انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5513



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    " شيء اخر يا سيدتي و استميحك عذرا على ثقل ظلنا... "

    " تفضل دون حرج يا سيد وليد "

    نظرت إلى رغد في خجل و قلت :

    " عباءة .. إذا أمكن "

    الانسة أروى قالت :

    " بالتأكيد "

    و أسرعت إلى داخل المنزل ، و عادت تحمل عباءة .. و زوجين من الأحذية المطاطية ، التي يرتدونها عادة أثناء العمل ...

    انتبهت حينها فقط إلى أنني و رغد كنا لا نزال حافيين أيضا !

    بعدما ارتدينا الأحذية المطاطية تلك ، و ارتدت رغد العباءة ، تقدمنا نحو السيارة فصعدت أنا أولا ثم رغد من بعدي... و قد كادت تتعثر .. إن من شدة التعب و الدوار ، أو من علو عتبة السيارة ، أو من طول العباءة التي ترتديها !

    حينما بلغنا المستوصف، دخلته و رغد فيما ذهب العم لقضاء حاجاته على اتفاق بالعودة فور فراغه منها..

    هناك، استلقت رغد على سرير الفحص و أقبلت الممرضة لقياس العلامات الحيوية لها، ثم قالت :

    " حرارتها مرتفعة جدا! أربعون درجة و نصف !"

    و أحضرت كيسا يحوي مجروش الثلج و وضعته على رأس رغد، بينما قامت ممرضة أخرى باستدعاء الطبيب المسؤول.

    ثوان و إذا بالطبيب يحضر..

    و هو رجل في نحو الثلاثين من العمر.. ما أن أقبل حتى استوت رغد جالسة..

    اتخذ الطبيب مجلسه على مقعده الوثير خلف المكتب، و أمسك بالقلم و إحدى الأوراق بين يديه و بدأ يسأل :

    " مم تشكو الفتاة ؟ "

    توليت أنا شرح حالتها مجملا .. و أخبرته عن الجرح العميق في قدمها.

    الان .. يقف الطبيب و يقبل نحو سرير الفحص و يقول :

    " بعد إذنك "

    وقفت أنا دون حراك ، بينما حاولت الممرضة إغلاق الستارة حول السرير.. لتحول بيني و بينه..
    و بادرت الممرضة الأخرى بفتح الضماد من حول قدم رغد المصابة...

    في هذه اللحظة هتفت رغد :

    " وليد "

    لم أتحرك من مكاني، لا للأمام و لا للخلف.. و الممرضة تنظر إلي منتظره ابتعادي..

    قال الطبيب :

    " أنت شقيقها ؟ "

    قلت :

    " تقريبا...، ابن عمها "

    و نظرت إلى رغد فقرأت على وجهها الفزع المهول...

    قال الطبيب :

    " استلقي يا انسة "

    و الذي فعلته رغد هو أنها همت بالنهوض فجأة...

    اقتربت أنا منها فأمسكت بذراعي ...لأساعدها على النهوض...

    قلت :

    " رغد .. "

    رغد هزت رأسها نهيا بإصرار...

    قال الطبيب :

    " ألا تريدين مني أن أفحصك ؟ "

    رغد قفزت من السرير واقفة على قدميها ، ثم صرخت تألما ...

    قلت :

    " رغد اصعدي .. دعيهم يرون الجرح على الأقل "

    لكنها عوضا عن ذلك تشبثت بي أكثر و قالت :

    " لا "

    التفت إلى الطبيب الواقف جوارنا ينظر باستغراب و قلت :

    " إنها خجولة جدا "

    ثم أضفت :

    " ألا يوجد طبيبة امرأة ؟ "

    قال :

    " للأسف لا "

    ثم تنحى جانبا .. و ابتعد..

    تحدثت إلى رغد الواقفة على قدمها بألم و قلت :

    " أرجوك صغيرتي ، لندع الممرضة تعقم الجرح "

    و لم تقتنع بسهولة..

    بعدما صعدت على السرير ، و هي لا تزال متشبثة بي، و كشفت الممرضة عن الجرح.. تأملته ثم قالت موجهة الحديث إلى الطبيب :

    " دكتور.. إنه ملتهب جدا "

    الطبيب أقبل من جديد يريد إلقاء نظرة على الجرح فرفضت رغد ذلك و دلت رجليها أسفلا..

    قال الطبيب يحدث الممرضة :

    " خراج ؟ "

    " نعم يا دكتور.. ملوث جدا "

    الكلمات أقلقتني.. قلت مخاطبا رغد :

    " دعيه يلقي نظرة "

    لكنها أصرت على موقفها بل و همت بالنهوض...

    " هيا رغد فنحن جئنا للعلاج .. "

    و خاطبت الطبيب :

    " أرجوكم طهروه و اعتنوا به كما يجب "

    بصعوبة بالغة سمحت رغد للطبيب فقط بإلقاء نظرة عن كثب على الجرح.. و ما أن راه حتى قال :

    " بحاجة إلى تنظيف جراحي "

    قلت قلقا :

    " تنظيف جراحي ؟؟ "

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5513



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      " نعم ، في غرفة العمليات الصغرى.. و لابد من أدوية قوية لأن الجرح ملتهب للغاية "

      الخوف تملكني أنا ربما أكثر من رغد المذعورة بين يدي...
      رغد .. جرح .. التهاب.. عملية .. أدوية .. ؟؟
      ألطف يا رب.. ألطف يا رب..


      قلت :

      " ماذا علينا فعله ؟؟ "

      " ننقلها إلى غرفة العمليات الصغرى الان ، و تحت المخدر الموضعي يقوم الجراح بتنظيف الجرح و تعقيمه.. "


      نظرت إلى رغد .. و الذعر المخيم على وجهها .. و الرفض الصارخ من عينيها.. فقلت :

      " رغد "

      و لم أتم ، إذ أنها هتفت فجأة مقاطعة :

      " لا "


      واجهت وقتا عصيبا مع هذه الفتاة حتى وصلنا إلى غرفة العمليات المعنية ، و خرقت القوانين بدخولي رغم عدم السماح بذلك..

      أنى لي أن أترك صغيرتي وحدها هكذا !؟ مستحيل

      و رغم المخدر الموضعي الذي حقنت به ، إلا أنها تألمت بشدة و صرخت بعنف و هي تستنجد :

      " وليد.. وليد .. "

      كانت تمسك بي بقوة، تغرس أظافرها في ذراعي.. و كلما لمست قدمها ، صرخت و أو عضت على أسنانها ..

      و كلما فعلت ذلك صرخت أنا بهم :

      " على مهلكم إنها تتألم .. أي مخدر هذا ؟؟ "

      أنظر إليها و أهدىء و أشجع ، و أنظر إليهم و أصرخ و أعنف .. و أنظر إلى نفسي فأرى النار تكاد تندلع من أعصابي و تشب في جسدي من صراخ رغد...

      كم تمنيت.. لو أن الجرح كان في قدمي أنا.. في قدمي الاثنتين .. في كل جسدي .. يقطعني و يحرقني و يكويني .. و لا أن يصيب خدش واحد حتى أحد أظافر قدمها..

      كم كنت قاسيا يوم جعلتها تركض حافية القدمين و عرضتها لكل هذا...

      أما كان باستطاعتي حملها طوال المشوار ؟؟ أأعجز عن رفع صغيرتي عن أذى الأرض.. و هي التي تربت متعلقة بعنقي ؟؟

      ما ينفعني الندم الان .. و قد سمحت للاه بالانطلاق من صدر فتاتي .. و للدموع بالانسكاب من محجريها .. و للألم باعتصار قدمها و تعذيبها كل هذا الوقت..
      يا رغد..
      إنك إن تصرخين مرة تصرخ شرايين قلبي ألف مرة ... و إن تبكين دمعة يبكي قلبي بحرا من الدم ... و إن تتلوين ألما فإن أحشائي في داخلي تتمزق إربا إربا ..
      و إن تغرسين أظافرك في بدني فأنا مغروس في حبك بعمق طبقات الأرض كلها...


      في نهاية الأمر اضطر الطبيب لحقنها بمخدر منوم... ثوان و إذا بي أشعر بأظافرها تخرج من جسدي.. و قبضتها تخف الضغط علي .. و عضلاتها ترتخي .. و شيئا فشيئا تسقط يديها على جانبيها و يترنح رأسها للأسفل ...

      فزعت، رفعت رأسها و ناديت :

      " رغد ؟؟ "

      لكنها كانت غائبة عن الوعي..

      التفت إلى الطبيب الجراح و الممرضات و قلت :

      " ماذا حدث لها ؟؟ "

      قال إحداهن :

      " نامت تحت تأثير المخدر "

      لم أشعر بالطمأنينة ، قلت موجها كلامي إلى الطبيب :

      " أهي بخير يا دكتور ؟؟ "

      قال :

      " نعم ، إنه مجرد مخدر .. ستنام لساعة أو أكثر...

      أسندت رأس صغيرتي إلى الوسادة.. و تأملت وجهها ببقايا من القلق.. كانت هناك دمعتان معلقتان على خديها .. اخر السيل ... و ببساطة ...مددت يدي و مسحتهما ...

      بعد ذلك ظللت أراقب الطبيب و من معه و هم يعقمون الجرح ... و حالما فرغوا قال الجراح :

      " أنصح بنقلها إلى مستشفى حيث يتم إدخالها و إعطائها الجرعات اللازمة من الأدوية الضرورية لفترة من الزمن "

      ذهلت و تملكني الهلع ، فقلت :

      " لم يا دكتور ؟ ما بها ؟؟ "

      قال :

      " الجرح ملتهب بشكل سيء .. نحن نظفناه و عقمناه جيدا و حقناها بمضادات السموم و لكنها بحاجة إلى أدوية أخرى لإتمام العلاج "

      زاد قلقي

      " هل هناك خطر عليها ؟ أخبرني رجاء ؟ "

      " الخشية من أن ينتشر الالتهاب أعمق من ذلك . جرح عميق .. قدم حافية .. شارع طويل .. خطورة أكبر "


      فيما بعد ، نقلت رغد إلى غرفة للملاحظة.. فإضافة إلى جرحها الملتهب ، هي مصابة بجفاف و انخفاض في سكر الدم ..

      كانت غرفة صغيرة حاوية سريرين تفصل بينهما ستارة قماشية

      لم تحس رغد بالدنيا من حولها مذ حقنت بالمخدر.. وضعناها على السرير و استبدلت الممرضة قارورة السائل الوريدي الفارغة بقارورة أخرى أكبر حجما.. ثم انصرف الجميع تاركينها نائمة و أنا جالس على مقعد إلى جوارها...

      كانت هادئة جدا.. و غارقة في النوم لأبعد الحدود.. كطفل بريء..

      رؤيتها هكذا قلبت في رأسي ذكريات الماضي...

      كم و كم من المرات... كنت أتسلل خلسة إلى غرفة طفلتي ألقي عليها نظرة و هي نائمة بسلام... و أحيانا أجلس بقربها .. و أداعب خصلات شعرها الأمس...
      و في أحيان أخرى.. كنت أطبع قبلة خفيفة على جبينها و أهمس في أذنها :

      تعليق

      • Loli.
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 5513



        • أيـــام .. كانت أيام :(


          تليغرامي للإقتباسات
          اضغط هنا


          .

          شيخة قلبه سابقا

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,


        " أحلاما سعيدة صغيرتي "

        لم أحتمل ألم هذه الذكرى ...

        انطلقت دموعي رغما عني .. شاقة طريقها النهائي إلى الموت.. لو كان الزمان يعود للوراء تسع سنين فقط.. تسع سنين فقط.. لكنت اقتربت من صغيرتي أكثر.. و أخذتها بين ذراعي .. و ضممتها إلى صدري بقوة .. بقوة.. أواسيها .. أشجعها.. أشعرها بالأمان و الطمأنينة.. و الحنان و الحب.. بالدفء و الحرارة..

        اه لو يرجع الزمان للوراء ...

        اه لو يرجع ...




        و فيما أنا أبكي في نوبة الذكرى الجنونية هذه ، طرق الباب ثم أقبلت إحدى الممرضات تقول :

        " معذرة هل اسمك السيد وليد شاكر ؟؟ "

        مسحت دموعي بسرعة و هببت واقفا مجيبا :

        " نعم "

        قالت و هي تنظر إلى بشيء من الاستغراب :

        " هناك رجل عجوز يسأل عنك في الخارج "

        و تذكرت لحظتها إلياس و اتفاقي معه !



        خرجت معها فرأيت العم إلياس يقف عند الممر .. ما أن راني حتى بادر بسؤالي عن حال قريبتي ..

        " الحمد لله.. ستتحسن "

        قال :

        " هل تحتاج للبقاء هنا ؟ "

        " أنا اسف لأنني عطلت مشاغلك يا عمي ، إنها تتلقى سائلا وريديا الان.. و قد يطول هذا لساعة أو ربما أكثر ... "

        قال :

        " لا بأس عليكم . أ هناك ما تود مني فعله يا بني ؟؟ "

        " شكرا لك عماه ، فعلت الكثير .. أرجوك انه مشاغلك و أنا سأبقى معها لحين تحسنها.. سأستقل سيارة أجرة أو أتصل بكم حين فراغنا "


        و على هذا افترقنا . عمدت إلى هاتف وجدته أمامي فاتصلت بمنزل نديم و اطمأننت على دانة، و التي كما أخبرت كانت لا تزال نائمة !

        عدت من ثم إلى صغيرتي فوجدتها كما تركتها ، نائمة كالملاك... غير أنها رفعت ذراعها فوق الوسادة ، في وضع اعتقدت أنه يعيق جريان السائل الوريدي إلى عروقها..

        لذا اقتربت منها و ببطء و هدوء و حذر شديد حركت يدها و مددت ذراعها إلى جنبها ..

        في هذه اللحظة فتحت رغد عينها نصف فتحة .. فوقعت في أمري و تسارعت ضربات قلبي فجأة... دافعة الدماء إلى وجهي بعنف و غزارة !
        تركت يدها تنزلق من بين أصابعي خجلا ..

        رغد قالت بصوت خفيف غير طبيعي :

        " وليد.. أنت لم تضع الميدالية أليس كذلك ؟؟ "

        اضطربت .. و لم استوعب ما قالت ...

        قلت :

        " ماذا ؟ "

        لكن رغد أغمضت عينيها و بدت غارقة في النوم !

        " رغد ..؟؟ "

        لم تجبني .. ما جعلني استنتج أنها ربما كانت تحلم .. و أنها لم تكن واعية .. و أنها لن تتذكر هذا !

        الحمد لله !

        ضبطت البطانية لتشمل ذراعها تحتها .. و عدت إلى مقعدي المجاور ..

        مرت الدقيقة بعد الأخرى.. شعرت بالإعياء و عاودتني الأوجاع الجسدية التي تجاهلتها منذ نهوضي على صوت رغد هذا الصباح .. و غزاني النعاس...
        و النوم سلطان على من لا سلطان عليه !






        ~ ~~~~~~~




        كأنني أحلق في عالم جميل... أطير فوق السحاب.. في قمة الراحة و الاسترخاء.. لا ألم .. لا ضيق .. لا شيء سوى شعور بالدغدغة في داخلي !

        فتحت عيني لأرى الجنة التي أحس بنفسي أنعم فيها.. فرأيت جنة مختلفة لا تتفق و الشعور الجميل الذي أحسه ..

        أنام على سرير أبيض الألحفة.. تحيط بي الستائر البيضاء.. و تتدلى قارورة ما من أعلى عمود ما.. موصولة بأنبوب طويل ينتهي طرفه الثاني داخل وريدي !

        جلست بسرعة أتلفت من حولي.. إنني في المستشفى راقدة على سرير المرض !

        متى وصلت إلى هنا ؟؟ كيف وصلت إلى هنا؟؟

        أين وليد ؟؟

        أصابني الروع ، دفعت باللحاف بعيدا عني و قفزت من على السرير .. و طأت الأرض مرتكزة على قدمي المصابة ، فشعرت ببعض الألم ..

        سحبت ذلك العمود الحديدي ذا العجلات معي و سرت خطوة و أنا حافية ، و فتحت الستارة.. كنت أتوقع رؤية وليد خلفها.. لكنه لم يكن هناك

        تزايدت خفقات قلبي و تزاحمت أنفاسي و هي تعبر مجرى هوائي...

        توجهت إلى الباب مسرعة ، أعرج بشدة.. و فتحته باندفاع.. و صار مشرعا أمامي كاشفا ما خلفه .. ممر .. غرف.. انعطافات.. أناس يمشون إلى اليمين ، و أناس إلى الشمال.. و ممرضة تقف في الجوار.. تنظر إلي.. و تتحدث إلى طبيب ما .. اخرون يقفون على مبعدة.. أناس كثر..كثر.. إلا أن وليد ليس من بينهم..

        كدت أنهار.. كدت أصرخ.. كدت أهتف.. لكن الشهقة التي انحشرت داخل صدري حبست عن الخروج..

        الممرضة و الطبيب الان يقتربان نحوي.. أنا أتراجع.. داخل الغرفة.. يصلان عند الباب و يوشكان على الدخول .. تبتسم الممرضة و تقول :

        " هل أنت أفضل حالا الان ؟؟ "

        يسأل الطبيب :

        " كيف تشعرين ؟ "

        أنا أنظر إليهما بذعر .. يداي ترتعشان.. و رجلاي أيضا.. أفقد توازني و أقع أرضا ... و ينشد الأنبوب الموصل بوريدي خارجا من يدي.. و يترنح في الهواء راشا السائل من حولي ..

        الممرضة تنحني مادة يدها إلي..

        أنا أصدها و أصرخ :

        " ابتعدا عني "

        يتبادلان النظرات .. ثم يقولان معا :

        " أ أنت بخير ؟ "

        أنا أصرخ مستغيثة :

        " وليد .. وليد "

        يتبادلان النظرات ، ثم تقول الممرضة و هي تشير بيدها نحو الستارة :

        " قريبك هناك ! "

        التفت نحو ما أشارت إليه ، السرير الثاني في الغرفة و شبه المحجوب بالستارة..

        أنظر إليها، ثم أحاول النهوض و جسدي ترتجف..

        تحاول هي مساعدتي فأصرخ :

        " لا "

        أهب واقفة قافزة نحو الستارة .. أمسك بها و أفتحها باندفاع.. فتقع عيناي على وليد نائما فوق السرير... !

        " وليد ! "

        اقتربت منه أكثر و أكثر... و هتفت :

        " وليد .. "

        وليد لم يفق ، أمسكت بكتفه و هززته و أنا أناديه لأوقظه ...

        وليد أحس أخيرا ، و فتح عينيه و نظر إلي...

        الذعر كان محفورا على وجهي مما جعل وليد يجلس بسرعة متوترا و يقول باضطراب :

        " صغيرتي ماذا جرى ؟ "

        بجنون التصقت بذراعه و أنا أرتجف خوفا.. كنت خائفة حد الموت..

        صرخت بوجهه :

        " لماذا تركتني وحيدي ؟ "

        و قفزت دموعي من عيني..

        " لماذا وليد ؟ إنهم يريدون إيذائي .. لماذا تتركني وحدي ؟ "


        وليد أمسك بيدي و حاول تهدئتي :

        " بسم الله الرحمن الرحيم ، صغيرتي أنا هنا معك "

        نظرت إليه وسط الدمع و صرخت :

        " لماذا تركتني وحدي ؟ "

        " أنا هنا رغد.. معك ! غلبني النعاس فنمت على هذا السرير.. لا تفزعي أرجوك "

        قلت مجهشة باكية :

        " أنا أخاف من البقاء وحيدة.. متى تدرك ذلك؟ لماذا تبتعد عني ؟ أتريد أن تقتلني ؟ "

        وليد جعلني أجلس على السرير .. و وقف هو أمامي يردد عبارات الأسف و التهدئة و الطمأنة ... كل هذا و الطبيب و الممرضة لا يزالان واقفين مندهشين في مكانيهما..

        بعدما سكنت روحي من روعها و استرددت طمأنة نفسي .. سألني وليد :

        " أتشعرين بتحسن ؟ "

        " نعم "

        وليد نظر إلى الساعة المعلقة على الحائط المقابل ، و كانت تشير إلى الحادية عشرة و النصف ..

        ثم وجه خطابه إلى الطبيب قائلا :

        " أيمكننا الانصراف الان ؟ "

        قال الطبيب:

        " نعم ، سأكتب للمريضة وصفة أدوية ، إلا أنني أفضل نقلها للمستشفى "

        وليد نظر إلي.. ثم إلى الطبيب و قال :

        " لا يمكننا ذلك"

        " أحضرها لتطهير الجرح يوميا إذن "


        ثم غادرنا المكان..

        في الواقع ، لم يكن يفصل بين السريرين في تلك الغرفة سوى ستارة مشتركة ، و بضع أقدام ...


        عدنا إلى منزل صديق وليد في نفس السيارة التي قدمنا فيها..

        العجوز أوصلنا و غادر...



        حين دخلنا إلى هناك ، و على نفس المقاعد التي كنا نجلس عليها البارحة رأيت دانة جالسة مع السيدة الصغرى ، بينما الأخرى تستقبلنا و ترحب بعودتنا..

        وقفت دانة و الفتاة لدى رؤيتنا..

        دانة كانت ترتدي عباءة أشبه بالعباءة التي أجرها حول قدمي !

        قالت السيدة الكبرى :

        " تفضلا رجاءا "

        أقبلنا نحو المقاعد و تبادلنا التحيات، ثم تقدمت دانة مني و هي تقول بقلق :

        " أأنت بخير ؟ "

        قلت بهدوء :

        " نعم "

        لقد كان القلق الشديد ظاهرا على وجهها.. و هذا ما أدهشني ، فهي المرة الأولى التي أشعر فيها بقلق دانة علي !

        تحدثت الفتاة الان قائلة :

        " سلامتك يا رغد "

        ألقيت عليها نظرة حاوية لشيء من الاستغراب... فابتسمت هي و قالت :

        " اسمك جميل "

        تأملتها بعمق.. و حدثت نفسي ...

        ( بل أنت الجميلة ! ما أشد جمال هذه الفتاة !)

        قلت :

        " شكرا لك.. "

        قال وليد مؤكدا :

        " شكرا لكم جميعا "

        قالت السيدة الأخرى :

        " لا شكر على واجب أيها الأعزة ، تفضلوا جميعا بالجلوس "

        و جلست قرب دانة.. و التي قالت مخاطبة وليد :

        " اتصلت بوالدي و بسامر و نوار قبل قليل ، الجميع بخير.. لن يسمح لأبوي بدخول البلاد لحين من الزمن "

        وليد قال بارتياح :

        " هذا أفضل، ليبقيا بعيدا امنين .. "

        و كان والداي و جميع المسافرين قد منعوا من دخول البلدة و ألغيت جميع الرحلات القادمة إليها..

        أضافت دانة :

        " لكن سامر في طريقه إلينا "

        توتر وليد و قال :

        " مجنون .. أمرته بأن يلزم مكانه لحين استقرار الأمور.. لماذا يعرض نفسه للخطر الان ؟؟ "

        قالت دانة :

        " فليحفظه الله ... يا رب "

        حل الصمت علينا برهة ، ثم قالت السيدة الكبرى :

        " سيكون كل شيء بخير إن شاء الله "

        ثم التفتت إلى الفتاة و قالت :

        " أعدي المائدة الان بنيتي و استدعي خالك "

        وقفت الفتاة و هي تقول :

        " في الحال أمي "

        و همت بالذهاب ...

        وليد قال :

        " اعتقد أن العم إلياس قد ذهب إلى المسجد، فهذا ما قاله و نحن في طريقنا إلى هنا "

        قالت السيدة :

        " هل تحب أن تنتظره أم .. ؟ "

        قال وليد :

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5513



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          " نعم ، في الواقع سأذهب لأصلي أنا أيضا "

          قلت بسرعة :

          " وليد ؟؟ "

          أتم جملته :

          " في الغرفة .. "

          وقف وليد ، فوقفت معه.. و وقف دانة و السيدة أيضا..

          ثم نطق بعبارات الشكر و الاستئذان و هم بالانصراف..

          قال الفتاة الجميلة مخاطبة إياي بابتسام :

          " لقد وضعت بعض الملابس في الخزانة لأجلك "

          و التفتت إلى وليد بنفس الابتسام و قالت :

          " خالي أيضا ترك بعضها لك يا سيد وليد "

          وليد قال :

          " نحن ممتنون لكم .. شكرا انسة أروى "

          ثم التفت إلينا أنا و دانة قائلا :

          " أتأتيان ؟ "

          دانة تحركت مباشرة و سارت نحو وليد الذي سار بدوره نحو الباب.. أما أنا فبقيت محدقة في الفتاة الحسناء برهة !

          ( أروى ) ؟؟

          أروى ...

          ألم أسمع بهذا الاسم على لسان وليد قبل أيام !؟

          بلى سمعته...

          إنها الفتاة التي اتصل هاتفيا ليبارك لها ليلة العيد !

          إذن .. ف ( أروى ) تلك ليست طفلة كما ظننت.. ! إنها فتاة راشدة تكبرني سنا..

          فتاة أقل ما يمكن أن أصفها به هو أنها ... فاتنة الجمال !

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5513



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            الحلقةالسابعةوالعشرون
            ***********





            جالس على السرير الوحيد في تلك الغرفة الصغيرة، بعدما فرغت من استحمامي و صلاتي ، أمسك بيدي محفظتي و أعد نقودي..

            ليس لدي سوى مبلغ ضئيل لا يكفي لتوفير مأوى اخر أو طعام لنا و لفترة لا يعلم بها إلا الله..

            أشعر بخجل شديد من نفسي إذ جئت بعائلتي إلى هنا ، و رغم أن عائلة إلياس هي عائلة طيبة كريمة لأبعد الحدود إلا أن وجودنا لا يجب أن يطول..

            علي التصرف بشكل من الأشكال...

            دانة واقفة أمام المراة ، ثم تلتفت إلي و تراقبني دون أن اهتم لها ، ثم تسألني بقلق :

            " ماذا سنفعل ؟؟ "

            أفكر بعمق، و بصمت .. و في عجز عن إيجاد حل مناسب.. فقد احترق بيتنا بما حوى.. و نحن الان مشردون و حفاة معدمون..

            تكرر دانة سؤالها :

            " وليد ماذا سنفعل ؟؟ "

            ارفع بصري إليها ، و أرفع حاجبي و أقوس فمي للأسفل.. ماذا سنفعل ؟؟

            رغد كانت في دورة المياه..

            اقتربت مني دانة و قالت :

            " نوار و عائلته سيغادرون البلدة "

            و صمتت... و ظلت تراقبيني قليلا ثم قالت :

            " و يريدون أخذي معهم "

            تغيرت تعبيرات وجهي و قلت باضطراب :

            " ماذا ؟؟ "

            قالت بتردد :

            " إنه نوار... يريد أن .. يبعدني عن البلدة و الخطر .. "

            قلت :

            " و الزفاف ؟؟ "

            تنهدت دانة و قالت :

            " الزفاف ؟؟ احترق مع فستانه ! "

            ثم أخذت تبكي...

            و يحق لها أن تبكي بمرارة.. و هي العروس التي كانت تعد لزفافها المرتقب بعد أيام فقط..

            شعرت بقهر و غيظ في داخلي فوقفت و أحطتها بذراعي محاولا مواساتها..

            بعد قليل قالت :

            " دعنا نسافر نحن أيضا "

            " إلى أين ؟ كيف ؟ الرحلات محظورة "

            " سيسافرون للبلدة المجاورة بالسيارة ، ثم يطيرون إلى بلد بعيد و امن.. دعنا ننضم إليهم وليد "

            " كيف يا دانة كيف ؟؟ إننا حتى لا نملك جوازات سفر أو بطاقات شخصية ! لا أنت و لا رغد على الأقل "

            و هنا سمعنا صوت المفتاح يدار في باب الحمام .. فأسرعت أنا بالخروج من الغرفة لأدع المجال لرغد للتصرف دون حرج ..

            في الخارج صادفت الانسة أروى مقبلة نحو الغرفة ..

            قالت :

            " مرحبا "

            " مرحبا سيدتي "

            " لقد أعددنا المائدة .. هللا استدعيت الفتاتين ؟ "

            " شكرا.. "

            " و خالي ينتظرك أيضا في المجلس "

            " لا نعرف كيف نفيكم حق الشكر ؟ "

            " لم عليك تكرير ذلك يا سيد وليد ؟؟ بل نحن من يتوجب علينا شكرك.. لقد قدمت لنا الكثير من المساعدات طوال عدة أسابيع ! أنت شخص نبيل الخلق و تستحق التكريم "

            شعرت بالخجل من كلماتها و كلامها معي.. خفضت بصري حرجا نحو الأرض .. و حرت .. ماذا علي أن أقول ؟؟

            هنا فتح باب الغرفة و ظهرت منه رغد ..

            رغد وقفت تنظر إلي برهة في صمت ، ثم تنظر إلى الانسة أروى بوجه جامد

            الانسة أروى ابتسمت و قالت :

            " كيف حالك ألان يا رغد ؟؟ "

            و لم يبد أن الصغيرة عازمة على الإجابة !

            لكنها قالت أخيرا :

            " بخير "

            قالت أروى :

            " المائدة جاهزة... أين أختك ؟ "

            قالت رغد :

            " دانة أخت وليد.. ابن عمي "

            و لم أجد الرد مناسبا للسؤال ! قالت أروى :

            " نعم أعرف ! و لكنها كانت تتحدث عنك بوصف أختي ! "

            ظهرت دانة الان من خلف رغد .. فحيتها أروى و كررت دعوتنا إلى المائدة..

            ذهبنا إلى المنزل ، أنا و العم إلياس في المجلس ، و النسوة في غرفة المائدة ، و تناولنا وجبة شهية مغذية بعد طول الجوع و العطش ..

            بعد ذلك تحدثت و إلياس ساردا ما حصل لنا بشيء من التفصيل.. فأبدى تعاطفه الشديد و رحب ببقائنا في ضيافته إلى أن نجد حلا اخر.. و أنا وعدته بأن أبدأ العمل في المزرعة منذ اليوم ...
            و رغم اعتراضه ، إلا أنني أصررت على ذلك و نفذته

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5513



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              كان ذلك بعد الغذاء بثلاث ساعات.. تركت الفتاتين نائمتين في الغرفة ، تعوضان حرمانهما السابق من النوم ، و خرجت إلى ساحة المزرعة و باشرت العمل...

              كانت هناك شتلات شجيرات صغيرة جديدة مطلوب غرسها في الأرض.. و توليت أنا هذه المهمة .. أحفر الأرض ، و أغرس الشجيرات ، و أسوي التراب ...

              العم إلياس و كذلك أروى كانا أيضا يعملان من حولي..

              كنت أشعر بالتعب و الإعياء فأنا لم أنل قسطي الوافي من النوم و الراحة بعد ، إلا أنني لم أطق تأجيل العمل إلى الغد..

              أروى كانت تساعدني .. و تتحدث معي من حين لاخر..

              إنها فتاة جريئة بالفعل !

              فيما أنا جاث على الأرض أغرس إحدى الشجيرات و أهيل عليها التراب.. و أروى واقفة قربي و ممسكة بالطرف العلوي لتلك الشجيرة .. سمعتها تقول :

              " أهلا رغد ! "

              رفعت رأسي إليها فرأيتها تنظر في إتجاه معين ...

              التفت إلى ذلك الاتجاه فرأيت رغد واقفة تنظر إلي.. و لم تكن تعبيرات وجهها مريحة... البتة

              وقفت ببطء .. و نفضت يدي و ثيابي مما علق بها من التراب .. ثم قلت :

              " أهلا صغيرتي .. "

              النظرات التي رشقتني بها رغد جعلتني انصهر حرجا .. و أهرب ببصري بعيدا عنها..

              كانت مذهولة مصعوقة.. تحدق بي بدهشة لا تضاهيها دهشة..

              المتني نظراتها و غرست في صدري ألف خنجر.. لم أجرؤ على إعادة بصري إليها من جديد ...

              سألت بدهشة :

              " وليد.. ماذا تفعل ؟؟ "

              ماذا أفعل ؟؟ ماذا أفعل يا رغد؟؟

              ألا ترين ؟؟

              أزرع الأرض.. ألوث يدي و ملابسي و جسدي بالأتربة و السماد.. و الوحل أيضا..

              نعم .. أجثو على الأرض ضئيلا منخفضا وضيع الشأن.. بسيط الحال .. عوضا عن علو السماء و المركز و المنصب ..

              احتقرت نفسي لحظتها أيما احتقار..

              و تمنيت لو أنني دفنت نفسي عوضا عن الأشجار..

              ماذا تظنين يا رغد ؟؟

              أنني أصبحت شخصا مرموقا عالي الشأن ؟ هذه هي حقيقتي .. مجرد مزارع بسيط يعمل بجد فقط من أجل وجبة طعام و مأوى ...


              " وليد .. ماذا تفعل ؟؟ "

              أجبرت عيني على النظر إليها ، فهالني ما رأيت على وجهها ...

              أرجوك كفى يا رغد.. أنت تذبحينني .. كفى ... كفى ...

              اعترفت بخجل :

              " أفلح الأرض .. فهذا هو عملي منذ زمن "

              و لن أصف لكم كيف تحول وجه رغد إلى غابة ذهول مخيفة ...

              من منكم جرب هذا ؟؟ دعوه يصف لكم إذن ما أعجز أنا عن التعبير عنه ...

              رغد تراجعت للوراء .. ربما لتبتعد عن صفعة الواقع الذي تكتشفه للمرة الأولى..

              سارت إلى الوراء بعرج.. و عيناها المفتوحتان أوسعهما لا تزالان ترميان سهام الذبح نحو جسدي... من أعلاه إلى أسفله...

              و فيما هي تسير إلى الوراء بهذا الذهول و أنا ساكن في مكاني ، رأيت العم إلياس يقبل من ناحيتها و يشير إلي بيده مخاطبا الرجل الذي معه :

              " هذا هو شقيقك ! "






              ~ ~ ~ ~ ~ ~





              لدى سماعي صوت الرجل العجوز قادما من خلفي ، التفت إلى الوراء بسرعة ، فرأيت سامر يقف أمام عيني ...

              شهقت :

              " سامر ! "

              قال :

              " رغد ! "

              و أسرع نحوي و جذبني إلى صدره بقوة و عانقني بحرارة شديدة ... جدا !

              " أوه رغد يا حبيبتي... لا أصدق عيني .. الحمد لله .. الحمد لله .. أنت حية ؟؟ شكرا لك يا رب .. شكرا لك يا رب "

              و صار يبكي و أنا أبكي معه ..

              و أخذ يقبل يدي و جبيني بلهفة .. لم أعهدها عليه من ذي قبل ..

              " لقد نجونا يا سامر ! كدنا نموت لكننا نجونا بأعجوبة ! "

              أقول ذلك و أتذكر ما مررنا به ، فأدفن رأسي في صدره و أغلق حصار ذراعي حول جدعه...

              بعدما فرغ من نوبة الشوق هذه ، التفت إلى وليد ...

              " وليد .. "

              أقبل وليد إليه و فتح كل منهما ذراعيه للاخر و تعانقا بحمية ...

              سامر بملابسه الأنيقة و هندامه المرتب النظيف ، و وليد بلباسه الملوث و يديه المتسختين بحبيبات الرمال ...

              الناظر إليهما يجد فرقا كبيرا ...

              و أنا وجدت ذلك الفرق أيضا ...

              كان لقاء دانة بسامر دراميا ...

              دانة تحب سامر أكثر من وليد.. السبب في ذلك أن وليد غاب عنا لسنين.. سنين لا أعرف أين كان فيها و لا ما عمل ؟؟

              إذا كانت الحقيقة التي أراها أمام عيني .. هي حقيقة رجل يعمل في فلاحة الأرض !

              بعد فترة ، كنا نحن الأربعة في تلك الغرفة...

              وليد لم يتحدث إلي بل لم ينظر إلي مذ رأيته يغرس الشجرة قبل ساعات... و أنا بدوري تحاشيته .. و ركزت اهتمامي على سامر و ما يقوله ..

              " سنذهب إلى شقتي ، سأستأجر شقة أكبر حجما تسعنا و والدي جميعا "

              كانت هذه فكرته ، و دانة رحبت بها بشدة :

              " إذن هيا بنا الان "

              قالت ذلك ، إلا أن وليد قال :

              " اصبروا قليلا .. إنه المساء و لا يصلح للسفر.. كما أن المسافة ليست قصيرة و لابد أنك متعب ألان يا سامر "

              قال سامر :

              " مطلقا ، رؤيتكم أزالت عني أي أثر للتعب ... "

              ثم نظر نحوي و قال :

              " ألف حمد لله على نجاتكم أيها الأحبة "

              قال وليد مؤكدا :

              " كما أن الطريق غير امن.. و لم يكن يجدر بك الحضور يا سامر و تعريض نفسك للخطر "

              قال سامر :

              " و هل تعتقد أنه كان باستطاعتي البقاء هكذا ؟؟ "

              قال وليد :

              " على كل .. سنبقى هنا الليلة "

              قال سامر ، بعدما جال ببصره في أنحاء الغرفة بشيء من الإستهانة و أشار إلى الأرض :

              " هنا ؟؟ "

              قال وليد :

              " معذرة فأنا لم أملك من النقود ما يكفي لاستئجار شقة "

              قال سامر بثقة :

              " لا تقلق بهذا الشأن.. "

              قالت دانة :

              " إذن لم لا نعجل الخروج ؟ هيا سامر دعنا نبحث عن شقة مناسبة "

              جميعنا ننظر إلى وليد و الذي يظهر استياء في غير محله !

              أليس من الطبيعي أن نغادر هذا المكان شاكرين للعائلة كرم ضيافتهم ؟؟

              قال وليد أخيرا :

              " كما تشاءون "

              و من ثم غادر الغرفة ...

              أخذنا نحن الثلاثة نتحدث عما مررنا به .. و عما نحن مقبلون عليه.. في الحقيقة ، التزمت أنا جانب الصمت و الاستماع معظم الوقت... فتفكيري كان قد خرج مع وليد لحظة خروجه..

              رؤيته بالشكل الذي رأيته عليه صدمتني كثيرا</B>

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5513



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                وليد .. ذلك العملاق الضخم .. الذي أرفع رأسي عاليا إذا نظرت إليه.. الذي أشعر به سمائي .. و نجمتي.. و شمسي .. و جبلي أيضا.. أراه جاثيا على التراب يحفر الأرض.. و يغرس الشجر.. و يلوث يديه بالطين !؟

                وليد ؟؟

                لطالما كنت أراه عظيما عاليا.. شيئا معلقا في السماء..

                أما أن تغوص يداه في الأرض.. فهذا أشبه بالكابوس الذي مررت به يوم القصف..


                فيما نحن كذلك رن هاتف سامر المحمول ، فتحدث إلى الطرف الاخر .. و من حديثه معه استنتجت أنه صديق وليد ( سيف )

                أراد سامر أخذ الهاتف إلى وليد، فلما غادر الغرفة غادرت من بعده..

                كان الظلام قد حل .. و ما أن فتحنا الباب حتى تدفقت أنسام عطرة منعشة قادمة من بين الأشجار و الزهور الفواحة ..

                لحظتها فقط التفت إلى جمال المكان الذي كنا فيه ...
                تماما كجمال أصحابه ... شكلا على الأقل !

                في الخارج ، في الساحة الواسعة أمام المنزل ، رأينا أفراد العائلة المضيفة يجلسون جميعا على بساط أرضي ، و وليد معهم ...

                الإنارة كانت خفيفة صفراء منبعثة من مصباح المنزل الخارجي..

                كان الرجل العجوز يجلس إلى جانب وليد و يمسك في يده سلة سعفية نصف مكتملة الصنع ، و يظهر أنه يشرح له كيف يصنع مثلها..

                و إلى الجانب الاخر من وليد تجلس أروى الحسناء .. تصنع سلة أخرى هي بدورها.. و تلقي بالملاحظات على الاثنين ، أما أم أروى فكانت منشغلة بتكسير بعض الثمار الصلبة ، و استخراج بذورها..

                تنحنح سامر فالتفتوا نحونا.. وقف وليد و أقبل إلينا.. مد سامر الهاتف نحوه و قال :

                " صديقك الحميم يود الاطمئنان عليك "

                " سيف ؟ "

                " نعم ! اتصل عدة مرات ... "

                أخذ وليد الهاتف و تحدث معه محادثة استمرت عدة دقائق ..

                و حالما انتهى و أعاد الهاتف إلي سامر قال الأخير :

                " فلنذهب الان يا وليد ... "


                وليد التفت ناحية العائلة و قال :

                " سأشكرهم و أودعهم ... "

                نحن الثلاثة أقبلنا إليهم فوقفوا... و بدأ وليد يكرر عبارات الشكر و الامتنان ، و هم يعبرون عن سرورهم باستضافتنا بل و يصرون على بقائنا بعد..

                قالت أروى :

                " إذن لن تبقى معنا ؟؟ أ لن تعود إلينا ؟ "

                و كان ظاهرا على وجهها الأسف...

                وليد قال :

                " بلى.. سأعود حالما اطمئن على سير الأمور كما يجب.. "

                ثم أضاف :

                " أنتم عائلتي و هنا عملي "

                أروى ابتسمت بسرور... أما أنا فشعرت بغصة في حلقي ...

                قالت :

                " مكانك محجوز لك و غرفتك جاهزة فأهلا بك في أي وقت "

                شكرها وليد .. ثم استدار نحونا و قال :

                " أ ننطلق ؟ "

                قال أروى :

                " لحظة "

                و ذهبت إلى المنزل و عادت تحمل كيسا قدمته إلى وليد و قالت :

                " ملابسكم .. نظيفة و مطوية "

                فتناول وليد الكيس من يدها و كرر شكرها ..

                كل هذا أمام عيني .. و يشعرني بالغضب !

                واضح أنها معتادة على وليد و تخاطبه و كأنه أحد أقاربها ، لا رجلا غريبا...

                لا يعجبني ذلك أبدا ...

                بعد وداع العائلة ، ذهبنا إلى شقة قريبة قضينا فيها ليلتنا تلك ، و من الصباح الباكر غادرنا المدينة متجهين إلى مقر سامر...

                طول تلك الفترة و أنا في حالة من الذهول... لم استفق منها بعد..

                و وليد لم يكن يكلمني.. بل أنه كان يتحاشاني عن عمد.. و كأن شيئا لم يكن...

                استأجر سامر شقة متوسطة الحجم في نفس المبنى الذي كان يقطنه .. شقة جمعتنا نحن الأربعة تحت سقف واحد ..

                والداي كانا يتصلان مرة أو مرتين في اليوم بنا ليطمئنا على أحوالنا، و الحظر عن دخول المسافرين الى البلد استمر عدة أسابيع...

                شفي الجرح الذي في قدمي شيئا فشيئا.. و قد كان سامر يصطحبني كل يوم إلى المستشفى من أجل تطهيره..

                كنت على اتصال مستمر بعائلة خالتي ، و التي بقيت في المدينة تعيش على ما تبقى من حطامها..

                في أحد الأيام ، جاءنا نوار خطيب دانة، يطلب أخذ دانة معه إلى الخارج.. حيث سيستقر هو و عائلته عدة أشهر إلى أن تهدأ الأوضاع ..

                نوار كان قد تحدث بهذا الشأن إلى والدي و الذي يبدو أنه أيد الفكرة من باب إبعاد دانة عن البلدة .. كما أيدها سامر و تحمست لها دانة كثيرا ، إلا أن وليد كان معارضا

                " كيف يا دانة ؟ دون زفاف ؟ دون عرس ؟؟ دون وجود والدي ؟؟ "

                " و هل تعتقد أنني سأعيد شراء كل ما احترق من جديد ؟ دعونا نقيم حفلة بسيطة خاصة بنا.. أنا أريد أن أغادر هذه البلدة و التعاسة المخيمة عليها "

                " و والداي ؟؟ "

                " إنهما يؤيدان الفكرة .. و سوف نذهب إليهما أولا ثم نغادر "

                " كلا.. سننتظر حتى يسمح لهما بالعودة ، ثم نقيم حفلة عرس متواضعة.. لن ننقص من قدرك أمام ذلك المغرور "

                حينما قال وليد ذلك، اغتاظت دانة و قالت بحدة :

                " من هو المغرور ؟ "

                لزم وليد الصمت ، فقالت :

                " لا أسمح لك بإهانة خطيبي ! أي قدر هذا الذي تتحدث عنه ؟؟ أ بعد حطتي في القدر باكتشاف حقيقة مخجلة مخزية عنك ، تجرؤ على الحديث عن القدر ! "

                نشبت مشاحنة حادة بين الاثنين ، و أنا و سامر نتفرج بصمت..

                قال وليد في معرضها :

                " لن تفعلي ما يحلو لك .. و أنا المسؤول عنك في غياب والدي شئت أم أبيت "

                دانة ردت بحدة :

                " و من قال أنني أنتظر الإذن منك أو أتشرف بمسؤوليتك هذه ؟؟سأسافر مع نوار يعني سأسافر معه.. و أنت عد من حيث أتيت فذلك أنسب لحالك و مثلك "

                وليد رفع يده و كاد يصفعها ، إلا أنه توقف في منتصف الطريق.. و كتم غيظه..

                لم أتمالك أنا نفسي ، فقلت غاضبة :

                " ألا تحترمين شقيقك الأكبر ؟ ! "

                قالت :

                " اخرسي أنت..إنه شخص لا يستحق الاحترام "

                جميعنا ننظر إلى دانة بغضب .. و هي تدور ببصرها حولنا ..

                سامر نطق أخيرا و قال غاضبا :

                " دانة ! يكفي "

                " أجدر بك ألا تخشى على مشاعره ! أنسيت ما فعل بك ؟ "

                هتف وليد :

                " دانة "

                صرخت هي :

                " اضربني ! أليس هذا ما يتعلمه المجرمون في السجون ؟؟ "

                وليد أمسك بكتفي دانة و هزها بعنف و هو يصرخ :

                " يكفي.. إياك و قول المزيد.. أتفهمين ؟؟ إن نطقت بحرف بعد فسأقطع لسانك .. أنا خارج من حياتك فاهنئي بمن تريدين "

                و حررها من بين يده و قال مخاطبا سامر :

                " افعلوا ما تشاءون .. فأنا لم يعد يهمني من أمركم شيئا "

                ثم التفت إلي ففزعت من نظرته المرعبة ... و زمجر هو :

                " و هذه أيضا.. تزوجها بالمرة و خلصوني منكم جميعا.. "

                و أسرع خارجا من الشقة ...

                مرت الساعات و لم يعد.. و انتصف الليل و لم يعد.. قلقت كثيرا عليه.. خرجت من غرفتي في قلق فإذا بي أرى سامر يجلس في الصالة أيضا ...

                " ألم تنم ؟ "

                " أشعر بالأرق "

                " هل عاد وليد ؟ "

                " كلا "

                " إلى أين ذهب ؟ "

                " لا علم لي ... "

                " ربما عاد للمزرعة ! "

                قلتها و أنا أضع يدي على صدري خوفا من أن تكون حقيقة ...

                سامر نهض واقفا .. و اقترب مني و قال :

                " ما رأيك بما قال ؟ "

                " ما ذا تعني ؟؟ "

                أمسك بيدي و قال :

                " بأن .. نتزوج نحن أيضا .. "

                هنا احتقنت الدماء في وجهي و اضطربت تعبيراته... رأى سامر الرفض على وجهي و قال :

                " أرجوك .. رغد .. "

                هويت بنظري أرضا ...

                لماذا يعود لفتح الموضوع الان ؟ لماذا يا سامر لا تعتقني ..

                سامر رفع وجهي بيديه كلتيهما و قال بصوت شديد الدفء و الحنان :

                " كدت أجن .. لما حصل معك ..لا أريد أن تفترقي عني لحظة واحدة .. أحبك بجنون "

                أبعدت وجهي عنه و استدرت و أنا أقول :

                " كفى .. أرجوك ... "

                و انهمرت دموعي ...

                حاصرني سامر .. حاولت الفرار إلا أنه لم يدع لي المجال ..

                " رغد .. لماذا ؟ بالله عليك أخبريني بصدق .. لماذا ؟ "

                أردت أن أعود إلى غرفتي إلا أنه منعني ... كان مصرا على مواجهتي ...
                قرع الجرس الان... لابد أنه وليد...

                فتح سامر الباب فإذا به وليد بالفعل...

                كان وجهه حزينا كئيبا مهموما.. منظره يثير القلق و الحيرة ..

                لم يتكلم.. نظر إلينا قليلا ، ثم ذهب إلى غرفته..

                ثوان و إذا به يخرج ثانية ، ممسكا بمحفظته و مفاتيحه..

                و سار نحو الباب ..

                سامر استوقفه سائلا :

                " إلى أين ... وليد ؟ "

                استدار وليد إلى سامر و قال بنبرة نامة عن الحزن و الاستسلام :

                " إلى المزرعة "

                دهشنا و اشرأب عنقانا عجبا ..

                قال سامر :

                " ماذا ؟؟ "

                قال وليد :

                " فقد انتهى دوري "

                و فتح الباب و هم بالخروج ...

                أسرع سامر إليه و أوقفه :

                " وليد ! هل تعني ما تقول ؟؟ إلى المزرعة في هذا الوقت ؟؟ "

                استدار إليه و قال :

                " نعم ، فهي المكان الذي يناسب أمثالي "

                و خرج ...

                و رغم نداءات سامر و محاولاته المستميتة لإيقافه إلا أن وليد أبعده ، واستمر في طريقه ...

                الجنون أصابني أنا لحظتها... ركضت نحو الباب و صرخت :

                " وليد .. لا تذهب "
                </B>

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5513



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  إلا أن وليد لم يلتفت إلي .. و تظاهر بعدم سماعه لي ..

                  " وليد ... وليد عد .. "

                  هتفت و هتفت ، إلا أنه ابتعد... و اختفى عن أنظاري ...

                  سامر أغلق الباب.. و تنهد بأسف ...

                  قلت بعصبية :

                  " ماذا تنتظر؟ الحق به ! امنعه ! "

                  إلا أن سامر هز رأسه بقلة حيلة ..

                  تفجرت دموعي و أغرقت وجهي كما الطوفان ، و زمجرت :

                  " الحق به يا سامر دعه يعود "

                  " لن يفعل يا رغد.. لن يفعل "

                  رفعت يدي و أمسكت بذراعي سامر و صحت :

                  " كيف تتركه يذهب ؟ ماذا إن أصابه مكروه ؟ الحق به سامر أرجوك "

                  سامر قال بضيق :

                  " ألم أفعل ؟ لا جدوى من ذلك .. أنا أعرفه "

                  هززت رأسي باعتراض شديد و صرخت :

                  " كلا .. كلا كلا ... "

                  نظر إلي باستغراب ...

                  قال :

                  " رغد ! ؟ "

                  قلت بانفعال :

                  " سأذهب معه "

                  ذهل سامر ، و قال :

                  " ماذا ؟؟ "

                  صحت :

                  " سأذهب معه ... لا أريد البقاء هنا .. لا أريد البقاء هنا.. لماذا ذهب و تركني .. لماذا ؟ "

                  سامر أمسك بذراعي بقوة و بذهول قال و هو يحدق بي :

                  " تذهبين معه .. و تتركيني ؟؟ "

                  ابتلعت لساني و لم أنطق بأي كلمة ... سامر كان يحملق بي بحدة .. نظرات فاحصة مدققة مدركة مستنتجة .. قارئة لما اعترى وجهي من تعبيرات صارخة ...

                  " رغد ... تتركيني من أجله ؟؟ أليس كذلك ؟؟ "

                  صعقت .. و توقف قلبي عن الخفقان ... و لم أشعر بالدنيا من حولي سوى عيني سامر اللاسعتين .. و يديه القابضتين علي بعنف ..

                  قال :

                  " تكلمي يا رغد ؟؟ أهذا هو السبب ؟؟ "

                  لم أجبه ..

                  بدأ يهزني بقوة .. و المني كثيرا ...

                  " رغد تكلمي ... قولي ما تخفينه .. اعترفي هيا "

                  " دعني سامر "

                  لكنه هزني بعنف أقوى و بحدة صاح بوجهي :

                  " تكلمي يا رغد هيا..ماذا لديك؟ انطقي بسرعة..لماذا قررت التخلص مني؟ قولي هيا؟ "

                  فقد ت السيطرة على نفسي و صرخت :

                  " لأنني لا أحبك .. لا أحبك يا سامر .. هل ارتحت الان ؟ "

                  سامر دار بي حتى رطمني بالباب .. و هتف صارخا :

                  " .. وليد ؟؟ "

                  تفجرت لحظتها و صرخت بأعلى صوتي مطلقة سراح ما حبسته في صدري عنوة :

                  " نعم أحبه.. أحبه هو .. أحبه هو .. أحبه هو .. هو .. هو "

                  بعد هذا الانفجار .. و الذي خرج من صدري دون شعور و إدراك .. و وعي ، وعيت على الواقع بصفعتين قويتين تلقيتهما من كف سامر الثائر..

                  أفقت فجأة فرأيت نفسي أقف مسنودة إلى الباب .. و دموعي تجري كشلال ضخم.. و سامر يقف أمامي كأسد ثائر ... يكاد يفترسني ...

                  لم أدرك أنني أفصحت عما في قلبي إلا بعد حين ...

                  توقفت أنفاسي .. في حالة من الذهول مما أنا فيه ...

                  كالجمرة المتقدة كان وجه سامر محمرا متوهجا .. و كانت يداه توشكان على الانقضاض علي ...

                  قال :

                  " لقد كنت أحمقا إذ لم أعر شكوكي اهتماما يومها ... كم كنت غبيا ... لقد كنت تحبينه كل ذلك الوقت و تستغفلينني ؟ "

                  لم أستطع النطق بأي كلمة ..

                  تابع هو :

                  " نعم .. فأنت ركضت نحوه هو يوم كنا عند الشاطئ.. و تركتني أنا واقفا كالأبله جواره تماما.. "

                  ثم أطبق علي بيديه و قال :

                  " لهذا تريدين التخلص مني ؟؟ لن تفعلي هذا بي يا رغد.. لن أسمح لك بهذا أبدا "

                  و سحبني بعنف .. و سار بي يجرني إلى غرفتي ، و دفع بي بقوة نحو السرير ... فارتطمت به باهة ...

                  زمجر :

                  " لن أسمح لكما بذلك .. أتفهمين ؟؟ أبدا يا رغد "

                  و خرج من الغرفة و هو يصفع بالباب ...





                  ~ ~ ~ ~ ~ ~





                  حينما وصلت إلى المزرعة.. كان ذلك قبيل أذان الفجر...

                  دفعت مبلغا كنت أنا الأحوج إليه إلى السائق الذي أوصلني... و أخذت أعد ما تبقى لدي من جديد...

                  لزمت المسجد لحين ارتفاع الشمس في صدر السماء... و ناجيت الله طويلا .. شاكيا له حالي و باثا إليه همومي و سائلا إياه الرحمة و اللطف ...

                  ذهبت إلى المزرعة بعد ذلك و استقبلني العم الطيب و ابنة أخته استقبالا حافلا ... و علمت منهما أن السيدة ليندا عادت إلى المستشفى من جديد ، في نوبة جديدة ...

                  كلما تذكرت أنني كنت السبب في المرض التي اعترى قلب هذه السيدة كرهت نفسي أكثر .. و شعرت بمسؤولية أكبر تجاهها و تجاه المزرعة و من فيها...

                  قمنا بزيارتها مساء ذلك اليوم.. ففرحت هي بزيارتي و طلبت مني مساعدة أخيها و ابنتها في العناية بالمزرعة ..

                  عملت بجد و اجتهاد في الأيام التي تلت .. و لم أتصل بأهلي إلا اليوم ..

                  كان العم و أروى قد ذهبا لزيارة السيدة ليندا ، وأنا بقيت في المنزل وحيدا ...
                  تحدث سامر إلي و طمأنني على أحوالهم ، و أخبرني أنه و رغد ، كما نوار و دانة سيحتفلون بزواجهم بعد ليلتين...

                  أقفلت السماعة ، و حاولت منع رأسي من التفكير في أي شيء...

                  فبعد اللقاء الحميم الذي جمعهما في المزرعة أول وصوله ، فقدت أي اهتمام يذكر بشأن عرقلة هذا الزواج .. سواء كان برضا من رغد أو باضطرار منها..

                  أنى لها أن تجد الزوج الأنسب ؟؟

                  و كيف أسمح لنفسي بالتفكير بها .. و ما أنا إلا رجل فقير معدم .. لا يملك مأوى و لا قوتا ؟

                  و إن عشت ألف سنة بعد ، لن أنسى نظرة الازدراء التي رمتني بها يوم كنا في المزرعة ...

                  صدقت يا سامر

                  رغد لا تستحق الزواج من مجرم قاتل .. فقير معدم .. وحيد منبوذ مثلي ..

                  عاد العم و أروى من المستشفى فرأياني شاردا سارحا تائها في أفكاري ...

                  كما رأيا الدمعة التي هربت من مقلتي ..

                  رأيت في عينيهما القلق .. و سألاني عما إذا كان شيء ما قد حصل ، فأجبتهما :

                  " لا شيء "

                  الفتاة ذهبت إلى المطبخ أما العجوز فعاد يسألني :

                  " ما بك يا بني ؟ تبدو في غاية الحزن ؟؟ "

                  قلت :

                  " و هل ترى في حالي ما يدعو للسرور أيها العم ؟ إنني في أسوأ حال "

                  " قل الحمد لله يا ولدي.. "

                  " الحمد لله "

                  تنهدت ، ثم قلت بمرارة ...

                  " إلى متى سيظل حالي هكذا ؟؟ لسوف أبحث عن عمل من جديد .. إنني بحاجة للمال .. لتكوين نفسي و بناء مستقبلي "

                  " ماذا عن .. العمل معنا ؟؟ "

                  نظرت إلى الرجل العجوز نظرة امتنان و قلت :

                  " لكن إلى متى ..؟؟ إنني تائه ! بلا بيت و لا أهل ... "

                  " و نحن ؟؟ "

                  " أنتم .. عائلتي حتما و لكن .. "

                  و صمت ...

                  العم قال :

                  " و لكن لا يربطنا نسب أو دم .. "

                  لم أعلق ، قال :

                  " مشكلة سهلة الحل "

                  نظرت إليه بحيرة ...

                  ابتسم العجوز و قال :

                  " إن كنت تريد لها هذا الحل "

                  قلت :

                  " عفوا ؟؟ "

                  العم إلياس أمسك بيدي و ظهر الجد على تعبيرات وجهه و قال :

                  " أزوجك ابنة أختي ! "

                  تملكني الذهول و المفاجأة .. رمقته بنظرة بلهاء غير واعية لحقائق الأمور ..

                  " ماذا ؟ "

                  أجاب العم :

                  " إذا كنت ترى ذلك طبعا ... مثلما نراه نحن .. "

                  تلك الليلة لم تسمح لي الفكرة هذه بالنوم.. خرجت من غرفتي أحمل علبة سجائري التي اشتريتها مؤخرا... و التي عدت استهلكها بشراهة .. سرت متجولا في المزرعة في تفكير عميق ...

                  قضيت وقتا في الخارج ، و لما عدت .. لمحت أروى جالسة على عتبات المنزل ...

                  لما رأتني نهضت واقفة ... و ألقت علي التحية ..

                  ارتبكت.. و رددت باضطراب ..

                  قالت و هي تنظر إلى السيجارة في يدي :

                  " ألم تقلع عن التدخين ؟؟ "

                  " أأ .. صعب .. "

                  قالت :

                  " أنت تضر بصحتك ! لا تستحق هذه التافهة الاهتمام ! "

                  تنهدت .. و نظرت إلى السماء ثم قلت :

                  " لا شيء في حياتي يستحق الاهتمام ... و لا حتى أنا "

                  " أنت مخطئ ! "

                  و ندمت على مقولتي هذه !

                  و رأيت نظرات الاهتمام في عينيها ...

                  غضضت بصري و قلت :

                  " بعد إذنك .. سأعود إلى غرفتي "

                  و خطوت بضع خطوات مبتعدا ، و أنا أحس بها تراقبني ...

                  التفت للوراء فوجدتها بالفعل تراقبني ... و تبتسم !

                  لا أعرف من أين استمددت هذه الجرأة و الجنون لأسألها :

                  " انسة أروى .. "

                  " نعم ؟"

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5513



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    الحلقةالثامنةوالعشرون
                    ********






                    " تتزوجيني ؟؟ "

                    أروى حملقت بي لبرهة ، ثم ابتسمت و نظرت إلى الأرض بخجل !

                    العرق صار يتصبب مني و ملابسي تحترق من حرارة جسدي.. أما لساني فانعقد تماما !

                    أي جنون هذا ؟؟

                    ظللنا واقفين فترة هكذا ، أنا لا أجرؤ على قول شيء و لا الانصراف ، و هي لا ترفع عينيها عن الأرض...

                    نفحات الهواء الباردة أخذت تصافح جسدي و تطفئ اشتعاله.. و هبت على الوشاح الذي تلفه أروى حول رأسها فتطايرت أطرافه.. كاشفة عن خصلات ذهبية ملساء انطلقت تتراقص مع النسيم ..

                    غضضت بصري بسرعة ، و استدرت جانبا و قلت :

                    " أنا اسف "

                    " لم ؟؟ "

                    قالتها بتعجب ، فكساني تعجبها تعجبا !

                    أعدت النظر نحوها فوجدتها واقفة في مكانها و قد ضبطت الوشاح حول رأسها بإحكام...

                    و لا تزال تبتسم بخجل !

                    تشجعت حينها و قلت :

                    " ألا تمانعين من الزواج من رجل مثلي ؟ "

                    قالت دون أن تنظر إلي :

                    " مثلك .. يعني ماذا ؟؟ "

                    قلت :

                    " فقير.. مشرد.. خريج سجون.. عاطل ! "

                    قالت :

                    " لكنك .. رجل نبيل يا وليد "

                    ثم ألقت علي نظرة خجولة ... و انصرفت مسرعة !

                    في صباح اليوم التالي ، كنا أنا و العم إلياس ننظم أغصان بعض الأشجار...و كان الموضوع يلعب برأسي منذ الأمس... و كنت أحاول التقاط أي خيط من الكلام لفتحه أمام العجوز ..

                    و ربما هو لاحظ ارتباكي إلا أنه لم يعلق..

                    قلت :

                    " أليس لديكم أقارب اخرون يا عمي ؟ "

                    قال :

                    " هنا ؟ لا يوجد . إنني و أختي كما تعلم من خارج البلدة و لا أهل لنا هنا . نديم رحمه الله كان يقطن المدينة الساحلية هو و عائلته قبل استقراره هنا في هذه المدينة قبل زمن طويل .. و هو الاخر لم يكن لديه أقارب كثر "

                    و المدينة الساحلية هي مدينتي الأم

                    قلت :

                    " و ماذا عنك ؟ ألم يكن لديك زوجة و أبناء ؟ "

                    قال :

                    " زوجة رحمها الله. لم أرزق الأبناء بقضاء من الله. الحمد لله "

                    ثم أضاف :

                    " لذلك أحب ابنة أختي حبا جما .. و أسأل الله أن يرزقها زوجا صالحا أطمئن إلى تركها معه بعد فنائي "

                    قلت بسرعة :

                    " أطال الله في عمرك عماه "

                    قال :

                    " فقط إلى أن أزوجها و أرتاح "

                    و غمز إلي بنظرة ذات معنى !

                    احمر وجهي خجلا.. فصمت ، أما هو.. فنظر بعيدا مفكرا و قال :

                    " أنا قلق عليها و على مستقبلها .. إنها فتاة بلا سند.. أريد أن أزوجها بسرعة لرجل جدير بالثقة.. أأتمنه عليها.. "

                    و نظر نحوي.... يقصدني !

                    قلت متلعثما :

                    " أأ أحقا لا تمانع من زواجها من.. من .. "

                    أتم العم الجملة :

                    " منك يا وليد ؟ مطلقا.. فأنت رجل خلوق و مهذب . بارك الله فيك "

                    قلت مترددا :

                    " لكنني .. كما تعرف "

                    قاطعني :

                    " لا يهم ، فهاهي المزرعة أمامك اعمل بها عملا شريفا نظيفا و إن كان بسيطا.. و إن كنت تود العمل في مكان اخر فاسع يا بني و الله يرزقك "

                    طمأنني قوله كثيرا .. تماما كما كانت كلمات نديم رحمه الله تبعث في نفسي الطمأنينة في سني السجن ...

                    قلت أخيرا :

                    " لكنني.. خرجت من السجن "

                    قال :

                    " نديم كان في السجن أيضا ، و لم أر في حياتي من هو أشرف منه و لا أحسن خلقا "

                    ابتسمت .. للتقدير و الاحترام اللذين يكنهما هذا الرجل لي.. و اللذين رفعا من معنوياتي المحطمة بعد كلمات دانة الجارحة ...

                    العم ابتسم أيضا و قال و هو يصافح يدي :

                    " أ نقول على بركة الله ؟؟ "





                    ~ ~ ~ ~ ~ ~




                    " ماذا عني أنا ؟؟ تتركيني وحدي ؟؟ "

                    سألت دانة التي تقف أمام المراة تجرب ارتداء فستان السهرة الجديد ، الذي اشترته لارتدائه في الحفلة البسيطة ... يوم الغد

                    لم تكن تعيريني أي اهتمام.. و خلال الأيام الماضية عوملت معاملة جافة من قبلها و قبل سامر .. بتهمة الخيانة !

                    " دانة أحدثك ! ألا تسمعين ؟؟ "

                    " ماذا تريدين يا رغد ؟ "

                    " لا أريد البقاء وحدي هنا "

                    " سامر معك "

                    قلت باستياء :

                    " لا أريد البقاء مع سامر بمفردنا "

                    الان التفتت إلي و قالت :

                    " إنه خطيبك .. فإن كنت لا تثقين به فهذه مشكلتك ! "

                    شعرت بضعف شديد و قلة حيلة .. فوليد ، الشخص الذي كان يقف إلى جانبي و يتولى الدفاع عني قد اختفى.. و لابد لي من الرضوخ لقدري أخيرا...

                    خرجت من غرفتها و ذهبت إلى غرفتي، و من هناك اتصلت بوالدي و طلبت منهما أن يعودا بأي وسيلة.. لأنني وحيدة و تعيسة جدا..

                    و يا ليتني لم أفعل ...

                    بعد ذلك ، جاء سامر إلى غرفتي يحمل علبة هدية ما ...

                    كان يبتسم .. اقترب مني و حاول التحدث معي بلطف و كرر الاعتذار عما بدر منه تلك الليلة ، إلا أنني صددته بجفاء.

                    " وفر هداياك يا سامر .. فأنا لن أقتنع بفكرة الزواج بهذا الشكل مطلقا.."

                    غضب سامر و تحول لطفه إلى خشونة و نعومة حديثه إلى قسوة..

                    قال :

                    " حين يعود والداي سيتم كل شيء "

                    قلت :

                    " حين يعود والداي سينتهي كل شيء "

                    سامر فقد السيطرة على أعصابه و زمجر بعنف :

                    " كل هذا من أجل وليد ؟؟ "

                    ونظرت إليه نظرة تحد لم يستطع تجاهلها..

                    أطبق علي بقسوة و قال :

                    " و إن تخليت عني ، لن أسمح له بأخذك مطلقا .. أتفهمين ؟؟ "

                    " بل سأطلب منه أن يأتي لأخذي فأنا لن أعيش معك بمفردي "

                    " رغد لا تثيري جنوني.. لا تجعليني أؤذيك .. إنني أحبك .. أتفهمين معنى أحبك ؟ "

                    هتفت :

                    " لكني أحب وليد .. ألم تفهم بعد ؟؟ "

                    سامر دفع بي نحو السرير ، و تناول علبة الهدية و رطمها بالجدار بقوة ...

                    قال :

                    " ماذا تحبين فيه ؟ أخبريني ؟؟ ماذا رأيت منه جعل رأسك يدور هكذا ؟؟ "

                    ثم أقبل نحوي و هزني بعنف و هو يقول :

                    " أ تحبين رجلا قاتلا ؟ مجرما ؟ سفاحا ؟؟ "

                    صرخت بفزع :

                    " ما الذي تقوله ؟؟ "

                    قال مندفعا :

                    " ألا تعلمين ؟؟ إنها الحقيقة أيتها المغفلة .. كنت تظنين أنه سافر ليدرس في الخارج ..طوال تلك السنين .. أتعلمين أين كان وقتها ؟؟ أتعلمين ؟؟ "

                    كان الشرر يتطاير من عيني سامر .. المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها عينيه بهذا الشكل ... أصابني الروع من نظراته و كلماته ..

                    أتم جملته :

                    " لقد كان في السجن "

                    صعقت ، و لم أصدق ... هززت رأسي تكذيبا ، إلا أن سامر هزني و قال بحدة :

                    " نعم في السجن .. ثمان سنوات قضاها مرميا في السجن مع المجرمين و القتلة.. ألا تصدقين ؟ اسألي والدي .. أو اسأليه هو.. في السجن يا رغد.. السجن.. و قد أخفينا الأمر عنكما أنت و دانة لصغر سنكما "

                    صرخت غير مصدقة ..

                    " كلا .. كلا .. أنت تكذب ! "

                    قال بحدة :

                    " تأكدي بنفسك.. و لسوف تندمين على صرف مشاعرك على قاتل متوحش "

                    دفعت سامر بعيدا عني و ركضت مسرعة نحو غرفة دانة ، التي كانت لا تزال أمام المراة ...

                    " دانة "

                    هتفت بقوة أجبرتها على الالتفات إلي بشيء من الدهشة و الخوف ...
                    قلت :

                    " وليد .. وليد... "

                    فزعت دانة ، قالت :

                    " ما به ؟؟"

                    قلت :

                    " كان في السجن ؟؟ "

                    دانة تحملق بي في دهشة و عدم استيعاب .. صرخت :

                    " وليد كان في السجن ؟؟ أخبريني ؟؟ "

                    ظهر سامر من خلفي فنظرت إليه دانة

                    قال :

                    " أخبريها فهي لا تصدقني "

                    دانة جالت ببصرها بيننا ثم قالت :

                    " أجل... لثمان سنين .. "

                    صرخت :

                    " لا ! "

                    قالت :

                    " بلى ، و بجريمة قتل "

                    " مستحيل ! "

                    لم أشأ أن أسمع .. أن أفهم .. أن أصدق .. أن أدرك ..

                    دارت بي الدنيا و تراقصت الأرض و تمايلت الجدران.. و أظلمت الأنوار.. و لم أشعر بنفسي إلا و سامر يمسكني بسرعة و يجلسني أرضا ...

                    بدأت الأنوار تضاء.. و بدأت أسمع نداءاتهما و أرى أعينهما القلقة حولي.. و أحس بأيديهما الممسكة بي ...

                    " رغد حبيبتي تماسكي "

                    " رغد ماذا جرى لك ؟؟ "

                    " ابقي مسترخية "

                    " اسم الله يحفظك "


                    حينما وعيت تماما وجدت نفسي ممدة على الأرضة و رأسي في حضن سامر و يدي بين يدي دانة ... و كنت أشعر ببلل الدموع الجارية على وجنتي...

                    قال سامر :

                    " أ أنت بخير ؟ "

                    أغمضت عيني بمرارة و تركت المجال لدموعي لتتدفق كيفما شاءت...

                    قالت دانة :

                    " رغد ... "

                    فتحت عيني و حاولت أن أتكلم، و عجزت إلا عن إصدار أنات متلاحقة... لا معنى لها و لا تفسير..

                    ساعدني الاثنان على النهوض و التوجه إلى غرفتي حيث استلقيت على سريري.. و جلس الاثنان قربي.. سامر يمسح على رأسي و دانة تشد على يدي...

                    قالت :

                    " لا بأس عليك.. كانت صدمة بالنسبة لي أنا أيضا "

                    تحشرج صوتي في حنجرتي ثم انطلق ناطقا :

                    " لماذا أخفيتم عني ؟؟ "

                    دانة نظرت إلى سامر.. كأنها تنقل السؤال إليه..

                    نظرت إلى سامر فرأيت وجهه متجهما حزينا...

                    " لماذا ؟ "

                    سامر حار في أمره .. و بعثر أنظاره فيما حولي ثم قال :

                    " كنتما صغيرتين .. ثم .. لم نشأ تقليب المواجع بعد خروجه .. "

                    " لا أصدق .. لا أصدق.. لا يمكن.. "

                    و انفجرت في بكاء أبكى دانة.. و كاد يبكي سامر أيضا..

                    قلت مخاطبة دانة :

                    " لماذا فعل ذلك ؟؟ "

                    و أيضا أحالت السؤال إلى سامر ..

                    قلت مخاطبة سامر :

                    " لماذا ؟؟ "

                    هذه المرة سامر دقق النظر إلي .. نظرات عميقة غريبة ، ثم قال :

                    " ألا تعرفين ؟؟ "

                    " أنا ؟؟ "

                    سامر قال :

                    " لا نعرف الحقيقة بالضبط، لكن ... "

                    " لكن ماذا ؟؟ "

                    تردد سامر ثم قال :

                    " إنه يخفي سرا .. "

                    صمت ثوان ثم قال :

                    " سر على ما يبدو .. له علاقة ب ... "

                    و تراجع عن إتمام جملته..

                    " بماذا ؟؟ "

                    سألت ، فظل ينظر إلي بتمعن .. و كأنه يشير إلي !

                    " بي أنا ؟؟!! "

                    و لم ينف كلامي ، فسألته دانة باستغراب :

                    " و ما علاقة رغد بالأمر ؟؟ "

                    سامر تردد و من ثم قال بنبرة غير الواثق من كلامه :

                    " لا أدري .. القضية غامضة .. و حزام الزي المدرسي الذي كانت رغد ترتديه ذلك اليوم – وهي نائمة في سيارة وليد - .. وجد للغرابة في مسرح الجريمة قرب القتيل مباشرة ! "


                    ما إن أتم سامر جملته .. حتى تهدم في رأسي سد الذكريات فجأة .. و تدفقت شلالات الذكرى المفزعة .. و انتفضت و شهقت ثم هتفت بغتة :

                    " عمار !!؟؟ "

                    الاثنان نظرا إلي بتعجب ..

                    جلست فجأة و وضعت يدي الاثنتين على صدري فاتحة عيني و فاغرة في بذهول ما بعده ذهول ...

                    " رغد ؟؟ "

                    ناداني سامر ، فالتفت إليه .. ثم إلى دانة .. ثم إلى سامر فدانة بشكل تثير الشكوك ..

                    عاد سامر يقول :

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5513



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      " رغد ..؟؟ "

                      صرخت :

                      " لا "

                      " رغد .. هل رأيت شيئا ؟؟ "

                      صرخت بفزع :

                      " لا "

                      قال :

                      " أتذكرين شيئا ؟؟ "

                      " لا .. لا كلا .. "

                      و جذبت دانة نحوي و وضعت رأسي في حضنها و لففت ذراعي حولها و أنا أصرخ بجنون :

                      " كلا .. كلا .. وليد.. وليد .. "

                      حتى غشي علي ...






                      ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




                      في نفس اليوم ، و الذي عادت فيه السيدة ليندا من المستشفى ، عقدنا قراننا أنا و أروى ..

                      العائلة كانت سعيدة و مبتهجة ... و قد صنعت أروى كعكتين لذيذتين و عشاء مميزا، احتفالا بالمناسبة..

                      لم يشاركنا الحفلة الصغيرة سوى سيدة واحدة هي صديقة للسيدة ليندا ، و ابناها اللذين شهدا على العقد..

                      بالنسبة لي ، كان حدثا غريبا و أشبه بالوهم..نعم الوهم..لقد كنت هناك ، لكنني لم أكن.. و انتظرت أن أصحو من هذا الحلم الغريب.. إلا أنني لم أصح ..

                      بعد تناولنا العشاء.. أوحت إلينا السيدة ليندا بأن نخرج للتجول في المزرعة.. أنا كنت أتتصبب عرقا و في غاية الخجل.. و لا أجرؤ على النظر نحو أروى.. و لا أعرف كيف هي حالتها و تعبيراتها!

                      خرجنا معا إلى المزرعة، و سرنا صامتين لا يلتفت أحدنا إلى الاخر..
                      قطعنا شوطا طويلا في السير.. و كان الجو باردا فسمعت صوت كفي أروى يحتكان ببعضهما.. و هنا التفت و نظرت إليها لأول مرة مذ فارقتها البارحة ..

                      قلت بتلعثم :

                      " أتشعرين بالبرد؟؟ "

                      أروى ابتسمت و نظرت للأسفل و قالت :

                      " قليلا "

                      " أتودين أن .. نعود ؟ "

                      رفعت نظرها إلي و قالت :

                      " لا.. "

                      هربت أنا بنظري إلى الأشجار و أنا أتنحنح و ألمس عنقي بيدي.. و أشعر بالحر !

                      حقيقة أنا لا أعرف ما أقول و لا كيف أتصرف !

                      و لا حتى كيف أفكر ! و اسمعوا ما قلت :

                      " هذه الأغصان بحاجة إلى ترتيب ! "

                      و أنا أشير إلى الشجرة التي كنت أنظر إليها..

                      أروى قالت :

                      " نعم "

                      " سوف أقوم بتنظيمها غدا "

                      " نعم "

                      لا أزال أحدق في الشجرة.. كأنني أفتش عن المفردات بين أوراقها !

                      كيف يجب أن يتصرف رجل عقد قرانه من فتاة قبل قليل ؟؟

                      أنا لا أعرف بالضبط، فهي تجربتي الأولى، و لكن بالتأكيد.. ليس التحديق في أغصان الأشجار و أوراقها !

                      " وليد "

                      نادتني أروى.. فاقشعر جسدي خجلا ، التفت إليها بحرج .. و أنا أمسح قطيرات العرق المتجمعة على جبيني :

                      " نعم ؟ "

                      قال بخجل :

                      " هل أنت .. سعيد بارتباطنا ؟؟ "

                      تسارع نبض قلبي.. توترت كثيرا إلا أنني قلت أخيرا :

                      " نعم، و .. أتمنى أن تكوني أنت سعيدة ! "

                      ابتسمت هي مومئة إيجابا..

                      ثم قالت و هي تعبث بأصابعها بارتباك :

                      " أنا.. معجبة بك "

                      أنا سكنت تماما عن أي حركة أو كلام.. تماما كسيارة نفذ وقودها كليا ! صامت جامد في مكاني بينما الأشجار تتحرك و الأوراق تتمايل !

                      الان رفعت أروى بصرها إلي بابتسامة خجولة لتستشف ردة فعلي...

                      تسللت من بين شفتي هذه الكلمة :

                      " معجبة بي .. أنا ؟؟ "

                      ضحكت أروى ضحكة خفيفة و هي تقول :

                      " نعم أنت ! "

                      قلت متأتئا متلعثما :

                      " أأ لكن .. أنا.. شخص بسيط أعني.. إنني .. خريج سجون و .. "

                      لم أتم ، فقد نفذت الحروف التي كانت مخزنة على لساني فجأة !

                      أروى قالت :

                      " أعرف، و لا يهمني ذلك .. "

                      تبادلنا الان نظرات عميقة .. أمددتني بطاقة أحلت عقدة لساني ..

                      قلت :

                      " أروى .. ألا يهمك أن تعرفي .. لم دخلت السجن ؟؟ "

                      أروى هزت رأسها سلبا..

                      لكنني قلت :

                      " يجب أن تعرفي... "

                      ثم قلت :

                      " دخلت السجن لأنني ... ... قتلت حيوانا "

                      دهشت أروى و ارتفع حاجباها الأشقرين للأعلى :

                      " ماذا ؟؟ "

                      قلت ، و قد تبدلت تعبيرات وجهي من الخجل و التوتر ، إلى الجدية و الغضب :

                      " نعم حيوان.. حيوان بشري.. قذر.. كان يجب أن يموت ... "






                      ~ ~ ~ ~ ~ ~








                      لا أزال مضطجعة على سريري أذرف الدموع الحزينة المريرة... و أعيد في رأسي تقليب الذكريات... و قد مضت ساعات و أنا على هذه الحال

                      كلما دخل سامر أو دانة هتفت :

                      " دعوني وحدي ... دعوني وحدي ... "

                      فالصاعقة لم تكن بالشيء الهين ...

                      أعوذ بذاكرتي للوراء.. ذكريات مغبرة غير واضحة ، لا أستطيع سبر غورها و كشف غموضها و فهم أسرارها...

                      مبهمة الملامح .. لا تتضح لي صورتها كما ينبغي ... فأبعدها بسرعة و أجبر رأسي على التفكير بشؤون أخرى ...

                      مساء الغد.. ستغادر دانة مع عريسها بعيدا.. و أظل أنا و سامر.. في الشقة وحدنا.. و مئات من الشحنات المتنافرة تتضارب فيما بيننا...

                      تموت الفكرة في رأسي .. تحت أقدام أفكار أقوى .. في وجه إعصار الذكريات التعيسة المشؤومة التي عشتها قبل تسع سنين ...

                      أتخيل نفسي و أنا في تلك السيارة .. أصرخ .. و أصرخ .. و أهتف و استنجد و أستغيث ... و ما من معين..

                      ما من شيء .. إلا صفعات متتالية على وجهي.. و كف تمتد إلى وجهي و تكتم أنفي و فمي مانعة إياي من الاستغاثة.. و يد تربط أطرافي الأربعة بذلك الحزام الطويل... ثم ترميني عند المدوسة .. تحت المقعد..

                      بح صوتي من الصراخ ... كنت وحيدة .. لا أحد من أهلي حولي.. و لا من الناس ... في طريق بري مخيف موحش ...بعيدا عن أدنى معاني الأمان و الطمأنينة
                      و أسمعه يقول :

                      " سيأتي وليد إليك فاخرسي "

                      أحاول أن أتحرر من القيد.. أحاول الركل و الرفس.. و العض.. و كل شيء .. دون جدوى.. فقد كنت أضعف و أوهن من أن أتغلب على ذلك الوحش القذر...

                      حينما ظهر وليد أخيرا .. فتح لي الباب ..

                      قفزت من السيارة راكضة مسرعة نحو وليد.. تعلقت بعنقه.. أردت أن أحتمي داخل صدره.. أردته أن يبعدني بسرعة عن ذلك المكان.. أن يطير بي عاليا .. إلى حيث لا تصلني يد مؤذ و لا نظراته...

                      وليد...

                      اه وليد...

                      وليد...

                      أخذت أبكي بقوة.. بكل ما أوتي جسدي المنهك المصعوق من قوة ..

                      سمعتني دانة فوافتني إلى الغرفة قلقة .. اقتربت مني و هي تراني في حالة انهيار لا مثيل لها.. أبكي دما لا دموعا ...

                      " رغد.. أرجوك يكفي ! إلى متى ستظلين هكذا ؟؟ لم لا تنامين فقد انتصف الليل "

                      " لماذا لم تخبروني بالحقيقة ؟ لماذا كذبتم علي ؟ أعيدوا وليد إلي .. أريد وليد .. أريد وليد "

                      دانة أمسكت بوجهي في حيرة و اضطراب ، و قالت :

                      " رغد ! ما الذي تهذين به ؟ أ عاودتك الحمى من جديد ؟؟ "

                      قلت و أنا أنظر إليها بعمق و تشتت في ان معا في تخبط و ضياع و تيه :

                      " لم أعتقد أنه مات .. رأيته يهوي أرضا.. لم أفهم ما حصل .. لكن وليد ضربه بسببي أنا .. أنا .. أنا "

                      و انهرت باكية بحدة على صدرها ...

                      دانة كانت تحاول إبعادي عنها ليتسنى لها النظر إلى وجهي ، و قراءة ما ارتسم عليه، إلا أنني كنت أدفن رأسي في صدرها بإصرار...

                      " رغد .. ما الذي تقولينه ؟؟ "

                      صرحت :

                      " لم أفهم ذلك .. لم أع شيئا.. لا أذكر ماذا فعل بي .. لكنه ضربني كثيرا .. و ربطني بالحزام .. "

                      " عم تتحدثين يا رغد بالله عليك أفصحي ما تقولين ؟؟ "

                      رفعت رأسي أخيرا و نظرت إليها و انفجرت قائلة :

                      " عمار .. الحقير .. الجبان .. اللعين .. القذر .. اختطفني و حبسني في السيارة.. وليد جاء لإنقاذي و ضربه بالصخرة .. أفهمت الان؟؟ أفهمت ؟؟ أفهمت ؟؟ "

                      لم أزد على ما قلت حرفا واحدا، إذ أنني انهرت كليا .. كما انهارت دانة الجالسة قربي.. و عندما طلبت مني سرد الأحداث ، قلت :

                      " لا أريد أن أتذكر شيئا.. لا أريد أن أتذكر..، وليد .. أريد وليد.. أريد العودة إلى وليد"





                      ~ ~ ~ ~ ~





                      الان.. و في هذا الصباح الجميل .. و تحت أشعة هذه الشمس الجديدة ، أشعر بأنني شخص اخر .. رجل ولد من جديد...

                      ابتداء من هذا اليوم، دخلت عالما جديدا.. و ودعت عالمي الماضي .. للأبد

                      أنا اليوم ، وليد .. المزارع البسيط الذي يعمل مع خطيبته و عائلتها في مزرعة صغيرة .. في مدينة بعيدة عن مدينته و أصله و أهله ..

                      الحياة الماضية قد انتهت ، لا رغد و لا حب و لا جنون.. لا ألم و لا عذاب و لا معاناة.. و لا حرب...

                      الليلة ، ستدخل رغد عالم المتزوجين، و تصبح زوجة لأخي ، و أقطع اخر خيط أمل في استعادتها ذات يوم..

                      الذكرى الحزينة أجبرتها على مغادرة رأسي ،، فأنا لا أريد لدمعة واحدة أن تسيل من عيني على ما فات.. و لأعش حياتي الجديدة كما قدر الله لها أن تكون ...

                      تخرج أروى من المنزل.. مقبلة نحوي ، تحمل صينية تحوي طعاما...

                      كنت أقف في الساحة أتنفس الصعداء و أشم رائحة الزهور الفواحة ...

                      إنه مكان يستحق أن يضحي المرء بأي شيء من أجل العيش فيه ...

                      " صباح الخير .. وليد "

                      تبتسم لي و يتورد خداها خجلا.. فيجعلها كلوحة طبيعية بديعة من صنع الإله..

                      أدقق النظر إليها .. فاكتشف أنها اية في الجمال.. جمال لم ألحظه مسبقا و لم أكن لأعره اهتماما ..

                      ملونة مثل الزهور.. و خصلات شعرها الذهبي تتراقص مع تيارات الهواء.. لامعة مثل أشعة الشمس..

                      سبحان الله ..

                      أحقا ..هذه الحسناء هي زوجة مستقبلي ؟

                      تقبل إلي و تقول :

                      " أعددت فطورا خاصا بنا "

                      ابتسم ، و أقول :

                      " شكرا .. "

                      ثم نجلس على البساط المفروش في الساحة، و ننعم بفطور شهي لذيذ.. فمخطوبتي هذه ماهرة جدا في الطهو !

                      ميزة أخرى تجعلني أشعر بالزهو ...

                      إضافة إلى كونها طيبة القلب مثل والديها و خالها..

                      و أكرر في نفسي :

                      " الحمد لله "

                      لقد لعبت الأقدار دورها الدرامي معي.. و حين ألقت بي في السجن لثمان سنين ، عرفتني على رجل عظيم، أصبحت في نهاية المطاف زوجا لابنته !

                      أظن أن على المرء أن يشكر الله في جميع الأحوال و لا يتذمر من شيء ، فهو لا يعلم ما الحكمة من وراء بعض الأحداث التي يفرضها عليه القدر ...

                      سبحان الله

                      أكثر ما شدني في الأمر ، هو أنها اعترفت لي البارحة بإعجابها بي !

                      برغم كل عيوبي و مساوئي، و رغم جهلها بالكثير عن ماضي و أصلي .. إلا أنها ببساطة قالت :

                      " أنا معجبة بك ! "

                      اعتقد أن لهذه الجملة تأثيرها الخاص ... و خصوصا على رجل يسمعها للمرة الأولى في حياته من لسان فتاة !

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...