رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
يقف أمام الباب، أخذ نفسا عميقا وهو يستودع الله نفسه وجسده وقلبه، أغمض عينيه لتأت كل الأشياء راكضة أمامه، إبتداء من تلك اللحظة التي أنجبر بها على العودة إلى الرياض نهاية برتيل الموجعة لقلبه، فتح الباب صاعدا عبر السلالم حتى ألتقطت أعين الحراس حضوره، أتجهوا نحوه بسرعة ليقيدوه ويفتشوه بصورة عنيفة. ألصقوه بالجدار لتلتف ذراعه خلف ظهره بقيد ثقيل، أدخلوه بهدوء ليرفع رائد عينه : يا هلا والله ب ولد سلطان . . يا هلا يا هلا
عبدالعزيز بإبتسامة خبيثة : هلابك
رائد يقف ليشير للحرس بالإنصراف، وبإستفزاز لفقده : جاي تفزع لأبوك في قبره!
عبدالعزيز المقيد اليدين : حق أبوي مو عندك، لا يكون ماخذ مقلب بنفسك وتحسب الحادث من ترتيباتك؟
رائد بغضب يتجه نحوه ليأخذ بطريقه علبة صغيرة ينتشر على سطحها مثل الدبابيس مصنوعة من الخشب، صفعه بقوة ليدمي وجهه على هيئة خطوط.
دخل فارس ليلتفت عليه : أطلع برا
فارس : لا
رائد بغضب : فارس لا تطلع جنوني عليك !
فارس يقف بين والده وعبدالعزيز الذي وقف بثبات والدماء تنزف منه : قلت لك من قبل مافيه شي تخبيه علي .. يمسك ذراع والده بهدوء ليسحبه نحو الخلف وهو يترجاه بنظراته.
رائد : ماشاء الله تلاقوا الأصحاب .. عرفني يا فارس على اللي قدامي
فارس بضيق : يبه
رائد بصرخة أرعبته : مو هذا اللي من وراي تقابله ؟
عبدالعزيز : وين عبير ؟
رائد يبعد فارس عنه ليجلس على طرف المكتب : تبي عبير؟ للأسف لا
عبدالعزيز : قلت . .
رائد يقاطعه : وليه تثق بكلامي؟ يخي أنا مو عند كلمتي .. عبير عاد بتكون مع فارس ! عاد الله أعلم زوجته .. ولا غيره مايهمني المهم أنكم ماراح تشوفونها إلا لما أنا بمزاجي أقرر . . عاد مزاجي مدري متى يحن عليكم!
عبدالعزيز بغضب : لا تساوم على البنت! خل كلامك معي وأتركها
رائد بإبتسامة : أحلامك كبيرة يا عبدالعزيز ..
عبدالعزيز بحدة عينيه : لمرة وحدة كون رجال وأبعد الحريم من موضوعنا
رائد : علم نفسك كان كنت رجال قبلي وقابلتني مو سويت لعبتك مع الكلاب اللي وراك .. إيه صدق وش أخبار أبو زوجتك ؟
عبدالعزيز بتجاهل يحاول أن يحرك وجهه ليبعد الدماء عن شفتيه التي بدأت تتذوق طعمها : اختصر وش المطلوب الحين ؟
رائد يضع قدما على قدم وبإستفزاز وهو يفكر : والله مدري! مدري وش الشي اللي بيخليني أتلذذ بتعذيبك! لكن أقدر أقولك ماراح تكون لك حياة بعد ما تطلع من هنا ! لأن أصلا ماراح تطلع من هنا! شايف كيف مسألة خداعي تكلف الكثير؟ عشان غيرك يحسب حسابه ألف مرة قبل لا يقرب مني .. قرب قبلك أبوك وشوف نهايته والحين أنت وبتكون نهايتك أسوأ بكثير، أنت تلعب مع رائد الجوهي اللي برمشة عين يمحيك من هالوجود . . . يؤسفني أنك بتكون مثال للعظة والعبرة
عبدالعزيز : عبير لا تمسها بشي !
رائد بضحكة : I'm sorry هذا خارج إرادتي
عبدالعزيز بصراخ : خل حكيك معي
رائد بتهديد شرس : أقسم بالعلي العظيم أنه عبير ماراح تشوفونها .. ريح نفسك من كل هالكلام!
عبدالعزيز أبعد وجهه للجهة الأخرى وهو يتحرك بإتجاه الجدار يحاول أن يتخلص من قيده.
يكمل : أما شغلي راح يتم غصبا عنك وعن عبدالرحمن وسلطان! وبتبقى معي إن شاء الله لين يصير اللي في بالي بعدها بفكر بأي طريقة تبي تموت .. على فكرة أنا ديمقراطي جدا أنت أختار الطريقة اللي تبي وأبشر باللي أعنف منها .. أردف كلماته الأخيرة بشماتة ساخرة.
أخذ المشرط لينادي الحرس حتى دخلوا بمجرد سماع صوته المنادي،
بقوة أجلسوه على كرسي ليلفوا حول جسده الللاصق حتى تجمدت حركته ولم يعد يستطيع أن يتحرك، وبعينيه يفهم رجال رائد مالعمل؟ أخذ أحدهم خيطا وربط قدمه اليمنى ليمد الخيط للعمود الخشبي النحيف، أنهى العقدة بزناد السلاح، بمجرد ما تتحرك قدم عبدالعزيز سيضغط على الزناد لتنطلق الرصاصة بإتجاهه.
رائد بسخرية : لا تحاول تموت بدري! تقدم إليه ليستفزه وهو يقرب المشرط من رقبته : من مين هالخطة ؟ مين اللي قالك تروح لي ؟ سلطان ولا عبدالرحمن ؟
عبدالعزيز لا يجيبه، معتمدا على التجاهل التام.
رائد بقوة يسحب المشرط من يمين رقبته حتى يسارها ليكتم صرخته وهو يحاول أن يثبت أقدامه حتى لا يتحرك، فارس أبعد أنظاره لا يتحمل رؤية هذه الوحشية من والده.
رائد : وش اللي تخبونه ؟ ها ؟ ترى السكوت ماهو لصالحك
عبدالعزيز ويستحم بدماءه : لا تنتظر مني أي معلومة
رائد بإبتسامة : حلو .. جدا حلو ... ليصفعه بقوة وهو يقاوم حركة كل شيء عدا أقدامه، نظر لعصير الليمون الذي ينتصف الكأس ليمسكه وبتلذذ سكبه على رقبته لتندفع صرخة عبدالعزيز.
: باقي ما شفت شي .. أنت بالذات راح أخليك تترجاني أنك تموت وبتشوف ... أبتعد ليلتفت على فارس : يالله أطلع قدامي!
فارس : ممكن تخليني شوي!
رائد بضحكة شامتة : لا تفكر يا فارس تقدر تخليه يهرب لأن هالطلقة بتجي في راسه أسرع من تصورك وبتلحقه وراك .. هذا أنا حذرتك ... وخرج لأنه يعرف تماما أن فارس يستحيل عليه أن يهرب عبدالعزيز والحرس ينتشرون في كل مكان.
فارس يسحب منديلا ليقترب منه، يمسح دماءه وبقايا العصير، أدرك تلوث جرحه : عبير عندي
عبدالعزيز بحدة : وأنت مين ؟ لا زوجها ولا شي!
فارس : أنت عارف أبوي ! في كلا الحالتين كان راح يخطفها سواء بواسطتي أو بغيري بس أنا ماأبي شي يضرها والله العظيم يا عبدالعزيز ما أبي شي يمسها عشان كذا سويت كل هذا
عبدالعزيز بصوت خافت : واثق فيك بس أبعدها عن أبوك!
فارس : خذه وعد مني أبوي ماراح يقرب منها .. أنتظر لحظة . . . . . أقترب من الرفوف ليستخرج لصقات الجروح ومعقم، عقم جروح عبدالعزيز ليغطيها باللصق.
عبدالعزيز : شكرا ..
فارس : العفو . . أبوي مقرر أنه بكرا بيخليني أملك على عبير ويقول إن رفض عبدالرحمن فهو الخسران بكلا الحالتين ماراح ترجع له بنته
عبدالعزيز : ماراح يوافق! مستحيل أصلا
فارس : داري وأصلا مستحيل الشيخ بيرضى لأن حضوره لازم
عبدالعزيز بسخرية : كأنها بتصعب على أبوك!
فارس يستخرج هاتفه : تبيني أتصل على عبدالرحمن! كلمه وقوله
عبدالعزيز تنهد : أنتظر لبكرا
فارس : طيب .. تامر على شي
عبدالعزيز : لا . . . ليستدرك شيئا ويوقفه: فارس
فارس ألتفت عليه ليردف : ممكن تربط رجلي
عبدالعزيز الذي شعر بأنه ربما يغفى وتتحرك أقدامه الغير مقيدة، أخذ اللاصق العريض ليلفه حول أقدامه لتتجمد بسيقان الكرسي : كذا تمام ؟
عبدالعزيز : إيه
،
أستيقظت شمس الرياض بخمول وهي تغيب خلف الغيم الذي يتكاثف ببداية شتاء خافت، كان جالس في المقاعد الخارجية في ممر المستشفى ينتظرها تخرج بعد أن تم الأذن لها، لم يتحاور معها ولم ينطق أي كلمة معها منذ ما حدث.
رفع عينه عندما فتح الباب، تقدم إليها : تبين كرسي متحرك؟
مهرة ببحة تخفي وجعها : لا
خرج معها متجها لسيارته، فتح لها الباب الأمامي، الصمت الذي كان بينهما لم يدينه أحد، لم يقطعه الكلام أبدا طوال الطريق الطويل في صباح مزدحم، تمر الدقائق بثبات تشطر قلبيهما.
كنت أرفض هذا الحمل ولو عاد الوقت لما دعوت دعوة واحدة على من يسكن رحمي، أشعر بأني فقدت نفسي معه، كل الأشياء تلاشت بسرعة أمامي، لا أريد أن أندم وأقول " لو " ولكن أشعر بحاجتي لأن أصرخ ب " لو " ، لو أنني لم أخرج من الغرفة وأنا أشعر ببعض التعب لما حدث كل هذا، يارب أني لاأعترض على قدرك ولكن أرزقني الصبر والرضا به، قبل عدة أيام كنت أراه بعيني والان لا أحد، رحمي خاوي من الذي أنتظرته في الفترة الأخيرة.
ركن السيارة وهو يأخذ نفس عميق يشعر بالسوداوية تطغى على كل حياته، فتحت الباب لتخرج وهي تشعر بقليل من التعب يعكس نفسه على خطواتها المتأنية المضطربة، أتجه معها للفوق ليفتح لها باب الجناح، نزعت عباءتها بهدوء لتضعها على الأريكة وخلفها نقابها وطرحتها، أتجهت نحو السرير لتدس جسدها به، نظر إليها وهي تغطي ملامحها بالفراش.
نزع حذاءه وهو يضع شماغه فوق عباءتها، أتجه لناحية السرير الأخرى ليجلس بقربها : مهرة ...
كانت تغرق ببكائها تحت الفراش، لم تتوقع أبدا أن يصل حالها إلى هذا الحد. لم تتصور أن تبكي بهذه الصورة القاسية، ماذا يفرق أن يموت فرد بعد أن يستنشق الحياة أو يموت في رحم أمه؟ كلاهما موت، كلاهما نهاية، كلاهما قبر لروحي.
رفع الفراش بهدوء لتغطي وجهها بيديها وهي تجهش ببكائها، خرج صوتها كأنين يخترق قلبه قبل سمعه، رفعها نحوه ليضعها على صدره وهو يمسح على شعرها، لم أعرف كيف أواسي نفسي حتى أواسيك؟ ولا أعرف أي طريقة تخفف وطأة الخبر علينا.
تشبثت بثوبه وهي تبلله بحزن عميق، كل الأشياء أفقدها، كل شيء أتعلق به ينسحب من حياتي بهدوء، لم أجرب معنى الأب، وحين جربته تلاشى، ولم أجرب الأمومة وحين أقتربت مني ذابت دون أن ألمسها، أنا لا أعرف كيف أحافظ على أشيائي ولن أعرف أبدا ما دمت على الدوام أفقدها بصورة مفجعة لي، أؤمن بالموت ولا أعترض عليه ولكن أريد لمرة أن أحافظ على شيء لفترة طويلة أو أرحلوا ولكن بهدوء، لا ترحلون بهذه الطريقة المفجعة لي، لا تجعلوني أتأمل لأصعد لسابع سماء وأسقط فجأة دون سابق إنذار على أرض جافة. تكسر ظهري وضعلي من الفقد، يالله أرزقني الصبر . . يا رب الصبر.
يوسف بخفوت : الحمدلله على كل حال ...
مهرة بصوت مخنوق وهي تدس نفسها في صدره : بموت يا يوسف ..
يوسف : بسم الله عليك لا تجزعين مايجوز ...... الله يعوضنا بالذرية الصالحة . . . يستلقي ليجعلها تستلقي معه . . . . نامي وأرتاحي
نظرت للجدار الذي أمامها ويدها ترتخي عليه، وجهها الشاحب عكر جمالها الناعم، كيف أنام بهدوء وأنا فقدت طفلي الأول! طفلي الذي بثت به الروح في أحشائي و كلمات الدكتورة تصب في إذني ك نار وأشد حرقة من النار " سلمي أمرك لله والله يعين عباده "
يوسف بصوت هادىء : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . . . وأكمل قراءته للرقية الشرعية عليها حتى نامت على صدره.
،
بحزن عقدت حاجبيها : الله يصبرها .. صدق قهرتني بس عاد حرام ما تستاهل
هيفاء بضيق : لو شفتي يوسف! قطع قلبي مع أنه ماقال شي بس لو تشوفين عيونه .. يا شينها عاد لا تلهفتي على شي وماصار
ريم : ترى سمعت أنه مايجوز تقولين حرام وما يستاهل! كذا إعتراض على القدر وكأنه الله ما يعرف يصرف أحاول العباد .. يعني تعالى الله عن ذلك
نجلاء بدهشة : لالا أستغفر الله مو قصدي كذا
ريم : إيه دارية بس أنا قلت لك عشان ماتقولينها مرة ثانية
نجلاء : ما قلتي لنا وش فكرتي؟ بترجعين له ؟
ريم تنهدت : إيه
هيفاء : هذا أحسن حل توكم حتى ما تعرفتوا على بعض زين
ريم : الله يكتب اللي فيه الخير.
نجلاء : صدقيني يا ريم بكرا تندمين على تسرعك! كل شي له حل ! الطلاق مو سهل، أكثر شي يكسر المرة الطلاق لا تكسرين نفسك بنفسك وتدمرين حالك وأنت ماتدرين زين الرجال وشينه .. توك في البداية يعني لا تندفعين كثير
ريم بضيق كلماتها : وهذا أنا بسوي بنصيحتكم . . .
،
يقف أمام الباب، أخذ نفسا عميقا وهو يستودع الله نفسه وجسده وقلبه، أغمض عينيه لتأت كل الأشياء راكضة أمامه، إبتداء من تلك اللحظة التي أنجبر بها على العودة إلى الرياض نهاية برتيل الموجعة لقلبه، فتح الباب صاعدا عبر السلالم حتى ألتقطت أعين الحراس حضوره، أتجهوا نحوه بسرعة ليقيدوه ويفتشوه بصورة عنيفة. ألصقوه بالجدار لتلتف ذراعه خلف ظهره بقيد ثقيل، أدخلوه بهدوء ليرفع رائد عينه : يا هلا والله ب ولد سلطان . . يا هلا يا هلا
عبدالعزيز بإبتسامة خبيثة : هلابك
رائد يقف ليشير للحرس بالإنصراف، وبإستفزاز لفقده : جاي تفزع لأبوك في قبره!
عبدالعزيز المقيد اليدين : حق أبوي مو عندك، لا يكون ماخذ مقلب بنفسك وتحسب الحادث من ترتيباتك؟
رائد بغضب يتجه نحوه ليأخذ بطريقه علبة صغيرة ينتشر على سطحها مثل الدبابيس مصنوعة من الخشب، صفعه بقوة ليدمي وجهه على هيئة خطوط.
دخل فارس ليلتفت عليه : أطلع برا
فارس : لا
رائد بغضب : فارس لا تطلع جنوني عليك !
فارس يقف بين والده وعبدالعزيز الذي وقف بثبات والدماء تنزف منه : قلت لك من قبل مافيه شي تخبيه علي .. يمسك ذراع والده بهدوء ليسحبه نحو الخلف وهو يترجاه بنظراته.
رائد : ماشاء الله تلاقوا الأصحاب .. عرفني يا فارس على اللي قدامي
فارس بضيق : يبه
رائد بصرخة أرعبته : مو هذا اللي من وراي تقابله ؟
عبدالعزيز : وين عبير ؟
رائد يبعد فارس عنه ليجلس على طرف المكتب : تبي عبير؟ للأسف لا
عبدالعزيز : قلت . .
رائد يقاطعه : وليه تثق بكلامي؟ يخي أنا مو عند كلمتي .. عبير عاد بتكون مع فارس ! عاد الله أعلم زوجته .. ولا غيره مايهمني المهم أنكم ماراح تشوفونها إلا لما أنا بمزاجي أقرر . . عاد مزاجي مدري متى يحن عليكم!
عبدالعزيز بغضب : لا تساوم على البنت! خل كلامك معي وأتركها
رائد بإبتسامة : أحلامك كبيرة يا عبدالعزيز ..
عبدالعزيز بحدة عينيه : لمرة وحدة كون رجال وأبعد الحريم من موضوعنا
رائد : علم نفسك كان كنت رجال قبلي وقابلتني مو سويت لعبتك مع الكلاب اللي وراك .. إيه صدق وش أخبار أبو زوجتك ؟
عبدالعزيز بتجاهل يحاول أن يحرك وجهه ليبعد الدماء عن شفتيه التي بدأت تتذوق طعمها : اختصر وش المطلوب الحين ؟
رائد يضع قدما على قدم وبإستفزاز وهو يفكر : والله مدري! مدري وش الشي اللي بيخليني أتلذذ بتعذيبك! لكن أقدر أقولك ماراح تكون لك حياة بعد ما تطلع من هنا ! لأن أصلا ماراح تطلع من هنا! شايف كيف مسألة خداعي تكلف الكثير؟ عشان غيرك يحسب حسابه ألف مرة قبل لا يقرب مني .. قرب قبلك أبوك وشوف نهايته والحين أنت وبتكون نهايتك أسوأ بكثير، أنت تلعب مع رائد الجوهي اللي برمشة عين يمحيك من هالوجود . . . يؤسفني أنك بتكون مثال للعظة والعبرة
عبدالعزيز : عبير لا تمسها بشي !
رائد بضحكة : I'm sorry هذا خارج إرادتي
عبدالعزيز بصراخ : خل حكيك معي
رائد بتهديد شرس : أقسم بالعلي العظيم أنه عبير ماراح تشوفونها .. ريح نفسك من كل هالكلام!
عبدالعزيز أبعد وجهه للجهة الأخرى وهو يتحرك بإتجاه الجدار يحاول أن يتخلص من قيده.
يكمل : أما شغلي راح يتم غصبا عنك وعن عبدالرحمن وسلطان! وبتبقى معي إن شاء الله لين يصير اللي في بالي بعدها بفكر بأي طريقة تبي تموت .. على فكرة أنا ديمقراطي جدا أنت أختار الطريقة اللي تبي وأبشر باللي أعنف منها .. أردف كلماته الأخيرة بشماتة ساخرة.
أخذ المشرط لينادي الحرس حتى دخلوا بمجرد سماع صوته المنادي،
بقوة أجلسوه على كرسي ليلفوا حول جسده الللاصق حتى تجمدت حركته ولم يعد يستطيع أن يتحرك، وبعينيه يفهم رجال رائد مالعمل؟ أخذ أحدهم خيطا وربط قدمه اليمنى ليمد الخيط للعمود الخشبي النحيف، أنهى العقدة بزناد السلاح، بمجرد ما تتحرك قدم عبدالعزيز سيضغط على الزناد لتنطلق الرصاصة بإتجاهه.
رائد بسخرية : لا تحاول تموت بدري! تقدم إليه ليستفزه وهو يقرب المشرط من رقبته : من مين هالخطة ؟ مين اللي قالك تروح لي ؟ سلطان ولا عبدالرحمن ؟
عبدالعزيز لا يجيبه، معتمدا على التجاهل التام.
رائد بقوة يسحب المشرط من يمين رقبته حتى يسارها ليكتم صرخته وهو يحاول أن يثبت أقدامه حتى لا يتحرك، فارس أبعد أنظاره لا يتحمل رؤية هذه الوحشية من والده.
رائد : وش اللي تخبونه ؟ ها ؟ ترى السكوت ماهو لصالحك
عبدالعزيز ويستحم بدماءه : لا تنتظر مني أي معلومة
رائد بإبتسامة : حلو .. جدا حلو ... ليصفعه بقوة وهو يقاوم حركة كل شيء عدا أقدامه، نظر لعصير الليمون الذي ينتصف الكأس ليمسكه وبتلذذ سكبه على رقبته لتندفع صرخة عبدالعزيز.
: باقي ما شفت شي .. أنت بالذات راح أخليك تترجاني أنك تموت وبتشوف ... أبتعد ليلتفت على فارس : يالله أطلع قدامي!
فارس : ممكن تخليني شوي!
رائد بضحكة شامتة : لا تفكر يا فارس تقدر تخليه يهرب لأن هالطلقة بتجي في راسه أسرع من تصورك وبتلحقه وراك .. هذا أنا حذرتك ... وخرج لأنه يعرف تماما أن فارس يستحيل عليه أن يهرب عبدالعزيز والحرس ينتشرون في كل مكان.
فارس يسحب منديلا ليقترب منه، يمسح دماءه وبقايا العصير، أدرك تلوث جرحه : عبير عندي
عبدالعزيز بحدة : وأنت مين ؟ لا زوجها ولا شي!
فارس : أنت عارف أبوي ! في كلا الحالتين كان راح يخطفها سواء بواسطتي أو بغيري بس أنا ماأبي شي يضرها والله العظيم يا عبدالعزيز ما أبي شي يمسها عشان كذا سويت كل هذا
عبدالعزيز بصوت خافت : واثق فيك بس أبعدها عن أبوك!
فارس : خذه وعد مني أبوي ماراح يقرب منها .. أنتظر لحظة . . . . . أقترب من الرفوف ليستخرج لصقات الجروح ومعقم، عقم جروح عبدالعزيز ليغطيها باللصق.
عبدالعزيز : شكرا ..
فارس : العفو . . أبوي مقرر أنه بكرا بيخليني أملك على عبير ويقول إن رفض عبدالرحمن فهو الخسران بكلا الحالتين ماراح ترجع له بنته
عبدالعزيز : ماراح يوافق! مستحيل أصلا
فارس : داري وأصلا مستحيل الشيخ بيرضى لأن حضوره لازم
عبدالعزيز بسخرية : كأنها بتصعب على أبوك!
فارس يستخرج هاتفه : تبيني أتصل على عبدالرحمن! كلمه وقوله
عبدالعزيز تنهد : أنتظر لبكرا
فارس : طيب .. تامر على شي
عبدالعزيز : لا . . . ليستدرك شيئا ويوقفه: فارس
فارس ألتفت عليه ليردف : ممكن تربط رجلي
عبدالعزيز الذي شعر بأنه ربما يغفى وتتحرك أقدامه الغير مقيدة، أخذ اللاصق العريض ليلفه حول أقدامه لتتجمد بسيقان الكرسي : كذا تمام ؟
عبدالعزيز : إيه
،
أستيقظت شمس الرياض بخمول وهي تغيب خلف الغيم الذي يتكاثف ببداية شتاء خافت، كان جالس في المقاعد الخارجية في ممر المستشفى ينتظرها تخرج بعد أن تم الأذن لها، لم يتحاور معها ولم ينطق أي كلمة معها منذ ما حدث.
رفع عينه عندما فتح الباب، تقدم إليها : تبين كرسي متحرك؟
مهرة ببحة تخفي وجعها : لا
خرج معها متجها لسيارته، فتح لها الباب الأمامي، الصمت الذي كان بينهما لم يدينه أحد، لم يقطعه الكلام أبدا طوال الطريق الطويل في صباح مزدحم، تمر الدقائق بثبات تشطر قلبيهما.
كنت أرفض هذا الحمل ولو عاد الوقت لما دعوت دعوة واحدة على من يسكن رحمي، أشعر بأني فقدت نفسي معه، كل الأشياء تلاشت بسرعة أمامي، لا أريد أن أندم وأقول " لو " ولكن أشعر بحاجتي لأن أصرخ ب " لو " ، لو أنني لم أخرج من الغرفة وأنا أشعر ببعض التعب لما حدث كل هذا، يارب أني لاأعترض على قدرك ولكن أرزقني الصبر والرضا به، قبل عدة أيام كنت أراه بعيني والان لا أحد، رحمي خاوي من الذي أنتظرته في الفترة الأخيرة.
ركن السيارة وهو يأخذ نفس عميق يشعر بالسوداوية تطغى على كل حياته، فتحت الباب لتخرج وهي تشعر بقليل من التعب يعكس نفسه على خطواتها المتأنية المضطربة، أتجه معها للفوق ليفتح لها باب الجناح، نزعت عباءتها بهدوء لتضعها على الأريكة وخلفها نقابها وطرحتها، أتجهت نحو السرير لتدس جسدها به، نظر إليها وهي تغطي ملامحها بالفراش.
نزع حذاءه وهو يضع شماغه فوق عباءتها، أتجه لناحية السرير الأخرى ليجلس بقربها : مهرة ...
كانت تغرق ببكائها تحت الفراش، لم تتوقع أبدا أن يصل حالها إلى هذا الحد. لم تتصور أن تبكي بهذه الصورة القاسية، ماذا يفرق أن يموت فرد بعد أن يستنشق الحياة أو يموت في رحم أمه؟ كلاهما موت، كلاهما نهاية، كلاهما قبر لروحي.
رفع الفراش بهدوء لتغطي وجهها بيديها وهي تجهش ببكائها، خرج صوتها كأنين يخترق قلبه قبل سمعه، رفعها نحوه ليضعها على صدره وهو يمسح على شعرها، لم أعرف كيف أواسي نفسي حتى أواسيك؟ ولا أعرف أي طريقة تخفف وطأة الخبر علينا.
تشبثت بثوبه وهي تبلله بحزن عميق، كل الأشياء أفقدها، كل شيء أتعلق به ينسحب من حياتي بهدوء، لم أجرب معنى الأب، وحين جربته تلاشى، ولم أجرب الأمومة وحين أقتربت مني ذابت دون أن ألمسها، أنا لا أعرف كيف أحافظ على أشيائي ولن أعرف أبدا ما دمت على الدوام أفقدها بصورة مفجعة لي، أؤمن بالموت ولا أعترض عليه ولكن أريد لمرة أن أحافظ على شيء لفترة طويلة أو أرحلوا ولكن بهدوء، لا ترحلون بهذه الطريقة المفجعة لي، لا تجعلوني أتأمل لأصعد لسابع سماء وأسقط فجأة دون سابق إنذار على أرض جافة. تكسر ظهري وضعلي من الفقد، يالله أرزقني الصبر . . يا رب الصبر.
يوسف بخفوت : الحمدلله على كل حال ...
مهرة بصوت مخنوق وهي تدس نفسها في صدره : بموت يا يوسف ..
يوسف : بسم الله عليك لا تجزعين مايجوز ...... الله يعوضنا بالذرية الصالحة . . . يستلقي ليجعلها تستلقي معه . . . . نامي وأرتاحي
نظرت للجدار الذي أمامها ويدها ترتخي عليه، وجهها الشاحب عكر جمالها الناعم، كيف أنام بهدوء وأنا فقدت طفلي الأول! طفلي الذي بثت به الروح في أحشائي و كلمات الدكتورة تصب في إذني ك نار وأشد حرقة من النار " سلمي أمرك لله والله يعين عباده "
يوسف بصوت هادىء : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . . . وأكمل قراءته للرقية الشرعية عليها حتى نامت على صدره.
،
بحزن عقدت حاجبيها : الله يصبرها .. صدق قهرتني بس عاد حرام ما تستاهل
هيفاء بضيق : لو شفتي يوسف! قطع قلبي مع أنه ماقال شي بس لو تشوفين عيونه .. يا شينها عاد لا تلهفتي على شي وماصار
ريم : ترى سمعت أنه مايجوز تقولين حرام وما يستاهل! كذا إعتراض على القدر وكأنه الله ما يعرف يصرف أحاول العباد .. يعني تعالى الله عن ذلك
نجلاء بدهشة : لالا أستغفر الله مو قصدي كذا
ريم : إيه دارية بس أنا قلت لك عشان ماتقولينها مرة ثانية
نجلاء : ما قلتي لنا وش فكرتي؟ بترجعين له ؟
ريم تنهدت : إيه
هيفاء : هذا أحسن حل توكم حتى ما تعرفتوا على بعض زين
ريم : الله يكتب اللي فيه الخير.
نجلاء : صدقيني يا ريم بكرا تندمين على تسرعك! كل شي له حل ! الطلاق مو سهل، أكثر شي يكسر المرة الطلاق لا تكسرين نفسك بنفسك وتدمرين حالك وأنت ماتدرين زين الرجال وشينه .. توك في البداية يعني لا تندفعين كثير
ريم بضيق كلماتها : وهذا أنا بسوي بنصيحتكم . . .
تعليق