انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5514



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    أروى لا تزال مأخوذة بالدهشة تنم تعبيرات وجهها عن السذاجة أو التظاهر بالسذاجة... و هو أمر أطلق المدافع في رأسي غضبا... فزمجرت :

    " تكلمي يا أروى ما الذي كنت تفعلينه في غرفتها؟؟ ماذا قلت لها تكلمي "

    أروى توترت و قالت مستهجنة:

    " و ما الذي سأفعله بها ؟؟ لم أفعل شيئا... ذهبت لأسألها عن شيء... إنها هي من كان غير طبيعيا... بدت و كأنها ترى كابوسا أو فلما مرعبا... ثم صرخت.. .لا علاقة لي بالأمر "

    قلت بغضب :

    " عن أي شيء سألتها ؟ "

    بدا التردد على أروى فكررت بلكنة مهددة:

    " عن أي شيء سألتها يا أروى تكلمي؟؟ اخبرني بالتفصيل.. ماذا قلت لها و جعلتها تضطرب بهذا الشكل؟؟ عم سألتها أخبريني؟ "

    " وليد ! "

    هتفت بعنف :

    " تكلمي ! "

    شيء من الذعر ارتسم على وجه أروى... من جراء صراخي...

    أجابت متلعثمة :

    " فقط ...س... سألتها عن... سبب قتلك عمار... و إخفائك الحقيقة عني... و عن ... علاقتها هي بالأمر... "

    انطلقت الشياطين من بركان رأسي ... كنت في حالة غضب شديد... لم استطع كتمانه أو التغلب عليه...
    صرخت في وجه أروى بعنف:

    " أهذا كل شيء ؟ "

    أجابت أروى مذعورة:

    " نعم... لا تصرخ بوجهي ... "

    لكنني خطوت نحوها... و مددت يدي و أمسكت بذراعها بقوة و ضججت صوتي:

    " و لماذا فعلت ذلك ؟ ألم أحذرك من هذا ؟ ألم أطلب منك ألا تتحدثي معها ؟ لماذا فعلت هذا يا أروى لماذا ؟ "

    أطلقت أروى صيحة ألم... و حاولت تحرير ذراعها مني... لكنني ضغطت بشدة أكبر و أكبر... و هتفت بوجهها منفعلا :

    " كيف تجرأت على هذا يا أروى ؟؟ أنظري ماذا فعلت بالصغيرة... إنها مريضة... ألا تفهمين ذلك ؟؟ إن أصابها شيء ... فستدفعين الثمن غاليا "

    صاحت أروى:

    " اتركني يا وليد ... أنت تؤلمني... "

    قلت :

    " لن أكتفي بالألم... إن حل بالصغيرة شيء بسببك يا أروى... أنا لا أسمح لأحد بإيذائها بأي شكل... كائنا من كان... و لا أسامح من يسبب لها الأذى أبدا يا أروى...أتفهمين ؟؟ إلا صغيرتي يا أروى... إلا رغد... لا أسامح فيها مس شعرة... أبدا يا أروى أبدا... أبدا... هل فهمت ؟؟ "

    و أفلت ذراعها بقسوة مبعدا إياها عني بسرعة... لئلا تتغلب علي الشياطين و تدفعني لارتكاب ما لن ينفع الندم بعده على الإطلاق...

    كان هذا.. مطلعا تعيسا أسود ليوم جديد أضيفه إلى رصيد أيام حياتي الحزينة المؤلمة... و هو مطلع لم يساوي الكثير أمام ما كان يخبئه القدر... في نهايته.

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5514



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      * الحلقة الواحدة و الأربعون *



      ~ الحادث ~



      لا يمكن أن يكون هذا هو الرجل الذي ارتبطت به ! مستحيل أنه هو وليد ذاته... الرجل الطيب الخلوق المهذب...اللطيف الهادئ... الصبور الحليم... ينقض على ذراعي بهذه الوحشية و يصرخ في وجهي بهذه القسوة ؟؟

      و لأجل ماذا ؟؟
      لا أعرف! ما هو الذنب الخطير الذي ارتكبته و جعلته يثور لهذا الحد؟؟
      فقط لأنني سألت مدللته الغالية عن سبب قتله لعمار؟؟
      ألا يجعلني تصرفه أصر أكثر و أكثر على معرفة السبب؟ إذا كان خطيرا لهذا الحد... للحد الذي يوشك معه أن يقطع ذراعي و يحرق وجهي بنار صراخه... فهل ألام إن ألححت على معرفة الحقيقة؟؟

      مضت بضع ساعات و الهدوء يخيم على المنزل رغم الشحنات المتضادة التي تنبعث من رؤوسنا... كنت قد لمحت وليد يدخل غرفة مكتبه الخاص، و لم أره بعد ذلك... أما المدللة العزيزة فهي لم تغادر غرفة نومها على الأرجح... و لم نجرؤ لا أنا و لا والدتي على الاقتراب منها... و إن كانت والدتي تردد بين الفينة و الأخرى:

      " ألا يجب أن نطمئن على الفتاة ؟؟ "

      استدرت إلى أمي بحنق و قلت:

      " لا تقلقي يا أمي... إنها بخير... لا شيء يصيب تلك المدللة... إنها فقط تمثل دور المتعبة حتى تسرق اهتمام وليد "

      و عضضت على شفتي غيظا...
      والدتي لم تعجبها النبرة غير المعتادة في صوتي و كلامي فقالت:

      " لا يا أروى هداك الله... لا يجب أن يصدر منك أنت العاقلة الناضجة كلام كهذا... كما أنك قلت بنفسك أنها أصيبت بالإغماء لبعض الوقت... "

      رددت غاضبة :

      " تمثيل ! "

      والدتي هزت رأسها استنكارا... فقلت منفعلة:

      " نعم تمثيل يا أمي... ما عدت أصدق شيئا مما حولي... إنها تؤدي دورها بشكل مذهل... ليست أول مرة... تتظاهر بالانهيار و تستميت في البكاء حتى يسرع وليد إليها... تريد الاستحواذ على اهتمامه و السيطرة عليه... إنها تحبه يا أمي... ألا تفهمين معنى ذلك ؟؟ تحب خطيبي و تريد سرقته مني ! "

      و لحظتها لم أتمالك نفسي و أخذت أبكي... فأقبلت أمي و ضمتني إلى صدرها الحنون و أخذت تربت علي و تواسيني...

      و أنا في حضن أمي لمحت كيس المجوهرات الذي جلبته رغد إلي تلك الليلة تريد دفع ما فيه تعويضا عما صرفته من الأموال... و قد وضعناه كما هو على منضدة مجاورة لإعادته إليها لاحقا... و لا أدري لم تذكرت حينها يوم مررنا من منزل عائلة وليد المحروق ... و أخذت رغد تجمع التذكارات منه، و من بينها هذه المجوهرات...و كيف كانت تضمها إلى صدرها بحرقة و تبكي بألم... أذكر أنها انذاك كانت منهارة جدا... و وسط الدموع التفتت إلى وليد و طلبت منه أن يضمها !

      ضغطت ذراعي حول أمي و أنا أتذكر كيف ارتمت في حضنه هذا الصباح... و كأن صدر وليد شيء يخصها و يمكنها الاستلقاء عليه كلما شاءت !
      ألا تعرف هذه الفتاة حدودها ؟؟ إن وليد لم يشملني بين ذراعيه بالطريقة التي غلفها بها صباح هذا اليوم.....

      في وقت لاحق من ذلك اليوم المزعج كنت مع أمي نشاهد التلفاز عل الوقت يمضي و الجو يلطف قليلا...
      و لأن وليد لم يظهر من الصباح فقد شعرت ببعض القلق... تركت والدتي في الغرفة و ذهبت أتفقده في غرفة مكتبه... أ معقول أنه لا يزال هناك ؟؟
      توجهت إلى غرفة المكتب بحذر... طرقت الباب بهدوء و انتظرت قليلا ثم فتحته ببطء و أطللت برأسي على الداخل
      وجدت وليد ينام على أحد المقاعد...

      ناديت و لكن بهدوء :

      " وليد ! "

      و لم يسمعني، لذا غادرت الغرفة و سرت عائدة إلى أمي.
      هناك في تلك الغرفة وجدت رغد !
      كانت واقفة قرب الباب و يبدو أنها كانت على وشك الانصراف
      التقت نظراتنا فأشاحت هي بوجهها عني...
      تذكرت صورتها و هي تشير بنظراتها إلي و تقول لوليد : (أبعدها عني) بينما كانت متربعة في حضنه بكل جرأة...أحسست بالغيظ الشديد...
      و لما أرادت الخروج استوقفتها :

      " انتظري "

      التفتت إلي ببرود و قالت :

      " نعم ؟ "

      قلت و أنا أشير إلى كيس المجوهرات الموضوع على المنضدة :

      " إن كنت تبحثين عن هذا فهو هنا "

      رغد نظرت إلى الكيس ثم إلي و ردت:

      " لا. لم ات من أجل هذا... يمكنك الاحتفاظ به "

      قلت :

      " لماذا أنت هنا إذن ؟ "

      أمي أومأت لي بأن أسحب سؤالي، لكني أكدت نظرات الاستجواب على عيني رغد منتظرة ردها... إنني مملوءة حنقا عليها منذ فترة و اشتعل فتيلي هذا الصباح و لم ينطفىء.
      رغد همت بالانصراف لكنني قلت بغضب:

      " لم تجيبي على سؤالي؟ "

      و بدا أن الجملة قد استفزتها فقالت:

      " و هل علي أن استأذنك للتجول في منزلي ؟ "

      أجبت منفعلة و مطلقة العنان لغيظي :

      " لا ! إنه منزل وليد... زوجي... على أية حال... و واقعا لا تملكين فيه غير هذا الكيس "

      و أشرت إلى كيس المجوهرات ذاك...

      أمي هتفت رادعة بغضب :

      " أروى ! ما هذا الكلام ؟ "

      قلت مباشرة :

      " الحقيقة التي يجب أن تدركها هذه "

      رغد كانت تنظر نحوي بذهول... فهي لم تكن للتوقع مني كلاما كهذا... بل إنني نفسي لم أكن لأتوقعه!
      لطالما كنت طيبة و متساهلة معها و تحملت الكثير من سوء معاملتها لي... من أجل وليد...
      و أنا متأكدة أنها جاءت إلى هنا بحثا عنه! و لكن... متى تدرك هذه المراهقة أن وليد هو زوجي أنا ؟؟
      توجهت لحظتها نحو كيس المجوهرات و جلبته إلى رغد و أنا أقول:

      " إليك أشياؤك... لست بحاجة إليها و لدي أضعاف أضعافها... و ما هو أهم منها يا رغد "

      نقلت رغد بصرها بيننا نحن الاثنتين... و تحول وجهها إلى اللون الأحمر... و بدأت عضلات فمها بالتقوس للأسفل... كانت على وشك البكاء!
      وضعت الكيس قرب قدمها و أشحت بوجهي عنها منتظرة انصرافها...
      سمعت صوت يدها تطبق على الكيس... ثم رأيتها تعبر فتحة الباب إلى الخارج فتوغلت أنا إلى الداخل و صفعت بالباب بقوة !
      سمعت حينها صوت رغد تقول من خلف الباب:

      " سأخبر وليد عن هذا "

      قلت بغضب و تحد:

      " تجدينه في مكتبه ... أسرعي ! "

      في الداخل استقبلتني والدتي بنظرات غاضبة و وبختني... أدرك أن تصرفي كان سيئا لكنني لم أتمالك نفسي بعد كل الذي حدث مؤخرا... و أصبحت لدي رغبة مفاجئة في إزاحة رغد عن طريقي...
      أمي أرادت اللحاق بها لتهدئة الموقف لكنني عارضتها و قلت :

      " لا تقلقي على المدللة... سيتكفل وليد بذلك ! "


      ~~~~~~~~~~~~~~~


      حملت كيس المجوهرات توجهت إلى غرفة مكتب وليد... كنت قد بحثت عنه في أرجاء مختلفة من المنزل و لم أره، و ذهبت لسؤال السيدة ليندا عنه حين فاجأتني أروى بموقفها الجديد هذا
      حسنا ! تبا لك يا أروى... سترين !
      طرقت الباب و لم أسمع جوابا، ففتحته و دخلت الغرفة. الوقت انذاك كان وقت غروب الشمس... الغرفة كانت تسبح في السواد إلا عن بصيص بسيط يتسلل عبر فتحة صغيرة بين ستائر إحدى النوافذ...
      البصيص كان يشق طريقه عبر فراغ الغرفة و يقع رأسا على جسم مغناطيسي... طويل... عريض... ضخم... محشور فوق أحد المقاعد !
      متأكدة أن البصيص اختار الانجذاب طوعا إليه هو... دونا عن بقية الأجسام... الطويلة العريضة الضخمة... التي تفرض وجودها بكل ثقة في أرجاء هذه الغرفة !
      لا أعرف ما الذي دهاني !؟
      كنت قادمة بمشاعر غاضبة تريد أن تنفجر... و فجأة تحولت مشاعري إلى نهر دافئ ينجرف طوعا نحو وليد !
      أغلقت الباب و على هدى النور الخافت سرت نحو وليد أحمل الكيس بحذر...
      وقفت قربه و أنا أشعر بأنه أقرب إلي من الهواء الذي يلامسني، و من المشاعر التي تختلج صدري...
      وضعت الكيس جانبا فأصدر صوتا... لكن وليد لم ينتبه له... يبدو أنه نائم بعمق ! و لكن لماذا ينام هنا و بهذا الشكل المتعب و في مثل هذا الوقت؟ كنت على وشك أن أهتف باسمه إلا أن هتافا أقوى و أعظم تسلل عبر زجاج نوافذ الغرفة أو جدرانها و ملأ داخلها إصغاء و خشوعا

      ( الله أكبر الله أكبر )

      و لم ينتبه وليد لصوت الأذان...
      توجهت نحو تلك النافذة... و أزحت الستائر و فتحتها بهدوء... فاندفع صدى الأذان أقوى و أخشع نحو الداخل... و انتشر النور الباهت في الغرفة...
      النافذة تطل على الفناء الخلفي للمنزل، و الذي كانت تستعمره حديقة جميلة في الماضي... تحولت إلى صحراء قاحلة خالية إلا من بعض قطع الأثاث و السجاد القديمة التي ركناها هناك عند مجيئنا للمنزل...
      أما السماء فقد كانت تودع خيوط الشمس الراحلة... و التي لم تشأ توديع الكون قبل أن ترسل بصيصها الأخير... إلى وليد !
      انتهى الأذان و وليد لم يسمعه ... و لم يشعر بحركة شيء من حوله ! قررت أخيرا أن أوقظه !
      ناديته بضع مرات و بصوت يعلو مرة تلو الأخرى إلى أن سمعني و استيقظ أخيرا !
      </B>

      تعليق

      • Loli.
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 5514



        • أيـــام .. كانت أيام :(


          تليغرامي للإقتباسات
          اضغط هنا


          .

          شيخة قلبه سابقا

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,


        فتح وليد عينيه و هو ينظر نحو النافذة مباشرة !

        قلت :

        " صحوة حميدة ! "

        وليد مغط ذراعيه و تثاءب ثم قال:

        " من ؟ أهذه أنت رغد ؟؟ "

        أجبت :

        " نعم "

        وليد أخذ يدلك عنقه قليلا... ربما يشعر بألم بسبب نومه على المقعد ! لا أعرف لم يحب وليد النوم على المقاعد ؟؟

        قلت :

        " لماذا تنام هنا وليد ؟؟ "

        أسند وليد رأسه إلى مسند المقعد لبرهة ثم أخذ ينظر إلى ساعة يده:

        " كم الساعة الان ؟؟ "

        قلت :

        " تقريبا السادسة ! رفع أذان المغرب قبل قليل فأردت إيقاظك ! "

        قال وليد :

        " اه... هل نمت كل هذا !؟ إنني هنا منذ الظهيرة "

        ابتسمت و قلت:

        " نوم العافية ! "

        وليد فجأة نظر نحوي... ثم أخذ يتلفت يمينا و شمالا ... ثم نهض واقفا و هو ينظر نحوي و قال :

        " رغد ؟؟! ماذا تفعلين هنا ؟؟ "

        و كأنه انتبه للتو أنني موجودة ! و كأنه استيقظ الان فقط من النوم !

        قلت باستغراب :

        " أتيت لإيقاظك ! وقت الصلاة "

        قال :

        " و النافذة ؟ "

        قلت :

        " كنت أستمع إلى الأذان... و أراقب السماء ! "

        وليد حك شعر رأسه قليلا ثم سار باتجاهي... حتى صار عند الطرف الاخر من النافذة ثم قال :

        " و لكن أين المطر "

        استغربت و سألت :

        " المطر ؟ أي مطر ؟؟ "

        قال :

        " ألم تقولي أنك كنت تراقبين المطر ؟ "

        قلت :

        " أبدا ! قلت أنني كنت استمع إلى الأذان و أراقب السماء ! أي مطر هذا و نحن في قلب الصيف ! "

        قال وليد :

        " لم أسمع جيدا "

        قلت و أنا أبتسم :

        " يبدو أنك لا تزال نائما ! "

        ابتسم وليد و ألقى نظرة على السماء و مجموعة من العصافير تطير عائدة إلى أعشاشها...

        التفت إلي بعدها و سأل:

        " صحيح رغد... كيف أنت الان ؟ "

        و تذكرت لحظتها الدوخة الذي داهمتي صباحا بسبب الجوع ... و كيف أنه أغشي علي بضع دقائق... و انهرت بين ذراعي وليد !
        و شعرت بطعم السكر في فمي... فازدرت ريقي وأنا أطأطئ رأسي خجلا و أهمس:

        " بخير... "

        وليد قال :

        " جيد ! و هل تناولت وجبة بعد البيتزا ؟ "

        قلت :

        " لا "

        " سيء ! لماذا رغد ؟ أنت صغيرة و نحيلة و لا تتحملين الجوع لوقت طويل... تكرر هذا معنا في البر... أتذكرين ؟ "

        رفعت بصري إليه و ابتسمت ... طبعا أذكر ! من ينسى يوما كذلك اليوم ؟؟ و نحن حفاه جياع عطشى مرعوبون و هائمون في البر؟؟
        و لكن لحظة ! هل أنا صغيرة لهذا الحد ؟؟

        قلت :

        " لا تقلق... متى ما شعرت بالجوع سأحضر لي بعض البطاطا المقلية "

        ابتسم وليد و قال :

        " طبقك المفضل ! "

        اتسعت ابتسامتي تأييدا و أضفت :

        " و الوحيد ! فأنا لا أجيد صنع شيء اخر ! "

        ضحك وليد... ضحكة عفوية رائعة... أطربت قلبي... و كدت أنفجر ضحكا من السعادة لولا أنني كتمت أنفاسي خجلا منه !

        في ذات اللحظة، انفتح باب الغرفة ... التفتنا نحن الاثنان نحو الباب... فوجدنا أروى تطل علينا... و لأن الإضاءة كانت خافتة جدا... يصعب علي كشف تعبيرات وجهها... لم تتحدث أروى بادئ الأمر، كما ألجم الصمت لسانينا أنا و وليد... بعدها قالت أروى:

        " استيقظت ؟ جيد إذن... كنت سأوقظك لتأدية الصلاة "

        وليد قال و هو يسير نحو الباب مبتعدا عني :

        " نعم أروى... نهضت لتوي "

        وصل وليد إلى مكابس مصابيح الغرفة، فأضاءها... الإنارة القوية ضيقت بؤبؤي عيني المركزين على أروى، للحد الذي كادا معه أن يخنقاها !
        كانت أروى تنظر نحوي، ثم نقلت نظرها إلى وليد...
        سمعت وليد و الذي صار قربها يهمس بشيء لم تترجمه أذناي... ثم رأيت أروى تشيح بوجهها و تغادر الغرفة.
        وليد وقف على وضعه لثوان... ثم استدار و هو يتنهد و قال أخيرا :

        " سأذهب إلى المسجد... هل تريدين شيئا أحضره ؟ "

        قلت و أنا مشغولة البال بفك رموز همسة وليد السابقة :

        " كلا... شكرا "

        و غادر وليد الغرفة...


        ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
        </B>

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5514



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          و الان... الغاضبة هي أروى و هذا دورها! رباه ! هل أنتهي من إحداهما لأبدأ مع الأخرى؟؟ إن أعصابي ما كادت تستفيق من صدمة الصباح، و ها هي على وشك الاحتراق بحادثة أخرى...
          كنت أود تلطيف الأجواء و لو قليلا... و الاسترخاء في هواء طلق يزيح عني شحنات الصباح القوية... و يطمئنني أكثر إلى أن رغد بخير...
          اقترحت في تلك الليلة الليلاء أن نخرج في نزهة و نتناول عشاءنا في أحد المطاعم. رغد وافقت و الخالة ليندا رحبت بالفكرة غير أن أروى ردت ب:

          " اذهب أنت و ابنة عمك المدللة... و استمتعا بوقتكما... أنا و أمي سنبقى ها هنا "

          كنت ساعتها مع أروى في غرفتها و قد قدمت للتو لأعرض عليها الفكرة... و لما سمعت ردها حزنت و قلت :

          " لم يا أروى ؟ والدتك كذلك رحبت بالفكرة و بادرت بالاستعداد للنزهة "

          أبعدت أروى نظرها عني هروبا من سؤالي.... لكنني واصلت :

          " هيا يا أروى ! دعينا نروح عن أنفسنا قليلا ! الأجواء خانقة هنا ! "

          اعني بذلك المشكلة الأخيرة بيننا أنا و رغد و أروى ...

          نظرت أروى إلي و قالت:

          " كلا و شكرا... لا أريد الذهاب معكم "

          صمت قليلا ثم قلت :

          " أما زلت غاضبة مني ؟؟ "

          لم تجب أروى، بمعنى أنها تؤيد هذا...

          قلت :

          " و لم كل هذا ؟ "

          قالت بعصبية :

          " أنت تعرف السبب ... فلم تسأل ؟ "

          و بدا و كأنها تنتظر الشرارة لتشعل الحريق ! لم أكن أريد أن نبدأ الجدال من جديد بل على العكس... أردت أن نجدد الأجواء و نرخي أعصابنا المشدودة منذ يومين...

          " ليس بالوقت المناسب لإعادة فتح الموضوع من جديد يا أروى ! "

          ردت أروى بعصبية أكبر:

          " و من قال أنني أغلقته أصلا؟؟ سيبقى معلقا إلى أن تخبرني بكل الحقائق التي تخفيها عني"

          كنت أقف عند الباب و لما اشتد صوت أروى خشيت أن يتسرب إلى اذان أخرى...
          دخلت الغرفة و أغلقت الباب و اقتربت منها و قلت برجاء:

          " لا نريد أن نثير شجارا الان... أرجوك يا أروى... لا استطيع إيضاح المزيد... و لن أفعل ذلك مستقبلا فلا تعاودي الضغط علي "

          ردت أروى مباشرة:

          " إلى هذا الحد ؟؟ "

          قلت مؤكدا :

          " نعم . إلى هذا الحد "

          ضيقت أروى فتحتي عينيها و قالت:

          " و رغد ؟؟ "

          لم تقلها ببساطة... كانت تحدق في عيني بحدة ثاقبة... كأنها تتوقع رؤية الحقائق تختبئ خلف بؤبؤيهما... بدلت تعبيرات وجهي إلى الجدية و التحذير و قلت و أنا أشير بسبابتي:

          " إياك أن تقتربي منها ثانية ! يكفي ما حصل هذا الصباح... إياك يا أروى "

          أروى تأملت تعبيراتي برهة ثم أشاحت بوجهها و هي تقول:

          " اذهب... قبل أن يتأخر الوقت "

          قلت :

          " و هل ستبقين بمفردك ؟ "

          " نعم "

          قلت معترضا :

          " لا يريحني ذلك ! "

          استدارت أروى و قالت بلهجة أقرب للسخرية:

          " لا تقلق بشأني ! فأنا لا أخاف البقاء منفردة و ليست لدي عقدة من الوحدة ! "

          انذاك... لم أشأ أن أطيل النقاش حرفا زائدا... و غادرت غرفتها و ذهبت إلى غرفة المعيشة الرئيسية حيث كانت رغد و الخالة ليندا تجلسان... قلت :

          " هيا بنا "

          الخالة ليندا سألت:

          " أين أروى ؟ "

          تنهدت و قلت:

          " لا تريد الذهاب "

          تمتمت الخالة بعبارات الاحتجاج ثم قالت أخيرا:

          " إذن... اذهبا أنتما فأنا لن أتركها وحدها "

          نهاية الأمر التفت إلى الصغيرة و سألت :

          " إذن... أتذهبين ؟ "

          و لعلي لن أفلح في وصف التعبيرات التي كانت تملأ وجهها و هي تجيب :

          " نعم ! بالتأكيد "


          ~~~~~~~~~~


          " نعم بالتأكيد ! "

          و هل أضيع فرصة رائعة كهذه ؟؟
          أنا و وليد نخرج في نزهة ليلية ! نتجول في شوارع المدينة... نتناول الطعام من أحد المطاعم... و نحلي بكرات البوظة ! تماما كما كنا نفعل في الماضي ! ياه ! ما أسعدني !... و تحقق الحلم الذي كان أبعد من الخيال! و قضينا نحو ثلاث ساعات في نزهة رائعة أنا و وليد قلبي فقط و فقط !
          أوقف وليد سيارته عند الموقف الجانبي لأحد الجسور المؤدية إلى جزيرة اصطناعية ترفيهية صغيرة يرتادها الناس للتنزه... و وقفنا أنا و هو على الجسر... عند السياج نتأمل الجزيرة و نراقب أمواج البحر و نتنفس عبقه المنعش... و من حولنا الناس يستمتعون بالأجواء الرائعة ...

          " منظر مدهش وليد ! ليتنا أحضرنا معنا الة تصوير ! "

          وليد ابتسم، و أخرج هاتفه المحمول من جيبه و استخدم الكاميرا التابعة له و التقط بعض الصور... ثم دفعه لي كي أتفرج عليها !

          " عظيم ! ليتني اقتني هاتفا كهذا ! "

          كرر وليد ابتسامته و قال:

          " بكل سرور! أبقه معك لتصوري ما تودين الليلة! مع أن الظلام لن يسمح بالكثير"

          و مع ذلك التقطت بعض الصور الأخرى، و الأهم... صورة مختلسة لوليد التقطتها بحذر دون أن يدري... و قد أبقيت الهاتف معي طوال النزهة لئلا يراها! و راودتني فكرة أن أنقلها إلى الحاسوب، ثم أقوم بطباعتها و من ثم أرسمها بيدي... و أعيد إلى مجموعة لوحاتي صورة جديدة لوليد قلبي... عوضا عن تلك التي احترقت في منزلنا المنكوب...
          اه ! كم أنا سعيدة! و لأنني كنت في غمرة لا توصف من البهجة فقد تخليت عن جزء من حذري و رحت أراقب وليد بلهفة و تمعن و أرصد تحركاته و تعبيرات وجهه بدقة منقطعة النظير... أتمنى فقط ألا يلحظ هو ذلك !
          و نحن عند الجسر... و فيما أنا منغمسة في مراقبته... مرت لحظة أغمض وليد فيها عينيه و أخذ يتنفس بعمق... و يزفر الهواء مصحوبا بتنهيدات حزينة من صدره ... كرر ذلك مرارا و كأنه يريد أن يغسل صدره من الهواء الراكد الكئيب فيه !

          شعرت ببعض القلق فسألت :

          " ما بك وليد ؟ "

          التفت إلي و هو يفتح عينيه و يبتسم و يجيب:

          " لا شيء! أريد أن أملأ رئتي من هذا النقاء! جميل جدا... كيف تفوت أروى و الخالة شيئا كهذا؟"

          إذن... ربما كان يفكر في أروى ! خذلتني جملته بعض الشيء... ففيما أنا مكرسة نظري و فكري فيه... يشتغل باله بالتفكير بها هي؟؟
          مرت بذاكرتي صورة أروى و هي تشيح بوجهها عن وليد و تخرج من غرفة مكتبه هذا اليوم...عند المغرب... بدت غاضبة... وبدا وليد حينها منزعجا... و كأن بينهما خصام ما... الفضول تملكني هذه اللحظة و ربما كانت الغيرة هي الدافع، فسألت :

          " لماذا رفضت المجيء معنا ؟؟ هل... هل هي غاضبة؟ "

          وليد نقل بصره إلى البحر... و قال بعد قليل :

          " نعم... مني "

          لست شريرة و لا خبيثة ! لكن... يا إلهي أشعر بسرور غير لائق ! لم استطع كتمه و قلت باندفاع فاضح:

          " هل أنتما متخاصمان ؟؟ "

          التفت إلي وليد مستغربا ! لقد كان صوتي و كذلك تعبيرات وجهي تنم عن البهجة !
          شعرت بالخجل من نفسي فطأطأت رأسي نحو الأرض فيما تصاعدت الدماء إلى وجنتي !
          لم أسمع ردا من وليد... فرفعت بصري اختلس النظر إليه... فوجدته و قد سبحت عيناه في البحر بعيدا عني... ثم سمعته يقول :

          " تريد العودة إلى لمزرعة "

          اندهشت ... و أصغيت باهتمام مكثف ... وليد تابع:

          " مصرة على ذلك و قد فشلت في ثنيها عن الأمر... اضطررت لشراء التذاكر و موعد السفر يوم الأحد "

          ماذا ! عجبا ! قلت :

          " أحقا ؟ ستتركها تذهب ؟؟ "

          وليد أجاب و هو لا يزال ينظر إلى البحر:

          " و الخالة كذلك... "

          قلت مباشرة :

          " و أنت ؟؟ و أنا ؟ "

          التفت وليد إلي و كأن هذه الجملة هي أكثر ما يثير اهتمامه! ركز النظر في عيني لحظة ثم قال :

          " سنرافقهما طبعا "

          صمت و علامات التعجب تدور فوق رأسي !!!

          قلت بعدها :

          " نعود للمزرعة ! كلا ! و الكلية ؟ و الدراسة ؟؟ "

          وليد تنهد ثم قال :

          " سنرافقهما إلى المزرعة ثم نعود... مساء الثلاثاء "

          بدأ قلبي يدق بسرعة ... نعود يقصد بها.. أنا و هو ؟؟ أم ماذا ؟؟

          خرجت الحروف مرتجفة على لساني :

          " أأأ ... ن...عود أنا و أنت ؟ "</B>

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5514



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            وليد قال :

            " نعم "

            عدت أسأل لأتأكد:

            " و ... أروى و أمها... ستظلان في... المزرعة ؟؟ "

            وليد قال :

            " نعم ! إلى أن تهدأ الأوضاع قليلا "

            أتسمعون ؟؟
            أنا و وليد وحدنا ... و لا شقراء بيننا !
            مدهش ! يا لسعادتي ! تخلصت منها أخيرا
            أكاد أطير من الفرح ! بل إنني طرت فعلا ! هل ترون ذلك ؟؟

            تعبيرات وجهي بالتأكيد كانت صارخة... و لو لم أمسك نفسي انذاك لربما انفجرت ضحكا... لكن وليد مع ذلك سألني و بشكل متردد:

            " ما رأيك ؟ "

            اه يا وليد أ و تسأل عن رأيي ؟
            ألا تدرك أنه حلم حياتي يتحقق أخيرا ؟؟
            وداعا أيتها الشقراء !

            و لئلا أفضح فرحي بهذا الشكل طأطأت رأسي و خبأت نظري تحت حذاء وليد !
            و قلت مفتعلة التماسك :

            " لا أعرف... كما ترى أنت "

            وليد عاد يسأل و بشكل أكثر جدية و بعض القلق امتزج بصوته:

            " هل تقبلين بهذا كحل مؤقت طارئ... حتى نجد الحل الأنسب ؟ "

            قلت و أنا لا أزال أدعي التماسك و عدم الانفعال:

            " لا بأس "

            تحركت قدم وليد قليلا باتجاه الجسر... رفعت عيني عنها إليه فوجدته وقد عاد يغوص بأنظاره في أعماق البحر... و سمعته يقول:

            " سنمر بسامر و أطلب منه العودة معنا... "

            تعجبت و سألت:

            " سامر ؟! "

            أجاب :

            " نعم. طلبت منه مرارا أن يأتي للعيش و العمل معنا هنا و قد تكون هذه فرصة جيدة لإقناعه "

            سامر من جديد ؟
            لا أتخيل أن أعود للعيش معه تحت سقف بيت واحد ثانية ! لا أعرف بأي طريقة سنتعامل... يكفي الحرج الذي عانيناه عندما اضطررت للمبيت في شقته أنا و وليد بعد حادث السيارة...
            أتذكرون ؟؟
            و رغم أني لم أحبذ الفكرة لم أشأ التعليق عليها... و على كل لا أظن سامر سيرحب بها هو بدوره...
            وليد تابع :

            " أما الخادمة فسنجعلها تعمل ليلا أيضا و تبات في المنزل و نضاعف لها الراتب "

            علقت :

            " يبدو أنك خططت لكل شيء! "

            استدار وليد إلي و قال :

            " لم أنم الليلة الماضية من شدة التفكير! هذه الحلول المؤقتة حاليا... يمكننا تدبر بعض الأمور الأخرى بشكل أو باخر... "

            قلت :

            " و ماذا عن الطعام ؟ "

            فأروى و والدتها كانتا تتوليان أمر المطبخ و تعدان الوجبات الرئيسية... و الأطباق الأخرى و التي كان وليد لا يستغني عنها و يمتدحها دائما!

            وليد رد :

            " لدينا المطاعم "

            ابتسمت و قلت مداعبة:

            " يمكنك الاعتماد علي ! البطاطا المقلية يوميا كحل طارئ مؤقت ! "

            ابتسم وليد فأتممت :

            " لكن لا تقلق! سأشتري كتاب الطهي و أتعلم ابتداء من الغد ! سترى أنني ذكية جدا و أتطور بسرعة "

            ضحك وليد ضحكة خفيفة كنت أريد أن أختم نزهتي الرائعة بها...
            و مع خبر مذهل كخبر سفر الشقراء أخيرا ... أصبحت معنوياتي عالية جدا و دب النشاط و الحيوية في جسدي و ذهني و ألححت على نقل الصور من هاتف وليد إلى جهاز الحاسوب في مكتبه و تنسيقها في تلك الليلة... قبل أن يكتشف صورته من بينها... و رغم أن الليل كان قد انتصف و لم يبق أمامي غير ساعات بسيطة للنوم إلى موعد الكلية إلا أنني أنجزت الأمر و بدأت برسم أولي لوجه وليد بقلم الرصاص على بعض الأوراق...

            الساعة تجاوزت الثانية عشر و النصف، و أخيرا انتهيت !
            كنت على وشك النهوض عندما رن هاتف وليد و الذي كان معي، موضوعا على المكتب.
            و لكن هل يتصل أصحابه به في ساعة متأخرة ؟؟ أتراه لا يزال مستيقظا؟ اعتقد أن الجميع قد خلدوا للنوم !

            حملت الهاتف و أوراقي و شرعت بالمغادرة بسرعة، حينها توقف رنين الهاتف...
            واصلت طريقي نحو السلم و في نيتي المرور بغرفة وليد و إعادة الهاتف إليه إن كان مستيقظا قبل لجوئي إلى فراشي...
            و فيما أنا أصعد السلم عاد الهاتف للرنين... حثثت الخطى صعودا لأوصله إلى وليد...
            و في منتصف الطريق رأيت جسما يقف على الدرجات ينظر نحوي !
            كانت أروى !
            توقفت ثوان و ألقيت عليها نظرة لا مبالية و صعدت خطوة جديدة...

            و هنا سمعتها تخاطبني :

            " أليس هذا هاتف وليد ؟ "

            نظرت إليها و أجبت:

            " بلى "

            سألت :

            " و لم هو عندك ؟ "

            رمقتها بنظرة تجاهلية و قلت:

            " سأعيده إليه "

            و صعدت خطوة بعد...
            كانت أروى تقف مباشرة في طريق خطواتي... تنحيت للجانب قليلا لأواصل طريقي إلا أنها تنحت لتعترضني !
            نظرت إليها و رأيتها تمد يدها إلي قائلة:

            " هاتيه... أنا سأعيده "

            توقف الهاتف عن الرنين، يبدو أن المتصل قد يئس من الرد...

            أضافت أروى :

            " وليد نائم على أية حال... لكنه يستخدمه كمنبه لصلاة الفجر... سأضعه قرب وسادته "

            شعرت بالغيظ ! يكفي أن ألقي نظرة على هذه الفراشة الملونة حتى أفقد أعصابي!

            قلت :

            " سأفعل أنا ذلك، بما أن غرفته في طريقي "

            فجأة تحول لون الفراشة إلى الأحمر الدموي! أروى بيضاء جدا و حين تنفعل يتوهج وجهها احمرارا شديدا !

            قالت بنبرة غاضبة :

            " عفوا؟؟ تقصدين أن تتسللي إلى غرفة زوجي و هو نائم؟؟ من تظنين نفسك؟ "

            فوجئت من هذا السؤال الذي لم أكن لأتوقع صدوره من أروى ! و المفاجأة ألجمت لساني...

            أروى قالت بانفعال :

            " وليد هو زوجي أنا... يجب أن تدركي ذلك و تلزمي حدودك "

            صعقت... عم تتحدث هذه الدخيلة ؟؟ قلت بصوت متردد :

            " م ... ماذا تعنين ؟؟ "

            هتفت أروى باندفاع :

            " تعرفين ما أعني... أم تظنين أننا بهذا الغباء حتى لا ندرك معنى تصرفاتك ؟؟ "

            ذهلت أكثر و كررت :

            " ما الذي تقصدينه ؟؟ "

            و كأن أروى قنبلة موقوتة انفجرت هذه اللحظة ! رمت بهذه الكلمات القوية دون تردد و دون حساب !

            " لا تدعي البراءة يا رغد ! ما أبرعك من ممثلة ! أنت ماكرة جدا... و تستغلين تعاطف وليد و شعوره بالمسؤولية تجاهك حتى تفعلين ما يحلو لك ! دون خجل و لا حدود... لكن... كل شيء أصبح مكشوفا يا رغد... أنا أعرف ما الذي تخططين له... تخططين لسرقة زوجي مني ! أليس كذلك ؟؟ تستميلين عواطفه بطرقك الدنيئة! أنت خبيثة يا رغد... و سأكشف نواياك السيئة لوليد ليعرف حقيقة من تكونين ! "

            ذهلت ... وقفت كالورقة تعصف بي كلمات أروى... لا تكاد أذناي تصدقان ما تسمعان...
            كنت أنظر إلى أروى بأوسع عينين من شدة الذهول... عبست أروى بوجهها و ضغطت على أسنانها و هي تقول :

            " كنت تمثلين دور المتعبة هذا الصباح... و مثلت دور المريضة ليلة حفلتنا أنا و وليد... و دور المرعوبة ليلة سهرنا أنا و وليد... هنا و في المزرعة و في بيت خالتك و في أي مكان... تمثلين أدوار المسكينة لتجعلي عقل وليد يطير جنونا خوفا عليك ! تدركين أنه لا يستطيع إلا تنفيذ رغباتك شعورا منه بالمسؤولية العظمى تجاهك! ما أشد دهائك و خبثك ... لكنني سأخبر وليد عن كل هذا... وإن اضطررت لفعل ذلك الان ! "

            كنت أمسك بهاتف وليد في يدي اليمنى و بالأوراق في يدي اليسرى... و للذهول الذي أصابني من كلام أروى رفعت يدي اليمنى تلقائيا ووضعتها على صدري...
            فجأة تحركت يد أروى نحوي... و همت بانتزاع الهاتف و هي تقول:

            " هاتي هذا "

            و كردة فعل تشبثت بالهاتف أكثر... فسحبته هي بقوة أكبر... ثم انزلق من بين أيدينا و وقع على عتبات الدرج...
            استدرت منثنية بقصد التقاطه بسرعة فتحرت أروى لمنعي فجأة و اصطدمت بي...
            حركتها هذه أفقدتني التوازن ... فالتوت قدمي و فتحت يدي اليسرى بسرعة موقعة بالأوراق أرضا... و مددتها نحو ذراع أروى وتشبثت بها طالبة الدعم... الأمر الذي أفقد أروى توازنها هي الأخرى... وفجأة انهرنا نحن الاثنتان متدحرجتين على الدرج ... و لأنني كنت في الأسفل... فقد وقع جسدها علي و انتهى الأمر بصرخة مدوية انطلقت من أعماق صدري من فرط الألم...


            ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~


            لأنني نمت معظم النهار، لم يستجب النعاس لندائي تلك الليلة و بقيت أتقلب في فراشي لبعض الوقت...
            كنت استعيد ذكريات النزهة الجميلة التي قضيناها أنا و صغيرتي هذه الليلة و التي أنعشت الذكريات الماضية الرائعة في مخيلتي... خصوصا و أن صغيرتي بدت مسرورة و مبتهجة بشكل أراحني و وئد خوفي عليها المولود هذا الصباح...
            كل شيء كما في السابق... إنها نفس الفتاة التي كنت أصطحبها في النزهات باستمرار... في أرجاء المدينة... و أقضي بصحبتها أمتع الأوقات و أطيبها على نفسي !
            غير أنها كبرت و لم يعد باستطاعتي أن أحملها على كتفي كما في الماضي !
            كانت مهووسة بامتطاء كتفي و هي صغيرة و لم تتخلى عن هوسها حتى اخر عهدي بها قبل دخولي السجن...
            يا ترى... هل تتذكر الان؟؟
            يا ترى كيف تشعر حين تكون معي و هل أعني لها ما عنيت في الماضي؟؟
            لا أعرف لم كان طيف رغد يسيطر علي هذه الليلة... بالتأكيد... خروجي معها في هذه النزهة هو ما هيج المكنون من مشاعري القديمة... الأزلية...
            جلست و توجهت إلى محفظتي... و منها استخرجت قصاصات الصورة الممزقة لرغد... و عدت أركب أجزاءها كما كانت...

            أقسم... بأنني أستطيع تجميعها بالضبط كما كانت و أنا مغمض العينين !

            أخذت القصاصات إلى سريري و جلست و أغمضت عيني... لأثبت لكم صدق قسمي...
            أتحسسها قصاصة قصاصة ... حافة حافة ... طرفا طرفا ..
            ها أنا ذا انتهيت !
            فتحت عيني و نظرت إلى الصورة المكتملة و شعرت بالسرور! إنها رغد ... و دفتر تلوينها... و أقلام التلوين الجميلة !
            يا لي من مجنون !
            ما الذي أفعله في مثل هذا الوقت المتأخر بعد منتصف الليل !
            </B>

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5514



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              وضعت القصاصات تحت الوسادة و أرخيت جفوني... سأنام على صورتك يا رغد !
              فجأة... صحوت على صوت جلبة... أشبه بارتطام شيء ما بالأرض... مصحوبة بصراخ قوي !
              نهضت بسرعة و سمعت صوت صرخات متتالية و متداخلة مع بعضها البعض في ان واحد... أسرعت للخروج من غرفتي و هرولت ناحية مصدر الصراخ...
              إنه السلم...
              وصلت أعلى عتباته و ألقيت نظرة سريعة نحو الأسفل و ذهلت !
              قفزت العتبات قفزا حتى وصلت إلى منتصف الدرج... حيث وجدت رغد و أروى جاثيتين على العتبات إحداهما تئن بفزع... و الأخرى تتلوى ألما و تطلق الصرخات...
              و مجموعة من الأوراق مبعثرة على العتبات من حولهما...

              " ماذا حدث ؟؟ "

              سألت مفزوعا... و لم تجب أيهما بأكثر من الأنين و الصراخ...

              " رغد...أروى ...ماذا حدث ؟؟ "

              ردت أروى و هي تضغط على كوعها بألم :

              " وقعنا من أعلى السلم "

              لم يكن لدي مجال لأندهش... فقد كانت رغد تصرخ بألم و تنقل يدها اليسرى بين يمناها و رجلها اليسرى...

              قلت بسرعة :

              " أأنتما بخير ؟؟ "

              أروى وقفت ببطء و استندت إلى الجدار... و أما رغد فقد بقيت على وضعها تئن و تصرخ

              " رغد هل أنت بخير ؟؟ "

              عصرت رغد وجهها من الألم فسالت الدموع متدفقة على وجنتيها المتوهجتين...

              قلت :

              " رغد ؟؟ "

              فأجابت باكية متألمة صارخة:

              " يدي... قدمي... اه... تؤلماني... لا أحتمل... ربما كسرتا "

              أصبت بالهلع... أقبلت نحوها حتى جلست قربها تماما... و سألت :

              " هذه ؟ "

              مادا يدي إلى يدها اليمنى و لكني ما أن قربت يدي حتى صرخت رغد بقوة و أبعدت يدها عني...

              " رغد "

              هتفت بهلع، فردت :

              " تؤلمني بشدة... اي... لا تلمسها "

              فوجهت يدي إلى يدها اليسرى :

              " و هذه؟ أتؤلمك؟ "

              " كلا "

              فأمسكت بها و أنا أقول:

              " إذن... دعيني أساعدك على النهوض"

              رغد حركت رأسها اعتراضا و قالت:

              " لا أستطيع... قدمي ملتوية... تؤلمني كثيرا... لا أستطيع تحريكها "

              و نظرت نحو قدمها ثم سحبت يدها اليسرى من يدي و أمسكت برجلها اليسرى بألم
              و كانت قدمها ملوية إلى الداخل، يخفي جوربها أي أثر لأي كدمة أو خدش أو كسر...

              قلت :

              " سأحاول لفها قليلا "

              و عندما حركتها بعض الشيء... أطلقت رغد صرخة قوية ثقبت أذني و أوقفت نبضات قلبي...
              يبدو أن الأمر أخطر مما تصورت ... ربما تكون قد أصيبت بكسر فعلا...
              تلفت يمنة و يسرة في تشتت من فكري... كانت أروى متسمرة في مكانها في فزع... بدأ العرق يتصبب من جسمي و الهواء ينفذ من رئتي... ماذا حل بصغيرتي ؟؟
              التفت إلى رغد بتوتر و قلت:

              " سأرفعك "

              و مددت ذراعي بحذر و انتشلت الصغيرة من على العتبة و هي تصرخ متألمة... و هبطت بها إلى الأسفل بسرعة... و أثناء ذلك ارتطمت قدمي بشيء اكتشفت أنه كان هاتفي المحمول ملقى أيضا على درجات السلم...
              حملت رغد إلى غرفة المعيشة و وضعتها على الكنبة الكبرى... و هي على نفس الوضع تعجز عن مد رجلها أو ثنيها... أما يدها اليمنى فقد كانت تبقيها بعيدا خشية أن تصطدم بي...

              " رغد... "

              ناديتها باضطراب... لكنها كانت تكتم أنفاسها بقوة حتى احتقن وجهها وانتفخت الأوردة في جبينها... و برزت اثار اللطمات التي أمطرتها بها صباحا أكثر... حتى شككت بأنها اثار جديدة سببها الدرج من شدة توهجها...
              بعدها انفجر نفس رغد بصيحة قوية قطعت حبالها الصوتية...

              قلت مفزوعا :

              " يا إلهي... يجب أن اخذك إلى الطبيب "

              وقفت ثم جثوت على الأرض ثم وقفت مجددا... خطوت خطوة نحو اليمين و أخرى نحو اليسار... تشتت و من هول خوفي على رغد لم أعرف ماذا أفعل... أخيرا ركزت فكرة في رأسي و ركضت في اتجاه غرفتي، أريد جلب مفاتيح السيارة...

              عند أول عتبات السلم كانت أروى تقف متسمرة تنم تعبيرات وجهها عن الذعر...!
              وقفت برهة و أنا طائر العقل و قلت باندفاع :

              " ماذا حدث ؟ كيف وقعتما؟ ربما انكسرت عظامها ... ساخذها إلى المستشفى "

              لم أدع لها المجال للرد بل قفزت عتبات الدرج قفزا ذهابا ثم عودة... و أنا أدوس عشوائيا على الأوراق المبعثرة عليها دون شعور... ثم رأيت أروى لا تزال قابعة في مكانها... فهتفت:

              " تكلمي ؟؟ "

              و أنا أسرع نحو غرفة المعيشة... توقفت لحظة و استدرت إلى أروى و قلت:

              " و أنت بخير ؟ "

              أومأت أروى إيجابا فتابعت طريقي إلى رغد... و لم أشعر بأروى و هي تتبعني...
              وجدت رغد و قد كومت جزء من وشاحها لتعضه بين أسنانها... حين رأتني خاطبتني و الوشاح لا يزال في فمها:

              " وليد... سأموت من الألم...اي "

              ركعت قربها و مددت ذراعي أريد حملها و أنا أقول:

              " هيا إلى الطبيب... تحملي قليلا أرجوك "

              و عندما أوشكت على لمس رجلها دفعت يدي بعيدا بيدها و صاحت:

              " لا... أقول لك تؤلمني... لا تلمسها "

              قلت :

              " يجب أن أحملك إلى المستشفى رغد... أرجوك تحملي قليلا... أرجوك صغيرتي "

              جمعت رغد القماش في فمها مجددا و عضت عليه و أغمضت عينيها بقوة...
              حملتها بلطف قدر الإمكان متجنبا لمس طرفيها المصابين... و استدرت نحو الباب... هناك كانت أروى تقف في هلع تراقبنا...

              قلت :

              " هيا... اسبقيني و افتحي لي الأبواب بسرعة "

              و هكذا إلى أن أجلست الصغيرة على مقعد السيارة الخلفي، ثم فتحت بوابة المراب و انطلقت بسرعة...

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5514



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                لحسن الحظ كانت رغد لا تزال ترتدي عباءتها و وشاحها الأسودين، لم تخلعهما منذ خرجنا إلى النزهة أول الليل...
                عندما وصلنا إلى المستشفى، استقبلنا فريق الإسعاف بهمة و حملنا رغد على السرير المتحرك إلى غرفة الفحص... كانت لا تزال تصرخ من الألم...

                سألني أحد الأفراد :

                " حادث سيارة ؟ "

                قلت :

                " لا ! وقعت من أعلى السلم... ربما أصيبت بكسر ما... أرجوكم أعطوها مسكنا بسرعة "

                أراد الطبيب أن يكشف عن موضع الإصابة... تحملت رغد فحص يدها قليلا و لكنها صرخت بقوة بمجرد أن وجه الطبيب يده إلى رجلها اليسرى... و يبدو أن الألم كان أشد في الرجل... شجعتها الممرضة و حين همت بإزاحة الغطاء عن رجلها استدرت و وقفت خلف الستارة...
                عادت رغد تصرخ بقوة لم أحتملها فهتفت مخاطبا الطبيب:

                " أرجوك أعطها مسكنا أولا... لا تلمس رجلها قبل ذلك... ألا ترى أنها تتلوى ألما؟؟"

                و صرخت رغد مرة أخرى و هتفت:

                " وليد "

                لم احتمل... أزحت الستارة و عدت إلى الداخل و مددت يدي إلى رغد التي سرعان ما تشبثت بها بقوة...

                " معك يا صغيرتي... تحملي قليلا أرجوك "

                و استدرت إلى الطبيب :

                " أعطها مسكنا أرجوك... أرجوك في الحال "

                الممرضة كشفت عن ذراع رغد اليسرى بهدف غرس الإبرة الوريدية في أحد عروقها... و لمحت الندبة القديمة فيها فسألتني :

                " و ما هذا أيضا ؟ "

                قلت غير مكترث:

                " حرق قديم...لا علاقة له بالحادث "

                و بمجرد أن انتهت الممرضة من حقن رغد بالعقار المسكن للألم عبر الوريد، عادت رغد و مدت يدها إلي و تشبثت بي...

                " لا تقلقي صغيرتي... سيزول الألم الان "

                قلت مشجعا و أنا أرى الامتقاع الشديد على وجهها المتألم الباكي...
                و مضت بضع دقائق غير أن رغد لم تشعر بتحسن

                " ألم يختف الألم ؟ "

                سألتها فقالت و هي تتلوى و تهز رأسها:

                " تؤلمني يا وليد... تؤلمني كثيرا جدا "

                خاطبت الممرضة :

                " متى يبدأ مفعول هذا الدواء ؟ أليس لديكم دواء أقوى ؟؟ "

                الطبيب أمر الممرضة بحقن رغد بدواء اخر فحقنته في قارورة المصل المغذي و جعلته يسري بسرعة إلى وريدها...

                قلت مخاطبا الطبيب :

                " هل هذا أجدى ؟ "

                قال :

                " فعال جدا "

                قلت :

                " إنه ألم فظيع يا دكتور... هل تظن أن عظامها انكسرت ؟ "

                أجاب :

                " يجب أن أفحصها و أجري تصويرا للعظام قبل أن أتأكد "

                بعد قليل... بدأت جفون رغد تنسدل على عينيها... و صمتت عن الصراخ... و ارتخت قبضتها المتشبثة بي...

                نظرت إلى الطبيب بقلق فقال :

                " هذا من تأثير المخدر... ستغفو قليلا "

                ثم باشر فحص رجل رغد و أعاد تفحص يدها اليمنى... و بقية أطرافها... و عندما انتهى من ذلك، أمر بتصوير عظام رجلي رغد و يديها و حتى جمجمتها تصويرا شاملا...

                " طمئني أيها الطبيب رجاء ... هل اتضح شيء من الفحص ؟؟ "

                نظر إلي الطبيب نظرة غريبة ثم سألني و هو يتكلم بصوت منخفض:

                " قل لي... هل حقا وقعت على درجات السلم ؟ "

                استغربت سؤاله و بدا لي و كأنه يشك في شيء فأجبت :

                " نعم... هذا ما حصل"

                قال الطبيب :

                " كيف ؟ "

                قلت :

                " لا أعرف فأنا لم أشاهد الحادث... و لكن لماذا تسأل ؟ "

                قال :

                " فقط أردت التأكد... فوجهها مكدوم بشكل يوحي إلى أنها تعرضت للضرب! و ربما يكون الأمر ليس مجرد حادث "

                أثار كلام الطبيب جنوني و غضبي فرددت منفعلا :

                " و هل تظن أننا ضربناها ثم رميناها من أعلى الدرج مثلا ؟ "

                لم يعقب الطبيب فقلت :

                " وجهها متورم نتيجة شيء اخر لا علاقة له بالحادث "

                تبادل الطبيب و الممرضة النظرات ذات المغزى ثم طلب منها اصطحاب رغد إلى قسم الأشعة.

                و لأنني كنت هلعا على رغد عاودت سؤاله :

                " أرجوك أخبرني... هل تبين شيء بالفحص لا قدر الله ؟ "

                رد صريحا :

                " لا أخفي عليك... يبدو أن الإصابة في الكاحل بالغة لحد ما... أشك في حدوث تمزق في الأربطة "

                ماذا ؟؟ ماذا يقول هذا الرجل ؟؟ تمزق ؟ كاحل ؟؟ رغد ... !!

                تابع الطبيب :

                " الظاهر أن قدمها قد التوت فجأة و بشدة أثناء الوقوع... و لديها تورم و رض شديد في منطقة الساق... قد تكون ساقها تعرضت لضربة قوية بحافة العتبة... أما يدها اليمنى فأتوقع أنها كسرت "

                كسر؟؟ تمزق ؟؟ التواء؟؟ تورم؟؟ رض ؟؟ما كل هذا ؟؟ ماذا تقول ؟؟
                شعرت بعتمة مفاجئة في عيني و بالشلل في أعصابي... يبدو أنني كنت سأنهار لولا أن الطبيب أسندني و أقعدني على كرسي مجاور... وضعت يدي على رأسي شاعرا بصداع مباغت و فظيع... كأن أحد الشرايين قد انفجر في رأسي من هول ما سمعت...
                الطبيب ثرثر ببعض جمل مواسية لم أسمع منها شيئا... بقيت على هذه الحال حتى أقبلت الممرضات يجررن سرير رغد و يحملن معهن صور الأشعة...
                الطبيب أخذ الأفلام و راح يتأملها على المصباح الخاص... و ذهبت أنا قرب رغد حتى توارينا خلف الستار...
                الصغيرة كانت نائمة و بقايا الدمع مبللة رموشها... تمزق قلبي عليها و أمسكت بيدها اليسرى و ضغطت بقوة...
                كلا يا رغد !
                لا تقولي أن هذا ما حدث؟ أنت بخير أليس كذلك؟؟ ربما أنا أحلم... ربما هو كابوس صنعه خوفي المستمر عليك و جنوني بك !
                رباه...
                بعد ثوان تركت رغد و ذهبت إلى حيث كان الطبيب مع مجموعة أخرى من الأطباء يتفحصون الأشعة و يتناقشون بشأنها. وقفت إلى جانبهم و كأني واحد منهم... أصغي بكل اهتمام لكل كلمة تتفوه بها ألسنتهم، و لا أفقه منها شيئا...
                أخيرا التفت الطبيب ذاته إلي فقلت بسرعة:

                " خير؟؟ طمئني أرجوك ؟ "

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5514



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  قال الطبيب و هو يحاول تهوين الأمر:

                  " كما توقعت... يوجد كسر في أحد عظام اليد اليمنى... و شرخ في أحد عظام الرجل اليسرى و هناك انزلاق في مفصل الكاحل سببه تمزق الأربطة "
                  و لما رأى الطبيب الهلع يكتسح وجهي أكثر من ذي قبل، أمسك بكتفي و قال:

                  " بقية الأشعة لم توضح شيئا... الإصابة فقط في اليد اليمنى و الرجل اليسرى، أما الكدمات الأخرى فهي سطحية "

                  ازدرت ريقي واستجمعت شظايا قوتي و قلت غير مصدق:

                  " أنت... متأكد ؟ "

                  قال :

                  " نعم. جميعنا متفقون على هذا "

                  و هو يشير إلى الأطباء ممن معنا...

                  قلت و صوتي بالكاد يخرج من حنجرتي واهنا :

                  " و... هل ... سيشفى كل ذلك ؟ "

                  قال :

                  " نعم إن شاء الله. لكن... ستلزمها عملية جراحية... و بعدها ستظل مجبرة لبعض الوقت "
                  صعقت !! لا ! مستحيل !
                  عملية ؟؟ جبيرة ؟؟ أو كلا ! كلا !
                  كدت أهتف ( كلا ) بانفعال... لكنني رفعت يدي إلى فمي أكتم الصرخة... قهرا...
                  الطبيب أحس بمعاناتي و حاول تشجيعي و تهوين الأمر... لكن أي كارثة حلت على قلبي يمكن تهوينها بالكلمات ؟؟

                  قلت بلا صوت:

                  " تقول ... عملية ؟ "

                  رد مؤكدا :

                  " نعم. ضرورية لإنقاذ الكسور من العواقب غير الحميدة "

                  أغمضت عيني و تأوهت من أثر الصدمة... و قلبي فاقد السيطرة على ضرباته... و لما لاحظ الطبيب حالتي سألني بتعاطف :

                  " هل أنت شقيقها ؟ "

                  فرددت و أنا غير واع لما أقول:

                  " نعم.. "

                  قال :

                  " و أين والدها ؟ "

                  قلت :

                  " أنا "

                  تعجب الطبيب و سأل :

                  " عفوا ؟ "

                  قلت :

                  " لقد مات... كلهم ماتوا... أنا أبوها الان... يا صغيرتي "

                  و أحشائي تتمزق مرارة... أنا لا أصدق أن هذا قد حصل... رغد صغيرتي الحبيبة... مهجة قلبي و الروح التي تحركني... تخضع لعملية؟؟
                  وقفت و سرت نحو سرير رغد بترنح... يظن الناظر إلي أنني أنا من تحطمت عظامه و انزلقت مفاصله و تمزقت أربطته و ما عاد بقادر على دعم هيكله...
                  اقتربت منها... أمسكت بيدها اليسرى... شددت عليها... اعتصرني الألم... و اشتعلت النار في معدتي...و أذابت أحشائي...
                  الطبيب لحق بي و أقبل إلي يشجعني بكلمات لو تكررت ألف مرة ما فلحت في لم ذرتين من قلبي المبعثر...

                  قال أخيرا :

                  " علينا إتمام بعض الإجراءات الورقية اللازمة قبل أخذها لغرفة العمليات "

                  الكلمة فطرت قلبي لنصفين و دهست كل على حدة...
                  التفت إليه أخيرا و قلت متشبثا بالوهم:

                  " ألا يمكن علاجها بشكل اخر؟؟ أرجوك... إنها صغيرة و لا تتحمل أي شيء... كيف تخضع لعملية؟؟ لا تتحمل... "

                  و كان الطبيب صبورا و متفهما و عاد يواسيني...

                  " لا تقلق لهذا الحد... عالجنا إصابات مشابهة و شفيت بإذن الله... "

                  لكن مواساته لم تخمد من حمم القلق شرارة واحدة.
                  هنا أقبلت الممرضة تخاطبه قائلة :

                  " أبلغنا أخصائي التخدير و غرفة العمليات جاهزة يا دكتور "

                  الطبيب نظر إلي و قال :

                  " توكلنا على الله ؟ "

                  نقلت بصري بينه و بين الممرضة ثم إلى رغد ...

                  قلت :

                  " صبرا... دعني استوعب ذلك... أنا مصدوم... "

                  و أسندت رأسي إلى يدي محاولا التركيز.... ظل الطبيب و الممرضة واقفين بالجوار قليلا ثم تركاني لبعض الوقت، كي استوعب الموقف و أفكر... ثم عادا من جديد...

                  قال الطبيب:

                  " ماذا الان؟ التأخير ليس من صالحها "

                  ازدردت ريقي و أنا ألهث من القلق... ثم نظرت إلى رغد و قلت :

                  " يجب أن تعرف ذلك أولا... "

                  كنت لا أزال ممسكا بيدها، اقتربت منها أكثر و همست :

                  " رغد "

                  كررت ذلك بصوت ميت... ولم تستجب، فضربت يدها بلطف و أنا مستمر في النداء...
                  فتحت رغد عينيها و جالت فيما حولها و استقرت علي... كانت شبه نائمة من تأثير المخدر...

                  قلت بلهفة :

                  " صغيرتي..."

                  و شددت على يدها... استجابت بأن نطقت باسمي

                  قلت :

                  " كيف تشعرين ؟ كيف الألم ؟؟ "

                  قالت و هي بالكاد تستوعب سؤالي :

                  " أفضل... أشعر به ... لكن أخف بكثير "

                  قلت :

                  " الحمد لله... سلامتك يا صغيرتي ألف سلامة... "

                  قالت :

                  " سلمك الله... اه... أشعر بنعاس شديد جدا وليد... دعنا نعود للمنزل "

                  لم أتمالك نفسي حينها و تأوهت بألم... اه يا صغيرتي... اه... رغد أحست بشيء... بدأت تستفيق و تدرك ما حولها

                  قالت:

                  " ما الأمر ؟؟ "

                  لم أتكلم ... فنظرت نحو الطبيب و الممرضة و اللذين قالا بصوت واحد:

                  " حمدا لله على السلامة "

                  ثم تقدم الطبيب نحوها و بلطف حرك يدها المصابة و قد زاد تورمها و احمرارها فأنت رغد.

                  قال :

                  " ألا زالت تؤلمك ؟ "

                  أجابت :

                  " نعم. لكن أخف بكثير من ذي قبل "

                  قال :

                  " هذا من تأثير المسكن القوي و لكن الألم سيعود أقوى ما لم نعالجها عاجلا. انظري... لقد تفاقم التورم بسرعة "

                  رغد نظرت إلى يدها ثم إلي بتساؤل... و لم أعرف بم أجيب و لا كيف أجيب...

                  " وليد ؟؟ "

                  ترددت ثم قلت :

                  " يبدو...أن الإصابة جدية يا رغد... يقول الطبيب أن لديك كسور و أنك بحاجة إلى جراحة "

                  و لو رأيتم مقدار الذعر الذي اكتسح وجه رغد... اه لو رأيتم !!
                  جفلت جفول الموتى... ثم سحبت يدها من بين أصابعي و وضعتها على صدرها هلعا... و كتمت أنفاسها قليلا ثم صاحت :

                  " ماذا !!؟؟ "

                  حاولت تهدئتها و أنا الأحوج لمن يهدئني... كانت ردة فعلها الأولى مزيجا من الذعر... و الفزع... و الخوف... و الارتجاف... و النحيب... و الرفض... والبكاء...
                  و انفعالات يعجز قلب وليد عن تحملها و شرحها...
                  و كانت مشوشة التركيز و التفكير بسبب الدواء المخدر و لا أدري إن كانت قد استوعبت بالفعل الخبر و ما إذا كانت تقصد بإرادة ردود فعلها تلك، أم أن الأمر كان وهما صنعه المخدر...؟؟

                  بعد أن هدأت قليلا و أنا ما أزال قربها أكرر:

                  " ستكونين بخير...لا تخافي صغيرتي... ستكونين بخير بإذن الله"

                  قالت و هي ممسكة بيدي :

                  " وليد أرجوك.. لا تتركني وحدي "

                  قلت مؤكدا بسرعة :

                  " أبدا صغيرتي... سأبقى معك طوال الوقت و لن أبتعد عن باب غرفة العمليات مترا واحدا... اطمئني"

                  نظرت رغد إلي بتوسل... فكررت كلامي مؤكدا... حينها قالت :

                  " هل نحن في الحقيقة؟؟ هل يحصل هذا فعلا؟؟ هل أنا مصابة و في المستشفى؟؟ "

                  قلت بأسى :

                  " نعم لكن هوني عليك يا رغد بالله عليك... قطعت نياط قلبي...أرجوك يكفي... الحمد لله على كل حال ... بلاء من الله يا صغيرتي... لا تجزعي..."

                  ابتلعت رغد اخر صيحاتها و حبست دموعها و بدأت تتنفس بعمق و استسلام...
                  و بعد قليل نظرت إلي و قالت :

                  " أشعر بنعاس شديد... ماذا حصل لي؟؟ عندما أصحو لا أريد أن أذكر من هذا الكابوس شيئا... أرجوك وليد "

                  وأغمضت عينيها و غابت عن الوعي مباشرة...
                  ناديتها بضع مرات فلم تجب... نظرت إلى الطبيب فأشار بإصبعه إلى المصل المغذي... ثم قال:

                  " علينا الاستعجال الان... "

                  و بهذا ذهبت مفوضا أمري إلى الله و أتممت الإجراءات المطلوبة و من ثم تم نقل رغد إلى غرفة العمليات...
                  بقيت واقفا على مقربة التهم الهواء في صدري التهاما...عله يخمد الحريق المتأجج فيه...
                  لم يكن معي هاتف و لم أشأ الابتعاد خطوة أخرى عن موقع رغد... وظللت في انتظار خروجها أذرع الممر ذهابا و جيئا و أنا أسير على الجمر المتقد... و لساني لا ينقطع عن التوسل إلى الله... إلى أن انتهت العملية بعد فترة و رأيتهم يخرجون السرير المتحرك إلى الممر...
                  لم يكن الطبيب موجودا فلحقت بسرعة بالممرضات اللواتي كن يقدن السرير و ألقيت نظرة متفحصة على وجه رغد...
                  كانت هناك قبعة زرقاء شبه شفافة تغطي شعرها و قارورتان من المصل الوريدي علقتا على جانبيها تقطران السائل إلى جسمها...
                  اقتربت منها و أنا أنادي باسمها ففتحت عينيها و لا أدري إن كانت رأتني أم لا... ثم أغمضتهما و نامت بسلام...
                  سحبت الغطاء حتى غطيت رأسها كاملا... و سرت معها جنبا إلى جنب إلى أن أوصلتها الممرضات إلى إحدى الغرف... و هناك ساعدتهن في رفعها إلى السرير الأبيض... و فيما نحن نحملها شاهدت الجبيرة تلف يدها و رجلها فكدت أصاب بالإغماء من مرارة المنظر...
                  شعرت بتعب شديد... و كأنني حملت جبلا حديديا على ذراعي لعشر سنين... و تهالكت بسرعة على حافة السرير قرب رغد...
                  و عندما همت إحداهن بتغيير الغطاء أشرت إليها بألا تفعل... و طلبت منها أن تلف رأس رغد بوشاحها الأسود...

                  " متى ستصحو ؟ "

                  سألت بصوت متبعثر... فأجبنني :

                  " عما قريب. لا تقلق. من الخير لها أن تبقى نائمة "

                  سألت :

                  " و أين الطيب ؟ "

                  أجابت إحداهن :

                  " سيجري عملية طارئة لمريض اخر الان "

                  بقيت إحدى الممرضات تفحص العلامات الحيوية لرغد و تدون ملاحظاتها لبضع دقائق ثم لحقت بزميلتيها خارج الغرفة...

                  في هذه اللحظة، أنا و صغيرتي نجلس على السرير الأبيض... هي غائبة عن الوعي... و أنا غائب عن الروح... لا أحس بأي شيء مما حولي... إلا بصلابة الجبيرة التي أمد إليها بيدي أتحسسها غير مصدق... لوجودها حول يد طفلتي الحبيبة....
                  لا شيء تمنيته تلك الساعة أكثر من أن يوقظني أحدكم بسرعة و يخبرني بأنه كان مجرد كابوس...
                  تلفت يمنة و يسرة... ربما بحثا عن أحدكم... و لم يكن من حولي أحد...
                  لمحت هاتفا موضوعا على مقربة... و اشتغلت بعض خلايا دماغي المشلولة فأوحت إلي بالاتصال بالمنزل...
                  وقفت و تحركت و أنا أجوف من الروح... لا أعرف ما الذي يحركني؟ لا أشعر بأطرافي و لا أحس بثقلي على الأرض... و لا أدري أي ذاكرة تلك التي ذكرتني برقم هاتف منزلي!
                  ظل الهاتف يرن فترة من الزمن... قبل أن أسمع أخيرا صوت أروى تجيب

                  " وليد ! أخيرا اتصلت ؟ أخبرني أين أنتما و كيف حالكما و ماذا عن رغد ؟؟ "

                  عندما سمعت اسم رغد لم أتمالك نفسي...
                  أجبت بانهيار و بصري مركز على رغد :

                  " أجروا لها عملية... إنها ملفوفة بالجبائر... اه يا صغيرتي... منظرها يذيب الحجر... يا إلهي... "

                  و أبعدت السماعة ... لم أشأ أن تسمع أروى ما زفره صدري...

                  ثم قربتها و قلت :

                  " سأتصل حينما تستفيق... نحن في مستشفى الساحل... ادعي الله لأجلها معي "

                  و أنهيت المكالمة القصيرة و عدت إلى رغد...
                  و لا زلت لله داعيا متضرعا حتى رأيت رغد تتحرك و تفتح عينيها ! تهلل وجهي و اقتربت منها أكثر و ناديتها بشغف :

                  " رغد... صغيرتي... "

                  و أضفت :
                  </B>

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5514



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    " حمدا لله على سلامتك أيتها الغالية... الحمد لله "

                    رغد رفعت رأسها قليلا و نظرت نحو يدها و سألت :

                    " هل... أجروا لي العملية ؟ "

                    و قبل أن أجيب كانت قد حركت ذراعها الأيمن حتى صارت يدها أمام عينيها مباشرة... تحسست الجبيرة الصلبة باليد الأخرى... ثم نظرت إلي ...
                    ثم حاولت تحريك رجلها و علامات الفزع على وجهها... ثم سحبت اللحاف قليلا لتكشف عن قدمها المصابة و تحدق بها قليلا... و تعود لتنظر إلي مجددا:

                    " لا استطيع تحريك رجلي ! وليد... هل أصبت بالشلل ؟ أوه لا.... "

                    إلى هنا و لا استطيع أن أتابع الوصف لكم... عما حل بالصغيرة انذاك...
                    لقد سبب وجودنا إرباكا شديدا في القسم... و خصوصا للممرضات اللواتي على رؤوسهن وقعت مهمة تهدئة هذه الفتاة الفزعة و رفع معنوياتها المحطمة...

                    كان صراخها يعلو رغم ضعف بدنها... و كل صرخة و كل اهة و كل أنة... أطلقتها رغد... اخترقت قلبي قبل أن تصفع جدران الغرفة...

                    بجنون ما مثله جنون... تشبثت بي و هي تصرخ:

                    " أريد أمي "

                    ربما لم تكن رغد تعي ما تقول بفعل المهدئات... أو ربما... الفزع أودى بعقلها... أو ربما يكون الشلل قد أصاب رجلها فعلا...!!
                    عندما أتى الطبيب و أعطاها دواء مخدرا... بدأت تستسلم و هي تئن بين يدي...
                    الطبيب أكد مرارا و تكرارا أن شيئا لم يصب العصب و أن الأمر لا يتعدى تأثير البنج المؤقت... و أن ردة فعلها هذه شيء مألوف من بعض المرضى... لكن كلامه لم يمنحني ما يكفي من الطمأنينة...

                    التفت إلى رغد التي كانت متمسكة بي بيدها اليسرى تطلب الدعم النفسي:

                    " لا تخافي صغيرتي... ستكونين بخير... ألم تسمعي ما قال الطبيب ؟؟ إنها أزمة مؤقتة و ستستعيدين كامل صحتك و تعودين للحركة و للمشي طبيعيا كما في السابق..."

                    رفعت رغد بصرها إلي و قالت و هي تفقد جزء من وعيها:

                    " هل ... سأصبح معاقة و عرجاء ؟ "

                    هززت رأسي و قلت فورا:

                    " كلا يا رغد... من قال ذلك ؟؟ لا تفكري هكذا أرجوك "

                    قالت :

                    " لكن كاحلي تمزق... و عظامي انكسرت ! ربما لن أستعيدها ثانية! ماذا سيحل بي إن فقدتهما للأبد؟ ألا يكفي ما فقدت يا وليد؟ ألا يكفي؟؟ "

                    قلت منفعلا :

                    " لا تقولي هذا... فداك كاحلي و عظامي و كل جسمي و روحي يا رغد ! ليتني أصبت عوضا عنك يا صغيرتي الحبيبة "

                    أمسكت برأسها.... كنت أوشك على أن أضمه إلي بقوة... و جنون... نظرت إلى عينيها... فرأيتهما تدوران للأعلى و ينسدل جفناها العلويان ليغطياهما ببطء... بينما يظل فوها مفتوحا و اخر كلامها معلقا على طرف لسانها..
                    </B>

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5514



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      الحلقة الثانية و الأربعون




                      ~ إلا رغد ! ~


                      و أنا على وشك الخروج للعمل صباحا تلقيت اتصالا من رقم هاتف غريب، و عرفت بعدها أنه صديقي وليد شاكر!
                      أخبرني وليد بأن قريبته قد أصيبت إصابة بالغة في رجلها و يدها و أنه تم إدخالها إلى المستشفى و إجراء عملية طارئة لها اخر الليل... و رجاني أن أصطحب زوجته و والدتها إلى المستشفى...

                      صديقي وليد كان منهارا و هو يتحدث إلي عبر الهاتف وكان صوته حزينا و أقرب إلى النحيب. و لأنني صديقه الأول فقد كان وليد يلجأ إلي كلما ألمت به ضائقة أو أصابته كربة... و كان يضعف قليلا لكنه سرعان ما يستعيد قواه و يقف صامدا دون انحناء... أما هذه الأزمة فقد دهورت نفسيته بشكل سريع و شديد للغاية، مما أدى إلى انحدار صحته و قدرته على العمل تباعا.
                      يعاني وليد من قرحة مزمنة في المعدة و هي تنشط و تتفاقم مع الضغوط النفسية. و قد كان الأطباء ينصحونه بالاسترخاء و النقاهة كلما تهيجت و بالإقلاع عن التدخين، و أظنه أقلع عن السجائر و لكنه أهمل علاج قرحته في هذه الفترة إلى أن تطور وضعها للأسوأ كما ستعرفون لاحقا.

                      وليد متعلق بشدة بابنة عمه المصابة هذه و أخاله يخبل لو ألم بها شيء!
                      و قد كانت ابنة عمه ترافقه كالظل عندما كنا صغارا في سني المدارس و كان يحبها جدا و كثيرا ما اصطحبها معه في زياراته لي و في تجوالنا سويا... و قد افترق عنها سنوات حبسه في السجن... و رحلت مع عائلته بعيدا عن المدينة... ثم دارت الأيام لتعيد جمعه بها من جديد... و تجعله وصيا شرعيا عليها و مسؤولا أولا عن رعايتها...

                      عندما وصلنا دخلت السيدتان إلى غرفة المريضة و رأيت وليد يخرج إلي بعد ذلك...
                      و كما توقعت بدا الرجل متعبا جدا... و كأنه قضى الليلة الماضية في عمل بدني شاق... سألته عن أحواله و أحوال قريبته فرد ببعض الجمل المبتورة و تمتم بعبارات الشكر
                      " لا داعي لهذا يا عزيزي ! إننا أخوان و صديقان منذ الطفولة ! "
                      ابتسم وليد ابتسامة شاحبة جدا ثم قال:
                      " علي أن أسرع "
                      قلت مقاطعا :
                      " لا تبدو بحالة جيدة يا وليد ! دعني أقلك بسيارتي... ذهابا و عودة "
                      و أعاد الابتسام و لكن هذه المرة بامتنان...
                      أوصلت وليد إلى منزله حيث قضى حوالي العشرين دقيقة رتب خلالها أموره و شربنا سوية بعض الشاي على عجل...
                      الرجل كان مشغول البال جدا و مخطوف الفكر... و قد حاولت مواساته و تشجيعه لكنه كان قد تعدى مستوى المساواة بكثير، و بما أنني أعرفه فأنا لا استغرب حالته هذه... إنه مهووس بقريبته و قد باح لي برغبته في الزواج منها رغم أي ظروف !
                      و قبل أن أركن السيارة في مواقف المستشفى الخاصة رأيته يفتح الباب و يكاد يقفز خارجا

                      " على مهلك يا رجل ! هون عليك ! "
                      قال و هو يمسك بالباب المفتوح قليلا :
                      " أخشى أن تستفيق ثم لا تجدني و تصاب بالفزع... إنها متعبة للغاية يا سيف و إن أصابها شيء بها فسأجن "
                      ألم أقل لكم ؟؟
                      رددت عليه بتهور :
                      " أنت مجنون مسبقا يا وليد "
                      و انتبهت لجملتي الحمقاء بعد فوات الأوان. التفت وليد إلي و قد تجلى الانزعاج على وجهه ممزوجا بالأسى...فاعتذرت منه مباشرة :
                      " اسف يا وليد ! لم أقصد شيئا "
                      تنهد وليد و لم يعلق... ثم شكرني و غادر السيارة... هتفت و أنا ألوح له من النافذة و هو يهرول مبتعدا :
                      " اتصل بي و طمئني إن جد شيء "
                      و توليت بنفسي إبلاغ السيد أسامة المنذر- نائب المدير- أن وليد سيتغيب عن العمل و أوجزت له الأسباب.
                      السيد أسامة كان نائبا للمدير السابق عاطف - أبي عمار - البحري رحمهما الله، و كان على علاقة وطيدة بال بحري، و على معرفة جيدة بنا أنا و والدي و فور اكتشافه بأن وليد هو ذاته قاتل عمار، قدم استقالته و رفض التعاون مع وليد و العمل تحت إدارته. و لكن... بتوصية مني و من والدي، و بعد محاولات متكررة نجحنا في تحسين صورة وليد في نظره و أفلحنا في إقناعه بالعودة للعمل خصوصا و أن وجوده كان ضروريا جدا بحكم خبرته الطويلة و أمانته. و مع الأيام توطدت العلاقة بين وليد و السيد أسامة الذي عرف حقيقة وليد و أخلاقه و استقامته. و صار يقدره و يتعامل معه بكل الاحترام و المحبة. أما بقية موظفي المصنع و الشركة، فكانت مواقفهم تجاه وليد متباينة و كنت في خشية على وليد من ألسنتهم. غير أن وليد تصرف بشجاعة و لم يعر كلامهم اهتماما حقيقيا و أثبت للجميع قدرته على الصمود و تحمل مسؤولية العمل مهما كانت الأوضاع.

                      ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~







                      لوحت لسيف بيدي و أسرعت نحو غرفة رغد.
                      وجدتها لا تزال نائمة... و إلى جوارها تجلس أروى و الخالة. سألتهما عما إذا كانت قد استيقظت فأجابتا بالنفي... اقتربت منها فإذا بأروى تمد يدها إلي بهاتفي المحمول و تقول:

                      " تفضل.. جلبته معي لك "
                      تناولت الهاتف و جلست على مقربة أتأمل وجه رغد... و ألقي نظرة بين الفينة و الأخرى على شاشة جهاز النبض الموصول بأحد أصابعها...
                      بعد قليل مرت الممرضة لتفقد أحوال رغد و نزعت الجهاز عنها. خاطبتها :
                      " كيف هي ؟ "
                      أجابت :
                      " مستقرة "
                      قلت :
                      " و لماذا لا تزال نائمة ؟ "
                      قالت :
                      " يمكنكم إيقاظها إن شئتم "
                      و بعد أن غادرت بقينا صامتين لوهلة... ثم التفت نحو أروى و سألتها:
                      " كيف وقعتما ؟ "
                      ظهر التردد على وجه أروى و اكتسى ببعض الحمرة... ما أثار قلقي... ثم تبادلت نظرة سريعة مع خالتي و نطقت أخيرا :
                      " كنا... واقفتين على الدرجات... و... تشاجرنا... ثم..."
                      قاطعتها و سألت باهتمام :
                      " تشاجرتما ؟؟ "
                      أومأت أروى إيجابا... و سمعت خالتي تتمتم:
                      " يهديكما الله "
                      قلت بشغف :
                      " في ذلك الوقت المتأخر من الليل؟؟ و على عتبات السلم؟؟ "
                      و تابعت :
                      " لأجل ماذا؟؟ و كيف وقعتما هكذا؟؟ "
                      قالت أروى مباشرة و باختصار:
                      " كان حادثا... عفويا "
                      انتظرت أن تفصل أكثر غير أنها لاذت بالصمت و هربت بعينيها مني...
                      قلت مستدرا توضيحها:

                      " و بعد؟ "
                      فرمقتني بنظرة عاجلة و قالت :
                      " مجرد حادث عفوي"
                      انفعلت و أنا ألاحظ تهربها من التفصيل فقلت بصوت قوي :
                      " مجرد حادث عفوي؟؟ انظري ما حل بالصغيرة... ألم تجدي وصفا أفظع من (حادث عفوي)؟؟ "
                      نطقت أروى في وجس :
                      " وليد ! "
                      فرددت بانفعال :
                      " أريد التفاصيل يا أروى؟ ما الذي يجعلك تتشاجرين مع رغد في منتصف الليل و على عتبات السلم ؟؟ أخبريني دون مراوغة فأنا رأسي بالكاد يقف على عنقي الان "
                      هنا أحسسنا بحركة صدرت عن رغد فتوجهت أنظارنا جميعا إليها...
                      فتحت رغد عينيها فتشدقت بهما بلهفة... و اقتربت منها أكثر و ناديت بلطف :

                      " رغد ... صغيرتي ... "
                      الفتاة نظرت إلي أولا ثم راحت تجوب بأنظارها فيما حولها و حين وقعت على أروى و القابعة على مقربة فجأة... تغير لونها و احتقنت الدماء في وجهها وصاحت :
                      " لا... أبعدها عني... أبعدها عني... "
                      أروى قفزت واقفة بذعر... و الخالة مدت يديها إلى رغد تتلو البسملة و تذكر أسماء الله محاولة تهدئتها...
                      أمسكت بيد رغد غير المصابة و أنا أكرر :
                      " بسم الله عليك ... بسم الله عليك ... اهدئي رغد أرجوك ... "
                      رغد نظرت إلي و صاحت بقوة:
                      " أبعدها عني... لا أريد أن أراها... أبعدها... أبعدها ... أبعدها "
                      التفت إلى أروى و صرخت:
                      " ما الذي فعلته بالفتاة يا أروى؟؟ أخرجي الان "
                      أم أروى قالت معترضة :
                      " وليد ! "
                      فقلت غاضبا :
                      " ألا ترين حال الصغيرة ؟؟ "
                      و أتممت موجها الكلام إلى أروى :
                      " أخرجي يا أروى... أنا ما كدت أصدق أنها هدأت قليلا... ابقي في الخارج هيا "

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...