رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
بعد محاولات بائسة ، أنتهت بطارية هاتفها : مافيه شبكة والحين مافيه شحن بعد !! يالله وش بنسوي بهالليل
عبدالعزيز المرتمي على السرير الضيق : ننام وبكرا يحلها ربك
رتيل تنظر له بقلق : يا برودك كيف بتنام!!
عبدالعزيز : تعبان ومانمت أمس كويس يعني طبيعي بنام من التعب ولا بجلس أحط إيدي على خدي وأنتظر أبوك يطير لنا
رتيل : طيب وأنا ؟
عبدالعزيز بسخرية : نامي على الأرض ولا ماهي من مقامك
رتيل تتجه عينها للغرفة التي لا شيء فيها سوى هذا السرير ، حتى أنها خالية من أي كرسي تجلس عليه : من جدك !!
جلست على طرف السرير لتردف : ماراح أقدر أنام
عبدالعزيز يغمض عينيه ويضع ذراعه فوق رأسه : أششششش خليني أنام
دقائق طويلة مرت وهي تراقب السماء من النافذة حتى فزعت من صوت الرعد ،
عبدالعزيز يزحف قليلا : أظن منتي متينة لهدرجة! يكفيك هالمكان
رتيل تنظر للمساحة الضيقة : لا والله ؟ عبدالعزيز الله يخليك أجلس معي طيب لين يهدأ الجو ونروح لسيارتنا
عبدالعزيز يقلد صوتها : الله يخليك بنام ! يكفي أني متكفخ اليوم ورايح فيها فيعني خليني أرتاح
رتيل وملامح الخوف تظهر بإرتجافة شفتيها : طيب ... نزعت حذائها لتضع الوسادة بينهما : هذا حدك
عبدالعزيز بإبتسامة : طيب ..
أستلقت على ظهرها وهي تنظر للسقف ، تعرف أنها في حالات الخوف لن يأتيها النوم.
عبدالعزيز ينظر لعينيها التي تتأمل : ماراح تنامين ؟
رتيل بهدوء : ماراح يجيني نوم .. أكيد أبوي الحين يتصل علينا ويحسب أنه صار لنا شي
عبدالعزيز : أبوك يثق فيني
رتيل ألتفتت والوسادة تحجب عنها ملامحه ولا ترى سوى عينيه : طيب وأنا ؟ فرضا أحد يدخل علينا الحين
عبدالعزيز : أولا مستحيل لأن هذا فندق وفيه أمن ثانيا محد يعرف أنه عبدالعزيز هنا ! يعرفون أنه .. وش إسمه .. جاكلي مدري أيش اللي أنا الحين منتحل هويته .. تطمني
رتيل : طيب جوالك فيه شحن ؟
عبدالعزيز : إيه وبكرا بنروح ونشوف وضعنا .. أرتاحي ونامي
،
الساعة الخامسة فجرا ، الليل بدأ ينجلي عن سماء الرياض الجافة ، نظر لعينيه التي تفتح بهدوء : الحمدلله على السلامة
ناصر ببحة الوجع : الله يسلمك
فيصل بإبتسامة : قلت لأبوك أنك نايم عندي عشان ماينشغل باله
ناصر بشحوب : كويس.
بعد صمت لثواني طويلة تسرق من جوف ناصر كل " اه " حزينة باكية. أردف : متأكد ؟ يمكن تشبهها !
فيصل بكذب مثل ما أخبره الرجل الذي من بعد الله أصلح له حياته : عرفت من فترة وتأكدت من هالشي!! وخذتها وحدة بعد ماعرفت انها وحيدة ..
ناصر بضيق : كيف ؟ إحنا متأكدين من جثتها ! حتى الدي أن إي عندنا ويثبت جثتها أنه جثة غادة
فيصل : مزور يا ناصر ! ولا تسألني مين زوره ومين له مصلحة! أنا بس عرفت ولقيت الوقت اللي أجيك فيه قلت لك عنها .. بس عندي لك طلب! عبدالعزيز الحين في شغله بس يرجع الرياض خبره بهدوء لأن هالوقت ماهو مناسب
ناصر بتشتت تحشرجت الغصات في حديثه : وش يثبت لي أنها زوجتي ؟
فيصل يخرج هاتفه ليتصل على وليد : ألو
وليد بصوت ممتلىء بالتعب : هلا فيصل
فيصل : وينك فيه ؟
وليد بتنهيدة : بالمستشفى
فيصل : عندك رؤى ؟
وليد بغضب : رؤى ! هذي الرؤى تعرف طلعت مين!
فيصل : بعدين أفهمك المهم عطني إياها الحين
وليد : وش تبغى فيها ؟
فيصل : لو سمحت!! ..
وليد ينظر إليها من زجاج غرفتها : نايمة
فيصل : لو سمحت يا وليد
وليد دخل لتفتح عيناها التي لم تنام بعد.
وليد يمد هاتفه : ردي عليه
غادة : ألو
فيصل يضع الهاتف عند إذن ناصر العطشانة لصوتها المخملي ، أنفاسه المتعبة هي التي وصلت لغادة.
غادة : ألو .. مين ؟ ... ألووو
ناصر شعر بتجمد كل شيء حوله ، هذا الكون بأكمله يتجمد في عينيه ، نظر بشتات عظيم يشعر بأنه حلم ويجب أن يستيقظ منه ، بأن نبتة يابسة تقف فوق قلبه وتثقل عليه. سنة وعدة شهور لم يسمع صوتها ، لم يرى ملامحها الثلجية ، لم يلمحها حتى على عجل! يالله كيف لهذه الأيام أن تمر وهي تشطرني نصفين بكل دقيقة تقطعها.
غادة تتحدث مع وليد : هذا مين ؟
أخذ فيصل الهاتف وأغلقه.
ناصر شعر بأن دماغه يغلي بحمم من نار ، هذا ليس بسيط عليه. شعر ببساطة أنه ينهار بصمت مهيب.
فيصل : صوتها ؟
ناصر سقطت دموعه وهو الذي لايخجل منها أبدا. نظر للسقف الأبيض وشعر بأن الحياة تسترد له ، ولكنها تسرق منه نبضات قلب طبيعية ، يختنق ويتحشرج بذكرياته التي تنهمر عليه بدفعة واحدة ، يشعر بأن حشودا أمامه وليس غادة وحدها.
فيصل وقف : بتركك ترتاح وبمرك الليلة .. رقمي عندك إذا أحتجت شي .. تركه دون أن يسمع له جواب.
نزع المغذي الذي على يده ليسجد على الرخام الأبيض ، ألتصق أنفه بإذلال لله وحده. في داخله حديث لا يسمعه سوى الله. " يالله لا أعرف إن كان الأمر طبيعيا ! يالله لا أفهم والله ما يحدث ، عقلي أصغر مما يستوعب هذا الكم الهائل من الأقدار التي هي لحكمة منك لا يعرفها عباد ضعاف النفوس. يالله " بس " لاتجعلهم يخطئون في حقي وأذيق لوعة فراقها مرتين. يالله أنني لم أشفى من غيابها الأول فلا تجعلها مزحة ثقيلة على نفسي من الذين لا أعرفهم وألتمس فراقها مرة ثانية. يالله لا تجعلني أتقلب بجحيم حبها أكثر من ذلك. يالله فقط .. أسألك أن تريح قلبي الذي يحبها.
عاد لسريره الأبيض وهو يفكر من أخذ جسدها العاشق له ليلقيه في مستشفى اخر ؟ كيف يلقيه أصلا ؟ وماذا عن الجثة التي راها عبدالعزيز ؟ أقسم برب هذا الحب لو أنني أعلم أن أحدا خلف كل هذا لأذيقه عذابي وإن كان ضد مبادئي ، سأجرب أن ألعب بالقذارة مثلما يفعلون! لكن ماذا لو كانت ليست هي ؟ يالله . .
ضغطه على عقله جعله يتألم وهو يدفن رأسه بالوسادة ، يكاد هذا الصداع أن يميته.
دخل الممرض المضطرب بمزاجه عندما رأى المغذي ملقى على الأرض : الله يهديك يا ناصر.
ناصر بصراخ وكأنه يلاقي جنونه الان : أتركننني بروحي
: طيب طيب .. أهدا
ناصر بعصبية تحمر بها محاجره : ماراح أهدأ ! ماأبغى أهدأ .. أنا كيفي ماأبغى أهدأ
: يالله .. خرج ليستدعي الدكتور المشرف على حالته.
ناصر بغضب يرمي كل ما حوله وهو لا يفكر سوى بأن " فيصل " الان يمزح معه مزحة ثقيلة! لا يصدق أبدا أنه سمع صوتها. لماذا أنام كل هذا الوقت لدرجة أنني أحلم بأشياء خرافية ؟ أريد أن أستيقظ الان.
هذا حلم .. هذا إسمه حلم
،
الساعة تقترب من العاشرة صباحا.
أغلقت الهاتف بعد أن أستيقظت على خبر ملكتها من ماجد الذي تبغضه ، فعلت ما برأسها بمساندة والدها ، شعرت بحاجتها للبكاء ، أخفظت رأسها وهي تغطيه بكفوفها ، ماأقسى عصيان الأبناء لنا! ماأقساه على قلوبنا نحن الأمهات الذين نتكاثر بقلوب كثيرة. أتكاثر بقلب أبنتي لأضيق على حزنها بضعف ما تضيق وأفرح بفرحها بضعف ما تفرح ، أنا التي أملك قلبها في يساري خالفت أمري! قاسية جدا يالعنود على قلب أمك.
طل عليها : شغلتي بالي ماهو من عادتك ما تصحين بدري!
رفعت عينها المحمرة بالبكاء.
سلطان جلس على الأرض عند ركبتيها : أفا وش هالدموع ؟
حصة : ملك عليها ماجد
سلطان بغضب على هذه الدموع التي تنزل لإنسانة يراها بأنها لا تستحق كل هذا : طيب! خليها تجرب الشي اللي رفضناه عشان تفهم بعدين ليه رفضنا !
حصة : هذي بنتي يا سلطان مو بسهولة أخليها تجرب شي أنا أعرف أنه إختيار غلط
سلطان : وتبكين عشانها !! وإذا بنتك دامها ماأحترمت راي أمها في ستين داهية ، أنا أبي ماجد يسود عيشتها عشان ثاني مرة تتحمل قرارتها
حصة بغضب : لا تدعي عليها !! هذي قطعة من روحي كيف تبيني أشوفها كذا
سلطان بهدوء : اسف! بس بنتك ماتستاهل كل هذا، هذا هي مشت رايها وأنتهى الموضوع! مايستاهل أنك تبكين على شي أنتهى .. خليها تجرب ومهو صاير لها شي عن 10 رياجيل الله يحفظها لك
حصة أبتسمت بزحمة غضبها : قل ماشاء الله
سلطان أبتسم : ماشاء الله ... مسح دموعها بكفيه ...
حصة : مارحت الدوام !
سلطان : إلا بس خلصت شغلي وقلت أجي أجلس معاكم
حصة بقلق : ليه ؟
سلطان : ولا شي بس عشان تتطمنون أكثر
حصة : الله يخليك لنا
سلطان همس : امين ... وقف ليردف ... أنا بسبقك للصالة.
حصة : بغسل وجهي وأجيك
خرج ليبحث بعينيه عن الجوهرة ، صعد للأعلى ليفتح الباب بخفوت وأبتسم على منظرها ، كانت مستلقية على السرير ورأسها منقلب قريب من ملامسة الأرض ، تلعب بخصلات شعرها وهي مغمضة العينين ، تسمع لنفسها اخر اية من سورة هود : ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون.
فتحت عينها لتنظر لسلطان بالمقلوب ، بفزع كانت سترفع رأسها ولكن سقطت على ظهرها.
سلطان : بسم الله عليك
الجوهرة تحك رأسها الذي أصطدم بقوة : جاي بدري!!
سلطان : خلصت شغلي وجيت .. وين وصلتي ؟
الجوهرة : خلصت مراجعة الجزء 12
سلطان : كويس
الجوهرة أنتبهت لبلوزة بيجامتها الملتفة وظاهر منها جزء من بطنها ، سحبتها للأسفل بحرج.
سلطان : خلينا ننزل لحصة تحت
الجوهرة دون أن تنظر إليه : طيب
سلطان ينظر بعينيها وكأنها يخبرها بأن تتقدم وتنزل قبله.
الجوهرة سارت بإتجاه الباب ومن خلفها سلطان ، كانت بكل خطوة لها تشد بلوزتها رغم أن بنطال بيجامتها القطني فضفاض ، ألتفتت عليه وهي تشعر بحرجها من أنه يسير خلفها ، سلطان أقترب حتى سار بجانبها.
حصة أبتسمت عندما رأتهم بهدوء ملامحهم وسكينتها. جلس بجانب عمته : فطرتوا ؟
حصة : لا بس ماني مشتهية .. القهوة تكفي
رفع عينه للجوهرة متسائلا
الجوهرة : إلا فطرت
حصة بإبتسامة : صاحية بدري ومامريتي علي ؟
الجوهرة : لا والله بس رحت أراجع القران وخفت تكونين نايمة لأني ماشفتك بالصالة
حصة : الحين تراجعين وش ؟ يعني مو أنت حفظتيه وخلصتي
الجوهرة : إذا ما راجعت راح أنسى لازم أراجع دايم بس الحين باقي لي جزئين وأخلص مراجعتي الثالثة بعد حفظي
حصة : الحمدلله الله يجعله شفيع لك
الجوهرة : اللهم امين
حصة بسخرية ألتفتت لسلطان : وأنت ليه ما تحفظ ؟
سلطان وهو يشرب من قهوته ، أردف : حفظته من زمان بس لأني قطعت المراجعة نسيته بس الحين الحمدلله حافظ أجزاء كثيرة.
ساد الصمت الثقيل على أنفسهم التي بدأت تمل ، أردف سلطان وبوادر النعاس تأتيه : شكلي راح أنام
حصة بإبتسامة الأم : من زمان مانمت في حضني
سلطان : ولا نخليها في خاطرك .. أستلقى على الكنبة ورأسه في حجر عمته ، خلخلت أصابعها الرقيقة في شعره القصير ، أغمض عينيه والتعب على ملامحه يتضح.
تتأمله على بعد خطوات قليلة ، لو أنها مكان حصة الان ، تلامس شعره وتدلك رأسها ، كم من جرأة تلزمني حتى أكون مكانها وأجعله ينام في حضني ، يالله كم من السعادة التي سأشعر بها وهو نائم بين يدي ، يالله يا أكبر أحلامي التي سقفها لسلطان! في وقت كانت أحلام الصبايا الزهرية لا تكون في أن ينام شخص تعشقه في حضنها! لأنه أمر طبيعي وعادي ولكن ما بيننا يختلف تماما عن كل ماهو طبيعي.
قاطعت سرحانها بصوت خافت حتى لا تزعج سلطان : وش فيك تطالعيني كذا ! سرحانة بأيش ؟
أبتسمت حتى بانت أسنانها : تراه ما نام
أبتسم وهو مغمض عينيه. تضربه حصة على رأسه بخفة : صاحي وأنا قلت الحين راح في سابع نومة
سلطان دون أن يفتح عينيه : جد تعبان مانمت أمس زين
حصة : خلاص بنسكت
،
بعد محاولات بائسة ، أنتهت بطارية هاتفها : مافيه شبكة والحين مافيه شحن بعد !! يالله وش بنسوي بهالليل
عبدالعزيز المرتمي على السرير الضيق : ننام وبكرا يحلها ربك
رتيل تنظر له بقلق : يا برودك كيف بتنام!!
عبدالعزيز : تعبان ومانمت أمس كويس يعني طبيعي بنام من التعب ولا بجلس أحط إيدي على خدي وأنتظر أبوك يطير لنا
رتيل : طيب وأنا ؟
عبدالعزيز بسخرية : نامي على الأرض ولا ماهي من مقامك
رتيل تتجه عينها للغرفة التي لا شيء فيها سوى هذا السرير ، حتى أنها خالية من أي كرسي تجلس عليه : من جدك !!
جلست على طرف السرير لتردف : ماراح أقدر أنام
عبدالعزيز يغمض عينيه ويضع ذراعه فوق رأسه : أششششش خليني أنام
دقائق طويلة مرت وهي تراقب السماء من النافذة حتى فزعت من صوت الرعد ،
عبدالعزيز يزحف قليلا : أظن منتي متينة لهدرجة! يكفيك هالمكان
رتيل تنظر للمساحة الضيقة : لا والله ؟ عبدالعزيز الله يخليك أجلس معي طيب لين يهدأ الجو ونروح لسيارتنا
عبدالعزيز يقلد صوتها : الله يخليك بنام ! يكفي أني متكفخ اليوم ورايح فيها فيعني خليني أرتاح
رتيل وملامح الخوف تظهر بإرتجافة شفتيها : طيب ... نزعت حذائها لتضع الوسادة بينهما : هذا حدك
عبدالعزيز بإبتسامة : طيب ..
أستلقت على ظهرها وهي تنظر للسقف ، تعرف أنها في حالات الخوف لن يأتيها النوم.
عبدالعزيز ينظر لعينيها التي تتأمل : ماراح تنامين ؟
رتيل بهدوء : ماراح يجيني نوم .. أكيد أبوي الحين يتصل علينا ويحسب أنه صار لنا شي
عبدالعزيز : أبوك يثق فيني
رتيل ألتفتت والوسادة تحجب عنها ملامحه ولا ترى سوى عينيه : طيب وأنا ؟ فرضا أحد يدخل علينا الحين
عبدالعزيز : أولا مستحيل لأن هذا فندق وفيه أمن ثانيا محد يعرف أنه عبدالعزيز هنا ! يعرفون أنه .. وش إسمه .. جاكلي مدري أيش اللي أنا الحين منتحل هويته .. تطمني
رتيل : طيب جوالك فيه شحن ؟
عبدالعزيز : إيه وبكرا بنروح ونشوف وضعنا .. أرتاحي ونامي
،
الساعة الخامسة فجرا ، الليل بدأ ينجلي عن سماء الرياض الجافة ، نظر لعينيه التي تفتح بهدوء : الحمدلله على السلامة
ناصر ببحة الوجع : الله يسلمك
فيصل بإبتسامة : قلت لأبوك أنك نايم عندي عشان ماينشغل باله
ناصر بشحوب : كويس.
بعد صمت لثواني طويلة تسرق من جوف ناصر كل " اه " حزينة باكية. أردف : متأكد ؟ يمكن تشبهها !
فيصل بكذب مثل ما أخبره الرجل الذي من بعد الله أصلح له حياته : عرفت من فترة وتأكدت من هالشي!! وخذتها وحدة بعد ماعرفت انها وحيدة ..
ناصر بضيق : كيف ؟ إحنا متأكدين من جثتها ! حتى الدي أن إي عندنا ويثبت جثتها أنه جثة غادة
فيصل : مزور يا ناصر ! ولا تسألني مين زوره ومين له مصلحة! أنا بس عرفت ولقيت الوقت اللي أجيك فيه قلت لك عنها .. بس عندي لك طلب! عبدالعزيز الحين في شغله بس يرجع الرياض خبره بهدوء لأن هالوقت ماهو مناسب
ناصر بتشتت تحشرجت الغصات في حديثه : وش يثبت لي أنها زوجتي ؟
فيصل يخرج هاتفه ليتصل على وليد : ألو
وليد بصوت ممتلىء بالتعب : هلا فيصل
فيصل : وينك فيه ؟
وليد بتنهيدة : بالمستشفى
فيصل : عندك رؤى ؟
وليد بغضب : رؤى ! هذي الرؤى تعرف طلعت مين!
فيصل : بعدين أفهمك المهم عطني إياها الحين
وليد : وش تبغى فيها ؟
فيصل : لو سمحت!! ..
وليد ينظر إليها من زجاج غرفتها : نايمة
فيصل : لو سمحت يا وليد
وليد دخل لتفتح عيناها التي لم تنام بعد.
وليد يمد هاتفه : ردي عليه
غادة : ألو
فيصل يضع الهاتف عند إذن ناصر العطشانة لصوتها المخملي ، أنفاسه المتعبة هي التي وصلت لغادة.
غادة : ألو .. مين ؟ ... ألووو
ناصر شعر بتجمد كل شيء حوله ، هذا الكون بأكمله يتجمد في عينيه ، نظر بشتات عظيم يشعر بأنه حلم ويجب أن يستيقظ منه ، بأن نبتة يابسة تقف فوق قلبه وتثقل عليه. سنة وعدة شهور لم يسمع صوتها ، لم يرى ملامحها الثلجية ، لم يلمحها حتى على عجل! يالله كيف لهذه الأيام أن تمر وهي تشطرني نصفين بكل دقيقة تقطعها.
غادة تتحدث مع وليد : هذا مين ؟
أخذ فيصل الهاتف وأغلقه.
ناصر شعر بأن دماغه يغلي بحمم من نار ، هذا ليس بسيط عليه. شعر ببساطة أنه ينهار بصمت مهيب.
فيصل : صوتها ؟
ناصر سقطت دموعه وهو الذي لايخجل منها أبدا. نظر للسقف الأبيض وشعر بأن الحياة تسترد له ، ولكنها تسرق منه نبضات قلب طبيعية ، يختنق ويتحشرج بذكرياته التي تنهمر عليه بدفعة واحدة ، يشعر بأن حشودا أمامه وليس غادة وحدها.
فيصل وقف : بتركك ترتاح وبمرك الليلة .. رقمي عندك إذا أحتجت شي .. تركه دون أن يسمع له جواب.
نزع المغذي الذي على يده ليسجد على الرخام الأبيض ، ألتصق أنفه بإذلال لله وحده. في داخله حديث لا يسمعه سوى الله. " يالله لا أعرف إن كان الأمر طبيعيا ! يالله لا أفهم والله ما يحدث ، عقلي أصغر مما يستوعب هذا الكم الهائل من الأقدار التي هي لحكمة منك لا يعرفها عباد ضعاف النفوس. يالله " بس " لاتجعلهم يخطئون في حقي وأذيق لوعة فراقها مرتين. يالله أنني لم أشفى من غيابها الأول فلا تجعلها مزحة ثقيلة على نفسي من الذين لا أعرفهم وألتمس فراقها مرة ثانية. يالله لا تجعلني أتقلب بجحيم حبها أكثر من ذلك. يالله فقط .. أسألك أن تريح قلبي الذي يحبها.
عاد لسريره الأبيض وهو يفكر من أخذ جسدها العاشق له ليلقيه في مستشفى اخر ؟ كيف يلقيه أصلا ؟ وماذا عن الجثة التي راها عبدالعزيز ؟ أقسم برب هذا الحب لو أنني أعلم أن أحدا خلف كل هذا لأذيقه عذابي وإن كان ضد مبادئي ، سأجرب أن ألعب بالقذارة مثلما يفعلون! لكن ماذا لو كانت ليست هي ؟ يالله . .
ضغطه على عقله جعله يتألم وهو يدفن رأسه بالوسادة ، يكاد هذا الصداع أن يميته.
دخل الممرض المضطرب بمزاجه عندما رأى المغذي ملقى على الأرض : الله يهديك يا ناصر.
ناصر بصراخ وكأنه يلاقي جنونه الان : أتركننني بروحي
: طيب طيب .. أهدا
ناصر بعصبية تحمر بها محاجره : ماراح أهدأ ! ماأبغى أهدأ .. أنا كيفي ماأبغى أهدأ
: يالله .. خرج ليستدعي الدكتور المشرف على حالته.
ناصر بغضب يرمي كل ما حوله وهو لا يفكر سوى بأن " فيصل " الان يمزح معه مزحة ثقيلة! لا يصدق أبدا أنه سمع صوتها. لماذا أنام كل هذا الوقت لدرجة أنني أحلم بأشياء خرافية ؟ أريد أن أستيقظ الان.
هذا حلم .. هذا إسمه حلم
،
الساعة تقترب من العاشرة صباحا.
أغلقت الهاتف بعد أن أستيقظت على خبر ملكتها من ماجد الذي تبغضه ، فعلت ما برأسها بمساندة والدها ، شعرت بحاجتها للبكاء ، أخفظت رأسها وهي تغطيه بكفوفها ، ماأقسى عصيان الأبناء لنا! ماأقساه على قلوبنا نحن الأمهات الذين نتكاثر بقلوب كثيرة. أتكاثر بقلب أبنتي لأضيق على حزنها بضعف ما تضيق وأفرح بفرحها بضعف ما تفرح ، أنا التي أملك قلبها في يساري خالفت أمري! قاسية جدا يالعنود على قلب أمك.
طل عليها : شغلتي بالي ماهو من عادتك ما تصحين بدري!
رفعت عينها المحمرة بالبكاء.
سلطان جلس على الأرض عند ركبتيها : أفا وش هالدموع ؟
حصة : ملك عليها ماجد
سلطان بغضب على هذه الدموع التي تنزل لإنسانة يراها بأنها لا تستحق كل هذا : طيب! خليها تجرب الشي اللي رفضناه عشان تفهم بعدين ليه رفضنا !
حصة : هذي بنتي يا سلطان مو بسهولة أخليها تجرب شي أنا أعرف أنه إختيار غلط
سلطان : وتبكين عشانها !! وإذا بنتك دامها ماأحترمت راي أمها في ستين داهية ، أنا أبي ماجد يسود عيشتها عشان ثاني مرة تتحمل قرارتها
حصة بغضب : لا تدعي عليها !! هذي قطعة من روحي كيف تبيني أشوفها كذا
سلطان بهدوء : اسف! بس بنتك ماتستاهل كل هذا، هذا هي مشت رايها وأنتهى الموضوع! مايستاهل أنك تبكين على شي أنتهى .. خليها تجرب ومهو صاير لها شي عن 10 رياجيل الله يحفظها لك
حصة أبتسمت بزحمة غضبها : قل ماشاء الله
سلطان أبتسم : ماشاء الله ... مسح دموعها بكفيه ...
حصة : مارحت الدوام !
سلطان : إلا بس خلصت شغلي وقلت أجي أجلس معاكم
حصة بقلق : ليه ؟
سلطان : ولا شي بس عشان تتطمنون أكثر
حصة : الله يخليك لنا
سلطان همس : امين ... وقف ليردف ... أنا بسبقك للصالة.
حصة : بغسل وجهي وأجيك
خرج ليبحث بعينيه عن الجوهرة ، صعد للأعلى ليفتح الباب بخفوت وأبتسم على منظرها ، كانت مستلقية على السرير ورأسها منقلب قريب من ملامسة الأرض ، تلعب بخصلات شعرها وهي مغمضة العينين ، تسمع لنفسها اخر اية من سورة هود : ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون.
فتحت عينها لتنظر لسلطان بالمقلوب ، بفزع كانت سترفع رأسها ولكن سقطت على ظهرها.
سلطان : بسم الله عليك
الجوهرة تحك رأسها الذي أصطدم بقوة : جاي بدري!!
سلطان : خلصت شغلي وجيت .. وين وصلتي ؟
الجوهرة : خلصت مراجعة الجزء 12
سلطان : كويس
الجوهرة أنتبهت لبلوزة بيجامتها الملتفة وظاهر منها جزء من بطنها ، سحبتها للأسفل بحرج.
سلطان : خلينا ننزل لحصة تحت
الجوهرة دون أن تنظر إليه : طيب
سلطان ينظر بعينيها وكأنها يخبرها بأن تتقدم وتنزل قبله.
الجوهرة سارت بإتجاه الباب ومن خلفها سلطان ، كانت بكل خطوة لها تشد بلوزتها رغم أن بنطال بيجامتها القطني فضفاض ، ألتفتت عليه وهي تشعر بحرجها من أنه يسير خلفها ، سلطان أقترب حتى سار بجانبها.
حصة أبتسمت عندما رأتهم بهدوء ملامحهم وسكينتها. جلس بجانب عمته : فطرتوا ؟
حصة : لا بس ماني مشتهية .. القهوة تكفي
رفع عينه للجوهرة متسائلا
الجوهرة : إلا فطرت
حصة بإبتسامة : صاحية بدري ومامريتي علي ؟
الجوهرة : لا والله بس رحت أراجع القران وخفت تكونين نايمة لأني ماشفتك بالصالة
حصة : الحين تراجعين وش ؟ يعني مو أنت حفظتيه وخلصتي
الجوهرة : إذا ما راجعت راح أنسى لازم أراجع دايم بس الحين باقي لي جزئين وأخلص مراجعتي الثالثة بعد حفظي
حصة : الحمدلله الله يجعله شفيع لك
الجوهرة : اللهم امين
حصة بسخرية ألتفتت لسلطان : وأنت ليه ما تحفظ ؟
سلطان وهو يشرب من قهوته ، أردف : حفظته من زمان بس لأني قطعت المراجعة نسيته بس الحين الحمدلله حافظ أجزاء كثيرة.
ساد الصمت الثقيل على أنفسهم التي بدأت تمل ، أردف سلطان وبوادر النعاس تأتيه : شكلي راح أنام
حصة بإبتسامة الأم : من زمان مانمت في حضني
سلطان : ولا نخليها في خاطرك .. أستلقى على الكنبة ورأسه في حجر عمته ، خلخلت أصابعها الرقيقة في شعره القصير ، أغمض عينيه والتعب على ملامحه يتضح.
تتأمله على بعد خطوات قليلة ، لو أنها مكان حصة الان ، تلامس شعره وتدلك رأسها ، كم من جرأة تلزمني حتى أكون مكانها وأجعله ينام في حضني ، يالله كم من السعادة التي سأشعر بها وهو نائم بين يدي ، يالله يا أكبر أحلامي التي سقفها لسلطان! في وقت كانت أحلام الصبايا الزهرية لا تكون في أن ينام شخص تعشقه في حضنها! لأنه أمر طبيعي وعادي ولكن ما بيننا يختلف تماما عن كل ماهو طبيعي.
قاطعت سرحانها بصوت خافت حتى لا تزعج سلطان : وش فيك تطالعيني كذا ! سرحانة بأيش ؟
أبتسمت حتى بانت أسنانها : تراه ما نام
أبتسم وهو مغمض عينيه. تضربه حصة على رأسه بخفة : صاحي وأنا قلت الحين راح في سابع نومة
سلطان دون أن يفتح عينيه : جد تعبان مانمت أمس زين
حصة : خلاص بنسكت
تعليق