انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5513



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    " عندما نذهب إلى المدينة الساحلية... فسألحقك بالجامعة ... "

    ظلت رغد تحدق بي... بشيء من التشكك أو المفاجأة

    قلت مؤكدا :

    " لقد رتبت للأمر...و دبرت لك مقعدا في كلية الفنون... لتتابعي دراستك...ألم يكن هذا حلمك ؟"

    قالت بتردد :

    " أحقا ؟ "

    قلت :

    " نعم يا رغد... أنت موهوبة و المستقبل المشرق ينتظرك ... "

    رأيت تباشير ابتسامة تتسلل إلى وجهها ... إذن... فقد استحسنت الفكرة... الحمد لله !

    " و في وقت الإجازات ساخذك إلى خالتك... أعدك بذلك ... صدقيني يا رغد ... أنا أعمل لمصلحتك ... و لم يكن قصدي إجبارك على شيء... و إن فعلت... أو تصرفت معك بصرامة... فأرجوك... سامحيني "

    عادت رغد ببصرها نحو الأرض ...

    " هل تسامحيني يا رغد ؟ "

    رغد ابتسمت و أومأت إيجابا فتنفست الصعداء عبر فمي بارتياح...
    تصادم الهواء البارد مع حلقي المتهيج فأثار نوبة خفيفة من السعال جعلت رغد ترفع رأسها بقلق و تمسك بذراعي تلقائيا و تهتف :

    " وليد ... "

    انتهت نوبة السعال ... و ركزت نظري نحو رغد... و رأيتها تشد ذراعي بقوة ... تكاد تحضنها !
    فيما تتجلى تعبيرات القلق و الخوف على قسمات وجهها...

    ابتسمت ! لا بل تحول سعالي إلى قهقهة !

    أطلقت ضحكة قوية و أنا أقول :

    " لا تخافي يا صغيرتي ... حتى الحيتان تمرض أحيانا ! "


    تحسنت صحتي كثيرا و سافرنا جوا إلى العاصمة و من ثم إلى المدينة الساحلية أنا و رغد و أروى و الخالة ليندا.
    أقبلت على العمل بجد و شغلت معظم أوقاتي فيه و قسمت الباقي بين شؤون المنزل، و أروى و رغد

    و اه من هاتين الفتاتين !
    إنهما تغاران من بعضهما البعض كثيرا و باءت كل محاولاتي للتأليف فيما بينهما و تقريب قلبيهما لبعضهما البعض بالفشل و الخذلان...

    المشاحنات تضاءلت بعض الشيء مع بداية الموسم الدراسي... إذ أن رغد أصبحت تغيب عن المنزل فترات طويلة...
    الأمر كان صعبا في البداية إلا أن رغد تأقلمت مع زميلاتها و من محاسن الصدف أن كانت إحدى بنات السيد أسامة – المشرف السابق على إدارة مصنع أروى- زميلة لها و قد تصاحبت الفتاتان و توطدت العلاقة بينهما... تماما كما توطدت فيما بيني و بين السيد أسامه عبر الشهور... و وافق مبدئيا على عرضي بالعودة إلى المصنع...

    و الدراسة شغلت فراغ رغد السابق و نظمت حياتها و زادت من ثقتها بنفسها و بأهميتها و مكانتها في هذا الكون بعد أن فقدت كل ذلك بموت والدي رحمهما الله...

    و لأن الله أنعم علي بالكثير و له الحمد و الشكر دائما و أبدا... فقد أغدقت العطاء على صغيرتي و عيشتها حياة مرفهة كالتي كانت تعيشها في كنف والدي أو أفضل بقليل...

    و فتحت لها حسابا خاصا في أحد المصارف... و وظفت خادمة ترعى شؤونها و شؤون المنزل...

    ابتسمت لي الدنيا كثيرا و انتعشت نفسيتي... و لم يعد يعكر صفو حياتي غير الحرب...

    إضافة إلى ... المعارك الداخلية المستمرة بين الفتاتين !

    " يجب أن تتحدث إلى ابنة عمك يا وليد فهي مصرة على المذاكرة في المطبخ ! "

    تقوس حاجباي استغرابا و سألت :

    " المطبخ !؟ "

    قالت أروى :

    " نعم المطبخ ! و ها قد نشرت كتبها و أوراقها في كل أرجائه بعدما سمعتني أقول لأمي أنني سأعد عشاء مميزا جدا لهذه الليلة ! "

    ضحكت بخفة و قلت :

    " دعيها تذاكر حيثما تريد ! "

    بدا الاستهجان على وجه أروى و قالت :

    " و لكن يا وليد الزمن يداهمنا و لن أتمكن من إعداد العشاء للضيوف في الوقت المناسب ! "

    كنت انذاك مستلق على أحد المقاعد في غرفة المعيشة الرئيسية ... أرخي عضلاتي بعد عناء يوم عمل طويل... و الساعة تقترب من الخامسة مساء ...

    أغمضت عيني و قلت بلا مبالاة :

    " لا تقلقي... إنه سيف ليس إلا ! "

    و كنت قد دعوت سيف و زوجته و طفلهما طبعا لمشاركتنا العشاء هذه الليلة...

    " وليد ! "

    فتحت عيني فرأيت أروى تنظر إلي بغضب واضعة يديها على خصريها. ابتسمت و قلت :

    " حسنا سأتحدث إليها ... لا تغضبي "

    و نهضت بكسل و أنا أمدد أطرافي و أتثاءب !

    توجهت نحو المطبخ و وجدت الباب مغلقا فطرقته و ناديت رغد... بعد ثوان فتحت رغد الباب و وقفت وسط الفتحة !

    " مرحبا رغد... كيف كان يومك ؟ "

    ابتسمت و قالت :

    " جيد..."

    " الحمد لله... و كيف دروسك ؟ "

    قلت ذلك و أنا أخطو نحو الأمام بهدف دخول المطبخ غير أن رغد ظلت واقفة معترضة طريقي كأنها تمنعني من الدخول !

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5513



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      قالت متلعثمة :

      " جيدة... ممتازة "

      إذن في الأمر سر !

      تقدمت خطوة بعد و لم تتحرك ... بل ظهر التوتر على وجهها و احمر خداها !

      قلت :

      " بعد إذنك ! "

      و تظاهرت بالعفوية و تنحت هي عن طريقي... بارتباك !

      شعرت بالفضول ! لماذا لا تريد رغد مني دخول المطبخ...؟؟

      نظرت من حولي فرأيت مجموعة من الكتب و الدفاتر و الأوراق... و الكراسات أيضا مبعثرة هنا و هناك...

      و كان كوب شاي موضوعا على الطاولة و منه يتصاعد البخار... و إلى جانبه كراسة و بعض أقلام التلوين... استنتجت أن رغد كانت تشرب الشاي جالسة على هذا الكرسي...
      اقتربت منه فأسرعت هي نحو الكراسة و أغلقتها و حملتها في يدها...

      إذن هنا مكمن السر !

      ابتسمت و قلت بمكر :

      " أريني ما كنت ترسمين ؟ "

      ارتبكت رغد و قالت :

      " مجرد خربشات "

      اقتربت منها و قلت :

      " دعيني أرى "

      قالت بإصرار :

      " إنها لا تستحق الرؤية ... دعك منها "

      وسعت ابتسامتي و قلت بإصرار أكبر و بفضول أشد :

      " أريد رؤيتها... هاتيها "

      و مددت يدي نحوها... و لما لم تتحرك قلت :

      " هيا رغد "

      و تحركت يدها بتردد و أخيرا سلمت الكراسة إلي...

      تعرفون كم تحب صغيرتي الرسم و كم هي ماهرة فيه... و كنت دائما أطلع على رسماتها و أتابع جديدها من حين لاخر... و يزداد إعجابي...

      أخذت أتصفح الكراسة صفحة صفحة و أتأمل الرسمات... رسمات جميلة لأشياء مختلفة... من يد فنانة ! و رغد كانت تراقبني باضطراب ملحوظ... شيء يثير فضولي لأقصى حد ماذا تخبئين ؟؟!

      و أخيرا وصلت إلى اخر رسمة... و هي الصفحة التي كانت رغد ترسم عليها قبل وصولي بالتأكيد... نظرت إلى الرسمة و فوجئت !
      ثم نظرت إلى رغد ... و تلقائيا أطلقت اهة استنكارية !

      أتدرون ما كان مرسوما ؟؟
      صورة لأروى...و هي ترتدي مريلة المطبخ، و قد امتد شعرها الأشقر الحريري الطويل حتى لامس الأرض و كنسها !

      رغد سحبت الكراسة فجأة و أخفتها خلف ظهرها... أما أنا فهززت رأسي اعتراضا و استنكارا...

      و يبدو أن رغد أحست بالخجل من رسمها هذا و نزعت الورقة من الكراسة و جعدتها و ألقت بها في سلة المهملات... ثم قالت دون أن تنظر إلي :

      " اسفة "

      قلت رغبة مني في تخفيف الحرج :

      " أنت موهبة خطيرة ! "

      و لم تعلق رغد بل شرعت في جمع كتبها و أشياءها المبعثرة و من ثم هربت نحو الباب...

      قلت :

      " الشاي ! "

      مشيرا إلى كوب الشاي الذي تركته على الطاولة... فالتفتت إلي و قالت :

      " تركت لها كل شيء... أنا اسفة "

      و ولت مسرعة !

      جلست أنا على نفس المقعد الذي رجحت أن رغد كانت تجلس عليه و في داخلي مزيج غير متجانس من الراحة و الانزعاج... و الضحك و الغضب !


      بعد قليل أقبلت أروى تحمل وعاء يحوي بعض الخضار المقشرة و كيسا يحوي قشورها... و الظاهر أنها عملت في تقشير الخضار في مكان ما خارج المطبخ قبل أن تأتي إلي في غرفة المعيشة...

      وضعت أروى الوعاء على الطاولة و ابتسمت و هي تقول :

      " أخيرا ! ألم تطب لها الدراسة هذا اليوم إلا هنا ؟؟ "

      ابتسمت ... و لم أعلق...

      و توجهت أروى حاملة كيس القشور نحو سلة المهملات...
      كنت أراقب الدخان المتصاعد من كأس شاي رغد... و لا أعرف لم تملكتني رغبة عجيبة في احتسائه !

      و ضعت يدي عليه و حالما أوشكت على تحريكه أوقفني صوت أروى :

      " ما هذا ؟ "

      تراجعت بسرعة... و في اعتقادي أنها تستنكر رغبتي العجيبة هذه ! ما الذي يدعوني لشرب شاي تركته رغد !؟؟

      التفت نحوها ببعض الخجل..

      لكنها لم تكن تراقب الشاي...

      كانت تمسك بورقة مجعدة مفتوحة بين يديها... و تحملق فيها بغضب...

      وقفت و اقتربت منها... فأخذت تحدق بي ... ثم مدت الورقة إلي و قالت :

      " انظر... مذاكرة ابنة عمك "

      حقيقة لم أعرف كيف أتصرف حيال الموقف... حاولت التظاهر بالمرح و جعل الأمر يبدو دعابة بسيطة لكن أروى كانت غاضبة جدا...

      " هذه إهانة متعمدة يا وليد... لن أسكت عنها "

      " لا أعتقد أن رغد تقصد شيئا ... إنها دعابة لا أكثر ! "

      قالت بغضب :

      " ليست دعابة يا وليد... منذ متى و ابنة عمك تهوى مداعبتي ؟؟ إنها تقصد إهانتي بهذا الرسم ... لكني لن أسكت ! "

      و من فورها خرجت من الغرفة متجهة إلى رغد...

      و لم تفلح محاولتي ثنيها عن إثارة مشكلة و خصوصا في هذا الوقت...!



      ~~~~~~~

      تعليق

      • Loli.
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 5513



        • أيـــام .. كانت أيام :(


          تليغرامي للإقتباسات
          اضغط هنا


          .

          شيخة قلبه سابقا

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

        أقبلت أروى إلى غرفتي و كنت أرتب كتبي و دفاتري على مكتبي الجديد و الذي اشتراه وليد لي مؤخرا...
        وليد اشترى لي أشياء كثيرة...و غير طقم غرفة نومي كاملا... و كان يود نقل أشيائي إلى غرفة دانة سابقا... فهي أكبر حجما... و لكنني أصررت على البقاء في غرفتي الصغيرة الملاصقة لغرفته...
        و منعت أروى و أمها من استخدام أي من غرف النوم التي كنا نستخدمها سابقا... فأقامتا في غرفتين من الناحية الأخرى لمنزلنا الكبير...

        و لأنني أعرف أنها ماهرة في أعمال المنزل و خصوصا الطبخ، و أنها تتباهى بذلك أمام وليد و أمامي... و أنها تريد أن تستعرض مهاراتها الليلة على العشاء ... فقد اخترت المطبخ بالذات كي أذاكر فيه محاضراتي هذا اليوم !

        يجب أن تعرف هذه الدخيلة أن هذا بيتي أنا... و مطبخي أنا... و أنا حرة في فعل ما أريد وقتما أريد !

        " ماذا تعنين بهذا يا رغد ؟ "

        كانت أروى تقول و هي ترمي بالورقة التي نزعتها من كراستي قبل قليل... و فيها صورة لأروى الحسناء تنظف الأرض بشعرها الطويل !

        أوه ! كيف وصلت إليها..؟ مستحيل أن يكون وليد !

        كنت غاضبة من تباهيها بمهاراتها... و وعدها وليد بتقديم وجبة لذيذة تبهر ضيوفنا... و من شدة غيظي احتللت المطبخ و رسمتها بهذا الشكل!
        لكني خجلة من وليد و الفكرة التي أخذها عني... و أريد أن أعتذر لها !

        " أجيبي ؟؟ "

        صرخت أروى و هي شديدة الغيظ... كنت بالفعل سأعتذر لولا أنها أضافت :

        " أنا لست خادمة هذا المنزل بل سيدته و إن كنت ستسخرين من شيء فالأفضل أن تسخري من نكرانك للجميل و عيشك مرفهة مدللة من نقود لم ترثيها و لم تتعبي لجنيها يا ابنة العز و الثراء "

        شعرت بطعنة قوية في صدري أوشكت أن أرمي بالكتاب الذي بين يدي نحو وجهها لكنني لم أملك إلا الألم...

        و هل أملك ردا غيره ؟؟

        بم أرد و هي الحقيقة..؟؟ ألست أنا العالة على الغير... أليست النقود التي يجلبها لي وليد... هي من ثروتها ؟

        بعد أن انصرفت بفترة حضر وليد
        و كعادته يأتي بعد انتهاء أي مشادة بيننا حتى لا يزيد تدخله الأمر سوء...
        و لا بد أنه قضى الدقائق السابقة في استرضائها و جاء الان ليواسني... أو ليوبخني!

        " هل أدخل ؟ "

        و هو يقف عند الباب... و ينظر إلى الورقة المرمية على الأرض... ثم يلتقطها و يتأملها برهة، و يمزقها و يرمي بأشلائها في سلة المهملات...

        قال :

        " انتهى الأمر "

        مسكين وليد! أتظن بأنه بتمزيقك للورقة تحل المشكلة؟
        لا أظنها تحل إلا إذا مزقت الفتاة المرسومة عليها في الواقع !

        قال :

        " لا تكرري ذلك ثانية يا رغد ... أرجوك "

        نظرت إليه بحنق... أهذا كل ما لديك ؟؟

        قال :

        " انظري أي مشاكل تقع بسبب تافه كهذا... نحن في غنى عن المزيد... دعينا نعيش في سلام "

        و استفزتني جملته فقلت بغضب :

        " و هل ترى أنني شارون أم بوش لتخاطبني عن السلام ؟ "

        و ربما أثارت جملتي اندهاشه أو حتى لم يستوعبها إذ أنه حملق في باستغراب

        قلت بعصبية :

        " هل أنا سبب المشاكل ؟ "

        قال :

        " لا ... لكن أروى لا تتعمد مضايقتك يا رغد ... إنها طيبة و مسالمة جدا "

        و ثار غضبي أكثر... رميت بالكتاب أرضا و صرخت :

        " طبعا ستدافع عنها... أليست خطيبتك العزيزة الغالية ... الثرية الحسناء ... السيدة المدبرة لشؤون هذا المنزل ؟؟ "

        " ليس الأمر هكذا ... "

        قلت بانفعال :

        " بل هو كذلك... و أنت بالتأكيد ستقف في صفها و تنحاز إليها "

        تنهد وليد بانزعاج... و ضرب كفه الأيسر بقبضته اليمنى و قال بضيق :

        " لقد حرت ما أفعل معكما؟ أنتما تثيران الصداع المستمر في رأسي... أنا لا أعرف لماذا لا تطيق أحداكما الأخرى بهذا الشكل !؟ "

        صمت برهة ثم قال :

        " على الأقل... أروى يا رغد... لا تتربص لإزعاجك ... لكنك يا رغد... "

        و توقف لانتقاء كلماته ثم قال :

        " أنت يا رغد تتصيدين الفرص لمضايقتها...لا أعرف لماذا ؟؟ لماذا أنت متحاملة عليها لهذا الحد يا رغد ؟؟ "

        و أخذ يترقب جوابي...

        " لماذا يا رغد ؟؟ "

        أما زلت تسأل ؟؟
        ألا تعرف ؟
        ألا يمكن لعقلك المحشور داخل جمجمتك الكبيرة هذه أن يستنتج السبب؟؟
        لأنني أحبك يا وليد!
        أحبك و أكره أي امرأة تقترب منك...
        ألا تفهم ذلك؟؟
        ألا تكفي كمية الذكاء المحشوة في دماغك لاستنباط هذا ؟؟

        و لا يبدو أن هذه الفكرة كانت لتخطر على بال وليد... البتة !
        و لأنه كان لا يزال ينظر إلي منتظرا جوابا قررت أن أجيب !

        " أتريد أن تعرف لماذا ؟ "

        قال بلهفة :

        " يا ليت... فلربما استطعت تغيير شيء و حل المشكلة "

        ابتسمت بسخرية من مناه... ثم ضيقت فتحتي عيني و ضغطت على أسناني و قلت:

        " لأنها... أجمل مني "

        ذهل وليد... و بدوره اتسعت فتحتا عينيه و فمه أيضا...

        قلت :

        " هل عرفت الان ؟ "

        ارتبك وليد و قال :

        " هل هذا هو السبب حقا ؟ "

        قلت بمكر :

        " نعم... فهل تستطيع تغيير شيء ؟ "

        وقع وليد في الشرك... و حار ماذا يقول... ثم قال بتردد و ارتباك:

        " و ... لكن ... يا رغد... أيعقل أن تجعلي من هذا سببا كي... أعني لأن تثار كل تلك المشاكل ؟ "

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5513



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          قلت :

          " هذا أمر لن تفهمه أنت...! إنها أجمل مني بكثير... أليست كذلك ؟ "

          و ترقبت بلهفة ما سيقول وليد...!

          إن قال ( بلى ) فسأمزقه بأظافري...

          و إن قال ( كلا ) فسأفقع عينيه !

          انتظرت و انتظرت... و لكن وليد لم يجب ! بل تنحنح قليلا ثم أراد الانصراف...
          وليد ! أجبني فورا ... إياك أن تهرب...

          " بعد إذنك "

          و استدار منصرفا...

          لن تهرب يا وليد !

          قلت باندفاع و عصبية :

          " أجبني "

          وليد استدار إلي في ضيق... و كان وجهه شديد الاحمرار... و الحنق...

          قلت :

          " لماذا لا ترد ؟؟ قل أنها كذلك... فحتى الأعمى يستطيع أن يرى هذا "

          " رغد بربك... ما الذي تهذين به؟ أي جنون !؟ "

          و أولاني ظهره و ولى منصرفا بسرعة... تبعه صوتي و أنا أقول بغضب :

          " لا تحلم بأن أنسجم معها ذات يوم ... لا تحلم أبدا ! "




          ~~~~~~~~


          و كالعادة كانت العشاء لذيذا جدا قد أرضى الضيوف و نال إعجابهم...
          " سلمت يداها... أكلت كثيرا هذه الليلة "

          قال سيف و هو يحتسي الشاي عقب انتهائنا من وجبة العشاء...

          قلت بسرور :

          " سلمك الله... بالهناء و العافية يا عزيزي "

          قال مازحا :

          " و أنا من كان يتساءل ما سر هذه العضلات التي نبتت و تضخمت بشكل سريع و على ذراعيك ! تبدو أكثر ضخامة كلما التقينا يا رجل ! "

          ضحكت لتعليق سيف المرح... حقيقة هي أنني خلال العام المنصرم ربحت عدة كيلوجرامات !

          قلت :

          " لكني كنت أكثر قوة و أنا أعمل في المزرعة... و أبذل مجهودا عضليا كل يوم "

          و لاحت في مخيلتي صورة المزرعة و أشجارها و ثمارها... و العم إلياس... و شعرت بالحنين إليهم...

          قال سيف :

          " ماذا بشأن المزرعة ؟ ماذا ستفعلون بها ؟ "

          قلت :

          " كما هي يا سيف... فالعائلة متعلقة بها جدا و لا يمكنهم التفريط فيها... و ها أنا أتنقل بينها و بين المصنع في عناء "

          قال :

          " و لكن... يجب أن تستقر يا وليد ! ماذا ستفعل بعد زواجك ؟ "

          أخذت أحك شعري في حيرة...

          " خطيبتي تريد العودة إلى المزرعة و الاستقرار فيها... و ابنة عمي ترفض العيش فيها تماما... و أنا في حيرة من أمري... مشلول الفكر ! "

          تابعت :

          " و ليت الخلاف اقتصر على السكن فقط! بل في كل شيء يا سيف... كل شيء و أي شيء! إنني أعود من العمل مشحونا بالصداع فتستلماني و تشقان رأسي نصفين !"

          و وضعت طرف يدي على هامتي كما السيف...

          سيف ابتسم... و قال :

          " إنهن النساء ! "

          قلت :

          " الجمع بينهما في بيت واحد هو ضرب من الجنون... و الصغيرة صعبة الإرضاء و متقلبة المزاج... و أخشى أن أتحدث معها فتظن أنني ضقت ذرعا برعايتها... و يجرح شعورها..."

          لم يعلق سيف ... تابعت :

          " أنا حائر يا سيف... لا أريد لأي شيء عظيما كان أم تافها أن يعكر صفو حياتها.. و وجود أروى يثير توترها... و لا يمكنني إرسال أروى و أمها إلى المزرعة و العيش مع رغد هنا وحدنا ! "

          قال سيف مباشرة :

          " صعب ! "

          " بل مستحيل ! "

          قال مقترحا :

          " و لماذا لا تدعها مع خالتها كما فعلت سابقا يا وليد ؟ "

          قلت و أنا أهز رأسي :

          " أبدا يا سيف... لا يمكنها الاستغناء عن وجودي و قربي ... "

          سيف نظر متشككا ثم قال :

          " أو... ربما العكس ! "

          حملقنا في بعضنا البعض قليلا... و شعرت بابتسامة حمراء تشق طريقها بين شفتي !

          سيف قال مازحا :

          " وليد الضخم... بطوله و عرضه و عضلاته المفتولة...تشل تفكيره فتاة صغيرة ؟!"

          ابتسمت و أنا أقول :

          " و ليست أي فتاة ! "

          و بدا الجد على وجه سيف و قال :

          " فكر في الأمر مليا يا وليد... الشرارة و البنزين لا يجتمعان في مكان واحد ! "

          كان سيف محقا فيما يرمي إليه...

          قلت مغيرا الموضوع مباشرة :

          " هل قابلت السيد أسامة ؟ ماذا قرر ؟ "

          ابتسم سيف و قال :

          " هنيئا لك ! لقد كسبت حب و تقدير هذا الرجل و لذلك وافق على العمل معك ! "

          أطلقت صيحة فرح و هتفت :

          " اه ... وافق أخيرا ! الحمد لله ! شكرا لك يا سيف "

          و كنت قد طلبت من سيف مساعدتي في محاولة إقناعه بالعودة للعمل معي... فقد كنت بحاجة ماسة للمعونة من رجل بمثل خبرته و أمانته... و هذا الخبر أبهجني كثيرا تلك الليلة...
          و لم أدرك أنني سأدفع ثمن بهجتي هذه ... عاجلا جدا !



          ~~~~~~~

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5513



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            ~~~~~~~



            احتراما لضيفتنا، تظاهرت بالسرور و أخفيت كل الغضب في داخلي... و شاركت الجميع طعام العشاء الذي أعدته الشقراء و أمها... و كانتا المسؤولتين عن الطهي و شؤون المطبخ... تساعدهما خادمة وظفها وليد منذ فترة...
            كانت الشقراء ترتدي بلوزة جميلة عارية الكمين و الكتفين ... و تتزين بعقد ثمين من اللؤلؤ اشترته مؤخرا... و تلون وجهها الأبيض ببعض المساحيق... و تبدو في غاية الجمال و الأناقة... و لا بد أنها أثارت إعجاب ضيفتنا و أبهرتها في كل شيء...

            و بعد خروج الضيوف ذهبت هي و بكامل زينتها و مباشرة إلى حيث كان وليد...
            أما أنا فصعدت إلى غرفتي لاستبدل ملابسي...

            نظرت إلى نفسي عبر المراة و تخيلت صورتها إلى جواري فشعرت بالحنق و الغيظ... و رغبت في تمزيقها...

            لم استطع تجاهل صورتها و هي تعيرني بأنني أعيش عالة على ثروتها... ولم أتحمل تخيلها و هي تجلس هكذا قرب وليد...
            تملكتني رغبة ملحة في الذهاب إلى وليد و إخباره عما قالت في الحال... و وضع حد نهائي لحالتي البائسة معها...

            فتحت خزانتي و استخرجت جميع المجوهرات التي أنقذتها من حطام بيتنا المحروق... مجوهراتنا أنا و دانة و أمي رحمها الله... و أخذت أتأملها و أشعر بالألم... فهي كل ما تبقى لي...و لم أتصور أنني سأفرط فيها ذات يوم...

            جمعتها كلها في علبتين كبيرتين و وضعتهما في كيس بالإضافة إلى البطاقة المصرفية التي منحني إياها وليد و كذلك الهاتف المحمول...

            حملت الكيس و خرجت من غرفتي سعيا إلى وليد فوصلني صوت ضحكاته هو و الشقراء... ترن في أنحاء المنزل !!

            كدت أصفع الكيس بأحد الجدران و أحطم محتوياته غيظا...

            ذهبت إلى غرفة الجلوس ... مصدر الضحكات... و كان الباب مفتوحا و من خلاله رأيت ما زلزني ...

            كان وليد شبه مستلق على المقعد و أروى الحسناء تجلس ملتصقة به... تمد إحدى يديها فوق كتفه و تطعمه المكسرات بيدها الأخرى....
            كانا يشاهدان التلفاز ويبدو على وليد المرح و البهجة الشديدين... و هو يمضغ المكسرات... حينما رأياني ابتسم وليد و جلس معتدلا بينما أشاحت هي بوجهها عني...

            " تعالي رغد "

            قال مرحبا ... و الدماء الحمراء تتدفق إلى وجهه...

            " هذه المسرحية مضحكة جدا ! "

            وقفت كالتمثال غير مستوعبة بعد للقطة الحميمة التي رأيتها تجمعهما سوية... أما النار فكانت تتأجج في صدري حتى أحرقته و فحمته...
            لم أتحرك و لم أتكلم... و ربما حتى لم أتنفس... فأنا لا أشعر بأي هواء يدخل صدري...
            تبادل وليد و أروى النظرات و من ثم نظرا إلى الكيس...

            قال وليد :

            " أهناك شيء ؟ "

            أردت أن أخنق صوته... أقتل ضحكاته... أكسر فكه الذي يمضغ المكسرات... أن أصفعه... أن أضربه... أن أمزقه بأظافري...

            تبا لك يا وليد !

            قلت باقتضاب :

            " أريد التحدث معك "

            قال مباشرة و قد زال المرح و حلت أمارات الجد على وجهه العريض :

            " خير؟ تفضلي ؟ "

            و الدخيلة لم تتحرك! لا تزال جالسة ملتصقة بوليد تقضم المكسرات...
            إنني أوشك على ركلها بقدمي غيظا...

            قال وليد :

            " ما الأمر ؟ "

            تقدمت نحوه... و الغضب يغلي في داخلي و رميت إليه بالكيس بعنف... و لو لم أتمالك نفسي لربما رميت به على أنفه و هشمته من جديد...

            الكيس استقر تحت قدميه... فنظر إليه بتعجب و سأل :

            " ما هذا ؟ "

            قلت بانفعال :

            " مجوهراتي "

            ازداد تعجب وليد فقلت موضحة :

            " أعرف أنها لن تغطي كل ما أنفقته علي منذ رحيل والدينا... لكن... هذا كل ما أملك "

            قبل ثوان كان وليد مسترخ على المقعد و الان أصبح على أهبة النهوض!

            " ماذا تعنين يا رغد ؟ "

            قلت بعصبية :

            " خذها... حتى لا يعيرني الاخرون بأنني عالة على ثرواتهم "

            و رميت أروى بقنبلة شرر من عيني...و وليت هاربة...

            ربما ارتطمت بجدار... أو تعثرت بعتبة... أو انزلقت أرضا... لم أكن أرى الطريق أمامي... لم أكن أرى غير اللقطة الحميمة تجمع بين الحبيبين ...

            وليد لحق بي و استوقفني و أنا عند أصعد عتبات الدرج و هو يقول بحدة :

            " انتظري يا رغد... افهميني ما الذي تعنينه ؟ "

            استدرت إليه فرأيت أروى مقبلة خلفه نظرت إليهما بحدة ثم حملقت في أروى و قلت بعصبية :

            " اسألها "

            وليد استدار إلى أروى ثم إلي ثم إليها و سأل بحيرة :

            " ما الذي حدث؟ افهماني ؟ "

            قلت :

            " بقي فقط ثمن التذكرة... و سأطلب من خالتي دفعها إليك حالما توصلني إليها... و الان هل لا أعدتني إلى خالتي ؟ "

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5513



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              زمجر وليد بانزعاج :

              " ما الذي تقصدينه يا رغد ؟؟ أنا لم أفهم شيئا... هل لا شرح لي أحد ماذا يحدث ؟ "

              و التفت نحو أروى...

              أروى قالت :

              " أنا لم أعن شيئا مما فهمت "

              تقصدني بذلك، فأفلتت أعصابي و صرخت :

              " بل تعنين يا أروى... إنك تعيريني لعيشي عالة متطفلة على ابن عمي... لكن اعلمي أنه من أجبرني على الحضور معه... و لو كان لدي أبوان أو أهل أو حتى بيت يؤويني ما اضطرني القدر للمكوث معك أنت تحت سقف واحد "

              بدا الذهول طاغيا على الأعين الأربع التي كانت تحدق بي... ذهول ألجم لسانيهما عن النطق مباشرة...

              " لكنهما ماتا... وبيتي احترق... و لم يتبق لي شيء غير هذه الحلي... خذاها و دعاني أرحل بكرامتي... "

              وليد قال منفعلا :

              " ماذا أصابك يا رغد ؟ هل جننت ؟ "

              قلت بعصبية أكبر :

              " أرجوك... أعدني إلى خالتي... إن كانت كرامتي تهمك في شيء "

              " أي كرامة و أي جنون...؟؟ "

              و التفت إلى أروى بغضب :

              " ماذا قلت لها ؟ "

              أروى قالت مدافعة مهاجمة في ان معا :

              " لاشيء... طلبت منها أن تحترمني... عوضا عن رسمي بتلك الصورة المهينة..."

              وليد كرر بغضب و عصبية :

              " ماذا قلت لها يا أروى ؟؟ تكلمي ؟ "

              قالت أروى :

              " الحقيقة يا وليد... فهي تعيش على ثروتي و عنائك... و لا تقدر و لا تحترم أيا منا "

              دار وليد دورة حول نفسه من شدة الغضب و لم يعرف ما يقول... رأيت وجهه يتقد احمرارا و أوداجه تنتفخ و صدره يزفر الهواء بعنف...

              ضرب سياج الدرج بقبضته بقوة و صرخ بغضب :

              " كيف تفعلين هذا يا أروى ؟ "

              قالت أروى بانفلات أعصاب :

              " إن كان يرضيك ذلك فأنا لا يرضيني... و إن كنت تتحملها لكونها ابنة عمك فما ذنبي أنا لأتحمل الإحسان إلى و الإهانة من فتاة ناكرة الجميل ؟ "

              هيجتني جملتها أكثر و أكثر و أثارت جنون جنوني... و صرخت بتهور :

              " أنا لا انتظر الإحسان من أحد... وليد ينفق علي لأنه الوصي علي و المسؤول عن مصروفاتي... و هو من اختار كفالتي بعد عمي... ألا ترين أنني يتيمة و بلا معيل؟ أنا أهلي لم يتركوا لي إرثا عندما ماتوا جميعا... مثل عمك... و هذه الثروة التي تعيرينني بها... وليد هو الأحق بها منك أنت و من أي إنسان اخر في هذا الكون "

              و توقفت لألتقط بعض أنفاسي ... ثم قلت موجهة خطابي لوليد :

              " أخبرها بأنها من حقك أنت "

              وليد هتف بانفعال :

              " رغد ! "

              قلت بإصرار :

              " أخبرها "

              صرخ وليد :

              " يكفي يا رغد "

              التفت أنا إلى أروى المذهولة بكلامي و أعلنت دون تردد :

              " إنها لن تعوض ثمن السنوات الثماني التي قضاها في السجن حبيسا مع الأوغاد... بسبب ابن عمك الحقير الجبان "

              " رغد "

              انطلقت صرخة من وليد... ربما كان هي المعول الذي كسر السد...
              انجرف كلامي كالسيل العارم يأبى الوقوف عند أي شيء...

              " و بعد كل الذي سببه الحقير لي... و لابن عمي... تأتين أنت لتعكري صفو ما تبقى من حياتي... ألا يكفي ما ضاع منها حتى الان ؟؟ ألا يكفي ما عنيته و أعانيه حتى اليوم؟؟ أنا أكرهك يا أروى ... أكرهك و أتمنى أن تختفي من حياتي... أكرهك ... أكرهك ... ألا تفهمين ؟؟ "

              رميت الاثنين بنظرة أخيرة ملؤها الغضب... أروى مستندة إلى الحائط في ذهول رهيب... أشبه بلوحة مذعورة... و وليد عند أسفل عتبات الدرج تتملكه الدهشة و المفاجأة...

              " لماذا تجبرني على العيش معها يا وليد ؟؟ لماذا ؟؟... إن كنت تحبها فأنا أكرهها... و أكرهك أنت أيضا... و لا أريد العيش معكما... أنتما تتعسان حياتي... أكرهكما سوية... أعدني لخالتي... أعدني لخالتي... يا بليد "

              فجرت هذه الجملة و انطلقت مسرعة نحو غرفتي

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5513



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                * * الحلقة الأربعون * *






                ~ مفترق الطرق ~







                وقفت عند أسفل عتبات السلم... مأخوذا بهول ما سمعت... مشلول الإرادة...
                اختفت رغد بعدما صرخت في وجهي ( أكرهك يا بليد )
                إن أذني لم تسمعا... إنما هو قلبي الذي اهتز بعنف بعد الصدمة...

                التفت إلى الوراء بجهد فرأيت أروى تقف ملتصقة بالجدار محملقة بي تكاد بنظراتها تثقب عيني فيما تعبيرات الذهول طاغية على وجهها الملون...

                كانت أمسية جميلة و قد استمتعت فيها مع سيف و طفله... ثم سهرت مع أروى نشاهد مسرحية فكاهية رائعة... كان كل شيء رائعا قبل قليل...
                لماذا يا رغد ؟
                لماذا ؟؟

                " وليد "

                الحروف خرجت متقطعة من فم أروى المصعوقة بما سمعت... و بالتأكيد تريد الان أن تسمع من جديد...

                " وليد... وليد... ماذا قالت رغد ؟؟ "

                ركزت نظري في أروى ... و لم أرد...

                أروى اقتربت مني خطوة بعد خطوة ببطء ... كأن قدميها قد ثقلتا فجأة و ما عادت بقادرة على رفعهما
                و لما صارت أمامي أبعدت نظري عن عينيها... فقد كانت نظراتها قوية جدا... و مركزة جدا إلا أنها سرعان ما مدت يدها إلي و سألت :

                " وليد ... أنت ... أنت ... من... قتل عمار ؟؟ "

                سماع اسمه أجبر عيني على العودة فورا إلى عينيها المذهولتين

                " وليد ...؟؟ أنت ...!! "

                أجبت أخيرا :

                " نعم ... أنا من قتل عمار القذر... ابن عمك "

                أروى رفعت يدها بعيدا ثم وضعتها على فمها و شهقت بقوة.. و تجمدت اللحظة ساعة أو عاما أو حتى قرنا من الزمان...

                لم أحس إلا بقطرات العرق تسيل على جسمي... و بالحرارة تنبعث منه...
                و لم استطع تحرير بصري من قيد عينيها...
                بدأت الان تهز رأسها في عدم تصديق و دهشة ما مثلها دهشة...

                " لا ... لا أصدق ! وليد !"

                و التقطت بعض أنفاسها و تابعت :

                " كل... هذا الوقت... و أنت ... تخفي عني ؟؟ لا أصدق ! "

                و مرة أخرى حركت يدها نحوي و أمسكت بكتفي

                " غير صحيح ! وليد أنت ... تمزح "

                قلت بحزم :

                " قتلته و دخلت السجن... و لست نادما... هذه هي الحقيقة... هل عرفت الان ؟ "

                ابتعدت أروى عني و هي تهتف :

                " لا ... لا ... "

                ثم توقفت فجأة و استدارت إلي و قالت :

                " لماذا ؟؟ لماذا قتلته ؟ "

                قلت مباشرة :

                " لأنه يستحق الموت... الحيوان... القذر... الحقير... "

                عادت تسأل مندهشة مبحوحة الصوت :

                " لماذا ؟ "

                جوابي كان بضربة سددتها إلى سياج السلم الخشبي كدت معها أن أحطمه...

                أروى كررت :

                " لماذا ؟ أخبرني "

                و لما لم أجبها أقبلت نحوي مجددا و أمسكت بذراعي الاثنتين و هتفت :

                " أخبرني لماذا ؟؟ لماذا ؟؟؟ "

                صرخت بانفعال :

                " لأنه حيوان... ألا تعرفين معنى حيوان ؟؟ "

                أروى تهز رأسها و تقول:

                " ماذا تخفي عني يا وليد ؟؟ قل لي ؟؟ لماذا أخفيت هذا عني ؟؟ لماذا لم تخبرني لماذا ؟ "

                و بدأت دموعها بالانهمار...
                شعرت بأني أختنق... الهواء من حولي لم يكن كافيا لملء رئتي... أبعدت يديها عني و أوليتها ظهري و سرت متجها نحو مدخل المنزل...

                نادتني أروى:

                " إلى أين تذهب ؟؟ لا تدعني هكذا يا وليد... قل لي ما الذي تخفيه عني ؟؟"

                لم أجبها فقد كنت من الضيق و الغضب ما يكفي لأن أدمر مدينة بكاملها...

                " وليد إلى أين ؟ "

                صرخت :

                " دعيني و شأني يا أروى "

                و أسرعت نحو الباب و غادرت المنزل...

                الساعة انذاك كانت منتصف الليل... و لم أكن لأغادر المنزل في مثل هذا الوقت لو أن الضيق لم يصل بي إلى حد الاختناق...
                كنت أريد أن أهدأ بعيدا...
                أعيد عرض الشريط و أركز فيما حصل...
                استوعب الحدث و أفكر فيه...

                توجهت نحو البحر...أرفس رماله و أرجم أمواجه إلى أن أفرغت ما في صدري من ثورة في قلبه... و لو كان يتكلم لصرخ صرخة تصدعت لها كواكب المجرة من فرط الألم...

                و كإنسان مجرد من أي اعتبارات... على سجيته و فطرته... أطلقت العنان لدموعي... و بكيت بألم...
                تفقدت ساعتي فلم أجدها و تحسست جيوبي بحثا عن هاتفي فلم أعثر سوى على سلسلة مفاتيحي... السلسلة التي أهدتني إياها رغد ليلة العيد...
                لا أدري كم من الوقت مضى و لكني لمحت أول خيوط الفجر يتسلل عبر عباءة السماء...

                عندما وصلت إلى المنزل... وجدته يغط في سكون مخيف...
                أردت أن أتفقد الفتاتين... وجدت أروى نائمة في غرفتها و قد تركت الباب مفتوحا و المصابيح مضاءة فاستنتجت أنها نامت بينما كانت تنتظر عودتي...

                توجهت نحو غرفتي و توقفت عند الجدار الفاصل بين بابها و باب غرفة رغد
                و استعدت ذكرى الليلة الماضية و اشتعل الألم في معدتي...

                أديت صلاتي ثم ارتميت على سريري و عبثا حاولت النوم... لم أنم و لا لحظة واحدة
                و عاصرت بزوغ الشمس و مراحل سباحتها في كبد السماء ساعة ساعة و حمدت الله أنه كان يوم إجازة و إلا لتغيبت عن العمل من شدة التعب...
                لم أفعل شيئا سوى التفكير و التفكير...
                و عند نحو العاشرة و النصف سمعت طرقا على الباب...

                " تفضل "

                لقد كانت أروى...
                و على غير العادة لم نبدأ حديثنا بالتحية...

                " هل استيقظت ؟ "

                سألتني و وجهها يسبح في الحزن...

                " بل قولي : هل نمت ؟ "

                لم تعلق أروى، ثم قالت :

                " أيمكننا التحدث الان ؟ "

                " تفضلي "

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5513



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  و بالطبع تعرفون عم سنتحدث...

                  " أريد أن أعرف... تفاصيل مقتل عمار... و لم أخفيت الحقيقة عني... و ما علاقة كل هذا برغد ؟ "

                  تنهدت ثم قلت :

                  " هل... سيغير ذلك شيئا ؟ "

                  أروى قالت بسرعة :

                  " بالطبع... سيغير الكثير... "

                  و لا أدري ما قصدت بذلك... و لم يعد يهمني ما قد يحدث.... في نظري الان... لا شيء يستحق الاهتمام...

                  " حسنا يا أروى... لقد سبق و أن أخبرتك بأنني انتظر الوقت المناسب لأطلعك على أمر مهم... و لم يعد هناك معنى للصمت بعد الان "

                  " إذن ... اخبرني بكل شيء ... "

                  تنهدت تنهيدة مريرة... خرجت من صدري عجوزا واهنة لم تجد ما تتكئ عليه... و سرعان ما هوت في أعماق الذكريات...

                  " قبل أكثر من تسع سنوات... قتلت عمار... و دخلت السجن... و هناك تعرفت إلى والدك... بمحض الصدفة... و قبل وفاته أوصاني بك و بأمك خيرا... و مات و هو لا يعرف أنني... من قتل ابن أخيه أو ربما لا يعرف حتى... أن ابن أخيه قد قتل "

                  كانت أروى تصغي إلي باهتمام...

                  و عندما توقفت نظرت إلي بتعجب و قالت:

                  " هذا كل شيء ؟ "

                  قلت بضيق باد :

                  " نعم "

                  هزت رأسها استنكارا و قالت:

                  " لا تخفي عني شيئا يا وليد... اخبرني بالحقيقة كاملة "

                  " ماذا تريدين أن تعرفي ؟ "

                  " لماذا قتلت عمار "

                  التزمت الصمت

                  " لماذا يا وليد ؟ "

                  أجبت :

                  " فيم يهمك ذلك ؟ "

                  " بالتأكيد يهمني أن أعرف "

                  قلت :

                  " لم يكن ذلك يهمك ... سابقا "

                  صمت قليلا ثم قلت :

                  " أتذكرين ؟؟ ارتبطت بي و لم تسأليني لم دخلت السجن... و من قتلت... و لماذا .."

                  أروى قالت :

                  " لكن... ذلك كان قبل أن أكتشف أن الضحية كان ابن عمي "

                  هيجتني الجملة فهتفت منفعلا :

                  " الضحية ؟؟ تقولين عن ذلك الحقير الضحية ؟؟ "

                  حملقت أروى بي ثم انطلق لسانها مندفعا :

                  " هذا ما يثير جنوني... لماذا تنعته بالحقير و القذر؟ ماذا فعل؟ ماذا حصل؟ ما الذي كان بينكما؟ و لماذا قتلته؟ "

                  لم أجب...

                  " وليد أجبني ؟ "

                  أشحت بوجهي بعيدا... لكنها حاصرتني من كل الجوانب

                  " لماذا لا تريد أن تجيب يا وليد ؟؟ بداية... أنا لا أصدق أنك يمكن أن تقتل رجلا مهما حصل... فلماذا قتلت ابن عمي ؟ "

                  قلت منفعلا :

                  " لا تشيري إليه ب ( ابن عمي ) فهذا يثير التقزز يا أروى "

                  " وليد ! "

                  قلت بصبر نافذ :

                  " اسمعي يا أروى... لا استطيع أن أفصح عن السبب... لقد قتلته و انتهى الأمر... و لست نادما... و لن أندم يوما على ذلك... "

                  ثم استطردت :

                  " أرجوك يا أروى... أنا متعب للغاية... هذا يكفي الان "

                  الحيرة تملكت أروى ممزوجة بالفضول الشديد... و أصرت على معرفة المزيد لكنني امتنعت عن البوح بالحقيقة...

                  فجأة سألت :

                  " هل... تعرف رغد ذلك ؟ "

                  و ربما للانفعال الذي ظهر على وجهي استنبطت هي الجواب دون أن أنطق...

                  ثم بدا عليها بعض التردد و قالت أخيرا :

                  " و ... هل ... لثروتي علاقة بذلك ؟ "

                  نظرت إليها مستغربا و سألت:

                  " ثروتك؟؟ ماذا تعنين؟ "

                  قالت :

                  " أعني... هل كنت تعرف... عن ثروة عمي قبل زواجنا ؟ "

                  صعقت من سؤالها... وقفت فجأة مذهولا كمن لدغته أفعى...
                  قلت :

                  " ما الذي تقولينه؟؟ "

                  أروى وقفت بدورها و أفلتت أعصابها منطلقة:

                  " أنا لا أعرف ما الذي أقوله... لا أعرف كيف أفكر... قبل ساعات اكتشفت أن خطيبي هو قاتل ابن عمي... و أنت تخفي عني الحقيقة... و ترفض البوح بشيء... كيف تريدني أن أفكر يا وليد أنا أكاد أجن ... "

                  حقيقة لم أر أروى بهذه الحالة من قبل...

                  قلت بعصبية :

                  " لا علاقة لهذا بزواجنا يا أروى... لا تذهبي بأفكارك إلى الجحيم "

                  صرخت :

                  " إذن قل لي الحقيقة "

                  " أي حقيقة يا أروى بعد ؟؟ "

                  " لماذا قتلت عمار و لماذا أخفيت الأمر عني ؟؟ و لماذا لا تريدني أن أعرف السبب ؟ "

                  وضعت يدي على جبيني و ضغطت على صدغي حائلا دون انفجارهما...

                  " لماذا يا وليد ؟ "

                  صرخت :

                  " أرجوك يا أروى... لا تضغطي علي... لا استطيع إخبارك عن الأسباب... "

                  احمر وجه أروى الأبيض غضبا و قالت و هي تهم بالمغادرة :

                  " سأعرف الأسباب... من رغد إذن "

                  و انطلقت نحو الباب

                  أبعدت يدي عن رأسي فجأة و تركته ينفجر صداعا قاتلا... و هتفت بسرعة :

                  " أروى انتظري "

                  لكن أروى كانت قد غادرت الغرفة و لالتصاق غرفتي بغرفة رغد سرعان ما مدت ذراعها و طرقت باب رغد و نادتها

                  أسرعت خلفها محاولا منعها

                  " توقفي يا أروى إياك "

                  قلت ذلك و أنا أبعد يدها عن الباب...

                  " دعني يا وليد... أريد أن أعرف ما تخفيانه عني... "

                  جذبت أروى بقوة حتى المتها و صرخت بوجهها :

                  " قلت توقفي يا أروى ألا يكفي ما فعلته بالأمس ؟؟ يكفي "

                  " أنا ؟ ما الذي فعلته ؟ "

                  " ما قلته لرغد عن ثروتك و عما ننفقه من ثروتك... و أنت تعلمين يا أروى أنني احتفظ بسجل لكل المصروفات... و أن ما أعطيها إياه هو من راتبي أنا و مجهودي أنا... "

                  هنا فتح الباب و أطلت منه رغد...
                  أول ما اصطدمت نظراتنا تولد شرر أعشى عيني...
                  هل رأيتموه ؟؟

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5513



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    حملقنا ببعضنا قليلا... و الطيور على رؤوسنا نحن الثلاثة...

                    أول ما تكلمت رغد قالت بحدة:


                    " نعم ؟ ماذا تريدان ؟ "

                    و نقلت بصرها بيننا... و لم ننطق لا أنا و لا أروى...

                    قالت رغد:

                    " من طرق بابي ؟ "

                    هنا أجابت أروى:

                    " أنا "

                    سألت رغد بغضب:

                    " ماذا تريدين ؟ "

                    أروى ترددت ثوان لكنها قالت:

                    " سأسألك سؤالا واحدا "

                    هنا هتفت رادعا بغضب :

                    " أروى... قلت كلا "

                    التفتت إلي أروى محتجة :

                    " و لكن يا وليد "

                    فصرخت مباشرة و بصرامة :

                    " قلت كلا ... ألا تسمعين ؟ "

                    ابتلعت أروى سؤالها و غيظها و أشاحت بوجهها و انصرفت من فورها...
                    لم يبق إلا أنا و رغد... و بضع بوصات تفصل فيما بيننا... و شريط البارحة يعرض في مخيلتنا... عيوننا متعانقة و أنفاسنا مكتومة...
                    تراجعت رغد للخلف و همت بإغلاق الباب ...

                    " انتظري "

                    استوقفتها... لم أكن أريدها أن تبتعد قبل أن أرتاح و لو قليلا...

                    " ماذا تريد ؟ "

                    سألتني فقلت بلطف و رجاء :

                    " أن نتحدث قليلا "

                    فردت بحدة و جفاء :

                    " لا أريد التحدث معك... دعني و شأني "

                    و دخلت الغرفة و أغلقت الباب بهدوء... لكنني شعرت به يصفع على وجهي و أكاد أجزم بأن الدماء تغرق أنفي...
                    جلست في الصالة مستسلما لتلاعب الأفكار برأسي تلاعب المضرب بكرة التنس... بعد ذلك رغبت في بعض الشاي عله يخفف شيئا من صداع رأسي...
                    هبطت إلى الطابق السفلي و إلى المطبخ حيث وجدت أروى و خالتي تجلسان بوجوم حول المائدة...
                    حييت خالتي و شرعت بغلي بعض الماء...

                    " وليد "

                    التفت إلى أروى... التي نادتني و رأيت في وجهها تعبيرات الجد و الغضب...

                    " أريد العود إلى المزرعة "

                    حملقت في أروى غير مستوعب لجملتها الأخيرة هذه... سألت :

                    " ماذا ؟ "

                    أجابت بحزم :

                    " أريد العودة إلى المزرعة... و فورا "

                    التفت إلى خالتي فهربت بعينيها إلى الأرض... عدت إلى أروى فوجدتها تنتظر جوابي

                    قلت :

                    " ماذا تقولين ؟ "

                    " ما سمعت يا وليد... فهل لا دبرت أمر عودتنا أنا و أمي الان ؟؟ و إذا لم تستطع مرافقتنا فلا تقلق. نستطيع تدبير أمورنا في المطار و الطائرة "

                    عدت أنظر إلى خالتي فرأيتها لا تزال محملقة في الأرض...

                    " خالتي ... "

                    التفتت إلي فسألت :

                    " هل تسمعين ما أسمع ؟ "

                    الخالة تنهدت قليلا ثم قالت :

                    " نعم يا بني. دعنا نعود لأرضنا فقد طال بعدنا و أضنانا الحنين "

                    أدركت أن الأمر قد تمت مناقشته و الاتفاق عليه من قبلهما مسبقا... عدت أكلم أروى:

                    " ما هذا القرار المفاجئ يا أروى... غير ممكن ... تعلمين ذلك "

                    أروى قالت بحدة :

                    " أرجوك يا وليد... لست أناقش معك تأييدك من عدمه... أنا فقط أعلمك عن قراري و أريد منك شراء التذاكر... "

                    " أروى !! "

                    " و هذا قرار نهائي و لا تحاول ثنيي عنه...رجاء يا وليد احترم رغبتي ..."

                    و عبثا حاولت ... و باءت محاولاتي بالفشل... و أصرت أروى و أمها على العودة إلى المزرعة و بأسرع ما يمكن...
                    تركت الماء يغلي و يتبخر و ربما يحرق الإبريق... و خرجت من المنزل... لم يكن لدي هدف و لكنني أرت الابتعاد قبل إثارة شجار جديد...
                    حاولت إعادة تنظيم أفكاري و حلولي فأصابني الإعياء من كثرة التفكير...
                    عندما عدت وقت زوال الشمس... كانت أروى و خالتي قد حزمتا أغراضهما في الحقائب...

                    " بالله عليك يا أروى... تعلمين أنه لا يمكنكما السفر... "

                    قالت :

                    " لماذا ؟ "

                    قلت :

                    " تعرفين لماذا... لا يمكن أن... نبقى أنا و رغد بمفردنا "

                    و كأن كلامي هذا أشعل الجمر في وجهها... إني لم أر أروى غاضبة بهذا الشكل من ذي قبل...

                    " من أجل رغد ؟ لقد انتهينا يا وليد... أنا لم يعد يهمني ما تفعله و ما لا تفعله من أجل رغد... دبر أمورها بعيدا عني... لا علاقة لي بهذه الفتاة من الان فصاعدا "

                    و تركتني و غادرت المكان...
                    وقفت حائرا غير قادر على التصرف... خاطبتني خالتي انذاك :

                    " دعنا نذهب يا بني فهذا خير لنا "

                    قلت معترضا :

                    " كيف تقولين ذلك يا خالتي؟؟ تعرفين أن رغد تدرس في الكلية و لا يمكنني العودة بها إلى المزرعة و لا البقاء معها هنا وحيدين... أرجوك يا خالتي قدري موقفي... أرجوك ... اقنعي أروى بتغيير قرارها المفاجئ هذا "

                    لكن خالتي هزت رأسها سلبا... و قالت:

                    " ابنتي متعبة يا وليد... لقد لقيت منك و من ابنة عمك الكثير... رغم كل ما تفعله من أجلك... أنت صدمتها بقوة... و صدمتني كذلك... دعنا نعود إلى مزرعتنا نتنفس الصعداء... يرحمك الله "

                    لم أجرؤ على إطالة النظر في عينيها أكثر من ذلك... و لم أجسر على قول شيء... شعرت بالخجل من نفسي و أنا أقف حاملا ذنبي الكبير ...أمام كل ما فعلته عائلة نديم لي عبر كل تلك الشهور...
                    كم أشعر بأنني خذلتهم... و صدمتهم...
                    لكن...
                    ألم يكونوا يعرفون بأنني قاتل مجرم خريج سجون؟؟
                    هل يفرق الأمر فيما لو قتلت عمار عما لو قتلت غيره ؟؟
                    هل كان علي أن... أبوح بسري إلى أروى منذ البداية؟؟

                    كان يوما من أسوأ أيام حياتي... حاولت النوم من جديد بلا جدوى... و حاولت الذهاب إلى رغد و لم أجرؤ... و حاولت التحدث مع أروى فصدتني...

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5513



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      قبل غروب الشمس، ذهبت إلى أحد مكاتب شركة الطيران و حجزت أربعة تذاكر سفر إلى الشمال...

                      عدت بعد صلاة العشاء حاملا معي طعاما جلبته من أحد المطاعم...
                      كنت أشعر بالجوع و التعب و اخر ما أكلته كان بعض المكسرات ليلة أمس... كما و أن أروى لم تعد أي وجبة هذا اليوم...

                      " أحضرت أقراص البيتزا لنا جميعا... دعونا نتناولها فلابد أنكما جائعتان مثلي "

                      قلت ذلك و أنا أضع العلب الأربع على المنضدة في غرفة المعيشة، حيث كانت أروى و الخالة تجلسان و تشاهدان التلفاز...
                      الخالة ابتسمت ابتسامة سطحية أما أروى فلم تتحرك...
                      فتحت علبتي و اقتطعت قطعة من البيتزا الساخنة و قضمتها بشهية...

                      " لذيذة... تعالي يا أروى خذي حصتك "

                      و مددت باتجاهها إحدى العلب... أروى لم تتحرك... فقلت مشجعا :

                      " إنها لذيذة بالفعل "

                      أتدرون بم ردت ؟

                      " خذها لابنة عمك... لابد أنها الان تتضور جوعا و هي حبيسة غرفتها منذ البارحة "

                      فوجئت و اغتظت من ردها... و ما كان مني إلا أن وضعت العلبة على المنضدة مجددا و أعدت قطعتي إلى علبتها كذلك...

                      الجو غدا مشحونا... و حاولت خالتي تلطيفه فأقبلت نحوي و أخذت إحدى العلب... و وضعتها بينها و بين أروى و بدأت بالأكل...

                      أما أروى فلم تلمسها...

                      حملت العلبة الثالثة و قلت و أنا أغادر الغرفة:

                      " نعم... ساخذها إليها "

                      و لا أدري بم تحدثتا بعد انصرافي...

                      حالما طرقت باب رغد و تحدثت إليها :

                      " أحضرت لك قرص بيتزا... تفضلي "

                      ردت علي :

                      " لا أريد منك شيئا..."

                      امتصصت ردها المر رغما عني، و أجبرت لساني على الكلام :

                      " لماذا يا رغد؟ إلى متى ستصومين؟ هل تريدين الموت جوعا؟ "

                      و ردت علي :

                      " أكرم لي من الأكل من ثروة الغرباء "

                      استفزني ردها فطرقت الباب بانفعال و أنا أقول :

                      " ما الذي تقولينه يا رغد؟ افتحي الباب و دعينا نتحدث "

                      لكنها صاحت:

                      " دعني و شأني "

                      فما كان مني إلا الانسحاب... مكسور الخاطر...
                      استلقيت على أريكة في الصالة العلوية... وسط الظلام... لا أرى إلا السواد يلون طريقي و عيني و أفكاري...

                      و مرت الساعة بعد الساعة... و الأرق يأكل رأسي... و الإجهاد يمزق بدني و الجوع يعصر معدتي... و يهيج قرحتي... و لم يغمض لي جفن أو يهدأ لي بال...

                      بعد سكون طويل سمعت صوت أحد الأبواب ينفتح...
                      لابد أنها رغد... إذ أن أروى و الخالة تنامان في غرفتين من الناحية الأخرى من المنزل، بعيدتين عن الصالة و عن غرفتينا أنا و رغد...
                      أصغيت السمع جيدا... شعرت بحركة ما... فقمت و حثثت الخطى نحو غرفة رغد...
                      رأيت الباب مفتوحا و يبدو أنها قد غادرت قبل ثوان...

                      وقفت عند الباب منتظرا عودتها... و أنا بالكاد أحمل جسدي على رجلي... و استند إلى الجدار الفاصل فيما بين غرفتينا ليمنحني بعض الدعم...
                      كنت بحاجة لأن أراها و أكلمها و لو كلمة واحدة... عل عيناي تأذنان بإسدال جفونهما...

                      بعد قليل أقبلت رغد...
                      و انتفضت حالما رأتني... و كذلك أنا... تشابكت نظراتنا بسرعة... و انفكت بسرعة!

                      رغد كانت تحمل قارورة مياه معدنية... و كانت ترتدي ملابس النوم... و بدون حجاب...

                      أبعدت نظري عنها بتوتر و أنا أتنحنح و أستدير نحو باب غرفتي و افتحه و أخطو إلى الداخل... على عجل... و من ثم أغلق الباب... بل و أوصده بالمفتاح !

                      وقفت خلف الباب لبعض الوقت... أتصبب عرقا و اضطرب نفسا و أتزايد نبضا... و أشد و أرخي عضلات فكي في توتر... حتى سمعت باب غرفة رغد ينغلق...
                      و نظرت إلى الجدار الفاصل بين غرفتينا... و اعتقد ... إن لم يكن السهر قد أودى بعقلي... أنني رأيت رغد من خلاله !

                      إنني أراها و أشعر بحركاتها... و أحس بالحرارة المنبعثة منها أيضا !

                      مرت دقائق أخرى و أنا لا أزال أشعر بها موجودة حولي... أكاد أجن... من أجل التحدث معها و الاطمئنان عليها... و لو لدقيقة واحدة...

                      و لم أستطع تجاهل هذا الشعور...
                      فتحت بابي و خطوت نحو بابها و قبل أن يتغلب علي ترددي طرقته بخفة...

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...