انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5514



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    صحت بسرعة :

    " كلا يا رغد ! ليس الأمر هكذا... أنا... أنا اسف عزيزتي لم أقصد شيئا "

    استرسلت رغد :

    " أعرف أنني لا أطاق ... لكن أمي كانت تعتني بي جيدا... و تحبني كثيرا... و تتحملني بصدر رحب... لم أشعر بالذعر و أنا قريبة منها ... لم تكن لتسمح للذعر بمداهمتي ...كم كنت امنة و مرتاحة في حضنها ! "

    و غطت وجهها بالمصحف و جعلت تبكي ...
    جثوت بدوري قربها و كدت أبكي لبكائها ...

    " يكفي يا رغد ... أرجوك ... سامحيني ... لم أقصد تركك وحيدة ... أنا اسف ... "

    أزاحت الصغيرة المصحف عن وجهها و نظرت إلي نظرة ملؤها الذعر ... ملؤها العتاب ... ملؤها الضعف ... ملؤها الحاجة للأمان ... ملؤها سهام ثقبت بؤبؤي عيني و أعمتني عن الرؤية ...

    " أريد أمي ! "

    نطقت رغد بهذه الجملة التي جعلت ذراعي تخران أرضا...

    " أريد أمي ... لا أحد ... سيهتم بي مثلها ! ... الله يعلم ذلك ... اسأله أن يعيدها إلي ... أو يأخذني إليها ... "

    صحت :

    " كفى يا رغد أرجوك "

    صاحت :

    " أريد أمي ... ألا تفهم ؟؟ أريد أمي ... أريد أمي ... أريد أمي ... "

    لا إراديا مددت يدي فأمسكت بيديها بقوة و أنا أقول :

    " كفى يا رغد ... كفى ! كفى "

    انفجرت رغد قائلة بانفعال شديد :

    " كأنك لا تعرف ما حدث لي؟ أنت السبب ! بقيت أكتم السر في صدري كل هذه السنين ... و يعصف الذعر بقلبي الصغير ... و لا أجرؤ على البوح بما حصل أو حتى تذكره ... و أنت بعيد لا تعرف ماذا أصابني و ما حل بي! ألا تعرف أنني مريضة يا وليد؟ ألا تعرف ذلك؟ ألا تعرف ذلك ؟ "

    اعتصرني الألم و قلت متوسلا:

    " يكفي يا رغد ... أرجوك توقفي ... لا تزيدي من عذابي كفى ... كفى ... كفى ... "

    كنت أستطيع الإحساس بالرجفة تسري بيدي رغد ...

    التفت صوب أورى التي كانت قابعة مكانها عند الباب و قلت :

    " هل لا أحضرت بعض الماء ؟ "

    تأملتنا أروى لبرهة في عجب، ثم امتثلت للطلب ...

    كنت لا أزال ممسكا بيدي رغد حينما عادت أروى بقارورة الماء الصغيرة... تناولتها منها ... و أخذت المصحف و قرأت بضع ايات ... ثم دفعت بالقارورة نحو رغد :

    " اشربي صغيرتي "

    بنفس الرجفة تناولت رغد القارورة الصغيرة من يدي و قربت عنقها إلى شفتيها ... و عدت بأنظاري نحو كتاب الله و واصلت تلاوة الايات و أنا لا أزال جاثيا على الأرض أمام رغد مباشرة ...

    كنت أستمع إلى أنفاسها القوية... و التي بدأت تهدأ شيئا فشيئا ... حتى إذا ما اختفت عن مسمعي رفعت بصري نحو الصغيرة فرأيتها تنظر إلي

    " هل أنت أفضل الان ؟ "

    هزت رأسها إيجابا ... فتنهدت بارتياح ... و قبلت كتاب الله و وضعته جانبا ...

    " الحمد لله "

    قلتها مبتسما في وجه الصغيرة المذعورة ... فتنهدت هي بدورها ...

    " رغد ... أنا اسف يا صغيرتي ... أرجوك اغفري لي هذه المرة ... و أعدك ... بل أقسم لك برب هذا الكتاب المقدس ... بألا أكررها ثانية ما امتدت بي الحياة ... "

    رغد رفعت يدها اعتراضا و قالت :

    " لا ... لا داع لأن تقسم على شيء ليس من واجبك القيام به ... يجب أن ... تعيش حياتك الطبيعية ... "

    و التفتت نحو أروى ثم إلي و أضافت :

    " بعيدا عمن لا يطاقون ... "

    قلت مستغربا :

    " رغد ؟؟ "

    قالت :

    " فقط ... أعدني إلى خالتي ... و سوف لن ... أزعجك بعد ذلك مطلقا ! "

    استثارتني جملتها هذه و كدت أثور ... إلا أنني تمالكت نفسي ... فهي ليست باللحظة المناسبة على الإطلاق ...

    قلت :

    " اهدئي أنت الان فقط ... و لا تفكري في أي شيء ... "

    نظرت إلي الان برجاء و قالت :

    " لا تتركني وحيدة يا وليد ... أرجوك "

    قلت بسرعة :

    " ثقي بأنني لن أكررها ... أنا معك صغيرتي فاطمئني "


    ربما الموقف كان غريبا ... ربما يحق لأروى نظرات الاستنكار التي رمقتني بها في صمت ... لكن ... كيف كنتم تنتظرون مني أن أتصرف و أنا أرى صغيرتي تصاب بنوبة ذعر ... بهذا الشكل ؟

    إنني لا أعرف كم من الوقت ظلت واقفة خلف الباب ... ترتجف في خوف ... إلى أن فتحته أروى و اكتشفت وجودها ...

    إن لم أكن لأقدم مجرد الشعور بالأمان لهذه اليتيمة المذعورة ... في هذا البيت الموحش المليء بالذكريات المؤلمة ... إن لم أستطع تقديم الأمان على الأقل ... فما الجدوى من وجودي حيا على وجه الأرض ؟؟

    و كطفلة صغيرة ... أعدت صغيرتي إلى سريرها و بقيت جالسا بالقرب منها أتلو المزيد من كلام الله ... حتى نامت...

    تركت باب غرفتها نصف مغلق و عدت إلى غرفتي و تهالكت على السرير ... كانت أروى انذاك جالسة على ذات المقعد المجاور للباب ... و حينما رأتني أمدد أطرافي الأربعة نحو زوايا السرير بتأوه أقبلت نحوي ...

    " وليد "

    كنت التفت إليها فرأت التعب ينبع من مقلتي ...

    " إذن ... فهي مريضة بالفعل ... كما توقعت ! "

    أغمضت عيني متألما لهذه الحقيقة ...

    قالت أروى :

    " لقد ... لاحظت عليها بعض التصرفات الغريبة في المزرعة ! سبق و أن أخبرتك بذلك يا وليد ! لكنك لم تعلمني بأنها مريضة بالفعل "

    قلت :

    " لديها نوع من الرهبة... تنتابها حالات من الذعر إذا شعرت بالوحدة و الغربة ... إنه مرض أصابها منذ الطفولة... لكني لم أعلم به إلا العام الماضي"

    " يؤسفني ذلك يا وليد "

    نظرت إلى عيني أروى فوجدت فيهما الكثير من العطف و التعاطف ... فبادلتها بنظرة ملؤها الرجاء و الأمل :

    " أروى ... أرجوك ... أوقفي دائرة الخلاف بينكما عن الاتساع "

    لم تجب أروى مباشرة ... ثم قالت :

    " أنا لا أتعمد فعل شيء لكنها ... إنها ... "

    قاطعتها قائلا :

    " إنها وحيدة بيننا يا أروى ... أرجوك اكسبي صداقتها "

    و أيضا صمتت برهة و كأنها تفكر في أمر عالق بذهنها ثم قالت :

    " ألا ترى ... أن عودتها إلى خالتها ستريحها يا وليد ؟ "

    قلت بسرعة حدة :

    " كلا "

    " لكن "

    قاطعتها قائلا :

    " لأريحها سأفعل أي شيء اخر ... عدا عن إبعادها عن رعايتي "

    " وليد ! "

    تنهدت و قلت :

    " تصبحين على خير يا أروى ... أريد أن أنام "



    انسحبت أروى من الغرفة و عند الباب وقفت لإطفاء المصباح و لما همت بإغلاق الباب من بعدها قلت :

    " اتركيه مفتوحا ... "

    فلا أريد لصغيرتي أن تأتيني أي ساعة محتاجة للأمان ... ثم تجد بابي مغلقا دونها ....


    في صباح اليوم التالي وجدت صغيرتي مستيقظة و بادية على وجهها الصغير أمارات التعب ...

    " هل نمت جيدا ؟ "

    سألتها فهزت رأسها سلبا ...

    أخبرتها بعد ذلك بأنني ذاهب إلى مكتب المحامي و للعجب ... قالت :

    " خذني معك "







    ~~~~~~~






    و من أجل عيني رغد كان علي أنا و أمي كذلك الذهاب مع وليد حيثما ذهب !
    شعرت بالحماقة ... و لكنني لم استطع إلا مجاراة هذه الصغيرة المدللة ...

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5514



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      في البداية ذهبنا إلى مكتب المحامي أبي سيف الذي سار بسيارته إلى جوارنا ... ثم إلى مكتبين اخرين ... كان وليد يبقينا في السيارة و يرافق المحامي ، ثم يعود إلينا و يذكر المكان التالي و ينطلق نحوه !

      في وقت انتظارنا كنا أنا و أمي نتبادل الأحاديث، بينما رغد لائذة بالصمت المغدق ! لم أتعمد مخاطبتها فأنا لم أنس بعد كيف رمت بالهاتف صوب وجهي و لا كيف طردتني من غرفتها ذاك الصباح ... إلا إنني أشعر الان بشفقة عليها لا أدرك ما مصدرها !

      عاد و ليد و قال :

      " سنذهب إلى مكتب إدارة المصنع الان ! قد يطول مكوثنا هناك ... أأعيدكن إلى البيت ؟ "

      و استدار إلى الوراء موجها نظراته و كذا سؤاله إلى رغد !

      رغد قالت :

      " سنبقى معك "

      لا أدري أي متعة تجدها هذه الفتاة في البقاء حبيسة السيارة في انتظار عودة وليد ! وددت أن أعترض إلا أن مبادرة وليد بتشغيل السيارة و من ثم اللحاق بسيارة المحامي جعلتني ألتزم الصمت ...

      حين وصلنا إلى المكان المنشود أصابتني الدهشة !

      كان مبنى كبيرا مؤلف من عدة طوابق ... حديث الطراز و يبدو فاخرا !
      قال وليد و هو يركن السيارة في أحد المواقف و يبتسم :

      " هنا إدارة مصنعك يا أروى ! هذا المبنى كله ملكك ! "

      دهشت، و ابتسمت في ان واحد ... و راودتني رغبة في إلقاء نظرة شاملة
      قلت – و أنا أمد يدي إلى مقبض باب السيارة و افتحه - :

      " سألقي نظرة "

      و خارج السيارة وقفت أنا و تبعني وليد و جعلت أتأمل المبنى الضخم الذي يفترض أن يكون ملكي !

      قلت :

      " كل هذا ... لي !؟ "

      ابتسم وليد و قال :

      " هذا لا شيء ! حين ترين المصنع ستفاجئين ! ... هنيئا لك ! "

      شعرت ببهجة كبيرة اجتاحت قلبي ... قلت :

      " أتمنى أن أراه من الداخل ! "

      فكر وليد قليلا و تردد فقلت :

      " ألست أنا المالكة ؟ ألا يمكنني إلقاء نظرة سريعة على ممتلكاتي ؟ أرجوك وليد ! "

      ابتسم وليد و قال :

      " لا أعرف إن كان هناك سيدات في الداخل... ! لم يسبق لي الدخول و لكن ... لا بأس إن كانت هذه رغبتك ! "

      فرحت كثيرا و أمسكت بيد خطيبي في امتنان ...

      ما الذي سيجعلني أشعر بسعادة أكثر من هذه ؟؟ لدي خطيب رائع يقف إلى جواري ... و أمامي مبنى ضخم هو ملكي و جزء من ثروتي ... لا شك أنني هذه اللحظة أسعد الناس

      الحمد لله

      وليد أشار على أمي و رغد أن تنزلا ... ثم لحقنا نحن الأربعة بالمحامي و وجدنا في استقبالنا أناس اخرون، رافقونا داخل المبنى إلى المكان المنشود !

      و المكان المنشود كان المكتب الرئيسي للمبنى ... مكتب المدير !

      ما إن دخلنا حتى وجدنا أناس اخرون في استقبالنا ... أظنهم دهشوا لدى رؤيتنا نحن الثلاث – أنا و أمي و رغد – نسير خلف الموكب ! لكن ذلك لم يمنعهم من الترحيب بنا عامة ...

      دعينا للجلوس في مكان جانبي ... بعيدا عن الاخرين ...

      فيما كنا نعبر الغرفة شاقات طريقنا نحو المقاعد، كانت عيناي لا تتوقفان عن التجول و النظر إلى كل ما حولي ... في دهشة و إعجاب !

      كم كان مكتبا فخما و راقيا ! كل أثاثه يشير إلى مدى البذخ الذي كان عمي رحمه الله يعيش فيه !

      استقرت عيناي أخيرا على الحائط خلف المكتب مباشرة ...

      هناك علقت صورتان كبيرتان جدا لرجل كهل و شاب صغير... في إطارين أسودين !
      إنهما عمي و ابنه الراحلان، رحمهما الله !

      توقفت برهة أتأمل الصورتين ... لهذين الشخصين اللذين ما عرفتهما يوما في حياتي ... و ها هي ثروتهما الضخمة تصبح فجأة بين يدي !

      " سبحان الله ... أتصدق يا وليد ؟ "

      قلت ذلك و التفت إلى وليد متوقعة منه أن يكرر التسبيح ... و يمنحني ابتسامة عذبة و مطمئنة من شفتيه ... لكن ... لم يبد على وليد أنه سمع شيئا مما قلت ...
      وليد كان يحدق تجاه الصورتين بحدة و تعبيرات وجهه غاضبة و مكفهرة

      عجبا ! لماذا ينظر وليد إلى هاتين الصورتين بهذا الشكل ؟؟

      " وليد ...؟؟ "

      رمقني وليد بنظرة غريبة و مخيفة ... و عاد يدقق النظر تجاه الصورتين

      أليس هذا غريبا ؟؟

      انتظروا... هذا لا شيء أمام ما حصل بعد ذلك !


      " عمار !! "


      تصوروا ممن خرجت هذه الكلمة أشبه بالصيحة المباغتة ؟؟

      من رغد !

      التفت إلى رغد لأتأكد من أن أذني لم تكن تتخيل ... فرأيت رغد تحدق هي الأخرى تجاه الصورتين و قد علا وجهها الذعر !

      و الان ماذا ؟؟

      رغد تلتفت إلى وليد بسرعة ... ثم إلى الصورة ... و تشير بإصبعها نحو صورة عمار ابن عمي ... و تعود للهتاف :

      " عمار !! "

      ثم تلتفت إلى وليد و تقول بذعر :

      " إنه هو ! أليس كذلك ؟ هو ... هو "

      وليد يحدق برغد الان ... و مزيج من الغضب و التوتر و القلق و تعبيرات أخرى أجهل تفسيرها بادية على وجهه جاعلة منه جمرة ملتهبة !

      رغد ألقت علي نظرة سريعة ، ثم على الصورتين ، ثم على وليد الذي كان لا يزال يحدق بها ... و هتفت :

      " وليد ! "

      وليد اقترب من رغد و قال :

      " أجل ... إنهما عم أروى و ابنه "

      بدا الذهول الفظيع على وجه رغد ... و كأنها اكتشفت أمرا خطيرا لم تكن تعرفه ! أما الذهول الذي على وجهي أنا هو لأنني لم أكتشف بعد ماذا يدور من حولي ؟!

      رغد أمسكت بذراع وليد و هتفت :

      " أخرجني من هنا ! "

      تحولت نظرات وليد إلى القلق و الخوف الفاضحين و فتح فمه و لكن ما خرج منه كان النفس خال من أي كلام !

      " أخرجني من هنا بسرعة ... أخرجني فورا "

      قالت ذلك رغد و ضعت يدها الأخرى على صدغيها كمن يعاني من صداع شديد... !

      " رغد "

      ناداها وليد بصوت حنون قلق فلما رفعت بصرها إليه ... مالت بنظراتها نحو الحائط فأغمضت عينيها بسرعة و أخفتهما خلف يدها و صاحت :

      " أرجوك.. "

      من فوره وليد حثها على السير متراجعين نحو الباب ... و كانت لا تزال متشبثة بذراعه ... و خاطبنا قائلا :

      " هيا بنا "

      أنا و أمي و لأننا لم نفهم أي شيء ... تبادلنا النظرات المستغربة المذهولة... و لحقنا بوليد و رغد على عجل ... وسط أنظار الاستغراب من الأشخاص الاخرين !

      إن في الأمر سر ما !
      ما عساه يكون ؟؟؟







      ~~~~~~~





      رغد بين يدي منهارة و مرتبكة...
      و أنا مذهول و مأخوذ بالدهشة ... إن من رؤية وجه عمار الخسيس يبتسم تلك الابتسامة الحقيرة ... و التي تستفز حتى أتفه ذرات النفور في جسدي ... أو من تأثر رغد بالصورة ... و الذعر الذي علاها ... و الذي يؤكد أنها لا تزال تذكر وجه عمار ... بعد كل تلك السنين
      و كيف لوجه مجرم كهذا أن ينسى ؟؟

      طفلتي الصغيرة لا تزال تحتفظ في ذكرياتها بصورة للشاب الحقير الذي تجرأ على اختطافها ذات يوم ...

      ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتي ... و حياتها كذلك ...

      فتحت باب السيارة الأمامي الأيمن و جعلتها تدخل و تجلس عليه ... و جلست من ثم إلى جوارها ... كانت لا تزال في نوبة المفاجأة و النفور ...

      وصلني صوت أروى – و التي جلست خلفي – تقول :

      " ماذا هناك ؟؟ "

      لم أجب

      " وليد ما الأمر ؟ "

      قلت بغضب :

      " الزمي الصمت يا أروى رجاء "

      قالت ليندا :

      " أخبرانا ما الخطب "

      قلت:

      " الصمت رجاء "

      و أدرت مفتاح السيارة في ذات اللحظة التي ظهر فيها أبو سيف و هو يقول :

      " ما المشكلة ؟ "

      أخرجت رأسي عبر النافذة و أجبته :

      " لنؤجل الأمر للغد "

      و انطلقت بالسيارة عائدا إلى المنزل ...

      كنت أرى رغد و هي تضع يدها على صدغيها و يعبر وجهها عن الألم بين الفينة و الأخرى ... فأدرك أنها الذكريات تعود إلى رأسها و تعصرها ألما... فأدوس على مكابح السيارة غيظا ...

      عندما وصلنا إلى المنزل أوت رغد إلى غرفتها مباشرة ... هممت باللحاق بها فاستوقفني سؤال أروى :

      " ماذا هناك يا وليد ؟ هل لا شرحت لي ؟ "

      قلت بسرعة :

      " فيما بعد "

      و تابعت طريقي إلى غرفة رغد ...

      كان الباب مغلقا، طرقته و ناديت رغد فأجابت :

      " نعم ؟ "

      و كان صوتها متحشرجا مخنوقا ...

      قلت :

      " أيمكنني الدخول ؟ "

      أجابت :

      " ماذا تريد ؟ "

      قلت :

      " أن نتحدث قليلا "

      " دعني و شأني "

      المني ردها هذا فعدت أقول :

      " أريد أن أحدثك يا رغد ... أيكنني الدخول ؟ "

      و لم تجب

      عدت أسأل :

      " أأستطيع أن أدخل يا رغد ؟ أرجوك ؟ "

      و لكنها أيضا لم تجب ...

      أرجوك يا رغد لا تزيدي عذابا فوق عذابي ...
      أخذت أطرق الباب و أناديها حتى قالت أخيرا

      " دعني بمفردي يا وليد "

      استدرت للخلف في يأس ... فوجدت أروى تراقبني عن بعد ... و لابد أن عشرات الأسئلة تدور في رأسها ... كما تدور عشرات بل مئات الذكريات المريرة في رأسي و تفقده أي قدرة على التفكير السليم ...

      استدرت نحو الباب مجددا و قلت مخاطبا رغد :

      " لا لن أدعك بمفردك يا رغد ! سأدخل "

      و حركت مقبض الباب ببطء ... و دفعت الباب قليلا للأمام ...

      قلت :

      " سأدخل رغد ! "

      و لما لم تجب ... واصلت فتح الباب ببطء ... و سمحت لصريره أن يتذبذب في أذني طويلا ...

      على سريرها كانت صغيرتي تجلس و عيناها موجهتان نحوي ...

      تقدمت خطى نحوها و أنا أقول :

      " أيمكنني أن أدخل ؟ "

      و أعرف أنني في الداخل و أنني سأدخل من كل بد !

      قلت :

      " أنا اسف ! "

      طأطأت رغد رأسها هاربة من نظراتي...

      اقتربت منها أكثر و أكثر و قلت :

      " أأنت بخير ؟ "

      و استطعت أن أرى دمعة تهوي من عينها لتبلل يديها المضمومتين فوق ركبتيها ...

      اقتربت أكثر و أكثر حتى صرب جوارها مباشرة ... و قلت بصوت حنون أجش :

      " لم أجد داعيا يدفعني لأن ... أخبرك ... بأن أروى هي ابنة عم عمار.... و أن الثروة التي حصلت عليها كانت ... لعمار و أبيه "

      رغد رفعت نظرها إلي و صرخت :

      " لا تذكر اسمه أمامي "

      جفلت ... أخذني الذهول ... و ابتلعت لساني ... رغد رمقتني بنظرة عميقة غصت في جوفها فغرقت ... و لاطمتني أمواج الأفكار و الهواجس ... و لم أدر أين كنت و متى كنت ... و على أية حال قد كنت ...

      تعود للإمساك برأسها كمن يحاول جاهدا منع الذكريات من الظهور فيه ...
      تتلاعب بي الأفكار و التخيلات حتى تثير جنوني...
      ماذا حصل؟ ماذا لم يحصل؟
      أجيبيني يا رغد ...؟؟
      و لم تزد حيرتي إلا حيرة ...

      بعد صمت قصير طويل في ان معا ...

      قلت :

      " حسنا يا رغد...
      بعد دخولي إلى السجن، تعرفت إلى نديم، والد أروى رحمه الله... و قد ساعدني كثيرا و أحببته محبة خالصة في الله.. و قبل موته أوصاني بعائلته خيرا... و لم يكن يعرف ... أنني ... "

      و لم أكمل، استدرت للخلف لأتأكد من أن أروى على مبعدة و لا تسمعنا... ثم اقتربت من رغد أكثر و أضفت هامسا :

      " أنني أنا من قتل ... ذلك الوغد "

      بدا التفهم على تعبيرات وجه رغد فقلت مترددا و مخفضا صوتي حد الهمس بل حد السكون :

      " وهذا... ما لا تعرفه أروى أيضا "

      تعليق

      • Loli.
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 5514



        • أيـــام .. كانت أيام :(


          تليغرامي للإقتباسات
          اضغط هنا


          .

          شيخة قلبه سابقا

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

        و تنهدت بمرارة و حيرة و أضفت :

        " و ما أخشى عواقبه ... "



        شعرت بشيء يسيطر على فكري فجأة... تبدلت تعبيرات وجهي إلى الجدية و الحزم... و تطايرت سهام شريرة من عيني... و شعرت بشياطين رأسي تتعارك في داخله...
        كانت رغد تراقبني بقلق و حيرة... و بالتأكيد سمعتني و أنا أعض على أسناني فيما أضيق فتحتي عيني و أشد على قبضتي بإصرار و أقول :

        " و الان ... أصبحت ثروة ذلك الحقير ... بين يدي ... "

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5514



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          الحلقة الثامنة و الثلاثون




          وجهت إلي سؤالا مباشرا و لكنني تهربت منه ثم وعدت أروى بأن أخبرها بالأمر فيما بعد...
          و رغم الحيرة و الشك اللذين طغيا عليها طيلة الفترة التالية، لم تصر على معرفة ما علاقة رغد بعمار...

          في صبيحة اليوم التالي عدت إلى مكتب إدارة المصنع الرئيسي... لإتمام المهام المتبقية دون مرافقة من أحد...
          يومها وقفت أتأمل صورتي عاطف و عمار قليلا ... و ابتسمت ابتسامة النصر...

          ها هي يا عمار ثروتك الضخمة... تصبح بين يدي... و المصنع الذي كنت تتباهى به و تطلب مني العمل فيه ساخرا... أصبحت أنا سيده...

          يا للأقدار...

          بعدها أمرت بنزع الصورتين و علقت عوضا عنهما لوحات لمناظر طبيعية... و أخذت أتصرف و كأنني سيد المكان و مالكه..
          و من الخزانة الرئيسية للأموال المتداولة، و ما أكثرها، أخذت مبلغا كبيرا كنا أنا و أروى قد اتفقنا على سحبه لتغطية بعض المصاريف...
          أما عن أول شيء خطر ببالي انذاك، فهو إعادة المبلغ الذي استلفته من صديقي سيف قبل عام...
          و انطلاقا من هذا اليوم بدأت أتصرف في النقود بتصريح من أروى و أدون و أراجع الحسابات و احتفظ بسجلات المصاريف و أطلعها عليها...

          كان لا يزال أمامي وقت طويل حتى أتمكن من وظيفتي الجديدة و رتبت الأمور بحيث يظل المصنع تحت إدارة المشرف العام ذاته– السيد أسامة- إلى أن أستلم المنصب بعد بضعة أسابيع...
          و السيد أسامة بشهادة من سيف و والده و المحامي يونس المنذر هو رجل أمين نزيه الذمة... و كان هو الساعي وراء تسليم الثروة للوريثة الوحيدة...

          كانت خطتنا تقتضي العودة بأهلي إلى المزرعة أولا...
          أما فكرة أروى فكانت الزواج ثانيا!
          أما عن نفسي فأنا أريد تأجيل هذا الأمر... حتى إشعار اخر...

          عندما عدت إلى المنزل وقت الزوال... و دخلت من ثم إلى غرفة نومي، دهشت !
          لقد كانت نظيفة و مرتبة و منظمة تماما كما كانت أيام الصبا... حين غادرتها ذاهبا إلى السجن...
          نظرت من حولي مبتهجا... ثم سمعت صوت أروى مقبلا من ناحية الباب:

          " هل أعجبتك ؟ "

          التفت إليها فإذا بي أراها مبتسمة مسرورة بما أنجزت...

          قلت :

          " عظيم ! لكن لابد أنك أجهدت نفسك كثيرا لإزالة أكوام الغبار ! "

          " ساعدتني أمي و لم تكن مهمة صعبة ! "

          أعدت النظر من حولي مسرورا... كل شيء يبدو نظيفا و منظما... بدأت أشم رائحة الماضي... و استعيد الذكريات...

          هذا سريري الوثير... و هذا مكتبي القديم... و هذه مكتبتي الكبيرة... و هذه كتبي الدراسية و الثقافية ... مرصوصة إلى جانب بعضها البعض بكل شموخ... و كأن تسع سنين و أكثر لم تمض على هجرها و إهمالها... ها هي تقف في أرففها معززة مكرمة من جديد !

          فجأة... انتبهت إلى شيء مهم...

          اقتربت من المكتبة و وزعت نظراتي على جميع أجزائها ... ثم التفت إلى أروى و سألت بقلق :

          " أين الصندوق ؟ "

          نظرت إلى أروى بعدم فهم :

          " أي صندوق ؟؟ "

          قلت موضحا :

          " صندوق الأماني ... اسطوانة ورقية مغطاة بالطوابع... كانت هنا "

          و أشرت إلى الموضع الذي كنت قد تركته فيه ليلة أن أبت رغد فتحه...

          بدا على أروى الفهم فقالت :

          " تقصد ذاك الشيء المجعد البالي ؟ "

          " نعم . أين هو ؟؟ "

          كانت أروى تنظر إلي باستغراب ثم قالت :

          " رميته ! "

          دهشت... هتفت بانفعال :

          " رميته !! "

          " نعم...ظننته قمامة و ... ... "


          ~~~~~~~


          لم أتم جملتي ... إذ أن وليد هتف غاضبا :

          " أي قمامة ؟ لم فعلت ذلك ؟؟ "

          ثم خرج من الغرفة باحثا عنه و استخرجه من سلة المهملات !

          بدا الموقف سخيفا لكنه أثار فضولي و دهشتي... سألته مستغربة :

          " لم تحتفظ بشيء كهذا ؟؟ "

          أجاب بحنق :

          " إياك و لمسه ثانية يا أروى... "

          و لما رأى مني نظرات الاستنكار عاد يقول بحدة :

          " إياك ... أتفهمين ؟ "


          حقيقة أنا لم أفهم شيئا... لكن فضولي قد تفاقم خصوصا و أنا أراه ينفعل بهذا الشكل... ثم يعيد ذلك الشيء المجعد تماما إلى المكان الذي كان فيه !

          استغرب ... ما أهمية علبة ورقية مجعدة مغطاة بطوابع طفولية قديمة ... لرجل في الثامنة و العشرين من عمره... على وشك إدارة أكبر مصنع في هذه المنطقة ؟؟

          لابد أن أعرف...

          في وقت لاحق، تسللت إلى غرفة وليد خلسة و تناولت تلك العلبة... و تأملتها...

          اكتشفت وجود هذه الجملة مكتوبة عليها : ( صندوق الأماني ) ... و اكتشفت أنها تحوي فتحة صغيرة في أحد طرفيها و بأن في داخلها أوراق ما!

          تملكني الفضول الشديد لفتح العلبة و معرفة محتواها... و ليتني فعلت!
          تذكرت تحذير وليد و احتراما و طاعة لأوامره... تراجعت في اخر لحظة و أعدت العلبة إلى مكانها...
          لكن... ألا يتملككم الفضول مثلي لمعرفة... قصة هذه العلبة ؟؟

          و لو علمت قصتها الان... لتغيرت أمور كثيرة لم أدركها... إلا بعد زمن طويل...


          ~~~~~~~~~~


          " متى ستتزوج ؟ "

          سألني صديقي سيف هذا السؤال بعد تناولنا العشاء في منزله... كان قد دعانا جميعا هو و زوجته للعشاء معهما تلك الليلة

          كنت أداعب ابنه الصغير – فادي - بين يدي... و أشعر ببهجة لا توصف!
          ما أجمل الأطفال و ما أمتع اللهو معهم ...!

          أضاف معقبا :

          " و نفرح بأطفالك يا وليد ؟؟ "

          ابتسمت ابتسامة واهية... و أنا أرى الفكرة أشبه بالحلم البعيد...

          قلت :

          " لا يزال الوقت مبكرا ! "

          استنكر سيف و قال :

          " خير البر عاجله يا رجل... ها قد مضت فترة لا بأس بها على... "

          و غض بصره و أضاف بصوت خافت :

          " وفاة والديك... رحمهما الله "

          انتفضت... و كأنني أسمع نبأ وفاة والدي للمرة الأولى... و نظرت إلى سيف الذي عاد ببصره إلي... تكسوني علامات الحزن المرير...

          تنهدت تنهيدة عميقة... فالذكرى التي لا يمكن أن تمحى... لا تزال تثير في صدري الاما قاتلة...

          الصوت المبهم البريء الذي انطلق من حنجرة الطفل الصغير بين يدي، كان هو ما جعلني أبعثر الذكرى الماضية و أعود للحاضر

          " لم يئن الأوان بعد يا سيف... يجب أن أرتب أوضاعي و أوضاع عملي الجديد و حياتي الجديدة... و أوضاع أروى... و رغد "

          التزم سيف الصمت لكني كنت أرى التساؤل يكاد ينسكب من عينيه...

          قلت :

          " تعرف... أصبحت المسؤولية الملقاة على عاتقي... كبيرة ... "

          قال :

          " ماذا عن شقيقك ؟ "

          أجبت ببعض الأسى:

          " لا يزال يقيم في الشمال ... و بعد موت والدي و انفصاله عن رغد... أصبحت هي ضمن مسؤولياتي... أما هو... فقد طلب مني ألا اتي بها لزيارته ثانية..."

          و استطرت :

          " و أنا... لا يمكن أن أتزوج و رغد الصغيرة... تحت وصايتي "

          ثم مسحت على رأس الصغير و ابتسمت بعذوبة و قلت و كأني أسر إليه:

          " و حينما تكبر و تصبح امرأة... سوف أتزوجها ! "

          علت الدهشة وجه سيف و قال فاغرا فاه :

          " ماذا ؟؟!! "

          ضحكت ضحكة خفيفة و أنا أضم فادي إلى صدري و أقول بمرح :

          " إنها قدري يا سيف ! و مهما ابتعدت ستعود إلي ! "

          لم يعلق سيف و لكنه ظل في حيرة من أمري... و أنا واثق من أن عشرات الأسئلة المبهمة كانت تدور في رأسه انذاك...
          و ربما تدور في رؤوسكم أنتم أيضا !

          أما أنا فسأستمر في مداعبة الطفل الرائع... و أتمنى من الله أن يرزقني طفلا مثله ذات يوم !

          سددت لصديقي الديون التي لحقت بي منذ خروجي من السجن... و شكرته كثيرا على الدعوة الممتعة و ودعته على أمل اللقاء به بعد عودتي من المزرعة ذات يوم...

          استعنا بالله و انطلقنا باسمه متوكلين عليه عائدين إلى المزرعة...
          و كان مشوار العودة أكثر ابتهاجا و مرحا و راحة من مشوار الحضور... بالطبع... فقد أنجزنا بحمد الله كل شيء و حملنا معنا جزء قيما من النقود...

          كان في رؤوسنا خطط كثيرة و أفكار عدة و قطعنا الطريق و نحن نتداولها
          أعني بالرؤوس رأسي و رأس أروى و الخالة
          أما رأس الصغيرة الجالسة خلفي في صمت مغدق، فالله وحده الأعلم أي أفكار و خطط كانت تدور فيه !

          دعوني أخبركم بأن رغد و أروى لا تزالان متخاصمتين منذ رمت الأولى الثانية بهاتفي المحمول ذلك اليوم... و لم تزد حقيقة علاقة أروى بعمار... رغد إلا نفورا منها...
          و يبدو أن وضع الخصام ناسبهما جدا و أراحهما من التصادم، و أراح رأسي أنا بالتالي من الصداع !
          لكن إلى متى ...؟؟
          كما و إن رغد على ما بدا منها قد تنازلت عن جزء من دلالها و أحسنت التصرف طوال رحلة العودة...
          ألا يريبكم تصرفها هذا ؟؟
          بقيت هادئة لأنها كانت مطمئنة إلى أنني سأعيدها إلى خالتها... كما وعدتها... و كما نصحتني خالتي ليندا... من أجلها هي...

          كانت الأمور تسير بشكل هادئ جدا... و السعادة تغمر قلب أروى...
          أما أنا فبالرغم من سعادتي شعرت بقلق قهري...
          فالأقدار علمتني ألا أفرط في الفرح بما بين يدي... خشية مصائب المستقبل...

          " دعنا نقيم حفلة كبيرة فور وصولنا يا وليد... أريد أن يشاركني الجميع فرحتي هذه "

          قالت أروى... فردت أمها :

          " زادك الله فرحا و نعيما بنيتي "

          ثم أضافت :

          " و بلغني رؤية أبنائك قريبا يا رب "

          أروى طأطأت رأسها ببعض الخجل ثم قالت :

          " قولي لوليد ! فهو من يؤجل الأمر ! "

          كنت أراقب الشارع... و لم أعلق ... فقالت الخالة ليندا :

          " خيرا تفعلان إن تتزوجا مباشرة يا عزيزي... خير البر عاجله يا وليد.. دعنا نتم الفرحة و نحتفل بالزواج ! "

          تضايقت من حديثها.. فموعد زواجي مؤجل إلى أجل غير مسمى... كما و إن ذكرى وفاة والدي لم تخمد نارها بعد...

          قلت مجاريا :

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5514



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            " سأفكر في الأمر لاحقا "

            لماذا يلح علي الجميع بالزواج !؟؟
            ألا يوجد رجل خاطب غيري في هذه البلاد ؟؟
            و ظل الحديث عن زواجنا أنا و أروى المسيطر على الأجواء لفترة من الزمن... أما رغد الصامتة، فكلما ألقيت عليها نظرة رأيتها تسبح في بحر من الشرود ...

            لقينا بعض العقبات في طريقنا خصوصا مع الشرطة... و كان التفتيش مشددا جدا على بعض الطرق و المداخل... و الوضع الأمني في تدهور مضطرد.. و كثيرا ما تحظر الرحلات إلى و من بعض المدن، جوا أو برا...

            و أخيرا... وصلنا إلى المدينة الصناعية المدمرة...
            و أخيرا بدأ وجه رغد يتهلل و الابتسامة ترتسم على شفتيها... وإن اقترنت بوجوم عام للمرأى المحزن...
            تعمدت أن أسلك طريقا بعيدا عن بيتنا المحروق، خشية أن تقفز الذكريات المؤلمة من جديد إلى قلبينا فتدميهما...

            عندما وصلت إلى بيت أبي حسام، أوقفت السيارة و بقيت ساكنا لبعض الوقت...

            استدرت إلى رغد فوجدتها تنظر إلي ربما بنفاذ صبر...
            قالت:

            " هل أنزل ؟ "

            قلت :

            " تفضلي... "

            و سرعان ما خرجت من السيارة و اتجهت إلى بوابة المنزل تقرع الجرس...

            " كم سنبقى ؟ "

            التفت إلى أروى التي طرحت السؤال و قلت :

            " بعض الوقت... نلقي التحية و نسأل عن الأخبار "

            قالت :

            " أرجوك وليد لا تطل المكوث... نحن متعبون و نريد الوصول إلى المزرعة و النوم... "

            كان الوقت انذاك أول الليل و لا يزال أمامنا مشوار طويل حتى نصل إلى المزرعة...

            عندما خرجنا من السيارة كانت البوابة قد فتحت و ظهر منها أبو حسام و ابنه مرحبين...

            و رغم ذلك لم تخل نظراتهما إلي من الريبة و الاتهام... و لابد أنكم تذكرون الطريقة التي غادرنا بها هذا المنزل قبل ذهابنا إلى لمدينة الساحلية...

            اعتذرنا عن دعوة العشاء التي ألحت علينا عائلة أبي حسام لقبولها... متحججين بطول السفر...
            رغد بدت مرتاحة و سعيدة بلقاء أهلها كثيرا... منذ الطفولة و هي تحب خالتها و عائلتها و كانت ستربى في حضنها لولا أن الظروف المادية و العائلية لم تكن تسمح انذاك...

            و أخيرا حانت لحظة الفراق...
            كنت أدرك... أنني لم أكن لأتحمل ذلك و لكنني أردت أن أحقق لرغد رغبتها و أنجز وعدي ... بتركها مع خالتها لبضعة أيام...

            قبيل انصرافي طلبت منها مرافقتي لجلب أغراضها من السيارة و كان قصدي أن أتحدث معها منفردين...

            حملت حقيبتي سفرها الصغيرتين إلى داخل السور الخارجي لحديقة المنزل و وضعتهما على مقربة و توقفت ... و التفت إلى رغد...

            كانت تسير إلى جواري... تسبقني بخطوتين أو ثلاث... حاملة كيسا...

            ناديتها :

            " رغد "

            التفتت نحوي و توقفت عن السير...

            ترددت قليلا ثم قلت:

            " رغد.. تعلمين أنه... أنني ... ما كنت لأتركك لولا إلحاحك الشديد بالبقاء هنا و لو ترك الأمر لي ... لأخذتك و عدنا جميعا إلى المزرعة... "

            رغد نظرت إلى الأرض...

            قلت متعلقا بأمل أخير :

            " هل هذه رغبتك فعلا يا رغد ؟؟ "

            و هزت رأسها إيجابا... لم يكن باستطاعتي إلا أن أنفذ هذه الرغبة من أجلها هي...

            قلت :

            " حسنا... لكن... في أي لحظة تبدلين فيها رأيك و مهما كان أعلميني فورا..."

            نظرت إلي نظرة شبه مشككة فقلت :

            " و ساتي لأخذك في الحال... أتعدين بذلك ؟ "

            كأنها ترددت لكنها أخيرا قالت :

            " سأفعل "

            قلت مؤكدا :

            " اتصلي بي في أي وقت... و متى ما احتجت لأي شيء... سأترك هاتفي المحمول مفتوحا على مدار الساعة... لا تترددي لحظة ... أتعدين بذلك يا رغد ؟؟ "

            ارتسمت علامة غريبة المعنى على وجهها ... أهي ابتسامة ؟ أم هو حزن؟ ... أهو رضا ... أم غضب ؟؟ أهي راحة أم ندم ؟؟ لست أدري...

            " عديني يا رغد ؟ "

            " أعدك... "

            شعرت بالطمأنينة لوعدها... ثم قلت :

            " سأجلب شيئا... انتظري... "

            و حثثت الخطى خارجا إلى السيارة، حيث استخرجت ظرفا يحوي أوراقا مالية كنت قد أعددته من أجل رغد...

            عدت إليها فوجدتها لا تزال عند نفس الموضع و على نفس الوضع...
            اقتربت منها و مددت إليها بالظرف قائلا:

            " احتفظي بهذا لك "

            سألتني :

            " ما هذا ؟ "

            " إنها بعض النقود... انفقي منها كيفما شئت و إذا ما نفذت فابلغيني "

            رغد طأطأت برأسها و نظراتها ربما حرجا ... فهي المرة الأولى التي أقدم فيها إليها ظرفا ماليا...

            " تفضلي يا رغد "

            و لكنها لم تبادر بأخذه !

            قلت مازحا :

            " هيا صغيرتي ! لا يجب أن تشعر الفتاة بالخجل من أبيها ! "

            هنا نظرت إلي رغد بسرعة و المزيج المرتسم على وجهها حاو على الدهشة و الضحك و الاستنكار معا !

            تشجعت و مدت يدها أخيرا و أخذت الظرف !

            ابتسمت مشجعا و قلت :

            " اتصلي بي إذا احتجت المزيد ... و لا تنتظري شيئا من الاخرين أو تعتمدي عليهم ... أتعدين بذلك يا رغد ؟ "

            هزت رأسها إيجابا ...

            و وضعت الظرف داخل الكيس... و استدارت متابعة طريقها نحو المنزل...

            و هي تبتعد... و أنا أشعر بأشياء تتمزق في داخلي... أشعر بأن حزمة كبيرة من الأعصاب الحسية كانت تربط فيما بيننا... و مع ابتعادها أخذت تتقطع عصبا عصبا ... و تحدث في قلبي ألما فظيعا مهلكا...

            كيف أطاعني قلبي...
            مددت يدي محاولا الإمساك بذرات الهواء التي تبعتها... و عادت إلي يدي خالية الوفاض...

            هتفت :

            " رغد ... "

            توقفت و استدارت نحوي... فحال الظلام دون رؤية عينيها...
            أو ربما حال دون ذلك... عبرة ولدت للتو... من أعماق عيني...

            حملت الحقيبتين و أقبلت نحوها فلما صرت قربها قلت :

            " اعتني بنفسك جيدا ... يا صغيرتي... "

            رغد... ربما تفهمت قلقي و رأت في وجهي ما لم نستطع لا أنا و لا الظلام إن نخفيه...
            ابتسمت و قالت مطمئنة:

            " اطمئن يا وليد... سأكون بخير... وسط أهلي"

            و هبطت ببصرها للأسفل و نظرت إلى الكيس الذي كانت تحمله مشيرة إلى ظرف النقود و أضافت بصوت خافت كالهمس:

            " شكرا... بابا وليد !! "

            ثم استدارت و أسرعت نحو الداخل !

            اه يا رغد !

            أتسخرين مني ؟؟

            ليتك تعلمين كيف أشعر تجاهك... !

            اه لو تعلمين !

            فيما بعد... و نحن نهم بالمغادرة... وجهت كلامي لأم حسام موصيا:

            " أرجو أن... تعتنوا برغد جيدا... و إن احتجتم لأي شيء فأبلغوني"

            " لا داع لأن توصيني بابنتي يا وليد... سافر مطمئنا في أمان الله "

            " شكرا يا خالتي... سأعود قريبا... أرجوك... ارعي الصغيرة جيدا باركك الله "

            الجميع بدأ يتبادل النظرات إن سرا أو علنا... إن تضامنا أو استنكارا...
            و لكنني واصلت سرد وصاياي حتى اخر لحظة

            بعد ذلك... و أنا أغادر البوابة الخارجية ألقيت النظرة الأخيرة على رغد...
            و قلت أخيرا :

            " أستودعك من لا تضيع ودائعه... "



            ~~~~~~~~~



            لم يظهر على وليد أنه عازم أصلا على الرحيل!
            و ربما لو ترك الأمر له وحده لجعلنا نبات في ذلك المنزل أو نقضي بضعة أيام في المدينة قرب رغد!

            اهتمامه الزائد بها يثير انزعاجي... وقد أصبحت أشعر بها و كأنها شريكة لي في وليد... و هو أمر لا احتمل التفكير به فضلا عن حدوثه...

            أخبرني بعد ذلك بأنه قد دفع إليها بجزء من النقود التي أخذها من الخزانة، و بدا و أن رغد ستشاركني أيضا في ثروتي ...

            بالنسبة لي فقد أعطيت وليد مطلق الحرية في التصرف بالنقود و الممتلكات...
            وليد كان قد أخبرني مسبقا بأنه كان في الماضي يحلم بأن يصبح رجل أعمال مثل والده – رحمه الله - و أن دخوله السجن قد غير مجرى حياته... و الان... و بقدرة قادر... تحقق الحلم !

            لمست تغيرا كبيرا و رائعا على وليد و نفسيته ... أصبح أكثر سعادة و إقبالا على الحياة بروح متفائلة مرحة... و رغم أن الساعات التي صار يقضيها في العمل و الدراسة قد تضاعفت، وجدنا الوقت الكافي و المناسب جدا لنعيش حياتنا و نستمتع بخطوبتنا التي ما كندنا نهنأ بها... في وجود ورغد !

            و بالرغم من أنها ابتعدت أخيرا... ظل اسم رغد و ذكرها يتردد على لسان وليد يوميا في المزرعة... و كانت هي من يكدر صفو مزاجه... و يثير قلقه... و ما فتئ يهاتفها هي و أهلها من حين لاخر و يمطرهم بالوصايا حتى بدأت أشعر أنا بالضيق !

            لكني مع ذلك أحسست بالفخر... بأن يكون لي زوج يعرف معنى المسؤولية و يقدرها جل تقدير...

            بعد شقائي و عنائي الكبير و حرماني من أبي و قسوة الحياة علي كل تلك السنين... وهبني الله نعمتين عظيمتين يستحيل أن أفرط بأي مهما كان السبب...

            وليد الحبيب... و الثروة الضخمة...

            و لم يبق أمامنا إلا أن نتم زواجنا و نبهج قلوب أهلنا و نواصل معا مشوار الحياة الزوجية السعيدة... بإذن الله




            ~~~~~~~~~~




            مرت أيام مذ وصلنا إلى المدينة الزراعية الشمالية... و بدأت بتنفيذ الخطط التي رسمتها خلال الأيام الماضية...

            وظفت المزيد من العمال من أجل العناية بالمزرعة و محصولها و نظمت برنامجا خاصا للإشراف عليها

            في كل صباح تقريبا كنت أتصل بمنزل أبي حسام و أتحدث إلى رغد و أطمئن على أحوالها... و من خلال نبرة صوتها استنتج أنها مرتاحة و بخير...

            و بالرغم من ذلك، كنت لا أتوقف عن التفكير فيها ساعة واحدة...
            أجرينا بعض الإصلاحات في المنزل الصغير و جددنا بعض الأثاث...
            انشغلت كثيرا بأعمال متعددة، ما جعل الأيام تمضي... و الفراق يطول... و الشوق يزداد...

            و بدأت أشعر بالحرج من اتصالي المتكرر لمنزل أبي حسام و طالبت رغد بأن تهاتفني كل يومين على الأقل، لكنها لم تكن تفعل إلا قليلا...

            أما عن أروى فقد كانت مهووسة بفكرة الزواج التي ما فتئت هي و الخالة ليندا تلاحقاني بها حتى ضقت ذرعا...

            و لمرة أخرى أصيبت الخالة بانتكاسة صحية و نقلناها للمستشفى... الأمر الذي أجل سفري لفترة أطول...

            ذات يوم، اتصلت بمنزل أبي حسام بعد أن تملكتني الهواجس للحديث مع صغيرتي البعيدة...
            إن شمسا تشرق و تغرب دون أن تريني إياها هي ليست شمسا... و إن قمرا يسهر في كبد السماء دون أن يعكس صورتها... هو ليس قمرا...
            و إن يوما يمر ... دون أن اطمئن عليها... هو ليس محسوبا من أيام حياتي...


            " مرحبا...أنا وليد"

            " نعم عرفتك... مرحبا... لكن رغد ليست هنا الان"

            كان هذا حسام، و كان يتحدث بضيق أشعرني بالخجل من نفسي...

            " إلى أين ذهبت؟ "

            " لزيارة بعض المعارف فهل تريد أن أبلغها شيئا ؟"

            " أبلغها أنني انتظر اتصالها لو سمحت... و عذرا على الإزعاج"


            و انتظرت طويلا حتى انتصف الليل، و لم تتصل... فبت أبث للقمر همي... و أصبحت أعرب للشمس عن نيتي للذهاب إليها اليوم مهما كان...

            نهضت عن فراشي باكرا و خرجت إلى المزرعة راغبا في استنشاق بعض الهواء المنعش... ذاك الذي يطرد من الصدر الهموم المكبوتة...

            هناك... وجدت العم إلياس و أروى يحرثان الأرض... اقتربت منهما و هتفت محييا:

            " صباح الخير"

            التفتا إلي باسمين و ردا التحية ... قلت مستغربا مستنكرا :

            " ما الذي تفعلانه ! انتظرا حضور العمال "

            العم إلياس قال :

            " في الحركة بركة يا بني "

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5514



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              " الوقت باكر... دعا مهمة حرث الأرض الشاقة عليهم "

              و اقتربت من أروى أكثر...

              ابتسمت لي و قالت :

              " لا تظن يا وليد أنني سأتخلى عن هذه المزرعة يوما ! لقد ولدت مزارعة و سأعيش مزارعة و إن ملكت كنوز الأرض... "

              و مدت ذراعيها إلى جانبيها مشيرة إلى ما حولها قائلة :

              " هذه المزرعة هي... حياتي ! "

              العم إلياس فرح بقولها و راح يدعو :

              " بارك الله فيك يا بنيتي ... و في ذريتك "

              ثم وجه حديثه إلي قائلا :

              " هذه الأرض عليها عشنا و من خيراتها كبرنا و لن نترك العمل فيها حتى يحول الموت دون ذلك "

              لم أتعجب كثيرا من كلام العم، فتعلقه بالمزرعة أشبه بتعلق السمكة بمياه البحر... أما أروى فعارض كلامها خططي المستقبلية...

              قلت :

              " أطال الله في عمرك يا عمي "

              قال متما :

              " حتى أحمل أطفالكما فوق ذراعي ... تزوجا و أفرحا قلوبنا عاجلا يا عزيزاي "

              أروى ابتسمت بخجل، أما أنا فنظرت إلى السماء أراقب سرب عصافير يدور فوق رؤوسنا !

              اه لو كنت أستطيع الطيران !

              أروى كانت تريد العيش في المزرعة مع والدتها و خالها بقية العمر... أما أنا فقد كنت أخطط للعودة إلى المدينة الساحلية و تجديد منزلنا القديم و العيش فيه... قريبا من مصنع أروى و ممتلكاتها... حتى يتسنى لنا إدارة و مراقبة كل شيء...

              و بدا أن الموضوع سيثير صداعا أنا في غنى تام عنه خصوصا و أنني لم أنم جيدا ليلة أمس لكثر ما فكرت في رغد...

              قلت مخاطبا أروى و مغيرا منحى الحديث :

              " سوف أذهب إلى المدينة الصناعية هذا اليوم... "

              و لا أدري لم شعرت بأن جملتي أصابت أروى بخيبة الأمل !



              ~~~~~~~




              نظل ساهرات حتى ساعة متأخرة من الليل، الأمر الذي يجعل نشاطنا و حيويتنا محدودين في النهار التالي...
              أنا و ابنتا خالتي نهلة و سارة لا نجد ما نفعله إلا الحديث و مشاهدة التلفاز و قراءة المجلات!

              " أوف ! أشعر بالضجر ! نهلة ما رأيك في الذهاب إلى السوق ؟ "

              قلت و أنا أزيح المنشفة عن شعري بملل ...

              تفكر نهلة قليلا ثم تقول :

              "في هذا الصباح؟؟...إمممم... حسنا... تبدو فكرة جميلة!! "

              و تسارع سارة بالقول :

              " سأذهب معكما "

              و هذه ال سارة تلازمنا ما لا يكاد يقل عن 24 ساعة في اليوم !

              قالت نهلة:

              " إذن تولي أنت إخبار أمي و إقناع حسام بمرافقتنا ! "

              و لم تكد نهلة تنهي جملتها إلا و سارة قد ( طارت ) لتنفيذ الأوامر!

              ضحكنا قليلا... ثم باشرت بتسريح شعري أمام المراة... كنت قد أنهيت حمامي الصباحي قبل قليل و تركت قطرات الماء تنساب من شعري على ظهري بعفوية...

              وقفت ابنة خالتي خلفي تراقبني...

              " طال شعرك رغد... ألن تقصيه ؟ "

              و قد كنت معتادة على قص شعري كلما طال، فالشعر الطويل لا يروق لي و لا يناسب ملامح وجهي ! هكذا كانت دانة تقول دوما...

              " لم يكن بإمكاني ذلك قبل الان..."

              و أضفت :

              " اه ... لقد كنت حبيسة الحجاب طوال شهور "

              و أنا أسترجع ذكريات عيشي في المزرعة تحت أنظار وليد و العجوز
              لقد كان المنزل صغيرا و لم أكن استطيع التجول بأرجائه بحرية و لم أكن أغادر غرفة النوم إلا بحجابي و عباءتي ... و جواربي أيضا !

              أما هنا... فأنا أتحرك بحرية في الطابق العلوي بعيدا عن أعين حسام و أبيه...

              أما عينا نهلة فلا تزالان تتفحصانني!

              قالت :

              " و يبدو أنك كذلك نحفت بعض الشيء يا رغد ! أنظري... تظهر ندبتك و كأنها قد كبرت قليلا"

              و هي تمسك بذراعي الأيسر مشيرة إلى الندبة القديمة التي تركها الجمر عليها عندما أحرقني قبل سنين...

              " مع أنني كنت اكل جيدا في المزرعة ! "

              " كيف كانت حياتك في المزرعة ؟ "

              تنهدت تنهيدة طويلة و رفعت رأسي إلى السقف... كم من الوقت مضى و أنا سجينة هناك !
              و بالرغم من قربي من وليد، لم أكن أشعر إلا بالضيق من وجود الشقراء الدخيلة... و لم تكن الأيام تمر بسلام...

              " اه يا نهلة... حياة بسيطة جدا... ليس فيها أي شيء... هم يعملون في المزرعة و أنا أرسمها!... كانت جميلة و لكن العيش فيها أشبه بالعيش في السجن "

              و وصفت لها شيئا من أحوالي هناك و كيف أنني افتقدت الحرية حتى في أبسط الأشياء و عانيت من الغربة و بعض المشاكل مع أروى

              و حالما جئت بذكر اسم هذه الأخيرة عبست بوجهي !

              لاحظت نهلة ذلك... ثم قالت :

              "إنها جميلة جدا! كم هو محظوظ ابن عمك ! "

              و لا أدري إن قالت ذلك عفويا أو عمدا لإزعاجي ! رفعت فرشاة شعري أمام وجهها و هددتها بالضرب !

              نهلة ضحكت و ابتعدت بمرح... أما أنا فتملكني الشرود و الحزن، و لما رأت ذلك نهلة أقبلت و أخذت تداعب خصلات شعري المبلل و تربت علي و تقول :

              " أنت أيضا جميلة يا رغد... الأعمى من لا يلحظ ذلك !"

              قلت :

              " لكنها أجمل مني بكثير... و عندما تتزين تصبح لوحة فنية مذهلة... لا يمكن المقارنة بيننا "

              قالت:

              " و لم أصلا المقارنة بينكما ؟ أنت رغد و هي أروى "

              قلت بصوت منكسر :

              " نعم... أنا رغد اليتيمة المعدومة... لا أم و لا أب و بيت و لا مال... و هي أروى الحسناء الثرية صاحبة أكبر ثروة في المدينة الساحلية و إحدى أجمل المزارع في المدينة الزراعية... من سيلتفت إلي إزاء ما لديها هي ؟؟ "

              و رميت بالفرشاة جانبا في غضب...

              نهلة نظرت إلى مطولا ثم قالت :

              " و ماذا بعد ذلك؟ هل ستتوقفين عن حب ابن عمك هذا ؟ "

              أتوقف؟
              و كأن الأمر بيدي... لا أستطيع ...
              أغمضت عيني في إشارة مني إلى العجز...

              " إذن... ماذا ستفعلين؟ الأمر تعقد الان و الرجل قد تزوج ! "

              قلت بسرعة :

              " لا لم يتزوج ... خطب فقط... و يمكن أن ينهي علاقته بالشقراء في أي وقت "

              و لأن نظرات الاستنكار علت وجه نهلة أضفت :

              " فأنا بعد أكثر من أربع سنوات من الخطوبة الحميمة انفصلت عن خطيبي "

              نهلة هزت رأسها بأسى... ثم قالت :

              " رغد... هل تعتقدين أن هذه الفكرة هي التي تدور برأس ابن عمك؟ الرجل قد ارتبط بفتاة أخرى و ربما هو يحبها و يعد للزواج منها ! "

              قلت بغضب:

              " و ماذا عني أنا ؟؟ "

              نظرت إلى بتمعن و قالت و هي تشير بسبابتها اليمنى :

              " أنت أيضا... ستتزوجين رجلا يحبك و يحترمك كثيرا... وينتظر منك الإشارة "

              و هنا أقبلت سارة تقول :

              " حسام موافق ! "

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5514



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                اصطحبنا حسام بسيارته الصغيرة الضيقة إلى السوق و ظل مرافقا لنا طوال الوقت...
                قضينا فترة لا بأس بها هناك ومع ذلك لم يبد تذمرا! بل كان غاية في اللطف و التعاون، و السرور كذلك...!
                اشتريت العديد من الأشياء...
                تعرفون أنه لم يعد عندي ما يكفي من الملابس و الحاجيات ... و أن أشيائي قد احترقت في بيتنا الحزين... و أن القليل الذي اقتنيته لاحقا تركته في المزرعة
                كنت أنفق بلا حساب! فالمبلغ الذي تركه وليد معي... كبير و مغر ...
                حقيقة شعرت بالخجل و أنا اخذ ظرف النقود منه، و لكنني بالفعل بحاجة إليها... و حتى النقود التي تركها لي أبي رحمه الله قبل سفره إلى الحج، و التي لم أنفق منها ما يذكر، احترقت في مكانها في البيت...
                و حتى بقايا رماد البيت المحروق... لم يكن لي نصيب في ورثها...

                بعد أن فرغنا من مهمة التسوق اللذيذة عدنا إلى المنزل و ارتديت بعضا من أشيائي الجديدة شاعرة بسعادة لا توصف

                فيما بعد... قررنا أنا و خالتي و أبناؤها التنزه في حديقة المنزل...

                أبو حسام كان يحب حديقة منزله و يعتني بها جيدا، و بعد أن احترقت شجيراتها في القصف الجوي انفا، أعاد زراعة و تنظيم الأشجار و العشب... و دبت الحياة في تلك الحديقة مجددا..

                كنت قد اخترت من بين ملابسي الجديدة جلابية زرقاء فضفاضة طويلة الكمين، و وشاحا طويلا داكن اللون، و خاتما فيروزيا براقا لأقضي بهم نزهتي داخل حديقة المنزل...

                الجو كان لطيفا و أنسام الهواء عليلة و نشطة... الشمس قد احمر ذيلها في الأفق... و تسابقت غيوم خفيفة على حجب حمرتها الأخاذة عن أعين الناظرين... بينما امتدت الظلال الطويلة على العشب... مضفية عليه خضرة نضرة...
                المنظر من حولي خلاب و مبهج للغاية... إنها بدايات الشتاء...

                فرشنا بساطا كبيرا على العشب الرطب، و جلسنا نحن الخمسة فوقه نتناول المكسرات و نتبادل الأحاديث... و نتسلى بلعبة الألغاز الورقية !
                لقد كنت انذاك مسرورة و مرتاحة... و غاية في الحيوية و المرح !



                ~~~~~~~~~~


                عندما فتحت البوابة، وجدت حسام في استقبالي...

                تبادلنا التحية و لم يحاول إخفاء علامات التعجب و الاستنكار الجلية على وجهه و هو يستقبلني دون سابق إعلام...



                دعاني للدخول، فسرت إلى جانبه و أنا أشعر ببعض الحرج من زيارتي المفاجئة هذه...



                هنا وصلتني أصوات ضحكات جعلتني التفت تلقائيا نحو المصدر...



                على بساط مفروش فوق العشب في قلب الحديقة كانت أربع نسوة يجلسن في شبه حلقه مستديرة...



                جميعهن التفت إلي لدى ظهوري في الصورة و جميعهن أخرسن ألسنتهن و بدين مندهشات !



                غضضت بصري و تنحنحت ثم ألقيت التحية... و سمعت الرد من أم حسام مرحبة بي...



                " تفضل يا وليد... أهلا بك... "



                قال حسام :



                " تعال شاركنا "



                و هو يحثني على السير نحو البساط... و أضاف :



                " كنا نتسلى بالألغاز ! الجو منعش جدا "



                وقفت شقيقة حسام الكبرى ثم الصغرى هامتين بالانصراف فقلت :



                " كلا... معذرة على إزعاجكم كنت فقط أود إلقاء التحية و الاطمئنان على ابنة عمي"



                أم حسام قالت مباشرة :



                " أي إزعاج يا وليد؟ البيت بيتك و نحن أهلك... تفضل بني "



                " شكرا لك خالتي أم حسام... أدام الله عزك "



                كل هذا و عيني تحدق في العشب في خجل...



                و تمكنت من رفعهما أخيرا بحثا عن رغد... و رأيتها جالسة بين ابنتي خالتها... و هي الأخرى تبعثر نظراتها على العشب !



                يا إلهي كم اشتقت إليها !... لا أصدق أنها أمامي أخيرا...



                " كيف حالك يا رغد ؟ "



                التفتت رغد يمنة و يسرة كأنها تبحث عن مصدر الصوت!



                هذا أنا يا رغد ! هل نسيت صوتي ؟؟



                ثم رأيتها تبتسم و يتورد خداها و تجيب بصوت خافت :



                " بخير "



                لم يكن جوابا شافيا ! أنا أريد أن أعرف تفاصيل كل ما حصل مذ تركتك هنا تلك الليلة و حتى هذه اللحظة ! ألا تعلمين كم كنت مشغول البال بك ؟؟



                " كيف تسير أمورك صغيرتي ؟ "



                و ابتسمت ابتسامة أكبر... و قالت :



                " بخير ! "



                بخير ... بخير !



                كل هذا و هي لا ترفع نظرها عن العشب الرطب...



                قلت :



                " الحمد لله... "



                قالت أم حسام :



                " تفضل بالجلوس "



                قال حسام :



                " سأصطحبه إلى المجلس ... "



                و خاطبني :



                " تفضل وليد "



                لم أجد بدا من مرافقته ... فذهبت تاركا عقلي مرميا و مبعثرا هو الاخر فوق ذات العشب !



                في ذلك المجلس كان أبو حسام يشاهد الأخبار ... و بعد الترحيب بي فتحنا موضوع المظاهرات و العمليات الاستشهادية النشطة و عمليات الاعتقال و الاغتيالات العشوائية التي تعيشها البلدة بشكل مكثف في الاونة الأخيرة...

                و كذلك المنظمات السرية المعادية التي يتم الإيقاع بعملائها و زجهم إلى السجون أو قتلهم يوما بعد يوم...



                الأنباء أثارت في نفسي كابة شديدة و مخاوف متفاقمة خصوصا بعد أن علمت من أبي حسام عن تورط بعض معارفه في إحدى المنظمات المهددة بالخطر...



                و حكيت له الصعوبات التي واجهناها مع السلطات أثناء رحلتي ذهابنا و عودتنا إلى و من المدينة الساحلية...



                و تعرفون كم أكره الشرطة و أرعب منهم...



                فيما بعد... خرجنا نحن الثلاثة من المنزل قاصدين الذهاب إلى المسجد...

                و نحن نعبر الحديقة رأيت رغد مع ابنتي خالتها و هن لا يزلن يجلسن على ذلك البساط و يلهون بأوراق الألغاز...



                حسام هتف سائلا :



                " من فاقكن ذكاء ؟ "



                أجابت شقيقته الصغرى :



                " رغد ! إنها ذكية جدا "



                ضحك حسام و قال :



                " استعيري شيئا منها ! "

                و انطلقت ضحكة عفوية من رغد...



                حسام قال بمرح :



                "... سأغلبك في الجولة المقبلة يا رغد ! استعدي "



                قالت رغد و هي تنظر إله بتحد :



                " قبلت التحدي ! "



                حسام ضحك و قال بإصرار :



                " سترين أنا عبقريتي... انتظري فقط ! "



                و ضحكت رغد بمرح...



                كل هذا و أنا... واقف أسمع و أتفرج و أخرس لساني و أكتم في صدري غضبا شديدا...






                ~~~~~~~~








                " فيم تحدقين ؟ "



                سألتني نهلة و هي تراني أحملق في البوابة... التي أغلقها حسام بعد خروجه و أبيه و وليد قبل قليل...



                قلت :



                " هل رأيت كيف يبدو حسام إلى جانبه ؟ كواحد من الأقزام السبعة ! "



                تعجبت نهلة و بدا أنها لم تفهم شيئا !



                قلت:



                " أراهن أنه سيلحق بهما بسيارته... يستحيل على هذا الشيء أن يدخل سيارة شقيقك تلك! إلا إذا أخرج رأسه من فتحة السقف ! "



                و أخذت سارة تضحك بشدة !

                لا أدري إن لشيء فهمته أو لشيء لم تفهمه!



                وقفت بعد ذلك و أخذت أمدد أطرافي و استنشق الهواء العليل... شاعرة بسعادة تغمر قلبي... و برغبة هوسية في معانقة الهواء!



                أخذت أدندن بمرح... و أمشي حافية على العشب بخفة... كعصفور على وشك الطيران...



                نهلة أصدرت أصواتا خشنة من حنجرتها للفت انتباهي فاستدرت إليها و وجدتها تراقبني باهتمام...
                </B>

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5514



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  إنني أشعر بالدماء تتحرك بغزارة في شعيرات وجهي... و متأكدة من أنني في هذه اللحظة حمراء اللون !



                  " رغد يا صغيرتي كيف تسير أمورك ؟ "



                  قالت ذلك نهلة و هي تهب واقفة على أطراف أصابعها و تنفخ صدرها و ترفع كتفيها و تضغط على حبالها الصوتية ليظهر صوتها خشنا، فيما تقطب حاجبيها لتقلد وليد !



                  و مرة أخرى تنفجر سارة ضحكا... و تثير عجبي!

                  إنها غبية في أحيان كثيرة و لكن يبدو أن ذكاءها محتد هذا الساعة !



                  قلت موضحة :



                  " إنه يناديني بالصغيرة منذ طفولتي ما الجديد في ذلك ؟ "



                  و نهلة لا تزال قاطبة حاجبيها و تردد :



                  " رغد يا صغيرتي ! رغد يا صغيرتي ! رغد يا صغيرتي "



                  و سارة لا تزال تضحك !



                  قلت :



                  " و لأني يتيمة... فهو يعاملني كابنته! و طلب مني اعتباره أبي ! "



                  و نظرت الفتاتان إلى بعضهما و ضحكتا بشدة !



                  قلت و أنا أولي هاربة :



                  " أوه... خير لي أن أذهب لتأدية الصلاة ! أنتما لا تطاقان ! "





                  لم يكن لحضور وليد قلبي أي هدف غير الاطمئنان علي، لذا فإنه هم بالمغادرة بعد ذلك مباشرة لولا أن العائلة ألحت عليه لتناول العشاء معنا...



                  أنا أيضا كنت أريد منه أن يبقى فمجرد وجوده على مقربة... يمنحني شعورا لا يمكن لأي إنسان منحي شعورا مماثلا له

                  اه لو تعلمون...

                  كم في البعد من شوق و كم في القرب من لهفة...

                  كيف سارت حياتي بدونك يا وليد؟؟

                  كيف استطعت العيش طوال هذه الأيام بعيدة عنك؟؟

                  و كيف سأتحمل رحيلك... و كيف سأطيق الذهاب معك ؟؟



                  بعد العشاء، وليد و حسام و أبوه خرجوا و جلسوا في الحديقة على نفس البساط الذي كنا نجلس عليه...



                  كان الجو رائعا تلك الليلة، لا يقاوم...

                  و من داخل المنزل فتحت النافذة المطلة على الحديقة سامحة لنسمات الليل و ضوء القمر، و الأصوات كذلك، بالتسلل إلى الداخل... بينما أنا أراقب عن كثب... تحركات وليد !



                  كان وليد غاية في الأدب و اللباقة... كان قليل الحديث أو الضحك... مغايرا لحسام المزوح الانفعالي...



                  و بدا فارق السن بينهما جليا في طريقة حديثهما و تحركهما بل و حتى في الطريقة التي يشربان بها القهوة !



                  بإدراك أو بدونه... كنت أسترق السمع إلى أي كلمة تخرج من لسان وليد و أراقب حتى أتفه حركة تصدر منه... بل و حتى من خصلات شعره الكثيف و الهواء يعبث بها ...



                  " ما الذي تراقبه الصغيرة الجميلة ؟ "



                  قالت نهلة و هي تنظر إلي بمكر... فهي تعرف جيدا ما الذي يثير اهتمامي في قلب الحديقة !



                  قلت بتحد :



                  " بابا وليد ! "



                  كادت تطلق ضحكة كبيرة لولا أنني وضعت كفي فوق فمها و كتمت ضحكتها



                  " اخفضي صوتك ! سيسمعونك ! "



                  أزاحت نهلة يدي بعيدا و مثلت الضحك بصوت منخفض و من ثم قالت :



                  " مسكين وليد ! عليه أن يرعى طفله بهذا الحجم ! "



                  و فتحت ذراعيها أقصاهما... كنت أعرف أنها لن تدعني و شأني ... هممت بإغلاق النافذة فأصدرت صوتا... فرأيت حسام يلوح بيده نحونا و يهتف :



                  " رغد... تعالي "



                  تبادلت و نهلة النظرات و بقيت مكاني...



                  قال حسام :



                  " وليد يرغب في الحديث معك "



                  عندها ابتعدت عن النافذة و وضعت يدي على صدري أتحسس ضربات قلبي التي تدفقت بسرعة فجأة...



                  نهلة نظرت إلي من طرف عينيها و قالت مازحة ساخرة :



                  " هيا يا صغيرتي المطيعة ... اذهبي لأبيك "



                  و لما لم تظهر على وجهي التعبيرات التي توقعتها بدا الجد في نظراتها و سألتني:



                  " ما الأمر ؟؟ "



                  قلت و أنا مكفهرة الوجه و يدي لا تزال على صدري :



                  " لا بد أنه سيغادر الان... "



                  نظرت إلي نهلة باستغراب... بالطبع سيغادر... و جميعنا نعلم أنه سيغادر!... ما الجديد في الأمر...؟؟



                  قلت :



                  " لا أريده أن يبتعد عني يا نهلة... لا أحتمل فراقه... أريده أن يبقى معي... و لي وحدي... أتفهمين ؟؟ "







                  في وسط الحديقة... على العشب المبلل برذاذ الماء... و بين نسمات الهواء الرائعة المدغدغة لكل ما تلامسه... و تحت نور باهت منبعث من القمر المتربع بغرور على عرش السماء... وقفنا وجها لوجه أنا و وليد قلبي...



                  لأصف لكم مدى لهفتي إليه... سأحتاج وقتا طويلا... و لكن الفرصة ضئيلة أمامي... و العد التنازلي قد بدأ...



                  حسام و أبوه دخلا المنزل تاركين لنا حرية الحديث بمفردنا... و إن كنت لا أعرف أي حديث سيدور في لحظة كهذه ...؟



                  نسمات الهواء أخذت تشتد و تحولت دغدغاتها إلى لكمات خفيفة لكل ما تصادفه



                  وليد بدأ الحديث من هذه النقطة :



                  " يبدو أن الريح ستشتد... إنه إنذار باقتراب الشتاء ! "



                  " نعم... "



                  " المكان هنا رائع... "



                  و هو يشير إلى الحديقة من حوله...



                  " أجل... "



                  و نظر إلي و قال :



                  " و يبدو أنك تستمتعين بوقتك هنا... "



                  هززت رأسي إيجابا...



                  قال بصوت دافئ حنون :



                  " هل أنت ... مرتاحة ؟ "



                  قلت بسرعة :



                  " بالطبع... "



                  ابتسم برضا ... ثم قال :



                  " يسرني سماع ذلك... الحمد لله "



                  هربت من نظراته و سلطت بصري على العشب... ثم سمعته يقول :



                  " ألا... تريدين... العودة إلى المزرعة ؟ "



                  رفعت رأسي بسرعة و قد اضطربت ملامح وجهي...



                  وليد قال بصوت خافت :



                  " لا تقلقي... فأنا لن أجبرك على الذهاب معي... "



                  ثم أضاف :



                  " أريد راحتك و سعادتك يا رغد... و سأنفذ ما ترغبين به أنت مهما كان... "



                  قلت موضحة :



                  " أنا مرتاحة هنا بين أهلي... "



                  و كأن الجملة جرحته ... فتكلم بألم :



                  " أنا أيضا أهلك يا رغد... "



                  تداركت مصححة :



                  " نعم يا وليد و لكن ... و لكن ... "



                  و ظهرت صورة الشقراء مشوهة أي جمال لهذه اللحظة الرائعة ...



                  أتممت :



                  " ولكنني... سأظل أشعر بالغربة و التطفل هناك... لن يحبني أحد كما تحبني خالتي و عائلتها... و لن أحب أحدا لا تربطني به دماء واحدة ..."



                  نظر إلي وليد بأسى ثم قال :



                  " تعنين أروى ...؟ "



                  فلم أجب، فقال :



                  " إنها تحبك و كذلك الخالة... و هما تبعثان إليك بالتحيات "



                  قلت :



                  " سلمهما الله... أنا لا أنكر جميلهما و العجوز علي... و لو كان لدي ما أكافئهم به لفعلت... لكن كما تعلم أنا فتاة يتيمة و معدومة... و بعد رحيلهما لم يترك والداك لي شيئا بطبيعة الحال... "



                  و هنا توتر وليد و قال باستنكار :



                  " لم تقولين ذلك يا رغد ؟؟ "



                  قلت مصرة :



                  " هذه هي الحقيقة التي لا يجدي تحريفها شيئا... أنا في الحقيقة مجرد فتاة يتيمة عالة على الاخرين... و لن أجد من يطيقني و بصدر رحب غير خالتي "



                  و ربما أثرت جملتي به كثيرا... فهو قد لاذ بالصمت لبعض الوقت... ثم نطق أخيرا:



                  " على كل... لا داعي لأن نفسد جمال هذه الليلة بأمور مزعجة... "



                  ثم ابتسم ابتسامة شقت طريقها بين جبال الأسى و قال:



                  " المهم أن تكون صغيرتي مرتاحة و راضية... "



                  ابتسمت ممتنة...



                  قال :



                  " حسنا... يجب أن أذهب الان قبل أن يتأخر الوقت أكثر... "



                  تسارعت ضربات قلبي أكثر... لم أكن أريده أن يرحل... ليته يبقى معنا ليلة واحدة...أرجوك لا تذهب يا وليد...



                  قال :



                  " أتأمرين بأي شيء ؟ "



                  ليتني أستطيع أمرك بألا ترحل يا وليد !



                  قلت :



                  " شكرا لك "



                  كرر سؤاله :



                  " ألا تحتاجين لأي شيء ؟ أخبريني صغيرتي أينقصك أي شيء؟؟ "



                  " كلا... "



                  " لا تترددي في طلب ما تحتاجينه مني... أرجوك رغد... "

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5514



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    ابتسمت و قلت :



                    " شكرا لك... "



                    وليد أدخل يده في جيبه ! أوه كلا ! هل يظن أنني أنفقت تلك الكومة من النقود بهذه السرعة ؟ لست مبذرة لهذا الحد



                    كدت أقول ( كلا ! لا أحتاج نقودا ) لكنني حين رأيت هاتفه المحمول يخرج من جيبه حمدت الله أن ألجم لساني عن التهور



                    و للعجب... وليد قدم هاتفه إلي




                    " ابقي هذا معك... اتصلي بي في المزرعة متى احتجت لأي شيء..."



                    نظرت إليه باندهاش فقال :



                    " هكذا استطيع الاتصال بك و الاطمئنان على أوضاعك كلما لزم الأمر دون حرج"



                    بقيت أحدق في الهاتف و في وليد مندهشة ...



                    " و ... لكن ... !! "



                    صدر التلكين مني فقال وليد :



                    " لا تقلقي، سأقتني اخر عاجلا... يمكنني الاستغناء عنه الان ... خذيه "


                    و بتردد مددت يدي اليمنى و أخذت الهاتف فيما وليد يراقب حركة يدي بتمعن !



                    قال :



                    " لا تنسي... اتصلي بي في أي وقت... "



                    " حسنا... شكرا لك "



                    وليد ابتسم بارتياح... ثم بدا عليه بعض الانزعاج و قال :


                    " سأنصرف الان و لكن... "



                    و لم يتم جملته، كان مترددا و كأنه يخشى قول ما ود قوله... تكلمت أنا مشجعة :



                    " لكن ماذا وليد ؟؟ "



                    أظن أن وجه وليد قد احمر ! أو هكذا تخيلته تحت ضوء القمر و المصابيح الليلية الباهتة...



                    وليد أخيرا نظر إلى عيني ثم إلى يدي الممسكة بالهاتف ثم إلى العشب...

                    و قال:




                    " ارتدي عباءتك حينما يكون حسام أو أبوه حاضرين "



                    ذهلت... و كاد قلبي يتوقف... و حملقت في وليد باندهاش ...



                    وليد تراجع ببصره من العشب، إلى يدي، إلى عيني و واصل :



                    " و لا داعي لوضع الخواتم في حال وجودهما... "





                    الدماء تفجرت في وجهي ... طأطأت برأسي نحو الأرض في حرج شديد... توقفت أنفاسي عن التحرك من و إلى صدري و إن ظلت الريح تعبث بوجهي و وشاحي الطويل... في حين حاولت يدي اليسرى تغطية خاتمي الفيروزي الجديد في يدي اليمنى ...



                    وليد حاول تلطيف الموقف فقال مداعبا :



                    " و لكن افعلي ما يحلو لك في غيابنا "



                    ثم قال مغيرا المسار و خاتما اللقاء :



                    " حسنا صغيرتي... أتركك في رعاية الله ... "





                    ~~~~~~~~

                    توالت الأيام، و الأسابيع ... و أنا منغمس في العمل ...

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5514



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      و اقتضى مني الأمر السفر إلى المدينة الساحلية من جديد... و لأن أروى لم تشأ مرافقتي، لم استطع أخذ رغد معي و السفر بمفردنا... و رغم أن الأمر كان غاية في الصعوبة إلا أنني دست على مشاعري و قلقي و تركت رغد دون رعايتي و سافرت بعيدا...

                      قبل سفري اتصلت بشقيقي سامر و طلبت منه أن يبقى على مقربة و اتصال دائمين من رغد و قد تعذر بانشغاله في عمله و لكنه وعد بفعل ما يمكن...

                      أما أنا فقد اقتنيت هاتفا محمولا جديدا لرغد أعطيتها إياه حين مررت منها قبل سفري و استعدت هاتفي، و طلبت منها أن تبقى على اتصال بي شبه يومي...

                      و أنا أعيش في المنزل الكبير هناك في المدينة الساحلية، شعرت بوحدة قاتلة و تقلبت علي الكثير من المواجع... و صممت على أن أعيد لهذا البيت الحياة و النشاط عما قريب...

                      حصلت على إذن من شقيقي للتصرف المطلق بالمنزل، و الذي أصبح ملكا مشتركا لنا نحن الثلاثة، بعد وفاة والدي رحمه الله...

                      وكلت عمال شركة متخصصة لتنظيفه كليا، و من ثم أعدت صبغه و جددت أثاثه و أجريت الكثير من التعديلات فيه... غير أنني تركت غرف نوم والدي – رحمهما الله - و سامر و دانة و كذلك الحديقة الخلفية كما هي... و ركنت في الحديقة بعض الأشياء القديمة إلى جوار أدوات الشواء... التي تعرفون...

                      كنت معتزما على الانتقال للعيش الدائم في المنزل، و إليه سأضم رغد و سامر... و أروى مستقبلا...

                      و حين تعود دانة من الخارج، فلا أجمل من أن تنضم إلينا...

                      كنت أريد أن ألملم شمل العائلة المشتتة... و أن نعود للحياة معا كما كنا قبل أن تفرقنا الحرب و ظروفها التعيسة...

                      و لأنني أصبحت أدير أحد أكبر و أهم مصانع المدينة، فإن نفوذي قد اتسع كثيرا و سلطتي قد ارتفعت لحد كبير...

                      و مع ذلك... لم تخل المسألة من الهمز و اللمز... و النظرات الماكرة و الهمسات الغادرة ممن عرفوا بأنني قاتل عمار... و استقال السيد أسامة من منصبة للأسف... إثر هذا الخبر... ولاء لصديقه الراحل عاطف... و انتشرت شائعات مختلفة حولي و حول زواجي من أروى... و وجدت نفسي أكثر وحدة و حاجة للدعم المعنوي و الفعلي ممن أثق بهم...

                      ألححت على سامر لترك عمله في تلك المدينة و عرضت عليه العمل معي في المصنع، و هيأت له منصبا مرموقا مغريا و لكن سامر كان مترددا جدا

                      أعربت له عن رغبتي في لم شمل العائلة من جديد... شرحت له بتفصيل دقيق ظروف عملي الحالي و كيف أن الحياة تبدلت معي كثيرا... و أنني الان محتاج إليه أكثر... غير أن سامر على ما بدا منه كان لا يزال في حداد على والدي لم يفق منه...

                      و بالنسبة لرغد فقد خططت لإلحاقها بإحدى الجامعات و خصصت جزء من دخلي الخاص من إدارة المصنع لتغطية تكاليف الدراسة...

                      أما المنزل المحترق، فقد أبقيناه على حاله حتى إشعار اخر... و تنازلت عن نصيبي فيه وسجلته باسمها أيضا...

                      أما عن أوضاع البلاد... فلا تزال الفوضى تعم العديد من المدن و تقتحم المزيد... و السجون قد امتلأت و فاضت بالمعتقلين عدلا أو ظلما...


                      عندما عدت إلى المدينة الصناعية في المرة التالية، كانت رغد خارج المنزل و استقبلتني أم حسام استقبالا كريما

                      رغد كانت قد أعلمتني عن رغبتها في قضاء بعض المشاوير الضرورية ذلك اليوم – وهي تعلمني عن تحركاتها دائما، و قد لاحظت تكرر ذلك مؤخرا - و رغم انزعاجي من الأمر تركتها تخرج مع ابن خالتها مطمئنا إلى وجود ابنتي خالتها معها

                      و عندما علمت بعد ذلك أنهما لم ترافقاها أصبت بنوبة غضب ...

                      " و هل هي معتادة على أن يوصلها حسام إلى حيث تريد، بمفردهما ؟"

                      وجهت سؤالي المستنكر إلى أم حسام ففهمت استهجاني و أجابت:

                      " في مرات قليلة ... "

                      قلت حانقا :

                      " و لكن لماذا لم ترافقها إحدى ابنتيك يا خالتي ؟ "

                      قالت:

                      " نهلة منهمكة في تعليم سارة دروسها الصعبة... و لكن لم كل هذا الانزعاج يا بني؟ إنه ابن خالتها و أقرب الناس إليها "

                      و لم تعجبني هذه الكلمة... فالتزمت الصمت.

                      و يبدو أن أم حسام وجدتها فرصة ملائمة لطرح موضوع ما فتئ يشغل تفكيرها و ربما تفكيرنا جميعا ...

                      " وليد يا بني... ألا ترى أن الأوان قد حان... حتى نربط بينهما شرعيا ؟ "

                      كنت أخشى أن تفتح الموضوع خصوصا و أنا في وضعي الراهن...

                      قلت مباشرة :

                      " إنه ليس بالوقت المناسب "

                      قالت :

                      " لماذا ؟ يهديك الله ... أليس ذلك أفضل لنا جميعا؟ ها هما يعيشان في بيت واحد و تعرف كيف هي الأمور... "

                      قلت بغضب :

                      " كلا يا خالتي. يستحيل أن أزوج رغد بالطريقة التي زوجها والدي بها... لن أجعلها ضحية للأمر المفروض ثانية... "

                      أم حسام قالت معترضة :

                      " أي ضحية يا بني ؟ إنه زواج مقدس... و حسام يلح علي لعرض الأمر لكنني رأيت تأجيله لحين عودتك... بصفتك الوصي الرسمي عليها "

                      نفذ صبري فقلت بفظاظة :

                      " أرجوك يا أم حسام... أجلي الموضوع لما بعد "

                      " لأي وقت ؟؟ "

                      قلت :

                      " على الأقل ... إلى أن تحصل على شهادة جامعية و تكبر بضع سنين... "

                      تعجبت أم حسام... لكنني تابعت :

                      " و يكبر حسام و يصبح رجلا راشدا مسؤولا "

                      " و هل تراه صبيا الان !؟ "

                      لم أتردد في الإجابة ... قلت مباشرة :

                      " نعم ! "

                      و لأنها استاءت و هزت رأسها استنكارا أضفت :

                      " يا خالتي... أنا اعتبر الاثنين مجرد مراهقين... فالفرق بينهما لا يبلغ العامين... و إذا كان في وجودها هنا حرج على أحد فأنا ساخذها معي و أدبر أمورها بشكل أو باخر... "

                      عند هذا الحد انتهى حوارنا إذ أن البوابة قد فتحت و أقبل الاثنان يسيران جنبا إلى جنب...

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...