انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5513



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    تحدثنا عن أمور كثيرة... فوجدتها حلوة المعشر و راقية الأسلوب، و اكتشفت أنها أنهت دراستها الثانوية و درست في أحد المعاهد المحلية أيضا ...

    قلت :

    " كان حلمي أن أدرس في الجامعة ! "

    " أي مجال ؟؟ "

    " الإدارة و الاقتصاد ، كنت أطمح لامتهان إدارة الأعمال .. تخيلت نفسي رجل أعمال مرموق ! "

    و ضحكت بسخرية من نفسي ...

    قالت :

    " و هل تخليت عن هذا الحلم ؟؟ "

    قلت بأسف :

    " بل هو من تخلى عني .. "

    ابتسمت أروى و قالت :

    " إذن فطارده ! و أثبت له جدارتك ! "

    " كيف ؟؟ "

    قالت :

    " لم لا تلتحق بمعهد إداري محلي ؟ أتعرف.. زوج السيدة التي كانت معنا البارحة يدير أحد المعاهد و قد ييسر أمورك بتوصية من أمي ! "

    بدت لكي فكرة وهمية ... كالبخار.. إلا أن أروى تحدثت بجد أكبر و جعلتني انظر للفكرة بعين الاعتبار.. و أنميها في رأسي...





    ~ ~ ~ ~ ~




    أتتني دانة و أنا لا أزال على سريري و قالت :

    " أحضر سامر الفطور... ألن تشاركينا ؟؟ "

    لم أجب عليها، فانسحبت من الغرفة..

    بعد قليل ، طرق الباب مجددا و دخل سامر هذه المرة ، و أغلق الباب من بعده ..

    أقبل نحوي حتى صار جواري مباشرة ، و قال بصوت حنون أجش :

    " رغد ... هل ستبقين حبيسة الغرفة هكذا ؟؟ "

    و لم أجبه ...

    جلس سامر على السرير و مد يده نحو رأسي، و أخذ يمسح على شعري بحنان...

    " رغد .. بالله عليك .. "

    لكنني لم أتفاعل معه ..

    أدار وجهي نحو وجهه و أجبرني على النظر إليه ...

    نظراتنا كانت عميقة ذات معنى ...

    " رغد .. أنا أتعذب برؤيتك هكذا ... أرجوك .. كفى "

    و لم أجب ..

    قال :

    " أ تحبينه لهذا الحد ؟؟ "

    لما سمعت جملته هذه لم أتمالك نفسي.. و بدأت بالبكاء ...

    سامر أخذ يمسح الدموع الفائضة من محجري... بلطف و عطف .. ثم قال :

    " أنا .. لا أرضى عليك بالحزن .. لا أقبل أن أكون سبب تعاسة أحب مخلوقة إلى قلبي ... "

    اعترى نظراتي الان بعض الاهتمام ..

    تابع هو حديثه :

    " رغد .. سوف .. اتصل به الان ، و اطلب منه الحضور .. لأخذك معه "

    ذهلت ، و فتحت جفوني لأقصى حد .. غير مصدقة لما التقطته أذناي ...

    قال :

    " لا تقلقي.. فأنا لن أجبرك على الزواج مني.. و بمجرد عودة والدي .. سأطلق سراحك ... "

    شهقت ...

    نطقت :

    " سامر .. !! "

    سامر ابتسم ابتسامة واهنة حزينة .. ثم قرب رأسي من شفتيه، و قبل جبيني قبلة دافئة طويلة ...

    بعد ذلك قال :

    " سأتصل به في الحال..، هيا.. فدانة تنتظرك على المائدة .. "


    و قام و غادر الغرفة ...







    ~ ~ ~ ~ ~ ~






    ما كدت أنتهي من وجبة فطوري اللذيذة الطويلة ، حتى أقبلت السيدة ليندا تستدعيني ...

    " وليد يا بني ، اتصال لك .. "

    تبادلت و أروى نظرة سريعة ، ثم وقفت و الاضطراب يعتريني...

    قلت :

    " من ؟؟ "

    " شقيقك "

    و زاد اضطرابي ...

    أسرعت إلى الهاتف و التقطت السماعة و تحدثت بقلق :

    " نعم ؟ هنا وليد "

    " مرحبا يا وليد.. كيف أنت ؟ "

    " بخير .. "

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5513



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      و صمت قليلا.. كنت متوجسا من سماع شيء سيئ ، فقد كان اتصالنا الأخير قبل ليلة فقط ...

      " ما الأمر سامر ؟؟ "

      " لا تقلق ! إنني فقط أريد أن أؤكد عليك الحضور الليلة .. "

      فكرت في نفسي .. و من قال إنني أود الحضور ؟؟؟ لم يكن ينقصني إلا أن أشهد يوم تزف فيه رغد.. حبيبتي الغالية.. معشوقة قلبي الصغيرة إلى أخي .. و أنا واقف أتفرج و أبار ك؟؟

      " اسف، لن يمكنني الحضور "

      " لماذا ؟؟ "

      " لدي ارتباطات أخرى.. كما أنني متعب و لا طاقة لي بالسفر.."

      " و دانة ؟؟ ألا تريد رؤيتها قبل رحيلها ؟؟ "

      لم أجد الجواب المناسب...

      ثم قلت :

      " إنها لن تتشرف بوجودي على أية حال "

      " سأجعلها تحدثك بنفسها "

      ثم ناول الهاتف إلى دانة .. فسمعت صوتها يحييني و يسأل عن أحوالي ، ثم تقول :

      " تعال يا وليد.. يجب أن تحضر عرسي "

      " اسف ..لا أريد إحراجك أمام زوجك و أهله.. بانتسابك إلى رجل مجرم و خريج سجون "

      هنا بدأت دانة بالبكاء و هي تقول :

      " أرجوك وليد.. سامحني.."

      لم أعقب .. قالت :

      " سأكون أتعس عروس ما لم تحضر .. من أجلي "

      " ستكونين أسعد بدون حضوري "

      عادت تبكي ثم قالت :

      " حسنا ، ليس من أجلي .. بل من أجل رغد "

      و شعرت برغبة مفاجئة في التقيؤ .. أ أحضر من أجل زف حبيبتي إلى عريسها ؟؟

      إنني إن حضرت سأرتكب جريمة ثانية ، لا محالة ...

      زمجرت :

      " لن أحضر "

      " و لا من أجلها ؟؟ "

      " و لا من أجل أي كان ... "

      " لكنها تريدك أن تحضر .. وليد .. أرجوك "

      " يكفي يا دانة .. "

      " وليد.. رغد مريضة "

      هنا.. تفجر قلبي نابضا بعنف و توترت معدتي و تصلبت عضلاتي و اندفعت أنفاسي بقوة و هتفت :

      " ما بها رغد ؟؟ "

      إلا أن دانة لم تجب .. بل أجهشت بكاء..

      و يظهر أن سامر تناول السماعة من يدها

      كنت أهتف :

      " دانة اخبريني ما بها رغد ؟؟ تكلمي ؟؟ "

      جاءني صوت سامر قائلا :

      " لا تقلق ، إنها متوترة بعض الشيء "

      هتفت بقوة :

      " سامر اصدقني القول .. ما بها رغد ؟؟ "

      " لا تخشى شيئا يا وليد.. "

      " إياكما أن يكون أحدكما قد أذاها في شيء أو أجبرها على شيء ؟؟ "

      " لا ، شقيقك ليس وغدا ليجبر فتاة على الزواج منه، و هي كارهة "


      كأن كتلة كبيرة من الثلج وقعت فوق رأسي.. أفقدتني السيطرة على لساني و على أطرافي بل و عيني كذلك...

      كأنه أغشى علي ... كأني فقدت الوعي و الإدراك .. كأنني سبحت في فضاء رحيب من الوهم و الخيال ...

      إنني فعلا على وشك إفراغ كل ما ابتلعته على الفطور خارجا من معدتي... و من فمي ...

      و الشيء الذي خرج من فمي كان صوتا مبحوحا ضعيفا مخنوقا سائلا :

      " ألن .. تتزوجا الليلة ؟ "

      سامر لم يجب مباشرة ، ثم قال :

      " إلا إذا عادت العروس و غيرت رأيها قبل المساء ... "


      بعدما أنهيت المكالمة تهالكت على معقد قريب.. و أغمضت عيني ..

      كنت أريد فقط أن أتنفس .. كان صدري يتحرك بقوة ، تماما كقوة اندفاع الدم خارجا من قلبي ...

      رغد لن تتزوج الليلة ...

      رغد لا تزال طليقة ..

      رغد لا تزال بين يدي ...

      و شعرت بشيء يلامس يدي ...

      فتحت عيني و لساني يكاد يصرخ :

      " رغد ! "

      فوقعت عيناي على أروى .. واقفة أمامي مباشرة تلامس يدي .. و تقول بابتسامة ممزوجة ببعض القلق :

      " ما الأمر وليد ؟؟ "

      كدت أضحك !

      نعم إنني أريد الان أن أضحك لسخرية القدر مني !

      بل بدأت بالضحك فعلا ...

      و أروى ضحكت لضحكي .. و هي تجهل ما حقائق الأمور ...

      قالت :

      " ما يضحكك وليد ؟ أضحكني معك ؟؟ "

      حدقت بها فرأيت ما لم أتمنى أن أراه ...

      قلت :

      " أختي دانة ستتزوج الليلة .. "

      اتسعت ابتسامتها و قالت :

      " صحيح ؟ أين ؟ مبروك ! "

      هززت رأسي ساخرا من حالي المضحك ، و قلت :

      " حفلة صغيرة جدا ، في الشقة التي يسكنون فيها.. و هي تريد مني الحضور "

      اتسعت ابتسامتها أكثر و قالت مبتهجة :

      " عظيم ! رائع ! أيمكنني الذهاب معك ؟؟ "

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

        مشكوره
        والله يعطيك العافيه عالطرح
        متابعه لك

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5513



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          العفو غلاتي
          يعافيك الرب

          ^.^

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5513



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            الحلقةالتاسعةوالعشرون
            ********





            أعد الدقائق واحدة تلو الأخرى ، في انتظار وصول وليد...

            رغم أنها مجرد أيام، تلك التي فصلت بيننا مذ لقائنا الأخير ، إلا أنني أشعر بها كالشهور ...لا بل كالسنين ... نعم كالسنين التي قضيتها محرومة من رؤيته ، و معتقدة بأنه سافر يدرس.. بينما كان ...

            كلما جالت هذه الخاطرة برأسي طردتها مسرعة ، و أجبرت نفسي على الفرح .. فهو سيصل اليوم في أية لحظة...

            سامر تحاشى الحديث معي منذ الصباح، إنه فقط مهتم بالإعدادات للحفلة البسيطة ، و قد قام هو و دانة بترتيب مائدة في الصالة ، لاستقبال الرجال ، و أخرى في غرفة المجلس ، لاستقبال السيدات .

            حاولت مساعدتهم إلا أنني كنت متعبة من اثار الصدمة التي تلقيتها مؤخرا و لم تسعفني قواي البدنية على فعل شيء أكثر من المراقبة عن كثب..

            بعد تأدية صلاة العشاء ، أتتني دانة لتتحدث معي الحديث الأخير... قبل فراقنا..

            ابتداء من هذه الليلة ، سوف لن يكون لدي أخت أتشاجر معها ! من سيعلق على مظهري كلما ارتديت شيئا جديدا، من سيوبخني كلما أخطأت ! من سيغار مني و أغار منه؟؟

            من سيعلمني أشياء أجهلها و يفتح عيني على الحياة... دانة كانت بالنسبة لي .. الباب إلى الحياة ، فأنا لم أعرف من هذه الدنيا شيئا إلا عن طريقها...

            و رغم أن الفرق بين عمرينا هو سنتان و نصف ، إلا أنني أشعر بنفسي صغيرة جدا أمامها .. و أحسها أختي الكبرى و معلمتي الحبيبة ...

            لذا ، عندما دخلت الغرفة و أنا لا أزال مرتدية حجاب الصلاة و قالت :

            " سأتخلص منك أخيرا ! "

            انفجرنا ضحكا ، ثم بكاء ... شديدا جدا .. جعل سامر يقف عند الباب مذهولا حائرا !

            " لمن ستتركينني دانة ؟ سأبقى وحيدة منعزلة عن العالم من بعدك ! "

            " هنيئا لك ! ستنفردين برعاية أبي و تدليله ! أنت مثل القطة رغد ! مهما كبرت تظلين تعشقين الدلال ! كان الله في عون الرجل الذي ستتزوجينه ! "

            الان صارت تشير إليه بالمجهول ! لم تذكر اسم سامر .. فهي إذن اقتنعت أخيرا بأن سامر لم يعد لي ...

            نظرت أنا نحو سامر فوجدت وجهه المشوه غارقا في الحزن ... و كرهت نفسي...
            كرهت قدري.. و ظروفي التي انتهت بي و به إلى هذه الحال...

            أعدت نظري إلى دانة .. نظرة استغاثة.. استنجاد.. أريد من ينقذني من هذا كله.. فوجدت على وجهها ابتسامة خفيفة ، و سمعتها تهمس :

            " على كل ، هو يحب تدليلك كثيرا ! "

            ابتسمت ، و ضممتها إلي ، و أنا أشعر بأنها المرة الأولى التي تفهمني فيها...

            رباه ! كيف تغيرت بهذا الشكل بين ليلة و ضحاها ؟؟

            هل يعني أنها موافقة على و راضية عن انفصالي عن سامر ، و ارتباطي بوليد؟؟ هل تدرك هي أنني أحب وليد و وليد فقط؟؟

            وليد قلبي ...

            اه كم أنا متلهفة لرؤيتك ...

            عد بسرعة .. اظهر فورا .. فقد أضناني الشوق و الحرمان ...

            قمت بعد ذلك و لبست فستانا أهداني إياه سامر من أجل الحفلة ، و ووضعت بعض الحلي ، و التي أيضا أهداني إياها سامر... و ارتديت حذاء عالي الكعب جدا ، كالعادة ، و بصراحة .. أهداني إياه سامر أيضا !

            إلا أنني لم أضع أيا من المساحيق على وجهي ، فأنا أريد مقابلة وليد قلبي وجها لوجه ...
            بدوت مسرورة ، أحوم حولهما كالفراشة ... و عندما حضر الضيوف أحسنت استقبالهم و قدت النساء إلى المجلس ... كانت أم نوار و أخواته، في غاية الأناقة و الجمال.. يرتدين ملابس مبهرة و حلي كثيرة .. و قد تلونت وجوههن بالماكياج المتقن جدا !

            شعرت ببعض الخجل من نفسي لكوني بلا ألوان ! مع ذلك ، أبدو جميلة فلا تلتفتوا لهذا الأمر !

            حضرت العروس بعد ذلك ، في قمة الأناقة و الروعة .. و أخذنا نلتقط العديد من الصور التذكارية ، و سأظهر جميلة رغم كل شيء !

            مر الوقت .. و مع انقضاء كل ساعة ينقضي خيط أمل في حضور وليد.. لماذا لم يحضر بعد ؟؟ أحقا سيأتي أم أنه ...

            ذهبت إلى المطبخ لجلب المزيد من العصائر فإذا بي أصادف سامر هناك ، يحمل أطباق الجلي ...

            قلت :

            " ألم يحضر وليد ؟؟ "

            سامر تظاهر بالابتسام و قال :

            " ليس بعد "

            قلت :

            " هل أنت واثق من حضوره ؟ هل قال أنه ات بالفعل ؟؟ "

            " قال إن لديه ارتباطات و مشاغل أخرى ، لكنه سيحاول الحضور ... "

            نظرت إلى الساعة المعلقة على جدار المطبخ بيأس...

            قال سامر :

            " لا يزال الوقت مبكرا ... لا تقلقي... "

            ثم غادر المطبخ ...





            ~ ~ ~ ~ ~ ~




            اعتقد إن من حقي أن اخذ هذه المساحة بين السطور .. لأصف لكم مشاعري المجروحة ...

            إذا كان هناك رجل تعيس في الدنيا فهو أنا.. كيف لا و أنا أرى مخطوبتي.. محبوبتي رغد.. تعد الدقائق بلهفة في انتظار عودة وليد.. حبيب قلبها الغالي..

            أصبت بجنون ما بعده جنون ، حين اعترفت لي و بلسانها أنها تحبه هو.. و أنه السبب في قرارها الانفصال عني ، بعد خطوبة استمرت أربع سنوات أو يزيد...

            أربع سنوات من الشوق و اللهفة.. و الحب و الهيام.. في انتظار الليلة التي تجمعنا أنا و هي.. عريسين في عش الزوجية.. ثم يأتي وليد.. و في غضون شهور أو ربما أيام .. يسرق قلبها مني !

            رغد لم تقل لي في السابق : ( أنا أحبك ) ، و لكنها لم تقل : ( أنا لا أحبك ) ..
            بل كانت الأمور فيما بيننا تجري على خير ما يرام .. حتى أخبرني وليد نفسه ذات ليلة بأنها ترغب في تأجيل زواجنا...

            الشيء الذي لا أعرفه حتى هذه اللحظة ، ما إذا كان وليد يعرف بحبها له أو يبادلها الشعور ذاته ، أم لا ...

            أنا أعرف أنه يحبها و يهتم بها كأخت.. أو ابنة عم .. أما كحبيبة.. كزوجة .. فهذا ما لا أعرفه و لن أحتمل صدمة معرفته ، إن كان يحبها بالطريقة التي أحبها أنا بها..

            أتذكر أنها في اليوم الذي عرض عليها ارتباطنا قبل سنين قالت : ( لننتظر وليد أولا )

            و لأنه كان من المفترض ألا يعود إلا بعد أكثر من عشر سنين من ذلك الوقت، فإننا عقدنا قراننا بموافقة الجميع...

            و أنا أنظر إليها هذه اللحظة و هي تراقب الساعة ، أشعر بأن خلايا قلبي تتمزق خلية خلية ، بل ... و أنويتها تنشطر .. و ذراتها تتبعثر حول المجرة بأكملها ...

            لماذا فعلت هذا بي يا رغد ؟؟

            إن كنت تجهلين ، فأنا أحبك حبا لا يمكن لأي رجل في الدنيا أن يحمل في قلبه حبا مثله..

            حبا يجعلني أدوس على مشاعري و أحرق أحاسيسي رغما عنها ، لأجعلك تحيين الحياة التي تريدينها مع الشخص الذي تختارينه..

            و ليته كان أنا...

            و إن اكتشفت أن وليد لا يكترث لك ، فإنني لن أقف صامتا ، و أدعك تبعثرين مشاعر أنا الأولى بها من أي رجل على وجه المعمورة ، بل ساخذك معي.. و أحيطك بكل ما أودع الله قلوب البشر من حب و مودة ، و أحملك إلى السحاب .. و إن شئت .. أتحول إلى وليد .. أو إلى أي رجل اخر تريدين أن تصبي مشاعرك في قلبه ... فقط.. اقبلي بي...

            غادرت المطبخ على عجل ، لئلا أدع الفرصة لرغد لرؤية العبرة المتلألئة في محجري...

            نعم ، سأبكي لتضحكي أنت ... و سأحزن لتفرحي أنت .. و سأنكسر لتنجبري أنت .. و سأموت ... لتحيي أنت... يا حبيبة لم يعرف الفؤاد قبلها حبيبة .. و لا بعدها حبيبة .. و لا مثلها حبيبة... و سيفنى الفؤاد ، و تبقى هي الحبيبة .. و هي الحبيبة .. و هي الحبيبة ...

            عندما وصل وليد، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر و خمس و أربعين دقيقة، أي قبل ربع ساعة من ولادة يوم جديد.. خال من رغد ...

            قرع الجرس ، فأقبلت نحو الباب و سألت عن الطارق ، فأجاب :

            " أنا وليد "

            جمدت مشاعري تحت طبقة من الجليد ، لا تقل سماكة عن الطبقات التي تغطي المحيط المتجمد الجنوبي... و فتحت الباب ..

            تلك الطبقة انصهرت شيئا فشيئا ، لا بل دفعة واحدة حين وقعت عيناي على الشخصين الواقفين خلفه ، وليد ، و الفتاة الشقراء !

            " مرحبا ، سامر ... "

            بصعوبة استطعت رد التحية و دعوتهما للدخول ...

            وليد كان يرى الدهشة الجلية على وجهي مجردة من أي مداراة مفتعلة !

            قال ، و هو يشير إلى الفتاة الواقفة إلى جانبه تبتسم بهدوء :

            " أروى نديم ، تعرفها "

            قلت :

            " أأ .. أجل ... "

            قال :

            " خطيبتي "

            و من القطب الجنوبي ، إلى أفريقيا الاستوائية !

            اعتقد أنكم تستطيعون تصور الموقف خيرا من أي وصف أنقله لكم !

            " خ ... طيبتك !! "

            " نعم ، ارتبطنا البارحة "

            نظرت إلى الفتاة غير مصدق ، أطلب منها تأكيدا على الكلام ، ابتسمت هي و نظرت نحو وليد ..

            وليد قال :

            " أ لن تبارك لنا ؟؟ "

            " أأ ... نعم ...طبعا ... لكنني تفاجأت ، تفضلا على العموم ، مبروك لكما .. "

            و قدتهما أولا إلى المجلس ، حيث النسوة...

            طرقت الباب و أنا أنادي أختي دانة... ، فتحت هذه الأخيرة لي الباب و خرجت من فتحته الضيقة ، و حالما أغلقته انتبهت لوليد ...

            " وليد ! "

            أشرق وجهها و تفجرت الأسارير عليه .. ثم فتحت ذراعيها و أطبقت عليه معانقة إياه عناقا حميما...

            " نعم .. كنت أعلم بأنك ستأتي و لن تخذلني ، فأنت لم تخذلني ليلة خطوبتي.. أنا سعيدة جدا.. "

            وليد قال :

            " مبروك عزيزتي... أتم الله سعادتك و بارك لك زواجك .. "

            بعد ذلك ، رفعت رأسها لتنظر إليه ، ثم دفنته في صدره و هي تقول :

            " سامحني... لم أكن أعلم .. سامحني يا أخي الحبيب .. أنا فخورة بك.. و أتباهى أمام جميع المخلوقات .. بأن لي أخا مثلك.. سامحني .. "

            وليد ربت على ظهر دانة بحنان ، و إن كانت الدهشة و الحيرة تعلوان وجهه ، و قال مواسيا :

            " لا بأس عزيزتي .. لا تبكي و إلا أفسدت زينتك ، و غير المغرور رأيه بك ! "

            رفعت دانة رأسها و انفجرت ضحكا ، و وكزته بمرفقها و هي تقول :

            " لم تتغير ! سوف أطلب من نوار أن يضربك قبل خروجنا ! "

            قلت أنا :

            " احذري ! و إلا خرج عريسك بعاهة مستديمة ! "

            و ضحكنا بانفعال نحن الثلاثة...

            التفت وليد للوراء حتى ظهرت خطيبته الجديدة ، و التي كانت تقف على بعد خطوات ...

            قال :

            " اقتربي أروى "

            اقتربت الفتاة و هي تنظر نحو العروس ، و تحييها ..

            " مبروك دانة ! كم أنت جميلة ! "

            دانة حملقت في الفتاة قليلا ثم قالت محدثة وليد :

            " هل حضرت عائلة المزارع ؟؟ "

            وليد قال :

            " أروى فقط.. "

            فتعجبت دانة ، فوضح :

            " خطيبتي "

            طغى الذهول على وجهها ربما أكثر مني ، قالت باستغراب شديد :

            " خطيبتك !! "

            قال وليد :

            " نعم ، عقدنا قراننا البارحة... باركي لنا "

            الاضطراب تملك دانة ، و حارت في أمرها و لزمت الصمت لوهلة ، إلا أنها أخيرا تحدثت :

            " فاجأتماني ...بشدة ! ... مبروك على كل حال "

            و كان واضحا لنا، أو على الأقل واضحا لي استياؤها من المفاجأة...

            قلت :

            " فلتتفضل الانسة ... "

            دانة التفتت إلى أروى و قالت :

            " تفضلي "

            و فتحت الباب لتسمح لها بالدخول ... و قالت مخاطبة إياي :

            " رغد في غرفتها .. ذهبت لاستبدال فيلم الكاميرا ... "

            و كان القلق جليا على ملامحها ...

            قال وليد :

            " جيد ! أ أستطيع رؤيتها ؟؟ "

            تبادلنا أنا و دانة النظرات ذات المعنى .. و قالت هي :

            " نعم ، سأدخل لأقدم أروى للجميع "

            و دخلت الغرفة و أغلقت الباب تاركة إياي في المأزق بمفردي !

            وليد التفت إلي و قال :

            " أريد إلقاء التحية عليها.. إن أمكن "

            أنا يا من كنت أدرك أنها تنتظره بلهفة منذ ساعات... و أنها ستطير فرحا متى ما رأته .. لم أملك من الأمر شيئا ..

            قلت باستسلام :

            " أجل ، تفضل ... "

            و قدت بنفسي ، حبيب خطيبتي إلى غرفتها لكي تقابله ...

            طرقت الباب و قلت :

            " رغد .. وليد معي "

            قاصدا أن أنبهها لحضوره ، لكي ترتدي حجابها..

            إلا أنني ما كدت أتم الجملة ، حتى انفتح الباب باندفاع سريع ، و ظهرت من خلفه رغد على حالها .. و هتفت بقوة :

            " وليد ! "

            أي رجل في هذا العالم ، يحمل ذرة حب واحدة لخطيبته ، أو حتى ذرة شعور بالملكية و الغيرة ، فإنه في لحظة كهذه سيرفع كفيه و يصفع وجهي الشخصين الماثلين أمامه في مشهد حميم كهذا ... إلا أنني أنا ... سامر العاشق المسلوب الحبيبة .. المغطي لمشاعره بطبقة من الجليد .. وقفت ساكنا بلا حراك و بلا أي ردة فعل .. أراقب خطيبتي و هي ترتمي في حضن أخي بقوة .. و تهتف بانفعال :

            " وليد .. لماذا لم تخبرني .. لماذا .. لماذا .. "





            ~ ~ ~ ~ ~

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5513



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              و إن كنت أتظاهر بالبرود و الصمود ، إلا أن ما بداخلي كان يشتعل كالحمم...

              و إن كنت أتظاهر بأنني فقط أود إلقاء التحية ، فإن حقيقة ما بداخلي هي أنني متلهف لرؤية صغيرتي الحبيبة و الإحساس بوجودها قريبة مني ...

              لقد كنت أسير خطوة خطوة.. و مع كل خطوة أفقد مقدارا من قوتي كما يفقد قلبي السيطرة على خفقاته ، فتأتي هذه الأخيرة عشوائية غير منظمة .. تسبق الواحدة منها الأخرى...

              و حين فتح الباب.. كنت قد أحرقت اخر عصب من جسدي من شدة التوتر.. لدرجة أنني لم أعد أحس بشيء..

              أي شيء ..

              لم أع إلا و قذيفة ملتهبة قوية تضرب صدري .. تكاد تكسر ضلوعي و تخترق قلبي...

              بل إنها اخترقته ..

              فرغد لم تكن تقف أمامي بل .. كانت تجلس في قلبي متربعة على عرش الحكم.. تزيد و تنقص ضرباته قدر ما تشاء .. تعبث بأعصابه كيفما تشاء.. تسير أحاسيسه حسبما تريد...

              و لأنني كنت مذهولا و فاقدا للسيطرة على حركاتي تماما ، فقد بقيت ساكنا.. دون أي ردة فعل ...

              كان صدري مثل البحر .. غاصت صغيرتي في أعماقه و قطعته طولا و عرضا .. و خرجت منه مبللة بالدموع و هي تنظر إلي و تهتف :

              " لماذا لم تخبرني ؟؟ لماذا يا وليد ؟ لم أخفيت عني كل هذه السنين ؟؟ "

              شيء ما بدأ يتحرك في دماغي المغلق .. و يفتح أبواب الوعي و الإدراك لما يدور من حولي ...

              بدأت أنتبه لما تقوله صغيرتي .. و بدأت أحس بأظافرها المغروسة في لوحي كتفي كالمسامير ... و بدأت أرى اللاليء المتناثرة من محجريها ... أغلى ما في كوني ...

              لا شعوريا رفعت يدي إلى وجهها أردم سيل العبر ...

              " لا تبكي صغيرتي أرجوك .. "

              فأنا أتحمل أي شيء في هذه الدنيا ، إلا أن أرى دموع غاليتي تتبعثر سدى...

              إنني أشعر بحرارة شديدة أجهل مصدرها الحقيقي ...

              أهو داخلي ؟ أم حضن صغيرتي ؟ أم الشرر المتطاير من عيني أخي، اللتين تحملقان بنا بحدة..

              رغد أزاحت يديها عني ، و ابتعدت خطوة.. و ذلك أثار توترا في المسافة التي بيننا.. تماما كالتوتر الذي يولده ابتعاد قطعة حديد صغيرة عن مغناطيس !

              قالت :

              " لقد اكتشفت ذلك الان فقط .. لماذا لم تخبرني بأنك .. بأنك .. كنت في السجن ؟؟ "

              و إن كانت مشاعري قبل قليل مخدرة من تأثير قرب رغد ، فإنها استيقظت كلها دفعة واحدة فجأة.. و تهيجت .. فصرت أشعر بكل شيء ، حتى بحرارة البراكين الخامدة في اليابان !

              نقلت نظري من رغد ، إلى سامر ، إلى رغد ، إلى سامر ... و حين استقرت عيناي عليه، رأيت قنبلة متوهجة ، على وشك الانفجار...

              لطفك يا رب ... !

              قلت أخيرا :

              " أنت من أخبرها ؟؟ "

              سامر لم يجب بكلمة ، بل بإيماءة و تنهيدة قوية نفثها صدره .. و شعرت أيضا بحرارتها...

              أعدت النظر إلى رغد.. فاسترسلت في سؤالي :

              " لماذا لم تخبرني؟؟ "

              أخبرك ؟؟ بأي شيء يا رغد ؟؟ أ لم تري الطريقة التي عاملتني بها دانة ، بل و الناس أجمعون؟

              أتراك تنظرين إلي الان مثلهم ؟؟

              لا يا رغد .. أرجوك لا ..

              قلت بلا حول و لا قوة :

              " ما حصل..، لكن... أرجو ألا يغير ذلك أي شيء ؟؟ "

              و انتظرت إجابتها بقلق...

              قالت :

              " بل يغير كل شيء ... "

              و أذهلتني هذه الإجابة بوضوحها و غموضها المقترنين في ان واحد...

              قالت:

              " وليد ... وليد أنا ... "

              و لم تتم ، إذ أن دانة ظهرت في الصورة الان مقبلة نحو غرفة رغد.. و تكسوها علامات القلق...

              جالت بمقلتيها بيننا نحن الثلاثة و استقرت على سامر...
              شعرت أنا بأن هناك شيء يدور في الخفاء أجهله ...

              سألت :

              " ما الأمر ؟؟ "

              لم يجب أي منهم بادىء ذي بدء إلا أن دانة قالت أخيرا، مديرة دفة الحديث لمنعطف اخر:

              " رغد ! الكاميرا ! سنستدعي نوار الان ! "

              ثم التفتت نحو سامر :

              " إنه منتصف الليل ! هيا استدعه ! "

              و يبدو أن ترتيباتهم كانت على هذا النحو ، أن يدخل العريس إلى تلك الغرفة لالتقاط بعض الصور مع العروس و مع قريباته قبل المغادرة .

              سامر نطق أخيرا :

              " سأستدعيه... أخبريهن "

              و رغد تحركت الان من أمامي متجهة نحو المنضدة و من فوقها تناولت الكاميرا و أقبلت نحو دانة و مدت الكاميرا إليها ، فقالت دانة:

              " أعطها لسامر الان .. "

              التفتت رغد نحو سامر .. و قدمتها إليه...

              سامر نظر إلى رغد نظرة عميقة.. جعلتها تطأطىء رأسها أرضا ...

              أخذ سامر الكاميرا منها.. و قال ..

              " سنلتقط له معنا بعض الصور ثم نعيدها إليكن .. "

              قال ذلك و وجه خطاه نحو الصالة...

              هممت أنا باللحاق به... إلا أنني توقفت ، و التفت إلى رغد ... و قلت :

              " كيف قدمك الان ؟ "

              رغد و التي كانت لا تزال مطأطئة برأسها رفعته أخيرا و نظرت إلي مبتسمة و قالت :

              " طاب الجرح... "

              قلت :

              " الحمد لله "

              ثم أوليتها ظهري منصرفا إلى حيث انصرف أخي ...





              ~ ~ ~ ~ ~ ~
              </B>

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5513



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                كنت مجنونة، لكنني لم أتمالك نفسي بعدما رأيت وليد يقف أمامي... بطوله و عرضه و شحمه.. جسده و أطرافه... و عينيه و أنفه المعقوف أيضا ...

                كأن سنينا قد انقضت مذ رأيته اخر مرة ، ينصرف من هذه الشقة جريحا مكسور الخاطر ...

                اندفعت إليه بجنون... و أي جنون !

                ظللت أراقبه و هو يولي .. حتى اختفى عن ناظري.. و بقيت محدقة في الموضع الذي كان كتفاه العريضان يظهران عنده قبل اختفائه، و كأنني لازلت أبصر الكتفين أمامي !

                " رغد ! "

                نادتني دانة ، فحررت أنظاري من ذلك الموضع و التفت إليها... و رأيتها تحدق بي و علامات غريبة على وجهها...

                أنا ابتسمت .. لقد قرت عيني برؤية وليد قلبي.. و لأنه هنا ...، فقط لأنه هنا ، فإن هذا يعطيني أكبر سبب في الحياة لأبتسم !

                لا أعرف لم كانت نظرة دانة غريبة.. ممزوجة بالأسى و القلق.. قلت :

                " ما بك ؟ "

                " لا ... لا شيء "

                " سأغسل وجهي و أوافيكن... "

                و أسرعت قاصدة الحمام ... طائرة كالحمامة !

                بعد ذلك ، ذهبت إلى غرفة المجلس...مرتدية حجابي ، إذ أنني سأبقى لأتفرج على العريسين و لمياء - شقيقة نوار - تلتقط الصور لهما..

                جميعهن كن يجلسن في أماكنهن كما تركتهن قبل قليل، نظرن إلي جميعا حالما دخلت.. فابتسمت في وجوههن...

                فجأة لمحت وجها غريبا في غير موقعه !

                وجه أروى الحسناء !

                دهشت و علاني التعجب ! وقفت هي مبتسمة و قائلة :

                " مرحبا رغد ! كيف حالك ؟ و كيف صحتك ؟؟ "

                " أروى ! "

                " مفاجأة أليس كذلك ؟؟ "

                اقتربت منها و صافحتها و الدهشة تتملكني...و نظرت في أوجه الأخريات بحثا عن وجه أم أروى ... أو حتى وجه العجوز !

                قلت :

                " أهلا بك ! أحضرت بمفردك ؟؟ "

                ابتسمت و قالت :

                " مع وليد "

                مع من ؟؟ مع وليد ؟؟ ماذا تقصد هذه الفتاة ؟؟

                " مع وليد ؟؟ "

                ازدادت ابتسامتها اتساعا و حمرة وجنتيها حمرة و بريق عينيها بريقا ... و التفتت نحو دانة ثم نحوي و قالت :

                " ألم تخبرك دانة ؟؟ "

                التفت نحو دانة و أنا في غاية الدهشة و القلق.. و رميتها بنظرات متسائلة حائرة..
                دانة أيضا نظرت إلي بنفس القلق.. ثم قالت :

                " إنها ... إنها و وليد... "

                و لم تتم...

                نظرت إلى أروى ، فسمعتها تقول متمة جملة دانة ، تلك الجملة التي قضت علي و أرسلتني للهلاك فورا :

                " ارتبطنا .. البارحة "


                عفوا ؟؟ عفوا ؟؟ فأنا ما عدت أسمع جيدا من هول ما سمعت أذناي مؤخرا ! ماذا تقول هذه الفتاة ؟؟

                " ماذا ؟؟ "

                و رأيتها تبتسم و تقول :

                " مفاجأة ! أ ليس كذلك ؟؟ "

                نظرت إلى دانة لتسعفني ...

                دانة أنقذيني مما تهذي به هذه ... ما الذي تقوله فلغتها غريبة.. و شكلها غريب.. و وجودها في هذا المكان غريب أيضا...

                دانة نظرت إلي بحزن ، لا ... بل بشفقة ، ثم أرسلت أنظارها إلى الأرض...

                غير صحيح !

                غير ممكن .. مستحيل ... لا لن أصدق ...

                " أنت و .. وليد ماذا ؟؟ ار... تبط.. تما ؟؟ "

                " نعم ، البارحة .. و جئت معه كي أبارك للعريسين زواجهما.."


                خطوة إلى الوراء، ثم خطوة أخرى.. يقترب الباب مني، ثم ينفتح.. ثم أرى نفسي أخرج عبره.. ثم أرى الجدران تتمايل.. و السقف يهوي.. و الأرض تقترب مني.. و الدنيا تظلم.. تظلم.. تظلم..و يختفي كل شيء...


                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5513



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  " سامر .. تعال بسرعة"

                  هتاف شخص ما.. يدوي في رأسي.. أيدي أشخاص ما تمسك بي.. أذرع أشخاص ما تحملني.. و تضعني فوق شيء ما.. مريح و واسع..
                  أكفف تضرب وجهي.. أصوات تناديني.. صياح.. دموع.. لا ليست دموع.. إنها قطرات من الماء ترش على وجهي.. أفتح عيني.. فأرى الصورة غير واضحة.. كل شيء مما حولي يتمايل و يتداخل ببعضه البعض.. الوجوه، الأيدي.. السقف.. الجدران.. أغمض عيني بشدة.. أحرك يدي و أضعها فوق عيني .. لا أتحمل النور المتسلل عبر جفني .. أشعر بدوار.. سأتقيأ.. ابتعدوا.. ابتعدوا...







                  ~ ~ ~ ~ ~





                  عندما استردت رغد وعيها كاملا، كان ذلك بعد بضع دقائق من حضورنا إلى الممر و رؤيتنا لها مرمية على الأرض...

                  كنا قد سمعنا صوت ارتطام ، شيء ما بالأرض أو الجدران ، ثم سمعنا صوت دانة تهتف :

                  " سامر ..تعال بسرعة"

                  قفزنا نحن الاثنان، أنا و سامر هو يهرول و أنا أهرول خلفه تلقائيا حتى وصلنا إلى هناك..
                  دانة كانت ترفع رأس رغد على رجلها و تضرب وجهها محاولة إيقاظها.. و رغد كانت مغشي عليها...

                  أسرعنا إليها ، و مددت أنا يدي و انتشلتها عن الأرض بسرعة و نقلتها إلى سريرها و جميعنا نهتف

                  " رغد.. أفيقي... "

                  صرخت :

                  " ماذا حدث لها ؟؟ "

                  دانة أسرعت نحو دورة المياه، و عادت بمنديل مبلل عصرته فوق وجه رغد، و التي كانت تفتح عينيها و تغمضهما مرارا...

                  استردت رغد وعيها و أخذت تجول ببصرها فيما حولها.. و تنظر إلينا واحدا عقب الاخر...

                  قال سامر :

                  " سلامتك حبيبتي... هل تأذيت ؟؟ "

                  قالت دانة :

                  " أأنت على ما يرام رغد ؟؟ "

                  قلت أنا :

                  " ما ذا حدث صغيرتي ؟؟ "

                  نظرت رغد إلي نظرة غريبة.. ثم جلست و صاحت :

                  " سأتقيأ "



                  بعدما هدأت من نوبة التقيؤ ، وضعت رأسها على صدر سامر و طوقته بذراعيها و أخذت تبكي ...

                  سامر أخذ يمسح على رأسها المغطى بالحجاب... و يتمتم :

                  " يكفي حبيبتي، اهدئي أرجوك.. فداك أي شيء..."

                  قلت :

                  " صغيرتي ؟؟ "

                  رغد غمرت وجهها في صدر سامر... مبللة ملابسه بالدموع..

                  " صغيرتي ..؟؟ "

                  " دعوني وحدي.. دعوني وحدي .. "

                  و أجهشت بكاء شديدا...

                  لم أعزم الحراك و لم استطعه، إلا أن دانة قالت لي :

                  " لنخرج وليد "

                  قلت بقلق :

                  " ماذا حدث يا دانة ؟؟ "

                  قالت :

                  " قلت لك... إنها مريضة! هذه المرة الثالثة التي يغشى عليها فيها منذ الأمس... "

                  صعقني هذا النبأ..

                  قلت مخاطبا رغد:

                  " رغد هل أنت بخير..؟؟ "

                  لم تلتف إلي ، بل غاصت برأسها أكثر و أكثر في صدر سامر و قالت :

                  " دعوني وحدي... دعوني وحدي.."

                  يد دانة الان أمسكت بيدي ، و حثتني على السير إلى الخارج، ثم أغلقت الباب...

                  حاولت التحدث معها إلا أنها اعترضت حديثي قائلة :

                  " سوف أعود لأطمئن ضيفاتي.. وليد استدع نوار ... "

                  و انصرفت...

                  بقيت واقفا عند باب غرفة رغد غير قادر على التزحزح خطوة واحدة.. ماذا حل بصغيرتي ؟؟ و لماذا تتشبث بسامر بهذا الشكل ؟؟ هل صحتها في خطر؟ هل عدلت عن فك ارتباطها به ؟ ماذا يحدث من حولي..؟؟

                  لحظات و إذا بي أرى دانة تظهر من جديد

                  " وليد أ لم تتحرك بعد ! هيا استدعه "

                  " حسنا.. "

                  و عدت إلى صالة الرجال، و رأيتهم أيضا متوترين يتساءلون عما حدث، طمأنتهم و استدعيت العريس و قدته إلى مجلس النساء.. حيث قامت والدته أو إحدى شقيقاته بالتقاط الصور التذكارية لهن مع العريسين...

                  أروى كانت بالداخل أيضا..

                  عدت إلى بقية الضيوف و أنا مشغول البال .. بالكاد ابتسم ابتسامة مفتعلة في وجه من ينظر إلي...

                  فيما بعد، جاء نوار و قال :

                  " سننطلق إلى الفندق الان.."

                  و كان من المفروض أن يسير موكب العريسين إلى أحد الفنادق الراقية، حيث سيقضي العريسان ليلتهما قبل السفر يوم الغد مع بقية أفراد عائلة العريس إلى البلدة المجاورة و من ثم يستقلون طائرة راحلين إلى الخارج...

                  سامر كان من المفترض أن يقود هذا الموكب..

                  ذهبت إلى غرفة رغد.. و طرقت الباب..

                  " سامر.. العريسان يودان الذهاب الان.."

                  فتح الباب، و خرج سامر.. ينظر إلي بنظرة ريب ..

                  قلت:

                  " كيف رغد؟؟ "

                  قال بجمود :

                  " أفضل قليلا"

                  أردت أن أدخل للاطمئنان عليها، لكن سامر كان يقف سادا الباب.. حائلا دون تقدمي و تحرجت من استئذانه بالدخول..

                  قلت :

                  " إنهما يودان الانصراف الان... "

                  سامر نظر إلي بحيرة .. ثم قال :

                  " أتستطيع مرافقتهما ؟؟ "

                  " أنا ؟؟ "

                  " نعم يا وليد، فرغد لن تتمكن من الذهاب معنا و علي البقاء معها "

                  فزعت، و قلت:

                  " أهي بحالة سيئة؟ "

                  " لا، لكنها لن ترافقنا ، بالتالي سأبقى هنا "

                  " إنني أجهل الطريق.. "

                  " اطلب من أحد أخوته مرافقتكم..."

                  لم تبد لي فكرة حسنة، قلت معترضا:

                  " اذهب أنت يا سامر، و أنا باق هنا مع رغد و أروى..."


                  أقبلت دانة الان، و سألت عن حال رغد، ثم دخلت إلى غرفتها...





                  ~ ~ ~ ~ ~

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5513



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    تتمه

                    " أنا تعيسة جدا "

                    كان هذا جوابي على سؤال دانة التي أتتني بقلق لتطمئن علي..

                    دانة جلست إلى جواري على السرير و أخذت تواسيني.. إلا أن شيئا لا يمكنه مواساتي في الصاعقة التي أحلت بي...

                    " أرجوك يا رغد.. كفى عزيزتي.. ألن تودعينني ؟ إنني راحلة عنك للأبد ! "

                    و جاءت جملتها قاصمة لظهري...

                    " لا ! لا تذهبي و تتركيني ! سأكون وحيدة ! أريد أمي .. أريد أمي..."

                    و بكيت بتهيج..

                    " يكفي يا رغد ستجعلينني أبكي و أنا عروس في ليلة زفافي التعسة ! "

                    انتبهت لنفسي أخيرا.. كيف سمحت لنفسي بإتعاس أختي العروس في أهم ليالي عمرها؟ ألا يكفي أنها حرمت من حفل الزفاف الضخم الذي كانت تعد له منذ شهور... و خسرت كل ملابسها و حليها و أغراض زفافها.. و احترق فستان العرس تحت أنقاب المدينة المدمرة !؟

                    طردت بسرعة الدموع المتطفلة على وجهي، و أظهرت ابتسامة مفتعلة لا أساس لها من الصحة و قلت :

                    " عزيزتي سأفتقدك ! ألف مبروك دانة "

                    تعانقنا عناقا طويلا.. عناق الفراق.. فبعد أكثر من 15 عاما من الملازمة المستمرة 30 يوما في الشهر، نفترق..و دموعنا مختلطة مع القبل...

                    قدم سامر.. و قال :

                    " هيا دانة .. "

                    صافحتها و قبلتها للمرة الأخيرة... ثم جاء دور سامر، و من ثم الرجل الضخم الذي كان يقف في الخارج عند الباب مباشرة...

                    لم استطع أن ألقي عليه و لا نظرة واحدة.. لم أشأ أن أنهار من جديد.. اضطجعت على سريري، و سحبت الغطاء حتى أخفيت وجهي أسفل منه...

                    سمعت سامر يقول :

                    " ساخذهما للفندق و أعود مباشرة.. وليد و خطيبته سيبقيان معك "

                    و لم تهز في هذه الجملة شعرة واحدة ، بل أغمضت عيني و أنا أقول :

                    " سأنام.."

                    أحسست بالجميع يغادرون الغرفة و يغلقون الباب، ثم اختفت الأصوات و الحركات.. لقد غادر جميع الضيوف.. و في الشقة لم يبق إلا أنا.. و وليد.. و الأجنبية الدخيلة...

                    دخلت في نوم عميق أشبه بالغيبوبة.. إلا أنني في لحظة ما..أحسست بدخول شخص ما إلى الغرفة.. و اقترابه مني.. ثم شعرت بيد تمتد إلى لحافي فتضبطه فوقي، ثم تمسح على رأسي من فوق حجابي الذي لم أنزعه، ثم توهمت سماع همس في أذني ...

                    " أحلام سعيدة يا حبيبتي"

                    و ابتعد المجهول.. و سمعت صوت انغلاق الباب..

                    فتحت عيني الان فوجدت الغرفة غارقة في السكون و الظلام.. هل كان ذلك وهما؟؟ هل كان تهيؤا ؟؟ حلما؟؟
                    لست أكيدة..
                    و إن كان حقيقة ، فالشيء الذي سأكون أكيدة منه ، هو أن الشخص كان سامر...






                    ~ ~ ~ ~ ~ ~





                    استخدمت غرفتي السابقة بينما جعلت أروى تستعمل غرفة العروس، للمبيت تلك الليلة...

                    لقد كنت شديد القلق على صغيرتي .. و لم أنم كما يجب..

                    كنا قد قررنا البقاء ليومين قبل معاودة الرحيل، و كان هذان اليومان من أسوأ أيام حياتي !

                    رغد كانت مريضة جدا و ملازمة للفراش، و سامر كان يمنعني من الدخول إلى غرفتها أغلب المرات، و في المرات القليلة التي سمح لي بإلقاء نظرة، كنت أرى رغد شاحبة جدا و مكتئبة للغاية ، ترفض الحديث معي و تطلب منا تركها بمفردها
                    ضاق صدري للحالة التي كانت عليها و سألت سامر:

                    " ماذا حدث لها ؟ هل حدث شيء تخفونه عني؟ لم هي كئيبة هكذا؟؟ هل اذاها أحد بشيء ؟؟ "

                    قال سامر :

                    " إنها كئيبة لفراق دانة ، فكما تعرف كانت تلازمها كالظل... "

                    " لكن ليس لهذا الحد.. أنا أشعر بأن في الأمر سر ما.. "

                    نظر إلي شقيقي نظرة ارتياب و قال :

                    " أي سر؟؟ "

                    قلت :

                    " ليتني أعرف... "

                    كنا خلال هذين اليومين نتناول وجباتنا أنا و أروى في المطاعم، و في الليلة الأخيرة، عندما عدنا من المطعم ، وجدنا رغد و سامر في غرفة المائدة يتناولان العشاء...

                    فرحت كثيرا، فهي علامة جيدة مشيرة إلى تحسن الصغيرة..

                    قلت :

                    " صغيرتي.. حمدا لله على سلامتك، أتشعرين بتحسن ؟؟ "

                    رغد نظرت نحوي بجمود ، ثم نحو أروى ، ثم وقفت ، و غادرت الغرفة ذاهبة إلى غرفة نومها...

                    وقف سامر الان و نظر إلي بعصبية :

                    " أ هذا جيد؟ ما كدت أصدق أنها قبلت أخيرا تناول وجبة.. "

                    قلت بانزعاج :

                    " هذه حال لا يصبر عليها، لسوف اخذها إلى الطبيب.. "

                    و سرت مسرعا نحو غرفتها ، فأقبل شقيقي من بعدي مسرعا :

                    " هيه أنت.. إلي أين ؟؟ "

                    التفت إليه و قلت :

                    "ساخذ الفتاة للمستشفى "

                    قال بغيظ :

                    " من تظن نفسك؟ ألا تراني أمامك؟؟ خطيبتك هي تلك و ليست هذه "

                    قلت مزمجرا :

                    " قبل أن تكون خطيبتك هي ابنة عمي ، و إن كنت نسيت فأذكرك بأنها ستنفصل عنك، و لتعلم إن كنت جاهلا بأن أمورها كلها تهمني و أنا مسؤول عنها كليا ، مثل والدي تماما "

                    و هممت بمد يدي لطرق الباب و من ثم فتحه ، إلا أن سامر ثار... و أمسك بيدي و أبعدها بقوة..

                    تحررت من مسكته و هممت بفتح الباب ألا أنه صرخ :

                    " ابتعد "

                    و قرن الصرخة بانقضاض على ذراعي، و سحب لي بقوة...

                    دفعت به بعيدا عني فارتطم بالجدار، ثم ارتد إلي و لكمني بقبضته في بطني لكمة عنيفة...

                    اشتعلت المعركة فيما بيننا و دخلنا في دوامة جنونية من الضرب و الركل و اللطم و الرفس.. أتت في غير أوانها !

                    أروى واقفة تنظر إلينا بذهول.. و باب غرفة رغد انفتح .. و ظهرت منه رغد مفزوعة تنظر إلينا باستنكار و توتر

                    " سامر... وليد... يكفي ... "

                    إلا أن أحدنا لم يتوقف...

                    في العراك السابق كان سامر يستسلم لضرباتي .. أما الان ، فأجده شانا الهجوم علي و يضربني بغيظ و بغض.. كأن بداخله ثأرا يود اقتصاصه مني...

                    بعد لحظات من العراك، و يد الغلبة لي، و أنا ممسك بذراع أخي ألويها للوراء و أؤلمه ، جاءت رغد تركض نحوي صارخة :

                    " أترك خطيبي أيها المتوحش "

                    و رأيت يديها تمتدان إلي ، تحاولان تخليص سامر من بين يدي...

                    أمسكت بذراعي و شدتني بقوة، فحررت أخي من قبضتي و استدرت لأواجهها...

                    صرخت بوجهي :

                    " وحش.. مجرم.. قاتل.. أكرهك.. أكرهك.. أكرهك "

                    و بقبضتيها كلتيهما راحت تضربني على صدري بانفعال ضربة بعد ضربة بعد ضربة... و أنا واقف كالجبل بلا حراك.. أشاهد.. و اسمع.. و أحس.. و أتألم..
                    و أحترق... و أتزلزل ... و أموت..

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5513



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      الحلقةالثلاثون
                      ********






                      بعد سيل الضربات القوية التي وجهتها إلى صدر وليد ، بانفعال و ثورة.. بغضب و غيظ و قهر.. شعرت بألم في يدي كان هو ما جعلني أوقف ذلك السيل...

                      رفعت رأسي إليه، فرأيته ينظر إلي بجمود .. لم تهزه ضرباتي و لم توجعه!
                      من أي نوع من الحجر أنت مخلوق؟؟ من أي نوع من المعادن صدرك مصنوع؟؟ ألا تحس بي؟؟

                      عيناي كانتا مغرورقتين بالعبرات الحارقة.. تمنيت لو يمسحها.. تمنيت لو يضمني إلى صدره..

                      تمنيت.. لو أصحو من النوم ، فأكتشف أن أروى هي مجرد حلم.. وهم .. لا وجود له.. و كم كانت أمان مستحيلة التحقق...

                      كان وليد ينظر إلي بعمق، كانت نظراته تنم عن الحزن.. و الاستسلام... فهو لم يقاومني و لا يبعدني.. بل تركني في ثورة غضبي أفرغ على صدره دون إدراك.. كل ما كتمته من غيظ مذ علمت بنبأ ارتباطه...

                      ابتعدت عنه، التفت إلى سامر، ثم إلى أروى، ثم إلى وليد مجددا... ثم ركضت داخلة غرفتي و صافعة الباب بقوة...

                      لم أسمح لسامر بالدخول عندما أراد ذلك بعد قليل، و بقيت أبكي لساعات...

                      في اليوم التالي، عندما خرجت من غرفتي قاصدة المطبخ، لمحت غرفة دانة سابقا ، الدخيلة حاليا مفتوحة الباب...

                      اقتربت منها بحذر .. و ألقيت نظرة شاملة عليها كانت خالية من أي أحد ..

                      أسرعت نحو غرفة وليد.. فوجدتها الأخرى مفتوحة و لا وجود لأي شيء يشير إلى أن وليد لم يرحل...

                      ركضت بسرعة نحو الصالة، رأيت سامر يجلس هناك شاردا ..
                      حين راني ، ابتسم و وقف و ألقى علي تحية الصباح ..

                      قلت بسرعة :

                      " أين وليد ؟؟ "

                      ألقى علي سامر نظرة متألمة ثم قال :

                      " رحل "

                      صعقت ... هتفت :

                      " رحل ؟؟ متى ؟؟ "

                      قال :

                      " قبل قليل.. "

                      مستحيل ! لا ... غير ممكن ...

                      صرخت :

                      " لماذا تركته يرحل ؟؟ "

                      نظر إلي سامر بحيرة ..صرخت مجددا :

                      " لماذا تركته يرحل ؟؟ "

                      قال سامر مستاء :

                      " و هل كنت تتوقعين مني أن أربطه إلى المقعد حتى لا يذهب ؟ أخذ خطيبته و أغراضهما و ولا خارجين دون سلام "

                      صرخت :

                      " كان يجب أن تمنعه ! الحق به.. دعه يعود .. أعده إلي حالا "

                      سامر هتف بعصبية :

                      " لا تثيري جنوني يا رغد.. ماذا تريدين به ؟ لقد تزوج من أخرى و قضي الأمر "

                      صرخت بقوة :

                      " لا "

                      " رغد ! "

                      " لن أصدق.. إنكم تكذبون ... كلكم تكذبون.. وليد لم يرتبط بأحد.. وليد لم يدخل السجن.. وليد لم يقتل أحدا.. وليد لن يتخلى عني...لن يبتعد عني.. أعده إلي.. أعده إلي..أعده إلي.. "

                      و انهرت باكية..حسرة على وليد قلبي

                      و على هذه الحال بقيت أياما... اشتد علي المرض و السقم.. و تدهورت حالتي النفسية كثيرا..كما ساءت حالة سامر و أصبح عصبيا جدا..و صرنا نتشاجر كل يوم..و الحال بيننا لا تطاق..

                      ما زاد الأمر سوءا هو أننا كلما اتصلنا بوالدي وجدنا الهاتف مغلقا، و عندما اتصلنا بالفندق الذي كانا ينزلان به أبلغنا بأنهما قد غادراه...

                      انقطعت أخبارهما عنا عدة أيام و حل التوتر الفظيع علينا و امتزجت المشاكل و المخاوف و المشاجرات مع بعضها البعض، و تحولت حياتنا أنا و سامر إلى جحيم... و جحيمنا صار يتفاقم و يتضاعف يوما بعد يوم، إلى أن طغى الطوفان المدمر و حلت الصاعقة الكبرى...أخيرا...





                      ~ ~ ~ ~ ~




                      التحقت بمعهد إداري في مبنى قريب من المزرعة، و بتوفيق من الله أولا ، ثم بمساعدة من العم إلياس و السيدة ليندا، أصبحت طالبا رسميا في المعهد.

                      الحياة بدت مختلفة، و كل شيء سار على خير ما يرام، حظيت أخيرا بشيء من الراحة و السعادة..
                      خطيبتي..كانت إنسان رائع جدا.. في الأخلاق و الطيبة و المشاعر و الجمال و كل شيء... نعمة من رب السماء ..

                      حاولت جاهدا أن أصرف مشاعري نحوها... و أودع فيها ما يكنه قلبي من الحب و الحنان ، إلا أن رغد.. لم تسمح لي بذلك...

                      فقد كانت محتلة القلب من أول وريد إلى اخر شريان...و بعدها و صحتها المتدهورة ما زاداني إلا تعلقا بها و لهفة إليها... و كلما تسللت يداي إلى الهاتف، و أدارتا رقم الشقة، ذكرني عقلي بكلماتها الأخيرة القاتلة... فوضعت السماعة و ابتعدت ...

                      لم أتصل للسؤال عن أي فرد من أسرتي، و أقنعت نفسي بأنني لم أعد أنتمي إليهم.. و أن عائلتي الحقيقية هي عائلة نديم رحمه الله...

                      لذلك ، حين وردتني مكالمة من سامر بعد أيام حاولت اصرافها، إلا أن أروى ألحت علي بالإجابة .. و هي تقول :

                      " لو كان لدي أخ أو أخت لكنت فعلت أي شيء من أجلهما مهما تعاركا معي أو حتى قتلاني ! "

                      تناولت السماعة من يدها و أنا أشعر بالخجل من هروبي هذا... قربتها من أذني و فمي و تحدثت :

                      " نعم يا سامر؟؟ "

                      " كيف حالك؟ "

                      " بخير.."

                      و ساد صمت استمر عدة ثواني ...

                      قلت :

                      " أهناك شيء ؟؟ "

                      فأنا لا أتوقع أن يتصل ليسأل عني فقط ، خصوصا بعد شجارنا الأخير...

                      قال سامر :

                      " يجب أن تحضر إلى هنا يا وليد "

                      ذهلت من عبارته، قلت متوترا و قد انتابني القلق المفاجئ :

                      " خير؟ هل حصل شيء ؟؟ "

                      " نعم، و لابد من حضورك "

                      هوى قلبي على الأرض..من القلق ، قلت و أنا بالكاد أحرك شفتي :

                      " رغد بخير ؟؟ أ أصابها مكروه ؟؟ "

                      سامر صمت ، ما جعلني أوشك على الموت... قلت :

                      " ما بها رغد أخبرني ؟؟ "

                      قال :

                      "على ما هي عليه، أريدك حضورك فورا "

                      التقطت بعض أنفاسي و قلت :

                      " لم سامر؟ أخبرني ماذا حصل ؟؟ "

                      " لن أخبرك على الهاتف ، تعال بأسرع وقت يا وليد.. الأمر غاية في الأهمية "


                      لم استطع بعد تلك المكالمة السكون برهة واحدة ، تحركت بعصبية كالمجنون .. و من فوري ذهبت لأبحث عن سيارة أجرة، إذ أنني لم أكن أملك واحدة كما تعلمون...

                      أرادت أروى مرافقتي إلا أنني عارضت ذلك، و خلال ساعة، كنت أشق طريقي نحو شقة سامر.. و قلبي شديد الانقباض.. لابد أن مكروها قد حل بصغيرتي و إن كان كذلك، فلن أسامح نفسي على البقاء بعيدا بينما هي مريضة...
                      قطعت المسافة في زمن قياسي، و حين وصلت أخيرا إلى الشقة، قرعت الباب بشكل متواصل إلى أن فتحه أخي أخيرا...

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...