رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Merve
    عضو فضي
    • Jan 2013
    • 692

    رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

    قال هشام مبتسما: ومن سيقلق عليك؟..فارس؟..
    تطلعت اليه بدهشة ومن ثم تذكرت ان شقيقها قد حادثه عندما اتصل وربما اخبره باسمه..ولم تجب عليه بل تطلعت من خلال النافذة بشرود.. وسمعت هشام في تلك اللحظة يقول: لو ترغبين في مشاركتي الطعام فلن امانع..
    ودون ان تدرك ارتسمت على شفتيها ابتسامة ..ابتسامة لاحظها هشام.. فقال وهو يتطلع لها: اتعلمين انها اول مرة اراك في وضع يخالف تجهم وجهك ..
    التفتت له وتطلعت اليه بحيرة فأردف مبتسما: انها المرة الاولى التي ارى فيها ابتسامتك..
    ادركت في تلك اللحظة فقط انها ابتسمت لعبارته السابقة ..ولم تعلق على ما قاله.. بل عادت لتلتفت عنه وتطلع من النافذة بشرود اكبر...
    *********
    قال طارق مبتسما وهو يغادر الطابق الارضي لمبنى الصحيفة برفقة وعد: هل حقا قلقت علي الى تلك الدرجة؟..
    التفتت له وقالت باستنكار مصطنع: من قال هذا؟..
    قال وهو يشير اليها: صوتك من قال هذا وانا اتحدث اليك عن طريق الهاتف..
    واردف وهو يقلد طريقتها في الحديث: طارق اين انت؟..لماذا لم تعد؟.. لماذا لم تخبرني بمكانك؟..لماذا جعلتني اقلق عليك؟..لماذا...
    قاطعته وهي تقول بسخرية: لماذا تحدث نفسك الان؟..
    قال وهما يسيران باتجاه المواقف: اردت ان اؤكد لك فقط انك كنت شديدة القلق علي؟..
    قالت في سرعة: لماذا تفسر اسألتي عنك هكذا؟..
    التفتت لها وقال وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: ولماذا تكابرين؟..
    اسرعت تقول وهي تتوجه نحو سيارتها: انا لا اكابر وانما احاول شرح وجهة نظري.. فعندما كنت ...
    قاطعها في سرعة: الى اين انت ذاهبة؟..
    تطلعت له بحيرة ومن ثم قالت مجيبة: الى سيارتي بكل تأكيد..
    قال وهو يضع كفيه في جيبي سترته: الا يهمك معرفة مكاني؟..
    قالت في لهفة: بلى .. بكل تأكيد..
    فتح الباب المجاور لسيارته وقال بابتسامة: اذا اصعدي ..وسأخبرك بكل شيء في الطريق..
    قالت متسائلة وهي تتجه نحوه: والى اين سنذهب؟..
    هز كتفيه وقال : وفيم يهم؟..
    واردف وهو يميل نحوها: المهم ان نكون معا..
    احست برجفة في اطرافها وهي تراه يميل نحوها وتطلعت له لوهلة ومن ثم قالت بخجل: ربما معك حق..
    قالتها ودلفت الى سيارته لتجلس الى جوار مقعد القيادة الذي احتله طارق..وانطلق بالسيارة وقال وهو يخشى من ردة فعلها: لقد كنت ب...بمركز الشرطة..
    تطلعت اليه وعد بعينان لا تفهمان.. وكأنها لم تستوعب ما قاله ..وقالت بصوت مرتبك: هل تمزح؟..
    قال وهو يهز رأسه نفيا: وهل يوجد مزاح في امر كهذا؟..
    قالت بانفعال: ماذا تعني اذا؟.. لم كنت هناك؟..
    قال بهدوء وهو يختلس النظر اليها: اتذكرين ذلك الشاب.. الذي تعرض لك لمرتين..
    اومأت برأسها وقالت بدهشة: بل اذكره ولكن لما...
    بترت عبارتها واتسعت عيناها وقالت مردفة وهي تلتفت له: هل من الممكن ان يكونوا قد عثروا علىدليل او شاهد ضده؟ ..
    قال طارق وهو يتطلع الى الطريق الممتد امامه: لم ارد ان اخبرك عندما اتصلوا بي صباحا واخبروني بأنهم يرغبون في ان اتواجد بالمركز بخصوص ذلك الشاب الذي تعرض لك..خشية ان يكون الامر ليس في صالحي فتلومي نفسك وتظني انك السبب فيما قد يحدث لي..ولهذا غادرت المكان بعد ان تكتمت على الامر وتوجهت الى المركز لأجد ان هناك شاهد رأى كل ما حدث وشهد بأن ذلك الشاب قد تعرض لك اولا ومن ثم هاجمني فجأة دون ان احاول التهجم عليه..
    تطلعت له وعد ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت بحنان وقالت: الهذا السبب لم تخبرني بالامر؟..
    قال طارق مبتسما: لم اكن اريدك ان تلومي نفسك على ما حدث ابدا فأنت لم تفعلي شيئا ابدا سوى انك كنت ذاهبة لتأدية عملك.. ليس ذنبك ان حاول ذلك الوقح التعرض لك.. وليس ذنبك انني قد حاولت الدفاع عنك واصبت..
    سألته قائلة بابتسامة: حسنا وماذا فعلوا بشأن ذلك الوقح؟..
    قال طارق بهدوء: اظنهم سيسجنونه.. ولكن اظن ان المدة ستكون قصيرة جدا..فهو يبدوا من عائلة ثرية وذات نفوذ..
    قالت وعد بغضب: تبا.. اهذا هو العدل؟.. يسجنونه لفترة قصيرة وقد اصابك في ذراعك لمجرد انه ابن عائلة ذات نفوذ..
    قال طارق وهو يوقف السيارة في احد المواقف: لا تقلقي نفسك.. لقد قلت اني اظن فحسب.. ومن يدري ربما ينتصر العدل في النهاية؟..
    قالت في سرعة: سأحاول ان لا تتعرض لأي مشكلات بسببي مرة اخرى..
    قال متسائلا: وكيف هذا؟..
    قالت بصوت مرتبك بعض الشيء: قد لا اذهب مرة اخرى وحدي في مهمة صحفية..
    قال باهتمام وهو يلتفت لها: احقا يا وعد.. لن تفعلي؟..
    شعرت ببعض الخجل ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة: لقد قلت قد..اي ربما اجل.. وربما لا..
    و صمتت لوهلة ومن ثم قالت بعد ان لاحظت توقف السيارة: لم توقفت هنا؟..
    قال وهو يلتفت لها ويتطلع اليها: ما رأيك بدعوة من شاب بسيط مثلي على الغداء؟..
    ارتسمت ابتسامة على شفتيها وقالت وهي تلتفت عنه بخجل: بسيط؟.. يالك من متواضع.. الجميع يقول انك افضل صحفي في الصحيفة..
    - يبالغون لا اكثر..
    واردف متسائلا: والان ما رأيك هل توافقين على دعوتي؟..
    ابتسمت بخجل وقالت: وهل استطيع ان ارفض دعوة من افضل صحفي بالجريدة؟..
    قال باستنكار: فقط؟..الهذا تقبلين دعوتي؟..
    التفتت له وقالت بحنق: طارق انت تفهمني.. فليس هناك أي داع لتجر مني الحديث..
    قال وهو يصطنع الضيق: كيف افهمك وانت لا تتحدثين؟..
    قالت وهي تزفر بحدة: فليكن.. ولأنك اكثر البشر برودا..
    قال بسخرية: كان من الاجدر بك ان لا تتحدثي ما دمت ستمتدحيني بهذه الطريقة..
    قالت مبتسمة: حسنا ولأنك ذا شخصية متميزة..
    لم يعلق على عبارتها.. واصطنع التطلع من خارج النافذة ..فقالت وهي تضع سبابتها اسفل ذقنها: لا يكفي ايضا..
    واردفت وهي تهمس بحنان: ولأنك الشخص الوحيد الذي جذب اهتمامي له منذ اللحظة الاولى..
    التفت لها بشك مصطنع.. فأسرعت تقول: كما وانك قد وقفت الى جواري طويلا وساعدتني .. واصبت بسببي..
    مال نحوها وقال بابتسامة: وايضا؟..
    فتحت الباب المجاور لها وقالت بكبرياء وهي تخرج من السيارة: لا شيء..
    فتح الباب بدوره وقال وهو يخرج من السيارة: لماذا تكابرين؟ ..
    قالت وهي تهز كتفيها: لا اكابر وانما اقول الصدق..
    قال وهو يسير الى جوارها: من اين تعلمت العناد؟..
    قالت بهدوء: لست عنيدة..
    ضحك وقال: ماذا؟.. لست ماذا؟.. ان وعد هي العناد بعينه..العناد مجسد بداخلك..
    قالت بحدة: لست كذلك..
    قال وهما يدلفان الى ذلك المطعم: هل تريدين اثبات .. حسنا ..بماذا تسمين اصرارك على الذهاب في لقاء صحفي لوحدك؟ ..
    - رغبة في اثبات الذات..
    - يالك من فتاة.. ولكن دعينا من هذا الان..ولنتحدث في امر اخر..
    - امر مثل ماذا؟..
    كاد ان يجيبها لولا ان شاهد النادل يقترب منهما ويقول: طاولة لشخصين؟..
    اومأ طارق برأسه .. فسار النادل امامهما ليرشدهما نحو احدى الطاولات وقال بابتسامة هادئة: هل تناسبكما؟..
    قال طارق بهدوء : جيدة..
    احتلت وعد احد المقاعد.. واحتل طارق المقعد المواجه لها..فقدم لهما النادل قائمتين للاطعمة ومن ثم قال بهدوء: اترغبان بأي خدمة اخرى اقدمها لكما؟..
    اجباته وعد هذه المرة قائلة: لا .. شكرا لك..
    انصرف النادل مغادرا.. فقالت وعد بابتسامة: يبدوا مطعما ممتازا..
    قال طارق في هدوء: احضر احيانا الى هنا.. ولقد قررت ان تكون اول دعوة لك في مطعم ممتاز كهذا..
    قالت بابتسامة مرحة: تجيد الاختيار اذا..
    تطلع لها وقال بحنان: بأكثر مما تتصورين.. والا لم احببتك دون سواك؟..
    خفق قلب وعد في قوة.. انه يبدوا اكثر حنانا من أي مرة رأته فيها.. صوته يبدوا يحمل كل حب الدنيا.. وعيناه تحملان لها مزيجا من هذا وذاك وهو يتطلع اليها.. وحاولت قول أي شيء .. ولكنها لم تستطع.. احست بالكلمات تهرب من على لسانها في كل مرة تريد فيها ان تبثه مشاعرها ..ولهذا اكتفت بان تهرب بنظراتها بعيدا..وسمعت طارق يقول في تلك اللحظة: وعد ..لم لا تقولينها؟ ..الى متى ستهربين من الحقيقة؟..لقد رأيتها في عينيك.. ولكني اتمنى ان اسمعها بصوتك ..اسمعك وانت تنطقينها بنفسك..
    قالت وهي تصطنع عدم الفهم: اقول ماذا؟..
    تطلع الى عينيها مباشرة وقال بهمس: قولي بأنك تبادليني مشاعري ..
    ارتسمت على شفتيها ابتسامة مرحة بغتة وهي تقول: حسنا كما تريد..انك تبادليني مشاعري..
    قال طارق بضيق: وعد!..
    قالت مبتسمة بمرح: ماذا؟..الم تطلب مني ان اقول تلك العبارة؟ ..
    ابتسم بالرغم منه وقال وهو يتطلع اليها بحب: وتقولين بعد كل هذا بأنك لست عنيدة..
    قالت وهي تضحك: لست كذلك..
    تطلع الى ضحكتها المرحة بشرود.. وذهنه يشرد للتفكير في امر ما..امر يتمنى ان ينفذه في اسرع وقت كان..

    تعليق

    • Merve
      عضو فضي
      • Jan 2013
      • 692

      رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك


      *الجزء الخامس والثلاثون*
      (هل هو الوداع؟)


      قالت الفتاة التي التقى بها هشام وهي تدلف الى سيارتها متحدثة الى هذا الأخير في حنق: اسمعني يا سيد.. لو حاولت هذه المرة ايضا ان تقودني الى مكان اخر غير مكان اقامتك..فأقسم على ان اتركك وارحل..فلست اعمل سائقة لعائلتك..
      قال هشام بابتسامة وهو يستقر في المقعد المجاور لها: ومن قال لك اننا نقبل بسائقة مثلك لا تعرف القيادة وتصطدم بالسيارات التي امامها..
      التفتت له وقالت بغضب: يجب عليك ان تشكرني لأني لم اخبر ادارة المرور بما حصل والا لكان التعويض من نصيبي انا..
      قال هشام ببرود مثير للاعصاب: لم اكن اعلم من قبل ان التعويض من حق المتسبب في الحادث..
      صاحت به في انفعال: انت من توقف فجأة في الطريق ولهذا اصطدمت بسيارتك ومع هذا ...
      قاطعها هشام قائلا بملل: اذا انتهيت من حديثك الممل هذا فأخبريني حتى اصف لك الطريق الى مسكني..
      ادارت المحرك بغضب لتنطلق بالسيارة.. وافكار شتى دارت في ذهنها.. من يظن نفسه هذا الوقح.. بدل ان يشكرها على اصلاحها لسيارته على نفقتها الخاصة ..تراه يتعمد استفزازها واثارة حنقها وسخطها.. وكأنه يستمتع بذلك ..ولكن مع هذا تشعر بأنه شاب مختلف.. لا تعلم من أي ناحية .. ولكن تشعر ان له شخصي...
      ( اول منعطف على اليمين الان)
      ايقظها صوت هشام من شرودها ..فاختلست النظر اليه قبل ان تنعطف بسيارتها الى اليمين..اما هشام فقد كان يعيش في صراع ..صراع بين قلبه المتعلق بوعد..ورغبته في بدء حياة جديدة.. حياة مع انسانة تبادله المشاعر بحق .. لا ان يتذلل في طلب هذا الحب..
      تنهد بحرارة وهو يسند رأسه الى مسند المقعد..انه يشك ان قلبه سيتعلق بأخرى سوى وعد.. ولكنه في الوقت ذاته..ليس متأكدا .. فمن يدري ربما يتغلل حب فتاة اخرى الى وجدانه ..فتكون حبه الوحيد.. والحلم الذي طالما حلم به..ان يكون مع فتاة تحبه بحق في ذلك المنزل الذي سيصممه بنفسه.. من اجله ومن اجلها..
      وقال في تلك اللحظة بهدوء: سيري في خط مستقيم بعد هذه الاشارة الضوئية..
      استغربت الفتاة صمته المتواصل وشعرت بأن شيء ما يشغل تفكيره فقد كان يتعمد الحديث اليها في كل لحظة.. اما الان فهو يبدوا صامتا اكثر من اللازم.. ما به؟.. هل يشغل تفكيره امر ما او انه...؟..وما الذي يهمني انا؟..فليكن ما يكون.. ووجدت نفسها تقول في تلك اللحظة بهدوء: والان الى اين؟..
      قال باقتضاب: يسارا..
      ظنت انه سيكتفي بهذه القول لكنه اردف: لا تقلقي انه الطريق الى مكان اقامتي بالفعل هذه المرة..
      قالت بابتسامة باهتة: ومن الذي يضمن لي ذلك؟..
      قال بهدوء: اقسم انه كذلك..
      قالت وهي تختلس النظر اليه: اتعلم.. استغرب تناولك لوجبتين في ذلك المطعم..
      ابتسم وقال: لقد اكتفيت بواحدة فقط.. اما الأخرى فأنا لم المسها..
      قالت باستغراب: ماذا؟..لم تلمسها؟.. ولكني رأيتك تتناول الوجبتين بالفعل..
      - كنت اتظاهر بتناول الثانية فقط.. وانت لم تكوني مهتمة لتنظري الى الاطباق التي امامي..
      ابتسمت وقالت: اذا فقد كانت الأخرى لي بالفعل..
      قال هشام بسخرية: لا بل للنادل.. فقد اشفقت عليه وقررت ان امنحه وجبة طعام مجانية..
      مطت شفتيها وقالت: انه يستحق الوجبتين .. لا واحدة..
      قال مبتسما: وماذا عني انا..الا استحق تناول أي وجبة؟..
      وجدت نفسها تقول في سخرية: بلى.. ولكن بالسم..
      ضحك هشام وقال: لم اكن اعلم انك تكرهيني وتتمنين موتي الى هذه الدرجة..
      أنبت نفسها كثيرا على ما قالته.. كيف تتبسط معه هكذا؟ .. من اين تعرفه؟ .. ولكن عليها ان تعترف ان اسلوبه المبسط في الحديث هو ما شجعها على ان تسترسل في الحديث معه.. وسمعت هشام يقول في تلك اللحظة: اتجهي الان يمينا..
      واردف قائلا: ولكنك لم تخبريني بعد..
      قالت بدهشة: اخبرك بماذا؟..
      قال بصوت هامس بعض الشيء وهو يلتفت لها: هل حقا تكرهيني ؟..
      توترت وقالت: اكرهك؟..ولم اكرهك؟..
      قال وهو يهز كتفيه: ربما لأني انسان ثقيل الظل كما تقولين..
      قالت محاولة السيطرة على توترها: اسمع يا سيد..انني لم اعرفك الا منذ صباح هذا اليوم فقط.. فليس هناك ما يدعو لأن اكرهك..
      قال بهدوء: معك حق .. ليس هناك ما يدعوك الى كرهي .. فأنت سترتاحين من رؤية وجهي قريبا..والى الابد..
      ظهرت الحيرة على وجهها وسألته قائلة: ماذا تعني؟..
      وبدل ان يجيبها.. قال بصوت حازم بعض الشيء: توقفي هنا.. هذا يكفي..
      اوقفت السيارة الى جانب الطريق وقالت متسائلة: اتقيم في هذه المنطقة؟..
      ابتسم وقال: اجل بالجوار من هنا..ما رأيك ان ادعوك على كوب من العصير بدل دعوتي السابقة لك والتي ...
      تطلعت له بضيق فقال وابتسامته تتسع: انا امزح لا غير..لا تتطلعي الي هكذا..ثم اني اشكرك على ايصالي.. وكذلك على تحملك لي طوال تلك المدة..اعلم اني شخص ثقيل الظل احيانا..ولكن ها انتذا ستتخلصين مني اخيرا ومن ثقل ظلي ولن ترينني بعدها..
      الان فقط فهمت ما يعنيه.. الان فقط ادركت ان بايصالها له سيفترقان وربما الى الابد..مهمتها انتهت..وكذلك لقاءها به..هل يمكن ان تراه مرة اخرى؟.. احتمال هذا لا يزيد على خمسة في المائة..لم تعلم لم شعرت بالضيق لهذا الفراق السريع بينهما .. وعلى الرغم من انه تعمد اثارة حنقها وعصبيتها طوال ذلك الوقت الذي قظته معه .. الا انها شعرت بأنه استطاع السيطرة على تفكيرها طوال الوقت..ربما لشخصيته المختلفة عن كل الشبان الذين رأتهن من قبل..وربما لأنه الوحيد الذي بدا لها جريئا الى درجة كبيرة.. وربما لانه ...
      قاطع افكارها صوت هشام وهو يقول: سأغادر الان ..واراك بخير .. ربما نلتقي مرة اخرى .. من يدري ..المهم أني قد قضيت وقتا جميلا معك هذا اليوم بحق..
      التفتت له في حدة واتسعت عيناها بدهشة وهي تتطلع اليه ..وابتسم هو مردفا: وعلى الرغم من اني لم اعرف عنك شيئا سوى انك تدرسين الديكور..الا انني ارى انك فتاة ذات قلب ابيض..طيبة ومحبة لمساعدة الاخرين.. واعذريني لو سببت لك الضيق.. ولكن ..هذا هو انا كما يقولون.. وهذه هي شخصيتي..
      وجدت نفسها تبتسم ابتسامة مريرة وتقول وهي تهز رأسها نفيا: ابدا لم تفعل ما يثير الضيق .. ولكني انا التي ابدوا في احيان كثيرة حادة المزاج ومتسرعة..
      قال مبتسما: وانا اشهد على ذلك..ولكن هل لي بسؤال؟..
      صمتت فأردف وابتسامته تتسع: الن تخبريني باسمك حقا؟..
      قالت مبتسمة: سأترك لك فرصة تخمينه..
      قال مبتسما بسخرية: اذا فهو ...ياسر..
      قالت وهي تمط شفتيها: سخيف..
      - سترتاحين من سخافاتي ايضا..
      واستطرد قائلا وهو يهم بفتح باب السيارة: اظن انه يتوجب علي المغادرة الان.. فقد اثقلت عليك اكثر من اللازم..الى اللقاء..
      قالت وهي تتطلع اليه وفي عينيها نظرة حزينة: اظن انه يتوجب عليك ان تقول الوداع..
      التفت لها وقال بابتسامة: لا تتسرعي..قد نلتقي ذات يوم.. وتتمنين انت وقتها لو ان هذا اللقاء لم يحدث ابدا..
      كادت ان تجيبه بلا.. انها تتمنى ان تلتقي به مرة اخرى بالفعل .. لم تعلم لم؟ ..مجرد رغبة بداخلها تجعلها تتمنى ان تلتقي به مرة اخرى.. وقالت مصطنعة اللامبالاة وهي تلتفت عنه: وكيف سيحدث ذلك اللقاء الاخر كما تقول ؟..
      قال مبتسما: سأقود سيارتي بعد ان يتم اصلاحها الساعة الثامنة صباحا في المنطقة الرابعة بالشارع 22..يمكنك الاصطدام بسيارتي هناك وفي ذلك الوقت..
      واردف قائلا بمرح وهو يخرج من السيارة : ويمكنك ايضا زيارتي في مكان عملي .. الشركة المتحدة للمقاولات .. لا تنسي..اخبريهم بأنك ترغبين بمقابلة افضل مهندس بالشركة وستلتقين بي في الحال..
      قالت بضيق: لابد وانك تهذي..اذهب الى الشركة لمقابلتك .. من تظن نفسك؟..ومن تظنني حتى افعل هذا؟..
      اغلق باب سيارتها وقبل ان ينصرف قال وهو يميل نحو النافذة: هشام شريف..افضل المهندسين على الاطلاق..اما انت ففتاة قد اعجبت بي..
      قالت وهي تمط شفتيها: هل هذه كذبة ابريل؟..
      غمز لها بعينه وقال: لا فنحن الان بشهر يونيو..
      وثم قال وهو يرفع يده مودعا: والان الى اللقاء يا انسة..
      وابتعد عن سيارتها مديرا ظهره لها.. وسار بخطوات هادئة بداخل احد الممرات.. وعينا تلك الفتاة تتابعه..ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة: معك حق..انها ليست كذبة ابدا..
      واردفت وابتسامة حزينة ترتسم على شفتيها وهي تنطلق بالسيارة: الوداع يا..هشام..
      قالتها وانطلقت بالسيارة وحزن غريب يعتصر قلبها لهذا الفراق بعد لقاء قصير لم يتعدى الساعتين..وتمنت من كل قلبها ان تلتقي به مرة اخرى.. وقريبا..
      *********
      ابتسمت وعد وقالت وهي تلتفت الى طارق الذي احتل مقعد القيادة: شكرا ..
      التفت لها طارق وقال: على ماذا؟..
      اشارت الى الخارج وقالت: على اعادتي الى حيث سيارتي..
      قال مبتسما: اكنت تريدين ان اتركك تعودين سيرا على الاقدام اذا؟..
      قالت مبتسمة: ولم سيرا على الاقدام؟..الا توجد سيارات اجرة؟..
      مال نحوها وقال: بلى توجد.. ولكن من قال اني سأسمح لك بركوبها وحدك؟..
      قالت بمرح: لن يختطفني احدهم ونحن في منتصف النهار..
      واردفت قائلة: والان الى اللقاء.. اراك غدا..
      ابتسم قائلا وهو يتطلع لها: الى اللقاء..
      فتحت باب السيارة لتخرج منها.. ولوحت بكفها مودعة .. قبل ان تتوجه نحو سيارتها وتنطلق بها..كانت تشعر بسعادة كبيرة في هذا اليوم بالذات.. ماذا تريد اكثر من هذا.. من تحب اعترف لها بحبه اخيرا.. وحلمها على وشك ان يتحقق اخيرا ..الاف الاحلام التي تخيلتها اخذت تنسجها مع طارق .. مع فارس احلامها..ولكن لا تزال هناك مشكلة بسيطة عليها ان تجد حلا لها..هشام..بم تخبره؟..لو رفضته فما هو السبب لذلك؟..انها لا تريد جرح مشاعره.. انه يعلم انها الان لا تعتبره اكثر من اخ.. ومع هذا فهو متمسك بها..
      تنهدت بحرارة وهي توقف سيارتها بجوار المنزل..وهبطت منها لتتوجه الى باب المنزل وتبتسم قائلة وهي تدلف اليه: لقد عدت..
      قالت والدتها بدهشة: وعد..اين كنت كل هذا الوقت؟ ..ولم تأخرت الى هذه الساعة؟..
      اضطرت وعد للكذب وقالت بتوتر: لقد كان لدي عمل اضافي بالصحيفة..
      قالت والدتها متسائلة: وهل تناولت طعام الغداء؟..
      اومأت وعد برأسها ايجابيا..فسألها والدها بابتسامة: وكيف حال مقالاتك؟..
      ابتسمت وعد وقالت بمرح: بالصفحة الاولى دائما بكل تأكيد..
      ومن ثم اردفت في سرعة: عن اذنكما.. سأصعد الى غرفتي لأغير ملابسي..
      كانت تحتاج لأن تختلي بنفسها.. واسرعت الى الطابق الاعلى ودلفت الى غرفتها .. لتلقي بنفسها على السرير وتفكر في امور متفرقة..طارق..حبيبها الوحيد.. وحلم حياتها..الذي يكاد يتحقق اخيرا..وهشام..ابن عمها العزيز الذي تعتبره اكثر من شقيق لها.. لا تريد ان تكون سبب في الامه ..يجب ان لا تنسيها سعادتها ان برغم كل شيء هشام لا يزال يحبها من كل قلبه ..وان ...
      قاطعها رنين هاتفها المحمول ..فالتقطته وابتسمت عندما شاهدت رقم الهاتف الذي يضيء على شاشته.. وقالت بمرح: يا الهي .. هل افكاري تتحول الى واقع بهذه السرعة؟ ..
      قال هشام بابتسامة: اشك اني كنت محور تفكيرك قبل دقائق..
      قالت مبتسمة وهي تعتدل في جلستها: من قال انك كنت محور تفكيري لقد احتللت جزء بسيط منه فحسب..
      قال بخفوت: كحياتك تماما..
      - المشكلة انك ابن عمي وانا مضطرة لان تحتل جزء كبير من حياتي..
      قال هشام بهدوء: حسنا يا وعد.. سأسألك للمرة الأخيرة.. ومهما كان جوابك سأتقبله..هل تقبلين الزواج بي؟..
      صمتت وعد للحظات وهي تفكر في وسيلة لبدء الحديث معه ..ومن ثم لم تلبث ان قالت بصوت حاولت ان تجعله هادئا: انت تعلم يا هشام اني اتمنى لك السعادة .. ولكن.. سعادتك لن تكون معي..صدقني.. انت انسان رائع لا تستحق فتاة مثلي لا تبادلك مشاعرك.. بل تحتاج الى فتاة تحمل لك بداخلها كل الحب ..لا يمكن ان تظل على احتمال ان ابادلك مشاعرك يوما .. بل يجب ان تكون متأكدا من ان من ستتزوجها تبادلك المشاعر بالفعل ..فأنا ...
      قاطعها هشام وقال بسخرية مريرة: هل اكمل انا يا وعد؟ ..حسنا سأفعل..فأنت تعتبريني كأخ تماما وربما لا تتطور العلاقة بيننا لأكثر من ذلك.. وعلي ان ابدأ من جديد و اجد فتاة تحبني بحق..بدل من انتظار ان تحبيني يوما.. اليس هذا ما اردت قوله؟..
      قالت وعد بحنان: هشام انت انسان رائع.. وليت المشاعر كانت بيدي.. فعندها كنت انت اول من سأحب..
      قال هشام وهو يتنهد بحرارة: من هو؟..
      قالت بحيرة: من تعني؟..
      - من تحبين..
      قالت وعد بارتباك: اسمعني يا هشام اخبرتك من قبل سواء اكان هناك شخص في حياتي او لم يكن.. فأنت ستبقى دائما شقيقي العزيز..
      قال هشام وقبضة باردة تعتصر قلبه: الا يحق لي معرفة من اختطف قلبك على الاقل؟..
      صمتت دون ان تجيبه..فقال بألم: فليكن يا وعد..افعلي ما تشائين..ولكن...
      بتر عبارته وقال بابتسامة شاحبة وهو يردف: ولكن لو ضايقك فأخبريني حتى اخذ حقك منه..
      ابتسمت وعد وقالت: ماذا اريد اكثر من ان يكون لدي ابن عم يحميني بكل قوته من كل من يضايقني..
      واردفت قائلة : ولكن اتعلم هناك من يضايقني بالفعل..
      سألها قائلا : ومن هو؟..
      قالت بمرح: رئيس التحرير.. لو تستطيع تلقينه درسا.. فلن انسى صنيعك هذا ابدا..
      قال هشام بابتسامة باهتة: معذرة يا فتاة..فلم اقل اني سأعمل حارسا شخصيا لك.. ثم ان تعرضي لرئيس التحرير..قد ينشر بالصحيفة.. وتكون وصمة عار في تاريخ افضل المهندسين على الاطلاق..
      قالت بابتسامة: وانا من ستتكفل بنشر هذا الحدث..
      قال هشام بسخرية: يالك من خائنة.. ادافع عنك..فتتسبين في فضيحة لي..
      - وما المشكلة ان كنت سببا في شهرة ابنة عمك الوحيدة؟ ..
      - ابحثي لك طريق اخر للشهرة بدلا من استغلال طيبتي..
      واردف بابتسامة شاحبة: والان يا وعد..اظن انه يتوجب علي توديع حلمي في ان تكوني من نصيبي الى الابد..لهذا فسأقول لك للمرة الاخيرة.. انك لو غيرت رأيك في أي وقت فستجدينني دائما مستعد للارتباط بك..
      قالت مبتسمة: حتى ولو بعد خمسون عاما..
      قال بسخرية: ومن قال اني سأموت على ذكراك.. سأكون متزوجا حينها ولدي من الاولاد والاحفاد ما يكفي..
      قالت مبتسمة: يالك من شاب..الم تقل انك مستعد للارتباط بي في أي وقت..
      هز كتفيه وقال: ولكني لم اقل اني مستعد لأن اظل عازبا طوال عمري..
      قالت وعد مبتسمة: اتمنى من كل قلبي ان تتزوج سريعا من فتاة تحبها وتحبك..
      - هل تفكرين بالتخلص مني بهذه السرعة؟..ثم حتى لو تزوجت من قال اني سأدعك وشأنك..
      - الا تخشى ان تقيم زوجتك الحرب على رأسك؟..
      قال هشام بسخرية: سأخبرها بأنك شقيقتي بالرضاعة..
      ابتسمت وقالت: ومن يصدق كاذب مثلك..
      قال هشام بهدوء: سأغلق الان يا وعد.. فلدي ما اقوم به ..واتمنى ان تعيشي سعيدة مع من اخترتيه بنفسك..
      قالت وعد بهدوء مماثل: واتمنى ان تحيا انت ايضا بسعادة في حياتك القادمة مع فتاة تحمل لك الحب في قلبها بقدر ما تحمله لها..
      قال بابسامة حانية: الى اللقاء اذا يا ابنة عمي الحمقاء..
      قالت بابتسامة: الى اللقاء يا ابن عمي الأحمق..
      قالتها واغلقت الهاتف .. وابتسمت بشحوب وهي تشرد بأفكارها وتتطلع الى السماء الملبدة بالغيوم من النافذة.. وهمست قائلة: اعذرني يا هشام.. اعلم اني حطمت حلمك برفضي .. ولكن صدقني .. لو كنت املك مشاعري لما اخترت سواك .. ستظل دائما اغلى شخص لدي في هذا العالم ..ولكن لست انا من اختار فارس احلامي..بل قلبي ..الذي اختار طارق وخفق لمراه.. وارتجف مع لمسته ..ارجوك اغفر لي يا هشام.. لو سببت لك الألم والحزن برفضي لك ..واتمنى من كل قلبي ان تحظى بفتاة تستحقك بالفعل..
      ايقظها من شرودها وحديثها مع نفسها صوت رنين الهاتف مرة اخرى..فانتفضت في حدة..قبل ان تزفر وتلتقطه لتتطلع الى رقم عماد الذي يضيء على شاشته..ورفعت حاجبيها باستغراب .. ما الذي يدعوا عماد للاتصال بها؟.. واجابته قائلة بهدوء: اهلا عماد ..كيف حالك؟..
      قال عماد مبتسما:بخير.. ماذا عنك ايتها الصحفية؟..
      - بخير..

      تعليق

      • Merve
        عضو فضي
        • Jan 2013
        • 692

        رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

        - لقد قرأت لك عدد من المقالات.. تبدين صحفية جيدة..
        قالت باستنكار: جيدة فقط؟..لو تعلم كم اكابد من العناء لتسجيل حوار فقط..
        ابتسم وقال: اعتقد ان هذا هو عملك الذي اخترتيه بنفسك ويجب ان تتحمليه..
        قالت مبتسمة: معك حق..
        قال بغتة بجدية: في الحقيقة يا وعد.. لقد اتصلت بك حتى ادعوك الى حفل الخطبة..
        قالت بابتسامة واسعة: واخيرا..منذ متى وانت وخطيبتك تحضران لها؟..
        قال بهدوء: منذ اسبوعين تقريبا..
        قالت وعد متسائلة في لهفة: ومتى ستكون؟..
        - بعد غد..
        اتسعت عيناها وقالت: انت تمزح بكل تأكيد..
        ابتسم وقال: لا.. لا افعل ابدا..
        قالت وهي تمط شفتيها بضيق: ولماذا تدعوني مبكرا هكذا؟..
        اتسعت ابتسامته وقال: معذرة يا وعد.. ولكن كنت ابحث عن صالة للحجز منذ اسبوع.. وقد وجدت واحدة اليوم اخيرا ..وكان هناك يومان يمكن ان احجزهما..احدهما بعد غد ..والاخربعد شهر.. وانت تعلمين انني لا استطيع ان اجل جميع الترتيبات التي اعددتها لبعد شهر كامل..
        قالت مبتسمة: حسنا لقد سامحتك..ولكن اظن انني لن استطيع تجهيز نفسي خلال فترة قصيرة كهذه.. لهذا اخبرك منذ الان قد لا احضر..
        قال مبتسما: افعليها وانظري ماذا سيحدث..
        - ماذا تستطيع ان تفعل؟..
        - سأرسل احدهم لأخراجك من المنزل بالقوة..
        قالت مبتسمة: فليكن.. وتهنياتي لكما مقدما..
        - شكرا لك.. وحذاري ان لا تحضري.. الى اللقاء الان.. فهناك قائمة طويلة علي ان ابلغهم بهذا الموعد المفاجئ..
        قالت مبتسمة: الى اللقاء واوصل سلامي الى خطيبتك..
        - يصل..مع السلامة..
        قالها واغلق الهاتف.. والتفت ليتطلع الى ليلى التي تجلس معه على تلك المائدة في احد المطاعم وكانت تنظر اليه بنظرات متضايقة ومن ثم سألته قائلة: مع من كنت تتحدث؟..
        قال مبتسما وهو يتطلع لها:اظنك استمعت للمكالمة كلها..
        قالت بحنق: ليس كلها.. ولكني علمت انها فتاة.. ولكن تهتم لحضورها كثيرا الى الحفل.. فلم؟..
        مال نحوها وقال: ولم تظنين انت ذلك..الأني مغرم بها مثلا؟..
        اشاحت بوجهها بعصبية وعقدت ساعديها امام صدرها لتقول: ربما..
        قال مبتسما بسخرية وهو يومئ برأسه : معك حق.. وانا اجلس مع خطيبتي وقبل حفل الخطبة بيومين فقط.. سأتحدث مع فتاة اغرمت بها فجأة هكذا..
        مطت شفتيها وقالت: ولم لا؟..
        قال مبتسما: اظن ان الفكرة بدأت تروق لي فعلا..
        التفتت له وقالت بحدة : عماد..
        قال بمرح: نعم سيدتي..
        تسائلت وقد خفتت حدت صوتها بعض الشيء: من كانت تلك الفتاة؟..
        قال في هدوء: ابنة عمتي..وهي ترسل تهانيها لك..
        قالت متسائلة بغيرة: وهل انت نهتم لحضورها الى هذه الدرجة؟..
        - ايتها الحمقاء.. فيم تفكرين؟..انها ابنة عمتي وحسب ولن تكون أي شيء اخر.. فأنا لدي حبيبة واحدة فقط.. وها انذا امتع عيناي برؤيتها..
        قالت مبتسمة وهي تطرق برأسها: انحبني حقا؟..
        امسك بذقنها برقة وقال وهو يتطلع الى عيناها: الديك شك في هذا؟..
        قالت بخجل وهي تبعد خصلات من شعرها خلف اذنها بارتباك: لا وانما اردت ان.. اسمعها منك..
        امسك بكفها بغتة وقال بحنان: فقط..اهذا ما تريدينه ..حسنا يا انسة ..اسمعت عن قيس..انا هو .. انني مجنونك يا ليلى ..احبك يا توأم روحي .. احبك يا شريكة حياتي القادمة ..احبك وكل حرف انطق به يشهد على هذا الحب ..
        توردت وجنتاها .. وشعرت برجفة لذيذة تسري في اطرافها مع لمسته .. وهمست قائلة: وهل ستخلص لهذا الحب الى الابد؟ ..
        قال بصدق وحنان: مادام في جسدي نفس يتردد..
        قالت مبتسمة بخجل وهي ترفع وجهها له: حسنا انا اصدقك يا قيس..اعني يا عماد..
        قال عماد بابتسامة حب: متى يأتي موعد حفل الخطبة يا ليلى؟..
        قالت بابتسامة مرحة: بعد غد..ولم انت مستعجل هكذا؟ ..
        قال بحنان وحب كبيرين: حتى ارى اجمل حورية تأتي لتجلس الى جواري في ذلك الحفل وهي في كامل جمالها وروعتها..
        توردت وجنتاها بشدة وقالت بارتباك: عماد.. الا تكف عن اثارة ارتباكي؟..
        - ولم؟..لا اظن اني قلت أي شيء خاطىء يا ايتها الحورية..
        تطلعت اليه بطرف عينها وقالت: هل تتعمد ذلك ام ماذا؟..
        ضحك بمرح وقال: يمكنك قول هذا..
        واردف وهو يميل نحوها قائلا بهمس: فأنت تزدادين جمالا وانت خجلة..
        ارتجف جسدها في قوة لكلماته ..واشاحت بوجهها لتخفي ارتباكها..وقالت: انا لم اخجل ابدا..
        قال بسخرية: اجل واضح..
        قالها ومن ثم التفت الى النادل ليطلب منه احضار طلباتهما.. وتطلعت اليه ليلى بحب كبير.. يا الهي كم هو صغير هذا العالم ..شاب التقت به مصادفة .. وحصلت مشادة بينهما مرتين .. المرة الاولى كانت متعمدة والمرة الثانية كانت عن طريق الخطأ.. ومن ثم جاء القدر ليوظفها عنده وتكون تحت امرته .. وهاهي ذي اليوم ترى نفسها ترتدي خاتما يحمل اسمه.. هل هذا حلم يا ترى؟.. ام ان حلم حياتها قد تحقق اخيرا؟...

        ************
        اخذ هشام يتطلع الى شروق الشمس عبر النافذة بذهن شارد.. والى ذلك الضوء الخافت الذي أخذ يبدد ظلام الامس.. والى ذلك اللون الارجواني الذي أخذ يكسو السماء..لينتشر ضوء الشمس رويدا رويدا على امتداد البصر..
        وتنهد هشام بمرارة قائلا: حسنا يا هشام.. يجب ان تعترف انها النهاية.. والنهاية لكل شي..لأحلامك.. لحبك.. ولحياتك التي تخيلتها طويلا.. والتي كانت بطلتها هي وعد..يجب ان ينسدل الستار هنا .. وتعلن كلمة النهاية ليصفق الجمهور.. ربما اعجابا وربما الما على البطل ومن ثم يرحلون غير ابهين بأي شيء.. ولكن من سيحزن على شخص مثلي.. كان له دورا هامشيا في هذه المسرحية بأكملها.. دوره يقتصر على حب ابنة عمه بكل ما امتلك من مشاعر.. ويتخيلها فتاة احلامه.. حتى يصطدم بالواقع وهو يراها لا تهتم به وهي تحب اخر سواه..وها هو ذا يجرع كأس المرارة لوحده دون ان يشعر به أي احد..
        وزفر بحدة مواصلا: هل هي النهاية حقا يا هشام؟..ماذا عن منزل الاحلام الذي صممت له رسما هندسيا بنفسك؟..هل سينتهي هو ايضا كما انتهى حبك لوعد؟..لا اعلم..ولن اعلم ما يخفيه المستقبل لي.. ولكن...اظن انه بامكاني تغيير المستقبل قليلا.. وبدء حياة جديدة ..ربما..تكون مع تلك الفتاة..
        قالها وعاد ذهنه ليشرد من جديد..في امور عدة..امور قد تتعلق بالماضي او بالمستقبل القريب..ورمى بنفسه على الفراش ليحظى بساعات ولو كانت قليلة من النوم..ولم تكد الساعة تعلن العاشرة صباحا.. حتى استيقظ من نومه وارتدى ملابسه على عجل حتى يذهب الى تلك الورشة ليستلم سيارته.. ومما سهل عليه الامر انه اليوم كان يوم اجازة..خرج من غرفته ليتوجه الى الطابق السفلي..وهناك شاهد فرح ووالدته يتناولان طعام الافطار..وابتسمت هذه الاخيرة قائلة بحنان: هشام.. هلم معنا..تناول طعام الافطار..
        قال مبتسما وهو يلتفت لها: ومنذ متى تناولت افطارا يا امي؟..
        قالت فرح وهي تبتسم ابتسامة مرحة: دعك منه يا امي.. الا ترين انه سمين جدا.. ويريد عمل حمية مكثفة لتخفيف...
        بترت عبارتها بغتة وتأوهت نتيجة لأمساك هشام بشعرها وقال هذا الاخير بابتسامة ساخرة وهو يميل نحوها: لم اسمعك جيدا.. من هو السمين هنا؟..
        التفتت الى امها وقالت: امي انظري ماذا يفعل؟..
        عقدت والدتها حاجبيها وقالت بضيق: هل انت طفل يا هشام؟..ما هذه التصرفات الصبيانية؟.. دعها وشأنها..
        قال وهو يترك شعرها بلامبالاة: عليها ان لا تسخر مني مرة اخرى.. والا وجدت نفسها معلقة على السطح..
        قالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها: يالك من متحذلق .. ولكن الى اين انت ذاهب؟..أليس اليوم هو يوم اجازة؟ ..
        قال مبتسما: بلى.. ولكن هل يمنع هذا خروجي؟..
        سألته والدته هذه المرة قائلة: حقا يا هشام.. الى اين انت ذاهب في هذه الساعة المبكرة؟..
        هز كتفيه وقال: الى ورشة لتصليح السيارات..
        قالت فرح بحنق: ما الامر مع تلك الورشة؟.. كلما اسألك عن مكان ذهابك ستقول الورشة..
        - انا لا اكذب.. الم تلاحظي يا اختي البلهاء ان سيارتي لم تعد موجودة امام المنزل؟..
        قالت فرح وقد انتبهت لهذا الامر للتو: صحيح.. انت على حق .. ولكن لماذا اخذتها الى هناك؟.. هل بها عطل ما؟..
        اومأ برأسه وانصرف مبتعدا وهو يقول: عن اذنكم الان..
        وغادر المنزل لينطلق باحدى سيارات الاجرة الى الورشة.. وما ان وصل الى هناك بعد خمسة عشرة دقيقة تقريبا.. حتى نقد سائق الاجرة اجره واتجه ليتحدث مع احد الموظفين بشأن سيارته ..الذي قال بعد ان تأكد من ملكية هشام للسيارة وخصوصا وانه راه بالامس مع الفتاة التي تفاوضت معه في امر السيارة: يمكنك استلامها يا سيد.. ان الامر لم يتعدى اعادة تركيب مصباح خلفي جديد..
        قال هشام بهدوء: وهل استملت من الانسة التي تحدثت معك بشأن السيارة بالأمس مبلغ التصليح ؟..
        قال الموظف وهو يهز رأسه نفيا: لا يا سيدي .. ولكنها قالت انها ستأتي فور تسلمك السيارة..
        قال هشام وهو يعقد حاجبيه بتساؤل: وكيف ستعلم انني قد استلمت سيارتي؟..
        - سنتصل بها فقد تركت رقم هاتفها معنا و...
        قاطعه هشام قائلا: لا داعي لذلك..
        قال الموظف مستغربا: ماذا تعني يا سيدي؟..
        قال هشام وهو يسلمه مبلغ من المال: هل هذا المبلغ كاف لتصليح السيارة؟..
        - اجل يا سيدي ولكن...
        قال هشام بهدوء: لا يوجد لكن..خذ المال .. واذا جاءت الانسة لتدفع المبلغ ايضا.. اخبرها ان المبلغ قد دفع..
        قال الموظف وهو يومئ برأسه: فليكن يا سيدي..
        - اريد وصل بدفعي للمبلغ المطلوب كاملا..
        اومأ الموظف برأسه مرة اخرى..ودلف الى الورشة ليختفي فيها دقائق.. ومن ثم يعود ليسلم هشام الوصل..وتوجه هذا الاخير ليستقل سيارته هذه المرة وينطلق بها..وبرزت في رأسه بغتة تلك الفكرة..فأسرع ينفذها وهو يضغط ارقام ذلك الهاتف...

        تعليق

        • Merve
          عضو فضي
          • Jan 2013
          • 692

          رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك


          *الجزء السادس والثلاثون*
          (لماذا لم تخبريني؟)


          اومأ الموظف برأسه مرة اخرى..ودلف الى الورشة ليختفي فيها دقائق.. ومن ثم يعود ليسلم هشام الوصل..وتوجه هذا الاخير ليستقل سيارته هذه المرة وينطلق بها..وبرزت في رأسه بغتة تلك الفكرة..فأسرع ينفذها وهو يضغط ارقام ذلك الهاتف...
          واستمع هشام الى الرنين المتواصل على الطرف الاخر.. حتى اجابه صوت طفولي يقول: الو..من؟..
          قال هشام مبتسما: الا يوجد سواك ليجيب على الهاتف يا فارس..
          قال فارس وهو يهز رأسه: لا.. ولكني اسرع كلما اسمع صوت الهاتف.. فربما يكون ابي.. فأخبره بم يحضر لي معه وهو قادم..
          قال هشام: حسنا يا صديقي.. هل لي ان اطلب طلبا منك؟..
          قال فارس بجدية طفولية: من انت اولا؟..
          قال هشام وهو يصطنع الدهشة: ماذا؟.. الم تعرفني يا فارس حقا؟..انا هشام..
          قال فارس بحيرة: هشام من؟..
          - الذي حدثك بالامس.. واخبرته ان عمرك ربما يكون خمس او ست سنوات..
          - انا لا اعرفك..
          ابتسم هشام وقال: فليكن يا صغيري..ولكن هل لك ان تنادي شقيقتك لأتحدث اليها قليلا؟..
          قال فارس متسائلا: من تعني؟..(غادة)؟..
          بهت هشام لوهلة من ثم قال بخبث: اجل هي غادة.. اذهب لتناديها بسرعة..
          اسرع فارس يقول: حسنا..
          ومن ثم اسرع راكضا الى تلك الغرفة التي تحتل نهاية الممر.. وطرقها قائلا: غادة.. غادة.. افتحي..
          فتحت الباب واطلت عليه قائلة: ماذا تريد يا فارس الان؟..لن امنحك مزيدا من الحلوى..
          اشار نحو الهاتف وقال: لا اريد حلوى.. ولكن..هناك من يريدك على الهاتف..
          قالت متسائلة: ومن يريدني على الهاتف؟..
          اجابها وهو يلوح بكفه ويبتسم: ذلك الذي اتصل بالأمس.. لقد فعلت كما اخبرتني.. ولم اخبره بأي شيء..فقط سألته من هو والى من يريد التحدث..
          شعرت غادة بالتوتر..وقالت بصوت حاولت ان تجعله هادئا: من تعني؟..هشام؟..
          اومأ برأسه ايجابيا..قأزدردت لعابها لتسيطر على توترها وقالت وكأنها تحدث نفسها: حسنا سأذهب للتحدث اليه..
          سارت ببطء في ذلك الممر القصير باتجاه الهاتف..وهي تشعر بتوترها يزداد.. والتقطت سماعة الهاتف والشك يراودها في ان يكون هشام.. فما الذي سيدعوه للاتصال بها؟.. ولكن ربما امر يتعلق بسيارته هو ما دعاه الى ذلك.. واجابت قائلة وهي تزدرد لعابها: الو .. من المتحدث؟..
          قال مبتسما: كيف حالك يا انسة؟..
          حاولت ان تخفي اللهفة في صوتها وهي تقول: انت!..لم تتصل بي الان؟.. هل هناك حادث اخر تعرضت له وتريد مني دفع نفقات التصليح لك؟..
          اتسعت ابتسامته وقال: ليس بعد.. فلقد تسلمت سيارتي للتو .. ومن يدري ربما اصطدم بسيارة بعد قليل..فأتصل بك لتدفعي نفقات التصليح..
          قالت وهي تصطنع الضيق: لم تخبرني بعد..لم تتصل بي؟..
          قال وهو يهز كتفيه: للسؤال عن احوالك..
          اسعدها انه مهتم لأمرها وقالت في سرعة: انا بخير..
          قال متابعا وكأنه لم يسمعها: ولأشكرك على اصلاح السيارة ..
          قالت بلا مبالاة: انا لم افعل شيئا.. انا التي تسببت في الحادث.. لهذا علي ان ادفع تعويض لك..
          قال مبتسما: اذا فأنت تعترفين انك المتسببة في الحادث..
          مطت شفتيها دون ان تجيب فأردف: على العموم لقد اتصلت للسؤال عن احوالك ولأشكرك و...
          بتر عبارته بغتة.. فسألته قائلة: وماذا؟..
          قال بلهجة جعلتها تشعر ان ما سيقوله مهم: ولأخبرك بأمر ما..
          تسائلت قائلة: وما هو؟..
          - لم اكن اريد ان اخبرك ولكن... اظن انه يتوجب علي ان افعل .. وخصوصا وانها ربما تكون المكالمة الأخيرة بيننا ..
          انصتت له بكل حواسها وقالت وهي تشعر بالارتباك.. وقد احست ان ما سيقوله يتعلق بها: اجل.. ماذا تريد ان تقول؟..
          قال بصوت بدت فيه الجدية: في الحقيقة انا... انا...
          ازدردت لعابها وقالت بتلعثم وفد تسلل اليها الخجل منه لأول مرة: انت ماذا؟..
          ابتسم وقال: في الحقيقة انا قد دفعت نفقات تصليح السيارة.. فلا حاجة لك لللذهاب الى هناك ودفعها..
          اتسعت عيناها وقالت بغضب: ماذا؟.. ابقيت دقيقة كاملة صامتا لتقول لي هذا فقط؟..
          قال بخبث: لم؟..اكنت تتوقعين سماع شيء اخر؟..
          مطت شفتيها وقالت بحنق: لا لم اكن اتوقع أي شيء اخر.. فأنت دائما هكذا.. تقول كل ما هو سخيف..
          قال مبتسما: حسنا.. سأعدي لك شتمك لي هذه المرة.. والان الى اللقاء..
          اسرعت تقول: لحظة واحدة..
          - ماذا؟..هل اشتقت لي بسرعة هكذا ام لا ترغبين في ان انهي المكالمة ابدا؟..
          قالت بحنق: كف عن سخافاتك واخبرني..لماذا دفعت مبلغ تصليح السيارة؟..
          قال وهو لا يزال محتفظا بابتسامته: اولا اشفقت عليك من القدوم مجددا ودفع المبلغ ..
          عقدت حاجبيها وقالت: وثانيا؟..
          - وثانيا.. لم اكن اريد ان اجعلك تدفعي أي مبلغ وانا من كان سببا في ذلك الحادث.. فلولا وقوفي المفاجئ بالطريق لما اصطدمت بي..
          قالت بدهشة: اذا لماذا كنت تقول منذ البداية انني السبب في الحادث؟.. وانه يتوجب علي ان ادفع جميع مصاريف التصليح .. ما دمت تعترف بنفسك انك السبب في الحادث.. هذا بالاضافة الى دفعك مبلغ التصليح.. وكأن.. وكأن لم يكن لكل ما فعلته أي داع..اخبرني لماذا؟..
          قال بابتسامة مقلدا اسلوبها: سأترك لك فرصة تخمين هذا..الى اللقاء الان..
          - الى اللقاء..
          قالتها ومن ثم اغلقت الهاتف..ليظهر شبح ابتسامة على شفتيها وهي تتمتم: يالك من شاب..
          واعتلت تلك الابتسامة شفتيها وهي تتوجه نحو غرفتها.. وقلبها ينبض بسعادة غريبة تعرفها للمرة الاولى في حياتها...
          ********
          ابتسم طارق وقال وهو يوقف سيارته بجوار منزل وعد: يبدوا وانها ستكون مفاجئة كبيرة لها..
          قالها ومن ثم ضغط رقم هاتف وعد.. التي ما ان استمعت الى رنين الهاتف حتى اجابته قائلة بابتسامة واسعة: اهلا طارق .. كيف حالك؟..
          ابتسم وقال: بخير.. وماذا عنك؟..
          - على ما يرام..
          - وما الذي تفعلينه الان؟..
          هزت كتفيها ورمت بنفسها على ذلك المقعد لتقول: لا شيء مهم.. وانت..ما الذي تفعله؟..
          قال بابتسامة وهو يتطلع الى منزلها: اتجول بالسيارة قليلا.. اتودين مرافقتي؟..
          قالت مبتسمة: ليت هذا ممكن.. ولكن كما تعلم اليوم هو يوم اجازة ولن اتمكن من رؤيتك في الصحيفة..
          اتسعت ابتسامته وقال: من يدري.. ربما ترينني في مكان اخر..
          تطلعت الى سقف الغرفة وقالت مبتسمة: مثل ماذا؟..
          - بجوار منزلك مثلا..
          ضحكت وقالت: يا للخيال.. كيف ولماذا ستكون بجوار منزلي؟..
          قال بهدوء: كيف بسيارتي.. ولماذا.. ربما لرؤيتك.. وربما ل...
          - لماذا؟..
          قال بحنان مفاجئ: وربما لطلب يدك..
          جاوبه صمت تام.. مما جعله يقول: وعد الا زلت على الخط.. اتسمعيني؟..
          ازدردت وعد لعابها بصعوبه ولم يستطع الا سماع صوت تنفسها المتوتر.. فقال مبتسما: ما بك؟..لم اقل ما يخيف..
          شعرت وعد يضربات قلبها المتسارعة تتعالى وكأنها ستصل الى مسامع طارق.. وازدادت قوة امساكها لهاتفها المحمول وهي ترى ارتجافة يدها وجسدها كله..واردف طارق بهدوء: وعد .. اترغبين برؤيتي حقا؟..
          ازدردت لعابها مرة اخرى وقالت بصوت متلعثم: أ..أجل..
          قال مبتسما: تمني هذا فقط؟..
          قالت بحيرة: ماذا تعني؟..اتمنى ماذا؟..
          - ان ترينني..
          قالت بابتسامة باهتة: وهل تتحقق الامنيات؟..
          - ربما.. فقط تمني انت ان ترينني وربما تتحقق امنيتك..
          - لا اعلم ماذا افعل.. ولكن سأجاريك فيما تقوله..حسنا انا اتمنى رؤيتك..
          قال بدهشة بغتة: يا الهي..كيف وصلت الى هنا؟..
          قالت بدهشة: اين؟..
          - انظري من أي نافذة تطل على الشارع الامامي لمنزلكم..
          كادت ان تسأله لم؟..لكنها لم تفعل وهي تسرع خارجة من الغرفة وتنطلق الى الصالة العلوية لمنزلهم..لتطل منها الى الشارع الامامي.. وهنا شهقت بقوة وقالت: انها سيارتك..
          قال بحنان وهمس: ارأيت ان الاماني تتحقق احيانا..
          قالت متسائلة بدهشة: ولكن لماذا جئت؟..
          ابتسم وقال: الم اخبرك سابقا؟..لرؤيتك..
          قالت بقلق: اسرع بالمغادرة قبل ان يراك والدي وتقع في مشكلة..
          شاهدته يخرج من سيارته في تلك اللحظة وهو يقول: ومن قال اني لا اريده ان يراني..
          شاهدته يتجه الى المنزل وقالت وقلقها يتضاعف: طارق..اسرع بالابتعاد..لا تقترب اكثر..
          رفع رأسه الى الطابق العلوي وهو يبحث بعيناه عنها في احدى تلك النوافذ المطلة على الشارع..وقال مبتسما: اهبطي لتفتحي لي الباب فسوف اطرقه بعد لحظات..
          اسرعت تهبط درجات السلم نحو الطابق السفلي وقالت بهمس: ما الذي تحاول فعله؟..
          - رؤيتك فحسب..
          اسرعت تتجه نحو الباب الرئيسي.. وشاهدها والدها فقال بدهشة: الى اين يا وعد؟..
          توقفت عن جريها واغلقت هاتفها بتوتر لتزدرد لعابها وهي تقول بارتباك: كنت متوجهة الى...
          انقذها من ارتباكها صوت رنين جرس الباب..فقال لها والدها: افتحي الباب..
          اومأت برأسها ايجابيا وتوجهت نحو الباب وهي تشعر بقدماها تتثاقلان عن التقدم..وعقدت حاجبيها وهي تفكر.. ما الذي يفكر فيه؟..ولماذا جاء؟..ألرؤيتي كما يقول؟ ..ولكن لن يفعل هذا علنا وبوجود والداي هنا..اذا فيم يفكر؟.. هل من الممكن انه قد جاء ل...
          اعتراها الخجل عند تفكيرها الاخير.. وارتسمت ابتسامة متوترة على شفتيها وهي تقول وهي تفتح الباب: من؟..
          ابتسم طارق عندما انفتح الباب وقال وهو يتطلع الى قلقها: صديق..
          ابتسمت وقالت بصوت هامس: واي نوع من الاصدقاء تعني؟..
          غمز بعينه وقال: الاوفياء بكل تأكيد..
          ارتبكت فجأة وقالت: لكن ما الذي جاء بك الى هنا حقا؟..
          قال بهدوء: لا تقلقي.. فقط اخبري والدك اني صحفي معك بالصحيفة وارغب في التحدث اليه..
          - ولكن...
          قاطعها قائلا: قلت لا تقلقي..
          اومأت برأسها في ارتباك.. وقالت وهي تتنحى عن الباب قليلا: تفضل بالدخول.. ريثما ابلغ والدي بما تريد..
          سار الى الداخل بخطوات هادئة وواثقة وقال وهو يلتفت لها: منزلكم جميل على الرغم من بساطته..
          ابتسمت بهدوء ولم تعلق على عبارته وهي تتجه الى حيث يجلس والدها وقالت بصوت مرتبك: هناك من يريد رؤيتك يا ابي..
          ترك الصحيفة من يده وقال متسائلا: ومن هو؟..
          اشاحت بنظراتها بعيدا وقالت بصوت متوتر بعض الشيء: انه ..الصحفي طارق جلال .. زميل لي بالصحيفة.. ويرغب في التحدث اليك..
          قال والدها وهو يعقد حاجبيه: وفيم يحدثني؟..
          هزت وعد رأسها وقالت: لست اعلم.. لم يخبرني بشيء..
          - فليكن ابلغيه ان يحضر الى حجرة المعيشة واطلبي من الخادمة ان تعد لنا كوبين من العصير ومن ثم اصعدي الى غرفتك..
          أومأت وعد برأسها ايجابيا ومن ثم توجهت الى طارق مرة اخرى وقالت بتوتر: والدي ينتظرك.. تقدم معي..
          ابتسم طارق وقال: فليكن انستي..
          سار الى جوارها وقال مردفا: ما الذي يدعوك الى كل هذا القلق؟..
          التفتت له وقالت: قدومك المفاجئ هذا..
          وضع كفيه في جيبي بنطاله وقال مبتسما: اظن انك انت من تمنى رؤيتي وهاقد تحققت امنيتك..
          فتحت له باب غرفة المعيشة وقالت وهي تنظر اليه بحنق: لم اكن اعلم انك تقف بجوار المنزل منذ البداية والا لما تمنيت هذا..
          - ولم لا؟..
          قالت وهي تراه يدلف الى غرفة المعيشة: لانك ستضع نفسك في المشاكل الان..
          التفت لها وقال: اقولها لك للمرة الثالثة..لا تقلقي..
          تنهدت وقالت: افعل ما تشاء.. فلم اعد افهمك..
          قالتها واغلقت الباب.. لتتوجه الى المطبخ وتقول للخادمة: اعدي كأسين من العصير.. وخذيهما الى غرفة المعيشة..
          اومأت الخادمة برأسها.. في حين التفتت وعد لتتطلع الى باب غرفة المعيشة.. وتقول متحدثة الى نفسها: ترى لماذا جئت اليوم الى هنا يا طارق؟.. ألسبب ما يتعلق بك؟..ام لأمر يتعلق بي انا؟..
          (( ربما لرؤيتك.. وربما لطلب يدك))
          انتفضت بغتة وهي تتذكر عبارة طارق .. ترى اجاء الى هنا من اجل هذا السبب حقا؟...
          **********
          ابتسم هشام وقال وهو يتحدث الى احد الموظفين في ادارة المرور: حسنا هل تقوم بهذه الخدمة لي؟..
          تطلع الموظف الى الورقة التي منحها له هشام منذ دقائق ومن ثم قال: سيد هشام.. انت تمنحني رقم السيارة ونوعها والاسم الاول فقط من اسم مالكتها.. ولكن لن تستفيد شيئا لو ان السيارة ليست باسمها..
          قال مبتسما: وسأستفيد كثيرا لو كانت كذلك..
          هز الموظف رأسه وقال: لو لم يكن صديقك زميلا لي .. لما قمت بهذا العمل..
          هز هشام كتفيه وقال: ولم لا تقوم به؟..
          عقد الموظف حاجبيه وقال: اشعر انك تريد معلومات عن هذه الفتاة..لسبب شخصي..
          ابتسم هشام بزاوية فمه وقال: حسنا وان كان الامر كذلك.. ما الذي سيضرك في الامر؟..
          - لا شيء ولكن كما اخبرتك.. لم اكن لأستخرج معلومات عن صاحب هذه السيارة لولا ان صديقك هو من طلب مني ذلك..
          - حسنا اذا.. استخرج مالديك من معلومات.. ومن ثم امنحني اياها..
          واردف بصوت منخفض: دون ان تمثل دور المثالي..
          اخذ الموظف يبحث في اجهزة الحاسوب المختلفة.. واستمر بحثه لعدة دقاءق.. قبل ان يقول وهو يقوم بطباعة ورقة ما: هذا كل ما لدينا بشأن مالك السيارة..
          مد له يده بالورقة.. فاختطفها هشام في سرعة وقال بابتسامة: لا بأس.. شكرا لك..وسلم لي على صديقي..
          مط الموظف شفتيه وهو يراقب هشام الذي ابتعد وهو يمسك بالورقة في يده.. ويتجه ليغادر ادارة المرور..ومن ثم يسير بخطوات سريعة بعض الشيء الى حيث اوقف سيارته.. وما ان احتل مقعد القيادة..حتى اسرع يلتهم كلمات تلك الورقة.. وارتسمت على شفتيه ابتصامة انتصار وهو يقول: هه.. ان السيارة باسمها بالفعل كما توقعت..
          واخذ يقرأ بصوت مسموع بعض الشي: الاسم (غادة ابراهيم)..تاريخ الميلاد 1985..
          واردف وابتسامته تتسع:عنوانها مسجل بالكامل ايضا..هذا يجعل الامور اسهل بكثير..وكذلك رقم هاتفها هي ووالدها ورقم المنزل كذلك..وهي لا تزال طالبة في الجامعة..كل هذا يجعل الامور ابسط مما تخيلت..
          والقى بالورقة على المقعد المجاور له.. قبل ان ينطلق بسيارته ويقول وهو يبتسم بزاوية فمه: ها هو ذا اللقاء قد يتجدد بيننا يا غادة.. من قال ان القدر لم يضعك في طريقي عمدا؟..لتتغير حياتي قليلا.. ولأنسى ما اعانيه من الام قليلا...
          **********

          تعليق

          • Merve
            عضو فضي
            • Jan 2013
            • 692

            رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

            صمت والد وعد طويلا بعد ان استمع الى طارق الذي انتهى من قول كل ما اراد قوله .. وانتظر تعليقا من والد وعد.. ولكن هذا الاخير ظل صامتا.. حتى ان طارق شعر بأن في الامر سر ما.. وقال متسائلا: ما الأمر يا سيد عادل؟.. لقد شرحت لك كل ظروفي.. واخبرتك اني امتلك منزل اسكن فيه انا واسرتي.. وبامكاني ان اوفر مسكن اخر ان اردت.. كما وان راتبي لا بأس به ابدا و...
            قاطعه والد وعد قائلا بهدوء: ليس لدي ادنى اعتراض عليك يا بني..فأنت تبدوا لي منذ النظرة الاولى.. بأنك رجل بكل معنى الكلمة.. وانا أفخر لو كان لي ابن مثلك ولكن...
            اذا في الامر سرا ما كما توقع..ولكن ماذا هناك؟ ..واسرع يتسائل بما خطر في ذهنه: اذ ما الامر يا سيد عادل؟..
            قال والد وعد وهو يزفر بحدة: معذرة يا ولدي.. ولكن ..ولكني لا استطيع ان اقبل بزواجك من ابنتي..
            وكأن صاعقة اصابت طارق..ووجد نفسه يقول بذهول: ولكن لماذا؟..
            قال والد وعد بابتسامة باهتة: لو انك جئت قبل يومين لكان الامر مختلف.. كنت ساخذ رأي وعد على هذا الزواج.. وبعدها كنت سأوافق دون ادنى اعتراض .. ولكن الان الامر قد اختلف..
            قال طارق وهو يكور قبضته بقوة: اخبرني ما الامر؟ .. ما الذي يدعوك الى الرفض؟.. اخبرني بالله عليك..
            حاول والد وعد ان ينطق هذه العبارة بهدوء ولكنها خرجت بالرغم منه متوترة وهو يقول: ان ابنتي مخطوبة..
            تطلع له طارق غير مصدقا .. وقال بحدة : مخطوبة.. أي كلام هذا.. انها لا ترتدي أي خاتم للخطوبة.. كما وانها لم تتحدث عن أي امر يتعلق بهذه الخطوبة المزعومة..
            عقد والد وعد حاجبيه وقال: ان وعد لا تعلم شيء عن امر هذه الخطبة.. انها بيني وبين عمها فقط..
            قال طارق وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره في عصبية: هل لك ان توضح الامر قليلا لي؟..
            - استمع الي يا استاذ طارق.. لقد جاء عم وعد لطلب يدها لابنه هشام قبل يومين.. وبما اننا دائما نرى هشام ووعد على وفاق وانهمامناسبان لبعضهما وخصوصا وانهما ابناء عم قد تلقيا التربية معا منذ الطفولة..ادركنا انهما سيوافقان على امر هذه الخطبة ولن يعارضاها.. لهذا فقد وعدت اخي بأن كل شيء سيتم كما يريد.. وان وعد ستتزوج هشام ابن عمها كما طلب..
            قال طارق وعيناه متسعتان: ولكن هذا ظلم لكلا الطرفين .. فقد لا ترغب وعد بالزواج من هشام.. وقد لا يرغب هو بهذا الزواج..
            قال والد وعد وهو يزفر بحدة: اخبرتك سابقا اننا على علم انهما لن يعارضا هذا الامر وانهما تقريبا موافقان.. خصوصا وان هشام ابن عمها قد لمح لوالده عدة مرات برغبته بالزواج من وعد..
            عقد طارق حاجبيه وقال: وماذا عن وعد؟.. هل هي الاخرى لمحت بالموافقة على هذا الزواج..
            - تقريبا .. اجل..
            توتر جسد طارق ووجد والد وعد يردف:ان هشام شاب يصعب على أي فتاة ان ترفضه.. فهو مهندس ويمتلك راتبا ممتازا وذا شخصية مميزة ووسيم الطلعة.. ولا اظن ان وعد ترفض شاب كهذا.. الست معي في هذا؟..
            تطلع طارق للحظات الى والد وعد ومن ثم قال ببرود:اجل.. من الصعب عليها ان ترفض شاب يتملك كل هذه الصفات.. وخصوصا وانه ابن عمها وهو احق بها..
            واردف وهو ينهض من مكانه: اظن ان علي المغادرة الان يا سيد عادل.. وتشرفت بالتعرف عليك..
            قالها ومد يده مصافحا الى والد وعد.. الذي صافحه وقال بابتسامة باهتة: الفتيات كثيرات يا بني.. ستجد من تصلح لتكون شريكة لحياتك من بينهن..ولا تدع رفضي يؤثر عليك..
            قال طارق بشحوب: صحيح يا سيد عادل.. الفتيات كثيرات .. ولكن واحدة منهن فقط هي وعد.. ولا اعتقد اني سأجد شريكة لحياتي كما تمنيتها..فقد خسرتها .. ومرتين..
            تطلع له والد وعد وقال بهدوء: هل ابنتي تعني لك الكثير الى هذه الدرجة؟..
            قال طارق وهو يجاهد لرسم ابتسامة على شفتيه: بأكثر مما تتصور..
            - اعذرني يا بني.. هذا الامر ليس بيدي.. فلقد منحت عمها كلمة.. ووعدته بالموافقة على هذا الزواج..
            هز طارق رأسه وقال: لا داعي للاعتذار.. فأنا اتفهم هذا الموقف..وربما كما قلت ستوافق وعد على ابن عمها.. ولن ترفضه..
            قال والد وعد بابتسامة باهتة وهو يرى اثار الحزن وخيبة الامل جلية في عينيه: انت صحفي رائع.. وانا اقرأ معظم مقالاتك .. اكمل المشوار الذي بدأته.. ولا تتوقف امام أي عقبة ..مهما كانت ..
            تنهد طارق وقال: حتى لو كانت هذه العقبة.. هي ضياع الحلم الذي سعيت لتحقيقه طويلا.. حتى لو كانت خسارة حلم حياتي بأكمله..
            ربت والد وعد على كتفه وقال: انت لا تزال شابا يا بني.. والحياة ممتدة امامك..
            تنهد طارق مرة اخرى وقال: عن اذنك الان يا سيد عادل.. مع اني كنت اتمنى ان اناديك بلقب عماه..
            تطلع والد وعد الى طارق الذي غادر غرفة المعيشة.. واتجه الى الباب الرئيسي ليغادر المنزل.. لكنه لم يلبث ان توقف حين سمع صوتها وهي تناديه قائلة: طارق.. توقف.. الى اين انت ذاهب؟..
            قال بسخرية مريرة: لم يعد لبقائي أي داع..
            قالت وعد بدهشة: ماذا تعني؟..انت لم تخبرني حتى بسبب قدومك الى هنا..
            التفت لها وقال بنظرة رأت فيها وعد.. الألم والغضب في ان واحد: لماذا لم تخبريني من قبل بأنك مخطوبة؟..
            مخطوبة..مخطوبة..هل يعنيني انا؟.. هل يمزح؟..متى تمت خطبتي؟.. لم يخطبني احدهم ابدا..ورأته يغادر المنزل وهو يغلق الباب خلفه في حدة.. وتجمدت قدما وعد وهي تتطلع الى النقطة التي اختفا فيها طارق..وعادت عبارته لتتردد في ذهنها .. لماذا لم تخبريني من قبل بأنك مخطوبة؟..ولكن.. ولكني.. لست مخطوبة.. لست كذلك ابدا.. ارجوك .. عد وافهمني بالامر كله يا طارق.. لا ترحل هكذا .. وتتركني في دوامة من الاسئلة والحيرة..ارجوك عد ...

            تعليق

            • Merve
              عضو فضي
              • Jan 2013
              • 692

              رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك


              *الجزء السابع والثلاثون*
              (لماذا علي ان اعاني مرتين؟)


              تجمدت قدما وعد في مكانها وهي غير قادرة على الحراك.. وقد تذكرت نظرة طارق اليها التي كانت تحمل كل الغضب والالم..لم كان ينظر اليها بتلك النظرة؟.. وما معنى عبارته الاخيرة؟.. هل اخبره والدها بشيء؟.. لو كان الامر كذلك.. فان والدها يعلم سبب ما قاله طارق قبل قليل..
              اخذت تبحث بعيناها عن والدها في الردهة .. لكنها لم تجد أي أثر له.. ووجدت نفسها تتوجه بخطوات متثاقلة الى غرفة المعيشة.. وفتحت الباب بهدوء شديد وقالت بصوت مرتبك وهي تطل برأسها الى الداخل: ابي .. هل انت هنا؟..
              جاءها صوته هادئا اقرب الى البرود وهو يقول: اجل يا وعد.. اتريدين شيئا ما؟..
              تقدمت منه وعد وقالت: ابي .. لقد غادر الاستاذ طارق وهو يبدوا..متضايقا بعض الشيء.. فلم؟.. في ماذا تحدث اليك؟.. وماذا قلت له حتى يتضايق هكذا؟..
              تطلع والدها اليها بنظرة حانقة وقال:هل هو تحقيق يا وعد؟..هل ستمارسين مهنتك علي؟..
              اسرعت تهز رأسها نفيا وتقول: كلا.. ابدا يا والدي.. كل ما اردت معرفته هو سبب قدوم زميلي الى هنا.. وسبب تضايقه الى هذا الحد..
              صمت والدها ولم يجبها .. فأسرعت تقول: ارجوك اخبرني يا والدي.. ان كان الامر يتعلق بي..
              نهض والدها من مقعده وسار بضع خطوات وقال وهو يشبك اصابع كفيه خلف ظهره: انه كذلك بالفعل..
              قالت وعد برجاء: ما الامر اذا يا والدي.. ما الذي اراده الاستاذ طارق بالمجيء الى هنا؟..
              التفت لها والدها بغتة وقال: طلب يدك..
              تطلعت له وعد ببلاهة وكأنها لم تفهم ما قاله.. وقالت متسائلة: ماذا؟.. طلب يدي انا؟..
              اومأ والدها برأسه ايجابيا..فأحست وعد بالنشوة والسعادة ..واخذ قلبها يخفق في شدة.. ولكن كل هذا تلاشى بغتة وهي تتذكر عبارة طارق لها..ووجدت نفسها تقول بصوت مرتجف وكأنها تدرك الاجابة مسبقا: وهل.. اخبرته اني..مخطوبة؟..
              تطلع لها والدها لوهلة ومن ثم قال: هل اخبرك هو بهذا الامر؟..
              قالت وعد وهي غير مستوعبة لكل ما يحصل: لقد كان مغادرا المنزل ويبدوا عليه الضيق.. فاستوقفته وسألته عن سبب مغادرته هكذا..وبدل ان يجيبني سألني قائلا بسبب عدم اخباره اني مخطوبة من قبل..
              واردفت وهي تتطلع الى والدها وغصة مرارة تملأ حلقها: هل انت من اخبره اني مخطوبة يا والدي؟..
              تنهد والدها وقال: اجل.. انا من اخبره بذلك..
              ارتجف قلب وعد في قوة وقالت بصوت اقرب الى البكاء: لماذا اخبرته بذلك يا والدي؟؟..لماذا؟؟..
              رأت في عيني والدها نظرة حزينة وقال: لأنك كذلك بالفعل..
              اتسعت عينا وعد ووجدت نفسها تقول بانفعال:ماذا تقول يا والدي؟.. انا مخطوبة؟.. أي قول هو هذا؟..
              قال والدها بهدوء: اهدئي يا وعد..لا داعي لكل هذا الانفعال .. لقد جاء عمك قبل يومين وحدثني بشأن رغبته في ان تكوني زوجة لابنه ..
              جلست وعد على اقرب مقعد لها وهي تشعر ان قدماها لم تعودا قادرتان على حملها وقالت بذهول:ماذا؟.. هشام؟..
              استطرد والدها قائلا: لقد كنا نراكما دائما يا وعد.. نتمنى دوما ان نراكما معا الى الابد.. ولهذا كانت رغبتنا في زواجكما تكبر مع الايام..وهشام قد لمح لأخي عدة مرات برغبته في الزواج بك..ولقد شعرت انك لن ترفضي هشام.. فمن اين ستحصلين على شاب مثله؟.. ولهذا اخبرت اخي بموافقتي على طلبه..
              رفعت وعد رأسها لوالدها وقالت بذهول: دون ان تأخذ رأيي حتى يا والدي..
              قال والدها بابتسامة باهتة وهو يقترب منها ويضع كفه على كتفها: وعد يا صغيرتي..اخبرتك بأننا كنا نراكما دائما معا.. ونراكما سعداء وعلى وفاق.. ورأينا انه من المناسب ان نتوج علاقتكما بالزواج..
              اطرقت وعد برأسها وقالت والدموع تترقرق في عينيها: ولكن يا والدي .. علاقتي بهشام لم تتعدى الاخوة.. كنت اراه دائما كشقيق لي والا لما رأيتني اتبسط معه في الحديث على هذا النحو..ان هشام اخي.. وانا لا استطيع الزواج به ..ارجوك افهمني يا والدي.. انا ابنتك الوحيدة.. هل تقبل ان اتزوج على هذا النحو؟..
              قال والدها وهو يربت على كتفها: سأحاول ان اتحدث مع اخي في هذا الامر.. لكن لا استطيع ان اعدك بشيء الان..
              تطلعت اليه وفي عينيها نظرة رجاء..ومن ثم لم يلبث والدها ان قبل جبينها وقال بحنان: اصعدي الى غرفتك الان يا وعد.. وسأتحدث مع عمك بالامر بعد قليل.. وسأخبرك بما سيحدث بيننا ..
              تطلعت وعد الى والدها للحظات.. ومن ثم لم تلبث ان وقفت بتثاقل وسارت بخطوات بطيئة وغادرت غرفة المعيشة.. وترقرقت الدموع في عينيها بغتة وهي تشعر بتلك الغصة في حلقها.. لماذا؟.. لماذا الان؟..عندما جاء طارق لخطبتها..لم يحصل كل هذا؟.. لم لا اشعر بالسعادة التي طالما تمنيتها وبحثت عنها؟.. لم؟؟..
              واسرعت تصعد درجات السلم وهي تنطلق باتجاه غرفتها.. والدموع التي كانت تترقرق في عينيها منذ دقائق.. تغلبت عليها وسالت على وجنتيها في الم وحرقة..وما ان وصلت الى الغرفة حتى اغلقت الباب خلفها في قوة.. والقت بنفسها على فراشها ودموعها لا تتوقف عن الانهمار وصوت نحيبها يصل الى مسامع من بالخارج..واخذت تقول بأنين: لماذا الان يا ابي؟.. لماذا تحطم حلمي وهذا الحب الذي نسج بين قلبينا؟..لقد رحل طارق دون ان يفهم الامر.. ودون ان يعلم اني قد رفضت هشام من قبل..واني لم ولن احب سواه..رحل وهو يظن اني مخطوبة لشخص اخر..
              لم تجد امامها من حل سوى ان تتصل بطارق وتفهمه الامر كله .. اسرعت تلتقط هاتفها وتضغط رقم هاتفه المحمول.. وانتظرت سماع اجابته بعد الرنين المتواصل.. ولكن انقطع الخط دون أي اجابة..اعادت الاتصال عدة مرات.. وفي كل مرة لا تسمع سوى انقطاع الخط ..وقالت بألم وهي تتطلع الى هاتفها: لم لا تجيب يا طارق؟.. اعلم انك تشعر بالحزن لما حصل.. ولكني اقسم لم اكن اعلم بشيء.. والا لرفضت كل ما يحصل هنا..ولم اكن لأضعك في موقف كهذا..
              مسحت دموع عينيها بأناملها وشردت بتفكيرها بعيدا وهي تفكر في حل لهذا الامر.. طارق يرفض الاجابة.. ووالدها وعدها بأن يرى الامر مع عمها.. ولكن هل سيتم حل هذه المشكلة بالفعل؟..تطلعت الى ما حولها بعيون دامعة .. وتوقفت بغتة عند الة التصوير.. وهنا عقدت حاجباها باصرار وقالت: لن يحل هذه المشكلة الا صاحب الشأن وحده..
              قالتها واخذت تضغط رقم ذلك الهاتف .. منتظرة الاجابة بلهفة...
              **********
              التقط هشام هاتفه وقال بابتسامة واسعة: يمكنني الان ان اتحدث مع المتسرعة غادة..
              ضغط رقم هاتفها..ولكن رنين هاتفه المستمر جعله يتوقف عن هذا..ويتطلع الى الرقم الذي يضيء على شاشة هاتفه بدهشة..واجاب قائلا: اهلا وعد.. ما الذي حدث لك؟.. فأنا اعلم انك لا تتصلين بي الا عندما تحدث مصيبة ما وتر...
              قاطعته وعد قائلة بعصبية: ليس وقت مزاحك الان يا هشام.. الامر اكبر من هذا..
              قال هشام بهدوء: حسنا وما الذي حدث؟..
              هدأت من عصبيتها قليلا ومن ثم قالت: والدك..
              عقد حاجبيه وقال بتساؤل: ماذا به؟..
              ترددت قليلا ولكنها لم تلبث ان حسمت امرها وقالت: لقد طلبني لأكون زوجة لك.. وابي قد وافق..
              قال هشام بدهشة: ماذا تقولين؟..أأنت واثقة؟.. والدي لم يخبرني بأي شيء عن هذا الامر ابدا..
              قالت وعد بألم: لو لم أكن واثقة من هذا الامر لما اتصلت بك.. ثم ان الامر كان بين والدي ووالدك فقط.. ولهذا لم يعلم به كلانا..
              ابتسم هشام وقال بسخرية ليلطف الجو قليلا: هل الزواج بي يسبب كل هذا الحزن.. لا تقلقي يا ابنة عمي العزيزة سأكون طيبا معك و...
              قالت وعد بصوت باكي: هشام لم لا تفهمني.. لا احد يستطيع حل هذه المشكلة سواك.. وانت لا تأبه بي.. ولا تفعل شيء سوى السخرية مني والتفكير في نفسك..
              قال هشام بهدوء: انا يا وعد؟.. فليكن سأقبلها منك لأن اعصابك متوترة.. كل ما اردته ان الطف الجو قليلا..
              اطرقت برأسها في الم وقالت: اريد حلا لهذه المشكلة يا هشام.. ارجوك افعل شيئا..
              صمت هشام قليلا ومن ثم قال: فليكن يا ابنة عمي العزيزة.. سأحل الموضوع بنفسي.. ولا تقلقي.. اعتبري ان الموضوع انتهى منذ هذه اللحظة..
              قالت وعد بشحوب: لو استطعت ان تنهي هذا الموضوع بالفعل يا هشام.. فلن انسى معروفك هذا ابدا..
              ابتسم هشام ابتسامة باهتة وقال: انظري للقدر.. انا بنفسي من يمنع زواجي بك..ولكن اتعلمين لم افعل هذا؟.. لاني احبك.. وكما تقولين انت دائما من يحب يتمنى السعادة لحبيبته ..ولهذا فأريد ان اراك سعيدة دائما حتى لو كان هذا على حسابي انا ..
              قالت وعد وهي تمسح دموعها: ولكن ما الذي ستفعله؟..
              قال مبتسما: هذا امر لا يخصك.. فقط دعي الامر لي.. واذهبي لتغسلي وجهك.. وكفي عن بكاءك هذا..
              ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي وعد وقالت: حسنا.. الى اللقاء.. وافعل كل ما بوسعك..
              قال بهدوء: الى اللقاء..
              اغلق هشام الهاتف ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: هيا يا هشام..افعل ما تطلبه منك.. وامنع زواجك منها بنفسك..
              تنهد في حرارة قبل ان يخرج من غرفته ويتوجه نحو درجات السلم .. ليهبطها الى الطابق الاول.. وهناك شاهد فرح تتطلع الى احد الافلام بالتلفاز فسألها قائلا: اين والدي؟..
              قالت دون ان تلتفت له: اظن انه بالمكتب..
              سار مبتعدا عنها الى حيث غرفة المكتب.. ووقف في مواجهة الباب لثواني.. ليلتقط انفاسه ومن ثم يطرق الباب بهدوء ويدلف الى الداخل..وترك والده ما كان بيده وتطلع اليه قائلا: هشام..جيد انك جئت لوحدك.. فقد كنت ارغب في ان اتحدث اليك في موضوع يخصك..
              قال هشام وهو يتفدم منه ويضع كفيه على الطاولة التي يجلس خلفها والده: وانا جئت لأحدثك في الموضوع نفسه يا والدي..
              عقد والده حاجبيه وقال بتساؤل: وهل تعلم انت فيم اريد ان احدثك؟..
              اومأ هشام برأسه وقال: بشأن وعد..أليس كذلك؟..
              ابتسم والده وقال: وما رأيك؟.. لقد كنت اريدها ان تكون مفاجأة لك..
              قال هشام وهو يشيح بوجهه قليلا: ابي.. انا لا اريد الزواج بوعد..
              هتف فيه والده بحدة: ماذا؟.. اكنت تلمح لي طوال تلك الفترة بأن اخطبها لك من اجل ان تقول انك لا تريدها في النهاية؟.. اكنت تتسلى فحسب يا هشام؟..
              هز هشام رأسه نفيا ومن ثم قال:لا.. فقبل ان تذهب انت الى عمي.. تحدثت مع وعد بشأن رغبتي بالزواج بها.. ولكنها ..رفضت ..
              - ولم ترفضك؟..اتظن انها ستجد شابا افضل منك يصلح ليكون زوجا لها؟..
              تنهد هشام وقال:لا يهم ان كانت ستجد ام لا.. المهم انها صارحتني بأني لست اكثر من اخ في حياتها.. وانا لا اقبل ان اتزوج من فتاة تراني اخاها فقط..
              قال والده وهو يتطلع اليه: هشام يا ولدي.. انت لم تعد صغيرا.. انت في السابعة والعشرين من عمرك.. ولديك العمل والمال والمسكن.. لا ينقصك سوى زوجة تشاركك حياتك.. وانا لم ارى افضل من وعد لك..لهذا فمهما كانت مشاعرها لك قبل الزواج..فقد تتغير بعده..
              قال هشام بحزم: على العكس يا والدي.. لو تزوجت من وعد وهي لا تحمل لي الا هذه المشاعر.. فهناك نسبة ضئيلة جدا في ان تتغير مشاعرها نحوي ..اما الامر الغالب حدوثه فهو ان تبقى مشاعرها كما هي ولا تتغير ابدا..
              كلمات هشام التي خرجت من بين شفتيه ادهشته هو نفسه قبل ان تدهش والده.. كيف يقول هذا؟.. وهو الذي كان يرفضه بشدة.. ودائما ما يؤكد ان المشاعر من الممكن ان تتغير بعد الزواج..هل اصبح الان يؤمن بطريقة تفكير وعد وفرح.. وبأنهما على حق في ما قالتاه..ام انه يبحث عن أي عذر يقدمه لوالده حتى يستطيع رفض هذا الزواج؟..
              واردف قائلا وهو يتطلع الى والده: ابي سوف اذهب الى عمي لأخبره بأمر رفضي لزواجي من ابنته..
              اتسعت عينا والده وقال بعصبية: ماذا تقول يا هشام؟؟.. ستذهب لعمك لتخبره انك لم تعد راغبا في ابنته..هل تريد ان تحرجني وتحرج نفسك امامه؟..
              لوح هشام بكفه وقال: لن يحرج احد يا والدي.. فأنا متأكد ان والد وعد سيتفهم الموضوع.. وخصوصا عندما يعلم انك لم تستشرني قبل ان تذهب لخطبة وعد لي..
              عقد والده حاجبيه وقال: وماذا عن اتفاقي معه؟.. وقرارنا الذي اتخذناه.. هل ستنهيه هكذا كما يحلو لك؟..
              قال هشام بهدوء: ابي سأحل هذه المشكلة بنفسي.. فهي تخصني انا ووعد فقط..ولن يتعرض أي منكما للحرج.. اعدك بهذا.. والان عن اذنك..
              قالها واستدار في سرعة مغادرا المكتب.. واسرع والده يهتف به: هشام ..توقف..انتظر..
              ولكن هشام لم ينتظر بل اسرع يغادر المنزل وينطلق بسيارته متجها الى منزل عمه.. في اقصى سرعة تمكن من السير بها في الشوارع العامة...
              **********
              قال عماد بابتسامة وهو يتحدث الى ليلى عن طريق الهاتف: كيف حالك اليوم؟.. وهل انهيت استعدادك للحفل؟..
              قالت ليلى مبتسمة: مع هذا الموعد المبكر جدا.. لا اظن اني سأنتهي ابدا..
              - انتبهي فلم يبقى لك سوى يوم واحد..
              دست اصابعها بين خصلات شعرها وقالت: لا داعي ان تذكرني بهذا في كل مرة اتحدث اليك فيها وتوترني على هذا النحو..
              قال عماد بمكر: ولم تتوترين؟..
              زفرت بحدة وقالت: لأني اولا لم انهي جميع التجهيزات.. وثانيا اخشى ان لا اظهر بشكل لائق في الحفل.. وثالثا ان يوم كهذا من الطبيعي ان اتوتر فيه وانا ارى كل الانظار الموجهة لي..
              هز عماد كتفيه وقال: تجهيزاتك يمكنك انهائها حتى بعد الحفل..وبالنسبة لك.. فأنت فاتنة بدون مساحيق تجميل فكيف بها..وستبهرين الجميع بجمالك وخصوصا انا.. اما عن الانظار الموجهة لك.. فستكون موجهة لي انا ايضا..
              ارتسمت على شفتيها ابتسامة خجلة بعض الشيء وقالت:اتظن انك وجدت حلا لتوتري هكذا؟..
              قال بثقة: بكل تأكيد..
              ابتسمت بمرح وقالت: اجل فلابد ان تجد الحل لجميع المشكلات ..يا سيادة المدير ..
              قال عماد في هدوء: دعي عنك المشكلات والمدير.. وتذكري اني خطيبك الان..
              قالت بمرح: ومن قال اني قد نسيت..
              قال عماد مبتسما: سأعطيك ترقية استثنائية لو اخبرتني ما يبرهن على حبك لي اذا..
              ضحكت ليلى وقالت: ما هذا الاستغلال؟.. خطأي اني قد وافقت على الزواج من رئيسي في العمل..
              - انا انتظر..
              - وستنتظر طويلا..
              ضحك قائلا: يالك من قاسية.. الا تشفقين علي قبل يوم واحد من حفل خطوبتنا.. وتخبريني بمشاعرك..
              هزت كتفيها وقالت: ولم افعل وانت تعرفها..
              - يالك من فتاة..
              قالت مبتسمة: حسنا ولكن كلمة واحدة فقط..
              - وانا موافق..
              صمتت قليلا ومن ثم قالت بهمس: اشعر بالنعاس..
              - ليلى.. كفى مزاحا..
              قالت مبتسمة: اليس الشعور بالنعاس هو مشاعر ايضا؟..
              قال بسخرية: دعي هذا النوع من المشاعر لك..
              - فليكن ولكن اهدئ اولا..
              صمت قليلا ومن ثم قال: لقد هدأت.. تحدثي الان يا ايتها الجميلة..
              التقطت نفسا عميقا ومن ثم قالت بخجل: حسنا انا اشعر بالشوق اليك الان بالفعل..
              قال بخبث: هذا فقط ما تريدين قوله؟.. الا تريدين قول شيء اخر؟..
              قالت بخبث بدورها: لا.. لا شيء.. وماذا عنك؟..
              قال مبتسما بحنان: لدي الكثير من الحديث لأتحدث اليك فيه.. ولكن سأتركه للغد..
              واردف بهدوء: والان سأتركك لتنامي.. فأشعر ان صوتك متعب حقا..
              - اخبرتك اني اشعر بالنعاس ولكنك لا تصدق..
              - حسنا الى اللقاء اذا يا خطيبتي العزيزة..
              - الى اللقاء يا سيادة المدير..
              ابتسم عماد وهو يغلق الهاتف .. وشرد تفكيره بعيدا وهو يلقي بجسده على الفراش.. وظهرت صورة ليلى امام عينيه.. وسمع صوتها يعود ليدوي في اذنيه..وارتسمت ابتسامة حانية وهو يغلق عينيه قائلا : متى يأتي الغد يا ليلى؟..
              وعاد عقله وقلبه ليسبحا بعيدا مع ليلى...
              ***********

              تعليق

              • Merve
                عضو فضي
                • Jan 2013
                • 692

                رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

                مخطوبة...
                الفتاة الوحيدة التي استطاعت اخراجي مما اعانيه من برود في المشاعر بعد ما حدث قبل ثماني سنوات..الفتاة الوحيدة التي اثارت اعجابي .. الفتاة الوحيدة التي امتلكت مشاعري كلها ..الفتاة الوحيدة التي احببتها بصدق وعاطفة ..بعد ان فقدت مايا ..الفتاة الوحيدة التي كنت مستعدا للارتباط بها مهما حدث..تكون في النهاية مخطوبة..
                لماذا؟..لماذا علي ان اعاني فقدان من احب مرتين؟.. لماذا علي بعد ان فقدت مايا الى الابد اعاني من استحالة زواجي بوعد مرة اخرى؟..لماذا؟..الا يحق لي ان احيا في سعادة؟.. اليس من حقي ان اتزوج من احب لأحقق حلم حياتي؟.. لماذا يحدث لي كل هذا؟..لماذا؟..
                لقد احببتها بصدق.. ومنحتها مشاعري كلها.. اقسم على هذا .. لقد كنت ارى الامل في عينيها كلما نظرت اليها .. كانت تمنحني دائما الامل بأن حلمي سيتحقق ذات يوم وسأتزوجها.. ولكن...
                سحقا.. سحقا لكل شيء.. في كل مرة امنح قلبي لفتاة ما.. اراها تبتعد تاركة اياي.. واجد نفسي وحيدا بعد ان فقدتها..في كل مرة يحدث هذا.. لقد تركتني مايا من قبل.. وهاهي ذي وعد تفعل المثل.. هل علي ان اشعر بنفس الالم والمرارة مرتين في حياتي؟..
                تطلع طارق الى الهاتف الذي توقف عن الرنين منذ دقائق وقال بألم: وعد ارجوك توقفي عن الاتصال بي.. انت لا تعلمين انك تقتليني بهذا.. وتجعليني اتألم قبل ان تتألمي انت نفسك..
                ربما انا لا استحق ان احيا في سعادة كالاخرين.. ربما كانت السعادة حلما مستحيلا لا يمكنني تحقيقه ابدا.. او ربما احققه في العالم الاخر فقط.. ولكني.. اتمنى شيئا واحدا فقط الان..اتمنى ان...
                ارتسمت ابتسامة ساخرة بغتة على شفتيه وقال: لقد تمنيت هذا من قبل يا طارق.. ولكن لا تحلم كثيرا بالحصول على كل ما تريد.. فأحلامك لا تتحقق ابدا.. بل تنتهي بفقدانها الى الابد.. حتى لو كانت امنيتك هي.. الموت...
                ***********
                تطلع والد وعد الى هشام الذي يقف امامه في الردهة وقال بدهشة: هشام .. ما الذي جاء بك الى هنا؟..
                قال هشام بهدوء شديد: جئت حتى اوقف ما يحصل..
                - ما الذي تعنيه؟..
                قال هشام دون مقدمات: انا ارقض الزواج بوعد..
                اتسعت عينا والد وعد وقال: ماذا؟..
                قال هشام وهو يهز كتفيه: انت ووالدي فقط اتخذتما هذا القرار .. دون ان تسألاني انا او وعد..ولهذا فمن حقي ان ارفض هذا الزواج الذي لا نقبل به كلانا..
                عقد والد وعد حاجبيه ومن ثم قال: ولكن والدك يقول انك انت من لمح مرارا وتكرارابانك ترغب في الزواج من ابنتي ..
                عقد هشام ساعديه امام صدره ومن ثم قال: ابي فهم تلميحي بشكل خاطئ.. لقد لمحت له بأني ارغب في الزواج.. ولكن ليس من وعد..
                تطلع له والد وعد بنظرة حازمة ومن ثم قال: وماذا عن والدك؟..
                - لقد تفاهمت معه في هذا الامر.. واخبرته ان وعد لا تعتبرني اكثر من اخ لها..ولهذا فأنا قد جئت الى هنا حتى انهي هذا الامر معك..
                واردف برجاء: ارجوك يا عمي.. عليك ان تقدر مشاعر وعد..ان زواجها بي قد يألمها ولن يسعدها مطلقا..
                تطلع له والد وعد بنظرة غامضة ومن ثم قال: اذا هكذا هو الامر..
                واردف وشبح ابتسامة يرتسم على شفتيه:انت لمحت للزواج من ابنتي بالفعل.. ولكن وعد قد رفضت هذا الزواج لانها تعتبرك اخ لها.. اليس كذلك؟..
                تطلع له هشام بدهشة ومن ثم قال وهو يزفر بحدة: بلى ..هذا ما حدث..
                ارتسمت في هذه المرة ابتسامة على شفتي والد وعد وقال: غريب منك ان تسعى لرفض هذا الزواج اذا..
                تنهد هشام وقال بشرود: لا يهمني شيء.. سوى ان ارى وعد سعيدة..
                قال والد وعد بهدوء: انت تعلم اني اعتبرك انت وفرح منذ ان كنتما صغارا ابنائي.. ولهذا فأنا اوافق على أي قرار اتخذته انت ووعد..لانكما ابناي وسعادتكما تهمني قبل أي شيء.. وقد كنت سأتحدث مع والدك في هذا الموضوع.. لولا قدومك الى هنا..
                تنهد هشام بارتياح ومن ثم قال: اذا فأنت ترفض هذا الزواج ايضا..
                - أي قرار يسبب لك او لوعد الحزن والالم ارفضه بشدة..
                قال هشام بتردد: واين هي وعد الان؟..
                اشار والد وعد الى الطابق الاعلى ومن ثم قال: انها لم تهبط من غرفتها منذ ان علمت بالامر..
                قال هشام متسائلا وهو يشيح بنظراته: هل يمكنني ان اراها واتحدث اليها؟.. فربما اذا علمت ان الموضوع قد انتهى.. تخرج من عزلتها هذه..
                استدار عنه والد وعد وقال وهو يغادر المكان: يمكنك هذا..
                ابتسم هشام وقال بسعادة: اشكرك يا عمي على ثقتك هذه ..
                التفت له والد وعد وقال مبتسما: انت ابني يا هشام.. الم تدرك هذا بعد؟..
                التمعت نظرة السعادة في عيني هشام.. واسرع يصعد السلالم متوجها الى غرفة وعد..وما ان وقف امام بابها.. حتى ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهو يطرق الباب قائلا: وعد.. ايتها البلهاء افتحي الباب..انا هشام..
                رفعت وعد رأسها بحدة عن الفراش.. وقالت بدهشة: هشام..
                اسرعت تمسح دموعها وقالت بصوت لم تخف منه رنة البكاء بعد: ماذا تريد يا هشام؟..
                ثال مبتسما: سأقول ان فتحت الباب فقط..
                سمع صوتها من خلف الباب يأتيه مبحوحا وهي تقول: لم تتغير ابدا يا هشام.. لا تزال قادراعلى اقناعي ..
                ووجدها تفتح الباب بهدوء ومن ثم تقول : والان ماذا تريد؟..
                تتطلع هشام الى وجهها في حنان ومن ثم قال: وعد..
                رفعت رأسها اليه وتطلعت اليه في رجاء ..منتظرة ان يخبرها عن محاولته في انهاء امر الزواج هذا.. وان كانت قد نجح في ذلك ام لا...

                تعليق

                • Merve
                  عضو فضي
                  • Jan 2013
                  • 692

                  رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك


                  *الجزء الثامن والثلاثون*
                  (هل سيحضر؟)


                  وجدها هشام تفتح الباب بهدوء ومن ثم تقول : والان ماذا تريد؟..
                  تطلع هشام الى وجهها في حنان ومن ثم قال: وعد..
                  رفعت رأسها اليه وتطلعت اليه ..منتظرة ان يخبرها عن محاولته في انهاء امر الزواج هذا.. وان كانت قد نجح في ام لا...
                  فقال هشام مردفا بهمس: وعد..لم كل هذا البكاء؟.. لا شيء في هذه الدنيا يستحق دمعة واحدة من عينيك.. صدقيني .. لا شيء ..
                  اسرعت وعد تقول : هشام .. دعك مني.. واخبرني بما حصل .. اخبرني هل انتهى الامر.. ام انك لم تستطع اقناعهما بانهاء هذا الزواج الذي يرفضه كلانا..
                  ابتسم هشام بسخرية وقال وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: يرفضه كلانا؟..كلا انت مخطأة يا وعد.. انت من يرفضه وحدك..
                  تراجعت وعد خطوة للوراء وقالت: هشام.. الم تقنعهما بأن يتراجعا عن قرارهما الذي اتخذاه بنفسيهما دون استشارتنا حتى؟..
                  هز هشام راسه نفيا ومن ثم قال: ولم افعل؟..
                  قالت وعد كالمصعوقة: لم تفعل؟.. الا تعلم لم؟.. لأني لا ارغب بهذا الزواج..
                  قال هشام بحزم: ولكني انا ارغب بأن يتم هذا الزواج..
                  قالت وعد وهي تضع كفها اما شفتيها: هشام .. انت.. انت...
                  امسك هشام بمعصمها بغتة ومن ثم قال: اجل انا لم افعل شيئا مما قلته..
                  قالت وعد بصوت اقرب الى البكاء: قل انك تمزح..
                  قال هشام بسخرية: اتحبينه الى هذه الدرجة؟.. الست قادرة على الزواج بغيره حتى؟..
                  قالت وعد بتوتر: هشام ما الذي تقوله؟..
                  جذبها من معصمها ومن ثم قال بصرامة: تعالي معي..
                  - الى اين؟..
                  قال في هدوء: سنتحدث قليلا..
                  رأته يتجه الى الردهة العلوية ومن ثم يجلس على احد المقاعد.. فجلست بدورها قائلة وتوترها يتضاعف: ماذا تريد ان تقول؟..
                  ابتسم ابتسامة غامضة ومن ثم قال: لقد...انتهى الامر..
                  تسائلت قائلة بدهشة: ماذا تعني؟..
                  تطلع لها وقال بابتسامة: انت حرة منذ الان ويمكنك الزواج بما تشائين..
                  قالت وعد بارتباك وهي غير قادرة على الاستيعاب: وما قلته قبل قليل..ماذا كان؟..
                  اسند رأسه لمسند المقعد ومن ثم قال: مجرد مسرحية للتلاعب باعصابك..
                  اتسعت عيناها ومن ثم قالت : ماذا تقول؟..
                  ضحك بسخرية ومن ثم قال: ليتك رأيت وجهك حينها .. كنت موشكة على البكاء..
                  ركلت وعد ساقه بقوة وقالت بغضب: ايها السخيف.. لقد كاد قلبي ان يتوقف..
                  امسك بخصلات من شعرها بغتة وشدها بقوة قائلا: اياك وان تتمادي بضربي مرة اخرى.. والا انا بنفسي سأنزل الان الى والدك.. واطلب يدك منه..
                  ابتسمت وهي تشعر بالألم من امساكه لشعرها: ومن سيدعك تفعل هذا؟..
                  ترك شعرها ومن ثم قال بهدوء: المهم اني قد وفيت بوعدي واووقفت هذا القرار.. واجبرت والدك ووالدي على ان يتراجعا عنه..
                  قالت وعد وهي تتطلع اليه: لست استغرب هذا.. ممن لديه وسيلة غريبة في الاقناع..
                  اغمض هشام عينيه وقال: لقد نجحت هذه الوسيلة مع الجميع يا وعد..وكل من رغبت في اقناعهم بأمر اريده..
                  واردف وهو يفتح عينيه ويتطلع اليها: فيما عداك انت..لقد فشلت في اقناعك بالموافقة على الزواج مني..
                  قالت وعد بشرود: ربما لان المشاعر هي اقوى ما يمتلك الانسان وليست هناك أي قوة في العالم تستطيع تغييرها..
                  - ربما معك حق في هذا.. فأنا لست قادرا على ان انسى مشاعري تجاهك بعد كل هذا الوقت.. وبعد ان رفضتيني بنفسك.. ولازلت تحاولين بكل قوة على ان لا يتم زواجك بي ابدا..
                  قالت وعد وهي تشير الى نفسها: صدقني يا هشام انا لا استحقك .. انت لا تستحق فتاة مثلي تراك اخاها.. بل تستحق فتاة تراك كفارس احلامها.. انت تستحق من هي افضل مني بكثير ..
                  واردفت بابتسامة باهتة: هشام..هل تذكر عندما طلبت مني فرح ان اتمنى امنية في عيد ميلادي..اتعلم ماذا تمنيت حينها؟..
                  التفت لها فأردفت قائلة: لقد تمنيت حينها ان تنساني.. وتجد فتاة تحبك بحق..لأني لم ارد لك ان تتألم بسببي..
                  رفع هشام حاجبيه بغرابة ومن ثم قال وهو يسند رأسه لمسند المقعد: يبدوا ان جزء من امنيتك قد تحقق..
                  واردف قائلا بابتسامة: هناك فتاة حقا..
                  ابتسمت وعد وقالت بلهفة: ومن هي؟.. وكيف التقيت بها؟..
                  قال مبتسما: لست اعرف عنها سوى القليل جدا.. اما كيف عرفتها فلقد صدمت سيارتي..
                  قالت وعد بدهشة: ماذا؟..
                  قال في هدوء:ولكن مشاعري نحوها لا تتعدى الاعجاب بشخصها.. ولكن من يدري ربما تتحقق امنيتك ذات يوم ..
                  قالت وعد متسائلة: وماذا عنها هي؟..
                  هز هشام كتفيه وقال: لا اعلم ..ولكني اشعر بأنها ربما تكون تحمل لي القليل من الاعجاب..
                  ابتسمت وعد وقالت: هذا جيد اذا..
                  قال هشام فجأة وهو يلتفت لها: وعد.. الن تخبريني من يكون؟..
                  تنهدت وقالت: فليكن يا هشام.. انت فعلت الكثير من اجلي.. وانهيت امر الزواج هذا اليوم.. لهذا سأخبرك ..انه ..زميل لي بالصحيفة ..
                  تطلع لها هشام ومن ثم قال: لقد كنت اتوقع هذا.. ولكن ايهما؟..طارق ام احمد؟..
                  قالت في دهشة: اتعرفهما؟..
                  ابتسم وقال: لقد زرت الصحيفة مرتين.. وسألت هناك عن كل من يشاركونك القسم..وعرفت اشياء كثيرة عنهم..
                  قالت وعد بحنق: هل كنت تتجسس علي؟..
                  غمز بعينه وقال: بل اطمئن فقط..
                  تنهدت وقالت: يالك من شاب..
                  قال في سرعة: لا تغيري الموضوع.. واخبريني .. ايهما؟..
                  ازدردت لعابها وقالت: حسنا انه.. طارق..
                  تطلع لها لفترة ومن ثم التفت عنها وقال: لقد سمعت انه يلقب بالجليد المتحرك.. لبرودة تعامله مع الجميع..لطوال فترة عمله بالصحيفة.. ولكنه مع هذا صحفي ممتاز..
                  قالت وعد بهدوء: ولكنه لم يعد يعامل الجميع ببرود .. لقد تغير..
                  ابتسم هشام بخبث وقال: منذ ان راك .. اليس كذلك؟..
                  تلعثمت ولم تستطع الاجابة فقال هشام مردفا: لا يهم يا وعد.. ما يهمني الان هو ان اراك سعيدة فقط.. حتى وان كانت سعادتك هذه مع سواي..
                  **********
                  نهض طارق من فراشه بتثاقل وهو بالكاد يفتح عينيه..شعر بصداع حاد يكتنف رأسه بغتة وعرف السبب..انه لم ينم الليلة الماضية الا قبيل الفجر.. فمن الطبيعي ان يشعر بهذا الصداع وهو ينهض من نومه في ساعة مبكرة كهذه..
                  امسك برأسه في الم وغمغم قائلا بغضب: لماذا انا بالذات الذي عليه ان يعاني مرتين؟..لماذا؟..
                  تذكر قبل ثماني سنوات.. عندما فارقت مايا الحياة امام عينيه.. يومها ظل متسمرا في مكانه ولم يتحرك من جوار فراشها.. حتى ارغمه عدد من الاطباء على الخروج من غرفتها.. ولكنه مع هذا غادر بعدها المشفى بهدوء شديد وقلبه يحمل اكبر معنى للحزن.. وتوجه الى منزله ليعاني وحده هناك.. يعاني فقدانه لمايا الى الابد.. انعزل عن الناس لفترة زادت على الشهر حتى اكتسب شخصه ذلك البرود الشديد في التعامل مع الناس..واصبح يتحاشى الناس وعلاقاته معهم .. ربما لان عقله الباطن كان يرفض تلك العلاقات خشية ان يفقد شخص عزيز عليه من جديد..
                  ولكن وعد غيرت كل هذا.. وحطمت كل القواعد التي وضعها له.. جعلته يبتسم ويضحك من جديد.. جعلته يتمنى ان يعرفها عن قرب ويكتشف شخصيتها.. تمنى ان تعجب به كما اعجب هو بها.. لقد جعلته يتخطى ذلك الخط الذي وضعه لنفسه.. ويتعلق بها.. لا بل احبها وعشقها.. والان هاهي ذي تثبت له انه لم يكن عليه من البداية ان يتبع مشاعره واول خفقة قلب له تجاهها..كان عليه ان يتجاهل كل شيء .. ويقتل مشاعره.. حتى لا يكون الان في مثل هذا الموقف.. ويعاني مجددا..
                  وتنهد بمرارة وهو ويشعر بالالم يعتصر قلبه..التقط هاتفه الذي اغلقه منذ الامس حتى لا يضعف ويجيب على أي من مكالمات وعد..يريد ان ينساها.. او يبعدها عن حياته على الاقل.. حتى تبدأ هي حياتها كما تشاء.. ويغادر هو حياتها الى الابد..
                  سار بتثاقل الى دورة المياه.. وغسل وجهه في سرعة وهو يهمس قائلا بألم: ليت .. ليت هذا مجرد حلم.. استيقظ منه.. واجد ان وعد لازالت حرة وقد تكون لي يوما.. ليت هذا ممكن..
                  اسرع يستعد للذهاب الى الصحيفة وكأنه يريد ان يفارق هذا المكان الذي قضى فيه بالامس اسوأ ايام حياته بأسرع وقت ممكن..وغادر المنزل ببرود كبروده السابق.. لينطلق بسيارته الى مبنى الصحيفة..وهناك صعد بالمصعد الى الطابق الثاني ليدلف الى قسم الصفحة الرئيسية دون ان يلقي التحية على أي من المتواجدين بالقسم.. ولكنه اختلس تظرة سريعة الى مكتب وعد.. الذي كان فارغا.. وواصل سيره ليجلس خلف مكتبه..وهناك التقط مجموعة من الاوراق التي لم ينهي كتابتها بالامس وواصل كتابتها وكأن لا شيء يهمه على الاطلاق..
                  وعلى الجانب الاخر..تطلع له احمد بغرابة ومن تصرفه الغريب هذا وخصوصا وانه لم يلقي عليهم التحية حتى.. والتفت الى نادية التي هزت رأسها في قلة حيلة.. والتفت احمد الى مكتب وعد..وقال بصوت مرتفع بعض الشيءوهو يريد ان يرى تأثير ما سيقوله على طارق: صحيح.. لقد تأخرت الانسة وعد بالمجيء الى هنا على غير عادتها.. ما الامر؟..
                  رفع طارق رأسه بهدوء الى احمد لكنه لم يلبث ان عاد ليواصل علمه..في حين قالت نادية بحيرة: احقا لا تعرف ان وعد قد اخذت اجازة هذا اليوم يا استاذ احمد؟..
                  قال احمد وهو يهز رأسه نفيا: لا لست اعلم ذلك..لم أخذت هذه الاجازة؟..
                  قالت نادية مبتسمة: اليوم حفل خطبة ابن خالها..وقد اخذت هذه الاجازة لكي تستعد لهذا الحفل لانها لم تمتلك الوقت الكافي للاستعداد ..
                  قال احمد متسائلا: لكنها لم تدعوا أي منا لهذا الحفل ..فلم؟ ..
                  قالت نادية بهدوء: كما تعلم فهذا الحفل عائلي فحسب وهو لأفراد عائلتهم فقط..كما وان بطاقات الدعوة ليست ملكا لها بل لابن خالها وهو بالتأكيد قد منحها عددا بسيطا جدا لتوزيعه على اقاربهم.. ولا اظن ان هناك ما يكفي لنا ايضا..لهذا فوعد ليس لها أي ذنب في عدم دعوتك الى هناك..
                  عقد احمد ساعديه امام صدره وقال: ولكني كنت ارغب حقا في الذهاب الى الحفل..
                  - ولم؟..
                  قال احمد وهو يهز كتفيه: هكذا فقط..
                  وتطلع طارق لهم بهدوء شديد حتى لم يبدوا عليه انه قد شرد بذهنه الى الوراء قليلا وقبل يومين من الان...

                  (لقد تبقيت معي واحدة اضافية)..
                  رفع طارق رأسه الى وعد التي كانت تجلس امامه في تلك الكافتيريا بمبنى الصحيفة وقال بحيرة: ماذا تعنين؟..ما هو الشيء الذي تبقى معك؟..
                  ابتسمت وعد وقالت: بطاقة دعوة لحفل خطبة ابن خالي..لقد منحني خمس دعوات لأقوم بتوزيعها على اقربائنا.. وبقيت واحدة اضافية لأن احدهم لن يحضر..
                  قال طارق مبتسما: امنحيها لاحدى صديقاتك اذا..
                  هزت وعد رأسها نفيا وقالت: انه حفل عائلي وللمقربين منا فقط.. لهذا...
                  بترت عبارتها بغتة فتطلع لها طارق وقال: انا لا افهمك ما الخطأ ان منحت احدى صديقاتك..اليست من المقربين لك؟..
                  اردفت وعد وكأنها لم تسمعه وهي تخرج بطاقة الدعوة وتضعه امامه على الطاولة: لهذا سأمنحها لك..
                  قال طارق بدهشة: انا؟.. ولم انا بالذات؟..
                  ابتسمت وعد ابتسامة رقيقة وقالت: لاني اتمنى ان تحضر الى الحفل..فهل ستفعل؟..
                  اومأ طارق برأسه ايجابيا وقال مبتسما: بالتأكيد سأفعل..من اجلك فقط..

                  عاد طارق الى عالم الواقع وزفر بحرارة وهو يشعر ان الامه كلها انطلقت مع هذه الزفرة..ورفع رأسه بهدوء شديد الى أحمد وقال: اتريد الذهاب الى ذلك الحفل حقا؟..
                  قال احمد وهو يشعر بالغرابة من سؤال طارق: ماذا تقول؟..
                  قال طارق ببرود: قلت اتريد ان تذهب الى ذلك الحفل؟..
                  اومأ احمد برأسه وقال: بلى.. ولكن كيف سأستطيع الذهاب من دون بطاقة دع...
                  قبل ان يكمل عبارته القى طارق ببطاقة الدعوة اليه لتسقط على مكتب وعد..وتستقر فوقه..فقال احمد بدهشة: ألديك بطاقة دعوة؟..
                  - ما رأيك انت؟..
                  قال احمد متسائلا: وكيف حصلت عليها؟..
                  مط طارق شفتيه دون ان يجيب..فقال احمد مردفا وهو ينهض من خلف مكتبه ويلتقط بطاقة الدعوة: وانت الا تريد الذهاب؟ ..
                  قال طارق باقتضاب: لا..
                  التفت له احمد وقال مبتسما بخبث: احقا لا تريد الذهاب على الرغم من ان وعد قد دعتك بنفسها؟..
                  قال طارق ببرود: قلت لا.. هل لديك مشكلة في السمع؟..
                  تطلع له احمد باستغراب..اولا دعوة وعد له والتي يرفض قبولها .. على الرغم من ان وعد ستكون هناك.. كما وانه كان يشعر بالضيق عندما كنت انطق اسم وعد مجردا من اية القاب.. فما السبب الان؟.. وكأنه لم يهتم حتى.. هل تشاجرا ام ماذا؟..
                  هز احمد كتفيه وقال: هذا شأنك.. سأذهب انا عوضا عنك .. ولكن اشك انك لن تذهب الى الحفل حقا ..وخصوصا ان وعد ستكون هناك ..
                  التفت عنه احمد ليعاود الجلوس خلف مكتبه.. ولكنه توقف بغتة وقال: دعني اقول لك كلمة اخيرة قبل هذا ..مهما حدث .. فلا تستسلم بسهولة.. وتترك حلمك يضيع من بين يديك..لا تتخلى عنه وتهرب .. بل واجه الواقع وقاتل من اجل تحقيقه.. لانه ...
                  بتر احمد عبارته..والتفت الى طارق ليردف بحزم: لانه حلم حياتك..
                  تطلع له طارق بصمت وقال متحدثا الى نفسه: اتخلى عنه؟..لا يا احمد.. لست انا من يتخلى عن احلامي.. بل احلامي هي التي تتخلى عني .. لتتركني اعاني وحدي دون السبيل الى تحقيقها .. مجرد امنيات واحلام احاول تحقيقها ولا تكون في النهاية سوى اوهاما وخيالات.. لأن الواقع يختلف.. وهاهو ذا حلمي يتحطم امام هذا الواقع لمرة ثانية...

                  تعليق

                  • Merve
                    عضو فضي
                    • Jan 2013
                    • 692

                    رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك


                    (تبدين شاحبة..ما الامر؟)
                    نطقت فرح هذه العبارة وهي تتطلع الى وعد التي احتلت احدى الطاولات مع الاولى في حفل الخطبة.. وقالت وعد وهي تهز رأسها: لا شيء.. فقط انا اشعر بالتعب قليلا لاني لم انم جيدا ليلة البارحة..
                    - ولم؟..
                    - انه الارق لا اكثر.. لا تقلقي نفسك..
                    قالت فرح وهي تمنحها مراتها الصغيرة: خذي.. انظري الى وجهك.. ثم اطلبي الي ان لا اقلق..ان شحوبك هذا يدل على انك لم تذوقي طعم النوم بالامس ابدا..
                    شردت وعد وتحدثت الى نفسها قائلة: طارق لم لم تجب على مكالماتي او حتى رسائلي؟.. لماذا تفعل هذا بي وبنفسك؟ .. لو قرأت رسائلي فحسب لعلمت ان كل شيء قد انتهى.. ويمكننا الان ان...
                    قاطعت فرح افكارها قائلة: انظري الى نفسك ايضا.. دائمة الشرود هذا اليوم.. انت لست وعد التي اعرف..
                    ابتسمت وعد بخفوت وقالت متصنعة المرح: وهل يمكن لفتاة اخرى مثلا ان تتنكر بملامحي؟..
                    قالت فرح بجدية: وعد انا لا امزح.. انت لا تبدين بخير.. اخبريني ما الامر؟..
                    اطرقت وعد برأسها في صمت .. وكادت فرح ان تهم بقول شيء اخر لولا ان ارتفع صوت رنين هاتفها المحمول.. فالتقطته واجابت قائلا: اهلا.. كيف حالك؟..اين انتما الان؟.. لقد تأخرتما.. حسنا حسنا سأخبرها..الى اللقاء..
                    انهت فرح المكالمة فسألتها وعد قائلة: من كان المتصل؟..
                    اجابتها فرح قائلة: لقد كان هشام.. يقول انه هو وعماد بالطريق الى هنا..
                    قالت وعد وهي توفر بحدة: لقد تأخرا بالمجيء الى هنا..
                    اومأت فرح برأسها وقالت: بلى هذا صحيح..وقال ان السبب في هذا التأخير هو عماد.. فقد اراد ان يعود الى منزله فجأة ليجلب شيء قد نسيه من هناك..
                    واردفت فرح قائلة: وبالمناسبة هو ينتظرك عند باب الرئيسي للصالة..
                    قالت وعد بحيرة: من تعنين؟..
                    قالت فرح مبتسمة: شقيقي بالتأكيد..
                    - ماذا يريد؟..
                    هزت فرح رأسها وقالت: لست اعلم.. لم يخبرني بشيء..
                    نهضت وعد من مكانها وقالت: حسنا سأذهب اليه..
                    سارت بين الطاولات بهدوء وتوجهت الى حيث الباب الرئيسي حيث رأت هشام واقفا وهو يسند ظهره للجدار.. فنادته قائلة: هشام..
                    اسرع يتجه نحوها فأردفت: ماذا كنت تريد؟..
                    منحها هاتفه وقال: خذي امنحيه لليلى فعماد سيتصل بعد قليل بها ويرغب في ان يتحدث اليها في امر ما..
                    قالت وعد بملل: ولماذا علي انا ان اقوم بهذا؟.. لماذا لم تطلب من فرح ذلك؟..
                    قال مبتسما: اردت ان اتعبك قليلا..
                    قالت بحنق: ثم لماذا لم يتصل هشام على هاتفي او هاتف فرح مباشرة؟..
                    - يمكنك سؤاله عن هذا..
                    مطت شفتيها وقالت: حسنا هل هناك أي شيء اخر؟..
                    اومأ برأسه وقال: اجل..
                    - ماذا هناك ايضا؟..
                    مال نحوها وقال بهمس: تبدين فاتنة هذا اليوم..
                    ابتسمت وهزت رأسها قائلة: يالك من شاب .. ألن تكف عن هذا؟..
                    - عن ماذا بالضبط؟..
                    رفعت رأسها اليه وقالت: السخرية مني..
                    قال مبتسما: ومن قال اني اسخر منك.. انها الحقيقة..
                    - لا اظن انك قد امتحدتني في يوم الا على سبيل السخرية..
                    غمز بعينه وقال: في هذه المرة الامر يختلف.. لأنك تبدين فاتنة بالفعل..
                    قالت بمرح: لو كان ما تقوله ليس سخرية.. فأشكرك على مجاملتك..
                    واستدارت عنه.. فأسرع يقول: انتظري للحظة..
                    قالت وعد وهي تبتعد: عن اذنك يا هشام.. سأوصل الهاتف الى ليلى..
                    زفر هشام بحدة وهو يراها تبتعد متوجهة الى ليلى.. وما ان وصلت الى حيث تجلس هذه الاخيرة حتى قالت مبتسمة: يبدوا انه لا يستطيع الانتظار لسماع صوتك..
                    قالت ليلى متسائلة: من تعنين؟..
                    سلمتها وعد الهاتف وقالت: ومن غيره.. العريس بكل تأكيد.. سيتصل بعد قليل للحديث معك..
                    قالت ليلى بحيرة: وهذا هاتف من؟..
                    -انه لابن عمي هشام.. خذي وقتك.. فلا اظن انه سيهتم بالهاتف الى هذه الدرجة..
                    ابتسمت ليلى بخفوت.. في حين ابتعدت وعد عن المكان لتأخذ ليلى حريتها في التحدث الى عندما يتصل..ولم تمضي دقائق حتى ارتفع رنين الهاتف.. فأجابته ليلى وقالت مبتسمة: اهلا عماد..
                    قال عماد بحنان: اشتقت اليك كثيرا..
                    قالت بابتسامة: بالامس فقط كنا معا..
                    واردفت متسائلة: ولكن لماذا تأخرت؟..
                    قال مبتسما: لا تغضبي لذلك.. ولكني قد نسيت شيء بالمنزل وعدت لأخذه..
                    قالت في حيرة: وما الذي يدعوك للاتصال بي الان؟.. لم لا تدخل على الفور؟..
                    - اردت ان اقول لك شيء قبل دخولي..
                    صمتت لتترك له مجالا ليردف: اردت ان اقول اني احبك .. احبك بصدق.. وسأظل احبك الى الابد..
                    صمتت ليلى بخجل .. ومن ثم قالت بعد برهة من الصمت: وانا كذلك..
                    قال عماد بهمس: هذا ما اردت قوله ومعرفته منك.. والان الى اللقاء.. فأنا اقف امام الباب الرئيسي للصالة..
                    اومأت برأسها وقالت: حسنا.. الى اللقاء..
                    انهت مكالمتها وبغتة انقطعت الموسيقى عن العزف.. واتجهت الاضواء الى ذلك الباب.. ليفتح رويدا رويدا..ويطل واقفا خلفه عماد بزيه الرسمي الانيق والفاخر.. ليبدوا في اشد وسامته.. وبجانبه هشام الذي رسم على شفتيه ابتسامة لا مبالية.. ووضع كفيه في جيبي سترته..وان كان يبدوا اكثر وسامة من عماد نفسه بحلته الفاخرة..
                    وسار عماد ببطء الى حيث ذلك المسرح الذي كان على شكل مقعدين تلتف حوله الغصون واوراق الأشجار ..ويتوسطهما طاولة على شكل نافورة مياه.. وعلى جانبي المقعدين استقر تماثلين صغيرين من العصافير.. فبدى المسرح وكأنه جزء من حديقة صغيرة..
                    واتسعت ابتسامة عماد عندما وصل الى حيث تجلس ليلى.. فمد لها كفه وقالبصوت خفيض: مبارك..
                    صافحته قائلة بخجل: اشكرك..
                    مال نحوها ليطبع قبلة حانية على جبينها وهمس بحب: تبدين فاتنة ..
                    ازدردت لعابها وقالت وهي تشعر بالتوتر والخجل: وانت تبدوا وسيما كذلك ..
                    جلس على المقعد المجاور لها وقال: عذرا على تأخري..
                    اطرقت برأسها وقالت: لم يحدث شيء..
                    ( بل حدث.. لقد اقلقت ليلى عليك يا عماد)..
                    التفت عماد الى فرح ناطقة العبارة السابقة والتي سارت وعد الى جوارها..وقال الاول بابتسامة:عذرا يا انسات.. فقد عدت الى المنزل لاخذ شيء قد نسيته..
                    همت وعد بقول شيء ما ولكن وجدت عماد يتطلع لها ويقول باهتمام: تبدين شاحبة الوجه يا وعد؟.. ما الامر؟..
                    رسمت وعد على شفتيها ابتسامة وقالت: ابدا لا شيء .. ولكني لم انم جيدا ليلة امس..
                    تطلعت ليلى الى عماد في ضيق لاهتمامه بوعد.. في حين ابتسم فرح وقالت: على العموم قد جئنا هنا للمباركة ولتهنئتكما..واخبرك منذ الان ان ليلى هي شقيقتنا الثالثة..
                    اومأ عماد برأسه وقال وهو يلتفت الى ليلى: بكل تأكيد..
                    بينما التفتت فرح الى وعد وقالت: هيا يا وعد..
                    اسرعت ليلى تقول: الهاتف..
                    ابتسمت فرح وقالت: ساخذه انا..
                    التقطت الهاتف وقالت وهي تسير بجوار وعد مغادرين المسرح: ساخذه الى هشام.. انتظريني على الطاولة التي كان نحتلها قبل قليل..
                    اتجهت وعد بهدوء نحو الطاولة.. لتجلس على احد مقاعدها.. ومن ثم تعود للشرود من جدبد.. هل سيحضر طارق الى الحفل؟.. لقد دعته بنفسها.. فهل سيلبي رغبتها ويأتي؟.. ام سيمتنع عن القدوم.. لقد قال انه سيأتي من اجلها.. فهل سيفعل؟.. هل ....
                    (وعد.. هناك من يريد رؤيتك)
                    انتفضت وعد بحدة ازاء امساك فرح بكتفها فقالت هذه الاخيرة: هل اخفتك؟..
                    هزت وعد رأسها نفيا ومن ثم قالت: لقد كنت شاردة الذهن وحسب..
                    واردفت متسائلة: لم تخبريني.. من ذا الذي يريدني؟..
                    قالت فرح بخبث وهي تشير نحو الباب الرئيسي للصالة: يقول انه زميلك في الصحيفة..
                    خفق قلب وعد في قوة.. لقد جاء طارق.. جاء اخيرا.. سأخبره بكل شيء.. وكل ما حدث.. سينسى عندها ما كاد يحدث.. وسنبدأ صفحة جديدة معا..
                    ووجدت نفسها تنهض من مقعدها في سرعة لتقول: سأذهب لرؤيته..
                    اسرعت وعد تسير بين الضيوف.. وهي تتوجه بلهفة الى الباب الرئيسي..فهناك سيكون طارق.. لقد حضر.. ولم يتراجع عما قاله لها.. وارتسمت ابتسامة سعيدة على شفتيها وهي تشعر بقلبها يرتجف بين ضلوعها.. وما ان وصلت الى الباب الرئيسي .. حتى تلفتت بحثا عنه وهي تقول بصوت خفيض بعض الشيء: طارق.. هل انت هنا؟..
                    شاهدت احدهم يقف عند زاوية من المكان.. وهو يدير لها ظهره.. فالتمعت عيناها بلهفة وسعادة وهمست قائلة: طارق..
                    وبغتة اختفت تلك اللهفة من عينيها وشعرت بالتوتر وهمست بقلق متحدثة الى نفسها: كلا هذا ليس طارق.. انه اقصر من طارق بقليل .. كما وان بنية جسمه تختلف عنه..
                    ووجدت ذلك الشاب يلتفت لها وهو يقول بابتسامة: وعد.. كيف حالك يا صحفيتنا الجريئة؟..
                    ارتسم الالم في عيني وعد وقالت بصوت لم يخف منه رنة الاحباط: بخير.. ماذا عنك يا استاذ احمد؟..
                    تطلع لها لوهلة ومن ثم قال: معذرة لتخييب ظنك.. اعلم بأنك كنت تنتظرين طارق.. لانه الوحيد الذي يمتلك بطاقة الدعوة.. ولكن قال انه لن يأتي ومنحها لي..
                    اعتصر قلب وعد ألما ورددت قائلة بحزن: لن يأتي..
                    قال احمد في هدوء: هذا ما قاله..
                    اطرقت وعد برأسها في الم.. لقد كانت تتمنى قدوم طارق .. والان هاهي ذي ترى احمد قد جاء بدلا منه.. وهو بنفسه من منح احمد الدعوة.. وألقت حزنها خلف ظهرها لثواني لتقول: تفضل يا استاذ احمد بالدخول..
                    ابتسم بهدوء وسار الى جوارها الى الداخل.. وقال بخبث: اتعلمين.. اشك انه لن يحضر..
                    التفتت له وعد في حدة وقالت: اتعني طارق؟..
                    قال مبتسما: ومن غيره.. لا اظن انه لن يأتي ويفوت على نفسه رؤيتك..
                    ابتسمت وعد بسخرية مريرة وقالت: انت لا تعلم انه يرفض سماع صوتي فحسب.. فماذا برؤيتي؟..
                    هز احمد كتفيه وقال: لست انت فحسب.. انه يشن الحرب علينا جميعا ويرفض الاجابة على أي منا..
                    هزت وعد رأسها في استسلام وقلة حيلة.. فقال احمد بابتسامة واسعة: لم اكن اعلم من قبل ان العلاقة بينكما وصلت الى هذا الحد..
                    قالت وعد متجاهلة ما قاله: تفضل يا استاذ احمد بالجلوس.. سأذهب انا لشرب كأس من العصير..
                    واسرعت تبتعد عنه ..هاربة من كل شيء.. من المها.. وحزنها.. وخيبة املها في ان يحضر طارق الى هذا الحفل.. واحست بغصة في حلقها.. واغمضت عيناها بقوة لتقول بألم متحدثة الى نفسها: لماذا لم تحضر يا طارق؟.. الم تقل انك ستأتي ومن اجلي؟.. لم اعهدك تتراجع عن كلامك يوما؟.. فلم تراجعت الان؟..لو حضرت ستعلم بالحقيقة كلها.. ستدرك ان الامر قد مر بسلام وانني لم اعد مخطوبة لأحد.. بل حرة نفسي.. انك حتى تقطع كل وسائل الاتصال بيننا.. حتى مكالمتي ورسائلي القصيرة لا تجيب عليها.. لو فعلت فقط..لما كان كلانا يتعذب الان..
                    تنهدت بحرارة.. وتوجهت عائدة في سيرها.. لولا ان رأت فرح تقترب منها وتقول: اين كنت كل هذا الوقت؟..
                    قالت وعد بهدوء: استقبل الضيف..
                    اشارت فرح باتجاه الباب الرئيسي وقالت:حسنا ولكن يبدوا ان هناك امر ما قد حدث.. فبعض الضيوف تجمعوا حول الباب الرئيسي..
                    عقدت وعد حاجبيها وقالت: سأذهب لأرى الامر..
                    قالت فرح في سرعة: ساتي معك..
                    سارت وعد بخطوات سريعة بعض الشيء لتغادر الصالة وتتوجه الى حيث رأت عدد قليل من الضيوف قد تجمعوا حول المكان .. وقالت وهي تحاول المرور من بينهم: من فضلكم.. ارغب بالمرور لارى ما الذي يحصل هنا و...
                    بترت عبارتها اثر صوت حارس الامن الذي جاء حازما بعض الشيء وهو يقول: من فضلك.. لقد تلقيت اوامر بعدم السماح لاي شخص بالدخول دون بطاقة دعوة وانا انفذها..
                    قال الشاب الذي يقف في مواجهة حارس الامن: لكني اخبرتك اني من اقارب العريس.. ولو سمحت لي بالدخول لأكد لك المدعوين ذلك..
                    قال حارس الامن في صرامة: لو كنت من اقاربه فلماذا لم يمنحك بطاقة دعوة؟..
                    - اخبرتك.. لقد اضعتها..
                    ازدردت وعد لعابها في تلك اللحظة..هذا هو صوته.. صوت طارق.. هل هو مجرد شاب يشبه طارق في صوته ام انه هو حقا؟..انه يشبهه حتى في اسلوب وطريقة حديثه.. المشكلة اني لا استطيع رؤية ما امام هذا الجمع من الضيوف .. لو يسمحون لي بالمرور فقط ..
                    وسمعت ذلك الشاب يقول باصرار: انت فقط اطلب من احدى المدعوات القدوم الى هنا وستأكد لك هذا..
                    قال حارس الامن بشك: ومن هي ؟..
                    - الانسة وعد عادل.. ابنة خال العريس..
                    تسارعت نبضات قلب وعد في تلك اللحظة.. اذا فهو طارق بالفعل.. انا لا احلم.. انه هنا.. وقد جاء من اجلي.. لم يخلف بوعده او يتراجع..لقد جاء.. اخيرا...

                    تعليق

                    • Merve
                      عضو فضي
                      • Jan 2013
                      • 692

                      رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك


                      *الجزء التاسع والثلاثون*
                      (ما الذي سيفعله؟)


                      سمعت ذلك الشاب يقول باصرار: انت فقط اطلب من احدى المدعوات القدوم الى هنا وستأكد لك هذا..
                      قال حارس الامن بشك: ومن هي ؟..
                      - الانسة وعد عادل.. ابنة خال العريس..
                      تسارعت نبضات قلب وعد في تلك اللحظة.. اذا فهو طارق بالفعل.. انا لا احلم.. انه هنا.. وقد جاء من اجلي.. لم يخلف بوعده او يتراجع..لقد جاء.. اخيرا...
                      واسرعت تقول للاشخاص اللذين يقفون امامها: من فضلكم .. ارغب بالمرور..
                      في نفس اللحظة كان حارس الامن يقول: سأفعل وسأرى ان كنت صادق فيما تقوله..
                      ( لا داعي لذلك يا ايها الحارس..)
                      التفت الحارس الى وعد ناطقة العبارة السابقة.. والتي كانت قد استطاعت المرور من بين الجمع للتو.. وقال: ماذا تعنين يا انسة؟..
                      قالت وعد وقد ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها ونظرة السعادة واضحة في عينيها وهي تلتفت الى طارق: انا هي وعد عادل..
                      -حسنا وما رأيك فيما يقوله هذا الشاب؟..
                      اومأت براسها وقالت: انه من اقاربنا بالفعل..
                      صمت حارس الامن للحظات ومن ثم قال: ما دام الامر كذلك.. فيمكنك الدخول يا سيد..
                      ابتسم طارق وقال: الم اقل لك منذ البداية انني من اقاربهم بالفعل؟..ولكنك تفضل الطرق المعقدة..
                      ومن ثم التفت الى وعد ليقول: هيا بنا يا وعد..
                      تطلعت له وعد بنظرة لهفة وفرح وقالت بهمس: لقد جئت..
                      اسرع طارق يقول للجمع الموجود بالمكان: لقد انتهت المشكلة يا سادة.. يمكنكم المغادرة..
                      ومن ثم جذب وعد من معصمها معه وقال بحنان: لم اكن استطيع ان اخلف بوعدي لك.. لقد وعدتك ان اتي من اجلك.. وها انذا هنا..
                      قالت وعد بحيرة: ولكن الاستاذ احمد قال انك اخبرتهم بعدم حضورك..
                      التفت لها وقال: لقد كنت افكر في عدم القدوم بالفعل.. ولكن لم استطع ان افوت علي فرصة ان اراك للمرة الاخيرة..
                      قالت وعد بدهشة: ماذا تقول؟.. لا يوجد مرة اخيرة يا طارق..
                      - ماذا تعنين؟..
                      دلفا في تلك اللحظة الى الصالة الرئيسي.. فجذبت معصمهامن كفه وعقدت ساعديها امام صدرها لتقول: لو اجبت على احدى مكالماتي.. او على الاقل قرأت احدى رسائلي القصيرة .. لفهمت ماذا اعني..
                      سمعت وعد بغتة صوت فرح يأتيها من الخلف وهي تقول بحنق: كيف تذهبين وتتركيني؟..
                      قالت وعد مبتسمة: المعذرة.. لقد نسيت انك كنت معي..
                      قالت فرح متسائلة: ماذا حدث؟..
                      لم يهتم طارق بسماع ما دار بينهما من حديث..بل التقط هاتفه في سرعة.. وقام بفتحه ليجد اربع رسائل لم يقرأها وكلها من وعد..واخذ يقرأ الرسلة الالى في لهفة والتي كانت تقول (لماذا لا تجيب يا طارق؟.. لم اكن اعلم بالامر.. اقسم لك.. لقد حدث كل شيء دون ان اكون على علم به.. صدقني انا لا ارغب بالزواج من ابن عمي..لا ارغب بذلك.. ارجوك اجب)..
                      تطلع لوعد لبرهة والتي كانت تتحدث الى فرح..وواصل قراءته للرسالة الثانية..(طارق لقد انتهى كل شيء تقريبا .. ابن عمي غير موافق على الزواج بي ايضا بهذه الطريقة ومادمت غير قابلة لهذا الزواج.. وسوف يقوم باقناع الجميع بالتراجع عن هذا القرار )..ردد طارق في نفسه قائلا: تقريبا فقط..الم ينتهي الامر نهائيا يا وعد؟.. ولكن علي ان لا استعجل الامور.. وانتظر حتى النهاية..
                      وفتح الرسالة الثالثة والتي كانت تقول ( طارق.. لقد انتهى الامر.. لقد الغي هذا الزواج بأكمله..وانا حرة نفسي منذ الان.. فقط اجب على مكالماتي حتى لا نحيا كلانا في هذا الالم)..
                      ارتسمت ابتسامة مليئة بالسعادة على شفتي طارق.. وهمس قائلا بفرحة: واخيرا .. واخيرا انتهى هذا الكابوس.. واخيرا يا وعد..
                      كاد ان يردد هتافه بصوت عالي ولكن تمالك مشاعره.. واسرع يفتح الرسالة الاخيرة..وكانت هذه هي كلماتها ..( لقد قلتها لي مرارا يا طارق.. وطلبت مني قولها مرات عديدة.. وكنت دائما اتهرب.. ولكن لم يعد هنالك مبرر لاخفاء هذا الامر اكثر.. لو اردت اعترافا مني يا طارق .. فها انذا اعترف لك.. بأني احبك.. لن اكون لسواك يا طارق.. لن اكون.. لانك حلم حياتي)..
                      ردد طارق بخفوت: حلم حياتها..
                      وسرعان ما تذكر عبارة احمد له حين قال: مهما حدث .. فلا تستسلم بسهولة.. وتترك حلمك يضيع من بين يديك..لا تتخلى عنه وتهرب .. بل واجه الواقع وقاتل من اجل تحقيقه.. لانه ..حلم حياتك..
                      وابتسم طارق مغمغما وهو يعود للواقع ويتطلع الى وعد بسرور ممزوج بالحب متحدثا الى نفسه: اجل يا وعد.. لن اهرب مرة اخرى.. بل سأواجه هذا الواقع.. وسأقاتل من اجل تحقيق حلمي.. لانه حلم حياتي بأكمله..
                      والتفتت له وعد في تلك اللحظة عندما انتبهت بأنه يتطلع اليها وقالت بحيرة: ما الامر؟..
                      صمت ولم يجبها.. واكتفى بأن يرسم على شفتيه ابتسامة حانية..في حين قالت فرح في تلك اللحظة هامسة لوعد بخبث: لم اكن اعلم من قبل ان زملائك بالصحيفة بمثل هذه الوسامة..
                      قالت وعد في ضيق: كفي عن هذا..
                      لكزتها فرح بمرفقها وقالت بمرح: استطيع ان اقسم انك معجبة به.. بل وربما اكثر من ذلك.. وهو ايضا يبادلك تلك المشاعر.. انظري اليه كيف يتطلع اليك..
                      اختلست وعد نظرة الى طارق ومن ثم قالت: ليس هناك شيء مما قلته..
                      قالت فرح وهي تغمز بعينها لها: ان كان الامر كذلك.. فعرفيه علي اذا..
                      قالت وعد في غيرة واضحة:فرح.. ماذا تقولين؟.. هل جننت؟..
                      ضحكت فرح بمرح وقالت: لقد كشفت نفسك بنفسك يا فتاة.. انا لم اجلب شيئا من عندي.. ها انتذا تغضبين لاني اردت التعرف عليه فقط..
                      قالت وعد مكابرة:اني اتحدث عنك.. فمن الجنون ان تطلبي ان اعرفك على شاب ما..
                      غمزت فرح بعينيها مرة اخرى وقالت: انا اعلم ما تعنينه.. والان سأترككما لوحدكما.. عن اذنك..
                      ما ان ابتعدت فرح قليلا عنهم.. حتى فوجئت وعد بطارق يميل حوها ليهمس في اذنها قائلا: وانا ايضا احبك..
                      خفق قلبها في قوة.. وتصاعدت دماء الخجل الى وجنتيها لتلتفت لطارق وتقول بارتباك: ماذا تعني؟..
                      ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي طارق.. وامسك الهاتف بقبضته ليضعه امامها ويقول: هذا..
                      ادركت ما يعنيه على الفور..فاطرقت برأسها في خجل..وهي تشعر بدقات قلبها المتسارعة.. وازدردت لعابها بارتباك.. فقال طارق بابتسامة حانية: ليتني لم اجب على مكالماتك منذ زمن اذا..
                      اشاحت بوجهها عنه لتخفي ارتباكها ومن ثم قالت: لقد كنت قلقة عليك لأنك لم تجب على مكالماتي الليلة الماضية .. لهذا فقد ارسلت تلك الرسالة الاخيرة لعلها تذيب اصرارك على عدم الاجابة علي.. ولكنك.. لم تفعل..
                      تنهد طارق بحرارة ومن ثم قال: لو تعلمين يا وعد.. اني قضيت بالامس اسوأ ايام حياتي.. لقد رفضت الاجابة على الجميع ولم ابه بالنظر الى الهاتف حتى.. لهذا لم انتبه الى أي من رسائلك.. لقد كنت على حافة الانهيار يا وعد.. ولقد شعرت اني افقدك الى الابد.. بقرار تزويجك هذا.. كنت اعلم انه لا شأن لك بالامر.. ولكن.. قلت ما قلته لك بالامس حتى ارى ما ستفعلينه.. هل ستوافقين على هذا الزواج.. ام ستسعين لرفضه وانهائه؟..
                      واردف وهو يتطلع اليها بحب: ولقد فعلت ما كنت اتمناه لقد رفضت هذا الزواج وانهيته.. من اجلي..
                      هزت وعد رأسها وقالت: الفضل يعود لابن عمي.. لقد ساعدني بحق في انهاء هذا الزواج.. وربما لولا مساعدته هذه لما استطعت اقناع عمي بالتراجع عن قراره..
                      عقد طارق حاجبيه وقال بشك: ولكني سمعت من والدك ان ابن عمك هو من لمح للزواج بك.. فلماذا اذا يسعى لانهاء هذا الزواج..
                      تطلعت له وعد بصمت.. لا تستطيع ان تخبره انه قد فعل هذا لانه يحبها.. ويتمنى رؤيتها سعيدة.. لا تستطيع ان تخبره انه قد ضحى بحلمه بالزواج منها عندما انهى امر هذا الزواج.. وكل هذا من اجلها..لا يمكنها ان تخبره بذلك حتى لا تزيد من ضيقه وخصوصا بعد كل ما حدث..
                      واسرعت تقول مديرة دفة الحديث: الن تأتي للمباركة لابن خالي يا طارق؟.. هيا فسأعرفك عليه..
                      قالتها وادارت له ظهرها وهي تهم بالابتعاد عنه ولكن امسك طارق بمعصمها بغتة ليوقفها.. وقال بابتسامة غامضة: لا.. هناك امر اكثر اهمية يجب علي ان افعله..
                      التفتت له وتطلعت اليه بحيرة فأردف: ولن اجد افضل من هذا الوقت لكي افعله..
                      قالت بغرابة: وما الذي تود ان تفعله؟..
                      اتسعت ابتسامته الغانضة وهو يقول: خذيني الى والدك اولا.. وبعدها ستعرفين كل شيء..
                      توترت اطراف وعد وقالت بتردد: طارق.. انت لا تفكر في ان...
                      اومأ برأسه وقال مبتسما: دقيقة الملاحظة كما عهدتك يا وعد.. اجل انا افكر في ان اعيد طلبي على والدك من جديد..
                      ازدردت لعابها وتمتمت قائلة: ولكن الا ترى ان المكان غير مناسب لهذا..
                      - بل هو كذلك.. لقد خسرتك مرة يا وعد.. ولا اريد ان اخسرك مرة اخرى..
                      اطرقت برأسها في خجل وقالت: كما تشاء..
                      امسك بكفها وقال بحب: اذا خذيني اليه..
                      سارت الى جواره وهي تصحبه الى والدها قائلة: اتعلم.. لقد ادهشتني بما فعلته حتى تستطيع الدخول الى الحفل دون بطاقة دعوة..
                      قال مبتسما: انسيتي انني صحفي ويمكنني بسهولة ايجاد أي طريقة للدخول الى أي مكان..
                      تطلعت اليها وقالت: أأنت واثق من نفسك الى هذه الدرجة؟..
                      هز كتفيه وقال: انا لم اخذ لقب افضل صحفي بالجريدة عبثا..
                      ابتسمت وعد وقالت بمرح: ولو لم احضر اليك الى حيث حارس الامن وقمت بالتأكيد على ما قلته..ماذا كنت ستفعل؟ ..
                      قال مفكرا: كنت سأتصل بك.. او سأجد حيلة اخرى لأدخل الىالحفل..وصدقيني لن اعدم الوسيلة.. اهم شيء كان لدي في تلك اللحظة ان اراك ولو لمرة اخيرة..
                      توقفت بغتة عن السير .. مما دعا طارق الى الالتفات لها وهو يقول متسائلا: ماذا هناك؟.. لماذا توقفت؟..
                      هربت بنظراتها حتى لا يلحظ توترهاوقالت: انه هناك.. يمكنك الذهاب اليه لوحدك..
                      تطلع طارق حوله بحثا عن والد وعد وقال عندما راه: حسنا وما الذي يخيفك لو جئت معي؟..
                      حاولت السيطرة على ارتجافة اناملها وهي تقول: طارق ارجوك.. اذهب اليه وحدك.. وسأنتظرك هنا..
                      ضغط على كفها بحنان وقال: بل سنذهب معا..
                      التفتت له ووجدت نفسها تنظر الى عينيه بامعان.. وكأنها تريد قراءة ما يجوب بداخله.. لم ترى برودا هذه المرة.. لم ترى حزما او صلابة.. كل ما رأته في تلك اللحظة كان دفئا وحبا وحنانا.. شعرت بأن عيناه تحتويها بداخلهما.. وان لمسة كفه تبثها الامان الذي تنشده.. ووجدت نفسها تقول بشرود: اجل .. سنذهب معا..
                      ابتسم وسار الى جوارها حتى وصل الى حيث والدها وهنا قال: اهلا يا سيد عادل..
                      التفت والد وعد اليه وقد غمرته الدهشة عندما شاهدطارق في هذا الحفل.. ولكن دهشته خفتت تدريجيا عندما رأى وعد الى جواره.. فأدرك حينها ان وعد هي من دعت طارق بنفسها الى هذا الحفل.. وابتسم بحنان ابوي وهو يحدث نفسه قائلا: يبدوا انه يعني لها الكثير هي ايضا.. اشعر بالندم لاني حطمت تلك السعادة التي اراها في عينيها الان وهي معه في المرة السابقة..
                      وقال متحدثا الى طارق: اهلا استاذ طارق.. كيف حالك؟..
                      قال طارق وهو يمد يده لمصافحته: بخير.. ومبارك حفل الخطبة هذا..
                      قال والد وعد بلهجة ذات مغزى: أشكرك..واتمنى ان ابارك انا لك عما قريب..
                      فهم طارق ووعد ما يرمي اليه والد هذه الاخيرة.. فارتسمت ابتسامة على شفتي طارق.. بينما توردت وجنتي وعد وهي تحاول ان تهرب بنظراتها بعيدا لتستقر على أي شيء..وقال الاول: يبدوا ان هذا سيكون قريبا اذا حدث ما اتمناه باذنه تعالى ..
                      واردف بصوت حاول ان يجعله حازما قدر المستطاع: سيد عادل.. اني اكرر مطلبي.. واطلب الزواج من وعد.. فما هو رأيك؟..
                      صمت والد وعد لدقيقة كاملة بدت لطارق ووعد وكأنها ساعة كاملة.. وتوترت وعد وهي تنتظر قرار والدها بترقب ولهفة..في حين لم يستطع طارق اخفاء توتره وهو ينقل بصره بين وعد ووالدها بين الحين والاخر.. واخيرا تحدث هذا الاخير قائلا: لقد اخفيتي عني يا وعد اعجابك بشاب ما.. واخفيتي عني انه يود الارتباط بك ايضا..
                      اسرعت وعد تقول بلهجة قلقة ومضطربة: لم اكن اعلم شيئا عن امر الارتباط هذا يا والدي.. لقد جاء طارق بنفسه اليك يومها دون ان اعلم بهذا الامر..
                      قال والدها وهو يرمقها بنظرة حازمة : انا لم انهي كلامي بعد.. لقد كنت دائما المدللة في المنزل.. تفعلين كل ما يحلو لك.. لهذا...
                      بتر عبارته ونقل بصره بين طارق ووعد قبل ان يردف بابتسامة: لهذا لن استطيع الا الموافقة على طلبك يا طارق.. وانا ارى كل هذه السعادة في عيني ابنتي..
                      تطلعت وعد الى والدها في عدم تصديق ومن ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة.. وكادت ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان مال والدها نحوها وقال : طبعا هذا ليس قبل موافقة العروس نفسها.. هه.. ما رأيك يا وعد؟.. هل تقبلين بالزواج من طارق؟..
                      ازدردت وعد لعابها.. وظلت صامتة وهي تشعر بالحروف تهرب من على لسانها.. وان كانت تشعر بقلبها يكاد يرقص فرحا بعد موافقة والدها.. والاقتراب من تحقيق حلمها.. وسمعت والدها يقول في تلك اللحظة: احيانا يكون الصمت علامة للموافقة.. ولكن احيانا اخرى ربما يكون للرفض.. والا ما رأيك يا طارق؟..
                      قال طارق بابتسامة واسعة: انا معك في هذا..
                      اتسعت عينا وعد.. ماذا يقولون؟.. أي رفض هذا بعد ان لم يعد على تحقيق احلامي سوى خطوة واحدة؟.. كيف ارفض وانا ارى اني على وشك لارتباط بمن احب وبمن تمنيت؟ .. كيف ارفض وفارس احلامي الذي حلمت به منذ صغري يطلبني للزواج .. كيف؟..
                      واسرعت تقول: لا لست ارفض..
                      ضحك والدها قائلا: اذا فهذا معناه انك توافقين..
                      تنبهت للتو على الموقف الذي وضعها فيه والدها..وارتبكت بشدة.. والتفتت الى طارق لتراه يضحك بدوره .. فقالت بحنق: كفا عن الضحك..
                      قال طارق بمرح: وان لم افعل..
                      قالت بعصبية: بل ستفعل والا ...
                      - والا ماذا؟..
                      وجدت نفسها تقول بدلال: سأرفض الزواج بك..
                      قال بابتسامة واسعة: لن تستطيعي..
                      قالت في سرعة: بل استطيع..
                      همس قائلا: بل لن تفعلي.. لانك تبادليني مشاعري..

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...