انت لي .... قصة جميلة .. منقول ( 1) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Loli.
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 5513



    • أيـــام .. كانت أيام :(


      تليغرامي للإقتباسات
      اضغط هنا


      .

      شيخة قلبه سابقا

    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

    و أروى سرعان ما أذعنت للأمر و هرولت إلى الخارج... حينها التفت إلى رغد و أنا أحاول تهدئتها :
    " ها قد ذهبت ... أرجوك اهدئي يا صغيرتي... بسم الله عليك و يحفظك ... "
    لكنها قالت و هي لا تتمالك نفسها:
    " لا أريد أن أراها... أبعدها عني... أتت تشمت بي... إنها السبب... أنا لا أطيقها...قلت لك لا أريد أن أراها... لماذا سمحت لها بالمجيء؟؟ هل تريد قتلي؟ أنت تريد لي الموت... لماذا تفعل هذا بي يا وليد ؟؟ ألا يكفي ما أنا فيه؟؟ لماذا قل لماذا... لماذا ؟؟ "
    جمدني الذهول حتى عن استيعاب ما أسمعه... لا أدري إن كان هذا ما قالته بالفعل أو إن كانت رغد هي التي تتكلم الان... أنا لن أؤكد لكم بسماعي شيء... إن أذني فقدتا حاسة السمع و دماغي فقد القدرة على الفهم و ذاكرتي أتلفت من كمية الفزع المهولة التي اجتاحتني منذ البارحة و لا تزال تدك عظامي دكا ...
    ثوان و إذا بالممرضة تدخل الغرفة و تسأل:
    " ما الذي حدث ؟؟ "
    ترددت ببصري بين رغد الثائرة و الممرضة... ثم هتفت منفعلا و موجها كلامي لها :
    " أين هو طبيبكم دعوه يرى ما الذي حدث للفتاة إنها ليست بخير... ليست بخير..."
    و بعدها جاء الطبيب - و هو غير الجراح الذي أجرى لرغد العملية - و لم تسمح له رغد بفحصها بل صرخت :
    " أخرجوا جميعكم... لا أريدكم... ابتعدوا عني... أيها المتوحشون "
    جن جنون الفتاة... و تصرفت بشكل أقرب للهستيريا... نعتتنا بالوحوش و الأوغاد... و حاولت النهوض عن السرير... و نزعت أنبوب المصل الوريدي من ذراعها فتدفقت الدماء الحمراء ملونة الألحفة البيضاء... و سال المصل مبللا ما حوله... و عندما حاولت الممرضة السيطرة على النزيف زجرتها رغد بعنف و رمتها بالوسادة التي كانت تنام عليها...
    " ابتعدوا عني... أيها الأوغاد... أخرجوا من هنا... لا أريد أحدا معي... أكرهكم جميعا... أكرهكم جميعا..."
    لدى رؤيتي الحالة المهولة لصغيرتي أصابني انهيار لا يضاهيه انهيار... و تفاقمت شكوكي بأنها جنت... لا قدر الله... و بنبرة عنيفة طلبت من... لا بل أمرت كلا من الخالة و الطبيب و الممرضة بالمغادرة فورا... علي أفلح في تهدئة صغيرتي بمفردي... لقد كنت مذهول العقل عليها و أريد أن أطمئن إلى أنها بالفعل لم تجن !
    أذعنوا لأمري و طيور القلق محلقة فوق رؤوسهم... و بعد أن خرجوا التفت إلى صغيرتي و التي كانت لا تزال تردد بانفعال:
    " اخرجوا جميعكم ابتعدوا عني... "
    قلت و أنا أسير عكس اتجاه أمرها و أراقب ثورتها و بالكاد تحملني مفاصلي من فزعي على حالها:
    " لقد خرجوا يا رغد... إنه أنا وليد... "
    و ازدردت ريقي :
    " هل تريدينني أن أخرج أنا أيضا ؟ "
    هذا أنا وليد... هل ترينني؟ هل تميزينني...؟ هل تعين ما تفعلين يا رغد؟ بالله عليك لا تجننيني معك...
    رغد نظرت إلي و هي لا تزال على انفعالها و قالت :
    " أنت أحضرتها إلي... تريدان قتلي غيظا... أنتما تكرهانني... كلكم تكرهونني... كلكم متوحشون... كلكم أوغاد... "
    طار طائر عقلي... انفصمت مفاصلي... هويت على السرير قربها... مددت يدي بضعف شديد إلى كتفيها و نطقت :
    " رغد... ما الذي تهذين به؟؟ ماذا أصاب عقلك أنبئيني بربك؟؟ اه يا إلهي هل ارتطم رأسك بالسلم ؟؟ هذا أنا وليد... وليد يا رغد... وليد... هل تعين ما تقولين؟؟ ردي علي قبل أن أفقد عقلي ؟ "
    و إذا بي أشعر بحرارة في جفوني... و بشيء ما يتحرك على عيني...
    رغد حملقت بي برهة و قد توقفت عن الصراخ... ثم أخذت تئن أنين المرضى أو المحتضرين... و هي تنظر إلي... و أنا أكاد أفقد وعيي من شدة الذهول و الهلع...
    اقتربت منها أكثر... أسحب ثقل جسدي سحبا... حتى صرت أمامها مباشرة. حركت يدي من على كتفيها و شددت على يدها السليمة إن لأدعمها أو لأستمد بعض الدعم منها... لكنها سحبت يدها من قبضتي... ثم رفعتها نحو صدري و راحت تضربني... بكلتا يديها
    ضرباتها كانت ضعيفة قوية... مواسية و طاعنة... غاضبة و خائفة... في ان واحد... و فوق فظاعة من أنا فيه رمتني في زوبعة الذكريات الماضية... الماضي الجميل... حيث كانت قبضة صغيرتي تصفع صدري عندما يشتد بها الغضب مني...
    استفقت من الشلل الذي ألم بحواسي و إدراكي على صوتها تقول بانهيار:
    " لماذا أحضرتها إلى هنا ؟ تودون السخرية مني؟؟ أنتم وحوش... أكرهكم جميعا "
    صحت منكسرا:
    " لا ! كلا... أنت لا تعنين ما تقولين يا رغد ! أنت تهذين... أنت غير واعية... لا ترين من أمامك... أنا وليد... انظري إلي جيدا... أرجوك يا رغد... سيزول عقلي بسببك... اه يا رب... إلا هذا يا رب... أرجوك... أرجوك يا رب... إلا صغيرتي... لا احتمل هذا... لا احتمل هذا... "
    أمسكت بيديها محاولا إعاقتها عن الاستمرار في ضربي و لكن بلطف خشية أن أوجعها...
    " توقفي يا رغد أرجوك ستؤذين يدك... أرجوك كفى... أنت لا تدركين ما تفعلين..."
    لكنها استمرت تحركهما بعشوائية يمينا و يسارا و هما قيد قبضتي ، ثم نظرت

    تعليق

    • Loli.
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 5513



      • أيـــام .. كانت أيام :(


        تليغرامي للإقتباسات
        اضغط هنا


        .

        شيخة قلبه سابقا

      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

      إلى الجبيرة و امتقع وجهها و صاحت بألم:
      " اه يدي..."
      تمزقت لتألمها... أطلقت صراح يديها ثم حركتهما بحذر و لطف دون أن تقاومني، و أرخيتهما على السرير إلى جانبيها و سحبت اللحاف و غطيتهما... و قلت :
      " سلامتك يا رغد... أرجوك ابقي هادئة... لا تحركيها... أرجوك... عودي للنوم صغيرتي... أنت بحاجة للراحة... نامي قليلا بعد "
      فأخذت تنظر إلي و في عينيها خوف و اتهام... و عتاب قاس... و أنظر إليها و في عيني رجاء و توسل و هلع كبير... كانت أعيننا قريبة من بعضها ما جعل النظرات تصطدم ببعضها بشدة...
      قلت و أنا أرى كل المعاني في عينيها... و أشعر بها تحدق بي بقوة :
      " أرجوك صغيرتي اهدئي... لن يحدث شيء لا تريدينه... لن أدعها تأتي ثانية لكن سألتك بالله أن تسترخي و تهدئي من روعك... أرجوك... "
      رغد بعد هذه الحصة الطويلة من النظرات القوية... هدأت و سكنت و أغمضت عينيها و أخذت تتنفس بعمق... مرت لحظة صامتة ما كان أطولها و أقصرها... بعدها سمعت رغد تقول للغرابة:
      " هل سأستطيع رسم اللوحة ؟ "
      نظرت إلى وجهها بتشتت... و هو مغمض العينين و كأحجية غامضة و مقفلة الحلول...
      أي لوحة بعد ؟؟
      قلت :
      " أي لوحة ؟ "
      رغد حركت يدها المجبرة ثم قالت:
      " لكنني رسمتها في قلبي... حيث أعيد رسمها كل يوم... و حتى لو لم أستطع المشي... احملني على كتفيك... أريد أن أطير إلى أمي"
      ثم اكفهر وجهها و قالت :
      " اه... أمي..."
      و صمتت فجأة...
      بعد كل ذلك الجنون... و الهذيان... صمتت الصغيرة فجأة و لم تعد تتحرك... حملقت في وجهها فرأيت قطرة يتيمة من الدموع الحزينة... تسيل راحلة على جانب وجهها ثم تسقط على الوسادة ... فتشربها بشراهة... و تختفي...
      ناديتها و لم ترد... ربت عليها بلطف فلم تحس... هززتها بخفة ثم ببعض القوة فلم تستجب... خشيت أن يكون شيئا قد أصابها فجأة... فقد كانت قبل ثوان تصرخ ثائرة و الان لا تتحرك... و لا تستجيب... ناديت بصوت عال:
      " أيها الطبيب... أيتها الممرضة..."
      و كان الاثنان يقفان خلف الباب و سرعان ما دخلا و أقبلا نحونا
      قلت هلعا :
      " أنظرا ماذا حدث لها... إنها لا ترد علي... "
      الطبيب و الممرضة اقتربا لفحصها فابتعدت لأفسح لهما المجال... أوصل الطبيب جهاز قياس النبض بإصبع رغد و تفحصها ثم أمر الممرضة بإعادة غرس أنبوب المصل في أحد عروقها فباشرت الممرضة بفعل ذلك دون أي مقاومة أو ردة فعل من رغد... الأمر الذي ضاعف خوفي أكثر فأكثر...
      جلبت الممرضة عبوة مصل أخرى و جعلت السائل يتدفق بسرعة إلى جسد رغد ثم أعادت فحصها و قياس ضغط دمها... و خاطبت رغد سائلة:
      " هل أنت بخير؟؟ كيف تشعرين؟؟ "
      رغد عند هذا فتحت عينيها و نظرت إلى الاثنين و كأنها للتو تدرك وجودهما فعبست و قالت زاجرة:
      " ابتعدا عني "
      لكنها كانت مستسلمة بين أيديهما.
      سألتها بدوري في قلق :
      " رغد هل أنت بخير ؟؟ "
      فردت و هي تشيح بوجهها و تحرك يدها المصابة :
      " ابتعدوا عني... دعوني و شأني... متوحشون... اه... يدي تؤلمني "
      استدرت إلى الطبيب و الذي كان يتحسس نبض رسغها الأيسر و سألت:
      " ما حل بها؟؟... طمئني؟؟ "
      أجاب :
      " ضغطها انخفض... لكن لا تقلق سيتحسن بعد قليل "
      سألت مفزوعا :
      " ضغطها ماذا ؟؟ انخفض؟؟ لماذا ؟ طمئني أرجوك هل هي بخير ؟؟ "
      نظر إلي نظرة تعاطف و طمأنة و قال :
      " اطمئن. سيتحسن بسرعة. إنها نزعت الأنبوب من يدها فجأة... و كان المصل يحتوي مسكنا للألم يجب أن يخفف بالتدريج كي لا يسبب هبوطا مفاجئا في ضغط الدم. الوضع تحت السيطرة فلا تقلق "
      و كيف لا أقلق و أنا أرى من أمر صغيرتي العجب ؟؟
      قلت مستميتا إلى المزيد من الطمأنة :
      " كانت غير طبيعية البتة... ألا تظن أنه ربما أصيب رأسها بشيء؟؟... إنها تهذي و تتصرف على غير سجيتها... أرجوك تأكد من أن دماغها بخير "
      قال الطبيب :
      " نحن متأكدون من عدم إصابة الرأس بشيء و الحمد لله. لكن الواضح أن نفسيتها متعبة من جراء الحادث، و هذا أمر ليس مستبعدا و يحدث لدى الكثيرين.. تحتاج إلى الدعم المعنوي و أن تكونوا إلى جانبها "
      قلت متفاعلا مع جملته الأخيرة:
      " إنها لا تريد منا الاقتراب منها "
      و كأن رغد لم تسمع غير تعقيبي هذا فالتفتت إلينا و قالت :
      " دعوني و شأني "
      ثم سحبت يدها من يد الطبيب و أمسكت باللحاف و خبأت رأسها تحته كليا...
      و طلبت منا أن نخرج جميعا و هذت بكلمات جنونية لم أفهم لها معنى...
      نظرت إلى الطبيب بقلق شديد :
      " أظنها جنت... يا دكتور.. افعل شيئا أرجوك... ربما جنت ! "
      قال :
      " كلا كلا... لا سمح الله. كما قلت نفسيتها متعبة... سأعطيها منوما خفيفا "
      و بقيت رغد على حالها و سمعتها تقول و وجهها مغمور تحت اللحاف:
      " لا تعدها إلى بيتنا ثانية... لا أريد أن أراها ... أبدا "
      و كررت و هي تشد على صوتها :
      " أبدا... هل تسمعني ؟ أبدا "
      و لما لم تسمع ردا قالت :
      " هل تسمعني؟؟ وليد إلى أين ذهبت ؟ "
      لقد كانت تخاطبني من تحت اللحاف... و أنا لا أعرف إن كانت تعني ما تقول...
      قلت و أنا أقترب لأشعرها بوجودي فيما صوتي منكسر و موهون :
      " أنا هنا... نعم أسمع... حاضر... سأفعل ما تطلبين... لكن أرجوك اهدئي الان صغيرتي... أرجوك فما عاد بي طاقة بعد"
      قالت:

      تعليق

      • Loli.
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 5513



        • أيـــام .. كانت أيام :(


          تليغرامي للإقتباسات
          اضغط هنا


          .

          شيخة قلبه سابقا

        رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

        " إنها السبب "
        أثار كلامها اهتمامي... سألتها :
        " ماذا تعنين؟؟ "
        و لم ترد...
        فقلت :
        " أ تعنين أن أروى... "
        و لم أتم جملتي، إذ أنها صرخت فجأة :
        " لا تذكر اسمها أمامي "
        قلت بسرعة و توتر:
        " حسنا حسنا... أرجوك لا تضطربي "
        فسكنت و صمتت قليلا... ثم سمعتها و للذهول تقول :
        " أريد أمي "
        شقت كلمتها قلبي إلى نصفين...
        الممرضة سألتني :

        " أين والدتها؟ "
        فعضضت على أسناني ألما و أجبت بصوت خافت :
        " متوفاة "
        حركت رغد رأسها من تحت اللحاف و راحت تنادي باكية :
        " اه... أمي... أبي... عودا إلي... لقد كسروا عظامي... هل تسمحان بهذا؟ أنا مدللتكما الغالية... كيف تتركاني هكذا... لا استطيع النهوض... اه... يدي تؤلمني... ساعداني... أرجوكما... لا تتركاني وحدي... من لي بعدكما... عودا إلي... أرجوكما... عودا... "
        الغرفة تشبعت ببخار الدموع المغلية التي لم تكد تنسكب على وجنتي حتى تبخرت ... والتنفس أصبح صعبا داخل الغرفة المغمورة بالدموع...
        طلبت بنفسي من الطبيب إعطاءها المنوم الجديد في الحال... حتى تنام و تكف عن النحيب الذي أفجع كل ذرات جسمي... و قطع نياط قلبي... و أثار حزن و شفقة حتى الجدران و الأسقف... و بعد أمره أعطتها الممرضة جرعة من المنوم الذي سرعان ما أرسل رغد في دقائق إلى عالم النوم...
        و كم تمنيت لو أن جرعة أخرى قد حقنت في أوردتي أنا أيضا...
        قالت الممرضة :
        " ها قد نامت "
        ثم أعادت قياس ضغط دمها مجددا و طمأنتني إلى أنه تحسن... كما أن الطبيب أعاد فحص نبضها و أخبرني بأنه على ما يرام...
        بقي الاثنان ملازمين الغرفة إلى أن استقر وضع رغد تماما ثم خرج الطبيب و ظلت الممرضة تسجل ملاحظاتها في ملف رغد...
        وجه رغد كان لا يزال مغمورا تحت اللحاف و خشيت أن يصعب تنفسها فسحبته حتى بان وجهها كاملا... و مخسوفا

        كان... كتلة من البؤس و اليتم... يصيب الناظر إليه بالعمى و يشيب شعره... و اثار واهية من الكدمات تلون شحوب وجنتيه الهزيلتين...
        قالت الممرضة و هي ترى التوتر يجتاحني و أنا أتأمل وجه الفتاة:
        " تبدو محبطة جدا... من المستحسن أن تأتي شقيقاتها أو المقربات لديها لتشجيعها. الفتيات في مثل هذا السن مفرطات الإحساس و يتأثرن بسرعة حتى من أتفه الأمور فما بالك بإصابة بالغة..! "
        أي شقيقات و أي قريبات ! أنت لا تدركين شيئا...
        ثم تابعت تكتب في الملف و أنا قابع إلى جوار رغد أتأمل كابتها و أتألم...
        خاطبتني الممرضة :
        " عفوا يا سيد و لكني لاحظت شيئا... أريد التأكد... إذ يبدو أن هناك خطأ في معلومات الكمبيوتر... هل اسم والدكما هو شاكر أم ياسر ؟؟ "
        التفت إليها و قلت :
        " رغد ياسر جليل ال شاكر... و أنا وليد شاكر جليل ال شاكر "
        نظرت إلي الممرضة بتعجب و علقت :
        " لستما شقيقين؟!"
        قلت :
        " إنها ابنة عمي، و ابنتي بالوصاية "
        زاد العجب على تعبيراتها و أوشكت على قول شيء لكنها سكتت و اكتفت بهز رأسها.
        أثناء نوم رغد... أعدت استعراض شريط ما حصل منذ أفاقت قبل قليل إلى أن عادت للنوم محاولا تذكر ما قالته و استيعاب تصرفاتها... و تذكرت جملتها ( إنها السبب ) و التي أشارت بها إلى أروى...
        تبا لك يا أروى...
        كبرت الفكرة في رأسي و تلاعبت بها الشياطين و لم أعد بقادر على حملها... و أردت التحدث مع أروى حالا...

        طمأنت قلبي قليلا على سلامة الصغيرة و تأكدت من نومها، ثم طلبت من الممرضة أن تبقى ملازمة معها لحين عودتي، و خرجت من الغرفة بحثا عن أروى و الخالة فوجدتهما تجلسان على مقربة...
        وقفت الاثنتان بقلق لدى رؤيتي... أنظاري انصبت على أروى و بدأت عيناي تتقدان احمرارا...

        الخالة سألت :
        " كيف هي الان ؟ "
        لم أجبها... إنما اتجهت مباشرة إلى أروى و قلت بحدة :
        " ما الذي فعلته برغد ؟ "
        التعجب و الذعر ارتسما على وجه أروى... و لم تتحدث...
        يدي تحركت نحو ذراعها فأطبقت عليه بقسوة و كررت بحدة أكبر :

        " أجيبي ... ما الذي فعلته برغد ؟؟ "
        الخالة تدخلت قائلة :
        " ماذا عساها تكون قد فعلت ؟ لقد وقعتا سوية "
        ضغطت بقوة أكبر على ذراع أروى و صحت بوجهها :
        " تكلمي "
        أروى حاولت التملص من قبضتي عبثا... ثم استسلمت و قالت :
        " كان حادثا... هل تظن أنني دفعت بها ؟ هل أنا مجنونة لأفعل ذلك؟؟ "
        بخشونة دفعت بأروى حتى صدمتها بالجدار الذي كانت تقف أمامه و قلت ثائرا :
        " بل أنا المجنون ... لأفعل أي شيء... انتقاما لها... "
        الخالة اقتربت منا و قالت :
        " وليد ! ماذا دهاك ؟؟ الناس يمرون من حولنا "
        أخفضت صوتي و أنا أضغط على كتفي أروى الملصقتين بالجدار أكاد أسحقهما به :
        " الفتاة بحالة سيئة... أسوأ من سيئة... إصابتها بالغة و نفسيتها منهارة... تتصرف بغرابة... و تقول أنك السبب... و تنفر منك بشدة... لا تقولي أنك لم تفعلي شيئا... أخبريني ما الذي فعلته بها يا أروى تكلمي ؟؟ "
        " وليد ! "
        صاحت أروى و حاولت التحرر لكنني حشرتها بيني و بين الجدار و صحت :
        " قلت لك مرارا... لا تقتربي منها... إلا رغد يا أروى...إلا رغد... أي شيء في هذا الكون إلا رغد... أنا لا أقبل أن يصيب خدش أظافرها... و لا يكفيني فيها غير إزهاق الأرواح... و أقسم يا أروى... أقسم بالله العظيم... إن أصاب الفتاة شيء... في عقلها أو جسمها... و كنت أنت السبب بشكل أو باخر... فسترين مني شيئا لم تريه في حياتك قط... أقسم أنني سأعاقبك بأبشع طريقة... و إن اضطررت لكسر عظامك كلها و سحقها بيدي هاتين "
        و جذبت أروى قليلا ثم ضربتها بالجدار بعنف مرة أخرى...

        ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

        تعليق

        • Loli.
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 5513



          • أيـــام .. كانت أيام :(


            تليغرامي للإقتباسات
            اضغط هنا


            .

            شيخة قلبه سابقا

          رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

          و بعد نحو الساعة اصطحبني إلى المنزل، و تركنا أمي مع رغد... و التي كانت تغط في نوم عميق بعد جرعة من المخدر...
          وليد لم يتحدث معي طوال الوقت... بل كان ذهنه شاردا لأبعد حدود... و فور وصولي للمنزل ذهبت إلى غرفتي مباشرة و أخذت أبكي إلى أن تصدع رأسي فأويت إلى الفراش...
          عندما استيقظت لم أكن بحالة أفضل إلا قليلا و قررت أن أخبر وليد بتفاصيل ما حصل البارحة... حتى تتضح له الحقيقة و يتوقف عن توجيه الاتهام الفظيع لي.

          لم أكن قد نمت غير ساعة أو نحو ذلك... و توقعت أن أجد وليد مستلق على سريره في غرفته و لكنني لم أجد له أثرا في المنزل...
          و استنتجت أنه عاد إلى المستشفى...
          أنا لا أدري ما القصة التي قصتها رغد عليه للحادث بيد أنني لا استبعد أن تكون قد أوهمته بأنني دفعت بها عمدا من أعلى الدرج...

          لكن.. و الله يشهد على قولي... كان ذلك حادثا غير مقصود إطلاقا... و لو كنت أتوقع أن ينتهي بها الأمر إلى غرفة العمليات لما كنت اعترضت طريقها و لتركتها تحمل هاتف زوجي إليه و أنا أتفرج...
          (زوجي) كلمة لم أعرف معناها... كما لا أعرف حقيقة الوجه الاخر لوليد
          فالنظرات و التهديدات و الطريقة الفظة العنيفة التي عاملني بها هذا الصباح تكشف لي جوانب مرعبة من وليد لم أكن لأتوقعها أو لأصدق وجودها فيه... و قد بدأت بالظهور الان...
          هذا الرجل قتل شخصا عندما كان في قمة الغضب... و مهما كان السبب فإن الخلاصة هي أن الغضب قد يصل بوليد إلى حد القتل !

          اقشعر بدني من الفكرة البشعة فأزحتها بعيدا عن تفكيري هذه الساعة و حاولت شغل نفسي بأشياء أخرى... كترتيب و تنظيم أثاث المنزل و ما إلى ذلك...
          كنت قد رأيت فراش وليد مبعثرا حين دخلت غرفته بحثا عنه... و الان عدت إليها لأرتب الفراش و أعيد تنظيم الغرفة... كالمعتاد
          و أثناء ذلك، و فيما أنا أرفع إحدى الوسائد رأيت شيئا غريبا !
          كانت ورقة فوتوغرافية ممزقة... و أجزاؤها موضوعة تحت الوسادة
          بفضول جمعت الأجزاء و شرعت بإعادة تركيبها إلى أن اكتملت الصورة الفوتوغرافية
          فظهرت صورة لطفلة تبتسم و بيدها دفتر رسم للأطفال و أقلام تلوين...
          و من التاريخ اتضح لي أنها التقطت قبل نحو 13 عاما...

          الأمر أثار فضولي الشديد و تعجبي... لم يضع وليد صورة قديمة و ممزقة لطفلة ما تحت وسادته ؟؟
          لكن لحظة !
          دققت النظر إلى ملامح تلك الطفلة... و إذا لم تكن استنتاجاتي خاطئة فأعتقد أنني عرفت من تكون.... !

          دعوني وحدي رجاء !
          أنا في حالة ذهول ... و لا أريد قول المزيد !


          ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~






          ظلت رغد نائمة لثلاث ساعات أخرى بعد المنوم و أنا و الخالة إلى جانبها...
          كنت أراقب أي تغير يطرأ عليها... الصغيرة كانت تهذي أثناء نومها و ذكرت أمي أكثر من مرة... و كانت في كل مرة... تطعن قلبي دون أن تدرك...
          تركناها تنام دون أي محاولة لإيقاظها... إذ كنت في خشية من أن تداهما الحالة العصبية الجنونية تلك مرة أخرى...

          و عندما فتحت عينيها تلقائيا تسارعت نبضات قلبي قلقا… و تشدقت بها عيناي مستشفتين حالتها… بدت هادئة و مستسلمة... نظرت من حولها و لم تظهر أية ردة فعل … كانت متقبلة لوجودنا أنا و الخالة إلى جوارها... تركناها بصمت في انتظار أي كلمة أو حركة أو إشارة منها، و لما لم يصدر عنها شيء، و للهفتي في الاطمئنان عليها، تجرأت و سألتها بتردد:

          " صحوة حميدة صغيرتي... هل أنت بخير؟ "
          هربت رغد من نظراتي و رأيت فمها يتقوس للأسفل... لكنها تمالكت نفسها و لم تبك...
          هنا حضر الطبيب المشرف على رعايتها... لتفقدها و قد تجاوبت مع أوامره و أخبرته أنها لم تعد تشعر بالألم. تحدث إليها مشجعا و طمأنها إلى أنها تحسنت كثيرا و حاول حثها على تناول الطعام، لكنها بطبيعة الحال رفضته.
          على الأقل أنا مطمئن أكثر الان إلى أنها لم تجن، و أن حالتها النفسية الفظيعة تلك قد زالت... و أن ضغط دمها مستقر و الحمد لله...
          بعد خروج الطبيب التفت إليها مجددا و سألتها :
          " صغيرتي... أخبريني ... هل تشعرين بتحسن؟ "
          كنت متلهفا جدا لسماع أي كلمة مطمئنة منها هي... فأنا لا يهمني فقط أن يكون وضعها الصحي مستقرا... بل أريد أن تشعر هي بأنها بخير و تخبرني بذلك...
          حركت رغد يدها اليسرى نحوي فأسرعت بضمها بين أصابعي مؤازرة ... و قلت :

          " أنت بخير... ألست كذلك؟ ..."
          كانت تنظر إلي و لكنها لم تجب.. بدت غارقة في بئر من الحزن... رققت لحالها و قلت مشجعا:
          " كلميني يا رغد أرجوك... قولي لي أنك بخير...؟؟ أنا أحتاج لأن أسمع منك... "
          نطقت رغد أخيرا :
          " وليد "
          شددت على يدها و قلت بلهفة :
          " نعم صغيرتي... هنا إلى جانبك... أكاد أموت قلقا عليك... أرجوك... أخبريني أنك بخير... طمئنيني عليك و لو بكلمة واحدة... قولي لي أنك بخير و أفضل الان... هل أنت كذلك؟؟ "
          قالت رغد أخيرا... و هي تقرأ التوسل الشديد في عيني :
          " الحمد لله "
          كررت بامتنان :
          " الحمد لله... الحمد لله "
          و عقبت الخالة :
          " الحمد لله "
          حركت رغد يدها اليسرى نحو رجلها المصابة و بأطراف أصابعها ضربت فوق الجبيرة... ثم سألت :
          " كم ستظل هذه ؟ "
          كان الطبيب قد أخبرني مسبقا بأنها ستظل بالجبيرة بضعة أسابيع... و خشيت أن أذكر ذلك فتصاب الفتاة بإحباط هي في غنى تام عنه... فقلت :
          " ليس كثيرا كما أكد الطبيب... كما أنك ستغادرين المستشفى إن شاء الله خلال أيام"
          و الجملة طمأنتها قليلا... فصمتت ثم عادت تسأل :
          " و الجامعة ؟ "
          قلت :
          " سأتصل بهم و أخبرهم عن أمرك "
          قالت و هي تستدير نحو الخالة ليندا :
          " و السفر ؟؟ "
          فأجابت الخالة :
          " نؤجله إلى أن تتحسن صحتك و تستعيدين عافيتك إن شاء الله "
          فأخذت رغد تطيل النظر نحو يدها رجلها المصابتين… و تزفر التنهيدة خلف الأخرى بمرارة…
          مددت يدي مرة أخرى و أخذت أمسح على جبيرة يدها المصابة مواسيا و أنا أقول:
          " اطمئني صغيرتي… بلاء و سينفرج بإذن الله… ستتعافين بسرعة بحوله تعالى "
          قالت و كأن في ذهنها هاجس تريد أن تستوثق منه :
          " هل سأستطيع المشي؟ "
          قلت بسرعة:

          تعليق

          • Loli.
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 5513



            • أيـــام .. كانت أيام :(


              تليغرامي للإقتباسات
              اضغط هنا


              .

              شيخة قلبه سابقا

            رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

            " طبعا رغد… إصابتك ليست لهذه الدرجة "
            فقالت متشككة :
            " ألست تقول هذا لتهدئتي فقط ؟ لا تخف عني شيئا "
            أجبت مؤكدا :
            " أبدا يا رغد.. أقسم لك أن هذا ما قاله الطبيب… هل كذبت عليك من قبل ؟؟ "
            و ليتني لم أسأل هذا السؤال… لأنها نظرت إلي نظرة قوية ثم قالت :
            " أنت أدرى "
            ابتلعت نظرتها و جملتها… و قد حضر بذهني كيف كانت في العام الماضي تنعتني بالكذاب، لأنني أخلفت بوعدي لها بألا أسافر دون علمها و سافرت مضطرا…
            الخالة ليندا قالت مؤيدة :
            " أكد الطبيب ذلك على مسمع مني أنا أيضا. ستشفين تماما بمشيئة الله… تحلي بالصبر و قوي أملك بنيتي "
            و سرت بعض الطمأنينة في قلب الصغيرة و إن بدا على وجهها شيء من القلق و هي تقول :
            " الحمد لله... المهم أن أعود و أمشي طبيعيا... و أرسم من جديد "
            و فهمت أن جل خوف رغد هو من أن تصاب بإعاقة لا قدر الله في رجلها أو يدها... و صرفت الوقت في طمأنتها و تشجيعها و رفع معنوياتها....
            قضيت النهار بكامله مع رغد... ما بين قراءة القران و الاستماع لتلاوته عبر التلفاز... و مراقبة و دعم رغد بين الحين و الاخر... و اطمأننت و لله الحمد إلى زوال حالة الهذيان الغريبة التي انتابتها صباحا
            و رغم الإرهاق الذي سيطر علي قاومت و تابعت إظهار صمودي و تماسكي و تأقلمي مع الوضع... من أجلها هي... من أجل أن تصمد و تتشجع و تستمد القوة مني... و إن كان داخلي في الحقيقة منهارا بشدة...
            في وقت الزيارة حضر صديقي سيف و أحضر زوجته لزيارة رغد و وجدتها فرصة جيدة لتجد رغد من يواسيها قليلا ... و لكي استمد بدوري بعض الدعم من صديقي الحميم و لأشكره و اعتذر إليه و إن كنت أعلم أن سيف لم يكن لينتظرهما... بقي سيف و زوجته معنا لدقائق معدودة و قبيل مغادرتهما سألت سيف أن يصطحب خالتي من جديد إلى المنزل على أن يعود بها ليلا مع بعض حاجيات رغد...

            "و ماذا عنك يا رجل ؟ ألا تريد قسطا من الراحة ؟؟ "
            سألني سيف و نحن نقف في الممر بجوار غرفة رغد و أنا مستند على الجدار أنشد دعمه... و هو أمامي يرى اثار الإرهاق مستنجدة على وجهي و جسدي...
            أجبت :
            " عندما تعود بالخالة ليلا سأذهب للنوم... طلبت منها أن تبقى مرافقة لرغد طوال الليل... و أبقى أنا طوال النهار "
            سألني سيف :
            " و ماذا عن زوجتك ؟ "
            تنهدت بمرارة ثم قلت :
            " اه... اسكت يا سيف و لا تأت بذكرها داخل المستشفى... لا تريد رؤيتها و لا حتى سماع اسمها... اه لو تعرف ما الذي حصل لها صباحا... جن جنونها حين رأتها.... تنفر منها بشكل مفزع يا سيف... يبدو أنها من تسبب في الحادث... بشكل أو باخر... و لو لم أتمالك نفسي اليوم لكنت ... "

            و صمت... إذ لم أشأ أن أعبر عن مشاعر الغضب المجنونة أمام سيف... لكنني أعرف بأنه يدرك كل شيء...
            قلت :
            " ما كدت أصدق أنها هدأت أخيرا... و لازلت متخوفا من أنها قد تنهار في أية لحظة و لست مطمئنا لتركها وحدها مع الخالة... لكن... إنها مستشفى و لها قوانينها و أنظمتها و بقائي هنا طوال الوقت أمر غير لائق "

            بعد صمت قصير سألني :
            " كيف وقعت ؟ "
            أجبت :
            " لا أعرف يا سيف. تشاجرت مع أروى... هما و منذ أيام متخاصمتان... تشاجرتا معا و كانتا تقفان على درجات السلم... و وقعتا سوية... لكن الإصابة اختارت رغد "
            و تنفست عميقا ثم قلت :
            " لم يحدث أن تعاركتا بالأيدي و لكن... يبدو أن هذا ما حصل على السلم... فوقعتا... و أصيبت رغد "
            تنهدت و واصلت :
            " أنا خائف عليها يا سيف... خائف أن يسبب الجرح مشكلة مزمنة في رجل الفتاة... أو يدها"
            قال سيف مباشرة:
            " لا قدر الله... تفاءل بالخير يا رجل "
            تنهدت مجددا و قلت :
            " الأمر بالنسبة لي... قضاء أحمد الله على لطفه فيه... و الطبيب طمأننا جدا... لكن... يظل خوفي الأساسي على الفتاة و نفسيتها... إنها صغيرة و ضعيفة جدا... لن تحتمل شيئا كهذا... بل إن مجرد تفكيرها في احتمال وقوعه يرسلها إلى الجحيم... الصغيرة قد لاقت من البلاء الكثير حتى اليوم... منذ الطفولة يا سيف و هي تعاني...
            اليتم... و عمار القذر... و فقد والدي... و الحرب... و التشرد و الغربة و الوحدة... كل هذا... على قلب فتاة صغيرة بريئة هشة... قل لي يا سيف من يحتمل ذلك؟؟ و بعد هذا كسر و جبر و عكاز... و إعاقة... إن عقل فتاتي يكاد يزول يا سيف... بل إنه قد بدأ يزول فعلا "
            وقبضت يدي بشدة و في ألم مرير...
            سيف أمسك بقبضتي مشجعا و حين شعرت بدعمه أطلقت العنان لصدري أكثر ليبوح بمخاوفه...
            " أنا السبب الحقيقي في هذه الحادثة ! كنت أعرف أن التوتر بينهما وصل حد الخطر... بل تجاوزه بكثير... كان يجب أن أبعدهما عن بعض منذ زمن... ليتني فعلت ذلك قبل فوات الأوان... تركت الأمر يصل إلى حد الكسر ! أوه يا إلهي ! أنا السبب... كيف أقابل ربي؟؟ بأي وجه سألقى أبي و عمي؟ و أمي؟؟ ماذا سأقول لهم ؟؟ لقد أودعتموها أمانة عظمى في عنقي و أنا... ببساطة تركتها تتكسر ! "
            و ضربت رأسي بالجدار الذي كان خلفي غضبا من نفسي... و تمنيت لو أنه تحطم... أو أن عظامي هي التي انكسرت و لا مس الصغيرة خدش واحد...
            سيف شد على يدي أكثر و نطق ببعض الكلمات المواسية... التي ما كان أحوجني إليها انذاك...
            بعد ذلك سألني :
            " هل... عرف أقاربها بالأمر ؟ "

            تعليق

            • Loli.
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 5513



              • أيـــام .. كانت أيام :(


                تليغرامي للإقتباسات
                اضغط هنا


                .

                شيخة قلبه سابقا

              رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

              فتحت قبضتي بسرعة و كأنني تذكرتهم الان فقط... فقلت و أنا أهز رأسي :
              " كلا ! لن أخبرهم ! إنهم سيتهمونني بالتقصير في رعايتها... كانوا سيحرقونني بنظراتهم عندما أخذتها اخر مرة من بيتهم... "
              و تذكرت الطريقة التي كانت أم حسام تخاطبني بها في اخر لقاء... و كيف قالت لي: (الله الله في اليتيمة) و كأنها كانت تشك في أنني ساتي بها يوما ما مكسورة العظام...!
              و الأيام سترينا مدى صدق مخاوفي...
              قال سيف:
              " لا تحمل نفسك الذنب يا وليد... فلنحمد الله على لطفه و ندعوه أن يعجل الشفاء للمصابة و يجعل من وراء هذه الحادثة خيرا "
              ابتسمت بامتنان ثم عانقت صديقي مستمدا منه بعض الطاقة و الشجاعة...
              بعدها قال :
              " بلغها تحياتي و أمنياتي بالشفاء العاجل... و إذا احتجتم لأي شيء أو أي مساعدة مني أو من أم فادي فلا تترددوا رجاء "


              الساعة الثامنة مساء... انتهى وقت الزيارة... و أتت إحدى موظفات المستشفى لتنبيهنا لذلك... و أنا واقف إلى جوار رغد... و الخالة قد وصلت قبل قليل، و سيف قد غادر.
              نظرت إلى رغد نظرة مترددة ثم قلت :
              " ستبقى الخالة برفقتك... اعتمدي عليها في أي شيء تريدينه و إذا احتجتما لي اتصلا في الحال "
              ظهر الاهتمام على قسمات وجه رغد و قالت :
              " إلى أين ستذهب ؟ "
              أجبت بلطف :
              " إلى البيت... إذ أنه لا يمكنني البقاء أكثر "
              و هنا رأينا رغد تستوي جالسة... و تقول معترضة و وجهها يصفر قلقا :
              " هل ستتركني وحدي ؟ "
              تبادلت و الخالة النظرات ثم قلت :
              " لا ... ستبقى خالتي معك "
              و إذا برغد تهتف :
              " أخرجني من هنا "
              وضعها ينذر بأنها على وشك الثوران... لم استطع قول شيء فقالت الخالة :
              " يهديك الله يا بنيتي كيف يخرجك هكذا ؟ "
              لكن رغد لم تكن تمزح... بل أبعدت اللحاف و أرادت النهوض فأسرعت باعتراضها و أنا أقول:
              " أوه كلا... أرجوك لا تتحركي "
              فصاحت مرتاعة:
              " كيف تذهب و تتركني؟ ألا ترى ما أنا فيه يا وليد؟ ألا ترى هذا ؟؟ "
              قلت بهلع:
              " حسنا حسنا ... سوف لن أذهب لكن أرجوك لا تنفعلي مجددا... ابقي مكانك "
              و أنا أعيد إسنادها إلى الوسادة... و أتنهد ثم أمسح زخات العرق التي نبتت على جبيني و أضغط على صدغي لأخفف الصداع الذي تفاقم لحظتها... ثم أجلس على طرف السرير باستسلام...
              لابد أن التوتر و الضيق كانا فاضحين جدا على وجهي... للدرجة التي صعقتني رغد عندها بقول :
              " ماذا ؟ هل ضقت ذرعا بي ؟ إذن ارم بي من هذه النافذة و أرح نفسك "
              لا ! ليس من جديد... توقفي عن جنونك يا رغد أرجوك كفى... كفى...
              زحفت نحوها و قلت بألم و ما بي من بقايا طاقة تحتمل المزيد:
              " ما الذي تقولينه يا رغد؟؟ أرجوك هذا يكفي "
              قالت صارخة :
              " ألا ترى حالتي هذه؟؟ كيف تفكر في الذهاب و تركي؟ ألا تشعر بما أنا فيه ؟ "
              إنك أنت من لا يشعر بما أنا فيه يا رغد...
              قلت :
              " لا لم أفكر في تركك ، و لكن نظام المستشفى لا يسمح ببقاء رجل برفقة مريضة في قسم السيدات. حتى لو كان أباها. لذلك طلبت من الخالة مرافقتك"
              لكن رغد لم يعجبها هذا و أصرت على أن أبقى معها تلك الليلة، و لم تكن حالتها تسمح بأن أتجاهل إصرارها...
              و رغم الحرج الشديد الذي واجهته و أنا أطلب من المسؤولين السماح لي بالبقاء هذه الليلة مع المريضة و المرافقة... تعاطفا مع حالتها النفسية، رضخت لرغبة رغد و تكبلت العناء و قضيت الليلة الثانية ساهرا إلى جوار صغيرتي... تاركا أروى تبات وحيدة في المنزل الكبير...

              لم تكن ليلتي ليلة و لم يكن حالي حالا... لا أنا و لا صغيرتي عرفنا للراحة طعما... كنت أجلس على مقعد تحجبه عن سريرها الستارة... و لكني كنت أسمع كل حركاتها و تقلباتها و تأوهاتها طوال الليل... كانت نوبات الألم تكر و تفر على عظام الصغيرة المكسورة و أنسجتها الممزقة... و الممرضة تأتي بين فترة وأخرى لإعطائها المسكن...

              في صباح اليوم التالي سمحت لي رغد بالخروج على أن أعود عصرا ... و ما كادت تفعل.

              تعليق

              • Loli.
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 5513



                • أيـــام .. كانت أيام :(


                  تليغرامي للإقتباسات
                  اضغط هنا


                  .

                  شيخة قلبه سابقا

                رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                كان الإرهاق قد أخذ مني ما أخذ و لم أكن قد نمت البارحة أبدا... غير غفوة قصيرة تملكتني بعد شروق الشمس. و يبدو أن الخالة قد نجحت في إقناعها بتركي أذهب أثناء غفوتي القصيرة أول الصباح.
                وقفت قرب رغد أسألها عن أي شيء أخير تريده قبل مغادرتي...
                " ساوي إلى فراشي مباشرة ... و سأترك هاتفي عند وسادتي... اتصلا إن احتجتما أي شيء في أي وقت و بدون تردد"
                قلت و أنا أنقل بصري بين رغد و الخالة... رغد أومأت موافقة، و الخالة قالت مطمئنة:
                " لا تقلق يا بني. سنتصل عند الضرورة. اذهب و نم مطمئنا مسترخيا "
                التفت إلى رغد و أطلت النظر... لم يكن قلبي بقادر على المغادرة لكن و لم أثق في موافقتها هذه... لكني كنت في غاية الإرهاق و بحاجة ماسة للنوم...
                مددت يدي إليها و ربت على يدها و قلت بصوت هادئ و حنون :
                " حسنا صغيرتي... أتركك في رعاية الله... ابقي هادئة رجاء ... سوف لن أطيل الغياب "
                الصغيرة شدت على يدي و حملقت بي و ربما كان لسان حالها يقول (لا تذهب) لكنها أجبرت فمها على التقوس في شبه ابتسامة مترددة...
                و ما كان مني إلا أن شددت على يدها و قلت أخيرا بأحن صوت:
                " أراك على خير و عافية... يا صغيرتي "

                و هكذا تركتها أخيرا و عدت إلى البيت مثقلا بالتعب و الهموم...
                في المنزل سرت ببطء شديد حتى بلغت أسفل الدرج... و تذكرت صراخ رغد ليلة الحادثة فقرصني الألم في قلبي... صعدته خطوة خطوة... و أنا مستمر في إنعاش صدى صرخاتها...
                و انعكاس صورة وجهها المتألم...
                و قادتني قدماي بشعور أو بغير شعور... ليس إلى غرفتي... بل إلى غرفتها...
                دخلت الغرفة متجاوزا كل اعتبار... و أخذت أحلق بأنظاري في أرجائها... و أعانق بيدي جدرانها...
                على الجدار الكائن خلف سرير رغد... كانت الورقة القديمة... للصورة التي رسمتها رغد لي... بشاربي الطويل... لا تزال تقف و منذ سنين... بكل بشموخ...
                لم تحتمل عيناي رؤيتها... وسرعان ما خرت دموعي صريعة الأسى...
                جلست على حافة السرير... و مسدت على الوسادة كما لو كانت هي صغيرتي... بكل عطف و حنان... فإذا بي أشعر بحبيبات رمل تعلق بكفي... و ألقي عليها نظرة فإذا بها ذرات السكر...
                جذبتها إلي و ضممتها إلى صدري... و هو أمر لم استطع أن أقدمه لفتاتي المرعوبة... عوضا عن وسادتها... و كلما تذكرت كيف كانت مرحة و سعيدة جدا و نحن في النزهة أول الليل... ثم كيف صارت كومة من البؤس و الألم و الصراخ... ملقاة على السرير الأبيض التعيس اخره... عصرتها أكثر بين ذراعي...
                انتابني شعور بنيران تحرق معدتي... و كأنها تنعصر قهرا مع الوسادة و تأوهت بألم...

                " اه يا رغد... "
                رفعت يدي من على الوسادة إلى السماء و زفرت الاهة مصحوبة باستغاثة يا رب...
                " يا رب... يا رب... أنت تعرف أنني لا أعز شيئا في هذه الدنيا مثل رغد... يا رب... أنا أتحمل أي بلا ... إلا فيها... أتوسل إليك يا رب... ألطف بحالي و حالها... أتوسل إليك... اشفها و أخرجها سالمة... و أعدها كما كانت... يا رب... خذ من صحتي و أعطها... و خذ من عمري و هبها... خذ مني أي شيء... كل شيء... و احفظها لي سالمة... هي فقط... أنا لا أتحمل أن يصيبها أي شيء... يا رب... أي شيء.... إلا رغد يا رب... أرجوك... لا تفجعني فيها... أنا أختنق يا رب... إلهي... أرجوك... اجعل لي من لطفك فرجا عاجلا... عاجلا يا رب... عاجلا يا رب... يا رب... "

                و لو بقيت ها هنا لزهقت روحي من فرط المرارة ...
                غادرت غرفة رغد و أنا شاعر بها تملأ رئتي... أزفرها و أستنشقها مع كل أنفاسي و أناتي...
                ذهبت إلى غرفتي و قضيت زمنا أناجي الله و أدعوه و أصلي له... حتى سكنت نفسي و اطمأن قلبي و ارتاح بالي... و فوضت أمري إلى الله اللطيف الرحيم...
                أخيرا ... رميت برأسي المثقل على الوسادة... و نشرت أطرافي على فراشي بعشوائية... أخيرا سأستسلم للنوم...
                أغمضت عيني بسلام... فإذا بي أتخيل رغد من جديد... فتحتهما فرأيتها أمامي... لففت رأسي ذات اليمين ثم ذات الشمال... وكانت هي هناك... في كل مكان...
                رفعت وسادتي و وضعتها على وجهي لأحول دون صورة رغد التي لم ترحم بحالتي تلك الساعة...
                أرجوك كفى! لماذا عدت ؟ دعيني أنام و لو لساعة! أرجوك يا رغد... رأفة بي...
                لكنني رأيتها تحت الوسادة و لو قلبت وجهي على السرير لرأيتها فوقه أيضا تحاصرني كالهواء من كل الجهات
                فجأة... تذكرت شيئا... لم يكن ينقصني تذكره في تلك الساعة التعيسة...
                رفعت الوسادة عن رأسي و جلست و بحثت بعيني تحت موضعها... قلبت بقية الوسائد... أزحت البطانية و فتشت هنا و هناك و لم أعثر على رغد !
                " رباه ! أين اختفيت فجأة ؟؟ "
                ذهبت فورا إلى محفظتي و شرحتها تشريحا دون جدوى !
                فتشت أسفل السرير... و المنضدتين الجانبيتين و الأدراج... و كل مكان لم أكن لأترك فيه (رغد) ... ورغم أنها كانت موجودة في كل مكان، لم أجدها في أي مكان!
                " أروى ! لابد أنها هي ! "
                استنتجت فجأة...
                فخرجت من غرفتي و توجهت إلى غرفة أروى... و التي لم أكن قد رأيتها مذ تشاحنت معها صباحا و نحن في المستشفى...
                لم أتردد غير برهة واحدة بعدها طرقت الباب و ناديت :
                " أروى... هل أنت نائمة ؟؟ "
                الوقت كان مبكرا و خشيت أن تكون نائمة، لكنني أعلم أن من عادتها النهوض باكرا كل صباح... أعدت الطرق فرأيت الباب يفتح بعد ثوان و تطل منه أروى بوجه قلق.
                اللحظة الأولى مرت صامتة ساكنة حتى عن الأنفاس... و باردة كليلة شتاء...
                " هل... كنت نائمة ؟ "
                سألتها بعد ذلك البرود فأجابت :
                " نعم..."

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5513



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                  و سألت بقلق :
                  " ماذا هناك؟؟ "
                  رددت :
                  " اسف لأنني أيقظتك "
                  قالت :
                  " كنت سأصحو قريبا على أية حال... لكن ماذا هناك ؟ متى عدتما؟ "
                  قاصدة إياي و الخالة، قلت :
                  " خالتي ظلت مع رغد"
                  و كأن ذكر (رغد) أثار في وجه أروى بعض التعبيرات المنزعجة... و سرعان ما نقلت بصرها بعيدا عني...
                  قلت :
                  " كنت سأسألك سؤالا "
                  التفتت إلي و قالت مباشرة :
                  " و أنا أيضا أود أن نتحدث يا وليد... "
                  و هي تفتح الباب أكثر... فرددت :
                  " كلا ليس هذا وقته. أنا متعب جدا و لا يحتمل رأسي أي شيء... و لا شيء "
                  و كأن إجابتي أصابتها بإحباط مما بدا على وجهها...
                  تابعت :
                  " فقط أخبريني... ألست من قام بترتيب غرفة نومي؟ "
                  و كانت عادتها أن تفعل ذلك. لم تجب أروى مباشرة... بل أخذت لحظة تفكر... ثم قالت :
                  " بلى "
                  قلت :
                  " و... هل رأيت شيئا قرب وسائد سريري؟ أعني... هل أخذت شيئا من هناك ؟ "
                  ربما لمعت عينا أروى بشكل لم أفهمه... رمقتني بنظرة حادة لا تتناسب و برودة اللحظة... ثم قالت :
                  " شيء مثل ماذا ؟؟ "
                  و فهمت من ذلك أنها رأت الصورة الممزقة... فعضضت على أسناني ثم قلت :
                  " أين وضعتها ؟ "
                  أروى رفعت حاجبيها و قالت :
                  " القصاصات الممزقة ؟"
                  تشبثت عيناي بعينيها أكثر، إجابة على السؤال.. فتابعت هي :
                  " لقد... ألقيت بها في سلة المهملات "
                  ماذا تقولين ؟؟ لم أسمع جيدا ؟؟ سلة ماذا ؟؟
                  قلت بدهشة ممزوجة بعدم التصديق :
                  " ماذا؟؟ رميت بها ؟؟ "
                  لم تعقب أروى... فكررت و قد اشتد صوتي و بدأت ألهبة النار تتراقص في عيني :
                  " تقولين رميت بها ؟؟ "
                  و من البرود الذي صافحني به وجهها اشتعلت النيران في رأسي كليا...
                  " أروى !! رميت بها ؟؟ بهذه البساطة؟؟ و من أعطاك الحق بهذا التصرف؟ أوه... أروى ويحك !! في المرة السابقة رميت بالصندوق و الان بالصورة.... كيف تسمحين لنفسك بهذا؟؟ "
                  و لم يتجاوز رد أروى حد النظرات الصامتة !
                  " أخبريني في أي سلة رميت بها ؟ "
                  دارت عين أروى قليلا و كأنها تحاول التذكر ثم قالت:
                  " أظن ... أن الخادمة قد أخرجت جميع أكياس المهملات إلى سلة الشارع"
                  حينها لم أتمالك نفسي!
                  صرخت بوجه أروى بعنف... و أحرقته بنار الغضب ...
                  أطبقت على ذراعيها و هززتها بقوة و ركلت الباب ركلة عنيفة أوشكت على كسر عظام قدمي الحافية...
                  " ما الذي فعلته يا أروى ؟؟ لا تدركين ما فعلته ... كيف ستعيدينها الان ؟؟ تبا لك ! ألا يكفي كل ما أحدثته لحد الان؟ لن يتسع عمري لتصفية حساباتي معك... و الان اذهبي و استخرجيها لي و لو من قعر الجحيم ! "
                  رأيت نهرين من الدموع يتفجران فجأة من عيني أروى و يسيلان على وجنتيها... و رأيت الاشتعال في وجهها إثر صفع صراخي القوي...
                  كنت غاضبا جدا...
                  ألم يكفها ما فعلت بالصغيرة ؟ و أيضا تحرمني من البقايا الممزقة من ذكراها التي لم تفارقني لحظة واحدة...منذ سنين ؟؟
                  صرخت بخشونة بالغة :
                  " لا أريد دموعا... أريد الصورة الان و بأي طريقة... هيا تحركي... في الحال... قبل أن تمزقك شياطين غضبي إربا... أتسمعين؟؟ "
                  و أفلتها من بين يدي بدفعة قاسية...
                  أروى استندت إلى الجدار... ثم مسحت دموعها... ثم سارت ببطء نحو الداخل... ثم عادت إلي تحمل شيئا في يدها و مدته نحوي...
                  و سرعان ما اكتشفت أنها قصاصات صورة رغد الممزقة...
                  تجمدت فجأة و لم أقو على الحراك... و تحولت نيراني إلى كتل من الجليد... رفعت بصري إلى عينيها فرأيتهما حمراوين و المزيد من الدموع تتجمع فيهما... و منهما تنبعث نظرات تعيسة...
                  " خذ "
                  تكلمت بصوت هزيل ضعيف... و هي تحرك يدها ...
                  تحركت يدي بلهفة و تناولت القصاصات من يدها... و أخذت عيني تتفحصها بشوق و تتأكد من اكتمالها... ثم انتقلت أنظاري من القصاصات إلى أروى...
                  شعرت بالانهيار... و حرت في أمري...
                  و أخيرا... قلت بصوت تحطم فجأة و تحول من الصراخ الناري إلى الهمس البارد:
                  " لكن... إه... لماذا ادعيت أنك رميت بها ؟ "
                  أروى ردت وسط بحر الدموع :
                  " كنت... أريد اختبار ردة فعلك... لأتأكد "
                  و عصرت الدمع المتجمع في عينيها بمرارة... ثم تابعت :
                  " و أنا الان... متأكدة... من كل شيء "
                  و أضافت أخيرا :
                  " ستمزقني... حتى من أجل... صورتها ! "
                  و بسرعة استدارت و هرولت نحو سريرها و أخفت وجهها بين الوسائد و بكت بانفعال...
                  واقف كعمود الإنارة المحروق... لا يملك قدما تخطو للأمام و لا للخلف... و مهما ثار يبقى منطفئا عاجزا عن إنارة المنبت الذي يرتكز عليه... و رؤية أين يقف... تسمرت أنا بين الذهول و الفزع... و بين الإدراك و الغفلة... و التصديق و الرفض... أنظر إلى أروى و أسمع دوي كلماتها الأخيرة يزلزل جمجمتي... دون أن يكون لي من القوة أو الجرأة ما يكفي لفعل أي شيء !

                  أخيرا تمكن لساني من النطق ...
                  " أروى ... "
                  لم ترد علي، ربما كان صوتي جدا ممزقا... لممت شيئا منه و ناديتها ثانية :
                  " أروى ... "
                  و هذه المرة ردت فجاء صوتها مكتوما عبر الوسائد :
                  " اتركني وحدي "

                  و على هذا... عدت أدراجي إلى غرفتي أحمل أشلاء صورة محبوبتي الصغيرة بين أصابعي... و أضمها إلى صدري...
                  و مرة أخرى هويت برأسي المشحون بشتى الأفكار على الوسادة... و لكنني لم أر إلا سوادا أودى بوعيي إلى قعر الغياب...

                  تعليق

                  • Loli.
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 5513



                    • أيـــام .. كانت أيام :(


                      تليغرامي للإقتباسات
                      اضغط هنا


                      .

                      شيخة قلبه سابقا

                    رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                    الحلقه الثالثة والاربعون
                    من حبيبتك؟؟
                    الساعه الثالثه إلا عشر دقائق عصرا أفقت من النوم مفزوعا على صوت رنين هاتفي.

                    تناولت الهاتف بسرعه وأنا استرجع وعيي فجأه واتذكر رغد وما ألم بها
                    أجبت بقلق:
                    نعم هذا أنا".
                    وسمعت صوت رغد يحدثني من الطرف الاخر:
                    مرحبا وليد. هل كنت نائما؟"
                    قلت:
                    نعم رغد هل انت بخير؟
                    قالت:
                    "أجل. اتصلت مرتين ولم ترد! كنت أريد أن أطلب منك جلب بعض حاجياتي معك.
                    متى ستأتي؟""
                    ألقيت نظرة على ساعة الحائط ثم قلت:
                    "بعد ساعة من الان. لقد استغرقت في النوم ولم أحس بشي. أنا أسف. ماذا أجلب معي؟"
                    وذكرت لي عدة أشياء تلزمها... وإن كان (الحذاء) من بينها!
                    لم ألتق بأروى خلال تلك الساعة ولم أسمع ردا حين طرقت باب غرفتها
                    لأعلمها بانصرافي..
                    وذهبت إلى المستشفى وأنا أحمل باقة من الزهور الجميلة وعلبة شوكولا كبيرة بالإضافة إلى حاجيات رغد..
                    عندما وقعت أنظاري عليها للوهلة الأولى شعرت براحة..
                    إذ أنها بدت بحالة أفضل
                    وعاد لون الحياة إلى وجهها بعد الشحوب. كما أنها سرت بباقة الزهزر وشكرتني عليها.
                    أقللت خالتي إلى المنزل وعدت سريعا إلى رغد حيث قضيت معها ساعات الزياره..

                    تخلل تلك الساعات فترة العشاء وقد قمت بنفسي بتشجيع ومساعدة رغد على تناول
                    الطعام.
                    تجابها معي طمأنني إلى أنها تجاوزت مرحلة الانهيار النفسي وتقبلت لحد ما وضعها الحالي. هاذا إضافة إلى
                    أن كلام الطبيب منحني المزيد من الطمأنينة على وضعها هذا اليوم.
                    بعد أن أنهت عشائها بدا عليها بعض الشرود والتوتر ...
                    وأنا أعرف صغيرتي حين يشغل بالها شيء..
                    سألتها:
                    " أهناك شيء يا رغد؟"
                    نظرت إلي وفي عينيها التردد ولمحت أصابع يدها السليمه تتحرك باضطراب.
                    وكأنها تود قول شيء تخشاه.
                    قلت مشجعا:
                    "خير صغيرتي؟؟ ماذا يزعجك؟
                    قالت بعد تردد:
                    "ماذا قالت لك؟"
                    نظرت إليها مستنتجا ما تعنيه. كانت الإشارة إلى أروى طبعا. الاهتمام كان جليا على وجهها.
                    رددت عليها:
                    "لاشيء"
                    فسألت:
                    لاشي؟
                    فوضحت:
                    "أعني أنني لم أتحدث معها بعد. حقيقة لم أجد الوقت لذلك. كنت نائما طوال الساعات.
                    تلاشى جزء من توتر رغد وسكنت أصابعها ولكنها لم تزل مشغولة البال.
                    قلت:
                    "أهناك شيء تودين قوله لي يا رغد؟
                    اضطربت وأجابت:
                    " لا. لكن..."
                    "لكن ماذا؟"
                    "لاتتصغ لما تدعيه هي علي... إنها تكرهني".
                    وقد قالتها بانفعال فقلت:
                    "لا أحد يكرهك يا رغد.
                    فردت بانفعال أكثر:
                    "بل تكرهني.., وتعتبرني عالة عليك وعلى ثروتها.. وحتى على منزلنا".
                    قلت نافيا:
                    "غير صحيح يارغد... أروى ليست من هذا النوع".
                    قالت بعصبيه:
                    "قلت لك لا أريد سماع أسمها... لماذا تدافع عنها؟ ألم تر مافعلت بي؟؟ أنت لم تسمع ماقالته لي".
                    أحسست بأن أي شراره قد تشعل حريقا فظيعا... فأردت تدارك الأمر وقلت:
                    "لاتلقي بالا لشيء الان. سنناقش المشكلة بعد خروجك سالمة إن شاءالله".
                    هدأت رغد وقرأت الرضا والامتنان على قسمات وجهها,ألحقتهما بابتسامة بسيطة بكلمة:
                    "شكرا على تفهمك".
                    ابتسامتها السطحية هذه أدت مفعولها وأشعرتني بتيار من الراحة... أما جملتها التالية فأطلقت قلبي محلقا في السماء...
                    "أنت طيب جدا... أثق بك كثيرا يا وليد".
                    غمرتني نشوى دخيلة على الظروف والحال اللذين نمر بهما ... وأطلقت زفرة ارتياح وسرور من أعماق صدري...
                    وانقضت ساعات الزيارة وذهبت إلى المنزل مرتاح البال زمتهلل الوجه لحد ملحوظ...
                    ثماصطحبت الخالة ليندا إلى المستشفى لتبقى مع رغد طوال الليل...


                    عندما وصلنا إلى المستشفى, وبعد أن ركنت السيارة في أحد المواقف الخاصة,
                    خاطبتني الخالة قائلة:
                    " وليد يابني... عد إلى أروى وتحدث معها".
                    كانت نبرتها مزيجا من الجدية والحزن... أيقضتني من نشوة السرور التي كنت أغط فيها...
                    شعرت بالحرج وقلة الحيلة ولم أجرؤ على النظر إلى عينيها... الخلة تابعت:
                    "إنها ليست على مايرام يابني...أنت منشغل هنا مع رغد وإصابتها... لكنأروى أيضا في حالة سيئة وبحاجة إليك باركك الله".
                    بخجل رفعت بصري إليها وأطرقت برأسي مؤيدا...
                    حين وصلت إلى البيت وقفت أمام غرفة أروى في حيرة... لم تكن لدي الأفكار الحاضره لطرحها في الحديث...وأحاديثنا في الأيام الأخيرة كانت مشحونة جدا...
                    ومؤخرا تصرفت معها بخشونة بالغة...
                    مددت يدي أخيرا وطرقت الباب...
                    " هذا أنا... أيمكنني الدخول؟؟"
                    فلم ترد. فقلت:
                    "أروى... هل أنت نائمة؟؟"
                    فلم ترد.
                    كررت مناداتها إلى أن سمعتها تجيب أخيرا وبنبرة غاضبة:
                    "نعم؟ ماذا تريد".
                    قلت:
                    "ام لاتردين علي؟؟ أقلقتني عليك".
                    فسمعتها ترد بأسلوب لم يعجبني:
                    "أحقا؟؟ لاداع لأن تقلق بشأني. يكفيك ما أنت فيه ومن تقلق بشأنهم. لاتتعب نفسك".
                    وقفت برهة حائرا ومنزعجا في مكاني.. فأنا لم أعتد الصدود من أروى بل رحابة الصدر وطول البال وحرارة الترحيب...
                    ثم ناديتها مرتين وطلبت منها الإذن لي بالدخول لنتحدث... ولما تجلهلت نداءاتي تجرأت وفتحت الباب!
                    دخلت الغرفة فرأيت أروى تهب واقفة مفاجأة من دخولي... ورأيت الاحمرار يطلي وجهها بسرعه... وأروى من النوع الذي يتغير لون وجهه بسرعه مع تغيرات انفعالاته...
                    قلت وأنا أراها تضطرب وترتد خطوة للوراء:
                    "أنا... أنا اسف ولكنني..."
                    وتنحنحت لأزيل الحروف التي تعثرت في حنجرتي... ثم تابعت بصوت خافت
                    وحنون:
                    "قلق بشأنك".
                    حل صمت عميق فيما بيننا فلا أنا قدرت على مواصلة الكلام ولا هي تكلمت لتشجعني... بل تراجعت خطوة أخرى للوراء وأدارت وجهها وأبعدت عينيها عني...
                    هل سنقف هكذا طويلا!؟؟ يجب أن أفعل شيئا!
                    تجرأت وخطوت بضع خطوات مترددة مقتربا من أروى... وهي لاتزال مديرة وجهها عني متحاشية النظر إلي...
                    "أروى".
                    ناديتها بصوت حنون...
                    وإن لم تنظر إلي أو لم ترد علي... فهي على الأقل تسمعني...
                    قلت:
                    "أروى... أنا اسف لما بدر مني... أعرف أنني... أنني كنت فظا.. لكن... اعذريني فأنا أمر بظروف تفقد المرء اتزانه".
                    وأضفت:
                    "والأجدر بك كزوجة مساندتي وليس مؤاخذتي..."
                    هنا التفتت أروى إلي ورفعت بصرها نحوي... فقرأت في عينيها كلمات غاضبة...
                    ثم علقت:
                    "والأجدر بك كزوج... ملاطفتي وليس الصراخ في وجهي وسحق عظامي في الجدران".
                    لم أعرف بم أعقب! صعقني تعقيب أروى وأشعرني بذنب مؤلم...
                    أنا وأروى ومنذ ليلة شجارها مع رغد... على خلاف يتفاقم يوما بعد يوم... وأحدثت شجاراتها مع رغد بيننا فجوة كبيرة اخذة في الاتساع...

                    أولتني أروى ظهرها مجددا لتبعد عينيها وتعبيرات وجهها عن مراي. ومرت

                    تعليق

                    • Loli.
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 5513



                      • أيـــام .. كانت أيام :(


                        تليغرامي للإقتباسات
                        اضغط هنا


                        .

                        شيخة قلبه سابقا

                      رد: رواية انت لي [ رائعه فعلا ] مكتمله ,

                      اللحظة خلف اللحظة ونحن واقفان على هذا الوضع...
                      أردت أن أشعرها بندمي وبأنني راغب في أن نتفاهم ونتصالح...
                      مددت يدي ووضعتها على كتفها برفق... ثم أدرتها لتواجهني... وعندما التقت نظراتنا شاهدت بريق الدموع في عينيها...
                      "أروى..."
                      قلت هامسا:
                      "دعينا نتفاهم... أرجوك".
                      رفعت أروى يدها ومسحت الدمعة العالقة في رموشها قبل أن تطل... وأظهرت تعبيرات التماسك وقالت أخيرا:
                      "حسنا. عم تريدنا أن نتفاهم؟"
                      قلت وأنا لا أزال واضعا يدي على كتفها:
                      "عن كل شيء... والأهم عنك أنت".
                      نظرت إلي وهي وتضيق فتحتي عينيها وتقول:
                      "عني أنا؟"
                      أجبت:
                      "نعم. فأنا أود الاطمئنان عليك قبل كل شي الان..."
                      قالت:
                      "وكيف تراني الان؟؟"
                      قلت مشجعا:
                      "أراك بخير والحمدلله... ألست كذلك؟"
                      أمالت أروى إحدى زاويتي فمها للأعلى وعقبت:
                      "تلزمك نظارة".
                      وهي إجابة لم أتوقعها من أروى... ولم أستسغها... ثم أبعدت يدي عن كتفها إشارة إلى أنها غاضبة مني...
                      قلت محاولا استرضاءها:
                      "أروى... أنا اسف... اسف لأنني قصرت معك وأسأت التصرف... أرجوك أن تعذريني... إنني لا أعرف ماحصل ولكنني مأخوذا بإصابة رغد البالغة ولم أستطع التفكير في شيء أخر معها... أردت أن أسألك لتتضح الأمور... ولكن... تعرفين... كنت مضطرا لملازمة رغد في المستشفى ولم تسنح الفرصة".
                      قالت أروى وهي تعبر عن استيائها:
                      "مضطر؟؟"
                      قلت:
                      "أعني... أنه لابد من ذلك... لم يمكنني تركها وحيدة انذاك لأنها تفزع من الوحده والغربة... إنه فزع مرضي كما أعلمتك مسبقا..."
                      قالت أروى بشيء من السخرية:
                      "وما الذي جعلك تتركهالان؟ هل تخلصت من مرضها أم ماذا؟"
                      لم أعقب على سؤالها, ثم قلت:
                      "اندع رغد لما بعد ولنتحدث عنك أنت الان".
                      ولم أفهم سر التعبيرات التي طلعت على وجه أروى لحظتها...
                      بعدها قالت:
                      "بالنسبة لي أنا... فأنا أريد العودة إلى المزرعة".
                      فوجئت من كلامها وارتسمت على وجهي تعبيرات عدم التصديق... فنحن في ظروف ليست بحاجة للشرح ولايمكن لفكرة السفر أن تبقى في رأس أي منا...
                      قلت مستغربا:
                      "المزرعة؟؟"
                      فردت مؤكدة:
                      "نعم المزرعة. أريد العودة إلى المزرعة... إلى خالي... وفي أقرب فرصة".
                      أتعني ماتقول؟؟ ألا ترى وضعنا الحالي؟؟ أهي جادة في كلامها هذا؟؟
                      قلت:
                      "كيف يا أروى؟ عجبا! كيف تفكرين في هذا الان؟؟ لانستطيع السفر وتدركين لماذا".
                      قالت موضحة:
                      "أما لم أقل نريد العودة... قلت أنني أنا أريد العودة... وإذا احتجتم لوالدتي فلا أظنها تمانع البقاء معكم... لكني أريد السفر وبسرعة... ولاتحاول ثنيي لأنني لن أغير موقفي".
                      وكان على وجهها الحزم والجد... فأدركت مدى الإصرار الذي تحمله...
                      رفعت يدي الاثنتين إلى كتفيها من جديد وقلت بصوت راج:
                      "لماذا ياأروى؟ ألا تقدرين مانحن فيه؟"
                      أجابت بصوت غاضب, أفلت من مكابحه فجأة وفجر نافورة من الدماء في وجنتيها:
                      "لماذا؟ أوتسألني لماذا؟؟ لأنني تعبت يا وليد... أكاد أنفجر... ألاتشعر بما أعانيه؟؟
                      ألا تحس بي يا وليد؟؟ ألا تحس؟؟
                      وقبل أن تتم جملتها كانت الدموع قد فارقت من عينيها... فرفعت كفيها وخبأت وجهها وبكت بصوت عال...
                      كانت يداي لاتزالان قابعتين على كتفيها بحنان... ربما لتطبطبان على موضع القسوة التي عاملتها بها صباحا...
                      بكت أروى بألم.. فرققت لحالها وقلت:
                      "أرجوك... لاتبكي..."
                      لكنها استمرت في إطلاق الزفرات الباكية الحارة...
                      قلت بلطف:
                      "اهدئي رجاء..."
                      أروى أزاحت كفيها عن وجهها ونظرت إلي من بين الدموع...
                      "ألا تحس بي يا وليد؟؟"
                      أجبت بعطف:
                      "من قال ذلك؟!"
                      أروى عصرت عينيها من الدموع وهي تحرك رأسهها نفيا وتقول:
                      "لا... لا تحس بي! إنك لا تشعر بما أشعر به... ولا بما أعانيه".
                      مدهشا من كلامها وقفت أحدق في عينيها وأصغي باهتمام...
                      وإذا بها تمد إحدى يديها إلى إحدى ذراعي الممدودتين إلى كتفيها فتشد عليها وتقول:
                      "وليد... وليد... أنا أحبك".
                      شعرت بشيء يقف في حلقي فجأة ويسد مجرى هوائي! فتوقفت عن الحركة وعن التنفس...
                      أما هي فتابعت:
                      "أتدرك ذلك؟؟"
                      ولما رأت سكوني هزت ذراعي وكررت:
                      "أتدرك ذلك يا وليد؟ أتحس بي؟؟"
                      أطلقت زفرة أخيرة مصحوبة بإجابة متوترو:
                      "اه... أجل... طبعا".
                      قالت:
                      "وأنت؟ هل تحبني؟"
                      ازداد توتري واستغرابي... ازدردت ريقي ثم قلت:
                      "ماذا دهاك يا أروى".
                      قاطعتني سائلة وهي تضغط على ذراعي:
                      "هل تحبني؟"
                      قلت:
                      "أروى!!؟"
                      فضغطت أكثر على ذراعي وقالت:
                      "أجب يا وليد..."
                      احتقنت الدماء في وجهي واشتعل احمرارا... وخرجت أنفاسي حارة لفحة وجه أروى وأوشكت أن تحرقه...
                      "بالطبع..."
                      وكأن الإجابة قد فجرت بركانا مملوء بالحمم في عينيها... نظرت إلي نظرة تشكك... وحركت رأسها نفيا... ثم دفنت كل تلك الحرائق في صدري...
                      "لماذا تفعل هذا بي يا وليد؟؟ أنا لا أتحمل... لا أتحمل... لا أتحمل".
                      انهارت أروى باكية على صدري بعمق.. فما كان مني إلا أن أحطتها بذراعي بعطف... وطبطبت عليها...
                      كنت أرغب في أن نتحدث معا ونستوضح الأمور... ونصلح الخصام القائم بيننا غير أن بكاءها وانهيارها بهذا الشكل جعلني أرجىء بعيدا الأفكار المبعثرة التتي كنت أحاول تجميعها قبل دخولي الغرفة...
                      تركتها تبكي على صدري وأخذت أمسح على شعرها الناعم... حتى هدأت قليلا...
                      فقلت مشجعا:
                      "يكفي يا أروى... أرجوك".
                      وأمسكت برأسها وأبعدته عني قليلا... حتى التقت نظراتنا... وكم كانت عميقة ومكتظة بالمعاني...
                      همست بعطف وقلق:
                      "ماذا حل بك... أروى؟"
                      فردت للعجب ردا لايمت لسؤالي بصلة:
                      "إنك حتى... لم تفكر في الاحتفاظ بصورة لي! أنا خطيبتك... وزوجتك شرعا".
                      نظرت إليها والدهشة تملأ وجهي... وبدأ سباق نبضات قلبي وانتهى بتوقف مفاجىء.
                      حين سمعت أروى تتابع قائلة:
                      "لكنك تحتفظ بصورتها هي!"
                      جفلت تيبست ذراعاي وتصلبت رجلاي... حملقت في أروى في عجز عن تحرير أنظاري من أسرها...
                      وإذا بها تقول:
                      "لايحتفظ الرجل بصورة فتاة تحت وسادته... إلا إذا كان يحبها... لا يحتاج المرء لذكاء خارق حتى يستنتج هذا".
                      هنا انكتمت أنفاسي كليا ووقف شعر جسدي مذهولا... حدقت عيناي في عيني أروى واستقبل وجهي كلماتها القوية... كصفعة مباغتة اصطدمت به حتى تمحي ملامحم...
                      وبالتأكيد... فإن ملامح وجهي بالفععل قد اختفت... لأنني رأيت عيني أروى تدوران فيه... تفتشان عن شيء لم تعثر عليه...
                      متسمرا في مكاني... وساكنا عن أي حركة أو نفس أو نبض, وقفت أما أروى أتلقى النظرات الثاقبة... ذات المعاني المستهدفة...
                      لما رأت أروى سكوني المهول... حركت يديها نحو كتفي وضغطت عليهما... وسألت:
                      "هل تحبها؟"
                      السؤال المفاجىء المهول... أجبر فمي على الانفغار... لكن نفسا لم يخرج منه... ونفسا لم يدخل إليه...
                      شعرت بيدي أروى تشدان أكثر على كتفي... وكانت تركز في عيني كمسمار دق على بصري فثبته ومنعه من الهروب...
                      كررت:
                      "أنت تحبها... أليس كذلك؟؟"
                      لم أتحرك!
                      قالت ووجهها يشع احمرارا:
                      "أجب يا وليد؟؟"
                      حاولت أن أبلع ريقي لكن الشلل أصاب حلقي... كما أن الجفاف الشديد صير لساني إلى قطعة خشب مهترئة عاجزة عن الحراك...
                      "أجبني".
                      ألحت أروى... وبصعوبة عصرت هذه الكلمات من لساني عصرا:
                      "ب... بالطبع... أليست ابنة عمي؟"
                      أروى هزت رأسها استنكارا وقالت:
                      "لا يا وليد! أنت تدرك ما أعني... أنت تحبها أكثر من ذلك... لا تحاول... إنك... أنت... اه".
                      ولم تكمل أروى جملتها... بل سحبت يديها وأخفت وجهها بهما وابتعدت عني...
                      وربماكان هذا أفضل مافعلته... لتطلق سراح عيني...
                      ترنحت عيناي في اللاشيء... واللاهدف... وتأرجحت ذراعاي على جانبي كبندول الساعة... وتراقصت كلمات أروى الأخيرة بين طبلتي أذني حتى مزقتهما...
                      العرق كان يتصبب من جسمي... والدماء تغلي في عروقي... وأشعر ببخار يخترق جلدي ويطير إلى السقف...

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...