رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *مزون شمر*
    عضو مؤسس
    • Nov 2006
    • 18994

    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

    ،

    في يوم مشمس ، نزعت الشاش عن رأسها لتسقط خصلات شعرها الملتوية من الأعلى إلى الأسفل ، ألتفتت لتعطي المراة ظهرها وتنظر لمؤخرة رأسها ، صعقت تماما وهي ترى جزء صغير خالي من الشعر بسبب الغرز ، لعنت عبدالعزيز بأشد اللعنات متجاهلة تماما قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة لعان " ، رغم أن خصلات شعرها التي في المقدمة تغطي هذا الجزء وكثافة شعرها تساعد إلا أن حقدها على عبدالعزيز يجعلها ترى الأشياء من زاوية واحدة .
    مازالت تزداد كرها له ، و أفكارها رغما عنها تذهب إليه ، الان أين هو ؟ ربما مع " الكلبة " لو القتل في شريعتنا حلال لأحرقتك معها !
    أتجهت لهاتفها وفتحت بروفايلها اللعين في تويتر ، لم تكتب شيئا منذ الأمس ، " طبيعي جدا محتفلة مع الحقير الثاني "
    مقهورة حد أنها تود أن تحرقه وتحرق نفسها أيضا ، فكرت بتلك الحركة الدنيئة وأن تجننه فعليا بتصرفات يجهلها ولكن أحبط خطتها منذ اليوم الأول ولكن مازال يا عبدالعزيز هناك متسعا ، تهنى مع أثيرك و مع الفتاة الأولى بحسب ما تقول ولكن أجزم أن من سلب عقلك هي أنا .
    سمعت طرق الباب وألتفتت عليه ، ندمت على صوتها المرتفع بوجه والدها فمهما حدث من المفروض أن لاتصرخ و تدخل في العقوق ولكن كرهت نفسها من تصرفات " الذي يدعى زوجها " اه لو في شريعتنا الزواج بأكثر من رجل حلال ! والله لتزوجت و احرقت قلبك .
    تقدمت للباب وفتحته بهدوء ، ضي الممسكة ب " صينية " الفطور : تسمحين تفطرين معي ؟
    رتيل تركت الباب مفتوح ورجعت للأريكة التي في زاوية غرفتها ، ضي بإبتسامة وضعت الطعام على الطاولة : صباحك جنة
    رتيل بهدوء : صباح النور
    ضي : وجهك منور يا عساه دوم يا رب
    رتيل ألتزمت الصمت أمامها ونظراتها تتشتت
    ضي : رتيل .. أنا فاهمتك والله فاهمتك وعارفة كيف تحسين و أنه محد مهتم لك وطريقة زواجك كأنهم أرخصوك له
    رتيل رفعت عينها لها ، و مازالت ملتزمة الصمت .
    ضي : أنا كنت أحس كذا لما أبوك يهملني بالشهور ومايسأل عني ، كنت أحسه مايحبني و ممكن حتى يطلقني بسهولة بدون لا يحس بشوية ذنب وتأنيب ضمير ، كنت أحسه حيل راخصني ! مايشوفني الا من فترة لفترة وكأني ولا شيء بحياته ، لكن بعدين فهمت أنه ماهو بإرادته ! كان الجو متوتر في البيت وكان الوضع متأزم بشغله فما كان يقدر يتحمل أنه يقولكم أو حتى يضحي فيني ! . . . رتول والله أبوك صاير ماينام زي الناس ، ينام ساعة ويصحى و حتى نومه متلخبط ، يحس بقهر عليك ومقهور من أنك ماتكلمينه ويوم جاك مافتحتي له الباب ! .. أنا ماأقولك لا تزعلين .. من حقك تزعلين و مهما صار مفروض يتركون لك خبر لكن صعب والله ،
    رتيل بهدوء : مافيه شي صعب ! وش كان بيضرهم لو قالوا لي ؟
    ضي :أنا اللي فهمته أنهم كانوا يراقبون عبدالعزيز قدام شخص إسمه رائد وكان يتكلم وفجأة قالهم أنه عبدالعزيز اللي تدور عنه متزوج من بنت أبو سعود ، أنصدم أبوك وأنصدم حتى سلطان منه وأنه كيف فاجئهم وهو يقوله ! طبعا هذا الشخص لما عرف أنه عزيز متزوج أبعد نظره عنه لأن كان يبيه ضد أبوك لكن لما عرف أنه نسيبه مستحيل يوقف ضده ! فهمتي علي ؟ لكن ليه عبدالعزيز سوى كل هذا ؟ ممكن عشان يحمي نفسه و ما يزعجه هالشخص أو يأذيه لكن أكيد فيه سبب ثاني لأن عبدالعزيز عمره ماأهتم براحته ولا أهتم حتى كيف يحمي نفسه !
    رتيل بتوتر : وش قصدك ؟
    ضي : عبدالعزيز يبيك و مستحيل سوى كل هذا الا وهو يبيك حتى أنه فيه شخص أتصل على أبوك وهدده أنه مايزوج عبدالعزيز الا رتيل ! .. و ممكن الحين عبدالعزيز معصب ولا مدري وش سالفته لكن بالنهاية ماله الا أنتي
    رتيل : أنتي تدرين أنه تزوج من وحدة إسمها أثير
    ضي بهدوء : طيب يطلقها ! اللي شرع الزواج شرع الطلاق ! مستحيل يكمل معها وهو مايحبها ، وأكيد أنه تزوج بس عشان يقهرك .. وأنتي لاتنقهرين وتبينين له أنك مقهورة ويحس أنه أنتصر عليك ، بالعكس ولا تخلينه يهز فيك شعرة ! أنتي منتي ضعيفة ، أرجعي زي أول ما كان يكلمني عنك أبوك و خليك قوية قدامه ! ولاتخلين حبه يضعفك ، زي ما تحسينه أهانك بزواجه من أثير حسسيه بالإهانة في برودك ! و اليوم عرس ريان أنبسطي فيه وبولد عمك .. رتيل أنتي صغيرة حيل أنك تحملين نفسك هالحزن ! هونيها وبتهون ! يكفي أنه هالشي مكره عيشتك لا تخلينه بعد يأثر على مزاجك
    رتيل و الأقتناع يغزي عقلها : بس أنا أبي أقهره و أهبل فيه زي ما هبل فيني
    ضي بضحكة : هبلي فيه ومن عيوني بساعدك بدون لا يدري أبوك وحتى عبير

    ،

    حمد يركض على الدرج : فروووس ووجع ... إذا عندك بلاوي أرميها ترى الحكومة على وصول
    فارس مستلقي و يكتب إحدى قصائده في عبير : ماعندي شي إلا إذا أنت عندك ماعلي منك
    حمد بسخرية : الله الله يالشاب الصالح
    فارس أرمقه بالإستحقار : مناك بس
    حمد : تكتب لمين
    فارس يطوي الورقة بعيدا عن أعين حمد الفضولية : ماهو شغلك
    حمد : هههههههههههههههههههههههههههههههه أرحمني يا نزار قباني
    فارس بحدة : شفت هالقلم بطلعه من عينك ولا تتحداني
    حمد والذي يخاف كثيرا من غضب فارس أردف : لا تنسى بس كم مرة أنقذتك من أبوك
    فارس : تعرف تاكل تراب ولا أعلمك
    حمد : طيب ياولد رائد أنا أوريك
    فارس : يالله برا
    حمد خرج وهو يرفس إحدى لوحاته لتسقط و أخذ فارس كوب الحليب ورماه عليه ليتناثر زجاجه على الباب الذي دفعه بسرعة حمد و حمى نفسه من ضربته.
    فارس تنهد : يا ثقل دمك ،
    مسك هاتفه و رد على المتصل الذي يفرحه دائما ، : ألو
    : هلا فارس .. بغيت أقولك ترى أبوك راح يروح باريس وخلاني أحجز له
    فارس : طيب ؟
    : و بوسعود وأهله بعد بيروحون
    فارس حك ذقنه الخشن في عوارضه : طيب لا أوصيك
    : بس هالمرة أبوك ماهو مخطط يأذي أحد فيهم ! لأن أصلا مسوي فيهم دقة يعني يبي يخليهم يتعنون ويسحب عليهم مع صالح واللي معه لروسيا هذا اللي فهمته
    فارس : مين صالح ؟
    : مدري واحد معاه ! ماعلينا بس هو قال لما عرف أنه تزوج بأنه يمكن يتلاعب بأعصاب بوسعود في زوجته بس والله مدري عن أبوك وإذا أكيد يخطط كذا أو لأ .. تعرفه دايم يصدمني
    فارس : طيب ولو خلها في عيونك .. ماأبي يجيها شي
    أردف الصوت الاخر بهدوء : مدري ليه معذب نفسك ! تعرف أنها مستحيل تكون لك .. انت ولد رائد الجوهي وهي بنت عبدالرحمن المتعب !!
    فارس بغضب وهذا الموضوع يستفزه : ماهو شغلك
    : طيب خلاص لا تعصب علينا ! .. تبي شي ثاني ؟
    فارس : لأ .. وأغلقه .
    أخذ هاتفه الخاص لعبير و أتصل عليها ، بدأ يدعو بخفوت أن ترد عليه ، يريد فقط أن يسمع صوتها ويعتذر عن كل الثواني الضائعة دونها وكل العمر الذي أنقضى دون عينيها ، يعلم جيدا لو حدثت المعجزة و تزوجها لن تصبر على طباعه .
    تمتم : يالله يا عبير ردي
    أرسل لها رسالة " فاروق جويدة يخبرك يا عبير على لساني : مازال في قلبي بقايا .. أمنية أن نلتقي يوما ويجمعنا الربيع أن تنتهي أحزاننا . . أن تجمع الأقدار يوما شملنا "
    في جهة أخرى بين يديها يتربك هاتفها ولا ترد عليه ، تحاول أن تقوي نفسها أمامه و امام أهوائها ، لا تريد أن يعاقبها الله ، لا تريد أن تدخل في شيء توعد الله به ، لا تريد أن تلفظ عيناها " إن الله شديد العقاب " ، من ترك شيئا لله عوضه ، تذكر هذا يا قلبي أرجوك ولا ترد عليه.
    ثواني حتى نظرت لرسالته وقرأتها ، يارب رحمتك منه ، لم أزداد حبا ، لم أراك من بين الحشود شخصا يغيب معه عقلي وقلبي معا ! لم يا من أجهله تسرق لي قلبي و تتركني هكذا ! .. مسكت هاتفها لتجيبه وكتبت " و فاروق جويدة يخبرك أيضا : إذا كنت أهرب منك .. إليك فقولي بربك .. أين المفر؟ "
    مسحت الذي كتبته بسرعة و تركت الهاتف لتتجه للحمام وتتوضأ ، تريد أن تصلي ركعتين حتى تمتنع عن المعصية ، يالله طهر قلبي من حبه و أغنني بحلالك عن حرامك .

    ،

    تبكي وتضحك و تبتسم و تتوتر وتخاف وتعود لتبكي ومن ثم ترتاح و تخاف ، كل هذا في وجه ريم يظهر ، اليوم يوم عظيم و أهم ليلة في العمر ، اليوم الذي حلمت به منذ الصبا ، ذاك الفستان الأبيض الذي يتلألأ بعينيها ، الجميع متوتر وخائف تلحظ بأعينهم أشياء كثيرة ، والدتها المرتبكة بأمور الزفاف و الضيافة و كل ما يندرج تحتها !
    حتى يوسف أنتبهت له وهو يناقش يوسف بأمر الرجال ، تشعر بأن العالم بأكمله مرتبك بعينيها !
    من خلفها مصففة الشعر ، تبدأ بخصلاتها لترفعها للأعلى وتفكيرها يغيب عن كل من حولها لينحصر بشخص إسمه " ريان "

    ،

    نام ساعة واحدة وأستيقظ ، يشعر بضيق الأجواء هنا في دوفيل بعد ماكانت تتسع له ولضحكاته ، بدأ لا ينام أبدا وهذا الشيء يؤثر عليه سلبا ، بالأمس تناول ثلاثة حبوب منومة ولا فائدة ! سيدمر نفسه بالحبوب والنوم يبتعد عنه .
    يتذكر سوء الأشياء التي تحدث إن لم ينام ، أبرزها أنه سيتخيل أشياء ليست موجودة و سيجن فعليا حسب ما يعرف !
    سار بالطرقات الضيقة و المزخرفة بالأزهار ، دخل للسوبرماركت ، أشترى قارورة مياه وسحب إحدى الجرائد ليسلي نفسه ، شعر بأن أحدا خلفه ، ألتفت و سرعان ماأنزل سعد رأسه خلف الأرفف ،
    خرج ومازال يسير في الطريق الأشد إزدحاما في هذه القرية بسبب المحلات المنتشرة فيه ، في جهة مقابلة لا تفصل عنهما سوى خطوات كانت رؤى تسير بجانب وليد . .
    سعد أعتلته تنهيدة وهو يتمتم : رحنا فيها

    .
    .




    .

    .
    .



    أنتهى البارت

    تعليق

    • *مزون شمر*
      عضو مؤسس
      • Nov 2006
      • 18994

      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


      الجزء ( 48 )




      هذا ما يسمى بعنق
      الزجاجه ،،

      أن يرتع الهذيان
      على قارعة
      الحياة ..

      أن تفقد السيطرة
      على روحك ..

      أن تتشبث
      باحدهم
      متوعدا اياه
      ان أبصر السماء
      بغير ماقيك ..

      أن تمعن
      جرح نفسك
      بلذة غريبه
      أفقدتك
      حتى الشعور بالألم ..

      أن تلعب
      بحبلين أحدها
      يتفنن بوسم الجرح
      و اخر مطلي بالحنان
      بارتخاءه
      عن جسدك ..

      أن ترى
      كل شيء دون طعم
      دون لون
      دون رائحه
      فقط هكذا
      و ترتضيه لك
      بابتسامة شاسعه "

      * للمبدعة : وردة شقى.


      نام ساعة واحدة وأستيقظ ، يشعر بضيق الأجواء هنا في دوفيل بعد ماكانت تتسع له ولضحكاته ، بدأ لا ينام أبدا وهذا الشيء يؤثر عليه سلبا ، بالأمس تناول ثلاثة حبوب منومة ولا فائدة ! سيدمر نفسه بالحبوب والنوم يبتعد عنه ويهرب بسيقان هزيلة تشد الكسر على ظهر عبدالعزيز.
      يتذكر سوء الأشياء التي تحدث إن لم ينام ، أبرزها أنه سيتخيل أشياء ليست موجودة و سيجن فعليا حسب ما يعرف !
      سار بالطرقات الضيقة و المزخرفة بالأزهار ، دخل للسوبرماركت ، أشترى قارورة مياه وسحب إحدى الجرائد ليسلي نفسه ، شعر بأن أحدا خلفه ، ألتفت و سرعان ماأنزل سعد رأسه خلف الرفوف ،
      خرج ومازال يسير في الطريق الأشد إزدحاما في هذه القرية بسبب المحلات الصغيرة المنتشرة فيه ، في جهة مقابلة لا تفصل عنهما سوى خطوات كانت رؤى تسير بجانب وليد . . عقلها يغيب للأمس الذي فيه سقطت على الأرض بعد أن رأت ذلك العاشق كيف يعبر بحبه ! تتذكر أحد كان بمثل ذاك العاشق ! ياللسخرية!! كيف أصبحنا ننتذكر و ننسى في وقت واحد ! يالله كيف صرنا بهذه الصورة السوداء ، أني أشتاق و لاأحد يفهم. في اللحظة التي فتحت بها عيني على وليد الذي يقرأ بعض الايات القرانية ، من قال لي يوما بصوت تخشع له هذه الأشجار " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " ، من قالها بصوت بكت معه مسامات وجهي ، من رتلها على مسامعي و أبكاني ؟ والله أني أتذكر صوته و نبرته و أحاديثه ، والله أني أعرفه من خامة صوته !! و أنا اسفة جدا لصوتك إن لم أعرف ملامحه.
      -
      كان يوما غائمة به القلوب ، تجهش في بكائها ويضعها على صدره يضع كفه أعلى رأسها و يتلو من سورة ال عمران " إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم " ختمها بقبلة على رأسها ليقول بصوت بح فيه الحب وجعا : يا رب يا رب يا رب ناديتك ثلاثا و أنا أبتغي بأضعافها و أنت الذي وسعت رحمتك كل شيء ، أبتغي يالله بأن تجمعني بها على خير و تسعدنا بحبك و حب ملائكتك ، يالله أني أحببتها فيك حبا عظيما فلا تفرق بيننا و أنا الذي لا أعرف الحياة الا بها . . يالله إن
      قاطعته ببكائها : يكفي يا ناصر
      تجاهلها ليكمل : يالله أنك تعلم بحبها بأضعافها أزح همها و يسر أمرها ، يالله أنك تعلم أن حزنها لايخصها وحدها بل قبائل في قلبي من بعدها تضيق عليها ، يالله أني أحببتها فلا تحرمني منها بالدارين "
      -
      قاطع سرحانها وضبابية رؤيتها وليد بصوته الحاني : رؤى
      رؤى بهمس : ناصر ! ... ألتفتت على وليد لتخبره و العين تغرق بدمعها ، أكتشفت إسم من تعشقه بقبائل قلبه أجمع ، أردفت بنبرة مبحوحة : ناصر !! أعرف إسمه كان يقرا علي مثل ما قريت علي أمس ! مثله والله يا وليد
      وليد بتشتت رهيب ألتزم الصمت
      رؤى والدموع تطيرها الريح الخفيفة على دوفيل : وليد معاي ! أنا أعرفه ! زوجي إلا أنا متأكدة .. هو زوجي بس ...
      وليد بهدوء : كرري إستغفارك يا رؤى و معه الفرج
      رؤى تهز رأسها بنفي : أبيه .. أبي أشوفه .. تكفى يا وليد
      وليد : لو أعرف مكان أحد يعرفك ماترددت لحظة ورحت له ! وش قالت أمك أقصد امل !! مات ؟
      رؤى وكأنها تتقبل الخبر لأول مرة ، كأنها تنفجع به ، كأنها تعيش الضياع بدورة جديدة تدور عليها ، أخفظت نظرها و صدرها يضيق بشدة. رفعت عينها للطريق المواجه لها
      سعد في جهة أخرى أعتلته تنهيدة وهو يتمتم : رحنا فيها ..... ركض بجانب عبدالعزيز ليسحب الكيس من يده و يشتت إنتباهه
      عبدالعزيز بغضب : الله يل .... صمت و أحاديث اللعان تأتي في باله ، تذكر كيف أن والده سابقا يهذب حتى لسانه و لسان أخوته ، كيف غضبه يتجمع بعقدة حاجبيه عند لفظ شيء نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام ، تذكر جيدا كيف أنه كان مزروع في بيئة تحفها الروحانية ، تذكر الألم و " عقدة حاجبيه " ، يتذكر جيدا كيف غضب على هديل ذات مرة ليخبرها " لا يدخل الجنة لعانا مين الحمار اللي يرمي نفسه بالنار بسهولة !! لنفسك عليك حق لا تأذينها بالمعصية وبالكلام المنهي عنه يا هديل ! ولاتعصبيني من . . . . . إلى اخره من أحاديث والده الغاضبة الخافتة الهادئة المحببة لقلبه .
      فتح أزارير قميصه الأولى و الأرض بإتساعها تضيق ، أقترب من سلة القمامة ليرجع كل ما في بطنه ، شعر بأن حنجرته تبكي معه وتنجرح ، تضببت رؤيته بشدة وهو لايعرف كيف يتزن ، أستند على عمود الإنارة المعلقة به سلة القمامة و أنظار البعض تتقزز والأخرى تتجاهل و ينطبق عليها " حالها من نفسها فقط "
      على بعد 19 خطوة تماما بقدم مثقلة ، كان ظهر وليد يقابل ظهر عبدالعزيز المنحني و الوجع ينهش صدره.
      رؤى و دوار يغيب الوضوح أمامها ، عيناها تقف على ذاك الجسد الهزيل المنحني ، واقفة عيناها رغم شتاتها ! مسكت يد وليد حتى لا تسقط و بثواني قليلة حتى قدم وليد كمه و مسك يدها ، رغم انها لمسة يد ولكن يعرف جيدا غريزة إبن ادم و يعرف جيدا بأن هناك شيطان يفصلهم لم يشأ أن يبدأ الفتنة الخافتة من لمسة يد ، قاوم كل إندفاعاته و جعلها تلمس يده التي تغطيها كمه.
      وليد : بسم الله عليك ، خلينا نرجع ترتاحين !
      رؤى وضعت يدها الأخرى على صدرها وهي تشعر بأن الأكسجين يختفي من هذه الأرض ، بل ليست هي بالأرض الان وعقلها يتكاثف للسماء دون وجهة ، يتكاثف وهي لاتعرف ماذا يدور بعقلها ، يتكاثف ويصعد ب " لاشيء " ، سقطت دمعة حارقة أولعت شجون الاخر المنحني على نفسه ، تخيل أن وجع التقيؤ بلا طعام يبكي رجل ؟ تخيل كيف يبكيه ؟ ليس السبب يتركز بالتقيؤ بل السبب يرتكز بالألم ، أحمرت عينا عبدالعزيز وهي تنبأ عن دمعة ترفرف ، دمعة يا عبدالعزيز لم لم تعتقها ، لم مددت يدك لتمسحها قبل السقوط ، قبل السقوط يا أنا.
      رؤى بهمس : أختنق
      وليد و على عتبة الرصيف أجلسها : أخذي نفس عميق وأهدي لا توترين حالك
      رؤى و صدرها يهبط بشدة : أحس بموت
      وليد : بسم الله عليك .. خلاص أشششش لاتحكين بشيء .. أهدي .. أهدي
      رؤى أجهشت ببكائها و الضيق يلتهمها ، في جهة أخرى أخرج منديلا من جيب بنطاله ومسح فمه و يسير بجهة معاكسة للصبية الجالسة على الطريق ، بجهة معاكسة وقلبه يصرخ بالعودة ، بجهة معاكسة و الطريق لايريد لهما اللقاء.
      ألتفت ، و كل إلتفاتة هي عودة مكسورة ، وقف بخطوات مرتبكة لايرى بها شيئا سوى ضباب يعتلي دوفيل ، ماذا يحصل لي ؟
      تراجع بخطواته للخلف وهو مازال ينظر إلى ذاك الرجل ذو الأعين الرمادية أمام الفتاة المحجبة ، يرى كيف مد كفه ليوقفها ، . .. . . . . 00:00:01 ثانية تفصل عن موت خلايا الإحساس في قلب عبدالعزيز ! أرتج دماغه وهو يتخبط بوقوفه ولا يتزن ، لحظة يا " هييه " .. لحظة! .. يالله ما بال صوتي لايخرج ؟ كيف نسيت صوتي ؟ كيف نسيت أن أتحدث ، يا " هييييييه أرجع " ...... يالله .. يالله لاتذهبين .. أرجوك لا تغادرين ، أرجوك أبق لثواني فقط ثواني لم أراك بإتزان ، لم أراك جيدا ، هذه العينان أنا .. هذه العينان التي لمحتها أنا ، أرجوك يا أنت أرجعها لي ، هذه عيناي ورب الحياة أني أفتقدك يا غادة. يا شبيهك حسبي على أعداء فتنتك كيف خرجت لي ! كيف قولي ! أرجوك لا تذهبين ، " أختفت رؤى من الطريق وهي تسير بعكس سير أخيها الواقف و بجانبها وليد ، أختفت من أمامه وهو مازال يهذي بداخله "
      نظر لمن حوله و بعض الأعين تتعجب من حاله وترمز له بالجنون ، سقطت يداه بخطين متوازيين ، سقطت و الحياة تشتمه بأشد لعان على نفسه ، هذا اللعان الذي يأتيه على هيئة الأطياف ، لم يا " حياتي " تلعنينني منك " ؟ ليتك يا ذاك الرجل كنت ناصر حتى أحلف برب الكون أنها " غادة " ، رجع ليصدم بشخص نظر له بنظرة حانية تشفق عليه ومن ثم ذهب. أعطى الطريق الذي سارت عليه أقدام من يفتقدها ظهره ، أعطى الحياة ظهره و سار بإتجاه الفندق الذي بالزاوية.
      صعد لشقته بالدرج و هو لايرى بتركيز ويصطدم بالجدران أكثر من مرة ، دخل بخطوات سريعة للغرفة متجها للحمام وهو يتمضمض و يغسل ملامحه بماء دافىء ، قلبه ينبض بشدة ، قلبه ينبض بأعجوبة و كأنه يريد أن يخبره عن الثواني المتبقية بحياته.
      سقط على ركبتيه وبجنون ضرب رأسه على حافة المغسلة ، لا يستوعب ألم رأسه ، لا يستوعب أبدا كمية هذا الألم وهذا الأرق !
      صرخ و هو يلوم صوته الذي لم يخرج قبل ثواني : غادة
      سحب نفسه لخارج الحمام وهو يجلس على الأرض و ظهره على الجدار البني ، لايتنفس بإنتظام و الأطياف تطوف حوله ، يارب لم تعد قوتي تحتمل كل هذا ؟ يا " يبه " إبنك لم يعد الرجل الذي تحب ، الرجل الذي لا تهزه الظروف. أنهار و الله أني أنهار بما لايحتمل لعين أن ترى ! ليتك هنا ، ليتك فقط تربت على كتفي لتبدد عتمتي ببعض الضوء ، أحتاجك يا والدي.
      قبل عام ، كان في تلك المستشفى التي تتوسط باريس ، دخل وهو يريد أن يكذب ما سمعه بالهاتف ، أراد بشدة أن يكن كل هذا حلم. رأى هديل كيف تموت و رأى أمه بعد أن ماتت ، أكثر من ذلك ألم ؟ كيف أتحمل أن أرى الأموات في ثوانيهم الأخيرة ؟
      أنتبه لذاك العريض الأشقر يسأله ليتأكدون من الجثث المتبقية.كان قلبه ضعيف جدا بأن يرى أبيه و غادة محروقين.
      بخطوات ميتة باكية أتجه لتلك الغرفة التي تجفف الدمع ببرودتها ، دخل و الغطاء الأبيض حول جسدين ، أغمض عينه لايستطيع أن يرى أكثر ! رفعوا الغطاء الأول وشعر غادة الأسود ينساب بخفة.
      أخفض نظره و شهقاته تعتلي دون دموع ، وضع كفه على شفتيه غير قادر أن يرى أكثر ، هي نظرة واحدة قتلت كل خلاياه.
      الرجل الأشقر يربت على كتفه : أهذه شقيقتك ؟
      عبدالعزيز هز رأسه بالإيجاب وقلبه يتفتت ، يالله يا غادة ، يا عروس أخيك ! أرجوكم طمئنوا قلبي ألفظتوا الشهادة جميعا أم لأ ؟ والله لا أتحمل كل هذا. يا هذه الخاتمة كيف تخفف الحرقة في صدري ؟ حادث ؟ ليته مرض يمهد لي الموت ! ليته شيء اخر إلا أن أنفجع بكل هذا !
      الرجل رفع الغطاء عن الجسد الأخر و ألصق ظهره ليرفع عينه المحمرة الباكية و يرى والده المختفية ملامحه بأكملها ولا شيء واضح سوى شعيرات رأسه التي يحفظ الشيب بها ،
      سأله بوجع على حاله : أهذا والدك ؟
      عبدالعزيز بصوت شارف على الإنتهاء والموت : فقط ثانية
      الرجل : تفضل
      عبدالعزيز أقترب من جسد والده المغطى بالبياض ، أنحني وقبل جبينه المحروق وأطال بقبلته حتى سقط على الأرض بلا حول ولا قوة.
      رجع للواقع المر ، للحياة التي لاتريد أن تفرحه أبدا . .
      أخرج هاتفه و أتصل على اخر رقم " ناصر " ، أجابه الاخر بصوت ناعس : ألو
      عبدالعزيز بصوت مبحوح جرحه التقيؤ ، لا يرد عليه.
      ناصر فز من سريره عندما رأى الإسم : ألو عبدالعزيز !! .. عزوز معاي
      عبدالعزيز بصوت يشارف على الإنهيار : شفتها !! .. شفتها والله ... بس راحت .. تخيل شفتها وماناديتها ! ماناديتها ، مقدرت أناديها !
      ناصر : بسم الله عليك .. تعوذ من الشيطان
      عبدالعزيز بجرح كبير صرخ به : أقولك شفتها حرام عليك .. حس فيني ...
      ناصر بوجع صمت
      عبدالعزيز و دموعه لا تخرج ولكن صوته يكفي للبكاء ، يا عزة النفس التي تتكور بدمعتي لم لا تنهارين مثلي وتسقطين ؟ حتى الدموع تكابر !
      بضعف : مقدرت أشوفها زين ، شفت عيونها ... عيونها يا ناصر .. عيونها اللي هي عيوني !! أغلط في كل شيء الا اللي تشبهني بعيونها !! إلا هي
      ناصر وفهم تماما ما يقصد ليتمتم : غادة !
      عبدالعزيز و الصداع يفتك جمجمته و دم يتقاطر من مقدمة رأسه إثر ضربته لنفسه : أنا الحقير اللي تعذرت بدوامي ! ليتني رحت وياهم ليتني شفتهم باخر لحظاتهم ... ياربي ليتني شفتتهم بس لو شفتهم شوي .. شوية يا ناصر ماهو أكثر
      ناصر لم يحتمل إنهيار عبدالعزيز لينطق بحدة : عبدالعزيز خلاص
      عبدالعزيز بصوت يتذبذب يتجه إلى الخفوت : ليتني ..
      ناصر أختنق قلبه : عبدالعزيز أدعي لهم ، زورهم !! اليوم زورهم والحين بعد
      عبدالعزيز بهدوء – هذا هدوء الذين يسخرون من الحياة ويسقطون بضحكتها أمواتا - ، أردف : طيب
      ناصر لايتحمل صوت البحة من عبدالعزيز لذا نطق : أتصل علي بس ترجع وتهدا ، بحفظ الرحمن . .
      عبدالرحمن مدد أصابعه ليسقط الهاتف و قلبه يتوقف عن التفكير و عقله في إغماءة. أريد أن أنام ، أريد يالله أن أنام ، ياربي رحمتك التي وسعت كل شيء أرزقني الصبر.
      وقف بتثاقل إلى المغسلة ، توضأ و الدماء من رأسه تتقاطر بقطرات صغيرة و بسيطة ، تجاهلها تماما وهو يكمل وضوءه.
      لم يبتعد كثيرا على الرخام البارد سجد ، لم يستطع أن يقف على أقدامه لركعتين أو حتى لركعة ، لم يستطع و الحزن ينهش به.
      سجد و أنفه يستقيم و ينعكس بالرخام ، دمعة في خلوته مع ربه سقطت ليتمتم بهمس قاتل : أرحمني يالله إن صار حالي بمثل ما صار لأهلي.

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

        ،

        يراقب تحركات شفتيها البطيئة الضيقة ، يريد أن يسألها أن يشفي ما تثاقل على صدره ، ولو سمعت يا قلبي ماذا يفيد ؟ أنت تعلم جيدا أنني لست بقادر على العيش مع فتاة لم تكمل أنوثتها برجولتي ! أنا مهما حاولت لست بقادر على ذلك ، لايهم يا سلطان . . لا شيء يهم يا قلبي.
        همس : جيتيني ؟
        صمت دب في الغرفة وكأن الأشياء من حولهم تريد ان تشهد أيضا ، ثواني طويلة و العرق يبللها بتعب.
        أنفاسها ترتفع و أصابعها المغروزة في كف سلطان ترتخي ، لم ترد و النوم العميق يتضح عليها ! سحب سلطان يده من على صدرها وهو يغلق أزارير بلوزتها التي فتحتها أثناء إيذاءها لنفسها ، أقترب وهو يقبل كدمتها القريبة من أذنها ، قبلها بهدوء وأنفاسه الحارة تداعب أذنها.
        أبتعد بنفور وهو يلوم نفسه ، عقد حاجبيه بغضب على ذاته التي أصبحت تسيره بأهوائه ، منذ متى كنت أسير بأهوائي وأنا التي أكسر القلب إن أراد الذل يوما ! قبح على دنيا إن قادتني بقلبي.



        بخطوات هادئة طرقت الباب ودخلت ، أنتبهت للضحكة المتبادلة بين رتيل و ضي ، عقدت حاجبيها عندما رأت ضي ،
        ضي المرتبكة في حضور عبير ألتفتت عليها : صباح الخير
        لم ترد عليها لتوجه أنظارها لرتيل : بس تخلصين تعالي أبي أحكيك في موضوع
        رتيل رفعت عينها وبهدوء : قولي
        عبير بحدة أتت بصيغة الأمر : تعالي غرفتي .. وخرجت.
        رتيل شربت من كوب العصير لتردف : بروح أشوفها ! ... وتركت ضي بغرفتها ، أكتفت هي الأخرى بتنهيدة تعلم جيدا ان الدخول لعالم عبير مرهق وصعب ، صعب جدا أن تتقبلها ! لأجلك يا عبدالرحمن سأحاول ولكن سينفذ صبري بكل تأكيد و أنا التي تعلمت الصبر منذ نعومة أظافري حتى رأيتك ، صبرت لأجل البهجة التي ستدخل قلبي يوما ، رأيت بك النافذة التي سأطل بها على الحياة و خذلتني في البداية ككل البدايات المدهشة التي تقتلني بدهشتها حد الخيبة ، تقتلني وجدا. و لكن عوضتني كما لم يعوضني أحد من قبلك و لأجل هذا التعويض البسيط الذي يتشكل دائما على هيئة عناق : أنا أعيش ، أحيا ، أبتسم ، أضحك ، أفرح .. أنت حياتي بأكملها.
        بشحوب ملامحها رفعت حاجبها : وش تبغين ؟ وبعدين ليه تسفهين ضي كذا !!
        عبير : أنا مستغربة أصلا كيف لك طاقة تحكين عقب اللي صار أمس !
        رتيل بسخرية : ماجربتي تبكين زيي ! ولا أذكرك بالكف اللي كليته منك !! تذكري بس أنه كان برضا الشرع وأنت اللي فهمتيه غلط زي ماأنا فهمته
        عبير بقهر : نعععم !! وش يعني برضا الشرع ؟ وأنت حيوان عشان يختارون لك الزوج ويقررون عنك !!
        رتيل : عاد الشكوى لله قولي هالحكي لأبوك
        عبير : على فكرة الإثم على أبوك وعلى الكلب الثاني ! لأن من شروط الزواج رضا الزوجين ودام مارضيتي فعلقي ذنبك برقبتهم
        رتيل تأفأفت لتردف : معلقة ذنبي وخالصة ! بس أنت وش يهمك ؟ أيه صح تذكرت من زود خوفك علي *أردفت كلمتها الأخيرة بسخرية*
        عبير بإرهاق فعلي صمتت
        رتيل و براكينها تثور مجددا : قهروني بس والله ماأخليه يتهنى فيني لحظة !
        عبير رفعت عينها لها لرتيل التي تستند على الباب : وكيف تقهرينهم ؟ لاتضحكين على نفسك كثير ولا تنسين كم مرة توعدتي وضعفتي
        رتيل بكره لما تنطقه شفاه أختها : ما ضعفت بس بالنهاية هو رجال أنا حتى ماأوصل كتفه !!
        عبير : تدرين سكري على الموضوع لأني بمزاج مايتحمل مثل هالمواضيع
        رتيل بعصبية كبيرة : بتشوفين كيف أقهرهم !! و بتعرفين أني قول وفعل !
        عبير بسخرية : إيه دارية أنك قول وفعل ماله داعي تقولين لي
        رتيل بحقد : مرة وحدة شفتيني فيها وبتذليني عليها العمر كله ! أنت أصلا ماشفتي كل شي ، شفتي اللي يعجبك بس !
        عبير بهدوء : أكيد شفت اللي بعجبني
        رتيل أحمر وجهها خجلا من ذاك الموقف المقزز لذاكرتها ، رغم انه يحمل أول قبلة منه و أول دفء تذوقته شفتيها و أول معصية من الشفاه ، أول الأشياء رغم أنها بعض من مقبرة الحياة التي وضعت بها.
        أردفت بحدة : تدرين عاد !! كيفي إيه يختي كيفي أسوي اللي أبيه ! الحين بس بتطمن أنه الله راضي و عساني أصير أحقر إنسانة بهالكون !! وبفتخر بعد .. وش بتسوين لي ؟ بتحاضرين علي وبتعطيني من محاضرات التربية اللي حفظتيها ولا من هالكتب السخيفة اللي تقرينها !! لا تحسبيني غبية وأنه أي أحد يقدر يستغفلني ..
        رفعت عبير بعين غاضبة لاخر حديثها المربك وكأنها تعرف بما يحصل لها ،
        رتيل تكمل : إن كان أستغلني مرة أنا قادرة أستغله وبتشوفين يا عبير كيف أوقفه عند حده ولو على حساب هالقلب * أشارت لصدرها * وبذكرك كيف لو يذبحوني مانطقت له أحبك اللي أنت ذالتني فيها ! بتشوفين يا عبير
        خرجت من غرفتها لتصدم بأبيها الواقف والذي يستمع لاخر حديثها ، بخطوات سريعة ركضت عبير لباب غرفتها وأغلقته جيدا لتنزل على الرخام و تضع ظهرها على الباب و دموع مرتبكة تنتثر.
        قلب رتيل لاينتظم و هي تخافه ، تخاف أنه سمع كلماتها ! ، أي بذاءة نطقت بها أمام والدها.
        أرتبكت وهي تشتت نظراتها متجمدة في مكانها لينطق والدها : شافتك وين ؟
        رتيل متحججة بزعلها : ماأظن يهمك .. وحاولت أن تمر بجواره لتدخل غرفتها ولكن يد والدها قطعتها لتضيق على معصمها : من متى أكلمك وتروحين قبل لا أخلص كلامي ؟
        خرجت ضي من غرفة رتيل لترى الأجواء المشحونة ، أقتربت من عبدالرحمن في وقت نطق هو : مهما صار ما تقللين أدبك معي
        رتيل بصوت خافت : إن شاء الله
        ترك معصمها ليلفظ : وين شافتك ؟
        رتيل أصطدمت فكوكها بربكة لتجد بأن لا رد يحضرها ولا حتى كذبة محرمة تنقذها.
        عبدالرحمن بغضب كبير : معاه ؟
        رتيل بإندفاع : لأ
        عبدالرحمن رفع حاجبه : أجل ؟
        رتيل وأنظاره لاتسقط إلا على الأبواب التي تحيط بها ، بقهر كبير نطقت : أني صارحت لها بشيء
        عبدالرحمن و هذا الألم يشطره نصفين ، أنا المخطئ في كل هذا و أنا الذي أتحمل الذنب ، كنت أقول خير أخ لك سيكون عبدالعزيز ! توقعته أن ينظر لك بعين الأخوة وأنا الذي عرفته منذ صغره ، كنت أريده أن يكون إبنا لي و خاب ماأريد ، خاب منذ أول مرة أتى وعاقبتك به ، ليت مقرن أوقفني ، ليت أحدهم أمرني حتى لو غضبت ، ليتني أوقفت المهزلة التي تصير في بيتي منذ بدايتها ، لم أظن بك يا عزيز ظنا سيء و ليتني ظننت كما أشك في هذا العالم بأكمله ، ليتني شككت بك.
        رتيل أخذت نفسا عميقا و هي تضطرب بأنفاسها ،
        عبدالرحمن تركها لينزل للأسفل و ضي تراقب سيره الغاضب ، ألتفتت على رتيل لتدخل هي الأخرة بمثل خطوات والدها الغاضب وتغلق الباب بقوة.

        ،

        في ظلمة تهبط إلى الأرض و الساعات تتأخر و تبدأ بالفجر ، أقترب بخطوات خفيفة يراقب تحركاتها بفستانها الذي يراه ب " اللاشيء وكأنها عارية " رغم أنه لم يضيق بها أبدا ولكن عيناه ترى مالايراه هذا العالم.
        أبتسمت عندما رأته و أشرقت الشمس مبكرا من بين شفتيها ، : تركي ؟
        تركي بإبتسامته الدافئة جلس بجانبها ، تحدثت معه و هو في إغماءة لايستوعب ماتقوله ، تطفو ضحكاتها قليلا لتهدأ وهي تتحدث بأمور كثيرة و عينا تركي تشير لشيء اخر ، إبتسامته لم تكن ذات معنى طيب أبد
        رفعت حاجبها بإستغراب : تركيي !! وش فيك جالسة أسولف مع ؟
        ألتهم عنقها لتدفعه و تسقط على الأرض ، سقط من خلفها و عيناه تحكي عشق ينمو بشكل مقزز محرم ، يالله لاتسقط علينا هذا السقف ، إنا نخاف غضبك وعذابك ، ما أنت فاعل بي ؟ حاولت مقاومته/دفعه ولم تستطع ، أخذت الإناء ذو النقوش والزخارف الذي يزين مفرش الطاولة لتحذفه عليه و مازال محكم قيده عليها ، صرخت : يم ه .. يبه ... ري ان .. اه ... حرام .. حرام ... الله يخليك .. تركيييي أبعععد ... تركييي ما يصير ... مايصييييييير ...
        أقترب منها أكثر و نسى " إن الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب, إن الله كان عزيزا حكيما " ، نسى بأن معصيته تقوده للنار مثقلا.
        بدأ الضباب يغزو محاجرها و الدماء تسيل لتلطخ الفرش الذي تحتها و سيقانها البيضاء تتحول للحمرة و صوت تركي مؤذي موجع و مبكي لدناءته.
        أغمضت عيناها وهي تتمتم: يالله ... يمممه ... ياربي .. ياربي
        و حركة من تركي جعلتها تصرخ بالإستعانة بالله ، لتهدأ رجفة جسدها المتناثر قطع قماشه على الأرض و . . . .
        فتحت عيناها و الشمس تخترق بضوئها عتمتها ، ألتفتت يمنة ويسرة لتطمئن بأن سلطان ليس هنا .
        وضعت يدها على صدرها المضطرب لتنفث عن شمالها ثلاثا وتتمتم : اللهم أني أعوذ بك من همزات الشيطان ومن أن يحضرون.
        وقفت بخطى مرتبكة و العرق يغطي جبينها وهي تلوم نفسها كيف فاتتها صلاة الفجر و الوصف المخيف يدب في أذنها دائما كلما تثاقلت عن الصلاة ، يدب بصوت إمرأة شرسة هذبت مراهقتها أيام دراستها في السنة المتوسطة " و ما أدراك ما سقر لا تبقي و لا تذر" فمن دخلها دمر لحمه و ذاب عظمه حتى يتحول إلى فتات و تعود مرة أخرى و هكذا فمن هم أهل سقر و لماذا دخلوها " ما سلككم في سقر: قالوا لم نكن من المصلين " أن أول سبب لدخول سقر الرهيبة ترك الصلاة فتارك الصلاة يعلن ضمنا موافقته علي عذاب سقر "
        أستعاذت من الشيطان و من عذاب جهنم و كل تلك الأشياء السيئة و عندما وضعت كفها على مقبض الباب لتفتحه ، أنفتح لتتفاجأ بسلطان خارج و هو يلف المنشفة على خصره.
        أنتفض قلبها و هو ينبض بأعداد مهولة ، ولو كانت حامل لأجهضت من هذه الربكة التي سكنت قلبها الان.
        عادت للخلف عدة خطوات و أنظارها مشتتة متوترة . . خائفة ،
        تركها سلطان ليتجه مبتعدا عنها ، دخلت الحمام وهي تغلقه أكثر من مرة ، مسكت وجهها المحمر والذي يحترق بدرجة حرارتها !
        غسلت وجهها بالماء البارد و هي تشعر بأن طيفا خلفها ، ألتفتت برعب ولا أحد سوى ظلها ، بدأت بوضوءها وأعينها ترتبك ، تلتفت كثيرا و تشعر بأن هذا المكان يضيق بها ، لن تتردد بأن تذهب مع والدها ! من المستحيل أن تعيش بهذا الخوف دائما.
        بخطوات بطيئة خرجت و هي ترى إنعكاسه واقفا يغلق أزارير ثوبه الأبيض ، تخطته لتفرش سجادتها وتقف مصلية ، ثواني قليلة حتى سلمت وهي واقفة وأعادت صلاتها لتخشع أكثر و تقابل ربها بما يليق ، تنهدت لتقطع صلاتها مرة أخرى و تفكيرها يرتكز بدوامة سلطان ، منك لله حتى في صلاتي حضرت ! لاتعرف لم هذبت أهوائها بأصوات الغاضبين العنيفين ، لاتعرف لم إذا أرادت أن تذهب لمكان ما يأتيها صوت سلطان الغاضب و لا تعرف لماذا إذا نسيت صلاتها أو تثاقلت عنها يأتيها صوت المرأة العنيف تلك المرشدة الطلابية ولا تفهم أبدا لم تحفظ ذاك الصوت الثقيل الذي يخبرها " إن أردت أن تقابلين أحدا مكرمك كيف يكن لقاءك به ؟ إن كان باردا فأنت سيئة التربية لم تقابلي الشخص الذي وهبك الكثير بالشكر ولو قليلا ، إن كان لقاءك به مجرد لقاء أنت هكذا لاتشكرينه ومن لايشكر أحدا بسهولة سيسحب ماوهبك إياه وبيقول في نفسه ماتستاهل ! ولله المثل الأعلى ، لله المثل الأعلى وتعالى الله عن كل هذا ، مخجل أن يكن لقاءك به باردا لاشعور فيه "
        ألتفتت على سلطان الذي وقف أمام المراة و سرعان ماكبرت وحاولت أن تخشع بصلاتها ، ركعتين خافتتين عسى أن يتقبلهم الله هذا ماتمتمت به نفسها حتى تلت أذكار الصلاة و ألتفتت عليه لاتعرف كثرة إلتفاتاتها اليوم ولكن ربما لأنها تخاف الطعن في الظهر.
        سلطان بهدوء وهو يعدل نسفة شماغه : محتاجة شي ؟
        الجوهرة بهدوء أكثر : لا
        سلطان تنهد وأخذ محفظته و هاتفه و بعض الأوراق ليلتفت عليها مثبتا أنظاره عليها ، صمت يدار بينهم أنتهى بخروج سلطان و صوت ضحكات حصة تصل إليه ، أبتسم لضحكتها الصاخبة ! رغم نعومة عمته في كل شيء الا أنها بالضحكة تنافس الرجال.
        : صباح الخير .. والله أني داري جلسة التحشيش بمين تدار
        عائشة وبين يديها صحن الحب و المكسرات ، خافت من سلطان ووقفت لتجلسها حصة : وش فيك !! يمه منك يا سلطان مرعب العالم كلهم
        سلطان : وش تسولفين فيه ؟
        حصة : ماهو شغلك سوالف حريم
        سلطان رفع حاجبه : علينا ؟
        حصة بخبث : ليه شاك بنفسك ؟
        سلطان : لأ طبعا بس مجرد فضول
        حصة : الله أكبر كل هذا فضول
        سلطان أبتسم : أحلف بالله أنه الموضوع من تخاريف عايشة
        حصة رفعت حاجبها بصدمة : وش تبي يعني ؟
        سلطان : إيه خليها تخرب تفكيرك
        حصة : بسم الله علي ! على الأقل تونسني ماهو أنت ياللي ترفع صوتك علي
        سلطان : أفا ! هالحين أنا أرفع صوتي عليك ... وأقترب منها ليقبل رأسها : ولاتزعلين
        حصة أبتسمت وهذا السلطان يشبع غرورها كإمرأة : أبد مازعلت
        سلطان أبتسم وخرج ، حصة : أركضي نادي الجوهرة
        عايشة : زين ... وبخطوات سريعة صعدت.
        ولكن باغتتها الجوهرة بخروجها ، نزلت معها وهي مستغربة من صعود عائشة فالحظر مازال موجود ! و قوانين سلطان بالمنع مازالت قائمة.
        : صباح الخير
        حصة : يا صباح الورد والزين
        أبتسمت لتردف حصة : قايمة متأخر واليوم عرس أخوك !
        الجوهرة بإرهاق : كل شيء مجهزينه وخالصين وأمي والبنات محد بيقصر
        حصة : طيب أختك جت ؟ وش قلتي لي إسمها ؟
        الجوهرة : أفنان إيه أمس لكن في بيت عمي عبدالرحمن
        حصة : هم ساكنين عنده ؟
        الجوهرة : لأ بس بيته فيه جناح كبير ورى مخليه لنا إذا جينا تقريبا معزول عن البيت
        حصة : طيب ماعلينا وش قررت تسوين بشكلك ؟ ترى مافيه وقت
        الجوهرة بهدوء : بخلي شعري زي ماهو و بحط م
        حصة تقاطعها : نععم ! هذا عرس أخوك ماهو واحد عادي لازم تكشخين و تطلعين للناس وترقصين بعد
        الجوهرة بإبتسامة ودية : على حسب لأني ماأدري إذا بيحطون أغاني وكذا مقدر أحضر ، أهم شي أبارك لريم وريان ويكفي
        حصة بتنهيدة : أجل ترقصين على الأناشيد ؟
        الجوهرة أنفجرت بضحكتها التي غابت كثيرا : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أصلا ماأعرف أرقص وبعدين فيه طق إسلامي و يرقصون عليه دايم ! والحمدلله بدون ذنوب خلق الله اللي بتحضر العرس
        حصة أبتسمت لضحكتها : طيب ماعلينا أهم شي يشوفونك العالم
        الجوهرة : ترى جد ماأحب أتكلف كثير بشكلي
        حصة : ماهو على كيفك أنا قايلة للسواق يجهز نفسه بنروح المشغل ونضبط روحنا
        الجوهرة : أصلا ماراح يعجبك العرس لأن المعازيم أغلبهم أهلنا و غير كذا ماهو من النوع اللي إجتماعيين مرة
        حصة : أنت وش عرفك بيعجبني أو لأ ؟ أنا شيء إسمه عرس يعني هرمونات التنكس تقوم .. فكيها بس وروحي جيبي عباتك خلينا نتكشخ وأتشبب

        يتبع

        تعليق

        • *مزون شمر*
          عضو مؤسس
          • Nov 2006
          • 18994

          رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي



          ،

          المنطرب على الاخر يلاعب إبن علي صديقه و هو يمسك عقاله و ضحكاته تعتليه ، لا يمكن شرح وسامة أخوة العروس ، دائما ما يجارون المعرس بطلته و بضياءه ، يوسف وهو يرقص بجانب الصغير الذي بلغ عمر ال 9 سنوات.
          منصور من خلفه : هههههههههههههههه من العصر أنطربت
          يوسف بضحكة : اليوم عيد .. وشهو يا فواز ؟
          فواز الصغير الجميل : عيييد
          يوسف ويضع عقاله ليجلس : بتدخل مع ريان الصالة ؟
          منصور : من جدك ! طبعا لأ
          يوسف : ههههههههههههههه يعني ثقل ؟ الله يغفر لي يوم كنت أحب أدخل مع المعرس عشان أخز الحريم
          منصور : من يومك فاسد
          يوسف : والله ماشفت ولا وحدة ! أستغفر الله هي وحدة ومن بعدها تبت إلى الله وأنا مغمض
          منصور : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههه
          يوسف : جايتني طاقة رقص .. مشتهي عرضة ! يازين عرضة الجنوب أيام عرس خويلد .. أحلى عرس حضرته بحياتي
          منصور : صدق وينه مختفي ؟
          يوسف بهمس حتى لايسمع فواز : المدام مسوية له حظر تجول
          منصور : من جدك ؟
          يوسف بجدية : ماهو طلقها وبعدين رجعها المهم يقول يبي يخليها في ديرتها عشان تعطيه وجه
          منصور أبتسم : الله يجمع ما بينهم
          يوسف : ترى صدق بدخل مع ريان وبرقص مع هيفاء وبتنكس
          منصور : أستح على وجهك كم عمرك تدخل على الحريم !
          يوسف : والله عرس أختي وبستانس ! أصلا قايل لهيفا من يومين إن دخلت تعالي أرقصي معي عشان ماأتفشل
          منصور : أنا صراحة أنقد على اللي يدخلون
          يوسف : يوه عاد تندبل كبدي والله من النقود ونظرة الناس ! يخي فكها بس هو عرس مرة وحدة بالعمر ننبسط فيه !! وشو له التعقيدات ! أنا لولا الحياء كان قلت لريم قومي أرقصي وفليها
          منصور : أصلا ريان ماراح يدخل وقول منصور ماقال ..
          يوسف : بحلف عليه يدخل ! والله أختي يحق لها تنزف وتنبسط
          منصور : بالعكس ترى الناس ماتعطي خير
          يوسف : قرينا الأذكار والله الحافظ
          منصور تنهد ليردف : طيب قصر على الصوت أزعجتني
          ويغيضه معليا الصوت ليراقص فواز بضحكة عالية مرددا بصوت يوسف الممتلىء بالضحك : ياهل السامري لاتوجعوني شيلكم يالربع يثر علي ، لاسمعته معا عذب اللحوني هلت العين والدمعه خفيه . . . . عاش فواز
          ضحك منصور ليردف : وش جوك يخي !!

          ،

          في ساعات المغرب الاولى ، صلت الفرض لتبدأ الحسناء التركية ذات اللكنة الشامية بوضع لمسات المكياج ، بإبتسامة صافية : يا ريم بلاش هالدمع سيحتي لي الكحلة
          ريم وضعت يدها على صدرها الذي ينبض بسرعات مجنونة متفاوتة : طيب خلاص
          : طيب تطلعي لفوء*لفوق* كل ماجاء في بالك تبكي
          ريم رفعت عينها للأعلى : طيب
          مضطربة شديد الحرارة و الجو على ملامحها أستوائي. فتفت هذا الحفل كل خلايا الصبر بها لتنساب حرارة دخولها في حياة جديدة على قلبها ، كيف ستكون أول ليلة و كيف ستكون حياتها بحضرة ريان و إنسلاخ فرعها من تحت والدها ليصبح ولي أمرها " ريان " بل ولي امر القلب و لا قدرة عليها أن تتجاهل كل هذا التفكير ! كيف سيكون شكلها ؟ خائفة أن يبهت المكياج أو تخرب تسريحة شعرها ! " ممكن أزلق قدامهم بالفستان طويل ؟ " كل الأشياء والتفاصيل البسيطة تدغدغ مشاعرها وتوترها .
          والان لا أحد بجانبها فالجميع مشغول بشكله بداية من والدتها نهاية بهيفاء.

          ،

          في الجهة الأخرى لم يكن الأمر مهما رغم أهميته في بداية الأمر ، صخب الجو بحضور أفنان لهما والتي أضفت للجو رونق حتى يصخب قلب رتيل في وقت كانت الإبتسامة الصفراء تزين شفاه عبير.
          رتيل جعلت شعرها ينساب بنعومة ومن ثم موجته تموجات خفيفة بندقية تركته جانبا وفستانها ذو اللون الليلكي عكس لون جسدها البرونزي ولم يكن جميلا في عينها ، ماذا لو كان هنا عبدالعزيز وراه ؟ ربما عيناه إن تغزلت بصمت سيترك في قلبها أنشودة للحب تردد . . ربما ، لو كان هنا و راني لم أكن سأجعله يتلذذ في النظر ولكن سأكسر عينه حين يعرف أهمية من خسر ؟ سيعرف أنني جميلة و رغما عنه وعن أثير.
          و الأخت الأخرى طلتها ريفية بحتة بداية من شعرها المرفوع ومعقود بظفيرة و جسد أبيض يزينه الفستان الكحلي ، وأنا التعيسة في كل شيء طرقته ، التعيسة في الحب و ما يطوف حوله ! من يزين ظفيرتي بزهرة أفوح منه كما يفوح العبير ! من يزين قلبي يا . . مجهولي ؟ نحن الخائبات في الحب من يشفي حرقة صدورنا ؟
          أفنان ذات الطلة الحيوية بفستانها الليلكي بدرجة تخالف درجة رتيل ، أبتسمت : وش رايكم نروح الصالة ؟
          رتيل المتضايقة من ضيق فستانها في منطقة الوسط : لحظة أحس مقدر أتحرك ! تيبست
          أفنان بضحكة طويلة أردفت : تعلمي تتحركين بالفساتين الضيقة
          رتيل : الله يرحم من علمك كيف تمشين بالكعب !
          أفنان : على فكرة فستانك ماهو ضيق مرة بس أنت ودك تلبسين خيشة
          رتيل : لو ماني خايفة على برستيجي كان تفلت بوجهك
          أفنان : ههههههههههههه طيب أخلصي وخلينا ننزل
          رتيل : بشوف ضي أول
          أفنان رفعت حاجبها بإستغراب : ضي مين ؟
          رتيل : يوه ما قلنا لك ! زوجة أبوي
          أفنان شهقت : عمي تزوج !!
          رتيل تنهدت : إيه
          أفنان مازالت مصدومة تنظر بفم مفتوح.
          عبير بسخرية : خليه يسلي عمره على اخره
          رتيل ألتفتت على عبير : ممكن تخلين هالليلة تمر على خير !
          أفنان صمتت لدقائق طويلة حتى تستوعب وتردف : كيف تزوج ! يعني فجأة كذا
          عبير بإندفاع : لا طبعا متزوجها مدري من وين ولا من متى ولا وش أصلها وفصلها ! وتوه يقولنا
          و على كلمات عبير الجارحة أتت ضي ،
          أفنان و شهقت مرة أخرى ، غير مستوعبة الأمر أبدا
          ضي تنهدت من هذه الاجواء المتكهربة لتردف : مساء الخير أفنان
          أفنان في لحظات صدمة حقيقية. وكأنها زوجة عمها وليست إبنة أخيه.
          رتيل بمحاولة تلطيف الجو : هههههههههههههههههه وش فيك ! لايطيح فكك بس
          ضي أبتسمت : لأني عارفتها من بعثتها في باريس
          رتيل بإندهاش : تعرفون بعض !!!
          أفنان لثواني طويلة حتى اردفت : أنصدمت والله !! ليه ما قلتي لي ؟
          ضي عقدت حاجبيها : بوقتها مقدرت لأن عبدالرحمن ماكان يبغى أحد يعرف
          أفنان بإبتسامة ودية : الله يوفقك يارب ويهنيك
          ضي : امين وياك
          عبير مسكت هاتفها لتفرغ بعض غضبها ب " اللاأحد " ، منذ أن باتت تشارك ظلها كل شيء ولا وجود إنساني بجانبها بدأت تكتب يومياتها أو ربما مذكرات إنسانة حزينة منكسرة تغطي كل هذا برداء التجريح لكل من حولها والبرود.
          فتحت المفكرة وكما يكتب ذاك المجهول ، تكتب النثر بالفصحى بعد أن أستهوته منه ومن ذوقه الأدبي في كتبه ، يالله يا أنت كم غيرت حتى أذواقي ، كتبت " في قلبي خدش عميق واسع ، ثقب لا يسد بسهولة ، لأن الحياة بائسة تقتلني في اللحظة ستين مرة بدأت أفرغ في غيري ، بدأت أسير على مبدأ التجريح في وقت يجرحني هذا العالم بما هو أعمق ألا وهو الحب ، لم أبالي بأحد ! لم ألتفت لأجد أحد ، أنا والله أخاف علي من الجنون ومحادثة ظلي ، أنا في حاجة للثرثرة ! أحتاج أن أتحدث وأسمع صوتي الذي بدأ يتراكم أسفل جلدي و ينشر الهالات على جسدي ، كل هذا يرادف شخص واحد ، شخص قتلني بصوته الرجولي الصاخب و جعلني أرسم معه الأحلام لأنصدم كما تنصدم نصف نساء هذا الوطن و النصف الاخر يقعن في ما بعد الصدمة ألا وهو اللاحياة. أنا والله لاأريد لهذه العلاقة أن تسير كما كانت ، ولا أحن للحرام ولكن قلبي يحن له و جدا ، لاأريد أن أضعف و نصف أهل النار النساء ، لا أريد أن اكون من أؤلئك النسوة والله أني لاأحب أن أعصيك يالله ولا أتلذذ بعصياني لك. ولكن أشتاق له ، أشتاق كثيرا في وقت لا أجد من يشاركني سوى الظلال. صبرني يالله عنه وعوضني بما هو خي . .
          لم تكمل إثر رسالة جديدة قطعت عليها منه " أخافك ، وكيف لا أخاف منك و أنت بيدك البعد ! وأنا رجل يخاف الغياب ! يخاف أن تتركينه بعد أن رأى بك الحياة "
          لمعت في عينها الدمعة لتقاطعها رتيل بعد أن نزلت ضي و أفنان للأسفل.
          رتيل رفعت حاجبها : وش فيك ؟
          عبير ببرود : ولا شي
          رتيل و تكاد تحلف بأن بها شيئا لا تريد ان تخبر به أحد : ليه تبكين ؟
          عبير بجمود اكثر : مين قال أبكي ؟
          رتيل هزت كتفيها : حسيت أنك تبكين
          عبير : وفري إحساسك لنفسك
          رتيل تنهدت : الشرهة علي ماهو عليك

          ،

          بعد أن أكتملت زينتهن في إحدى مشاغل الرياض أتين ليرتدين فساتينهن ، و طلة الملاك تتضع بين ملامح الجوهرة في فستانها السكري. ومازالت تخاف الضيق في كل شيء فأتى فستانها مرسوما حتى بدأ بالإتساع حين لامس خصرها ، عل هذا الإتساع يأتيها في قبرها حين تحشر به و هي التي سترت نفسها في الدنيا.
          برجاء كبير : بس شوي أنتظري
          الجوهرة : تأخرت مررة مقدر أنتظر وبعدين امي بروحها و . .
          حصة بحيلة تقاطعها : مانبي السواق يودينا في هالليل وإحنا متعطرات مايجوز
          الجوهرة : انا ماتعطرت ، عطري في الشنطة
          حصة وتبحث عن حيلة أخرى : طيب أنا تعطرت !!
          الجوهرة بعينيها البريئتين عقدتهما لتلفظ : هذا عرس أخوي مفروض انا أول الحاضرين .. يعني ننتظر مين ؟
          حصة : سلطان
          الجوهرة بصدمة : لأ .. أقصد يعني هو راح وخلص
          حصة : لأ للحين ماراح هو قالي بمر البيت
          الجوهرة بنفس ضيق : الله يخليك حصة يعني أنت عارفة وش صاير ماأبغى ..
          لم تكمل من إبتسامة حصة ذات المعنى و ظل سلطان ينعكس ، ألتفتت للخلف لتراه.
          حصة بضحكة أردفت : بروح أجيب عبايتي ... لتنسحب متجهة لغرفتها.
          شعرت بأن الأكسجين في حضوره يختفي ، أن الإختناق يقترب منها بخطوات عريضة ، و أعينه تطوف عليها و من أقدامها حتى رأسها سارت عين سلطان ببطء ، وضعت يدها على جانبي فستانها وكأنها تريد أن تغطي شيئا من وهم خيالها.
          الجوهرة بلعت ريقها لتنتحي وتأخذ عباءتها الموضوعة على " الكنب " ، لبستها بإستعجال حتى تبعد أنظار سلطان. حصة بعد أن أستغرقت ثواني طويلة جعلتها تشتم في داخلها من برود سلطان الذي لم يلفظ كلمة ، أتت لهما : يالله نمشي.
          سلطان أخرج تنهيدة أحرجت الجوهرة و أحمرت بها خجلا ليردف : يلا

          ،

          دخلت الرقيقة نجلاء و المكتملة زينتها وكيف لأ ؟ وهي أنجبت جميلا يأخذ منها الكثير ، الأمهات اللاتي تنبت من تحت أقدامهن الجنان يبدون كجمال السماء حين نستشهد بالجمال : ماشاء الله تبارك الرحمن ، الله لايضرك و يهنيك
          ريم والتي لم تلبس فستانها بعد : يمممه نجول أحس قلبي بيوقف
          نجلاء : بسم عليك .. صليتي ؟
          ريم : إيه
          نجلاء : أهم شيء الحمدلله ، ريلاكس وأنبسطي هذي ليلة للعمر
          ريم وضعت يدها على صدرها الذي يهبط بشدة : أخاف أبكي في الزفة ويخرب شكلي
          نجلاء بإبتسامة بانت بها صفة أسنانها البيضاء : طالعي فوق إذا جتك الصيحة وتعوذي من الشيطان !! يختي أبتسمي وخففي هالربكة والوسوسة
          دخلت هيفاء : مالبستي للحين !! يالله ألبسي عشان منصور ويوسف بيجون يصورون معك لأن ريان ماراح يدخل القاعة
          ريم بخوف : يممممه تكفون أحس بنهبل
          هيفاء : هههههههههههههههههههههههه يختي تحركي وألبسي وبعدها أنهبلي على كيفك
          نجلاء بضحكة : لاتخربين شكلك بس وأبتسمي عيشي الفرحة لاتفكرين بشيء ثاني يخص العرس أهم شي أنت ، وكل أمور العرس تمام وأم ريان مهي مقصرة بشيء و خالتي معها بالقاعة ويقولون كل شيء تمام
          ريم أغمضت عينيها وكتمارين اليوغا مددت يداها : خلاص خلاص خلاص أنا هادية
          هيفاء : ههههههههههههه أنا بنزل أتنكس مع يوسف قبل لا نروح القاعة
          نجلاء : جاء منصور ؟
          هيفاء : أيه وراح أبوي
          نجلاء : يالله ريوم ألبسي وناديني إذا احتجتي شي أنا هنا
          تركوا ريم في ربكة عظيمة تشبه عظمة هذا اليوم الأبيض. ، أرتدت فستانها الأبيض الذي كان فرع من أحلام الصبا بل هو الفرع الرئيسي الذي تفرعت منه الأحلام الوردية ، الليلة سأجتمع مع رجل لا أعرفه ولكن يكفي أن يجتمع إسمي بإسمه و أنا والله أحبك و إن كنت لا أعرف الا إسمك ، أحبك يا من سرقت فكري و نومي لليال طويلة حتى هذه الليلة. يا " ريان " القلب أني أسمو بحب أبيض خالص ف زدني إليك عشقا يجمل الصبية التي بين ذراعيك ، زدني عشقا و أجعلني أحبك بأسباب كثيرة.
          دقائق طويلة مرت حتى طلت عليها نجلاء و ضبطت الطرحة البيضاء التي تعتلي شعرها ، أعطتها مسكة يدها الملمومة بالورد الزهري.
          هيفاء أتت بكاميرتها و وضعتها على خاصية الفيديو : نجول تغطي عشان يوسف
          نجلاء : طيب .. وأتجهت لجناحها لتأخذ عباءتها
          هيفاء : أمشي ننزل عشان الصالة مرتبة للتصوير
          ريم بربكة كبيرة و أطرافها ترتجف ..نزلت بمساعدة هيفاء . . .
          هيفاء بضحكة بدأت تزغرد لتعلن وصول ريم.
          بأسفل الدرج يوسف و منصور وإبتساماتهم تضيء بل تشتعل فرحة ب ريم ، لمعت الدمعة بعين يوسف و الفرحة تغزوها. و عين منصور تثرثر بالكثير من معاني الحياة المتشكلة بفرحة.
          ريم ما إن رأت اللمعة في عين يوسف حتى سقطت دمعتها
          هيفاء : لألألأ ريم الله يخليك لاتبكين
          يوسف بنبرة بدوية : بنت عبدالله ماتبكي !!
          هيفاء بإبتسامة تضع الكاميرا بإتجاه يوسف : يالله يوسف قول شيء
          يوسف بضحكات متكاثرة : تراني حافظها من زمان عشان أقولها ... ياعروس الكون يا ضي العيون ..يا ملاك ينثر عطور الزهور .. ياعرس الكون يا نف المزون .. يا أميرة فاقت الحسن بظهور .. و ... والباقي نسيت ههههههههههه *أردف الأبيات بصوته وكأنه شاعر زمانه وكيف لأ وصوت يوسف زاد القصيدة جمالا*
          لمعت دموع هيفاء هي الأخرى بكلمات يوسف لتردف : هذا وأنت حافظها من زمان !!!
          منصور بصوت يرتل الدعاء : اللهم أحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين و وفقها و أسعدها بأضعاف من يحبها
          ريم و الدمعة ترفرف ، رفعت نظرها للأعلى وهي تنزل للعتبة الأخيرة.
          أتاها يوسف ورغم أنها أبتعدت حتى لا يقبل رأسها ويكتفي بقبلة خدها ولكن يوسف أرغمها و قبل رأسها قبلة عميقة : ألف مبروووك
          منصور هو الاخر قبل رأسها و الدموع تتراكم في عين ريم : مبروووك يالغالية
          ريم بصوت متحشرج : الله يبارك فيكم
          يوسف بإبتسامة ومازالت الفرحة تلمع في عيناه : ورينا إبتسامتك نبي نصور
          ريم أبتسمت لتضحك من نظرات يوسف ، هيفاء صورت أولا يوسف مع ريم ومن ثم مع منصور ، لتضع الكاميرا على الترايبود وتضع المؤقت لها 10 ثواني. . ووقفوا جميعا لصورة جماعية للذكرى ، للذكرى البيضاء التي تحلق في ضحكة زفاف ريم.

          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

            ،

            كانت أعينه تبحث عنه ، خابت كل توقعاته عندما راه لم يحضر أو ربما لم يدعوه ! لا أنا متأكد أنهم دعوه ولكن لم لم يحضر ؟ حتى عبدالعزيز لم يحضر ! يالله ليتك يا ناصر هنا ! ماذا بيدي أفعل حتى أراك بمكان يضخ بمن تعرفه ! تنهد بعمق وإبتسامته ترتسم على ملامحه البدوية الخافتة. أنقبض قلبه في لحظات عندما دخل والد ناصر ، عيناه لا ترمش حتى وقف دون أن يشعر عندما رأى ناصر. بلع ريقه و الإضطراب يسيطر عليه. أقتربوا من ريان الذي يتوسط القاعة وعلى جانبه والده و عمه عبدالرحمن ومن ثم أقرباءه من بعيد حتى يصل إلى سلطان الجابر و فيصل القايد.
            بدأوا بالسلام من جهة ريان حتى اليمين ، ناصر أبتسم لفيصل و سلم عليه . . جلس بجانبه في وقت جلس والد ناصر بجانب عبدالرحمن.
            شعر بأنه ليس له قدرة على الحديث و بجانبه ناصر.
            في جهة مقاربة كان ريان متوتر ، ومهما حصل فهذه الليلة مربكة لكل رجل و قاتلة لكل أنثى ، السكسوكة السوداء كالليل الغامق زادته فتنة وكيف لايكن فتنة وهو من سلالة تضم أختيه و أيضا بنات عمه و فوق ثوبه الأبيض بشت أسود زاد الليل سعادة.

            ،

            حالته النفسية سيئة بل هي الاشد سوء منذ أن غادرت عائلته ، ينتبه حتى لنملة إن مرت ، بدأ إنتباهه يركز بالتفاصيل الصغيرة التي تسرق منه النوم ، على فراشه في شقته بباريس بعد أن عاد من دوفيل الكئيبة. ترك غرفته ليتجه لغرفة والديه ، تمدد على سريرهما و كالطفل تكور حول نفسه و عيناه تتأمل التسريحة التي مازالت تحوي عطورات والده و والدته.
            زم على شفتيه كي لايبكي رغم انه لايخجل أن يبكي في وحدته ، لكن لايريد أن يبكي و ينهار ببكائه و يدخل في دوامة سوداء لن يخرج منها بسهولة ، أغمض عيناه محاولا فيها النوم ، أرجوك يالله لا تمر الليلة الرابعة دون نوم ! أرجوك يالله لا تمر . . والله أني أحتاج ان أنام ، أحتاج أن أنام . . تمتم بأحاديث روحية حتى همس : أبي أنام .. أخذ المخدة وألصقها في وجهه ، متعب جدا لأنه لا يستطيع النوم و اللانوم يجهده و يؤثر على وظائفه ، حتى تركيزه يضعف بشدة حتى أنه العصر أراد أن يصنع له كوب قهوة وأرتجفت يداه وسقط الكوب على الأرض.
            بلاحيل ولا قوة ترك المخدة و تأمل السقف و أحاديثهم الفائتة تصخب بها مسامعه ، لو يعود الزمن لن أضيع وقت في حجر أمي وبين ذراعي والدي ، لم عندما يرحل الأحبه نفكر بالدقائق الضائعة من عمرنا دونهم ؟ لم عندما يرحلون نتمتم " ليت " ، لم لم نجالس والدينا قبل أن يرحلوا و تتضبب رؤيتنا من بعدهم ! ليت والله ليت يا أبي تعود و أخبرك عما فعلوه بإبنك ! ليتك يا أمي تأتين فأنا أفتقد السؤال ، أبسط الأشياء التي أحبها " وجهك مخطوف ، سلامتك يا حبيبي وش فيك ؟ ، حبيبي فيك شي ، عزوز قلبي مسخن ؟ ، حالك ماهو عاجبني . . " والقائمة تطول أفتقد هذه الكلمات ، لا أحد يسأل عني ليسمعني الجميع يردد سؤاله بإعتيادية ميتة " كيف حالك " هذه الكلمة من شأنها أن تشطرني نصفين حين أقول " بخير ". والله انا لست بخير ولا أعرف للخير طريق و أنا لولا رحمة الله لوقعت الان من فجيعة خيبتي.

            ،

            أرسلت رسالة إليها تهنئها بزواجها لتجلس على سريرها في حيرة من أمرها ، لم عاملها يوسف هكذا ؟ رغم انها شعرت بتحسن علاقتهما ؟ أنا الغبية التي فضفضت له عن ما يشعرني بوحدتي ، أنا الغبية التي سهرت معه و مع صوته طوال الليل لأشرح له حزني وألمي و بعض وجع هذا الحمل ، أنا الغبية والله و هذا هو لم يخيب الظن به ! خذلني كما خذلتني أمي. و الان أنا حامل ؟ حتى الحمل الذي يجب أن أفرح به . . تعست ، و أنا أشعر بالرخص حتى وإن قالت أمي عكس ذلك ، حتى وإن قالت بغير ذلك ! أنا لست أفهم لم الحزن يترصد لي في كل مرة أبتسم فيها.
            دخلت والدتها : وش بلاتس قاعدة ؟
            مهرة بحزن : وش تبيني أسوي ؟
            والدتها : تكلمي معي زين !! جاتس جنون الحمل
            مهرة : بسم الله علي ، يمه يعني تعرفين أني متضايقة فأتركيني شوي لاتضغطين علي
            والدتها : وراه ! لايكون ما يرد عليتس !
            مهرة أنفجرت بالبكاء : خلاص يمه ! لاتسأليني وتوجعيني أكثر
            والدتها بإستغراب : يممه مهرة هذا وأنت العاقلة تبتسين*تبكين* ؟ الحين بجيب لتس شاهي تدفين فيه نفستس وتريحين أعصابتس .. خرجت وتركت الشتات ينفجر بدمع أبنتها.
            لامست بطنها الذي بدأ يبرز ، مسحت دموعها تكره أن تضعف ولكن هذا الذي يتكور في بطنها يرهقها ويحملها مالاطاقة فيه.
            يبدو أنه في أوج سعادته الان ، لن أحسد سعادته يوما ولكن كان أبسط حقوقي أن يشاركني تلك الفرحة. " ههه !" يا أنا كيف أشاركه الفرحة وهو سلب فرحتي الأم ، فرحتي الحقيقة كأي عروس تحب أن تحتفل ، أجهض أحلامي الوردية كيف من بعدها أن أفرح معه ؟ تبا لك يا يوسف ومن خلفك أخيك أيضا.

            ،

            أشغل القران بصوت الشيخ السديس لتضج غرفتها بصوته و تنتشر السكينة والروحانية بين زواياها ، وليد بصوت خافت : أنا بروح والجوال جمبك بس تحتاجيني بشيء أتصلي علي .. طيب ؟
            رؤى ببحة : طيب
            وليد : بحفظ الرحمن . . وخرج من غرفتها ويقفلها بالكرت الثاني الذي معه وبمقابل غرفتها الفندقية دخل غرفته.
            رؤى تتأمل السقف بسكينة و الصوت يثلج مسامعها ، أشتاقت ل " مكة " . . كيف أشتاق وأنا لم أزورها ؟
            سكتت قليلا لتردف بهمس : وش يدريني أني مازرتها ؟
            بدأت المعلومات تتشابك في عقلها و تتجعد اللحظات بين حقيقة و خيال. أزرت مكة أم لأ ؟ ولكن نطقتها ، قلتها بتأكيد أنني لم أزورها ! . . حاولت أن تتذكر أشياء كثيرة ولكن ضغطها الكبير على ذاكرتها جعلها تيأس وتصمت لتعود لعد النقوش في السقف. يالله كيف أتذكر ؟ كيف أقولها ؟ . . هناك ناصر ! هناك أحد يدعى ناصر أحبه ولكن أين هو ؟ أمات في حادث أم مات فجأة أم مات بمرض ؟ . . أم أنه موجود ؟ هل يعقل أن يكون حيا ؟ إن كان حيا لم تركني ؟ سأصدق أنك ميت ! سأقول أنك ميت ولكن لا تكن حيا و تصدمني بخيبتي في تركك لي ؟ لا تصدمني أرجوك فما عاد بي أعصاب تحتمل.
            و إن كان لي أخت ؟ متزوجة لاهية او ربما مازالت عازبة ! لم تركتني ؟ لم تركوني ؟
            إذا لم تكن تلك أمي و خدعتني ! كيف سمحتوا لها بأن تقتحم عالمي ! كيف سمحتوا لها وأنتم عائلتي ؟ يالله يالخيبة الكبيرة منكم ! أهان عليكم حياة تتجسد بي ، يئست جذورها وأنحنت بذبول. أنا ذابلة بائسة حزينة ضئيلة ، أحتاج من يضيئني ! أحتاج لعائلة حقيقية.
            ،

            مرتبكة يعني أن متوسط ضربات القلب بها وصل إلى الصفر إلا شيئا ضئيل ، الليلة في اخرها ، صخبت وضجت بفرحة الحضور ، كانت الأعين صامتة في زفتها ، كانت شديدة الصمت وأكثر في ذهولها ، شيء كان مخبأ في بيت عبدالله وبان الان.
            الإبتسامات البيضاء المزهرة تنتشر و أيضا الصفراء الخبيثة. في " كوشتها " تصور كل من تحب من عائلتها إلى صديقاتها . . أبصرت المحبة وهم يرقصون من أجلها و ينطربون فرحة بزفافها ، كل الأشياء الجميلة التي توجت هذا الحفل تركت في قلبها بكاء عميق ، بكاء سعيد.
            همست في أذنها : ريان جاي . .
            كلمتين كانت كفيلة بأن تتعمق بربكتها وإرتجاف أطرافها لتشتعل حمرة عينها و يبهت لونها ، لم تأكل شيء منذ الصباح.
            هيفاء بخوف : ريمم بسم الله عليك .. أهدي
            أتت والدتها : بسم الله عليك يمممه
            هيفاء : بيغمى عليها ... بروح أجيب مويا
            عبير أقتربت منهم : وش فيها ؟
            هيفاء وأتت بمنديل مبلل : شكل ضغطها نزل
            عبير : طيب عطيني هالمنديل لانخرب مكياجها ،
            بدأت عبير تبلل كفها بالمنديل لتقرب ببرودة أطراف أصابعها لملامح ريم . . ثواني قليلة حتى بدأت بالتركيز وهي لم يغمى عليها بعد ولكن عيناها التي بدأت بالنظر للأعلى أخافت هيفاء و والدتها.
            عبير : خلها تاكل شي قبل لايجي ريان
            ريم : لا مو مشتهية
            عبير : لازم تاكلين لاتطيحين من طولك الحين . . ألتفتت على رتيل الغارقة بأحاديث مع الجوهرة : رتول جيبي أي شي من البوفيه تاكله ريم
            رتيل بهدوء دون أن تناقش توجهت إلى البوفيه ، في جهة أخرى كانت الأعين تراقب الفتيات اليانعات ، بدأوا بالإختيار بمثل ما يريدون وكأنهن ضمنوا الموافقة في الجيب.
            بصوت مبحوح : إيه هذي يمه إسمها عبير .. بنت عبدالرحمن ال متعب واللي جمبها الجوهرة مرت سلطان بن بدر !
            أجابتها والدتها : عبدالرحمن مايزوج بناته
            هي الاخرى : يعني بيخليهن في رقبته طول عمره ! شفتي يمه ذيك اللي لابسة أسود .. تصير زوجته الجديدة
            والدتها : تزوج !
            : إيه يمه ! الرياجيل مايصبرون شوفيه تزوج وحدة بمقام بناته .. بس يقولون أنها كبيرة طبت الثلاثين
            أتت الأخت الأخرى : والله أخت العروس قايمة في العرس
            الأم : أي وحدة فيهن ! ضيعت
            : اللي لابسة تفاحي
            الأم : إيه سنعات بنات ريانة
            ما إن نظرت لرتيل الاتية من البوفيه حتى تمتمت : وهذي بنت عبدالرحمن الثانية ! شاينة مررة
            الأخت الاخرى : بالعكس الا زايد حلاها ولا أنت غايرة
            نفثت أختها على نفسها : على وش أغار يا حظي ! تدرين أنها مفحطة بالجامعة ! اللي أصغر منها تخرجوا
            ، بإندفاع الصبية التي تصغرها : يمه تكفين خلينا نخطبها لحاتم والله تصلح له
            الأم : والله البنت زوينة
            هي : إلا مزيونة ونص
            الأم : بشاور أخوك ونخطبها
            * : ثنينتهم ماأنخطبوا إلى الان ! وماعندهم عيال عم على ماأظن يعني إن شاء الله الموافقة في الجيب.

            ،

            بخطوات خافتة نادته : عزوووز .. حبيبي
            ظن أنه يتخيل وهو ينظر للتسريحة مجددا ، صوت أثير يناديه ! هذا وهم جديد كوهم عيني غادة.
            سمع الباب الذي ينفتح ، وقف و فتح الباب لينظر لها بنظرة الشك هل هي هنا حقيقة أم كذب ؟
            أثير : لايكون كنت نايم ؟
            عبدالعزيز : أثييير
            أثير بإبتسامة : إيه
            عبدالعزيز تنهد وجلس بالصالة وهو غير واعي لما يحدث ، رفع عينه ومازالت واقفة : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
            أثير بيدها كيس بني من الورق : جبت لك معي العشاء وقلت نتعشى بس شكل ماهو جوك نتعشى لبناني اليوم
            عبدالعزيز بلع ريقه : تعالي
            أثير بضحكة أتته لتردف : وش صاير لك اليوم
            عبدالعزيز لامس يدها ليتأكد من وجودها ، يالسخرية الحياة به ! ويالجنونه الذي أصابه.
            ترك يدها ليردف : ماني مشتهي شي
            أثير جلست على الطاولة بمقابله ، مثل جلسة رتيل أو ربما هو يتشابه عليه منظرها ،
            أثير بحنية : مانمت اليوم ؟
            عبدالعزيز و بهلوسة حقيقية : إلا نمت
            أثير تأكدت أنه يوسوس ، وضعت يدها على جبينه لتلامس جرحه : هذا من وين ؟
            عبدالعزيز عقد حاجبيه : لاتكثرين أسئلة
            أثير أبتسمت بضيق : إن شاء الله
            عبدالعزيز تمدد على الكنبه ويديه تعانق بعضها البعض بين فخذيه ، جلست أثير عند رأسه لتجعله ينام في حضنها ، خلخلت يدها في شعرها : ريح تفكيرك عشان تنام
            عبدالعزيز رفع عيناه لها ، منذ زمن بعيد لم ينام في حضن أنثى . .
            أثير بإبتسامة : وش فيك تطالعني كذا !
            عبدالعزيز ببحة : ولا شيء
            أثير بهدوء : خطيبتك الثانية متى ترجع لها ؟
            عبدالعزيز : قصدك رتيل ؟ ماهي خطيبتي قلت لك زوجتي
            أثير بحدة : طيب غلطت ولا مايصير بعد أغلط
            عبدالعزيز بهدوء صمت
            أثير بعد ثواني طويلة : حبيبي مو قصدي بس يعني قلت أنك ماسويت عرس ولا شي فعشان كذا تلخبطت
            عبدالعزيز ولا يرد عليها
            أثير : طيب متى بترجع لها رتيل ؟
            عبدالعزيز : هي بتجي هنا ويا أبوها
            أثير : يا سلام ! بتجلس في باريس
            عبدالعزيز : إيه
            أثير تنهدت : الله يصبرني يعني بقابلها
            عبدالعزيز بلاوعي : بتحبينها
            أثير رفعت حاجبها : يا شيخ !!
            عبدالعزيز ضحك بصخب و جن جنون ماتبقى له من أعصاب : صدقيني بتعجبك
            أثير أبتسمت : لو أني ماأعرفك كان قلت شارب
            عبدالعزيز وهو يمد يده ليجمعها على شكل دائرة : مانقدر نعيش ! مانقدر
            أثير وهي تلعب في شعره : عزوز بديت تهلوس ، أششش ونام
            عبدالعزيز عاقد حاجبيه بضيق : ماأبي أأذيها بس هي تجبرني ! هي تجبرني
            أثير : وإن شاء الله وش أذيتها فيه ؟ تحمد ربها
            عبدالعزيز أبتسم بتناقض مشاعره في هذه اللحظات : جميلة حييييل
            أثير حقدت من وصفه و شرحه لجمالها في مثل هذه اللحظة : عبدالعزيييييييييييز !! إذا تبي تسمعني وش كثر هي حلوة احتفظ بهالشي لنفسك
            عبدالعزيز رفع عينه عليها وهي منحنية وشعرها يداعب رقبته : أقصد أنت
            أثير ضحكت : ألعب علي بعد ؟
            عبدالعزيز أستعدل في جلسته ليقابلها وبإبتسامة : تشكين في كلامي ؟
            أثير بضحكة صاخبة : مجنوون والله أنك مجنون ! أنا بروح وأنت نام وريح أعصابك .. عشان بكرا من الصبح بكون عندك
            وقفت ليسحبها عبدالعزيز و يلصق جبينه في جبينها و يديه تحاوط رأسها و تخلخل شعرها ، أضطربت أنفاس أثير للإرتباك و هي تختلط بأنفاس عبدالعزيز ، أقترب أكثر ليقبلها . . ثواني طويلة عميقة مرت بتلاصقهما حتى أبتعد عبدالعزيز بنفور وريبة. أخذ المنديل ليمسح بقايا أحمر الشفاه الذي في فمه. أبتعدت أثير و خرجت من الشقة دون أن تنطق حرفا.
            لم يستوعب بعد أن من أمامه هي أثير وليس رتيل ليعنفها أو ينفر منها ، لم تحرك قبلتها به شيئا ! كانت قبلة ولاأكثر. يتذكر تلك الليلة التي أقترب بها من رتيل ، تحفر هذه الليلة بعقله بل تشطره أيضا.
            لاينسى طعمها أبدا ، أسكرته و ترنح من بعدها لفترة طويلة وهو يتذكر قبلته لها وإن أتت عنيفة رغما عنها إلا أنه أستمتع بها كما لم يستمتع من قبل. و لست أقل من نزار حين قال " يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا ذكرته غرقت بالماء حنجرتي.. ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟ "
            تأفأف : أنا ليه أفكر فيها الحين !!
            بلل شفتيه بلسانه متنهدا ، أريد أن أنام لساعة واحدة فقط ، ساعة واحدة.

            ،

            ألتفت عليه وبصوت واضح : عندي لك أمانة وبوصلها
            ناصر رفع حاجبه بإستغراب : تخص مين ؟

            .
            .

            أنتهى البارت

            تعليق

            • *مزون شمر*
              عضو مؤسس
              • Nov 2006
              • 18994

              رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


              هل للأموات رائحه؟
              أنا أشتم رائحة
              غانية
              مقلتاها
              كمقلتاي ..

              أسمع
              أصواتا
              تجيد
              خنقي ..

              فقفصي
              الصدرى
              بات
              الفضاء
              يضيق به ..

              أشعر بوهن
              يطأ أقدامه علي
              و يسحق
              الحياة من حولي ..

              لا شيء أبصر
              لا شيء ..

              سوى ضباب
              يغشى بصري
              و عاشقة
              أقسمت على
              وجعي ..

              * للمبدعة : وردة شقى.




              رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
              الجزء ( 49 )



              أنتهى الجزء الأبيض المتراقص ، و طرقت الثواني الأخيرة و اللحظة المرتبكة ، البداية الخافتة المذعورة ، الأشياء المنحنية الخائفة ، الجميلات المتمايلات و الذكر الذي تلفظه الشفاه و " الله " المرتلة بها الأم الباكية فرحا ، يالله يالله يالله ثلاثا على ليلة زفاف كهذه يا أختي ، يا عروسنا.
              وقفت هيفاء جانبا لكي لا تضعف بدموعها ، ليلة كهذه كفيلة بأن تضحك بها الأعين حد البكاء ، ليلة كهذه ترقص بها السماء طربا وتصفو للقلب الذي يهفو إليها ، السماء صافية و ريم : قمر
              مشت ريم بزفتها للخروج من القاعة المزخرفة بجمال هذه الليلة ، رتيل المبتسمة و الصمت يخيم للتأمل ، هذه اللحظات وجه اخر للذكرى و وطرف ثان للتأملات فقط.
              أردفت : يا شينه ريان كان دخل
              الجوهرة : مايحب هالأشياء
              رتيل بضحكة أردفت : أنا قلبي بدا يرجف كيف ريم ؟
              الجوهرة بحماس : حلوة أجواء العرس
              رتيل تغيرت ملامحها ، حتى إرتجافة القلب حين تقول " موافقة " لم تجربها ! يالله " ما أقساك علي وأنا بنتك ".
              الجوهرة ألتفتت عليها بإستغراب : رتول ؟
              رتيل :نسيت لا أقولك أني ت .. تزوجت
              الجوهرة وقفت صامتة ثابتة جامدة مصدومة.
              رتيل أرتجفت أهدابها لتردف بغير مبالاة : كل شيء حصل بدون علمي
              الجوهرة بهمس : كيف بدون علمك ؟
              رتيل : هذا بالضبط اللي ماأعرفه والجواب عند عمك
              الجوهرة بعد صمت طال وهي تفكر بما يحدث الان مع رتيل ، أردفت : من جدك رتيل ؟
              رتيل أبتسمت بوجع : إيه والله ! هالأمور فيها مزح ؟
              الجوهرة : طيب كيف !! يعني .. ماني مستوعبة !!
              رتيل بسخرية : طبعا أبوي مألف له دين ثاني
              الجوهرة بحدة : رتييل !! وش هالحكي ؟
              رتيل هزت كتفيها بلامبالاة : ديني يقول رضا الزوجين !
              الجوهرة تنهدت : على مين غصبك ؟
              رتيل بقهر : عبدالعزيز اللي ساكن معنا !!!
              الجوهرة وصمت الدهشة يسيطر عليها.
              رتيل : من عذرك يوم تنصدمين !
              الجوهرة : مصدومة من عمي ! عمره ماكان متحجر بهالأشياء ! كيف يغصبك وهو كان يرفض اللي يجونكم و إن وافق على واحد ورفضتوه كان يرفضه !!
              رتيل وهي تنظر لعبير الجالسة على بعد مسافات و يتضح أنها غائبة بعقلها لمكان بعيد : أبوي تغير من جاء عبدالعزيز ! كل شيء صار عبدالعزيز ! معتبره ولده وأنه الكل بالكل و إحنا ولا شيء
              الجوهرة بضيق : طيب ماقالك ليه ؟
              رتيل : إلا ! بس وش عذره ؟ مافيه عذر يبرر هالشي ! ولو أبي كان عرفت كيف أزعل على أبوي و حتى على ضي بس خلاص مليت !! راح عمري كله محكومة بقيود لا فادتني ولا شيء ! وبجي الحين أغص في فرحتي عشانهم !! ماهموني لكن فرحي بيكون لي وبكون أنانية فيه وماراح أترك لأحد مجال يفرح مني ! وش أستفدت من طيبة قلبي ؟ ماأستفدت شي! وإن جاء مثلا عبدالعزيز يطلب مني أني أكون زوجته بطريقة طبيعية ؟ وإن جاء يطلب مني مثلا أنه يكون مبسوط في حياته معاي ؟ بروح له وأقول يالله خلنا ننبسط ونترك اللي فات !! مستحيل مادام أبوي أرخصني أنا ماأرخص روحي ! وفرحي يبقى فرحي وحزني يبقى معلق في رقبتهم !
              الجوهرة و الضيق يضعف قلبها أكثر ، مصارحة رتيل لها جعلتها تذبل أكثر ، أردفت : من متى كنت سلبية كذا ؟
              رتيل بإبتسامة لم تعتادها الجوهرة : كيف تبيني أكون ؟ بالعكس ماني سلبية ! قلت لك بكون مبسوطة وبعيش حياتي زي ماأنا أبي وأن جاء يوم وحزنت بخلي كل اللي حولي يحزن معي !! فرحي يخصني وحزني يخصهم وهذي ضريبة اللي سووه فيني
              الجوهرة هزت رأسها بالنفي غير مستوعبة لتردف : وش تفكرين فيه بالضبط ؟ هذا أبوك !! ماهو شخص عادي !
              رتيل : وأنا قلت لك بشتكي عليه ؟ بس أنا من يرد لي كرامتي منه ؟ تحسين بقهري يالجوهرة ولا ماتحسين ! أقولك زوجوني وأنا مدري !! ومن شخص ... أستغفر الله بس
              الجوهرة : من شخص ؟ هالشخص يكون عبدالعزيز ولد سلطان العيد اللي الكل يشهد بأخلاقه ونسبه
              رتيل عضت شفتيها حتى لاترجف بدمعها.
              الجوهرة تراقب القاعة التي تفرغ بمقاعدها متجهين للجهة الأخرى المخصصة للعشاء.
              أردفت : الواحد لازم يتكيف مع الظروف اللي تجيه مايكون بهالصورة السوداوية !
              رتيل : أنت في ليلة زواجك وش كنت تسوين ؟ كنت أكثر مني سوداوية !!
              الجوهرة بإندفاع : كانت ظروفي غير
              رتيل : وش الظروف الغير ؟ الجوهرة حسي فيني أقولك مقهووورة !! الحين هو مقضيها مع الحقيرة الثانية ! طيب أنا ويني منهم كلهم
              الجوهرة : هو وينه ؟
              رتيل تنهدت : متزوج وحدة ثانية إسمها أثير جعل مافيه أثير
              الجوهرة أتسعت محاجرها بصدمة ، صمتت بشكل مهيب لما يحصل في إبنة عمها. كارثة تلو كارثة وهي اخر من يعلم!
              رتيل و تمثيل البرود صعب جدا على روحها المتوجعة : ماهمني كيفه ! بس بيجي يوم والكل راح يندم على اللي قاعدين يسوونه معاي بس لحظتها ولا واحد فيهم راح أسامحه !!
              الجوهرة همست : متزووج !!!
              رتيل بتنهيدة حارقة : بكيفه ! و تدرين حتى ماراح أطلب الطلاق ! بخلي أبوي بنفسه هو اللي يطلقني بدون لا يشاورني ! أبيهم يعرفون وش خسروا !!
              الجوهرة عقدت حاجبيها بألم و حضور أفنان المحمرة عيناها قطع عليهما : وش فيكم جالسين بالزاوية كذا !!

              ،

              أنت يا ريان محظوظ ، ظفرت بليلة كهذه تستحق أن تسجد لها شكرا في كل لحظة تتذكر بها أن بجانبك أنثى تحتويك ، نحن فقراء الحظ و يتامى الحب نتفرج دائما لنرى العشاق كيف تكن نهاياتهم لنقل " الحمدلله سلموا من خيبة هذه الأرض التي تفرقنا " حظي الذي بقيت لسنوات أهتف به ، خبأته يوما في جديلتها لتأخذ شعرها و ترحل. ومعها رحل حظي.
              يا عمري ماذا بقي لنحزن عليه ؟ يا عمري كفاك من تلك السنين رثاء ، كفاك ما رحل و أبتسم لأجل أن نصاحب بعض ، أحتاج ان أصدق هذه الحياة لتحبني أكثر ، احتاج وبشكل لاذع أن أصادق ظلي ، رحلت يا غادة و نسيت أن تعلميني كيف لظل يأخذ مكانك ؟ وأنت التي كنت على الدوام ظلي الأبيض الذي يشاركني كل شيء حتى سخافات هذه الدنيا ، لحظة! لم تكن سخافات ! كل شيء معك تجمل وأزدهر حتى الأشياء البسيطة باتت عظيمة. أنت من غيرت عيناك صيغة الحياة في قلبي ! أخبريني كيف لي أن أعيش دونك ؟
              وقف متجها للخارج بعد أن ادى واجبه كصديق للعائلة ، شعر بيد تلامس كتفه ، ألتفت مستغربا.
              فيصل بتوتر : عندي لك أمانة و بوصلها.
              ناصر رفع حاجبه بإستغراب : تخص مين ؟
              فيصل : ماينفع أقولها لك هنا ! لكن ضروري بأقرب وقت
              ناصر : أبشر .. أخرج هاتفه .. عطني رقمك
              فيصل نطق له رقمه ليردف : أنتظر منك إتصال . . بحفظ الرحمن . . . وترك ناصر في حيرة من أمره ، ماذا يريد ؟

              ،

              في ساعات الفجر الأولى ، رمت عباءتها بتثاقل لتنحني وتنزع حذائها العالي وتصعد لغرفتها دون أن تنطق بحرف واحد ، أغلقت رتيل الباب عليها و شعرت بأن قليلا من العزاء شاركته الجوهرة ، لم تعرف لم أخبرتها بكل هذا ولكن شعورها بالإفلاس أمامها جعلت كلماتها تنطق.
              على بعد مسافات فاصلة دخلت عبير غرفتها الداكنة على قلبها الذي بدأ يضيق بكل شيء ، ليس سببا ! والله ليس هناك سبب يجعلني أو يجبرني أن أذهب للحرام بإرادتي ، وإن تعاظمت الظروف وعلقت الأرض في حنجرتي حد أن لاشيء يسعف الغصات المتراكمة بي ! لا أحد يجعلني أذهب إليك يا مجهولي ولكن قلبي ! قلبي حتى في رخاء هذا العالم يريدك كيف وإن عصفنا بما نكره ؟ أتراني أناقض نفسي ؟ حين أقول لن أعصي الله و أنا أقف بكل حواسي أمامك ، أمام قلبك.
              لم فعلت بي كل هذا ؟ لم كل هذا ؟ لم جعلتني أقع بالعشق و هذا الجنون !! لم كنت حراما ؟ و إن أتيت يوما بصيغة بيضاء تتشكل كالحلال ؟ أين أجد التوفيق بك ؟ أين أجد البياض ؟ أين أجد بعمق الجحيم هذا جنة ؟ كل شيء ضدنا ! كل شيء يا حبيبي ضدنا لأننا كنا ضد الحلال. لو لم تخدرني بصوتك ! لو لم تجعلني كالعمياء أراك.
              كنت قوية بما يكفي ولكن بحبك أصبحت هشة وهذا حب لارجاء به ! الحب الذي لايقويك هو مجرد محاولات فاشلة للحياة.
              شتت أنظارها للجدران التي تفتقد لوحاته ، حتى ملامحي رأيتها ! يالله كيف تسربت من تحت أبواب عالمي التي أغلقتها و أغلقها والدي من بعدي. يالله عليك! أتيت بشكل لاذع لقلب هش.

              ،

              بهدوء أنيق نزعت عقدها ، لتردف : حسيتها مصدومة بس يعني ماخذتها بشكل شخصي كثير ! بالعكس حتى باركت لي
              عبدالرحمن المستلقي على السرير : كويس
              ضي ألتفتت عليه : زعلانة على عبير حيل ! ماني قادرة أفهمها بس اليوم طاحت عيوني عليها كثير !!! يالله ماتتخيل قد أيش واضح أنها حزينة ، حتى قلت لرتيل تروح لها بس مهي قادرة تتعامل مع رتيل ، مدري يمكن ماتبي تقول شي لأحد أصغر منها ! يعني أحس شخصيتها ماتتوافق كثير مع اللي يصغرونها بالعمر ، وش رايك بكرا تطلع معها مكان وتخليها تفضفض لك
              عبدالرحمن ألتزم الصمت ، لا جواب يشفي حزنه على حال بناته و حال إبنته الكبرى
              ضي جلست على طرف السرير بمقابله : أكيد ماراح تخليها كذا ؟ أنا بصراحة مقدرت أتكلم معاها بشيء ! البنت تكرهني بشكل فظيع حتى اليوم لما صبحت عليها سفهتني ، أنا فاهمتها يمكن ماتبي أحد يشاركها في أبوها ! والله حتى ماني شايلة في قلبي يعني ماأقولك ماني متضايقة إلا متضايقة ومقهورة لما سفهتني بس بعد من حقها ! .. يعني قبل لا نسافر خلها تفضفض لك وتقولك يمكن ترتاح ، أحيانا أقول ماهو معقولة عشان هالموضوع لأن حتى تعاملها مع رتيل حاد وجاف !
              عبدالرحمن تنهد : كيف تعاملها مع رتيل ؟
              ضي : يعني مدري كيف أشرح لك بس ماهو تعامل أخوي .. يعني بعيدين عن بعض كثير
              عبدالرحمن بضيق : لأن رتيل مصارحة عبير بعواطفها وعبير رمت عليها حكي من هالأشياء اللي صارحتها فيها !! فعشان كذا متضايقين من بعض
              ضي أبتسمت : وأنت مصدق هالشي ! طبعا لا ياروحي .. رتيل ماصارحتها بأي شيء وهي بنفسها قالت لي
              عبدالرحمن : وش قالت لك ؟
              ضي بلعت ريقها : يعني عن علاقتها مع عبير وأنها هالفترة متوترة و .. بس
              عبدالرحمن بحدة : ضي تكلمي
              ضي : وش أتكلم ! قلت لك اللي أعرفه ،
              عبدالرحمن تأفأف : طيب

              ،

              دخل بصورة مفاجئة للحرس المنتشرين في هذا البيت ، أجبرهم على إلتزام الهدوء ليصعد للأعلى و يفاجئهم بحضوره.
              فارس المعطي لباب غرفته ظهره ، صامت هادىء في وقت كان يثرثر بها حمد على رأسه : أنا أكلم جدار ؟ يخي تكلم أنطق حسسني أني بشر جمبك
              فارس بهدوء : أطلع برا
              حمد بخبث : تفكر بمين ؟
              من خلفه : حمممد
              ألتفتوا جميعهم لهذا الصوت الذي تحفظه قلوبهم مهابة ، وقف فارس تاركا كراسة الرسم البيضاء على الطاولة ، أتجه له حمد ليسلم عليه ومن خلفه كان فارس ، قبل رأسه : شلونك يبه ؟
              رائد : بخير !! .. وش عندكم ؟
              حمد : ولا شيء جالسين نسولف
              رائد رفع حاجبه : بأيش ؟
              حمد بلع ريقه : يكلمني عن الرسم وكذا
              رائد : اييه ، .. أقترب من كراسته ليأخذها فتح أول ورقة ولاشيء سوى رسومات متداخلة لايفهم بها شيئا ، تركها ليتصفح الكراسة و . . اخر صفحة عيناها مسيطرة.
              ألتفت : هذي مين ؟
              فارس بعد ثواني صمت أردف : خيالي
              رائد بشك : خيالك !!
              فارس : إيه
              رائد بعدم تصديق : ايييه .. طيب أنا جاي بنفسي عشان أخبرك .. بتروح معاي
              فارس : وين ؟
              رائد : أقصد بتسافر يعني !!
              فارس بإندفاع : لأ .. يعني ماودي أسافر هالفتر
              قاطعه رائد بحدة : أنا مو جاي أشاورك أنا جاي أبلغك
              فارس : بس يبه أنت تعرف أن
              رائد : قلت خلاص !! جهز نفسك هاليومين
              فارس تنهد ليجلس متجاهلا والده و غاضبا بمثل الوقت.
              رائد : يا سلام ! مدري وش عندك عشان ماتبي تسافر ..
              وبسخرية أردف : لا يكون الدراسة شاغلتك ! ولا بنعطل أمور دوامك
              فارس شتت أنظاره بعيدا و قدمه تهتز غضبا.
              رائد بصرخة : أنا أكلمك !!
              فارس ألتفت عليه : يعني وش أرد ؟ خلاص ابشر
              رائد عقد حاجبيه ، واقفا على بعد مسافات منه : تعال
              فارس يعرف والده جيدا لذلك ألتزم الصمت.
              رائد : فارس ووجع !
              فارس : يبه الله يخليك خلاص ماله داعي قلت لك أبشر
              رائد بحدة : ماأبي أكرر الكلام !!
              فارس تنهد ليقف متجها إليه وهو يعرف تماما ماذا سيفعل ، وقف أمامه : يالله عطني كف عشان على قولتك أتربى وأعرف أرد عليك زين !! ماكأني بطولك و أعتبر ذراعك اليمين
              رائد رفع حاجبه : دامك تعتبر نفسك ذراعي اليمين ماتقوم تراددني
              فارس : أنا أناقشك !! قلت لك ماأبي أروح وقلت غصب عنك تروح وقلت لك خلاص أبشر ! يعني وش تبيني أسوي ، أبكي عند رجلك وأقولك تكفى يبه خلني هنا وماأبي أسافر ! ماعدت بزر أوصل لبطنك وأترجاك ! قلتها لك كثير وبرجع أقولها أنا لي شخصيتي مهما حاولت تهمشني ببقى فارس وبتبقى رائد ومستحيل أكون رائد ومستحيل تكون فارس عشان كذا يبه الله يرضى لي عليك لا عاد تكلمني بهالطريقة وكأني حيوان مربيه ما كأني ولدك
              رائد أبتسم بدهشة : الله الله !! تبيني أصفق لك على الكلمات البطولية !
              فارس شتت أنظاره لايريد أن يعلق بحدة عين والده.
              رائد : طيب يا ولد موضي !
              فارس بحدة نظر إليه : لاترمي الأغلاط على أمي !!
              رائد : ذكي والله تفهمها وهي طايرة
              فارس بقهر : الحين مين اللي رباني ! أنت ولا هي ؟ أغلاطي هي نتايج تربيتك ماهي نتايج تربية *يقلد صوت والده* موضي !
              حمد ضحك على تقليد فارس لينسحب بهدوء قبل أن يعلق هو الاخر بغضب رائد الجوهي.
              رائد يحك شفته منبئا أن هناك ضرب سيأكله فارس الليلة.
              فارس بهدوء أراد أن يحرج والده ، تقدم إليه ليقبل مابين حاجبيه : هذي نتايج تربية موضي ...

              ،

              على السرير مستلقي و هاتفه الموصول بسماعات رقيقة على بطنه ، بخيبة أجابه : يوم شفتك طولت قلت أكيد نايم .. ليه مانمت ؟
              عبدالعزيز بتعب : ماجاني النوم ! حتى الحبوب مانفعت ! هذي شكلها من دعوات بعض الناس
              ناصر ضحك ليردف : ياهي دعوة من قلب !!
              عبدالعزيز بإبتسامة مرهقة : أصلا قال بوسعود بيجون بعد كم يوم ! بنبدأ شغل ومدري كيف ببدأ وأنا مخي موقف و كل خلية بجسمي أحس ودها تنام
              ناصر : طيب وش سويت من الصبح ؟ رحت المقبرة !
              عبدالعزيز : لأ . . والله مافيني حيل أتحرك ، بكرا إن شاء الله بروح أزورهم
              ناصر : إن شاء الله ... اليوم في عرس ريان كلمني فيصل القايد .. طبعا ماتعرفه ! المهم هذا أبوه كان ويا أبوك الله يرحمهم جميعا
              عبدالعزيز : إيه وش يبي ؟
              ناصر : يقول فيه أمانة ولازم يوصلها لي .. خذيت رقمه ومن اليوم أفكر فيه .. مدري وش يقصد ؟ كل الأفكار السودا جت في بالي ! خفت يكون شي يخص شغلي القديم بباريس أو مدري ..
              عبدالعزيز ب " هبل " : يمكن يبي يزوجك وحدة من خواته
              ناصر بحدة : عز أتكلم جد بلا خفة دمك !!
              عبدالعزيز : طيب وهذا فيصل وش يطلع ! يعني كبير ولا بزر
              ناصر : بعمرنا يمكن بالعشرينات أو بداية الثلاثينات
              عبدالعزيز : إيه يعني بزر
              ناصر بخبث : سبحان الله تعرف لنفسك
              عبدالعزيز ضحك ليردف : إيه أنا بزر !! أبي ماما
              ناصر : هههههههههههههههههههههههههههههههههه يالله تدري لو أني حقير وأسجل حكيك وأسمعك إياه لا صحصحت بتصرخ وتقول هذا مو أنا ... بس تسنع ونام لأنك بديت تهلوس وماهو زين !
              عبدالعزيز : تراني واعي وأعرف وش أقول ! أنا جالس أتمصخر وأقولك إيه بزر ! بس أنت ودك أنه من جدي أحكي
              ناصر : طيب خلاص أنقلع نام .. وأغلقه في وجهه.
              عبدالعزيز أخذ نفسا عميقا لتسقط عيناه على معطف أثير المرمي على الكرسي ، نسيت أن تأخذه!
              يالله أرتكبت حماقة اليوم ، يجب أن أحادثها .. أخرج هاتفه ليتصل عليها في وقت يبدو أنه غير مناسب ، رن مرة و مرتين وثلاث و بطول الإنتظار وإمتداده أجابت بصوت ليس بناعس : هلا عبدالعزيز
              عبدالعزيز : نايمة ؟
              أثير بهدوء : لأ
              عبدالعزيز بعد صمت لثواني أردف : اسف على اللي صار اليوم ..
              أثير ألتزمت الصمت هي الأخرى
              عبدالعزيز : أثير أنت معاي ؟
              أثير : معاك
              عبدالعزيز : طيب ينفع تجيني بكرا الصبح بدري ؟
              أثير : مقدر .. عندي شغل
              عبدالعزيز : يعني زعلانة ؟
              أثير بهدوء : مين قال ؟ بس أنا جد مشغولة بكرا
              عبدالعزيز : بس كان كلامك غير لما كنت هنا وقلتي لي بتجين !
              أثير : تذكرت انه عندي موعد
              عبدالعزيز تنهد : طيب
              أثير : نمت ؟
              عبدالعزيز : لأ
              أثير : طيب نام الحين !
              عبدالعزيز بضيق : أثير جد متضايق على اللي صار !! ماكان قصدي أتصرف معك بهالصورة لكن مزاجي هالأيام مش ولا بد ..
              أثير : طيب يا حبيبي قلت لك ماني زعلانة
              عبدالعزيز تنهد : طيب .. بحفظ الرحمن
              أثير : مع السلامة .. أغلقته و فكرها لا يسيطر عليه سوى نفوره الذي تصرف به أمامها ، كانت ردة فعله لا تمت للذوق بصلة ، لم تكن ستمانع من أن يقبلها فهي زوجته ولكن طريقته بتقبيلها وكأنها لاشيء أحرقت صدرها طيلة اليوم.

              يتبع

              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                قبل ساعات قليلة ، عقرب الساعة يقف على الثانية فجرا ، دخلوا جناحهم المجهز في إحدى فنادق الرياض المشهورة ،
                وقفت متوترة وأقدامها ترتجف وهي ترى إنعكاس ظله على الطاولة التي تقابلها ، لم تستطع ان تتحرك ، كل هذا الكون يتجمد في عينها اللامعة بالدمع.
                ريان بهدوء : خذي راحتك ، . . ثواني قليلة حتى سمعت صوت الباب.
                أندهشت من أنه تركها ، من الممكن أن يكون خجول أو ربما لايريد أن يضايقني أو من الممكن أنه راني منحرجة منه ففضل أن يتركني قليلا ، الأكيد أنه سيعود . . ربما كل الرجال هكذا في أول ليلة.
                دخلت لغرفتهم و هي تفتح الأشياء المعقدة في شعر أي عروس ، سقطت الطرحة على الأرض لترفعها وتضعها على " الكنبة المزخرفة بالجلد البني " ، اليوم صباحا أتت والدتها ورتبت أغراضها هنا ، فتحت الدرج لترى مستحضرات البشرة ، توقعت أن هذا مكانها فهي تعرف جيدا الريانة كيف تفضل ترتيب الأشياء. مسحت مكياجها لتنزع عقد الألماس الذي يزين عنقها ، ثواني خافتة حتى تعرت من زينتها بأكملها ، أغلقت باب الغرفة بأحكام و دخلت الحمام لتستحم وتريح أعصابها المرتجفة بماء دافي ، تمر الدقيقة تلو الأخرى و ريان لايأتي. بدأت بالتفكير و الماء يبللها برذاذه ، لمحته اليوم لمرة واحدة ، كان وسيما جدا تليق به هيئة العريس ، لكن لم ينطق شيئا يجعلني أبتسم ، هي مجرد كلمتين " خذي راحتك " يالله لو قال " مبروك " على الأقل كنت طرت بفرحي.
                تأفأفت من حديث النفس المرهق لها وخرجت ، نشفت شعرها و هي تسبق الوقت حتى لا يأتي ويراها بهذه الفوضوية ، رتبت التسريحة التي أمتلأت بزينتها ، فتحت الدولاب و بعفوية " وش مفروض ألبس ؟ " تمتمت : أستغفر الله بس !!
                بدأت الحمرة تسري بجسدها وتطبع بقعها الكثيرة على أنحاء جسدها نهاية بوجنتيها.
                تركت شعرها بنعومته ، وبثرثرة طويلة لاتمل منها حدثت نفسها " أحط ماسكرا بدون كحل عشان يحسب أنه هذي رموشي طبيعية " و تذكرت حديث هيفاء لها في في الصباح الباكر " أصحي قبله وحطي من هالروج *تشير لها للون يشبه الشفاه الطبيعية* وطبعا حطي كونسلر عشان أكيد بتكون عيونك تعبانة وإذا ودك بزيادة حطي كحل خفيف وأرجعي سوي نفسك نايمة عشان لا صحى يقول ماشاء الله جمال طبيعي ، في وقت اخر ضحكت نجلاء : يممه على الأفكار ! كل هذا يطلع منك ! لاتصدقينها ريوم أنت منتي محتاجة وبشرتك حلوة ، أندفعت هيفاء : لا ماعليك زيادة الخير خيريين وبعدين عشان يقول عيونها كحيلة ههههههههه ، نجلاء : تراها بتمصخرك قدامه تخيلي ينتبه أنه مكياج والله عيب يقول هذي تنام بمكياج ماعندها ثقة بجمالها "
                أبتسمت لذكراهم ، رغم ربكة الفرح في قلبها الا أنها بدأت بإشتياقها لهم ، هذه أول ليلة لها كيف ستمر ، يالله كن معي.
                لم تجد جلال الصلاة ، فتحت الدولاب المرتبة بها ملابسها لتفتح الطرف الاخر المعلق بها عباءاتها ، أخذت عباءة و صلت ركعتين تطمئن ربكتها.
                أتجهت للباب وفتحته و جلست على السرير ، مرت ساعة بكامل ثوانيها ، لم تعد تعرف ماذا تفعل ! تنام قبله ؟ أم تنتظره ؟ أم . . ؟
                كانت تحتاج لدروس مكثفة من نجلاء و هيفاء إن حصل لها مثل هذه الأشياء الضيقة ، كانت تفكر بأشياء بعيدة كل البعد من أن يتركها في أول ليلة ، إلى أين ذهب بالضبط ؟ أستغرق وقتا طويلا ولا ترى من هذا المكان سوى بشته الأسود المطوي بترتيب على الأريكة ، ربما هذا أمر عادي ! من الممكن أن يكون مرتبك ، طبيعي أن يكون مرتبك لكن لم أسمع بشخص يترك عروسه في أول ليلة.
                تنهدت بضيق ودمعة تسيل بهدوء على خدها لتهمس لنفسها " صدق أني سخيفة أبكي على وش !! " هذا شيء عادي يا أنا ، شيء طبيعي أن يرتبك ! و الأكيد أنه بالصباح ستجده بجوارها.

                ،

                كررت إتصالها كثيرا حتى أجابتها بصوت ناعس ، بغضب كبير : وينك فيه ؟
                العنود : عند أبوي !
                حصة بعصبية : وأنا جدار وراك !! ليه ماقلتي لي ؟
                العنود بضيق : يمه الله يخليك بنام ماني ناقصة
                حصة : يعني تبين تمشين اللي براسك ؟
                العنود بهدوء أستعدلت في سريرها : أبوي موافق
                حصة بغضب : تنسين ماجد واللي جابوه !! فاهمة ! لايكون تبين تكسرين كلمتي ؟
                العنود : يمه أنت رافضة بدون سبب واضح ! أبوه مطلق أمه وش دخلني فيه ! أنا لي دخل من ماجد ! وماجد كل الصفات اللي أبيها فيه وهو يبيني ويحبني !
                حصة : أنا أعرف كيف أتصرف معك .. وأغلقته في وجهها.
                تنهدت بغضب ، هذه الإبنة تريد كسر حتى العادات و التقاليد ، منذ متى تتمرد الأنثى على العادات وتتزوج من هو لا صلة لنا به ؟ لا أحد سينقذ الموقف سوى سلطان.

                ،

                في خطوات خافتة سريعة نزعت فستانها لترتدي بيجامتها البيضاء ، من السخرية أنها منذ أن تزوجت لم ترتدي قميص نوم ينطق للجميع بأنها عروس و " الجميع " كلمة شقية مبنية على الجرح تعود إلى " سلطان " الذي يأتي في حياتي ك إسم مبني على الألم في محل مبتدأ سرق الخبر ولم يعتقه لأجل غير معروف.
                ألتفتت للباب الذي يفتح معلنا حضوره بعد أن صعد للأعلى ، لغرفتها الخاوية أو ربما مكتبته ، لا يهم أي ظن سأظنه فسعاد التي لا أعرف عنها شيء هي أسفل التراب و من العبث أن أغار من ميتة.
                سلطان بعينه الحادة التي تثير القلق بلا حتى أسباب : منتظرة احد غيري مثلا !
                الجوهرة أنتبهت لوقوفها وعيناها التي تتأمله ، شتت أنظارها بتوتر : عن إذنك ... مرت بجانبه لتخرج ولكن أوقفته يداه : خير على وين ؟
                الجوهرة بإختناق : مو جايني نوم بنزل تحت
                سلطان شد على شفتيه : لأ
                الجوهرة أتسعت محاجرها بلا فهم لتصرفه
                سلطان : يالله نامي
                الجوهرة بقهر : ماني بزر تنومني وأنا ماأبي أنام
                سلطان بحدة : قلت نامي !!
                الجوهرة بضيق جلست على الكنبة لتتكتف : ماأبي أنام
                سلطان عاد للباب ليقفله ويضع المفتاح في جيبه و يستلقي على السرير.
                الجوهرة أنتظرت ثواني طويلة حتى نطقت وهي تعلم بأنه لم ينام بعد : سلطان !! .. طيب أبي أنزل أشرب مويا .. أدري أنك صاحي ...
                بقهر أردفت : تدري أني بكلم أبوي ومع ذلك تبي تمنعني !! .. طيب أبي جوالي ناسيته تحت ...
                سلطان وهو مغمض عيناه : ولا حرف زيادة ! وراي شغل بكرا لاتسهريني
                الجوهرة تأفأفت كثيرا حتى أردفت و تشعر بإنتصار عظيم لثقتها التي بدأت تكبر بعد 7 سنوات قضتها بهشاشة عميقة : أبي جوالي
                سلطان فتح عينه وبغضب : حنيتي للمراهقة على هالزن والحن !!
                الجوهرة ببرود : أبي جوالي مالك حق تمنعني أني أكلم أبوي ! لو رجع الشرقية بخليك انت بنفسك توديني
                سلطان رفع حاجبه : ماشاء الله تبارك الرحمن صرتي تهددين بعد !
                الجوهرة عقدت حاجبيها : ليه وش ناقصني عشان ماأهدد ؟
                سلطان بدهشة من تصرفاتها الغريبة عليه وهو الذي تعود منها الصمت ولا شيء غير الهدوء المريب.
                أردف بنبرة وعيد : طيب يالجوهرة
                سلطان أعطاها ظهره ليغمض عينيه متجاهلا ، الجوهرة المرتدية رداء الثقة العظيمة إلا أن كل خلية بها ترتجف ، خافت أن يقف ويأتيها ومن ثم يدفنها في مكانها بسبب " مراددها " له.
                مرت 10 دقائق طويلة و مازالت الجوهرة تتأمل هدوئه ، أتجهت للطرف الاخر من السرير وهي تنتظر أن تسمع إنتظام أنفاسه حتى تتسلل وتأخذ المفتاح ، تخشى أن يذهب والدها في الصباح الباكر دونها.
                تمر الثانية تلو الدقيقة العريضة و ساعات الفجر ترن ، بعد طول إنتظار أقتربت منه وقلبها يتسارع في نبضها ومن شدة نبضها تشعر أن قلبها الان له صوت رنين يسمع على بعد أمتار ، لاتخبىء خوفها منه أبدا مهما تظاهرت بعكس ذلك ، لامست أطراف أصابعها طرف جيب بنطاله القطني ، أدخلت يدها وبلحظة خاطفة شد على يدها لتذعر بشهقة ، لوى ذراعها خلف ظهرها ليهمس في إذنها : لا تجربين تلعبين معاي ... شدها ناحيته ليلصق ظهرها في صدره و ذراعه تحيط يديها ، قربه هذا أربكها وأنساها ألم ذراعها ، لم تستطع الحركة أبدا وهو مثبت ذراعيها على بطنها و قلبه يجاور ظهرها الضعيف بالنسبة له.
                تشعر بأنفاسه وهي تخترق شعرها ، تألمت من التجمد بجانبه و تألمت من تمددها الموازي لجسده لتردف بضيق : توجعني والله
                و كأنه لا يسمع شيئا رغم أن عيناه مغلقة إلا أن الإبتسامة تزين ثغره.
                الجوهرة : خلاص اسفة ، بس إيدي عورتني ... *حاولت أن تتحرك ولكن ذراع سلطان في هذه اللحظات كالجدار الصلب*
                أردفت : لازم أكلم أبوي ،
                سلطان بهدوء : يا مزعجة أسكتي
                الجوهرة تفكيرها أتجه لحركة من الممكن أن تجعل والدها يصلي عليها اليوم ، خافت أن تطبقها مع سلطان و تخسر حياتها.
                سلطان بعد هدوئها أرخى ذراعه ليفكر جديا بأن ينام ولا يسهر أكثر بعد يوم متعب.
                الجوهرة بمجرد ماحاولت الحركة عاد وشد عليها.
                الجوهرة أغمضت عينها خوفا وعضت كفه بكل ما أوتيت من قوة.
                سلطان أبعد يده لتبتعد الجوهرة عن السرير و تتجمد في اخر زاوية بالغرفة.
                عقد حاجبيه من اثار فكها على يده حتى تجرحت ، لم يتوقع هذه الشراسة منها. رفع عينه الغاضبة عليها : بالله ؟
                الجوهرة برجاء : أفتح لي الباب !! ماراح يجيني نوم وأنا ماكلمت أبوي
                سلطان بغضب كبير : تحسبيني أختك ولا أخوك تمزحين معي !!
                الجوهرة بإندفاع : ما مزحت ! بس أوجعتني و ماتبيني أكلم أبوي ! يعني تفكر أنك تمنعني بهالطريقة ، أنا متأكدة أنه أبوي راح يتصل عليك لو ماأتصلت عليه.
                سلطان بحدة : تعالي ولا والله إن قمت عليك لا أخليك تصبحين على أبوك بدري
                الجوهرة بربكة شتت أنظارها دون أن تأتيه.
                سلطان : الجوههرررة !!
                الجوهرة بحزن : يعني ليه ؟ يعني تدري أنه ماهو برضاي وإلى الان تعذبني !!! طيب أنا ماأقولك أقبلني .. خلاص أعتقني واللي شرع الزواج شرع الطلاق ! أنت رجال وأتفهم غيرتك وعدم رضاك أنك ترتبط بوحدة م ....خنقتها عبرتها لتصمت وتخفض نظرها وتردف بوجع : ضربتني وحرقتني وطلعت كل حرتك فيني !! ماكفاك ؟ خلاص أنت ما تقدر تعيش مع وحدة على قولتك ضيعت شرفها !! طيب حتى أنا ما أقدر أعيش مع شخص ما ترك لي مكان إلا و علم عليه بضربه ! .. ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا ايات الله هزوا .... وأظن أنك ماقصرت بضري
                تعرف كيف تلوي ذراعي بالقران وبحديث الله ، تعرف جيدا هذه البريئة كيف توجع قلبي بايات الله و بكل لؤم تدرك أنني لن أستطيع الرد عليها.
                الجوهرة : ماني رخيصة لك ! أنا وراي أهل وناس ، لاتحسبني مقطوعة يوم أنك تضربني كذا !! مهما كانت مكانتك في قلب أبوي إلا أني بنته ، ولو أبي كان قلت له أنه تركي عندك ! بس عشان تعرف أنه هالإنسان مايهمني و أنه كذاب ! بس أنت ماتبغى تصدق !!!
                و بمحاولة أن تنتصر لروحها : طلقني وصدقني ماراح تنزل عليك دمعة ، بقبل في غيرك و بيجي يوم تعرف أنه إسمي صار أم فلان .... و بعيش ! لأني أثق في الله. ماني غبية يوم أكون غلطانة وأعترف ! ماني غبية أبد عشان أفضح نفسي ! أنا كنت أبي أصارحك عشان أعيش بس عرفت أني مقدر أعيش معك
                و أتى حديثها القوي لاذع حاد مقهور ذو أشواك على صدر سلطان.
                وقف ليدخل كفيه بجيوبه : و أنا وش أستفيد ؟ أيامي اللي ضاعت معك مين يرجعها لي ؟
                الجوهرة سقط دمعها : وأنا ؟ طيب !!! أنا اللي جلست 7 سنين مقهورة ساكتة مقدرت أحكي بحرف !! مين يرجع لي سنين عمري !!!!!! مستخسر تعطيني عمري الثاني !! مستخسر تخليني أعيش ، تبي تستعبدني في حياتك و تقهرني في اللي بقى من عمري !
                سلطان ببرود : ماهو ذنبي
                الجوهرة وهذه القسوة تشطر قلبها : بيكون ذنبك إذا حرمتني من هالحياة !!
                سلطان : ماحرمتك من الحياة ! أنت الغلطانة في كل هذا !!! لو قلت لأمك في وقتها وش ممكن يصير ؟ لو قلت لأبوك !! لو وقفتيه عند حده ! مهما صار كان ممكن تدافعين عن نفسك أكثر
                الجوهرة بغضب : أنا توني جمبك مقدرت أبعد عنك وأنت بس حاط يدك علي وهو ... لم تستطع أن تكمل لتردف : حرام عليك !! ليه ظنك سيء فيني ؟ ما جربت شعوري وأنا خايفة من كل شيء حتى دراستي اللي حلمت أكمل فيها الماستر وقفتها .. كل شي ء ضاع مني و تبي تضيع علي اللي بقى !!! ماراح أسمح لك .. إن ماطلقتني اليوم بيجي يوم وتطلقني وبرغبة منك .. لأنك بالنهاية زي غيرك في هالمجتمع ! تعرف وش يعني زي غيرك ! يعني يقدس العيب أكثر من الحرام !! أنا مالي علاقة فيك لكن يوم القيامة الله بيحكم بيننا وبتعرف عيب المجتمع اللي جالس يحكم في عقلك
                سلطان بغضب أكبر : برافو والله !! صرتي تعطيني محاضرات ! تبيني اخذك بالأحضان عقب هالقرف اللي جبتيه لي !!
                الجوهرة و دموعها تتناثر : لا ماأبيك تاخذني بالأحضان أبيك ترمي علي الطلاق وكلن في طريقه لا أنت مستعد تعيش معي ولا أنا ! ليه تبي تقهرني !! ليه تبي تشوهني أكثر عشان تمنعني من غيرك !
                سلطان بسخرية غاضبة : أشوهك أكثر ! ليه أنت الحين منتي مشوهة !!!! إذا أنت ماخذة الشرف عيب ونظرة مجتمع أنا ماخذه حرام *نطق كلمته الأخيرة بحدة*
                الجوهرة جلست على الأرض لتدخل كفيها بين فخذيها وتبكي بحرقة كبيرة من تجريحه لها ، من الحزن الذي لن ينسلخ عنها أبدا ، من القهر الذي لا يريد أن يفارقها ، من المحاولات التي تريد أن تبدأها وتنتهي بشهقة ، من كل الأشياء الذابلة في حياتها ولا تريد أن تظللها لمرة واحدة ، تبكي من سلطان.
                سلطان وكأنه أنفجر هو الاخر : لا تفكرين للحظة أنه هدوئي يعني رضاي !! عمري ماراح أرضى فيك يالجوهرة !!!!!!!!
                رفعت عينها وبصوت موجوع : ما قلت لك أرضى فيني ! أتركني لاتحسب أنك بتكسر أحلامي بطلاقي !! عمرك ما كنت حلم عشان ينكسر !!
                سلطان وهذه الكلمات الجارحة كأنها زيت على نار ، أقترب بخطواته : لا تحاولين تمثلين القوة !! معاي أنا بالذات لاتحاولين ...... وعاد للسرير ليتجاهلها بقسوة راميا : تصبحين على خير يا انسة
                الجوهرة رغم محاولاتها البائسة في كتم أنينها إلا أنه خرج بقهر كبير ، سلطان الذي هرب النوم منه أغمض عيناه وكأنه يجبر نفسه على شيء لن يأتي أبدا في ليلة كهذه.

                ،

                صباح مبتهج لا ذنب لسماء الرياض في شيء سوى سخط سكانها الغاضبون في مثل يوم كهذا ، لا ذنب للرياض من الحزانى و العاشقين ، إن المدينة بريئة من الدماء البيضاء التي تهطل من جميلاتها ، إنها بريئة من كل هذا. لأنها الشماعة التي علق عليها عيوب الحب و ثغراته. يا الرياض معاذ الله أن أطلب منك الفرح و من خلقني يحكمك ، إني أطلب من الله أن يبلل سماءك حتى أحبك كما ينبغي.
                منذ ساعة و هي جالسة على الأريكة ذات الشكل الدائري ولا يفصلها عن نافذتها التي تخترق منها أشعة الشمس إلا خطوات قليلة ، شعرها متناثر ويبدو أنه متعب من تعبها ، تنظر لسماء الرياض الجافة وقلبها يذبل بمرور عقرب الثواني التي يشطرها ستون مرة في الدقيقة.
                لو أعرف من أنت يا مجهولي ؟ لو أعرف فقط إسمك الأول لأناديك به. لم كل هذه القساوة ؟ أريد أن أعرف لم الجميع يتواطأ معك علي ؟ لم الجميع يستفز قهري و يغيضني ؟ رتيل رغم أنها لا تريده في مثل هذا الوقت الا أنها تحبه وتزوجت ممن تحب مهما كانت الطرق الوضيعة التي توجت هذا الزواج ! المهم أنها تزوجت منه و أبي رغم كل شيء تزوج من ضي الذي يحبها و أنا أعرف أنه يحبها ! أعرف كيف نظراته تختلف عندما يراها مهما حاول أن يظهر بعكس ذلك. و أنا ؟
                من بينهم جميعا لم أجد طريقا للسعادة/للحياة. من بينهم جميعا أنا الخائبة الخاسرة في كل هذا. و يسألوني لم أفعل كل هذا ؟ أهذه حياة التي أعيشها ؟ أهذه حياة حتى أبتسم لهم في وقت الجميع به سعيد أو حتى نصف سعيد ! ولكن أنا ؟ حزينة من أطراف أصابعي حتى جذور شعري ، أيوجد أكثر من ذلك سواد ؟ رحمتك يالله إني أحتاج الحب كحاجتي للماء.
                وجهها الأبيض المأسور بفارس مجهول يذبل حتى تسقيه دموعها الشفافة. و يا عمري إني منك مفلسة.


                تعليق

                • *مزون شمر*
                  عضو مؤسس
                  • Nov 2006
                  • 18994

                  رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                  ،

                  في جهة أخرى نزلت رتيل بوجه شاحب يطل عليه بقايا الكحل الأسود من شرفة عينيها ، نظرت لأفنان المنشغلة بالمجلة : صباح الخير
                  أفنان رفعت عينها : صباح النور
                  رتيل : محد صحى ؟
                  أفنان : شكلهم كلهم تعبانيين حتى عمي ماشفته راح للدوام
                  رتيل : ولا ضي ؟
                  أفنان : حتى ضي
                  رتيل تنهدت وجلست بمقابلها لتسكب لها كوب شاي ، أفنان : ترى بشرتك بتتعب إذا قمتي تنامين في المكياج !
                  رتيل بعدم إهتمام : تعيجزت أمسحه أمس
                  بعد صمت لثواني طويلة أردفت أفنان بحماس : رتول بقولك شي
                  رتيل : وشو
                  أفنان : بصراحة سويت شي شنيع في باريس
                  رتيل بإبتسامة : وش الشي الشنيع ؟
                  أفنان : بنص الدورة قالوا لنا بتروحون " كان " المهم كانت معاي ضي وقالت لي أنه زوجها جاء اللي هو عمي وأنها بتجلس معه ، عاد أنا رحت بالقطار بروحي
                  رتيل : إيه
                  أفنان : المهم مالقيت مكان الا جمب واحد
                  رتيل بضحكة : والله من العوابة !! قطار وش كبره مالقيتي الا جمبه
                  أفنان بحزن فعلي : والله العظيم مالقيت الا جمب نواف
                  رتيل صخبت بضحكتها : وبعد إسمه نواف ! أمداك تتعرفين عليه
                  أفنان تنهدت : رتيل لا تتطنزين جد أتكلم
                  رتيل : طيب كملي
                  أفنان : المهم ما حصل بيننا حكي يعني بس سألني إذا متضايقة أني جالسة قدامه ويعني كلام عادي وسطحي حيل ، يوم وصلنا أكتشفت أنه إستاذ ومحاضر يعني إستاذي ، المهم يعني صار يصبح علي وكذا يعني مجرد كلام رسمي ما صار شي أوفر والله
                  رتيل بإستهبال دندنت موسيقى حزينة بصوتها : يصبح عليك
                  أفنان بعصبية : الشرهة علي أقولك
                  رتيل : ههههههههههههههه خلاص كملي وش صار بعدها
                  أفنان : المهم جتنا دعوة العيد أنا و سمية طبعا سمية تعرفت عليها ب كان ، ورحنا وكانت فيه مشروبات كحولية وإحنا ماندري ! عاد شافنا وتخيلي عصب وهزأني .. إلا مصخرني بحكيه وطبعا أنقهرت ورديت عليه ، المهم بعد كم يوم كنت في لادوريه أفطر وشافني وجاني قام يعتذر
                  رتيل بإنفعال : طبعا ماراح تقبلين إعتذاره ياكل تراب !! خير إن شاء الله يهزأك مين هو أبوك ولا أمك ! يعني خلاص كل السعوديين أخوانك وأولياء أمرك في السفر .. خليه يولي بس أجل يهزأك وأنت ماتدرين
                  أفنان : كل هذا يهون قدام الصواريخ اللي قلتها
                  رتيل أتسعت محاجرها : وش قلتي ؟
                  أفنان : أتصلت عليه زوجته وهو يكلمني ، وأنقهرت يعني مدري كذا أنصدمت ماتوقعته متزوج ! قمت وقلت له أنه زواجي بعد فترة
                  رتيل : ههههههههههههههههههههههههههههههههه لا تطيح السما علينا
                  أفنان بقهر شديد : والله أني كلبة مدري ليه كذبت مع أني ماكان قصدي أكذب يعني تعرفين لما تقولين شي لا إرادي
                  رتيل : بالله وش رد عليك
                  أفنان : عادي قال الله يوفقك !! كذبت كثير حتى من قوة الكذبات أول مارجعت كتبتها بمفكرة في جوالي عشان ماأنسى
                  رتيل بسخرية : عيب عليك ! تكذبين !!! أفا بس أفا
                  أفنان بضيق : يالله والله أني ندمانة لا تزيدينها علي
                  رتيل : الحين لما بترجعين وتكملين دورتك المعفنة ذي بيكون موجود
                  أفنان : مدري بس أتوقع ! أصلا خلاص ما بقى الا أقل من شهر يعني بتمر بسرعة بس ماأبغى أشوفه أحس بيكشفني ! أحس كأنه مكتوب على جبيني تراني كذابة
                  رتيل بجدية : يعني ماأشوف سبب يخليك تكذبين ! إلا اذا كان يهم
                  قاطعتها أفنان بإندفاع : طبعا لأ ، أقولك ماأعرف عنه الا إسمه يعني وش بيهمني فيه
                  رتيل بعد صمت لثواني : طيب تجاهلي الموضوع ! بعدين وش بينك وبينه عشان يجلس معك وتكذبين عليه !!
                  أفنان : يعني وش أقوله ؟ أنقلع !! يعني أنحرجت وهو جلس !
                  رتيل بصوت ساخر : سدا لباب الفتنة
                  أفنان تنهدت :يا شينك بس

                  ،

                  أنتظر منه رسالة تخبره عن موعد يجمعهم ، طال إنتظاره وهو ينزل للأسفل و ريف الصغيرة تلعب عند عتبات الدرج ، أبتسم : ريووف
                  رفعت عينها وهي ترمش ببراءة ، ضحك ليحملها بين ذراعيه : يا كبر حظه من بياخذك
                  ضحكت من خلفه والدته : الله يطول بعمرك وتزفها على رجلها
                  أبتسم فيصل : عاد هالزين ما تاخذ أي واحد !
                  والدته بإبتسامة نقية : طيب أجلس أبيك بموضوع
                  فيصل جلس ليلاعب ريف بيديه : سمي
                  والدته : سم الله عدوك ، للحين تبي العرس ؟
                  فيصل صخب بضحكته ليستفز والدته :لأ
                  والدته برجاء : يالله عاد فيصل
                  فيصل أبتسم : مين شفتي بعرسهم ؟
                  والدته : ماشاء الله عرسهم يهبل ويجنن حتى العروس ...
                  قاطعها فيصل : مايجوز يمه توصفينها
                  والدته : طيب طيب لاتاكلني .. المهم شفت لك ثنتين وأنت أختار
                  فيصل بإبتسامة : ومين هالثنتين ؟
                  والدته : بنت عبدالرحمن ال متعب .. الكبيرة إسمها عبير والثانية أخت منصور الصغيرة هيفاء
                  فيصل تنهد : لا يمه ماأبي اتزوج منهم
                  والدته : وليه إن شاء الله ؟ بالعكس ناس نعرفهم ونعرف أصلهم وأخلاقهم
                  فيصل بهدوء : يمه الله يخليك خلاص سكري على الموضوع ! إذا تبين تخطبين لي دوري لي من الناس البعيدة
                  والدته : عشان اللي صار ؟
                  فيصل ألتزم الصمت وهو عاقد حاجبيه
                  والدته : طيب خلاص ماتبي من عبدالرحمن ال متعب رضينا ! لكن الحين علاقتك كويسة مع بو منصور وأهله
                  فيصل مازال ملتزم الصمت لا يروق له هذا الحديث أبدا
                  والدته : طيب أنا أحس هيفاء تصلح لك وذكية ماشاء الله وأحسها هادية وجدية نفسك .. كل الصفات اللي تبيها
                  فيصل بسخرية : فرضا أنصدمت فيها وطلعت غبية خبلة هبلة
                  والدته بعصبية : فيصل لا تتكلم عن بنات الناس كذا !! بسم الله على قلبك يا مخ نيوتن يوم تبي وحدة ذكية
                  فيصل أبتسم : طيب غبي وغبية ماينفع أبيها ذكية عشان تعقلني
                  والدته : تتمصخر على كلامي ؟
                  فيصل : يا فديت روحك ماعاش من يتمصخر بس قلت لك ماأبي اخذ من الناس القريبة دوري لي أحد بعيد ولا خليني كذا مرتاح
                  أنتبه لهاتفه الذي يهتز ، فتحه وإذ هي الرسالة المنتظرة " صباح الخير فيصل ، وش رايك نلتقي الساعة 4 في ... ؟ "

                  ،

                  رجعت من موعدها الثقيل على نفسها ، رجعت وهي تشعر بالضعف أكثر بعد أن أوصتها الدكتورة بالعناية أكثر وإلا ستخسر هذا الطفل بإهمالها الشديد لصحتها.
                  و مازال لا يحادثها ، مالذي غيره بهذه الصورة الرهيبة ، كانت أحاديثنا الأخيرة ودية ماذا حصل حتى يتغير هكذا ؟
                  أنتبهت ل غالية الجالسة وتتأملها ، رفعت حاجبها : مضيعة شي بوجهي ؟
                  غالية بإبتسامة : لا بس أشوفك متضايقة عسى ما شر ؟
                  مهرة : ماني متضايقة ولا شي .. بس أفكر
                  غالية مددت بكلماتها دلعا : اها تفكرين !
                  مهرة تنهدت بضيق منها لتجلس وهي تنزع طرحتها من شعرها : يقولك من راقب الناس مات هما
                  غالية نفثت على صدرها : الحمدلله خالية من الهم
                  مهرة أخرجت هاتفها لتردف : وين أمي ؟
                  غالية : وش يدريني ! لايكون الشغالة اللي تحرسها
                  مهرة كشرت و نظرت لاخر دخول ليوسف في الواتس اب كان فجرا. أرسلت له صورة لرحمها غير واضحة تماما ألتقطتها وهي بالسيارة من الصورة الأصلية التي أخذتها من الدكتورة ، كتبت تحتها " إذا كان يهمك أمري "
                  في وقت اخر كانت النقاشات تدور حول الزفاف و ماحصل به و حماس هيفاء بوصف ماحدث طوال ما كانت ريم في القاعة.
                  هيفاء : بس قهرر والله كنت أبيكم تدخلون
                  يوسف : ريان ما بغى ومقدرت بعد أجبره بس الله يهنيهم يارب
                  فتح هاتفه ليفتح محادثة مهرة و ينظر للصورة ، أنقبض قلبه بل أرتجف من أن جنينا ينمو في أحشائها ، من أن روحا تعيش في رحمها منه ، مني أنا ؟ كل هذا يعني أنني قريبا سأصبح أبا ! يالله كم أنت رحيم بعبادك وكم أنت كريما على عبادك ، عيناه كانت تحكي أصول اللهفة حتى جذب غيره له ، نطقت والدته : وش فيك يوسف ؟
                  يوسف و إبتسامة ضيقة تزين شفاهه : لا ولا شيء .. وأبتعد صاعدا لغرفته ، أتصل عليها مرة و إثنتين ولكن لم ترد.
                  كتبت له " ماني لعبة لمزاجك "
                  يوسف تنهد ليكتب لها و تبدأ حرب بالكلام " علمي نفسك هالحكي ماهو أنا "
                  مهرة بقهر " الحين طلعت أنا الغلطانة ؟ تدري الشرهة علي ماهو عليك "
                  يوسف " إيه طبيعي الشرهة عليك لأنك غلطانة وحتى ماودك تعترفين "
                  مهرة " أنا ماأدري وش اللي قلبك بس أنا الغبية اللي فضفضت لك وأنت ماتستاهل !! منت بعيد عن ظنوني "
                  يوسف بإستفزاز كتب لها " أكيد ماني بعيد عن ظنونك الحسنة "
                  مهرة بغضب و مزاج الحامل لا يستفز " حقييير "
                  يوسف صعق من كلمتها الوقحة بحقه وكأنه أصغر أبناءها وليس زوجها " قد هالكلمة ؟ "
                  مهرة خرجت من الصالة لتصعد لغرفتها وتغلق عليها الباب و بدمعها كتبت " إيه قدها "
                  يوسف لم يرد عليها و أخذ مفتاح سيارته لينزل للأسفل ويرمي حديث على عائلته الجالسة دون أن يقف لهم : أنا رايح حايل ....

                  ،

                  " ياعاقد الحاجبين على الجبين اللجين إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين " هذا ما قاله الأخطل الصغير و هذا ما ردده قلب الجوهرة. جالسة بجانب العمة حصة ، كانت أحاديثهم هادئة تميل لمزاجية الجوهرة في يوم تعيس مثل هذا لا يرد عليها والدها أو ربما لم ينتبه لهاتفه.
                  نزل المتأخر في نومه بعقدة حاجبيه ، حصة : طيب قول صباح الخير
                  سلطان دون أن ينظر للجوهرة : صباح الخير
                  حصة : وش فيك معصب ؟ أجل دام كذا بأجل موضوعي
                  سلطان جلس بجانبها : وش موضوعك ؟
                  حصة : ماراح تداوم اليوم ؟
                  سلطان : نسيتي ؟ إجازة !
                  حصة بهدوء سكبت له من القهوة : صحصح وبعدين أقولك
                  سلطان أخذ الكوب ملتزما الصمت وبعد ثواني طويلة أردف : العنود وينها ؟ صار لي يومين ماشفتها !
                  حصة : عند أبوها
                  سلطان بسخرية : والنعم والله
                  حصة بحدة : سلطان !!
                  سلطان تنهد ليعود لصمته ، وسط سكينة الجوهرة و تأملاتها . . تهتم بالجميع وتبخل علي ؟ تهتم بأن تداري خواطرهم وتنسى خاطري في جيبك ؟ كأنك واثق من رضاي.
                  رن هاتف الجوهرة ليعلن عن ضوضاء عين سلطان. كان الهاتف على الطاولة ، وقفت لتتجه إليه أمام سلطان ، ردت على والدها : هلا يبه ..... وخرجت من الصالة.
                  حصة : بترجع الشرقية ؟
                  سلطان بحدة : مدري
                  حصة : كيف ماتدري !! يعني متى تتحركون وتحلون خلافاتكم ! ماصارت كل ماقلنا تعدلت رحتوا تخانقتوا من جديد !!
                  سلطان بخفوت : عمرها ماراح تتعدل
                  حصة : يعني أرجع وأقولك الكلام نفسه ؟ إلى متى !! أنتهينا من سعاد الله يرحمها ورجعنا لنفس الموضوع من جديد ! زواجك من سعاد كان شيء إستثنائي لاتحكم على كل زواجاتك من هالأساس !
                  سلطان : وش دخل سعاد الحين !! حصة تراك فاهمة الموضوع غلط
                  حصة : لا ماني فاهمة غلط !! أنت اللي مدري من وين جايك الهبال على اخر عمرك ! تذكر وش قلت لك عن سعاد ؟ كل شيء سوه بحجة تأنيب ضمير الا الزواج ! الزواج ماينفع يكون أساسه شفقة
                  سلطان بغضب : ومتى كان زواجي من سعاد شفقة ؟
                  حصة بحدة : إلا زواجك منها شفقة ولو تحلف قدامي ماني مصدقتك ! ولا تحسب أنك محتفظ بغرفتها يعني مصدقتك انك ميت فيها !! طول عمرك ماكنت تشوفها أكثر من أخت و حتى هي الله يرحمها ماكانت تشوفك زوج !
                  سلطان رمى الكوب ليتناثر زجاجه ويقف غاضبا ومزاجه لايبشر بالخير : يا سلام !!! هالحين حكمتي على كل شي بمزاجك !! وكأنك تعرفين كل شي وفاهمة فيه ! ولا بنتك عرفت كيف تغير موقفك من سعاد
                  حصة : العنود مالها دخل بس كانت صادقة في هالموضوع ! وما ألومها أنها تنقهر تبقى صديقتها
                  سلطان بغضب كبير : مين صديقتها ؟ بنتك لو فيها خير كانت زارتها بالمستشفى يوم مرضت بس ونعم الصداقة اللي تعرفها بنتك ! بس شاطرة تطول لسانها وتحكي لي فيلسوف زمانها وش لازم يصير ووش اللي ماهو لازم يصير ! شوفي حصة للمرة المليون أقولها لك موضوع سعاد ماينفتح في هالبيت !!
                  في جهة أخرى كانت تسمع لكل حرف بعد أن أغلقته من والدها ، أتجهت لهم لتقف من خلف سلطان.
                  حصة ولم تنتبه للجوهرة التي بجانب الباب ، أردفت والغضب يشتد بينهما : إلا بينفتح لين تسكره من حياتك وماتخليه يأثر عليك بحياتك مع الجوهرة !! ليه ماتعطي نفسك حقها ! حرام عليك اللي تسويه بنفسك !! فيه أحد يشوف وش اللي يضايقه ويسويه !!!!! وين بتلقى أحسن من الجوهرة ؟ ليه تخلي مشاكل بسيطة تنهي علاقتك بالشخص ! قولي إلى متى يعني ؟ تبي تقطع نسلك و تقهرني فيك ! يكفي يا سلطان ماعاد صارت حياة هذي !!!! الشغل اللي معطيه كل عمرك ماراح يشيلك والشيب يكسيك ! ماراح يداريك بليل و ماراح يوقف معك بمرضك !!
                  سلطان بهدوء : حصة الله يرضى لي عليك أنا أعرف مصلحتي ومعطي نفسي حقها ، و *بقسوة أردف* و نفسي عزيزة علي ماألطخها بأحد
                  من خلفه أرتجف قلبها ، أأصبحت أنا " قذارة " حتى ألطخك ؟ يا قسوتك حتى بحديثك يا سلطاني.
                  حصة أنتبهت للجوهرة و شتت أنظارها ملتزمة الصمت.
                  سلطان ألتفت لينظر إليها ، هذه المرة لم تخجل بأن تضع عينها بعينه ، ربما وجود حصة يعطيها بعض الأمان ، بحدة عينه لم تخاف أن ترمي عيناها بشرر العتب الذي سيفكر به سلطان طوال يومه ، أثق بأنك ستفكر ب سر هذه النظرات يا إبن بدر !
                  فاجئها بصوت خافت : تعالي فوق

                  .
                  .

                  أنتهى البارت

                  تعليق

                  • *مزون شمر*
                    عضو مؤسس
                    • Nov 2006
                    • 18994

                    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                    ياعاقد الحاجبين
                    على الجبين اللجين
                    إن كنت تقصد قتلي
                    قتلتني مرتين
                    ماذا يريبك مني
                    وماهممت بشين
                    أصفرة في جبيني
                    أم رعشة في اليدين
                    تمر قفز غزال
                    بين الرصيف وبيني
                    وما نصبت شباكي
                    ولا أذنت لعيني
                    تبدو كأن لاتراني
                    وملء عينك عيني
                    ومثل فعلك فعلي
                    ويلي من الأحمقين
                    مولاي لم تبق مني
                    حيا سوى رمقين
                    صبرت حتى براني
                    وجدي وقرب حيني
                    ستحرم الشعر مني
                    وليس هذا بهين
                    أخاف تدعو القوافي
                    عليك في المشرقين

                    * بشارة الخوري





                    رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
                    الجزء ( 50 )




                    أرتبكت لتشتت أنظارها و تبتعد عن الباب ليخرج صاعدا للأعلى ، بعض من الربكة يخففها إتصال والدها ووعده بأن يأتيها عصرا ، صعدت خلفه و هذا الهدوء قاتل لها و قلبي الذي لا أفهمه ولا أفهم ما يمرره على ثغره أظن أنني فهمته ويجب أن أجيب على عاقد الحاجبين بمثل ما قال الأخطل " ماذا يريبك مني وماهممت بشين ، أصفرة في جبيني أم رعشة في اليدين ؟ "
                    دخل سلطان لجناحهم الممتد في الطابق الثاني ، ليخرج تنهيدة لها معاني كثيرة و ربما معاني مروعة.
                    ألتفت عليها : سكري الباب
                    أغلقته بهدوء ، بلعت ريقها لتدافع عن نفسها قبل أن يتهمها : ما يهمني موضوعك مع سعاد !
                    سلطان : وأنا سألتك إذا يهمك ؟
                    شدت على شفتها السفلى ، يريد إحراجها بأي طريقة حتى لو كانت طريقة لا أساس لها !
                    بقهر أجابته : طيب امر وش تبي تسمعني ؟ أنه نفسك العزيزة ما ترضى أحد يلطخها ! ولا سموك ما يتواضع وينزل لي ؟ .. على العموم أبوي على وصول و ساعتها فكر براحتك تطلقني ولا ماتطلقني ! بكلا الحالتين أنا باقية في الدمام ! والباقي يتفاهم معك فيه أبوي ،
                    سلطان رغم البراكين المشتعلة بداخله الا أنه أبتسم ببرود : جايبة هالقوة منين ؟
                    الجوهرة بإندفاع : منك !! ولا نسيت حلالك على وش مربيه !
                    سلطان يعرف بماذا ترمي عليه ، يذكر تلك الليلة التي أتته بأقدامها ليعانقها ويهمس " وحلالي ماأرضى عليه بالغصيبة " ، تريد إذلاله على كلمات قالها في لحظة كان يراها كاملة من كل ناحية : لا مانسيت !! .. بقولك شيء يالجوهرة بس عشان ما تفكرين لحظة أني أخلفت بوعدي لما قلت لك أحسني ظنك فيني بقولك قبل لايروح كل شخص بطريقه !
                    الجوهرة تقطع قلبها قطعا بلفظه الأخير ، تقطع حزنا ، مهما كان أمر الطلاق على الأنثى جرح و جرح عميق ، أرتجفت أهدابها ! كيف يكون على إستعداد تام بأن يشهد على موتي ؟ كيف يكون الرجال بهذه الصورة القاسية ؟ لمرة أنصفوني يا رجال هذا العالم الهزيل ، لمرة واحدة أعطوني حق سلبتموه مني.
                    كيف أقول " ارجوك لا تنطقها " دون أن تسقط كرامتي بالمنتصف ، كيف أقولها يا سلطان !!
                    سلطان بصراحة ملت من أن تسكن جوفه : ما نمت أمس وأنا أفكر فيك .. ماراح أقول أنك ماتهميني ولا بكذب عليك
                    رفعت عينها و دمعة مرتجفة سقطت.
                    يكمل : لو طلبتي الطلاق قبل لا تصاريحني أنا وأبوك ، لو أصريتي بالطلاق كان بتكونين ذكرى حلوة في حياتي ! كنتي بتكونين كذا ليه قلتي لي ؟
                    صدمت من منطقه ، صدمت وجدا من تفكيره ، فكوكها ترتجف وتصطدم بلاحول ولا قوة.
                    سلطان : لو كنت زوجة غيري ! كان بيصبر عليك مثل ما صبرت وأنا أشوفك كل يوم !! كان بيصبر ويمسك نفسه عنك وأنت حلاله ؟ .. محد صدقيني بس بتكون كارثة إن أكتشف بنفسه !! تدرين أني صبور وقادر أصبر عنك . . وش كنت متوقعة مني عقب ما قلتي لي أنا وأبوك ؟ كنت متوقعة أني أرضى ! أنا أحلف بالله أنك متوقعة ردة فعلي بدون أي شي ! وتعرفين أنه النهاية وحدة وهي الطلاق ! ليه قلتي لي من الأساس !!
                    بعصبية لم يسيطر عليها : عشان تقهريني ؟ عشان تخليني أفكر كيف كنت غبي وأنا أصبر وساكت !! ولا تحسبيني بقولك انا والله متفتح وأرحب بأني أسمع ماضي قذر زي هذا ومايهمني الماضي أهم شي عندي الحاضر !! .. مايهمني أنه برضاك ولا ماهو برضاك ! الفكرة الوحدة أني ماني متربي اخذ بقايا أحد ! شفتي أنك غلطانة ومليون بالمية غلطانة أنك قلتي لي ! لكن هذا مايعني أني برضى لأن لو أكتشفت بنفسي والله يالجوهرة وبعزة ربي أحلف لك أني فرغت هاللي تشوفينه براسك *أشار لها لسلاحه المرمي على الطاولة* ، ليتك حفظتي شرف نفسك وطلبتي الطلاق بدون هالمصخرة ! بدون هالحقارة اللي سويتها !! إيه صح أنا أعترف أنك بريئة من قذارة عمك لكن منتي بريئة من قهري !! ولا راح تفهمين وش يعني قهر الرجال !! بس لا تطلبين مني أطلقك في وقت مثل هذا !! لأني مثل ماني متربي على اخذ البقايا بعد ماني متربي أني أكون أطرش بالزفة.
                    الجوهرة بعد صمت طويل أرتبكت به حواسها : ما كنت أبي أخدعك ، صارحتك عشاني كنت بصدق معاك .. ما صارحتك عشان أقهرك ولا كان عندي أمل أنك تاخذني بالأحضان وتقولي مايهمني الماضي يهمني الحاضر ! صارحتك عشان أرضى على نفسي .. ليه تفكيرك بهالسلبية وأنه قصدي أقهرك !!! كيف أقهرك وأنت غالي علي ..
                    أردفت كلمتها الأخيرة بلا وعي ، بلا تفكير ، بلا شيء يوحي أنها تتحدث بعقلها ، من يتكلم الان هو قلبها الضعيف.
                    أكملت بنبرة شارفت على الإنهيار : و الحين صرت بقايا ؟ أنا بقايا ؟ يالله بس بعرف بأي ضمير تتكلم !! مين المقهور فينا ؟ وأنت ترمي تجريحك علي ليل ونهار وأنا مقدر أرد عليك بكلمة لأني عارفة كيف بتكون ردة فعلك !! لأني عارفة لو أفتح فمي بكلمة بتحرقني بكلماتي
                    سلطان بغضب : ماقصرتي بأفعالك !
                    الجوهرة : أي أفعال !! أنت تتكلم عن وهم من عندك !! تبي تذلني ؟ تبي تعيشني عندك عشان أصحى كل يوم وأنا عارفة أنك ماراح تقبل فيني بس تبي تقهرني وتحسب أنك بهالشيء تشفي قهرك وترجع كرامتك !!
                    سلطان بحدة : كرامتي ما طاحت عشان أرجعها !! كرامتي محفوظة وأقطع أيد من يحاول يتعداها
                    الجوهرة بإنكسار : ليه تذبحني ؟
                    سلطان : ما رضيت على حلالي بالغصيبة تتوقعين بأرضى عليه الذبح ؟
                    . . وخرج تاركا الجوهرة في حيرة التناقضات الي يلفظها سلطانها.

                    ،

                    بعد نوم عميق فتحت عيناها على السقف السكري ، ثواني صامتة تستوعب أين هي ؟ ثواني حتى تستوعب أن هذا صباح العروس. ألتفتت يمينا و يسارا ولا أثر لريان ، ربما أستيقظ قبلي ؟ ولكن الجزء الذي بجانبي مرتب ويبدو أن لا أحد أستلقى عليه.
                    تركت وساويس عقلها وأتجهت للحمام ، هي الدقائق الخافتة الصاخبة المتناقضة بكل شيء حتى تتزين ريم بما يليق للعروس.
                    ودت لو أنها تقفز من السرير حتى تبين حجم السعادة التي تعانق قلبها ، تريد أن تعود لطفولتها عندما تتراقص على السرير إن حققت شيء ما ، كل شيء سيء يختفي بمجرد أن تفكر بأنها " عروس " وهذه الكلمة كفيلة بأن تنبت على شفتيها زهرتين و أضعافها. هذه الكلمة تعني جميلة ، فاتنة ، باذخة ، راقصة ، متمايلة ، ثابتة ، متزنة ، متفردة ، إستثنائية ، ... هذه الكلمات معتادة ولكن هذه المرة تأتي على لسان تزهر به الضحكات الحلزونية أي الضحكات الصامتة التي تحمر بها الوجنتين وتبكي بها العين.
                    فتحت هاتفها و أنهالت عليها رسائل الواتس اب. أبتسمت ل " قروب صديقاتها " فتحته و لم يسعفها أن تقرأ كل الكلام لتلتقط عيناها " بنسوي قروب ثاني للمتزوجات ! إحنا العوانس مالنا رب " ضحكت لتخرج من غرفتها وتقع عيناه عليه ، نائم على الأريكة.
                    أول خيبة تتلقاها في حياتها الجديدة ، هل هو يرسل إلي رفضه الغير مباشر لي ؟ وقفت متجمدة من هذا المنظر.
                    قاسي جدا أن تبدأ زواجها بهذه الصورة ، أنتبهت لإستيقاضه ، رفع عينه عليها وببرود : صباح الخير
                    ريم بلعت ريقها لتبتسم : صباح النور
                    وبهدوء مر بجانبها متجها للغرفة. تريد أن تستوعب ما يحدث ؟ يالله يالله أفعلا أنا عروسه حتى يتجاهلني هكذا ؟
                    جلست وهي تراقب خطواته حتى دخل الحمام. دخلت في قوقعة تفكيرها ! " أصلا عادي كل الرجال كذا " لم أتعرف عليه بعد ربما أظن به سوء من أول مرة ربما يقصد شيئ اخر.
                    لا تعرف لم دموعها أتت حارة في محاجرها ، أخذت منديلا لتمسحها قبل أن تسقط ولكن الحمرة التي تدمي عينها من يمسحها ؟
                    دقيقة تلو دقيقة و ريم صامتة تنتظره ، سمعت صوت الإستشوار ، تأكدت أنه أنتهى من إستحمامه ، لاتعرف لم ضاقت و قلبها الذي بحجم الكف بات يضيق حتى أنه تتصوره كحجم أصبعها الان. تذكرت حديث صديقتها بأن أول أيام الزواج لا تفوت وأن هذه الفرحة الحقيقة لأي زواج. ولكن ؟
                    رفعت عينها للريان الخارج كان سيتحدث لولا أنه أنتبه لحمرة عينيها ، جلس على الطاولة التي تقابلها ، أربكها بقربه : ليه تبكين ؟ .... نمت بدون لا أحس هنا
                    أخفضت نظرها ، لا قوة لديها حتى تراه ، هي المرات قليلة التي رأتها به ولكن بهذا القرب تعجز أن ترفع رأسها.
                    ريان بهدوء : ريم طالعيني !!! زعلانة من أيش ؟
                    ريم توترت حتى سقطت دموعها بحديثه لتهمس : ماني زعلانة
                    ريان أبتسم : أجل هالبكي ليه ؟ دلع ؟
                    ريم رفعت عينها وسرعان ماأخفضتها
                    ريان وضع يده على كفها المرتجفة ، لولا إصرار والدته لما حجز لشهر عسلهم : المغرب طيارتنا عندك علم ؟ .... تبينا نروح لأهلك تسلمين عليهم ؟
                    ريم شدت على شفتيها لا تريد أن تبكي ولكن دمعة سقطت على كف ريان.
                    ريان الهادىء على غير العادة ، وبنظرة الشك التي لم يتخلى عنها : تبكين من أيش ؟
                    ريم بلعت ريقها : اسفة مو قصدي بس متوترة شوي
                    ريان ترك يدها ليردف : بطلب الفطور و بعدها بلغيهم أننا بنجيهم

                    ،

                    في عصر باريس المشمس ، غفت عيناه بعد أيام مثقلة بالأرق ، غفت وأخيرا لينام مرتاح البال ، على الأريكة الوثيرة نائما والشباك مفتوح و نسمات البرد تخترق الشقة و لا شيء يغطيه. نائم بوضعية الجنين و سكينة ملامحه تغري للتأمل والرسم وكل الفنون الجميلة مصدرها رجل وسيم و إمرأة فاتنة و لا ننسى أن الفرشاة أحيانا تكن لئيمة بفتنتها.
                    فتحت الباب بهدوء وهي التي أخذت نسخة من مفتاح الشقة ، وقعت عيناها عليه لتبتسم بحب.
                    نزعت معطفها لتعلقه خلف الباب وبخطوات خافتة دخلت لغرفته وجلبت له غطاء تغطيه به. ، تركت الطعام في المطبخ وجلست بجانب رأسه. لا تريد إزعاجه بل ستنتظره متى يستيقظ ؟ أخرجت هاتفها من جيبه لتتسلى وتشغل وقت فراغها الان.
                    مرت ساعة كاملة و شقيقتها الأخرى ، أصبحت الساعة تشير إلى السابعة مساء.
                    بدأ جسده بالحركة ليفتح عينيه بتثاقل ، أستعدل بجلسته ليلتف ويرى أثير بجانبه ، يشعر بصداع وكتلة ضخمة فوق رأسه ، نوم بعد أيام أفلس فيها النوم جدا مرهقة ، رغم أنه يشعر براحة أعصابه ولكن عقله مثقل و مثقل و مثقل إلى مالانهاية.
                    أثير بإبتسامة : مساء الخير
                    عبدالعزيز ببحة : مساء النور .. كم الساعة ؟
                    أثير : 7
                    عبدالعزيز تنهد : يالله كنت راح أزور المقبرة الصبح
                    أثير : خلاص بكرا إن شاء الله
                    عبدالعزيز وقف ليعدل ملابسه التي تجهل بدايتها من نهايتها وهذا إثر نومه العميق .. ومن ثم اتجه للحمام.
                    أثير بصوت عالي حتى يسمعها : بحضر لك الأكل ...
                    تمر الدقائق بسرعة مفجعة ، وبالفترة التي جهزت بها أثير الطعام كان عبدالعزيز يسلم من صلاته الفائتة ، وضعت اخر طبق على الطاولة وجلست : عسى أرتحت ؟
                    عبدالعزيز من خلفها أنحنى ليطبع قبلة على خدها ويهمس : اسف على اللي صار
                    أثير المتوردة بحمرة وجنتيها : حصل خير
                    جلس بمقابلها ملتزما الصمت ، أثير : الأحد الجاي بسوي حفلة بسيطة ببيتنا وبعزم كل اللي نعرفهم من شغلنا والكلوز مررة ماراح نعزم ناس بعيدة
                    عبدالعزيز : والكلوز يدخل من ضمنهم مين ؟
                    أثير : يعني عادل و
                    قاطعها عبدالعزيز بحدة : أثييير !!!
                    أثير : هذولي كلهم أصدقائك
                    عبدالعزيز : فيه خط أحمر إسمه عادات وتقاليد !! من متى إن شاء الله الحفلات مختلطة ؟ ناقص بعد ترقصين وياهم
                    أثير بهدوء : وأنا عازمتهم في نايت كلوب الله يهديك !! يعني حفلة بسيطة وأبي كل أصدقاءنا يكونون موجودين
                    عبدالعزيز : قلت لأ
                    أثير تنهدت : طيب
                    عبدالعزيز : وياليت تخففين من هالمكياج اللي على وجهك !!
                    أثير : ماتلاحظ أنك قاعد تعطيني أوامر !! أنا إنسانة ماأحب أحد يأمرني
                    عبدالعزيز : لأن ماأبي كل من هب ودب يشوفك ! وحتى لبسك مررة ضيق ومايعجبني
                    أثير بهدوء : سكر على هالموضوع
                    عبدالعزيز : ما تتنازلين عن الأشياء اللي تحبينها عشان خاطري على الأقل ؟
                    أثير رفعت عينها : إلا أتنازل وهذا أنا متنازلة حتى بموضوع رتيل !! لكن لبسي وشكلي لو سمحت لاتتدخل فيه
                    عبدالعزيز بغضب : كيف ماأتدخل فيه ؟ أنت زوجتي ومن حقي أحاسبك على لبسك !!! ولا تبيني حمار وراك أشوف عيون الكلاب بالشوارع تشوفك بنظرة ***** وأرضى !!
                    أثير بحدة : عزوز أنتقي ألفاظك !!
                    عبدالعزيز ببرود يشرب من كأس العصير البارد ليردف : أنا قلت اللي عندي !!
                    أثير وقفت : أجل مع السلامة .... وأخذت معطفها المعلق و حقيبتها وهاتفها الذي على الطاولة لتخرج بغضب يعبر عنه الباب.
                    عبدالعزيز عقد حاجبيه ، يعرف ويثق تماما بأنه هو وأثير لا يتفقا أبدا لا تفكيرا ولا عاطفيا.

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                      ،

                      في إحدى مقاهي الرياض على شارع الأمير محمد بن عبد العزيز ، بينهما قهوتين تبدو أنها تبرد و الصوت لايخرج من فيصل ، كيف يلفظ له ، كيف يقول له أن شخصا ميت أصبح حيا ؟ كيف يخفف عليه وطأة هذا الحديث ؟ كيف يخبره دون أن يخدشه بحرقة ؟ كيف يقوله يالله ؟ صعب جدا أن يخبره ، مرتبكا متوترا ، يالله خفف علي فجيعته ، لا أعرف أي جنون سيتحلى به عندما يعرف بأن شخصا صلى عليه حيا يرزق ! يالله يالله يالله يا هذا الشعور ! مؤلم وضيع ! لا أعرف أن أحدا أبصره و عاش بعقله. أثق بصبر ناصر وقوته ولكن جنونا ما سأقوله له.
                      ناصر أبتسم : إيهه وشو ؟ صار لنا ساعة وأنت تعيد نفس الحكي !! الموضوع يخص مين ؟
                      فيصل بربكة : مدري كيف أقولك
                      ناصر : إذا شي بيضايقني تطمن من هالناحية
                      فيصل تنهد : أنا أعرف أنه زوجتك م
                      ناصر قاطعه بحدة : وش فيها ؟
                      فيصل أخذ نفسا عميقا لايعرف فعليا كيف يقول له بإنسيابية تناقض عظمة هذا الموضوع : يعني أنت شفتها قبل لا تتوفى
                      ناصر ببرود : لأ ، شافها عبدالعزيز هي وأبو عبدالعزيز الله يرحمه .. وش بتوصله من هالحكي ؟
                      فيصل وأراد أن يمهد له : طيب تأكدوا من الجثث ؟
                      ناصر : إيه تأكدوا
                      فيصل بربكة : أقصد يعني .. صليت عليهم صح ؟
                      ناصر بضجر : وش فيك فيصل تعيد نفس السؤال ؟ يعني بتشكك عبدالعزيز بعينه وهو شافهم
                      فيصل : لا مو قصدي بس ..... يعني ..
                      أنتبه لهاتفه الذي يهتز ، ناصر : ثواني بس .. رد : هلا يب .... بتر كلمته مذعور وهو ينطق : أي مستشفى ؟
                      أخذ محفظته و مفاتيحه : أعذرني فيصل .. وخرج.
                      إن المصائب يا ناصر لا تأتي فرادى ، حتى حينما أردت ان أخبرك كان للقدر كلمته. ربما حكمة من الله ولكن يجب أن تعرف بأقرب وقت ، يالله كيف سألتقيه مرة أخرى ؟ لا فرصة لدي إلا هذا الأسبوع وإلا سأضطر أن أفعل ما أخافه ولو كان هذا في سبيل خسارتك يا سلطان بن بدر و يا عبدالرحمن بن خالد. كل الأشياء ما زالت تقف بصفهم. كلها دون أن ترحمني وأريح صدري من هذا الهم. هذه المرة سأهزم كل هذه الأشياء وأخبره وإن كان سيشهد على ذلك جثتي.

                      ،

                      عادوا لباريس ، و الأجواء تختنق في باريس. لم تعد زهرية تسر الناظرين و العاشقين ، يالله ماذا أفتقد أنا ؟ جزء مني أجهله مفقود هنا ، جزء أتنفسه هنا ولكن أين ؟ أريد أن أعرف كيف تكن سماءنا واحدة ولا نلتقي ؟ يا خيبة قلبي ويا خسارتي!!
                      أين أنت يا ناصر ؟ هل تحت التراب أم عيناك تنظر لهذه السماء الان ؟ أين أنتم يا عائلتي التي تخليتم عني ؟
                      أود أن أعرف كيف تجرأت قلوبكم بقسوة أن تتركوني بعد الحادث ؟ ماذا يوجد قبل الحادث وتخجلون منه ومني ! ماذا كان هناك ؟ أريد أن أعرف من أنا قبل الحادث! سئمت هذه الحياة التي لا أعرف بها إلا إسمي الذي خلفه إسم أب كاذب أو خائن أو لاأعرف حتى كيف أصنفه. رفعت عينها للغيم الخفيف الذي يضج في سماء باريس ، يوما ما سينجلي هذا الغيم ويبقى صوت الحقيقة واضحة. أريدكم ولكن قلبي يحمل عليكم كثيرا ، ربما أنا مستعدة أن أسامحكم في سبيل الفرح لكن أرجوكم أبحثوا عن أعذار ترضي قلبي.
                      وليد بهدوء : وين ودك نروح ؟
                      رؤى التي تجهل كيف تعرف معلومات قديمة وهذا شيء لم تنتبه إليه : فيكتوريا نتمشى شوي هناك
                      وليد أبتسم : قريبة خلنا نروح لها مشي
                      و أقدام رؤى لم تفقد الذاكرة بعد ، تعرف هذا الطريق جيدا ، تتوسل أرجوك يا عيناك تذكري هذا الطريق ، هذا الذي شهدت به أول لقاء مع ناصر ، دعك من هذا ، هذا الطريق الذي تراكمت عليه الثلوج وأضطررت ليلتها أن تنامين عند ناصر ، أرجوك يا قلبها تذكر. هذا الطريق الذي مارست به الحب كما يبنغي أو فوق ما ينبغي ، هذه لافنيو فيكتوريا أو كما تنطيقنها بتغنجك بالفرنسية ، هذه فيكتوغيا. أنا أقدامك ، أنا يديك ، أنا كل حواسك أتوسل إليك يا عقلها و يا قلبها تذكر أننا على أرض لم تنكرنا يوما. هذا طريق ريفولي الذي جئنا إليه كثيرا ، نحن أجزاء جسدك لاننكرك. نحن نقيم ثوارتنا على قلبك الذي يتذكر بأنانية و لايرسل إلى عقلك معلوماته. نحن نريدك يا من تحركينا بإختيارك.
                      رؤى تسير و الجو في هذه الأثناء غائم. سقطت عيناها على الجهة التي يصطف بها سيارات الأجرة ليطرق سمعها صوتها الذي تخافه " هي بضحكة : بوفي فو غولي ؟ أجابها صاحب التاكسي : ديزولي غيزفي .. وذهب لتصخب ضحكة من تجهله : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه قلت لك من البداية اليوم النومة عندي يالله هذي شقتي قريبة نروح لها مشي "
                      هذا الطريق تعرفه ، رفعت عينها للبيوت العتيقة التي تطل منها شقق كثيرة ، بدأت عينها بالغرق في هذه الشقق البيضاء و البنية.
                      وليد ألتفت عليها : رؤى !!
                      رؤى بضياع نظرت إليه : هلا
                      وليد : وش فيك ؟
                      رؤى : فيه أحد أعرفه ساكن هنا
                      وليد : مين ؟
                      رؤى بتشتت : مدري بس أقولك أحس أنه فيه أحد هنا

                      ،

                      الربكة تنفض قلبها بشدة ، هذا التوتر يلاحقها بلا إنقطاع. فسرت حالها بأن حياة جديدة تقبل عليها والأكيد أن الطريق الذي يفصل بين هذه الحياتين لن يكون ممهدا بل سيضطرب وسيضطرب كثيرا. ربما في سفرنا هذا نجد فرصة حتى نفهم بعض. حتى المكان الذي سأذهب إليه أجهله. أأسأله أم " عيب " ؟
                      أنتبهت لوقوف السيارة أمام بيتهم ، هذه المرة تأتيهم كزائرة ، يا فظاعة هذا الشعور ، تشعر بأن قلبها يسابقها في البكاء قبل عينها المتخمة بالدمع. هي ليست مفرطة بحساسيتها ولكن لاتعرف لم مسألة البعد عن أهلها تجعلها تبكي بكثرة.
                      نزلت دون أن تنطق كلمة في جهة دخل فيها ريان لمجلس الرجال ،
                      دخلت عليهم لتصرخ هيفاء فرحة : ريوووم .... ركضت لها لتعانقها بشدة
                      خرجت والدتها من المطبخ : هلا هلا بالزين
                      ريم ووجدت سببا لتبكي ، وتبلل ملامحها بماء مالح ، أبتعدت هيفاء لتعانق ريم هيفاء وهي تنحني لتقبل رأسها وكفوفها.
                      والدتها تبللت عيناها هي الأخرى ، من يشرح شعور الأم التي تنظر لإبنتها العروس ؟ من يفسر ضحكة العين الباكية ؟ من يقول الشعر في عين الأم و ثغرها المبتسم ؟ برب هذه الحياة من يستطيع أن يتسع بوصفه ويخبرنا عن ضحكات الجنة المنسدلة من عين الأم ؟
                      ريم جلست بإبتسامة : وين الشباب ؟
                      هيفاء : يوسف رايح حايل يجيب مهرة ومنصور أكيد في المجلس
                      ريم بضحكة : إيه قولوا لي وش صار من بعد العرس ؟
                      هيفاء تشاركها الضحكات اللامنتهية : رجعنا البيت و صحينا أنا وأخوانك نحلل اللي صار ، بس أنت بشرينا ؟
                      ريم : لا الحمدلله .. الساعة 9 طيارتنا
                      هيفاء : بتسافرون بسرعة ؟
                      ريم : إيه مدري هو قالي
                      والدتها : الحمدلله أهم شي أنكم مرتاحين
                      ريم : إيه الحمدلله
                      هيفاء : طيب وين بتروحون ؟
                      ريم ضحكت : والله ما سألته يعني أستحيت أقوله وين !!

                      ،
                      في مجلسه ذو الألوان العتيقة التي تميل للماضي ، متكأ ليردف بإتزان : بس قبل كل شيء لازم تعرف أني لقيت تركي
                      أنتفض من مكانه بغضب : لقيييته !!
                      سلطان بهدوء : ماحبيت أقولك قبل العرس وطبعا هذا سبب والسبب الثاني لحاجة في نفس يعقوب
                      عبدالمحسن : وينه ؟
                      سلطان : الجوهرة راح تبقى عندي
                      عبدالمحسن بحدة : وين تركي ؟
                      سلطان : الجوهرة زوجتي و أنا أبيها
                      عبدالمحسن بغضب : سلطان لا تستفزني !! أنا أدري كيف تفكر لكن بنتي برا كل أفكارك
                      سلطان : أنا جد أتكلم زوجتي وأبيها
                      عبدالمحسن بحدة: لا تكذب
                      سلطان بمثل حدته : أكذب ليه ؟ لو ماأبيها طلقتها وقلتها في وجهك بس أنا جد أبي أبني حياتي من جديد
                      عبدالمحسن لا يصدقه بل غير قادر أن يفكر حتى بتصديقه : أسمع من الجوهرة هالحكي وبعدها أنا أقرر
                      سلطان بثقة : تسمعها ! ليه ما تسمعها !! .. الحين أناديها لك
                      عبدالمحسن : أول وين تركي ؟
                      سلطان تنهد : في مزرعتي

                      ،

                      تجردت من شعور الخطوبة ، من تراقص الفرح حين تسمع أحدهم يقول " فلان سيخطبك " كل هذا لم تعد تشعر بالحماسة إتجاهه ، تماما مثل المتزوجة حين يخبرونها و تضحك بسخرية ، هذه المرة من لم تضحك بسخرية بل شعرت بإشباع لأنوثتها جعلتها تضحك بشماتة لاذعة. أغلقت الهاتف لتلتفت عليها ،
                      بضحكة عفوية أطلقتها : جاء الوقت اللي يشهرون فيه بزواجكم
                      رتيل شاركتها الضحك : ههههههههههههههههههه قلتي لي وش إسمه ؟
                      ضي بإستهبال تقلد صوتها : محنا لاقين لحاتم أحسن من رتيل ونعم التربية والأصل
                      رتيل : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه تكفين ضيوو روحي قولي لأبوي بس قولي له بجدية
                      ضي بإبتسامة : تبين تقهرينه !! تراه زوجي لاتنسين
                      رتيل برجاء : الله يخليك ضي صدقيني ماراح ينقهر
                      ضي : لأ مستحيل أبوك فيه اللي مكفيه
                      رتيل بضجر : تفكيين عاد
                      خرج عبدالرحمن من مكتبه ليقابلهم بالقرب من الدرج : وش فيكم واقفين هنا ؟
                      رتيل كتمت ضحكتها لتمثل البرود في ملامحها ، ضي : ولا شيء
                      عبدالرحمن رفع حاجبه : وأنا كل ما سألت قلتي ولا شيء !!!
                      ضي بحرج : لا ماهو قصدي بس يعني شي ماهو مهم
                      عبدالرحمن ألتفت لرتيل : وش عندك رتيل ؟
                      رتيل بهدوء والفرصة أتت إليها : أتصلوا على بيتنا ناس وبس
                      عبدالرحمن : والناس مالهم إسم !!
                      ضي شعرت بالورطة لتنطق : فيه ناس يبون يخطبون رتيل بس قلت لهم أنها مخطوبة
                      رتيل أنسحبت من المكان بهدوء لتصعد للأعلى. وبمجرد ما إن أعطت والدها ظهرها حتى أبتسمت بخبث شديد لمجرد أن تفكر بأفعال عبدالعزيز ، أتى اليوم الذي تبرهن فيه عن إستغناءها التام عن عزيز وليس أقوالا فقط. أتت اللحظة التي تقول بها بقلب بارد " أنا يا حبيبي لا يعنيني أمرك و الدليل المدعو حاتم " يالله يا عزيز متى أشعر بالنصر عليك. أنا في أوج إستعدادي لأهزمك بعد سنة كاملة هزمتني بها بكل شيء ولكن أتى دوري و " يوم لك و يوم عليك "
                      عبدالرحمن ولم يفهم من ملامحه ردة فعل واضحة. كل ما أبصر هو تنهيدته.
                      ضي : لا تخاف صرفتهم بس ماهو لازم تعلن عن زواجهم يعني عشان حكي الناس بعد !!
                      عبدالرحمن بهدوء مريب : بس نرجع من السفر
                      ضي : اللي تشوفه .. شفت عبير اليوم ؟
                      عبدالرحمن تنهد : بصعد لها الحين ... وبخطوات ذابلة أتجه إليها ليطرق الباب : عبير
                      تركت شعرها على جنب لتقف متجهة للباب ، فتحته بأعين لاتختلف عن شعور خطواته. الذبول نفسه نفسه. وإني يالله على إبتلائك صابر و إني على حزن بناتي صابر.
                      بهدوء : ممكن أدخل ؟
                      عبير صمتت ، لا أحد يدرك جرح الكلمات البسيطة تخيل أن " ممكن أدخل " تجرح ! تجرح وبشدة إن أتت من قريب كأبي ؟ تجرح كثيرا إن أتى الإستئذان من صاحب القلب ذاته. الكلمات العادية التي لا تهم غيرنا هي ذاتها التي تترك بنا شرخا عميقا لا يشفى بسهولة.
                      شدت على شفتيها و هدبها يرجف ، شتت أنظارها واقفة لاتنطق بكلمة. لا كلام يحضر أمام والدها.
                      عبدالرحمن دخل ليجلس على طرف سريرها : تعالي
                      بصمت أغلقت الباب وأتجهت نحوه ، لتقف بين يديه بضعف وهذا الضعف لا يقرأه سوى أحد يحفظها عن ظهر حب ، هذا الأحد إسمه أبي ويا للخيبة إن باعدت يوما عن من يقرأني.
                      عبدالرحمن مسك كفها ليضغط عليها وكأنه يريد أن يمتص بريق الحزن من عينيها : صايرة تقسين كثير ! حتى على نفسك
                      تعرج جبينها بضيق ومن يتعلم فراسة خطوط الجبين ، إني لوحة لايتقن رسمها إلا القليل والقليل جدا ومنهم مجهولي الذي يفهم كيف الرسم يكون ؟ والان أنا أفلست من ألواني ولا أحد قادر على تلويني بضحكة ، كل الألوان مائعة تذوب في وجهي وتبقيني بشحوب. كلها والله.
                      عبدالرحمن : وش اللي مضايقك بالضبط ؟ ضي ؟ منتي قادرة تتقبلينها ؟ قولي لي وش اللي معكر مزاجك ؟
                      عبير ولا جواب تستنطقه.
                      عبدالرحمن تنهد : يالله يا عبير !! ليه تحبين تضايقيني ؟ أنا بسمعك .. قولي لي بس وش اللي مضايقك ؟
                      عبير بحزن : أنت تعرف وش مضايقني !
                      عبدالرحمن : يعني ما هي ضي ؟
                      عبير والدموع تتحشرج بها : ماتهمني ، متضايقة من حياتي كلها .. كلها يا يبه
                      عبدالرحمن : وش مضايقك فيها ؟ ناقصك شي ؟ ودك بشي وماسويته لك ؟
                      و دمعة توردت على خدها لتردف : كثيير أشياء ناقصتني ، عمري 26 لا وظيفة لا زواج لا شيء .. ماتحس أنك ظلمتني كثير يبه ؟
                      عبدالرحمن ترك يدها لينغرز به الألم من كل جهة ، نظر إليها وكأنه يجهل إبنته في هذه اللحظة.
                      عبير : ما أقولك ميتة على الزواج ولا أقولك ميتة على الوظيفة .. بس ...
                      ببكاء أردفت : أصلا وش بيتغير لو أقولك
                      عبدالرحمن : قلت لك كملي الماستر والدكتوراه وأخليك تشتغلين بالجامعة نفسها
                      عبير بضيق : بس أنا ماعندي ميول للتدريس أبي أشتغل في تخصصي نفسه
                      عبدالرحمن : هالفترة لأ ، مقدر يا عبير
                      عبير بقهر : وتسألني إذا ودي بشي وما سويته لي !! .... عادت بخطواتها للخلف لتجلس على الكرسي.
                      عبدالرحمن بتنهيدة أردف : أسوي لك شي أنا متطمن عليه !! بكون متطمن لو تشتغلين بالجامعة على الأقل أضمن أنه محد يدخل الجامعة .. لكن بنك وغيره ناس داخلة وناس طالعة .. أفهميني يا عبير بهالفترة مقدر أخليك تشتغلين بمكان مفتوح
                      عبير ببحة الحزن الموجعة : خلاص ماأبي منك شي
                      عبدالرحمن وقف ليجلس بجانبها ويخلخل أصابعه في شعرها : يا قو قلبك إن كانك ناوية على الزعل
                      عبير رغما عنها أبتسمت لتمحيها بسرعة ، هذه الجملة كثيرا ما رددتها على مسامعهم.
                      عبدالرحمن بإبتسامة : يا بعد هالدنيا صدقيني أني خايف عليك ماهو مسألة أقيدكم بس أنا من وعيت على هالدنيا وأشوف ناس أشكال وأنواع وأعرف أنه فيه ناس مندسين ويمشون جمبنا وإحنا نحسبهم زملاء وأصدقاء .. لكن بعدين نكتشف العكس وأنا منهم يا عبير أخاف عليك

                      يتبع

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...