجانب الاخر .. عطشانة
كان سيقف لولا يدها التي مسكته من معصمه : خلك .. أستعدلت لتجلس وتسند ظهرها على السرير، أخذت كوب الماء لتشرب ربعه ومن ثم ألتفتت عليه وهي تشعر بأنها " صحصحت تماما ".
أطال نظره بعينيها، بمحجرها وحصون أهدابها، أجيء لك كما يجيء العاشق من عصر المتنبي " وما كنت ممن يدخل العشق قلبه و لكن من يبصر جفونك يعشق " ، أتغلغل وأشتعل وأخفت بضياءك و " عيناك نازلتا القلوب فكلها إما جريح أو مصاب المقتل " يا جريحتي بالهوى أصبتني بمقتل، كتمت حبك ولم يعد ينفع! ما دام الإسرار والإعلان هما على حافة واحدة، منذ النظرة الأولى وأنا أدرك بأنني مجنون متعديا على ملك عبدالرحمن، لمحت في شفتيك طيف مقبرتي وواصلت المضي ولم يهمني الموت الذي يضيع أسفل لسانك، كنت أدرك جيدا أنه مهما حاولنا أن هذا الحب يسلط أعداءنا، يسلط علينا كل من هو يكره والدك ووالدي، كنت أعرف ولست نادم، لأنه لو عاد الزمن لعصيت بمثل المعصية وتزوجتك رغما عن الجميع، رغما عن من يروي أن حبنا مستحيل. والرواة كاذبون يتأثرون بعهد عقولهم الجافة السطحية، و أنا والله غارق بعينيك، شفتيك، شعرك البندقي، ملامحك النجدية وبشرتك السمراء، أنفك الذي أحب وعقدة حاجبيك وشتائمك التي تعني " أحبك كثيرا " مهما أنكرت.
نظرت له بضحكة مبحوحة وهي تشعر بحرارة تسري في أوردتها من عينيه : لا تطالعني كذا
عبدالعزيز : تخيلي لو صار فينا شي لا سمح الله ؟
جمدت ملامحها لتردف : ماأبغى أفكر باللي صار
عبدالعزيز بمحاولات هزيلة لظفر إعتراف منها : كنت راح تندمين على شي ؟
بلعت ريقها الجاف : لا
عبدالعزيز تنهد، صدقها في الفترة الأخيرة، كلماتها التي تعني تلويحة وداع، تحديها لقلبها ومازالت هي الفائزة بهذا التحدي، كل هذه الأشياء تثقب قلبه : ولا حتى كلمة ؟
رتيل صمتت لثواني طويلة حتى أردفت بوجع : ولا حتى كلمة يا عبدالعزيز ، ماراح أندم على شي
نظر لعينيها المتلألأة بخفوت، أشاح قليلا حتى ألتصقت أنظاره بكفها المرتبط بالمغذي : لو أنا! كنت راح أندم، يمكن ماهو على شي سويته بحقك بس على أشياء سويتها بحق ناس ثانين ..
رفع عينه لها ليكمل : ما يستاهل أني أندم على شي أنت ما ندمتي عليه
عقدت حاجبيها، هذه الكلمات الأخيرة ستدخل لفئة الأشياء الأكثر جرحا لقلبي، والله لا يوازي جرحها شيئا، أن يسند لكلامي مثل هذا الألم والوجع، وجدا " يستاهل " أن نبكي على أيامنا التي تمضي دوننا رغم أننا معا.
أردفت بربكة لسانها : كنت راح أجاوبك بنفس الشي، ما يستاهل أبد أني أندم على كلام أو أفعال إذا كانوا أصحابها أصلا ماندموا عليها
عبدالعزيز بهدوء : من كل قلبك هالحكي ؟
شتت نظراتها : إيه، ليه تفتح هالمواضيع الحين ؟
عبدالعزيز بصوت أشتد به الغضب الذي لم يستطع أن يسيطر عليه : لأنك كذابة ، تكذبين كثير وماتحسين على نفسك .. شوفي عيونك وأنت تتكلمين .. تناقض كل كلامك
رتيل تحاول أن لا تفلت بها الدموع وتبكي، تنظر لكل شيء ما عداه، هذا الإتهام الصريح لها يجعلها تضعف بعد حادث كادت تفقد به حياتها، أردفت ببحة : مو قصدي أسيء لك ...
عبدالعزيز : إلا قصدك .. تستمتعين بكل شيء يقهرني
رتيل توجه نظراتها إليه وبنبرة تنخفض تدريجيا : وأنت ؟ أحلف بالله أنك سادي ومتغطرس وكل متعتك في هالكون أنك تضايقني
عبدالعزيز بإبتسامة متعبة : بتكفرين عن الحلف صدقيني
رتيل أشاحت نظرها : شفت كيف ثقتك! عبدالعزيز واللي يسلمك تعبانة وماأبغى أسمع مثل هالحكي
عبدالعزيز ينظر للممرضة التي تشير إليه من خلف الزجاج : طيب ...
و بإبتسامة مستفزة أردف : تصبحين على خير يا زوجتي الغالية
رتيل رغم تكاثر الشعور المتناقض بها إلا أنها ضحكت : يارب أرحمني
عبدالعزيز : سبحان الله ما تاخذين الأمور بجدية !
رتيل بمثل إبتسامته أقتربت ولا يفصل بينهما شي لتنحني قليلا نحو اليمين وتقبل خده الأيسر : وأنت من أهل الخير
أبتسم حتى بانت أسنانه وهو يجلس في مقعده المتحرك بعد أن دخلت الممرضة للغرفة : يعني الحين أخذتي الأمور بجدية ؟
رتيل بضحكة طويلة غرقت بها : أنتهى كلامي
عبدالعزيز الذي يفهم قصدها جيدا : ملكعة!!!
رتيل أتسعت بإبتسامتها وهي تنظر له عندما خرج، أستلقت على السرير تحاول أن تعود لنومها، " أنا حية " بعد أن واجهت الموت لدقائق طويلة، قبل الإصطدام كنت أتذكر الأخطاء التي أنجذبت لها وكأنها أشياء عادية، هذه الأخطاء التي خنقتني وأنا أشعر بعظيم ذنبها، لا أعرف لم نحتاج إلى تنبيه من الله كحادث أو حلم أو غيره حتى نعود له، حتى نستغفر لذنوبنا بالطاعات، الحمدلله أنني أتنفس الان ومازال في الحياة متسع لأستغفر لهذه الذنوب، الحمدلله أن هناك وقت لأفعل وأفعل وأفعل، لا أحد سيقدر نعمة الوقت الضائع إلا عندما يواجه الموت، عندما ينتهي به وهو يقول " ياليتني قدمت لحياتي " ، يا غبائي طوال السنين الماضية!!
المدخل لل متنبي.
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
و لكن من يبصر جفونك يعشق
أغرك مني أن حبك قاتلي
و أنك مهما تأمري القلب يفعل
يهواك ما عشت القلب فإن أمت
يتبع صداي صداك في الأقبر .
أنت النعيم لقلبي و العذاب له
فما أمرك في قلبي و أحلاك .
و ما عجبي موت المحبين في الهوى
و لكن بقاء العاشقين عجيب .
لقد دب الهوى لك في فؤادي
دبيب دم الحياة إلى عروقي .
خليلي فيما عشتما هل رأيتما
قتيلا بكى من حب قاتله قبلي
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم
و لا رضيت سواكم في الهوى بدلا .
فياليت هذا الحب يعشق مرة
فيعلم ما يلقى المحب من الهجر .
عيناك نازلتا القلوب فكلها
إما جريح أو مصاب المقتل.
و إني لأهوى النوم في غير حينه
لعل لقاء في المنام يكون.
و لولا الهوى ما ذل في الأرض عاشق
ولكن عزيز العاشقين ذليل.
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 58 )
يدخل بثرثرة عميقة مع روحه " من حقي يا أنا، لن أخرج من هذا الزواج خالي الوفاض، ...... " لحظة!!! منذ متى وأنا أفكر بهذه الإستغلالية ؟ بأن أفرغ حقدي بهذا الرخص ! أن اخذ حاجتي التي حرمت منها وأتركها، أتركها لهذه الدنيا تواجهها كيفما تريد لا دخل لي بها ، هذه الحركة القذرة التي ألطخ نفسي بها من يستحقها ؟ مللنا من المثالية والمبادىء الزائفة ، هذه المبادىء لم تجعلني سعيدا ولم تجعلني أظفر بما أريد، بائسة هذه المبادىء والقناعات وأنا الان على أتم إستعداد أن أعلن تنازلي عنها، أعلن تنازلي عن سخافات عقلي، ومن حقي أن أأخذ حقي الشرعي من هذا الزواج وإن كان يزعجها فهو يزعجني أكثر منها.
فتح الباب لتتقدم خطواته نحوها، رفعت عينها وهي متربعة في منتصف السرير وبين يديها إحدى الكتب التاريخية التي تحكي سيرة العهد العثماني.
سلطان : مساء الخير
الجوهرة بخفوت : مساء النور .. أعادت نظرها للكتاب مشتتة ولم تستطع التركيز بأي سطر وصلت، تحت أنظار سلطان المتأمل بها، تشعر بالسهام التي تخرج من عينيها وتخترقها. أطال وقوفه وأطال بضياعها، رفعت عينها مرة أخرى محاولة لمسك زمام ربكة قلبها بقربه.
وقفت لتتجه ناحية الباب، أن تجتمع معه تحت سقف واحد سبب للتكهرب لا أكثر، مسكها من معصمها وهي تمر بجانبه. أخذت شهيقا وأضاعت الزفير من بين شفتيها، تشعر كأنها تركض محاولة الظفر بالزفير هذا هو تعبيرها عن الإختناق الذي يسيطر عليها بقربه، سحب الكتاب ووضعه على الأريكة : أظن تعرفين بالشرع أكثر مني
الجوهرة بعدم إستيعاب تاهت نظراتها.
سلطان بهدوء متزن : زي ما لك واجبات عليك واجبات بعد.
الجوهرة بلعت ريقها الجاف لتردف بصوت مرتبك : ما ينطبق علينا هالشي
سلطان يجاريها بمثل التيار الذي تغرق به : وش ينطبق علينا ؟
الجوهرة تشعر بأنها تبتلع لسانها، شتت نظراتها لا رد لديها.
سلطان رفع حاجبه : وين وصلت ؟
تحشرجت محاجرها وهي تنطق : لا
تفاجىء، لم يتوقع أن تنطقها دون أن يمنعها خوفها، أردف بمحاولة إستفزاز أعصابها : وش اللي لا ؟
الجوهرة : واجباتك مهي معي
سلطان أمال فمه : ومين معه إن شاء الله ؟
الجوهرة ببرود عكس البراكين التي تفيض بقلبها : الشرع محللك 4 تزوج وخذ واجباتك منها
ترك معصمها ليردف : يعني موافقة أتزوج عليك ثلاث مو وحدة ؟
لو كنت مع أكره شخص على وجه هذه الكون لما رضيت بأن يشاركني معه أحد كيف معك يا سلطان ؟ ، تشعر بأن الدمع سيخون خامة صوتها ويبللها : طلقني و سو اللي تبي
سلطان بحدة الكلمات التي تجاور بعضها البعض وتشطر قلب الأنثى التي أمامه : كل مرة أكتشف فيك شي سيء، حتى قراراتك تجي بدون تفكير ..
الجوهرة بمثل حدته : أي قرار جاء بدون تفكير؟ طلاقي منك مفكرة فيه وحتى مفكرة بحياتي بعدك ..
سلطان بتملك : مالك حياة بعدي
الجوهرة تضغط على شفتها السفلية بأسنانها علها تخفف بعض من رعشتها : مو أنت اللي تقرر !! أقدر أوقف عمتك ضدك وأقدر أوقف أبوي ... لكن إلى الان أحاول أحترم قدرك عندهم عشان ما ينصدمون بأفعالك
سلطان أبتسم بسخرية : تهدديني ؟ خسرانة يالجوهرة مهما حاولت، إن كان عندك ورقتين ضدي فأنا عندي أكثر ..
الجوهرة أغمضت عينيها لثواني طويلة حتى نظرت إليه : بمفهومك الجاهلي أنه البنات دايم خسرانين
سلطان : البنات!! أنت من فئة البنات ؟
الجوهرة بلعت غصتها لتغص محاجرها بالدمع، تلألأت عينيها أمامه، لن تجد أقسى من هذه الكلمة وهي تعبر لسانه ببرود، لن تجد أقسى منها أبدا. أخفضت رأسها ليواسيها شعرها المنسدل على الجانبين، بكت ولم تخشى أن تبكي أمامه كالمرات التي تحاول بها أن لا تضعف ، هذه المرة أريد أن أضعف، أن أبكي ، أن تفلت دموعي من محجر عيني. يا قسوتك! ويا حنيني بقربك. كيف تنهمر الكلمات بزوائدها الحادة دون أن تجرح لسانك ؟ دون أن تتكور ك غصة تسد مجرى تنفسك! كيف يا سلطان لا تقتلك الكلمات قبل أن تقتلني؟ تربط مصيرك بمصيري وتغمس يديك بالملح حتى تمررها على جروحي! جروحي التي بقيت لسنوات غائرة مكشوفة، لم تسترها ولم تداويها! بقيت كما أنت وبقيت كما أنا . . خطين متجاورين لا يتقاطعان ولا يسيران معا.
رفعت عينها المنزلقة بالدمع وبنبرة باكية : وأنا كل مرة أكتشف أنك ما تمت للإنسانية بصلة، تبي تقسى !! أنا أقسى معاك!! مثل ما تسوي يا سلطان بسوي ! مثل ما تحلل على نفسك أنا بحللها ومثل ما تحرم على نفسك أنا بحرم على نفسي.
سلطان ببرود يناقض النار التي تصل لأعضاءه التنفسية : وش بتحرمين على نفسك ؟
أبتعدت عدة خطوات للخلف، مهما تظاهرت بالقوة أظل أخشى علي منك، أظل أخافك كما لم أخاف من أحد قبلك.
سلطان يقترب بخطاه وبنبرة متحدية : قوليها! وبعطيك درس في أصول التحريم
الجوهرة بضيق : أبعد.. خلني أطلع
سلطان بتملك سادي يشدها من خصرها الغض وهو يغرز أصابعه بها ليهمس عند إذنها بنبرة وصلت لها بسخرية في وقت كان يعنيها سلطان بجدية : دايم تخسرون يا بنت.
أعادها بخطوات حتى أرتطمت سيقانها بالسرير، أفلتها من قبضة أصابعه لتسقط بسكون الليل على المفرش السكري، الذي يعكس شفافية دمعها، أشعر بأن قلبي يبهت بإصفرار، أسمعت عن مرض العين؟ أن تشحب بلونها حتى يسقط لونها الطبيعي في القلب ويغرق، يتلوث قلبي يا سلطان كثيرا وأنت تزيده. " غرزت أصابعها في كلتا كفيها على المفرش " كنت أنتظر أن أموت ولكن ليس بهذه الطريقة الرخيصة. لم تترك لي حجة واحدة أخبرك بها أنني عنك أعفو، وعن قلبي الذي بين يديك أسامح. تواصل إستحلالك على جسد يراك في هذا الكون كل الكون، تواصل إستعمارك لخلايا الحركة فيني حتى جمدت الحياة بعيني ولم أستطع، لم أستطع يا سلطان أن أتجاوزك، أن أتجاوز عثراتي، مللت البنيان على التزييف، هذه ليست شخصيتي، هذه ليست أنا، هذه جوهرة سلطان، أنا التابعية لعينيك " الولعانة "، أنا شرعيتك الباطلة، أنا عقيدتك في الحب وأنت الحاكم والظالم. أنا الإنتماء لقلبك، لتشعب صدرك، أنا جوهرتك بينما أنت ! لم تكن يوما تخصني وحدي، لم تكن عيناك الداكنة تريدني، و حين أردت الإتكاء بين عينيك عجنتني بعقدة حاجبيك ، حين أردت أن أقيم الثورة على قلبك أستعمرتني، يا حزني! لم تكن مثله، تشافيت من تركي، تشافيت تماما ولكن مرضت بما هو أعظم، كنت في كل مرة تقترب بها مني أتذكر تقرب تركي لي أما هذه المرة لا يأت أبدا على بالي، لم يأت ولكن تعنف قلبي بما لايليق بحبك، تغرقني، تغرقني وما عدت أخشى غرقي.
أغمضت عينيها لتسيل دمعة ملتهبة على خدها، و لأنك تغيضني بملكيتك هذه المرة أنا من أستسلم لك يا سلطاني.
صعدت شفاهه لعينيها، قبل دمعتها وذراعيه تحاصرها من كل جانب، أشد الخيبة أن تقبل دمعة إمرأة أنت سببها. يا خذلاني من هذه الدنيا، و إنصهار الوجع في قلبي، أن يعيد هذا العضو النابض تركيب نفسه في كل مرة وتعيد الحياة إنصهاره في كل لحظة، يا وجع " الأنا " في صدري، يا تكاثر " الاه " في محجر عيني، كان بؤسا أن أراك في كل لحظة وكل ثانية أمامي ولا أتحرك، كان سيئا على نفسي أن أحرمك عليها، أن أبتعد في وقت كان اللاسبب يطغى علينا، في وقت لم أفهم نفورك، كنت أفهم فقط أنني أريد أن أحبك برضاك، لم يكن الجسد يوما مبتغاي، لم يكن أكبر ما أتمنى هو الظفر ببياض جسدك، كنت رجل أقاوم كل أهوائي أمامك، كنت رجل ألتمس لك من العذر ما يفوق السبعين، أمتنع عنك لأجل عينيك التي تتورد كلما رأتني، تضببت رؤيتي ولست مخطىء، إن كنت أخطأت في مسالك الدنيا بأكملها إلا أنني لم أخطىء بقلبك أبدا، لا أعرف أن أتعامل ببرود أمام عينين أشتهيها وجسد أتوق له لأن الشرع يكفل لي كل هذا، لم أكن شاذا عن القاعدة حين أردتك ولكن كنت شاذا عنها حينما قاومتك في كل مرة أراك بها، أطيل نظري بتفاصيلك الصغيرة، بأصابعك التي تخلخل شعرك في مللك وكفه التي تزيح خصلاتك جانبا في قراءتك، أراقب أدق الأشياء التي تقتلني كرجل وكنت أصمد لأنني لا أريد أن أرغمك على شيء. لكن هذه المرة أعلن إستسلامي من قناعاتي الشرقية، أعلن إستعماري لثلجية ملامحك، أعلن وبغطرسة لا أعرف كيف أبتليت بها أن لا حياة بعدي يالجوهرة.
،
بللت شفتيها الجافتين بلسانها حتى تنطق بإنسيابية، و ما حول رقبتها يضيق عليها، لم تنتبه لمن أمامها وهي تشتت أنظارها بإنزعاج وببحة : يبه
عبدالعزيز يحامل على نفسه حتى وقف وجلس على السرير بجانبها وبإبتسامة كانت تغيض رتيل بإستمرار : يا عيون يبه
عقدت حاجبيها لتصمت لثواني طويلة حتى تفتح عينيها مرة واحدة وتنظر له، تأملت صدره المغطى بالشاش الأبيض لتصعد أنظارها لرأسه المغطى أيضا، قطع تأملاته : الحمدلله على سلامتك
رتيل ترمش كثيرا حتى تستوعب : الله يسلمك .. أبوي هنا ؟
عبدالعزيز : الساعة 2 الفجر
رتيل عادت لصمتها لتقطعها الثواني الشاهقة ، تسأله برعشة شفتيها : كيفك ؟
أبتسم حتى بانت أسنانه : بدري
رتيل : حتى وأنت تعبان مستفز
عبدالعزيز أخذ نفسا عميقا وهو ينظر لشعرها " الويفي " : تمام الحمدلله أنها جت على كذا ماهو أكثر
رتيل : الحمدلله ... ألتفتت للجانب الاخر .. عطشانة
كان سيقف لولا يدها التي مسكته من معصمه : خلك .. أستعدلت لتجلس وتسند ظهرها على السرير، أخذت كوب الماء لتشرب ربعه ومن ثم ألتفتت عليه وهي تشعر بأنها " صحصحت تماما ".
أطال نظره بعينيها، بمحجرها وحصون أهدابها، أجيء لك كما يجيء العاشق من عصر المتنبي " وما كنت ممن يدخل العشق قلبه و لكن من يبصر جفونك يعشق " ، أتغلغل وأشتعل وأخفت بضياءك و " عيناك نازلتا القلوب فكلها إما جريح أو مصاب المقتل " يا جريحتي بالهوى أصبتني بمقتل، كتمت حبك ولم يعد ينفع! ما دام الإسرار والإعلان هما على حافة واحدة، منذ النظرة الأولى وأنا أدرك بأنني مجنون متعديا على ملك عبدالرحمن، لمحت في شفتيك طيف مقبرتي وواصلت المضي ولم يهمني الموت الذي يضيع أسفل لسانك، كنت أدرك جيدا أنه مهما حاولنا أن هذا الحب يسلط أعداءنا، يسلط علينا كل من هو يكره والدك ووالدي، كنت أعرف ولست نادم، لأنه لو عاد الزمن لعصيت بمثل المعصية وتزوجتك رغما عن الجميع، رغما عن من يروي أن حبنا مستحيل. والرواة كاذبون يتأثرون بعهد عقولهم الجافة السطحية، و أنا والله غارق بعينيك، شفتيك، شعرك البندقي، ملامحك النجدية وبشرتك السمراء، أنفك الذي أحب وعقدة حاجبيك وشتائمك التي تعني " أحبك كثيرا " مهما أنكرت.
نظرت له بضحكة مبحوحة وهي تشعر بحرارة تسري في أوردتها من عينيه : لا تطالعني كذا
عبدالعزيز : تخيلي لو صار فينا شي لا سمح الله ؟
جمدت ملامحها لتردف : ماأبغى أفكر باللي صار
عبدالعزيز بمحاولات هزيلة لظفر إعتراف منها : كنت راح تندمين على شي ؟
بلعت ريقها الجاف : لا
عبدالعزيز تنهد، صدقها في الفترة الأخيرة، كلماتها التي تعني تلويحة وداع، تحديها لقلبها ومازالت هي الفائزة بهذا التحدي، كل هذه الأشياء تثقب قلبه : ولا حتى كلمة ؟
رتيل صمتت لثواني طويلة حتى أردفت بوجع : ولا حتى كلمة يا عبدالعزيز ، ماراح أندم على شي
نظر لعينيها المتلألأة بخفوت، أشاح قليلا حتى ألتصقت أنظاره بكفها المرتبط بالمغذي : لو أنا! كنت راح أندم، يمكن ماهو على شي سويته بحقك بس على أشياء سويتها بحق ناس ثانين ..
رفع عينه لها ليكمل : ما يستاهل أني أندم على شي أنت ما ندمتي عليه
عقدت حاجبيها، هذه الكلمات الأخيرة ستدخل لفئة الأشياء الأكثر جرحا لقلبي، والله لا يوازي جرحها شيئا، أن يسند لكلامي مثل هذا الألم والوجع، وجدا " يستاهل " أن نبكي على أيامنا التي تمضي دوننا رغم أننا معا.
أردفت بربكة لسانها : كنت راح أجاوبك بنفس الشي، ما يستاهل أبد أني أندم على كلام أو أفعال إذا كانوا أصحابها أصلا ماندموا عليها
عبدالعزيز بهدوء : من كل قلبك هالحكي ؟
شتت نظراتها : إيه، ليه تفتح هالمواضيع الحين ؟
عبدالعزيز بصوت أشتد به الغضب الذي لم يستطع أن يسيطر عليه : لأنك كذابة ، تكذبين كثير وماتحسين على نفسك .. شوفي عيونك وأنت تتكلمين .. تناقض كل كلامك
رتيل تحاول أن لا تفلت بها الدموع وتبكي، تنظر لكل شيء ما عداه، هذا الإتهام الصريح لها يجعلها تضعف بعد حادث كادت تفقد به حياتها، أردفت ببحة : مو قصدي أسيء لك ...
عبدالعزيز : إلا قصدك .. تستمتعين بكل شيء يقهرني
رتيل توجه نظراتها إليه وبنبرة تنخفض تدريجيا : وأنت ؟ أحلف بالله أنك سادي ومتغطرس وكل متعتك في هالكون أنك تضايقني
عبدالعزيز بإبتسامة متعبة : بتكفرين عن الحلف صدقيني
رتيل أشاحت نظرها : شفت كيف ثقتك! عبدالعزيز واللي يسلمك تعبانة وماأبغى أسمع مثل هالحكي
عبدالعزيز ينظر للممرضة التي تشير إليه من خلف الزجاج : طيب ...
و بإبتسامة مستفزة أردف : تصبحين على خير يا زوجتي الغالية
رتيل رغم تكاثر الشعور المتناقض بها إلا أنها ضحكت : يارب أرحمني
عبدالعزيز : سبحان الله ما تاخذين الأمور بجدية !
رتيل بمثل إبتسامته أقتربت ولا يفصل بينهما شي لتنحني قليلا نحو اليمين وتقبل خده الأيسر : وأنت من أهل الخير
أبتسم حتى بانت أسنانه وهو يجلس في مقعده المتحرك بعد أن دخلت الممرضة للغرفة : يعني الحين أخذتي الأمور بجدية ؟
رتيل بضحكة طويلة غرقت بها : أنتهى كلامي
عبدالعزيز الذي يفهم قصدها جيدا : ملكعة!!!
رتيل أتسعت بإبتسامتها وهي تنظر له عندما خرج، أستلقت على السرير تحاول أن تعود لنومها، " أنا حية " بعد أن واجهت الموت لدقائق طويلة، قبل الإصطدام كنت أتذكر الأخطاء التي أنجذبت لها وكأنها أشياء عادية، هذه الأخطاء التي خنقتني وأنا أشعر بعظيم ذنبها، لا أعرف لم نحتاج إلى تنبيه من الله كحادث أو حلم أو غيره حتى نعود له، حتى نستغفر لذنوبنا بالطاعات، الحمدلله أنني أتنفس الان ومازال في الحياة متسع لأستغفر لهذه الذنوب، الحمدلله أن هناك وقت لأفعل وأفعل وأفعل، لا أحد سيقدر نعمة الوقت الضائع إلا عندما يواجه الموت، عندما ينتهي به وهو يقول " ياليتني قدمت لحياتي " ، يا غبائي طوال السنين الماضية!!
تعليق