رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *مزون شمر*
    عضو مؤسس
    • Nov 2006
    • 18994

    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


    المدخل ل عبدالرزاق عبد الواحد.

    أشعلت حبك في دمائي
    وسكنت في زرعي ومائي
    وملأت كل مواسمي
    وملكت حتى كبريائي
    إن كنت بعضا من رجاك
    فأنت لي كل الرجاء
    أنا ما خلعتك من دمي
    أنا ما دفعتك من سمائي
    وفعلت أنت فبعتني
    يا ليت بيع الأوفياء!
    ياني.. وحسبك إن أقل
    ياني، يغالبني بكائي!
    ويعود بي هذا النداء
    لعز أيام النداء
    أيام كان الزهو يملؤني
    بأن لك انتمائي
    وبأن قلبك لا يثير
    رفيفه إلا لقائي
    وبأن عينك، عين ميدوزا
    سناها من سنائي
    وبأنني الغالي لديك
    وأنت أغلى من غلائي
    وثقي بأنك رغم ما
    سفحت نصالك من دمائي
    وبقدر ما للتافهين
    كشفت ياني من غطائي
    ما زلت ياني أجمل ال
    لحظات حتى في شقائي!
    ما زلت كل رفيف أجنحتي
    وكل مدى فضائي
    ما زلت نبض دمي، وأعظم
    ما يحقق لي بقائي
    ما زلت أنت مجرتي
    وغدي المشعشع بالضياء
    لا تطفئيها مرة
    أخرى.. فناؤك في فنائي!



    رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
    الجزء ( 60 )


    ألتفتت عليه بغضب لا تكاد تصدق بأن والدها يوافقه ويصادق على أفعاله بكل أريحية دون أن يلقي لموقفي منه أي إهتمام، عبدالعزيز أهانني بإرادة والدي ودون هذه الإرادة لما ذلني أبدا. : طبعا لا
    عبدالعزيز أدخل يديه في جيوبه ليبتسم : صدقتي؟ أصلا مستحيل نروح .. أثير هناك ..
    رتيل أخذت نفس عميق: عبدالعزيز يكفي تضايقني أكثر!!
    عبدالعزيز : وأنا ماأبغى أضايقك .. تذكري الهدنة اللي قلنا عنها !!
    رتيل بضيق : وأنت خليت فيها هدنة! تقهرني وتضايقني بعدها تقول هدنة
    عبدالعزيز تنهد : طيب خلينا نمشي .... وأتجها لحي أقل صخبا، دخلا في إحدى المقاهي المنزوية بهدوءها.
    وضعت هاتفها على الطاولة وهي تأخذ الهواء بطريقة توحي بأنها تختنق، رفع عينه لها : أنا تعبت من هالموضوع! خلينا نقرر من هاللحظة
    رتيل : يعوضني الله
    عبدالعزيز أمال فمه بمثل حركتها الدائمة التي ترتبط معه بها ولم يلحظها بعد، أطال صمته ليقطعه بجمود : يعني ؟
    رتيل شتت أنظارها دون أن تجيبه. وبدأت تسرق الغطرسة والسادية من جوف عزيز، بدأت تستنسخ قساوته كما يليق بالحزن الذي تسبب به في قلبها.
    عبدالعزيز : وش تقصدين يا رتيل!
    رتيل : اللي فهمته
    عبدالعزيز : وهذا قرارك ؟
    رتيل أرادت أن تلسعه بعذاب الضمير لتردف بقسوة أحتدت بنبرتها : لا! القرار لك ولأبوي .. من متى كان لي قرار ؟ مثل ما طبختوها .. طلعوا لكم مخرج منها
    عبدالعزيز يشتت أنظاره للمقهى الخاوي من كل شيء عدا العجوز الذي يجلس خلف الطاولة التي بجانب الباب، عاد عينه إليها : نطلع لنا مخرج!! أنت شايفة انه موضوع تافه عشان ..
    تقاطعه : بالنسبة لي تافه
    عبدالعزيز بغضب : لا تستفزين أعصابي يا رتيل!!
    رتيل ألتزمت صمتها وهي تتشابك بأصابعها مع مفرش الطاولة.
    عبدالعزيز : صدقيني محد بيخسر غيرك! أحكمي عقلك وأعرفي كيف تفكرين وتقررين
    رتيل بإستفزاز صريح : قلت يعوضني الله عن خسارتك
    عبدالعزيز أخذ نفس عميق : ما عندك غير هالحكي ؟
    رتيل بإنفعال لم تستطيع أن تسيطر على كلماته الفاترة في حضرة غيرتها المنتشية : ماهو على كيفك ولا هو على مزاجك متى ماتبي تجي ومتى ما روقت مع أثير نسيتني
    عبدالعزيز : متى نسيتك ؟
    رتيل : أسأل نفسك ...
    عبدالعزيز رفع حاجبه : مشكلتك ماهي معي على فكرة .. مشكلتك مع قلبك اللي يناقضك
    رتيل : أجل أترك لي مشاكلي بروحي! أنا أحلها مع نفسي
    عبدالعزيز بدأت قدمه اليمنى بالإهتزاز والضرب على الأرض : تفكرين بمستقبلك كيف يكون ؟
    رتيل : أحلامي مالك فيها مكان
    عبدالعزيز شد على شفتيه : يعني أفهم أنه قرارك أخير!
    رتيل ودت لو يقول شيئا يعاندها به، لو يرفض وينكر القرار، والله لأتحجج بكل شيء في يدي وأرضخ لك، لو كلمة! فقط كلمة تبلل جبين القلب المتعارك بحزنه، فقط كلمة وأعف عنك، لكنك أقسى من أن تتنازل عن كبريائك أمام أنثى مثلي، أقسى بكثير من أن تشعر بأن الحياة ضئيلة ولا تستحق أن نعيشها بهذه الصورة، أقىسى بكثير يا عزيز من أن تعتذر لي ولو إعتذار مبطن.
    عبدالعزيز : كنت متوقع شي ثاني! لو أدري أنه كلامك بيكون كذا .... ما كان جيت .. ما كان خليتك تسمعيني إياه
    رتيل بضيق تقاوم رعشات عينيها : وش كنت متوقع؟ أقولك راضية أنه أثير تشاركني فيك! ولا أقول أنه إهاناتك ما عادت تعني شي .. وش بالضبط منتظر مني ؟
    عبدالعزيز يثبت نظراته في عينيها المتلألأة بالدمع : شي واحد ما أفهمه فيك! .... شي واحد يا رتيل ماني قادر أفهمه ... كيف تتلذذين بتعذيب نفسك!
    تجمدت ملامحها، ستكره نفسها لو تبكي أمامه، بلعت غصتها وهي تقاوم الحشود الذائبة في عينيها : أعذب نفسي!! غلطان .. لو يصير اللي يصير ما يهمني وأظن كل شي يثبت لك هالحقيقة ما يحتاج أقولك وأزيد عليك .. حتى عقب الحادث لو لا سمح الله صار فيك شي كنت بحزن عليك لمجرد شخص عادي.. ممكن أحزن على أي شخص في الشارع! لكن مستحيل أندم على وقت راح بدون لا أكون معك .. لأنك ببساطة ما تعني لي شي، أشك حتى أنه أثير تعني لي أكثر منك!!
    يطيل النظر بها، لعينيها التي تصدق وتهينه كثيرا، للكلمات الحادة التي تنصف القلب وتسقطه، تبادله الإهانة ذاتها ولكن يخشى أن نبرة الصدق هذه واقع وليس من أوهامه، أردف بإبتسامة تخفي قهره : تحاولين تبنين كلامك على أشياء ماهي موجودة! تكذبين الكذبة وتصدقينها
    رتيل بغضب ترفع عينها المحمرة بالرعشة وصدرها الذي يعتلي بالنبض : ما أبني كلامي! أنا فعلا ما عندي غير هالكلام .. لا تجرب تستخف فيني بحكيك أو حتى تفكر تضايقني بأثير! وهالمرة أنا اللي بصارح أبوي عشان يعرف قدر اللي معطيه هالثقة
    عبدالعزيز : خلصتي كلامك ؟
    تكاثرت الدموع في محاجرها، كيف للغيرة أن تتسرب إلى عيني، كيف لكلماته أن تشطرني نصفين؟ كيف لإسمها البسيط أن يقف كالغصة في صوتي؟ كيف لكل هذا يجتمع في رجل! قاس يا عبدالعزيز ويعز على قلبي أن تكون هكذا، يا حزني المتواصل منك، يا حزني الذي لم يجف بعد! لم يتضائل بعد، مازال في قوته، في تماسكه، وأنت وحدك من تبدده وأنت وحدك من تستلذ بتماسكه على قلبي.
    يهمس : مين يوجع الثاني يا رتيل؟ أنت اللي توجعين نفسك
    أتى صوتها الباكي، تعرت من مكابرتها لتنهمر دموعها بقساوة الغيرة المترسبة في محجر عينها : أنت تضايقني! تهيني كثير يا عبدالعزيز هذا وأنا ما أجرمت في حقك أبد، كل هذا عشان أدافع عن نفسي في وقت الكل بما فيهم أبوي أرخصني .. وش سويت لك بالضبط عشان تقهرني بكل شي يجي في بالك؟ قولي بس وش سويت وأنا مستعدة أعتذر لك الحين وننهي كل هذا ..
    أنهارت لتغرق كلماتها في البكاء، بكلمات متقاطعة يعلو بها بكائها : أنت اللي بديت! وانت اللي ضايقتني! في كل شيء .. في كل شيء والله تقهرني .... ما أطلب منك شي.. بس أحترم قلبي ...
    بإنكسار أردفت : أحترمه لو شوية
    وقف ليتجه للكرسي الذي بجانبها ويجلس عليه : وأنت؟ يا كثر ما توجعيني يا رتيل وتقولين ما أجرمتي في حقي!
    ببحة الوجع : اللي سويته ولا شي! بس أنت ما قصرت في أكثر شي يوجع البنت سويته! رحت وتزوجت
    عبدالعزيز : قضيتك ماهي أثير .. انا متأكد من هالشي
    رتيل: قضيتي بأنه فيه شخص ثاني موجود في حياتك!! تقبل تهين أثير ؟ .... جاوب على سؤالي تقبل ؟
    عبدالعزيز بهدوء : مستحيل أقبل أحد يهينها
    أرتفع صدرها بشهيقها المتأني دون زفير، ليكمل : إن كان في بالك أني أستغل أثير فأنت غلطانة وأني جايبها لمجرد أني أهينك فأنت في مصيبة .. لأن أنا قادر أهينك بدون ما أستخدم أحد، لكن أنا .. أبغى أثير يا رتيل
    لا يدرك بالوجع أبدا، لا يدرك بحزني ولن يدرك، لم حظي بهذا السوء؟ لم الحزن يتربص لي في كل محاولة أبتسم بها! في كل مرة لا أرى شيئا يستحق الحياة، يجدر بي أن أهنئك يا عزيز فأنت كسبت وأفقدتني المتعة في الحياة.
    ألتفتت عليه بكامل جسدها لتلتصق به، تأمل دمعها بعينيه التائهتين، كيف يجب أن نخبر هذه السمراء بأن لاتبكي؟ كيف نخبرها بأن البكاء منها يعني : إنقلاب وكارثة، بأن ملامح الجميلات يحرم عليهن الدمع، أنا أعترف أنني قادر على فعل كل شيء، وأن أقاوم رغباتي بكل ماهو سيء ولكن أمام دموعك أنا جدا سيء يا رتيل وأعني بجدا سيء أنني مستعد أن أنقض العهود كما ينقضها اليهود! أنقضها بكل عنف دون أن أسأل عما سبق وعما سيأت، ما بيننا أكبر من هدنة، ما بيننا عمر لا يقبل أبدا أن يتعطل بهدنة.
    رتيل بألم : تبغاها ؟ يعني كنت تبغى تتزوجني بس عشان تضايق أبوي .. وتضايقني .. تعرف وش اللي موجعني؟ كنت أظن أنك لي وهي الدخيلة بيننا .. بس طلعت أنا اللي مالي مكان بينكم .. كيف تقدر يا عبدالعزيز تسويها فيني؟
    بدأت تفقد شعورها بعقلها وبإتزان تفكيرها، أنهارت تماما وهي تعاتبه بألم يقذف نفسه بجسدها : علمني كيف تقدر توجعني كذا ؟ يخي أنا وش سويت في حياتي عشان تسوي فيني كذا !! ليه ما تفهم .. حرام عليك .. تدري بشعوري .. تدري بأنه قلبي معك وتوجعني! ....
    يجلس بجانبها جامدا سوى من عينيه المحاصرة لعينيها المرتعشتين، بلاوعي ضربت يدها التي تغطيها الجبيرة في الطاولة وهي تعلن جنونها الان على حبها وإنهيارها عليها، سحب يدها حتى لا تكسرها أكثر لتعتلي نبرتها ولا يفصل بينهما سوى هواء عابر : أنا الغبية اللي أتحراك وأنت أصلا قلبك معاها
    عبدالعزيز بنبرة حانية : رتيل ..... خلاص ..
    تخفض رأسها : ذليتني، كرهتني بنفسي، قهرتني بكل شيء حتى بأبوي، سويت كل شي ممكن يسيء لي .. وش بقى أكثر ؟
    عبدالعزيز يسحب كرسيها أكثر حتى يلتصق تماما وما عاد الهواء العابر يمر بهما، أصبحت الأنفاس هي من تمر وتطوف حولهما : كانت ردة فعل لكلامك .. ما كان هدفي أني أضايقك .. والله ماكان هدفي أني أجرحك وأوجعك
    رتيل : هذا وما هو هدفك .. كيف لو كان هدفك وش كنت بتسوي فيني!!
    عبدالعزيز أبتسم بضيق : اهدي ولا تبكين عشان أقدر أتناقش معك
    رفعت عينيها الباكية : أنا أبكي على حظي .. على حياتي الضايعة ...
    يقاطع لذاعة كلماتها ليسحبها لحضنه، شدها حتى ود لو أنها تدخل فيه : ما تضيع حياتك وأنا جمبك .....
    يهمس بدفء أنفاسه في أذنها : رتيل ... خلينا ننسى كل اللي صار .. أمحيه من بالك
    رتيل بصوت مخنوق : وأثير ؟
    عبدالعزيز : تجاهلي وجودها في حياتي
    رتيل ببكاء الغيرة : كيف أعتبرها مهي موجودة وهي تعيش معك !!
    يبعدها بهدوء ليمسح دمعاتها بأصابعه لتكمل بوجع : كيف تحب لك شخصين ؟
    عبدالعزيز يطيل الصمت والضياع في عينيها التي يكرهها بقدر ما يحبها، هذه العينين التي دائما ما تجرد قلبه من كل الكلمات، حتى أصبح لا أعرف كيف أواسي قلبك ولا أعرف كيف أواسي نفسي!
    يمسك كفها الأيسر ليضغط عليه بكفه الأيمن، تنظر له بضياع تام، لا أعتب عليك وعينيك خماري، وأني والله يا حبيبي أخاف العري وأخاف من نظرات المارة وأغار!.. أغار من العابرين والطرق التي تراك ولا تراني فكيف بالإناث؟ كيف أقبل أن تأت أنثى وتسكن معك؟ أن تراها وهي تستيقظ أمامك؟ أن تبصرها وهي تنام بجانبك؟ كيف أقبل بأن تشاركها طعامها، أن تشاركها أمورها الحياتية الصغيرة والكبيرة، كيف أقبل بكل هذا دون أن يخدش قلبي؟ دون أن يضيق بي ويحزنني؟ كيف أقبل بأن ترى عيناك غيري؟
    : ما توفي يا عزيز .. ما توفي لا لي ولا لأثير ...
    عبدالعزيز وهو يتلاعب بأصابعه على باطن كفها، عقد حاجبيه بوجع أكبر : ما كنت متخيل ولو للحظة حتى بأكثر لحظاتي تشاؤم أنه حياتي بتكون كذا ! اني بتزوج بهالطريقة .. أنه بيكون على ذمتي ثنتين مو وحدة! .. كنت أحلم مثل الكل .. كنت أحلم بالبيت اللي بيجمعنا وبالأطفال اللي بيحملون إسمي .. كنت أحلم .. كنت أحلم فيك .. بس أنا ما حققت ولا أي شي من أحلامي ..... أنا ماني متضايق من أبوك .. بالعكس أعتبره بمقام أبوي، أنا متضايق لأني أفلست من هالدنيا .. لأن ماعاد أنتظر أحد ولا أحد ينتظرني ، متضايق لأن أبوي ماهو معاي.. لأن أمي ماهي جمبي .. متضايق من أشياء كثيرة فقدتها وفقدت نفسي فيها، بس قولي لي تقدرين تعيشين بدون أبوك؟ .....
    تخفض رأسها لتسقط دمعتها الحارة على كفه التي تتغلغل بكفها،
    عبدالعزيز يتعرى بجروحه تماما، لم يعد يفيد الإسرار بشيء : ما تقدرين وأنا مقدر يا رتيل، إذا غبتي ساعة بتفقدك أختك وبيفقدك أبوك وبيفقدك مقرن وبيفقدونك أعمامك .. وبنات عمك والكل .. طيب أنا ؟ مين بيفقدني ؟ محد .. أفهميني بس ..
    يشتت أنظاره بضياع : أفهمي أنه القصد أبد ماهو أني ماني قادر أوفي لأثير أو لك ..

    ،

    رفع فيصل عينيه ليلتقط حضورها، تجمدت ملامحه بأنها بعيدة وجدا عن وصف والدته، لم تصدق بشيء سوى شعرها الطويل ماعدا ذلك خرافات من أمي التي ترى شيء لا أراه، أخذ نفسا عميقا وهو لا يرمش أبدا، يوسف القريب منها يهمس بإبتسامة ساخرة : تبين تقهوينه ؟
    هيفاء تهدده بنظراتها العنيفة وتشعر بالإختناق وهي لم ترى سوى أقدامه، بلعت ريقها لتتوسل إليه بنظرات ثرثارة، يوسف وقف لم يعد يعرف ماذا تريد منه بالضبط ؟ ود لو يتركها لوحدها حتى تتورط ولكن لم تتم الملكة بعد ولا يجوز أن تختلي به لوحدها، جلست لتلتصق بيوسف.
    يوسف يحاول بكل ما أعطاه الله من قوة أن لا يضحك بموقف يجب عليه أن يكون الأكثر إتزانا، طال صمتهم وطال ملله منهما.
    فيصل تنحنح ليردف : شلونك يا هيفا ؟
    هيفاء بصوت متقطع : ب.. بخير
    يوسف أشفق عليهم ليحاول هو الاخر بفتح موضوع : طيب يا فصيل تقدر تقولنا الصفات اللي تبيها في هيفا
    فيصل هدده بعينه ليشد على أسنانه : فصيل بعينك!!
    يوسف أتسعت إبتسامته حتى بانت اسنانه : يالله يا بو عبدالله لا تبطي علينا عندك 10 دقايق بس
    فيصل ينظر لهيفاء التي تكاد تذوب في خجلها، بشرتها البرونزية مغرية حد التأمل، عينيها شديدة الشبه بيوسف يشعر بالضياع أمامها : ما عندي صفات محددة
    يوسف غرق بضحكته الطويلة وهو يشير له بيده دون أن تنتبه هيفاء بأنه " تخرفن "
    فيصل مسح على وجهه حتى لا يضحك ويضيع " البرستيج "
    يوسف : طيب فيه شي ثاني ودك تقوله ؟
    فيصل : وأنت مخليني أتكلم
    يوسف : يالله قول وش عندك ؟
    فيصل بإبتسامة متزنة : أنا مستعجل ، عندي شغل وأبي زواجنا يكون بأقرب وقت
    يوسف لم يستطيع أن يمسك نفسه ليضحك بخفوت وبنبرة ساخرة : عندك شغل!
    فيصل بإندفاع : والله محدد هالشي من زمان ومنصور عنده خبر
    يوسف يلتفت على هيفاء بإستلعان : موافقة يا هيفا ؟ طبعا إذا ما وافقت بتضطر تنتظرها
    فيصل يراقب حركة شفتيها المرتجفة.
    يوسف : وش قلتي ؟
    هيفاء بحركة عفوية تغرز أصابعها في ذراع يوسف معبرة عن شدة الحرج التي تشعر بها.
    يوسف : نعتبرها موافقة وصلى الله وبارك
    فيصل أتسعت إبتسامته : أجل ألف مبرووك
    يوسف وقف ليتجه مع فيصل للخارج حيث مجلسهم الذي أجتمع فيه الجميع، أطالوا وقوفهم أمام الباب وأصواتهم تخفت قبل أن يدخلا للمجلس.
    خرجت هيفاء دون أن تنتبه أنهما مازالا واقفين ، رددت وهي تهف على نفسها بيدها بعد أن أعتلت حرارة جسدها والخجل مازال يسيطر عليها لتنادي على والدتها بنبرة توشك على البكاء : يممممممه ... يممه وش ذا ..
    يوسف تنحنح حتى تنتبه لهما بينما فيصل تمتد إبتسامته لاخر مداها.
    شهقت وهي تتراجع للخلف وتشتم نفسها ويوسف وفيصل وكل عائلتها في ثواني قليلة، ودت لو الأرض تنشق وتبلعها حالا .. حالا.

    تعليق

    • *مزون شمر*
      عضو مؤسس
      • Nov 2006
      • 18994

      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

      ،

      الجوهرة بخوف : راح أصرخ لحصة . . .
      تعتلي قبضته لتحاصر زندها وهو يصعد وهي تقاوم الصعود وتتمسك بالدرج : سلطان
      يقترب منها ليفك يدها من الدرج ويحكم سيطرته على كلتا يديها بيده ويصعد بها، أندفعت وهي تكره نفسها أكثر حين ترضخ له : طيب اسفة .. خلاص اسفة ...
      سلطان : أنا أعلمك كيف تتطاولين وتعلين صوتك علي! .... دخل بها لغرفتهما وأغلق الباب.
      بقساوة ينزع حزامه العسكري الغليظ من بنطاله، تنظر له بدهشة بعد أن تجمدت عروقها، ألتصق ظهرها بالباب : عمتك ما رضيت عليها بالكف وأنا حتى الحريقة ترضاها علي !!!
      سلطان بغضب : طيب يالمحترمة! يوم تعرفين تحاضرين وتناظرين !! شوفي نفسك كيف تكلميني!!
      الجوهرة بربكة كبيرة أمام غضبه، أردفت بصوت ركيك : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع ... وأنت على طول قدمت الضرب
      تهزمه دائما بالقران، بالايات الي تعبره لتمسك غضبه وتلينه، مدد أصابعه ليسقط الحزام على الأرض وقبل أن ينطق شيئا أوجعته بقدر الوجع الذي يترسب في قلبها، لتسخر بكلماتها بجدية الحزن : وأظن أنك هاجرني بليا شي! ما هو ناقص بعد تحط في بالك الهجر
      سلطان يقترب منها لتلتصق أقدامهما المتقابلة، بتنهيدته المتأنية : طيب يا حلوة
      الجوهرة من قهرها لا تعلم ماذا تقول : لا ماني حلوة!!
      سلطان يكره أن يضحك في وقت تضطرب به أعصابه ويرتفع به الغضب، أبتسم :وش تبيني أناديك ؟
      انتبهت لكلماتها ليحمر وجهها، حاولت أن تبين اللاخجل : نادني الجوهرة
      سلطان : طيب يالجوهرة بكلم أبوك وأعزمه عندنا قبل لا يرجع
      نظرت له بملامح أرتخت، شعرت بأنه يفك قيدها تماما، هدأت أنفاسها وضاعت نظراتها في كل شيء بالغرفة ما عداه رغم أنه لا يترك لها فرصة لتأمل شي وجسده يلاصقها تماما، لا تعرف كيف أنه يرضخ بسبب كلمة بسيطة منها! أن يوافق على ذهابها لوالدها بعد رفضه.
      سلطان بخبث يقطع سلسلة أفكارها : عشان أقطع يقينك بالروحة له
      تغيرت ملامحها للأسوأ بعد أن رأت أملا وسرعان ما تبخر، لتتسع إبتسامته : تبين شي ثاني ؟ لأن ماراح أرد لك طلب
      الجوهرة أمالت شفتها السفلية بغضب شديد بعد سخريته بها، لا تعرف كيف تزورها القوة والجرأة أحيانا، أندفعت : طيب يا حلو .. منك أنت بالذات ما أبغى طلبات
      سلطان يقلد نبرتها : لا ماني حلو
      الجوهرة أخذت شهيق ونست الزفير من العصبية التي تسيطر عليها : لا تقلدني!!
      سلطان مازال يعاند، يشعر أنه يصغر 10 سنوات للخلف بتصرفاته : ناديني سلطان
      الجوهرة تشتت نظراتها، تخاف من كلماتها القاسية أن تأت وهي تنظر لعينيه : يقول عني صغيرة عقل وما يشوف حاله
      سلطان يضع ذراعيه على الباب لتحاصر جسدها : ما تبيني أمزح معك ؟
      الجوهرة : أنت ما تمزح أنت تهين وبالشرع ما يجوز أنك تمزح بالإهانة
      سلطان بإبتسامة : عاد أنا مزحي كذا
      الجوهرة : وأنا ماأحب مزحك
      سلطان : غصبا عنك تحبينه ..
      بغرورة الذي يغيضها يكمل : كل شي مني مجبورة أنك تحبينه
      الجوهرة تعض شفتها بغضب حتى أحمرت بالدم : طيب أبعد
      سلطان : وإن ما بعدت ؟
      الجوهرة تكاد تجن من تصرفاته التي لا تعرف بدايتها من نهايتها، كيف مزاجه يتلون بالدقيقة مئة مرة : سلطان
      سلطان يمسك ضحكته ليقترب أكثر فوق إقترابه الشديد : حاولي تدلعيني بكلمة ثانية وأبعد
      الجوهرة : منت صاحي!
      سلطان : هذي من معجزات القران، تقرأين علي اية وتضيعني
      الجوهرة أضطرب نبضها وهو يتصادم في صدرها : طيب .. ممكن تبعد ؟ الحين حصة بتدور علينا
      سلطان بسخرية لاذعة : صادقة ماحسبناها! عمتي بتدور علينا الحين وبتخاف إن ما لقتنا
      شعرت بغباءها وسطحيتها في التبرير : سلطان لو سمحت جد أتكلم
      سلطان : قلت دلعيني بإسم وأفكر أبعد
      الجوهرة : طيب يا حلو ممكن شوي
      غرق بضحكته : دلعيني دلع رجال
      الجوهرة رفعت عينها لتغيضه : يا سبحان الله حتى بالدلع ما ترضى تنتقص رجولتك بشي
      سلطان يغيضها أكثر : ما تنقص برجولتي الكلمات
      الجوهرة : طيب إسمك ماله دلع رجولي
      سلطان : إلا له .. أنت فكري وأنا بفكر معاك
      الجوهرة تعرف ماذا يقصد : ما أؤمن فيه
      سلطان أدرك أنها فهمت قصده : وأنا ما أؤمن باني أبعد الحين
      طال صمتها لثواني طويلة حتى أردف بقهر : طيب يا سلطاني ممكن تبعد ؟
      أبتسم : ولا تفكرين بيوم أنك بتقدرين تبعدين
      الجوهرة وعينيها لا تستطيع ان ترفعها إليه، لاصق بطنه بطنها ولا فرصه للحركة : طيب أبعد سويت اللي تبيه
      سلطان يستمتع في إغاضتها وقهرها : قوليها وأنت حاطة عينك في عيني
      الجوهرة بقهر أندفعت بغضبها : أنت تبغى تهيني وبس!
      سلطان بهدوء : الحين هالكلمة بتهينك! أجل يا ضعفك إذا الكلام يهينك
      الجوهرة تضع يدها على صدره محاولة أن تبعده ولكنه كالجدار واقف.
      سلطان بخبث : أعد لما الثلاثة وبعدها تشهدي .. واحد . . . . . إثنين . . . .
      نظرت لعينيه وهي تفيض بالقهر، ستصبح هذه اللحظة من أسوأ الأشياء التي أحزنتني منه، يتلاعب بي مثلما يريد، يثبت أنه متمكن مني، بأني لا أستطيع أن أنسلخ منه، يرضي غروره على الداوم بأنني غير قادرة على الإبتعاد، ليتني أفعل ربع ما تفعل وأشعر بأنني فعلا متمكنة منك، بنبرة هادئة : ممكن يا سلطاني تبعد ل
      لم تكمل من قبلته المفاجئة التي قطعت عليها سير الكلمات الخافتة، أتشعر بالضياء الذي يتوهج بجغرافية جسدي كلما مررت بي؟ كم يلزم غيرك من الرجولة حتى يجيء نصفك؟ كم يلزمهم وأنت تختصر علي كل الرجال؟ مشكلتي والله أنني أحبك ولا أعرف طريقا أبتعد به عن حبك، لا أعرف طريقا للهرب وأنت لم تبقي لي مكانا للهرب، رغم أنك أكثر شخص يهينني، يستفزني، يغضبني ويحزنني ويبكيني إلا أنك أكثر شخص أشعر بأني دونه أعيش في غربة، مشكلتي أيضا أن عينيك تجهض كل محاولاتي البائسة في النهوض من وعثاء حبك! كيف لك أن تحمل هذا القدر من الرجولة القاسية لأنثى بسيطة مثلي؟ كل لك أن تحمل كل هذا الجمال العنيف الذي يجلد قلب هش مثلي؟ إن كنت يوما موسوعة أنا ثقافتك يا سلطان.
      أبتعد وهو يبلل شفتيه بلسانه، يوما ما سأذهب ضحية لعينيها الشفافتين وثلجية ملامحها الناعمة، كيف لمجرة تدور حول جسد أنثى وأضيع أنا في شمسها وقمرها ؟
      لم تتجرأ أن تنظر إليه، وهي تتجه نحو الدواليب من الربكة لم تعد تعرف ماذا تفعل، دون أن يلتفت إليها خرج للأسفل.
      وضعت يدها على صدرها وهو يرتفع ويهبط بشدة : يا الله عليك!


      ،

      وقف وهو يشعر بأن الدنيا بأكملها تتجمد أمام عينه، أنا مستعد أن أعلن إنسلاخي من كل الأشياء التي تربيت عليها مقابل أن يتلاشى وليد من هذا الوجود، مقابل أن تعود ذاكرتها كما كانت، مقابل أن تكون لي وحدي، وحدي أنا لا يشاركني بها أحد.
      زفر أنفاسه الغاضبة : وليد!! حسبي الله ..
      بصراخ : تنسين شي إسمه وليد!!! أنت زوجتي رضيتي ولا ما رضيتي ... لا تخليني أفقد أعصابي معاك فوق ماني فاقدها
      غادة بحنق : أقولك فاقدة ذاكرتي ماني عارفة إذا أنت تصدق بكلامك ولا تكذب .. وش يذكرني .. الله يخليك أتركني .. أتركني بس أرتب أوضاعي
      يشدها حيث الجزء الاخر من الصالة التي تخزن بها الذكريات بلا إنقطاع، تحبس أصواتهم وكلماتهم الضيقة الحزينة والسعيدة المتغنجة، فتح الحاسوب المحمول ليشغل إحدى الأقراص
      ناصر : شوفي بنفسك وأعرفي مين الصادق ومين الكذاب
      غادة بتشتيت نظراتها : عارفة ماله داعي أشوف .. لو سمحت
      ناصر رفع حاجبه والغضب يسيطر على أعصابه: صار بيننا لو سمحت؟؟ بعد
      غادة نظرت إليه والمقطع يحمل حتى يفتح : لا تضغط علي
      ناصر عقد حاجبيه الحادتين : ما أضغط عليك!! هذا شي ضروري عشان تعيشين! أنت ما تعرفين تعيشين بدوني وأنا مقدر أعيش بدونك .. عشان كذا ضروري تكونين معاي!! مفهوم ؟
      غادة تنظر للشاشة التي أتسعت بصورتها وصوتها الذي أنهمر على مسامعها.
      تسير من بعيد في مكان كان بالماضي مقهى، مهجور جدا لا تسمع سوى صدى أصواتهم، تنظر للكاميرا الموجهة إليها : للحين تصور
      ناصر بضحكاته اللامنتهية: تأخرتي قلت أوثق المكان .. وقف ووضع الكاميرا دون أن يوقفها على الطاولة المتصدعة
      تعانقه وتتنفس عطره : وحشتني
      ناصر : ماهو أكثر مني .. جلسا على الكنبة الرثة .. هالمرة بعد عجئة سير؟
      غادة : ههههههههههههه لأ أبوي فتح معي تحقيق وعطاني محاضرة بطول وعرض
      ناصر : مانيب متكلم عن أبوك
      غادة وبأصبعها تداعب خده الخشن : هو تقدر ؟
      ألتفت عليها ووجهه يقابل وجهها : بصراحة لأ
      غادة وترى بقايا أحمر شفاه على خده : مع مين جالس قبلي ؟
      ناصر ويراها من المراة المتكسرة على الجدار :يامجنونة هذا روجك !!
      غادة وتقترب منه لتمسح بأصابعها بقايا روجها على خده وبمرواغة من ناصر ليقبلها لكن ألتفتت للسقف وكأنها تتأمله
      ناصر : لا والله ؟
      غادة بإبتسامة تنظر لما حولها : هالمكان من متى مهجور ؟
      ناصر : تبخلين على اللي مشتاق لك ؟
      غادة : عشان تطفش مني بعد الزواج
      ناصر : مين قايلك هالحكي
      غادة ضحكت لأنه يعرف من ينصحها ويعطيها كل هذه المواعظ.
      ناصر : نصايح حكيم زمانه عبدالعزيز !! شغله عندي ذا أتركيه عنك لو تسمعين له صدقيني تضيعييين ..
      غادة : ههههههههههههههههههههههههه بس أنا أقتنعت بكلامه
      ناصر : لازم يخرب علي كل شيء هالولد
      غادة : قولي وش أخبارك ؟
      ناصر : ماشي حالي
      غادة : أنت بس ناظر عيوني وأتحداك بعدها ماتقول أنك بألف خير
      ناصر بحب وعينه بعينيها : وعيونك تعطيني دروس بالفرح بالسعادة يابعد ناصر أنت
      غادة أبتسمت وهي تنظر للكاميرا : للحين شغالة ؟
      ناصر ألتفت عليها ويسحبها ليغلقها . .

      أضطربت وقلبها يصطدم بصدرها الذي تبلل بالكلمات الخجلى التي لا تعرف كيف كانت تتجرأ بنطقها أمامه، أحمرت خجلا من حركاتها وكلماتها معه، هذه العلاقة لا توحي بانها سنة أو سنتين، جرأتي توحي بأن الذي مضى عمرا كاملا.
      أخذت نفسا عميقا وهي تصارع دموعها : لا تشغل شي ثاني
      دون أن يلتفت لها يشغل القرص الاخر الذي هو نفسه لم يراه منذ فترة طويلة بعكس الذي سبقه.

      على القارب الذي يعبر نهر السين ولا يشاركهم به أحد، تمسك الكاميرا وهي تصوره وأطرافها ترتجف ببرودة الأجواء : ناصر خلاص أبعدنا خلنا نوقف هنا
      ناصر يجمع كفيه وهو يدلكهما حتى يتدفئ : الجو يناسب القصيد
      غادة تضع الكاميرا لتثبت الصورة على أجسادهم من بطونهم حتى أقدامهم، أقتربت منه حتى يحكم قيده على يديها ويدفئهما، قربها إلى الأعلى وكانت توحي بأنه قبلهما
      غادة تزفر أنفاسها الباردة ليحملها ناصر بخفة ويجعلها تجلس أمامه، صدره يلاصق ظهرها وذراعيه تحيطها : متى نتزوج ؟
      غادة : ههههههههههههههههههههههه كم مرة سألت هالسؤال
      ناصر : وبضل أسأل لين يرحمنا أبوك ...
      غادة : هانت! ما بقى شي ويجي تقاعد أبوي وبعدها أكيد بيعجل في الزواج

      تطبق الشاشة، ترفض أن ترى حياتها السابقة بعينيها، تعالت أنفاسها وهي تتوسل إليه : يكفي! .. ما فيني حيل أشوف أكثر
      يضع كفه على كفها : وأنا ما فيني حيل أشوف صدك
      تلتفت إليه وملامحها تضيء بالدمع : طيب هذا فوق طاقتي! والله فوق طاقتي ...
      ناصر بغير وعي/إتزان : مافيه شي إسمه فوق طاقتك! يعني تبين حياتك هذي؟ اللي ماتعرفين فيها حتى إسمك
      غادة : أنا مشتتة عطني الوقت اللي يخليني أستوعب كل هذا
      ناصر : وأنا من يعطيني الوقت ؟
      غادة ودموعها تتساقط : أرجوك ناصر
      ناصر يقف مبتعدا عنها : يا قساوتك!
      وبعصبية بالغة يرتفع على سطحه ملكيته بها : بس طلعة من هنا لو تموتين ما طلعتي! حياتك هنا! مالك مكان عند غيري .. مالك مكان أبد

      يتبع

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

        ،

        تمر الأيام بصورة مهيبة، الهيبة التي تجعل الجميع ينحني إليها، لا أعرف كم من الوقت يلزم أبناء جنسنا حتى يستوعب أن الهجر لا يزيد قلوبنا إلا مضرة/كدرا! يراقبها وهي تأكل بهدوء بعد أن أعتادت الأكل باليسار والان تحاول أن تعتاد على يدها اليمين التي نستها طوال الفترة الماضية، رفعت عينها : فيه شي بوجهي ؟
        عبدالعزيز أبتسم : لأ
        رتيل : شككتني بحالي، اليوم عندك شغل ؟
        عبدالعزيز : إيه أنتظر أبوك يجي
        رتيل : ما نام إلا الفجر
        عبدالعزيز : الله يعينه ... نظر للمصعد الذي أنفتح بخروج عبير .. طيب 10 دقايق يا رتيل وتمشين معي .. ماهو أنتظرك ساعة!
        رتيل تنظر لعبير التي لم تتوقع أن تجد عبدالعزيز اليوم بحكم الأشغال التي أزدحمت في الأيام الماضية
        عبدالعزيز دون أن ينظر إليها : شلونك عبير ؟
        عبير بخفوت : بخير الحمدلله
        رتيل : طيب 10 دقايق وأجيك ، خرج ليتركهما
        عبير : ليه ما قلتي لي أنه بيجي اليوم ؟
        رتيل : نسيت ..... تنظر لمحادثات الواتس اب ... يارب صبرني
        عبير : مين ؟
        رتيل بشغف تلتفت عليها بكامل جسدها : تذكرين اللي تمشي مع صديقة هيفاء الطويلة .. اللي دايم تسوي بشعرها حفلة
        عبير ضحكت لتردف : إيه عرفتها .. إسمها هناء مدري نهى
        رتيل : المهم قبل كم يوم جتني تعزمني لعرس أخوها قلت لها أني ماني في الرياض! راحت قالت لهيفا أني أكذب وأني أنا أتحجج عشان ماأجي .. جتني هيفا تقول أشوى أنه عندك عذر عشان ماتجين عرسهم أنا وش عذري! المهم الهبلة هيوف كتبت هالكلام في محادثتها .. وسوت لها فضيحة
        تقلد صوتها رغم أنها لم تسمعه إلا لمرة واحدة : أنتم ماتبغون تجون بكيفكم محد غاصبكم ! ليه تنافقون وتمثلون علي وأنتم وأنتم .. ههههههههههههههههههههههههه تفجرت البنت .. هيفا كلمتني الصبح تقول مسوية نفسها ميتة ما ترد على هواشها .. تو الحين كاتبة لي نهى .. ما فيه تقدير للعشرة تتزوجين وماتقولين لي ؟ بغيت أحط لها ضحكة طويلة وأقولها عفوا مين أنت ؟ يختي غصب تحط بيننا عشرة وأنا ما شفتها الا مرة وحدة
        غرقت عبير بضحكتها لتردف : هبلة هالبنت! لا تردين عليها وأسفهيها
        رتيل : عقلها صغير أستغفر الله .. مشكلتي ما أحب أحش بأحد
        عبير بسخرية :بسم الله على قلبك ماتحبين تحشين أبد!
        رتيل : يعني صراحة فيه ناس غصب يخلوني أحش ولا أنا ما ودي .. تحسين كأنهم يقولون لك تكفين حشي فينا
        عبير : أصلا أنا ما أدانيها يختي قلق مررة
        رتيل : مدري كيف صديقة هيفا تماشيها! أبد الضد منها
        عبير : تخيلي في ناس تشوفك وتقول .. كيف هيفا تماشي رتيل ؟
        رتيل : ياكلون تراب! الحمدلله صدق أني أسوي أشياء غبية في حياتي بس ماني قلق ولا نشبة ولا أهايط .. الله ياخذ سيرة الهياط يختي تذكرني بناس وصخة
        عبير: سبحان الله كل الناس وصخة ماعداك
        رتيل غرقت بضحكتها لتردف : أستغفر الله الله يتوب علي بس اخر وحدة بحش فيها وإن شاء الله أني بعدها بتوب، تعرفين بنت صديقة أبوي اللي إسمه مدري إسم جده معاذ .. اللي تعرفنا عليها أيام الثانوي ..
        عبير أتسعت محاجرها : لا تقولين لي أنك متواصلة معها إلى الان .. قديمة مررة
        رتيل بحماس الموضوع : معي في الواتس اب ، المهم أرسلت بي سي حق ..
        تقلد صوت الدلع : البنات الكيوت و الياي .... المهم كتبت المناكير وعلاقتها بالحب .. قلت لها طيب اللي ماتحط مناكير ؟ فشلتني الكلبة وقالت ماهي بنت ماتدخل من الفئة المعنية بالبي سي ! قلت طيب اللي تحط مناكير شفافة ؟ قالت لي لحوج! قلت طيب اللي تحط مناكير زي لون شعرك .. الحيوانة عطتني بلوك ..
        عبير : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههه قسم بالله أنك حقيرة يا رتيل
        رتيل بصخب ضحكاتها : قهرتني الكلبة أجل أنا لحجية وهي صابغة شعرها أصفر .. يا ليته أشقر بعد .. عاد هذا قبل سنين يمكن أنها الحين صبغته أسود وعقلت
        عبير صمتت وشتت أنظارها لتلتفت رتيل للواقف أمامها : خلصتي حش ؟
        رتيل بإبتسامة ونظراتها العفوية تبتسم معها : باقي أنت ما حشينا فيك
        عبدالعزيز : قومي معي منت كفو أحد ينتظرك
        رتيل تقف : طيب خلاص ... أتجهت معه للخارج وبنبرة الفلسفة الغير مقنعة : تعرف عبدالعزيز وش يروقني ؟ لاحظت أنه أكثر شي يروقني لما تكون سعيد
        عبدالعزيز ألتفت عليها : بحاول اصدق
        رتيل : هههههههههههههههههه جد أتكلم! أنت أنبسط يا قلبي وأنا اروق
        عبدالعزيز تنهد : تحبين تتطنزين على علاقتنا كثير! ملاحظ هالشي و أصلا هالفترة واصلة معي وأنتظر الزلة على اي أحد عشان أتهاوش معه
        رتيل : هذا شي يرجع لخلل عقلك لكن ظاهريا أنت سعيد
        عبدالعزيز يعض شفتيه ليحاوط رقبتها بذراعه وينزل رأسها ناحية بطنه
        رتيل : خلاص خلاص اسفين .. عورتني توها راجعة لي رقبتي تبي تطيرها بعد
        عبدالعزيز يتركها : أنت ما تروقين يا قلبي أنت تهايطين
        رتيل أتسعت بإبتسامتها : أستغفر الله أستغفر الله .. اليوم بجلس أستغفر عن كل شخص حشيت فيه ...
        عبدالعزيز : أنت كويس ما تحشين في ظلك
        رتيل عقدت حاجبيها : تبالغ مرة .. أنت والله اللي كويس ما تتهاوش مع ظلك
        عبدالعزيز : بس أنا أقولك وش اللي مروقك هاليومين ؟
        رتيل : وشو ؟
        عبدالعزيز وهو يسير بجانبها على الرصيف الصاخب : أنك صايرة ما تتهاوشين معي وتعاندين! عشان كذا أمورنا طيبة
        رتيل : إذا أنت ما نرفزتني ما اتهاوش معك
        عبدالعزيز بخبث : ولا عشان ماتشوفين أثير
        رتيل وقفت وهي تعض شفتها السفلية بحقد.
        عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههه بترجع الليلة لازم تقومين بواجب السلام
        رتيل تكمل سيرها حتى لا تلفت إنتباه أحد : شفت! ما ترتاح إلا إذا عصبتني وأنا مروقة .. يخي أتركني أنبسط لو يوم
        عبدالعزيز : أبشري على هالخشم
        رتيل أبتسمت : طيب .. وين بتوديني اليوم ؟
        عبدالعزيز يواصل خبثه المتغزل : لقلبي
        رتيل ضحكت لتردف : لاحول ولا قوة الا بالله .. جد عزوز
        عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههه وصرنا نقول عزوز ؟
        رتيل : عفوية لا تجلس تدقق
        عبدالعزيز : طيب عندي لك موضوع سري سري سري للغاية .. حتى بينك وبين نفسك لا تفكرين فيه
        رتيل رفعت حاجبها : وشو ؟
        عبدالعزيز : يخص أختك عبير
        رتيل : إيه وشو .. خوفتني
        عبدالعزيز : خلينا نجلس بالأول بمكان هادي وأقولك

        ،

        ينظر لساعته بربكة : والله لا يعلقني معك ترى إحنا واعدينه ..
        أحمد : طيب أنت توترني .. أبلع لسانك وبطبعهم الحين
        متعب يقترب للنافذة التي تطل على بوابة المبنى الرئيسية : إن جاء ومالقى الأوراق بيقول أننا مو قد الوعد وعاد والله لا يمسكها علينا سنة قدام
        أحمد : متعب إكل تراب .. دبلت كبدي ووترتني معك .. بيجي وبيلقى كل شي جاهز
        متعب : بيمسكني دوام ليلي والله لا يذبحني معه .. انا أعرفه
        أحمد يرمي عليه علبة المناديل : يخي أسكت
        متعب صمت قليلا ليردف بصوت عالي : جاء .. جاء .....
        أحمد يسحب الأوراق من الالة ليركض للطابق الثاني الذي يحتوي على مكتب سلطان، متعب يسحب بقية الأوراق التي نساها الغبي الاخر وهو يركض خلفه ... دخل أحمد لمكتبه.
        متعب الذي أصطدم بالطاولة والمت بطنه، تحامل على ألمه ليركض نحو مكتبه وتجاوز بابه ليعود للخلف ب " سحبة " أقدامه التي أنزلقت نحو الداخل ... وضع الأوراق على مكتبه بترتيب.
        مر زياد بكوب القهوة ليسحبها منه متعب ويضعها على طاولة سلطان. زياد بسخرية : ممشيك على الصراط !
        أحمد : وش تحس فيه ؟
        متعب : عشان يشوف القهوة باردة ويعرف أننا مجهزين كل شي من زمان .. ذكاء يا حبيبي ذكاء ... وخرجا متجهين لمكاتبهم.
        أنفتح المصعد ليتجه سلطان دون أن ينتبه للربكة التي حصلت قبل قليل، وقبل أن يدخل مكتبه تراجع عدة خطوات للخلف ونظر لمتعب ، أشار له من خلف الزجاج أن يأتيه.
        متعب تبعه : سم
        سلطان ينظر للقهوة التي واضح أنها سبقت شفاه أحد : مين داخل مكتبي ؟
        متعب : محد بس أنا الصبح حطيت الأوراق اللي طلبتها مني
        سلطان رفع حاجبه : وهذي القهوة مين له ؟
        متعب شعر بالورطة الحقيقية : لي أنا طال عمرك! .. نسيتها ... أقترب وأخذها.
        سلطان يجلس ويطيل النظر بعين متعب ليستنسخ الكلمات منها : وجهك ما يبشر بالخير
        متعب وفعلا يريد أن يبكي الان من قهره، مهما فعل يشك به سلطان : علمني وش أسوي! كل شي أسويه تشك فيه
        سلطان بجمود : بعد أبكي زي الحريم
        متعب ويشعر بأنه تعقد تماما من هذا العمل : ما أبكي بس أشرح لك الحرقة اللي في صدري
        سلطان لم يتمالك نفسه من الضحك : حرقة بعد !!
        متعب : هذي الأوراق وجاهزة .. والحين تجيك القهوة زي ما تحبها .. أنت بس امرني
        سلطان يضع يده على خده ويتكئ : متعب ماودك تترقى ؟ تدخل دورة وتاخذ رتبة جديدة
        متعب ببلاهة : لا .. أنا كذا مرتاح
        سلطان : طيب فارق
        متعب : شكرا ... وخرج
        سلطان أبتسم على كثرة أخطائه الفادحة والغبية إلا أنه يسعده حضوره، مسك الأوراق ليراجعها بعد أن عاود نشاط عبدالعزيز مع عبدالرحمن في باريس. بدأ العد التازلي لإنتهاء الجوهي أو إنتهاء إدراتنا!

        ،

        دخل لتلتقط عينيه جلوسها على السرير وبين أحضانها عبدالله، تلاعبه بأصابعها وتغني له بصوت خافت، بإبتسامة : مساء الخير
        رفعت عينيها : مساء النور ...
        بربكة أردفت : كانت هنا هيفاء وخلته راحت تشوف أمها ...
        يوسف : أصلا عادي مافيها شي .... جلس بجانبها : رحتي الجامعة اليوم ؟
        مهرة : إيه قبل شوي رجعت ... هالكورس إن شاء الله أتخرج وأرتاح من هالهم
        يوسف يأخذ عبدالله من أحضانها ويقبل خده : وزين خدوده يا ناس ...
        مهرة أبتسمت : أحترت فيه مو طالع على واحد فيكم .. بس فيه شبه من عمي
        يوسف : طالع على سميه ... أنا أدعي الله أنه طنازتي على خلقه ما تطلع في عيالي
        مهرة : ههههههههههههههه عقب وش؟ تطنزت وأنا اللي باكلها
        يوسف : انا واثق بجمالهم .. دام أني أبوهم غصبا عنهم يطلعون حلوين
        مهرة : إذا ولد انا بسميه وإذا بنت بكيفك .. علاقتي مع أسماء البنات مهي كويسة
        يوسف بضحكة : أنت إسمك كله على بعضه مو كويس
        مهرة رفعت حاجبها : إسمي اللي مو عاجبك معناه ..
        يقاطعها : والله داري وش معناه .. بس أنا كذا ما أحب الأسماء العنيفة .. أحب الركة *الرقة* *أردف كلمته الأخيرة بضحكة عميقة*
        مهرة : لو بنت وش بتسميها ؟
        يوسف : ريانة بلا منازع وبخليها لولد عمها عبدالله
        مهرة : تدري لما كنا صغار كانوا مسميني لولد خالي مساعد .. بس تزوج يوم كنت في اول سنة جامعة
        يوسف : شفته ؟
        مهرة : إيه كان موجود يوم جيت حايل ... لحظة عندي أخته حاطة صورته ... أخرجت هاتفها لتفتح بروفايل إبنة خالها على صورة أخيها
        يوسف لم يدرك من قبل أنه يغار بهذه الصورة الشديدة، نظر للصورة بحدة : طيب
        مهرة بعفوية : بس قهرني! يعني لما تفكر طول مراهقتك بأنك بتكون معه وتبني أحلامك على هالأساس بس اخر شي كسر قلبي وتزوج وحدة ثانية
        يوسف بسخرية : بسم الله على قلبك اللي كسره
        مهرة : ههههههههههههههههههه جد أتكلم يعني بوقتها ما كنت أشوف من الرجال أحد غيره ..
        يوسف بهدوء يقاطعها : مهرة ممكن تبطلين حكي في الرجال اللي تزوج قدامي
        تجمدت ملامحها بالإحراج : ما كان قصدي
        يوسف : داري .. وضع عبدلله على السرير ليستلقي بجانبه مرهقا من العمل ...
        مهرة تقترب منه : بكرا موعد الدكتورة .. بتجي معاي .. بيكون الساعة 10 الصبح
        يوسف وهو مغمض العينين : طيب يعني بتداومين ولا كيف ؟
        مهرة : لا ماراح أحضر .. بس أنت بتطلع من دوامك ؟
        يوسف : إيه ولا يهمك
        مهرة ألتزمت صمتها وهي تطيل النظر به، من أنفاسه يتضح أنه لم ينم بعد، قطعت الهدوء : طيب إذا ما تبغى تنام أجلس معاي لأنه مو جايني النوم ومحد في البيت .. طلعت هيفاء مع عمتي ونجلا
        يوسف مازالت عيناه مغلقة : من اثار الحمل أنك تكونين قلق؟
        مهرة أبتسمت : لأ بس طفشانة
        يوسف يفتح عينيه : تعرفين تسوين مساج لراسي
        مهرة : لأ
        يوسف : حايلية على وش ؟
        مهرة : ليه الحايليات لازم يعرفون كل شي
        يوسف : إيه مين أسنع حريم بالسعودية ؟ بنات الجنوب وبنات الشمال
        مهرة : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه على كيفك تقسم ... بالعكس نجد مسنعات بعد
        يوسف : بالنسبة لي أنا أشوفهم التوب
        مهرة بخبث : مجرب ؟
        يوسف : أنت أدخلي معي الإستراحة وبتشوفين حوار الثقافات اللي يصير
        مهرة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههه ما تمل وأنت تتطنز على ربعك
        يوسف : تراني أحبهم وأغليهم على كثر طنازتي! تحسبينا زيكم .. نتطنز من الغيرة والكره
        مهرة : يخي لا تعمم .. كل شي حريم وحريم .. فيه الشين وفيه الزين دايم
        يوسف : طيب بجلس أقول كل شوي " بعض " و " بعض " .. خلاص أكيد ما أقصد التعميم يعني كل حريم حايل سنعات هذا أنت غير عنهم ما قلت شي
        مهرة عقدت حاجبيها : طيب نام خلاص
        يوسف يضحك بصخب ليردف : أنا لاحظت فيك صفة خايسة
        مهرة تكتفت : إيه وشهي
        يوسف : ما تتقبلين الأراء ...
        مهرة : وشنوحك كل ما قلنا لك كلمة قلت ما تتقبلين الأراء!
        يوسف : هههههههههههههههههههههه إيه طلعي اللهجة
        مهرة أنتبهت لكلمتها لتردف بنبرة حائلية بحتة : أنا هاتس طبعي ما يعجبنن الطنازة وكل ما قلت شي تحندر بوه تسني مكفرة
        يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههه يا ولد .. لا لا هذا كلام كبير .. كيف أرد عليك الحين
        مهرة بإبتسامة عريضة : والله وش زين اللهجة بس لأني متعودة على الرياض ما صرت أحكي فيها


        تعليق

        • *مزون شمر*
          عضو مؤسس
          • Nov 2006
          • 18994

          رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

          ،

          يقابله في إحدى المقاهي القريبة من شقته ليشرح له بطريقة لا يستوعبها قلبه العاشق، يردف بحنق : ومع مين كانت جالسة ؟
          وليد يتأمل ملامحه الحادة، دائما ما كنت أملك قناعة أن فئة ناصر يملكون وسامة قاسية، قاسية حتى على أنفسهم حين تحتد بالغضب : كانت جالسة مع وحدة إسمها أمل
          ناصر : ومين تطلع ؟
          وليد بهدوء : ما أعرف!
          ناصر : وطيب هي وينها الحين ؟
          وليد : هربت
          ناصر : هربت!!!.. ليردف بغضب : تستهبل على مخي ؟
          وليد : أنت شايفني بموضع إستهبال! أنا أكلمك جد كانت معاها وهربت ... مالها وجود بعد ما هبلت في غادة وخلتها تشك في نفسها وفي قدرتها على عودة الذاكرة .. كانت تتذكرك وتتذكر ناس كثير بس بطريقة مشوشة لكن حصل لها الحادث الأخير وفقدت كل ذكريات السنوات القريبة وصارت تتذكر الماضي البعيد .. وهذي حالة من حالات فقدان الذاكرة الرجعي اللي مالنا أي سيطرة عليها ولا تحكم عليها الحوادث وتصنيفها .. لأن الحوادث اللي تأثر على الراس تختلف نتايجها من شخص لاخر .. انا ماراح أحبطك .. لكن صعب جدا أنه غادة ترجع لها ذاكرتها بهالظروف .... تقدر تعيش معها وتبدأ من جديد ...
          ناصر شد على شفته : كيف يعني أعيش معها وأبدأ من جديد ؟ مافيه علاج ثاني
          وليد : قلت لك الإصابات في الراس تختلف، بالنهاية 80 بالمية من العلاج يعتمد عليها هي وعلى نفسيتها، لكن أنا أقولك من واقع التجارب .. إذا فقدت ذاكرتها للمرة الثانية صعب ترجع لها، .. أقولك كدكتور غادة واقفة ذاكرتها لزمن معين وهذا الزمن كان فيه ناس تثق فيهم، مستحيل الحين تتكيف بسهولة وهالصدمات منك راح تضرها أكثر ما تفيدها .. المطلوب منك أنك تجيب لها ناس كانت تعرفهم قبل 2007 وتثق فيهم عشان يساعدونها في ذكرياتها .. لأنها ببساطة أنت في موضع غير ثقة بالنسبة لها ولذاكرتها
          ناصر يطيل نظره به ليردف ببرود : وأنا أقولك خلك بعيد عنها .. وهالنصايح ماتهمني في شي وسالفة أنه ذاكرتها واقفة عند زمن معين أنا أرجع لها ذاكرتها يا شيخ بدون خدماتك ... و خرج ليتصل على والده ويسأله عن أوراق غادة التي لم يصارحهه بها، يدرك بأنه سيكذبه ويشك في عقله، أكتفى بأن يرمز لها بإسمها السابق " رؤى ".
          في جهة أخرى كانت تبحث في شقته بعد أن حبسها به، كانت تنظر للصور التي تجمعهم وضحكاتهم التي تلامسها بأصابعها، فاض الحنين بها، ما أقسى الحزن وما أقساه على قلبي، كيف أسترد صوتي الذي أقرأه خلف هذه الصور والرسائل، كيف أسترد ضحكتي التي ترسم على هذه الأوراق! كيف أسترد ذاتي التي ضاعت، سقط دمعها على عين عبدالعزيز الذي يتوسطهما بالصورة، أشتاق لك يا عزيز، أشتاق لك فوق ما تتصور، أشعر بأن غيابك مختلف عنهم، أنت الذي كنت قريبا مني في لحظات حزني وإنزعاجي، أنت الأب في مكوث أبي في الرياض، أنت وحدك الذي أشعر بأنه يجمع كل التصنيفات " أب، اخ،صديق، حبيب " أشتقت، أشتقت . . .
          تقرأ على الصورة التي كتب على طرفها " فيني بدو ماتوا ضما للمواصيل " ، نزلت دموعها بإنسيابية ليكمل قلبها على روح عبدالعزيز التي تحن لها : وجيههم من لاهب الشوق سمرا
          عضت شفتها تحاول أن تمسك دمعها الشفاف من عمق السقوط، كثير عليها أن تتحمل هذا الكم من الذكريات، هذا الكم من الحزن، دقائق قليلة حتى أنفتح الباب لتلتفت عليه.
          ينظر ليديها التي تعانق الصور، أقترب منها : مساء الخير
          غادة الرافعة شعرها ككعكة في منتصف مؤخرة رأسها، تسيل دموعها دون أن يواسيها الليل الطويل الهابط على رأسها، نظراتها الضعيفة تخنق ناصر، تهزمه بكل ما تملك من رقة.
          ناصر بهدوء متزن : إن شاء الله كلها كم يوم وراح نطلع من باريس
          غادة بلعت الغصة التي تبح معها صوتها : لوين ؟
          ناصر : إلى الان ما قررت بس أكيد مكان قريب ماراح نبعد كثير عن فرنسا..
          غادة أخذت نفس عميق : ممكن أسألك سؤال ؟
          ناصر بضيق : ممكن أطلب منك أنك ما عاد تستأذنين لطلباتك وأسئلتك .. تجرحيني يا غادة! .. تجرحيني كثير لا قمتي تعاملني كأني غريب عنك
          غادة شتت أنظارها للصورة التي بين يديها : مو قصدي .. انا .. بس أبغى أعرف وين عبدالعزيز ؟
          ناصر : بهالفترة ماهو هنا .. إن شاء الله في الوقت المناسب راح تشوفينه
          غادة : هو بخير ؟
          ناصر : إيه بخير الحمدلله
          غادة بحزن يشطر قلبها، لا أحد يفهم معنى أن أفقد الأخ الذي يوازي مقام الأب : يدري عني ؟
          ناصر : غادة .. راح تشوفينه قريب
          غادة تسيل دمعتها التي لم تقل حرارتها عن كل دموعها التي عاشت في ركامها طوال السنة الفائتة والنصف الذي يفوت الان : مشتاقة له حيييل
          ينظر لها وهو يشعر بالعجر من أنه لا يستطيع أن يعانقها بكامل إرادتها، أن يمسح دموعها دون أن تنفر منه، دون أن تضيق، أن يقبل كل دمعة تسقط منها ويحكي لها أنها جميلة جدا عندما تبتسم، أن يرى ضحكاتها التي أعتادها، هذا وجه غادة الثاني! ليست غادة المرحة السعيدة التي أعتاد أن يغرق في حضنها ويعود كمراهق أمامها، هذه ليست غادة التي أضيع في عينيها وأحكي لها من الكلمات شعرا ونثرا ، هذه ليست غادة التي أستمتع بإغاضتها لأرى عقدة الحاجبين التي أشتهي أن أقبلها دائما، هذه ليست غادة التي تحاول أن تبتعد كلما حاولت أن أقترب لتزيد لوعة قلبي، لتزيد من شغفي بأن أعنف ملامحها بقبلاتي وتعنيفي رقيق ما دام يسكنها، هذه ليست غادة التي تبكي مرة وتضحك مرات، هذه ليست غادة والله ولكن ذاتها التي أتولع بعشق عينيها وأغرق بشفتيها، هي ذاتها من أحب، هي ذاتها التي تزيد عذابي وتميتني في كل مرة، الذاكرة مضحكة للغاية! إن وددنا تذكر شيء بسيط نجد أنفسنا ننسى! وإن حاولنا النسيان نجد أنفسنا نتذكر أبسط التفاصيل، مضحكة لأنها تستفز قلبي! تستفز حبي الذي لا يسكنه أحد سواك.

          ،

          لم تعتاد بعد على أجواء الشرقية الرطبة والتي بدأت بالميل للبرودة قليلا، لم تعتاد على جو البيت الخاوي، ولولا وجود أفنان كان من الممكن أن تنهار من وحدتها، منذ أتينا هنا وأنا لا أراه إلا أوقات قليلة، يستغل أي محاولة للإبتعاد، لا أراه إلا عندما ينام وأحيانا أنام قبله ولا أراه، ولا أراه إلا عندما أستيقط وأحيانا يستيقظ قبلي ولا أراه وما بينهما أنا ضائعة لا أعرف أين مستقر أقدامه، كثير علي أن أتحمل كل هذا، كل هذا الهجر والصد وانا في أول حياتي معه، إما أن يختار طريقا صالحا لحياتنا أو " بلاها هالحياة " ، حتى ملكة هيفاء لم أستطع أن أحضرها، كان يعاقبني على أخطاء بسيطة، على صوتي الذي يعتلي لحظة من فيض قهري، أنا لا أفهمك يا ريان ولا أريد أن أفهمك مطلقا.
          رفعت عينيها على دخوله، صدت لتكمل قراءة الكتاب الذي لم يستهويها يوما، و دائما في لحظات وحدتنا وعزلتنا نبرع في ممارسة أكثر الأشياء سوء وأكثر الأشياء كرها للقلب، أقرأ حتى أمل وأنام، لا شيء مفيد يمكنني فعله غير هذا، لأني ببساطة لا أريد التفكير بك، لا أريد أن أفكر لم يتصرف بهذه الصورة ؟ ظنوني السيئة بك تتجدد في كل لحظة وأنا لا أحبذ مناقشتها مع عقلي.
          يسحب الكتاب بتأني بين يديها ليجلس أمامها، ترفع عينها له : تامر على شي ؟
          ريان : ليه جالسة لوحدك ؟
          ريم ببرود تتضح به حدة الحزن في نبرتها : كذا .. مزاج
          ريان : طيب أنزلي معي ..
          ريم : أبغى أجلس بروحي
          ريان رفع حاجبه : ليه ؟
          ريم : أمر يخصني
          ريان بهدوء : وأنا أبغى أعرف وش الأمر اللي يخصك ؟
          ريم بحدة تكررها وكأنها تبدأ الحرب على ريان : أمر يخصني
          ريان يشد على شفتيها : يعني ؟
          ريم : أمر يخصني
          ريان بغضب : ريم! لا تطلعين جنوني عليك
          ريم تنظر إليه بعصبية لتقف : تطلع جنونك! لا أنا أبغاك تطلعها علي ... أنا أصلا ماأعرف كيف متحملتك إلى الان ... أنا منتظرة بس المصيبة اللي بتحجج فيها عشان أفتك منك
          ريان يقف وبنبرة حادة : أنتبهي لحدودك معي لا قسم بالله ..
          تقاطعه بنبرة تعتلي للصراخ : لا تحلف علي! ماني أصغر عيالك تقسم وتحلف ... أحترمتك بما فيه الكفاية لكن أنت منت كفو إحترام! أنت حتى ظلك تشك فيه ...
          يقاطعها بصفعة على خدها الناعم،أخفضت رأسها لينساب شعرها على جانبيه، لم تستوعب بعد أنه ضربها ومد يده عليها، هذا الإجرام بعينه مثلما كانت تراه في أعين اخوتها اللذين يحرمون الضرب كمبدأ دائم، المبادىء التي تربت عليها جميعها تلاشت أمام ريان، لا تعرف كم من الطاقة تلزمها حتى تتحمل وقع إهاناته المتكررة سواء بلسانه أو بأفعاله.
          ريان : وغصبا عنك بتحترميني ... خرج ليتركها في فوضى حواسها التعيسة.
          لم تعد تشعر بأقدامها، لم تعد تشعر بمقدرتها على الوقوف لتجلس على الأرض، سقطت دموعها التي تسير ببطء، هذه الحياة في كل يوم تقتلني، في كل يوم تميتني بتأني لا يستحقه قلبي أبدا.

          ،

          تسكب له القهوة وهي تنظر له بإستمتاع حقيقي بالحياة التي تبتسم لها، بأن إبنها يتزوج وتفرح به وتنتظر الحلم الذي يتحقق في رؤية احفادها : متى يجي العيد بس ؟ عاد عيد الأضحى كل سنة أحسه يجي عادي مو زي الفطر بس هالسنة غير دام بيحصل فيه شرف زواجك
          أبتسم فيصل ليرضي غرور والدته : طبعا هالسنة كلها غير
          والدته : ما قلت لي وش صار بالشوفة ؟ كل مرة تتهرب
          فيصل : هههههههههههههههههههههه لأن يا يمه ما أبغى أحرجك صراحة وصفك شرق والبنت غرب
          والدته عقدت حاجبيها : أفا !
          فيصل : إيه والله .. ما صدقتي الا بشي واحد وهو شعرها ما عدا ذلك مع إحترامي لك يا يمه لكن عيونك تشوف شي ما اشوفه
          والدته : إلا والله أنها تجنن و
          يقاطعها : داري أنها تجنن لكن ماهي بنفس أوصافك .. أولا ماهي بيضا .. سمرا
          والدته تشهق : إلا والله أنها بيضا وبياضها ماهو بياض عادي
          فيصل تتسع محاجره : يمه لا تحلفين! أنا شايفها
          والدته : أقول لا تخبلني البنت شايفتها وبيضا ماشاء الله تبارك الرحمن .. بيضاها مثل أختك ريف وأكثر
          فيصل يشعر بأنه سيجن من والدته : يمه لا يكون وصفتي لي بنت غيرها و وروني بنت ثانية.. هم عندهم غير هيفا ؟
          والدته : إيه ريم و تزوجت والحين ما عندهم غير هيفا
          فيصل بضيق : لا يمه والله غلطانة ... أستغفر الله كيف ! صدقيني يمه يمكن مخربطة بأختها أو بوحدة ثانية
          والدته : إلا هيفا نفسها أنا شايفتها بيضا وش ملحها
          فيصل بتشويش : ماني مستوعب! أتصلي على أمها وأسحبي الحكي منها

          ،

          في تلك الجهة التي تستمتع بها هيفاء بعد أن هلكت بالتسوق : شي مو طبيعي والله .. خل يأجل العرس يعني صعبة أحقق كل هذا بوقت قياسي
          يوسف : طيب ماهو لازم كل شي جديد ..
          والدته بإندفاع : وش تبيه يقول عننا ! ما عطيناها مهرها ؟
          يوسف : خلاص خلاص .. خله تحلله قرش قرش
          هيفاء بضجر : باقي لي أشياء كثيرة ما سويتها .. لا ما ينفع والله خل يأجله .. ما أتحمل يصير الزواج بالعيد!
          والدته : إلا يمديك .. بس أنت لا تقلقين نفسك ... وخرجت
          يوسف: أسمعي مني أشتري بعد العرس .. خليه يدفع لك بعد
          هيفاء أبتسمت : لا يا حبيبي لازم كل شي كل شي جديد ... كأني توني مولودة
          يوسف يظهر ملامح التقرف : عندك تشبيهات مدري وش تبي! أنا قلت لك رايي كرجل وفيصل شخصيته حافظها حفظ .. أستغفر الله بس نسيت هو نظام التدقيق في اللبس .. وأناقة وماأعرف أيش
          هيفاء تضرب صدرها بخفة : وتبيني ماألبس أشياء جديدة عنده عشان بكرا يعلق علي يقول بنت عبدالله لابسة ..
          يقاطعها : اصلا الرياجيل مع بعض مستحيل يحكون في لبس زوجاتهم! بس يعني ممكن يجيك كمخة يحكي
          هيفاء : زي ربعك مثلا
          يوسف : لكل قاعدة شواذ .. ربعي ما يحكون عن حريمهم بس يحكون من باب حل المشاكل والفائدة

          يتبع

          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


            ،

            أخذ نفسا عميقا، لا يعرف ماذا يفعل بوالده الذي يواصل سلطته عليه وكأنه إبن العاشرة وليس التاسعة والعشرون، يردف : طبعا لا يا يبه .. يكذبون عليك وتصدقهم!
            رائد : وهذي الحسابات وشهي؟ قلت لي بتترك الشرب؟ لكن طلعت كلمتك ماهي كلمة رجال
            فارس بإندفاع : تركته .. والله تركته ..
            رائد : توه قبل كم يوم شارب قدامي وتقول تركته
            فارس : بهالفترة أحلف لك بالله أني ما شربت شي .. والحين أروح للمستشفى أسوي تحليل يثبت أني ما شربت شي في اليومين اللي فاتت
            رائد : أنا أبغى مصلحتك! بالنسبة لي يهون أنك تسوي كل شي قذر في الحياة إلا أنك تشرب! الشرب بالذات ماأبيه يقرب صوبك
            فارس بسخرية : يعني بتفرق مررة ؟
            رائد : بالنسبة لي تفرق وتفرق كثير .. لأنك لو ادمنته مستحيل تبعد عنه وأنا ماأبغاك تدمن أشياء ماتقدر تتشافى منها
            فارس بضيق : طيب .. أوامر ثانية ؟
            رائد : على مين أتصلت أمس ؟
            أرتعشت شفتيها بالتوتر : على مين ؟
            رائد : أنا أسألك
            فارس : ما فهمت .. امس كنت هنا
            رائد : أنت تقابل أحد بدون علمي!
            فارس بتوتر عميق يحاول أن يخفيه بنبرته المتزنة : طبعا لا .. أصلا طول الليل كنت عندك
            رائد بنظرة الشك : وش عرفك أني أقصد الليل
            فارس أخذ نفس عميق : أنت قلت تو
            رائد : لا ما قلت
            فارس بضيق : إلا يبه قلت
            رائد بعصبية : تكذب ؟ والله العظيم أنك تكذب ... لم يترك له مجال للدفاع عن نفسه ليصرخ به : مين عبدالعزيز ؟

            ،


            في شقته تندفع كلماتها الغاضبة : أنت بس تبغى تهينني .. تدور أكثر شي يضايقني وتقوم تسويه
            عبدالعزيز بهدوء : الحين الشقة تضايقك؟ أنت سألتيني وأنا جاوبتك ..
            لا تعرف كيف للشقة أن تستفز غيرتها، كيف لهذه الألوان التي تظهر بها لمسات أثير أن تغيضها، كيف لكل هذا أن يحزنها وهو جماد!
            رتيل بإنفعال : طيب يالله خلنا نطلع لأني أختنقت هنا
            عبدالعزيز بإستفزاز : أختنقت ؟ هذا بكرا بيصير بيتك!
            رتيل بحماس تندفع بكلماتها الحادة الغاضبة : لا والله! لو أيش ما جلست فيه دقيقة عقبها! يالله رحمتك على عبادك .. على فكرة كل مرة تثبت لي أنك بحاجة لدكتور نفسي! تقول خلينا نسوي هدنة وأوعدك ما أقول شي يضايقك وبعدها بدقيقة تقهرني! منت صاحي .. والله أنا لو أيش ما اسوي .. لو أترجاك ما تتغير تبقى عبدالعزيز اللي يتلذذ في تعذيب غيره ..
            تتفتح أزارير قميصها من فرط إندفاعها وحماسها بالغضب، ليجلس عبدالعزيز على الأريكة ويغرق بضحكاته الصاخبة : كم مرة قلت يا قلبي لا تعصبين عشان نفسك؟ شفت كيف ؟ الضرر وصل لملابسك
            رتيل تعطيه ظهرها وهي تتلون بالإحراج، أول مرة لا تلبس شيئا تحت القميص سوى ملابسها الداخلية، أعتادت أن تلبس شيئا دائما ولكن حظها يثبت لها في كل مرة أنه من سيء إلى أسوأ، تغلق الأزارير بتوتر كبير.
            عبدالعزيز يقف بعد أنا أطالت وقوفها : يالله خلينا نطلع
            رتيل دون أن تنظر إليه تسحب معطفها وترتديه، يلتفت بضحكة مستفزة : يعني الحين مستحية ؟
            رتيل : ممكن تاكل تراب ؟
            عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههه بس لونه رهيب أهنيك
            رتيل شعرت بالحرارة تفيض بجسدها، وقفت في منتصف الدرج وهي تنظر إليه بقهر/بحرج
            عبدالعزيز يكمل سيره للأسفل وهو يدندن : الأصفر جميل .. جميل ... جميل
            رتيل وبأكملها يتحول لونها للأحمر، تقلد صوته : معفن .. معفن ... معفن
            عبدالعزيز يغيضها أكثر بعد أن خرجا : يا ويل حالي من الأصفر .. قطع قليبي معاه
            رتيل بجدية : عبدالعزيز لو سمحت .. خلاص .....
            عبدالعزيز ألتفت عليها : عندك حب للأصفر مدري من وين تذكرين الفستان اللي شفتيه بباريس معاي أول ما تعرفت على شخصيتك الفظيعة
            رتيل : إيه أتذكر يوم خليتك تتخرفن وتخاف علي
            عبدالعزيز أنقلبت ملامحه : إيوا بالضبط لما خليتك تطيحين على الأرض وتشربين مو مويتها
            رتيل : ههههههههههههههههههه تحاول تستفزني بس صعبة عليك
            عبدالعزيز بإبتسامة يستفزها فعلا : بس طبعا اليوم تغيرت نظرتي للأصفر
            رتيل تحمر وهي تحاول أن تتخلص من إحراجها، تضرب كتفه بغضب لتسير أمامه، يتبعها بضحكاته : طيب أنا وش ذنبي؟ مين فتح القميص أنا ولا أنت ؟
            رتيل بغضب : ممكن تنسى الموضوع! اعتبر نفسك ما شفته ..
            عبدالعزيز : طيب بوعدك اني أنسى كل شيء لكن الأصفر مستحيل .. هههههههههههههههههههههه
            رتيل : حيوان
            عبدالعزيز رفع حاجبه : مين الحيوان ؟
            رتيل : يالله! يالله .. خلاص أنا حيوانة .. ممكن توصلني وتتركني بعدها
            عبدالعزيز بجدية : طيب بموضوع عبير
            تلتفت إليه وهي تسترجع ما قاله له تحتاج لأيام حتى تستوعب ، يردف : وهالكلام طبعا بيني وبينك ، أتفقنا ؟
            رتيل بتشتت : أتفقنا .. بس يعني؟ كيف بتقول لأبوي ؟
            عبدالعزيز : إن شاء الله مسألة يومين وراح يقتنع أبوك
            رتيل بضيق: طيب وعبير؟
            عبدالعزيز : كل شي في مصلحتها .. مستحيل يضرها، وأنا أعتبرها مثل أختي مستحيل أقبل بأنه أحد يضرها .. تطمني
            رتيل تنهدت : طيب ... طيب بحاول أتكلم مع عبير إذا كانت معارضة
            عبدالعزيز : ما أتوقع تعارض .. يعني إذا عرفت أنه دكتور وإلى اخره من هالهبال بتوافق
            رتيل بوجع : ولا وحدة فينا تزوجت زي العالم والناس! ليه قاعد يصير معنا كذا ؟ أحيانا أقول وش الشي العظيم اللي سواه أبوي عشان يتعاقب فينا إحنا الثنتين
            عبدالعزيز ويشعر بالضمير اللاذع : طيب هي أنرمت عليه! زواجها عادي .... وممكن لو تزوجت بطريقة تقليدية ما كان راح تكون سعيدة وممكن هالزواج يكون خيرة لها
            رتيل بسخرية : زي زواجي منك مثلا!
            عبدالعزيز : أنكري أني ماني خيرة لك ؟
            رتيل أخذت نفس عميق : ترى عندي أشياء تخليني أقول أنك منت خيرة لي فخلنا ساكتين ومحترمين نفسنا
            عبدالعزيز بإبتسامة لم تطيل وعيناه تسقط على الرسالة التي أضاءت هاتفه من بو سعود . . . . . . .


            ،

            ينظر للشاشة التي تخبره بكل حدة أن الأشياء تسقط من سيطرته، تخبره بأن طوال هذه الأشهر كانت أعماله قائمة على " خطأ " يا لذاعة هذا الخطأ في وقت حرج وفي عمل ضيق كهذا ! يا قساوة هذا الخطأ على قلبه كمسؤول يتحمله. أي خيبة هذه التي تكسرني! أي خيبة هذه تكسر قلب رجل علق في العمل، بلع ريقه الجاف ليردف بهدوء يخبر عن خيبته الشديد : بلغهم إجتماع طارىء الساعة 7 الصبح بكرا
            أحمد : إن شاء الله .. شيء ثاني طال عمرك ؟
            سلطان : لا
            خرج ليتركه بقمة حزنه، بقمة غضبه، بقمة قهره، هذا فوق طاقته، كيف يتحمل كل هذا ؟ كيف يستطيع أن يحكم سيطرته على نظام بات يخرج الجميع عنه، لم يعد يعرف من يخون ومن يصدق ؟
            ضرب الطاولة بقدمه، يريد أن يكسر أي شيء أمامه، هذه الخدعة لا يتحملها ، هذا الخطأ لا يعرف كيف يعترف به، سنة وأكثر وهو يعمل على معلومة خاطئة! يالله كيف ؟
            نظر لهاتفه الذي أهتز برسالة ، قرأها مرارا بعينيها ولثواني طويلة رغم أنها قصيرة، بحروف إنجليزية بسيطة، أعادها مرة أخرى بعينيه " كانت هزيمتك امر مؤقت، لكن لم أتوقع يوم أن تصل إلى هذا العمق "
            يقرأ ما بين السطور ويستكشف ما هو العمق الذي لم يتوقعه، أخذ هاتفه ليتصل على الجوهرة بإستعجال وهو يخرج من عمله الخاوي في الساعات المتأخرة من الليل، لم تجيبه ليتصل على الحرس الذي تم تعيينهم
            : امرني طال عمرك
            سلطان : فيه شي صاير ؟
            : لا كل أمورنا تمام
            سلطان : أنتبه أكثر وأنا جايك
            : إن شاء الله
            سلطان يغلقه بعد أن تحشرج به الحزن إلى اخر حد، وصوت سلطان العيد يحضر بقوة في ذاكرته، يمر على قلبه بكلماته التي دائما ما كانت تخفف وطأة غضبه.
            " سلطان العيد : تعرف كم مرة قلت ثقة الموظفين فيني؟ تعرف كم خطأ حصل تحت إدراتي! كثير لكن كانت في أشياء تشفع لي، لكن أحيانا الأخطاء تكون بسيطة لكن أنت بموضع مفروض أنك ما تخطأ ، أنت لازم ما تخطأ أبد، لأن أخطائك ممكن تروح لك حياتك .. فاهم علي؟ "
            يكتب رسالة لعبدالرحمن وهو يقود سيارته بعد أن أطال بإتصاله معه قبل ساعة تقريبا " طلبت منهم إجتماع بكرا .. عبدالرحمن أنت لازم ترجع "
            ينظر للحي البعيد عن وسط الرياض الصاخب، أخذ نفس عميق وهو ينظر للحرس أمام بيته، نزل : أبغاك تفتح عينك كويس الليلة
            : هذا واجبي طال عمرك
            سلطان يربت على كتفه وهو الذي يحتاج من يربت على كتفه : يعطيك العافية .. .. لم يتقدم سوى خطوتين في إتجاه البيت وتجمدت أقدامه، أستنفر الحرس الذي يحاصرون قصره، حتى بدأوا في تغطية المكان.
            شعر بألم الرصاصة التي أخترقته، صوتها اللاذع الذي أعتاد أن يسمعه في التدريبات كان مختلف جدا لأنه شعر بضربات قلبه التي تندفع بقوة، سقط على ركبتيه وهو يشعر بالهزيمة الحقيقية.
            البعيد عن الذي أحاطوا جسد سلطان، يبلغ عبر الجهاز اللاسلكي : مجهول الهوية .. على بعد 20 متر تقريبا ... أغلقوا الطريق العام . . . . .

            .
            .

            أنتهى البارت

            تعليق

            • *مزون شمر*
              عضو مؤسس
              • Nov 2006
              • 18994

              رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
              إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()



              المدخل ل حبيب الألب :$ ، نزار قباني.

              وعدتك أن لا أعود ..وعدت ...

              وعدتك أن لا أموت إشتياقا ...ومت ..

              وعدت مرارا ..وقررت أن أستقيل ... مرارا ..

              ولا أذكر أني إستقلت ..

              وعدت بأشياء أكبر مني ...فماذا غدا ستقول الجرائد عني ..

              أكيد .. ستكتب أني جننت ..أكيد ... ستكتب أني إنتحرت ...

              وعدتك أن لا أكون ضعيفا ..وكنت ...

              وعدتك أن لا أقول بعينيك شعرا ..وقلت ..

              وعدت ...بأن لا ... وأن لا ..وأن لا ...

              وحين إكتشفت غبائي ...ضحكت ...

              وعدتك أن لا أبالي ...بشعرك حين يمر أمامي ...

              وحين تدفق كالليل فوق الرصيف ...صرخت ..

              وعدتك أن أتجاهل عينيك ...مهما دعاني الحنين ..

              وحين رأيتهما تمطران نجوما ...شهقت ..

              وعدتك أن لا أوجه ..أية رسالة حب إليك ..

              ولكنني رغم أنفي ... كتبت ...

              وعدتك أن لا أكون بأي مكان ...تكونين فيه ..

              وحين عرفت بأنك مدعوة للعشاء ..ذهبت ..

              وعدتك أن لا أحبك ...كيف ؟... وأين ؟ ...

              وفي أي يوم وعدت ؟؟؟...

              لقد كنت أكذب ..من شدة الصدق ...

              والحمدلله أني كذبت ...



              رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
              الجزء ( 61 )


              شعر بألم الرصاصة التي أخترقته، صوتها اللاذع الذي أعتاد أن يسمعه في التدريبات كان مختلف جدا وهو يشعر بضربات قلبه التي تندفع بقوة، أندفعت حتى سقط على ركبتيه وهو يشعر بالهزيمة الحقيقية، شعر بالغصة التي تضبب عليه رؤيته سوى من الأقدام السوداء التي توافدت عليه، لو كان الألم يخصني لوحدي لما أهتممت بما يحصل الان؟ لو الألم في قلبي فقط وليس في قلب الرياض لكان الأمر عاديا! لم يفرق كثيرا عن الحزن الذي عاش معي طوال السنوات الفائتة، ولكن! كعادة حزني يجيء قاسيا أكثر مما أتوقع . . تقطعت أفكاره عندما أصطدمت جبهته على الأرض ليغلق عينيه بسلام.
              خرجت من الحمام وهي تلف المنشفة حول جسدها الغض، بعد أن أطالت في إستحمامها وصوت الماء الذي غرقت بالتفكير به جعل سمعها يغيب عن كل شيء حولها، أتجهت نحو سريرها لتمسك هاتفها، تنظر للمكالمة الفائتة منه، رفعت حاجبها بإستغراب، غريب أن يتصل عليها في هذا الوقت وهو وقت عودتها من العمل! لم تستغرق بتفكيرها الكثير وهي تسمع صخب الأقدام في الأسفل، أقتربت من النافذة لتعود بعد أن تذكرت بأنها تطل على الشارع، بخطوات سريعة أتجهت لإغلاق أنوار الغرفة لتقترب من النافذة مرة أخرى وتسقط عينيها عليه وهو ملقى على الأرض وحوله بعض الرجال التي لا تعرفهم وصوت الإسعاف الذي أخترق قلبها قبل أن يخترق سمعها الرقيق، قبضت يدها على الجدار وهي تجاهد على الإتزان، على الوقوف وعدم الذوبان في حزنها، ثبتني يالله فلا حول لي ولا قوة، ثبتني يالله وإنا إليك راجعون، لا يفيد أن أواسي قلبي في مصائبه، لا يفيد أبدا والدمعة تنصهر في عيني وتسقط، والان بلا أي حواجز، بدوافع حبك التي أعلمها والتي لا أعلمها، بالأسباب الخادعة التي تحججت بها لأصادق عليها، بالأسباب الصادقة التي كذبت بها، ب " أحبك " التي لم أنطقها يوما لعينيك، أعترف بأهميتك في حياتي وفي حياة حصة، في هذه اللحظة لا رجل بجانبنا، لا رجل نركض إليه حتى يطمئنا عليك، لا رجل يا سلطان، ركن هذا البيت وأساسه كيف تغيب؟ كيف تلقى على الأرض هكذا؟ وأنا عرفتك شامخا شاهقا ثابتا قويا لايهزك شيء، حتى الكلمات منك تأت شامخة تهز أرضي وتزلزلني، بقدر الحزن الذي سببته في قلبي أنت قدري ولا مجال للمفر منك، أنت نصيبي مهما حاولت إنكاره، وأنت قسمتي وإن منعت مني يوما قسمتي منك، أنت كل الأشياء في حياتي، وليس من السهل علي أن أتقبل تلاشي هذه الأشياء برمشة عين!، يا حزني الذي لا يريد الإنسلاخ مني أبدا! يا حزني الذي يواصل التغلغل بي، ما كفاك إعوجاج الضلع بي ؟
              تراجعت وعقلها مشوش، أتجهت نحو الدولاب لترتدي ملابسها وعقلها غائب عنده، نزلت للأسفل وهي تنزل طرف كمها وتشعر بأن حرق باطن يدها كان بالأمس من الحموضة التي تسري به في لحظة خوفها عليه، أنتبهت للصالة التي تضيء بأنوارها، رأت حصة تغرق في إتصالاتها، وقفت أمامها وصدرها يرتفع بعلو الحب في قلبها
              حصة رفعت عينها التي تجهل ما يحدث تحديدا : سلطان مايرد! مدري وش صاير برا .. سمعتي الإسعاف ؟
              الجوهرة شدت على شفتها حتى لا تفلت الشهقات منها، تدافعت دموعها على خدها لتقف حصة بخوف : وش صاير؟ ... تكلمي
              الجوهرة بإختناق : هو سلطان اللي برا ...
              تجمدت ملامحها من أن مكروها أصابه، لا تعلم ماذا سيحصل بحياتها لو غاب عنها، لا تتحمل الحداد الذي سيغيم عليها لسنوات طويلة، لن أتحمل أن يغيب دقيقة، فكيف بأن يسقط بمكروه، بلعت غصتها : شفتيه ؟
              الجوهرة هزت رأسها بالإيجاب وهي تجاهد أن لاتنهار ببكائها وتصبر نفسها بتعويذاتها الداخلية " يارب سلم .. سلم ".
              حصة تمسك هاتفها وهي الأكثر إتزانا وصبرا، تتصل على من يحرس القصر ولم يستطع أن يحرس قلب إبنها وإبن عينيها، مهما تسلح جسدك بالحماية المعدنية لن تستطيع أن تمنع قدر الله، مهما فعلت وفعلت لن تجد قوة تقف بوجه القدر، لن تجد أبدا لأن الله وحده المتصرف القادر القدير لا يشاركهه أحدا.

              ،

              " تعال بسرعة يا عز، فيه أشياء جالسة تفلت منا "، وقف متجمدا في مكانه وهو يعلم تماما أن الأمر يخص رائد، ربما عرف بلقاءه مع فارس، أو ربما لم يعرف بعد! ولكن أدرك الخطر بمقابلتي له، بالطبع يراقب إبنه! يا الله كيف فلتت مني هذه؟ ماذا لو عرف أني صالح ذاته؟ إلهي لكم ستتوافد علينا الكوارث، لن يغض عني بسهولة سيجيء إنتقامه مدويا ولكن من تسبب في موت " الحياة " بعيني لن يفلت أيضا بهذه السهولة، تماما مثل ما ستفعل رائد سأفعل قبلك لتعرف أن تفكيرك في تلك اللحظات بإضرار عائلتي كان مكلفا جدا.
              ألتفتت عليه : وش فيك وقفت ؟
              عبدالعزيز يسير بجانبها : خلينا نستعجل .. مسك معصمها ليسران بخطوات سريعة للشارع الاخر.
              بشك ترفع حاجبها : وش صاير لك أوجعت أيدي ..
              عبدالعزيز : مو صاير شي بس أبغى أوصل بسرعة
              رتيل عقدت حاجبيها : أبوي فيه شي ؟
              عبدالعزيز : لا .... عبرا التقاطع المخضب بأقدام المارة بعد أن أضاءت علامة المشي باللون الأخضر الذي يشع على جنبات الطريق الممتلىء بالدكاكين الصغيرة، وصلا للفندق الذي كان قريبا ولم يستغرق منهما سوى بضع دقائق، على عجل دخل وهو يخبرها : أصعدي فوق .... تقدم ناحيته وهو جالس على الكرسي الجلد ينتظره : وش صاير ؟
              عبدالرحمن بجدية القهر في صوته : تلخبط الوضع بين رائد وبين شخص ثاني ..
              عبدالعزيز بعدم فهم : إيه .. يعني ؟
              عبدالرحمن : عبدالعزيز ركز معي .. أبغاك تفكر بعقل ماهو بعاطفة .. أتفقنا ؟
              عبدالعزيز بلع ريقه من هذه المقدمة التي توحي لشيء عظيم، تعلقت عيناه بشفتي عبدالرحمن بترقب.
              عبدالرحمن : رائد الجوهي هدد والدك الله يرحمه وبالحادث .. صح
              عبدالعزيز : إيه
              عبدالرحمن : كان مجرد تهديد
              جمدت عينيه في عين عبدالرحمن، بنبرة الخيبة : يعني؟
              عبدالرحمن : ماهو هو ورى الحادث .. لكن يتعامل مع طرف ثالث زي ما فهمنا قبل .. المشكلة أنه الطرف الثالث اللي محنا قادرين نعرفه .. يعرفنا ويعرف خططنا .. وهو اللي قاعد يعطل الأشغال اللي بينك وبين رائد واخر شي سبب الحادث اللي مع رتيل ونفس الحادث سواه في أهلك .... لكن أنا وسلطان تأكدنا من بعض الأشياء ونتوقع بنسبة 80 بالمية أنه في ليلة الحادث أرسل رائد رجاله ليضرون أبوك وفي نفس الوقت تدخل الطرف الثالث .. وهنا حصلت الخيانة من رجال رائد وعشان كذا هو مازال يجهل حياة ...
              سكت بعد أن شعر بأنه يسترسل ويكشف أشياء لا يجب كشفها.
              عبدالعزيز : يجهل حياة مين ؟
              عبدالرحمن بإتزان : يجهل حياتك .. الحين كل هذا ممكن نتفاهم فيه بعدين ..... بنضطر نغير خطتنا لأن رجال رائد يعرفونك وإلى الان ساكتين تهديد غير مباشر لنا وإحنا ماراح نرضخ لتهديداتهم فعشان كذا من الحين راح نتصرف ..... لأن كل أشغالنا اللي من الرياض أنبنت على معلومات غلط وسلطان قاعد يحاول يتصرف لكن بما أننا هنا راح نحاول نتصرف بطريقة ثانية قبل لا يطيح الفاس بالراس وتكون ردة فعل رائد عنيفة
              وذكرى الحادث لها صوت مؤذي يتحشرج في القلب ويشطره مرارا حتى يعلق بثقوبه التي خلفتها كل هذه الأيام، الان هو يواجه الكارثة لأنه الجندي المكشوف في هذه اللعبة، هو وحده من سيكون محل الخطر لأنه يتحمل خطأهم الفادح بالمعلومات، كان أبي قريب مني في الرياض، كان يأتيني بالحلم فقط ليقول " لا تغلط يا عبدالعزيز "، ليتك معي فقط لأخبرك عن الأخطاء التي أبتليت بها منذ رحيلك، ليتك كنت معي لتعرف ماذا يفعل إبنك في غيابك؟ لم يترك لي عقل أفكر به بإتزان، أنا أخطأت، أخطأت ولكن مشتاق أن أسمع صوتك، " تعال لي " مرة في الحلم وعاتبني مثل الأيام الأولى، " تعال " وأخبرني عن فداحة ما أفعله، " تعال " وسأخبرك أنني غرقت في وعثاء الحياة ولم يعد في قلبي شيء سوى أن أسمع صوتك مرة أخرى، لم هجرتوني هذه الفترة؟ لم أبتعدتهم عني ! لم لم أعد أسمعكم، أتحسس أصواتكم، " من فينا يموت ؟ " أظن أنني بدأت بالسير البطيء نحو الموت ولا أحد يربت على كتفي أو يشد على ذراعي.
              يقطع سلسلة الحنين الذي تترسب في عقله : عبدالعزيز أنا عارف كيف تفكر! لكن إن شاء الله أننا راح نسيطر على الموضوع .. صارت لنا أصعب من المصايب ولله الحمد والمنة قدرنا نعديها وإن شاء الله راح نعدي هالشي .. راح نفكر بطريقة تنهي اللي بينك وبين رائد وتختفي عنه .... إلا إذا صار شي يخص الطرف الثالث .. بنضطر نكمل لكن بنحاول نكشف مين جالس يتلاعب فينا بأقرب فرصة وبنفهم وش قاعد يصير عشان نتصرف من هالمنطق .. فاهم علي ؟
              عبدالعزيز تنهد بعمق الخيبة التي يشعر بها : طيب ....

              ،

              بغضب صرخ به ليرتعش غشاء إذنه : مين عبدالعزيز ؟
              فارس ببرود : تعرفت عليه أول ما جيت هنا
              رائد يقف بمقابله وهو يشير له بالسبابة : لا تحاول تلعب معي يا فارس لأن والله ما راح أرحمك
              فارس بهدوء الثقة : قلت لك تعرفت عليه .. صدقتني أهلا وسهلا ما صدقتني ..
              لم يكمل من اللكمة التي أتت بجانب شفته، تراجع عدة خطوات للخلف من أثر اللكمة وهو يمسح الدماء التي تالف معها بتكرار ضربات والده له، بغضب أنفجر عليه : كثرة الشك تقتلني .. جاوبتك جواب رجال إذا أنت ما تصدق فهذا شي راجع لك .. وش تبيني أسوي لك عشان تصدق !! وإسمه ماهو عبدالعزيز .. رجالك نقلوا لك المعلومة غلط ... إسمه أحمد
              يستغل المواقف المرتبكة الضيقة التي تجيء به نبرته بكذب صادق يستطيع به أن يخدع والده، أردف : تامر على شي ثاني؟ ولا باقي كف للحين في خاطرك !
              رائد وهو الذي بدأت أعصابه تضطرب بتأخير صالح وبمماطلته التي تشعره بالشك والربكة من أن يحدث أمرا يجهض كل صفقاته التجارية المحرمة قانونيا : ليه تحب تضايق أبوك؟
              فارس تنهد ليلفظ بضعف قلبه أمام والده الذي يشعر بأنه الوطن وكل شيء في هذه الحياة : ما اضايقك! لكن أنت تقهرني .. بكل خطوة تراقبني .. تظن بأني ممكن أضرك في يوم ؟ طبعا لا والله لا يبقي فيني نفس لو حصل وجاء هاليوم
              رائد جلس على كرسيه الجلد : أنت ما تعرف عن هالدنيا! أنت حتى ظلالك ممكن تخونك ....
              فارس بهدوء : أعرف يايبه بس ظلالك ماراح تخونك لو كان شغلك صح! ... بطل شغل في هالأشياء الوصخة وإحنا راح نعيش صح
              رائد ببرود يضع بعض الأوراق أمامه : هذي أشياء أكبر منك ... ماراح تفهمها

              ،

              تفلت شعرها ليكمل إلتواءاته على كتفها، أخذت نفسا عميقا وهي تسمع الكلمات التي لا تفهمها تماما سوى بأن الغضب يجري في أوردة والدها والمصائب تحاصر جسد عبدالعزيز.
              عبير بضيق من هذه المشاكل التي تسلب الراحة من عيني والدها : إن شاء الله خير
              ضي تحضن المخدة على بطنها بقوة تسكن بها الحزن الذي سقط من صدرها ليترسب كألم ومغص يؤلمها، أردفت : هالمصايب ماراح تبعد عنا أبد، دايم تطيح في راسهم هو وسلطان ...
              رتيل تسحب كرسي التسريحة لتجلس عليه : طيب الحين وش مشكلتهم ؟
              ضي : وتتوقعين أبوك بيقولي ؟
              رتيل أبتسمت بضيق : حتى شغله وأنا بنته ماأعرف وش سالفته
              ضي: بس أنه فيه ناس داخلين على الخط في موضوع عبدالعزيز.. مدري مافهمت كثير بس فيه أشياء تلخبطت عندهم وشكلها قوية مررة .. وبعد الحادث اللي صارلك مع عبدالعزيز أنه اللي سببوه بعد هم نفسهم ...
              تنهدت لتكمل : ماأعرف بهالشغلات ولا أفهم فيها ..
              عبير : تعبت والله ... عقلي تشوش ودي أختفي لين يهدا كل شي
              رتيل بشك رفعت حاجبها : ليه صاير شي غير هذا ؟
              ضي : أبوك اليوم كلم عبير عشان شخص تقدم لها
              رتيل تظهر هدوئها وهي تعرف تماما من عبدالعزيز كل شيء : جد!! ومين ؟
              عبير تشتت نظراتها للنافذة، هذا الموضوع يستزف عاطفتها المولعة بشخص تجهله، كم من الحب ينبغي أن نستهلك حتى نتحلى بطاقة كافية لمواجهة نهايتنا، أنا المولودة في شهر ديسمبر أعتدت النهايات، أن تتلاشى الأحلام في نهاية العالم وتسقط كورقة تقويم، كنت أخشى البدايات دائما وأنا كائنة لا تقبل بتسلل الخطوة الأولى لها، كنت أخشاك بداية لكن سرعان ما تغلغلت بي والان أعد النهاية لزوالك، لرفع حصارك عن قلبي، أوافق؟ ربما تأت موافقتي ليست لأنه " مشعل " ولكن لأني أريد أن أنساك، وربما يأت رفضي ليس لأني " لا أريد مشعل " ولكن بدأت أستلذ بتعذيبك لي، نحن النساء بإمكاننا السقوط من أجل الحب، بإمكاننا أن ننهي الحياة من أجل هذه الحب ولكن بإمكاننا أيضا أن نكبح هذا الحب ونرفضه رغم أننا نريده من أجل الشعارات الزائفة " عزة النفس والكرامة " وهذا يدخل في تعذيب الذات الذي بت اتالف معه والأهم من كل ذلك " من أجل الله "، سيجيء يوما أقولها في وجهك وأنا بجانب غيرك، سيجيء هذا اليوم الذي أقول فيه " تركتك لله ".
              ضي : إسمه مشعل دكتور جامعي معه دكتوراه علوم سياسية
              رتيل : وأبوي موافق ؟
              ضي : تقدم لها من فترة لكن كان متردد والحين وافق بعد ما سأل عنه .. بقى الراي لعبير
              رتيل بلعت ريقها لتردف بإتزان : وأكيد عبير ماراح ترفضه .. صح عبير ؟
              ألتفتت عليها : وليه ماأرفضه ؟
              رتيل صمتت لثواني طويلة حتى قطعته : يعني مؤهلاته كويسة وأبوي بنفسه وافق عليه .. يعني أكيد مناسب لك .. تعرفين أبوي مو على أي أحد يوافق!!
              عبير ببرود : طيب ممكن أرفض .. يعني ما فكرت بالموضوع وأبوي فاجئني .. يبي لي وقت عشان أقرر
              رتيل : وش رايك ضي ؟
              ضي المشتتة وقلبها بجانب عبدالرحمن في هذه اللحظات : قلت لها .. الرجال جدا مناسب لها وما ينرد
              عبير بنبرة الشك التي تفهم بها شقيقتها جيدا : تعرفينه رتيل ؟ سمعتي فيه
              رتيل : لا ما أعرف مين يكون أصلا ولا قد سمعت بعايلته حتى
              عبير : إحنا ما قلنا إسم عايلته
              رتيل أرتفع صدرها بالربكة ليهبط بشدة : أقصد ما سمعت بإسمه .. يعني ما قد مر علي أحد إسمه مشعل في حياتي كلها
              عبير : فيه شي ما أعرفه ؟
              رتيل : وش فيك عبير! قلت لك بس رايي .... والقرار راجع لك
              عبير : أحس فيه شي تعرفينه وماتبين تقولين لي
              رتيل : ولا شي صدقيني ... أنا بس توترت من سالفة أبوي وعبدالعزيز ودخلتوا علي بسالفة هالمشعل فقلت رايي دامه دكتور ماشاء الله فأكيد إنسان متزن وواعي ومثقف .. ويناسبك
              عبير بضيق : بس مو غريبة أبوي يوافق؟ ماهو من جماعتنا .. يعني صعب يوافق على ناس غريبيين عنا
              ضي : دام أخلاقه زينة ووظيفته ممتازة ومستواه الإجتماعي جدا ممتاز .. ليه يرفض ؟
              عبير : مدري!! بدون لا أصلي إستخارة أنا ماني مرتاحة لموضوع شخص غريب ما قد سمعنا فيه ولا نعرفه
              ضي : يعني لو تعرفينه بتضمنين حياتك بتكون سعيدة معاه ..... صدقيني عبير ماتدرين وين الخيرة
              شعرت بثقب قلبها، لتقف : عن إذنكم ..... أتجهت نحو الحمام لتغلق عليها الباب وتنساب دموعها بهدوء، تكره أن تضعف بهذه الصورة القاسية ، لا اعرف كيف ابدأ حياة مع شخص لا اعرفه، لا أعرف كم يلزمني من الحجج حتى أعيب هذا الشخص الذي يدعى " مشعل "، لا اعرف عنه شيء سوى إسمه ومؤهلاته العلمية وفقط! وأنا التي بدأت أؤمن بالقلوب وإنتماءاتها، وماذا عنه؟ هل سأنساه؟ هل سأنسى صوته الذي أقتبست منه رجولته العنيفة لقلبي، هل سأنسى نبرة الكلمات التي تسير ببطء والأخرى التي تهرول بعجل، هل سأنسى صباحات تبدأ برسائله الصيفية الرقيقة، هل سأنسى الليال التي تغزل بي بها، كنت أدرك أن عقاب الله لي مدويا، هذا ال " مشعل " لا أشعر بحسن أخلاقه، لست أسيء الظن ولكن أؤمن بأن الله يمهل ولا يهمل، وبأن الله غفور رحيم .. وأنا ما بينهما ضائعة، ضائعة تماما لا أدري هل سيكون مشعل عقاب لي على معصيتي لله أم سيكون تعويض من الله، ليتني لم اعرفك، لم أسمع صوتك وأتولع به، مر صوتك كالخطيئة التي نندم عليها ولكن لا نقتلع منها، مر صوتك كالدخان الذي نشتمه ليلا نهار ونعرف أضراره ولكن نمارسه، أتى حبك عاصفا فأستحلني.


              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                ،

                تقطع الساعات قلبها الذي يواصل الدعاء والحديث خفية لله، على سجادتها تنظر للساعة التي تشير للسابعة صباحا ولا إتصال يطمئنها، سجدت لتغرق دمعاتها الشفافة الأرض " يالله إنا عبادك لا نسأل أحد غيرك، ندرك بأن هذه الدنيا بما فيها من كائنات وبشر لن تستطيع أن تقدم لنا المعونة، لن تقدر أن تقف بوجه ما قدرته لعبادك، ف يارب نحن نسألك أنت وحدك، إنا نسألك بكل إسم سميته به نفسك، أنزلته بكتابك أو أوحيته لأحد من خلقك أو اثرته في علم الغيب عندك أن لا ترينا به مكروها، يالله أنت ما أمرتنا بالدعاء إلا لتستجيب لنا فيارب رد عنه كل مكروه وأذى ولا تفجعنا به "
                وقفت وهي تمسح بكائها، نزعت جلالها لتنظر لهاتفها الذي يمارس قساوته على قلبها، لا يهتز ولا يضيء لرسالة تريح صدرها الهائج له، لن تنتظر أكثر، لن تستطيع الإنتظار أكثر، أتصلت على من تملك رقمه ولا تتصل به أبدا، هذا الرقم الذي كتبه لها سلطان على يدها بلحظة أقشعر بها جسدها بأكمله من حركته.
                منذ فترة طويلة، منذ ان عين رجال حول هذا البيت يحاصرونه من كل مكان، على عجل يرتدي ملابسه حتى سحب قبعته العسكرية وألتفت عليها : عندك أرقامهم كلهم صح ؟
                الجوهرة التي كانت مغتاضة منه ومن أذى لسانه على قلبها: لا
                سلطان : طيب بسرعة سجليه ..
                الجوهرة : جوالي طافي بس لحظة أشحنه ...
                سلطان بخطوات سريعة توجه لها حتى أرتطمت أقدامه بأقدامها، يخرج من جيبه قلما ويسحب يدها ليكتب لها على باطن كفها وأنفاسه تختلط بأنفاسها المضطربة، رفع عينه لها : متى ما صار شي أتصلي عليه .. اتفقنا ؟
                الجوهرة سرحت في عينيه ليغيب سمعها عن صوته، حرك لها يده لتستوعب : طيب
                إلهي لكم كان صوتك مدعاة للتأمل، كم كان صوتك فرصة للتفكر، ضغطت على زر الإتصال وهي تأخذ نفسا عميقا : السلام عليكم
                : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، امري يا أم بدر
                أرتعش قلبها، حتى أرتجفت شفتيها وضاعت الأحاديث منه، " أم بدر " كيف لهذه الكلمة أن تشتتني هكذا! كيف لهذه الكلمة أن تغيب وعيي لأفكر فقط بإسم " بدر " و " أم التي تقترن به، يا شدة الفتنة التي تمر على لسان من يناديها " أم بدر " يا شدة الفتنة التي تشطر قلبها ولعا، أن أحمل طفلا من ملامحك الهادئة وإن قست، أن نناديه مثلما تحب ولن أتدخل أبدا، يالله على هذه الأحلام التي تعبر ألسنة الغرباء وهم لا يدرون أي حزن يجلبون لنا.
                : أم بدر معاي ؟
                الجوهرة بربكة : ايوا .. أبغى أسأل أنتهت العملية
                : توني طلعت من الدكتور وطمنا، الحمدلله يقول الإصابة طفيفة ما جت بالعمق، يعني الله ستر وجت على السطح وماكانت قريبة من القلب، إن شاء الله بكرا الصبح راح يصحى ...
                الجوهرة : الحمدلله، ماراح نقدر نشوفه اليوم ؟
                : للأسف لا وما أظن لو كان بو بدر واعي بيرضى .. أعذريني طال عمرك
                الجوهرة تفهمت لأنها تعرف جيدا كيف يربي رجاله على قوانينه وطباعه : طيب مين عنده الحين ؟
                : تطمني كلنا موجودين وماراح نتركه
                الجوهرة بضيق : طيب إذا صار شي ثاني ياليت تبلغني
                : إن شاء الله
                الجوهرة : مع السلامة
                : بحفظ الرحمن .. وأغلقه ليترك الجوهرة تصارع نوبة حزنها، كيف تنتظر للغد حتى تستيقظ عيناه والان الساعة السابعة، كيف سأتحمل قسوة هذا اليوم بأكمله، ليت والدي كان هنا حتى أبلغه ويذهب إليه، يالله هل من المحتمل أن يكذب علي ؟ من الطبيعي أن يحاول أن يستر أي شيء يخيفني ويرهبني فهذه عادات سلطان الذي يخبرنا بشيء عكس الواقع فقط لنبتسم، ليتني كنت موجودة بجانب الهاتف عندما أتصل اخر مرة، ليتني سمعت صوته ونبرته حتى أطمئن على قلبه، هل كان بخير وقتها أم لا ؟
                نزلت للأسفل حتى تطمئن حصة التي لم تغلق عيناها طوال الأمس من شدة الأسى عليه.

                ،

                لست ضعيفة لك ولن أستسلم أبدا حتى تتمادى بضربك، إن ضربتني مرة فانت قادر أن تكررها مرة و مرتين وثلاث وأربع وأكثر، لن أضعف أبدا وستعرف من هي " ريم " يا ريان، سيعلم جيدا بأن خلفي أشقاء لن يرضيهم أبدا ما يحدث بي، أتصلت على منصور الأقرب لها ولأنها تثق بإتزانه كثيرا، لم تمر سوى دقائق حتى أجابها وهو يدخل لمكتبه في العمل : هلا بالصوت والله
                ريم ببحة بكائها الليلة الماضية : هلابك، شلونك ؟
                منصور بشك : بخير .. فيك شي ؟
                ريم لم تكن تجهز نفسها للبكاء أمام أخيها ولكن سؤال " الحال " دائما ما يتعب حالنا أكثر، بضيق : أبغى أسألك الحين أنت في الشركة ؟
                منصور : إيه
                ريم : طيب ينفع بعد ما تخلص تكلمني ... ضروري
                منصور : الحين ماعندي شي .. قولي
                ريم : منصور أبغاك تجيني ...
                منصور يجلس بخوف من أن حزنا اصابها وهي بعيدة عنهم : وش فيك ريم ؟
                ريم : مقدر أقولك بالجوال .. أبي أشوفك
                منصور : طيب قولي عن أيش؟ شغلتي بالي
                ريم ودموعها تتدافع على خدها : أبي أتطلق ..
                منصور صمت لثواني طويلة حتى أردف : ليه؟ وش مشكلتك معه ؟
                ريم بصوت تتحشرج به الخيبات وتؤلم قلب منصور معها : ما أبغاه يا منصور .. أحس بموت لو جلست أكثر
                منصور : بسم الله عليك .. طيب ريان وينه ؟
                ريم : مدري
                منصور : طيب أبو ريان ؟
                ريم : ما شفته من يومين
                منصور : طيب ... أنت الحين أهدي وأنا بكلم أبوي عش
                تقاطعه : ما أبي أبوي يدري ... لا جيت هناك أنا أكلمه بنفسي
                منصور تنهد : طيب لأن أصلا أنا لازم أناقشك أول وأعرف وش الموضوع .. ما يصير كذا تطق بمزاجك تبين طلاق وبعدها تندمين
                ريم بقسوة الأنثى إذا خذلت : ماراح أتناقش بشي، أنا قررت وخلاص ... ماأبي ريان وأبي أتطلق منه وبأسرع وقت بعد
                منصور بتضايق من إندفاعها ليردف بحدة : ريم! هذا طلاق مو لعبة ... وش هالمصيبة اللي مسويها ريان عشان تطلبين الطلاق ..
                ريم بمثل حدته : مد إيده علي
                منصور تفاجىء ليصمت لثواني حتى يردف : ضربك!!!
                ريم بضيق دمعها الذي ينساب بصوتها : ترضاها علي؟
                منصور بغضب يقف : طبعا لا ... ما تجي صلاة الظهر إلا أنا عندك ... وأغلقه.

                ،

                تغلق من إبنتها وهي مجعدة الجبين، تحزن أضعافا من أضعافها، ومهما تعاظم الألم والوجع في قلوبنا فأضعاف عظمته يسكن قلب الأم، : الله لا يفجعنا فيه.
                أفنان ضاقت من الخبر وكأن الحزن يقف كالغصة كل مرة تبتسم الحياة لأختها : امين ...
                والدتها بتنهيدة : الله يعنيهم بس ... حتى بوسعود ماهو موجود في الرياض!
                أفنان : يمه صح بغيت أسألك .. تركي مغير رقمه ؟
                والدتها : يقوله أبوك، قلت أبي أكلمه قالي مسافر ولا تتدخلون فيه .. أبوك يبي يجنني! أكيد متمشكلين مع بعض وإحنا اللي ناكلها
                أفنان رفعت حاجبها بشك : صار له أكثر من شهرين ما شفناه .. وش هالقطاعة!! حتى أكلمه بالواتس اب ما يرد .. والحين بعد اخر دخول لها قبل فترة طويلة ...... غريبة أنه أبوي متهاوش معه؟ يا كثر ما كانوا يختلفون بس ما توصل للهواش!
                والدتها : وش أسوي بعد! عجزت معه كل يوم أكلمه عنه ويقولي لا عاد تفتحين السيرة ... الله يحنن قلبه على أخوه ما له أحد غيره !!
                أفنان : وريان ما يسأل عنه ؟
                والدتها : لأ
                أفنان : أجل أكيد متهاوش مع ريان
                والدتها : على طاري ريان مدري وش فيها ريم هاليومين .. أخوك بعد الثاني يبي يذبحني
                أفنان أبتسمت بسخرية : زين ما أنهبلت لين الحين!
                والدتها بنظرة حادة : أفنان ووجع!
                أفنان : الجلسة مع ولدك ما تنطاق عاد شوفي الحين وش مسوي مع بنت الناس ووش مهبب . . أنحنت لوالدتها لتقبل رأسها ... سلام يا حبيبة قلبي ... وخرجت لتصعد لغرفتها ويهب عليها ذكرى اخر يوم لها في كان، أبتسمت لتتلاشى بسرعة من شعورها بالذنب.
                الساعة الحادية عشر صباحا – توقيت باريس – كان.
                أنتهى التكريم لتحصل على المرتبة الرابعة في هذه الدورة الشتوية، أتجهت نحو مكتبها وهي تتلذذ بطعم الشوكلاته السويسرية، وضعت باقة الورد وشهادتها على الطاولة لتجلس سمية أمامها : وش رايك نصيع ؟
                أفنان : هههههههههههههههههههههههههه نصيع! يعني يدخل تحت أيش ؟
                سمية بشغف : بما أنه الحين الوقت ما يساعد وش رايك الليلة نفلها ونروح نايت كلوب !
                أفنان بدهشة : مستحيييل
                سمية : ماراح نرقص ولا راح نشرب .. بس نتفرج ونوسع صدرنا
                أفنان : لالا مستحيل ما أدخل هالاماكن
                سمية : هي مرة وحدة في العمر جربي وماراح تخسرين شي
                أفنان : ماأضمن نفسي أخاف لا رحت أستسهل أذوق شي ولا أتحمس أسوي شغلة غلط
                سمية : ليه بزر ما تقدرين تسيطرين على نفسك!!
                أفنان بجدية : ماهو سالفة مقدر أسيطر على نفسي لكن الأنبياء وهم الأنبياء كانوا يدعون الله ويستعيذون من الشرك! وهم أنبياء كانوا يخافون يقعون في الشرك فما بالك إحنا .. يعني أخاف أستسهل شي إذا دخلته
                سمية تنهدت : يالله قد أيش نكدية يا أفنان الله يعين اللي بياخذك
                أفنان : ماني نكدية بس ننبسط بدائرة الأشياء المباحة ... يعني والله أيام ما أجتمع مع بنات عمي عبدالرحمن أفلها وننبسط ونسوي أشياء فظيعة لكن ما نتجرأ نسوي زي هالأشياء
                من خلفها : عذرا على المقاطعة
                ألتفتت عليه لتتسع إبتسامتها : هلا
                سمية بنظرة الخبث التي تفهمها أفنان جيدا : طيب عن أذنك فنو ...
                نواف : مبروك
                أفنان : الله يبارك فيك ... وشكرا على كل اللي سويته وماقصرت جد ساعدتني كثيير
                نواف بنبرته الهادئة : العفو .. واجبنا
                بدأت أصابعها تتشابك من الربكة ليقطع ربكتها : متى طيارتك ؟
                أفنان : بكرا الساعة 4 العصر
                نواف : توصلين بالسلامة . .
                أفنان : الله يسلمك، توصي شي ؟
                نواف : سلامتك، ومن هالنجاح لأكبر يارب ... عقبال ما نشوفك محققة نجاحات ثانية
                أفنان : امين الله يسمع منك ... أرتعشت شفتيها لتشد عليها بأسنانها والرجفة تتضح على ملامحها المشتتة.
                نواف أرتبك من أن يفتعل أي موضوع ليطيل وقوفه معها، بإبتسامة لم تكن لتخرج : فمان الله ..


                يتبع

                تعليق

                • *مزون شمر*
                  عضو مؤسس
                  • Nov 2006
                  • 18994

                  رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                  ،

                  تحسس الأبوة وهو ينظر للجنين في بطنها، رغم أن لا شيء يتضح ولكن قلبه الذي ضخ الدم بصخب كان يحكي عن شوقه لرؤيته أمامه، جلس بعد أن أرتدت مهرة عبائتها ليستمع للنصائح الثقيلة من الدكتورة، كان متمللا لاخر درجة من أشياء يعرفها بديهيا، ألتزم هدوئه حتى ألتفت بدهشة : وشهووو ؟
                  مهرة أحمرت خجلا لتشتت نظراتها لكل شيء ماعداه، أردفت الدكتورة بإتزان : شو بك ؟
                  يوسف : لا خلاص ولا شي
                  : إزا عندك سؤال تفضل
                  يوسف إبتسم بسخرية : ما قصرتي هو بقى شي ما قلتيه
                  بإبتسامة تبادله : ولازم تنتبه من هالشي منيح
                  يوسف يقلد لكنتها : شي تاني ؟
                  : يا يوسف ما عم تاخد الأمور بجدية ... عم بحكيك حتى ما يصير شي مستئبلا *مستقبلا*
                  يوسف يحرج مهرة : لأني أنا بالفطرة مكتسب هالعلم المذهل وعمليا بعد
                  ضحكت الدكتورة بصخب لتردف : ما عليه طور معلوماتك البدائية
                  يوسف : معلوماتي ماهي بدائية لكن مصدوم يعني كيف ...... ولا أقول أستغفر الله اللهم لا إعتراض بس
                  مهرة تضرب قدمه ليصمت : طيب دكتورة فيه شي ثاني ؟
                  الدكتورة : لا ...
                  يوسف : شكرا
                  الدكتورة التي أستمتعت بوجود يوسف : عفوا تع معها كتير
                  مهرة تهمس ليوسف : سلم عليها بعد .... وخرجت.
                  يوسف أكتفى بإبتسامة وخرج خلفها : من هالجهة يالحبيبة
                  مهرة بغضب بعد أن أخطأت الممر، عادت لتخرج لمواقف السيارات. ركبت وأغلقت الباب بغضب.
                  يوسف بإستفزاز لمهرة : ههههههههههههههههههههه لو أدري أنه مواعيدك كذا كان كل يوم جاي معك
                  مهرة أخذت نفس عميق : لو سمحت يوسف خلنا نرجع البيت قبل لا أنفجر الحين
                  يوسف بإبتسامة يحرك سيارته : كنت أمزح وش دعوى زعلتي ؟
                  مهرة : تضحك معها ومطيح الميانة وتقول أمزح!
                  يوسف : أحمدي ربك قدامك وماهو من وراك
                  مهرة ألتفتت عليه بحدة ليكمل : يعني قبل كل كلمة أقولها بجلس أقول تراني أمزح
                  مهرة : بس فيه حدود! يعني ترضى أنكت مع دكتور
                  يوسف : أقطع راسك
                  مهرة بغضب : يعني أنت حلال بس أنا لأ
                  يوسف : أنا ما نكت بس كنت مصدوم فعلا من المعلومة وهي ضحكت فضحكت معها
                  مهرة بسخرية : مررة مصدوم!
                  يوسف ألتفت عليها عندما وقف عند الإشارة : بذمتك .. مو أنصدمتي زيي ؟
                  مهرة مسكت نفسها لتضحك رغم أن الحرج يلون وجهها بالحمرة : كمل طريقك
                  يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه وتوصينا بعد .. أستغفر الله بس
                  مهرة بربكة وهي تشعر بالحرارة من أقدامها إلى شعرها : يوسف خلاص
                  يوسف : خليك وسيعة صدر يالشمالية
                  مهرة : وسيعة صدر بس ما ينفع بعد تجلس تطيح الميانة مع اللي يسوى واللي مايسوى .. وخلاص ماعاد تروح معي شكرا مستغنية عنك
                  يوسف : أفا .. كل هذا عشان المزيون
                  ترمي عليه علبة المناديل : لا والله تغزل فيها بعد ..
                  يوسف يركن سيارته : الحين اللي قدامه القمر وش له بالنجوم ؟
                  مهرة تنزل وهي تضحك : يارب أرحمني.. منت صاحي
                  يدخل معها : أصلا والله ما جت عيني في عينها .. بس كنت أستفزك .. ماتعودتي على أسلوبي؟
                  مهرة : تعودت بس ... مسكت بطنها بوجع ... اه
                  يوسف أقترب منها بخوف لتصخب بضحكتها في منتصف الصالة : تعود بعد أنت
                  يوسف : قليلة خاتمة .. مناك يالله عطيتك وجه
                  مهرة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههه
                  من خلفهم : الله يديم ضحكاتكم
                  يوسف ألتفت لوالده : امين ويديمك فوق راسنا
                  مهرة بحرج سلمت عليه : شلونك ؟
                  بومنصور : بخير الحمدلله ..
                  يوسف : شفت يبه وش تسوي بولدك ؟
                  مهرة تشير له بعينيها بأن يصمت ولكن أسترسل بإغاضة : أنا مو قلت لك الشماليات إذا حقدوا أبليس يتبرأ منهم
                  بومنصور : زين حظك يوم خذيت شمالية
                  مهرة ضحكت لتردف : ماعليك زود
                  يوسف : أظن ما عاد لي جبهة

                  ،

                  في ساعات النهار المتأخر في باريس، يسير يمينا ويسار، لا يعرف كيف يحكم سيطرته على عقله ليفكر بإتزان أكثر، لا أحد في الرياض يكمل أعمالنا وسلطان مصاب! كيف أعود الان؟ كل خططنا راحت هباء منثورا وهي مبنية على خطأ، كلها والان يريدون أن يقتلعوا جذور الثبات فينا ويتعرضون لسلطان! كم من الصبر سأتحمل حتى أعرف من وراء كل هذا.
                  قطع سلسلة أفكاره المتلخبطة : ما تثق فيني ؟
                  عبدالرحمن : مو مسألة ما أثق فيك ... لكن صعب أخليهم ثلاثتهم عندك
                  عبدالعزيز : بحجز غرفة عندهم وبجلس بالفندق .... ماني طالع ولا راح أتركهم ...
                  عبدالرحمن مشوش فعلا، مسألة أن يعود للرياض معهم ستضره مثلما تضر سلطان الان في ظل هذه الأحداث المربكة
                  عبدالعزيز : خلاص تطمن هم في الحفظ والصون ..
                  عبدالرحمن : طيب .. ماراح أطول بأقرب وقت أنا عندكم .. عبدالعزيز لا أوصيك لايطلعون برا هالمنطقة، خلهم قدام عينك وجوالك الثاني أغلقه، أختفي عنهم ولا تحاول تطلع كثير عشان محد ينتبه عليك .. وبس يصير شي تتصل علي وإن كان شي طارىء تتصل على مساعد .. عطيتك رقمه صح ؟
                  عبدالعزيز : إيه عندي رقمه .. أبشر
                  عبدالرحمن تنهد : تبشر بالجنة .... وصعد للأعلى متجها لغرفة بناته المقابلة لغرفته : السلام عليكم
                  : وعليكم السلام
                  ضي وقفت متجهة إليه وهي تترقب ما الت إليه الظروف، ليردف : راح أرجع الرياض بس راح تجلسون هنا لأن ما ينفع ترجعون معي هالفترة ... معاكم عبدالعزيز، ماأبغى طلعات كثيرة وأي شي تبونه عندكم عز
                  عبير : وعمي مقرن ؟
                  عبدالرحمن : بيرجع معاي ... مفهوم ؟
                  رتيل بضيق : طيب متى بترجع؟
                  عبدالرحمن :إن شاء الله أسبوع ماهو أكثر
                  عبير قبلت جبينه : توصل بالسلامة
                  لحقتها رتيل لتسلم عليه : درب السلامة
                  عبدالرحمن : الله يسلمكم ... خرج متجها لغرفته لتلحقه ضي.
                  ضي بشك : فيه شي ثاني صاير ؟
                  عبدالرحمن يفتح دولابه بهدوء : لا
                  ضي تمسك يده لتمنعه من وضع ملابسه : أنا بجهز شنطتك على ما تتحمم
                  دون أن يعلق أتجه نحو الحمام، يشعر بأنه أفلس من الكلام وماعاد يستهويه ان ينطق حرفا وتفكيره غائب فعليا عند الرياض وما يحدث بها الان، من فكرة أن أحد يتسلح ويجول الشوارع دون أي رادع، وليس شخصا أو شخصين فهذه الجماعة بيننا ولكن لا نلحظها، هذه الجماعة الأكيد أننا نعرفها ولكنها تمارس النفاق العلني، من بعد سلطان العيد أصبح المستهدف سلطان بن بدر! ومن بعدهم الأكيد أنني أصبح مستهدف حتى تتلاشى عائلتي كما تلاشت عائلة سلطان العيد . . ماذا يحدث في هذه الدنيا؟ كيف يمر كل هذا الوقت دون أن نكتشف من! لو كنت أنت يا مقرن سيكون عقابك لاذعا.
                  تمر دقائقه أسفل الماء المتصبب على جسده بحدة تفكيره، أخذ نفسا عميقا ليخرج والمنشفة تلف خصره، نظر إليها وهي تغلق الحقيبة، بإبتسامة باردة تخفي حزنها من أن يذهب إلى الرياض دونهم : ألبس بسرعة قبل لا يدخلك برد ... أتجهت نحو نظام التدفأة لتشغله، تنهد وهذه التنهيدة يسمع صداها في قلب ضي الذي وقفت تتفكر بهذه الأنفاس الحارقة التي تخرج من بين شفتيه.
                  لم يستغرق في إرتداء ملابسه الكثير وهو يأخذ معطفه وحقيبته الصغيرة التي تحوي جوازاتهم والبطاقات المهمة، أخرج جوازات رتيل وعبير وضي ليضعهم في خزنة الغرفة : أنتبهي لها يا ضي
                  ضي : إن شاء الله
                  أغلق الخزنة لتتقدم له ضي وهي تلف حول رقبته وشاحا قطنيا يقيه من برد باريس هذه اللحظات : توصل بالسلامة
                  قبل جبينها ليهمس : الله يسلمك ... ديري بالك على نفسك وعلى البنات
                  ضي : لا توصي حريص ... المهم أنت أنتبه على نفسك وأتصل علي بس توصل وطمني
                  عبدالرحمن أكتفى بإبتسامة تطمئنها، طوال عمره كان ينشر الإبتسامات في أوج المشاكل فقط ليشعر من حوله بأن الأمور جيدة وهذه العادة نتوارثها جميعا بداية من عبدالله اليوسف حتى سلطان بن بدر.

                  ،

                  يقطع أظافره بأسنانه أمام تذمر والده وهو يرتب أوراقه : نكبنا الله ينكبه ... الحين كيف نوصله!
                  فارس الذي يعرف جيدا ما يحدث الان والصراعات التي في الرياض، أردف : يبه سمعت وش صاير بالرياض!
                  رائد بعدم إهتمام : وش فيها بعد
                  فارس : أدخل مواقع جرايدنا الإلكترونية شوف الأخبار العاجلة
                  رائد رفع عينه : تكلم وش صاير!
                  فارس : مكتوب بالخط الاحمر العريض مجهول يطلق النار على سلطان بن بدر أمام بيته
                  رائد يعقد حاجبيه : أمام بيته! مستحيل الحي كله أمن
                  فارس : وش دعوى مستحيل! مو انت قدرت عليه
                  رائد أبتسم بسخرية : لكل قاعدة شواذ .. لكن مين اللي متعرض له مو كاتبين شي ثاني
                  فارس : لأ
                  رائد : غريبة! ليه كاتبينها في الجرايد .. أكثر شخص يحاول يبعد الصحافة عن هالمواضيع هو سلطان
                  فارس : مو كتبوا قبل .. محاولة إختطاف أسرة سعودية في باريس .. ماقالوا أنه الأسرة إسمها عبدالرحمن بن خالد ال متعب .. يعني حتى الصحافة بعد تعرف كيف تبعد نفسها عن المساءلات
                  رائد : ما تلاحظ انك مستفز ؟
                  فارس أبتسم : طالع عليك
                  رائد : أنا الحين عقلي في شي ثاني ...
                  صمت قليلا حتى أردف : يعني سلطان الحين ماهو مقابل شغله!! ... أيش هالصدف الحلوة هههههههههههههههههههههه
                  فارس : تلقاه بين الحياة والموت وأنت يا يبه تضحك .. عاد ماهو لهدرجة
                  رائد : أنا ماأضحك عليه شخصيا هو كيفه يموت يعيش يمرض يصير فيه اللي يصير لكن أني أضبط أشغالي على روقان بدون مراقبة من احد ... بس الكلب صالح ماهو هنا ولا كان أستغليت هالفرصة
                  فارس : وش الشغل اللي بينك وبين صالح
                  رائد : ما يخصك
                  فارس رفع حاجبيه الحادتين : طيب حقك علينا تدخلنا فيما لا يعنينا ... وقف ....
                  رائد : على وين ؟
                  فارس : طفشت بعد وأنا أطالعك كيف تسب اللي حولك
                  رائد : ماشاء الله ... أفصخ جزمتك وأضربني بعد
                  فارس : حاشاك ... طيب يايبه وش أسوي عندك
                  رائد بسخرية لاذعة : قولي عن أحلامك المستقبلية
                  فارس تنهد : يبه أنا ممكن أتقبل أي شي لكن الأحلام ما تتحمل السخرية
                  رائد : أبشر على الخشم
                  فارس إبتسم بمثل إبتسامة والده المشعة : متى ماتبي تروق ومتى ماتبي تهاوش .. ماعاد أعرف لك يبه
                  رائد : مزاج الله يعيذك منه ...
                  فارس بهدوء : تدري أني أكتب
                  رائد : تكتب إيش ؟
                  فارس : روايات
                  رائد بسخرية : ماشاء الله تبارك الرحمن .. وش هالخبال
                  فارس تغيرت ملامحه للضيق ليكمل : وأكتب نثر
                  رائد : هذي وظيفة المترفين أبعد نفسك عنها
                  فارس : الحين الكتابة للمترفين صارت .. والله من السجن اللي خليتني فيه صرت أكتب ولا أنا قبل ويني ووين الكتابة
                  رائد : تدري وش اللي مضايقني فيك! أنك كلب وذكي لكن تستغل هالشي بأشياء تافهة
                  فارس بدهشة : الكتابة تفاهة! على فكرة قريب إن شاء الله بخلص روايتي وراح أنشرها
                  رائد : أعزمني على حفل توقيع الكتاب
                  فارس بضيق : يبه خذ الموضوع بجدية
                  رائد : وناوي تكتب بعد فارس رائد الجوهي
                  فارس : إيه
                  رائد : أذبحك .. تعرف وش يعني أذبحك!! أتركك من لعب هالعيال وشوف لك شي نفتخر فيه
                  فارس : يبه هذي كتابة ما شفت أدباء العالم كيف يفتخرون فيهم
                  رائد : وأنت من متى تكتب ؟
                  فارس : 4 سنوات أو 5 .. مدري بالضبط
                  رائد : طيب جيب لي أقرأ روايتك ..
                  فارس : لأ
                  رائد رفع حاجبه بضحكة خبيثة : ليه ؟ كاتب أشياء فوق 18 سنة
                  فارس رغما عنه إبتسم : ماأبغاك تقراها كذا .. مزاج بعد
                  رائد بإبتسامة : عن أيش تتكلم ؟ لا يكون عن عبير
                  فارس : ماني غبي عشان أكتب قصتي في كتاب ... عن شي ثاني ماتتوقعه
                  رائد : وإذا خمنته وش لي؟
                  فارس : اللي تبي
                  رائد : حتى لو أمنع الكتاب
                  فارس : حتى لو تمنعه
                  رائد : طبعا قصة حب .. عارفك ناقص حنان
                  فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه مغرقني بحنانك وش لي بحنان غيرك
                  رائد وبانت أسنانه من إبتسامته الواسعة : طيب لمح لي .. مين أبطالك
                  فارس هز رأسه بالرفض : أنا عند وعدي إن جبت لي الفكرة بنسى شي إسمه رواية



                  تعليق

                  • *مزون شمر*
                    عضو مؤسس
                    • Nov 2006
                    • 18994

                    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                    ،

                    في عصر الشرقية الخافت، تسللت قبل أن يلحظها أحد لتركب بجانبه، ألتفت عليها : وينه ؟
                    ريم : ماهو في البيت
                    منصور رغم أنه يشعر بتصرفه الخاطىء ولكن مسألة أن يمد يده على أخته وكأن لا أحد خلفها تثير في داخله ألف مبرر ومبرر بأن يتصرف هكذا، حرك سيارته خارجا من الحي، أردف : ماراح تقولين لي وش السبب!
                    ريم : ما أفهمه ولا قدرت أفهمه
                    منصور : بأيش ؟
                    ريم : مدري يا منصور! غير عنكم كثيير .. كنت متوقعة شي لكن أنصدمت.. قلت يمكن بداية زواج وعادي لكن بعدها أكتشفت أني مقدر أعيش معاه أبد، إنسان تفكيره غير عني وأصلا أحسه ماهو متقبلني ..
                    منصور عقد حاجبيه وعينه على الطريق : وليه ضربك؟ وش قلتي له ؟
                    ريم : رفعت صوتي عليه
                    منصور صمت قليلا ليردف : وليه رفعتي صوتك؟
                    ريم : السالفة سخيفة بس لأنها تراكمت علي أشياء كثيرة أنفجرت
                    منصور : وش السالفة يا ريم؟ أنا أبي أعرفها
                    ريم بإختناق ونبرتها تجاهد أن تبتعد عن البكاء : سألني ليه جالسة بروحي! وقلت له أنه أمر يخصني ولما سألني وش هالأمر ما جاوبته وقلت له يخصني قام عصب علي وقال لا تطلعين جنوني عليك وأنا عصبت بعد .... يعني يتركني بالأيام يا منصور وبعدها يجي يسألني ليه جالسة بروحي! يبغاني أجلس عند أهله وهو أصلا ما يسأل عني ولو ما خالتي تسأل عني كان ما كلف على نفسه وجاني، إنسان ما يقدرني ولا يحترمني ولا حاسب لي حساب وش أبي فيه؟ هذا غير كلامه على الطالعة والنازلة
                    منصور بضيق : دايم في بداية أي زواج تصير هالمشاكل
                    ريم : بس أنا وش يحدني ويخليني أصبر! لا عندي عيال أصبر عشانهم ولا شي .. دامه ضربني مستحيل أرجع له
                    منصور : أنا مستغرب من أنه مد إيده عليك! ريان مو من هالنوعية
                    ريم : أنا منصدمة في شخصيته وأنت بعد راح تنصدم .. إنسان ثاني ماهو مثل اللي نسمع


                    ،

                    أتى اليوم الثاني لاذعا بعد أن توترت أعمالهم وتنظيماتهم، رغم شعوره بالألم ولكن كان جمود ملامحه وقلة حديثه أمر مثير للشك في نفس عبدالرحمن : طيب خلك يوم ثاني وبعدها أطلع
                    سلطان : ماراح أتركك بروحك
                    عبدالرحمن : وأنا مقدر أشيل الشغل؟ .. يا سلطان تعوذ من الشيطان جرحك ما طاب
                    سلطان يلف صدره الشاش الأبيض ليغطي أثر العملية التي حدثت له : ماراح أجلس دقيقة وحدة هنا ...
                    دخل الدكتور بإبتسامة : شلونك يا سلطان
                    سلطان : تمام ...
                    الدكتور : وش قاعد تسوي؟ وين بتروح ؟
                    سلطان : أنا مضطر أطلع
                    الدكتور : معليش يا سلطان أنت طالع من عملية جراحية ماهو عملية عادية عشان تطلع!
                    سلطان ببرود : شكرا على المعلومة ..
                    عبدالرحمن يتقدم للدكتور : مافيه إمكانية أنه يطلع الحين ؟
                    الدكتور رفع حاجبيه : يوقع ويتحمل مسؤولية نفسه لكن حتى ما يتضاعف عليه شي مفروض أنه يجلس ..
                    عبدالرحمن : طيب تقدر تجيه البيت؟ عشان الفحوصات
                    الدكتور : كلم الإدارة وممكن يوفرون ممرض يجيه وأنا طبعا
                    عبدالرحمن : خلاص دام كذا بيرتاح في البيت
                    الدكتور ينظر لسلطان الذي لم يترك له فرصة للنقاش : الحركة الكثيرة بتسبب لك مضاعفات .. أنتبه
                    عبدالرحمن : شكرا لك
                    الدكتور : العفو .. واجبنا .. وخرج ليتركهما في صراعاتهم الداخلية.
                    عبدالرحمن : يعني يعجبك كذا ؟ مستحيل بتقدر تروح الشغل
                    سلطان يرتدي حذائه بصمت مهيب ليقطعه بنبرة خافتة : على الأقل أراقب هالشغل من البيت
                    عبدالرحمن يخرج هاتفه : بتصل على الجوهرة تجهز لك غرفة بالدور الأول .. ولا تقولي بصعد عشان ما أهفك كف الحين
                    سلطان رفع عينه ليبتسم بتعب ملامحه المستنزفة طاقتها بشدة، من عبدالرحمن يتقبل كل الكلمات السيئة التي من الممكن أن تستفزه من شخص اخر.
                    عبدالرحمن : ليه ما خليت عمتك تجيك هنا ؟ حرام عليك شوي ويموتون من خوفهم عليك
                    سلطان : ماله داعي هذاني بجيهم
                    عبدالرحمن : ولو! حتى ما سمعوا صوتك ولا تطمنوا! ..
                    سلطان يقف ليشعر بوخز على جانب صدره مكان الرصاصة، تحامل على وجعه : يالله نمشي؟
                    عبدالرحمن يضع هاتفه على إذنه : لحظة ... هلا الجوهرة ....... بخير .... يبه الجوهرة جهزي غرفة لسلطان تحت ،نص ساعة بالكثير وإحنا عندكم ..... إيه .... مع السلامة ... وأغلقه.
                    سلطان :أنت رايح لهم ؟
                    عبدالرحمن : أيه من جيت وأنا يوميا عندهم .. والله حالتهم ما تسرك والغلط عليك!!
                    سلطان تنهد ليخرج ومن خلفه عبدالرحمن الذي أتجه نحو الإستقبال حتى يوقع على خروجه، دقائق عديدة حتى أتجها للسيارة التي تحركت بإتجاه الحي الذي باتت الكثافة الأمنية عليه كبيرة.
                    سلطان : وش صار مع عبدالعزيز ؟
                    عبدالرحمن : خليته ما على تهدا الأوضاع ونشوف صرفة مع رائد
                    سلطان : تعرف مين أشك فيه ؟
                    عبدالرحمن : غير مقرن ؟
                    سلطان : أحس فيه أشياء كان يعرفها سلطان العيد الله يرحمه وما قالنا عنها!
                    عبدالرحمن : وش ممكن تكون ؟
                    سلطان : فكرت ببومنصور! لكن أستبعدت أنه يعرف شي وإحنا مانعرفه
                    عبدالرحمن : ممكن تهديدات الحادث من رائد ما كانت تخوفه عشان كذا ! ..
                    صمت حتى أردف بنبرة أعلى : يالله يا سلطان! كانت قدام عيوننا ومافهمناها
                    سلطان : وش ؟
                    عبدالرحمن : لو بو عبدالعزيز كان يدري بأنه مجهز له حادث وسمع هالتهديدات ما كان خذا معه أهله .. ولما كلمناه قبلها كانت لعبة من الشخص الثالث ... أننا نشك في رائد
                    سلطان عقد حاجبيه ليردف بدهاء : وليه منعوا يعطون عزيز إجازة! رغم أنها إجازة لمدة ساعات بس؟ أكيد أنه فيه أحد مكلم إدارته .. وهالشخص هو نفسه اللي قاعد يتلاعب بين عبدالعزيز ورائد .. لأنه كان يبي عبدالعزيز حي عشان يستغله لكن إحنا كنا أسرع لما أخذناه فعشان كذا قام ينتقم منا واحد واحد .. وقاعد يشكك رائد عشان يخلي رائد هو اللي ينفذ إنتقامه لنا وهو يطلع منها باردة ...
                    عبدالرحمن : دامه ما تركنا نشك فيه وما خلانا نمسك عليه دليل فهذا معناته أنه بيننا يا سلطان
                    سلطان : وأكيد أنه ماهو مقرن! .. أنا ممكن أشك فيه بأشياء ثانية لكن شي صار قبل سنة وأكثر مستحيل يكون هو وراه
                    عبدالرحمن : وليه زوروا بفحص الدي أن إيه .. ليه كانوا يبون غادة بعيدة عن عبدالعزيز .. هذا يعني أنه فعلا الشخص الثالث كان يبي يستغل عبدالعزيز بشي .. ودامه كان يبي يستغله فهذا معناته يبي منه أشياء .. وهذا معناته ..
                    تنهد ليكمل عنه سلطان : أنه سلطان العيد كان وراه أشياء مانعرفها
                    عبدالرحمن يحك جبينه بعد أن وقف للإشارة الحمراء : وهالشي كيف غاب عنا كل هالفترة! يعني طول الفترة نوجه خططنا للجوهي وهي غلط! هذا إحنا تورطنا واللي بالمدفع عبدالعزيز
                    سلطان مازال يشعر بحرقة القهر في صدره : يا كثر الأغلاط اللي تصير لكن مثل هالغلط ماني قادر أستوعبه!
                    عبدالرحمن : خلنا نفكر الحين فيما بعد الغلط
                    سلطان تنهد وهو ينظر للبيت الذي أبتعد عن اليومين الفائتين : بكرا بيصير الإجتماع ؟
                    عبدالرحمن : إيه جهزت كل شي ..
                    سلطان : تكلم متعب يجيني البيت ويجيب معه كل الأوراق
                    عبدالرحمن :سلطان أنت منت ناقص .. مدري متى تستوعب أنك طالع من عملية ماهو بسهولة تتحرك وتشتغل
                    سلطان : جتني اللي أكبر من ذي وماصار شي .. يرحم لي والديك يا عبدالرحمن لا تزن علي
                    عبدالرحمن خرج ليتجه نحوه ولكن سلطان لم يكن يحتاج مساعدته، أتجها للباب الداخلي وخطوات سلطان أتضح بها العرج الخفيف من ألمه الذي لم يلتئم بعد.
                    منذ أن سمعت صوت الباب حتى نزلت بخطوات سريعة نحوه لتقف في منتصف الدرج وتتعلق عيناها به، بملامحه السمراء التي تفقد سمرتها بشحوبها، بقدمه الذي أنتبهت لعرجها الخفيف ولشعر وجهه المبعثر بفوضوية تثير الفتنة في قلب صبية مثلي، كان حضورك غيث على ارض جفت بأيام قليلة، كنت غصن يابس ينتظر من يبلله، لم يكن غيابك عاديا بل كان مكلفا جدا، حرمني من النوم ، " الوسائد أرق " و عيناك نعاس، كان مكلفا بأنه كسر ضلع الراحة وبات إنتمائي لضلعك مهما أعوج بي.
                    عبدالرحمن بإبتسامة ودية : اللهم أني موجود ..
                    الجوهرة بربكة أحمرت وجنتيها : حياك عمي .. الحين أخلي
                    يقاطعها : جعل يكثر خيرك أنا طالع .. أنتبهي لسلطان .... وخرج دون أن يترك لها فرصة للحديث.
                    مشت بخطوات خافتة نحوه وهي تعد كم من عصب ينهار في داخلها وينتحر : جهزت لك الغرفة اللي عند مكتبك
                    سلطان مشتت نظراته وعيناه المشتاقة لحصة تبحث عنها : وين عمتي ؟
                    الجوهرة : طلعت مع العنود بس كلمتها والحين جاية ...
                    بتوتر لم تشعر إلا بالدمع ينحشر في عينيها : الحمدلله على السلامة
                    سلطان يتجه نحو الغرفة التي جهزتها له دون أن يرد عليها وفي داخله لم يقصد التجاهل بقدر الإشتياق الذي يطل مكابرا وشاهقا وأنا أقدامي رقيقة لا تتسلق كل هذا العلو ببساطة يا سلطان، وقفت لتواسي عبرتها، تحاملت وحاولت أن تظهر إتزانها لتتجه خلفه، نظرت إليه وهو ينزع حذاءه.
                    حاولت أن تظهر عدم إهتمامها في مشاعرها لتردف بجدية : التكييف زين ولا أقصر عليه ؟
                    دون أن يرفع عينه: زين
                    يستلقي على السرير بعد أن شعر بأن رأسه يدور به وغليان يجري بأوردته، فيومين لم يتحرك بهما كفيلة بفعل به كل هذا بعد أن تحرك قليلا، أقتربت لترتجف شفتيها من ملامحه التي تغيرت للضيق وكأنه يعاني أمرا ما : يوجعك شي؟
                    سلطان أخذ نفس عميق : لا .. سكري النور وبس تجي عمتي خليها تصحيني
                    الجوهرة لم تتحرك بعد أمره، تشعر بخيبة لاذعة لا يتحملها قلبها، تعامله الجاف معها يزيد حزنها أضعافا، لم كل هذا؟ أأصبحت شخصا عاديا لا يعنيك أمره؟ ألا يعنيك أمر قلبي الذي أبتهل بك وبكى عليك! ألا يعنيك أنني أنتظرتك يومين بشدة تعني " أحبك " بصورة لا تنتمي إلا لقاموسك، ألا يعينك أن عيناي تسأل عنك وأنت أمامي؟ ألا يعنيك بأنك تقرأ شوقي في محاجري ومع ذلك لا تبالي! ألا يعنيك شيئا من هذا يا سلطان؟
                    سلطان رفع حاجبه بإستغراب من وقوفها : الجوهرة فيه شي ثاني!
                    الجوهرة بعتاب حاد : إيه
                    سلطان : وشو ؟
                    الجوهرة بثقتها الصاخبة : أنا
                    نظر إليها وأطال بنظره لعينيها الحادتين، تشبهني إن حاولت أن تغضب رغم أنها تفشل في كل مرة ولكن هذه الأنثى تواصل بعنفوانها السيطرة علي وأواصل في كل مرة في صد عنف شفتيها التي سرعان ما تذوب: وش فيك أنت ؟
                    الجوهرة بقهر تراجعت لتجلده بالصد : ولا شي ... لتتجه نحو الباب فيقطعها صوته : الجوهرة
                    وقفت دون أن تلتفت عليه لتلفظ بقسوة بدأها لتنهيها : بس تحتاج شي ناديني بكون جالسة بالصالة ...
                    ألتفتت عليه : تبغى شي ثاني؟
                    سلطان : تعالي
                    الجوهرة بهدوء : قولي من هنا
                    سلطان بصيغة الأمر : قلت تعالي
                    الجوهرة وتبدأ حرب الضمير معه، يتجاهلها قبل دقائق والان يريدها وأنا لست تحت رحمة مزاجك : تمسي على خير ...
                    بعصبية بالغة : يعني أوقف؟
                    أتجهت بخطواتها نحوه لتقف، سلطان : قربي
                    أقتربت أكثر حتى ألتصقت بالسرير، بنبرة متلاعبة : جيبي المخدة الثانية ..
                    الجوهرة تنحني عليه لتسحب المخدة التي بجانبه وتحاول أن ترفع رأسه لتضع تحته وهي تنحني بأكملها ليقترب صدرها من صدره، كانت ستبتعد ولكن يده كانت في وجه هذا الإبتعاد، مسكها من ذراعها ل . . ..


                    ،

                    صخب بضحكته إلى حد لا متناهي، لم يستطع أن يسيطر على نفسه وهو يرى ملامحه والدته المندهشة : أجل تان!!
                    فيصل بإبتسامة : الله يوسع صدرها بس ... أول مرة يمه أشوف وجهك يقلب ألوان كذا
                    والدته : مناك بس ........... وجلست بهاجس من أن هيفاء تغيرت ملامحها
                    فيصل : بس والله التان ماهو شين
                    والدته : أنت عجبتك ؟
                    فيصل هز رأسه بالإيجاب : حبيت ملامحها بس يمكن أحبها أكثر بالبياض .. بس والله السمار ماهو بشين ..
                    وبضحكة أردف : إلا فتنة
                    والدته : تقول أمها يروح بسرعة
                    في جهة أخرى بعد أن أغلقت الهاتف منها : حسبي الله على أبليسك يا هيفا .. حسبي الله بس .. تسوين اللي تسوين ترجعين لي بيضا اليوم قبل بكرا
                    هيفاء : لا تخافين قبل العرس بتشوفيني قشطة
                    ريانة جلست وهي تشتم حظها : أنت وأختك تبون تجننوني!
                    منصور : ريم مانزلت اليوم؟
                    ريانة : بغرفتها! تبي تقهرني .. من أول مشكلة خذت أغراضها وجت
                    منصور : يمه لا تزيدينها عليها! لو المشكلة بسيطة كان ماخذيتها بس خلي ريان يتأدب
                    ريانة : وريان وش سوى ؟ قولي وش سوى
                    منصور تنهد : هذا بينها وبينه .. المهم أنه ريم ما ودها فيه واللي شرع الزواج شرع الطلاق
                    ريانة تضرب صدرها : طلاق في عينك !! هذا وأنت الكبير العاقل تبي أختك تتطلق
                    منصور : دام ماراح يتفاهمون ليه تكمل معه بكرا تجيب منه عيال وتبتلش! الطلاق الحين ولا الطلاق بعدين ..
                    والدته : منصور لا ترفع ضغطي ..
                    يوسف دخل على نقاشهم الحاد : وش فيكم ؟
                    والدته : أخوك كبر وأنهبل! يبي ريم تتطلق
                    يوسف ألتفت على منصور : ممكن أفهم وش هالمشكلة العظيمة اللي بين ريم وريان! يخي خلنا على بينة عشان نعرف نتصرف
                    منصور : إذا ريم تبي تقولك خلها تقولك .. لكن مسألة أنه ريم ترجع له أنا ماراح أوافق
                    والدته بعصبية : عساك ما وافقت! بس يجي ريان ماتتدخل بينهم وخلهم يحلون مشاكلهم بروحهم
                    منصور بغضب : لا بتدخل! ريم ماراح ترجع له يا يمه ولا تخليني أحلف لا والله ..
                    تقاطعه بغضب كبير وهي التي لا يرتفع صوتها على منصور كثيرا : تحلف علي! هذا اللي ناقص بعد
                    يوسف وقف : منصور أمش معي ..

                    ،

                    بعصبية يشتم كل شيء أمامه، لم يعد يتحمل كل هذا، لا يتحمل هذا الهراء الذي يعني أنها تتذكر الماضي وتنساني! هذه الذاكرة العاصية لقلب متولع بها من قدميه حتى أطراف شعره، هذه الذاكرة التي لا تحاول أن تفكر بطريقة ترحم بها جسدا يشتهي عينيها ويغرق بتفاصيلها، أأستخرج عن الحب كفارة حتى تعودي لأحضاني؟ أم أنسى أنك غادة وأنسى هويتي! كنت أخبرك دائما بأن عيناك وطن وأنك إنتماء، كنت أخبرك بأنك هويتي إن ذهبت ضاعت أوطاني، أنا المواطن لأرضك ولشفتيك.
                    : يعني ؟
                    غادة بضيق : ماأبغى أروح لندن!
                    ناصر : غادة! أنا ماخذ رايك أنا قلت لك راح تروحين يعني الموضوع مافيه نقاش
                    غادة : وأنا ماأبغى .. ماأبغى ابعد لمكان ماأعرفه
                    ناصر بصراخ : لندن ماتعرفينها؟
                    غادة : ماأعرفك أنت
                    ناصر بحدة بعد أن وضع حقائبه في سيارته وعزم على الذهاب: راح تروحين .. وغصبا عنك بعد ماهو برضاك ...
                    غادة : يخي أفهمني أنا ..
                    ناصر يقترب منها ليلتصق ظهرها بالجدار، أحاطها بيديه ليهمس : أولا إسمي ماهو يخي! ثانيا ماراح تنامين اليوم الا بلندن إن شاء الله! ثالثا! لا تحاولين تستفزيني بكلمة ماأعرفك وماأتذكرك عشان ما أنسيك إياهم كلهم وأخليك تعرفين تتذكرين صح!!
                    غادة بربكة بعد أن ألتصق بطنها ببطنه، شتت نظراتها المرتجفة
                    ناصر : مفهوم ؟
                    غادة بهمس : ممكن تبعد شوي
                    ناصر يضيق عليها بعناد سادي : مفهوم ؟
                    غادة أرتبكت لترفع عينيها وشتمت نفسها من أنها رفعت رأسها له في هذه اللحظة الضيقة ، وهذه الفرصة لا تضيع علي . . . . . .


                    ،

                    تطرق باب غرفته التي حجزها بجانبهم بعد أن نامت ضي وعبير، أشعر بالضجر والملل وكل الأشياء السيئة في ليل طويل كهذا، وفكرة ان أخرج مع عبدالعزيز ليست سيئة ما دمنا في وضع الهدنة التي عزمنا عليها في الأيام الماضية.
                    أنتبهت للباب المفتوح، لتطل والظلام يغشى المكان، أقتربت بخطاها للداخل وهي تبحث بعينيه عن سريره ، شعرت بالباب وهو ينغلق لتتجمد أقدامها و لا لفظ يأتها سوى الصيغة العامية التي تعني " أم الركب " ، ألتفتت بخوف لتتراجع حتى أرتطمت بالتلفاز وهي تحاول أن . . . .



                    .
                    .

                    أنتهى البارت

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                      إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()



                      المدخل لنزار قباني من قصيدة القرار " لازم تقرونها كاملة عشان تشوفون سر الفتنة في هالإنسان :( "

                      يا أنت .. يا سلطانتي ، ومليكتي

                      يا كوكبي البحري .. يا عشتاري

                      إني أحبك .. دون أي تحفظ

                      وأعيش فيك ولادتي .. ودماري

                      إني اقترفتك .. عامدا متعمدا

                      إن كنت عارا .. يا لروعة عاري

                      ماذا أخاف ؟ ومن أخاف ؟ أنا الذي

                      نام الزمان على صدى أوتاري

                      وأنا مفاتيح القصيدة في يدي

                      من قبل بشار .. ومن مهيار

                      وأنا جعلت الشعر خبزا ساخنا

                      وجعلته ثمرا على الأشجار

                      سافرت في بحر النساء .. ولم أزل

                      _ من يومها _ مقطوعة أخباري..




                      رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
                      الجزء ( 62 )




                      ينظر إليها وهي تلتفت للخلف خشية من أن تصدر صوتا مزعجا، تقف على أطراف أصابعها كناية عن توترها، تطرق الباب بخفة حتى تجمدت عينيها من أنه مفتوح، يتأملها بإبتسامة تتسع شيئا فشيء، لن تتركين أبدا التطفل والتسلل إلي وتقولين بكل ثقة " أنا قادرة على نسيانك " تقولينها بطريقة توحي أنني لا شيء وأنا في عينيك كل شيء مهما أنكرت، مهما قلت " لا " فهذا يعني في قاموسي " أحبك جدا يا عزيز " ، قلنا هدنة ولكن المعذرة من هذه الهدنة أن أختلت ليوم واحد، تقدم لغرفته بعد أن أغلق الهاتف، كان الظلام يسيطر على غرفته التي لا يرى منها شيئا سوى الضوء المنبعث من النافذة، ألتفتت بخوف لتتراجع حتى أرتطمت بالتلفاز وهي تحاول أن تصرخ ولكن الصوت يموت بها في كل مرة تخاف بها لا تملك حبالا صوتية تقوى على الصراخ.
                      أبتسم وهو يحاول أن يخيفها أكثر، أخرج سلاحه من جيب بنطاله ليخرج صوت الزناد كرصاصة تخترق قلبها الرقيق، شعرت بأن صدرها ينفصل بمجرد ما سمعت هذا الصوت، تموت؟ أنا فعلا أموت ببطء بهذا الخوف الذي يقتنص قلبي، ضغط على مفتاح الإضاءة لتضيء الغرفة بأكملها : عندنا ضيوف اليوم!
                      أتت ردة فعلها جامدة وهي تنظر إليه بأقدام ثبتت في مكانها إذ لم تكن متجمدة، وملامح تشربها الخوف حتى أستكنت بشحوب، نزلت دمعة يتيمة ولا صوت يخرج منها. هذه الدمعة ليست ضعفا ولكن دمعة اليأس، دمعة اللاشيء، دمعة الإفلاس الحقيقي.
                      وضع السلاح على الطاولة ليقترب منها ولكن سرعان ما تراجعت بخطواتها للخلف لتصرخ به : ماترتاح إلا لما تجلطني .... أتجهت نحو الباب، مرر ذراعه من خلفها ليثبتها على الباب ويعيقها من الحركة،
                      بصوت يضيق بحزنه : يا عمي أنا اسفة أني جيتك أنا الغبية أني جيتك .. ممكن تتركني الحين ؟
                      عبدالعزيز : ماني عمك
                      رتيل ومازالت لم تلتفت عليه ومازال يحاصرها من ظهرها: ماهو جو أنك تتمصخر! ..
                      عبدالعزيز : وش كنتي جاية عشانه ؟
                      رتيل عقدت حاجبيها : طفشت ومالقيت غيرك لكن دايم أكتشف أني غلطانه ودايم أكتشف أني أكبر حمارة عرفها التاريخ!
                      عبدالعزيز تنزل أصابعه من عند الباب لتتجه نحو خصرها، يستعمرها بأصابعه وبذراعه التي تلتف حولها كهالة لن تمحى بسهولة، ألتفتت عليه ولا هواء يتجرأ أن يفصل بينهما، شعرت بأن أوكسجينها ينسحب من الغرفة وينسحب إلى رئتي عبدالعزيز ويتركها خالية، بهذا القرب المقدس بين عينيهما تاهت الكلمات المتزنة، يطيل الوقت بالتأمل وعينيها لا ترمش ولم تكن عينيه أفضل حال وهي تتجمد في عدسة عين رتيل، إننا لا نعرف كيف نعقد العهود! إننا لا نعرف كيف تقام الهدن وكيف تتزن شروطها؟ إننا أسوأ من البعد، من الغياب، إننا نغرق بوعود وهمية ومصطلحات زائفة، نعيد تعاريف الأشياء لتصبح خفيفة عابرة في قواميسنا، الهدنة التي تعني الصلح الذي يسبق الحرب، أو الهدنة التي تعني حرب لاذع يستمر في الصمت حتى يخرج صوته فنقول إننا نواجه الحرب! هل هذه الهدنة يا عزيز؟ أم أن الهدنة التي أستخرجناها من جحيم ثغرك تعني أن نقترب بكامل رضانا ونحن نكابر! أنا أضيع، أين قلبي؟
                      تعلمين يا رتيل أنني الأسوأ في كل شيء، الأشد سوء من عينيك المعصية، رسائل القدر التي تهمس لي مرارا " أنت تغرق ولا حبل نجاة ينتظرك " أنا الأسوأ من الحياة التي تقيم مراسم تأبين عائلتي أمامي في كل لحظة/في كل ذكرى دون أن تلتفت لقلب لم يدفن بعد، لقلب يحاول أن يقف وفي كل مرة يسقط!، أنا الأسوأ ولكن عيناك كارثة! وأنا اتحمل معنى هذه الكلمة وهذه الجريمة، أتحمل ما تؤول إليه التفسيرات، بالله عليك! كيف أنظر لنفسي للمراة وأراك؟ كيف أشعر بأنك مراة تلاحقني في كل مكان، كيف تكوني بهذه الصورة اللاذعة! أنا لولا عينيك كان بإمكاني التقدم في أمر زواجنا بصورة سلبية كانت أم إيجابية ولكن هذه العينين تعرقلني، والله تعرقل رجل مثلي لا يتحمل سمراء نجدية مثلك، ليتني أستطيع أن أتواضع قليلا لأجل عينيك وأقول " سحر أنت أم أنا المجنون ؟ "
                      أرتفع صدرها بشدة وهي تسحب أنفاسها التي بات يسرقها من شفتيها، لا أعرف لم أغمض عيني في الحزن/الفرح، لم عيناي لا تقوى أن ترى الفرح إن تشكل أمامي، لا تقوى أن ترى بكاء الحزن في داخلي، والان أغمضها لأنني لاأعرف كيف أصنف هذا الشعور؟ هذا الشعور فوق كلماتي فوق تحكم عاطفتي، هذا الشعور فوق السيطرة. هذه القبلة تنزل بخفة لقلبي، هذه القبلة تنام في صدري.
                      تضع يدها على صدره لتفتح عينيها بإطمئنان الحياة التي بثها في داخلها، كيف للقبلات هذه المقدرة الخرافية؟ كيف لها أن تتشكل كالحياة وأحيانا تتشكل كالموت. دفعته قليلا وهي تحاول أن تبتعد بعد أن أستسلمت لقلبها الذي أندفع بإتجاهه، وعدت نفسي مرارا وأعترف أنني خائنة الوعود! قلت كلاما لا يحكمه عقلي، أصبح الكلام تحت سلطته وأنا كاذبة في كل أقوالي إلى الان، إلهي إجعلني فقط ألتزم بوعد واحد حتى يعرف أنني مازلت لست راضية.
                      أبتعد بخطواته للخلف : عن الحكم؟ نقدر نقول بطلت الهدنة ؟
                      رتيل دون أن تنظر إليه : لا
                      نظر إليه بحدة حاجبيه التي تشابكت فيما بينها، تقدم مرة أخرى عدة خطوات ليقترب منها : شيئان لا تصدق فيهما قولا إمرأة عيناها من شدة الصدق تكذب و إمرأة من شدة الكذب عيناها تكذبها جهارا.
                      بلعت ريقها من وصفه المباشر لها، بللت شفتيها بلسانها وهي لا تستطيع رفع رأسها لتنظر إليه، شتت أنظارها لتردف ومشاعرها المتلخبطة أحمر بها وجهها الشاحب، هرولت الحمرة في جسدها بأكمله، أهذه ربكة الحب؟ أأنا واقعة به؟
                      : تصبح على خير ... ألتفتت للباب وهي تحاول أن تفتحه ومن التوتر الذي أصاب اصابعها أطالت في فتحه حتى وضع يده على كفها المثبتة في مقبض الباب : لمعلوماتك عيونك تبطل أشياء كثيرة
                      رتيل بسخرية : منها مقولتك اللي ماأعرف مين قائلها!
                      عبدالعزيز بإبتسامة لاذعة وهذه الإبتسامات تصيب الإناث في مقتل : لا.
                      رتيل لم تفهمه، ألتفتت وبنبرة جادة مازال في المتسع أن لا نستسلم : وش تبغى توصله ؟
                      عبدالعزيز بنبرة متلاعبة : أسأليني
                      رتيل لم تفكك الخبث المنحصر في كلماته لتردف بصفاء قلبها : وش الأشياء الكثيرة اللي تقصدها
                      عبدالعزيز : تقصدين وش الأشياء اللي تبطلها عيونك ؟
                      رتيل تشعر بإستفزاز أسئلته لتردف : وش الأشياء اللي تبطلها عيوني؟
                      عبدالعزيز : الوضوء
                      شعرت بأنها تختنق فعليا، فتحت الباب بقوة لتخرج بخطوات متخبطة مرتبكة، دخلت غرفتها وهي تضع ظهرها على الباب ويدها على صدرها تستشعر حرارة الكلمة المنصهرة في يسارها، أتجهت نحو الحمام الذي كان قريبا جدا لتبلل وجهها الذائب بحرارته بماء بارد، أنتشر صدى أنفاسها التي تأخذها بتسارع، كل شيء يختل توازنه، صوت ضربات قلبي ترتعش معها أذني وكأن قلبي يريد أن يوصل إلي بنبرة مستعارة " أنني لا أملكه " ف ورقة الملكية في جيب عزيز، مع كامل الحب والأسف.


                      ،

                      وهذه الفرصة لا تضيع على رجل يتشربه الإشتياق كل دقيقة وكل ثانية وكل لحظة، هذه الفرصة كفارة عن نفسك التي بادلتني بالبرود بعد كل هذا الغياب، أترين كيف الفرص تقف بصفك؟ ليست هي فقط بل قلبي أيضا، تقف بكل شموخ تواسيني وتحاصرك، هذه الفرص مدعاة للسخرية إن ذابت قبل أن ألمسها، كيف تضيع منا الحياة؟ إني أسألك بحق الله كيف أشتاقك وأنت أمامي؟ إني أسالك بحق الرب الذي صقل جسدك من ماء وطين! إني أسألك بحق العظيم كيف لعينيك هذه المقدرة من الذوبان والطوفان؟ أعلن إنشقاقي من البشر، من الأرض والطين ورسائل عينيك الكاذبة، أعلن الإنتماء لشفتيك ولوجهك وكل شيء فيك لا أعرفه بأحد غيرك، إن وجهك دياري وإنك هويتي، يا حاكمتي بغير ذنب إني واقع في معصيتك، يا خطيئتي بغير حساب إني لا أطلب الغفران عنك، يا حبيبتي من أي العوالم أنت أتيت ؟ هل من العدل أن تأت بحرا يغرقني أم من العدل أن تأت كرياح هائجة لا تبقي لي جذورا؟ إنه من الظلم أن لا أحبك، أني عادل جدا وأني أحبك جدا جدا.
                      عيناها تطيل الوقوف في عينيه لتراه كصورة أخرى، تغرق تماما وهي تسترجع تفاصيلا أخرى لا تعلم موعدها ولا تاريخها ووقتها، بلعت ريقها وهي تغمض عينيها لتستذكر ما حصل بالسابق.
                      " في محطة القطار التي فرغت تماما في ساعة متأخرة، بتلاعب أقترب منها وهو يلاصقها، أبتسم ومازالت عيناه تنظر لسكة القطار الخاوية، تبادله الإبتسامة وعيناها أيضا تنظر للسكة الحديدية، عانق أصبعها السبابة بكفه لتلتفت إليه وهي ترفع حاجبها : باقي 10 دقايق. ناصر بإبتسامة شاسعة يتلاعب بها : 10 دقايق تحديدا يمدينا نسوي فيها إيش؟، غادة بضحكة : يمدينا نطلب قهوة تصحصحنا على هالفجر. ناصر يجاري ضحكاتها : ويمدينا نسوي شي مجنون مثلا ... يقترب أكثر .. يعني مثلا .. يراقب بعينيه محطة القطار التي كانت خاوية تماما عدا شخص نائم على الكرسي البعيد ليلتهمها وسط ضحكاتها التي أعتلت وهي تحاول أن تبعده وتذكره بمكانهما، نحن في الحب مجانين، نحن في الحب لا ننتمي لأي عرق أو طائفة، نحن في الحب ننتظر نوم العالم حتى نصخب بضحكاتنا/بجنونا، نحن في الحب نمارس قدسية الجسد كما ينبغي وكما يرضي الله.
                      فتحت عينيها لتبعده بيديها الرقيقتين، شعرت بأن حرارتها ترتفع مع الذكرى التي تجهل بأي مكان وقعت، ترن في داخلها الضحكات، يصخب رنين خلخال الحب في قلبها
                      أخذت نفسا عميقا وهي تقف بربكة في المنتصف، ألتفت عليها ليتجه نحو الباب وهو ينطق بهدوء : أنتظرك تحت . . . .

                      ،

                      مسكها من ذراعها لتسقط على صدره، رفعت جسدها حتى لا تؤلمه وهي بدأت تكتشف مكان إصابته، أنساب شعرها لجهة اليمين وهي تنظر إليه بإستغراب من التناقضات البشرية التي تكمن في داخله، من حرب عينيه وقلبه، أتعلم مالشيء الذي يليق بعينيك في هذه الساعة، أن يصيبها شيء يجعلك تستعيذ ثلاثا من فكرة تجاهلي وأنا إمرأة لا تخاف التحدي ولكنها واقعة بك وهذا ما لا يقبل به التحدي إن كان إحدى الطرفين منحاز للاخر، للأسف الشديد عيناك (حليانة) وأنا أتولع بها!
                      سلطان رغم أنه يشعر بألم مفاصله الذي تسرب من صدره إلا أنه يواصل إستحلالها، " فأستسلتمي لإرادتي ومشيئتي، واستقبلي بطفولة أمطاري ، إن كان عندي ما أقول .. فإنني سأقوله للواحد القهار...عيناك وحدهما هما شرعيتي. " شرعية قلب ربما يبطلها متى ما أراد مزاجه وأنا كائن مزاجي لا يرضخ لعواطفه وهذا عيب بشري لا أظن أنه يختلف عليه إثنان، وأنت تعلمين يالجوهرة أنني قادر على التعايش بعكس دواخلي، قادر وجدا أن لا أختار بين الحب واللاحب، قادر تماما أن أنفيك وأقربك وأستوطنك وأعلن رفع حصاري عنك، يا مدينة مقدسة أنت ويا حكومتي الطاغية.
                      : عسى سرحانك بشي معقول!
                      تهينني كثيرا بكلماتك، تقسو كثيرا ولكن كل هذا لن يحرك بي ما ترجيه، إن كن النساء يرتفع سقف طموحاتهم عندما يرونك، عندما يشعرني الجميع بأن حظي في هذا الدنيا كبير لأنك زوجي فأنت ذو حظ أعظم لأني مازلت أراك، أبتسمت بسخرية وهي تعلن الإنشقاق عن ملكيته : وش الشي المعقول أصلا ؟
                      صغيرة جدا على محاولاتك الإستفزازية بالكلمات، أنت أصغر بكثير من أن تبددني كلماتك، يسحبها بقوة حتى ينسحب الهواء ببطء بينهما ليلفظ وهذه المرة الكلمات لا ترسل لأذنها مباشرة بل الوساطة تنتقل لشفتيها المتوردتين، أضنيتني بالبعد كل هذه الفترة ما أظلمك! أكان الغربة عن شفتيك واجبا؟ لو راك غيري لحرم على نفسه النساء من بعدك : هذا المعقول
                      الجوهرة تسحب نفسها بربكة تحمر بها خجلا، لتردف بكلمات مرتبكة متقطعة : ومن ضمن هالمعقول أنك تتجاهلني وأنا من طحت بالمستشفى لا ليلي ليل ولا نهاري نهار !!
                      سلطان بسخرية لاذعة وهو يفرغ غضب العمل بها : تصدقين لولا إنتظارك ما كان صحيت! شكرا على الوقت اللي راح وأنت سهرانة ... كنت راح أضيع
                      الجوهرة تدافعت العبرات في حنجرتها، أمالت فمها، تحاول أن لا تضايقه وهو مازال متعب، تحاول ولكن يستفزها بكل شيء حتى في مرضه، أتى صوتها مختنقا : أنا أسأت الظن فيك بس أكتشفت أني أحسنته، لأن سوء ظني عمره ما وصل لمرحلة أني أتخيلك تتمصخر علي بهالطريقة!
                      سلطان وهو الذي يضيق من نفسه أكثر من ضيقه منها، بهدوء : مزاجي ما يتحمل أسمع كلمة ثانية
                      الجوهرة شدت على شفتها السفلية محاولة أن لا تبكي، " ما عاد ينفعك البكاء ولا الأسى فلقد عشقتك .. واتخذت قراري.. "
                      بلعت ريقها لتظهر صوتها متزنا رغم عينيها المختنقة بالدمع : ممكن يتنازل هالمزاج شوي وتفكر بطريقة تعتذر فيها لي
                      سلطان أتسعت محاجره بالدهشة، لم تترك له فرصة للحديث بصوتها الخافت : لأنك غلطان! ومن شيم الرجال الإعتذار عند الغلط .. وأظن ماينقصك عن الرجال شي.
                      سلطان بعصبية أستفزت كل خلية بجسده : لا تحاولين تستغلين تعبي بأنك تمررين الكلام بدون لا تحسبين حسابه، تراني قادر الحين أقوم وأعلمك كيف تكلميني!
                      الجوهرة ببرود : أعرف كيف أتكلم قبل لا أسمع لإسمك طاري في حياتي
                      سلطان بحدة : الجوهرة! والله ..
                      تقاطعه بمثل حدته : لأنك غلطان! لأنك عاجز حتى أنك تعترف بغلطك .. فأسهل وسيلة أنك تعصب وتحلف .. لكن لو أنك مقتنع باللي تقوله كان واجهتني بالحجة ..
                      سلطان يحاول أن يستعدل وملامحه الحادة يرتسم عليها تعبه وثقل جسده عليه، في جهة كانت تنظر إليه وهي تجاهد أن لا تضعف أمامه، تتألم من ألمه وتعبه، هذا التعب أشعر به يشطرني قبل أن يشطره.
                      ألتفت عليها : و رحمة الله يا بنت عبدالمحسن لا أوريك الحجة اللي بتندمين بعدها.
                      فهمت تهديده تماما، بلعت ريقها الذي تحشرج بها، ضغطت على زر الإنارة لينتشر الظلام عليه وتخرج دون أن تلفظ بكلمة، من شأن هذا التهديد أن يقتلع الأمان من قلبها، لا يفهم ولا يريد أن يفهم بأني أحبه رغم كل ذلك، ولكن هذا الحب يوما عن يوم يضيع بي وأخشى أن يأت اليوم الذي أفلس به من الحب، من كل شيء يتعلق بك وأبقى خط محايد لا ينتمي إليك ولا ينتمي إلي، لحظتها بإمكاني أن أقول لك " وداعا " دون أن أرمش ندما ولكن أنت وحدة من ستندم.

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...