انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5514



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    وليد ... هززتها بقوة و هتفت بانفعال :
    " وليد انهض "
    لم يفق ... تسارعت ضربات قلبي و اصطدمت ببعضها البعض... غرست أظافري في ذراع وليد و أنا أرى باب تلك السيارة ينفتح و صرخت بقوة :
    " وليد ... انهض أرجوك... أرجوك "
    أحس وليد بشيء يعصر ذراعه... و أصدر صوت أنين مخنوق ...
    ثم بدأ يتحرك و أخيرا فتح عينيه...
    التفت إلي بجهد بالغ ... دون أن يبعد رأسه عن المسند ... و لما التقت نظراتنا رأيت المرض مستحوذا عليه... أيما استحواذ... رأيت القلق و الألم ينبعان من أعماق عينيه...
    قلت و الفزع يصرخ في حنجرتي :
    " وليد... أفق أرجوك... إنهم قادمون "
    مشيرة نحو السيارة...
    وليد نظر إلى السيارة و قطب جبينه ثم قال بصوت شديد البحة بالكاد يسمع و يفهم:
    " اتصلي بسامر "
    حملقت به غير مستوعبة للجملة... و كررت لأتأكد :
    " سامر ؟؟ "
    وليد أغمض عينيه في ألم و قال :
    " سامر... هيا يا رغد ... "
    هتفت :
    " وليد.... "
    في فزع و قلق شديدين...
    لكنه لم يجب... لا بالكلام، و لا بالأنين، و لا حتى بطرفة عين...
    هاتف وليد كان موضوعا في أحد الأرفف أمامي مباشرة، و بسرعة تناولته و اتصلت بسامر...


    ~~~~~~~~~


    فور وصولي إليهما، تفاقم الذعر الذي كان قد أصابني مذ سمعت رغد تقول :
    " الحق... يا سامر... وليد متعب جدا "
    المشوار استغرق مني حوالي العشرين دقيقة و أنا طائر بالسيارة على الطريق البري...
    الطقس في ذاك اليوم كان سيئا للغاية و مررت بأكثر من حادث مروري أثناء سيري...
    سيارة وليد كانت مصطدمة بأحد المصابيح الضوئية و من الضرر الظاهر عليها يتضح أن وليد لم يكن مسرعا جدا ...
    أوقفت سيارتي على مقربة و خرجت مباشرة مهرولا ... الجو كان عاصفا، باردا و ممطرا... و الشارع خال من السيارات...
    رأيت رأس وليد مسندا إلى المقعد... و عينيه مغمضتين ... و كان ساكنا عن الحراك...
    أما رغد فقد كانت جالسة على المقعد المجاور له و متشبثة بذراعه... في وضع يوحي للناظر إليها أنها مفزوعة جدا
    اقتربت من باب وليد و لما هممت بفتحه وجدته مغلقا... طرقت النافذة و أنا أقول :
    " افتح الباب "
    و شقيقي لم يحرك ساكنا. هتفت مخاطبا رغد و التي كانت انذاك تراقبني في وجل :
    " افتحي الباب يا رغد "
    و لم تفعل ذلك مباشرة... بل استغرقت بعض الوقت تحملق بي
    ألم تستوعب بعد أنني سامر ؟؟
    بمجرد أن فتحت هي القفل فتحت أنا الباب و أطللت برأسي إلى الداخل:
    " وليد... أأنت بخير ؟"
    و هالني أن أرى بعض الدماء تلوث أنفه و شفتيه و فكه السفلي... و حتى ملابسه...
    وليد التفت نحوي ببطء و حذر و فتح عينيه ثم قال :
    " أنا متعب... "
    ثم رفع يده اليسرى و وضعها على رأسه إشارة منه إلى مصدر التعب... لابد أن رأسه أصيب في الحادث... لطفك يا رب...
    قلت و أنا أمد يدي إليه لمساعدته على النهوض :
    " أتستطيع النهوض ؟ قم معي... "
    وليد أزاح يده عن رأسه و أشار إلى رغد و هو يخاطبها دون أن يلتفت إليها :
    " تعالي رغد "
    حينما نظرت إليها رأيت الذعر يملأ قسمات وجهها و الرجفة تسري في جسدها ربما من الخوف أو من برودة الهواء المندفع بقوة عبر الباب، حاملا معه قطرات المطر...
    و كانت تمسك بذراع وليد تكاد تعانقها...
    إن شهورا طويلة قد مضت على لقائنا الأخير... و هذه ليست باللحظة المناسبة لأسرد لكم كيف أشعر... و لا حتى لأسمح لنفسي بأن أشعر...
    ساعدت شقيقي على النهوض، و بمجرد أن وقف استند إلي، ثم فجأة تركتي و جثا أرضا و جعل يتقيأ
    و أيضا رأيت الدماء تنسكب من جوفه على الأرض... ما جعلني أزداد فزعا... و ما جعل رغد تقبل نحونا مسرعة و تشهق بقوة...
    شقيقي بدا مريضا جدا... و الواضح أنه مصاب بدوار شديد لا يستطيع معه تحريك رأسه ...
    لا شك أن الإصابة قد شملت دماغه...
    يا رب... خيب شكوكي...
    بعد ذلك، أسندته إلي مجددا و سرنا مترنحين نحو سيارتي... تلفحنا الرياح و يغسلنا المطر... و يقرصنا البرد... و كان وليد رغم حالته الفظيعة تلك و صوته المبحوح ذاك لا يفتأ ينادي :
    " تعالي يا رغد "
    أما هذه الأخيرة فقد كانت تسير إلى جانبنا ضامة ذراعيها إلى صدرها يعلوها الذعر... و تنساب قطرات لامعة على وجهها لا أستطيع الجزم ما إذا كانت من ماء السماء أو ماء العين...
    جعلت أخي يضطجع على طول المقاعد الخلفية مثنيا ركبتيه، وقلت مخاطبا رغد :
    " اركبي "
    و قد كانت لا تزال واقفة إلى جواري عند الباب الخلفي تنظر إلى وليد بهلع
    و الأخير قال مؤكدا :
    " اركبي يا رغد "
    عدت إلى سيارة شقيقي لإغلاقها و جلب المفاتيح و أقبلت مسرعا... و فور جلوسي على المقعد نزعت نظارتي المبللة و فركت يدي الباردتين ببعضهما البعض ثم التفت نحو رغد الجالسة إلى جانبي و سألتها للمرة الأولى :
    " هل أنت بخير ؟؟ "

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5514



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      و لكم أن تتصوروا مدى الدهشة التي تملكتها و هي تنظر إلي... !

      سألتني مذهولة :

      " ماذا فعلت بوجهك ؟؟ "

      " لا يهم... ماذا حصل معكما ؟؟ "

      أخبرتني رغد بأن وليد كان مريضا و لكنه قدم إلى المدينة الصناعية ليصطحبها إلى مزرعة أروى و من ثم ينطلقون إلى المدينة الساحلية من أجل العمل... و أنه كان يقود بسرعة معتدلة و بدا متعبا ثم انحرف في سيره و اصطدم بعمود المصباح... و فقد وعيه...

      و أن إحدى السيارات قد توقفت للمساعدة لكن وليد صرف راكبيها و لم يسمح له بتقديم العون...

      و هي تتحدث كانت تتوقف لالتقاط أنفاسها أو لإلقاء نظرة على وليد... و لم يخف علي مدى القلق و الهلع الذين كانت تعانيهما انذاك...

      ذهبنا مباشرة إلى إحدى المستشفيات و حضر فريق طبي و حمل وليد إلى غرفة الطوارئ و بدؤوا بفحصه و علاجه...

      و الطبيب يفتح قميصه ليفحصه هالني منظر رهيب...
      الكثير من الندب و اثار جروح قديمة مختلفة مبعثرة على جدعه... لم يسبق لي ملاحظتها قبل اليوم...
      أما الطبيب فقد تبادل هو من معه النظرات الغريبة... و علامات التساؤل...

      أمر الطبيب بعدها بإجراء فحوصات ضرورية ليتأكد من الحادث لم يؤثر على رأس وليد... و جعلتنا شكوكه ندور في دوامة الجحيم ... إلى أن ظهرت النتائج مطمئنة و الحمد لله...
      ثم أمر بإبقائه في غرفة الملاحظة إلى أن يعيد تقييم حالته، و رجح أن يستلزم الأمر إدخاله للمستشفى...
      غرفة الملاحظة تلك كانت تحوي مجموعة من الأسرة لا تفصل بينها أي ستائر... و هي خاصة بالرجال فقط...

      " يمكنك الانتظار هناك "

      قال الممرض مخاطبا رغد و مشيرا إلى غرفة الانتظار الخاصة بالسيدات لكن رغد لم تتزحزح قيد أنملة و بقيت واقفة معي إلى جوار وليد

      و لأن الغرفة كانت تخص الرجال و ممتلئة بهم فقد شعرت بحرج الموقف و قلت مخاطبا وليد الممدد على السرير بين اليقظة و النوم :

      " سننتظر في الخارج... ساتي لتفقدك بعد قليل "

      وليد فتح عينيه و خاطبني :

      " انتبه لها "

      ثم وجه نظره إلى رغد ... رغد سألته مباشرة و بلهفة :

      " هل أنت بخير ؟ "

      وليد قال و هو يغمض عينيه :

      " سأنام قليلا... "

      و يبدو أنه نام فورا ....

      لم يكن بحاجة لتوصيتي على رغد... هل نسى أنها قبل شهور و إن طالت... كانت خطيبتي ؟
      أم هل نسى أنها... و منذ ولدت كانت و لا تزال ابنة عمي ؟ و أنها و منذ الطفولة... رفيقة عمري؟؟؟
      خرجنا من غرفة الملاحظة تلك... و وقفنا في الممر لبعض الوقت...
      رغد سألتني انذاك:

      " هل سيكون بخير ؟ "

      كنت حينها أنظر إلى أرضية الممر الملساء... و أستمع إلى خطوات المارة حين تدوس عليها...
      و أضرب أخماسا بأسداس ... في مخاوفي و توجساتي...
      رفعت رأسي و نظرت إليها... لم يزل الهلع مرسوما لا بل محفورا على قسمات وجهها...
      كانت تضم يديها إلى بعضهما البعض و تعبث بأصابعها بتوتر شديد... و الله الأعلم... من منا أكثر قلقا و أحوج إلى المواساة...

      قلت مجيبا عن سؤالها :

      " نعم، إن شاء الله "

      قالت بانفعال :

      " و ماذا عن الدماء التي خرجت من جوفه ؟ "

      قلت :

      " تعرفين أنه مصاب بقرحة في معدته منذ العام الماضي... ربما عاودت النزيف "

      امتقع وجه رغد و احتقنت الدماء فيه فغدا أشبه ببركان على وشك الانفجار... و قالت :

      " و هل رأسه سليم حقا ؟؟ هل الطبيب واثق من ذلك؟؟ لماذا نزف أنفه إذن ؟؟ لماذا لا يسترد وعيه كاملا ؟؟ "

      و هو السؤال الذي يدور في رأسي و يضاعف مخاوفي... و ما من جواب...

      رغد لما رأت صمتي تفاقم هلعها و هتفت و هي بالكاد تزفر أنفاسها :

      " إن أصابه شيء فأنا سأموت "

      و جاءت كلماتها و كأنها تهديد أكثر من كونها قلقا... كأنها تهددني أنا بأن تموت هي لو أصاب وليد شيء لا قدر الله... و كأنني المسؤول عما أصابه... و كأنني أملك تغيير القدر...
      وكأنني جدار مصنوع من الفولاذ... يمكنه تلقي أقسى الطعنات من أعز الأحباب... دون حتى أن يخدش

      رفعت رغد يدها إلى وجهها تداري ما لا تجدي مداراته أمام مراي...

      " يا رب... أرجوك... أبقه لي ... يكفي من أخذت... أرجوك... أرجوك ... أرجوك... "

      تفطر قلبي بسببها و لأجلها... و أوشكت على النحيب معها...
      و تذكرت الحالة التي اعترتها بعد وفاة والدي ... و التي خشينا أن تلحق بهما بسببها لولا لطف الله و رحمته...

      تركتها تبكي لبعض الوقت... فقد كانت بحاجة لذلك... ثم قلت مشجعا وأنا المنهار المكسور :

      " اطمئني يا رغد... سيتعافى بإذن الله "

      بعد هذا ذهبنا إلى السيارة و بقينا في داخلها نعد الثواني و الدقائق و الساعات... و قلبانا لهجان بالدعاء و التضرع إلى الله...
      و كنت أمر لتفقد شقيقي بين فترة و أخرى و أراه لا يزال نائما ... و أرى كيسا يحوي مجروش الثلج يوضع على رأسه من حين لاخر...

      في اخر مرة... و أنا أتأمل شقيقي عن كثب، و هو بهذه الحال السيئة... و وجهه شديد الشحوب و شعره قد طال و تبعثر فوق جبينه و الجليد ينصهر في الكيس الموضوع عليه... و الدماء متخثرة في أنفه المعقوف... و بعض

      تعليق

      • Loli.
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 5514



        • أيـــام .. كانت أيام :(


          تليغرامي للإقتباسات
          اضغط هنا


          .

          شيخة قلبه سابقا

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

        اثارها تختبئ بين شعيرات ذقنه النابتة عشوائيا...
        و الأنفاس الشاهقة الساخنة تنطلق عبر فمه و الندب القديمة تغطي جسده فيما السائل الوريدي يتدفق إلى عروقه بسرعة... و أنا أتأمل كل هذا و ذلك ... شعرت بأسى شديد عليه...
        كم بدا لي... مريضا ضعيفا عاجزا... و هو ذلك الجبل القوي الذي لم يتزعزع لدخوله السجن أو لكارثة تدمير مدينتنا أو لوداع شقيقتنا... أو لفاجعة موت والدي ...
        حقيقة كان هو الأقوى و الأصلب من بيننا جميعا... و كان الجدار الذي استندنا عليه للنهوض من جديد ...

        لم أكن قد قابلته منذ شهور... كان يحرص على الاتصال بي من حين لاخر... و يخبرني بتطورات ما حصل معه... و يلح علي للانتقال إلى المدينة الساحلية و العمل و العيش معه في رغبة كبيرة منه لم شمل العائلة المشتت...

        و لكن... هل بإمكاني العيش في مكان تعيش فيه رغد... أو تحت ظل سقف ضم والدي إليه ذات يوم ...؟
        اه يا والداي... و اه لما حل بنا... بعد رحيلكما...
        أمسكت بيد شقيقي و قد اعتصرني الألم... و كلما اعتصرني أكثر ضغطت عليها أكثر... حتى انتبه وليد و أفاق من النوم...

        نظر وليد إلي و ربما لمح بقايا اعتصار قلبي بادية على وجهي... ثم نظر من حولي ثم قال :

        " أين رغد ؟ "

        و ليته سأل عن أي شي اخر سواها...
        ليته سأل... عن جثتي والدي و عن الجروح التي كانت تغطيهما كلية...
        ليته سأل عن الهول الذي أصابني و أنا أدقق النظر في جثمانيهما و بملء إرادتي... لا أكاد أميزهما...
        ما حييت ... لن أنسى تلك الصورة البشعة... أبدا...
        و ربما كانت رؤية الندب على جسد شقيقي و الدماء المتخثرة في أنفه هي ما أثار في نفسي هذه اللحظة تلك الذكرى الفظيعة المفجعة...

        " أين رغد يا سامر ؟ "

        عاد شقيقي يسأل و قد علاه القلق، أجبت مطمئنا :

        " في السيارة "

        قال معترضا :

        " تركتها وحدها ؟ "

        قلت :

        " كنت معها، أتيت لأتفقدك دقيقة "

        قال :

        " أهي بخير ؟ "

        أجبت :

        " نعم، الحمد لله لم تصب بأي أذى... أنت فقط جرحت أنفك "

        و تبادلنا النظرات الدافئة...

        قلت :

        " سلامتك يا وليد "

        و أنا أشدد الضغط مجددا على يده، وليد تنهد و رد بصوته الخافت :

        " سلمك الله "

        قلت :

        " كيف تشعر الان ؟ "

        " الحمد لله.. أظنني تحسنت "

        نقل وليد نظره من عيني إلى الساعة المعلقة على الجدار و التي كانت تشير إلى الرابعة عصرا ثم قال :

        " هل كنت نائما كل هذا الوقت ؟! "

        " نعم... كنت متعبا جدا "

        قال و هو يزيح كيس الثلج بعيدا :

        " أنا أفضل الان "

        و حاول النهوض قائلا :

        " دعنا نغادر "

        اعترضت و طلبت منه أن يبقى حتى يأذن الطبيب بانصرافه لكن وليد أصر على مغادرة المستشفى تلك الساعة و لم أجد بدا من تنفيذ رغبته...

        عندما لمحتنا رغد نقترب من السيارة خرجت منها مسرعة و على وجهها مزيج متناقض من الراحة و القلق... ثم سألت موجهة الخطاب نحو وليد :

        " هل أنت بخير ؟ هل تعافيت ؟ "

        وليد هز رأسه إيجابا ... و إن كان جليا عليه التعب و الإعياء
        ركبنا أنا و هو في مقدمة السيارة و جلست رغد خلفنا...

        لمح وليد مفاتيح سيارته موضوعة على رف أمامي فسأل :

        " أين هاتفي ؟ "

        أجابت رغد الجالسة خلفنا :

        " تركته في مكانه "

        قال وليد :

        " اتصلي بالمزرعة... لابد أنهم قلقون الان ... أخبريهم بأننا بخير و سنقضي الليلة عند سامر"

        و لما لم يصدر من رغد أي شيء يدل على أنها سمعت أو فهمت ما قال ، ناداها وليد

        " رغد ؟؟ "

        فقالت مباشرة :

        " حاضر "

        و بادرت بالاتصال عبر هاتف محمول تحمله في حقيبتها... ظننته هاتف وليد ثم اكتشفت لاحقا أنه يخص رغد...

        قال وليد :

        " لا تأتي بذكر الحادث "

        قالت رغد :

        " حاضر "

        و بعد جمل قصيرة دفعت رغد بالهاتف إلى وليد الذي راح يكرر أنهما بخير و أنهما سيأتيان لاحقا و أنهما سيقضيان هذه الليلة ... في شقتي أنا !




        ~~~~~~~~~

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5514



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          الشقة التي أخذنا سامر إليها كانت جديدة... و يبدو أن سامر قد انتقل إليها قبل بضعة أشهر... و هي شقة صغيرة لا تحوي غير غرفة نوم واحدة و غرفة معيشة صغيرة و حمام واحد !

          فور وصولنا قاد سامر وليد إلى السرير الوحيد في ذلك المكان فاضطجع وليد عليه و التقط بعض الأنفاس ثم قال :

          " أنا اسف... لكنني متعب للغاية "

          سامر قال مباشرة :

          " لا عليك... عد للنوم يا عزيزي "

          وليد نظر إلي و كأنه يطلب الإذن مني ! قلت :

          " ارتح وليد ... خذ كفايتك "

          وليد نظر إلى سامر ثم قال :

          " اعتنيا بنفسيكما "

          ثم أغمض عينيه و استسلم للنوم !

          أجلس أنا و سامر في غرفة المعيشة نشاهد التلفاز و لا يجرؤ أحدنا على النبس ببنت شفة !
          لكم أن تتصوروا حرج الموقف... فالرجل الذي يجلس معي هنا كان قبل فترة خطيبي... خطيبي الذي عشت و ربيت معه... و وعيت لهذه الدنيا و أنا في صحبته...
          و هو و منذ أن أبلغني بأنه أطلق سراحي... ذلك اليوم ... و نحن في المزرعة... لم يعد له وجود في حياتي...

          الشهور توالت بسرعة و توقفنا عن تبادل الزيارات و حتى المكالمات...
          لا أعرف تحديدا أي أفكار تدور برأس سامر هذه الساعة إلا إنني متأكدة من أنه أبعد ما يكون عن التركيز في البرنامج المعروض على الشاشة...

          عندما حان موعد الصلاة أخيرا تكلم...

          " سوف أذهب لأداء الصلاة و من ثم سأمر بأحد المطاعم "

          قال ذلك و هو ينظر إلى ساعة يده، ثم تابع :

          " لن أتأخر... تصرفي في الشقة بحرية "

          و نهض و سار نحو الباب...

          لم أجرؤ على قول شيء... ماذا عساي أن أقول و أنا في موقف كهذا؟؟ و كيف يخرج و يتركنا وحدنا و وليد مريض جدا ؟؟

          قبل أن يغلق الباب و هو في الخارج سمعته يقول :

          " أتأمرين بأي شيء ؟ "

          رفعت بصري إليه ... كنت أريده أن يستشف من نظراتي اعتراضي على ذهابه... لكنه غض بصره مباشرة و أشاح بوجهه جانبا...

          شعرت بألم...

          ليتكم تشعرون بما أشعر... بل لا أذاقكم الله شعورا مماثلا...

          سامر... كان رفيق طفولتي و صباي و شبابي... كان أقرب الناس إلي... كان مسخرا وقته و كل ما باستطاعته من أجلي أنا... كان يحبني حبا جما... كثيرا جدا... و لم يكن أبدا... أبدا... يشيح بوجهه عني أو يتحاشى النظر إلي... لقد كنت خطيبته و لم يكن شيء أحب إليه من النظر إلي و الجلوس بقربي...

          و الان ... ؟؟

          طأطأت رأسي في أسى و حسرة... و كيف لا أتحسر و اسف على فقد إنسان عنى لي مثل ما عناه سامر طوال تلك السنين ...؟؟
          إنه ... لم يفقد أحد ذويه مثلما فقدت أنا... و مثل من فقدت أنا...

          لما لم يجد سامر مني الجواب، انصرف مغلقا الباب بالمفتاح...

          حينها لم أتمالك نفسي و جعلت أبكي...

          بعد ما يقرب من النصف ساعة توهمت سماع صوت منبعث من غرفة النوم... و بدأ الوهم يتضح أكثر فأكثر... حتى تيقنت من أنه وليد...

          ذهبت إلى الغرفة و أنا أسير بحذر... و ناديت بصوت خافت :

          " أهذا أنت ... وليد ؟ "

          كانت الغرفة مظلمة إذ أن سامر كان قد أطفأ المصابيح عندما غادرناها...

          وليد قال بصوته الشبه معدوم :

          " رغد ؟ ... "

          " نعم... هل أنت بخير ؟ "

          وليد بدأ يسعل بشدة سعالا استمر لفترة...
          أفزعني سعاله... فتشت عن مكابس الإنارة و أضأت الغرفة...

          كان لا يزال في نوبة سعال لم تنه...

          " هل أنت بخير ؟؟ "

          لم يكن يستطيع التوقف... تفاقم قلقي و نظرت من حولي ثم خرجت إلى غرفة المعيشة بحثا عن بعض الماء...

          عدت إليه مسرعة و قدمته إليه... و بعدما شربه انتهت النوبة و ارتمى على السرير مجددا...
          و أخذ يتنفس بعمق من فمه و يسعل أحيانا...

          هدأ قليلا ثم سألني :

          " أين سامر ؟ "

          قلت :

          " ذهب ليصلي... "

          قال :

          " اتصلي به "

          وقفت مأخوذة بالهلع... و سألت :

          " اتصل به ؟؟ "

          قال :

          " نعم... أنا متعب "

          و شعرت بأعصابي تنهار... و ما عادت ساقاي بقادرتين على حملي... كنت أقف بجوار وليد و أرى بوضح علامات التعب و المرض ثائرة على وجهه

          قلت بصوت متبعثر متفكك :

          " ما بك يا وليد ؟ طمئني أرجوك ... "

          و اجتاحتني رغبة عارمة في البكاء...
          وليد نظر إلي و مد يده و أمسك بأصابعي ... و شعرت بحرارته الشديدة تنتقل إلي... ثم قال :

          " لا تقلقي... أنا بخير "

          قلت بانفعال :

          " لا لست بخير ! أنت مريض جدا ... أرجوك أخبرني ... هل قال الطبيب شيئا ؟ "

          وليد أطال النظر في عيني ... و كأنه يبحث عن شيء مختبئ خلف بؤبؤيهما... ثم قال بحنان :

          " هل... تخافين علي ؟ "

          أخاف عليك؟ بل أكاد أموت من الفزع عليك... ألا ترى أن ساقي ... ترتجفان ؟ ألا تشعر بأنني... سأهوي أرضا ؟ ألم تحس برعشة يدي و برودتها ؟ لقد جفت دمائي فزعا عليك يا وليد... و القلب الذي ينبض بداخلي... يضخ فراغا...
          وليد ... ألم تفهم ؟؟

          قلت بصوت متقطع واهن :

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5514



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            " وليد... أنا... إنني ... "

            و هنا عادت نوبة السعال إليه مجددا... أقوى و أعنف...

            لم أحتمل ذلك ... كادت روحي تخرج مع سعلاته ... أسرعت أجر ساقي جرا ... إلى هاتفي و اتصلت بهاتف سامر...

            " من معي ؟ "

            " أنا رغد... "

            " رغد ؟؟ "

            " نعم... سامر عد بسرعة أرجوك "

            " ماذا حدث ؟ "

            " وليد مريض جدا ... أنا سأنتهي... "

            و انهارت ساقاي أخيرا و هويت أرضا... و أخذت أبكي بل أصرخ ... لا أعرف ما قال سامر... لم أسمع أو لم أع شيئا... و لم أقو بعدها على النهوض...

            ربما كان سامر على بعد أمتار من الشقة لأنه حضر بسرعة و ما إن دخل الشقة حتى هتفت :

            " أرجوك افعل شيئا ... لا تدعه يموت ... "

            كنت جاثية على الأرض في عجز تام... سامر لم يطل النظر إلي ... بل ألقى بالأكياس التي كان يحملها جانبا و أسرع نحو الغرفة...




            ~~~~~~~~







            وليد كان يسعل بشدة و بالكاد يجذب أنفاسه... و كان العرق يتصبب من جبينه بينما يشتعل جسده حرارة... لدى رؤيته بهذا الشكل، أصبت بالروع ... و قررت إعادته إلى المستشفى فورا...
            رغد الأخرى كانت بحالة سيئة و بصعوبة تمكنت من النهوض و مرافقتنا...

            هناك شخص الطبيب حالته على أنها التهاب رئوي حاد... و أمر بإدخاله إلى المستشفى مباشرة... لكن وليد رفض ذلك تماما و اكتفى بقضاء بضع ساعات تحت العلاج...

            أمر الطبيب بحقنه بعدة أدوية... و أبقى قناع الأوكسجين على أنفه طوال الوقت... و ظل يتلقى العلاج حتى انخفضت حرارته و تحسن وضعه العام قليلا...

            أما رغد فقد كانت منهارة و مشتتة للغاية... و ما فتئت تطلب مني أن :

            " لا تدعه يموت ... أرجوك "

            و كأن الموت بيدي أو أملك لمنعه سبيلا...

            أظن أن وفاة والدي اللذين كانت هي متعلقة بهما كثيرا... و بحاجة إلى رعايتهما... جعلها تتصور الموت يحيط بها و تخشى حدوثه...

            و ربما أيضا كان للمأساة التي عاشتها ليلة القصف على المدينة... أثرها العظيم ...

            و بالتأكيد... فإن حبها لوليد جعلها في هوس على صحته... و حياته...

            لا زلت أذكر كيف استقبلته في ليلة زواج دانة... و كيف تدهورت صحتها و نفسيتها بعدما علمت بأمر ارتباطه بأروى...
            و كيف كانت تراقبهما بغيظ في المزرعة... فيما أنا أتفرج عليها... و أقف كالشجرة... بلا حول و لا قوة...

            و ها أنا الان أقف كالشجرة... أمام شقيقي و خطيبتي السابقة... بلا حول... و لا قوة...

            تمر الساعات بطيئة ثقيلة داكنة... خرساء عن أن كلمة أو إشارة... و كلما أن وليد اخترق خنجر صدي... و كلما تأوه مزقت سكين أحشائي... و كلما أفاق استقبلته أنظارنا بلهفة... فيقول :

            " أنا بخير "

            و كلما أغمض عينيه رفعت عيني إلى السماء داعيا الله أن يجعله بخير...

            كان وقتا عصيبا... اكتشفت فيه أنني أحب شقيقي هذا أكثر مما كنت أعتقد... و بالرغم من كل شيء أو أي شيء...

            مع مرور الوقت تحسنت حالته و استرد بعضا من قوته و طلب مني إعادته إلى الشقة...

            " و لكن يا عزيزي... الطبيب ينصح ببقائك "

            فرد :

            " أنا بخير الان... لنعد يا سامر... لابد أنكما متعبين... و خصوصا رغد "

            و فهمت ما يرمي إليه...

            رغد قالت معترضة :

            " أنا بخير "

            فقال وليد :

            " و أنا كذلك "

            و نظر إلي ... فقلت :

            " حسنا... هيا بنا "

            و في الواقع لم يكن هناك حل أفضل من العودة في تلك الساعة المتأخرة من الليل...

            في الشقة بدا شقيقي أفضل حالا بعض الشيء و لكنه لم يستطع مشاركتنا الطعام لشعوره بألم في معدته. الطعام كان مجموعة من الشطائر و العصائر... كنت قد جلبتها من أحد المطاعم أول الليل.. تناولناها أنا و رغد و نحن نراقب وليد... في غرفة النوم...

            السكون التي ساد وليد جعلنا نستنتج أنه نام مجددا...

            خاطبتني رغد سائلة :

            " إنه أفضل... سيتحسن... أليس كذلك ؟ "

            قلت :

            " إن شاء الله... "

            رغد قالت برجاء شديد :

            " أرجوك... اعتن به جيدا... افعل أي شيء لعلاجه "

            أجبرتني جملتها على النظر إليها ثوان ثم بعثرت نظراتي بعيدا...
            و هل تظنين يا رغد... أنني سأقف متفرجا على شقيقي و هو مريض بهذا الشكل ؟؟
            أم تظنين أنني سأقصر في العناية به انتقاما لما فعله بي في السابق ؟؟
            أم تعتقدين أن هروبك مني إليه سينسيني دماء الأخوة التي تجري في عروقي و عروقه؟؟

            قالت رغد :

            " يوم الغد... سأطلب من خالتي الحضور لأخذي معها... و بالتالي يتسنى لك نقله للمستشفى و معالجته "

            و كلنا يدرك أن وليد رفض دخول المستشفى بسبب وجود رغد... إذ لم يكن من اللائق إدخاله إلى المستشفى و عودتنا وحيدين إلى الشقة...

            تابعت رغد:

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5514



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              " سأتصل بها باكرا لتأتي سريعا... لا يجب أن نتأخر أكثر من ذلك... "

              و لم أعقب على حديثها بل كنت ألهي نفسي بشرب بقايا عصير الفراولة من كأسي الورقي... علها تطفئ شيئا من لهيب صدري...

              قالت رغد :

              " أنا اسفة لأنني عطلت الأمر ... "

              جملتها هذه أثارت اهتمامي... لكني تظاهرت باللامبالاة...

              استرسلت رغد :

              " لطالما كنت... و سأظل عقبة في طريقكم جميعا... لطالما سبب و سيسبب وجودي لكم التعطيل و الضيق... أنا اسفة... لقد طلبت منه أن يتركني في بيت خالتي لكنه من أصر على أخذي معه... سأبقى عبئا و عالة عليكم رغما عني... لكن... ماذا أفعل ؟ فأنا لا والدين لي ... "

              و كصفعة قوية تلقيت كلمات رغد... صفعة لم تدر وجهي نحوها فقط بل جعلتني أحملق فيها بذهول...

              رغد من فورها خرجت مسرعة من الغرفة... لتخبئ دموعها خلف الجدران...

              لم استطع أن أحرك ساكنا... أحسست بالمرارة في داخلي بل و في عصير الفراولة على لساني...
              و تركتها تبكي و أنا في عجز تام عن تقديم شيء من المواساة... أو تلقي شيئا منها...

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5514



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,


                الساعة تشير إلى الواحدة و الربع بعد منتصف الليل...
                أنا متعبة و في صدري ضيق شديد... على وليد و على حالي التعسة
                و هل لمثل حالتي شبيه؟؟
                في شقة صغيرة لساكن أعزب، أبقى على المقعد ساهرة حتى ينتصف الليل... و ابنا عمي موجودان في داخل غرفة النوم... أحدهما على الأقل يغط في سبات عميق !
                ألا ترون جميعا أنه لا مكان لي هنا و أن وجودي أصلا في هذه الشقة و مع ابني عمي... هو أمر مستهجن ؟

                ما كان ضر وليد لو تركني أقيم و أبات في بيت خالتي معززة مكرمة ... محبوبة مرغوب بها من جميع أفراد العائلة؟؟

                رفعت يدي إلى السماء و شكوت إلى الله حالي و بثثته همي... و تضرعت إليه... و رجوته مرارا و تكرارا... أن يشفي وليد... و أن يجد لي من هذه الكربة العظيمة مخرجا قريبا...

                كنت لا أزال أرتدي عباءتي و حجابي منذ الصباح... و كنت و بالرغم من ملابسي الثقيلة أشعر بالبرد... إضافة إلى الشعور بالعتب الشديد و النعاس... و بحاجة للنوم و الراحة... و لكن أين أنام و كيف أنام ؟؟ و هل يجوز لي أن أنام؟؟
                لماذا لم يظهر سامر حتى الان ؟؟ هل نام و تركني هكذا ... أم هل نسي وجودي ؟؟

                لم أعرف كيف أتصرف و لم أكن لأجرؤ على العودة إلى غرفة النوم بطبيعة الحال...
                ذهبت بعد ذلك إلى دورة المياه الوحيدة في تلك الشقة... و كم شعرت بالحرج من ذلك... خصوصا حينما نظرت إلى نفسي عبر المراة و وقع بصري على أدوات الحلاقة مبعثرة على الرف !

                يا إلهي !
                ما الذي أفعله أنا هنا !!؟؟

                عندما خرجت، وجدت وسادة و بطانية قد وضعا على المقعد...
                إذن فسامر لا يزال مستيقظا... و لا بد أنه التقط موجات أفكاري أخيرا !

                المقعد كان صغيرا و لا يكفي لمد رجلي ، لكنني على الأقل استطيع أن أريح جسدي قليلا فوقه...
                أنا متعبة و أريد أن أنام بأي شكل...
                و ببساطة نزعت عباءتي و حجابي و استلقيت على المقعد والتحفت البطانية و سرعان ما نمت من شدة التعب... !

                عندما نهضت كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة بقليل... نهضت عن المقعد بسرعة شاعرة ببعض الألم في ظهري أثر الانكماش !

                كنت أتوقع النهوض في وقت أبكر و كنت أنوي الاتصال بخالتي مباشرة...
                تلفت يمنة و يسرة...و دققت السمع فوصلني صوت محادثة...

                لابد أن ابنا عمي قد نهضا...
                ارتديت عباءتي و حجابي بسرعة و فركت عيني لأزيل عنهما أثر النوم... ثم سرت نحو الغرفة المفتوحة الباب و أنا أقول :

                " وليد... سامر... هل نهضتما ؟ "

                وصلني صوت سامر :

                " نعم تفضلي "

                دخلت الغرفة و أنا ألقي التحية... و وجهت بصري مباشرة نحو وليد :

                " وليد هل أنت بخير ؟ "

                وليد كان جالسا على السرير و مسندا ظهره إليه ... و كان يبدو أفضل حالا من يوم أمس... و إن ظهر الشحوب جليا على وجهه ...

                ابتسم وليد ابتسامة مطمئنة و قال بصوته المريض :

                " نعم. الحمد لله "

                قلت و أنا أتنهد بارتياح :

                " الحمد لله "

                ثم أضفت :

                " هل نمت جيدا ؟ هل تشعر بتحسن ؟ و هل زالت الحرارة ؟ "

                قال :

                " نعم. فهذه الأدوية سحرية ! "

                قال ذلك و هو يشير إلى الأدوية المصفوفة إلى جوار السرير على المنضدة و التي كانت الطبيب قد وصفها له يوم أمس...

                قلت :

                " لكن يجب أن تستكمل علاجك في المستشفى كما أمر الطبيب... سأتصل بخالتي "

                و استدرت و خرجت من الغرفة عائدة إلى حيث تركت حقيبتي و هاتفي...
                و أنا أمسك بالهاتف لمحت سامر مقبلا...
                قال :

                " انتظري "

                نظرت إليه باستفسار .. و دون أن ينظر إلي قال :

                " وليد يريد التحدث معك..."

                حملت هاتفي معي و ذهبت إلى وليد... أما سامر فأظن أنه خرج...
                وقفت قرب الباب... منتظرة ما يود وليد قوله... وليد لم يبدأ الحديث مباشرة... لا أعرف إن كان السبب بحة صوته أو تهيج حلقه، أو تردده في قول ما سيقول...

                تناول وليد كأس الماء الموضوع مع الأدوية و شرب قليلا ثم قال :

                " أنا اسف يا رغد... "

                حقيقة أنني توقعت أن يقول أي شيء اخر... عدا الأسف !

                " لم الأسف ؟؟ "

                قال و هو يحاول جعل جمله قصير لئلا يتعب حباله الصوتية :

                " كنت متعبا.. اعذريني.. هل نمت جيدا ؟ "

                ابتسمت وقلت بمرح:

                " نعم... عدا عن وجع في الظهر و برودة في الأطراف ! "

                وليد قال :

                " لم يكن أمامي حل أفضل.. أنا اسف "

                قلت مباشرة :

                " لا تهتم.. الأمر ليس سيئا لهذا الحد "

                أناقض بذلك الحقيقة التي عشتها ليلة أمس و أنا نائمة دون حجاب على مقعد صغير في شقة عزوبة صغيرة مع ابني عمي الشابين.. لا يفصلني عنهما غير جدار واحد يتوسطه باب مفتوح على مصراعيه طوال الليل !

                هل يبدو الأمر سيئا إلى ذلك الحد !؟

                وليد قال :

                " على كل.. كان ظرفا طارئا لن يتكرر بإذن الله "

                خفضت ببصري خجلا... و لم أجد تعليقا مناسبا

                وليد قال :

                " سنغادر عصرا إن شاء الله "

                قفزت ببصري إليه مجددا و كلي استنكار و اعتراض... قلت :

                " اليوم ؟ عصرا ؟ "

                " نعم "

                " و ماذا عن ... المستشفى ؟ "

                " لا ضرورة لها فأنا في تحسن "

                لم يعجبني ذلك فقلت :

                " لكن الطبيب ليلة أمس شدد على ضرورة تلقيك العلاج في المستشفى "

                فرد وليد:

                </B>

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5514



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  " سأتعافى مع هذا العلاج بإذن الله "

                  صمت في حيرة من أمري... بعدها سألت :

                  " لكن.. ألا يجدر بك ملازمة الفراش؟ كيف ستقود السيارة ؟ "

                  قال :

                  " سامر سيصطحبنا إلى المزرعة... كما و أن سيارتي ... كما تعلمين ! "

                  و تذكرت أننا تركنا السيارة في الشارع في وجه الريح و المطر... و أن هاتف وليد في داخلها
                  ربما قرأ وليد التردد المكتوب على وجهي... لذا سألني :

                  " أهناك ما يقلقك ؟ "

                  نعم يا وليد ! هناك الكثير الكثير... لأقلق بشأنه ... و أوله أنت !

                  قلت :

                  " لم لا تنتظر إلى أن تسترد عافيتك يا وليد؟ إن كان الأمر بشأني أنا... فأنا سأطلب من خالتي الحضور الان لأخذي معها... و... "

                  و أخذا وليد يهز رأسه اعتراضا...

                  قلت :

                  " هكذا ستتمكن من... "

                  لكن وليد قاطعني :

                  " كلا يا رغد... "

                  حاولت المجادلة لكنه قال بصرامة لا تتفق و حالته المريضة :

                  " كلا "

                  لذت بالصمت بضع ثوان... و أنا في حيرة من أمر هذا ال وليد !

                  مادام يجدني عائقا في سبيل تحركاته، لم لا يتركني مع خالتي؟؟ لم يزيد عبء مسؤولياته بينما أنا على استعداد بل و راغبة بشدة في إعتاقه من مسؤوليته تجاهي؟؟

                  قلت بصوت ضعيف مغلوب على أمره :

                  " وليد... أنا لا أريد العودة إلى المزرعة... "

                  نظرت إليه بتوسل... و واثقة من أنه فهم نظراتي... قال :

                  " لن نطيل البقاء هناك... يومين أو ثلاثة... ريثما استرد عافيتي و سيارتي "

                  و سعل قليلا... ثم تابع :

                  " نسافر بعدها جوا إلى العاصمة، و منها إلى الساحلية "

                  قلت :

                  " و معنا أروى... و أمها ؟ "

                  أومأ برأسه إيجابا... فهززت رأسي رفضا...
                  أنا أرفض العودة لنفس الدوامة من جديد...
                  خاطبته بنبرة شديدة التوسل و الضعف...

                  " أرجوك... دعني أعود إلى خالتي ... "

                  وليد ركز النظر في عيني برهة...

                  " أرجوك ... وليد "

                  أغمض وليد عينيه و هز رأسه ببط ء

                  " لا يمكن يا رغد .. انتهينا من هذا الموضوع "

                  و حين فتح عينيه كان نظرات التوسل لا تزال تنبعث من عيني ...

                  قال :

                  " أنا المسؤول عنك يا رغد... "

                  قلت بسرعة و تهور :

                  " أنا أعفيك من هذه المسؤولية "

                  و اكتشفت خطورة جملتي من خلال التعبيرات المخيفة التي انبثقت على وجه وليد فجأة...
                  حاولت أن أخفف تركيز الجملة فقلت :

                  " أعني... أنني لا أريدك أن ... تزيد عبئي فوق أعبائك ... و خالتي و عائلتها... مستعدون لأن..."

                  زمجر وليد :

                  " كفى يا رغد "

                  فابتلعت بقية الجملة بسرعة كدت أغص معها !

                  بدا وليد عصبيا الان... و لكن عجز عن الصراخ لبحة صوته :

                  " لا أريد أن اسمع هذا ثانية يا رغد... أتفهمين ؟ "

                  لم أتجاوب معه فقال :

                  " أنا الوصي عليك و ستبقين تحت مسؤوليتي أنا إلى أن أقرر أنا غير ذلك... مفهوم ؟ "

                  فجاءني أسلوبه الجاف الفظ هذا... فيما كنت أنا أتحدث معه بكل لطف و توسل... حملقت فيه مصدومة به... حتى المرض لم يلين عناده ؟!

                  " مفهوم يا رغد ؟؟ "

                  قلت باستسلام و رضوخ :

                  " مفهوم "

                  و خرجت بعد ذلك بهدوء من الغرفة...

                  كم أشعر بالذل... كيف يعاملني وليد بهذا الشكل ؟ لماذا يقسو علي و أنا من كدت أموت خوفا عليه؟؟ لماذا يتسلط علي و يضرب بعرض الحائط رغبتي ؟
                  و هل علي أن أتحمل رؤية الشقراء ترافقه و تتبادل معه الاهتمام و العواطف الحميمة.. بينما أكاد أعجز أنا عن مسح الدماء النازفة من أنفه و هو جريح مريض ؟؟

                  بعد فترة حضر سامر جالبا بعض الأطعمة... و وجدت نفسي منقادة لما تفرضه الظروف علي... و جلست مع ابني عمي أشاركهما الطعام بكل بساطة !

                  إن لدي ابني عم اثنين... هما أهلي و أحبتي و كل من لي... و يساويان في حياتي الناس أجمعين... و إن احتل أحدهما الماضي من حياتي... فإن الاخر ... يحتل الحاضر و المستقبل...
                  ابنا عم... لا يوجد مثلهما ابنا عم على وجه الأرض !
                  و نحن نتناول الطعام كنت أراقبهما خلسة... و أصغي جيدا لكل كلامهما...
                  كم كانا لطيفين حنونين و هادئين جدا... بصراحة الله وحده الأعلم من منا نحن الثلاثة كان الأكثر قلقا و الأشد اهتماما بشأن الاخرين !

                  فيما بعد تركت أكبرهما يقيل وقت الظهيرة... و جلست مع الأصغر في غرفة المعيشة نشاهد التلفاز...



                  ~~~~~~~~~


                  لم أكن لأقدم على الحديث معها لو أن رغد لم تبادر هي بالكلام...
                  و بالرغم من أنني كنت أتحاشى النظر باتجاهها إلا أنه كان من غير الممكن تحاشي التعقيب على حديثها...
                  " ألا يجب ... أخذه للمستشفى كما أوصى الطبيب ؟ "
                  " لا أظنه سيرحب بالفكرة مطلقا "
                  " حاول أن تقنعه... ! "
                  نظرت إلى السقف و قلت :
                  " ما من جدوى ... على الأرجح ! "
                  رغد صمتت قليلا ثم قالت :
                  " لكن السفر قد يتعبه... و هو مصر على الذهاب للمدينة الساحلية ... "
                  و أتمت بأسى :
                  " و على أخذي معه "
                  شعرت من نبرة صوتها بعدم ارتياحها فقلت :
                  " ألا تريدين الذهاب ؟ "
                  رغد قالت مباشرة :
                  " لا أريد... لكن... وليد مصر على اصطحابي معهم... لن يفيده ذهابي في شيء بل سيسبب له التعطيل و العقبات... "
                  سألت :
                  " لم تقولين ذلك ؟ "
                  رغد بدأت تتكلم... و كأنها تشكو إلي ... كأنها ... كتمت في صدرها اهات عدة و جمعتها سوية... لتطلقها أمامي... كأنها ما كادت تصدق أنها وجدت من تبوح إليه بما يختلج بواطنها... و كأنها... نسيت ... أن الرجل الذي تتحدث إليه و تبثه همومها هو خطيبها السابق الذي كان و لا يزال يعشقها بجنون...
                  و حين تتألم رغد... ينتشر صدى الامها في صدري أنا

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5514



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    " أعرف أنني مصدر إزعاج له... و هم مرمي فوق صدره... و لكنه لا يريد إزاحتي بعيدا... بل ربما يستمتع بفرض وصايته و سطوته علي ! إنه لا يريد أن أعيش في بيت خالتي و لا يريد أن أتحدث مع ابنها... و يفرض علي ما ألبس و متى أخرج و إلى أين أذهب... في المزرعة و حتى في بيت خالتي "
                    لم استطع التعقيب على حديثها هذه المرة... فماذا يمكنني القول؟؟
                    و لكن هل شقيقي... صارم لهذا الحد ؟ هل يقسو على رغد ؟؟ أليست مرتاحة للعيش معه ؟ ألم تكن هذه رغبتها هي ؟؟
                    تابعت :
                    " و أنا لا أحتمل العيش مع الشقراء... و هي أيضا لا تطيقني ... لماذا لا يريد وليد فهم ذلك ؟"
                    و أيضا لم أعلق...
                    و ربما لما رأت رغد صمتي شعرت بخيبة الأمل... إذ لم تجد مني أي مواساة أو تفاعل... لذا لاذت بالصمت هي الأخرى...
                    هناك سؤال ظل يكتم أنفاسي و يخنفني... لم استطع تحاشيه و لا أدري أي جنون جعلني أطلقه من لساني بعد كل هذا الصمت و الجمود ..؟؟
                    " رغد ... "
                    رغد نظرت إلي و هذه المرة لم أهرب بعيني بعيدا... بل غصت في أعماق عينيها باحثا عن الجواب... و ليتني لم أجده...
                    " ألا زلت ... تحبينه ؟ "
                    بالتأكيد كان هذا اخر سؤال تتوقع مني رغد طرحه... خصوصا بعد التزمت و الاختصار الشديد في الحديث معها و تحاشيها قدر الإمكان...
                    و لم يكن من الصعب علي أو على أي كان أن يستنبط الجواب من هاتين العينين...
                    تصاعدت الدماء إلى وجنتيها بينما هبطت عيناها إلى الأرض...
                    هل كان علي أن أطرح بجنون سؤالا كهذا ؟؟
                    يا لي من أحمق و فاشل...

                    من حينها لم أتحدث معها بأي كلمة... حتى وقفت مودعا إياهما في المزرعة...



                    ~~~~~~~~~~


                    وصلنا إلى المزرعة قرب الغروب... و استقبلت أورى وليد استقبالا حميما لن يسرني وصفه لكم... فيما أنا أحترق من شدة الغيظ...
                    و أحسنت هي و أمها و خالها الترحيب بي و بسامر...
                    و عندما خرج سامر مغادرا المنزل فيما بعد تذكر وليد مفاتيح سيارته فقال :

                    " المفاتيح مع سامر "

                    قلت مباشرة :

                    " سأحضرها "

                    و انطلقت مسرعة نحو الخارج...

                    كان سامر على وشك صعود السيارة فهتفت:

                    " سامر انتظر "

                    و أقبلت مهرولة إليه ... التفت سامر نحوي مستغربا و رفع نظارته الشمسية و نظر إلى عيني مباشرة

                    قلت :

                    " مفاتيح سيارة وليد "

                    " اه ... نعم "

                    و التقط المفاتيح من داخل السيارة – حيث كانت موضوعة على الرف - عبر الباب المفتوح و قدمها إلي ...

                    المفاتيح كانت ضمن عدة مفاتيح أخرى مضمومة إلى بعضها البعض بالميدالية التي كنت قد أهديتها وليد في عيد الحج الماضي... إن كنتم تذكرون...

                    و أنا أمد يدي لأستلم المفاتيح منه... تبعثرت نظراتنا ثم التقت من جديد...

                    قلت :

                    " تبدو مختلفا... "

                    و أنا أدقق النظر في الجهة اليمنى من وجه سامر و تحديدا عينه و ما حولها... الموضع الذي كانت تغطيه ندبة قديمة قبيحة... شوهت وجهه مذ سقط على الجمر المتقد و نحن نركب دراجته الهوائية أيام الطفولة...

                    الندبة تقريبا اختفت... و بدا سامر مختلفا... و هذا أول ما أثار انتباهي حين خلع نظارته السوداء المبللة بالمطر و نحن نركب السيارة يوم أمس...

                    سامر أمال إحدى زاويتي فمه بابتسامة أقرب إلى السخرية و قال :

                    " هناك أشياء ... لا بد من التخلص منها و من اثارها... ذات يوم "

                    ثم استدار و ركب السيارة و ابتعد... تاركا الجملة ترن في أذني زمنا طويلا ...

                    عندما عدت إلى الداخل... وقع بصري على منظر أثار ثورتي و جعلني أرمي بالميدالية رميا على المنضدة تجاه وليد...

                    أروى ... كانت تجلس ملتصقة بوليد و تحيطه بذراعيها بينما تسند رأسها إلى كتفه بكل حنان !
                    لقد وجدتها الشقراء فرصة ممتازة لكي تقترب من ابن عمي ... بينما أنا لا أجرؤ على شيء ...

                    حسنا يا أروى

                    المعركة ابتدأت إذن ؟؟

                    استعنا بالله على الشقاء !



                    ~~~~~~~~



                    مستلق على سريري و شاعر بإعياء شديد في جميع عضلاتي... أجاهد من أجل إرغام الهواء على المرور عبر أنفي شبه المسدود... تنتابني نوبات فظيعة من السعال إن تجرأت و فتحت فمي... أنا وليد... الصامد في وجه النواكب العظمى... مستسلم تماما أمام المرض!
                    أقبلت أروى تحمل طبق الحساء الدافئ و شرابا من خلاصة الأعشاب... و جلست قربي... استويت أنا جالسا و قربت كأس الشراب من أنفي استنشق البخار المتصاعد منه... عله يساعد على توسيع مجرى الهواء... و لم أكن أحس برائحته... و لم أحس بطعمه...

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5514



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      " الحمد لله "

                      قلت بعدما أنهيت وجبتي فعقبت أروى :

                      " بالهناء و العافية... حبيبي "

                      نظرت إليها فابتسمت بحنان... ساهم في رفع معنوياتي المحبطة... من جراء المرض و من حالي مع رغد و أقاربها...

                      رددت إليها ابتسامة ممتنة... ثم عدت مضطجعا على الوسادة... شاعرا بالارتياح...
                      الساعة كانت العاشرة مساء و أنا ألازم فراشي منذ حضوري عصرا ... و منذ حضوري لم أر رغد...

                      سألت أروى :

                      " ماذا عن رغد ؟ "

                      هذه المرة لم تحاول أروى إخفاء انزعاجها من سؤالي... و ردت :

                      " ربما نامت في غرفتها... لا تفكر في شيء الان... ابق مرتاحا و مسترخيا أرجوك "

                      و كأنها تؤكد أن رغد هي أحد أسباب قلقي و تعبي... و هي حقيقة غنية عن التأكيد !

                      ابتسمت لأروى و قلت خاتما الحديث :

                      " تصبحين على خير "


                      كانت حالتي أفضل بكثير حينما نهضت صباح اليوم التالي... و تمكنت من مغادرة الفراش...
                      أخذت حماما منعشا زاد من حيويتي... و فيما كنت أرتب فراشي بعد ذلك أقبل كل من أروى و الخالة و العم إلياس يطمئنون علي و يحمدون الله على تحسن صحتي...
                      جلسنا نتبادل بعض الأحاديث بشيء من المرح و السرور... و الضحك أيضا... إنني أنتمي إلى هذه الأسرة... و إن الله كان غاية في اللطف و الكرم سبحانه... و هو يضعها في طريقي... تعويضا عما فقدت.. و عمن فقدت...

                      لكن... لم يكن حبهم لي و عطفهم علي... ليغني عن حاجتي للمحبة و العطف من شقيقي الوحيد سامر... أو شقيقتي الوحيدة دانة ... أو ... صغيرتي الحبيبة... رغد...

                      ما أحوجني إليهم جميعا...

                      لم أكن قد رأيت صغيرتي منذ قدمنا إلى المزرعة يوم أمس... لا أعرف كيف نامت أو كيف صحت... و أين تجلس و ماذا تفعل...
                      و صدقوني... إنه من المستحيل علي أن أتوقف عن التفكير بشأنها... مهما حاولت !

                      قلت و أنا افتقدها بينما الجميع من حولي :

                      " أين رغد ؟ "

                      هناك نظرة كانت خاطفة تبادلتها أروى و أمها ، لم تغب عن انتباهي... بل كنت أرصدها... ثم قالت خالتي :

                      " لم تغادر غرفتها منذ دخلتها يوم أمس "

                      و هو جواب لا يصلح لرفع معنوياتي أو التخفيف عن الامي... البتة !

                      وجهت خطابي إلى خالتي :

                      " اذهبي و تفقديها يا خالة... رجاء "

                      ابتسمت خالتي و قالت :

                      " بكل سرور يا بني... سأستدعيها ... "

                      و غادرت يتبعها العم إلياس... ثم عادت قائلة :

                      " يظهر أنها لا تزال نائمة "

                      بعد ساعات انشغلت أورى و الخالة في المطبخ، و العم في المزرعة... و أنا في القلق المتزايد على رغد !
                      ويحك يا رغد ! ألن تأتي للاطمئنان علي ؟؟

                      لم أطق صبرا... و ذهبت أنا للاطمئنان عليها...

                      طرقت باب غرفتها و قلت مصرحا :

                      " أنا وليد "

                      و لما أذنت لي بالدخول... دخلت فرأيتها تقف عند المكتبة ممسكة بقلم... ربما كانت ترسم...

                      قلت :

                      " كيف حالك يا رغد ؟ "

                      رغد ابتسمت بفرح و قالت بصوت خافت :

                      " بخير... "

                      ثم بصوت أقوى :

                      " كيف حالك أنت ؟ "

                      و لمحت القلق على وجهها... و شعرت بسعادة !

                      قلت مبتسما :

                      " الحمد لله ... أفضل بكثير "

                      فاتسعت ابتسامتها و ازداد فرحها و كررت :

                      " الحمد لله "

                      قلت :

                      " لم أرك منذ الأمس... أقلقتني... لم لم تأتي لزيارتي ؟ "

                      طأطأت رغد رأسها ثم قالت :

                      " لا استطيع أن... أتجول في المنزل ... "

                      صمت قليلا ثم قلت :

                      " هذا ... بيتي يا رغد... و بيتي هو بيتك ... "

                      لكن رغد هزت رأسها مخالفة لكلامي... أردت أن استنبط منها رأيها فقلت :

                      " أليس كذلك يا رغد ؟ "

                      رفعت بصرها و قالت :

                      " لن أعتبر ... هذا المكان... بيتي أبدا يا وليد... و سأظل أشعر بالغربة بينكم... طالما أنا هنا "

                      تنهدت بمرارة... لم أكن أريد لصغيرتي أن تشعر بالغربة و هي معي أنا...

                      قلت :

                      " سنغادر غدا... إلى منزلنا يا صغيرتي "

                      شيء من الاعتراض أيضا ارتسم على وجهها و قالت :

                      " لكن... أنت... مريض "

                      قلت مطمئنا :

                      " أنا بخير... سبق و أن حجزت التذاكر و لا داعي لتأجيل الأمر... "

                      صمتت رغد فسألتها :

                      " هل هذا ... سيريحك ؟ "

                      انتقلت أنظار رغد من عيني إلى الأرض... و لم تجب...
                      كنت أعرف بأنها لا ترغب في السفر بل في العودة إلى خالتها...

                      خطوت خطوات نحوها حتى صرت جوارها تماما... و أمكنني رؤية الرسوم التي كانت ترسمها على الورقة... كان رسما لفتاة صغيرة تحضن ذراعا بشرية كبيرة... تخرج من حوت مغمض العينين مفتوح الفكين تقطر الدماء من أنيابه !!
                      ما المقصود من هذا الرسم الغريب ؟؟!

                      ناديتها :

                      " رغد "

                      فرفعت بصرها إلي ...

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...