رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *مزون شمر*
    عضو مؤسس
    • Nov 2006
    • 18994

    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

    ،

    بعد محاولات بائسة ، أنتهت بطارية هاتفها : مافيه شبكة والحين مافيه شحن بعد !! يالله وش بنسوي بهالليل
    عبدالعزيز المرتمي على السرير الضيق : ننام وبكرا يحلها ربك
    رتيل تنظر له بقلق : يا برودك كيف بتنام!!
    عبدالعزيز : تعبان ومانمت أمس كويس يعني طبيعي بنام من التعب ولا بجلس أحط إيدي على خدي وأنتظر أبوك يطير لنا
    رتيل : طيب وأنا ؟
    عبدالعزيز بسخرية : نامي على الأرض ولا ماهي من مقامك
    رتيل تتجه عينها للغرفة التي لا شيء فيها سوى هذا السرير ، حتى أنها خالية من أي كرسي تجلس عليه : من جدك !!
    جلست على طرف السرير لتردف : ماراح أقدر أنام
    عبدالعزيز يغمض عينيه ويضع ذراعه فوق رأسه : أششششش خليني أنام
    دقائق طويلة مرت وهي تراقب السماء من النافذة حتى فزعت من صوت الرعد ،
    عبدالعزيز يزحف قليلا : أظن منتي متينة لهدرجة! يكفيك هالمكان
    رتيل تنظر للمساحة الضيقة : لا والله ؟ عبدالعزيز الله يخليك أجلس معي طيب لين يهدأ الجو ونروح لسيارتنا
    عبدالعزيز يقلد صوتها : الله يخليك بنام ! يكفي أني متكفخ اليوم ورايح فيها فيعني خليني أرتاح
    رتيل وملامح الخوف تظهر بإرتجافة شفتيها : طيب ... نزعت حذائها لتضع الوسادة بينهما : هذا حدك
    عبدالعزيز بإبتسامة : طيب ..
    أستلقت على ظهرها وهي تنظر للسقف ، تعرف أنها في حالات الخوف لن يأتيها النوم.
    عبدالعزيز ينظر لعينيها التي تتأمل : ماراح تنامين ؟
    رتيل بهدوء : ماراح يجيني نوم .. أكيد أبوي الحين يتصل علينا ويحسب أنه صار لنا شي
    عبدالعزيز : أبوك يثق فيني
    رتيل ألتفتت والوسادة تحجب عنها ملامحه ولا ترى سوى عينيه : طيب وأنا ؟ فرضا أحد يدخل علينا الحين
    عبدالعزيز : أولا مستحيل لأن هذا فندق وفيه أمن ثانيا محد يعرف أنه عبدالعزيز هنا ! يعرفون أنه .. وش إسمه .. جاكلي مدري أيش اللي أنا الحين منتحل هويته .. تطمني
    رتيل : طيب جوالك فيه شحن ؟
    عبدالعزيز : إيه وبكرا بنروح ونشوف وضعنا .. أرتاحي ونامي

    ،

    الساعة الخامسة فجرا ، الليل بدأ ينجلي عن سماء الرياض الجافة ، نظر لعينيه التي تفتح بهدوء : الحمدلله على السلامة
    ناصر ببحة الوجع : الله يسلمك
    فيصل بإبتسامة : قلت لأبوك أنك نايم عندي عشان ماينشغل باله
    ناصر بشحوب : كويس.
    بعد صمت لثواني طويلة تسرق من جوف ناصر كل " اه " حزينة باكية. أردف : متأكد ؟ يمكن تشبهها !
    فيصل بكذب مثل ما أخبره الرجل الذي من بعد الله أصلح له حياته : عرفت من فترة وتأكدت من هالشي!! وخذتها وحدة بعد ماعرفت انها وحيدة ..
    ناصر بضيق : كيف ؟ إحنا متأكدين من جثتها ! حتى الدي أن إي عندنا ويثبت جثتها أنه جثة غادة
    فيصل : مزور يا ناصر ! ولا تسألني مين زوره ومين له مصلحة! أنا بس عرفت ولقيت الوقت اللي أجيك فيه قلت لك عنها .. بس عندي لك طلب! عبدالعزيز الحين في شغله بس يرجع الرياض خبره بهدوء لأن هالوقت ماهو مناسب
    ناصر بتشتت تحشرجت الغصات في حديثه : وش يثبت لي أنها زوجتي ؟
    فيصل يخرج هاتفه ليتصل على وليد : ألو
    وليد بصوت ممتلىء بالتعب : هلا فيصل
    فيصل : وينك فيه ؟
    وليد بتنهيدة : بالمستشفى
    فيصل : عندك رؤى ؟
    وليد بغضب : رؤى ! هذي الرؤى تعرف طلعت مين!
    فيصل : بعدين أفهمك المهم عطني إياها الحين
    وليد : وش تبغى فيها ؟
    فيصل : لو سمحت!! ..
    وليد ينظر إليها من زجاج غرفتها : نايمة
    فيصل : لو سمحت يا وليد
    وليد دخل لتفتح عيناها التي لم تنام بعد.
    وليد يمد هاتفه : ردي عليه
    غادة : ألو
    فيصل يضع الهاتف عند إذن ناصر العطشانة لصوتها المخملي ، أنفاسه المتعبة هي التي وصلت لغادة.
    غادة : ألو .. مين ؟ ... ألووو
    ناصر شعر بتجمد كل شيء حوله ، هذا الكون بأكمله يتجمد في عينيه ، نظر بشتات عظيم يشعر بأنه حلم ويجب أن يستيقظ منه ، بأن نبتة يابسة تقف فوق قلبه وتثقل عليه. سنة وعدة شهور لم يسمع صوتها ، لم يرى ملامحها الثلجية ، لم يلمحها حتى على عجل! يالله كيف لهذه الأيام أن تمر وهي تشطرني نصفين بكل دقيقة تقطعها.
    غادة تتحدث مع وليد : هذا مين ؟
    أخذ فيصل الهاتف وأغلقه.
    ناصر شعر بأن دماغه يغلي بحمم من نار ، هذا ليس بسيط عليه. شعر ببساطة أنه ينهار بصمت مهيب.
    فيصل : صوتها ؟
    ناصر سقطت دموعه وهو الذي لايخجل منها أبدا. نظر للسقف الأبيض وشعر بأن الحياة تسترد له ، ولكنها تسرق منه نبضات قلب طبيعية ، يختنق ويتحشرج بذكرياته التي تنهمر عليه بدفعة واحدة ، يشعر بأن حشودا أمامه وليس غادة وحدها.
    فيصل وقف : بتركك ترتاح وبمرك الليلة .. رقمي عندك إذا أحتجت شي .. تركه دون أن يسمع له جواب.
    نزع المغذي الذي على يده ليسجد على الرخام الأبيض ، ألتصق أنفه بإذلال لله وحده. في داخله حديث لا يسمعه سوى الله. " يالله لا أعرف إن كان الأمر طبيعيا ! يالله لا أفهم والله ما يحدث ، عقلي أصغر مما يستوعب هذا الكم الهائل من الأقدار التي هي لحكمة منك لا يعرفها عباد ضعاف النفوس. يالله " بس " لاتجعلهم يخطئون في حقي وأذيق لوعة فراقها مرتين. يالله أنني لم أشفى من غيابها الأول فلا تجعلها مزحة ثقيلة على نفسي من الذين لا أعرفهم وألتمس فراقها مرة ثانية. يالله لا تجعلني أتقلب بجحيم حبها أكثر من ذلك. يالله فقط .. أسألك أن تريح قلبي الذي يحبها.
    عاد لسريره الأبيض وهو يفكر من أخذ جسدها العاشق له ليلقيه في مستشفى اخر ؟ كيف يلقيه أصلا ؟ وماذا عن الجثة التي راها عبدالعزيز ؟ أقسم برب هذا الحب لو أنني أعلم أن أحدا خلف كل هذا لأذيقه عذابي وإن كان ضد مبادئي ، سأجرب أن ألعب بالقذارة مثلما يفعلون! لكن ماذا لو كانت ليست هي ؟ يالله . .
    ضغطه على عقله جعله يتألم وهو يدفن رأسه بالوسادة ، يكاد هذا الصداع أن يميته.
    دخل الممرض المضطرب بمزاجه عندما رأى المغذي ملقى على الأرض : الله يهديك يا ناصر.
    ناصر بصراخ وكأنه يلاقي جنونه الان : أتركننني بروحي
    : طيب طيب .. أهدا
    ناصر بعصبية تحمر بها محاجره : ماراح أهدأ ! ماأبغى أهدأ .. أنا كيفي ماأبغى أهدأ
    : يالله .. خرج ليستدعي الدكتور المشرف على حالته.
    ناصر بغضب يرمي كل ما حوله وهو لا يفكر سوى بأن " فيصل " الان يمزح معه مزحة ثقيلة! لا يصدق أبدا أنه سمع صوتها. لماذا أنام كل هذا الوقت لدرجة أنني أحلم بأشياء خرافية ؟ أريد أن أستيقظ الان.
    هذا حلم .. هذا إسمه حلم

    ،

    الساعة تقترب من العاشرة صباحا.
    أغلقت الهاتف بعد أن أستيقظت على خبر ملكتها من ماجد الذي تبغضه ، فعلت ما برأسها بمساندة والدها ، شعرت بحاجتها للبكاء ، أخفظت رأسها وهي تغطيه بكفوفها ، ماأقسى عصيان الأبناء لنا! ماأقساه على قلوبنا نحن الأمهات الذين نتكاثر بقلوب كثيرة. أتكاثر بقلب أبنتي لأضيق على حزنها بضعف ما تضيق وأفرح بفرحها بضعف ما تفرح ، أنا التي أملك قلبها في يساري خالفت أمري! قاسية جدا يالعنود على قلب أمك.
    طل عليها : شغلتي بالي ماهو من عادتك ما تصحين بدري!
    رفعت عينها المحمرة بالبكاء.
    سلطان جلس على الأرض عند ركبتيها : أفا وش هالدموع ؟
    حصة : ملك عليها ماجد
    سلطان بغضب على هذه الدموع التي تنزل لإنسانة يراها بأنها لا تستحق كل هذا : طيب! خليها تجرب الشي اللي رفضناه عشان تفهم بعدين ليه رفضنا !
    حصة : هذي بنتي يا سلطان مو بسهولة أخليها تجرب شي أنا أعرف أنه إختيار غلط
    سلطان : وتبكين عشانها !! وإذا بنتك دامها ماأحترمت راي أمها في ستين داهية ، أنا أبي ماجد يسود عيشتها عشان ثاني مرة تتحمل قرارتها
    حصة بغضب : لا تدعي عليها !! هذي قطعة من روحي كيف تبيني أشوفها كذا
    سلطان بهدوء : اسف! بس بنتك ماتستاهل كل هذا، هذا هي مشت رايها وأنتهى الموضوع! مايستاهل أنك تبكين على شي أنتهى .. خليها تجرب ومهو صاير لها شي عن 10 رياجيل الله يحفظها لك
    حصة أبتسمت بزحمة غضبها : قل ماشاء الله
    سلطان أبتسم : ماشاء الله ... مسح دموعها بكفيه ...
    حصة : مارحت الدوام !
    سلطان : إلا بس خلصت شغلي وقلت أجي أجلس معاكم
    حصة بقلق : ليه ؟
    سلطان : ولا شي بس عشان تتطمنون أكثر
    حصة : الله يخليك لنا
    سلطان همس : امين ... وقف ليردف ... أنا بسبقك للصالة.
    حصة : بغسل وجهي وأجيك
    خرج ليبحث بعينيه عن الجوهرة ، صعد للأعلى ليفتح الباب بخفوت وأبتسم على منظرها ، كانت مستلقية على السرير ورأسها منقلب قريب من ملامسة الأرض ، تلعب بخصلات شعرها وهي مغمضة العينين ، تسمع لنفسها اخر اية من سورة هود : ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون.
    فتحت عينها لتنظر لسلطان بالمقلوب ، بفزع كانت سترفع رأسها ولكن سقطت على ظهرها.
    سلطان : بسم الله عليك
    الجوهرة تحك رأسها الذي أصطدم بقوة : جاي بدري!!
    سلطان : خلصت شغلي وجيت .. وين وصلتي ؟
    الجوهرة : خلصت مراجعة الجزء 12
    سلطان : كويس
    الجوهرة أنتبهت لبلوزة بيجامتها الملتفة وظاهر منها جزء من بطنها ، سحبتها للأسفل بحرج.
    سلطان : خلينا ننزل لحصة تحت
    الجوهرة دون أن تنظر إليه : طيب
    سلطان ينظر بعينيها وكأنها يخبرها بأن تتقدم وتنزل قبله.
    الجوهرة سارت بإتجاه الباب ومن خلفها سلطان ، كانت بكل خطوة لها تشد بلوزتها رغم أن بنطال بيجامتها القطني فضفاض ، ألتفتت عليه وهي تشعر بحرجها من أنه يسير خلفها ، سلطان أقترب حتى سار بجانبها.
    حصة أبتسمت عندما رأتهم بهدوء ملامحهم وسكينتها. جلس بجانب عمته : فطرتوا ؟
    حصة : لا بس ماني مشتهية .. القهوة تكفي
    رفع عينه للجوهرة متسائلا
    الجوهرة : إلا فطرت
    حصة بإبتسامة : صاحية بدري ومامريتي علي ؟
    الجوهرة : لا والله بس رحت أراجع القران وخفت تكونين نايمة لأني ماشفتك بالصالة
    حصة : الحين تراجعين وش ؟ يعني مو أنت حفظتيه وخلصتي
    الجوهرة : إذا ما راجعت راح أنسى لازم أراجع دايم بس الحين باقي لي جزئين وأخلص مراجعتي الثالثة بعد حفظي
    حصة : الحمدلله الله يجعله شفيع لك
    الجوهرة : اللهم امين
    حصة بسخرية ألتفتت لسلطان : وأنت ليه ما تحفظ ؟
    سلطان وهو يشرب من قهوته ، أردف : حفظته من زمان بس لأني قطعت المراجعة نسيته بس الحين الحمدلله حافظ أجزاء كثيرة.
    ساد الصمت الثقيل على أنفسهم التي بدأت تمل ، أردف سلطان وبوادر النعاس تأتيه : شكلي راح أنام
    حصة بإبتسامة الأم : من زمان مانمت في حضني
    سلطان : ولا نخليها في خاطرك .. أستلقى على الكنبة ورأسه في حجر عمته ، خلخلت أصابعها الرقيقة في شعره القصير ، أغمض عينيه والتعب على ملامحه يتضح.
    تتأمله على بعد خطوات قليلة ، لو أنها مكان حصة الان ، تلامس شعره وتدلك رأسها ، كم من جرأة تلزمني حتى أكون مكانها وأجعله ينام في حضني ، يالله كم من السعادة التي سأشعر بها وهو نائم بين يدي ، يالله يا أكبر أحلامي التي سقفها لسلطان! في وقت كانت أحلام الصبايا الزهرية لا تكون في أن ينام شخص تعشقه في حضنها! لأنه أمر طبيعي وعادي ولكن ما بيننا يختلف تماما عن كل ماهو طبيعي.
    قاطعت سرحانها بصوت خافت حتى لا تزعج سلطان : وش فيك تطالعيني كذا ! سرحانة بأيش ؟
    أبتسمت حتى بانت أسنانها : تراه ما نام
    أبتسم وهو مغمض عينيه. تضربه حصة على رأسه بخفة : صاحي وأنا قلت الحين راح في سابع نومة
    سلطان دون أن يفتح عينيه : جد تعبان مانمت أمس زين
    حصة : خلاص بنسكت

    تعليق

    • *مزون شمر*
      عضو مؤسس
      • Nov 2006
      • 18994

      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

      ،

      بإحدى مستشفيات الرياض النفسية ، يجلس بجانب أخيه النائم بسلام. ملامحه الطفولية لا تناسب أبدا دناءة مافعله بإبنته، لا تناسبه أبدا، حديثه المجهول لإحدى علماء الدين من هاتف عام وبإسم مستعار خشية أن يقبضوا على أخيه/إبنه أيضا. كلمات الشيخ المتفقه بأمور الدين مازالت ترن بإذنه " الله ياجركم في مصيبتكم ، أنا أقترح أنك تعالجه وتنصحه حتى يتوب لله قبل أن يأتيه الموت ويخطفه ، في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم جاء ماعز بن مالك وقال للرسول عليه الصلاة والسلام : طهرني ؟ فقال ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه ... تردد عليه كثيرا حتى سأله فيم أطهرك ؟ فقال من الزنا ؟ .. فعندما قرروا رجمه أنقسمت فرقتين بعضهم يقول هلك بخطيئته وبعضهم يقول أنه ما توبة أفضل من توبة ماعز ، أتى ماعز أمام الرسول صل الله عليه وسلم وقال أقتلني بالحجارة ، بعد يومين وثلاث قال الرسول صلى الله عليه وسلم أستغفروا لماعز بن مالك ، ومن هنا نعرف أن الحدود تسقط في حال التوبة وإن ستر الله عليه وتاب فلا يكشف ستره ويعترف بخطيئته ولكن يبدأ من جديد ولكن إن تاب وأنكشف ستره فالحد له تكفير لذنوبه والله ما شرع الحدود الا حتى يكفرون عن ذنوبهم وإن شاء الله يتقبل توبتهم ولا يكن في صحيفتهم خطيئة بعد أن كفروا الذنب في الدنيا ، أنت تعلم يا أخي أن الذي يكفر عن ذنبه بالدنيا إن شاء الله لا يعذبه في الاخرة. على العموم بما أنه الله رزقه الستر فأنا أسأل الله أن يتقبل توبته ويعود ليعمل لاخرته ويجزم بأن لا يعود لذنبه وتحرم عليه رؤيته لإبنة أخيه بجموع العلماء وإن سألت غيري سيخبرك بمثل ما أخبرتك سدا للفتن ، ولكن إن عاود لمعصيته فهو يسعى في الأرض فسادا ولايجوز الصمت عليه فالواجب التبليغ عنه وأن يطبق عليه الحد الشرعي ، يقول لك الرسول صلى الله عليه وسلم بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف ، فمن وفى منكم : فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا : فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، هذا دليل على أن من ستره الله فليستر على نفسه ويتوب توبة خالصة لله وحده ، يقول الله تعالى : إلا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "
      إما أن تتوب يا تركي وإلا ستلقى عقاب الله الشديد لك ، يالله لو تعلم بأنني رغم كل هذا أريد لك التوبة ، " متى تصحى " حتى تختار طريقك في هذه الحياة.

      ،

      بهدوء الجدية التي تظهر في ملامحه : أنا بس أسألك
      مهرة بضيق ملامحها : شكرا جد أثبت لي مراعاتك لمشاعري
      يوسف تنهد : فهمتيني غلط! أنا بس أبيك تتأكدين لو أمك ماهي واثقة فينا ما قالت تزوجوا بنتي! لأنها أكيد بتخاف عليك وبتخاف من أنك تلحقين أخوك .. صح كلامي ولا لأ ؟ هذا يعني أنه مسألة منصور هي وهم وخرابيط وأمك تعرف هالشي
      مهرة بغضب : تبي تذكريني وش كثر أرخصتني أمي ولا كيف ؟ تحب تنبش بالجروح يا يوسف
      يوسف بحدة : ماأنبش! أنا سألتك بهدوء لكن أنت اللي حولتي الموضوع لشي ثاني
      مهرة بقهر : طيب خلاص أنا اسفة أني أصلا تناقشت معك .. وقفت لتردف ... ممكن تطلع
      يوسف رفع عينه : نعم ؟
      مهرة : شوفتك تنكد علي وأنا أبغى أرتاح
      يوسف وقف : أنا شوفتي تنكد عليك ؟
      مهرة تراجعت قليلا للخلف فهي مهما حاولت تبقى تخاف منه بغضبه ، ألتزمت الصمت.
      يوسف أخذ هاتفه ليخرج ويغلق الباب بشدة معبرا عن غضبه.
      حديث يوسف المنطقي جعل قلبها يتورم بندبات أخرى ، لا تستوعب أن والدتها تخفي عنها امرا كهذا ؟ ولكن مالذي سيجعلها تعلم بأمر يخص الشرطة أيضا ؟ كيف تعرف إن لم يكن هناك شهود من الأساس! كاذب يا يوسف يحاول أن يشوه صورة أمي أمامي.

      ،

      يطرق بأصابعه مكتبه كأنه يعزف على الة موسيقية ، ينظر للأيام التي ستأتي ، حمد ربه كثيرا أن ناصر لم يجن جنونه ولكن يخشى عليه بعد أن يراها ربما تكون ردة فعله عنيفة ، يالله الأهم أنني فعلت ما يجب علي فعله أما البقية فانا أدرك مهما كان الشخص عاقل سيجن إن راها وهي فاقدة للذاكرة ، لكن من المستحيل أن يسيء إليها مهما حدث تبقى زوجته التي يحبها. كيف أمهد لوليد أم أجعله يصطدم مع ناصر لوحده ! من المستحيل أن يتمسك بها إن عرف بأن ناصر زوجها ويحق له أن يقترب منها، ماذا لو نقض وعده لي وأخبر عبدالعزيز ؟ يالله لا يمكنني تخيل الكارثة التي ستحصل.
      : هلا بعريسنا
      أبتسم لوالدته : هلا بأميمتي .. وافقوا ؟
      والدته : إيه وافقوا .. وش فيها عيونك ؟ مانمت ؟
      فيصل : مواصل من أمس ..
      والدته : طيب متى بتروح لهم ؟ كلم عمك وروحوا أخطبوها من أبوها
      فيصل : يمه مو الحين خليها بعد شهر
      شهقت والدته بدهشة : لا يا حبيبي الأسبوع هذا تخطبها رسمي وتاخذ الموافقة وبعدها تحللون وتملكون
      فيصل شعر بالدوار من السرعة التي تتحدث فيها والدته : يمه من جدك !! نملك بهالسرعة طيب بتعرف عليها
      والدته : ماعندنا فترة خطبة وخرابيط! على طول زواج
      ضحك ليردف : طيب بس بين العرس والملكة راح تكون الفترة..
      قاطعته والدته : بتتزوجها الحين
      فيصل : يمه وراه الإستعجال فيه أحد يتزوج بهالسرعة !!
      والدته : أيه عندنا تتزوج بهالسرعة ! مو تقول أنك بتسافر خلاص خذها معك وسافر
      فيصل : يممه الله يحفظك لي وش دخل ! عادي أسافر وأرجع لها
      والدته : طيب ليه تحب تعكر علي ؟ خير البر عاجلة

      ،

      جالسات في حديقتهم المنزلية والعصر يقترب من سمائهم والأجواء معتدلة تماما في الرياض.
      هيفاء : وتبين تطلعين بس عشان كذا ؟
      نجلاء : هيفا حسي بشعوري ! يعني كل حركاتي لازم علي طرحة وإذا أبي شي بليل من المطبخ أضطر أغير لبسي عشان أنزل .. يعني مارتاح
      هيفاء : إيه عارفة! طيب الدور الأول في مساحة من ورى لو تبنون لكم جناح ويكون كامل ومنعزل عن البيت لأنه منصور مستحيل يطلع
      نجلاء تنهدت : مدري يا هيفا جد متضايقة من هالوضع كثير وأخوك يحسبني عشان مهرة
      هيفاء : تعرفين الموضوع حساس بينه وبين يوسف ومايحبون حتى يتكلمون فيه
      نجلاء : طيب أنا ما قلت شي ! بكيفها هي خلها تسوي اللي تبيه لكن أنا تهمني راحتي
      هيفاء بضحكة : للحين تكرهينها ؟
      نجلاء تغيرت ملامحها للضيق : تكفين هيوف اللي يقول أنها سوت شي حلو بحقي عشان أحبها! ماتهمني لا أحبها ولا أكرهها
      هيفاء : حسني علاقتك معها والله تراها طيبة وبعدين أسلوبها بعد الحمل هاجد وحبوب
      نجلاء : ما تمر من هنا *تشير لعنقها*
      هيفاء : خليها تمر يختي! يعني فرضا منصور عيا ومستحيل تطلعون بتجلسين تقابلينها دايم فحسني علاقتك معها ..
      نجلاء : مين غلط بالبداية ؟ هي ! خليها هي تجي تعتذر وذيك الساعة أفكر
      هيفاء : أعوذ بالله حريم ما يتصافون لو بعد 100 سنة .. شوفي يوسف تهاوش ويا خالد مدري نايف وبنفس اليوم تصالحوا
      نجلاء : عاد الله خلقنا كذا ! ماأعرف أعتذر إذا أنا ماني غلطانة
      هيفاء : نجول والله حتى كلامك معها كان غلط من بدايته يعني إثنينتكم غلطتم
      نجلاء : بالله سكري الموضوع لأنه ينرفزني

      ،


      تنظر إليه بتوتر وقلق معا ، لم تفهم لم سؤاله مفاجىء لها ، شعرت بأن قلبها ينقبض بلهجته : مو مسألة خايفة بس فاجئتني
      ريان : لو واثقة من نفسك ما يضرك أني أشوف جوالك
      ريم تمد هاتفها لها : شف بنفسك
      ريان : لا خلاص ماأبغى دام من أولها رفضتي وكأنك ماتثقين فيني
      ريم : لا طبعا! أنت اللي بطلبك حسستني أنك ماتثق فيني
      ريان : طبيعي ما عندي ثقة فيك .. توني أعرفك ماصار لنا حتى شهر
      أندهشت حتى أتسعت محاجرها : بس .. يعني حتى لو ما صار لنا لكن فيه بيننا ثقة
      ريان : ماأثق بالناس بسهولة ! بالعشرة ممكن أثق فيك
      ريم شعرت بأنها ترتبك أكثر مما ينبغي ، ولكن أن تواجه هذا التصرف لأول مرة في حياتها الزوجية يجعل وجهها يحمر من ربكتها.
      ريان وكأنه يكتشف شيئا : ليه أرتبكت ؟ لو أنك واثقة من نفسك ماترتبكين
      ريم بمثل حجته ترد : لأني ما صار لي معك إلا كم يوم أكيد بكون متوترة في سوالفنا
      ريان : هذا شي وهذاك شي ثاني! ماله علاقة أنك ترتبكين كذا
      ريم : قلت لك شف جوالي وتأكد من نفسك بس لا تحقق معي كذا
      ريان بحدة مالت للصراخ : لا تكلميني بصيغة الأمر ماني أصغر عيالك
      ريم وقفت لتتجه لغرفتها وتدفن وجهها المحمر بوسادتها ، أنفجرت ببكائها من غضبه عليها ، لم تجرب شعور أن يغضب أحد عليها بهذه الصورة ، لم يشك بي هكذا ؟ شعرت بأن حياتنا ستبدأ بالإزدهار ولكن عاد لمثل مزاجه في أول يوم من زواجنا. يالله لم كل هذا ؟ لا يشك احد إلا لأن لديه علاقات سابقة! شعرت بوخز في يسار صدرها .. يكلم وصاحب فتيات ! لا يالله ! مستحيل .. مستحيل يكون من هذه الفئة. ولكن هم الفئة الوحيدة التي تتمتع بالشك.

      ،

      فتحت عينيها بتثاقل بعد أن أخذهم النوم في غرق عميق ، حركت رأسها التي تشعر بأن كتلة حديد تحط عليه من ثقله ، وضعت يدها بجانبها بإنغماس حقيقي بالنعاس لتشعر بأزارير صغيرة تلامس أصابعها ، فزعت لتستوعب أنها تنام على صدره ، رمت عليه الوسادة الواقعة عند أقدامهم والتي كانت بالأمس تفصل بينهما : ما ينوثق فيك
      عبدالعزيز فتح عينيه وببحة النوم : انا في مكاني انت اللي تحركتي يا قلق
      رتيل تنظر لنفسها وفعلا هي من تحركت من مكانها ، بحرج تبرر : لأن السرير صغير طبيعي بتحرك .. وأتجهت نحو الحمام لتجعل عبدالعزيز يمدد ذراعيه بإرهاق من النوم على سرير ليس وثيرا بما يكفي ، شعر وكأنه ينام على قطعة خشب.
      نظر للنافذة والسماء الغائمة ولكن واضح أن المطر أنقطع. أخذ هاتفه ليصدم بإنتهاء بطاريته. تنهد بأفأفة ليتجه نحو الحمام ، خرجت رتيل وهي تبحث عن هاتفه : عبدالعزيز وين حاط جوالك ؟
      ثواني طويلة حتى خرج عبدالعزيز وهو ينشف وجهه من البلل : جوالي مافيه شحن
      شهقت بخوف : كيف يعني ؟
      عبدالعزيز : الحين بنمر أي محل نشتري شاحن ونشحنه
      رتيل بتوتر : ياربي .. ليه كذا
      عبدالعزيز يأخذ أغراضه ويقلد صوتها الناعم : ماندري ليه كذا ! وش نسوي نضرب الطريق اللي خلانا نجي هنا
      رتيل تلملم أغراضها في حقيبتها : ها ها ها ظريف مررة .. طيب معقولة أبوي للحين مقدر يوصلنا !
      عبدالعزيز : غطي شعرك ولا يكثر
      رتيل تأفأفت لتخرج خلفه وهي تقلد صوته بكلمات غير مفهومة ولكن تشبها باللغة الفرنسية.
      عبدالعزيز ألتفت عليها : لو يشوفك أحد بيتفل بوجهك على اللغة
      رتيل أبتسمت وهي تشير لرأسها : كيفي
      عبدالعزيز : الحمدلله والشكر ! تعيشين طفولة متأخرة يا قلبي أنت
      رتيل كانت ستعلق لولا أنها عطست ليحمر وجهها وتدمع عينها : الحمدلله
      عبدالعزيز : يرحمك الله
      رتيل : يهديك الله ويصلح بالك .. شكلي مرضت
      عبدالعزيز : كلنا مرضنا ..
      سلم مفتاح الغرفة للإستقبال ، خرجا وهم يبحثون عن محل للهواتف. أستنشق رائحة الخبز الفرنسي وفز قلبه له : لحظة بناكل
      رتيل : رايق مرة ! يعني تدري اننا ضايعين
      عبدالعزيز يتجاهلها متجها للمخبز : وإذا ؟ يعني أحرم نفسي من الأكل! طيب ماتبين تاكلين أحسن
      رتيل تشعر بالجوع ولكن أنحرجت من أن تتراجع عن موقفها لذلك ألتزمت الصمت.
      عبدالعزيز بخبث : ها غيرتي رايك ؟
      رتيل : لا ماني مشتهية
      عبدالعزيز يشتري لنفسه دونها، وأخذ قارورة عصير برتقال طازج : يالله دوري على محل جوالات ماعلى اكل ..
      رتيل : بتتركني ؟
      عبدالعزيز بتلذذ بطعم الخبز المحشو بالشوكلاته وإغاضة لها : بمشي معك بس ماأعرف أركز وأنا اكل
      رتيل تنهدت لتبتسم بعد زمن : فيه شي جميل على خشمك
      عبدالعزيز يأخذ منديلا ويمسح أنفه
      رتيل : مانسيتها يوم أحرجتني وقتها سبحان الله الله ما يضيع حق أحد
      عبدالعزيز ضحك ليردف : على الأقل ماأنحرجت زيك
      رتيل : طبيعي بنحرج بس أنت وجهك مغسول بمرق
      عبدالعزيز يبعد الفطيرة عنه للأعلى لتسيل الشوكلاته بداخل فمه.
      رتيل بغضب : لو أبي راح أشتري بدون لا تحرني وتقول أني أعيش طفولة متأخرة وماتشوف نفسك
      عبدالعزيز صخب بضحكته : لذيذة .. هذا أكثر شي فقدته بالرياض
      رتيل : مافيه محلات هنا
      عبدالعزيز ألتفتت ليرى اللوحات ووقعت عيناه لرجل يشابه أولئك الرجال. ثبت عينه في عينيه ، شعر بأنه يتوعده بنظراته.
      تمتم وهو يلامس جيوبه : نسيت سلاحي!
      رتيل بغير فهم : طيب ؟ خلنا ناخذ شاحن ونشحن عندهم ونرجع للسيارة لين يجي أبوي
      سحبها من يدها وبخطوات سريعة بدأ يسير و . . .

      ،

      يراقبها من بعيد ، يشعر بأنها تحس به ، تفهم بأنه على بعد خطوات يكون هو ، أنا أثق بحبك لي من هذه الإلتفاتات التي تشعر بمراقبتك لي ، ياليتك تفهمين يا عبير أنني أحبك بشدة ، بأكثر من كلمة " بشدة " يالله كم يلزمني من كلمة تصف جنوني بك ، كم يلزمني يا عبير ؟
      عبير : يعني بتروحين!
      أفنان ببهجة : إيه نهاية هالأسبوع أستلم شهادتي ، وأصلا حاجزة تذكرة العودة من الدمام
      عبير : كويس ، الله يوفقك
      ضي المنشغلة بحال رتيل : جوالها طافي
      عبير : أبوي راح لهم
      ضي : إيه بس رجع لأن الطرق اللي بالشمال مسكرة .. الله يستر لا يكون صاير لهم
      عبير : لا إن شاء الله ..
      بخوف بدأت تفكر ، رغم نزاعاتهم ومشاكلهم المتكررة ولكن لا تتحمل بأنها تفقد أختها وصديقتها وكل حياتها.
      تنهدت وهي تجلس على كرسي المقهى الذي على الرصيف. وقعت عيناها مرة أخرى لمثل الرجل ، أختى بغمضة عين ليجعلها تشك بداخلها ، هل رأته أم تتوهم ؟

      ،

      رفع عينه بتثاقل ، والغطرسة تظهر على ملامحه : قلت لي مين ؟
      بلع ريقه بخوف : بنت عبدالرحمن ال متعب الله يسلمك
      رائد يزفر دخان سيجارته : بنته !! وفارس ؟
      شعر بأن الأرض تهتز من تحته : إيه طال عمرك
      رائد بهدوء : وين فارس ؟
      : طلع يتمشى من ساعة
      رائد : و من متى هالعلاقة ؟
      : من سنة ونص تقريبا
      رائد بسخرية : حلو .. من سنة ونص وأنا اخر من يعلم
      : تونا نعرف طال ع
      قاطعه بعصبية وصل صوته الغاضب لكل جزء في الشقة : جب لي فارس الحين لا أقصر لك هالعمر

      ،

      الساعة تقترب من التاسعة مساء ، أتصل عليه بحزن يلامس أطراف يده : أحجز لي بأسرع وقت ، لو مافيه رحلات شف لي ترانزيت .. أبي هاليومين أكون في باريس.

      ،

      فتح عينه على صرختها التي ضجت أركان البيت ، أستعدل بجلسته من الكنبة التي كسرت ظهره : الجوهرة !!!


      .
      .


      أنتهى البارت

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

        لفقد أبي وأمي والحبيبين
        هل سأراهم أم أن ذلك بعيد
        أبكيت عينيي الحزينتين
        ماهذا الذي تقوله ياوليد؟
        هذا الذي أعرفه أرجوك لا تبكين
        هل ترى أن قلبي من حديد
        أنا مثلك مصاب ولأجلك حزين
        لا تلمني كل يوم همي يزيد
        عند لقائك بزوجك قد ترتاحين
        وأهلي وأخي وأختي ياوليد؟
        اصبري وأن الله مع الصابرين
        وهل عبدالعزيز مات أم فقيد
        أدعي لهم بالمغفرة ولا تجزعين

        * وصف المشاعر.





        رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
        الجزء ( 56 )


        فتح عينه على صرختها التي ضجت زوايا البيت و حفرت بغشاء أذنه إبر حادة الحواف ، أستعدل بجلسته من الأريكة التي كسرت ظهره ليتمتم بإستيعاب لما سمع : الجوهرة !!
        بخطوات سريعة صعد للأعلى وأفكاره تضيع بين أشياء كثيرة لا يستطيع التركيز بها إلا أنه يثق تماما بالحراس المحاصرين البيت تماما والحي بأكلمه ، ثبتت أقدامه على الدور الثالث لينظر لحصة المعانقة للجوهرة وتحاول أن تهدئها ببعض الكلمات الناعمة.
        سلطان نظر لعائشة الواقفة عله يلتقط شيئ يفهمه ولكن سرعان ما أنسحبت الأخيرة بخوف يتجعد بملامحها ، جلس على الأرض بالقرب من عمته ليهمس : وش صاير ؟
        حصة لم تجيبه وأكتفت برسم علامات تنشط بها عقل سلطان الناعس ، بصوت ثقيل : طيب .. الجوهرة
        حصة وقفت لتتركها : بروح أسوي لها شي يخليها تسترخي ..
        ضغطت بيديها على ركبتيها المتلاصقتين وشعرها يتناثر على وجهها المنجذب للأرض التي لم تبتسم لها يوما، أكان ثقيلا على هذه الأرض أن تزكي عن نفسي الحزينة وتعطيني قطعة منها لا تعرف للبؤس جوا ؟ هذه الأرض مازالت تمارس ضياعها في قلبي الذي بحجم الكف ! أكان لزاما عليها أن تضيع وتضيعني معها.
        سلطان عقد حاجبيه ، أبعد خصلات شعرها بأصابعه : ماراح تقولين لي وش فيك ؟
        الجوهرة بإختناق : أبي أبوي
        سلطان : أدق عليه ؟
        الجوهرة بنبرة تحشرج بها البكاء : أبي أرجع بيتنا
        سلطان بهدوء : أنت في بيتك
        الجوهرة رفعت عينها له لتضغط على شفتها السفلية بأسنانها العلوية وكأن هذه الطريقة الطفولية ستمنعها من البكاء، لا أعرف لم نجاهد أن نمثل اللامبالاة ونحن خلقنا من تراب قابل للتطاير والصمود ، لسنا من حجر حتى نتحلى بالجمود على الدوام.
        سلطان بحدة باغتت نبرته : وش صاير لك ؟
        الجوهرة تنظر لم حوله ، ليسترجع عقلها عائشة التي صدمتها بالأعلى حتى خيل لها أنها سعاد، ذاك الوجه البشوش الذي رأته بإحدى الصور التي تجمعها مع سلطان، أتت صرختها بعنفوان الدهشة والخوف، أتت بحدة الحب الذي ينمو في داخلها دون حاجتها لحنان/إهتمام يحفز هذا النمو، روحها عطشى منذ أن ولدت لم يتغير شيء، تستطيع التكيف بجو سلطان الصحراوي الذي يشتد بضراوته، قادرة أن أتحمل ولكن هذا الحب الذي يكبر يوم عن يوم يزداد بحدة أطراف النبات الذي يعشعش بأرضك يا سلطان.
        الجوهرة : وش صاير!! أبد سلامتك .. وقفت ليسحبها من معصمها بغضب حتى سقطت بجانبه. لو أن أحدا غيرها لن يصرخ بهذه الحدة أو حتى لن يخاف من إصطدامه بشخص ما، لكن أنا ؟ دائما أختلف عن البقية حتى في خوفي، أخشى أن يأت يوما أخاف به من ظلي.
        أردف رافعا حاجبه بحدة : هالأسلوب ما يمشي معي
        بربكة الحواس شتت نظراتها التي ترمش بتناسب طردي مع نبضات قلبها المتصاعدة.
        سلطان بصيغة أمر بالجواب : وش اللي صار تو ؟
        الجوهرة بقهر تراقص على نبرتها : دلع بنات ما يهمك
        سلطان بحدة أكبر : وش اللي صار تو ؟
        الجوهرة رفعت عينها للسقف حتى تمنع الدموع من التساقط وبخفوت كأنها تحادث نفسها : كنت أشوف صور زوجتك وعلقت في بالي بعدها طلعت لي عايشة ... و
        يقاطعها : مين زوجتي ؟
        الجوهرة ثبتت نظراتها به لتغرق في حصون عينه ،أصطدم قلبها بقوة في صدرها الرقيق : مين عندك غيرها ؟
        سلطان بهدوء ملامحه : ما أعرف إلا وحدة
        الجوهرة شعرت بوخز الإهانة في عنقها الذي بقي خاويا بعد تجمع الضربات في صدرها، ألتزمت الصمت لتنظر لعينيه.
        أكمل وهو يقف : تعرفينها ما يحتاج أقولك
        مد يده لتعانق كفها وتقف من على الرخام البارد، سحبت كفها لتردف بضيق حروفها التي لاتنطق عادة : أبغى أروح لأهلي
        نزل بخطوات باردة تشبه برود أعصابه الان : طيب
        الجوهرة : أكلم أبوي ؟
        سلطان ألتفت عليها : لا وهالموضوع لا ينفتح
        بغضب أتى ناعما كخامة صوتها الرقيقة : بتمنعني عن أهلي ؟ أنا برتاح!! تعبت نفسيتي من هالبيت وهالمكان
        سلطان : تعاملي مع مشكلتك بنفسك
        الجوهرة تقف عند اخر عتبة من الدرج في الطابق الثاني، بمقابل جناحهم : مشكلتي هي مشكلتك!! توك تقول زوجتي يعني مسؤول عني
        أبتسم وهو يستفزها ببروده : مسؤول عنك؟؟
        الجوهرة تستقيم بظهرها لتتضح قوتها بمثل مفهومها : إيه رضيت ولا ما رضيت أنت مسؤول عني، إسمي زوجتك وعلى ذمتك سواء برغبة منك أو لا
        سلطان : شكرا على الدرس الأخلاقي .. وأتجه نحو غرفتهما لتلحقه ومازالت دموعها تبلل ملامحها الدافئة.
        أردفت : ليه تعاملني كذا ؟
        سلطان يفتح أزارير قميصه متجها لدولابه : كيف تبيني أعاملك ؟
        الجوهرة : لا تتناقض وبيكفيني هالشي
        سلطان رفع حاجبه : تناقضت!!!
        الجوهرة بحرج بدأت تنظر لكل الأشياء ماعداه.
        سلطان الذي يخشى أن يتعرى بقلبه أمامها أردف : لازم لي أصحح لك معلوماتك
        الجوهرة بحدة موقفها : طيب صحح لي ؟
        سلطان تنهد : خلينا ننهي هالنقاش عشان عيونك لا تبكي أكثر
        الجوهرة نظرت إليه بسهام حادة تخترق عينيه الواثقة ، أردفت وهي تمسح دموعها المترسبة على ملامحها : أبكي؟ أنا لو أبكي تأكد أنه ماهو عشانك! أبكي على عمري اللي ضاع معاك
        سلطان بتجاهل : كان الله في عونك

        ،

        الساعة تقترب من التاسعة مساء ، أتصل عليه بحزن يلامس أطراف يده : أحجز لي بأسرع وقت ، لو مافيه رحلات شف لي ترانزيت .. أبي هاليومين أكون في باريس.
        فيصل : أبشر الحين أدور لك حجز
        ناصر بضيق : أنتظر منك رد .. وأغلقه دون أن يسمع جواب ، ينظر للسواد الذي يحيطه بعد أن شعر بأن الحياة تتذبذب بلزوجة أسفل قدميه، لا يستطيع أن يتزن أبدا أو يصدق أن قلبها مازال ينبض إلا حينما يلامس قلبها بيده ويتحسس نبضاتها بعناقها، أحتاج أن أراها بصورة حسية تحرك ذاكرة القلب كيفما تشاء، أحتاج ان أستسلم لهذا العالم حتى يبعد عني " بياخته " الملازمة له في تشتيت طرقنا. أحتاج أن أحيا على عين غادة وقلب غادة ورائحة غادة وكل غادة.

        ،

        يسيران بخطوات سريعة طويلة ، يخرج هاتفه المغلق حتى يعكس بشاشته صورة الرجل البعيد جدا ولكن مازال يلاحقهم، أخذ نفسا عميق ليردف بصوت خافت : لو صار شي ترجعين لنفس الفندق وتخترعين أي كذبة عشان تدخلين الغرفة قولي أنك نسيتي جوالك أو أي شي.. وأتصلي على فندقكم بباريس من تليفون الغرفة وكلمي أبوك... أخرج من محفظته بطاقة فندقهم .. هذا رقمكم ...
        رتيل بتشتت : وأنت ؟
        عبدالعزيز : معاك بس لو صار شي تعرفين كيف تتصرفين!
        رتيل بربكة : طيب ...
        عبدالعزيز ينظر لمحل الهواتف : أدخلي وأشحني الجوال بس 10 دقايق يكفينا
        رتيل بهدوء دخلت بينما عبدالعزيز واقف ينتظرها بالخارج ويراقب أفكارها التي بدأت تخيط بحيلة حتى يهرب.
        إلتفاتاتها الكثيرة تفضح خوفها الذي يداعب شفتيها المتشققة بفضل أسنانها المرتبكة : شكرا .. بعد أن مرت أقل من 10 دقائق ، أنهالت عليها الإتصالات الفائتة : بتصل على أبوي
        عبدالعزيز مسكها من معصمها ليدخلان طريقا فرعيا مقارب من نهر السين الذي تعتبر هي عاصمته.
        رتيل بخوف : ما يرد !!
        عبدالعزيز : على مقرن ؟
        رتيل بدأت أنفاسها الخائفة تتصاعد : ماعندي رقمه الفرنسي .. نسيت لا أحفظه لأنه غيره أول ما وصلنا
        عبدالعزيز : عبير .. مرت أبوك .. اي أحد !!
        رتيل أصابعها المرتجفة تخطأ في كل مرة ، باغتها إتصال والدها لترد بصوت متلهف : يبه
        عبدالرحمن : وينكم ؟
        رتيل : في روان
        عبدالرحمن : طيب الطريق مسكرينه أنتظروا بالسيارة للغروب وبعدها راح نجي
        رتيل بربكة كانت ستتحدث لولا يد عبدالعزيز التي سحبت الهاتف : هم في روان !!
        عبدالرحمن تنهد : مافيه طريق ثاني يوصلني ل روان طيب! عز حاول قد ما تقدر تروح لاي مكان امن بس لين الغروب وساعتها إن شاء الله بنكون عندك
        عبدالعزيز بغضب : سلاحي بالسيارة اللي تعطلت ومعاي رتيل وفيه واحد يلاحقني! وش أسوي ؟ فرضا كان مسلح بجلس أدافع عن نفسي بأيش ؟
        عبدالرحمن بمثل غضبه : طيب أنا وش أسوي ؟ رحت مرتين والشمال كله مسكرينه ..
        عبدالعزيز تنهد بعد صمت لثواني : وش صار مع رائد ؟
        عبدالرحمن : ماعندنا خبر عنه لكن أكيد الحين شاك فيك لأنك خلفت بالموعد بدون لا تبلغه .. بس تجي نشوف لنا عذر له
        عبدالعزيز : طيب ..
        عبدالرحمن : الله يحفظكم بعينه اللي ما تنام .. أنتبه لنفسك ولا تروح لمناطق فاضية .. خلك بمركز المدينة
        عبدالعزيز : إن شاء الله .. وأغلقه ليردف : أغلقيه عشان ماينتهي شحنه
        رتيل : بننتظر لين الغروب ؟
        عبدالعزيز : أيه .. نظر للسماء التي تنبأ عن مطر سيزور الأرض قريبا، تبللت فرنسا بأكملها هذه الأيام، والأكيد أنها تزور قبر أحبابي، ماذا لو كان هناك شيئا يجعلني أتحسس ما بهم وهم نائمين بسلام منذ عام وأكثر؟ يالله لو أن الطرق تقودني لهم الان؟ أنا في أشد أحزان هذا السماء أتذكركم. يالله لو يأتيني حلم سعيد يجمعني بكم ، أن يأتيني عيد أبيض يجعلني أبتسم فقط. إلهي! " وش كثر " أنا مشتاق وبي من الحنين حد الهذيان.

        تعليق

        • *مزون شمر*
          عضو مؤسس
          • Nov 2006
          • 18994

          رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

          ،

          دفعه بقوة حتى أسقطه على كرسي من جلد أسود، شده من ياقته بعد أن شطر ظهره نصفين إثر ضربته له ، صرخ به : تبي تجنني!!
          فارس الذي نزف من أسفل شفتيه ألتزم الصمت لا يجيد التجادل مع والد غضبه يشبه ريح تقتلع كل من مرت به.
          رائد بغضب ترك ياقته ليعود لمكتبه ويخرج سيجارة يدرك أنها لن تطفىء النار التي توهجت بصدره ، منذ متى والأشياء المحرمة تطفىء شيئا غير طريق الطاعة ؟ أدرك تماما أن ما بين أصبعي نار يتحرك وأنا أزيده إشتعالا : من متى تعرفها ؟
          فارس بهدوء مشتتا نظراته : سنة و 7 شهور
          رائد : والخيبة والله
          فارس : ما ضريتك ولا ضريتها !
          رائد بصراخ : تاكل تراب !! هذا اللي ناقص بعد قل أنك تحبها ومهتويها عشان أهفك ب ذي *أشار لطفاية السجائر*
          فارس جلس على الأريكة الوثيرة دون أن ينطق شيئا وهو يسحب منديلا يمسح به دماءه.
          رائد ينظر إليه مستغرقا جل وقته ليردف : كيف عرفتها ؟
          فارس : لما أرسلتني للي يستأجر مزرعة بوسعود
          رائد وهو ينفث دخانه : كنت حاس ..
          فارس : قدرت أفتح الغرفة وكانت غرفتها
          رائد بسخرية : خروف !!! حبيتها من صور
          فارس نظر لوالده بحدة : ماهو من صور!
          رائد بحالمية صوته الساخر : إيه أطربني كيف حبيتها ؟
          فارس متجاهلا سخريته ليثقل من نبرته الرجولية : أعجبت فيها وبديت أفكر .. يعني أفكر فيها دايم وأنت يا يبه ما مليت حياتي بشي عشان أفكر بشي ثاني !! بسهولة قدرت تسيطر على عقلي ، ورجعت للمزرعة مرة ثانية وقمت أفتش بغرفتها لين شفت رقمها و .. الباقي ما يهمك
          رائد بإبتسامة : مراهق!!
          فارس : تستهين بالحب كثير لأنك ما جربته
          رائد يطفىء سيجارته : إلا مجربه مع أمك الخيبة الثانية !! وعارفه زين .. وبنت عبدالرحمن تدري وتحبك بعد هالخيبة الثالثة ؟
          ضحك فارس من وصفه ليردف : لا
          رائد : كويس والله! تعجبني الدراما اللي معيش نفسك فيها
          فارس بجدية : لو ما شفتها كان صدق كنت خروف وراك يا يبه
          رائد : يعني حبك لها عزز رجولتك ؟ ماشاء الله عليك تقتلني بهالرجولة !!
          فارس : لك قناعاتك ولي قناعاتي
          رائد بنظرة شك : وبس؟ مجرد مكالمات!!
          فارس أبتسم بإنتصار خفيف : رجالك ما قصروا معي
          رائد عض شفته بغضب وقبل أن يردف شيئا باغته صوت فارس الممتلىء بصخب الرجولة : إذا أنت ذكي أنا أذكى منك يبه وإذا حمد يحاول يتشيطر علي فهو غلطان!! يحزني والله أني أعرف كل أمور شغلك ويحزني أكثر أنه رجالك ما ينوثق فيهم وعلى فكرة السجن الأنيق اللي كنت ساكن فيه طلعت منه أكثر من مرة وبغباء فادح من حراسك وأزيدك من الشعر بيت .. كل أمور عبدالرحمن ال متعب عندي ولأنك للأسف فشلت بأنك تلقى لك جواسيس عندهم أنا قدرت ألقى لي !! شايف الفرق بيني وبينك ؟ أنا مراقب كل شي لكن ماأضر أحد أما أنت ماتدري وش صاير في الدنيا وتضر العالم بكل همجي
          لم يكمل من الطفاية التي أتت بجانب حاجبه الأيمن حتى خدشته بقوة. وقف متجها إليه وهو يعلم أن فارس يحاول أن يتمرد عليه ولكن حذاري أن يكون بهذه الصورة.
          وقف أمامه والدماء تقطر من جبينه : أنا قابل بأنك تضربني وتمسح في كرامتي الأرض! لكن تأكد أنه عمري ما راح أضرك أو ممكن أفكر أني أضرك حتى لو عشان اللي حبيتها واللي مستهين في حبها !! .. مستعد أخسر كل شي ولا أخسرك لكن أنت مستعد تخسر هالعالم كله بس ما تخسر مصلحتك !! وهالفرق يا يبه يذبحني !
          رائد أخذ نفسا عميقا و لا يفصل بينه وبين إبنه إلا خطوات ضئيلة ، تراجع للخلف ليجلس : مين اللي يوصلك المعلومات ؟
          فارس : راح
          رائد بحدة : فارس لا تلعب معي!!
          فارس : والله سافر
          رائد : كم مرة رشيتهم ؟
          فارس ضحك بسخرية على حاله : بالشهر 5 مرات يمكن ..
          رائد : وبمقابل كم ؟
          فارس : الفلوس اللي تحطها لي كل شهر ما اصرف منها شي
          رائد : وحمد ؟
          فارس بخبث : اللي وصله لك قادر يوصله لغيرك
          رائد : أوكي يا ولد الكلب
          فارس نظر لوالده بإستغراب شديد من وصفه الأخير.
          رائد بغضب جنوني : إيه أنا كلب يوم خليتك مع الحمار الثاني!!
          فارس بهدوء جلس بمقابل والده ليردف : يبه ،
          رائد بحدة يقاطعه : أنقلع عن وجهي لا أرتكب فيك جريمة
          فارس تنهد ليعود لصمته وينظر لوالده ، مازال جالسا وكأنه يريد أن يخفف عنه هذا الغضب.
          أستمرت الدقائق ليعود رائد لسيجاراته وغضبه الذي ينفثه ، يقطع عقرب الساعة الثواني ويثير رتابتها. ألتفت لإبنه : وش تعرف عن عبدالرحمن ؟
          فارس : فيما يخص بنته بس
          رائد : كذاب!!
          فارس بلع ريقه ليردف : بخصوص شغله ماأعرف شي
          رائد ببرود : صدقتك
          فارس: قلت لك يبه مستحيل أضرك بشيء يعني لو أعرف أي شي بقولك
          رائد : مشلكتي أثق فيك تربيتي وأعرفك زين بس الكلاب شغلهم عسير معي!! اجل قلت لي 5 مرات بالشهر ترشيهم
          فارس ضحك ليردف وهو يقبل كتفه القريب منه : للأمانة اخر شهرين بطلت رشاوي!
          رائد بإبتسامة تشبه سحر إبنه : عاد تركت هالعالم ومالقيت الا بنته !
          فارس : قدر إلهي مالي سلطة عليه

          ،

          سار بخطوات خافتة إليها، شيء ما يجذبني إليك وأكثر مما ينبغي تساق أقدامي إليك ، جلس بعد أن شعر بهدوء بكائها، لا يعرف لم يجرح وبمثل الوقت يود أن يراضي ويطبطب الجروح الطرية ، تشتت أفكاره ليلفظ بين زحمتها صوت هادىء : ريم
          لم تجيبه مازالت تغرز رأسها بالوسادة القطنية، شعرت بضياع حقيقي فلا أحد يستطيع أن يواسيها أو حتى يخفف عنها وطأة حديثه أو ربما ينصحها، يخبرها بما يجب أن تفعله الان. تشعر بالوحدة/الوحشة.
          كرر إسمها الذي يمر بإنسيابية على لسانه : ريم
          أدخلت أصابعها في ضيق المساحة التي تفصل بين وجهها والوسادة، لتمسح دموعها الشفافة ، ألتفتت عليه لتستلقي على ظهرها وتنظر له.
          ريان بإتزان : صلي العصر بالأول بعدها نتكلم
          ريم ببحة : جمعتها مع الظهر
          ريان تنهد : طيب .. قومي
          ريم أستعدت بجلستها لتسند ظهرها على السرير : أنا كذا مرتاحة
          ريان : طيب .. بغضب أبتعد متجها للتسريحة ، أخذ هاتفه ومحفظته ليخرج مغلقا الباب بشدة تخدش قلبها الرقيق، لم يفعل كل هذا ؟ من من حقه أن يغضب ؟ أليس أنا ؟ الذي شك بي وكأني لاأنتمي لخلق حسن واحد! لا أعرف لم مزاجيته متغطرسة لهذا الحد ؟ يغضب متى ما يريد و يرضى متى ما يريد ؟ وأنا ؟ أليس لدي مشاعر ويجب أن يراعيها ، لست تحت حكم مزاجيته المتذبذبة. ولن أكون كذلك. مثل ما يغضب يجب أن يتحمل عوائد غضبه.

          ،

          أغلق هاتفه بعد إتصال سلطان، أستغرق طويلا وهو يحلل معه كيف أن هناك طرف يتلاعب بكلا الجانبين، حديث سلطان الذي يؤكد فرضيتي بأدلة غابت عن عقلي! أشياء كثيرة لا يتسعها المدى تخبرني بأن هناك أمرا سيفلت من سيطرتنا قريبا.
          مسك القلم وبدأ بالتنقيط على الورقة البيضاء وبعلم جيدا أن هذه النقط تعني أشياء كثيرة وأحداث أعظم.
          نظر لضيء التي تدخل عليه : السلام عليكم
          عبدالرحمن : وعليكم السلام
          ضيء : وش صار مع رتيل ؟
          عبدالرحمن : الطريق الرئيسي متعطل ، بلغونا أنهم بيجرون إصلاحات روتينية وبينفتح على الغروب مرة ثانية
          ضيء : غريبة!! مو داخلة مزاجي سالفة الطريق متعطل
          عبدالرحمن بسخرية : أصلا هو فيه شي يدخل المزاج !!
          ضي أبتسمت بمواساة : أهم شي أنها مع عبدالعزيز ومتطمن عليها
          عبدالرحمن تنهد : الحمدلله
          ضي جلست بالقرب منه لتسحب كفه التي تكتب وتعانقها بين كفيها : ماأحب أشوفك متضايق ومهموم!! .. إن شاء الله كل الأمور سهالات لا تستبق أشياء ما بعد صارت وتفكر فيها وتتضايق
          عبدالرحمن : مقدر أمشي على البركة! أنا في شغل ماني جالس أمارس هوايتي
          ضي : دارية يا حبيبي بس ولو ؟ يعني شوف نفسك بالمراية لا تاكل كويس ولا تنام كويس وكل تفكيرك منحصر بشي معين، خذ نفس شوي وأرتاح
          ألتزم الصمت لثواني طويلة حتى أردف : وين عبير ؟
          ضي : راحت تغير ملابسها!!
          عبدالرحمن مسح على وجهه والإرهاق يفتك به : صار شي غريب معكم ؟
          ضي : لا ، جلسنا شوي بعدها وصلنا أفنان شقتها
          عبدالرحمن : ليه ما قلتي لها تجي هنا ؟
          ضي : قلت لها بس قالت بترتب أغراضها عشان اخر أسبوع لها بيكون في كان

          ،

          رمى عليه بعض قطرات الماء حتى يفيق : فيه أحد ينام هالوقت ؟
          يوسف بإمتعاض : ماهو وقتك أبد
          منصور : اليوم منت على بعضك
          يوسف يستعدل بجلسته بعد أن أتعبه النوم على الأرض في مجلسهم : أذن المغرب ؟
          منصور : لا تو باقي نص ساعة
          تنهد ليتجه نحو المغاسل الواضحة لعين منصور الجالس في صدر المجلس : فيك شي ؟
          يوسف : وش بيكون يعني ؟
          منصور : مدري إحساسي يقول صاير شي
          يوسف : وفر إحساسك لنفسك
          منصور بسخرية : دام حولت الموضوع لشخصنة فأنا صادق بكلامي
          يوسف يأخذ المنشفة الرمادية ويمسح بها وجهه : يازينك ساكت
          منصور رفع حاجبه : يخص مين ؟
          يوسف بهدوء : سالفة فهد اللي ما تنتهي
          منصور بقهر : يوم قلت لكم نفتح القضية من جديد قلتوا لا مانبي مشاكل!! وحياتك يعني ؟ بتضل طول عمرك بنظرها أنك أخو شخص قتل أخوها!!
          يوسف : أقدر أقنعها بمليون طريقة بس ماهو بالشرطة وبمشاكل القضية اللي إذا أنفتحت ماراح تتسكر بسهولة
          منصور تنهد : قولها السالفة كلها! لا تقول ماله داعي تعرف التفاصيل لأن لو ماعرفت منك بتتوهم أشياء مالها أساس
          يوسف بحلطمة : أستغفر الله بس.

          يتبع

          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


            ،

            تنظر له بنظرات خافتة لامبالية، يضع كوب الشاي الدافىء أمامها، أنشغل بهاتفه حتى لا يربكها بعينيه رغم أن سهام عينها لا تنفك من المرور بجانب محاجره. رفع رأسه ليردف : ودك تحكين بشي ؟
            غادة بصد : لا
            وليد يدخل هاتفه بجيبه : ماتبين تعرفين وش صار على ناصر ؟
            غادة بنبرة مقهورة تنفجر بالكلمات المحشوة بالعتب : طيب ناصر وينه ؟
            وليد : قريب بيكون هنا
            غادة : وينه عني من زمان ؟ تقول أنه صار لي سنة وأكثر ومحد عندي غيرك!!
            وليد بنبرة كاذبة ، يكره نفسه حين يطعن قلبه بالمثالية التي يمقت تشبثه بها : يجيك دايم
            غادة بضيق : فجأة كلهم يختفون من حياتي!! كذا فجأة!
            وليد : طيب تفكيرك بالماضي ماراح يرجعهم لك! فكري بحياتك وبمستقبلك الجاي ، عندك بكالريوس إدارة أعمال ومؤهلك عالي وتقدرين تشتغلين وتكملين حياتك
            غادة : طيب والناس ؟ أبي أهل وناس تسأل عني .. كيف أعيش بهالوحدة ؟
            وليد: طيب مافيه أبسط من الصداقات! .. و ناصر
            غادة : ناصر وناصر وناصر!! ماأعرف كيف هالعالم يمشي !! ماني قادرة أستوعب الموضوع ، أفقد ذاكرتي لاخر 5 سنوات وأسمي مقترن بناصر و ماعندي أهل !! .. يالله كيف الواحد يقدر يستوعب هالشي ؟
            وليد تنهد : هذي الدنيا وبتمشي كذا!!، أكيد أنت حزنتي بوفاتهم فلا تعيشين نفس الحزن مرة ثانية، هذا قضاء وقدر ولازم تؤمنين فيه وتصبرين عليه
            غادة : ودي أعرف كيف كانت حياتي بعد وفاتهم!
            وليد صمت لبرهة، و بتقاطع الثواني الضيقة أتى صوته : عشت عند صديقة لك إسمها أمل وكنت تجيني تتعالجين في ميونخ، بعدها أنتقلت لباريس وياها و.. رجعت السعودية وتركتك. لين صار الحادث الثاني وهذا أنت بصحة وعافية
            غادة : كنت أتعالج من أيش ؟
            وليد : نفسيتك كانت مضطربة
            غادة بألم : أكيد بعد وفاتهم تشتت
            وليد : أكيد، وتذكري أنه عندك ناصر .. قريب إن شاء الله راح يجيك وبتشوفينه أكيد هو مشتاق لك وأنت مشتاقة له
            غادة : ليه ما تفهمني؟ مابيني وبينه الا كلام سطحي وسطحي حيل .. أشوفه كثير بس ماأعرفه شخصيا
            وليد : تعرفينه يا رؤ .. أقصد غادة.. وبتسترجعين نفسك معاه
            غادة : رؤى!! ليه تناديني فيه
            وليد أبتسم : مدري ليه كذبت علي مع أمل
            غادة بمثل إبتسامته : شكلي كنت ملكعة
            وليد : تعرفين شي ؟ رب ضارة حسنة .. قبل فقدانك للذاكرة كان بشكل كلي للماضي لكن الحين الحمدلله أنك تتذكرين كل شيء ماعدا هالخمس سنوات! صدق عمر ويمكن صارت أشياء كثيرة منها زواجك من ناصر .. لكن هال 5 سنوات راح تسترجعينها بعد الله من ناصر .. هو بروحه اللي يقدر يساعدك عن الخمس السنوات اللي فاتت من عمرك، تعرفين يا غادة أنه الإصابات على المخ ماهي ثابتة ومحد يقدر يحددها بسهولة فيه ناس يفقدون الذاكرة وفيه ناس تكسر عندهم الجمجمة وفيه ناس يجيهم شلل .. يعني مافيه شي قطعي يفصل بالموضوع، ممكن حالتك النفسية قبل الحادث أثرت على هالشي وخلتك ترجعين لفقدانك الذاكرة، فيه ناس كثير يسترجعون ذاكرتهم من حادث مثل ما فقدوها من حادث، لكن سبحان الله!! وممكن هالشي كويس لك ما تدرين ممكن فيه شي سيء حصل لك بالخمس سنوات الماضية ونسيانك له رحمة من الله.
            غادة أخفضت نظرها لتسقط دمعة باردة على كفها : تصدق! أبي أشوف ناصر .. متلهفة كثيير على شوفته ..
            وليد يدرك تماما ما تشعر به، العقل الباطني العاشق لناصر والذي يناقض ذاكرتها المتحفزة للماضي البعيد. يدرك بأن جسدها يعترف بملكية ناصر بينما قلبها بارد مشتت بين عقل يفهم هذا الشعور و ذاكرة تبتر هذا الحديث.
            بهدوء الضائع : إن شاء الله تشوفينه ...
            أعلن إفلاسي من هذه الحياة، أعلن الكفر بالحب بل أشد إلحادا به من هذه اللحظة، أنا الأسوأ على كل حال، أنا المثالي والمبالغ بمثاليتي ! جعلتني أتنازل عن الجوهرة بسهولة دون أن أقف أمامهم جميعا وأعلن الحفاظ على حب كان في المهد، ومرة أخرى أتنازل عن " رؤى " أو غادة لا يهم مادامت هذه العينان واحدة، كل الأشياء تقف بوجهي، تجعلني مستسلم تماما! لست خصما لهذا العالم حتى يعامل إبن الطين بهذا السوء، بهذه اللقاءات العشوائية التي تجعلني لا أعشق إلا إمرأة كتبت لغيري. سنة وأكثر وأنا أنجذب نحوها في كل يوم، سنة وأكثر كيف أمحيها من حياتي لأبدأ من جديد. يالله! امنت أني لا أصلح لأي إمرأة في هذا الكون، أن أعيش وحيدا هذه النهاية التي حاولت أن أؤخرها وأتجاهلها لكنها هاجمتني بشراسة فتت بها قلبي قطعا. لم الأطباء فاشلون بالحب ؟ سؤال لأرضي ولا أريد منها جوابا فحزني منها يكفي.

            ،

            محاجره محمرة كبقعة لون متيبسة، عرق داكن يغزو عدسته السوداء ويقطع بياض بؤبؤة عينه، يشعر بثقل على رأسه الذي حلق ولم يبقى به شعرة، بشرته الذابلة بجروح طفيفة والهالات السوداء التي تعزي ملامحه بكل خضوع وإنكسار، أشياء كثيرة لا يفهمها تماما وهو ينظر لسقف أبيض ورائحة تثير الغثيان.
            نظر لعين أخيه الهادئة التي تتأمله من على بعد مترين وأقل، بلع جفافه الذي أسفل لسانه، يسترجع ما حدث وكأنه بالأمس.
            عبدالمحسن: لا تخاف ماني مسوي شي
            تركي يضع عينه على الشباك دون أن يلفظ بكلمة وهو يشعر بعطش شديد، تصاعدت أنفاسه على هيئة ملح مذاب يحشر في محاجره. شد على شفته السفلى، ليس مدركا لفداحة الذنب ولكن مدركا بفظاعة الألم الذي يشعر به سواء كان السبب الجوهرة أو غيرها، أشعر بطين يتيبس على قلبي ويبطء من نبضاته، يضيق علي كثيرا حتى يفقدني عقلي الذي يجن يوما عن يوم، أنا أين ؟ أهذه مستشفى أم ماذا ؟
            خرجت غصته العالقة في حنجرته بجبن شديد، هذا الذنب لم يترك له متسعا لرجولته ولشجاعته، كان واضحا جدا أن مرتكب الكبائر جبان لم يستطع أن يواجه الحياة بإختياراتها المتاحة، كان واضحا أنه ناقص الرجولة من لا يستطيع أن يصبر على ذنب!
            عبدالمحسن ينظر لعينه التي تتجمع بها الدموع بكثرة : أحمد ربك أنه الله إلى الان ساترك ، ماراح أقولك ليه تغيرت وكيف تغيرت وأنا مقدر أنسى اليوم اللي جيتنا فيه وتقول أنك قررت تحفظ القران وعلمت أفنان والجوهرة على الطريقة وكنت تبيهم يحفظون معك!! موجوع منك يا تركي .. ياخوي .. يا ولدي .. يا اللي كنت حياتي كلها! موجوع من أنك ما حفظت القران ولا حققت ولا هدف كنت أتمناه وأقول بعدها للناس هذا أخوي ولد أمي وأبوي اللي أفتخر فيه .. عمري ما توقعت أنك توصل لهالمستوى ؟ وين اللي كان يقول بيجي يوم و بأم بالناس بالحرم!! وينه تركي القديم ؟ 7 سنوات ياتركي يا كبرها عند الله !!
            تحشرج صوت عبدالمحسن وهو يكمل : 7 سنوات وأنا مالاحظت تغيرك وأنك ما قمت تحضر محاضرات المسجد .. يالله كيف كنت بعيد لهدرجة ؟ قولي بس وش كان راح ينومني لو الله خذا حياتك وأنا أحس بمسؤوليتي إتجاهك ؟ ماخفت علي طيب ؟ أني أتحاسب بذنبك ؟ ليه كنت أناني وأنا عمري ما تعودت أنك تكون كذا ؟ وش سويت لك عشان تعامل أخوك بهالصورة ؟ بنتي .. تعرف وش يعني بنتي ؟ كيف تفكر فيها بطريقة شهوانية!! كيف هان عليك عرضك يا عمها يا أخو أبوها !!
            دفن وجهه بالوسادة ليبكي بكلمات أخيه العاتبة.
            عبدالمحسن دون شفقة عليه زاده بحدة : اللهم لا إعتراض، اللي فات من عمرنا ماله رجوع! لكن نقدر نكفر عنه بتوبة .. بساعدك يا تركي بس ينتهي علاجك مالك محل بحياتي .. شوف حياتك بعيد عني .. ما هو أخوي اللي يخوني في غيابي!! .. أبد ماهو بأخوي ..

            ،

            ينظر لم حوله، لا أثر لمن كان يراقبه، ربما رحل أو مختبىء .. يحاولون تخويفي أم ماذا ؟ لم لم يجيء إلي أو مجرد بث رعب وفقط. ليس من طرف رائد وأيضا ليس من طرفنا ؟ من الذي يكون بالمنتصف حتى يفعل كل هذا ويعطل أعمال رائد وأعمالنا! إن كان عدوا لرائد فهو صديقا لنا لكن ماهكذا يتعامل الأصدقاء! وإن كان صديق لرائد فليس من مصلحة الصداقة أن يعطل عمل صديقه! إذن من له كل هذه المصلحة ؟ هل هناك شيء لا أعرفه يخبئه سلطان أو عبدالرحمن؟ ربما طرف ثالث أجهله يتلاعب بي وبمعرفة جيدة من أبوسعود والبقية.
            ألتفت لرتيل : خلينا نطلع لسيارتنا ..
            دون أن تجيبه سارت معه لخارج المدينة، نصف ساعة سيرا على الأقدام حتى خرجا للشارع الرئيسي وبأعينهم واضحة جدا سيارتهم السوداء، تساقط المطر على ملابسهم الثقيلة، وهي تفتح هاتفها لتنظر للساعة التي تشير على الرابعة والنصف عصرا بتوقيت باريس.
            في بداية الطريق ذو الهندام المبعثر يتحدث بإنجليزية مغلظة : هو أمامي الان ... نعم في الأمس عطلت مدوس فراملها .. لا تقلق كل الأمور في حال جيد .. حسنا ... أغلقه ليركن سيارته خلف سيارة عبدالعزيز تماما.
            خرج له بإستغراب بعد أن أنتبه لملابسه التي لا تشكك في أمره سوى بأنه شخص عادي.
            : هل تحتاج مساعدة ؟
            بعد صمت لثواني أردف : عجلات السيارة الأمامية قطعت
            : حسنا ، بإمكاني أن أساعدك
            تمر الدقائق وهذا الرجل تحت مراقبة عين عبدالعزيز، يبدو لطيفا بأنه نزل ليساعدني ويتضح من سيارته الأقل من متوسطة بأنه رجل من الريف. ليس واضحا من ملامحه أنه سيء الخلق وإلا لما وقف! تداخلت أفكاره وهي تحلل عيناه الزرقاء وبشرته الشقراء بصمت يغرق به.
            وقف : أنتهينا .. أتمنى لك يوم جيد
            عبدالعزيز بإمتنان كبير : شكرا لك
            : لا عليك .. وبثواني قليلة أختفى من أنظاره ، دخل السيارة : جابه ربك
            رتيل تنهدت براحة : الحمدلله .. يالله خلنا نرجع بسرعة لباريس قبل لا تظلم الدنيا ونضيع
            عبدالعزيز : نضيع ؟ لمعلوماتك أني كنت عايش فيها يعني أدلها أكثر من الرياض
            رتيل ألتفتت عليه بكامل جسدها : تدلها وأنت بغيت تنسف شبابي ! لا عشت حياتي ولا شي .. رجعني بس وتوبة أطلع معك
            عبدالعزيز يحرك سيارته بطريق العودة لباريس الأنيقة ، وبصوت شغوف : بتضلين طول عمرك تقولين ياليت ترجع أيام روان
            رتيل : كلها يوم وكان زفت وش اللي يخليني أتمنى رجوعه! ماأقول الا وين أيام الرياض بس
            عبدالعزيز بخبث : أي أيام بالضبط ؟
            رتيل بثقة : أيام ما كنت أعرفك فيها
            عبدالعزيز جمدت ملامحه بهدوء ليردف بسخرية شديدة : وش كثر كنت سعيدة!!
            رتيل دون أن تنظر إليه : على الأقل كنت عايشة عمري
            عبدالعزيز : والحين مو عايشة عمرك ؟
            رتيل بنبرة الصراحة التي تجعل قلب من يقابلها يضطرب : إيه طبعا! ماني ناقصة شي يوم أتزوج بهالطريقة ومحد يتزوج بهالطريقة الا اللي عمره عدا الأربعين .. أصلا حتى الأربعينية ما ترضى بزواج على الصامت
            عبدالعزيز بضحكته التي تسلب عقل رتيل وتغرقه أيضا : هالحين اللي مضايقك أنه ماصار عرس ولا صار طقطقة وعالم تبارك وتهني
            رتيل أنتبهت لسطحية تفكيرها لتردف بدفاع عن نفسها : لا طبعا!! أنا بس أطرح لك مثال ..
            عبدالعزيز : مع أني فاشل بعلم النفس لكن أثق أنه هذا اللي مضايقك
            رتيل بقهر : ثقتك مهي بمحلها
            عبدالعزيز بشماتة : يعوضك الله في حاتم
            رتيل بإبتسامة تخفي غيض شديد : ومين قال برضى بحاتم ؟
            عبدالعزيز بمثل نبرتها ، بدأت حرب الكلام بهذا الطريق الطويل : ما يرضيك أنهم أقل منك مستوى إجتماعي!
            رتيل بدلع لم تتعمده، بعض الكلمات تأتي متغنجة بعفوية شرسة على قلوب الرجال : أولا حاتم بمثل مستواي مافيه فرق كثير! لكن كذا مزاج ماأبغاه ! أحلم بشخص ثاني
            عبدالعزيز بإبتسامة مفتعلة : كويس ، وإيش مواصفات الشخص الثاني ؟
            رتيل تشعر بالتلذذ وهي تستفزه : أحتفظ فيها لنفسي
            عبدالعزيز : تصدقين عاد! كنت أحلم بأشياء كثيرة وسويت عكسها
            رتيل : ووش هالأحلام ؟
            عبدالعزيز : كنت أتوقع أني بتزوج وحدة حياوية عاقلة هادية لها قناعات ثابتة وأخلاقها عالية ..
            رتيل بإنفعال : وش قصدك ؟
            عبدالعزيز ألتفت عليها بنظرة ذات معنى لتعود أنظاره للطريق. أردف : ما قلت أقصد رتيل! أنت قليلة حيا وطايشة ومزعجة ومالك راي وشخصية وأخلاقك صفر ؟ عاد إذا أنت تشوفين نفسك كذا الشكوى لله
            رتيل : لا طبعا ماأشوف نفسي كذا ! يمكن تقصد بزواجك من أثير لأن أظن أنه زواجك منها ..
            تقلد صوته بسخرية لاذعة وتكمل : مبني على أخلاقها العالية وعقلها وحياءها وهدوئها.
            عبدالعزيز : إلا بشريني مجتمعنا تغير بنظرته للمطلقة ؟
            رتيل تفهم تماما ما يرمي إليه : في كل شيء فيه الشين وفيه الزين! يا سعد عينه من كنت نصيبه
            عبدالعزيز أبتسم حتى بانت أسنانه العلوية : أتفق معك بالجملة الأولى بس
            رتيل بنرفزة : كمل طريقك بس ولا عاد تكلمني

            ،

            ينتظرها حتى تسلم من صلاتها، ألتفتت عليه لتصد بنظراتها وهي تقف نازعة جلال صلاتها، أخذت السجادة ووضعتها على الأريكة الوثيرة لتنظر إليه مرة أخرى : ما أبغى أتكلم بالموضوع
            يوسف بإبتسامة : مين قال أني جاي أكلمك ؟
            شعرت بالحمرة وهي تسري بين عروق وجهها. ضحك بخفوت ليردف : إلا جاي أكلمك، أجلسي
            مهرة بربكة : مالي مزاج أحكي في هالشي .. لو سمحت
            يوسف : دام قلت لو سمحت فأنا بناقشك فيه وبعدها قرري بكيفك
            مهرة تنهدت لتجلس بجانبه : طيب .. وش بتقولي ؟ أنه أمي تدري من السماء ولا كانت موجودة في يوم الحادث مثلا !
            يوسف : لا بس بحكي لك القصة من بدايتها
            وهذه الجروح التي لم تضمد بعد ليس من حق أحد ان ينبش بها ليجعلها تغرز الوجع مرة أخرى، أردفت : لا ماأبغى أسمعها! أنا عارفة وحافظتها أكثر من إسمي
            يوسف : لا ماتعرفينها .. فيه أشياء ما سبق وقلتها لك
            مهرة بعصبية : جاي تدافع عن أخوك قدام وحدة خسرت أخوها!! يالله على الضمير اللي عايش فيه أنت وأهلك
            يوسف بهدوء : ماني جاي أدافع عنه، أنا جاي أقولك الكلام اللي عندي وبعدها انت قرري !! أسمعيني للأخير وبنفسك أحكمي
            مهرة وضعت يدها على بطنها الذي يشاركها الحزن بألمه : طيب ، شتت نظراتها لا تريد أن ترى كيف الحب يتضع بعينه لأخيه وأن ترى الدفاع من عينيه قبل حديثه!
            أستغرق نصف ساعة وأكثر وهو يقص عليها ليتقطع الحديث بصمت يوسف الكثير ودمع مهرة الذي لم يجف، مع كل حرف وكلمة كانت تنزل دمعة تشعرها بالضياع، بالحزن الذي لم ينفك منذ أن فقدت شريك روحها/حياتها. يأتي الكلام سهلا جدا ولكن قلبي الذي يواصل حياته مازال يتذكر فهد في كل زوايا غربته، الغربة ليست بتغيير الديار، الغربة أن تفقد حياتك السابقة التي كنت تشارك بها من يطلق عليه حياتك، أفتقدك جدا وأكثر بكثير والله من " جدا ".
            يوسف يترقب ردة فعلها، توتره زاد وهو يؤمل نفسه على أن تصدقه : والله العظيم أنه ما قتل أخوك وأنا أحلف لك بالله يا مهرة والحلف بالله ماهو لعبة ..
            أخذت نفسا عميقا لتمسح دموعها المالحة التي تسربت تحت عينها، أي هراء يجب أن أصدقه! لم أجد من هذه العائلة ما يسيء لها فعليا، لم تكن سوى متعاطفة معي وأيضا يوسف! لا أعرف تماما ما شعوره نحوي! أهو دور بطولي يقوم به من أجل أخيه ومازال أم مجرد .. لا أعرف كيف أصنفه. لا شيء واضحا بهذه الحياة وأنا أحمل بداخلي روح تنمو كل يوم بي، الرحمة منك يارب.
            يوسف : مهرة
            مهرة مازالت بصمتها، الوجع الذي ينمو في داخلها كالجنين كيف تجهضه بسهولة؟
            يوسف : حكمي عقلك!! وشوفي الموضوع من زاوية المنطق ماهو من عواطفك
            مهرة أتجهت نحو الحمام ، أغلقته بإحكام وهي تسند ظهرها على المغسلة وتغرق ببكائها الخافت، أنفجرت وكأنها للتو أستقبلت خبر وفاته، تناثر دمعها وكأنه لم يتناثر منذ عقود، تدافع بغزارة على ملامحها النقية.

            ،

            بصمت الطابق وإنزعاج أذنه التي تود أن تتداخل بها الأصوات، للسقف الأبيض الذي قاس أمتاره بعينه منذ الصباح، بذاكرته التي تعود إليها ولقلبها الزهري، على دندنة البدر يغيب " كانوا الاحباب ظلك بعض احساسك ونورك ..ما عرفتك يوم كلك .. ياللي في غيابك حضورك .. انتظرتك عمري كله .. وانتي حلم .. هذا إنتي .. قولي والله إنه إنتي .. وين غبتي ؟! .. عني هذا الوقت كله .. وين كنتي ؟! .. شيبت عيني طيوفك .. وما أصدق إني أشوفك .. ياللي قلبي في كفوفك .. نقش حنا .. وفي جديلك عطر ورد .. اتمنى .. لو تكوني في فراغ اعيوني معنى وفي سموم ضلوعي برد .. ليه تأخرتي علي .. وما طرى لك تسألي .. كنتي في غير الزمان ، وكنتي في غير المكان وانتي عمري كله عمري كله .. اللي باقي واللي كان .. انتظرتك عمري كله .. وانتي حلم .." أكمله بعزف روحه " أنت حلم ؟ و أنا اللي شبيه ظلالك ألقى به جنوني. أنت حلم ؟ وأنا اللي تركت الشعر بعدك وأنا كيف أكتبه وعيونك ما تقراه ؟ أنت حلم يا غادة أو أنا اللي ما صادفني من هالحياة لحظة صادقة، أنت حلم ولا هالحياة دونك هي الحلم ؟ هو صوتك اللي سمعته ؟ هو أنت ؟ يا أجمل من وطى هالأرض ، يا أجمل من كسر فيني عذاريب الوقت ، يا أجمل حلم مرني و يا كثره حظي يوم عينك مشت بخطاويها لعيوني ".
            دخلت الممرضة الهندية ذات الملامح الناعمة لتطمئن عليه ، أردفت بلغة عربية ركيكة : محتاج شي ؟
            ناصر هز رأسه بالرفض لتنسحب بهدوء ويعاود لقلبه الذي غرق بها، حاليا أحتاج صفعة تخبرني بأن ما يحدث حقيقة.

            يتبع

            تعليق

            • *مزون شمر*
              عضو مؤسس
              • Nov 2006
              • 18994

              رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


              ،


              تنظر من النافذة للأمطار التي تهطل بشدة، تسابقت الدعوات على لسانها العذب، صمتت لزمن قصير أو طويل لا أعرف جيدا كيف أحدده وهو يأتيني، يشاركني دعواتي ليس متطفلا أنا بقلبي من أسير معه وأتصادم أيضا. يجاور عقلي حد اللانسيان، أقصى الأحلام أن أراك، تحت غيمة الحب أحتاجك بجانبي، أحتاج أن أسمع صوتك وأنا التي أدمنت نبرته ، كيف أشفى منك ؟ أعرف جيدا كيف الحب يؤذي ؟ كيف أنه يتحشرج بي وكأني أحتضر لأني مارسته دون رضا الله، أعرف كل هذا وأعاقب بك، بتعلقي، بحزني الان وإشتياقي، أتعاقب بطريقة لاذعة تجعلني أندم مع كل قطرة تنزل من السماء، تجعلني أندم على اللحظة التي سمحت لك بها أن تجتاحني وسمحت لقلبي أن يغضب الله، أعود لحياتي السابقة لكن بي شيء مكسور! منك لله يا مجهول لا أعرف منه سوى صوته ورسائله المتمددة على كفي، يا مجهول لا أعرف سوى أنه يضيء عيني ويخدشني بالنور دائما. يخدشني وأنا التي رضيت بالعتمة كيف أقبل بالنور بعد كل هذا ؟ يالله في يومك هذا أسألك أن تطهر قلبي منه ومن حب أهواء الشيطان، يالله في وقت إستجابتك هذا أسألك أن تبعدني بينك وبين ما يغضبك كما باعدت بين المشرق والمغرب، يا رحمن أرحمني من حبه.
              بنبرة دافئة :عبير
              ألتفتت عليها وهي تمسح على وجهها تخاف من الدموع المباغتة الضيقة التي تهطل بلا حول ولا قوة منها.
              ضي : كلمتنا رتيل، هي في الطريق
              عبير : الحمدلله .. أبوي وينه ؟
              ضي : راح مع مقرن ، فيك شي ؟
              عبير بتوتر : لا ، كيف رتيل يوم كلمتوها ؟
              ضي : كلمها أبوك بس طمني وقالي أنها بخير
              جلست لتطيل النظر بشتات الغرفة دون أن تسقط على ضي، الشرود هو محاولة ضائعة لإنكار الواقع.
              ضي : تبينا نطلع نتمشى في هالجو الحلو
              عبير تنهدت : لا ، طيب ممكن أسألك سؤال ؟
              ضي بإبتسامة : إيه
              عبير بربكة أصابعها : طبيعي انه بنت تتزوج شخص ماتحبه بس عشان تنسى معاه واقعها ؟
              ضي صمتت لثواني طويلة حتى تقطعه : طبيعي إذا كانت متقبلة الزوج والحب يجي بعدين لكن الغير طبيعي أنه يكون هالزواج قايم عشان تنسى واقعها ماهو عشان قيمة الزواج نفسها والإستقرار و إلى اخره من أهداف الزواج ، وش فيه واقعك يا عبير ؟
              عبير : ما تكلمت عن نفسي بس كان مجرد سؤال
              ضي عقدت حاجبها : ممكن الحياة اللي تبينها ماراح تلقينها في الشخص الثاني اللي ناوية ترتبطين فيه بس عشان ينسيك الواقع!
              عبير : طبعا لا ، أكيد أني بفكر بمؤهلات الشخص اللي راح يتقدم لي
              ضي بإبتسامة : اللي راح يتقدم لك!! واقعك يا عبير ماهو سيء لهدرجة
              عبير أرتبكت من إندفاعها بالكلام لتردف بإتزان أكثر : ماهو مسألة واقع سيء أو كويس، أظن أني وصلت لعمر يخليني أحتاج لشخص ثاني في حياتي
              ضي : وعادي يكون أي شخص ؟
              عبير : لا، بس عندي ثقة أنه من يجي عند أبوي يعرف على مين نوافق وعلى مين نرفض .. يعني أثق بأنه بيكون شخص مقبول
              ضي : حاسة فيك، أعرف قدر حاجتك لرجال في حياتك لكن ممكن ما يرضيك أي أحد يتقدم لك بالنهاية هذا نصيب إلا إذا أنت تبين توافقين على أي أحد من باب أنك تتخلصين من قيود أبوك
              عبير بهدوء : أبي أوافق على أحد يشغل الفراغ اللي فيني، مثل ما الرجال لازم يحصن نفسه بالزواج أنا محتاجة أني أحصن هالقلب ..
              ضي بإندهاش : ما جاء في بالي ولا حتى ممكن راح يجي أنك تشكين من فراغ العاطفة
              عبير بلعت غصتها لتقف متجهة لهاتفها المتصل بالشاحن : كلنا نشكي!!

              ،

              على مكتبه يرتب بعض الأوراق التي تهمه، مثبت هاتفه على كتفه : يا وليد أفهمني الموضوع ماهو بإيدي، قلت لك اللي علي
              وليد : وعبدالعزيز ؟ وينه ؟
              فيصل بهدوء : مدري اللي أعرفه ناصر وراح يجيك يوم الإثنين
              وليد : يالله يا فيصل كيف أتعامل معاه ! يخي تورط الواحد
              فيصل : ليه تتورط معه ؟
              وليد توتر ليردف بمحاولة لتضييع كلماته : ماعلينا! كيف بكلمه عشان أخليه يدل المكان!
              فيصل : تدري شلون؟ بشوف لي صرفة وأسافر معه
              وليد : فهمته الموضوع كله وأنها فاقدة ذاكرتها ؟
              فيصل : يعني ماقلت له كل شي، الرجال مصدوم وبالمستشفى قايلين لي أنه أنهار بعد ما رحت وحاسهم !! الله يصبره ويعينه
              وليد أخذ نفسا عميقا : طيب ومقرن كيف جاء إسمه عندها ؟
              فيصل : تسألني وكأني أعرف كل شي .. خلاص يا عمي لا تدخل نفسك بهالمشاكل.. أهم شي أنك سويت اللي عليك
              وليد : بالله ؟ يعني أشوف الغلط قدام عيني وأسكت
              فيصل : أنت ما بإيدك حيلة عشان تتصرف!! أرجع ميونخ وشوف شغلك وأنسى الموضوع
              وليد : يا هي سهلة على لسانك أنك تقولها كذا !! مع السلامة قبل لا ترفع ضغطي .. أغلقه دون أن يسمع جوابه.
              تأفأف، صعب إقناع وليد بأشياء وهمية، يخاف أن يخبر والده بالموضوع ومن ثم يصل إلى مقرن مرة أخرى وعبدالرحمن .. يالله صعب علي أن أتخيل السيناريو الذي سيحدث.
              نزل للأسفل ليجد والدته تغلق الهاتف : هلا بالزين كله
              أبتسم : هلابك
              والدته : متى إن شاء الله تبشرني وتروح تخطبها مع عمك؟
              فيصل : يمه هالأسبوع مشغول وبسافر لا رجعت إن شاء الله نزورهم
              والدته عقدت حاجبيها : لا والله منت مسافر قبل لا تملك عليها
              فيصل : الله يخليك لا تحلفين علي، بسافر كم يوم وأرجع ماني مطول
              والدته : لا كم يوم ولا غيره! تملك وتسافر
              فيصل تنهد : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، يممه ماله داعي والله تعطلين شغلي كذا
              والدته : هيفا أهم من الشغل !
              فيصل بقهر يجلس : الله يهديك يا يمه!! كان مفروض أحطك أمام الأمر الواقع وأسافر
              والدته : عشان أذبحك! هذا اللي ناقص بعد .. الحين وش له طاير ؟ خلاص أنتظر نفرح فيك بعدها سافر وسو اللي تبي
              فيصل : يمه أنت اللي وش له طايرة!! هذا زواج خليني أفكر حتى ...
              والدته شهقت لتضرب صدرها برقة : وشهو ؟ وأنا غصبتك مو فكرت وقلت أنك موافق
              فيصل بإبتسامة : تفكير تحت الضغوطات وش أسوي بعد !
              والدته : الشرهة مهي عليك الشرهة علي أنا
              فيصل بضيق : أمزح يالغالية بس مستعجلة مررة يعني بكرا يقولون أهلها وش السبب اللي يخليك تستعجل ؟ هذا إذا وافقت البنت بعد
              والدته : قل لهم بسافر وبيعذرونك

              ،

              لملمت شعرها الفوضوي، ملامحها شاحبة خالية من أي شيء حتى شفتيها بدأت تكتسي ببعض الشحوب ولون الزهر الفاتح، لم يأت إلى الان! لا يهم. فتحت النافذة الزجاجية حتى يدخل لها هواء أسطنبول البارد/المنعش، تأملت النهار الطويل الذي تعيشه ، الأفكار التي ترفض الغروب رفضا قاطعا، كلمات ريان القصيرة الخادعة القاتلة، نبرته المشككة التي تمسك بقفاز من شوك ولا ترحم قلبها، أكان طلاقه منها سببا لذلك؟ لكن كان طلاقا وأنتهى حتى أنه لا يفكر بها أبدا هذا ما قالته رتيل لهيفاء، هذا بالضبط ما أراح صدري تلك الليلة وهيفاء تخبرني " مطلقها من زمان وتقول أنه مشكلة صارت بينهم وماعاشرته كثير أصلا عشان ينساها بصعوبة، يعني مجرد نصيب ومالقاه معها .. لاتفكرين بالموضوع كثير دامك أستخرت ووافقت خلاص "
              تنهدت وهي تراه يقبل عليها، بنبرة مبحوحة : جوالي فصل وأبي أكلم أهلي
              ريان وضع هاتفه على الطاولة التي أمامها : أستعمليه
              ريم بضيق : عشان تتأكد ولا عشان تراقب إتصالاتي ؟
              ألتفت عليها : أراقبك ؟ يا صغر عقلك بس
              ثبتت في مكانه بشكل أدق تجمدت وهي تسمع منه جملة كهذه في أول أيام زواجهم، الكلام الناعم الذي أعتادت أن تسمعه من صديقاتها المتزوجات حديثا لا تراه مع ريان أبدا.
              بلعت ريقها بربكة : عقلي مو صغير!! لكن أنت اللي تخليني أتكلم معك كذا
              ريان تجاهلها بطريقة لاذعة لقلبها وهو يسحب منشفته ويتجه نحو الحمام. نظرت للباب الذي أغلق، و رمشة عين تفصلها عن دمعة حارة على خدها الوردي، كثير عليها كل هذا! كثير جدا أن يتجاهلها بهذه الطريقة. ما هذا الذنب العظيم الذي أرتكبته حتى يعاملني بهذه الصورة البشعة لشخص يفترض أن يقال عنه " مازال عريسا ".


              ،

              في أطراف ليل الرياض، يتراجع للخلف بعدة خطوات دون أن يحدث أي صوت لتلتقط إذنه حديثهم الخافت.
              حصة : مدري والله يمكن أنت تحكمين عليه من موقف واحد أو إثنين، سلطان ماهو بهالصورة أبد .. أكثر شخص ممكن يمسك أعصابه هو سلطان
              الجوهرة وهي تحتضن الوسادة : أنت لو ما كنت هنا يمكن كان أنهبلت ..
              حصة أبتسمت : بسم الله عليك، طيب وش رايكم تسافرون أي مكان ؟ يعني تغيرون جو ؟ مع أني دارية ماراح يوافق بس ممكن محاولة من هنا وهناك يوافق
              الجوهرة : لا مستحيل ، وين نسافر وقلبه شايل علي !
              حصة : رجعنا لنفس الموال! أنت وش يدريك ؟ ، طيب وش رايك تعزمينه على مطعم يختي أنا أحجز لكم طاولة ومستحيل يرفض .. عاد ماهو لهدرجة سلطان قليل ذوق !!
              الجوهرة : قلت لك سلطان مستحيل ينسى !! ودامه ما ينسى أكيد بيجلس يذلني ويذل طوايفي ..
              حصة : الله أكبر يالشي العظيم اللي ما يقدر ينساه!! كل هالمشاكل صغيرة وبكرا راح تضحكون عليها لا عرفتوا كيف فرقتكم على تفاهتها .. أبدي بأول خطوة .. يعني مين يضمن عمره ؟ هالدنيا كلها كم يوم عيشوها ولا تزيدون هالحزن عليكم
              الجوهرة أخفضت نظرها لا جواب لديها، هذه الحياة فعلا قصيرة لكن هناك غصة تباعد خطواتهم ولا سلطة عليها.
              حصة : عشان حبك له ؟
              الجوهرة رفعت عينها لتلتصق بشفتي حصة ، لا صوت يخرج ويدافع عن كبرياء مكسور، تتعرى تماما أمام عمته بجروحها.
              أكملت : تحبينه ولا تكذبين علي ! أنت بنفسك قلت لي ؟ ليه تكابرين! دامك تكابرين أكيد سلطان بيكابر معك
              الجوهرة بضيق حنجرتها : ما أكابر لكن ماهو أكبر طموحاتي أني أعيش على مبدأ الحب بس!! فيه أشياء كثيرة أفقدها في سلطان وبنظري هي أساسية
              حصة : عشانه ضربك ؟ طيب يمكن بلحظة غضب مقدر ..
              تقاطعها : مو بس ضرب! بس أنا وياه ما ننفع لبعض
              حصة بهجوم عنيف : إذا مالقيتي سبب قلت ما ننفع لبعض لو كل البنات يسوون زيك صدقيني 3 أرباع الحريم مطلقات !!
              كلماتها الشفافة تخترق قلبه وتتوسده بكل طغيان، بدأ يعزم على شيء واحد فقط . . قدم خطواته بإتجاه الباب . .

              ،

              أقترب من باريس ليعيد للصوت مداه، يشعر بفرقعة أصابعها المتمللة أو ربما لايفهم توترها جيدا، ألتفت عليها كثيرا ولا يعرف لم يأت في باله بيت شعر يجعله يبتسم حتى تكاثرت إبتساماته لضحكة من طريقة تفكيره وعقله يقرأ عليه " الشاهد الله من لمحت عيونك امنت في سحر الجمال النجدي " ، ألتفتت عليه : مريض يضحك لحاله ويبتسم لحاله!!
              عبدالعزيز : ذابحك الفضول تبين تعرفين ليه أبتسم!!
              رتيل بكذب أنيق : ماني فضولية
              عبدالعزيز : واضح !
              رتيل تنهدت : متى نوصل وأفتك
              عبدالعزيز بمحاولة إستفزاز : فرضا يصير شي وماتوصلين
              رتيل : تبيها من الله
              عبدالعزيز يشرب من الماء البارد ما يرويه ليردف بإنتعاش صوته : لا والله مشتاق لأثير .. أردف كلمته الأخيرة بضحكة صخبت بها السيارة.
              رتيل أبتسمت حتى بان صف أسنانها البيضاء : أتصل عليها من جوالي لا يطلع قلبك من شوقك
              عبدالعزيز ألتفت عليها بمثل إبتسامتها وعيناه تغرق بالضحك : والله شكله اللي بيطلع قلبه هو أنت إذا وصلنا
              رتيل بضحكة طويلة : اخ ياربي لا تطيح علينا السما !! ثقتك مستحيلة
              عبدالعزيز : أعترفي قبل لا نوصل
              رتيل : أعترف بأيش ؟
              عبدالعزيز بسخرية : طيب أعتبري أنه خلاص ماراح تشوفيني بعد اليوم! الكلمة الأخيرة وشهي ؟
              رتيل بنبرة لاذعة : مع السلامة
              عبدالعزيز ألتفت عليها : وبس ؟
              رتيل هزت رأسها بإيجاب لتردف : وأنت ؟
              عبدالعزيز يقلد صوتها : ماراح أقولك شي ..
              رتيل ترفع حاجبها ليكمل بصوته الواثق : أودعك على أساس أنك أيش ؟
              رتيل فاضت بقهرها لتردف : ماتعرف تعيش بدون تجريح
              عبدالعزيز بهدوء تنهد : أظن أننا نتشابه بصفات كثيرة فما هو أحسن لك أنك تعايريني بشي أنت تسوينه
              رتيل بحدة : وش اللي أسويه ؟ تعرف شي !! خلنا ساكتين أحسن ولا نسولف عشان نجرح بعض
              عبدالعزيز : شفتي ! أنت أعترفتي ، عشان أيش ؟ عشان نجرح ؟ ماهو عشان تجرحني !! شايفة الفرق
              رتيل بضيق : عاد صراحتي هي تجريح لك لكن انت تجريحك لي مجرد إنتقاص وماله أساس
              عبدالعزيز عض شفته السفلية : قصدك كذبك
              رتيل ببرود مستفز: لو بكذب كان كذبت من زمان وقلت لك أول ماجيت باريس وأظن تذكر كلامي
              عبدالعزيز ألتزم صمته ليدوس على دواسة البنزين حتى يخفف من سرعته ويفصله عن باريس بعض الكيلومترات، ضغط أكثر من مرة ولكن لا تعمل ولا تبطء من سير السيارة، شعر بأن قلبه ينقبض وهو يدخل يده في جيب بابه، أنتبه للورقة الصغيرة على جانب شباكه " هذه المرة أنت من يجب أن أشكره على غباءه "
              بلع ريقه كيف يوقف هذه السيارة الان ؟ سيدخل بطرق باريس المزدحمة سيتعدى الإشارات تباعا فهذا الأكيد ؟ مالحل ؟
              ألتفت لرتيل الضاغطة على أسنانها والغضب يتضح على ملامحها، لن يخبرها ويثير رعبها ، بدأت ذكريات حادث عائلته يتكرر عليه، تقرير الشرطة الذي أخبره أن هناك عطل في الدواسة جعلها لا تعمل، مثل العطل ومثل الحركة القذرة! أنعطف يمينا للشارع الاخر الذي يؤدي للطريق نفسه الذي قطعه منذ ساعات، هذا الشارع السريع هو الحل المؤقت.
              ألتفتت عليه رتيل بعصبية بالغة : ليه إن شاء الله !!

              ،

              يدندن بالقلم على الطاولة الزجاجية ، ينظر لإبنة مرة وللنافذة مرة أخرى، أفكاره تتشابك والشيطان صديق يجاور كل هذه الأفكار الخبيثة، رفع عينه له : فارس
              : هلا
              رائد : تبي تتزوجها
              فارس بلع ريقه بصعوبة لينطق : وشو ؟
              رائد : تبي بنت عبدالرحمن ؟
              فارس بهدوء : أكيد بس يعني مستحيل و ...
              رائد يقاطعه : واللي يزوجك إياها ؟

              .
              .

              أنتهى البارت

              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                المدخل للميز/الفاتن : عمر محمود العناز.
                وأنا يبعثرني المساء على يديك
                فكيف أغفو؟
                لاصوت يجمعني
                ولاتمتد نحو يدي كف!
                عيناك تبحث في دمي عني
                وفي غسقي
                ترف
                وأنا يبعثرني حضوري
                في سمائك
                وهو كشف،
                الله من عبق إلى شفتيك ياليلاي
                يهفو
                البوح يولد من رحيق الصمت
                إن أغراه وصف
                ومواعد خضراء تغزلها الجداول،
                فهي رشف
                هل لانفراط الموج في عينيك ياسمراء
                جرف ؟

                أخشى عليك،
                وكيف لاأخشى عليك،
                وأنت عزف


                رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
                الجزء ( 57 )


                عيناه تتأمل أصابع والده التي تصطدم بسطح الطاولة لترتفع نحو شفتيه التي تتحرك بهدوء وهو يحدث الصخب في قلبه النابض بتسارع تزداد حدة سرعته مع الكلمات الندية التي تخرج منه ليردف بخفوت : يبه كيف! مستحيل بغصب أبوها !! ولا أبي أتزوج أصلا بهالطريقة
                رائد رفع حاجبه : ومين قال بتغصب أبوها! إلا بيوافق وبيبارك بعد
                فارس : كيف
                رائد يرقد قدم على قدم ليثبتهما على طرف الطاولة ودون إنقطاع يشعل سيجارته : لا تسأل كيف! المهم أنك بتتزوجها مو هذا اللي تبيه
                فارس : وش بتستفيد ؟ شغلك لا تدخلني فيه
                رائد بإبتسامة : لا تخاف ما أضر زوجة ولدي
                فارس يضيع بالمسمى ليخفت بصوته : و أبو زوجة ولدك ؟
                رائد : عاد أبو زوجة ولدي مالك علاقة فيه
                فارس وقف بحزم : لا يبه هالشي ما أمشي معك فيه
                رائد بنظرة وعيد : نععم ؟
                فارس بهدوء : ماني جبان عشان أغدر فيها وفي ابوها وفي ظهورهم!!
                رائد : وش قصدك ؟
                فارس بغضب لم يتمالك نفسه : يبه أنت وش تعرف عن الحب ؟ أقولك أحبها !! وتبيني أضرها ؟ قول شي يستوعبه عقلي ..
                رائد : شف هالحب كيف مخليك ضعيف!!
                فارس : غلطان ! مخليني أعيش ! أنا مدري كيف قبل عبير كنت عايش!! كيف كنت متحمل الجدران ؟ عمرك ماراح تحس وش يعني الحب يا يبه !! إيه أبيها وأحلم باليوم اللي أكون معها بس أبيها برضاها ماهو بهالطريقة القذرة! أنا حبي لها أسمى من هالقذارة ومستحيل أدخل فيها
                رائد أمال فمه وعينه تنطق الغضب ، أنزل أقدامه من الطاولة ليقف وهو يطفىء السيجارة : قلت لك بتتزوجها برضاها وبرضى أبوها
                فارس بسخرية : على أساس أنه فارس رائد الجوهي يشرفه !!
                رائد بحدة : ويزيده شرف بعد
                فارس : تامر على شي ؟ أنا بطلع
                رائد : بتتزوجها يا فارس .. وهالشي ماأشاورك فيه أنا أقولك خبر راح يصير ! إذا مو اليوم بكرا
                فارس تنهد : تامر على شي ؟
                لم يجيبه وهو يعود لمكتبه ، خرج بخطوات غاضبة يجر إذلال والده لهذا الحب، وطأت قدمه على الرصيف المقابل للدكاكين الصغيرة الفرنسية ذات الرائحة المنعشة، أستنشق هواء باريس والمطر بخفة يهطل. أدخل يديه بجيوب جاكيته البني، الخطى تقوده لمكان إقامتها، منذ أن رأيتك وأنا أقدس معنى " الحب "، أنا المتفقه بأموره وأنت الشريعة التي لا تخطىء كيف أتجاوزك ؟ منذ أن تطفلت على رسوماتي وأنا لا أعرف منفذا لأرسم غيرك، منذ رجوعي تلك الليلة وعقلي يسيطر عليه فكرة واحدة " الملامح الحسناء البيضاء من صاحبتها ؟ " منذ تلك الليلة وأنا لا أنام إلا من بعد أن تسترجعك ذاكرتي وتهرول رقصا بك، أنت يا عبير التي كتبت إسمها و زخرفته الرقيقة أسفل القصائد، كتبت لك ولك فقط، لو تعرفين كم أود أن أكون شاعرا فقط لأكتب عن حسنك، مللت النثر ، أحتاج أن أكتبك بقافية الفتنة التي تنتمي إليك. أسفل أشعار نزار وإخضرار قلبي بكلماته يوجد أنت. تجاورين القصائد بإستيطان لا يرحم ولا يرحم قلبي، " أشهد أن لا امرأة قد أخذت من اهتمامي نصف ما أخذت واستعمرتني مثلما فعلت وحررتني مثلما فعلت " و ليس هذا فقط، أشهد لك بحب يعبر المحيطات وعينيك. " أشهد أن لا امرأة تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال ، تحرقني .. تغرقني ، تشعلني .. تطفئني ، تكسرني نصفين كالهلال "
                جلس بالمقهى المقابل لفندقهم، تحديدا بالكرسي الذي أعتادت عبير عليه منذ ان أتت باريس ، أخرج قلمه ليكتب على منديل المقهى المزخرف بخط الثلث " يقول نزار وأقول لك : أيتها البحرية العينين والشمعية اليدين والرائعة الحضور أيتها البيضاء كالفضة والملساء كالبلور أشهد أن لا امرأة على محيط خصرها . .تجتمع العصور وألف ألف كوكب يدور أشهد أن لا امرأة غيرك يا حبيبتي على ذراعيها تربى أول الذكور واخر الذكور أيتها اللماحة الشفافة العادلة الجميلة أيتها الشهية البهية الدائمة الطفوله "
                طواه ليخبر النادل الذي وضع كوب القهوة أمامه : هل لي بطلب شيء اخر ؟
                النادل : بالطبع تفضل
                فارس : تأت هنا أمرأة عربية دائما مع فتاة اخرى
                النادل بإبتسامة : العرب كثر
                فارس : أعلم ولكن تجلس هنا أيضا .. أخرج هاتفه ليفتح على صورتها .. هذه
                النادل : عرفتها
                فارس : تأت كل يوم، هل لك أن تحتفظ بهذا المنديل حتى تأت وتعطيها إياه مع قهوتها
                النادل الوسيم يتسع بإبتسامته : بالطبع يا سيدي
                فارس : شكرا لك.
                أخذ النادل المنديل ليضعه في جيبه، حكايا الحب تدس في بلادنا ولكن تستنطقها العيون بفضيحة كبيرة، ليست فضيحة بمعناها بقدر فضيحة إنسانية مشرفة تبدأ ب " أحبك " و تنتهي بمثل ال " أحبك " و ترتيلها. وأحيانا تكون فضيحة لا تشرف إن أتت بعصيان لله، هو الحب يكن أجمل إن غلفه رضا الرحمن.

                ،

                لم ينطق حرفا وهو يواصل طريقه للخروج من باريس ناحية الشمال الفرنسي، ضاق فكره لايستطيع التركيز وهو يبحث عن منفذ، ليس أكثر ذكاء من والده الذي واجه مثل هذا الموقف وأنقطعت أنفاسه حتى أندثر التراب عليه، ليس أكثر دهاء من سلطان العيد حتى يفكر بحل غير الإستسلام للموت الذي سينتهي به وهو يصطدم بإحدى السيارات. وهذا السيناريو المتوقع، الموت الذي يختم الحياة، يبقى السؤال كيف نفر من النهاية ؟
                ألتفت إليها، صمتها ، هدوئها وصدرها الذي يهبط بشدة ويرتفع بمثل الشدة، فمها الذي يتمايل تارة وتقطعه أسنانها تارة وجبينها الذي يتعرج لحظات ويستقيم بثواني متقطعة، أصابعها التي تتشابك فيما بينها ويدها التي تتكأ تحت خدها بجانب الشباك، أقدامها التي تهتز ، لم أتأمل أصغر تفاصيلك في وقت ضيق كهذا ؟ عطشان يا رتيل لكلمة منك، كلمة وأنت شحيحة جدا.
                : أربطي حزام الأمان
                لم ترد عليه ولم تطيع أمره، تفيض بقهرها حد انها لا تطيق أن تسمع صوته الان. يلعب معي كالمراهقين، يستفز كل عرق يتصل بعقلي ليجن معه جنوني، أخذت كفايتي من أسلوبه ولا أظن أنني سأستمر أكثر.
                يكرر لها بحدة صوته : قلت أربطي الحزام
                رتيل بنبرة مرتفعة وهي تلتفت إليه بكامل جسدها : مالك دخل فيني !!
                بصرخة ألجمتها : أربطي الحزام
                تعبرت وهي تنظر له، أختنقت بعبراتها وتدافع الدموع عند عينيها، صرخته زلزلت صدرها لتسند ظهرها على الكرسي وتنظر للطريق المبلل وتجاهد أن تمنع دموعها من إستعمار محاجرها أكثر.
                نظر للطريق الذي فرغ بشكل تام سوى من بعض السيارات البعيدة ، بحركات سريعة سحب الحزام ليربطه عليها. لم تتحرك سوى دمعة أبت الغرق في محاجرها لتنزل على خدها.
                سحب هاتفها ليتصل على عبدالرحمن، ثواني طويلة حتى أجابه بصوت يستبشر الفرح : هذاني بجيكم
                عبدالعزيز بصوت متزن تخونه الكلمات المتقطعة على حافته : مقدر أرجع
                عبدالرحمن من نبرته أستطاع التخمين بأن أحدا ثالث معهم : وش صاير ؟
                عبدالعزيز مسح وجهه ليردف بقلة حيلة وكأنه يستقبل الموت مثل أهله، أصواتهم تتداخل في ذاكرته، تتداخل بتقاطع حاد يشطر قلبه، ضحكاتهم وصرخاتهم تعبر إذنه وتخنق عينيه بلا رحمة : كان فخ منهم بس مقدرت أتوقعه
                وهذه النبرة التي تعني الخلاص تنهي قلب عبدالرحمن أيضا، أردف : كيف فخ ؟ أنت وينك ؟
                عبدالعزيز : السيارة ماتوقف .. الدواسة ما تشتغل ولا راح تشتغل لأنها بس شكل قدامي لكن منفصلة
                ألتفتت رتيل له وهي تسمع كلماته، بلعت غصتها ودموعها تتدافع على خدها،
                أكمل : مقدر أرجع باريس والطرق كلها زحمة .. الحين في طريق الشمال ...
                صمت مهيب يعقد على لسان عبدالرحمن الذي جلس على طرف السرير بعد أن تجهز للخروج ، هذا الحادث تماما ما حصل مع سلطان العيد وعائلته، لا قوة لدي لأتحمل كل هذا مرة أخرى.
                عبدالعزيز ينظر للهاتف الذي يضيء برسالة تخبره عن نفاذ الرصيد، رماه جانبا ليأت صوت عبدالرحمن الندي : ألو. .. عبدالعزيز .... عبدالعزيز ... *صرخ* .. عبدالعزيز ...
                سقط هاتفه من يده ليحاصر رأسه بين يديه ، يشعر بالضياع التام، رتيل وعبدالعزيز معا! قلبين يشطران روحه الان.
                عبدالعزيز عقد حاجبيه ليردف بصوت هامس : كتفي إيدك ،
                رتيل بصوت يختنق : وش بيصير ؟
                عبدالعزيز يفتح النافذة التي بجانب رتيل حتى إن حصل شيئا وأصطدم لا يأت الزجاج عليها : كتفيها يا رتيل عشان ماتنكسر
                رتيل أخفضت رأسها لتبكي بإنهيار تام، يشبه إنهيارها في تلك الليلة التي أغتصب بها شفتيها، يشبه تماما ذلك الأنين الذي يشطره نصفين، شتت نظراته : رتيل ..
                رتيل هزت رأسها بالرفض، لا تريد أن تصدق ما يحدث الان، لا تريد أن تعرف. والهواء البارد يلعب بدمعها المتطاير.
                عبدالعزيز يفتح شباكه أيضا والشارع الواسع الطويل يكاد يكون خاويا الان إلا من الشاحنات الغذائية : تنطين ؟
                رتيل ببكاء عميق : ما أبغى
                عبدالعزيز ينظر للطريق مرة أخرى وبنبرة المواساة التي يدرك أنها كذب : إن شاء الله ماراح يحصل شي ..
                صمتا لدقائق طويلة ولا يحضر سوى بكائها، ببحة : ياربي عبدالعزيز كيف كذا ؟
                تنهد بضيق : أبوك صار عنده خبر يمكن يقدر يسوي شي
                أنتبه للوحة المكتوبة بالفرنسية " يوجد إصلاحات يرجى المرور من الطريق الفرعي " ، تجاوز الطريق الفرعي الذي خلفه بعدة مترات قصيرة ، لم يستطيع أن يتراجع للخلف والسيارة مازالت مستمرة بالسير أماما، . . . والان لا مفر يا أنا ، تبا.

                ،

                تقدم بخطوات ضئيلة للصالة العلوية التي كانت سابقا مكانا للوحشة فقط، ألقى السلام بجمود ملامحه : السلام عليكم.
                : وعليكم السلام
                سلطان : غريبة جالسين هنا !!
                حصة : قلنا نغير
                سلطان بصوت يثير الريبة : تصبحون على خير .. ونزل للأسفل.
                حصة : ألحقيه شوفي وش فيه
                الجوهرة : لا .. أصلا ماراح يقولي ليه أتعب نفسي !
                حصة رفعت حاجبها : طيب روحي له .. وأنا بدخل أنام تأخر الوقت
                الجوهرة تنهدت أمام أنظار حصة المراقبة لخطواتها، عادت للخلف : بنزل القهوة للمطبخ
                حصة أخذتها من الطاولة : أنا بنزلها
                الجوهرة تبحث عن حجة أخرى : طيب باخذ لي كتاب أقراه لأن مو جايني نوم
                حصة أمالت فمها لتردف : الجوهرة!! وش فيك تدورين الحجة عشان ماتنزلين
                الجوهرة بحرج : مين قال كذا ! بس .. خلاص طيب .. ونزلت للأسفل بإتجاه جناحهم.
                وضعت يدها على مقبض الباب وبمجرد مرور حصة بجانبها فتحته بهدوء لتلتقط عيناها خطوات أصابعه التي تغلق هاتفه ، رمقها بنظرة لم تفهمها تماما، تشبه نظرات العتاب أو الحزن أو الضيق أو اللاأدري، بلعت ريقها بمجرد ما أعطاها ظهره، أتجهت نحو دولابها لتغير ملابسها ، أفكارها ضاعت بنظراته وهدوئه الذي يزلزلها دائما، أرتدت بيجامتها بخطوات خفيفة/سريعة ، فتحت شعرها المرفوع ك " كعكة " ، بخفوت سارت نحو الجانب الاخر من السرير المصوبة نظراته له، جلست والأرق يهرول في جسدها من بدايته حتى نهايته، نظرت له وهو مغمض العينين ، منتظم الأنفاس ، ملامحه هادئة لا مجال بها للغضب أو الحقد الذي أعتادته في الفترة الأخيرة، الإستفزاز الصامت من عينيه الدائمة الحب ، الذبذبات التي تقفز من جسده نحوي لا يمكن أن ينكرها عقله مهما فعل، رجولته التي تسير بثبات نحو قلب ناعم، حاجبيه الغامقتين، عيناه المرة كالقهوة الشديدة التعقيد ، صخب فحولته وصخب جسده الذي يمر دائما ليضيئني ويشعلني ويقتلني وكيفما يشاء يفعل بي ، يا رجل التاريخ الأول، يا رجل الوشم الذي لا يمحى من جسدي. يا رجل الحب المعقد والعقد من عينيك تقتلني، يا رجل البن المر أني أحبك في وقت لا أريد به أن أحبك ، " يا أيها اللغز الذي.. دوختني وأنا أحاول جاهدا أن أحزرك " يالسماء الندية أنا والله أخشى أن يغمى علي إن قلت لي يوما " أحبك ".
                فتح عينيه التي لم تنام ويشعر بالتفاصيل الرقيقة التي تراقبه، كيف ينام وأفكاره تتلخبط وتصطدم بشدة/بحدة.
                شهقت بمجرد أن فتح عينه، لتضع يدها على صدره وتهمس : بسم الله.
                سارت الحمرة وليست وحدها هي التي تسير، الحرارة الداخلية تتفجر من قلبها بهذه الثواني. ضحك بشهقتها دون أن يلفظ كلمة.
                وضعت رأسها على الوسادة وهي تغطي وجهها بالفراش تحاول أن تتجاهل نظراته وضحكته والمحاولات بحق سلطان شديدة الفشل والحرج.
                بهمس : الجوهرة
                لم ترد عليه وهي تغرز وجهها في الوسادة وتغطي كامل جسدها بالفراش، أردف بعد أن رأى الصد : تصبحين على خير

                تعليق

                • *مزون شمر*
                  عضو مؤسس
                  • Nov 2006
                  • 18994

                  رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                  ،

                  يرمي كل شيء أمامه وهو يرتدي ملابسه المجعدة، يريد الخروج ما عاد به قوة للتحمل أكثر، أريد أن أنظر لها، أن أشعر بها، أن أصرخ وأقول " هذه والله غادة " ليست من الأربعين الحمقى الذين تشبهوا بها ، ليست أحد والله سرق ظلالها ، إنها هي غادة أود أن أسقط لعناقها كما لم أعانقها من قبل، أود أن أبكي على صدرها وأتخلص من الشرقية المتغطرسة التي تأبى الدموع، يالله كم كان عقابي شديدا في الوقت الذي تفاخرت به بهذه الشرقية ، كم كان فخري مدعاة للحزن وللسخرية وأنا أبكيك الان.
                  عيناي وإن جفت فهناك قلب يبتهل بك، لا يرى من النساء إلا أنت ، يا مخملية العينين التي أشتهيها، يا الحضور البهي التي يخضر به القلب ، يالغياب الذي يشارك الموت في مفرداته، يا الصباح الزاهي يشتق من غيابك شحوبه.
                  خرج بإضطراب خطواته وهو بجنون يفكر أن يسير على أقدامه لباريس إن صعب عليه الأمر، يريد أن يغمض عينيه ويفتحها وهي أمامه، ياللمجانين الذين يريدون أن يهذبون قلبي وأنا ميت بك ؟ يا للمجانين الذين يمحون البكاء وأنا عيناي مسامات لا تيبس !
                  مر من الإستقبال الملتهي ليخرج من المستشفى و سماء الرياض الجافة مازالت تمارس قمعها لقلبي الذي يتوق للبلل.
                  في مثل هذا الفجر، في مثله قبل سنوات.
                  غادة : وجهة نظرك خاطئة ماله علاقة بالرجولة!
                  ناصر : هذا اللي ناقص !! أنا الرجال اللي يبكي قدامي يطيح من عيني
                  غادة تنظر لفجر باريس الذي يزاحم الغيم : يالله يا ناصر! والله أنك تكذب مستحيل ما قد بكيت
                  ناصر : إلا بس ما أبكي يعني أدمع أحيانا لكن أني أبكي وأنهار بصراحة لا و هالشي عندي عيب
                  غادة : يعني بينقص من رجولتك أنك تبكي ؟ بالعكس الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا يبكون أحيانا
                  ناصر : صلى الله عليه وسلم لكن أنا بالنسبة لي ماأحب البكي ولا أحب أشوف رجال قدامي يبكي
                  وبضحكة أردف : البكي مخلينه لكم يا رقيقات
                  خرج للشارع الرئيسي وهو يوقف إحدى سيارات الأجرة ، لو تعلمين يا غادة كم تغيرت قناعاتي منذ أن غبت، أنا الذي لم أحب البكاء يوما بات لا يمر يوما دون أن أسجد ببكائي من جنون شوقي إليك.

                  ،

                  حك جبينه ، لم يأته النوم منذ إتصاله ، أخرج ورقة بيضاء من الدرج ليرسم بوقع ثقيل على البياض، افراد مشتتة و إسم " عبدالرحمن " ينقش بطرف الورقة و يوازيه إسم " سلطان " تنهد لتختلط أفكاره بغثيان شديد.
                  رفع هاتفه الذي يهتز : هلا . . . هههه ضحكتني وأنا ماني مشتهي، تستهبل معي ولا كيف ؟ . . . طيب . . تعرفون أنكم تلعبون مع الشخص الغلط ! بمجرد ما توصل لجهاز الرياض راح يتحرك اللي أكبر من سلطان بن بدر وساعتها مدري مين اللي لازم يفلت ! . . طبعا لا أنا أحاول ألقى نهاية لهالمسألة بما لا يضرني ولا يضرك . . . . . . وتحسب عبدالرحمن بيسكت ؟ هو أصلا بدا يشك وسلطان بعد بدا يشك . . . . . . أنا مايهمني كل اللي تقوله اللي يهمني أنه ما ينداس على طرف واحد من اللي يعزهم عبدالرحمن . . . إيه نعم يؤسفني هالشي يا حبيبي . . . . عبدالرحمن وأهله خط أحمر وماأبغى أعيد هالحكي مرة ثانية.
                  أغلقه بهدوء لينظر لرسالة متعب " مقرن دورت على ملف قضايا 2008 ومالقيتها، بس تصحى أرسلي مكانها "
                  مقرن تنهد ليكتب له بأصابع مثقلة " في أرشيف الدور الرابع ".

                  ،

                  ترك ضيء في ريبة من أمرها ومن خلفها عبير التي بدأت تخمن بعينيه المتسائلة عن ما يحدث، أبلغ الشرطة ولكن الأمور تفلت منه في وقت يخبره رجل الأمن أن الطريق بأكمله خاو من أي سيارة تحمل هذا الرقم، أين ذهبوا في هذه الساعات ؟ أي أرض تحمل خطاهم المسكينة التي لم ترى يوما أبيض! لا هاتف يستطيعون الوصول إليه ولا رقم يستطيعون مراقبته لمعرفة أين هم ! سيئة الأجواء والأكثر سوء هي الظروف. في منتصف الشارع بعد أن تم إغلاقه والمطر يبلل أجسادهم : إذن ماذا ؟
                  : يا سيدي إننا نفعل كل ما بوسعنا والان يتم البحث في الناحية الأخرى من المدينة
                  عبدالرحمن مسح وجهه لا يستطيع التفكير أكثر، الرمادية تغشاه والضباب يخبره بأن لا أحدا تنتظره. لسانه يبتهل بالدعوات منذ أن سمع صوت عبدالعزيز المرتبك.
                  : هل بإمكاني أن أرى اخر مكالمة له ؟
                  عبدالرحمن : مسجلة في البريد الصوتي.
                  : حسنا ، سمع صوته وهو لا يفهم العربية تماما ، سنرى اخر مكان له ، دقائق عريضة ممتدة تسوء على قلوب الجميع دون إستثناء. أتى الشاب الاخر بلكنة فرنسية بحتة : الإشارة عند ( إستويغ ) بجانب مصبات النهر
                  ينظر عبدالرحمن للطريق ذاته : نحن هنا !
                  الشرطي : ربما تقدموا للأمام قليلا سنتجه في ناحية الطريق ذاته ..
                  ركبا السيارة التي تسير بمثل الطريق ، أعينهم الشاردة تبحث بكل بقعة في هذا الشارع التي على جانبيه الأرض الخضراء المصفرة.
                  الشرطي بصوت متزن وبإنكليزية مغلظة : تم إبلاغ شرطة الميناء بفقدانهم، أمر الحادث واقع لا محالة لن يستطيعوا السيطرة على السيارة التي تسير بسرعة مثل ما تم تحديدها 180 كيلومتر في الساعة ، معنا مسعفين في حال كانوا أحياء ولم يحصل لهم شيء.

                  ،

                  في صباح الرياض الباكر، الجو يعتدل مائلا لقليل من البرد. دخل المستشفى متجها لغرفته ، أتسعت محاجره من السرير الفارغ المرتب ويتضح أن لا أحدا نام عليه ليلة الأمس ، أتجه للإستقبال : بسأل عن المريض ناصر ال .. لم يكمل إسمه من مقاطعته له : إيه للأسف مالقيناه موجود وتوقعناه طلع حتى كنا نحاول الوصول لرقمك عشان بعض الأوراق المحتاجة توقيع
                  فيصل رفع حاجبه : كيف طلع ؟
                  : اعتذر بس
                  قاطعه فيصل بعصبية : هذي مسؤولية المستشفى كيف مريض يطلع بدون لا تتم إجراءات الخروج!!
                  : أخ فيصل إحنا م
                  فيصل : لا اخ ولا زفت أنا راح أشتكي عليكم .. هذي أرواح كيف تغفلون عنها
                  : لو سمحت إحنا بمستشفى وماينفع تعلي صوتك، إحنا نعتذر عن الخطأ الغير المقصود وممكن أنه هرب بطريقة تحايل يعني خارج عن إرادتنا
                  فيصل بتهديد : هالشي تقوله لمدير المستشفى ..
                  أبتسم موظف الإستقبال بضيق : يعني بتقطع أرزاقنا الله يهديك!
                  فيصل يتجاهله بغطرسة لا تخرج منه عادة : أنتهى كلامي معك ... خرج وهو لايعرف كيف يصل إلى ناصر الان.
                  أتصل على بيته لتجيب الخادمة : ناصر موجود ؟
                  الخادمة : إيه الحين يبي يطلع
                  فيصل أغلقه وهو يتجاوز السرعة المطلوبة في مثل هذه الطرق، هذا الرجل بات لا يعرف أين مصلحته. ستقتلني يا ناصر!!

                  ،

                  وقفت عند الباب لتردف في داخلها كثيرا " يالله يا ريم تشجعي .. هو الغلطان ماهو أنا " ، يارب رحمتك التي وسعت كل شيء، هو المخطىء في كل هذا لست أنا ، تقدمت له وهو جالس بهدوء على الأريكة : ريان
                  رفع عينه : نعم ؟
                  ريم شتت نظراتها لتردف بربكة لسانها : أظن لازم نفهم بعضنا ، يعني تفهمني وأحاول أفهمك
                  ريان بنظرة جارحة تحمل اللامبالاة وكأن أمر علاقتنا لا تهمه : طيب ؟
                  ريم : أنا مدري سبب طلاقك في زواجك الأول ...
                  يقاطعها بغضب : الماضي مالك دخل فيه زي ماأنا مالي دخل في ماضيك
                  ريم بتوتر : وأنا وش الماضي اللي بيكون لي ؟
                  ريان : مدري أسألي نفسك
                  ريم : ماأعرف يمكن فيه موقف ماخذه ضدي وأنا ماأعرفه أو فاهمه غلط لازم أوضحه لك .. فكون صريح معي عشان نبدأ صح
                  ريان يتجاهلها وهو ينظر لهاتفه، أخذت نفسا عميقا : لو سمحت ريان ، إذا زواجك الأول مأثر عليك إلى الحين فمن الظلم أنك ..
                  يقاطعها مرة أخرى : قلت لك لا تفتحين سالفة زواجي الأول
                  ريم بدأت تختنق بعبراتها : بس
                  بنبرة مرتفعة : قلت لا تفتحين هالموضوع وأنتهينا
                  ريم تنهدت : طيب يعني كيف ؟ أنت تعاملني كأني ولا شي
                  ريان وقف مقتربا منها، عادت بخطواتها للخلف حتى ألتصق ظهرها بالجدار ، تخافه كثيرا لتردف : أنا أحاول أفهمك
                  ريان : أنا أقول أفكارك أحتفظي فيها لنفسك، مايمشي معي هالموال وسالفة أفهمني وأفهمك
                  ريم شدت على شفتيها ليتدافع دمعها على خدها الأبيض، أردفت بحشرجة صوتها : كيف نعيش إذا ما بيننا تفاهم ؟

                  يتبع

                  تعليق

                  • *مزون شمر*
                    عضو مؤسس
                    • Nov 2006
                    • 18994

                    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي



                    ،

                    نزل للأسفل ومزاجه لا يناسب يوم العطلة، تركها نائمة دون أن يلفظ كلمة تزعجها، يحتاج أن يتحدث معها أن يفهم ما تريد وأن يعرف ماذا تود أن تقرر.
                    أتسعت محاجره عندما رأى هيفاء : وش مسوية بنفسك ؟
                    هيفاء بإبتسامة متسعة : تان يا حبيبي
                    يوسف عقد حاجبيه : الحمدلله والشكر ، وأمي راضية ؟
                    هيفاء بضجر : والله أنه يهبل علي بس وش يعرفك أنت! .. لا مسوية لها مفاجئة
                    يوسف : الناس يدورون البياض وأنت تلاحقين السواد
                    هيفاء : أولا هذا ما هو سواد إسمه برونزاج!
                    دخلت الوالدة المبتهلة بلسانها لتتجمد في مكانها ويصخب يوسف بضحكته على منظر والدته : حسبي الله ونعم الوكيل وش مسوية بنفسك ؟
                    هيفاء بإحباط : يالله وش يعني مسوية!! تان يمه
                    والدتها : يا مال الضعفة قدامك زواج ولاعبة بنفسك
                    هيفاء وستبكي من الأراء المحبطة لها رغم انه في نظر صديقاتها " واو " : يروح يا بعد قلبي بعد فترة
                    يوسف بسخرية : أعوذ بالله منكم يالحريم مابقى شي ما قدرتوا توصلون له !! عزي لنا بس
                    هيفاء : لو سمحت أنت وش يعرفك بالتان خلك على ساعاتك
                    يوسف : فرضا طلب فيصل يشوفك .. بينصدم من وصف أمه لك .. بيقول ذي البيضا اللي تقولين عنها !!
                    هيفاء بحرج حاولت ان لاتظهره : وش دراك أنه أمه وصفته لي
                    يوسف بضحكة : لا أبد قالت له أبيك لهيفاء وهو وافق
                    هيفاء تنهدت لتتكتف : أولا البرونز حلو علي ثانيا اللون ماهو غامق يعني لون حلو ويجنن .. بس طبعا أنتم نظام قديم البيضا اللي أحلى شي لو ملامحها حفريات الرياض أهم شي بيضا وشعرها طويل
                    والدتها : حسبي الله بس .. شايفة وجهك بالمراية كيف معدوم !
                    هيفاء ضربت صدرها بخفة : بسم الله علي يمه وراه تبالغين كذا! .. انا بروح غرفتي ماعمري شفت ناس يحبطون زيكم.
                    يوسف يعلي صوته : لا تحطين مكياج أخاف تقلبين رصيف
                    هيفاء وهي تصعد الدرج : ها ها ها تقتلني بظرافتك
                    يوسف بجدية : يمه شفتي منصور اليوم ؟
                    والدته : أنت كبر مخدتك بس!! راح ويا ابوك المزرعة
                    يوسف عقد حاجبيه : كان صحيتوني
                    والدته بغضب من هيفاء بدأ يصب في يوسف : أبد حبيبي أنت بس بلغني بمواعيدك وأنا أقوم وأصحيك
                    يوسف زفر أنفاسه بضيق : لاحول ولا قوة الا بالله .. هالحين تحطين حرة هيفا فيني ؟
                    والدته : أنهبلت ذا البنت .. وأختك الثانية بعد منهبلة
                    يوسف : وش فيها ؟
                    والدته : متصلة تبكي تقول أنها ماتبي ريان
                    يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أستغفر الله .. شر البلية ما يضحك وش تحس فيه ريم !! لا يكون ما عجبتها قصة شعره
                    والدته نظرت له بحدة : تحسب أختك تافهة يالتافه
                    يوسف بمزاج مضطرب : طيب ولاتزعلين .. وش عندها ؟
                    والدته : مدري عيت تقولي بس تقول أنها ماهي مرتاحة
                    يوسف رفع حاجبه : يمكن مشكلة بسيطة وهي مهولة بالموضوع! كلميها و سحبي منها الحكي
                    والدته تخرج هاتفها : بتصل عليها الحين .. الله يصبرني بس
                    وقف متجها للأعلى ، قرر أن يذهب للمزرعة ويتسلى مع أخيه ووالده، دخل بخفوت ليسمع بكائها الذي جمد خطواته وهو يغلق الباب. أخذ نفسا عميق وأنينها لم يعتاده أبدا، يشعر بالغصات التي تتراكم في عنقها وتؤذيه أيضا، تقدم بخطواته نحوها وهي تغطي وجهها بالفراش العنابي، جثا على ركبتيه بجانب رأسها : مهرة
                    لم تجيبه سوى بكتمها لأنفاسها وبكائها الضيق، كيف لا تحزن ؟ تشعر بالضياع التام. ولا إجابة تشفي صدرها وكلمات أمها تتجاوزها وتشطرها أيضا ، صوتها الداكن يخبرها بمر لم ترحمها به " لا تجددين الجروح الفايتة، أهتمي لبيتتس ورجلتس وماعليتس من شي ثاني ، تخبرها بقهر : طيب أبي أرتاح! أنت تدرين عن شي ماأعرفه ، والدتها : قلت لتس أني متطمنة عليتس عنده ولا تكثرين الهرج وتخسرين يوسف "
                    أبعد الفراش عن وجهها المحمر بالبكاء، لتشتت نظراتها بعيدا عنه. يوسف بنبرة حميمية : مهور يابعد عمري الحين البكي وش بيفيدك ؟ أنا داري أنك مقتنعة مهما حاولت تبعدين الأفكار عن راسك بس هذي الحقيقة ، لاعاد تفكرين باللي مضى وخلينا في اليوم . .
                    بعد ثواني طويلة تجادلت بها أعينهم أردف : يالله قومي وريحي صدرك من هالبكي
                    مهرة تشد على شفتيها لاتستوعب بعد ما يحدث، تحاول أن تنظر له ويخترقها بعينيه الغامقة.
                    يوسف : مهرة .. يالله قومي .... وقف ليمد يده لها .... أنتظر كثيرا حتى قال : بتفشليني ؟
                    وضعت كفها في باطن كفه وهي تقف ليشد جسدها النحيل نحو صدره، أحاطت عنقه بيديها وبدمعها المنهمر على كتفه، قبل عنقها الذي واجه وجهه ،قبلاته الدافئة كفيلة بتلاشي رعشة عروقها المشتتة، الراحة التي تمتص من جسده تشعرها بقدسية العناق، ربكة قلبها التي تزيد بإلتصاق صدرها بصدره تربت عليها لتخفف وطأة الحياة التي تقطعها دون إلتفات. دست وجهها في عنقه لتستنشق رائحته، رائحة العود التي منذ قابلته أول مرة وهي تشمه منه ، هذه الرائحة الخاصة به ولم تشمها في غيره تلتصق بقلبها وعقلها معا، برقة قبلت عنقه كقبلة الأبدية، كقبلة الإستسلام، همست : ماني عارفة وش أسوي! أمي عيت تقولي شي
                    أبعدها بهدوء ليمسح دمعها بباطن كفه : لو عندها شي يدين منصور كان قالت لك بس أمك مقتنعة بعد باللي قلته لك
                    بلعت ريقها لتردف بتشابك أصابعها : بس ...
                    يقاطعها : الحين مقتنعة صح ولا لا ؟
                    مهرة : طيب مين ؟
                    يوسف : اللي الحين بالسجن يا مهرة! .. أكيد هو مافيه غيره اللي رمى على منصور كل التهم! ولو ماأغلقوا قضية القتل كان راح يعترف إذا مو اليوم بكرا! لأنه بالنهاية قدر يعترف بكل شي يخص الأشياء الممنوعة
                    مهرة ألتزمت الصمت وهي تنظر للأسفل، الفوضى المنتظمة التي تشعر بها تجعلها تضيع في بحر أفكارها.
                    يوسف : وش رايك نطلع ؟ نغير جو !
                    مهرة رفعت عينها له : وين ؟
                    يوسف : أفكر بس أنت الحين جهزي نفسك
                    مهرة : خلها يوم ثاني أحس صدعت من كثر البكي
                    يوسف : تروقين ماعليك
                    مهرة أبتسمت : طيب .. بدخل أتروش .. وأتجهت نحو الحمام لتترك يوسف يفتح هاتفه ويبحث عن مكان يذهبا إليه.
                    فتح محادثة صديقه علي " يالسبع مرنا بالإستراحة الجو يعجبك "
                    يوسف " مانيب فاضي لوجهك ، أسمعني أبي مكان حلو "
                    علي " يخي وش فيك قطعت فينا! "
                    يوسف " تعرف أنا عضو مجلس إدارة شركة ماعندي وقت لأشكالك "
                    علي " الله يالدنيا ! بس معجزة عضو مجلس إدارة ومتخرج بمقبول "
                    يوسف " أقول لا يكثر جاهز للشماتة ، المهم علي تعرفني ماني راعي تمشي بالرياض حدي الإستراحة أبي مكان وبسرعة بعد "
                    علي " *أيقونة الوجه المبتسم إبتسامة عريضة* طيب وش نوع المكان ؟ "
                    يوسف " معفن طول عمرك معفن ! أنقلع طيب "
                    علي " ههههههههههههههههههههههههه خذها نجران يمدحون جوها "
                    يوسف ضحك ليردف " ترى هذا تراث مايجوز تتطنز عليه "
                    علي " حاشى والله ماأتطنز مير أنت ودك أني أتطنز على أهل مرتي ، تهبل أنا رايح لها قبل شهر "
                    يوسف " أقولك أبي شي بالرياض! "
                    علي " وأنا أقول خلك من ذا الأشياء خذها مني الحريم نكارات العشرة والجميل ! بس تعال الإستراحة ونكيف "
                    يوسف " ياليل النشبة "

                    ،

                    تقطعت أظافرها من أسنانها التي لم تكف عن القلق منذ أن أخبرهم أنهم مفقودين إلى الان، يالله أحمهم برحمتك التي وسعت كل شيء، أخذت نفسا عميقا لاتعرف كيف تبعد التوقعات الرمادية الشديدة السواد، منذ ليلة الأمس مفقودين ؟ يالله لو حصل عليهم شيئا كيف يساعدون أنفسهم دون أحد بجانبهم ولا حتى هاتف يتصلون منه، ماذا يعني لو كان لا شيء عليهم ولكن بسبب فقدانهم لكل وسائل الإتصال يصيبهم مكروه، يارب أرحمنا ولا تفجعنا بهم، رفعت عينها لضي التي بدأت تسير ذهابا وإيابا في عرض الغرفة والقلق ينهش في عقلها : ما أتصل للحين .. وحتى مقرن ماهو معه .. يارب لاتفجعنا
                    عبير بدأ صوتها يتحشرج : معه الشرطة إن شاء الله مو صاير إلا كل خير.
                    في جهة أخرى واقف على جانب الطريق والشرطة تحيط هذا الشارع من كل جانب، بدأت إتصالات السفارة تنهال عليه وهي التي مسؤولة عن كل مواطن هنا في باريس. سمع صوت التبليغ " تقاطع a151 تم العثور على السيارة "
                    أنجذبت أذنه إلى حديث الشرطي لتبدأ عينيه بالتساؤلات، الشرطي : عثرنا عليهم في الطريق القائم على الإنشاءات ..
                    عبدالرحمن : وحالتهم ؟
                    الشرطي : سنذهب ونرى
                    عبدالرحمن ركب السيارة بإستعجال ، قلبه الذي لا يكف عن الدعاء خشية أن يحدث لهما شيء، الإسعافات سبقتهم بإتجاه الحادث ، وقفوا عند التقاطع فخطر أن تمر السيارات بطريق لم يجهز إلى الان، نزل بخطوات سريعة متجها للداخل، نظر للسيارة لتتجمد أقدامه من هذه السيارة التي أنكمشت تماما ولا توحي بأن أحدا يخرج منها حيا. سأل المسعف الذي غطى أجسادهم قبل أن ينظر إليهم : كيف حالهم ؟
                    : الشكر للرب، ولكن فقدوا الكثير من الدماء .. وتركه في إصطدام عقله.

                    ،

                    وقفت بعد أن شعرت بالإحراج الكبير منه، بينت اللامبالاة وهي تتكتف : إيه نعم
                    نواف رفع حاجبه : على فكرة منت صاحية!!
                    أفنان : عفوا ؟ أولا هذي الأوراق قديمة يعني .. أنا ماأعرف أصلا ليه أبرر لك
                    نواف أبتسم بعد أن قرأ في ملفها أنها " عازبة " : صح ليه تبررين لي! صدمتيني
                    أفنان ودت لو تنبثق الأرض وتسقط بها : خطبة يعني مو حاطين خيار مخطوبة
                    نواف مسك نفسه قليلا ولكن لم يتمالك ليغرق بضحكاته : صح الحق علينا كان مفروض نكتب خيار ثالث اللي هو مخطوبة عشان تحطين عليه صح
                    أفنان أخذت أغراضها من على المكتب : عن إذنك
                    نواف خجل من نفسه هو الاخر كذب مثلما كذبت تماما، لا أعرف لم كذبنا على بعض ؟ لم نكن مضطرين أن نكذب! أحيانا قلوبنا تملك السطوة على ألسنتنا وتسيرها كيفما تشاء دون أن نفهم ما تفعل بنا.
                    خرجت متجهة لشقتها وهي تشعر بحمرة تسري بعروقها بعد أن أكتشف كذبتها اللاسبب لها. شعرت بمحاجرها التي تختنق، لم تتوقع أن تحرج بهذه الصورة، أن تحرج حد البكاء وتسمع ضحكته الساخرة. " أوووف، كلب طيب!! ".

                    ،

                    ينزل بخطوات سريعة بعد أن عرف بخبر الحادث الذي حضر لعبدالعزيز، بدأت الشكوك تثبت ووجود خائن أيضا تبرهن الفكرة بأدلة كثيرة.
                    توقفه حصة : سلطان
                    سلطان يلتفت عليها : يا قلبي مشغول مررة بس أرجع .. وتركها.
                    دخل سيارته ليحرك سيارته بسرعة تجاوز الحد الطبيعي، مسح جبينه وأفكاره ترتطم ببعضها البعض، صعب أن يتقبل فكرة خيانة أحد من نظامه، ولكن إن لم يكن من أفراد رائد من يكون ؟ الحادث الذي حصل لعائلة سلطان لم يكن من تدبير رائد أم ماذا ؟ إلا الغدر صعب علي أن أتقبله. دقائق طويلة تستغرق بتفكيره إلى أن وصل لمبنى عمله، دخل متجها لمكتبه ومن خلفه أحمد : تفضل هذي أوراق القضايا اللي على رائد ، بحثت في أسمائهم كلهم أسماء مالها علاقة بالحادث ..
                    سلطان : طيب يا أحمد! فيه أحد طلب منك شي بغيابنا ؟
                    أحمد بتوتر : مافهمت !
                    سلطان : يعني أحد طلب أوراق سرية وخاصة ؟
                    أحمد : لا مافيه غيرك أنت وبوسعود
                    سلطان : بس أنا وعبدالرحمن ؟ متأكد ؟
                    أحمد بلع ريقه: إيه
                    سلطان تنهد : ناد لي أمين الأرشيف
                    أحمد : بإجازة طال عمرك
                    سلطان : نائبه
                    أحمد : إن شاء الله ... وخرج.
                    سلطان رمى سلاحه جانبا وهو ينظر لساحة التدريب من نافذته، أخذ نفسا عميقا وفكرة أن " رائد " ليس مسؤولا عن الحادث تثير في داخله ألف علامة تعجب وإستفهام. ثواني قليلة حتى ألتفت لنائب أمين الأرشيف : أبغى سجلات اللي دخلوا الأرشيف غيري أنا وعبدالرحمن
                    : بس طال عمرك أنت تعرف أننا مانسجل أسماء إدارتك
                    سلطان : مين تقصد ؟
                    : يعني مقرن أو أحمد أو حتى متعب .. كل رجالك ما نطلب منهم التوقيع !
                    سلطان : طيب متى اخر مرة طلب مقرن شي يتعلق بإحدى القضايا ؟
                    : يمكن قبل أسبوعين
                    سلطان : وش كانت ؟
                    : قضية سليمان فهد
                    سلطان : وش كانت قضيته ؟
                    : الإشتراك في عمليات إرهابية مع رائد الجوهي
                    سلطان : و وش يطلع إن شاء الله
                    بلع ريقه ليردف : أحد جماعته يا بو بدر
                    سلطان بغضب : وكيف تعطيه إياه ؟
                    بربكة : مقرن يعتبر ..
                    سلطان صرخ عليه بجنون : إن شاء الله يطلع أبوي هذي معلومات سرية ماتطلع لأي فرد يشتغل هنا
                    أخفض نظره دون أن يعلق.
                    سلطان : تجيب لي كل شي متعلق في سليمان فهد
                    : إن شاء الله لكن قضية 2009 ما نملكها لأن خذاها مقرن
                    سلطان رفع حاجبه : وش قلت ؟
                    بلع ريقه بربكة كبيرة : خذاها مقرن
                    سلطان : عيد ما سمعت
                    أرتبك ليصمت
                    سلطان صرخ : طلعه لي من تحت الأرض . .
                    : إن شاء الله .. وخرج بخطوات سريعة.
                    خرج خلفه متجها لمكتب متعب الذي من شدة الربكة أسقط كوب القهوة على ثوبه : جب لي كل الإتصالات اللي سواها مقرن الشهر اللي فات
                    متعب : إن شاء الله
                    سلطان بنظرة حادة : الحين
                    متعب : إن شاء الله ثواني و تكون عندك
                    خرج من مكتبه ومقرن يثير في نفسه الريبة والشك ، أتصل على عبدالرحمن ولكن هاتفه مغلق، خشي أن حصل مكروها لعبدالعزيز!
                    جلس على مقعده ويديه تحاصر رأسه المثقل، يجب أن يتأكد فعلا من توجهات مقرن قبل أن يتصرف.
                    في جهة أخرى : لا والله أني ماأكلمه
                    أحمد : تكفى متعب ..
                    متعب يعض شفتيه بتوتر : معصب لو أقوله يذبحني ..
                    أحمد : إذا ماعرف اليوم بيعرف بكرا !! ماتفرق
                    متعب : إيه بس عاد ماهو أنا اللي أقوله
                    أحمد : جبان
                    متعب : خف علينا يالقوي الشجاع اللي مايهاب أحد
                    أحمد رمقه بنظرات إستحقار وأتجه نحو مكتب سلطان وهو يأخذ نفسا عميقا ويجهز نفسه لغضبه وكلماته الجارحة.
                    طرق الباب ودخل ليرفع سلطان عينه ،
                    أحمد بتوتر : حبيت بس أبلغك يعني حصل شي قبل فترة وما قدرنا نبلغك
                    سلطان بنظرات توحي لجحيم سيقبل عليه الان : لحظة! كيف ما قدرتوا تبلغوني ! أظن أني أداوم كل يوم ومقابل وجيهكم !
                    أحمد : إيه بس ما حبينا نشغلك بأشياء بسيطة
                    سلطان وقف : نععم ؟ طبعا انتم اللي تقررون وانا أشتغل عند سعادة مزاجك أنت وياه متى ماحبيتوا تبلغوني ومتى ما حبيتوا قلتوا لأ
                    أحمد : لا الله يسعدك ماهو كذا ! بس قلنا نحل الموضوع بدون لا نزعجك.. يعني اللي حصل أنه أرشيف الدور الرابع أستقال أمينه من فترة و . .
                    سلطان بغضب يقاطعه : و طبعا الأرشيف صار سبيل للرايح والجاي
                    أحمد : لا مو كذا بس قدرنا نعين نائب أرشيف 4 a و
                    سلطان : شف أحمد لا تهبل فيني! مين اللي دخل الأرشيف ؟
                    أحمد : محد .. يعني غيرنا
                    سلطان : وغيرنا! يدخل تحتها مين
                    أحمد : أنا و بوسعود و ..
                    سلطان : ومقرن ؟
                    أحمد : إيه
                    سلطان يحك طرف شفته وبنبرة هادئة تشتعل بخفوت : وش أسوي فيكم ؟
                    أحمد : يعني إحنا واثقين ب
                    يقاطعه بعصبية : هنا مافيه شي إسمه واثق فيه! حتى أبوك لو كان يشتغل معك ما تثق فيه
                    أحمد : اسف خطأ خارج إرادتنا
                    سلطان : أطلع برا لا أرتكب فيك جريمة أنت والغبي الثاني
                    أحمد أنسحب بهدوء عاقد الحاجبين، بعض الأخطاء التي كنا نراها بسيطة أصبحت فادحة وجدا.
                    متعب : وش صار ؟
                    أحمد : رح ود له سجل إتصالات مقرن وأستشهد
                    متعب أخذ الأوراق متجها لسلطان ، طرق الباب ووضعها أمام الطاولة وبخطوات أسرع من البرق خرج قبل أن يلفظ كلمة ويتصادم مع سلطان الغاضب.
                    يقرأ الأرقام وأسمائها وعينيه تشتعل غضبا وهو يقرأ بعض الأسماء المشبوهة، كتب رسالة لعبدالرحمن " خل مقرن قدام عينك وبس تشوف رسالتي أتصل علي ضروري "

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                      ،

                      يقاطعه وهو يقف أمامه : بس أنتظر
                      ناصر بغضب ونظرات حادة : أتركني
                      فيصل : طيب أنا أوديك بنفسي
                      ناصر : فيه طيارة الليلة من البحرين وأنا أبيها !!
                      فيصل : أبشر أنا أطير لك الحين للبحرين .. بس خلني أنا بنفسي أوصلك
                      ناصر بحدة : توصلني ؟ بزر قدامك ولا وش سالفتك
                      فيصل بجدية : طيب قدامنا طريق 5 ساعات ماعلى نوصل البحرين و بنلحق إن شاء الله
                      ناصر : حجزت وخلصت .. بالمناسبة يعني
                      فيصل بهدوء : إيه عارف .. خلاص أنا بمشي معك أوصلك بس للبحرين
                      ناصر ألتزم الصمت لثواني ليردف : طيب .. وخرج مع فيصل الذي تنهد براحة.

                      ،

                      يقرأ رسالة فيصل له " بكرا بيكون ناصر بباريس، مهد لها " أخذ نفسا عميقا يشعر بتأتأة الحب في قلبه وهو يحاول أن يدافع ويسقط في فخ الواقع، نظر إليها وهي تسير على رصيف الميناء تتجاهله تماما، شخصية غادة الجامعية ذات عنفوان الشباب عنيفة إتجاه الغرباء أمثالي، ياللسخرية! الان أصبحت غريبا عليها.
                      سار بجانبها : غادة
                      غادة دون أن تلتفت عليه : نعم
                      وليد : خلينا نرجع ،
                      غادة : بروح شقتنا
                      وليد : شقتكم الحين اكيد ماهي موجودة !!
                      غادة بحدة : مالك شغل فيني .. أنت دكتور ولا وش ؟
                      وليد تنهد : طيب زي ماتبين
                      غادة سارت بإتجاه طريق ريفولي الذي يبدأ بمنطقتهم السابقة، كلماتها تخدشه كثيرا، يود أن يصرخ عليها ويخبرها أنه وليد الذي يحبك وأنت كنت تعلمين بذلك. بدقائق سريعة وبخطواتها المستعجلة وصلت لعمارتهم وبنهاية الشارع تسير أثير القلقة بشأن عبدالعزيز، تكرر إتصالاتها كثيرا والجوال مغلق منذ يومين، يالله ! ماذا يحصل معه.
                      وقفت وهي تسمع الصوت الذي يشير للبريد الصوتي : عزوز أنشغل بالي وينك فيه من يومين لا حس ولا خبر .. بس تسمع هالرسالة أتصل علي ضروري.
                      نظرت للعمارة التي بمقابلها، تذمرت من نفسها ماذا تفعل أن تذهب وهي تعلم انه ليس هنا ، تراجعت لتعود من حيث ما أتت.
                      في جهة كانت غادة تطرق الباب ولا أحد يجيبها.
                      وليد : شفتي ؟ خلينا نطلع
                      غادة تنظر للباب الذي يقابلهم : هنا أم نادر جارتنا ..
                      وليد تنهد : العمارة فاضية يا رؤى .. أقصد يا غادة ...
                      غادة تنظر للحارس الطاعن بالسن : جورج !! ...
                      جورج الذي كأنه سينصرع بمجرد أن راها : أوه ماي قود .. ماذا يحدث هنا ؟
                      وليد أبتسم على منظره : مرحبا
                      جورج بتهويل : كنت أعرف أن الأموات يعيشون بعد زمن
                      وليد : هذه غادة ..
                      جورج يهرب بخطواته نحو غرفته ليتمتم بكلماته لا تفهم منها سوى " يسوع .. "
                      غادة : يحسبني ميتة ؟
                      وليد : أختفيت سنة أكيد الكل بيحس نفس إحساسه ، خلينا نمشي
                      غادة بإحباط رحلت وهي تمر من العمارة الأخرى : هنا كان يعيش ناصر

                      ،

                      صلت ركعتين شكر ومثل مافعلت تماما ضي، يالله كيف يفلت منا كل شيء وتبقى رحمة الله، كيف نظل نعصيه رغم النعم التي تحاصرنا من كل جانب، يالله كيف فقط ندس أنفسنا بالذنب ونحن نعرف أن كل شيء بيد الله ولو شاء أن يخسف بنا فعل. يالله مارحمك.
                      عبير : الحمدلله .. أهم شي أنهم بخير
                      ضي أبتسمت وعيناها تتلألأ : الحمدلله .. الحمدلله يالله
                      في جهة أخرى من باريس ينظر للأطباء الداخلين والخارجين، الإنتظار هذا يقتله، يستعد أن يفعل كل شيء بوجه الحياة إلا الإنتظار الذي يجعل أقدامه على حمم تثير الفزع.
                      أتجه نحو غرفة عبدالعزيز ليطمئن عليه بعد أن خرج الممرض من عنده، دخل بخطوات خافتة حتى لا يزعجه ولكن كان واع تماما، إصابات طفيفة تعرض لها، رأسه المغطى بشاش أبيض وصدره الملتف حوله الشاش أيضا يجعله يطمئن قليلا من أنه لا شيء أكبر من ذلك حصل له.
                      أنحنى له ليقبل جبينه بكل إمتنان : الحمدلله على سلامتك
                      عبدالعزيز بصوت مبحوح : الله يسلمك ..
                      وخانته البحة لتتقطع بصوته : رتيل ؟
                      عبدالرحمن : الحمدلله هي بخير...
                      عبدالعزيز يستعيد اللحظات الأخيرة التي تمر على رأسه الذي يشعر بأن طينا ثقيلا يحط عليه. كان الطريق مغلق تماما لم أستطع أن أنحني جانبا كان لا بد أن نصطدم بعربة النقل ، عينيها التي أغمضتها بشدة مازال يشعر بأنه ينظر إليها ، أنحناءه لها وهو يفتح لها الباب حتى تخرج من السيارة قبل الإصطدام في وقت كان بابه بجانب الأسلاك التي لا يستطيع أن يعبر عبرها، رفضها أن تخرج من السيارة وهي تخفض رأسها لا تريد أن ترى شيئا. لم أستطع أن أفعل شيئا سوى رميي لهاتفي الذي كان أثقل شيئا إتجاه الزجاج الأمامي حتى يتكسر قبل أن يتكسر بملامحنا ويعجنها، رميته عدة مرات حتى تكسر قليلا ، لم نعش يوما جميلا يا رتيل، لم تكن أيامنا جميلة معا ، لم نستطع أن نستمتع بالصباح معا ، لم أستطع أن أرى عيناك وهي تستيقظ، لم أستطع أن أمسك يدك أمام الجميع ونسير معا، لم أستطع أبدا أن أقول لك " أحبك " ولم أستطع حتى أن أقولها لنفسي، لم أستطع أبدا! في الحادث الأول كنت هنا، سمعتها منك، سمعتها جيدا ومنذ يومها أنا لاأنسى نبرة صوتك، أعترفت بحبك في وقت تجاهلت هذا الإعتراف، في هذا الحادث أيضا أعترفت لنفسي وأنا أتجاهل هذا أيضا، لم نكابر على كل حال ؟ لم الحوادث ترتبط بقلبينا رغم أننا ننبذ ذلك.
                      قطع تفكيره صوته : ريح نفسك ونام ، لاتفكر كثير
                      عبدالعزيز أستجاب لأمره وهو يحاول أن ينام بعد أن أنقطعت أنفاسه بالساعات الماضية.

                      ،

                      ينظر له بضحكة بعد أن غرق تماما بصخب ضحكاته ، أردف : فحل ماشاء الله عليك
                      فارس يتجه نحو مكتبة والده : بقرا كتاب أسهر عليه الليلة
                      رائد : فويرس ..
                      فارس يحاول أن يقطع أحاديث والده المحرجة له : تصبح على خير يبه
                      رائد : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه طيب يا ولد موضي .. قلت لي تحميها!! يخرب بيت عقلك بس
                      فارس ألتفت عليها : طالع على أبوي
                      رائد بإعتزاز : والله فخور فيك لكن طبعا مانيب راضي
                      فارس أبتسم حتى بانت صف أسنانه : على قلبي يا ولد الجوهي
                      رائد بمثل إبتسامته : طيب .. وش قررت بموضوع بنت عبدالرحمن ؟
                      فارس : اللي قلته لك ماعندي غيره
                      رائد : طيب يا مشعل المحمد
                      فارس رفع حاجبه بدهشة : عفوا ؟
                      رائد بإبتسامة ذات معنى عميق : الله يسلمك هذا الإسم ما ينرد عند عبدالرحمن
                      فارس بسخرية : تبغى تزور إسمي عشان يقبل فيه عبدالرحمن !! مستحيل يبه
                      رائد : ماهو مستحيل! بتروح مع أبوك محمد .. وبتخطبها وطبعا بيسأل عنك وكلام الناس ينشرى .. كل شي جهزته لك ... أخرج من جيبه بطاقة الهوية المزورة والجواز.
                      فارس ضحك من دهشته ليردف : من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام
                      رائد بهدوء : ماشاء الله على ولدي المتفقه بأمور الدين، يشرب ويكلم بنات ويقولي والله حرام يبه التزوير!!
                      فارس تنهد بغضب شديد : يبه مستحيل تنسبني لواحد ماأعرفه
                      رائد : ماله علاقة فيك، راح تتزوج وتسافر تنقلع لأي ديرة وتصرف زي ماتبي
                      فارس : هالشي ما يمشي معي بعدين كيف ! يعني .. أستغفر الله بس .. العقد بيكون باطل
                      رائد : لا مايكون باطل دام الشروط كاملة فهذا شي عادي ، طيب اللي يغيرون أسمائهم بعدين تحسبهم يتطلقون من زوجاتهم ! طبعا لا و مافيه شخص إسمه مشعل المحمد .. يعني إسم وهمي معناه فارس رائد الجوهي .. لو أنه فيه شخص بهالإسم كان ممكن يطلع عقدك باطل .. فاهم علي ؟
                      فارس : يبه أنت على كيفك تتلاعب بالأمور الشرعية
                      رائد تنهد : لا تكثر حكي .. وروح أسأل أي شيخ وقله لو طلع الإسم مزور ماحكم العقد بيقولك صحيح لأن الشروط كاملة ويتوجب عليك أنه تسوي عقد ثاني عشان الإسم لكن زوجتك تبقى زوجتك
                      فارس : لا يبه مستحيل هالشي يصير! أصلا بيكشفنا بسهولة لا تنسى هالشي
                      رائد بإبتسامة : الحين هو لاهي ماهو يمك، بيسأل عنك في الرياض وأنا رتبت لك كل الناس و أنت ماشاء الله عليك دكتور وين يرفضك ؟
                      فارس: دكتور ؟
                      رائد بضحكة : معاي شهادة تثبت هالشي وكشف حساب يثبت بعد وظيفتك المحترمة .. رجل تتمناه كل بنت وزي ماوصلني أنه بنته كبرت أكيد ماراح يوقف نصيبها لا عرف عن سمعتك
                      فارس : أي سمعة أي خرابيط و اصلا مين بيكون عارفني عشان يسمع عن سمعتي
                      رائد : غمض عين وفتح عين تلقى الرياض تحكي عنك
                      فارس : جد يبه منت صاحي!!
                      رائد : بكرا العصر أنت عنده في باريس، تخطبها منه أنت وأبوك *أردف كلمته الأخيرة بضحكة ساخرة*
                      فارس : طيب وإذا كان يعرف شكلي!
                      رائد : مايدري عنك !! كيف بيعرف وأنت أصلا ماتطلع بالشارع زين يعرف أنه عندي ولد
                      فارس تنهد ليردف بشك : أنت تعرف مع مين في باريس ؟
                      رائد دون إهتمام : مع بناته يراقبون الوضع بس ماعنده ماعند جدتي ..
                      فارس : وزوج بنته ؟
                      رائد : يقولون أنه مسافر ولد سلطان العيد
                      فارس أطمئن على عبدالعزيز ليردف : طيب ..
                      رائد : المهم أنت يا عريسنا جهز نفسك وكل الشغل خله علي ، ملف حياتك وماضيك عندي وكل شي ممكن يخطر على بالك لقيت له حل .. أنا خبرتي ماتروح عبث!!
                      ،

                      في ساعات الليل المتأخرة تسير مع ضي على الرصيف متجهات للفندق بعد عودتهما من المستشفى ، عبير : خلينا ناخذ قهوة نصحصح عليها
                      ضي : إيه والله محتاجين .. دخلتا المقهى المقابل لتطلبا على عجل دون أن تجلسا ، أنتظرتا وقوفا بهدوء.
                      النادل الذي يبدأ دوامه فجرا دخل مسلما على أصحابه، عاد خطوتين لينظر لعبير في جهة كانت عبير تنظر إليه بريبة من نظراته ، تقدم لها : مرحبا
                      عبير بتوتر : أهلا
                      النادل : معي شيء خاص بك
                      ضي بإستغراب : لك ؟
                      عبير هزت كتفيها بعدم فهم ، النادل يخرج المنديل من جيبه ويقدمه لها. أخذتها لتقرأ الخط ذو اللون الأسود المزخرف.
                      ضي أبتسمت : معجبين ماشاء الله
                      عبير شعرت بأن أنفاسها تختنق، هذا الجو يضيق عليها لتضعها في حقيبتها بعجل بعد أن قراها بإنسيابية: خلينا نطلع
                      ضي أخذت قهوتهما : وش فيك ؟ تعرفينه ؟
                      عبير بربكة تبحث عن كذبة رقيقة تقنع ضي : لا ، بس .. من جيت باريس وهالرسايل تجيني
                      ضي : اها ..
                      تستعيد بذاكرتها ما قرأته للتو وتقف عند " أيتها اللماحة الشفافة العادلة الجميلة أيتها الشهية البهية الدائمة الطفوله " ، وأنا أشهد أن لا رجلا يرضي غروري إلاك ، أشهد أن لا رجلا يجتمع عليه صمت متواصل وحديث لا ينقطع إلاك ، أشهد أن لا رجلا يحيطني برجولته كأنت ، أشهد أن لا رجلا يسرق ضوء القمر ويضيئني كأنت ، أشهد أني أنتمي إليك، أستعمرتني تماما. أشهد أني لا أريد الحرية منك وأني أرغب بإحتلالك الكامل لي ، أشهد أني أحبك بقدر ما قيلت هذه الكلمة منذ أتينا على هذه الدنيا.

                      ،

                      يتوسل الممرضة بلكنته الفرنسية المغرية : أرجوك
                      الممرضة الحسناء : حسنا ولكن لن تطيل المكوث
                      عبدالعزيز بإبتسامة : شكرا لك
                      الممرضة تأت بالكرسي المتحرك له ، ليجلس عليه ب رداء المستشفى المنقط الذي يصل لركبتيه، أتجهت به نحو الغرفة المجاورة، دخلت بهدوء وخرجت لتتركه معها.
                      مثل ما فعلت تماما يا رتيل، مثل ما تسللت إلي في الرياض، نحن نتشارك بكل شيء ولكن الحياة لا تريدنا أن نتشارك. يالهذا الواقع!
                      نظر إليها، خدوش بسيطة على جبينها ووجهها ، يلف يديها جبيرة بيضاء، تبدو شاحبة فقدت دماء كثيرة. هذه السمراء تواصل قتله ، " هل لانفراط الموج في عينيك ياسمراء جرف ، أخشى عليك، وكيف لاأخشى عليك، وأنت عزف " أخذ نفسا عميقا وهو يتأملها دون أن ينطق شيئا سوى قلبه الذي يبتهل ويثرثر. " شت ! " حتى وأنا أمامك أكابر الان. لوهلة أشعر بأني خلقت من حجر.
                      حركت رقبتها المثبتة بحامي الرقبة ، يبدو أنها شعرت به. . . .
                      فتحت عينيها بإنزعاج دون أن تميز من أمامها، تغمضها تارة وتفتحها كي تستوعب الضوء الذي يدخل عليها من كل جانب . .
                      بللت شفتيها الجافتين بلسانها حتى تنطق . .

                      ،

                      رجع على أطراف الفجر بعد أن أستغرق اليوم بأكمله في العمل، يبحث بالسجلات وبملفات ضخمة تمتلىء بالأوراق والحبر ، بدأ يسترجع ما حدث المغرب حين قرأ الرسالة في مكتبه " سألت لك الشيخ وقال عليك كفارة اليمين لأنها تدخل بمعنى اليمين لكن لو بنية الطلاق فلا يجوز لك وأنت قلت لي أنه ماكانت في نيتك الطلاق فما عليك الا كفارة اليمين " وتحديدا بعد صلاة العشاء أتجه للجنة الخيرية حتى يتصدق بالطعام عن 10 مساكين وتسقط عنه الكفارة ، شتت أفكاره المضطربة ليضع يده على مقبض الباب، شعر بأن قلبه لايستقيم بالتفكير، مرت دقائق طويلة وهو أمام الباب، شعر بحركتها بالداخل لم تنم بعد. أخذ نفسا عميقا ليدخل بثرثرة عميقة مع روحه " من حقي يا أنا، لن أخرج من هذا الزواج خالي الوفاض، ...... " لحظة!!! "
                      .
                      .

                      أنتهى البارت

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...