رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
وضعت يدها على فمها لتسكن شهقاتها المتتالية، الأنين الذي يزيد من تجاعيدها ثقلا و يخرق شعيراتها بالبياض، سقطت سماعة الهاتف من يدها الأخرى لترتفع الحمرة في عينيها بدمع يحرق محاجرها ولا يبقي بها مساحة للتفكر، لا يبقي بها مساحة للتركيز.
ركضت نحوها لتضع يديها الصغيرتين حول ساق والدتها : ماما
أنخفضت لتجلس على الأرض بجانبها وهي تجاهد أن تقاوم بكاءها : يا عيون ماما
ريف تنظر للدمع بعينين مستفهمة لتردف : تبكين؟
والدتها بإبتسامة تزيد تدفق الدمع بعينيها لتردف : وش رايك ننتظر فيصل . . . تحملها لتتجه بها نحو الصالة، أجلستها بحضنها : ننتظره هنا على ما يجي . . . . تبيني أشغلك التلفزيون؟
ريف تهز رأسها بالرفض لتردف بنبرة رقيقة تشير لنفسها بحركة طفولية: أنا ماأحبك تبكين
تعانقها وهي تستنشق رائحتها وتغرق بتفاصيلها البريئة : الحين لما تضيع لعبتك مو تبكين؟ . . إحنا الكبار كذا نبكي بس مو عشان ضاعت لعبتنا . . . . عشان شي هنا يعورنا . . *تشير ليسار صدر ريف*
ريف تلتفت نحوها وبإبتسامة مشرقة : إذا جاء بابا راح أقوله أنه عورك
والدتها تمسح دمعاتها الشفافة من على خدها : عورني؟
ريف : دايم تقولين أنه هنا بابا!
والدتها تعانقها بشدة لتضع ريف يدها الناعمة حول رقبة والدتها وهي تبتسم بأنها عرفت كيف تمسح بكاء أمها الرقيق، شدت على شفتها حتى لا تغرق بحزنها أمام إبنتها، لا تعرف لم يعذبها هذا الإبن بهذه الصورة؟ لا يريحها أبدا وهو يتجه نحو الجحيم لوحده، من هؤلاء؟ كيف سترتاح بعد هذا الإتصال الغريب.
،
عضت شفتها السفلية حتى لا تبك أمام صوتها الذي يخترق كل الجدران، صوتها الذي تشعر بأن ظله قريب منها، بأن صداه يسكن روحها، بأن هذه المسافات بأكملها لا تستطيع أن تقف حاجزا بينهما، ابعدت شعرها للجانب الاخر من كتفها لتردف : ما فيني شي بس أشتقت لكم
والدتها : وإحنا مشتاقين لك . . . . ما ودكم تجون؟
الجوهرة بضيق بحتها : ما أدري عن سلطان . . مشغول هاليومين كثير . . . أبوي عندك؟
والدتها : اي . . تنظر لإيماءة عبدالمحسن لها بأنه لا يريد التحدث معها حتى خرج من المجلس بهدوء.
أردفت : مو موجود بس يجي أقوله أنك اتصلتي
الجوهرة شعرت بوجوده، شعرت بربكة صوتها التي توحي بأنه لا يريد التحدث معها، أبتلعت غصتها المتردية في حنجرتها لتردف : تامرين على شي يمه؟
والدتها : متأكدة أنك مو تعبانة؟ صوتك يوجعني يا يمه . . تكلمي فيه شي صاير؟
الجوهرة : تطمني كل أموري تمام
والدتها : أسألك بالله يالجوهرة لا تخبين شي!
الجوهرة تستنزف كل طاقتها بالبكاء الذي أضناها : سلمي لي عليهم كلهم . . تامرين على شي يالغالية؟
والدتها : ما أبي إلا أنك تكونين مرتاحة وسعيدة
الجوهرة : الحمدلله لا تشغلين بالك علي . . . مع السلامة
والدتها : بحفظ الرحمن . . بمجرد ما أغلقته حتى رمت هاتف البيت الثابت بعيدا وهي تدفن رأسها بالوسادة وتجهش بالبكاء، لا شيء يضاهي وجع الصدود، الصدود من أحد كأبي، لم كل هذا يحدث معي في لحظة واحدة؟ لم كل هذا يالله! أرجوك إلا أبي. كيف أعيش دون صوت أبي؟ ولمسة أبي؟ وعين أبي؟ وحنان أبي؟ وكل أبي! لابد أن تركي اتصل به، بالتأكيد أنه تحدث معه، يا مرارة الوجع التي لا تنفك عني، كلما ظننتها أنها تلاشت أعود لنقطة الصفر، للبداية التي ترهقني، كل شيء يستثير البكاء، كل شيء في الحزن يأت بغزارة حادة، وقفت لتنظر للتاريخ في شاشة الهاتف، رفعته للأعلى، من المفترض أن تنهي اليوم مراجعة سورة النور، أتجهت نحو الحمام لتبلل ملامحها الشاحبة بالماء البارد، رفعت شعرها لتشعر بغثيان يؤلم بطنها الخاوي، جلست على الأريكة لتأخذ مصحفها، فتحت على سورة النور لتسقط عينيها الاية 35 ، وتقرأها بصوت مبحوح متعب: الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ، يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم.
وقفت دون أن تتقدم للاية الأخرى، تتأمل الاية وكأنها للمرة الأولى تقرأها، للكلمة الأولى، لصفة القلب البشري الذي يأت بقلب نقي صافي كزيت صاف لا يخالطه شيء، مستعد أن يتعلم التعاليم الإلهية، فإذا وصل له العلم النافع اشتعل هذا القلب كإشتعال النار في فتيلة المصباح. أغلقت المصحف وهي تشعر بأن معدتها تستفرغ داخليا دون أن تتقيأ، نزلت للأسفل بخطوات سريعة، نظرت لحصة التي تقرأ إحدى الكتب، بلعت ريقها لتردف : سلطان ما جاء؟
حصة رفعت عينيها : لا . . فيك شي يمه؟
الجوهرة : لا بس . . . ولاشي . . أتجهت نحو الدرج لتشعر بأن هذا العالم يدور حولها، مسكت مقبض الدرج تحاول أن تستند إليه، تستجمع بقايا القوة التي بددها سلطان بمزاجه، ألتفتت نحو حصة التي أخفضت رأسها بإتجاه الكتاب، كانت عينيها تستنجدها، أرتفع صدرها بعلو شاهق حتى هبط وبهبوطه سقطت على الأرض مغميا عليها.
حصة رفعت عينيها التي أتسعت بالصدمة، تركت الكتاب لتهرول إليها سريعا، رفعت رأسها لتضعه على فخذها : يمه الجوهرة . . . يممه أصحي . .. . . عايشة . . جيبي مويا
يتبع
،
وضعت يدها على فمها لتسكن شهقاتها المتتالية، الأنين الذي يزيد من تجاعيدها ثقلا و يخرق شعيراتها بالبياض، سقطت سماعة الهاتف من يدها الأخرى لترتفع الحمرة في عينيها بدمع يحرق محاجرها ولا يبقي بها مساحة للتفكر، لا يبقي بها مساحة للتركيز.
ركضت نحوها لتضع يديها الصغيرتين حول ساق والدتها : ماما
أنخفضت لتجلس على الأرض بجانبها وهي تجاهد أن تقاوم بكاءها : يا عيون ماما
ريف تنظر للدمع بعينين مستفهمة لتردف : تبكين؟
والدتها بإبتسامة تزيد تدفق الدمع بعينيها لتردف : وش رايك ننتظر فيصل . . . تحملها لتتجه بها نحو الصالة، أجلستها بحضنها : ننتظره هنا على ما يجي . . . . تبيني أشغلك التلفزيون؟
ريف تهز رأسها بالرفض لتردف بنبرة رقيقة تشير لنفسها بحركة طفولية: أنا ماأحبك تبكين
تعانقها وهي تستنشق رائحتها وتغرق بتفاصيلها البريئة : الحين لما تضيع لعبتك مو تبكين؟ . . إحنا الكبار كذا نبكي بس مو عشان ضاعت لعبتنا . . . . عشان شي هنا يعورنا . . *تشير ليسار صدر ريف*
ريف تلتفت نحوها وبإبتسامة مشرقة : إذا جاء بابا راح أقوله أنه عورك
والدتها تمسح دمعاتها الشفافة من على خدها : عورني؟
ريف : دايم تقولين أنه هنا بابا!
والدتها تعانقها بشدة لتضع ريف يدها الناعمة حول رقبة والدتها وهي تبتسم بأنها عرفت كيف تمسح بكاء أمها الرقيق، شدت على شفتها حتى لا تغرق بحزنها أمام إبنتها، لا تعرف لم يعذبها هذا الإبن بهذه الصورة؟ لا يريحها أبدا وهو يتجه نحو الجحيم لوحده، من هؤلاء؟ كيف سترتاح بعد هذا الإتصال الغريب.
،
عضت شفتها السفلية حتى لا تبك أمام صوتها الذي يخترق كل الجدران، صوتها الذي تشعر بأن ظله قريب منها، بأن صداه يسكن روحها، بأن هذه المسافات بأكملها لا تستطيع أن تقف حاجزا بينهما، ابعدت شعرها للجانب الاخر من كتفها لتردف : ما فيني شي بس أشتقت لكم
والدتها : وإحنا مشتاقين لك . . . . ما ودكم تجون؟
الجوهرة بضيق بحتها : ما أدري عن سلطان . . مشغول هاليومين كثير . . . أبوي عندك؟
والدتها : اي . . تنظر لإيماءة عبدالمحسن لها بأنه لا يريد التحدث معها حتى خرج من المجلس بهدوء.
أردفت : مو موجود بس يجي أقوله أنك اتصلتي
الجوهرة شعرت بوجوده، شعرت بربكة صوتها التي توحي بأنه لا يريد التحدث معها، أبتلعت غصتها المتردية في حنجرتها لتردف : تامرين على شي يمه؟
والدتها : متأكدة أنك مو تعبانة؟ صوتك يوجعني يا يمه . . تكلمي فيه شي صاير؟
الجوهرة : تطمني كل أموري تمام
والدتها : أسألك بالله يالجوهرة لا تخبين شي!
الجوهرة تستنزف كل طاقتها بالبكاء الذي أضناها : سلمي لي عليهم كلهم . . تامرين على شي يالغالية؟
والدتها : ما أبي إلا أنك تكونين مرتاحة وسعيدة
الجوهرة : الحمدلله لا تشغلين بالك علي . . . مع السلامة
والدتها : بحفظ الرحمن . . بمجرد ما أغلقته حتى رمت هاتف البيت الثابت بعيدا وهي تدفن رأسها بالوسادة وتجهش بالبكاء، لا شيء يضاهي وجع الصدود، الصدود من أحد كأبي، لم كل هذا يحدث معي في لحظة واحدة؟ لم كل هذا يالله! أرجوك إلا أبي. كيف أعيش دون صوت أبي؟ ولمسة أبي؟ وعين أبي؟ وحنان أبي؟ وكل أبي! لابد أن تركي اتصل به، بالتأكيد أنه تحدث معه، يا مرارة الوجع التي لا تنفك عني، كلما ظننتها أنها تلاشت أعود لنقطة الصفر، للبداية التي ترهقني، كل شيء يستثير البكاء، كل شيء في الحزن يأت بغزارة حادة، وقفت لتنظر للتاريخ في شاشة الهاتف، رفعته للأعلى، من المفترض أن تنهي اليوم مراجعة سورة النور، أتجهت نحو الحمام لتبلل ملامحها الشاحبة بالماء البارد، رفعت شعرها لتشعر بغثيان يؤلم بطنها الخاوي، جلست على الأريكة لتأخذ مصحفها، فتحت على سورة النور لتسقط عينيها الاية 35 ، وتقرأها بصوت مبحوح متعب: الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ، يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم.
وقفت دون أن تتقدم للاية الأخرى، تتأمل الاية وكأنها للمرة الأولى تقرأها، للكلمة الأولى، لصفة القلب البشري الذي يأت بقلب نقي صافي كزيت صاف لا يخالطه شيء، مستعد أن يتعلم التعاليم الإلهية، فإذا وصل له العلم النافع اشتعل هذا القلب كإشتعال النار في فتيلة المصباح. أغلقت المصحف وهي تشعر بأن معدتها تستفرغ داخليا دون أن تتقيأ، نزلت للأسفل بخطوات سريعة، نظرت لحصة التي تقرأ إحدى الكتب، بلعت ريقها لتردف : سلطان ما جاء؟
حصة رفعت عينيها : لا . . فيك شي يمه؟
الجوهرة : لا بس . . . ولاشي . . أتجهت نحو الدرج لتشعر بأن هذا العالم يدور حولها، مسكت مقبض الدرج تحاول أن تستند إليه، تستجمع بقايا القوة التي بددها سلطان بمزاجه، ألتفتت نحو حصة التي أخفضت رأسها بإتجاه الكتاب، كانت عينيها تستنجدها، أرتفع صدرها بعلو شاهق حتى هبط وبهبوطه سقطت على الأرض مغميا عليها.
حصة رفعت عينيها التي أتسعت بالصدمة، تركت الكتاب لتهرول إليها سريعا، رفعت رأسها لتضعه على فخذها : يمه الجوهرة . . . يممه أصحي . .. . . عايشة . . جيبي مويا
يتبع
تعليق