رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
ينظر للرقم الغريب الذي ينير هاتفه من الخارج، هذا الرقم الباريسي يثير في نفسه القلق، باريس لم تأت يوما بفرح لي ولم تكن صفحة بيضاء في عالمي، أجاب بصوت هادىء : ألو
: السلام عليكم
يقف بدهشة : وعليكم السلام . . مقرن ؟
مقرن تنهد : إيه
فيصل : وينك فيه ؟
مقرن : مو مهم! فيصل أنت لازم تروح عند بوسعود وتعترف له بكل شي .. عندك من هنا لبكرا
فيصل : مقدر! أنا ماني عايش بروحي عشان أخاطر بنفسي .. وراي أم وأخت!
مقرن بغضب : من هنا لبكرا!
فيصل بعصبية : قلت بروح لكن طلعوا لي! . . وش أسوي أنا ؟
مقرن : أنت غلطت وصحح أغلاطك!
فيصل بصراخ : ما غلطت .. ما غلطت .. إذا بتعترف أنت فهذا أمر يخصك لكن أنا بهالظروف مستحيل
مقرن بهدوء يمتص غضبه : يخططون عليك يا فيصل! ساعد نفسك قبل لا يضيع منك كل شي
فيصل بمثل هدوءه : يخططون على إيش ؟
مقرن : أكيد ماراح تخلي أمك تبكي عليك!
فيصل يفهم قصده، يفهم كيف يتخلصون هؤلاء الخونة مع من يتعاملون معهم! يعرف كيف يكون الموت هو أسهل الحلول إليهم : وأنت؟
مقرن : خلك مني! أنا متصل عليك عشان أقولك . . صحح أغلاطك قبل لا يجي غيرك ويصححها عنك وتخسر نفسك
فيصل بعصبية : كيف أبلغهم! أرسلوا لي مسج يا مقرن .. ليه منت راضي تستوعب؟
مقرن : أعطيك إياها من الاخر! أنت خسران خسران! فبأقل الخسائر روح بلغهم
فيصل بغضب يغلقه ليرمي هاتفه على جدار مكتبه، خرج من شركته التي أسسها بعرق جبينه وبدأ يفقدها شيئا فشيء، كل الأشياء تسوء وكل من يرتبط بهم يموت ببطء، كل من تدخل بهم يموت! هذه القاعدة التي يطبقونها على البشرية بكل قذارة، جميعهم يرحلون! يسقطون الجثث وكأنها علب لا فائدة منها، أبتدأوها بعائلة سلطان بن بدر و من ثم محاولتهم لإنهاء عائلة عبدالرحمن و أخيرا عائلة سلطان العيد التي تلاشت، ومن ثم بدأوا بالأفراد، يحاولون أن يصهرون أجسادنا بجحيمهم، والان مقرن يقترب وأنا؟ ومن أيضا ؟ هل ناصر سينضم إلينا.
قاد سيارته بإتجاه بيته، أشتعل في صدره قهرا كيف ينتهي كل هذا؟ صعب أن ينتهي أمرا بدأه بكل غباء، أأكذب على ذاتي؟ كل شيء واضح و " بكلا الحالتين أنا خسران " ، دقائق مضت غرق بتفكيره حتى ركن سيارته أمام بيتهم الشاهق بوحدته بعد والده، دخل ليصعد للأعلى ويجد والدته تنظر بنظرات معجبة بالديكور الجديد، قبل رأسها لتردف بشغف : وش رايك؟
ينظر فيصل لذوق والدته الكلاسيكي الذي يشبهه، و الجناح الذي أتسع بالدرجات الترابية وبعض الحمرة العنابية تتسلل ببعض الأشياء، ولمكتبة الكتب التي أعادت والدته عملها : الله يسلم لي هالقلب ويحفظه لي ...
والدته :ويحفظك لي يا عيني . . متى تنوره هيفا ويكتمل!
أكتفى بإبتسامة ليجلس على الأريكة وينظر لريف الغارقة بالكتاب، أتسعت إبتسامته : يا فديت المثقفين بس! . . ريوووف تعالي
وضعت الكتاب بطريقة أنيقة تحاول التشبه بوالدتها، لتسير بخطى ناعمة : تبي إيش؟
فيصل يحملها لحضنه : أبي عيونك
بدأت يدها الصغيرة بالتلاعب بخصلات شعره القصير دون أن تفهم كلماته جيدا.
فيصل : وش قريتي؟
ريف بدلع عفوي تشرح له بحركات يديها : الناس أنا و أنتا يعني لما نسوي شي غلط الله يزعل علينا
فيصل : طيب وإذا سوينا شي صح ؟
ريف تضع يدها على جبينها وهي تحكه : اممم . . . ما أدري بس أنت لا تسوي غلط عشان ما يزعل علينا الله
فيصل يقبل خدها : ندخل الجنة إذا سوينا شي صح
والدته : ماراح تاخذ إجازة هاليومين؟ خلاص ما بقى شي على زواجك حاول تهيء نفسك
فيصل تنهد : لا تشيلين هم مضبط أموري
والدته : طيب نام الحين شكلك تعبان . . ريف تعالي
ريف : بقولك سر . . . تقترب من إذنه لتتسلل نحو خده الخشن وتطبع قبلة عميقة على وقع ضحكات والدتها : ملكعة . . يالله أمشي
فيصل بقدر ما أبتسم بقدر ما أوجعه أن يفقد هذه القبلة الرقيقة من إبنة قلبه : تمسين على خير ..
أم فيصل : قولي له وأنت من أهل الخير والسعادة
ريف : وأنت أهل الخييير وال .... *رفعت عينها لوالدتها* أيش ماما ؟
أم فيصل : والفرح
ريف : و أنت من أهل الفرح بابا
أبتسمت والدتها بوجع من مناداتها له ب " بابا " : يالله خلينا نطلع ونخلي فيصل ينام . . . أغلقت الإضاءة وخرجت.
فيصل يراقب خطواتهم حتى أختفوا من أمامه وغرق بتفكيره، كيف يخبرهم؟ هذا السؤال الذي يعجز عن إيجاد إجابته.
،
على أطراف المغرب، كان حضوره صخبا مشتتا لكل ما له علاقة بالإتزان، أنت بطبعك ليس مسالم! وعينيك والله ليست مسالمة وكل الأشياء التي تنبعث منك تثير اللاإتزان والإضطراب، أتريد قتلي؟ عيناك يا سلطان قتلتني مرتين، أخذت نفسا عميقا وهي تسير بإتجاهه بعد أن عانقته حصة بكل ما أؤتيت من حنان، أرتبكت قبل أن تحاول أن تلفظ كلمة شدها من خصرها ناحيته لتضطر أن تقف على أطراف أصابعها وتقبل خده الخشن بنعومة شفتيها وتهمس : الحمدلله على السلامة
سلطان بمثل همسها : الله يسلمك ....
حصة بعتب: الحين طالع من الصبح وتوك تجينا
سلطان : مريت الشغل ... جلس على الأريكة بهدوء يحاول أن يسترخي ويبعد أفكار العمل من عقله.
حصة : كيفك الحين؟ حاس بتعب؟
سلطان : الحمدلله أموري تمام
حصة بإبتسامة : عساها اخر الطيحات .. كليت ولا للحين على فطورك؟
سلطان : لا متغدي متأخر مع بوسعود وبومنصور . . ومو مشتهي شي
حصة : بتتعشى معنا من الحين أقولك . . . ووقفت بهدوء متجهة نحو المطبخ.
الجوهرة شعرت وكأنها بقفص وأستفرد بها، نظر إليها بنظرات تشتعل خبثا لتشتت نظراتها بعيدا عنه، بنصف إبتسامة يبخل بأن يظهرها كاملة : إيه يا حفيدة خالد ال متعب وش أخبارك ؟
تقسم بالله أن نبرته هذه لا تظهر إلا ليستفز عاطفتها الأنثوية، نظرت إليه ببرود : أخباري تسرك
سلطان يقف ليتجه نحو الأريكة الأخرى بجانبها، جلس و سيقانهم تتلاصق ببعضها البعض، ألتفت عليها والمسافة التي تفصلهما عن بعض منعدمة، لا شيء بينهما سوى الأكسجين الذي يحمر بذراته حولهما : إيه .. و أيش بعد؟
الجوهرة تحك رقبتها بتوتر وهي تنظر للطاولة التي أمامها ولا تلتفت إليه، بصوت خافت : مو حلوة تجي عمتك وتشوفك كيف تستفزني
سلطان : هذا تسمينه إستفزاز ؟
الجوهرة بضيق : سلطان .. أبعد شوي
سلطان بمزاج لا يقبل الأوامر، أقترب أكثر وهو يضع قدمه على قدمها ليعيقها من الحركة : وين قوتك بالمستشفى؟
الجوهرة شعرت بأنها تتضائل أمامه الان وأن قوتها وهمية لا تخرج إلا في تعبه، أردفت وهي تلتفت إليه ليفصل بين جبينه وجبينها مقدار " إصبع "، أرتفع صدرها بعلو شاهق حتى هبط بنبضات مضطربة تترجمها أنفاسها العشوائية الضائعة : وأنت تارك لي مجال عشان أطلع قوتي عليك
سلطان بنبرة مستفزة : وكيف أعطيك مجال؟
الجوهرة تنظر للسقف في محاولة جادة أن تهرب منه، كل هذا القرب وهذه الفتنة الحية لعينيها الضعيفتين أمامه لا تحتمل، ألتزمت الصمت وهو يراقب حركاتها الرقيقة في الإبتعاد وعينيها المشتتين، أردف : وتقولين أنك تقدرين! عجيب
الجوهرة بقهر ألتفتت عليه ولا تعرف كيف هذا الإلتصاق يبقيها حية إلى الان :أنا قادرة لكن كالعادة الرجال أقوى
سلطان يشعلها بحمرتها : طبعا هالشي يختلف عند الأسمر اللي روح لك قلبك
الجوهرة شعرت أنها تذوب وأن لا مقدرة لها بالنظر لعينيه، تولعت كقنديل أحمر في كامل جسدها وهدبيها يرتعشان بالنبيذ الذي أنسكب على ملامحها، أرتعشت أطرافها وهذا الكون بأكمله تجمد بعينيها ولم تعد تستطيع التفكير بكلمة للخلاص من كل هذا.
سلطان ابتسم يشعر بلذة الحياة في خجل أنثى أمامه منتشية بلون النبيذ الأحمر : ما عندك تعليق ؟
الجوهرة برجفة كلماتها : ممكن تبعد شوي؟
يضع قدمه بين أقدامها ليشد سيقانه ويجعلها تلتفت بكامل جسدها : يا جبانة على جملة ما قدرتي تواجهيني
الجوهرة بهمس مقهور : الحين بتجي عمتك
سلطان : جبانة
الجوهرة بعصبية علت صوتها : إيه أنا جبانة ممكن تبعد!
سلطان بهدوء مستفز : لا
سيغمى علي فعلا إن واصل كلماته المستفزة لعاطفة أي أنثى ولا تخصني وحدي، إلهي يا سلطان ماذا تريد ان تصل إليه، تحاول أن تشعلني غضبا وحرجا منك، ليتني لم أغني تلك الكلمات ولم ألفظها وأنا أنتظرك على الهاتف، ليتني لم أنطقها، إلهي كيف يحمر قلبي بكل لحظة يربكني بها بعينيه، إلهي كيف أشعر بأن عاطفتي العميقة تصل لحنجرتي وتتلاعب بصوتي.
الجوهرة تحاول الوقوف ليشد قدمها وتسقط على الأريكة، زفرت أنفاسها بضيق وسط إستلعانه في مزاج " سلطاني "، الجوهرة : راح أنادي عمتك
سلطان : أنا أقترح تكسبين رضاي عشان ما تكون ليلتك فظيعة
وقف صدرها من الهبوط والعلو، تشعر أن قلبها لا يعمل بالصورة الطبيعية، أنخفض نبضها بربكة لا يضاهيها ربكة، بلعت ريقها، وهذه الربكة من دواعيها أن تضحك سلطان ليردف وهو يبتعد بجلسته عنها : هذي قرصة إذن عشان توريني قوتك زين
دون وعي منها أخذت الخدادية الصغيرة لترميها عليه وهي تقف محاولة الهرب، سلطان يتبعها بخطوتين حتى وصل إليها ليشدها ويلصق ظهرها بصدره وبحدة يتصنعها : قد هالحركة ؟
قيد ذراعيها بيده لتردف وأوشكت على البكاء من قهرها : ويسألون بعدين ليه الحريم ينهبلون ما يشوفون الرياجيل وش يسوون فينا!
سلطان بضحكة يقترب من إذنها بهمس مستفز : بسم الله على عقلك ما كأنك قبل كم يوم تتشيحطين قدامي
الجوهرة وهي تشعر بأنفاسه التي تلتصق بعنقها : الحين لو حاولت أرد شوي من حقي قلت أتشيحط! بس أنت حلال لكن الجوهرة حرام!
سلطان يقبل عنقها وعلى اثار الجرح طبع قبلته العميقة ليجمد العرق الذي يجري بها، أطال بقبلته لتغمض عينيها بخفوت، ماذا تحاول أن تفعل بجسدي؟ أن تداوي جروحك الذي سببتها لي أم الخدوش التي قذفتها بقلبي دون رحمة! أريد لو لمرة أن أفهمك يا سلطان وأفهم توجهاتك! ومزاجك السماوي الذي لا تحليل في علم النفس يفسره! تغضب وتضحك في ان واحد وتستفزني بحمرة ملامحي وتستفزني كثيرا بجمالك.
أبتعد عنها متجها نحو الأريكة ذاتها ليأخذ هاتفه، أخذت نفسا عميقا تحاول أن تهدئ الإضطراب الذي صاب دماءها في أوردتها وشرايينها ، رن هاتفها لتتجه نحوه على الطاولة وتجيب بمحاولة للهروب من كل شيء.
: ألو
الجوهرة دون أن تفكر بصاحب الصوت والرقم الغريب، وبصوت مرتعش وهي تضع كفها على رقبتها لتخفف من إشتعالها : هلا .. مين؟
بنبرة مشتاقة : تركي!
يتبع
،
ينظر للرقم الغريب الذي ينير هاتفه من الخارج، هذا الرقم الباريسي يثير في نفسه القلق، باريس لم تأت يوما بفرح لي ولم تكن صفحة بيضاء في عالمي، أجاب بصوت هادىء : ألو
: السلام عليكم
يقف بدهشة : وعليكم السلام . . مقرن ؟
مقرن تنهد : إيه
فيصل : وينك فيه ؟
مقرن : مو مهم! فيصل أنت لازم تروح عند بوسعود وتعترف له بكل شي .. عندك من هنا لبكرا
فيصل : مقدر! أنا ماني عايش بروحي عشان أخاطر بنفسي .. وراي أم وأخت!
مقرن بغضب : من هنا لبكرا!
فيصل بعصبية : قلت بروح لكن طلعوا لي! . . وش أسوي أنا ؟
مقرن : أنت غلطت وصحح أغلاطك!
فيصل بصراخ : ما غلطت .. ما غلطت .. إذا بتعترف أنت فهذا أمر يخصك لكن أنا بهالظروف مستحيل
مقرن بهدوء يمتص غضبه : يخططون عليك يا فيصل! ساعد نفسك قبل لا يضيع منك كل شي
فيصل بمثل هدوءه : يخططون على إيش ؟
مقرن : أكيد ماراح تخلي أمك تبكي عليك!
فيصل يفهم قصده، يفهم كيف يتخلصون هؤلاء الخونة مع من يتعاملون معهم! يعرف كيف يكون الموت هو أسهل الحلول إليهم : وأنت؟
مقرن : خلك مني! أنا متصل عليك عشان أقولك . . صحح أغلاطك قبل لا يجي غيرك ويصححها عنك وتخسر نفسك
فيصل بعصبية : كيف أبلغهم! أرسلوا لي مسج يا مقرن .. ليه منت راضي تستوعب؟
مقرن : أعطيك إياها من الاخر! أنت خسران خسران! فبأقل الخسائر روح بلغهم
فيصل بغضب يغلقه ليرمي هاتفه على جدار مكتبه، خرج من شركته التي أسسها بعرق جبينه وبدأ يفقدها شيئا فشيء، كل الأشياء تسوء وكل من يرتبط بهم يموت ببطء، كل من تدخل بهم يموت! هذه القاعدة التي يطبقونها على البشرية بكل قذارة، جميعهم يرحلون! يسقطون الجثث وكأنها علب لا فائدة منها، أبتدأوها بعائلة سلطان بن بدر و من ثم محاولتهم لإنهاء عائلة عبدالرحمن و أخيرا عائلة سلطان العيد التي تلاشت، ومن ثم بدأوا بالأفراد، يحاولون أن يصهرون أجسادنا بجحيمهم، والان مقرن يقترب وأنا؟ ومن أيضا ؟ هل ناصر سينضم إلينا.
قاد سيارته بإتجاه بيته، أشتعل في صدره قهرا كيف ينتهي كل هذا؟ صعب أن ينتهي أمرا بدأه بكل غباء، أأكذب على ذاتي؟ كل شيء واضح و " بكلا الحالتين أنا خسران " ، دقائق مضت غرق بتفكيره حتى ركن سيارته أمام بيتهم الشاهق بوحدته بعد والده، دخل ليصعد للأعلى ويجد والدته تنظر بنظرات معجبة بالديكور الجديد، قبل رأسها لتردف بشغف : وش رايك؟
ينظر فيصل لذوق والدته الكلاسيكي الذي يشبهه، و الجناح الذي أتسع بالدرجات الترابية وبعض الحمرة العنابية تتسلل ببعض الأشياء، ولمكتبة الكتب التي أعادت والدته عملها : الله يسلم لي هالقلب ويحفظه لي ...
والدته :ويحفظك لي يا عيني . . متى تنوره هيفا ويكتمل!
أكتفى بإبتسامة ليجلس على الأريكة وينظر لريف الغارقة بالكتاب، أتسعت إبتسامته : يا فديت المثقفين بس! . . ريوووف تعالي
وضعت الكتاب بطريقة أنيقة تحاول التشبه بوالدتها، لتسير بخطى ناعمة : تبي إيش؟
فيصل يحملها لحضنه : أبي عيونك
بدأت يدها الصغيرة بالتلاعب بخصلات شعره القصير دون أن تفهم كلماته جيدا.
فيصل : وش قريتي؟
ريف بدلع عفوي تشرح له بحركات يديها : الناس أنا و أنتا يعني لما نسوي شي غلط الله يزعل علينا
فيصل : طيب وإذا سوينا شي صح ؟
ريف تضع يدها على جبينها وهي تحكه : اممم . . . ما أدري بس أنت لا تسوي غلط عشان ما يزعل علينا الله
فيصل يقبل خدها : ندخل الجنة إذا سوينا شي صح
والدته : ماراح تاخذ إجازة هاليومين؟ خلاص ما بقى شي على زواجك حاول تهيء نفسك
فيصل تنهد : لا تشيلين هم مضبط أموري
والدته : طيب نام الحين شكلك تعبان . . ريف تعالي
ريف : بقولك سر . . . تقترب من إذنه لتتسلل نحو خده الخشن وتطبع قبلة عميقة على وقع ضحكات والدتها : ملكعة . . يالله أمشي
فيصل بقدر ما أبتسم بقدر ما أوجعه أن يفقد هذه القبلة الرقيقة من إبنة قلبه : تمسين على خير ..
أم فيصل : قولي له وأنت من أهل الخير والسعادة
ريف : وأنت أهل الخييير وال .... *رفعت عينها لوالدتها* أيش ماما ؟
أم فيصل : والفرح
ريف : و أنت من أهل الفرح بابا
أبتسمت والدتها بوجع من مناداتها له ب " بابا " : يالله خلينا نطلع ونخلي فيصل ينام . . . أغلقت الإضاءة وخرجت.
فيصل يراقب خطواتهم حتى أختفوا من أمامه وغرق بتفكيره، كيف يخبرهم؟ هذا السؤال الذي يعجز عن إيجاد إجابته.
،
على أطراف المغرب، كان حضوره صخبا مشتتا لكل ما له علاقة بالإتزان، أنت بطبعك ليس مسالم! وعينيك والله ليست مسالمة وكل الأشياء التي تنبعث منك تثير اللاإتزان والإضطراب، أتريد قتلي؟ عيناك يا سلطان قتلتني مرتين، أخذت نفسا عميقا وهي تسير بإتجاهه بعد أن عانقته حصة بكل ما أؤتيت من حنان، أرتبكت قبل أن تحاول أن تلفظ كلمة شدها من خصرها ناحيته لتضطر أن تقف على أطراف أصابعها وتقبل خده الخشن بنعومة شفتيها وتهمس : الحمدلله على السلامة
سلطان بمثل همسها : الله يسلمك ....
حصة بعتب: الحين طالع من الصبح وتوك تجينا
سلطان : مريت الشغل ... جلس على الأريكة بهدوء يحاول أن يسترخي ويبعد أفكار العمل من عقله.
حصة : كيفك الحين؟ حاس بتعب؟
سلطان : الحمدلله أموري تمام
حصة بإبتسامة : عساها اخر الطيحات .. كليت ولا للحين على فطورك؟
سلطان : لا متغدي متأخر مع بوسعود وبومنصور . . ومو مشتهي شي
حصة : بتتعشى معنا من الحين أقولك . . . ووقفت بهدوء متجهة نحو المطبخ.
الجوهرة شعرت وكأنها بقفص وأستفرد بها، نظر إليها بنظرات تشتعل خبثا لتشتت نظراتها بعيدا عنه، بنصف إبتسامة يبخل بأن يظهرها كاملة : إيه يا حفيدة خالد ال متعب وش أخبارك ؟
تقسم بالله أن نبرته هذه لا تظهر إلا ليستفز عاطفتها الأنثوية، نظرت إليه ببرود : أخباري تسرك
سلطان يقف ليتجه نحو الأريكة الأخرى بجانبها، جلس و سيقانهم تتلاصق ببعضها البعض، ألتفت عليها والمسافة التي تفصلهما عن بعض منعدمة، لا شيء بينهما سوى الأكسجين الذي يحمر بذراته حولهما : إيه .. و أيش بعد؟
الجوهرة تحك رقبتها بتوتر وهي تنظر للطاولة التي أمامها ولا تلتفت إليه، بصوت خافت : مو حلوة تجي عمتك وتشوفك كيف تستفزني
سلطان : هذا تسمينه إستفزاز ؟
الجوهرة بضيق : سلطان .. أبعد شوي
سلطان بمزاج لا يقبل الأوامر، أقترب أكثر وهو يضع قدمه على قدمها ليعيقها من الحركة : وين قوتك بالمستشفى؟
الجوهرة شعرت بأنها تتضائل أمامه الان وأن قوتها وهمية لا تخرج إلا في تعبه، أردفت وهي تلتفت إليه ليفصل بين جبينه وجبينها مقدار " إصبع "، أرتفع صدرها بعلو شاهق حتى هبط بنبضات مضطربة تترجمها أنفاسها العشوائية الضائعة : وأنت تارك لي مجال عشان أطلع قوتي عليك
سلطان بنبرة مستفزة : وكيف أعطيك مجال؟
الجوهرة تنظر للسقف في محاولة جادة أن تهرب منه، كل هذا القرب وهذه الفتنة الحية لعينيها الضعيفتين أمامه لا تحتمل، ألتزمت الصمت وهو يراقب حركاتها الرقيقة في الإبتعاد وعينيها المشتتين، أردف : وتقولين أنك تقدرين! عجيب
الجوهرة بقهر ألتفتت عليه ولا تعرف كيف هذا الإلتصاق يبقيها حية إلى الان :أنا قادرة لكن كالعادة الرجال أقوى
سلطان يشعلها بحمرتها : طبعا هالشي يختلف عند الأسمر اللي روح لك قلبك
الجوهرة شعرت أنها تذوب وأن لا مقدرة لها بالنظر لعينيه، تولعت كقنديل أحمر في كامل جسدها وهدبيها يرتعشان بالنبيذ الذي أنسكب على ملامحها، أرتعشت أطرافها وهذا الكون بأكمله تجمد بعينيها ولم تعد تستطيع التفكير بكلمة للخلاص من كل هذا.
سلطان ابتسم يشعر بلذة الحياة في خجل أنثى أمامه منتشية بلون النبيذ الأحمر : ما عندك تعليق ؟
الجوهرة برجفة كلماتها : ممكن تبعد شوي؟
يضع قدمه بين أقدامها ليشد سيقانه ويجعلها تلتفت بكامل جسدها : يا جبانة على جملة ما قدرتي تواجهيني
الجوهرة بهمس مقهور : الحين بتجي عمتك
سلطان : جبانة
الجوهرة بعصبية علت صوتها : إيه أنا جبانة ممكن تبعد!
سلطان بهدوء مستفز : لا
سيغمى علي فعلا إن واصل كلماته المستفزة لعاطفة أي أنثى ولا تخصني وحدي، إلهي يا سلطان ماذا تريد ان تصل إليه، تحاول أن تشعلني غضبا وحرجا منك، ليتني لم أغني تلك الكلمات ولم ألفظها وأنا أنتظرك على الهاتف، ليتني لم أنطقها، إلهي كيف يحمر قلبي بكل لحظة يربكني بها بعينيه، إلهي كيف أشعر بأن عاطفتي العميقة تصل لحنجرتي وتتلاعب بصوتي.
الجوهرة تحاول الوقوف ليشد قدمها وتسقط على الأريكة، زفرت أنفاسها بضيق وسط إستلعانه في مزاج " سلطاني "، الجوهرة : راح أنادي عمتك
سلطان : أنا أقترح تكسبين رضاي عشان ما تكون ليلتك فظيعة
وقف صدرها من الهبوط والعلو، تشعر أن قلبها لا يعمل بالصورة الطبيعية، أنخفض نبضها بربكة لا يضاهيها ربكة، بلعت ريقها، وهذه الربكة من دواعيها أن تضحك سلطان ليردف وهو يبتعد بجلسته عنها : هذي قرصة إذن عشان توريني قوتك زين
دون وعي منها أخذت الخدادية الصغيرة لترميها عليه وهي تقف محاولة الهرب، سلطان يتبعها بخطوتين حتى وصل إليها ليشدها ويلصق ظهرها بصدره وبحدة يتصنعها : قد هالحركة ؟
قيد ذراعيها بيده لتردف وأوشكت على البكاء من قهرها : ويسألون بعدين ليه الحريم ينهبلون ما يشوفون الرياجيل وش يسوون فينا!
سلطان بضحكة يقترب من إذنها بهمس مستفز : بسم الله على عقلك ما كأنك قبل كم يوم تتشيحطين قدامي
الجوهرة وهي تشعر بأنفاسه التي تلتصق بعنقها : الحين لو حاولت أرد شوي من حقي قلت أتشيحط! بس أنت حلال لكن الجوهرة حرام!
سلطان يقبل عنقها وعلى اثار الجرح طبع قبلته العميقة ليجمد العرق الذي يجري بها، أطال بقبلته لتغمض عينيها بخفوت، ماذا تحاول أن تفعل بجسدي؟ أن تداوي جروحك الذي سببتها لي أم الخدوش التي قذفتها بقلبي دون رحمة! أريد لو لمرة أن أفهمك يا سلطان وأفهم توجهاتك! ومزاجك السماوي الذي لا تحليل في علم النفس يفسره! تغضب وتضحك في ان واحد وتستفزني بحمرة ملامحي وتستفزني كثيرا بجمالك.
أبتعد عنها متجها نحو الأريكة ذاتها ليأخذ هاتفه، أخذت نفسا عميقا تحاول أن تهدئ الإضطراب الذي صاب دماءها في أوردتها وشرايينها ، رن هاتفها لتتجه نحوه على الطاولة وتجيب بمحاولة للهروب من كل شيء.
: ألو
الجوهرة دون أن تفكر بصاحب الصوت والرقم الغريب، وبصوت مرتعش وهي تضع كفها على رقبتها لتخفف من إشتعالها : هلا .. مين؟
بنبرة مشتاقة : تركي!
يتبع
تعليق