رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك
*الجزء الواحد والثلاثون*
(الحب ..ام الكبرياء؟)
القت الشمس اشعتها الذهبية على تلك المساحة الشاسعة من الارض.. وغمرت المدينة بأكملها بنورها الدافئ.. لتعلن صباح يوم جديد.. وتسلل ذلك الضوء الى نافذة تلك الغرفة ليزعج عيني تلك الفتاة ويجعلها تفتح جفنيها وتسدلهما مرة اخرى في ضيق وهي تقول: يا الهي لماذا انسى اغلاق الستائرجيدا في المساء؟..
نهضت من فراشها وتطلعت الى الساعة.. لديها نصف ساعة لتنامها .. ولكن من يأبه بالنوم الان.. بعد ان استيقظت بالرغم منها ..وبعثرت خصلات شعرها بهدوء.. وهي تحاول ترتيبه.. وقبل ان تنهض من فراشها.. سمت صوت رنين بنغمة وصول رسالة قصيرة.. فالتقطته.. ولم تلبث ان ارتسمت على شفتيها ابتسامة سعيدة وهي تقرأها: ((صباح الخير يا اجمل من بالوجود.. صباح الخيريا نسمة بين الورود..صباح الخير والسرور..يا حبيبتي الغالية... يا مبعث الوجود..))
ابتسمت ليلى برفة وهي تتطلع الى رسالة عماد الرقيقة والحانية والتي تحمل بين طياتها ذلك الحب الكبير الذي يمنلأ به قلبه تجاهها..واخذت تكتب وترسل له رسالة قصيرة تقول: ((يكفيني انك ارسلت كلماتك.. واثبت لي اشواقك ..واني قد بت جزء من احلامك..يكفيني انك قد بعثت لي كلمات حبك وحنانك..والتي تزيد لهفتي للقياك وانتظارك..))
ونهضت من فراشها لتتوجه نحو دورة المياه وقد اختفى أي ملمح من ملامح النعاس والتعب على وجهها لتحل محله ابتسامة واسعة وسعيدة..
وعلى الطرف الاخر..ارتسمت ابتسامة حنان على شفتي عماد الذي كان يستعد لمغادرة غرفته في تلك اللحظة ..واعاد هاتفه الى جيب سترته بعد ان قرأ رسالتها له.. وهمس قائلا بحب: كم احبك..
وما ان غادر غرفته وهبط السلالم حتى استوقفه صوت والده وهو يقول: الى اين يا عماد؟..
التفت عماد الى والده وقال بابتسامة هادئة: الى الشركة..
قال والده بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا يا بني..ان الشركة تبدأ اعمالها بعد النصف ساعة تقريبا..
قال عماد بابتسامة: لا بأس يا والدي..لقد استيقظت مبكرا واشعر بالنشاط.. لهذا سأذهب الى هناك على الفور..
قال والده بهدوء: كما تشاء يا بني..
ابتسم عماد بهدوء وغادر المنزل.. وهو يشعر بأن كل ما قاله لم يكن السبب الحقيقي لذهابه مبكرا..انما هي..ليلى.. شوقه للقياها.. وشوقه لرؤيتها.. واصطحابها معه الى الشركة او الى أي مكان اخر.. المهم اه منذ ان فتح عينيه هذا الصباح وهو يشعر بلهفة لرؤيتها على الرغم من ان اخر لقاء لهما كان بالامس فحسب.. والتقط هاتفه المحمول في نفس اللحظة التي دلف فيها الى السيارة.. واتصل بها وهو في شوق لسماع صوتها..وما ان اجابته قائلة: اهلا عماد..
حتى قال بحنان: اهلا بك..كيف حال حبيبتي الغالية اليوم؟..
قالت بابتسامة خجلة: في خير حال..ماذا عنك؟..
قال بابتسامة وهو يشعل المحرك وينطلق بالسيارة: بخير..واشتقت اليك كثيرا..
قالت مبتسمة: لم يمضي على اخر لقاء لنا حتى اربع وعشرون ساعة..
قال وهو يهز كتفيه: وماذا يهم.. انا اشتاق اليك حتى وانت معي..
توردت وجنتاها بحمرة الخجل وقالت مغيرة دفة الحديث: ما سر اتصالك يا ترى في هذا الصباح الباكر؟..
قال بخبث وقد ادرك رغبتها في تغيير دفة الحديث: لسماع صوتك الرائع..
ازدادت سرعة نبضات قلبها وقالت بارتباك: اخبرني حقا لم اتصلت؟..
قال بمرح: اخبرتك الصدق حقا.. لسماع صوتك.. وايضا لاصطحابك معي..
قالت بحيرة: تعني الى الشركة؟..
قال بابتسامة:الى الشركة او الى أي مكان اخر.. فقط كوني جاهزة..
قالت في سرعة: حسنا اذا .. سأكون جاهزة ريثما تصل..الى اللقاء..
قال عماد بحنان: الى اللقاء يا اميرتي..
واغلق الخط وهو يواصل طريقه..متجها الى منزل ليلى.. وشوقه لها يتضاعف..
*********
دلفت وعد الى القسم الرئيسي بالصحيفة وقالت بمرح يبدوا جليا على وجهها: صباح الخير جميعا..
ابتسم احمد وهو يتطلع اليها قائلا: صباح الخير.. من الغريب ان تغادرينا بالامس وانت حزينة.. وتحضري اليوم وانت تبدين في حالة من المرح والسعادة..
نقلت عينياها الى طارق على الفور وقالت مبتسمة: وما الغريب في الامر.. هذه هي الحياة.. يوم سعيد ويوم حزين..
منحها طارق ابتسامة تحمل في طياتها الكثير من الحنان وقال لها: صباح الخير يا وعد..
واردف بهدوء: وانا معك في ما قلته..
ومن طرف اخر قالت نادية وهي تراها تجلس خلف مكتبها: صباح الخير يا وعد.. لقد قلقت عليك حقا.. بسبب حزنك المفاجئ بالامس.. ماذا حدث؟..
لوحت وعد بكفها وقالت بابتسامة: لا شيء.. مجرد مشاكل اعتيادية..
اما احمد فقد قال بخبث متحدثا الى طارق: تقول انك معها في ما قالته.. وما الغريب في هذا؟..فمنذ متى كنت ضدها..
التفتت له وعد واجابته هذه المرة بابتسامة مرحة: كثيرا ما كان ضدي وخصوصا في الايام الاولى من استلام وظيفتي هنا..
قال احمد بمكر: هذا كان في السابق عندما لم يكن يعرفك جيدا .. اما الان....
قاطعه طارق قائلا وهو يرفع حاجبيه: اما الان.. فعليك ان تصمت وتعمل بجد اكثر..
التفتت وعد الى طارق.. وقد استغربت منعه احمد من اتمام عبارته.. ربما شعر مع عبارة احمد انه يسخر منه او شيئا من هذا القبيل.. لم تهتم وهي تجلس خلف مكتبها وتخرج من حقيبتها ورقة كانت عليها كلمات من الواضح انها كتبت بسرعة ودون ترتيب.. فاعادت كتابتها فوق احد الاوراق بشكل منظم..
اما طارق فقد التقط من درج مكتبه ورقة مجعدة قد بات من الواضح عليها ان من كتبها كان يرغب في التخلص منها.. وأخذت عينا طارق تلتهمان كلمات تلك الورقة وابتسامة هادئة ترتسم على شفتيه.. ومن ثم لم يلبث ان تطلع الى وعد وهو يعيدها الى درج مكتبه..
وران الهدوء على القسم كله.. قبل ان يقطعه صوت رنين هاتف القسم الذي ازعج الجميع وتركهم يتركون ما بيدهم..والتقط طارق سماعة الهاتف ليجيبها قائلا: قسم الصفحة الرئيسية .. من المتحدث؟..
استمع الى صوت محدثه باهتمام ومن ثم لم يلبث ان قال: حسنا في الحال يا استاذ نادر..
واغلق سماعة الهاتف .. ليتجه الى مكتبه ويجلس خلفه ومن ثم يلتقط عدة اوراق ونادى وعد قائلا: وعد احضري مقعدا وتعالي هنا..
رفعت حاجبيها وقالت: ولم؟..
قال بهدوء: تعالي وستعرفين كل شيء..
نهضت من خلف مكتبها وجذبت لها مقعدا لتجلس بجوار مكتب طارق ومن ثم قالت: ما الأمر؟..
التفت لها طارق وقال: لقد طلب الاستاذ نادر ان نجمع بعض المعلومات اللازمة عن احد المسئولين بالبلاد.. وبعدها سنذهب لعمل لقاء صحفي معه..
اومأت برأسها قائلة: حسنا.. امنحني الاسم فقط..
قال بهدوء: نبيل سالم..
ومن ثم اعتدل في جلسته ليواجه جهاز الحاسوب وقال: سأبحث عن أي معلومات تتعلق عنه في شبكة الانترنت.. اما انت سجلي كل مامليه اليك..
سألته وهي تعقد حاجبيها بغرابة: ولم لا تقوم بطباعة ما نريد من معلومات؟..
- لسنا نحتاج الا لمجموعة من المعلومات البسيطة والمتفرقة..
اومأت برأسها مرة اخرى وقالت: فليكن..
اخذ يلقي على مسامعها عبارات متفرقة.. ما بين اعمال هذا المسئول..وما بين امور تتعلق بمنصبه وعلاقاته الخارجية.. واخيرا قال طارق بهدوء: اظن ان هذه المعلومات تكفي..
تطلعت وعد الى الورقة التي امتلأت تقريبا بمعلومات عن ذلك المسئول وتمتمت موافقة: اجل .. اظن ذلك..
استدار لها طارق وقال وهو يمد لها كفه: امنحيني الورقة اذا حتى ارى ما كتبته..
منحته اياها..واخذ يقرأها هو باهتمام.. ومن ثم لم يلبث ان وضعها بدرج مكتبه وقال: حسنا سأذهب لأتحدث الى الاستاذ نادر بشأن اللقاء وان كان قد اخذ لنا موعدا مع المسئول ام لا.. وبعدها سوف نغادر نحن لعمل اللقاء..
قالت وعد في لهفة لم تتمكن من اخفائها: تعني اننا سنكون معافي هذا اللقاء..
ارتسمت ابتسامة حانية وقال: اجل.. فيم كان عملنا سويا اذا؟..
قالت بتوتر بالرغم منها من ابتسامته الحانية: ظننت انك اردت مساعدتي لا اكثر..
تطلع اليها لبرهة من الوقت ومن ثم قال: انتظريني لدقائق.. سأعود لنغادر سويا..
ابتسمت وهي تراه يغادر واسرعت هي تعد اوراقها والة التصوير بالاضافة الى جهاز التسجيل..واستغرق منها هذا وقتا قبل ان تنتبه الى طارق الذي كان واقفا عند باب القسم وقال: هيا يا وعد سنذهب ..الم تقومي بتجهيز اشيائك بعد؟..
اسرعت تقول: في الحال..
قال وهو يخرج خارج القسم: اسرعي سأنتظرك في....
بتر عبارته وكأنه تنبه الى امر هام ومن ثم قال: لقد نسيت اخذ الورقة..احضريها يا وعد..
فهمت انه يعني الورقة التي قد جمعا فيها المعلومات عن المسئول.. فاتجهت الى مكتبه وقالت متسائلة: في أي درج وضعتها؟..
قال دون ان يلتفت لها وهو يتطلع الى ساعته: الاول..
اسرعت بفتح الدرج والتقاط الورقة المنشودة ...ولكن ...ورقة أخرى استرعت انتباهها..فتأملتها وهي تشعر بأنها مألوفة لها .. خصوصا وهي مجعدة بنحو غريب وكأنها مهملة .. ووجدت فضولها يجبرها على مد يدها والتقاط الورقة.. لمعرفة ما بها.. وعن سر احتفاظ طارق لورقة مجعدة مثلها.. فضت الورقة وسقطت عيناها على اول الحروف...
في اللحظة ذاتها رفع طارق رأسه اليها وقال بضجر: الى متى سأنتظر يا وعد؟.. كل هذا الوقت لاحضار تلك ال....
بتر طارق عبارته بغتة وهو يلمح عينا وعد التي تنظر اليه بصدمة وغضب..وادرك على الفور سر نظرتها هذه عندما وقع بصره على الورقة التي في يدها..ووجد نفسه يقول في توتر: سأشرح لك الامر..
اما وعد فلم تستمع الى عبارته..لقد ظلت تتطلع الى طارق بعينان تملأهما الصدمة..لقد كان يحتفظ بكلماتها طوال تلك المدة.. من اين حصل عليها؟.. وكيف يمنح لنفسه الحق التعدي على خصوصيتها وقراءة اوراقها الشخصية..لقد علم من هذه الورقة بمشاعرها التي تريد ان تخفيها منذ زمن عنه.. لهذا كان يخصها بذلك الحنان .. لهذا اخبرها بقصته مع مايا.. لم يفعل كل هذا الا عندما قرأ كلمات الاهتمام التي عبرت عنها الخاطرة..لقد تقصد بكل تأكيد الاطلاع عليها.. واحتفظ بها.. هل اهتمامه بي شفقة اذا على مشاعري نحوه؟..
لم يكن عقل وعد يستطيع التفكير في تلك اللحظة.. ويجعلها ترى الامر بوضوح اكبر..وان احتفاظ طارق بالورقة لا تعني الا انه ييريد ان تبقى كلماتها معه دائما.. لم تكن ترى انها فعلت مثل ما فعله طارق بالسماح لفضولها لالتقاط الورقة من درجه ..لم تكن ترى لحظتها سوى ان طارق قد اقتحم خصوصيتها ومشاعرها بغير حق.. وانه قد كان يشفق عليها باهتمامه ليس الا.. ووجدت نفسها تهتف بغضب: كيف تجرؤ على التدخل في خصوصياتي؟..
قال طارق في سرعة: سأشرح لك الامر كله يا وعد..
قالت في حدة دون ان تنتبه الى احمد ونادية الذي ادهشهما هذا الشجار بينهما والذي لم يعرفا سببه: لهذا كنت تهتم لأمري اذا ..لانك كنت تعلم انك قد جذبت انتباهي منذ البداية.. لقد كنت تشفق على مشاعر فتاة بلهاء مثلي ليس الا..
قال طارق بحزم: من قال هذا؟.. لا شيء يدعوني للشفقة.. لا شيء يدعوني لأن انافق في مشاعري.. لا شيء يدعوني للخداع.. ان كل ما افعله او انطق به انما هو الصدق.. ونتيجة لما احمله لك من مشاعر..
وعلى الرغم من رنة الصدق في صوته الا ان غضب وعد اعماها عن الانتباه لصدقه وهي تقول: كيف تسمح لنفسك بالتدخل في خصوصياتي؟.. لقد رفضت انت ان يتدخل أي احد بماضيك.. رفضت مجرد السؤال عنه.. فكيف تسمح لنفسك بالتدخل في خصوصيات غيرك؟..
قال طارق وهو يزفر بحدة: اعترف اني اخطأت بهذا الشأن.. ولكن انتابني الفضول لحظتها على ان اعرف سر هذه الورقة المهملة وظننتها موضوعا اخر تركتيه باهمال.. ولم اكن ادرك انها كلمات رائعة عبرت عن براعة اسلوبك في هذا المجال..
وعلى الرغم من رقته في قولها الا ان هذا لم يهدئ من غضب وعد وقالت بعصبية: هل كنت ستسمح لي بالتجسس على اوراقك واسرارك؟.. هل كنت ستسمح مجرد معرفة جزء من مشاعرك دون ان تقولها انت بنفسك؟..
تطلع اليها طارق بدهشة من انفعالها.. وخيل اليه انه يلمح مايا بعصبيتها وانفعالها الدائم.. لم يعلم لم تذكر مايا الان؟.. ولكن عصبية وعد المبالغة جعلته يتذكرها وهي تختلق الشجارات معه.. وتصر دوما انها على حق.. وتذكر كيف كان يعالج الموقف وقتها..ولكن هذه المرة من تواجهه وعد وليست مايا.. وعد بعصبيتها ورقتها في ان واحد.. وعد بكبريائها الذي يجعلها ترفض ان يعلم احد بمشاعرها.. تظن الان انه عندما علم بمشاعر الاهتمام التي تكنها نحوه بادلها هو المشاعر.. ستكون حمقاء لو فكرت هكذا.. وان مشاعره لها ليست سوى شفقة..
وقال اخيرا بصوت هادئ: لم كل هذه العصبية يا وعد؟.. سأشرح لك الامر بهدوء وبعدها يمكنك الحكم بنفسك..
قالت وفي عينيها نظرة لوم: لا احتاج الى شفقتك..
ومرت من جانبه في سرعة لتغادر القسم ولم تكد تفعل حتى فوجئت بطارق يمسك معصمها في قوة ويقول: استمعي الي اولا.. قبل ان تهربي..
قالت في انفعال وغصة تملأ حلقها: انا لا اهرب.. ووفر شفقتك لنفسك..
قالتها وجذبت معصمها من كفه في خشونة..لماذا؟.. لماذا الان؟..لماذا بعد ان شعرت بالسعادة لأنه يهتم بي ويخصني بنظراته؟.. لماذا بعد ان علمت انه يشعر بقربي له؟..لماذا اكتشف الان ان هذا ليس سوى مزيج من شفقته وعطفه علي؟..لماذا؟..
لم تعرف الى اين تتجه.. ولكن وجدت قدماها تقودانها الى الممر الذي تقع المصاعد في نهايته.. ووجدتها فرصة مناسبة لابعاد تلك المرارة والحزن من اعماقها..واخفاء دموعها التي تترقرق في عينيها عن الجميع.. ستخرج من الصحيفة لتختلي بنفسها ولو لدقائق او ربما تذهب الى الكفتيريا لترتاح قليلا .. اهم شيء ان تبعد عن نفسها هذا الاحساس بالحزن وتنسى طارق بمشاعر الشفقة التي يحملها لها..
واطلقت تنهيدة الم..لكنها لم تكتمل.. وهي تلمح طارق يقف امامها بجسده الممشوق القوام ليعترض طريقها ويحول عنها التقدم قائلا: قلت لا تهربي.. سنتفاهم اولا..
وضعت كفها على فمها لتمنع شهقة دهشة كادت ان تنطلق من بين شفتيها..وهي التي لم تكن تشعر به يتبعها على الاطلاق ..وقالت ببرود بعد ان تلاشت دهشتها: ابتعد عن طريقي..
قال بصرامة: ليس قبل ان نتفاهم..
قالت والدموع تعود لتترقرق في عينيها: شكرا لك لست احتاج لكلمات الشفقة منك..
قال طارق بعصبيه هذه المرة: عن أي شفقة تتحدثين؟.. هل كانت مشاعري نحوك بهذا القدر من الكذب الذي تصفين؟ ..انني لم افكر يوما حتى بالشفقة نحوك.. ومنذ اليوم الاول لقدومك للمكتب كنت تعلمين اني لم اكن اهتم بأي احد.. فهل كنت سأهتم بمشاعرك واشفق عليها؟..
تطلعت اليه وعد وقد شعرت بصدق منطقه.. ولكنها قالت ببرود: ولكن هذا لا يمنحك الحق بالتدخل في خصوصياتي ومشاعري الخاصة..
قال طارق بتحدي هذه المرة: الم تفعلي المثل؟..
قالت وعد باستنكار: انا؟؟..
*الجزء الواحد والثلاثون*
(الحب ..ام الكبرياء؟)
القت الشمس اشعتها الذهبية على تلك المساحة الشاسعة من الارض.. وغمرت المدينة بأكملها بنورها الدافئ.. لتعلن صباح يوم جديد.. وتسلل ذلك الضوء الى نافذة تلك الغرفة ليزعج عيني تلك الفتاة ويجعلها تفتح جفنيها وتسدلهما مرة اخرى في ضيق وهي تقول: يا الهي لماذا انسى اغلاق الستائرجيدا في المساء؟..
نهضت من فراشها وتطلعت الى الساعة.. لديها نصف ساعة لتنامها .. ولكن من يأبه بالنوم الان.. بعد ان استيقظت بالرغم منها ..وبعثرت خصلات شعرها بهدوء.. وهي تحاول ترتيبه.. وقبل ان تنهض من فراشها.. سمت صوت رنين بنغمة وصول رسالة قصيرة.. فالتقطته.. ولم تلبث ان ارتسمت على شفتيها ابتسامة سعيدة وهي تقرأها: ((صباح الخير يا اجمل من بالوجود.. صباح الخيريا نسمة بين الورود..صباح الخير والسرور..يا حبيبتي الغالية... يا مبعث الوجود..))
ابتسمت ليلى برفة وهي تتطلع الى رسالة عماد الرقيقة والحانية والتي تحمل بين طياتها ذلك الحب الكبير الذي يمنلأ به قلبه تجاهها..واخذت تكتب وترسل له رسالة قصيرة تقول: ((يكفيني انك ارسلت كلماتك.. واثبت لي اشواقك ..واني قد بت جزء من احلامك..يكفيني انك قد بعثت لي كلمات حبك وحنانك..والتي تزيد لهفتي للقياك وانتظارك..))
ونهضت من فراشها لتتوجه نحو دورة المياه وقد اختفى أي ملمح من ملامح النعاس والتعب على وجهها لتحل محله ابتسامة واسعة وسعيدة..
وعلى الطرف الاخر..ارتسمت ابتسامة حنان على شفتي عماد الذي كان يستعد لمغادرة غرفته في تلك اللحظة ..واعاد هاتفه الى جيب سترته بعد ان قرأ رسالتها له.. وهمس قائلا بحب: كم احبك..
وما ان غادر غرفته وهبط السلالم حتى استوقفه صوت والده وهو يقول: الى اين يا عماد؟..
التفت عماد الى والده وقال بابتسامة هادئة: الى الشركة..
قال والده بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا يا بني..ان الشركة تبدأ اعمالها بعد النصف ساعة تقريبا..
قال عماد بابتسامة: لا بأس يا والدي..لقد استيقظت مبكرا واشعر بالنشاط.. لهذا سأذهب الى هناك على الفور..
قال والده بهدوء: كما تشاء يا بني..
ابتسم عماد بهدوء وغادر المنزل.. وهو يشعر بأن كل ما قاله لم يكن السبب الحقيقي لذهابه مبكرا..انما هي..ليلى.. شوقه للقياها.. وشوقه لرؤيتها.. واصطحابها معه الى الشركة او الى أي مكان اخر.. المهم اه منذ ان فتح عينيه هذا الصباح وهو يشعر بلهفة لرؤيتها على الرغم من ان اخر لقاء لهما كان بالامس فحسب.. والتقط هاتفه المحمول في نفس اللحظة التي دلف فيها الى السيارة.. واتصل بها وهو في شوق لسماع صوتها..وما ان اجابته قائلة: اهلا عماد..
حتى قال بحنان: اهلا بك..كيف حال حبيبتي الغالية اليوم؟..
قالت بابتسامة خجلة: في خير حال..ماذا عنك؟..
قال بابتسامة وهو يشعل المحرك وينطلق بالسيارة: بخير..واشتقت اليك كثيرا..
قالت مبتسمة: لم يمضي على اخر لقاء لنا حتى اربع وعشرون ساعة..
قال وهو يهز كتفيه: وماذا يهم.. انا اشتاق اليك حتى وانت معي..
توردت وجنتاها بحمرة الخجل وقالت مغيرة دفة الحديث: ما سر اتصالك يا ترى في هذا الصباح الباكر؟..
قال بخبث وقد ادرك رغبتها في تغيير دفة الحديث: لسماع صوتك الرائع..
ازدادت سرعة نبضات قلبها وقالت بارتباك: اخبرني حقا لم اتصلت؟..
قال بمرح: اخبرتك الصدق حقا.. لسماع صوتك.. وايضا لاصطحابك معي..
قالت بحيرة: تعني الى الشركة؟..
قال بابتسامة:الى الشركة او الى أي مكان اخر.. فقط كوني جاهزة..
قالت في سرعة: حسنا اذا .. سأكون جاهزة ريثما تصل..الى اللقاء..
قال عماد بحنان: الى اللقاء يا اميرتي..
واغلق الخط وهو يواصل طريقه..متجها الى منزل ليلى.. وشوقه لها يتضاعف..
*********
دلفت وعد الى القسم الرئيسي بالصحيفة وقالت بمرح يبدوا جليا على وجهها: صباح الخير جميعا..
ابتسم احمد وهو يتطلع اليها قائلا: صباح الخير.. من الغريب ان تغادرينا بالامس وانت حزينة.. وتحضري اليوم وانت تبدين في حالة من المرح والسعادة..
نقلت عينياها الى طارق على الفور وقالت مبتسمة: وما الغريب في الامر.. هذه هي الحياة.. يوم سعيد ويوم حزين..
منحها طارق ابتسامة تحمل في طياتها الكثير من الحنان وقال لها: صباح الخير يا وعد..
واردف بهدوء: وانا معك في ما قلته..
ومن طرف اخر قالت نادية وهي تراها تجلس خلف مكتبها: صباح الخير يا وعد.. لقد قلقت عليك حقا.. بسبب حزنك المفاجئ بالامس.. ماذا حدث؟..
لوحت وعد بكفها وقالت بابتسامة: لا شيء.. مجرد مشاكل اعتيادية..
اما احمد فقد قال بخبث متحدثا الى طارق: تقول انك معها في ما قالته.. وما الغريب في هذا؟..فمنذ متى كنت ضدها..
التفتت له وعد واجابته هذه المرة بابتسامة مرحة: كثيرا ما كان ضدي وخصوصا في الايام الاولى من استلام وظيفتي هنا..
قال احمد بمكر: هذا كان في السابق عندما لم يكن يعرفك جيدا .. اما الان....
قاطعه طارق قائلا وهو يرفع حاجبيه: اما الان.. فعليك ان تصمت وتعمل بجد اكثر..
التفتت وعد الى طارق.. وقد استغربت منعه احمد من اتمام عبارته.. ربما شعر مع عبارة احمد انه يسخر منه او شيئا من هذا القبيل.. لم تهتم وهي تجلس خلف مكتبها وتخرج من حقيبتها ورقة كانت عليها كلمات من الواضح انها كتبت بسرعة ودون ترتيب.. فاعادت كتابتها فوق احد الاوراق بشكل منظم..
اما طارق فقد التقط من درج مكتبه ورقة مجعدة قد بات من الواضح عليها ان من كتبها كان يرغب في التخلص منها.. وأخذت عينا طارق تلتهمان كلمات تلك الورقة وابتسامة هادئة ترتسم على شفتيه.. ومن ثم لم يلبث ان تطلع الى وعد وهو يعيدها الى درج مكتبه..
وران الهدوء على القسم كله.. قبل ان يقطعه صوت رنين هاتف القسم الذي ازعج الجميع وتركهم يتركون ما بيدهم..والتقط طارق سماعة الهاتف ليجيبها قائلا: قسم الصفحة الرئيسية .. من المتحدث؟..
استمع الى صوت محدثه باهتمام ومن ثم لم يلبث ان قال: حسنا في الحال يا استاذ نادر..
واغلق سماعة الهاتف .. ليتجه الى مكتبه ويجلس خلفه ومن ثم يلتقط عدة اوراق ونادى وعد قائلا: وعد احضري مقعدا وتعالي هنا..
رفعت حاجبيها وقالت: ولم؟..
قال بهدوء: تعالي وستعرفين كل شيء..
نهضت من خلف مكتبها وجذبت لها مقعدا لتجلس بجوار مكتب طارق ومن ثم قالت: ما الأمر؟..
التفت لها طارق وقال: لقد طلب الاستاذ نادر ان نجمع بعض المعلومات اللازمة عن احد المسئولين بالبلاد.. وبعدها سنذهب لعمل لقاء صحفي معه..
اومأت برأسها قائلة: حسنا.. امنحني الاسم فقط..
قال بهدوء: نبيل سالم..
ومن ثم اعتدل في جلسته ليواجه جهاز الحاسوب وقال: سأبحث عن أي معلومات تتعلق عنه في شبكة الانترنت.. اما انت سجلي كل مامليه اليك..
سألته وهي تعقد حاجبيها بغرابة: ولم لا تقوم بطباعة ما نريد من معلومات؟..
- لسنا نحتاج الا لمجموعة من المعلومات البسيطة والمتفرقة..
اومأت برأسها مرة اخرى وقالت: فليكن..
اخذ يلقي على مسامعها عبارات متفرقة.. ما بين اعمال هذا المسئول..وما بين امور تتعلق بمنصبه وعلاقاته الخارجية.. واخيرا قال طارق بهدوء: اظن ان هذه المعلومات تكفي..
تطلعت وعد الى الورقة التي امتلأت تقريبا بمعلومات عن ذلك المسئول وتمتمت موافقة: اجل .. اظن ذلك..
استدار لها طارق وقال وهو يمد لها كفه: امنحيني الورقة اذا حتى ارى ما كتبته..
منحته اياها..واخذ يقرأها هو باهتمام.. ومن ثم لم يلبث ان وضعها بدرج مكتبه وقال: حسنا سأذهب لأتحدث الى الاستاذ نادر بشأن اللقاء وان كان قد اخذ لنا موعدا مع المسئول ام لا.. وبعدها سوف نغادر نحن لعمل اللقاء..
قالت وعد في لهفة لم تتمكن من اخفائها: تعني اننا سنكون معافي هذا اللقاء..
ارتسمت ابتسامة حانية وقال: اجل.. فيم كان عملنا سويا اذا؟..
قالت بتوتر بالرغم منها من ابتسامته الحانية: ظننت انك اردت مساعدتي لا اكثر..
تطلع اليها لبرهة من الوقت ومن ثم قال: انتظريني لدقائق.. سأعود لنغادر سويا..
ابتسمت وهي تراه يغادر واسرعت هي تعد اوراقها والة التصوير بالاضافة الى جهاز التسجيل..واستغرق منها هذا وقتا قبل ان تنتبه الى طارق الذي كان واقفا عند باب القسم وقال: هيا يا وعد سنذهب ..الم تقومي بتجهيز اشيائك بعد؟..
اسرعت تقول: في الحال..
قال وهو يخرج خارج القسم: اسرعي سأنتظرك في....
بتر عبارته وكأنه تنبه الى امر هام ومن ثم قال: لقد نسيت اخذ الورقة..احضريها يا وعد..
فهمت انه يعني الورقة التي قد جمعا فيها المعلومات عن المسئول.. فاتجهت الى مكتبه وقالت متسائلة: في أي درج وضعتها؟..
قال دون ان يلتفت لها وهو يتطلع الى ساعته: الاول..
اسرعت بفتح الدرج والتقاط الورقة المنشودة ...ولكن ...ورقة أخرى استرعت انتباهها..فتأملتها وهي تشعر بأنها مألوفة لها .. خصوصا وهي مجعدة بنحو غريب وكأنها مهملة .. ووجدت فضولها يجبرها على مد يدها والتقاط الورقة.. لمعرفة ما بها.. وعن سر احتفاظ طارق لورقة مجعدة مثلها.. فضت الورقة وسقطت عيناها على اول الحروف...
في اللحظة ذاتها رفع طارق رأسه اليها وقال بضجر: الى متى سأنتظر يا وعد؟.. كل هذا الوقت لاحضار تلك ال....
بتر طارق عبارته بغتة وهو يلمح عينا وعد التي تنظر اليه بصدمة وغضب..وادرك على الفور سر نظرتها هذه عندما وقع بصره على الورقة التي في يدها..ووجد نفسه يقول في توتر: سأشرح لك الامر..
اما وعد فلم تستمع الى عبارته..لقد ظلت تتطلع الى طارق بعينان تملأهما الصدمة..لقد كان يحتفظ بكلماتها طوال تلك المدة.. من اين حصل عليها؟.. وكيف يمنح لنفسه الحق التعدي على خصوصيتها وقراءة اوراقها الشخصية..لقد علم من هذه الورقة بمشاعرها التي تريد ان تخفيها منذ زمن عنه.. لهذا كان يخصها بذلك الحنان .. لهذا اخبرها بقصته مع مايا.. لم يفعل كل هذا الا عندما قرأ كلمات الاهتمام التي عبرت عنها الخاطرة..لقد تقصد بكل تأكيد الاطلاع عليها.. واحتفظ بها.. هل اهتمامه بي شفقة اذا على مشاعري نحوه؟..
لم يكن عقل وعد يستطيع التفكير في تلك اللحظة.. ويجعلها ترى الامر بوضوح اكبر..وان احتفاظ طارق بالورقة لا تعني الا انه ييريد ان تبقى كلماتها معه دائما.. لم تكن ترى انها فعلت مثل ما فعله طارق بالسماح لفضولها لالتقاط الورقة من درجه ..لم تكن ترى لحظتها سوى ان طارق قد اقتحم خصوصيتها ومشاعرها بغير حق.. وانه قد كان يشفق عليها باهتمامه ليس الا.. ووجدت نفسها تهتف بغضب: كيف تجرؤ على التدخل في خصوصياتي؟..
قال طارق في سرعة: سأشرح لك الامر كله يا وعد..
قالت في حدة دون ان تنتبه الى احمد ونادية الذي ادهشهما هذا الشجار بينهما والذي لم يعرفا سببه: لهذا كنت تهتم لأمري اذا ..لانك كنت تعلم انك قد جذبت انتباهي منذ البداية.. لقد كنت تشفق على مشاعر فتاة بلهاء مثلي ليس الا..
قال طارق بحزم: من قال هذا؟.. لا شيء يدعوني للشفقة.. لا شيء يدعوني لأن انافق في مشاعري.. لا شيء يدعوني للخداع.. ان كل ما افعله او انطق به انما هو الصدق.. ونتيجة لما احمله لك من مشاعر..
وعلى الرغم من رنة الصدق في صوته الا ان غضب وعد اعماها عن الانتباه لصدقه وهي تقول: كيف تسمح لنفسك بالتدخل في خصوصياتي؟.. لقد رفضت انت ان يتدخل أي احد بماضيك.. رفضت مجرد السؤال عنه.. فكيف تسمح لنفسك بالتدخل في خصوصيات غيرك؟..
قال طارق وهو يزفر بحدة: اعترف اني اخطأت بهذا الشأن.. ولكن انتابني الفضول لحظتها على ان اعرف سر هذه الورقة المهملة وظننتها موضوعا اخر تركتيه باهمال.. ولم اكن ادرك انها كلمات رائعة عبرت عن براعة اسلوبك في هذا المجال..
وعلى الرغم من رقته في قولها الا ان هذا لم يهدئ من غضب وعد وقالت بعصبية: هل كنت ستسمح لي بالتجسس على اوراقك واسرارك؟.. هل كنت ستسمح مجرد معرفة جزء من مشاعرك دون ان تقولها انت بنفسك؟..
تطلع اليها طارق بدهشة من انفعالها.. وخيل اليه انه يلمح مايا بعصبيتها وانفعالها الدائم.. لم يعلم لم تذكر مايا الان؟.. ولكن عصبية وعد المبالغة جعلته يتذكرها وهي تختلق الشجارات معه.. وتصر دوما انها على حق.. وتذكر كيف كان يعالج الموقف وقتها..ولكن هذه المرة من تواجهه وعد وليست مايا.. وعد بعصبيتها ورقتها في ان واحد.. وعد بكبريائها الذي يجعلها ترفض ان يعلم احد بمشاعرها.. تظن الان انه عندما علم بمشاعر الاهتمام التي تكنها نحوه بادلها هو المشاعر.. ستكون حمقاء لو فكرت هكذا.. وان مشاعره لها ليست سوى شفقة..
وقال اخيرا بصوت هادئ: لم كل هذه العصبية يا وعد؟.. سأشرح لك الامر بهدوء وبعدها يمكنك الحكم بنفسك..
قالت وفي عينيها نظرة لوم: لا احتاج الى شفقتك..
ومرت من جانبه في سرعة لتغادر القسم ولم تكد تفعل حتى فوجئت بطارق يمسك معصمها في قوة ويقول: استمعي الي اولا.. قبل ان تهربي..
قالت في انفعال وغصة تملأ حلقها: انا لا اهرب.. ووفر شفقتك لنفسك..
قالتها وجذبت معصمها من كفه في خشونة..لماذا؟.. لماذا الان؟..لماذا بعد ان شعرت بالسعادة لأنه يهتم بي ويخصني بنظراته؟.. لماذا بعد ان علمت انه يشعر بقربي له؟..لماذا اكتشف الان ان هذا ليس سوى مزيج من شفقته وعطفه علي؟..لماذا؟..
لم تعرف الى اين تتجه.. ولكن وجدت قدماها تقودانها الى الممر الذي تقع المصاعد في نهايته.. ووجدتها فرصة مناسبة لابعاد تلك المرارة والحزن من اعماقها..واخفاء دموعها التي تترقرق في عينيها عن الجميع.. ستخرج من الصحيفة لتختلي بنفسها ولو لدقائق او ربما تذهب الى الكفتيريا لترتاح قليلا .. اهم شيء ان تبعد عن نفسها هذا الاحساس بالحزن وتنسى طارق بمشاعر الشفقة التي يحملها لها..
واطلقت تنهيدة الم..لكنها لم تكتمل.. وهي تلمح طارق يقف امامها بجسده الممشوق القوام ليعترض طريقها ويحول عنها التقدم قائلا: قلت لا تهربي.. سنتفاهم اولا..
وضعت كفها على فمها لتمنع شهقة دهشة كادت ان تنطلق من بين شفتيها..وهي التي لم تكن تشعر به يتبعها على الاطلاق ..وقالت ببرود بعد ان تلاشت دهشتها: ابتعد عن طريقي..
قال بصرامة: ليس قبل ان نتفاهم..
قالت والدموع تعود لتترقرق في عينيها: شكرا لك لست احتاج لكلمات الشفقة منك..
قال طارق بعصبيه هذه المرة: عن أي شفقة تتحدثين؟.. هل كانت مشاعري نحوك بهذا القدر من الكذب الذي تصفين؟ ..انني لم افكر يوما حتى بالشفقة نحوك.. ومنذ اليوم الاول لقدومك للمكتب كنت تعلمين اني لم اكن اهتم بأي احد.. فهل كنت سأهتم بمشاعرك واشفق عليها؟..
تطلعت اليه وعد وقد شعرت بصدق منطقه.. ولكنها قالت ببرود: ولكن هذا لا يمنحك الحق بالتدخل في خصوصياتي ومشاعري الخاصة..
قال طارق بتحدي هذه المرة: الم تفعلي المثل؟..
قالت وعد باستنكار: انا؟؟..
تعليق