رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *مزون شمر*
    عضو مؤسس
    • Nov 2006
    • 18994

    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

    ،

    وضعت يدها على فمها لتسكن شهقاتها المتتالية، الأنين الذي يزيد من تجاعيدها ثقلا و يخرق شعيراتها بالبياض، سقطت سماعة الهاتف من يدها الأخرى لترتفع الحمرة في عينيها بدمع يحرق محاجرها ولا يبقي بها مساحة للتفكر، لا يبقي بها مساحة للتركيز.
    ركضت نحوها لتضع يديها الصغيرتين حول ساق والدتها : ماما
    أنخفضت لتجلس على الأرض بجانبها وهي تجاهد أن تقاوم بكاءها : يا عيون ماما
    ريف تنظر للدمع بعينين مستفهمة لتردف : تبكين؟
    والدتها بإبتسامة تزيد تدفق الدمع بعينيها لتردف : وش رايك ننتظر فيصل . . . تحملها لتتجه بها نحو الصالة، أجلستها بحضنها : ننتظره هنا على ما يجي . . . . تبيني أشغلك التلفزيون؟
    ريف تهز رأسها بالرفض لتردف بنبرة رقيقة تشير لنفسها بحركة طفولية: أنا ماأحبك تبكين
    تعانقها وهي تستنشق رائحتها وتغرق بتفاصيلها البريئة : الحين لما تضيع لعبتك مو تبكين؟ . . إحنا الكبار كذا نبكي بس مو عشان ضاعت لعبتنا . . . . عشان شي هنا يعورنا . . *تشير ليسار صدر ريف*
    ريف تلتفت نحوها وبإبتسامة مشرقة : إذا جاء بابا راح أقوله أنه عورك
    والدتها تمسح دمعاتها الشفافة من على خدها : عورني؟
    ريف : دايم تقولين أنه هنا بابا!
    والدتها تعانقها بشدة لتضع ريف يدها الناعمة حول رقبة والدتها وهي تبتسم بأنها عرفت كيف تمسح بكاء أمها الرقيق، شدت على شفتها حتى لا تغرق بحزنها أمام إبنتها، لا تعرف لم يعذبها هذا الإبن بهذه الصورة؟ لا يريحها أبدا وهو يتجه نحو الجحيم لوحده، من هؤلاء؟ كيف سترتاح بعد هذا الإتصال الغريب.

    ،

    عضت شفتها السفلية حتى لا تبك أمام صوتها الذي يخترق كل الجدران، صوتها الذي تشعر بأن ظله قريب منها، بأن صداه يسكن روحها، بأن هذه المسافات بأكملها لا تستطيع أن تقف حاجزا بينهما، ابعدت شعرها للجانب الاخر من كتفها لتردف : ما فيني شي بس أشتقت لكم
    والدتها : وإحنا مشتاقين لك . . . . ما ودكم تجون؟
    الجوهرة بضيق بحتها : ما أدري عن سلطان . . مشغول هاليومين كثير . . . أبوي عندك؟
    والدتها : اي . . تنظر لإيماءة عبدالمحسن لها بأنه لا يريد التحدث معها حتى خرج من المجلس بهدوء.
    أردفت : مو موجود بس يجي أقوله أنك اتصلتي
    الجوهرة شعرت بوجوده، شعرت بربكة صوتها التي توحي بأنه لا يريد التحدث معها، أبتلعت غصتها المتردية في حنجرتها لتردف : تامرين على شي يمه؟
    والدتها : متأكدة أنك مو تعبانة؟ صوتك يوجعني يا يمه . . تكلمي فيه شي صاير؟
    الجوهرة : تطمني كل أموري تمام
    والدتها : أسألك بالله يالجوهرة لا تخبين شي!
    الجوهرة تستنزف كل طاقتها بالبكاء الذي أضناها : سلمي لي عليهم كلهم . . تامرين على شي يالغالية؟
    والدتها : ما أبي إلا أنك تكونين مرتاحة وسعيدة
    الجوهرة : الحمدلله لا تشغلين بالك علي . . . مع السلامة
    والدتها : بحفظ الرحمن . . بمجرد ما أغلقته حتى رمت هاتف البيت الثابت بعيدا وهي تدفن رأسها بالوسادة وتجهش بالبكاء، لا شيء يضاهي وجع الصدود، الصدود من أحد كأبي، لم كل هذا يحدث معي في لحظة واحدة؟ لم كل هذا يالله! أرجوك إلا أبي. كيف أعيش دون صوت أبي؟ ولمسة أبي؟ وعين أبي؟ وحنان أبي؟ وكل أبي! لابد أن تركي اتصل به، بالتأكيد أنه تحدث معه، يا مرارة الوجع التي لا تنفك عني، كلما ظننتها أنها تلاشت أعود لنقطة الصفر، للبداية التي ترهقني، كل شيء يستثير البكاء، كل شيء في الحزن يأت بغزارة حادة، وقفت لتنظر للتاريخ في شاشة الهاتف، رفعته للأعلى، من المفترض أن تنهي اليوم مراجعة سورة النور، أتجهت نحو الحمام لتبلل ملامحها الشاحبة بالماء البارد، رفعت شعرها لتشعر بغثيان يؤلم بطنها الخاوي، جلست على الأريكة لتأخذ مصحفها، فتحت على سورة النور لتسقط عينيها الاية 35 ، وتقرأها بصوت مبحوح متعب: الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ، يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم.
    وقفت دون أن تتقدم للاية الأخرى، تتأمل الاية وكأنها للمرة الأولى تقرأها، للكلمة الأولى، لصفة القلب البشري الذي يأت بقلب نقي صافي كزيت صاف لا يخالطه شيء، مستعد أن يتعلم التعاليم الإلهية، فإذا وصل له العلم النافع اشتعل هذا القلب كإشتعال النار في فتيلة المصباح. أغلقت المصحف وهي تشعر بأن معدتها تستفرغ داخليا دون أن تتقيأ، نزلت للأسفل بخطوات سريعة، نظرت لحصة التي تقرأ إحدى الكتب، بلعت ريقها لتردف : سلطان ما جاء؟
    حصة رفعت عينيها : لا . . فيك شي يمه؟
    الجوهرة : لا بس . . . ولاشي . . أتجهت نحو الدرج لتشعر بأن هذا العالم يدور حولها، مسكت مقبض الدرج تحاول أن تستند إليه، تستجمع بقايا القوة التي بددها سلطان بمزاجه، ألتفتت نحو حصة التي أخفضت رأسها بإتجاه الكتاب، كانت عينيها تستنجدها، أرتفع صدرها بعلو شاهق حتى هبط وبهبوطه سقطت على الأرض مغميا عليها.
    حصة رفعت عينيها التي أتسعت بالصدمة، تركت الكتاب لتهرول إليها سريعا، رفعت رأسها لتضعه على فخذها : يمه الجوهرة . . . يممه أصحي . .. . . عايشة . . جيبي مويا

    يتبع

    تعليق

    • *مزون شمر*
      عضو مؤسس
      • Nov 2006
      • 18994

      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


      ،

      يسير يمينا ويسارا وهو يتحدث بلهفة عن حال بناته : الحمدلله . . وعبير؟ قدرت تشوفها؟
      عبدالعزيز : تطمن عبير شايلها بعيونه
      عبدالرحمن : ليه مقدرت تجيبها معك؟
      عبدالعزيز : هي في الدور الثاني! مقدر أوصلها! . . طلعت وأنا واثق بفارس
      عبدالرحمن تنهد : يارب أحس بهالثقة
      عبدالعزيز: قالوا بتجي اليوم؟
      عبدالرحمن : مقدر أخلي هالخراب اللي صاير بهالفترة! . . جالس أحاول والله أجيكم بس مقدر . . بين نارين
      عبدالعزيز بحنق : بين نار أهلك و بين نار وطنك . .
      عبدالرحمن : بالضبط
      عبدالعزيز : تختار شغلك!
      عبدالرحمن : مضطر . . لأني واثق فيك يا عبدالعزيز مثل ما أنت وافق بفارس . . أرجوك بس أبعد عن عواطفك وفكر بمنطقية
      عبدالعزيز تنهد : إن شاء الله . . وش صار بموضوع رائد؟ وش قررتوا تسوون ؟
      عبدالرحمن : إلى الان! . . نحاول نحل المواضيع اللي طلعت لنا وبعدها نفكر
      عبدالعزيز : وش المواضيع اللي طلعت؟
      عبدالرحمن : أقولك بعدين
      عبدالعزيز بقهر تعتلي نبرته : من حقي أعرف! . .
      عبدالرحمن : أنت تعبان ريح هاليومين ولاحق
      عبدالعزيز بغضب : لا تقرر عني . . أبي أعرف أيش قاعد يصير ؟
      عبدالرحمن: أنا عندي إجتماع الحين . . نتكلم بعدين
      عبدالعزيز يصرخ بقهر : أنا ماني جدار تقررون وبعدين تبلغوني!
      عبدالرحمن بحدة : لا ترفع صوتك!
      عبدالعزيز بضيق صوته الذي ينخفض تدريجيا : لا تسوي فيني كذا! . . لا تقهرني بهالصورة
      عبدالرحمن يجلس على طرف الطاولة : بنحطك في الصورة يا عبدالعزيز بس مو الحين .. بالوقت المناسب
      عبدالعزيز : الوقت المناسب! . . يضرب بعصبية الطاولة الخشبية التي أمامه لينغرز به مسمارا لم ينتبه له، كتم نفسه من الألم.
      عبدالرحمن عقد جاجبيه: عبدالعزيز؟
      عبدالعزيز تحامل على وجعه ليردف بقهر عميق : اللي تسويه فيني ما يسويه أبو إتجاه ولده . . يا يبه
      عبدالرحمن بلع ريقه من حساسيته إتجاه هذه النقطة، من " يبه " حين تخرج من عزيز : عز . . بس عطني وقت والليلة أتصل عليك أفهمك
      عبدالعزيز بعقدة حاجبيه ينظر للدماء التي تسيل وهو يتقطع بحرقة . . . أغلقه دون أن يردف كلمة، أعطى الهاتف نايف وجلس على الكرسي المتمرج، بفوضوية غضبه قطع طرف قميصه ليمسح دماءه، أنحنى بظهره وهو ينظر للسماء النقية أمامه، تراجعت عن الشباك : رتيل! . . .
      سلمت من صلاتها التي تفوتها كثيرا بهذا المكان المعزول، بهذا التوقيت الذي يفرق كثيرا ويتجادل مع أرواحنا كثيرا، بعينين متلألأتين : وش تسوي عبير الحين ؟
      ضي تجلس بجانبها على السجادة وهي تضع كفها على كف رتيل : فيه شي بداخلي يقول أنه حالها مو سيء
      رتيل تخفض رأسها لينساب شعرها خلفها : ما تعودت تبعد عني كل هالفترة، ما تعودت يمر أكثر من يوم بدون لا أشوفها . . أخاف . . أخاف صاير لها شي وإحنا ما ندري . . . بتقطع عشان أشوفها يا ضي
      ضي تمسح على شعرها المموج : رتيل .. . أبوك بيجي اليوم تبينه يشوفك كذا؟ وتزيدينها عليه؟
      رتيل : أحس فيها! والله أحس فيها . . مهي مرتاحة . . أنا أعرفها عبير . . ما تقدر تنام على سرير مو سريرها . .
      ضي تشتت نظراتها لبعيد لا تريد أن تنجرف معها وتبكي، خرج أنينها المكتوم الذي كان نادرا ما يخرج أمام أحد، خرج وهي تشتعل شوقا لعبير : كيف لو صار مثل اللي نشوفه بالجرايد؟ كيف لو ما خلوها ترجع؟ . . كيف بنعيش؟
      ضي تشاركها الدمع المالح، وبنبرة ضيقة : تفائلي! أكيد أبوك قاعد يتصرف الحين معهم . . بس ما يبي يخوفنا . . . وقفت لتمد يدها إليها وتوقفها معها وبصوت خافت : روحي لعبدالعزيز . . برا
      رتيل تمسح عينيها بأناملها الباردة : ليه؟
      ضي : روحي شوفيه . . لا تتركينه
      رتيل بضيق تشد على جاكيتها من برد هذه المدينة التي أصبحت أتعس مدينة في عينيها : ما أبي يا ضي . . . ووقفت متجهة نحو الأريكة.
      ضي تنهدت لتقف أمامها : متضايق . .
      رتيل : كيف عرفت!
      ضي: مدري مين كان يكلم بس كان واضح أنه متضايق
      رتيل تنظر لعين ضي بمحاولة لإكتشاف خداعها لتردف ضي بضحكة تمسح بها هذا البكاء : والله منت بهينة تقلدين أبوك بعد!
      رتيل بإبتسامة : ضي! إن طلعتي تكذبين لأخليك تولدين الحين!
      ضي غرقت بضحكتها لتردف : والله . . أستغفر الله بس
      رتيل كانت ستتقدم للباب الخلفي ولكن تراجعت للمراة المعلقة لتنظر لشكلها أمام إبتسامات ضي التي قلدت صوتها : ما أبغى أشوفه!
      رتيل ترفع شعرها بأكمله كذيل حصان : صدقيني لو أبوي يدري عن هبالك ما كان فكر يتزوجك! حسافة بس يحسبك عاقلة وأنت من جنبها . . .
      لم تكمل سيل كلماتها من يد ضي التي سحبتها بإتجاه الباب : ليتك تخافين على نفسك بس وتفكرين فيها . . .
      رتيل فتحت الباب لتتجه نحوه، تنحنحت حتى تجذب نظره إليها ولكن الصمت هو من أجابها، وقفت أمامه لتشهق عندما رأت يده، رفع عينه إليها دون أن يلفظ كلمة، مسكت يده التي تنزف بكلتا كفيها : وش صار؟ وش اللي جرحها؟
      عبدالعزيز يسحب كفه منها وهو يعقد حاجبيه بضجر.
      رتيل بضيق : لحظة . . . . ودخلت للداخل . . وين أمس شفتي علبة الإسعافات ؟
      ضي التي كانت تتجه نحو المدفأة : بالغرفة اللي جمب المطبخ . . ليه؟
      رتيل وهي تبحث بالأدراج وتحذف كل شيء أمامها بفوضوية : يده مجروحة . . .
      ضي تقدمت إليها لتمد لها الحقيبة البلاستيكية التي كانت أمام رتيل المشتتة، رتيل وقفت لتأخذها وتخرج بخطى مبعثرة خائفة.
      جلست بجانبه لتسحب يده دون أن تترك له مجال أن يناقشها، عقمته وهي تمسح الدماء التي أنتشرت على راحة كفه، أخذت الشاش لتلفه حول يده : توجعك؟
      هز رأسه بالرفض ليردف : أبوك ماراح يجي اليوم! ما قدر
      رتيل تجمدت عينيها دون أن ترمش، كانت تنتظر طيلة البارحة متى يأت الصباح حتى تراه، وقفت وهي تشتت نظراتها بعيدا : طيب، أنا بدخل . .
      عبدالعزيز يسحبها بيده الأخرى لتجلس بجانبه، وضع رأسه في حجرها ليستلقي على الكرسي العريض المعلق، نظرت إليه لثواني طويلة حتى رمشت وسقطت دمعتها بجانب عينه، أنحنت لتراقبه وهو يغمض عينيه، قبلت مكان دمعتها بقرب عينه اليمنى، نامت كفيها على رأسه دون أن يشاركهما الصوت بكلمة أو حتى حرف بسيط يخمد النيران التي تشتعل بهما.
      الرجال لا يقولون شيء، الرجال عندما يضعفون يلجأون لمرأة واحدة تمدهم القوة، بعد كل هذه الفترة الطويلة يا عزيز أنا أفهمك تماما، أفهم ضجرك وأفهم تعبك وإستيطان الحزن بك، أفهم تقاطعات الضيق بعينيك، أفهم تماما يا حبيبي لم كانت حياتنا مرة؟ لم كان في فمي تنام ذكراك و قلبي يحاول لفظك كل ليلة؟ لم كان قلبي يتجاوزني ولا يلقي لمحاولاتي بالا؟ رد لي بعض قلبي أعش به، رد لي عقل يقنعني بحقيقة ما يجري.
      رمشت عينيه ليعيد إغماضها وهو يضع كلتا يديه بين فخذيه، يتخذ وضعية الجنين المنكمش حول نفسه، مسحت على شعره كثيرا لتلفظ ببحة هذه السماء في هذه اللحظة، بصوت الريح التي تحرك الحبال المتمسكة بهذا الكرسي، بصوت هذه الأرض التي لا نعرفها مرارا ونجهلها تكرارا : تعرف يا عبدالعزيز! . . قد ما أنقهر منك . . من تصرفاتك بس توجعني هالنظرة منك
      لا يرد عليها، مازال يتوحد مع نفسه ومازال رأسه المثقل في حضنها،
      رتيل بحمرة تضيق على دمعها : ما يعني لك شي؟ أني أنتظرك وأنت هنا . . جمبي . . قريب مني وإيدي على راسك . . ما يعني لك أي شي أنك قريب و أني . . أشتاق لك . .
      يستلقي على ظهره ليفتح عينيه عليها، على ملامحها الناعمة وإن شحبت قليلا، كيف تكونين أنثى بهذه الطريقة اللاذعة؟ بهذا اللؤم الأنثوي؟ كيف يكون دمعك نقطة ضعف بي؟ وكيف تكون ضحكتك نقطة ضعف أخرى؟
      رتيل بحاجبيها المعقودين: ما يعني لك أني اشبهك كثير! أشبه قسوتك . .أشبه عيونك لما تضيق . . أشبه عنادك . .
      يستعدل بجلسته ليبعد رأسه عن حضنها وهو ينظر إليها بعينين تحكي بعمق وتراقب تفاصيل بكاءها الذي لا يشبه بكاء أحد في هذه الدنى.
      تكمل بصوت مبحوح و في الأعلى غيمة تصرخ للحظة وتخفت للحظة أخرى، في الأعلى غيمة تظللهما وتراقب الأشياء الصغيرة التي تلتحم ببعضها البعض من أجسادهما، هناك في الأعلى غيمة تبرق السماء وتصب الرعد بها، هناك في الأعلى مطر تغنيه السماء.
      رتيل : ما يعني لك أي شي صح؟
      عبدالعزيز عقد حاجبيه : اللي أساسه هش وش نهايته؟
      رتيل بغضب تقف : وش بعد! .. الحياة لك يا رتيل . . شوفي أي حيوان وأخذيه . . بس أنا لا تفكرين فيني
      عبدالعزيز : أنا ما قلت كذا
      ويهطل المطر ليشاركها البكاء : إلا قلت . . أفعالك تقول . . عيونك تقول . . حتى كلامك معي واضح! . . بس أنت جبان ماتعرف تنكر ولا تعترف! . . أنت من أيش مخلوق؟ . .
      تبلل السماء شعرها ليلتصق بملامحها التي يختلط ملحها بعذب المطر لتكمل : أتق الله في نفسك! . . أتق الله في قلبك . . حرام اللي تسويه فيني وفيك . . كافي! . . من شهور وإحنا نفس السالفة .. نفس الكلام . . خلاص . . خلاص مليت . . مليت من نفسي اللي تتأمل بشي وبعدها تنصدم! . . أنت نفسك نفسك ما تغيرت بس أنا اللي تغيرت . . أنا اللي صرت زي المجنونة أحاول أقنعك بأنك فعلا حمار . . لأنك لو بني ادم ما كان قلت هالكلام لبنت مثلي!
      عبدالعزيز بهدوء : بنت مثلك!
      رتيل بنرجسية : إيه بنت مثلي! يتمناها ألف واحد بس مختارتك وكل مرة تعرف أنها تخطي بإختيارك . . . أنا أعيش مع شخص ما أحبه لكن بيننا إحترام . . إحترام لمشاعري أشرف لي مليون مرة من واحد يهنني في كل مرة يشوفني فيها
      عبدالعزيز يقف ليبللهما المطر، متجاهلين كل هذه الغزارة من المياه وبقسوة تعود لصوته : أنت ما اخترتيني أنا اللي اخترتك
      رتيل أرتجفت شفتيها لتشتت نظراتها : رجعنا للنقطة اللي عمرها ماراح تنتهي! . . رجعنا لمسألة أني معروضة عليك! . . هذي المسألة ما تعنيني شي على فكرة . . ماهي مشكلتي أنك حقير بهالصورة اللي تلوي فيها أبوي!
      عبدالعزيز يدخل يديه بجيوب معطفه : مكبوتة كثير! . .طلعي بعد وش باقي ما قلتيه!
      رتيل : أنا نفسيتي تعبت يا عبدالعزيز . . يرحم لي والديك فكر على الأقل فيني لمرة! . . ليه كذا ؟ بس قولي ليه تحب تعذب نفسك وتعذبني معاك ؟
      عبدالعزيز سعل من المطر والبرد الذي يتصبب على جسده المرهق : وش قلت لك؟ . . قلت مثواي الجنة . . وقلت عيني يا رتيل . .
      رتيل ببكاء : ما أفهم! أنا حمارة . . أنا غبية ماأفهم بهالأشياء . . قولي بشكل واضح . .
      عبدالعزيز يشتت نظراته التي بدأت تصعد الحمرة إليها : مقدر
      رتيل : ماتقدر! . . عشان مين؟ عشان أثير؟
      عبدالعزيز لايجيبها وهو ينظر للسماء المكتظة بالغيم، أخذ نفس عميق يبح معه صوته.
      رتيل بنبرة باكية : ماراح تقول شي؟
      عبدالعزيز : بس ينتهي كل هذا . . نتفق
      رتيل : على ؟
      عبدالعزيز بضيق : عشان ما يطلع أساسنا هش!
      رتيل تدخل يديها بجيوب جاكيتها وعينيها تذرف الدمع بلا توقف : كذا؟ . . يهون عليك قلبك بسهولة؟
      عبدالعزيز : ماراح نوصل لشي . . ماراح ننتهي من هالمشاكل . . مو تقولين مليتي! خلاص ننهي كل شي
      رتيل تنفجر بوجهها : جبان . . جبان . . أعطته ظهرها وهي تتجه نحو السور الخشبي لتقف بجانبه.
      عبدالعزيز بتجاهل لكلماتها : أدخلي داخل . .
      رتيل بحدة : مالك شغل فيني! . . أبعد عني
      عبدالعزيز يقف خلفها مباشرة، يلصق ظهرها بصدره : ما أعرف أكون مثل ما تبين يا رتيل! . . لا تطلبين مني شي أنا مقدر عليه
      رتيل بصوت يتحشرج بالبحة : كلمة . . كلمة ياعبدالعزيز ماتقدر عليها
      عبدالعزيز ببحة تؤلم قلب رتيل : لأني ما أعرف أنهي حياتي اللي كانت قبلك! ماأعرف كيف أتقبل أنه ماعاد فيه أحد أقوله يممه.

      ،

      بتنهيدة ينظر إليه ليعود لمكتبه دون أن يلفظ كلمة، وهذا الصمت يثير الرعب في نفوسهم، جلس ليضع أقدامه على الطاولة بإتجاههم: خذوا جثته وحطوها قدام السفارة! . . خلهم يصلون عليه مساكيين . . *لفظ كلمته الأخيرة بإستهزاء*
      عمر : فارس ما يطلع برا الشقة! . .
      سليمان ببرود ملامحه : طيب تبيني أروح وأطلعه لك! . . حمار أنت! . . أخلص علي فكني من فارس عساه ما به فارس
      عمر بلع ريقه : نستعمل القوة مع رجاله
      سليمان يقف وهو يأخذ التفاحة من صحن الفواكه ويقضمها بصوت مقزز : ضحكتني وأنا ماني مشتهي أضحك! . . كلم الكلب أسامة ولا حمد يطلعونه لك . . في راسك هذا مخ ولا درج!
      عمر بضيق : موت فارس بيكلفك كثير! . . لأنه صار نسيب عبدالرحمن
      سليمان رفع حاجبه : نعم؟ وأنا من متى يهمني عبدالرحمن! . . ما أبغى أعيد كلامي! . . فارس أبيه يتبخر مع هالمطر مفهوم؟
      عمر : رائد مستعد يسوي كل شي عشان ولده! . . الموت راح يخليه يفكر بجدية ينتقم منك ويترك عبدالرحمن وسلطان
      سليمان بغضب يصفعه : قلت ما أبي أشوف أثر لفارس! . . لا تناقشني
      عمر بحدة : فارس ما يهمك بشي! كذا بتخلي ألف واحد يتربص لنا
      سليمان : وأنا أبيهم يتربصون لنا على قولتك! . . خل أسامة يسممه ولا يسوي له أي شي . .
      عمر برضوخ : مثل ما تبي! لكن راح تتذكر كلامي
      سليمان : أنقلع عن وجهي .. لا أبو من جمعكم يالخمة! . . يجلس بالأريكة . . والحمار الثاني؟
      عمر بسخرية : الحمير كثير
      سليمان : تأكد أني لو أربي حمار كان تعلم وأنت ما تعلمت . . عبدالعزيز الزفت! . . أنا إذا ما سارت خطتي زي ما أبي راح أخلي قبوركم معلم سياحي!
      عمر تنهد : مقدرنا نوصله . . بحثنا في الفنادق اللي جاها وبشقته وبشقة ناصر . .مالقينا أثر له
      سليمان : وش صار على ناصر؟ ما قلت لي تطورات قضيته؟
      عمر : حطيت بصماته على السلاح عشان يتأكدون أنه هددهم
      سليمان : حلو حلو . . يعني القضية جاهزة لناصر! . . وقف ليتقدم نحو الورقة المعلقة وهو ينظر للأسماء التي شطبت . . أخذ القلم ليشطب " ناصر " وبنبرة حزينة يمثل : وش قد هالبلد تخسر من رجالها!

      يتبع

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


        ،

        وقف أمام الباب كثيرا وهو يتردد لحظة ويعود للحظة أخرى، يشعر بشيء يرهق خلاياه، لا يستطيع للحظة أن يفكر بإتزان وبإستقامة أكثر، تقدم إلى أحمد الجالس خلف مكتبه، فيصل بهدوء : السلام عليكم
        أحمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        فيصل : أبي أشوف سلطان بن بدر
        أحمد : تفضل إجلس . . إتجه نحو مكتبه ليطرق الباب ولا يستمع صوت يأذن له، كان جالسا يقرأ الخطاب الذي وصله، بغضب عجن الورق بقبضة يده ليصرخ : مين!
        أحمد أرتجف ليفتح الباب : عذرا .. . ا . . ولا شي .. وخرج.
        سلطان بقهر يرمي الورقة ليخرج دون أن ينتبه لفيصل، أتجه نحو مكتب عبدالرحمن ليفتحه بقوة حتى سقطت عيناه عليه هو وعبدالله جالسان يدققان ببعض الأوراق، عبدالرحمن رفع حاجبه : خير؟
        سلطان : وش اللي حاول تسويه؟ تبي تكسر ظهري ... انا ماني فاهمك! أنا عدوك ولا صديقك! . .
        عبدالله : وش صاير لكم؟
        سلطان بغضب كبير : اقسم بالله لا أجيب تقرير بأنك أنهبلت .. وبأنه عقلك رسميا توقف وماعاد تعرف تفكر زي الخلق!
        عبدالله يقف : سلطان! . . وش هالكلام؟
        عبدالرحمن يقف هو الاخر ليردف : أنت تحتاج تجلس لحالك وتراجع نفسك! راجع أخطاءك الأخيرة وطريقة تفكيرك وحبكتك لخيالاتك
        سلطان يشير إليه بسبابة مهددة : راح أعتبر اللي صار ما صار! . . . واللي محتاج يراجع نفسه هو أنت! وفاة مقرن مأثرة بعقلك مو بس بقلبك! . . . وخرج بغضب للأسفل متجها لخارج المبنى.
        فيصل يقف :وش فيهم؟
        أحمد يهز كتفه باللاأدري ليردف : ماراح تقدر تشوفه اليوم
        فيصل تنهد ليتجه نحو مكتب عبدالرحمن وينظر للباب المفتوح : السلام عليكم
        ألتفتوا عليه، عبدالرحمن يجلس وهو يحاول أن يهدىء من غضبه، يشعر بالقهر من نفسه وليس فقط من سلطان : تفضل فيصل . . . . كنا راح نتصل عليك

        ،

        هيفاء تقف أمام رزنامة التقويم الموجودة في المطبخ، يومين بالتمام ويأت زفافها المنتظر، يومين بالتمام وتنقلب هذه الحياة ليشاركها أحد اخر، يومين فقط. دخلت لتجدها تقف مبتسمة ببلاهة أمام التقويم، ألتفتت نحوها بخوف : بسم الله . . . خرعتيني
        مهرة : ما كنت أقصد
        هيفاء بإبتسامة : رجع يوسف
        مهرة : لا . .
        هيفاء بتوتر من الحديث مع مهرة التي لا تجدها دائما مبتسمة : كنت أجرب أسوي حلا . . وش رايك تذوقينه وتعطيني رايك؟
        مهرة بإبتسامة : وريني . .
        هيفاء تبعد القصدير عن الطبق لتمده إليها، أخذت حبة لتتذوقها بتلذذ : مررة حلوة
        هيفاء : جد ولا تجاملين؟
        مهرة : والله مررة لذيذة . .
        هيفاء : ومكوناتها يحبها يوسف مرة متأكدة . . خليه يجي بس وأذوقه إياه . . . . سمعت صوتهما خارجا .. هذولي هم جو . . خرجت لتجد منصور ويوسف : طولتوا مررة
        منصور : مرينا فيصل وما لقيناه ورجعنا
        هيفاء بللت شفتيها بلسانها بربكة : سويت حلا وأبيكم تذوقونه
        منصور : بصعد أغير وأجيك . . . صعد لتخرج مهرة من المطبخ متجهة نحوهما.
        يوسف : وهذا اللي قدرتي عليه . . والله لو طابخة ذبيحة!
        بإبتسامة يلتفت نحوها : وش صاير بالدنيا؟ السلطانة مهرة نازلة تحت
        هيفاء : طيب وأنا قلت لك أني مستانسة أني مسوية حلا! شي جديد وجربته فيها شي؟
        يوسف : طيب لا يكثر روحي جيبيه ويقيمه لساني
        هيفاء : مرتك لو يجيها حالة نفسية ما ألومها!
        يوسف يضع ذراعه على كتفي مهرة : أنا ومرتي نتهاوش ونتكافخ بعد بس أنت أطلعي منها
        هيفاء : أفا يعني تفشيل بدون مقدمات
        مهرة ابتسمت : ما بعد شاف التكفيخ
        يوسف : متعددة القدرات الله لايضرك
        مهرة تضربه بكوعها على بطنه بقوة حتى عاد للخلف بألم : كذا قدراتي تمام
        هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه منت هينة
        يوسف يجلس على الأريكة : أنا قايل بنات حايل يرضعون مع أبليس بس محد صدقني!
        مهرة تجلس أمامه : من عذرك . . ماخذين قلبك بنات حايل
        يوسف بضحكة عميقة أردف : شوفي الخبث! طبعا مين بنات حايل؟ هم انت . . الله على غرورك بس تختصرين البنات كلهم فيك!
        هيفاء جلست على الطاولة بجانب الباب لتتسع بإبتسامتها : أسمح لي يوسف بس طلعت مهرة جايبة اخرتك
        يوسف يحبس ضحكته ليردف بغزل : تجيب اخرتي . . تجيب دنيتي . . تجيب اللي تبيه
        مهرة أرتفعت حرارة جسدها لتضج الحمرة بوجهها، غرقت هيفاء بضحكتها ليشاركها يوسف بعينين تراقب ردة فعل مهرة الخجولة.
        هي الأخرى سحبت منديلا لتمسح جبينها الذي تعرق : أنا بصعد
        يوسف : تعالي يا بنت الحلال . .
        هيفاء : بروح أجيب الحلا . . دقيقة بس .. وخرجت
        مهرة تقف متجهة نحوه بعد أن أختلت معه : مشكلة أني احب الرياض ولا صدقني كان ممكن أكرهها بسببك
        يوسف بسخرية : لا مالك حق! كيف يعيشون أهل الرياض بدون حبك
        مهرة تقترب منه وكانت ستتوعده لولا أن يده سحبتها حتى سقطت على الأريكة بجانبه، أقترب من ملامحها : تضربين بعد!
        مهرة : محد أحسن من احد . . أتركني منصور بيجي الحين
        يوسف : يا قوتك بس! .. ماتبين تسأليني وش صار اليوم؟
        مهرة تغيرت ملامحها بربكة : مو مهم
        يوسف : مو مهم تعرفين أنك تظنين ظن سيء بأحد؟
        مهرة وقفت بتوتر كبير لتخرج من الصالة متجهة للأعلى دون أن تلفظ كلمة وتشعر بأن قلبها سيخرج من مكانه، لا تريد أن تصدق بأنها ظلمت أحد ولا تريد أن تصدق بأن منصور بريء.

        ،

        وضعت يدها على شفتيها بمحاولة تصديق ما يحدث، نظرت بعينين لا تصدق ما تقوله حصة امامها حتى رأت دمعتها تنزل بفرح : والله! . . يالله وش كثر بيفرح سلطان لو عرف . . راح أتصل عليه
        الجوهرة بدأت دموعها تهطل بغزارة على ملامحها لتشد على يد حصة : لا . . أقصد يعني أنا أقوله . . لا تقولين له الحين
        حصة جلست بجانبها : الجوهرة خايفة من شي؟
        الجوهرة أرتجفت بالبكاء الذي يصيبها في هذه اللحظة، لا تعرف هل يجب أن تبتسم لهذا الخبر أم تحزن؟ هل يحق لها أن تسعد بخبر كان من المستحيل أن تتمناه، أيجب أن أفكر بأنه من المستحيل أن يلاحظه سلطان أو حتى يهتم له، لن يشعر به، لن يشعر بالشعور الذي عند جميع الأباء لأنه ببساطة لا يحب أن يشعر! لا يحب أن تتحرك أحاسيسه إتجاه أحد ما، كيف أخبرك؟ أنا حتى أخاف أن تصرخ بوجهي عندما أقول لك، لأنك لا تريد مني شيء، لا تريد أن انجب طفلا ربما يشبهني! ربما يشبه أحدا من عائلتي، ربما يذكرك في كل مرة أن هناك جرح لم يتلئم، و هناك حزن لم يندثر رغم كل هذه السنوات، هناك أثر! هناك ألم و وجع في أنا . . أنت لا تعرف ولا تريد أن تعرف، قاسي جدا.
        حصة : حبيبي جوج وش فيك؟ . . مفروض تنبسطين .. هذا الخبر اللي منتظرينه من زمان!
        الجوهرة : بس سلطان ما ينتظره
        حصة بمقاطعة حادة : لا تقولين كذا! . . لو تبلغينه الحين بتشوفينه طاير من فرحته . . . أبعدي كل هالمشاكل اللي بينكم بعيد وخلي هالحمل يقربكم من بعض
        الجوهرة أخفضت رأسها لينساب شعرها عليها وهي تضع يدها على بطنها، تحاول أن تصدق بأن هناك روحا بداخلها، أصغر من كل هذا، حصة : تتصلين عليه ولا أنا أتصل؟

        ،

        باللاإرادية قلدت حركات شفتيه عندما أستيقظ، تأفأفت لترفع شعرها بطريقة أنيقة وتضع في أذنها قرطها الذهبي، ألتفتت إليه وهو يغلق أزارير ثوبه : بتطلع؟
        ريان بسخرية : لا بجلس معك أتونس
        ريم بإبتسامة : خسارة! . . جلستك مكسب
        ريان يتقدم نحو التسريحة ليبعدها بيده وهو يعدل نسفة شماغه متنهدا : خففي هالروج!
        ريم تسحب منديلا وهي تستجيب له بلا إعتراض : كذا زين؟
        ريان يعرف ماذا تريد، بلؤم الرجال الذي لا ينتهي إقترب منها ليقبلها بهدوء جعل سيقانها تتجمد، أبتعد وبنظرة ذات معنى : كذا أزين . . . وأخذ مفتاحه وهاتفه خارجا.
        ريم تزفر أنفاسها التي توترت : يبغى يروضني! . . طيب يا ريان . . . . لحقته لتنزل معه للأسفل.
        والدته : وإحنا صايرين مانشوفك!
        ريان : معليش هالفترة مشغول
        ريم : طيب ريان لا تنسى غداء بكرا! عشان تحجز لنا بدري
        ريان رفع حاجبه : غدا؟
        ريم بإبتسامة : إيه مو قلت أنك عازم خالتي وأفنان وبنتغدى بالواجهة
        ريان صمت قليلا حتى أتى صوت والدته : زين تسوي صار لنا قرن ما طلعنا
        ريان بنظرة وعيد وهو يلفظ بين أسنانه التي شدت على بعضها البعض: طيب ماراح أنسى. . . وخرج بخطوات غاضبة تشتد غضبا في كل لحظة.
        ريم بإبتسامة واسعة : خالتي وين أفنان ؟

        ،

        على أطراف أصابعها كانت تسير بإتجاه النافذة، فتحتها ليهب هواء باريس المحمل بالمطر، تجمدت أصابعها عندما أقترب لأذنها الصوت القادم من الشرفة الجانبية : مجنون أنت! . . قوله مقدر، هو أصلا بينهبل من بعد هروب عبدالعزيز! .............................. لا . . . تقريبا يمكن الحين نايم يا عمر مقدر أدخل عليه و بنت عبدالرحمن عنده . . . . من جدك أنت ؟ . . . . . . . أستغفر الله بس! . . . . طيب الليلة أنهي لك هالموضوع . . . . خلاص لا تحن الليل بمحي لك هالفارس! . . . . طيب . . .يخي أبثرتني . .. مع السلامة
        تجمدت عروقها وهي تسمع لكلماته المفزعة، ألتفتت لتجده نائما على الأريكة ويتضح على ملامحه التعب، جلست على ركبتيها عند رأسه وهي لا تعرف كيف توقظه : ا . . ا .. فف .. فارس! .. وضعت يدها على كتفه لتحركه قليلا، أستيقظ بفزع لتلفظ بعفوية : بسم الله عليك! . . .
        فارس يرمش بعينيه يحاول أن يستوعب من أيقظه؟ أم يستوعب كلمتها الأخيرة . . نظر إليها بعينين غير مصدقة حتى قطعت كل خيالاته بصوتها : ا .. يعني . . . . . ممكن تصحى؟
        إبتسم على ربكتها ليستعدل بجلستها : محتاجة شي؟
        عبير تقف ويديها تتشابك ببعضها البعض : لا . . شتت نظراتها بعيدا عنه لتكمل : تو فتحت الشباك . . و .. يعني سمعت واحد يتكلم
        فارس : إيه
        عبير بربكة : يقولون أنهم بيمحونك . . ما فهمت كلامه بالضبط . . لكن كان يقول إسمك
        عقد حاجبيه : أنا؟
        عبير : إيه . .
        فارس وقف : طيب لا تتحركين وراجع لك . . . وخرج وهو يضع يديه في جيوبه وينظر لرجال والده المنتشرين في كل مكان وفي كل زاوية، دخل عند والده ليجذب عينيه له : صح النوم!
        فارس : اللي يسمعك يقول نمت نومة ولا أحلى منها! كلها غفوة . . بعدين يبه وش دراك أني كنت نايم؟
        رائد : العصفورة قالت لي
        فارس بإبتسامة : عصفورة! . . عصفورة ولا الحمار اللي مخليه يراقبني!
        رائد : ما أناقشك بمسألة انه حمار لأن هو حمار فعلا لكن . . أرتاح وتطمن حبيبي محد يراقبك
        فارس ينظر لأسامة الجالس بعين جعلته يرتبك من أن وصل له شيء عنه : باين يا أسامة أنك تشتغل بتركيز . . عيونك تعبانة!
        أسامة وقف : تامر على شي؟
        رائد : لا تقدر تروح
        فارس يقف أمامه : وين كنت اليوم؟
        أسامة : هنا . . أبتعد قليلا ووقف فارس مجددا أمامه : بس ما كنت موجود العصر! . .
        أسامة بتوتر : كنت تحت
        فارس يبعد جسده عن طريقه : أحلام سعيدة . . ألتفت لوالده . . واثق في هالحمار؟
        رائد تنهد : ألفاظك بدت تصير زي وجهك
        فارس : مليت من الكلام الحلو والذرب قلت أجرب شوي ألفاظ الشوارع
        رائد : بنت عبدالرحمن طلعت جنونك
        فارس يقترب من والده ليلفظ : على فكرة ما تنتقص مني بشي بهالكلام! إيه مجنون فيها
        رائد : الله يخلف عليك! ما منك فايدة ..
        فارس يحك رقبته التي تيبست من غفوته الخاطئة : إيه نسيت لازم الفايدة تكون بأني أنهي حياة أحد . . كذا المجد لي
        رائد : بالله ريح مخي من مثاليتك وأفكارك اللي ما كسبنا منها شي! . . الحياة همجية . . حط هالشي في بالك
        فارس تنهد : مدري مين حاط في بالك هالتعاريف الواطية
        رائد إبتسم ليردف وهو ينظر للأوراق : أمك أتصلت تقول ليه ما ترد عليها ؟ قلبها تقطع المسكينة
        فارس يراقب نبرة والده الساخرة ليردف : بس هذا اللي قالته ؟
        رائد : إيه محرومة من النوم كله تفكر فيك خايفة أننا ما رضعناك
        فارس : هههههههههههههههههههههههههههه
        رائد يرفع عينه : من جدي أتكلم! . . أتصل عليها تراها مجنونة تروح تبلغ عنك وتفضحنا
        فارس : الله العالم مين المجنون
        رائد بهدوء :أنا أحس الله رزقني عائلة تذهلني بقدراتها دايم . . أنقلع عن وجهي لا يجيك ذاك الكف اللي يخليك تعيش البرزخ
        فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ما افتي لك بس ما يصير كذا! لا تقول البرزخ
        رائد بغضب : انقلع عن وجهي! . . أنقلع لا تخليني أذبحك الحين
        فارس ببرود يستفز والده : إحنا يبه من ربع اللي قالوا نحن قوم إذا أحبوا ماتوا . .
        رائد : الكلب اللي قالها لو يشوف أمك ينتحر مو من حبه من قهره . . . . .
        فارس بهدوء :حقك علي
        رائد : وش تبي توصله ؟
        فارس : لهدرجة هالجملة تضايقك كثير؟
        رائد يقف متجها نحوه : ما تضايقني! بس لأني عارف وش تبي توصله . . . أنا بالنسبة لي حياتك أهم من كل شي وحط هالشي في بالك قبل لا تسوي أي شي غبي!
        فارس : أمرك . . يقترب منه ليقبل جبينه ويهمس . . أبعد رجالك عني لا أصدمك باللي راح أسويه . . . . وخرج متجها للأسفل.
        نظر لأسامة وهو يعطيه ظهره ويحضر الشاي، نظر لإنفلات شيء من جيبه في كوب الشاي، ألتفت أسامة : جيت! . . أجل خذ صحصح على هالشاي
        فارس : وش حطيت فيه؟
        أسامة بإبتسامة : سكر
        فارس رفع حاجبه : سكر؟ . . .أخذه منه ليقذفه بوجهه الذي أحترق بحرارته، ركله في بطنه حتى سقط على الأرض ليشده نحوه : مين بيمحيني؟ . . ها ؟ . . . لكمه بشدة على وجهه المبتل بالشاي ليجلس فوقه وهو يردف بغضب : وش رايك أخليك عظة للحيوانات اللي معك؟ . . صرخ بقوة . . يبه! . . .
        ثواني حتى أتى بغضب والشتائم يطلقها بصورة سريعة : قوم عنه
        فارس : لا أبيك تشوف رجالك وش يخططون عليه؟ . . تكلم
        أسامة : فارس وش فيك! فاهم غلط . .
        رائد : حسبي الله بس . . قوم لا أفرمك الحين معه
        فارس : قبل وش كنت تقول ؟ حياتي أهم من كل شي .. طيب هذا اللي تشوفه كان بيسممني ولا تسألني ليه؟
        رائد ينظر لأسامة بريب ليردف فارس وهو يقف : قايلك أنك تتعامل مع حمير بس ما صدقتني . . . ودخل لغرفة عبير . . شد معطفها ليتقدم نحوها . . سحبها من معصمها دون أن يترك لها فرصة بأن تتحدث او تقول شيئا، خرج بخطوات سريعة من الشقة وبنبرة يستعجلها : أركبي السيارة
        عبير تفتح الباب وهي لا تعرف ماذا يريد أن يصل إليه، ركبت ليركب معها ويقودها بسرعة، توجهت طلقات الرصاص ناحيته لتكسر الزجاج الخلفي، فارس : دنقي . . .

        ،

        يضع معطفه فوقها : عنيدة!
        رتيل التي تجمدت بالبرد و البياض يتبخر من بين شفتيها : مزعوجة منك يا عز ولا تحاول تكلمني
        يجلس بجانبها ليبتسم بخفوت : عز! . . اول مرة تناديني بهالإسم
        رتيل بسخرية : واضح أني كرهتك
        عبدالعزيز يقترب منها ليقرب كتفيها منه وهو يحاول أن يدفئها بجسده : على فكرة بما أنك قلتي جبان كثير لازم أثبت لك العكس
        رتيل : تثبت لي بأيش؟
        عبدالعزيز يقترب من إذنها ليهمس : وش منتظرة تسمعين؟
        رتيل تحاول أن تدفعه ولكن قوته أكبر، ضحك ليردف : صفي النية
        رتيل : عبدالعزيز أنت تجرح وتجي ببساطة تمشي على جرحك! ولا كأنك مسوي شي
        عبدالعزيز بهدوء : لما أجرحك . . أجرحني
        بجهة أخرى يطلق تصفيرا خافتا بلسانه من خلف الأشجار، ليضع السماعة في إذنه وهو يلحن الكلمات : موجودين . . موجودين يا حبيبي .
        عمر : وين ؟ برا باريس؟
        : مدري إذا موجود عبدالعزيز أو لا بس الأنوار شغالة. . و إذا ساكنة مرت أبو سعود ماظنتي يكون داخل .. أتوقع أنه مو موجود . . مافيه ولا سيارة أصلا قدام الباب
        عمر بإبتسامة خبث : محد موجود . . غير البنات؟ .. طيب لحظة أول شي سالفة أخته وصورها مع ناصر في لندن!
        : إيه لا تهتم دقيقتين وربك لا تشوف خبر غادة عنده . .
        عمر : كفو والله . . الساعة 11 أبي يكون عند عز خبر بموضوع غادة! . . وأسمعني زين لا يدري سليمان أننا نعرف بأنه ناصر بلندن! . . لازم نستغل توريطة ناصر هالفترة . . ونستغل بعد توريطتهم هناك!

        ،

        يدخل البيت بخطوات تشتعل من أمور العمل التي لا تنتهي، ألتفت ناحية عائشة الواقفة : ماما حصة وين؟
        عائشة قبل أن تتحدث أنفتح الباب لتدخل معه الجوهرة وعمته، بعقدة حاجبيه : وين كنتم؟
        حصة تنزع نقابها وبإبتسامة شاسعة : خل الجوهرة تقولك
        سلطان : تطلعون بدون لا تقولون لي وأنا محذركم مليون مرة!
        حصة تنهدت : وش فيك معصب! خلاص طلعنا ورجعنا ماصار في الدنيا شي .. أنا بدخل أطبخ شي للجوهرة ماكلت شي من الصبح . . وأبتعدت عنهما.
        سلطان أقترب منها : وين كنتم؟
        الجوهرة تنزع عباءتها : كنا في المستشفى .. تعبت شوي وأصرت عمتك
        سلطان بنبرة تخيفها : تعبتي شوي؟
        الجوهرة وصدرها يضطرب معها بعلوه وهبوطه : إيه . . يعني وش فيها الواحد ما يتعب
        سلطان بقهر : لاأتعبي يا قلبي . . ألف سلامة عليك
        الجوهرة تراقب عروقه المتفجرة بوجهه : صاير شي؟
        سلطان يتجاهلها متجها للأعلى، تبعته وهي تردف : فيه شي أبي أقوله لك
        سلطان : ماأبغى أسمعه لأن مزاجي مقفل
        الجوهرة : على أساس أنه مزاجك دايم مروق
        ألتفت عليها بنظرة . . . .


        .
        .


        أنتهى البارت

        تعليق

        • *مزون شمر*
          عضو مؤسس
          • Nov 2006
          • 18994

          رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
          إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()


          رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية، بقلم : طيش !
          الجزء ( 69 )


          المدخل ل الحميدي الثقفي .


          اه يا قربك ويا بعد المسافة
          اقرب من القرب لكنك بعيد
          أنت عمر صب في عمري جفافه
          نصف نار ونصفه الثاني جليد
          أنت نهر عندي استودع ضفافه
          واعذابي لا افتكرت إني وحيد !
          حزني ابسقف المسا يأخذ كثافه
          ويتصاعد صبح دخان وحديد
          وارتمي بين الحقيقة والخرافة
          جوف صدري عذق وضلوعي جريد
          افتح الدفتر ويصفعني غلافه
          ويتساقط كل ما به من قصيد
          وتختنق دمعه ويسقط حلم تافه
          وارجع ارسم اكتب احلم من جديد !
          اه يا قربك ويا بعد المسافة
          اقرب من القرب لكنك بعيد !



          ألتفت عليها بنظرة لا تدري ما هيتها وإلى ما تصل إليه، عادت بخطواتها للخلف حتى ألتصقت بالجدار وصدرها يرتفع بعلو الشهيق دون الزفير، الزفير الذي دائما ما يهزمني بقوة أنفاسه التي تسلب الهواء من محيط فمي، تصادم فكيها برجفة خافتة وهي تنظر إليه برهبة لم تستطع أن تخفيها، أقترب حتى وضع ذراعه بشكل أفقي على نحرها ليردف بحمرة عينيه الغاضبة : لسانك طايل! . . أنتبهي على نفسك مني . . مفهوم؟
          عضت شفتها السفلية بمحاولة جادة أن لا تبكي أمامه، بمحاولة أكثر صدقا بأنها لا تنهار وتضعف، بمحاولة حقيقية بكت، سقطت دمعة من عينيها الداكنة، رفعت نظراتها للسقف وشفتيها ترتجفان معا، البرد يحقن نفسه بجسدها رغم دفء الأجواء، في كل مرة، في كل لحظة أؤمن أكثر بأن البرد هنا! في صدري وليس في السماء ولا في الهواء، ولا الريح تجلب هذا البرد، البرد في وإن طالت الشمس هناك، لم يساعدني هذا الدفء على أن أستعيد توازني من عينيه الغاضبة، لم يساعدني أبدا بأن يخفف ربكتي في اللحظة التي يتسرب حبه في دمائي، حتى عينيه يالله! حتى عينيه تهزمني شر هزيمة، لمرة واحدة . . لمرة واحدة يالله أجعلني صالحة بما يكفي بأن أرد عليه، بأن أغضب . . من حقي أن أغضب وأحرقه بالكلمات مثلما يحرقني، أن أفرغ هذه الشحنات السلبية المشبعة بحبه، لم أحبك على أي حال؟ لم أخبرك أيضا بخبر أجزم بأنه لن يسعدك! لم يعتاد قلبك أن يفرح لأنه لم يحزن كفاية ولم يفرح أيضا كفاية ، أنت النصف يا سلطان، نصف الأشياء التي لا ترحل، ولا تعود أيضا، أنت النصف المعلق بالسماء التي كلما نظرت إليها قلت في نفسي أنها ستأت يوما، ستكون في متناول يدي ولكن . . دائما ما تكسر ذراعي بأشعتها.
          أبعد ذراعه لتصطدم قدمه بقدمها، يلامس أنفاسها المضطربة بشفتيه التي تستنشق مثل الهواء، أطال نظره، أطال ترجمة عينيها التي تتحدث بلا توقف وتبكي بلا توقف و تحزن بلا توقف، متى تأت النهاية؟ متى تأت النقطة التي توقف كل هذه الأشياء؟ شعرت بطعم الدماء على شفتيها، تستثير حواسي يا سلطان، تستثيرها بشكل لاذع ومدمي، حتى أنفي الذي أحاول أن أتخلص من التوتر الذي يربكه تعيده إلي بكل عدوانية، وضع أصبعيه السبابة والوسطى على شفتيها، مسكت كفه لتبعده بنظرة أشد عدوانية منه ولكن يده اليسرى أتت لتوقف حركة يديها، مسح الدماء التي على شفتيها ليخرج منديلا من جيبه ويرفع رأسها للأعلى، بلحظات قليلة أوقف النزيف الجاري من أنفها، أبتعد متجها للحاوية الصغيرة المنزوية ليرمي بها المنديل، بخطوات سريعة أتجهت للحمام لتغلق على نفسها، وضعت يديها على المغسلة وهي تنحني بظهرها بدمع لا ينضب، وضعت أصبعيها فوق شفتيها التي شحبت بلونها، مازال طعم لمساته في فمي، مازلت أشعر بإنشطار الكلمات على حافة لساني، مازال يؤذيني هذا الشعور.
          في جهة أخرى جلس على الأريكة وهو يمسح على وجهه متنهدا : لا حول ولا قوة إلا بالله . . . وقف متجها نحو الحمام ليطرق الباب : الجوهرة! . . . لم يأت صوتها ولم يقترب أبدا منه.
          شد على مقبض الباب ليردف : أفتحي . . مو زين الجلسة بالحمام! . .
          بغضب يتفحم بنبرته : لو ما فتحتيه بكسره فوق راسك! . .
          ثواني قليلة حتى فتحته ولم تترك له مجال بأن يرى ملامحها من خطاها المبعثرة التي أتجهت نحو الأريكة وأعطته ظهرها لتردف بصوت متحشرج يحاول أن يصعد لمرحلة الإتزان ولكن دائما ما يوقعها في الدرك الأسفل من البحة : ما أبي منك شي! ولا أبي أسمع منك شي! ماني على هواك متى ماتبي تسمع صوتي قلت سمعيني ومتى ما بغيت سكوتي قلت يا ويلك لو أسمعك . . ماأمشي مثل ماتبي! ماني جدار ولا أنا أشتغل عندك عشان تمحي شخصيتي بهالطريقة وتحاول تبين كيف تقدر تتحكم فيني! أنا حرة يا سلطان ماني عبدة عندك توجهني مثل ما تبي . .
          كان واقف خلفها يسمع لكلماتها الخافتة ببحة تارة و تارة ترتفع ببحة أشد، صامت لا يقطع مجرى كلماتها بخطوة ولا صوت، يشعر بإنقباضات قلبها التي تسحب صوتها وتخفض من حدته، صمتت أمام صمته لتصمت الأشياء من حولهما، لم تتجرأ أن تلتفت إليه، أن تضع عينيها بعينيه، تشابكت يديها ببعضهما البعض بمحاولة طبيعية لتخفيف إضطراب جسدها المنتشي بالربكة، بنبرة مجهدة بما يكفي للبكاء : أفصل بيني وبين اللي يشتغلون معك! ماني بالقوة اللي تستحمل كل هذا . . أنا بنت يا سلطان ما أتحمل كل هالضغط! ما أتحمل كل هالقهر! . . ماراح أحاسبك إذا بتتحملني أو لا! مو عشان ما أبغى بس لأني مقدر! مقدر أوقف بوجهك وأقولك ليه! ومقدر اخذ منك إجابة . . ولا حتى نص إجابة، بس خلاص! مقدر أتحمل اكثر . . تبغى تعاقبني؟ عاقبتني بعيونك كثييير! . . تبغى تعذبني؟ عذبتني بعيونك كثيير! . . تبغى تقهرني؟ قهرتني بعيونك كثيير! . . تبغى تذبحني؟
          أخفضت رأسها لتجهش بالبكاء وهي تلفظ بين أوتار صوتها الباكية : ذبحتني كثييير! . . و أحرقتني! . . بس أنا وش سويت؟ ما عصيتك بأي أمر طلبته مني ولا قهرتك بشي ولا . . ليه أشرح لك أصلا؟ . . ماراح تستوعب حجم الألم فيني! ماراح تستوعب خسارتي بهالحياة! . . ماراح تستوعب أبد كمية اليأس اللي عايشة فيها . . . . . بقولك شي أخير يا سلطان أنا لولا رحمة الله كان ما شفتني الحين! لولا رحمة الله كان أنتهيت من زمان! لكن شي واحد يصبرني على اللي تسويه فيني! على نظراتك اللي تحسسني بالقرف وأني إنسانة ما توصل مستواك! على نظراتك اللي تنتقص من شرفي كثير! شي واحد يقولي في كل مرة إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . . . الله يعرفني ويعرف نيتي ويعرف اللي بداخلي! . . وقفت لتلتفت ببطء نحوه، نظرت لعينيه لصمته الشاهق جدا بشكل لا تقدر أن تصل إليه، للمسافة القصيرة التي تفصل بينهما وعبارة عن متر وربما أقل، لم تعرف أن تترجم ملامحه الجامدة، نظرت إليه بنظرة عاشقة لتردف بصوت ركيك، أخفضه الحب كثيرا، بلحظة تنتصر بها لنفسها : أنا ما أحتاجك! ماعطيتني شي يخليني أحتاجك . . لكن أنت؟ ولا مرة حاولت تصدق وتختار! . .
          سلطان بحركة أولى، بحركة يزهق بها صمته وهدوءه، سحب شفته العلية بلسانه ليردف : خلصتي كلامك؟
          شتت نظراتها بعيدا وهي تتلألأ بالدمع لتبتلع ريقها المنهك : بتستهزأ كالعادة! بتقول أنت مالك حق ت
          يقاطعها بهدوءه الغريب عليها : لك حق! . . على أيش بالضبط تبيني أجاوبك؟ على أي كلمة قلتيها؟
          الجوهرة بثبات تتجه إليه ليبقى الفاصل بينهما ثلاث خطوات لا أكثر ولا أقل : ليه تسوي فيني كذا؟
          سلطان بحدة : على أي سؤال أجاوبك!
          الجوهرة بإنهيار تام ترتخي دموعها من تفرعات أهدابها : لا تسوي فيني كذا
          سلطان بحدة أكبر : على أي سؤال أجاوبك!
          الجوهرة أخفضت رأسها ليشاركها العزاء شعرها الطويل، تقدم حتى تلامس قدمه بقدمها : سهل علي أكسر كلامك! وأطلعك كذابة! وأعطيك إجابات على قولتك . . شفتي كيف أني أقدر بمزاجي أخلي كل الحق لي وأحيانا لك!
          الجوهرة دون أن تنظر إليها، بكلمات متقطعة بالبكاء : وأنا مقدر أعيش مع هالمزاج! مقدر أعيش تحت الضغط والخوف من هالمزاج! . . مقدر
          سلطان يمسكها من ذقنها ليرفع عينيها بإتجاهه وهو يغرز أصابعه على جانبي خدها بالقرب من شفتيها : إذا أنا مسبب لك كل هالأزمات! لعلمك عيونك أكبر حاجز بيني وبينك!
          الجوهرة بنبرة خافتة وحاجبيها ينعقدان بالبكاء : ومزاجك وكلامك؟
          سلطان بحدة نبرته : وافعالي . . وأيش بعد؟
          الجوهرة تضع يديها فوق يديه وهي تحاول ان تخفف من شدته على وجهها : ليه ما تعترف بذنبك؟
          سلطان بغضب يبعد يديه لتتراجع خطوتين من صوته الصاخب : الحين عرفت وش هي مشكلتك! . . مشكلتك هنا . . غرز أصابعه بكل شراسة بإتجاه قلبها حتى عادت أكثر من خطوة للخلف وهي تشعر بأن أصابعه تأت كهيئة سكين تبدد الإتزان من دماءها المنتشية به. أعطاها ظهره وهو ينظر بإتجاه النافذة، بنبرة تكسر قلبها من الوجع وتكسره كثيرا وهو الذي عاش في كنف الألم أكثر من عقدين : يوجعني كثير أني مقدرت أسس لي حياة توازي التعب اللي عشته طول الثلاثين السنة اللي فاتت! يوجعني أكثر أنه زوجتي تكون بهالحزن! صح أنا مقدرت أختارك! مقدرت أقول أبي الجوهرة ! . . ألتفت عليها بكامل جسده ليقترب إليها وبنبرة تحرقها . . ما أخترتك بكامل قناعاتي! لأني ما أخترت أشوفك ذيك الليلة، ما تفكرين للحظة وش اللي جابني الشرقية في هاليوم! وش اللي خلاني أجي بروحي! وش اللي خلاني أكلم أبوك من الأساس! وش اللي خلاني أدخل بيتكم وأشوفك! . . ما أخترت أنا ولا شي من كل هذا! . . ولا راح أختار . . بخطوات لا يحددها شعور ولا ترتفع لسقف يقرر ماهيتها . . أتجه نحو الباب حتى وقف ودون أن يلتفت عليها لفظ : لا تتصورين ولا للحظة أني بقمة سعادتي وأنا أوجعك ولا أضايقك بكلمة . . لا تتصورين أبد أني مبسوط . . . انا قبل ما أوجعك أوجع نفسي اللي مقدرت تنجح في حياتها أبد . . . وخرج تاركها تصارع إحتمالاتها بالحياة، يهزمني كعادته بكلماته، حتى وأنا أخفف تراكمات الحزن بصدري وأبددها بصوتي، حتى وأنا أحاول الحديث معه لنصل لنقطة يهزمني، لأن الوجع بي على كل حال مهما حاولت، لأن عيناه يالله مؤذية وموجعة.

          ،

          أخفضت رأسها دون أن تستوعب ما يحدث الان، وأصوات طلقات النار تصخب وأنا التي لم اعرفها إلا بلحظات قليلة كنت أتمرن بها مع رتيل في الرياض، وضع ذراعه على رأسها عندما أستدار بتقاطع الشارع بقوة كانت ستذهب رأسها بإتجاه النافذة لولا يده التي شدتها بقوة ناحيته، أكمل سيره للطريق السريع متجها لشمال باريس، رفعت رأسها ليلتفت نحوها : بخير؟
          هزت رأسها بالإيجاب دون أن تلفظ كلمة وهي تنظر للزجاج الخلفي كيف تهشم، قلل من سرعة السيارة عندما أبتعد عن المنطقة، في كل ثانية كان يلتفت إليها ويراقب حركاتها الصغيرة والدقيقة، تداخل أصابعها في بعضها البعض وغرزها بلحظة أخرى في ركبتيها و ليدها التي تشد على معطفها في لحظة أخرى و السبابة والإبهام اللذان يرتفعها نحو إذنها لتحرك به قرطها الناعم الصغير، دون أن تنظر إليه : وين بنروح ؟
          فارس : مدري يا عبير . . فتح " درج السيارة " الذي أمام أقدامها ليخرج السلاح ويضعه في حضنه، أخرج الجوال ليحاول أن يفتحه إلا أنه مقفل برمز سري، نظر للأوراق ليخرجها ويقرأها تحت أنظار عبير التي تراقبه بخشية، تتفحص عيناه الأسماء وألقابها التي تخفي شخصيات حقيقية، كان يحاول أن يفكك الشفرات وهو يعد في عقله المواقف السابقة التي حصلت والكلمات التي كان يتناقلها والده مع رجاله، ينظر للطريق الذي أمامه وعينيه تغرق بالتفكير، صمت والده عن عبدالعزيز إلى الان يثير بداخله ألف سؤال، من المستحيل أن يكون والده بهذا الصمت والغباء، شعر بأن عروقه تحترق من فكرة إستغباءهم لوالده، ادفع حياتي بأكملها من اجل أبي، حمد خطوته إتجاه عبير لم تكن لمجرد أهواءه، هناك أمر مخبأ و فكرة أسامة ومهاتفته لأحد مجهول مثلما سمعته عبير لم تكن أيضا لمجرد اللاشيء، هناك سبب واضح لصمت والدي وسبب أوضح لوجود هؤلاء حوله، ماذا يحدث بالضبط؟ عادت أنظاره للأوراق، للكلمات الحادة المكتوبة، هل هذه وثائق سرية؟ من المستحيل أن توضع في السيارة، أي رجال أبي يقود هذه السيارة؟ بالتأكيد ليس أسامة ولا حمد . . هناك شخص اخر يتلاعب بهم.
          ألتفت على عبير وهو يعيد الأوراق وخلفه السلاح ليشتم نفسه عندما شعر بأن ضيع فرصة التحقيق مع أسامة وعقله يربط الأحداث، محاولة إغتيال سلطان بن بدر وقعت دون علم أبي من رجاله، هذا يعني أنه هؤلاء الرجال مشتركين مع شخص يوجههم غير أبي، هذا الشخص لا بد أن يكون معروف، هذا يعني أن بعد حادث العيد كانوا رجال والدي يتصرفون بغير علمه، شت!
          حرك السيارة ليكمل سيره بطريق لا يعرف ما منتهاه، وأفكاره تتخبط بإحتمالات تبعد عنه التركيز/الإتزان، عبير بصوت هادىء : ودني الفندق!
          لم يسمعها وأمواجه تتلاطم عند طبلة إذنه، بصوت أكثر وضوحا : فارس!
          ألتفت عليها ليعيد أنظاره بثواني قليلة إلى الطريق : هلا
          عبير : ودني الفندق . . أهلي هناك؟
          فارس : لا . . بنشوف لنا مكان قريب تجلسين فيه وأنا بضطر أرجع أشوف أبوي
          عبير : بتخليني بروحي؟
          فارس : ساعة بالكثير وراجع لك
          عبير وفكيها يتصادمان معا : كيف تتركني بروحي؟ بأي مكان؟ إحنا مو بالرياض!!!
          فارس: طيب انتظرك لين تنامين وأطلع وماتصحين الا وأنا عندك . .
          عبير : يعني تسكتني؟ تعرف شي! روح الله لا يردك
          فارس ألتفت عليها وعيناه تشتعل بالغضب : يا كبرها عند الله
          تنظر للطريق وشفتيها ترتجفان بزمهرير غضبه، شعرت بأن صدرها يحترق بكلمته، لامت لسانها كثيرا وشتمت نفسها بداخلها من دعوتها عليه، ودت لو تقول " اسفة " ودت لو تنطق شيئا يمحي هذه الدعوة، أخفضت رأسها أمام عينيه التي تراقبها بقهر، شدت على شفتيها بأسنانها لتلفظ بخفوت : مو قصدي!
          فارس : في هالدنيا كلها محد يخاف عليك كثري عدا أبوك . . تأكدي من هالشي
          عبير تنزل دمعة رقيقة على ذكرى والدها الذي أصبح يمر كإسم دون أن تراه : أنا مقهورة من اللي صار! . . كان مفروض توقف بوجه أبوك قبل كل شي . . كان مفروض ما تجي الفندق وتكذب علي عشان أنزل وتاخذني . . كان مفروض ما تتزوجني بهالطريقة الرخيصة . . . كان مفروض تسوي أشياء كثيرة تخليني أثق فيك وبحبك . . بس أنت يا فارس ما سويت شي!
          فارس يركن السيارة مرة اخرى ليلتفت عليها بكامل جسده : طيب إذا كان شي فوق طاقتي؟ تبيني أقولهم خلاص أنا مقدر سوو اللي تسوونه فيها . . أنا حاولت بس أمنع أشياء كثيرة كانوا ممكن يسوونها فيك! . . حاولت يا عبير وتقولين ما سويت شي! . . يا جحودك!
          عبير ببكاء : في داخلك كنت راضي لأنك تزوجتني وأنت موافق بس أنا ماعطيتوني مجال حتى اختار! . . قهرتوا أبوي بعد هالعمر! أبوي اللي كان يرفض الرجال أحسنهم وأسوأهم بعد! . . كان يرفض لأنه ماكان يثق بأي أحد والحين يجي أحد يتزوجني و أبوه بعد ملاحق قانونيا ويضر أبوي . . فيه أكثر من كذا قهر لأبوي؟ . . ماراح تفهم أبد وش معنى انه أبوك يحترق؟ ماراح تفهم أبد لما تشوف القهر بعيونه! أنا أعرف . . أعرف والله أنه أبوي الحين جالس يحترق من وجودي معك! أعرف أنه أبوي مايحط راسه على المخدة الا وهو مقهور! . . كيف تبيني أرضى؟ . . إذا أنا رضيت كيف أبوي؟ . . محد بقى لي في هالدنيا الا أبوي! . . وكسرتوه! كسرتووه يا فارس! عمري ماراح أغفر لأحد كسر أبوي وقهره! عمري ماراح أسامح أحد ذبحني بأبوي!
          فارس ينظر لنهر عينيها المتلألأ : مو بكيفي! . . كانوا راح ياخذونك سواء معي أو لا . . بس أنا مارضيت .. لأني كنت فعلا خايف عليك . . والله كنت خايف عليك! . . صح معك حق ما حاولت كثير بموضوع الزواج لأني كنت أتمناه . . بس ماكنت أتمناه بهالطريقة . . ولا كنت راضي على هالطريقة . . كنت أحلم بشيء ثاني! بس هذي الظروف . . هذي الحياة اللي خلت خطواتنا تتقابل! . . بالنهاية محد بيجبرك على شي! بالنهاية راح تختارين .. إذا مو اليوم بكرا . . راح تختارين

          ،


          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

            ،

            في جهة أخرى صفعه بقوة حتى سقط على الأرض، رفع حاجبه : قلت تمسكونه! تخوفونه! بس ما قلت أذبحوه واطلقوا عليه النار!
            : هذا اللي صار! هرب ومقدرنا نوقفه الا بأننا نطلق عليه
            رائد يمسكه من ياقته : لو صار شي لولدي! وش ممكن أسوي فيك؟ . . ضربه على رأسه . . فارس لا ! مفهوم ياغبي؟ . .
            يقف وهو يعدل ياقته وقميصه الذي أنتزع : إن شاء الله
            رائد : انقلع عن وجهي . . . دخل أسامة وهو يغلق أزارير جاكيته الأسود . . طلبتني
            رائد بهدوء : اجلس . .
            أسامة : تفضل
            رائد وهو يلعب بحبات النرد بين أصابعه : أفكر نكلم اسلي ونحدد موعد قريب في باريس
            أسامة رفع حاجبه : اسلي؟ . . بس ماعندك عبدالعزيز!
            رائد : هذا اللي بوصل فيه وياك . . نلتقي فيه ونخلي سلطان وبوسعود ينشغلون بهالموعد . . نخليهم يجون هالمكان وبكذا راح نضرب روسهم في بعض
            أسامة : اللي تشوفه
            رائد : أبي رايك
            أسامة : متوقع أنها بتنجح الخطة ؟ يعني . . ممكن يشكون
            رائد بثقة : ماراح يشكون! مافيه هنا أي جاسوس ممكن يخرب الوضع . . صح؟
            أسامة بتوتر : صح . . وقف . . خلاص أدبر لك موعد وأجهز لك اياه
            رائد : تمام .. تقدر تطلع
            أسامة خرج وهو يفتح أزارير ياقته من حمرة التوتر التي صعدت إليه.
            رائد نظر إليه وهو يخرج ليتمتم : بنشوف أنا ولا أنت يا سليمان!

            ،

            كان المسطح مرتفع وأقدام رتيل يحركها الهواء وبجانبها يجلس بصخب حضوره ورائحة عطره تغزو جسدها الذي يلامس معطفه : أكيد ما تهمك كلمة هالقد؟
            والبرد يسحب صوتها للداخل أكثر : مو مسألة كلمة! لكن مسألة رفضك هي اللي توجع . . مو مسألة أني أبي أسمع منك كلام حلو ولا غيره .. بس كل المسألة أنك . . . . مدري أنت وش أصلا . . نظرت إليه بينما كانت عيناه للأرض التي أمامه، أبعدت عينيها ليلتفت عليها بإبتسامة : وش هالنظرة؟
            رتيل إبتسمت رغما عنها : نظرة وحدة حقيرة
            عبدالعزيز ضحك ليردف بصوت متعب : محشومة
            بنبرة تحمل معنى يعرفه عزيز : ليتك تقولها لشي ثاني
            عبدالعزيز تنهد لينظر إليها بنظرة تضيء هذا الليل الباريسي، يستمع لتأوهات جسدها بمجرد أن يلامس كفها، يشعر بأنها تلتحم به في كل مرة يحاول أن يبتعد، في كل مرة يحاول أن ينهي البداية : عن الوجع محشومة.
            نظرت إليه لتحقن عينيها بكلمات خافتة محمرة ترتفع شحوبا للحظة وتقتلها البحة في صوتها : ما أحب غموضك يخي!
            عبدالعزيز بإبتسامة يمسح دمعتها التي حاولت أن تلامس خدها : يخي؟!!!! طيب أسمعي . . فيه بيت شعر أحبه كثير وعالق في بالي دايم
            رتيل : ما توقعتك تحب الشعر
            عبدالعزيز بضحكة : أحب المواويل! . . ترى حافظ إذا تبين
            رتيل لتردف بين دموعها : وش حافظ من المواويل ؟
            عبدالعزيز : ما أحفظ شي شريف
            رتيل : ههههههههههههههههههههههه زين تعترف بعد
            عبدالعزيز : أيام الجامعة والسهرات كان ما يعلق على لساني الا المواويل اللي أسمعها بالقهاوي ماكنت أميل للشعر أبد . . يمكن لأن كنت ملغي دور قلبي فماأحب الشعر الغزلي أبدا
            رتيل : وللحين ملغيه على فكرة
            عبدالعزيز بضحكة : لا ماني ملغيه . . لو ملغيه ما قلت لك أبي أقولك بيت شعر وبعد ماخليتيني أقوله
            رتيل : طيب وشو؟
            عبدالعزيز وهو يبعد أنظاره عنها : أنت عمر صب في عمري جفافه نصف نار ونصفه الثاني جليد . . أنت نهر عندي استودع ضفافه وعذابي لا افتكرت إني وحيد ! . . . لشاعر إسمه الحميدي الثقفي
            نظرت إليه بعينين تتلألأ، ترتفع الحمرة الضيقة إليها أمام إرتجافات شفتيها التي تصارع البرد، بحنجرته التي تسرق الكلام والأماني والمواعيد ليكمل : و فيه شيء ثاني قرأته ببلوق أحد ناسي مين بالضبط .. لكن حفظته من كثر ما استرجعه ببالي
            رتيل تحت ضوء القمر كانت عينيها تسرفان بالدموع دون أن تطلق اه واحدة، عبدالعزيز : ماقلت لك ! كم أسهرك ؟ وأتنفسك ؟ وأمشي معك واقدرك .. ! وماقلت لك! تمر لحظه .. فيها أكرهك ! وأحس إني اجهلك ! وأستغربك ! وأودعك .! وماقلت لك ! برجع بشوقي و أعشقك .. و بداخلي ألملمك .. وأحلف, والله ما أتركك .. وأبدلك! ماقلت لك ! أني غبي ..! لأني عجزت أستوعبك . . .
            ألتفت عليها لينظر لعينيها الداكنتين التي تضيء بإسراف، لم أحبك كفاية ولم أكرهك كفاية، أنا بينهما، ما بين الوجود واللاوجود، ما بين البداية والنهاية، أحيانا أشعر بأنني أمامك مقيد تماما، يستحيل علي أن أتزن أمام عينيك وأحيانا أشعر بأن الإبتعاد هو الحقيقة الواحدة الموجودة أمام عينيك، أحيانا أشعر بأنك هنا! في، وأحيانا أشعر بأن ظلالك تعشعش بصدري، أحيانا لا أعرفني، أجهلني كثيرا، أحيانا أحبك بشراهة و أحيانا لا أعرف كيف أحبك؟
            رتيل : ليه هالقصيدة بالذات؟
            عبدالعزيز لأول مرة تضيء عينيه أمامها بماء محاجره، رفع حاجبيه باللاأدري ليردف : تركضين يا رتيل وتعرفين وش النهاية . . تركضين كثييير وينقطع نفسك بس ماتوصلين لشي . .
            رتيل تتبلل ملامحها بملح بكاءها : وش النهاية؟ ما تعرفها كيف تحكم من كيفك؟
            عبدالعزيز يدخل يديه بجيوب بنطاله وهو ينظر للسماء الغامقة وعيناه ترتفع بإتجاه القمر : شايفة هالمسافات الطويلة اللي مشيناها . . . . ضاعت مني يا رتيل! . . ضاعت . . ومستحيل ترجع . . .
            عقد حاجبيه وهو يشعر بأن أعصابه تنهار شيئا فشيئا.
            رتيل بصوت يقاطعه البكاء كثيرا : نقدر، صح أننا مقدرنا نسوي شي صح في حياتنا بس نقدر
            عبدالعزيز بضيق : أنا ما كنت جبان معاك! . . كان أقدر أقولك بأي وقت وبأي لحظة أني أفقدني لما أفقدك! بس
            ألتفت عليها وعينيه تستثير دموعها : بس أنا مقدر أقول لأن أنا ما ينفع أقول كذا . . لأني مقدر . . مقدر
            اخفضت رأسها ليصل أنين بكاءها لاخر مدى في جسده، تناثر بكاءها وهي تستقبل إعترافه الشفاف بنفسه، يالوجع الذي يتسرب من صوتك، يا لمرارة الحزن التي تعبر لسانك، يالكبر فجيعتي بقلبك الذي يموت شيئا فشيئا، لم يتركوا لي مساحة لأتغنج بحبك، لم يتركوا لي مساحة لأعشق إسمك، سرقوا مني رغيف الحب و تركوني على حافة الإنهيار، سرقوا مني الماء و عينيك يا عزيز.
            عبدالعزيز بحنجرة تبح مع الهواء : فيه رجال ينهزمون بالحياة ومايتقبلون الهزيمة يضلون يحاربون ويحاربون لين تثور أوجاعهم ضدهم . . تخيلي أوجاعك توقف ضدك؟ تصوري وش كثر الرجال يفقد نفسه؟ إحنا ما نؤمن بقبول الأمر الواقع . . إحنا الرجال سيئيين ومحد يتأسف علينا ولا يبرر لنا لأننا نستاهل كل لحظة وجع! لأننا ماعندنا قلوبكم يا رتيل! ماعندنا قلوب تتحمل وتحبس هالوجع! ما عندنا قلب يكمل حياته بدون لا يرجع لورى! ماعندنا هالشيء! إحنا سيئين بالحب حيييل! وسيئيين أكثر لأننا تربينا في مجتمع جاف! ما وقف فيه شخص يدافع عن حبه . . .
            بنبرة يتحشرج بها الألم يكمل : المسألة ماهي فيك! المسألة أنه الشخص ما يقدر يتخلى عن نفسه . . مايقدر ينفصل عن نفسه . . وأنا . .
            رفعت عينيها التي تضبب عليها رؤيتها من نهر الدمع الذي يجري بها : وأنت؟
            عبدالعزيز تنهد ليشاركه الهواء البارد الأبيض الخارج من فمه : وأنا؟ . . مين بالضبط؟
            رتيل بإرتجافة شفتيها وبالمسافة القصيرة جدا ما بينهما : أنت يا عبدالعزيز
            عبدالعزيز بوجع الرجال الذين تلاحموا في صدره ولم يرحموه : ما قلت لك الخسارة يوم جتني حاصرتني جماعة . . . وماقلت لك نحارب هالحياة لين ينكسر فينا الضلع واحد ورى الثاني . . وما قلت لك أنك نفسي يا رتيل . . وإني مهما بعدت ماراح ألقاني إلا وياك . . وإني مهما سويت الكثير مني فيك . . وإني مهما حاولت أحفظك فيني . . يكسروني! .. .. مو أنا اللي ما أبيك لأن محد يرفض نفسه وقلبه . . يقترب منها فوق إقترابه ليحاصر ملامحها بيديه وجبينه يلاصق جبينها وعينيها يتدافع بها الدمع بلا توقف، بصوت يسلب قلبها و يزرع في كل زاوية بجسدها وجعا اخر وعينيه تحتبس الدموع دون أن تنزل دمعة من أجلها : يمكن الله ما كتب لنا الحياة في الدنيا، يمكن الوعد في الجنة بس تدرين وش أخاف منه؟ . . .
            أرتجف من درجة الحرارة التي تقل أكثر بكلماته الضيقة : أخاف أننا ما نلتقي بعد، قدرت أهرب وأحمي نفسي مرة ومرتين . . بس الثالثة ماراح تكون سهلة أبد يا رتيل . . . أقترب من عينها اليسرى الباكية ليقبلها بعمق و صوت الهواء الذي يداعب أوراق الأشجار وحده من يشارك صخب أنفاسهم المتصاعدة : مو جبان لما تقولين أختار الطلاق! . . لأني ما أبي ننفصل . . لأني أبي أعيش هالخراب معك وهالأساس الهش اللي مقدرنا نوثق حباله، أبي لما أغيب تكونين زوجتي اللي مقدرت أراقب حركاتها وهي نايمة، مقدرت أشوف عيونها كيف تشرق! مقدرت أحتفل معاها بزواجنا ولا قدرت أجيب منها طفل يشبهها . . أبيك تكونين زوجتي اللي حلمت فيها ولا قدرت أوصلها . . اللي أنتظرتها وماعرفت كيف ألاقيها . . ابيك زوجتي اللي مقدرت أصلي جمبها ركعتين ولا قدرت أشوفها كيف تصحيني! . . أبيك زوجتي اللي مقدرت أسهر معها ليلة ولا قدرت أشاركها بأي قرار . . أبيك مثل ما أنت! أبي كل هذا ينتهي وأنت زوجتي
            لم تبكي مثل هذه المرة أبدا، ضاعت بغياهيبه وهي تغمض عينيها حتى لا تراه أكثر، هذا الوداع تعرفه، هذا الوداع لا تطيقه، أرتخى جسدها بين ذراعيه وهي تجهل كيف تتحدث، تلعثم قلبها بالكلمات وبالحب، تشعر بأن الرجفة لا تخترق جلدها فقط! بل قلبها يشاركها الرجفة، بكت كثيرا منه وعليه ولكن لم تبكي يوما بكاء يذبل به كل شيء، يذبل به تفكيرها وقلبها معا، تفقد وظائفي الجسمية مرونتها، كل شيء يتيبس يجف يا عزيز.
            أقترب من عنقها ليحبس أنفه بها وهو يتحدث كأن روحه تزهق، دقائق كي أسحب رائحتك في، كي أحبس لمسات جسدك في صدري، أنا أموت يا جميلتي وكل اه مصدرها سمراء، وكل اه يتحشرج بها الطريق المسافر عنك أصلها عينيك، اموت بهزائمي التي قررت أن تنيب بقراراتها عني، أموت من حرقة الولع، أموت يا رتيل ولا تكفيني صلاة الغائب علي! أنا الذي كنت أرى الموت في أعينهم، أنا الذي أحببتك في اللحظة التي كنت أقترب بها من الموت، المجد لقلبك الذي صبر والرثاء على قلب أندثر، المجد للبكاء الذي لم يفوت لحظة من غطرسته نحوي و الحزن كل الحزن على أولئك الذين جرموا البكاء بحق الرجال، الحزن على أولئك الذين علموني كيف أتغطرس على دمعي حتى تغطرس علي، الحزن على المجتمع الذي تعامل مع الرجال ولم يتعامل مع إنسانيتهم، الحزن وكل الحزن أنهم جعلونا نبكي بقلوبنا حتى لا نضعف، ليتهم ينظرون! ليتهم يعرفون كيف بكاء القلوب يسلب من الحواس حركتها، ليتهم يعرفون كيف لقلب أن يتقطع ولا تنزل دمعة تخفف وطأة النحر، ليتهم يعرفون وليتني استطعت أن انسلخ من هذه القناعات من أجلك، ليتهم يعرفون كيف لبرزخ القلوب أن يؤذي بهذه الصورة دون أن يحيلني لحياة أخرى، أنا واقف بالمنتصف، واقف بالمرحلة الوسطية، واقف وكلي موت.
            أغمض عينيه وهو يغرق بها : مقدرنا نسوي شي مجنون! . . ما صورنا ولا مرة مع بعض . . ما أحتفظنا بشيء . . قسينا! قسينا كثير!
            رتيل رفعت رأسها للسماء لتبكي و أنهار عينيها لا تتوقف، وضعت يديها فوق رأسه القريب منها وهي تجهش ببكاء لا يتوقف أبدا، ما عاد الوقوف يفيد؟ ما عادت النهاية تغري للوقوف! كل الأشياء ترحل . . كل الأشياء تبتعد مني.
            عبدالعزيز أرتخت يديه منها ليصعد بقبلة عميقة بين حاجبيها وهو يهمس لعينيها المغمضتين : جينا لزمان ماهو زماننا ولمكان ماهو مكاننا . . جينا بوقت غلط ماكان في شيء صح إلا عيونك . .
            رتيل تدفن ملامحها بعنقه وهي تستنشق سمرته وبصوت مخنوق : أشششش! لا تقول كذا . . لا تتشائم بهالطريقة! أنت تعرف وأنا أعرف أننا نقدر . . راح نرجع الرياض وراح نكمل حياتنا . . راح نبدأ من جديد وراح ننسى هاللي صار! . . أنت ماتعرف وش يصير فيني لو تغيب عني؟ . . أنا مقدر . . إحنا قلوبنا بعد ما تتحمل! ما تتحمل والله . . . لا تروح! . . خلك هنا، أنا أحتاجك!
            عبدالعزيز وشعرها البني يهطل على وجهه وهو يشد جسده بقوة، يعانقها بعنف قلبه الذي اصطبر حتى تلاشى صبره : ما أتشائم!
            رتيل بضيق : من خاف سلم! .. وأنا قلبي خاف كثير ولا سلم يا عزيز
            عبدالعزيز بخفوت : كانوا يهددون أبوي لكن ما سمع لهم! . . وماتوا كلهم ولا تركوا لي أحد . . . والحين نفس الأسلوب يستعملونه معاي . . . أنا ماأتشاءم بس ما احلم كثير
            رتيل ببكاء : ليتني ما سمعت كل هذا! . . ليتني ما عرفت كل هذا . . ليتني ما اصريت عليك عشان تتكلم . . . ما احب هالوجع اللي بعيونك . . أحترق يا عزيز فيه


            يتبع

            تعليق

            • *مزون شمر*
              عضو مؤسس
              • Nov 2006
              • 18994

              رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

              ،

              بصوت يتوتر لحظة ويتزن بلحظة أخرى، يجلس بسكينة على المقعد الجلدي دون أن يتحرك به شيء سوى أصابعه التي تتحرك بموسيقية على جانب الكرسي : حصل هالشيء بعد الحادث تحديدا، اضطر مقرن يساعدني وتورط معهم . . . خبينا غادة في مستشفى ثاني و . . قدموا الرشوات للطاقم الطبي المسؤول عن حالتها . . قدرنا نزور أوراق كثيرة تتعلق فيها . . حولنا إسمها وخليناه يقترن بإسم مقرن بدون رضا منه لكن من ضغطهم عليه . . . فيه أوراق محتفظ فيها مقرن وكانوا يحاولون ياخذونها دايما بس كل محاولاتهم تفشل ويساعدهم مقرن بطريقة ثانية غير الأوراق . . لين ما قدروا يضبطون له كل هالأفعال ووصلوها لكم بطريقة غير مباشرة بعد . . لما وصلتوا لمرحلة الشك فيه أضطر يختفي عشان يتفاوض معهم بخصوص الملفات اللي عنده من سلطان العيد الله يرحمه لكن . . مقدر يسرب معلومات تخص أمن بلد . . أقتلوه! و الحين مهدديني عشان ما يوصلكم كل هذا! . . . . . لأن سليمان راح ينهي قوة الجوهي بعد ما ينهي الأشخاص الواقفين هنا! . . كانت هذي خطته من بعد حادث العيد . . لكن حاليا يستعمله اسلي المتعاون مع سليمان ورائد بس بالصدق هو ضدهم لكن يحاول يستغل إندفاعهم . . . عبدالعزيز هو الوجهة الأخيرة لهم . . راح يستدرجونه في الأيام الجاية عشان يروح لهم بروحه بدون أي أحد ثاني . . وهناك راح يستعملون إسمه مع شركاءهم . . وعشان يستعملون إسمه أكيد ماراح يكون حي . . . . راح يفككونكم .. راح يفككون أساس الأمن هنا . . وراح يضربونكم في بعض . .
              عبدالرحمن : اسلي هو اللي كانوا يسمونه صلاح؟
              فيصل : إيه
              عبدالرحمن بضيق يقف : كل شي قاعد يطلع من سيطرتنا! . .
              وصل سلطان بخطواته الثقيلة ليسرع إليه أحمد : ينتظرونك . . في مكتب بوسعود
              سلطان يتجه نحو مكتبه بعقدة حاجبين حادة، فتح الباب لتتجه الأعين نحوه، نظر لفيصل بإستفهام شديد حتى وقف الاخر : أنا مضطر أروح الحين . . مع السلامة . . . وخرج من أمام سلطان دون أن يتحاور معه بكلمة.
              سلطان : وش صاير؟
              عبدالله : اجلس وأستهدي بالله عشان نقولك
              سلطان : أتمنى بس أنكم ما اتخذتوا قرارات من دوني
              عبدالرحمن تنهد : تطمن
              سلطان يجلس على المقعد بمقابلهم : وش صار؟ وش قال فيصل؟
              مرت الدقائق والساعات الطويلة في سماء الرياض وهم يشرحون ما قاله فيصل ثم معرفة فك الشفرات التي بدأت تختلط ببعضها البعض، والأوراق تنتشر في كل مكان حتى الأرض التي جلس بها عبدالله ويحلل مسار قضايا قديمة بدأ الشك يتسلط عليها، جلس كل واحد منهم في زاوية لمراجعة الأوراق من جديد والملفات التي ربما تعمل معلومة تساعدهم، تربع سلطان على الأرض وهو يوزع بعض الأسماء في الأرض ليردف : صلاح يتعامل مع فواز . . بس مافيه أي ملف يحمل إسم فواز . . . . ولا حتى له أي وثائق رسمية . . لا جواز ولا بطاقة تحمل هالإسم . .
              عبدالرحمن رفع عينه والساعة تصل للثالثة فجرا : دققت بإسمه الكامل؟
              سلطان صمت قليلا حتى أردف : فواز أكيد من طرف سليمان! . . يستعمل هالإسم عشان ما نصيد عليه شي!!!!!! . . . و سليمان يلتقي مع رائد بأسامة . . هذا يعني أنه مخططات سليمان تتم بكل هالسرية لأنه يستعمل إسم فواز . . ممكن يكون هو فواز مو شخص ثاني من اللي يشتغلون تحته
              عبدالرحمن يقف وهو يسير يمنة و يسرة : إذا حطينا هالفرضية .. أنه فواز هو سليمان . . كيف حققوا و استجوبوا فواز؟ .. مين كان ماسك القضية؟
              سلطان : عبدالمجيد . . بو سطام الله يشفيه
              عبدالله : يتعالج في باريس الحين صح؟
              سلطان : إيه قبل مدة كلمته كان طالع من غيبوبة . .
              عبدالله : هو تقاعد قبلنا بسنة أو . .
              عبدالرحمن : معقولة يكون يعرف شي وما حطه في الملف؟
              سلطان يقف وهو يمدد يديه بإجهاد : بو سطام تقريبا تقاعد 2007 بعد المشاكل في قلبه وعلى طول راح باريس . . لحظة لحظة . . في الوقت نفسه كان سلطان العيد الله يرحمه مقدم على التقاعد والروحة لباريس! . .
              عبدالله : ما فيه غير نكلم عبدالمجيد ونستفسر! . . مستحيل يكون فيه أوراق رسمية ما حطها في الملف
              سلطان : ومستحيل تفوت على عبدالمجيد أنه هالوثائق مزورة وهالإسم ماله أي وجود! . . فيه شي ناقص بالموضوع!
              عبدالرحمن : كيف نلقى اللي كانوا مع عبدالمجيد في تحقيقه مع هالفواز!
              سلطان : ووش يضمن أنه تم التحقيق؟ ممكن ماحصل تحقيق وكل هذا كلام!
              عبدالله : أنا رايي من راي سلطان! . . مستحيل هالإستجواب يكون صاير وناقص بهالشكل المشكوك فيه! . .عبدالمجيد مو غبي عشان تفوت عليه مثل هالأشياء . . .
              سلطان : هذي بتاريخ 7 / 6 / 2007 .. يوم الخميس ..
              عبدالله : ما تتم الإستجوابات هذي يوم الخميس!
              عبدالرحمن : الخميس إجازة لدائرة عبدالمجيد أصلا
              عبدالله : إيه بدائرتنا معنا الخميس إجازة دايم وماتتم فيه تحقيقات ولا شي! اللهم أمور روتينية
              سلطان تنهد ليردف بعد صمت لثواني : يعني هذا الملف مزور! أو ماله وجود! . . عشان كذا سليمان ما هو مراقب! لأن مافيه أي شي يدينه . . بس هذي جريمة بعد! اللي غطوا عليه وأتركونا ننحاس كل هالحوسة عشان نوصل لإسمه . . .
              عبدالرحمن : وممكن إسم عبدالمجيد بالتحقيق مزور بعد . . مو شرط
              سلطان : أموت عشان أعرف وش كان يخبي سلطان العيد الله يرحمه
              عبدالرحمن : بنرجع لنفس الموضوع اللي ماراح يفيدك بشي
              عبدالله : وش تتوقع ممكن يخبي سلطان العيد؟
              عبدالرحمن : خرابيط من سلطان!
              سلطان بإبتسامة : تتحدى! إذا طلع صح وش ممكن تعطيني؟
              عبدالرحمن بمثل إبتسامته : أحلق شاربي!
              عبدلله ضحك ليردف: خرفتوا رسميا!
              سلطان : لأنه صار له كم يوم يشكك بأنه سلطان العيد ممكن يخبي شي عظيم! . .
              عبدالله يقف وهو يأخذ شماغه ليرتديه : طيب ليه ما نستعمل زياد! . . نخليه يرجع لهم لكن نراقبه ويوصلنا هالأوراق اللي مضيعتكم
              سلطان : مستحيل ينوثق فيه! . . خله زي الكلب هنا لين يجون الكلاب الثانيين ويحاكمونهم! . .
              عبدالله : على الطاري! اليوم مدري أي جريدة كاتبة عن إختطاف بس مو كاتبة أسماء أحد لكن يقصدون بنت عبدالرحمن . . أتوقع رائد قاعد يحاول يرسلك بطريقة غير مباشرة بأنه بنتك تحت التهديد
              عبدالرحمن تنهد بحنق : أفكر نحاصر بيته بس بهدوء، أخاف يوصله الخبر ويولع في عبدالعزيز والبنات
              سلطان : كيف بهدوء؟ .. ماراح نقدر! لأن هو ماسك علينا أكثر من شي . . ولو عرف بموضوع أننا مصادرين بيته ماراح يرحم أحد!
              عبدالله : هو اصلا مافيه الا كم واحد بالرياض الباقي كلهم بباريس! . . بكرا بدون ضجة نجيه . . ندخل مكتبه ونحاصر رجاله دامهم قليليين ومحد بيوصله الخبر
              عبدالرحمن : يعني بدون القوات؟
              عبدالله : إيه . . واحد منا يروح ومعه إثنين ويتولون الموضوع! . .
              سلطان : خلاص تم! أنا بكرا أروح واخذ معي من القوات إثنين يكفون . .
              عبدالرحمن : تدخل مكتبه وتشوف ممكن توصل لشي ولا تحاول تتكلم مع الحرس لأن أصلا ماراح يعرفون شي!

              ،

              ينظر بعينين متسعتين ليلفظ بخفوت : موجود! معاه وحدة
              عمر : يا حيوان خلك ولا تتحرك . . لحد يشوفك . . راقب البيت و شوف وين يدخل وحط الظرف عنده . .
              : طيب بس شكلهم مطولين . . هذي زوجته يمكن بنت عبدالرحمن
              عمر : زوجته ولا اخته وش دخلني أنا! . . انت لا تسوي أي ربكة وتخليهم ينتبهون لك . . خلك هادي
              : طيب اذا ما طلع برا البيت وش أسوي؟ اخذه هو واللي معه
              عمر : أقطع راسك لو تلمسه قبل لا أقولك . . أنت الحين سو اللي قلته لك بعدين نفكر .. الواحد يكون حذر مو غبي كل شي بسرعة
              تنهد : مو إذا صرنا حذريين قلتوا الناس تتذابح وأنتم تتفرجون وإذا صرنا متسرعين قلتوا بتشككونهم فينا . .
              عمر : إكل تراب ناقصك أنا . . وأغلقه بوجهه.

              ،

              بعينين ناعسة تضع رأسها على صدره، تسمع لموسيقى قلبه الخافتة وهي ترتفع بلحظات قليلة وتصمد للحظات كثيرة، لا يخرب اللحن بها، مازالت جغرافية صدره وحدها الملاذ، أظن أنني بدأت أقع بتشعباتك في قلبي، لست أظن على كل حال بل متأكدة تماما أنني لا أريد الخلاص منك : كلمتها اليوم وقلت لها عن القضية و عصبت علي
              يوسف بصوت ينام على شعرها : عصبت! . . ليه؟ ماقالت لك شي ثاني
              مهرة : تقول أنك تدور الزلة عشان تطلقني ومن هالكلام
              يوسف عقد حاجبيه : أمك غريبة
              مهرة : هي أعصابها توترت من عرفت بموضوع الإجهاض . . وصارت تحملني الذنب في كل شي أقوله لها
              يوسف : مهرة لا تزعلين مني بس ما تلاحظين انها تخبي شي!
              مهرة : لا أنا اعرفها أمي هي يمكن منقهرة ومتضايقة من سالفة الإجهاض مو أكثر
              يوسف : ممكن تعرف شي عن أخوك الله يرحمه؟ يعني ممكن قبل لا يتوفى قالها شي و
              قاطعته مهرة بحدة وهي ترفع رأسها عن صدره : مستحيل!
              يوسف : مو قصدي أنها تكذب! بس ممكن هي خايفة من شي . .
              مهرة : أنت ملاحظ أنه صار لك يومين تتهمني مرة ومرة فهد ومرة أمي
              يوسف يجلس ليسند ظهره على رأس السرير : مو إتهام! أنا أقولك أشياء مستغرب منها وأمك تثبت لي هالشي بعصبيتها وبردة فعلها
              مهرة بغضب : تصبح على خير .. . وأعطته ظهرها لتغطي وجهها بالفراش دون أن تلفظ كلمة اخرى، في داخلي شعور بانه يحاول أن يبتعد بطريقة لا تؤذي ضميره، يحاول أن يتهم ويفتعل المشاكل حتى أبتعد من نفسي.
              يوسف يقترب منها ليضع ذراعه حول بطنها ويسحبها بإتجاهه : مو قصدي أجرحك بأخوك ولا أمك . . أنا اسف
              مهرة وعينيها بعينيه : هالموضوع يوترني كثير! خلاص خلهم يفصلون بالموضوع بدون لا نتناقش فيه .. سواء كان الذنب علينا أو عليكم . . ما أبغى أعرف وش بيصير ولا وش راح يصير! . . أتركني أتقبل النتيجة بوقتها
              يوسف بإبتسامة : وعد ماراح أتكلم بهالموضوع قدامك أبد . . أقترب ليقبل جبينها . . تصبحين على خير

              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                ،

                تستلقي على الأريكة وهي تضغط على بطنها للحظات كثيرة حتى ترفعها بهدوء، يسير دمعها بمجرى ضيق على خدها، تأملت كثيرا بأن تأت اليوم يا عبدالرحمن، تأملت بأن تأت وتنتشلنا من وعثاء باريس، لم ولن أكره مدينة ككرهي ومقتي هذه اللحظة لباريس وفرنسا بأكملها، متى نعود كما كنا؟ متى نجتمع جميعا بفرح محقق! متى يلتم شملنا ونسعد؟ إلى متى والدمع لا يجف من محاجرنا؟ إلى متى والحزن يغرق بنا؟ إلى متى وكفوفنا تتجمد دون دفء من أحدهم، إلى متى يا عبدالرحمن ونحن بهذا البكاء وهذه الندبات تحاصرنا في كل مكان؟ إلى متى ونحن لا نثير دهشة السماء بفرحة؟ بضحكة؟ بإبتسامة؟ إلى متى ونحن نعد الأيام للحزن! إلى متى ونحن نعيش بهذا الكابوس؟ لا أطلب الكثير، لا أطلب الفرح بقدر ما أطلب الراحة، أطلب هذه الراحة التي سلبنا منها طيلة الأيام الفائتة؟ حاليا لا أشعر بشيء أكثر من شعوري ببلاد الحروب، بأوطان تربت على طلقات النار والدبابات! كيف يعيشون؟ كيف ينامون بهدوء؟ كيف يأكلون؟ كيف يراقبون متى يحين الموت؟ كيف يحملون كل هذه القوة للإستسلام بمجد الشهداء؟ أشعر وكأنني أنتظر فجيعة بأحد، متى أراك يا عبدالرحمن حتى تخمد في عيني الحروب؟
                نظرت للباب الذي يفتح لتدخل منه رتيل وملامحها تثير الفزع بقلب ضي، وقفت لتتقدم إليها : رتيل؟
                أرتمت بحضنها وهي تعانقها بشدة لتبكي على كتفها، ضي بخوف : صاير شي؟ . . تكلمي طيحتي قلبي
                رتيل : عبدالعزيز
                ضي بحزن تربت على ظهرها المبتل بالمطر وعلى معطف عبدالعزيز الذي ترتديه،و يضج صخب رائحته فيها لتردف : تعوذي من الشيطان . . قطعتي نفسك بالبكي
                رتيل : أحس روحي بتطلع! .. ما قد شفت في حياتي كلها كيف شخص يموت من داخله! كيف يبقى كذا جسد وبس! . . ما قد شفت هالشي أبد . . يوجعني حييل يا ضي .. أحس أني بموت من الوجع
                ضي التي تستنزف عاطفتها كثيرا بكت معها : بسم الله عليك . . لا تقولين كذا
                رتيل : حسيته يودعني . . ما كان يفضفض هو كان يعترف بأننا ما عاد فيه أمل . . كل شيء ممكن الواحد يتجاوزه الا أنه يموت بإيده الأمل . . ليه يعيش؟ إذا مافيه أمل ولا فيه سعادة تنتظره؟ . . . أحس بنار في صدري .. ما ودي يروح مكان! خايفة يصير له شي .. ما أبيه يموت يا ضي
                ضي تسقط دموعها كسكاكين في صدرها : محد يموت قبل يومه! الله يطول بعمره . . وش صاير؟ ليه يقولك كذا
                رتيل : ما أدري! . . بس عمره ما كان صادق مثل هالمرة . . . كان صادق كثير . . . كان ودي أسمع منه هالكلام بس ليتني ما سمعته . . سمعته واوجعني فيه . . . . ليه كذا؟ ليه يصير معنا كل هذا؟ . . يوم حسيت كل شي ممكن يتحسن رجعنا للبداية اللي عيت تختفي

                ،

                يجلس على الكرسي بجانب السرير وعينيه تراقب محاولاتها البائسة في النوم، يغرق بملامحها ليغرق بتفكيره بأعمال والده، ينظر لحركاتها الخافتة ليسترجع بعض المواقف مع رجال والده، تنتحي عينيه لكفوفها التي تشد على الفراش ويستعيد بعض الكلمات التي سمعها من والده، أقترب منها ليهمس : عبير
                فتحت عينيها بهدوء ليلفظ : الفندق ما يدخله أي أحد . . وفيه تفتيش الي عند الباب .. ماراح أتأخر بس ساعة وراجع
                عبير بخفوت : طيب
                فارس ينحني ليقبل جبينها ويخرج دون أن ينظر لردة فعلها، نزل للأسفل بالسلالم متجها لمواقف السيارات، ركب السيارة ليقودها بسرعة تتعدى السرعة القانونية، ينظر للساعة التي تقترب من الثانية فجرا بتوقيت باريس، فتح درج السيارة ليضع الأوراق بجيبه وهو يقود بتهور، رفع عينه للطريق ببرود ليكمل سرعته، تمر الدقائق السريعة بتفكير يجعل عقله يصيبه الأرق من المصائب المتداخلة ببعضها البعض، ركن السيارة اسفل الشقة التي يسكنها والده ليقترب من إحدى الحرس : هذي سيارة مين؟
                لم يجيبه وهو يلفظ : أبوك معصب خليتنا نضطر نطلق النار
                فارس يلكمه بقوة على عينه : هذي سيارة مين؟
                : ما أعرف
                فارس : طيب . . حسابكم معي ما خلص . . .وصعد للأعلى وهو يعدي الدرجتين بخطوة، فتح مكتب والده الذي كان يقرأ بإحدى الأوراق بتمعن شديد، رفع عينه بغضب عندما أنتبه له : شرفت! . . وقف . . مين سمح لك تطلع ولا ماخذها معك بعد!
                فارس : أترك هذا على جمب . . كيف مخلي هالحمير عندك؟ يشتغلون من وراك وينسبون لك أشياء مالها علاقة فيك!
                رائد ببرود : طيب؟
                فارس : وش طيب! . . أسامة جالس يخون فيك
                رائد : أدري! . . مع سليمان
                فارس عقد حاجبيه : تعرف ومخليه
                رائد بإبتسامة : أحيانا من الذكاء أنك تتغيبى شوي! . . بعد كم يوم راح يجي سليمان بحجة عقد وراح أورطه فيه!
                فارس تنهد براحة : الشرهة والله علي اللي جاي وراسي كان بينفجر من خوفي عليك يا يبه بس واضح أنك مضبط كل أمورك
                رائد : ليه طلعت؟
                فارس بحدة : من الحمير اللي عندك! . . الحين مين يطلع سليمان؟
                رائد : إذا عرف سليمان بأني قابلت اسلي واتفقت معه على كذب بيروح ويتفق معه واورطه بقيمة لو يقضي عمره كلها ما جاب نصها . . وينتهي بالسجن زي الكلاب اللي قبله . .
                فارس : يعني بتكذب وتسوي نفسك شاري من هاللي إسمه اسلي عشان يندفع سليمان ويشتري لأنه ضامنك وساعتها بتطلع ببرود و تتركه يواجه خسارته
                رائد : عليك نور! كما تدين تدان! هو تصرف بموضوع سلطان العيد مثل ما يبي وحرك المواضيع ببرود وخلاني اتورط فيها! . . أنا هالمرة بورطة ورطة مايطلع منها لو يحب السما
                فارس : بس توريطته لك ما كلفتك ذاك الشي الكبير! وأنت تبي تفلسه على الاخر وترميه بالسجن
                رائد بنرجسية : لأنه تحداني! . . وأنا ماأحب أحد يتحداني
                فارس : ماراح ننتهي من هالمشاكل؟
                رائد : لين يصير اللي في بالي! بكف شري عن ديرتك يا حبيبي
                فارس: وديرتك
                رائد : بهاجر هجرة بلا عودة! بنسى الرياض واللي جابوا الرياض! بعيش حياتي مثل ماأبي ومثل ما خططت
                فارس : مو كذا الأمور تنحل! أنت متورط بجرايم كثيرة!
                رائد : وين الدليل؟ لو عبدالرحمن واللي معه يقدرون كان ما شفتني الحين! هم ببساطة يعرفون أنه ماهو من صالحهم يتحدوني! . . عشان كذا خل سليمان يتعشى فيهم وينسفهم وبعدها أنسف سليمان وانتهي من هالعفن!

                ،

                يطلق اه مؤلمة : لا تحرك كثير
                : يخي دبلت كبدي . . تقول حرك رجلي ومرة تقول لا تحرك
                حمد : يا حمار حرك رجلي الثانية أحسها تحللت
                : من الدرج اللي في راسك قلت لك أبعد عن فارس بس ما طعتني
                حمد : وتحسبني ببعد! والله ثم والله لأخلي هالكلبة تحترق لما تشوفه!
                : وش تبي تسوي؟
                حمد : كل ماضيه الوصخ بجيبي! بالوقت المناسب راح أنشر غسيله وساعتها بشوف كيف بترضى فيه بنت عبدالرحمن ؟
                : بتودينا بداهية! من الحين أقولك أنا مالي دخل لأن لو عرف رائد أني معك قسم بالله لا يشرب من دمي

                ،

                بخطوات هادئة يغلق الباب لينفتح النور، ألتفت بفزع لينظر لوالدته : مانمتي؟
                والدته بوجه شاحب : أنتظرك
                فيصل عقد حاجبيه وهو يقترب منها : خير فيه شي؟
                صفعته على خده بكل ما أوتيت من قوة، هذه المرة الأولى التي تمد بها يدها عليه، بعينيها الغارقة بالدمع : قلت مافيه شي وكذبت!
                فيصل وقف متجمدا من صدمته بالصفعة التي لم يعتاد عليها أبدا ولم يراها في حياته، نظر لوالدته بنظرات من شأنها أن تزيد من غضبها : ليه كذبت علي؟
                فيصل : يمه وش صاير! والله مو فاهم وش تقصدين؟
                والدته وعينيها تختنق بالدموع : مين عمر؟
                فيصل : عمر!
                والدته بغضب تصرخ عليه : إيه عمر! . . متصل ويهدد ويتكلم بأشياء ظنيت أني أعرفها بس طلع ولدي يخبي علي
                فيصل يشعر بأن براكين تثور في صدره : طيب أهدي .. لا ترفعين ضغطك
                والدته : فيصل لا تهديني ماني أصغر عيالك! قولي مين عمر؟ وش علاقته بمقرن وبهالناس!
                فيصل يبلع ريقه : كان موظف و . . يعني حصلت مشكلة وهو شكله يبي يخوفك بس عشان يقهرني لأني متهاوش معه
                والدته : تضحك علي؟ . . فيصل أنا أعرفك لما تكذب! . . قولي مين هذولي؟ . . ياربي حرام عليك اللي تسويه فينا! عرسك بكرا وأنت تتهاوش مع فلان وعلان! . . واليوم الشغالة تاخذ من السواق أوراق من مكتبك! . . وش صاير؟ ليه ما صرت تداوم! وين تجلس كل اليوم؟
                فيصل بضيق يمسك يديها حتى يخفف من توترها : طيب أجلسي يا بعد عمري مافيه شي يخوف لاتشغلين بالك! . . بيتم العرس على خير وبتفرحين وأنسي كل هذا . . صدقيني كله كذب
                والدته : يا يمه اللي تسويه غلط! .. صدقني غلط!
                فيصل يقبل جبينها : حقك علي .. ماراح يتكرر أي شي من هذا . . روحي نامي الشمس قربت تشرق وأنت سهرانة
                والدته بضيق : الله يصلحك هذا كل اللي أقوله . . وصعدت للأعلى.
                فيصل تنهد بغضب ليخرج هاتفه ويكتب رسالة " راح أوصل لسليمان خرابيطك لو حاولت لمجرد المحاولة أن تتصل على أمي! وحط هالشي في بالك والله لا أحرقك أنت واللي معك " . . . . أتصل على من هذب غضبه وأعاد له توازنه في هذه الحياة بعد الله، أنتظر كثيرا حتى أتى صوته المسكن لكل الأوجاع بنظره : هلا بالغالي
                : هلابك . . وش أخبارك يبه؟
                فيصل : تمام . . رحت اليوم لبوسعود وكلمته . . قلت له كل شي قلته لي
                : كفو! . .
                فيصل بتنهيدة الوجع : بس ماني مرتاح يا عمي! . . راح يحوسون حولي!
                : فيصل لا تهتم! كل الأمور من الله بتتسهل . . .
                فيصل : اخاف يضرون عبدالعزيز! . . ويضرون ناصر وزوجته؟
                : ناصر وزوجته بالحفظ والصون! . .
                فيصل : وعبدالعزيز؟
                : الله يحفظه . . لا تفكر بأحد . . فكر بنفسك وشوف مشاكلك بالشركة! . .
                فيصل يزفر بإختناق: والله خوفي يكشفونك ويضيع شغلك وشغل سلطان العيد الله يرحمه وراك
                : تدري يمكن محد يعرف هالشعور كثير! بس شعور الفخر والفرح بعد تعب أستمر سنين يا زينه من شعور! . . قريب جدا راح ينتهي كل هذا . . وراح نحتفل كلنا بسجدة لله وتذكر كلامي يا فيصل
                فيصل بإبتسامة ضيقة : ليت مقرن كان موجود
                : دمه ماراح يروح هباء . .

                يتبع

                تعليق

                • *مزون شمر*
                  عضو مؤسس
                  • Nov 2006
                  • 18994

                  رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                  ،

                  دخل بإرهاق دون أن ينظر لأي شيء بالغرفة، توجه نحو الدولاب ليرتدي بيجامته، نظر للسرير المرتب على حاله منذ الصباح، عقد حاجبيه ليخرج وينظر للطابق الثالث، صعد بخطى خفيفة ليقترب من الباب الذي يتيقن بأنها خلفه، فتحه بخفوت لينظر لعينيها النائمة، اقترب وهو يغلق الباب بقدمه، يتسلل إلى السرير الضيق حتى أستلقى بجانبها، شعر بأنفاسها التي توحي بأنها مستيقظة، بحركة تعرفها جيدا، سحبها من خصرها بلطف سلطاني حتى ألصق ظهرها به، فتحت عينيها دون أن تتحرك شفتيها بكلمة، همس : ليه نايمة هنا؟
                  الجوهرة : مانمت! كنت راح انزل تحت
                  سلطان ويده اليمنى تستلقي على بطنها، أرتعشت من لمسته، لا تعرف كيف تسلل إليها شعور بأنه وكأنه عرف بالأمر، حاولت أن تتخلص من قبضته وتنظر إليه لتترجم عينيه ولكن زاد بضغطه ليقيدها.
                  الجوهرة بسخرية : أكيد فيه شي مفرحك! هو لازم الجوهرة تبقى تحت سيادة مزاجك
                  سلطان : بالعكس! ما صار شي مفرح لي اليوم! . . بس حبيت أكسر كلمة مزاج اللي ما تفارق لسانك
                  الجوهرة : وكسرتها؟
                  سلطان يقبل عنقها وهو يهمس: أكسرها لك مرتين لو تبين
                  شعرت بأن حرارة جسدها ترتفع والحمرة تغزو أطرافها، أنت تعلم يا وجع الكلمات في قلبي، يا ضيق التسويف في صدري، تعلم جيدا أنك تشعل فتيل الدماء المستنزفة بحبك، تعلم أكثر كيف للحياة أن ترتفع عند عينيك وكيف تسقط؟ يا وجعي يا سلطان منك في كل لحظة تجمد بها الكون أمامي، أحيانا أشعر بأنك تضيع علي يقيني، بحق الله كيف تخلخل خاصرة اليقين بأصابعك دون أن تدرك ماذا أرتكبت! أحيانا أقف مصلية متعبدة بأملي وأحيانا تقطع علي صلاة الأمل التي يركع بها قلبي، تذهب عقلي إليك في سجود أفكاره المتسبحة، كنا نقول في صغرنا إذا صعدنا كبرنا وإذا هبطنا سبحنا، وأنا كلما أرتفع لعينيك أقول في نفسي " الله أكبر على وجعك " وحين أسقط بك لا أعرف كلمة أبلغ من " عيناك وجع و إني إليها تائبة "، حتى حزني يتوب بصوتي، يخمد لينام على عتبة لساني ولكن صوتك يا سلطان يزعزع نومه ويفزعه، صوتك كيف يجرح؟ كيف يخدش روحي و على ضفافه ينبت الفردوس؟ قل كيف لا أبكيك؟ وأنا أشعر بأنني مأذنة لا تجد صوتا ترد صداه، أتشعر بهذا الخلو/الوحدة ؟ أتشعر كيف يعيش الإنسان دون أن يرتد عليه صوته؟
                  بلعت ريقها لتردف بربكة من أفكارها المتخبطة : قاعد تمحيني!
                  سلطان ببرود يستفزها : أنا؟
                  الجوهرة بإختناق : ما يوجعك شي على فكرة! أنت تتلذذ بكل كلمة تجرحني فيها!
                  سلطان : ما اتلذذ! بس متعود لما استجوب أحد أعيد كلامه عشان يصرخ ويقول كل اللي في قلبه
                  الجوهرة بحدة: وقلت لك أفصل ما بيني وبين شغلك! . .
                  سلطان : وأنا أصلي الفجر بالمسجد سمعت قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزوجته
                  الجوهرة : رضي الله عنه
                  سلطان : لما علت صوتها عليه . . وجاني إحساس بأني أتقبل أنك تشتميني اليوم
                  الجوهرة رغما عنها أفلتت ضحكة من بين شفتيها : وتقول مافيه شي مروقني! المسجد لوحده يروق الواحد ويهدي أعصابه
                  سلطان بإبتسامة : قلت في نفسي! معليش يا سلطان خل الجوهرة تصرخ وتعصب وتسوي اللي تبيه . . بالنهاية هي من حقها تصرخ وتنهبل بعد إذا تبي
                  الجوهرة وتظهر أسنانها من إتساع إبتسامتها لتردف بخفوت : ضيف لصفاتك أنك ملكع
                  سلطان بضحكة يحبسها ليكمل بتمثيل مقنع : جلست بالسيارة شوي وأنا أفكر كيف أخليك تطلعين كل اللي في قلبك! لأن بكذا راح تتخلصين من حواجزك قدامي
                  الجوهرة : وأيش وصلت له ؟
                  سلطان بجدية : ولا شي
                  الجوهرة ضحكت دون أن تحاول أن تحبس ضحكاتها أمامه : ما يستفاد من كل هذا ؟
                  سلطان : بالضبط! أنا ابغاك تسأليني ليه قلت لك هالسالفة؟
                  الجوهرة : ليه؟
                  سلطان يقترب من إذنه ليردف بخفوت : وصلت لقناعة أننا مفروض نؤمن باللي كتبه الله لنا
                  الجوهرة : قناعة! مررة بدري
                  سلطان أفلت ضحكة خافتة ليردف : هنا المشكلة الثانية
                  الجوهرة : ليه أحس أنك تتمصخر!
                  سلطان : واضح؟
                  الجوهرة بغضب : أبعد عني . .
                  سلطان بضحكة خافتة يشدها أكثر : المشكلة الثانية حلها أني أخليك تتثقفين شوي فيني
                  الجوهرة بحدة : اتثقف فيك!
                  سلطان : لأن نظراتي لك عمرها ماكانت انتقاص مير أنت تشوفينها كذا هذا دليل أنه ثقافتك فيني ماهي كافية
                  الجوهرة : وش تبي توصله سلطان؟
                  سلطان : نحدد مشاكلنا ونعالجها بعدها نقرر
                  الجوهرة : وش مشاكلك معي؟
                  سلطان : أولا فيه شي بخاطري من زمان ودي أقوله بس دايم أتراجع
                  الجوهرة ابتسمت : وش الشي؟ أكيد لي حق فيه
                  سلطان : يعني هو لك حق بس مو كثير
                  الجوهرة تشعر بلذة الإنتصار : إيه وشو؟
                  سلطان : ليه دايم أحسك تتعمدين تطلعين قدامي مبهذلة؟
                  الجوهرة صخبت بضحكتها وبضحكات نادرة تخرج منها جعلت سلطان يبتسم لضحكتها : واضح أنه دورك عشان تتمصخرين؟
                  الجوهرة : أولا عمري ما طلعت بشكل مبهذل بس أنا فعلا ما أحب المكياج ولا أحب أترك شعري مفتوح!
                  سلطان : بس تحبينه يكون مفتوح قدام غيري
                  الجوهرة : أقولك شي! مرة عمتك قالت لي الرجال إذا تبين تقهرينه صح! خليه هو والجدار واحد
                  سلطان : شوفي عمتي لها سلسلة فاشلة من الزواجات! يعني نصايحها لو تفيد كان فادتها
                  الجوهرة : أنا ما طبقت نصيحتها بس كما تدين تدان
                  سلطان : واضح الغل في قلبك والله لو أني يهودي
                  الجوهرة : أنت سويت فيني اللي ما يسوونه اليهود!
                  سلطان : تبالغين كثيير
                  الجوهرة : وش صار اليوم؟ أحس فيه شي وصلك
                  سلطان : ذكية الله لايضرك! . . تبين الصراحة ماصار ولا شي من اللي قلته لك بالبداية بس مريت المسجد جلست فيه شوي وجاني واحد شايب قمت أسولف شوي معه وقالي دايم قبل لا تقدم على عمل منت واثق فيه كفاية تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم .. قول في نفسك لو كان الرسول مكاني راح يسوي هالشي أو لا؟ إذا حسيت أنه بيسوي هالشي سوه وإذا حسيت أنه مستحيل الرسول يتصرف كذا أبعد عنه .. خل أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام هي القاعدة في حياتك والمفصل بكل قراراتك
                  الجوهرة بخفوت : وراجعت أفعالك!
                  سلطان بجدية : جلست لين طلعت الشمس وأنا أفكر واستخير الله . . وش ممكن يسوي الرسول صلى الله عليه وسلم بحالتي؟
                  الجوهرة بربكة شفتيها وقلبها يضطرب : وش ممكن يسوي؟

                  ،

                  ريم : أفنان واللي يرحم لي والديك
                  أفنان تنهدت : طيب خلاص بسوي كل اللي تبينه . .
                  سمعت صوته القريب، ركضت بخطوات سريعة نحو الفراش، لتندس وتغمض عينيها، فتح الباب ليرفع حاجبه وهو يعلم تماما بأنها مستيقظة، أقترب بخطواته وجلس على طرف السرير عند أقدامها : بالله؟
                  ريم تحاول أن تكتم أنفاسها التي بدأت تخيط لها ضحكة قد تنهي كل خططها بحق ريان، ألتفت عليها : أدري أنك صاحية! . . بالله وش خليتي للبزارين؟
                  ريم فتحت عينيها : ممكن تطفي النور لأني أبغى أنام
                  ريان : وش تحاولين تسوين؟ تبين تورطيني مع أهلي وتوقفينهم ضدي
                  ريم بإندهاش: أنا!! طبعا لا . . واللي يوقف ضد زوجي يوقف ضدي
                  ريان بسخرية : إيه واضح
                  ريم بإبتسامة تستعدل بجلستها : شفتني سويت شي غلط؟ . . بقولك شي ريان . . أنا من يومي صغيرة أعاني من شي نفسي وياليت تراعيه شوي
                  ريان : وشو؟
                  ستسلب الإتزان من عقل ريان بنبرتها الصادقة : ممكن أتوهم أنك قلت لي شي أنا ماقلته . . عشان كذا أنا ماأركز كثير . . ماكنت أدري أنك ماقلت لي عن الغدا لو كنت أدري طبيعي ماراح أتكلم بشي أنت ما قلته
                  ريان عقد حاجبيه : وش هالخرابيط؟ كيف تتوهمين؟ أنت بوعيك ولا . .
                  ريم تقاطعه : يعني هي حالة تجيني مرات وهالمرة صدفت عليك . . على فكرة هو شي طبيعي يعني فيه ناس كثير يعانون منه
                  ريان : ريم لا يكون تكذبين
                  ريم بضيق وهي تكمل التمثيل ببراعة : أكذب؟ يعني عقب كل هالحكي تحسبني أكذب . . أوكي شكرا يجي منك أكثر
                  ريان : طيب وهالحالة كيف علاجها؟
                  ريم : مالها علاج! هو شي نفسي إذا كنت سعيدة مايجيني بس إذا كنت *شدت على كلماتها* تعيسة تجيني كثير وممكن تحطني في مصايب كثير . . يعني تخيل أتوهم أحد قالي أطلعي برا وأطلع . . استغفر الله استغفر الله إن شاء الله مايصير . . نفثت على نفسها بكلمتها الأخيرة.
                  ريان ينظر إليها بصدمة : ماني مستوعب!
                  ريم بلعت ريقها : وش اللي منت مستوعبه! . . أتصل على أخواني إذا تبي وأسألهم بس أنا خفت أقولك في بداية الزواج وتحسبني مجنونة ولا شي
                  ريان : طيب نتصل على أخوانك
                  ريم توترت لترتفع الحمرة لجسدها : كلم يوسف
                  ريان : لا منصور احسن
                  ريم : مقدر أتصل على منصور يعني يوسف أكيد صاحي الحين!
                  ريان : بهالوقت؟
                  ريم : إيه عادي أخوي أتصل عليه بأي وقت بس أنت أكيد مو عادي
                  ريان يعض شفته السفلية بحدة : طيب أتصلي عليه قدامي
                  ريم بدأت أصابعها ترتجف وهي تضغط على إسمه، ثواني قليلة حتى أتى صوته الناعس : ألو
                  ريم : هلا يوسف
                  فز من سريره : ريم! . . فيك شي؟
                  ريم بربكة : لا لا . . ولا شي بس كنت أبغى أسألك وكذا
                  يوسف : الله ياخذك قولي امين
                  ريم بإبتسامة لريان : بخير الحمدلله
                  يوسف : الله ياخذك مرتين إن شاء الله! الواحد حتى وأنت منقلعة عنه ما ينام براحة
                  ريم : كيف أمي وأبوي؟
                  يوسف بعصبية : وش قاعدة تخربطين؟
                  ريم : أيوا الحمدلله . . طيب أسمعني يوسف أنا قلت لريان أنه فيني حالة نفسية تذكر اللي جتني وأنا صغيرة وأحيانا تجيني . . المهم ريان تصور أنه مو مصدقني فقلت خلني أتأكد من يوسف بديت أشك حتى في نفسي
                  يوسف صمت قليلا حتى أردف : هذا يدخل من باب إيش؟
                  ريم بضحكة : يدخل من باب وفاق الزوجين
                  يوسف : هو قدامك؟
                  ريم : إيه
                  يوسف : طيب وش تبيني أقول
                  ريم : إيه . . أقصد يعني صح أنا احيانا أتوهم أشياء ماهي موجودة . . تذكر يوم في المزرعة أحسب أبوي ناداني وطلع ما ناداني وبغيت ا
                  يقاطعها يوسف : طيب يا كذابة وصلت المعلومة لا تكثرين منها عشان مايطلع شكلك بايخ قدامه . . حطي سبيكر خلني أتكلم
                  ريم : طيب . . . ضغطت على زر السماعة الخارجية لتلفظ : إيه يوسف عيد اللي قلته
                  يوسف : جتك ضربة على راسك يوم كان عمرك 7 سنوات أتوقع أو ممكن 8 والله ناسي .. مفروض علمنا ريان عشان يكون على بينة .. المهم هو عندك؟ *ألفظ كلمته الأخيرة بإستغباء*
                  ريم : ا . . لا يعني أنا بس أبي أقوله لا جاء أنك أتصلت وكلمتني وكذا
                  يوسف في داخله يشتم ريم بأشد الشتائم ليلفظ : طيب أنا أكلمه أجل
                  ريم : لالا وش تكلمه تبي تفضحني عنده! يقول هذي مجنونة ولا شي
                  يوسف : طيب وش تبيني أقول! يعني مفتخرة بأنك تتوهمين أشياء مهي موجودة؟ ترى هالشي يفشل ولا عاد تقولينه لريان بكرا يحسبك مجنونة صدق
                  ريم بنبرة حزن تنظر لعينيه : هو أصلا حسبني مجنونة وخلص! ما صدقني أبد
                  يوسف : يا حبيبتي والله! ولا يهمك أهم شي لا تنسين أذكارك . . هي تخف شوي هالحالة مع الأذكار وقراية القران
                  ريم : طيب حبيبي كمل نومتك . . . . وضعته على أذنها لتأت كلمات يوسف الحادة . . فعلا فعلا أنا مصدوم فيك!
                  ريم : لا ولا تهتم كل أموري تمام
                  يوسف : إيه أكذبي أكذبي على ظهري . . حسبي الله كان الزواج خربك!
                  ريم : يوصل سلامك . . تامر على شي
                  يوسف : الله ياخذك أنقلعي . . وأغلقه.
                  ريم : بحفظ الرحمن حبيبي . . وأغلقته لتنظر إليه . . سمعت بإذنك؟
                  ريان : طيب ليه مانروح دكتور يمكن . .
                  ريم : لالا وش دكتور! . . خلاص إذا أنت متضايق ماعاد بتكلم بشي الا لما أتأكد سمعته منك أو لا أصلا هالحالة ناسيتها من كثر ماجلست فترة طويلة ماجتني الا يوم تزوجتك . . ياليت تراعي هالشي شوي ريان

                  ،

                  يقذف بالهاتف على الجدار لتبتعد عدة خطوات للخلف من أعصابه التي بدأت تفلت منه، يكمل يومه الثاني دون نوم! تشعر بأنه ليس بوعيه وهو لا ينام ولا يريح جسده، بلعت ريقها لتردف : ا .. ناصر
                  ناصر بعصبية : عبدالعزيز جواله مغلق! . . أكيد صاير شي
                  غادة : طيب أهدى . . اجلس
                  ناصر : وين أجلس! هم قاعدين يكذبون من وراي! أنا أعرفهم
                  غادة عقدت حاجبيها بضيق على حاله : مين اللي يكذب؟
                  ناصر بعينيه المحمرة من السهر وهالات السواد التي تنتشر حولها : بيقولون اني كذبت عليه . . مفروض أروح الحين الرياض وأكلمه
                  غادة : كيف تروح؟ أنت لو تطلع يمسكونك
                  ناصر بحدة : مين يمسكني؟ . . أنا ماذبحت أحد مفهوم!
                  غادة برجفة شفتيها : ناصر الله يخليك أجلس . . أعطيك بندول يريح أعصابك
                  ناصر يجلس بهدوء لينظر إليها : غادة
                  رفعت عينيها نحوه ليلفظ بإبتسامة موجعة : بس كنت بتأكد أنك هنا
                  تصادم فكيها برجفة أقشعر منها جسدها، شعرت بأن هناك دمعة ستفلت من عينيها : نام وارتاح
                  ناصر ينظر إليها بنظرات حانية : قبل مدة قالي عبدالعزيز أنه شافك بس قلت له أنت تتوهم . . أنا بعد أتوهم يمكن عشاني مانمت؟ . . هو كان يتوهم بعد لأنه ما نام . . إحنا أصلا ما . .
                  غادة تلاحظ تقاطع الكلمات في صوته المتعب وهي تقترب نحوه : أششش .. أنا هنا . . جلست على ركبتيها أمامه . . . نام شوي .. بس شوي عشان نفسك وصحتك!
                  ناصر يضع يده على شعرها ليردف بخفوت : عبدالعزيز ماراح يصدقني! محد بيصدقني . . أنت بتصدقيني؟
                  غادة تجهل ماهية حديثه لتردف : مصدقتك
                  ناصر : بكل شيء راح أسويه راح تثقين فيني؟
                  غادة تنزل دمعتها الرقيقة : راح أثق فيك
                  ناصر يشعر بأنه يتخدر وعينيه تذبل أكثر : راح ترجعين معي! ماراح تسمعين لهم؟ صح؟
                  غادة والغصات تتجمع في حنجرتها : صح
                  ناصر : تحبيني؟
                  غادة تخفض رأسها لتتبلل ملامحها بمطر مالح يثير البثور و الندبات الضيقة، رفعت عينيها الناعمة وهي تنظر للوجع بعينيه، إبتسم بضيق : من زمان ما سألتك ؟ لأني كنت أحسك دايم تقولينها لي بتصرفاتك . . بس ودي أسمعها منك
                  غادة ببكاء عميق وصوتها يبح بهذه الكلمة : إيه
                  ناصر يستلقي وعيناه تنام تدريجيا، بصوت خافت: قوليها! أبي أسمعها
                  غادة بمرارة الحزن في صدرها : وأحبك

                  ،

                  يخرج بخطى هادئة ليأخذ هاتف نايف، رفع حاجبه : مين أتصل؟
                  نايف : ما أعرف! .. عبدالعزيز إحنا لازم نطلع من هالمكان بأسرع وقت! . . .
                  عبدالعزيز تنهد : لازم يجي بوسعود عشان يروحون الرياض!
                  نايف : راح أتصل عليه اليوم وأكلمه بهالموضوع لكن أنت بعد مفروض ما تطلع مكان . .
                  عبدالعزيز : بجلس لا تشغل بالك . . . نظر للظرف الذي تحت – مساحات السيارة - . . وش هذا ؟ مين حطه هنا؟
                  نايف : ا مدري والله . . يقترب ليلفظ عبدالعزيز . . أتركه أنا أشوفه . . . تقدم نحوه ليقلبه بين كفيه . . . فتحه لتتساقط الأوراق المختلطة بالصور على الأرض المبتلة، أنحنى ليرفعها و أصطدمت طبلة إذنه بصوت الرصاص . .

                  .
                  .

                  الساعة العاشرة صباحا – الرياض.
                  يقترب منه أمام الموظفين بأكملهم، لتتجه الأعين صوبه، أكثر شخصين مؤثرين في هذه المؤسسة الأمنية يقفان بمقابل بعضهما ويبدو الغضب على ملامحهم ، أقترب حتى لكمه على عينه بشدة لترتفع الشفاه المراقبة بصدمة ليس بعدها صدمة، وقف متعب وقدميه ترتجفان أمام المنظر وهو يهمس للذي بجانبه : ..

                  .


                  أنتهى البارت

                  تعليق

                  • *مزون شمر*
                    عضو مؤسس
                    • Nov 2006
                    • 18994

                    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                    إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()


                    رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية، بقلم : طيش !
                    الجزء (70)






                    أنحنى ليرفعها و أصطدمت طبلة إذنه الرقيقة بصوت الرصاص، رفع عينه لينظر لنايف الذي وقف أمامه حتى يحميه من أي رصاصة تخطف روحه، وضع الصور المختلطة بالاوراق في جيب جاكيته دون ان يدقق بها أو يلتفت حتى بنظرة، هي إشارات القدر التي تستطيل بالجدار الفاصل عن الحقيقة/ النهاية، لكننا دائما يالله نفهم متأخرا، ونصل بقلوب تلهث تتسامى وتتبخر كأن شيء لم يكن، كأن هذا الوجع لا يهم أحد ولا يعني هذا العالم، لم ارواحنا أصبحت بهذا الرخص؟ إني حزين ويجب على هذا العالم أن يتفهم كيف لرجل أن يحزن ويصل لمرحلة متقدمة من بحة تزعزع أمن قلبه، يجب أن يفهم هذا العالم أن حنجرتي مصفرة كالخريف لا تزرع الكلمات ولا ينمو على ضفافها زهرة واحدة.
                    نايف : أنت خلك هنا أنا بشوف بالجهة الثانية
                    عبدالعزيز بتعقيدة حاجبيه وضع كفيه بجيبه : لا طبعا رايح معك
                    نايف : عبدالعزيز! أرجوك
                    عبدالعزيز يسير بإتجاه الأشجار المتكاثرة على جنبات المكان ليلتفت نحو نايف : خلك هنا عشان محد يقرب من البيت
                    نايف يتقدم إليه بضيق : عبدالعزيز كذا بتحطني في مشاكل! . . خلك هنا وأنا أشوف الوضع
                    عبدالعزيز رفع حاجبه الأيسر : وش المشاكل؟ بوسعود لما حطك هنا قالك عن أهله ولا قالك عن عبدالعزيز؟
                    نايف بإستغراب : أكيد عنكم كلكم
                    عبدالعزيز بنبرة خافتة موجعة : منت مسؤول عني يا نايف! مسؤول عن اللي في البيت هذا اللي قاله لك بوسعود ولا أنا غلطان؟
                    نايف شتت نظراته ملتزما الصمت ليكمل عبدالعزيز وهو يسير نحو الجهة الأمامية : هو أصلا بقى شي عشان أخسره؟ . . . يسير والغيم يلاحقه ببدايات دافئة. رفع عينه للسماء الداكنة بالبلل.
                    تموت في حنجرتي الكلمات، تتصاعد لتحجب عن صوتي وضوحه، لا أعرف تماما بمن يجب أن أسخر حتى أفرغ هذا الغضب، لمن أوجه هذا القهر الذي يتجعد في قلبي، إثنان وثلاثون عاما يا أمي لم يجيء الضياع مختالا جريئا هكذا، لم أضعف بهذه الصورة قط، لم يتمكن مني البلل حتى الغرق، كانت حنجرتي ينمو على ضفافها من البلل مدائن يا أمي، ولكن الان! لاشيء من هذا! أفقد صوتي تدريجيا كما أفقد إحساسي بالأشياء من حولي، وهذا ما يزعجني، أنني لا أشعر بالأيام، بالأحداث التي تصير أمامي، أنا أموت يا – يمه – كنت أمني النفس من دونكم بأنني قادر ولكن لم أستطع أن أواصل، حاولت ولكن الان أقف بلا حول ولا قوة، أنا العدد الزائد في هذه الحياة وأنا الذي يعيش الموت بتضاداته، بالأمس لم أتمكن من النوم ليس لأن الأرق يسيطر علي، على العكس تماما أنا من باعدت بمسافات كثيرة بيني وبين النعاس، أنا أحارب كل ما تقوم عليه هذه الحياة، حتى النوم تخيلي! تذكرت أوصافك عندما بلغت عقدي الثالث، كان أبي بجانبك يقول في القران ذكر لفظ السنة للأيام الصعبة والحزينة وذكر لفظ عام للأيام الطيبة الجميلة، قلت بفمك الناعم " لا سنوات في أعوام ولدي " وكنت أتخيل دائما بأنه ليس هناك سنة ستقطع أعوامي الخالدة في عقدة قلبك، إلى أن جاءت هذه السنة، أتت السنة السيئة التي ظننتها لن تجيء أبدا، هذه السنة لم أبتسم بها من فرط السعادة ولا للحظة، أبتسمت فيها كثيرا ولكن لست سعيدا، كنت سيئا لم أفعل شيئا حسنا، حتى المرأة التي ظننت أن من حقي أن تكون لي تزوجتها برخص، لم أنا بهذه الصورة؟ أود أن أشرح لنفسي يا " يمه " كيف لإبنك خلال سنة أن تختل به موازين هذه الدنيا، أنا فقدت في الحياة حياتي، لأنني ببساطة لم أعرف كيف أتعامل مع الصدمات ولم أعرف كيف أتجاوز أعينكم النائمة بعمق الموت، تصوري أن اليوم عرفة، و غدا العيد، تصوري حجم فقدي الذي يجعلني أتلاشى بين هذه الأيام، لم أصوم لأول مرة منذ أعوام طويلة، لم أجلس أمام التلفاز أراقب الحجيج، لم أستقبل رسائل التهنئة من أي أحد، لم يكن الموت عاديا يمر بسلام علي! هذا الموت لو تعلمين ماذا يفعل بي؟ أنه يفقدني الشعور بالحياة، هذا الشعور الذي يتفاقم في داخلي لا يترك لي فرصة بأن أعيد إتزان الأشياء المتناثرة. كل ما أود قوله وكل ماأريده أن يصل أنني والله العظيم أشتقت حتى الوجع مات في.
                    ألتفت كثيرا وهو يغرق بتفكيره، نظر بدقة لم حوله حتى عاد بخطى مبعثرة للبيت، تقدم إليه نايف : شفت شي؟
                    عبدالعزيز : لا . . مافيه شي!
                    دخل للغرفة الجانبية التي يفصلها عن المنزل ممر ضيق، رمى نفسه على السرير الوثير لينظر للسقف بعينين ناعسة تطلب النوم، أغمض عينيه طويلا وهو يسحب الهواء ببطء لداخل صدره الخاوي، الخاوي من كل شيء إلا الحزن، هناك مسافة شاهقة كانت تنمو بي وتحمر كضحكة أمي الخجلى، لكن هذه المسافة تلاشت، ذابت كالسكر في الشاي، إني أنسى حلاوة الأشياء كما أنني أنسى تدريجيا الحياة، لله يالنسيان! لله أطلبك.
                    فتح عينيه ليراها بدلا من السقف الجامد، لم يتفوه بكلمة تقطع هذا السكون، تأملاها بملامحها القاسية مرات والناعمة مرات كثيرة، لتقاطعات وجهها الخافتة، للشمس التي لم أرى إنعكاسها ببشرة أحد سواها، للمعة عينيها الداكنة و لشعرها الذي لو لم يكن ينتمي إليها لما أحببته، لكل الأشياء التي تطوف حولها كلؤلؤ أبيض، ولكل الأشياء التي أحبها من أجل عينيها.
                    رمشت عيناه لينظر للسقف مرة أخرى دون أثر لرتيل، ألتفت بإتجاه الباب " صرت أتوهمك وأنت واقع." تمتم بخفوت وهو يمسح على وجهه بكفيه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . .

                    ،

                    قبل ساعات قليلة، بجدية : جلست لين طلعت الشمس وأنا أفكر واستخير الله . . وش ممكن يسوي الرسول صلى الله عليه وسلم بحالتي؟
                    الجوهرة بربكة شفتيها وقلبها يضطرب : وش ممكن يسوي؟
                    سلطان : أنت وش تتوقعين؟
                    الجوهرة تضع أصابعها على كفه الخشن بإتجاه بطنها لتبعدها بهدوء دون أن يعارض، بقيت للحظات بمثل وضعيتها حتى أستلقت على ظهرها لتنظر للسقف أمام نظراته المثبتة بإتجاهه.
                    بنبرة متزنة : ممكن يترك لي الخيار . .
                    سلطان : وش خيارك؟
                    الجوهرة أرتجفتا شفتيها لتقع عيناها بعينيه، حاولت أن تشتت نظراتها ولكن!
                    هناك شيء يشدني نحوك، شيء يسحبني إلى النظر بعينيك، أحاول أن لا ألتفت ولكن تفلت مني زمام الأمور، أحاول أن أن أجمد كل الأشياء بيننا ولكن لا شيء يستجيب لرغبتي، كل الأشياء تتغلغل فيني وتتحرك بلا توقف، أحاول أن أستقل بحياتي عنك ولكن لا قدرة لي على ذلك، إنك قضائي والقدر الذي كتب على الجبين، كيف أنساك؟ كيف أتجاهل وجودك؟ كيف لا أتسامى بعينيك والشمس ترقد بها؟ كيف لا أتبخر وأنت تنظر إلي بهذه الطريقة يا سلطان؟ هل تنظر إلى نفسك بذات النظرة؟ هل تشعر كيف نظراتك الحادة والناعمة بذات الوقت تشعل قلبي البكر الذي لم يحب قبلك ولن يحب بعد، يا مشيئتي بهذه الحياة بعد الله، عيناك قاتلة.
                    إبتسم من نظراتها، بانت أسنانه المصطفة في إبتسامة ودت لو تحفظها بصورة، الإبتسامة التي تصنف من النوادر السلطانية، كل الأشياء يا سلطان أصبحت تنتمي إليك وتتوزع بك.
                    شتت نظراتها بحمرة ملامحها ليردف والإبتسامة لا تتلاشى : عيونك كانت تحكي! . .
                    الجوهرة بتوتر يعتلي صدرها بشهيق ويهبط ببطء : ما كملت لي! وش تسوي؟
                    سلطان بنظرات تغرق و تغرق و تغرق ولا تنجو : فيني فضول أعرف وش كنت تفكرين فيه
                    الجوهرة دون أن تنظر إليه : ما كنت أفكر بشي محدد . .
                    سلطان تنهد لتتبدد بجزء من الثانية إبتسامة سرقت قلبها : ما وصلت لنتيجة واضحة!
                    الجوهرة تستعدل بجلستها لتقابله بمسافة تتضاءل وكأن الهواء يتخدر من المضي بينهما : وصلت! . . صرت أفهمك وأفهم كلامك اللي تخفي وراه أشياء كثيرة!
                    سلطان يرفع ظهره عن السرير ليجلس هو الاخر : وش فهمتي من كلامي؟
                    الجوهرة : وش لازم مفروض أسمع الحين؟
                    سلطان : لا تجاوبين على سؤالي بسؤال
                    الجوهرة : لا تسألني وأنت تعرف الجواب
                    سلطان : بقولك شي الجوهرة . . لو أنا شاك واحد بالمية بعفتك ما تركتك كل هالمدة هنا! كان بسهولة راح أرمي عليك الطلاق بدون لا يهز رمشي ندم!
                    الجوهرة بلعت ريقها، تخشى كلماته الواضحة الصريحة، شتت نظراتها ليرتجف قلبها ببعثرة.
                    سلطان : الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح مكة قال لقريش أذهبوا انتم الطلقاء . . ما حاسبهم ولا حاول يعاقبهم . .
                    رفعت عينيها المتلألأة بالدمع إليه وهي تفهم ماذا يريد أن يصل، ليكمل : أحيانا أفكر من هالزاوية، من زاوية تسامح الرسول عليه الصلاة والسلام . . . لكن في داخلي ماني مقتنع! مو ماني مقتنع بهالمبدأ لكن ماني مقتنع بأني أستعمله معك
                    الجوهرة تسقط دمعة حانية تربت على خدها : تستعبدني يا سلطان!
                    سلطان بضيق يبعد أنظاره عنها دون أن ينطق كلمة تنحر الإتهام الموجه إليه، لا يعنيه أمر قلبي ولن يعنيه أبدا ما دامت الكلمات التي أرتجي منها إجابة لا تحرك به شيئا والإتهامات المصوبة نحوه لا يبطلها صوتها.
                    الجوهرة بدمع مالح : تاخذك العزة بظلمي، أنت ببساطة تلغيني وتمحي كياني! أنا أستحي من نفسي لما أتخيل كيف ممكن أقبل إعتذارك! لأنك من الأساس ماراح تعتذر ولا حتى تجبر خاطر قلبي وتعترف! الماضي اللي تشوفه أسوأ شيء ممكن يحصل في حياتي! يهووون كثير لما أشوف نفسي منذلة بهالصورة! . . على الأقل كنت أحس أنه لي حق القبول والرفض لأي إعتذار ممكن يجيني! لكن معك أنا ما مقدر أختار! مقدر أرفض ولا أقدر أقبل . . أنا معك على الهامش.
                    تتقابل عينيه بعينيها المشتعلتين بالبكاء، بنبرة موجعة تكمل : أسألك بالله ما يوجعك قلبك؟
                    سلطان بعقدة حاجبيه : أنت وش تشوفين؟
                    الجوهرة : تبيني أجاوب بس مجرد جواب يشبع غرورك وبعدها أنت اللي تقرر! . . تبي تهيني وبس! سواء بقصد أو بدون قصد.
                    سلطان بخفوت يقف مبتعدا بخطاه نحو الخلف : لعلمك! . . دايم تحبطين أي خطوة نتقدم فيها بعلاقتنا سواء بقصد أو بدون قصد.
                    الجوهرة بحزن عميق يتحشرج به صوتها : لأنك ما تراعيني! ما تحاول تنتبه لكلامك معي! كافي والله كافي! وش بقى يا سلطان ما قلته؟
                    سلطان يدخل كفه اليمنى بجيبه ليردف وهو ينظر لسماء الرياض التي تشرق تدريجيا : أبي أعرف رايك!
                    الجوهرة : رايي! كأن مالي علاقة بالموضوع! لكن أنت لك الحق بالقرار بس أنا لا! مجرد أني أقول رايي وأنت بعدها ممكن تاخذ بهالراي وممكن لا . . وتقول ليه ما نتقدم خطوة!!
                    سلطان بحدة : لا تنتظرين مني أني أعتذر! ولا تنتظرين مني أقول إني غلطت! . . يشير إليها بالسبابة . . ماني في مجتمع ملائكي ولا أنا مخلوق من نور! إذا بتوقفين على كل غلط وتنتظرين مني أعتذر فأنت تضيعين وقتك! ماعندي شي اعتذر عشانه
                    الجوهرة وتشعر بالدماء تجري على لسانها : يعني ما غلطت؟ ما ضربتني؟ ما احرقت إيدي؟ ما أتهمتني؟ ما قلت لي ولا شي يستحق أنك تعتذر؟؟؟؟
                    سلطان : أغلاطي ما جت كذا بدون سبب! لكل فعل ردة فعل . . إذا كانت ردات فعلي أغلاط بالنسبة لك فأفعالك سبب هالأغلاط!
                    الجوهرة بضيق : صحح أغلاطك معي! . .
                    سلطان : أبشري يا بنت عبدالمحسن!
                    الجوهرة عقدت حاجبيها وهي تشد شفتها السفلية حتى لا تسقط ببكاءها : من الحين أقولك لا تلومني لو خبيت عليك شي! ولا ما صارحتك بشي! . . إذا أنت ماتعرف كيف تقرر في حياتك! هذي مشكلتك مو مشكلتي!!!
                    سلطان : متى ماتبين قلتي حياتنا ومتى ما ودك تفصلين حياتي عنك قلتي حياتك ومشكلتك!
                    الجوهرة بملوحة محجرها الذي لا ينضب : أنت ما عطيتني سبب واحد يخليني أقول حياتنا! ما شاركتني في أي قرار! ما جيت مرة وقلت أنا متضايق أنا محتاجك! ما حسستني بأي شيء يقول أني مهمة في حياتك! . . على أي أساس أقول حياتنا وأنت ملغي دوري؟
                    نظر إليها بحرقة القهر في عينيه، أقترب حتى أبتعدت بخطواتها وأصطدم ظهرها بالدولاب، ألتصق بها بلسان يزفر غضبا : يالله قرري! أعطيتك الصلاحيات الكاملة بأنك تقررين! . . قولي لي وش قرارك؟ وراح يتنفذ . .
                    أرتجفت شفتيها الناعمة بإنقباض قلبها الذي ينكمش بلا تردد، تلعثمت خطى الكلمات على لسانها لتتكور حول الصمت، حاصرها بأقدامه وبطنه يلامس بطنها، بنبرة حادة : وش قرارك؟
                    الجوهرة أخفضت رأسها لتنساب ببكاءها، بغضب رفع صوته : شايفة أنك إنسانة ما تعرف تتخذ قرار واحد! وتلوميني على أيش؟ . . . أنا لما ما أشاركك في قرار أكون عارف بقرارة نفسي أنك مستحيل تختارين!
                    الجوهرة بصوت يختلط بالدمع رفعت رأسها، قريب جدا منها، من ملامحها الباكية. : أنت كذا! تشدني بنظراتك! تخليني ساذجة أصدق كل كلمة وكل شيء تنطقه عيونك قبل لسانك، تخليني أظن أنه الأمل قريب لكن بمجرد ما تدير وجهك عني أذبل! . . . أنا أكره نفسي اللي مقدرت تكرهك.
                    سلطان بحدة : مين يقسى على الثاني؟
                    الجوهرة بنظرات ضائعة : صرت أشبهك! عشان لما أقولك أنك ألغيت الجوهرة القديمة فأنت فعلا ألغيتها ومحيتها
                    سلطان بنبرة خافتة تصل إلى شفتيها قبل أذنها بهواء يتجادل بينهما : ما تقدرين تقسين!
                    الجوهرة بقسوة بترت النصف المضيء من قلب سلطان : ماني مثيرة للشفقة عشان أتعلق بحياة احد
                    أشتعل صدره من جملة قصيرة، قلبه الذي لا ينقبض من الأفعال ألتزم قهره بسبب جملة ضيقة لا يتلاشى صداها، باق في سمعه وقلبه الذي توترت حباله.
                    بحدة : أحد؟
                    الجوهرة بوجع :تصبح على خير . . . وخرجت من أسفل ذراعه التي تحاصرها، نزلت للأسفل بخطوات مرتجفة، وضعت يدها على أنفها الذي غرق بالدماء، سحبت منديلا وهي تحاول إيقاف النزيف، لا شيء يمر بسلام، لا سلام بيننا يا سلطان ولا حتى هدنة.

                    ،

                    بتجمد أطرافها على الأرضية التي تغطيها قطعة قماش رقيقة، وضعت يدها على جبينه المحترق بحرارته، لم تستطع الوقوف من تشبثه بها، أستجابت لنومه على حجرها دون أن تتحرك وتزعجه، عينيها ترتفع للنافذة، للثلج الذي يملأ لندن، تراقب سقوطه وأصطدامه بالزجاج، تخفض نظرها لتتنهد ويشاركها الهواء البارد الأبيض من بين شفتيها الحزن.
                    ببحة تستعيد ذاكرتها الطرية صوته : المحبة أرض والفرقا أراضي والزمن كله ترى لا غبت ماضي . . والله إني ما أشوف الا عيونك إن رحلت اليوم أو طول مراضي . .
                    هرولت دمعة سريعة من عينيها لتسقط على جبينه، مسحتها بأصابعها الناعمة لتتجمد كل الأشياء التي أمامها، غابت في ذاكرتها للحظة تضخ بها أصوات متداخلة لا تدل صاحبها.
                    في زمان ومكان لا تعرفه، أمام عينيه الشاهقة و الضحكات تتورد بين شفتيها. ألتفتت نحوه : قالوا العذال والعذال مرضى وش بلا حالك من الأشواق قاضي . . قلت يهجرني حبيبي لين يرضى علموا الظالم ترى المظلوم راضي . . .
                    رمشت عينيها لتنظر إليه، شعرت بالصداع يهاجمها ويعيق كل فكرة تحاول التعمق بها، كل نبرة تحاول أن تتكىء عليها وتكتشف صاحبها، عقدت حاجبيها لتنساب ببكاء عميق دون أن تتأوه بأنينها، تراقب نومه المطمئن وتغرق بأفكار لا تنتهي، كيف يحيا المرء دون ماضي؟ أود أن أسمع بلا توقف عن لقاءاتنا الأولى، عن المحادثات الطويلة التي تنتهي على وسائدنا، عن الصور التي جمدت لحظاتنا وعجزت عن تجميد النبضة التي ترتجف في كل مرة نلتقي بها، أود أن تحكي لي عن الحياة التي مضت من عمري معك، أود أن أعرف كيف كنت أحبك؟ وكيف كنا نلتقي بأغنية! كيف كنا نخطف حنجرة شاعر و نسقط في البيت الأول؟ علمني كيف كانت القصائد تتكاثف بجانب نوافذنا وكيف كانت عيناك تطل على حلم لا ينتهي! أنا ذابلة يا ناصر! لا أفهم تصرفات قلبي، ولا أعرف إلى أين سيذهب بي، أشعر بك والله، أشعر بالنبضة المرتجفة في جيب قلبي، أشعر بالحيوية التي تتسلل إلى جسدي أمامك، أشعر بالتصلب في اللحظة التي تدير وجهك عني، أنا أفهم كل هذا ولكن شيء واحد لا أستطيع تحديده، شيء واحد ينتهي ب " أحبك ".

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                      ،

                      يشير إليها بإتجاه إحدى الزوايا : هنا القبلة . .
                      وقفت لترفع عينيها للسقف، بمحاولة جادة أن تصرف كل الأفكار عنها، بمحاولة جادة أن تستجلب الهدوء/ الخشوع إليها، كبرت لتتبعها نظراته، أستلقى على السرير بإرهاق وعيناه مازالت تبسط النظر إليها، تطوف حولها ك ناسك متعبد، يجمد اللحظات بين أهدابه التي لا تقطع صلاة عينيه برمشة ولا رجفة، ركعتين تنتهي وترمش عينيه، جلست على الأرض للحظات طويلة دون أن تقف.
                      أشعر بغربة قلبك في هذه اللحظات، أن غدا العيد ولا شيء حولك يدل على ذلك، بعد شهور قليلة سأكمل الثلاثون عاما ولم يرمق لي العيد مرة بنظرة ناعمة، ولم أسمع تهنئة وردية تسعدني سوى من أمي وأبي، ما عدا ذلك تهنئات تمر كالعدم، من نساء لا أعرف عنهن إلا أسماءهن الأولى، من نساء كنت أكتب ما أقوله لهن في مسودة خشية النسيان، من نساء لم يحركن بي شيء، ولم أرسمهن مرة ولم أكتب لهن الشعر ولا للحظة ولم أرسل لهن هدية واحدة. كنت أشبع الفراغات حولي بهن لأني امنت بأن لا حب ولا خرافات السعادة عبر الهاتف، نحن الشباب نطيش لأننا نعلم بأن هناك مجتمع خلفنا سيبرر لنا هذا التمرد، لا أحد يتزوج من فتاة راها بسوق تجاري ولا أحد يتزوج من فتاة تعرف عليها بموقع في الإنترنت، كل هذا أنا أؤمن به لأنني أؤمن بطبيعة العلاقات في مجتمعي، لا نهايات طيبة تبدأ من رقم ورسالة. ولكنني سيء! مضى حبك يتفاقم بصدري، بدت نظرات الإعجاب تتحول لتفكير مزمن لا ينتهي الا بك، كنت أنام لأستيقظ بفكرة واحدة وهي أنت، وكنت أحاول النوم ولكنك في ليال كثيرة كانت الوسائد أرق، أدرك جيدا بأن بدايتنا هشة لأنها مشبعة بغضب الله، بالتعدي على حدوده، أدرك ذلك جيدا ولكن الان! الخيارات بأيدينا.
                      ألتفتت عليه عندما حست بسكونه، ألتقت عينيها بعينيه، بحركة بائسة بدأت تقطع أظافرها بأسنانها، لتردف وهي تقف : ابي اكلم أبوي
                      فارس يخرج هاتفه الذي أتى به من الشقة، مده إليه أمام نظراتها المندهشة.
                      بلهفة أخذته من يده لتضغط رقمه الذي تحفظه عن ظهر غيب/حب،بدأت بالسير بلا توقف في الغرفة الضيقة، تشعر بأن الثواني التي تستطيل بلحظاتها تعبرها كساعات لا تنقضي بسهولة.
                      عبدالرحمن : ألو . .
                      توقفت أقدامها بنبرته التي اشتاقت إليها، توقف هذا العالم بأكمله واصطف بعيني بصوته الطري في ذاكرتي والخالد في يساري، مالي أنا والناس؟ إن لم تلفني يدك الحانية، إن لم تأخذني عينيك لعليين، مالي أنا والحياة؟ إن لم أعش في كنف صوتك. يا وجع الكلمات المترامية على أطرافي يا " يبه " و يا شدة وجعها إذا ضاقت بها حنجرتي، يا إتصالي بهذه الحياة عبر وريدك، إن باعدت المسافات وارتفعت لن يفصلني عن قلبك شيء، وكيف يفصلني؟ و جسدي يبتهل ب " اشتقت ".
                      تصعد الحمرة إلى عينيها المتلألأة، بإختناق : يبه
                      عبدالرحمن فز من كرسيه ليردف بصوت مبلل باللهفة : يا عيون أبوك! . .
                      عبير جفت حنجرتها ببحة موجعة : اشتقت لك
                      عبدالرحمن بأنفاس تتصاعد حد الإضطراب : وينك؟ . . تكلميني من أي جوال!
                      عبير : جوال فارس .. يبه . . أخفضت رأسها بصوت يئن . . أشتقت لك كثييير
                      عبدالرحمن بنظرات حائرة تثبت على المكتب الخشبي : اشتقت لك أكثثر! . . قولي لي كيفك الحين؟ تنامين كويس؟ وين تنامين؟ فيه أحد يضايقك؟
                      عبير : أنا بخير .. دام سمعت صوتك بخييير الحمدلله
                      عبدالرحمن : يبه عبير طمنيني ولا تخبين علي شي! . .
                      عبير بخفوت : والله بخير . . محد يضايقني! أصلا طلعنا من عندهم أنا مع فارس في مكان بعيد . . بعدنا من وسط باريس!
                      عبدالرحمن بدهشة : طلعتوا!!!!
                      عبير : إيه بس رفض يرجعني للفندق
                      عبدالرحمن : عبير . . كيف تعامل فارس معك؟ يضايقك بشي؟
                      عبير تنظر لعينيه التي تراقبها لتشتتها بعيدا، بصوت ضيق : مو مثل أبوه
                      عبدالرحمن تنهد براحة لم يشعر بها منذ فترة طويلة : الحمدلله . . الحمدلله . .
                      عبير : شلون رتيل وضي؟
                      عبدالرحمن : كلهم بخير . . يجلس على الكرسي ليكمل بصوت يختنق تدريجيا . . . تثقين فيني يا يبه؟ وعد أنه كل هذا راح ينتهي
                      عبير ببكاء تنهار كل أوتارها : إن شاء الله
                      عبدالرحمن بهمس : أشششش! لا تبكين
                      عبير تزيد نبرتها حزنا وبكاء، لم تستطع أن تصمد أكثر أمام نبرته التي تشكلت بعنف أمام قلبها المتلهف إليه : الأيام تمر كأنها سنين! تمر وتقطعني يا يبه! . . أبيك . .
                      عبدالرحمن بدأت أعصابه تضعف وصموده يتضاءل، هناك ثقب في يتسع مع كل نبضة تعبر لسانها، مع كل كلمة مبللة، هذه النبرة المترسبة بالملح تقتلني.
                      بضيق تكمل : كل يوم أندم على الأيام اللي كنت ازعلك فيها! . . كل يوم أتذكر أشياء ألوم نفسي كيف سويتها! . . يبه مشتاقة لك كثييير! أخاف ما أشوفك! أخاف من هالفكرة وأتعب منها! . . . أموت لو صار فيكم شي!!!
                      عبدالرحمن بإتزان يحاول أن يمسك زمامه بكف بدأ الإتزان يذوب بها : بسم الله عليك من الموت، جعلي ما أبكيك! . . عبير لا تفكرين بهالأشياء، حافظي على صلواتك طيب و . . . بتر صوته، أبعدت الهاتف لتنظر للشاشة التي غلفت بالسواد، جلست لتضع جبينها على ركبتيها، شعرت بالدمع المحترق بمرارة حزنها يتدفق من محجرها الذي اشتعل بالبكاء.
                      بخطى هادئة إتجه نحوها، جلس على الأرض بجانبها، يتأمل رجفتها من أجل صوت والدها، إنقبض قلبه بأنينها التي تحاول أن تحبسه في فمها الناعم، صمت! أدرك جيدا أن الكلمات ذابلة لن تقدر على الإنتصاب من أجل مواساتك، لا شيء يخفف الحزن بغياب والدك، لا شيء ولا حتى أنا!
                      رفعت وجهها الذائبة به الدموع، نظرت إليه بنظرات تجهل ماهيتها، كل الأشياء تفقد إتزانها وتضطرب بين يدي، حتى عيني بدأت تتصرف من تلقاء نفسها، بدأت لا تخضع إلي.
                      فارس : بالرياض؟
                      هزت رأسها بالإيجاب وهي تشد على شفتيها خشية الغرق أكثر، خشية الإنهيار.
                      فارس : طيب قومي! الأرض باردة . . وقف ليمد يده إليها، بقت بالهواء لحظات كثيرة أمام نظراتهما المتبادلة، رفعت كفها لتتلامس بكفه، هدأ كل شيء عدا اصوات الرياح التي أشتدت من خلف زجاج النافذة، ولا شيء يعبر مسامعهم، لا الرياح ولا رفرفة الأشجار، للحظة الاولى أشعر بأن للمسات نبضات ترتجف وتعبر طبلة الإذن بربكة، للحظة الأولى أشعر بأن عروق كفي تتحرك بمسارات متخبطة، هناك شيء غريب! هناك قلب يتوزع بكامل جسدي ويرتجف بكل جزء به.
                      شدها بلطف لتقف، سحبت كفها لتحضنها بكفها الأخرى، شتت نظراتها بعيدا عنه لتتجه نحو الأريكة.
                      فارس من خلفها : راح أنام ساعتين بالكثير! . . إذا أحتجتي شي صحيني . . . نزع جاكيته ليبقى على بلوزته القطنية، أستلقى على السرير ليغمض عينيه بمحاولة جلب النوم إليه رغم نعاسه.
                      نظرت لعينيه النائمتين بسكون، بقيت لدقائق كثيرة تتأمل ملامحه، أبعدت عينيها ولكن سرعان ما تعود لمصب فتنتها، يذكرني بعبدالعزيز في ملابسه، في ذوقه الداكن، في حبه الواضح " للسكارفات "، تستغرق الكثير من الوقت في نظراتها إليه.
                      فتح عينه المتجهة نحوها بلا سابق إنذار، شتت نظراتها وهي تضع يدها على رقبتها التي اشتعلت بالربكة.
                      فارس : ماراح تخليني أنام؟
                      عبير بتوتر بدأت تنظر لكل الأشياء عداه، لم تشعر بأنه يراقبها حتى وهو مغمض العينين، من بين دموعها الناعمة ابتسمت بمحاولة جادة أن تبعد هذه الإبتسامة التي لا مبرر لها، عضت شفتها السفلية حتى لا تبتسم.
                      فارس بنبرة تسرقها في كل مرة منذ المكالمة الأولى : على فكرة عيونك أرق.


                      يتبع

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...