رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Merve
    عضو فضي
    • Jan 2013
    • 692

    رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

    منذ متى كان رنين اسمي جميل الى هذه الدرجة.. هل هما اذناي؟.. ام صوته الذي همس باسمي بأروع مافي الكون من معان.. والتفتت له في لهفة وهي تسير بالممرات بعد ان غادرت القسم .. فقال بعتاب: الن تسلمي علي حتى قبل رحيلك؟..
    كادت ان تهتف بوجهه هاتفة: ( الم تفهم؟.. لقد كنت اخاطبك بلغة العيون تلك التي علمتتني اياها.. الم تفهم كلمات توديعي لك.. الم تفهمي نظرات الحب الذي ارسلتها لك.. الم تفهم بعد؟) ..
    ولكنها لم تقل حرفا من هذا بل اطرقت برأسها ومن ثم قالت: الفراق صعب كما يقولون..
    قال بابتسامة شاحبة: لم تتحدثين هكذا.. انها ثلاثة ايام لا اكثر..
    ثلاثة ايام؟؟.. تقولها بهذه البساطة.. اية اعصاب فولاذية تملك؟.. احقا لم تعرف بعد معنى نظراتي لك ؟.. وقالت وهي تشيح بوجهها: معك حق.. انها ثلاثة ايام فحسب..
    مد لها يده ومن ثم قال: الن تصافحيني حتى؟..
    التفتت له وكادت الدموع ان تترقرق في عينيها.. أي رجل هو هذا؟.. الا يشعر بأني احبه؟.. اعشقه.. لم اعد ارى سواه في حياتي.. انه فارس احلامي الذي طالما كنت احلم به.. الا يحمل لي ولو ذرة من المشاعر.. الا يشعر بي؟..
    ومدت له يد مرتجفة لتصافحه وهي تقول: الى اللقاء يا استاذ...
    قاطعها قائلا وهو يتطلع اليها بحنان: طارق بدون استاذ.. لقد قلتيها مرة وسأكون سعيدا لو سمعتها منك مرة اخرى.. فهذا يعني انني قريب اليك..
    كلماته تؤكد اهتمامه بامري..وتصرفاته تؤكد عكس ذلك احيانا!.. ولكنه لا يشعر بي.. ولا اظنه سيشعر ابدا.. فمايا.. حبه الوحيد.. ستظل تجري في عروقه كمجرى الدم.. سيظل يحبها ولن ينساها ابدا.. وهي -وعد- لن تكون سوى صفر على الشمال..
    قالت وعد وهي تطرق برأسها وتقول بصوت مرتجف بالرغم منها: لقد كانت زلة لسان يومها لا اكثر..
    تطلع لها بصمت وهو يبتسم فقالت وهي تزدرد لعابها محاولة السيطرة على مشاعرها: اراك بخير.. يا .. طارق..
    قالتها وكادت ان تسحب كفها من يده حتى تغادر.. لكنها وجدته يحتضن كفها بكفه الاخرى ويربت عليها ليقول بابتسامة: سنكون بانتظارك..
    اومأت برأسها فحرر يدها لتضعها الى جوارها ومن ثم سمعته يقول بهمس: اراك بخير يا وعد..
    واردف وهو يكور قبضته بحزم: لكني اعدك بفعل أي شيء تجاه هذا القرار القاسي الذي تعرضت له..
    قالت بشحوب وهي تهز رأسها نفيا: لا داعي..
    ومن ثم لم تلبث ان لوحت له بكفها وهي تبتعد..وتابعها طارق بناظريه حتى اختفى طيفها من امام عينيه وهنا ردد بصرامة وحزم: اعدك يا وعد.. اعدك...
    *********
    من منا جرب الانتظار يوما؟.. من منا جرب ان ينتظر لساعات طويلة ظن انها لن تنتهي ابدا؟.. ساعات جعلته يشعر بالملل والتعب والرغبة في الخلاص من هذا الانتظار.. لو جرب احدا منكم مثل هذا الشعور فعندها فقط سيعرف شعور عماد الذي ان يجلس في سيارته بانتظار هبوط ليلى.. وعلى الرغم من ان تأخرها لم يدم الا ربع ساعة الا ان الترقب واللهفة اللذان يسيطران على كيانه جعلته يشعر بأن الوقت طويل ولن ينتهي..
    ووجد نفسه يهبط من سيارته ويستند اليها بملل.. انه خطأه لأنه خرج من الشركة مبكرا.. ولكنه كان يخشى ان تغادر دون ان يراها.. دون ان يمنحها ذلك الخاتم الذي تمنى ان يزين اصابعها يوما.. والتمعت عيناه بغتة ببريق امل وهو يراها تخرج مغادرة الشركة.. وتابعتها عيناه بلهفة وشوق.. قبل ان يرى الحيرة قد ظهرت على ملامحها وهي تراه في وقفته هذه .. فاقتربت حيث يقف ومن ثم قالت: هل تنتظر احدا؟..
    قالت مبتسما وهو يعقد ساعديه امام صدره: بلى انتظرك انت..
    قالت مستفهمة: ولم؟..
    جذبها من كفها ومن ثم قال: لدي ما اريد ان اريك اياه..
    رأته يجذبها برفق الى حيث سيارته القابعة على القرب منهما ..وقال وهو يفتح باب سيارته بابتسامة واسعة: تفضلي بالدخول يا أميرتي..
    تطلعت اليه بخجل ومن ثم قالت ووجنتاها متوردتان: عماد الجميع ينظر لنا..
    غمز بعينه لها ومن ثم قال: وفيم يهموني؟..
    ارتبكت أكثر ومن ثم لم تلبث ان دلفت الى داخل سيارته واغلق هو خلفها الباب.. ليدور حول مقدمة السيارة.. ومن ثم يحتل مقعد القيادة وينطلق بالسيارة مبتعدا عن الشركة والمكان بأكمله.. والتفتت ليلى لتتطلع من خلال النافذة الى الشوارع والسيارات والمباني ..ومن ثم تمتمت بخفوت: ما الامر؟..لم اصطحبتني معك..
    قال مبتسما: أخبرتك انني اريد ان اريك شيئا ما..
    التفتت له وقالت وهي تزيح بعض من خصلات شعرها خلف اذنها: وما هو هذا لشيء؟..
    صمت ولم يجبها.. وكادت ان تكرر السؤال ولكنها اثرت الصمت.. وران الصمت على المكان لخمس دقائق اخرى قبل ان تتوقف السيارة بغتة على جانب الطريق.. مما جعل ليلى تعقد حاجبيها باستغراب ومن ثم تقول: لم توقفت هنا؟..
    قال وهو يهمس بحنان: لانني اريد ان اتحدث اليك لوحدنا قليلا..
    التفتت له وقالت بحيرة: وعن ماذا ستتحدث الي؟..
    قال وهو يلتفت لها ومن ثم يخرج من كفه علبة القطيفة ويفتحها امام ناظريها وهو يقول بخفوت: هذا..
    تطلعت الى الخاتم الذي انعكست عليه اشعة الشمس لتجعل ماساته تتلألأ بشكل رائع .. ورفعت عيناها عن الخاتم لتتطلع الى عماد وتقول بدهشة: خاتم زواج؟؟..
    قال وهو يومئ برأسه بابتسامة واسعة: اجل حتى يعلم الجميع انك خطيبتي ولا يحق لاحد التفكير بك بعد الان..
    تطلعت الى الخاتم من جديد ومن ثم قالت متسائلة: يبدوا غالي الثمن.. اليس كذلك؟..
    قال عماد وهو يهز رأسه: بم تفكرين يا ليلى؟.. حتى وان كان ثمنه ملايين من القطع النقدية فهو سيكون رخيصا في حقك..
    توردت وجنتاها ومن ثم قالت بارتباك: ولكن الخطبة يجب ان تكون رسمية وامام الجميع..
    امسك بكفها ومن ثم قال: دعينا نقيمها لوحدنا الان.. ثم نقيمها مرة أخرى لاحقا..
    - اتمزح؟؟..
    قال مبتسما: ابدا.. لست امزح.. ولكن اتمنى ان اكون انا وانت فقط معا عندما البسك هذا الخاتم.. الذي سيظل يزين اصبعك الى ابد الدهر..
    لم تستطع ان تتفوه بحرف.. الكلمات تعجز عن الخروج من حلقها.. وكأنها قد رفعت الراية البيضاء واعلنت الخضوع التام لما قال.. واتسعت ابتسامة عماد وهو يتطلع لها بحب ومن ثم يقول بهمس وهو يدخل الخاتم باصبع كفها اليمنى: سيذكرك بي دائما وانا بعيد عنك..
    قالت بخجل: انا لا انساك حتى اتذكرك..
    تطلع لها بحب وحنان شديدين.. ثم لم يلبث ان رفع كفها الرقيقة الى شفتيه ليقبل اناملها بحب.. ومن ثم قال: ستكونين حبيبتي وزوجتي الى الابد يا ليلى .. فأنت حلم حياتي قبل كل شيء.. الذي حلمت به طويلا.. طويلا جدا...
    وظلا على حالهما هذا كلاهما يتطلع الى الاخر بحب وحنان شديدين.. وعيناهما تنطقان باسمى المعاني.. ومشاعرهما تبثها لمسة كفيهما..
    وعاد السؤال ليتردد بذهن ليلى على الرغم منها.. ترى هل ستدوم هذه السعادة التي احياها طويلا؟؟..
    وبات السؤال معلقا دون جواب.. فمن يعلم بما يحفيه لنا القدر.. من يعلم؟...

    تعليق

    • Merve
      عضو فضي
      • Jan 2013
      • 692

      رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

      الجزء الثالث والعشرين*
      (ما الذي يحدث؟!)

      (قرار قاسي هو ما اصدر بحقها)
      قالها طارق بغضب شديد وهو يتحرك في ارجاء القسم بخطوات عصبية ومن ثم اردف بحنق: انها لم تتوانى يوما عن العمل بكل جدية واخلاص ومع هذا يوقع مثل هذا القرار القاسي لها لمجرد بضعة مشاكل..
      قال احمد بهدوء: المشكلة لن تحل هكذا يا طارق.. لن تحل بغضبك هذا..او باستنكارك.. فقط اجلس لنحاول فهم وحل الموضوع بهدوء..
      قال طارق وهو يكور قبضته: انت تعلم ان رئيس التحرير ذاك شخص جبان.. لن يهتم بما يحدث بما انه في أمان.. حتى لو استدعى هذا طرد جميع الصحفيين من الجريدة..
      واردف باصرار: لكني لن اسمح له ان يصدر قرارا قاسيا كهذا في حق وعد مهما حصل..وسأفعل أي شيء.. سأجعله يتراجع عن قراره التافه هذا..
      قال احمد وهو يعقد حاجبيه: اتعني ما تقول؟..
      قال طارق وبريق اصرار وحزم يبرق في عينيه: اجل .. فقد وعدتها بأني لن اصمت وسأفعل أي شيء..
      واردف بصوت هامس ومتهدج: من اجلها .. من اجلها هي فقط..
      *********
      ما ان وصلت وعد الى غرفتها بالمنزل..حتى القت بنفسها على الفراش ومشاعر شتى تعصف بكيانها.. هل هو الاستنكار والغضب من قرار رئيس التحرير؟ .. ام هو الالم لفراقهم؟.. ام يا ترى هو الحزن الشديد لفراقه هو بالذات؟..ام انه مزيج من كل هؤلاء..
      احست بانقباض في قلبها وهي تتخيل انها لن تذهب الى الصحيفة غدا.. لن تراه الا بعد ثلاثة ايام كاملة.. هل تستطيع ان تحتمل ان لا تملأ عيناها بصورته لثلاثة ايام؟..هل تستطيع احتمال ان لا تروي اذنها بصوته الذي يحسسها بالدفء والامان؟..هل تستطيع يا ترى؟ .. هل تستطيع؟..
      تفكيرها هذا يصيبها بالصداع ويجعل غصة المرارة تعتصر قلبها بمرارة والم..لم ؟؟..اجيبوني لم؟..لم يوقع مثل هذا القرار بي وانا لم توانى يوما عن العمل بكل جدية واخلاص.. لم؟.. ولكن ماذا يهم ؟؟.. لقد دافعت عن مبدأها بكل حزم واصرار.. اجل لن تتوقف عن الكتابة وعن اظهار فساد المجتمع للناس جميعا.. والا فما فائدة وجود الصحف بالبلاد.. التصمت عن الخطأ.. وتكتفي بنشر الأحاديث الروتينية.. لا ان اهم ما يميز الصحافة انها تحاول معالجة المجتمع باظهار مشاكله المختلفة للناس..
      وضعت كفها على جبينها بتعب وهي تتخيل احر اللحظات التي جمعتها بطارق.. انها تحبه.. بل تعشقه.. انها المرة الاولى التي تشعر بهذا الشعور تجاه شخص ما.. ترى لماذا انشدت اليه؟.. لماذا تحركت مشاعرها اليه هو بالذات.. على الرغم من فظاظته معها في بادئ الامر.. ترى لشخصيته المميزة.. ام لغرابته.. ام لانها ...
      زفرت بعمق وهي تنهض من على الفراش.. ستتوقف عن التفكير به الان والا لن تشعر بالراحة ابدا..واتجهت لتتطلع من النافذة.. الى تلك الحديقة الساكنة والهادئة..و التي لا تلبث الانسام ان تداعب حشائشها الخضراء بين لحظة واخرى بهدوء..وظلت تحدق بشرود في اسراب الطيور التي اخذت ترفرف باصرار غريب في هذه السماء الصافية دون ان تهبط ولو للحظات على سطح الارض.. عندما سمعت صوت رنين هاتفها المحمول معلنا وصول رسالة قصيرة..
      توجهت الى حقيبتها.. لتلتقط الهاتف ومن ثم تقرأ فحوى الرسالة التي كانت تقول: (لو كنت غير مشغولة.. فتعالي وخذيني من الجامعة .. رأسي يكاد ينفجر من كثرة المحاضرات.. متى ينتهي هذا العذاب؟)..
      ابتسمت وعدابتسامة باهتة وهي تعيد قراءة الرسالة المرسلة من فرح.. ومن ثم لم تلبث ان اتصلت بتلك الاخيرة التي ما ان اجابت على الهاتف حتى قالت: لا تصدقي لقد كنت امزح..
      قالت وعد بسخرية: لا فائدة انا الان امام بوابة الجامعة..
      قالت فرح بسخرية مماثلة: لقد ارسلت الرسالة منذ لحظات فقط.. أي سيارة خارقة تملكين؟..
      - ليست السيارة يا عزيزتي بل سائقتها..
      قالت فرح مبتسمة: حقا؟..
      قالت وعد بغته وهي تزفر: اخبريني متى تنتهي محاضراتك؟..
      قالت فرح متسائلة: ولم؟..
      تنهدت وعد بمرارة ومن ثم قالت: اشعر بالملل الشديد واود ان اتحدث معك قليلا بعد ان تنتهي محاضراتك..
      عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: لم؟.. الست بالصحيفة الان؟..
      قالت وعد بسخرية مريرة: لقد منحني رئيس التحرير اجازة.. ولكن مفروضة..
      شهقت فرح ومن ثم قالت: اتعنين انه قد قام بطردك..
      - لا بل تم فصلي لثلاثة ايام..
      - ولم؟..
      - سأخبرك بكل شيء عندما اراك والان اخبريني متى تنتهي محاضراتك؟..
      صمت فرح برهة ومن ثم قالت ببعض التردد: بعد ساعتين .. بل اعني ثلاث ساعات..
      قالت وعد بهدوء: حسنا اذا اطلبي من من سيوصلك ان يصطحبك الى منزلنا..
      اسرعت فرح تقول: ولماذا لا تحضرين انت الى منزلنا؟..
      قالت وعد بابتسامة: لقد اقسمت على ان لا احضر.. فاخشى ان يتحول التمثيل الى حقيقة كما قال شقيقك.. واسقط من على السلم..
      قالت فرح بضجر: كفاك سخافة.. انت احضري الي.. فلدي بعض البحوث الهامة التي ارغب في انهائها..
      - فليكن اذا سأحضر بعد ثلاث ساعات ونصف.. هل هذا يناسبك؟..
      - اجل كثيرا..
      قالت وعد مبتسمة: اراك بخير اذا.. الى اللقاء..
      قالت فرح بابتسامة: الى اللقاء..
      وما ان انهت فرح الاتصال حتى قالت بخبث: نعم سنلتقي.. وسيكون لقاءا لا ينسى..
      ********
      انشغل هشام بالعمل على احدى رسومه الهندسية بمكتبه عندما اجبره على تركها صوت رنين هاتفه المستمر..فأجابه بصوت هادئ: اهلا فرح.. ماذا تريدين ؟..
      قالت فرح باستنكار: اهكذا يجيب الشقيق شقيقته على الهاتف .. ب"ماذا تريدين؟"..
      قال بملل: لو انك قد اتصلت للتسلية .. فحاولي في وقت لاحق.. انا منشغل الان بالعمل..
      قالت في سرعة: لا لم اتصل لاتسلى.. وحتى لو وددت ان افعل.. فلن اخسر رصيدي من اجل تسلية.. سأتصل من هاتف المنزل بكل بساطة..
      قال هشام باستخفاف: يا للذكاء.. من اين تجلبين مثل هذه البدائل .. ال.. السخيفة..
      ابتسمت فرح وقالت: ليست سخيفة ابدا.. ثم ليس هذا مهما الان.. بل امرا اخر..
      - وما هو؟..
      قالت فرح وهي تزفر بحدة: وعد اليوم قد فصلت من عملها لمدة ثلاثة ايام..
      عقد هشام حاجبيه باستنكار ومن ثم قال: ولم؟؟..
      قالت فرح وهي تزدرد لعابها: لست اعلم.. لقد اخبرتني انها ستعلمني بالامر عندما تحضر الى منزلنا بعد ثلاث ساعات ونصف..في الوقت الذي انهي فيه محاضراتي..
      قال هشام بحيرة: بعد ثلاث ساعات؟.. الم تخبريني انك ستنتهين من محاضرتك الاخيرة بعد ساعة..
      - بلى.. ولكني تعمدت قول هذا لها..
      - ولم؟.. ما السبب من كذبك هذا؟..
      قالت فرح مبتسمة: لا اسمي هذا كذبا.. اما عن السبب فسأخبرك اياه.. ولكن استمع الي بهدوء ولا تقاطعني ريثما انتهي مما اقوله..
      واخذت تتحدث اليه بهدوء وهي تحاول شرح كل ما تستطيع .. بينما اخذ هشام يستمع اليها بانصات شديد وهو يشعر بالاهتمام من كل كلمة تقولها...
      ***********
      قال أحمد بانفعال: ما هذا الذي فعلته يا طارق؟..
      قال طارق ببرود: وماذا فعلت؟..
      قال احمد وهو مستمر بانفعاله: بعد كل هذا الذي اخبرتني اياه وتقول انك لم تفعل شيئا.. لقد ذهبت بكل بساطة الى رئيس التحرير لتطلب منه ان يعيد وعد الى العمل والا ستستقيل من عملك على الفور..
      قال طارق وهو يهز كتفيه بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيه: وماذا في هذا؟..
      قال احمد باستنكار: لا تجد في هذا الامر شيئا حقا.. ستستقيل يا طارق.. ستستقيل من عملك.. ومن وظيفتك التي يحسدك عليها غيرك من اجل فتاة..
      تطلع اليه طارق بصرامة ومن ثم لم يلبث ان قال: هذه الوظيفة التي تتحدث عنها يمكنني ان احصل عليها في أي جريدة اخرى.. ثم لا اظن ان رئيس التحرير بهذا الغباء ليقبل استقالتي فور تقديمي لها.. دون ان يفكر بالامر او حتى يمنحني فرصة لاعادة النظر بهذه الاستقالة..
      قال احمد وهو يعقد حاجبيه: تعني ان ما قمت به كان بمحض التهديد لا اكثر.. وانك ستتراجع عن قرار استقالك لو رفض طلبك..
      قال طارق بحزم: بالطبع لا.. لن اتراجع عن قراري مطلقا لو انه رفض طلبي.. سأستقيل من عملي وابحث عن اخر في أي صحيفة اخرى.. واظن ان اسمي بات معروفا عند بعض الصحف التي ستقبل بي لو انني فكرت بالعمل معها..
      قال احمد بدهشة: تضيع سنوات عملك هنا يا طارق من اجل فتاة وحسب..
      قال طارق وهو يمط شفتيه: وعد ليست أي فتاة.. ثم انت.. انت بنفسك لو رأيت خطيبتك تتعرض لمثل هذا القرار لفعلت الشيء ذاته..
      قال احمد بخبث:تلك خطيبتي.. ثم انني كنت سأناقش رئيس التحرير بالامر واحاول حله ولن اتسرع بتقديم استقالتي.. ولكن انت بأي صفة تدافع عن وعد بكل هذه القوة..
      قل طارق وهو يعقد ذراعيه امام صدره: لنقل انها زميلة عزيزة لي بالعمل..
      قال احمد بخبث اكبر: حسنا وبعد..
      قال طارق ببرود: لا يوجد بعد.. توقف عن افكارك المريضة..
      قال احمد مبتسما: معك حق.. الحب اصبح مرضا هذه الايام..
      تطلع اليه طارق بحنق ومن ثم قال: لا فائدة ترجى منك.. سأكمل عملي افضل لي..
      قال احمد وهو يغمز بعينه: الا تريد أي مساعدة من اجل اعادة وعد الى الصحيفة..
      قال طارق بهدوء: لو كنت مستعدا لتقديم المساعدة.. فتفضل قل ما عندك..
      قال احمد بمكر: ما رأيك ان اقدم استقالتي انا الاخر؟..
      نطلع اليه طارق لبرهة ومن ثم قال ببرود: سخيف..
      ضحك أحمد بمرح ومن ثم قال: ما الذي يمنعك ان تعترف؟ ..نحن جميعا سنشعر بالسعادة من اجلك ومن اجل الانسة وعد..
      صمت طارق طويلا ولم يعلق.. ولكن ذهنه كان شاردا في تلك اللحظة.. كان يفكر بما قاله أحمد مرارا وتكرارا .. وقال متحدثا الى نفسه: ( ليس الان يا احمد.. ليس الان..لا يزال الوقت مبكرا لاعترف.. باني احب هذه المرحة العنيدة.. لان هناك حاجزا يقف حائلا بيننا.. حاجزا يسمى .. ((حبي القديم لمايا)).. فهل ستصدق لو اخبرتها بأني احبها.. احبها فعلا ولست اخدعها.. مايا كانت الماضي.. ووعد هي الحاضر والمستقبل..هل ستصدقني يا ترى لو اخبرتها.. هل ستصدق؟)

      تعليق

      • Merve
        عضو فضي
        • Jan 2013
        • 692

        رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

        ********
        تنهدت وعد بحرارة وهي توقف سيارتها امام باب منزل عمها .. لا يزال شعورها بالالم يسيطر على كيانها.. لا تستطيع ان تبعد ذهنها عن التفكير بطارق..انه قبل كل شيء الشخص الذي تحب..الذي احتل قلبها دون استئذان.. الذي طرق باب مشاعرها بشخصيته الغريبة..وببروده العجيب..
        وعادت لتتنهد من جديد وهي تهبط من سيارتها وتغلق بابها خلفها ومن ثم تتوجه الى المنزل لتضرب على زر جرس الباب عدة مرات.. ولكن الغريب بالامر ان احدا لم يجبها.. فعقدت حاجبيها.. واخرجت هاتفها المحمول لتتصل بفرح .. وما ان اجابتها تلك الاخيرة حتى قالت: فرح.. اين انتم؟.. لقد ضربت الجرس عدة مرات ولم يجبني احد..
        قالت فرح بهدوء: انا بالطابق الاعلى ولم استمع الى الجرس.. ولا يوجد احد بالمنزل سواي انا وامي.. وربما كانت امي نائمة الان.. او مشغولة بالمطبخ..
        قالت وعد بضجر: لا داعي لكل هذا الشرح.. فقط تعالي وافتحي لي الباب..
        قالت فرح بلامبالاة: ان الباب مفتوح.. يمكنك الدخول..
        قالت وعد باستغراب: ولم تتركون الباب مفتوحا؟.. ان أي شخص يستطيع التسلل الى المنزل في هذه الفترة وسرقة ما يريد..
        قالت فرح وهي تمط شفتيها: لا لشيء.. ولكن ابي قد غادر المنزل لتوه.. واتصل بي ليخبرنا انه قد نسي اقفال الباب وطلب مني ان افعل ذلك.. وكدت ان افعل لولا اتصالك بي.. لذا ادخلي الى الداخل واقفلي الباب خلفك..
        قالت وعد باستسلام: فليكن.. الى اللقاء..
        قالت فرح بابتسامة: الى اللقاء..
        وادخلت وعد هاتفها في حقيبتها لتمسك بمقبض الباب وتديره بهدوء.. ومن ثم تفتح الباب بهدوء وهي تدلف الى الداخل.. والتفتت لتقفله .. قبل ان تسير الى حيث الدرج لتصعده حيث غرفة فرح و....
        توقفت في مكانها فجأة.. وهي تشعر بحركة ما بالردهة.. فعقدت حاجبيها ومن ثم قالت وهي تزدرد لعابها: من هناك؟..
        جاوبها الصمت التام.. والسكون الذي غلف ارجاء المكان .. وتطلعت الى ماحولها لبرهة ثم لم تلبث ان هزت كتفيها وقالت وهي تواصل سيرها: لابد وانني كنت اتخيل لا اكثر..
        وما ان خطت خطوة اخرى حتى انقطع التيار الكهربي فجأة.. فشهقت قائلة بخوف: ما الذي يحدث هنا؟..
        وتطلعت الى الظلام من حولها الذي بات هو اللون الوحيد الذي يغلف كل شيء بالمنزل..وازدردت لعابها من جديد لعلها تستعيد رباطة جأشها.. واردفت وهي تهتف بصوت سيطر عليه الارتباك والخوف بالرغم منها: فرح.. اين انت يا فرح؟ .. خالتي.. اين انتم جميعا؟..
        واشتعلت الاضواء فجأة ومع ذلك الهتاف القوي الذي هتف الجميع به في ان واحد: عيد ميلاد سعيد يا وعد!!!..
        التفتت وعد بسرعة وحدة الى مصدر الصوت ومن ثم قالت والذهول لا يكاد يفارق ملامحها وهي غير قادرة على استيعاب ما يحدث: ما الذي يحدث؟!.. ماذا تعنون؟!..
        قال والد وعد بابتسامة وهو يشير الى فرح: انها فكرة فرح.. ان نقيم لك عيد ميلاد لا ينسى.. واقترحت علينا مثل هذه الفكرة..
        قالت وعد وهي تزفر بحدة وقوة:لقد كاد قلبي ان يتوقف بفعلتكم هذه .. ثم اين كنتم تختفون؟..
        قال والدها وهو يشير الى غرفة ما: بغرفة المعيشية..
        واردف بحنان ابوي: عيد ميلاد سعيد يا ابنتي الصغيرة..
        قالت وعد مبتسمة وهي لا تزال تشعر بالاضطراب من المفاجأة: لم اعد صغيرة يا والدي..
        - ستظلين كذلك الى الابد في نظر والداك..
        قالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها وتتطلع الى وعد بمرح: توقعت ان تكون اصعب مرحلة بالموضوع هي اقناع وعد بالدخول من الباب المفتوح..
        قالت وعد بغضب مصطنع: اصمتي انت.. انها فكرتك باخافتي هكذا في يوم مميز كيوم ميلادي..
        قالت فرح وهي تغمز بعينيها: اردته عيد ميلاد لا ينسى..
        قال عماد الذي تواجد بالحفل بدوره بناء على رغبة فرح والبقية: لم تقفين هناك يا وعد؟.. اقتربي..
        قالت وعد بارتباك وتوتر: اتريدون الحقيقة.. لا استطيع التقدم فقدماي لم تعودا تطيعاني من اثر المفاجأة..
        تقدم منها هشام بغتة .. وقال بصوت هادئ: اخبرتهم بان طفلة مثلك لا تتحمل مثل هذه المفاجات..ولكنهم أصروا على أن يفاجئوك بهذه الطريقة..
        قالت وعد باستنكار: انا طفلة يا هشام؟..
        اقترب منها اكثر وقال بصوت هامس لا يكاد يسمعه سواهما: واجمل طفلة كذلك..
        توترت اطراف وعد وهي تتطلع اليه.. في حين جذبها هو من كفها وقال مبتسما: لا تصدقي كل ما يقال لك.. والان تعالي إلى حيث الكعكة لتطفأي الشموع..
        سارت معه الى حيث تلك الطاولة الكبيرة التي ضمت عدد من الاطباق الرئيسية والحلويات.. بالاضافة الى المشروبات.. واخيرا كعكة بالشوكلاتة وقد زينت بقطع من الحلوى والبسكويت.. كتب على سطحها بالكريمة عبارة "عيد ميلاد سعيد يا وعد.. وكل عام وانت بخير".. هذا بالاضافة الى شمعة قد اشارت الى عمرها الذي قد اصبح منذ اليوم 24 ربيعا.. ومر شريط بسيط من ذكرياتها الماضية وهي ترى نفسها اليوم وهي تنهي سنوات عمرها الرابعة والعشرين.. وتمتمت بخفوت: هل يمضي العمر سريعا هكذا؟..
        قالت لها والدتها بابتسامة: هذه هي سنة الحياة.. طفل يولد اليوم ليكبر غدا.. وليصبح شابا ومن ثم كهلا.. ويأتي من بعده طفلا اخر.. هذه هي الحياة يا بنيتي.. دائرة لا تنتهي الى يوم الدين..
        وقال والدها وهو يقترب منها ويحيطها بذراعه بحنان: اتصدقين.. اني اشعر اني قد رزقت بك بالامس فقط.. اتذكر يوم ولادتك.. كم كنت اشعر بالسعادة وانا احملك بذراعي .. فقد كنت اتمنى ان يكون الطفل الذي انتظرته انا ووالدتك هو فتاة.. فتاة جميلة مثلك يا وعد..
        همست وعد وقالت بحب وهي تطلع الى والدها: كم احبك يا والدي..
        قا طع هذه اللحظة صوت العم وهو يقول بابتسامة: هيا يا وعد.. اطفأي الشموع.. ودعينا نفرح بك..
        اومأت برأسها وابتسامة واسعة ترتسم على ثغرها.. فاقتربت منها فرح وقالت وهي تشعل الشمعة بعود الثقاب: فاليطفأ احدكم المصابيح..
        وما ان انطفأت المصابيح واشعلت فرح الشمعة..حتى اخذ الجميع يرددون على مسامعها ( عيد ميلاد سعيد يا وعد).. وكادت ان تطفأ الشمعة حين اسرعت فرح تقول: توقفي تمني امنية ثم اطفأيها..
        التفت لها هشام بضيق ومن ثم قال: ما هذه الاعتقادات السخيفة؟..
        قالت فرح مبتسمة: ليست اعتقادات.. مجرد امل في ان تتحقق امنياتنا ذات يوم..
        والتفتت الى وعد التي قالت: حسنا سأتمنى امنية..
        قالت فرح وهي تشير لها بسبابتها: في سرك..
        ضحكت وعد وقالت: بالتأكيد سأقولها في سري..
        وصمتت للحظات وهي تتمنى امنية ما.. ثم لم تلبث ان اطفأت الشمعة.. معلنة عن بداية عامها الجديد.. العام الذي قديخفي لها الكثير.. الكثير جدا..
        **********
        تطلعت ليلى الى الخاتم الذي يزين اصبعها طويلا.. وذهنها شارد تماما.. فلقد ذهب معه حيث غادر.. مع عماد.. هل تستطيع ان تحبه أكثر من ذلك؟.. ان حبها له لا يلبث ان يتضاعف كل لحظة.. باعجابها بشخصه.. برجولته.. بقوة شخصيته .. وابتسامته الرائعة التي لا تلبث ان تشعرها بالسعادة.. وعيناه العميقتان اللتان تشعرها بحبه لها.. وبحنان العالم كله..
        ترى هل تحبني بقدر ما احبك يا عماد؟..هل تفكر بي الان كما افكر بك.. هل احرمك لذة النوم؟.. كما تفعل بي انت دوما.. هل صورتي تظل عالقة بذهنك بعد اخر لقاء لنا ولا تفارقك طوال اليوم؟..
        ولم تلبث ان اغمضت عيناها وهي تحلم به.. وتتخيل ما يفعله في هذه اللحظة.. وداعبت ذلك الخاتم الذي يحتل اصبعها ومن ثم همست لنفسها: ( هل الاحلام تتحقق بهذه السرعة؟.. هل القدر يمنحنا السعادة بهذه البساطة؟.. ترى لماذا اشعر بأن لا شيء يأتي بسهولة ابدا؟..وان سعادتي هذه لن تلبث ان تختفي..)
        وعادت لتردد لنفسها قائلة بضيق: ( أي هراء اتفوه به.. اني احيا الان في لحظات سعيدة .. فلم لا استمتع بها بدلا من تنغيصها بهذه الطريقة.. اجل.. سأبعد هذا الشعور بالضيق عن ذهني..وسأفكر بعماد فقط وحياتنا القادمة..)
        *********
        احاديث كثيرة اخذت تدور في ذلك الحفل البسيط الذي شمل كل افراد هذه العائلة تقريبا..قبل ان يقطعه عماد وهو يقول متطلعا الى ساعة الحائط: معذرة يا وعد.. ولكن علي ان اغادر الان..
        قالت عد بضيق: العمل لن يحلق في الهواء يا عماد..
        قال عماد مبتسما: ليس العمل هذه المرة..
        قالت وعد متسائلة: اذا؟..
        اقترب منها ليسلمها هديتها ومن ثم قال بصوت خفيض: بل هي فتاة.. استطاعت ان تجعلني اقع اسير حبها..
        قالت وعد مبتسمة: احقا ما تقول؟..
        قال بابتسامة واسعة: اجل .. وسأذهب اليوم مع والداي لخطبتها رسميا من اهلها..
        قالت وعد بسعادة: مبارك يا عماد.. انت تستحق الافضل دائما.. لكنك لم تخبرني.. هي.. هل تحبك؟..
        قال وهي يومئ برأسه: بالتأكيد.. لو لم اكن واثق من حبها لي لما اتخذت خطوة كهذه..
        واردف وهو يلوح بيده للجميع: والان استودعكم جميعا.. الى اللقاء..
        لم يكن حديثهم الهامس قد استمع اليه احد ما تقريبا..لذا لم يعلم بأمر هذه الفتاة التي تحدث عنها سوى وعد..وشعرت بغتة بكف توضع على كتفها..فالتفتت الى صاحبها الذي قال: هل تفكرين بذاك الذي غادر الان؟..
        قالت وعد بابتسامة: تقريبا.. ثم ما شأنك انت يا هشام؟..
        تطلع لها لبرهة قبل ان يقول وهو يضغط على حروف كلماته: صحيح لا شأن لي الان.. ولكن سيكون لي شأن بهذا في المستقبل القريب..
        فهمت ما يعنيه.. ولكنها قالت محاولة التهرب من الموضوع: اخبرني ماذا جلبت لي؟..
        قال هشام بسخرية: لم اكن اعلم انك مادية الى هذه الدرجة؟..
        - ها انتذا قد علمت.. والان اخبرني ماذا جلبت لي؟..
        سلمها تلك العلبة المتوسطة الحجم و المغلفة بورق تغليف هادئ الالوان ومن ثم قال: شيء قد كنت تودين الحصول عليه ذات يوم..
        عقدت حاجبيها في تفكير وهي محاولة تذكر ذلك الشيء.. في حين عاد هشام بذاكرنه الى الوراء للحظات وهو يتذكر ذلك الحوار الذي دار بينهما قبل بضع شهور..

        (ستعملين بالصحافة.. لا اظن ان أي صحيفة ستقبل بك ابدا)
        قالها هشام بسخرية واستهزاء وهو يتطلع الى وعد التي كانت تجاس على احد المقاعد بحديقة المنزل.. في حين قالت هي: اجل سأعمل في الصحافة.. وسأكون صحفية ممتازة ايضا.. وسأغيظك يومها.. تذكر هذا..ومن يدري ربما اكتب عنك موضوع بالجريدة.. واصور احد المواقع التي تصمم لها رسومها الهندسية .. ولكن اذا ترجيتني فقط سأفعل..
        ضحك بسخرية ومن ثم قال: اترجاك.. هذا ما كان ينقصني.. ثم كيف ستقومين بتصوير تلك المواقع؟ ..بكاميرتك البائسة تلك..لا اظن انها ستفيدك ابدا..
        نهضت من على مقعدها وقالت بتحدي: عندما احصل على اول راتب لي.. سأشتري لي افضل انواع الكاميرات .. وستكون رقمية ايضا ..
        قال هشام بسخرية: سوف انتظر هذا اليوم حتى ارى كاميرتك المزعومة تلك....

        وتوقف شريط ذكرياته.. وهو يبتسم لنفسه بسخرية.. في النهاية هو من اشتراها لها.. هو من حقق لها رغبتها باحضار تلك الكاميرا لها.. لقد سخر من ان تحصل على مثل هذه الكاميرا الرقمية.. لكن لسخرية القدر.. هو بنفسه من جعلها تحصل عليها..
        وتطلع الى وعد التي انشغلت بالحديث والضحك المرح مع فرح.. وهما يتابدلان الأحاديث المتفرقة..وهمس لنفسه قائلا باصرار: (ستكونين لي انا يا وعد.. انا فقط.. لن اسمح بأي شخص اخر بأن يأخذك مني..انت لي.. وانا لك ..ستكونين لي يا وعد قريبا.. قريبا جدا..)..
        وكور قبضته بقوة وهو يردف لنفسه بصرامة: ( اقسم على هذا)...
        *********
        احلام كثيرا باتت تحلق في سماء رواية"حلم حياتي"..
        حلم وعد بالزواج من الشخص الذي تحب..
        حلم طارق بأن تصدقه وعد وتعرف بحبه لها..وان تبادله مشاعره هذه..
        حلم هشام بالزواج من وعد..
        حلم ليلى وعماد بالزواج والحياة في سعادة وهدوء في عالم من الاحلام الوردية..
        ولكن ماذا عن القدر..
        هل يحقق احلامهما البسيطة هذه..
        ام ستتحطم على احلامهم هذه على صخرة الواقع..

        تعليق

        • Merve
          عضو فضي
          • Jan 2013
          • 692

          رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

          * الجزء الرابع والعشرون*
          (هل ستعود؟)



          تسللت اشعة الشمس الدافئة..لتضيء ارجاء تلك الغرفة الصغيرة .. عندما فتحت صاحبتها تلك الستارة التي كانت تحول دون دخول ضوء الشمس الى الغرفة..وتطلعت الى الخارج لبرهة قبل ان تقول وهي تداعب زجاج النافذة باصابعها: ترى ما الذي يحدث بالصحيفة الان؟..
          اطالت النظر بشرود من خلال النافذة الى حديقة المنزل قبل ان تردف: وما الذي يفعله طارق الان؟..
          ولم تلبث ان تنهدت وهي تلتفت عن النافذة وتقول: لم اشأ التغيب عن الصحيفة يوما..ولكن ما حدث جعلني اترك الصحيفة على الرغم مني..
          وعادت لتتنهد وهي تتوجه نحو ذلك الكيس الذي وضع بداخله علبة مستطيلة الشكل مغلفة..كانت هدية عماد لها.. وقالت وهي تخرج العلبة من الكيس: حتى الهدايا لم افكر بفتحها الى الان..
          وازاحت ورقت التغليف عن العلبة.. قبل ان تفتح غطاء العلبة ومن ثم قالت بانبهار وهي تتطلع الى الفستان الذي بداخله: يا للروعة.. لن يلبث عماد ان يدهشني بذوقه الرائع.. وهداياه المرتفعة الثمن..
          اخرجت الفستان من علبته وقد كان ارجواني اللون .. قصير يصل الى ما اسفل الركبة.. وتتنتشر به الورود الصغيرة..أما كماه فقد كانا ذا لون ارجواني شفاف..وابتسمت وعد ابتسامة واسعة وهي تضعه امام جسدها وتقف امام المراة.. لتهتف قائلة: انه غاية في الروعة.. يا ترى كيف سيبدوا لو اني ارتديته.. هل سيناسبني؟..
          ظلت تتطلع الى نفسها بالمراة لفترة.. وهي تتخيل نفسها ترتدي هذا الفستان.. قبل ان ينتشلها من تأملاتها صوت طرقات على الباب.. فالتفتت اليه.. وهي تقول: من ؟..
          جاءها صوت والدتها وهي تقول بدهشة وهي تفتح الباب: هل استيقظت مبكرا هذا اليوم ايضا على الرغم من انه ليس لديك أي عمل؟..
          هزت وعد كتفيها بلامبالاة وقالت: لقد اعتدت الاستيقاظ في وقت كهذا طوال فترة عملي بالصحيفة..
          قالت والدتها بهدوء: حسنا اذا اتبعينا الى طاولة الطعام.. لتتناولي طعام الافطار معنا..
          قالت وعد تستوقفها: لحظة واحدة يا امي..
          التفتت لها والدتها وقالت بغرابة: ماذا هناك؟..
          قالت وعد وهي ترفع الفستان قليلا ومن ثم تقول بابتسامة: ما رأيك به؟.. هل تظنين انه سيناسبني؟..
          ابتسمت والدتها وقالت وهي تتطلع الى الفستان: انه جميل جدا.. من اين لك به؟..
          - انها هدية عماد لي..
          هزت والدتها رأسها ومن ثم قالت: يؤسفني انك قد اضعت هذا الشاب من بين يديك..
          مطت وعد شفتيها ومن ثم قالت: هل ستعودين مرة اخر الى هذا الكلام يا امي؟.. ثم انه سيخطب فتاة قريبا..
          عقدت والدتها حاجبيها وقالت: ومن تلك الفتاة؟..
          - لا اعلم..
          تطلعت اليها والدتها للحظة قبل ان تتنهد بأسف ومن ثم تقول: الان ستذهب املاك اخي كلها لفتاة غريبة..
          زفرت وعد ومن ثم قالت برجاء: ارجوك امي.. كفي عن هذا الكلام.. لقد انتهى الامر.. ولم يعد هناك أي داع لاعادته..
          صمتت والدتها ومن ثم قالت وهي تخرج خارج الغرفة: لا بأس.. لن اعيده.. ولا تنسي اتبعينا لطعام الافطار..
          اومأت وعد برأسها.. وتوجهت الى خزانتها الخاصة لتستبدل ملابسها.. ولكنها توقفت بغتة بعد ان لمحت هدية هشام التي لم تفتحها.. وعادت ادراجها لتلتقطها ومن ثم تزيل الغلاف عن تلك العلبة..وما لبثت ان اتسعت عيناها.. وهي تتطلع لما بين يديها.. وابتسمت ابتسامة واسعة وهي تقول: لم اكن اتوقع ابدا ان تكون هذه هي هديتك لي..
          واردفت كأنها تخاطب هشام: اشكرك كثيرا يا هشام.. لو تعلم كم كنت احتاج لمثل هذه الكاميرا..
          وظلت تتطلع الى الكاميرا لفترة بعد ان اخرجتها وهي تتحسسها برفق وحذر.. وقطع اندامجها هذا..صوت رنين هاتفها المحمول.. فعقدت حاجبيها وهي تقول بغرابة: الساعة لم تتجاوز الثامنة والنصف صباحا.. من ذا الذي يتصل بي في وقت كهذا؟..
          وادارت افكار عدة برأسها وهي تحاول معرفة كنه المتصل.. قبل ان تهز كتفيها باستسلام.. وكأنها تعلن هزيمتها من معرفة ذاك المجهول الذي يتصل.. فنهضت من مكانها لتلتقط حقيبة يدها..وتخرج هاتفها المحمول.. واحست بحيرتها تتضاعف وهي ترى رقما مجهولا يضيء على شاشة هاتفها..لكنها لم تلبث ان اجابت وهي تقول بتردد: الو.. من المتحدث؟..
          - الانسة وعد؟..
          ازداد انعقاد حاجبيها وهي تقول: انا هي.. من المتكلم؟..
          - انا طارق يا وعد.. الم تتعرفي على صوتي؟؟..
          واتسعت عينا وعد بدهشة كبيرة ..وهي غير قادرة على اجابته بأي شيء على الاطلاق..
          **********
          توقف عماد بسيارته بجوار ذلك المنزل المتوسط الحجم.. والذي يحتل احد المناطق بذلك الحي الهادئ.. ولم يلبث ان ضغط على بوق السيارة.. وهو يداعب المقود باصابعه بترقب وانتظار ..و ان انفتح باب المنزل بغته.. فاستدار له وهو يتطلع الى تلك الفتاة التي خرجت من المنزل لتوها واقتربت من السيارة لتقول بصوت خافت بعض الشيء وهي تميل باتجاه النافذة: هل تأخرت؟..
          ابتسم عماد وقال: ابدا.. ادخلي الى السيارة..
          قالت وهي تفتح باب السيارة وتجلس بالمقعد المجاور: سأحاول الاسراع في المرة القادمة.. ولكنك لم تخبرني بمجيئك لاصطحابي الا قبل نصف ساعة.. لهذا لم استطع الاستعداد في سرعة..
          قال عماد مداعبا: وما تحتاجينه انت من وقت للاستعداد يقدر بثلاث او اربع ساعات.. اليس كذلك؟..
          ابتسمت ليلى ومن ثم قالت: لن تفهمونا ابدا..
          هز عماد كتفيه ومن ثم قال: لا داعي لذلك مطلقا..فالبعض يقول: (لا احد يستطيع ان يفهم المرأة.. سوى المرأة نفسها)..
          قالت مبتسمة بمرح وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: معهم حق في ذلك..
          انطلق بسيارته ومن ثم قال: لم تخبريني كيف هي أحوالك ؟..
          قالت بهدوء: لم يتغير بي شيء منذ الامس..
          اختلس نظرة اليها ومن ثم قال: وماذا عن الخاتم الذي تركته امانة لديك؟..
          توردت وجنتاها وهي تقول: لا يكاد يفارقني ابدا..
          قال بابتسامة واسعة: اجل اريدك ان تعامليه هكذا دوما..
          واردف بصوت هامس: وانا ايضا..
          تطلعت اليه بخجل شديد ومن ثم قالت: انت لا تفارق عقلي او قلبي ولو للحظة..
          ابتسم بحنان ومن ثم قال: ما رأيك ان لا نذهب الى العمل اليوم ونختار مكانا اخر لنقضي به وقتنا؟..
          قالت بمرح مفاجئ: ما هذا يبدوا انك ستتكاسل بعملك منذ الان.. هيا كفاك دلالا.. وانطلق الى الشركة..
          ابتسم عماد وقال: كما تأمرين سيدتي..
          ضحكت ليلى بمرح.. وشاركها عماد الضحك.. وهما ينطلقان بالسيارة الى المصنع..

          تعليق

          • Merve
            عضو فضي
            • Jan 2013
            • 692

            رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

            *********
            ظلت وعد صامتة غير مصدقة لما سمعته باذنها منذ لحظات ..فاخر شخص توقعت ان يتصل بها .. هو الان يحادثها.. ثم من اين جلب رقم الهاتف؟.. في حين كان طارق يشعر بغرابة صمتها على الطرف الاخر فقال: وعد.. الا زلت على الخط؟..
            قالت وعد وهي تحاول السيطرة على دهشتها وتوترها: اجل..
            واردفت وهي تعقد حاجبيها: ولكن من اين حصلت على رقم هاتفي؟..
            قال طارق بابتسامة باهتة: ليست بمشكلة على من يعرف اسمك بالكامل..
            واستطرد بهدوء: ربما تتساءلين الان عن سبب اتصالي بك.. اليس كذلك؟..
            اجابته وهي تزدرد لعابها: بلى..
            اكمل قائلا: لقد اتصلت بك لأخبرك بشيء ما..
            تساءلت بفضول: وما هو؟..
            ابتسم طارق ومن ثم قال: يمكنك العودة الى الصحيفة منذ اليوم ان اردت..
            صاحت بانفعال: ماذا تقول؟..
            ثم انتبهت الى انفعالها فاخفضت صوتها ومن ثم قالت: اعني.. اأنت متأكد مما قلته؟..
            قال طارق وابتسامته تتسع: تمام التأكيد والا لما كنت لاتصل بك.. فقد فضلت ان اخبرك انا بنفسي عن هذا الخبر لاني اعلم بانك ستفرحين كثيرا اذا علمت بأمر عودتك الى الصحيفة..
            قالت متسائلة: ولكن.. لم تم اعادتي الى الصحيفة من جديد وانت تعلم ان رئيس التحرير لن يتراجع عن امر الفصل المؤقت الا اذا تراجعت انا عن موضوعي..
            قال طارق بابتسامة ساخرة بعض الشيء: يبدوا وانه قد اقتنع اخيرا بصدق موضوعك..
            واردف قائلا بلهفة: هه..متى ستحضرين الى الصحيفة؟..
            قالت في سرعة: بعد ساعة على الاكثر ستجدوني بينكم..
            ابتسم طارق وقال: انتبهي في طريقك للسيارات فلا تدعي سعادتك للقدوم الى الصحيفة..تجعلك تحطمين سيارات الاخرين..
            قالت وهي ترفع حاجبيها بغرابة: ماذا قلت؟..
            ضحك قائلا: لا شيء ابدا.. الى اللقاء واراك بخير..
            اغلقت وعد الهاتف ومن ثم لم تلبث ان هتفت في سعادة: سأعود الى الصحيفة من جديد.. واخيرا سأعود.. يالسعادتي..
            واردفت بصوت هامس: ها انذا سأعود اليك يا طارق من جديد..انتظرني..
            ********
            حاولت وعد بقدر الامكان ان تخطوا خطوات بطيئة وحذرة بحيث لا ينتبه احد الى وصولها الى القسم.. وما ان وصلت عند الباب حتى دارت بعينيها للمكان الذي لم يكن يضم بداخله سوى احمد وطارق.. ربما كانت نادية في مهمة ما..ومن ثم طرقت الباب بخفوت وهي تقول محاولة تغيير صوتها: الاستاذ احمد والاستاذ طارق.. المدير يطلبكما.. ويبدوا انه ينوي طردكما..
            رفع طارق رأسه عن الاوراق التي بين يديه بحدة وهو يتطلع بدهشة الى الواقفة بجانب الباب.. في حين ابتسم احمد ابتسامة واسعة ومن ثم قال : اخبري المدير اننا لسنا مستعدون للطرد هذا الاسبوع .. فلدينا مسئوليات كبيرة على عاتقنا..
            ضحكت وعد بمرح ومن ثم قالت: يبدوا وانه يريد ان يكتفي بصحفي واحد بالصحيفة فحسب..
            غمز احمد بعينه ومن ثم قال: وهذا الصحفي سيكون المدير نفسه بكل تأكيد..
            ابتسمت بمرح.. ودارت عيناها لا اراديا الى حيث يجلس طارق .. تريد ان تراه.. تشبع عيناها برؤيته.. برؤية دفء
            عينيه وبرودها بالوقت ذاته..في حين لم تكن عينا طارق قد فارقتها مطلقا.. فقد اخذت تتابع كل حركة من حركاتها وكل لمحة من ملامح وجهها.. وابتسم لها بحنان .. ووجدت نفسها ترتبك من بسمته الحنونة هذه.. ومن ثم اتجهت الى حيث مكتبها وقالت وهي ترمي نفسها عليه: لا يشعر الشخص بقيمة الشيء الا اذا فقده.. حتى لو كان هذا الشيء هو مكتب ومقعد لا اكثر..
            قال احمد وهو يهز كتفيه: لقد رفض المدير اعادتك الى الصحيفة مرة اخرى وكل هذا بسبب قرار رئيس التحرير بشأنك.. وانك تحديت الاوامر.. ولولا ما فعله طارق لما سمح ل...
            قاطعه طارق قائلا: احمد.. لا داعي لان تقول مثل هذا..لقد انتهى الامر ..
            التفتت وعد الى طارق وتطلعت اليه باهتمام.. قبل ان تلتفت الى احمد وتقول: ما الذي فعله الاستاذ طارق لأجل يعيدني الى هنا؟؟..
            قال احمد بهدوء: لقد قدم استقالته.. وخيرهم بين امرين اما اعادتك الى هنا.. او ان يستقيل من العمل نهائيا..
            رفعت وعد حاجبيها بدهشة كبيرة ومن ثم قالت: لم يكن هناك اي داعي لفعل ذلك.. كانت ثلاثة ايام لا اكثر.. وبعدها كنت سأعود الى الصحيفة..
            هز احمد كتفيه ومن ثم قال: انا ايضا ارى ذلك.. ولكنه اصر على تقديم الاستقالة لان ما حدث معك كان ظلما كما قال.. وانه لا يريد ان تتعرضي لمثل هذه القرارات القاسية التي يتعرض لها هو كثيرا و...
            قاطعه طارق بحدة: يكفي يا احمد..
            تطلع له احمد بصمت ومن ثم قال: فليكن سأصمت وافعل ما تشاء..
            التفتت وعد الى طارق ومن ثم قالت بحيرة: لماذا فعلت ذلك؟.. لماذا قدمت استقالتك؟.. ماذا لو تم قبولها؟.. ستغادرالصحيفة.. ولن نراك مجددا بيننا هنا..
            قالت وعد جملتها الاخيرة والحروف تختنق بحلقها..ولم تستطع ان تواصل.. فاشاحت بوجهها وهي تحاول التماسك قليلا..وشعر طارق بالعطف تجاهها فقال وهو يهمس باسمها بحنان: وعد..
            ظلت مشيحة بوجهها ولم تجبه.. فقال مبتسما: انظري الي فقط..
            كادت ان تلتفت اليه.. كادت ان تفعل.. لولا ان سمعت صوت احدهم يقول وهو يقف عند باب القسم: هل حضرت الانسة وعد؟..
            التفتت له وعد وانشد انتباهها لما سيقوله..في حين اردف هو قبل ان يجيبه احد: اذا لم تحضر.. اخبروها بأن رئيس التحرير يطلبها على وجه السرعة والاهمية..
            قال طارق بعصبية : وماذا يريد منها؟..
            هز الرجل كتفيه ومن ثم قال: لست اعلم.. يمكنك سؤاله بنفسك يا استاذ..
            قالها وابتعد مغادرا.. فقالت وعد بغرابة: فيم يريدني ايضا؟..
            قال احمد وهو يفكر: ربما لانه اعادك الى العمل .. فيود تحذيرك من اعادة نشر مثل تلك المواضيع..
            قالت وعد وهي تعقد حاجبيها: ان كان الامر يتعلق بهذا
            فعلا.. فليحلم.. لن اتراجع عن مبدأي ابدا..
            ولم تلبث ان نهضت من خلف مكتبها لتخرج من القسم ومن ثم تسير بين الممرات الى ان وصلت الى مكتب رئيس التحرير..حتى طرقت باب المكتب ومن ثم دلفت الى الداخل هاتفة: هل طلبتني يا استاذ نادر؟..
            قال في سرعة: بلى.. استمعي الي هناك حريق باحد المباني.. اريد منك تغطية الحدث على وجه السرعة..
            قالت متسائلة: حسنا ومن سيكون معي؟..
            عقد حاجبيه ومن ثم قال: لن يكون معك أحد.. ستكونين لوحدك..
            قالت وهي ترفع حاجبيها بحيرة: وحدي؟..
            قال بحزم: اجل وحدك.. واثبتي جدارتك في هذه المهمة واذا نجحت ستكونين صحفية فعلية بالصحيفة..
            قالت بشك: هل تعني ما تقوله يا استاذ نادر؟..
            قال بجدية: اجل.. فنحن في مكان عمل وليس هناك وقت للمزاح..
            صمتت للحظة ومن ثم قالت: حسنا اذا انا اوافق.. امنحني العنوان فورا..
            خط لها العنوان فوق ورقة صغيرة بعض الشيء ومن ثم قال برنة استخفاف: دعينا نرى جدارتك ايتها الصحفية..
            قالت بتحدي: ستراها يا استاذ نادر بنفسك.. وستعلم اني اهلا لاكون صحفية..
            قالتها ومن ثم اخذت العنوان وغادرت مكتبه..وكلها عزم واصرار على النجاح في هذه المهمة...
            **********
            اصدر هاتف ليلى رنينا متواصلا ليمنعها من مواصلة عملها.. ويجعلها ترفع رأسها عن الملفات التي بين يديها ومن ثم تلتقط هاتفها المحمول.. وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تقول مجيبة بصوت منخفض بعض الشيء: هذا انت يا عماد ..اخبرني لم تتصل بي الان؟..
            قال عماد وهو يبتسم: اشتقت اليك..
            اتسعت ابتسامتها وهي تقول: وانا كذلك.. ولكن حقا .. لم تتصل بي الان؟..
            قال وهو يستند الى مقعد مكتبه : اخبرتك انني قد اشتقت اليك والى سماع صوتك.. لم لا تصدقين؟.
            - هذا فقط ما دفعك للاتصال بي؟..
            قال بحنان: وهل يوجد سبب اهم من سماع صوت ليلى الحبيبة؟..
            توردت وجنتاها بحمرة الخجل ومن ثم قالت وهي تتطلع لمن معها في المكتب: استمع الي يا عماد.. انا اعمل مع عدد من الموظفين والموضفات واخشى ان...
            صمتت ولم تكمل فقال عماد بهدوء: لقد فهمت ما تودين قوله..انت تعنين انهم سيتحدثون عن سبب ارتباطي بك وسيظنون الامر فيه مصلحة ليس الا.. اليس كذلك؟..
            ارتبكت وقالت: انت تعلم نظرة الناس الى ارتباط شخصين من طبقتين مختلقتين..وخصوصا ونحن نعمل في مكان عمل واحد.. سيظنون انني قد قمت باستغلالك او شيء من هذا القبيل..
            قال عماد وهو يعقد حاجبيه: حسنا اذا سأنهي الاتصال بك الان كما تريدين.. ولكني لست مثلك.. فلا اخشى من كلام الناس الذي لا ينتهي مهما حدث..
            قالت ليلى بارتباك اشد: عماد انا اسفة.. ولكنك رجل وسيم وذا مركز والف فتاة تتمناك.. ولكن انا ...
            قاطعها قائلا بابتسامة: ولكنك اجمل فتاة رأيتها في حياتي .. تمتلك اروع شخصية تعاملت معها.. يكفي انك استطعت ان تأسري قلبي..
            شعرت بضربات قلبها تتسارع من كلماته وبانفاسها تضطرب.. وازدردت لعابها عدة مرات محاولة السيطرة على ارتباكها ومشاعرها.. لكنها لم تلبث ان قالت: معك حق.. فيم سيهمني حديث الناس؟..
            قال عماد بابتسامة عريضة: اجل هكذا اريدك..
            واردف قائلا: والان اتركك فلدي بعض الاعمال التي يتوجب علي انهائها.. اراك بخير..
            قالت مبتسمة : الى اللقاء..
            قال في سرعة: ليلى..
            قالت باهتمام: اجل ما الامر؟..
            قال بحنان وحب: احبك..
            تضرج وجهها بحمرة الخجل وقالت بتلعثم: وانا كذلك..
            قال بحنان: اتركك الان.. ولا تتعبي نفسك كثيرا بالعمل..
            قالت بابتسامة مرحة: هل اسمي هذا بالوساطة؟..
            قال بمرح: سمه ما شئت.. المهم ان لا تتعب حبيبتي ليلى ابدا..الى اللقاء..
            - الى اللقاء..
            قالتها بشرود وهي تنهي اتصالها بعماد.. ومن ثم لم تلبث ان امسكت بهاتفها المحمول وتطلعت اليه لفترة قبل ان تهمس لنفسها قائلة وهي تحتضن الهاتف بكلتا كفيها: ( احبك يا عماد.. احبك)..
            *********
            اسرعت وعد تتجه الى القسم ومن ثم الى مكتبها .. لتجمع الاشياء التي ستحتاجها معها لتغطية الحدث في سرعة.. فقال احمد بدهشة: ماذا حدث؟..هل قام بفصلك مرة اخرى؟..
            ضحكت وعد ومن ثم قالت: لا ابدا.. فقط ارسلني في مهمة صحفية..
            عقد طارق حاجبيه ومن ثم قال: لوحدك؟..
            اومأت برأسها وقالت: اجل لوحدي.. وقد قال ان نجحت فيها فسيتم اعتباري صحفية بحق بينكم..
            قال احمدة مبتسما: هذا جيد جدا.. ابذلي جهدك..
            اما طارق فقد قال متسائلا وهو يزيد من عقد حاجبيه: وما هو نوع هذه المهمة الصحفية.. مقابلة ام ماذا؟..
            هزت رأسها نفيا ببطء ومن ثم قالت: لا.. بل سأغطي حدثا عن حريق اصاب احد المباني..
            قال طارق باستنكار: انت لا تزالين مبتدأة في مثل هذه الامور .. لم تذهبي معي سوى مرة واحدة وقد كان مجرد حادث.. ومع هذا لم تستطيعي التصرف لوحدك.. فكيف الان؟..
            قالت وعد بهدوء: سأحاول ان افعل كل ما استطيع.. حتى اكون صحفية مثلكم تماما ولست تحت التمرين فحسب..
            قال طارق باستنكار اكبر: لن تستطيعي التصرف لوحدك.. سأذهب معك..
            قالت وعد وهي تلتفت له: لقد طلب مني رئيس التحرير ان اذهب لوحدي ليعرف كفائتي ..كان هذا هو شرطه.. وانا وافقت عليه..
            صمت طارق ولم يعلق وهو غارق في تفكير عميق.. في حين نهضت وعد من خلف مكتبها وقالت بمرح مصطنع لتخفي توترها من هذه التجربة الجديدة ومن خوفها من فشلها فيها: ادعو لي بالتوفيق.. وان انجح في هذه المهمة..حتى اغيظ رئيس التحرير قليلا..
            قال احمد وهو يغمز بعينه: هذا اهم سبب يدعونا ان نتمنى لك النجاح..
            ابتسمت وعد بخفوت وهي تتحرك مغادرة القسم.. حين شعرت فجأة بكف تمسك معصمها.. فالتفتت بدهشة الى صاحبها وسمعته يقول: لن تذهبي وحدك.. سأذهب معك..
            قالت وعد وهي تزدرد لعابها: استاذ طارق.. دعني اذهب ما دام هذا هو شرط رئيس التحرير الوحيد ليعتبرني صحفية في هذه الجريدة..
            قال طارق بحزم: لن تعرفي التصرف وحدك وخصوصا مع الاضطراب الحاصل بسبب الحريق..لهذا سأذهب لرئيس التحرير لاطلب منه ان أذهب معك..
            قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: لن يوافق..
            قال طارق باصرار: بل سيوافق..
            قالت وعد وهي تعقد حاجبيها وتقول بعناد فجأة: حتى لو وافق انا لن اوافق.. اريد ان اعرف كفائتي انا ايضا وهل اصلح لاكون صحفية في هذه الجريدة ام لا..
            شعر طارق بالدهشة من ردها للحظة لكنه مالبث ان قال بصرامة: وعد لا داعي لهذا العناد.. قلت اني سأذهب معك..
            قالت بعناد اكبر: وانا قلت لا.. دعني اتصرف لمرة واحدة لوحدي واعرف قدرتي وكفائتي..
            قال طارق بصرامة اكبر: انت لن تحسني التصرف ابدا.. لانك وبكل صراحة لا تفهمين شيئا في مثل هذه الامور.. انك حتى لم تتلقي أي تدريبات عليها..
            تدخل احمد اخيراوهو يقول: طارق .. انها على حق.. دعها تذهب..
            التفت له طارق وقال باستنكار وحدة: ماذا تقول؟..
            قال احمد وهو يهز كتفيه: اقول انها على حق.. فمن حقها ان تحصل على فرصتها لتتعرف على مهارتها في هذا المجال..
            قال طارق بدهشة من كلماته: ولكنها لم تتلقى أي تدريب و...
            قاطعه احمد قائلا: حتى انا لم اكن قد تلقيت أي تدريب يوم ان تم ارسالي في مهمة مشابهة..
            قال طارق ببرود: لقد كان الامر مختلفا بالنسبة لك.. فأنت كرجل تستطيع تدارك الموقف.. اما هي فلن تستطيع و...
            قاطعته وعد هذه المرة قائلة: ولم؟.. الأني فتاة فقط؟.. استاذ طارق دعني اغادر من فضلك..
            لم يستجب لها وظل ممسكا بمعصمها فقالت وعد برجاء وهي تطلع اليه: ارجوك..
            لم يعلم لم اطاعها باستسلام بعد ان شعر برنة الرجاء في صوتها..افلت يدها و تركها تذهب لمجرد انها قد ترجته ..هل شعر بالشفقة تجاهها؟.. ام ان مشاعره لها باتت اقوى من تفكيره حتى..ومن ان يرفض طلبا لها..
            وتابعها بنظراته وهي تغادر القسم.. ولم يعلم لم شعر بانقباض في قلبه وهو يراها تغادر المكان..وكأن شيئا ما سيحدث لوعد.. شيئا ليس جيدا.. ليس كذلك ابدا...

            تعليق

            • Merve
              عضو فضي
              • Jan 2013
              • 692

              رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

              *الجزء الخامس والعشرين*
              (هل ستصاب بمكروه؟)



              انطلقت وعد بسيارتها الى العنوان الذي خطه رئيس التحرير على تلك الورقة.. وهي تحاول تمالك التوتر الذي يرجف اطرافها احيانا.. هذه اول مهمة صحفية لها .. وستكون وحدها فيها.. دون مساعدة احد.. وعليها ان تنجح فيها لان بناءا على نجاحها سيتحدد اذا ما كانت اهلا لان تكون صحفية ام لا.. هذا يعني انها يجب ان تتصرف بكل مهارة ..وعليها ان تبذل كل ما في وسعها.. لتثبت جدارتها امام رئيس التحرير اولا.. وامام طارق ثانيا.. ونفسها ثالثا..
              وما ان وصلت الى المكان المقصود.. حتى شعرت باضطرابها وتوترها يتضاعف نظرا لكل تلك التجمعات من الناس حول ذلك المبنى المحترق.. بالاضافة الى سيارات الاسعاف والشرطة والمطافئ المنتشرة بالمكان..
              واخذت تحاول تذكر ما فعله طارق بالمرة السابقة حتى سمحوا له بالتصوير وبالدخول الى المنطقة.. واخيرا ادركت ان الصحافة وحدها هي التي لها الصلاحية لمثل هذه الامور.. فبطاقتها المهنية ستقدم لها هذه الصلاحية التي تنشدها..
              واسرعت تخرج من السيارة لتتوجه نحو المبنى .. ولكن احد الشرطة استوقفها وهو يقول بصرامة: ممنوع يا انسة..
              قدمت له وعد بطاقتها المهنية فقال وهو يقرأها باهتمام:هل انت وحدك هنا ام هناك اخرون غيرك من الصحافة؟..
              اجابته وعد قائلة: كلا ليس هناك اخرون.. انا وحدي هنا..
              قال الشرطي وهو يعيدلها بطاقتها: حسنا اذا انتبهي جيدا.. فلا اظن ان المكان امن تماما..
              اسرعت تقول وهي تخرج جهاز التسجيل من حقيبتها: هل تسمح لي اذا بتوجيه بعض الاسألة لك؟..
              تطلع لها من غير اهتمام ومن ثم قال: تفضلي.. ولكن بسرعة من فضلك.. فلدي اعمال اخرى..
              اسرعت تقول: حسنا.. اخبرني بوقت هذا الحريق واسبابه؟..
              واستمر حوارها مع هذا الشرطي لعدة دقائق اخرى وهو يجيبها عن اسألتها بلامبالاة.. واخيرا قالت: شكرا لتعاونك وعلى تقديم الاجابة على اسألتي..
              لم يهتم باجابتها واكتفى بان هز رأسه بخفوت.. فاتجهت لتسأل رجال المطافئ والاسعاف ومن شاهدوا الحريق من الناس.. وبعد ان انتهت من كل هؤلاء.. اخرجت الكاميرا الرقمية من حقيبتها .. لتقوم بتصوير المبنى الذي التهمته النيران من عدد من الزوايا.. وشعرت بالخوف وهي تقترب من مستوى ذلك المبنى.. وترى المصابين من هذا الحريق ..ولكنها تمالكت نفسها لتكمل التصوير..
              وربما كان خطأها الوحيد بانها قد قامت بالتصوير بعد ان انتهت من توجيه الاسألة..مما قد يسبب ان تختفي معظم اللقطات المهمة التي ستحدث في بداية الحدث.. ولكنها لم تنتبه لخطأها هذا.. بل ابتسمت بسعادة بعد ان انتهائها هذا العمل وعلى النحو الذي اشعرها بأنها قد قامت بعمل كبير جدا..
              واخرجت هاتفها المحمول من جيبها..لتتصل بطارق وتخبره انها انتهت ولتطمئنه عليها.. لم تعلم لم ستتصل ..ولكنها شعرت بأنه كان قلقا عليها لهذا ستطمئنه عليها فحسب ولن تزيد في الحديث معه.. وضغطت رقمه ومن ثم زرالاتصال.. ولكنها لم تلبث ان انهته في سرعة.. لا داعي للاتصال به.. انها ستذهب الان له على اية حال.. وسيطمئن عليها.. وربما ما تريده هو ان تستمد منه هذا الاطمئنان ولتتخلص من خوفها الذي اخذت تشعر به وهي في هذا المكان لوحدها وترى كل هذه المشاهد..
              وتوجهت بهدوء الى حيث سيارتها وفتحت بابها الجانبي لتضع عليه اوراقها وحاجياتها.. وكادت ان تدور حول مقدمة السيارة لتحتل مقعد القيادة..ولكن ...
              (ها قد التقينا من جديد يا ايتها الجميلة)
              استدارت وعد بحدة الى مصدر الصوت..وشهقت بالرغم منها وهي تتطلع الى ذلك الشاب الوقح الذي تعرض لها ذات يوم بجوار المصنع..وظلت عيناها جامدتان وهي تراه يتقدم منها فقال هو بسخرية وهو يقترب: مصادفة جميلة اليس كذلك؟..
              تمالكت نفسها وقالت بتحدي وسخرية: لا اظنها ستكون كذلك بالنسبة لك..
              قال وهو يهز كتفيه باستهزاء: لا تزالين طويلة اللسان..
              قالت باستهزاء اكبر: وانت لا تزال صغيرا وتافها..
              تطلع اليها بغضب ولكنه قال ببرود: اين صديقك ذاك؟.. لا اراه معك..
              قالت وهي تلوح بكفها: من رأيته في تلك المرة ليس صديقي بل مجرد زميل لي بالعمل..
              قال وهو يضحك بسخرية: حقا؟ .. ولهذا كاد ان يجلب لنفسه المشاكل لاني قد تعرضت لك بالطريق..
              قالت ببرود: وها انتذا قلتها.. انك تعرضت لي.. لهذا ابتعد والا ناديت لك رجال الشرطة..
              قال وهو يمط شفتيه: لن يسمعك احدهم.. جميعهم منشغلون بما هو اهم..
              ظلت صامتة لفترة وهي تحاول ان تفكر بما قاله.. ان كان ما قاله خداعا ام لا.. وتطلعت الى رجال الشرطة المنتشرون بالمكان والذي كان شغلهم الشاغل هو المساعدة في انقاذ من بقي محتجزا بذلك المبنى..
              و ما لبثت ان استدارت عن ذلك لشاب وتوجهت الى حيث مقعد القيادة وفتحت باب السيارة.. حين فوجئت بقبضة تغلقه وصاحبها يقول بسخرية: لحظة.. لم ننهي حديثنا بعد..
              تطلعت اليه بغضب ومن ثم قالت: كيف تجرؤ؟؟.. ابتعد عن طريقي والا...
              قاطعها باستهزاء: والا قمت بنداء صديقك التافه ذاك .. اليس كذلك؟..
              قالت بخشونة: ما التافه الا انت..
              قال وهو يميل باتجاهها: استمعي الي يا فتاتي .. ربما كان هذا الكلام كبيرا على سنك.. ولكن لن يمضي ما حدث في المرة الاخيرة على خير..واخبري صديقك الاحمق بانه لا يرعبني مطلقا بسخافاته..
              قالت بعصبية: وما الذي حدث لك يا هذا ؟.. انت من اعترضت طريقي..( ومن يطرق الباب عليه ان يسمع الجواب)..
              قالتها ومن ثم عادت لتفتح الباب من جديد وفي هذه المرة امسك بمعصمها وقال وهو يرفع حاجبيه بسخرية: ما بالك يا فتاة؟.. الم تسمعي ما قلته؟.. حديثنا لم ينته بعد..
              جذبت معصمها من كفه وقالت بغضب : اياك وان تحاول ان تمسك بمعصمي مرة اخرى .. اتفهم..
              قال وهو يضحك بقوة: يا الهي.. لقد ارعبتني بشدة بتهديدك هذا..
              هتفت وعدقائلة بانفعال: قلت ابتعد عن طريقي الا تفهم .. ابتعد..
              - واذا لم افعل؟..
              - لا تظن اني غير قادرة على الدفاع عن نفسي..
              مال نحوها وامسك بذراعها بجرأة وقال باستهزاء: احقا؟.. وماذا ستفعلين يا ايتها ال....
              بتر عبارته بالرغم منه.. فقد هوت كف وعد على وجنته بصفعة اودعت فيها كل غضبها وهي تصرخ فيه هاتفة: ايها الوقح..
              لا تعلم وعد كيف فعلت ذلك.. لقد وجدت نفسها تصفعه لا اراديا.. للدفاع عن نفسها.. امام وقاحته وجرأته.. ولتثبت له انها قارة على تحديه والدفاع عن نفسها.. وشعرت بالقلق والخوف وهي ترى نيران الغضب قد اشتعلت بعيني ذلك الشاب نتيجة لما فعلته.. وقال بقسوة: ستندمين.. اقسم على ذلك.. ستدفعين ثمن هذه الصفعة غاليا..
              توتر جسد وعد بالرغم منها وشعرت بانفاسها تضطرب.. واخذت تلهث بقوة وهي نحاول تمالك نفسها.. واستجماع قوتها للتصدي لمثل هذا الشاب الوقح.. ضربات قلبها اخذت تسرع وهي ترى نظرات ذلك الشاب لها والمليئة بالقسوة والغضب..
              ولكن...
              جسدها ما لبث ان ارتجف في قوة.. وعيناها لم تلبثا ان استدارتا الى الشخص الذي تقدم منهما وقال بصوت يمتلئ بالصرامة والغضب: ليس قبل ان تدفع انت ثمن كل كلمة خرجت من بين شفتيها غضبا..
              همست وعد باسمه لا اراديا وقالت بسعادة وجسدها يرتجف من الانفعال: طارق..
              التفت لها طارق وتطلع لها بحنان.. قبل ان يعيد انظاره الى ذلك الشاب وقال وقد اختفت نظرة الحنان من عينيه لتحل محلها نظرة مليئة بالغضب: والان جاء وقت تصفية الحساب..
              **********
              تريدون ان تعلموا كيف وصل طارق الى وعد؟.. وما الذي جاء به الى حيث المبنى؟.. وكيف علم بمكانه؟.. اليس كذلك؟.. لا بأس .. دعونا نعود بالزمن الى الوراء قليلا ..وبالمكان الى حيث الصحيفة تحديدا..عندما كان طارق يجلس على مكتبه متوترا وهو يقول: ليتني ما تركتها تذهب لوحدها..
              قال احمد بغرابة: لا داعي لكل هذا .. انها ليست طفلة.. وقد خاضت تجربة مشابهة لهذه تقريبا معك..
              قال طارق بحدة: لكن هذه الرة ستكون وحدها.. ثم اني...
              بتر عبارتها واكملها بزفرة حادة انطلقت من صدره تحمل توتره وقلقه.. فسأله احمد باهتمام: ثم انك ماذا؟..
              قال طارق بقلق: لا اعلم ولكني اشعر بانقباض في صدري منذ ذهبت.. وبالضيق يسيطر على ذهني..
              قال احمد بهدوء: تفاءل بالخير وستجده باذن الله..
              قال طارق وقد تضاعف قلقه: ولكنها لا تزال مبتدأة واخشى ان ....
              صمت ولم يكمل..وفي اللحظة ذاتها انطلق رنين هاتفه المحمول فاسرع يختطفه..وتطلع الى الرقم الذي يضيء على شاشته قبل ان يجيبه قائلا بتوتر: الو .. اهلا وعد..
              لم يتلقى ردا فصاح هاتفا: وعد..هل تسمعيني ؟..وعد..
              انقطع الخط بغتة منهيا الحديث ولكنه اخذ يهتف وكأن الاتصال لا يزال قائما: وعد.. اجيبي..
              التفت له احمد وقال بدهشة: ماذا بك؟..
              قال طارق بتوتر وهو يبعد الهاتف عن اذنه: انها وعد... هي من اتصلت..
              قال احمد وهو يزفر بحدة: اعلم ذلك.. وبعد..
              قال طارق وهو يدس اصابعه في خصلات شعره بعصبية: لم تنطق بحرف واحد.. وانهت الاتصال..
              قال احمد بغرابة وحيرة: انهته؟؟..ولم؟؟
              قال طارق بعصبية اكبر: وما ادراني انا؟..
              قال احمد بهدوء: اهدأ لا داعي لكل هذا الانفعال واجلس لنفكر معا..
              قال طارق وهو يخرج من القسم: لا بل سأذهب لها.. ان شعوري بالضيق لم يفارقني اليوم للحظة..
              قال احمد وهو ينهض من خلف مكتبه: الى اين ؟.. انت لا تعرف بمكانها حتى..
              قال طارق وهو يبتعد اكثر: سأتصرف..
              وتوجه لمكتب رئيس التحرير.. فأوقفته السكرتيرة قائلة: ماذا هناك يا استاذ طارق؟..
              قال وهو يحاول السيطرة على اعصابه: اريد مقابلة رئيس التحرير واخبريه ان الامر هام..
              - انتظر لحظة..
              قالتها ودلفت لى داخل المكتب للحظات ومن ثم عادت لتخرج منه وهي تقول: تفضل بالدخول انه ينتظرك..
              اسرع طارق بالدخول الى المكتب وسأله رئيس التحرير بهدوء قائلا: ماذا هناك؟..
              قال طارق في سرعة: اريد العنوان الذي ارسلت الانسة وعد اليه..
              قال رئيس التحرير وهو يعقد حاجبيه: ولم؟..
              صمت طارق وهو لا يعلم بم يجيب في حين استطرد رئيس التحرير قائلا: هل تفكر بمساعدتها بالتقرير؟..
              اسرع طارق يقول: كلا .. ولكنها اتصلت بي لتطلب مني الحضور اليها..
              - ولماذا لم تمنحك العنوان ما دامت اتصلت بك؟..ثم لم اتصلت؟..
              يا لرئيس التحرير هذا.. لا يفوته شيء ابدا.. وقال طارق بحزم مصطنع: لقد توقفت سيارتها بالطريق وطلبت مني ان أذهب لها لمساعدتها.. ولم تخبرني العنوان لان هاتفها قد انقطع فجأة ولا اعلم السبب..
              قال رئيس التحرير بشك:ولم لا تأخذ سيارة اجرة اذا؟..
              ياله من داهية.. مترصد لكل شيء..وقال طارق وهو يلوح بكفه: لقد.. لقد نست محفظتها بالمكتب ولم تأخذها معها..
              قال رئيس التحرير بشك اكبر: نستها؟؟..
              اومأ طارق برأسه وقال باندفاع (الا يقولون ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم): اجل والان هلا اعطيتني العنوان قبل ان تسبقنا أي صحيفة أخرى بنشر الخبر..
              تردد رئيس التحرير قليلا ولكنه ما لبث ان خط العنوان على احد الاوراق وهو يقول: سأمنحك اياه.. ولكن حذار من ان تساعدها بتقريرها..
              قال طارق بصدق: لن افعل..
              قال رئيس التحرير: سأخذها منك كلمة شرف..
              اومأ طارق برأسه ومن ثم غادر المكتب في سرعة ليغادر المبنى كله بعدها وينطلق بسيارته..دون ان يبالي يهتاف الناس المحتج او بأبواق السيارات التي انطلقت لتحذره من هذه التجاوزات والسرعة التي ينطلق بها.. لكن كل هذا لم يهمه..كل ما كان يهمه هو ان يصل الى وعد بأسرع ما يمكنه..
              وتراءى له المبنى من بعيد.. فبحث بعينه بلهفة بين جماعات الناس عن وعد.. واخيرا لمحها .. لم تكن وحدها بل كانت مع ذلك الشاب الذي صادفه ذات مرة بجوار احد المصانع..وقد بدا على وجهها امارات الغضب والعصبية وهي تتحدث اليه.. وهنا خرج طارق من سيارته في سرعة ليتجه الى وعد وشاهدها في تلك اللحظة تصرخ بقوة: ايها الوقح..
              وتكمل صرختها بصفعة على وجه ذلك الشاب.. تطلع طارق الى الموقف بدهشة لكنه مالبث ان عقد حاجبيه وهو يقترب منهم....

              تعليق

              • Merve
                عضو فضي
                • Jan 2013
                • 692

                رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

                *********
                دقيقة صمت مرت بعد عبارة طارق الاخيرة.. واخيرا قال ذلك الشاب وهو يلتفت الى طارق بتحدي: اجل انه وقت تصفية الحساب والاجساد ايضا..
                قال طارق بصرامة: دع الفتاة وشأنها اولا.. والا اقسم على ان تندم..
                تطلع الشاب الى وعد بكره ومن ثم دفعها بقسوة بعيدا عنه وهو يقول: لا حاجة لي بمتوحشة مثلها..
                تراجعت وعد عدة خطوات الى الوراء اثر دفعته وصاحت به: ايها الوغد.. ما المتوحش الا انت..
                اشار طارق لها بالصمت ومن ثم قال: ابتعدي انت عن المكان.. لا اريد ان تحدث اية مشاكل لك..
                قالت وعد باستنكار: بل ان المشاكل قد حدثت بالفعل..
                قال طارق وهو يعقد حاجبيه بصرامة: فقط ابتعدي انت عن المكان..وانا سأتصرف..
                قال الشاب بسخرية: وماذا ستفعل؟..
                قال طارق وهو يتطلع الى نقطة ما خلف الشاب: انظر خلفك لتدرك اني استطيع ان ازج بك بالسجن في لحظة..
                قال الشاب بسخرية اكبر: لن يهتم أي من رجال الشرطة بامرك..
                قالها ومن ثم اندفع نحو طارق وهو يكور قبضته.. وشهقت وعد بخوف وهي تتراجع بضع خطوات الى الخلف..وابتعد طارق عن قبضة الشاب التي كانت تشق الهواء املا في الوصول الى وجهه.. واسرع طارق يمسك بقبضة ذلك الشاب وهو يقول بصرامة: لا تزال صغيرا على تعلم مثل هذه الالعاب يا فتى..
                قال الشاب بغضب: دعني يا هذا..
                لوى طارق ذراعه خلف ظهره ومن ثم دفعه بقوة وقال: ابتعد واياك ان ارى وجهك مرة اخرى.. او اقسم على ان يصيبك مالا يرضيك..
                اصطدم الشاب بسيارة وعد بقوة اثر دفعة طارق .. مما جعل براكين الغضب تتأجج بداخله .. وهو يفكر بالثأر لنفسه ولكرامته وهزيمته امام طارق هذا..واسرع باخراج شيئا من جيبه والتفت لطارق وقال بسخرية: دعنا نرى الان .. كيف ستدافع عن نفسك..
                اتسعت عينا وعد وقالت بصوت مرتجف: خنجر!!..
                شد الشاب قبضته على الخنجر ومن ثم صرخ وهو يندفع نحو طارق : سيكون موتك على يدي..
                عقد طارق حاجبيه واسرع يبتعد بضع خطوات الى الخلف ليتفادى نصل الخنجر.. وشعر طارق بالخنجر يشق الهواء الى صدره .. وسمع صرخة وعد وهي تهتف به بخوف وتحذير: طارق..انتبه!!...
                لم يجد طارق امامه حلا سوى ان يحمي صدره بذراعه.. وأخفت وعد وجهها بكفيها وغير قادرة على متابعة ما يحصل.. وسمعت بغتة صوت تأوه يصدر من شفتي طارق .. ففتحت عيناها .. وما ان فعلت حتى صرخت بخوف: طارق...
                والتفتت الى الشاب لتقول بصوت منفعل ومرتجف وهي تتقدم منه: ايها الوغد الحقير.. ستندم على ما فعلته.. سأرد لك الصاع صاعين على ما فعلته.. ايها الجبان الوغد..
                كانت ذراع طارق تنزف بشدة اثر نصل الخنجر الذي مزق كم قميص طارق ليمزق جلد ذراعه.. مخلفا جرحا عميقا.. لا تتوقف الدماء فيه عن النزيف..
                قال طارق في تلك اللحظة وهو يشير لها بكفه السليمة: لا تقتربي اخشى ان يؤذيك هذا الحقير..
                أي انسان هو هذا.. هو بحالة لا يعلم بها سوى الله مما اصابه.. وكل هذا لاني اقحمته في مشكلتي مع هذالحقير.. ومع هذا يفكر بي وان لا يصيبني أي مكروه.. على الرغم من اني انا سبب اصابته تلك..
                وهمت وعد بقول شيء ما لولا ان ارتفع صوت صارم بالمكان وصاحبه يقول: ما الذي يحدث هنا؟..
                تطلعت وعد الى رجل الشرطة الذي كان يقف خلفهم و طالعه ذلك الشاب بدهشة ممزوجة بالتوتر وهو يحاول اخفاء الخنجر الذي يمسك به بكفه.. اما طارق فقد تطلع بصمت الى ما يحدث ..وبغتة صاحت وعدفي رجل الشرطة هاتفة وهي تحاول ان تخفي الارتجاف من رنة صوتها : بل ماذا تفعلون انتم هنا؟..كل هذا الذي حدث امامكم ولا تحاولون التدخل حتى..
                عقد رجل الشرطة حاجبيه وقال: وما الذي حدث؟..
                احتدت وعد وقالت بغضب وغصة تملأ حلقها: الا ترى ما يحدث امامك؟.. ان ذراع زميلي مصابة.. وكل هذا بسبب هذا الوغد الذي هاجمه بهذا الخنجر..
                قالتها وهي تشير الى الشاب بانفعال.. فالتفت الشرطي الى هذا الاخير وقال: اعطني الخنجر..
                قال الشاب وهو يهز كتفيه متصنعا اللامبالاة: لقد كنت ادافع عن نفسي به..
                اتسعت عينا وعد للحظة من كذبته المتقنه هذه وكادت ان تعترض لولا ان قال الشرطي بصرامة اكبر: قلت اعطني الخنجر .. وسنتفاهم بمركز لشرطة..
                مط الشاب شفتيه بقهر وهو يسلمه الخنجر فقال الشرطي بحزم: بطاقاتكم الشخصية لو سمحتم...
                سلمته وعد بطاقتها وسلمه ذلك الشاب ايضا.. واسرعت الاولى تلتفت لتتطلع الى طارق الذي كان يمسك بذراعه بقوة محاولا ايقاف النزيف.. وترك ذراعه للحظة ليخرج البطاقة من جيب سترته بذراعه السليمة والتقطها بانامله الملطخة بالدماء ..وكاد ان يتوجه الى حيث الشرطي ليسلمه البطاقة لولا ان رأى كف وعد تلتقطها من كفه وهي تقول بحنان امتزج بخوفها عليه: ساخذها انا اليه.. اهتم انت بذراعك..
                تطلع لها طارق ومن ثم قال وهو يحدث نفسه بسخرية : ( هذا ما كان ينقصني يا وعد.. ان اصبح موضع شفقة لديك!!)
                في حين انتهى الشرطي من تسجيل بياناتهم فقال بحزم: اتبعوني الى مركز الشرطة بسياراتكم..
                قالت وعد باستنكار: ولكن ذراع زميلي تنزف وهو بحاجة الى اسعاف عاجل..
                - يمكنه الحصول على هذا الاسعاف بعد ان يدلي باقواله..
                قالت وعد بعصبية: ولكن هذا قد يزيد حالته سوءا و...
                قاطعها طارق قائلا: لا داعي لكل هذا.. سأذهب الى المركز حيث يريد.. ومن ثم اذهب الى المشفى..
                قالت وعد باعتراض وهي تتطلع اليه بقلق: ولكن يا طارق ان ذراعك لا تتوقف عن النزيف..
                قال وهو يدير لها ظهره ليتوجه الى سيارته: لا بأس.. لقد خف الألم قليلا الان..
                اسرعت خلفه وقالت: انتظر لن تستطيع قيادة السيارة بذراع مصابة.. سأقودها بدلا منك..
                قال في هدوء: ذراعي الاخرى على ما يرام واستطيع ان اقود السيارة بها..
                اسرعت تقول: ولكني اخشى ان لا تستطيع الاكمال بذراع واحدة.. دعني اقود السيارة عوضا عنك.. لن يحدث شيء..
                شعر طارق بالالم من شفقتها له..اتشفق عليه ام ماذا؟..هل اصبحت هي من تساعده بدلا من ان يساعدها هو؟..هل انقلبت الادوار هكذا فجأة..
                والتفت عنها وهو يتجه نحو سيارته فلحقته وامسكت بذراعه السليمة لتوقفه هاتفة برجاء: على الاقل اصطحبني معك... حتى استطيع القيادة عوضا عنك ان تطلب الامر ..
                صمت طارق للحظة قبل ان يقول: لا بأس.. اصعدي..
                ارتسمت ابتسامة شاحبة وقلقة على شفتيها وهي تصعد في المقعد المجاور له ..كانت ذراعه اليمنى هي المصابة مما كان يتيح لها رؤية ذلك النزيف الذي اخذ يتدفق من ذراعه.. اما اليسرى فقد كان يستخدمها لقيادة السيارة..وشعرت بالقلق والخوف تجاهه.. ووجدت نفسها تقول بتوتر: ذراعك تنزف بشدة..
                لم يجبها.. فقالت وهي تزدرد لعابها للتغلب على خوفها وارتجافة جسدها : هل لديك منديل؟..
                قال وهو يومئ برأسه: اجل.. لم تريدينه؟..
                - اعطني اياه فقط..
                اخرج المنديل من جيبه ومنحها اياه بذراعه المصابة ببطء.. وكاد ان يعيد ذراعه الى موضعها السابق..لولا ان اسرعت وعد تمسك بكفه .. وشعر بالدهشة من حركتها هذه.. والتفت لها للحظة ونظرات الغرابة مرتسمة في عينه.. فقالت هي وهي تحاول ان تخفي الخوف البادي على وجهها: سأحاول ايقاف نزيف ذراعك..
                قال متسائلا: وهل تعرفين شيئا عن الاسعاف الاولي في هذه الحالة؟..
                - اشياء بسيطة.. ولكن اظن انها ستساعدني في ايقاف نزيف ذراعك ولو لفترة مؤقتة..
                قالتها ومن ثم شرعت في رفع كم القميص عن ذراعه.. ورأت الجرح الغائر بذراعه.. احست بالاشمئزاز لوهلة من منظر الجرح والدماء ولكنها قررت المواصلة بالنهاية.. وقالت متسائلة مرة اخرى: هل لديك زجاجة مياه معدنية؟..
                قال وهو يواصل قيادة السيارة: ستجدينها في الدرج الذي امامك..
                التفتت عنه لتفتح الدرج وتخرج زجاجة المياه المعدنية وواصل طارق قائلا ربما ليبدد جو التوتر الذي سيطر عليهما: استخدمها احيانا لتبريد محرك السيارة..
                قالت وهي تلتقط انفاسها وتحاول فتح غطاء الزجاجة : جيد انك تحتفظ بواحدة في سيارتك.. لو كنا بسيارتي لما وجدت الممياه لتنظيف الجرح..
                قال متسائلا بحيرة: الا تحتفظين بزجاجة مياه بسيارتك؟..
                قالت وهي تهز رأسها نفيا وتغمس المنديل بالمياه : لا .. ولكني سأفعل لتجنب مثل هذه المواقف..
                قال بابتسامة: أي مواقف تعنين؟.. اصابة ذراعي ام توقف السيارة بالطريق؟..
                اجبرتها ابتسامته على ان تبتسم على الرغم من الاضطراب الذي يسيطر على جسدها باكمله وقالت: الاثنين على ما اظن..
                اتسعت ابتسامته واختلس النظر اليها ليجدها تنظف الجرح بواسطة الماء .. احس بلمسات كفها الرقيقة.. وشعر باهتمامها وحنانها بالوقت ذاته.. ترى لماذا تهتم لأمره؟.. هل هو اهتمام.. اعجاب.. ميل.. ام ماذا؟..هل تبادلني مشاعري ام انني سأظل احلم طويلا ان احيا بسعادة مع الفتاة التي اختارها قلبي؟.. اخبريني يا وعد لم تهتمين لامري؟ ..لم؟؟..
                كانت وعد في تلك اللحظات قد انتهت من احكام ربط المنديل حول ذراعه حتى يتوقف النزيف.. ورفعت رأسها اليه لتفول بابتسامة شاحبة بعض الشيء: ها انذا قد انتهيت.. ما رأيك؟..
                تطلع الى ذراعه للحظة قبل ان يتطلع لها ويقول بحنان: اشكرك على الاهتمام لامري..
                قالت وهي تتنهد: لا داعي فأنا كنت سبب اصابتك تلك..
                قال بهدوء: هل تتوقعين ان اقف مكتوف اليدين وانا اراك بمشكلة ما؟..
                قالت وهي تهز رأسها نفيا: لا..لا اظن..
                والتفتت لتطلع من خلال النافذة بشرود.. وشعر هو بضربات قلبه تزداد.. وهو يراها مهتمة لامره الى هذه الدرجة.. وقال بهمس وهو يمسك بكفها بحنان: وعد...
                شعرت بالرجفة تسري في اطرافها من لمسة يده.. وشعرت بحرارة جسدها ترتفع وبانفاسها تضطرب كلما شعرت بالحنان والاهتمام لها في رنة صوته.. وقالت بتوتر وارتباك: ماذا؟..
                كان من الممكن ان يعترف لها بحبه في تلك اللحظة... ان يصرخ فيها هاتفا (احبك يا ايتها العنيدة.. احبك بكل ذرة في كياني.. لم اعد استطيع التحمل.. اريدك ان تعلمي.. ان تفهمي حبي هذا.. وتبادليه باخر.. احبك يا من كنت لي حلما يوما.. احبك)..
                لولا...
                كثيرا ما تكون هذه الكلمة فاصلا بين ما نريد وما لا نريد.. كثيرا ما توقف وقوع الحدث.. وقد فعلت..فقد كاد طارق ان يصرح بحبه لوعد.. لولا ان اشار له الشرطي بالتوقف عند احد المباني..مما جعل الاحباط يتسلل اليه ويفقد الامل على ان تعرف بحبه هذا يوما.. فلحظة ان قرر الاعتراف بحبه.. لم يجد الفرصة.. وعندما وجدها تلاشت في الهواء مع اوامر ذلك الشرطي..
                وعادت وعد لتكرر السؤال بتوتر: ماذا هناك يا طارق؟..
                قال وهو يترك كفها بهدوء : لقد وصلنا..
                تطلعت اليه وعد بدهشة ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى المبنى الذي توقف عنده طارق.. فزفرت بحدة وقالت: اجل.. لقد وصلنا..
                هبطت برفقته من السيارة وهما يتوجهان الى داخل المركز.. وعينا طارق تتابعان وعد اينما تذهب.. وذهنه لا يكف عن التفكير بها ولو للحظة

                تعليق

                • Merve
                  عضو فضي
                  • Jan 2013
                  • 692

                  رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

                  *الجزء السادس والعشرين*
                  (هل ستعلم؟)


                  قال ضابط الشرطة بحزم وهو يتحدث الى طارق: اخبرني يا سيد .. ما الذي حدث؟.. ولماذا حاول هذا الشاب اذيتك؟..
                  قال طارق بهدوء: انا صحفي من جريدة الشرق قد جئت مع زميلتي لتصوير حدث احتراق المبنى.. ولكن هذا الشاب الوقح تعرض لزميلتي من قبل وتعرض لها اليوم ايضا.. وقد حاول مهاجمتي بالضرب ولكنه لم يستطع .. لهذا لم يجد امامه سوى ان يهاجمني بسلاحه وانا اعزل وهو يظن اني لن استطيع الدفاع عن نفسي في هذه الحالة..
                  سأله الضابط قائلا: ولم حاول ان مهاجمتك بالضرب منذ البداية؟..
                  اسرع ذلك الشاب يقول: لانه قد قام بمهاجمتي بالضرب اولا..
                  اتسعت عينا وعد وقالت بحدة: يالك من كاذب..
                  التفت الضابط الى الشاب وقال: اصمت انت.. اذا سألتك أجب .. اتفهم..
                  والتفت الى طارق ليكرر سؤاله قائلا: اخبرني لم حاول مهاجمتك بالضرب في البداية؟..
                  قال طارق وهو يزفر بحدة: لاني حاولت الدفاع عن زميلتي..
                  عقد الضابط حاجبيه وقال: ولم تدافع عنها؟.. مالذي حاول هذا الشاب فعله؟..
                  اسرعت وعد تقول: هل تسمح لي بالاجابة انا يا سيدي؟..
                  التفت لها الضابط وقال: تحدثي..
                  قالت وعد وهي تزدرد لعابها: لقد تعرض هذا الشاب لي قبل فترة ولكني اوقفته عند حده.. وقد كان زميلي في المرة السابقة معي ايضا.. وقد تصدى له ايضا.. ولما كنت هذه المرة وحدي وقد كان زميلي بعيدا عني.. قرر ان يثأر لنفسه.. وان ينتقم مني .. فتعرض لي وتجرأ على تهديدي والامسك بذراعي.. مما دفعني لصفعه على وقاحته هذه ..ورأى زميلي هذا وقرر الدفاع عني.. ولكن هذا الوقح قرر مهاجمته وضربه ..وعندما رأى ان زميلي خصما قويا له.. قرر استعمال الخنجر ومهاجمة زميلي به.. مما ادى الى اصابة ذراعه كما ترى يا سيدي ..
                  صمت الضابط مفكرا ومن ثم قال وهو يلتفت الى الشاب: والان اخبرني انت.. لم حاولت التعرض للفتاة في الحالتين؟.. ولم حاولت مهاجمة هذا الصحفي بالضرب واصبت ذراعه بجرح عميق بخنجرك؟..
                  قال الشاب مصطنعا اللامبالاة: كل ما قيل كان كذبا وافتراءا علي.. لقد حاول هذا الصحفي اذيتي فدافعت عن نفسي بواسطة سلاحي..
                  قال الضابط بصرامة: تدافع عن نفسك بواسطة سلاحك وهو اعزل!..
                  قال الشاب وهو يهز كتفيه: ما باليد حيلة فقد كانت بنيته الجسدية تتيح له التفوق علي ..
                  قال الضابط بنفاذ صبر: ولم حاول اذيتك من الاساس كما تقول؟..
                  قال الشاب بمكر: لاني تحدثت الى زميلته قليلا ويبدوا انه يغار عليها الى درجة الجنون مما دفعه الى ضربي بغتة..
                  قال طارق بقسوة: تبا لك.. من اين تجلب كل اكاذيبك تلك؟..
                  والتفت الى الشرطي ليقول: سيدي تستطيع التحقق من الامر من زميلتي او من أي شخص رأى ما حصل بالطريق.. هذا الشاب قد حاول التعرض لزميلتي من قبل وصمت عنه.. لكن في هذه المرة تعدى على حدوده وامسك بذراعها امامي .. لهذا اوقفته عند حده بكلماتي.. ولكنه ثار وحاول التهجم علي بالضرب ولما تصديت له استخدم سلاحه.. وذراعي خير دليل لصدق ما اقول..
                  قال الضابط وهو يلتفت للشاب: هه.. ما رأيك؟..
                  قال الشاب وهو يلوح بيده: انه يكذب..
                  قالت وعد بغضب: بل انت من يختلق الاكاذيب طوال الوقت..
                  قال طارق متحدثا الى الضابط بنفاذ صبر: والان ماذا يا سيدي؟..
                  قال الضابط وهو يزفر بحدة: لست اعلم من منكم الذي يقول الحقيقة.. ولكن في الوقت الراهن .. ستوقعان كلاكما تعهدا على عدم التعرض للاخر.. واذا عثرنا على الدليل الذي يدين أي منكما .. فسنرسل في طلبكما لنكمل الاجراءات القانونية..
                  ظهرت نظرة ماكرة في عيني ذلك الشاب .. وتمتمت وعد قائلة بحنق: يا له من ماكر خبيث..
                  ربت طارق على كتفها بهدوء ومن ثم قال: اذهبي لتجلسي وترتاحي قليلا ريثما ننهي هذه الاجراءات..
                  التفتت له وقالت بابتسامة شاحبة: سأظل معك..
                  قال طارق بابتسامة حانية : لن اتأخر.. اعدك بهذا..
                  وتحدث طارق الى الضابط قليلا ليسمح لوعد بانتظاره في الخارج... فسمح له الضابط بذلك بعد ان وقعت على اقوالها.. وتنهدت بحرارة وهي تلقي على طارق نظرة اخيرة قبل ان تغادر مكتب الضابط لتجلس على احد المقاعد بالخارج..
                  شعرت بالتعب.. بالضعف.. بأنها فتاة قبل كل شيء.. وتحتاج لمن يقف الى جوارها.. الى رجل تستمد منه الامان والقوة.. الى رجل تعتمد عليه .. يدافع عنها ولا يسمح لشخص بأن يلمس شعرة من رأسها.. شعرت بأنها اخطأت عندما اصرت منذ البداية على الذهاب وحدها .. وكان يجب عليها ان تقبل بعرض طارق.. ولكن ما حدث اليوم كان مجرد مصادفة.. فقد كاد يومها ان ينتهي بسلام لولا ما حدث..
                  لقد اقحمت طارق في مشاكل لا علاقة له بها.. ادخلته الى مركز الشرطة وربما يدخله لاول مرة بسببها..ماذا تفعل الان؟.. هل هذا هو جزاء الاحسان.. لقد ساعدها مرارا ووقف الى جانبها.. شجعها.. ونصحها.. دافع عنها.. فهل جزاءه في النهاية اصابة في ذراعه.. واقرار يوقع عليه بعدم التعرض لذاك الشاب الحقير؟..
                  ولكن.. هناك اشياء لم تفكر فيها.. طارق.. كيف وصل اليها؟.. وكيف عرف العنوان؟.. هل تبعها؟.. لا لو كان كذلك لرأته منذ البداية.. ربما حصل على العنوان من رئيس التحرير بشكل ما وانطلق الى حيث هي.. لكن .. لماذا؟.. لماذا جاء؟.. هل كان يشعر بأنها في خطر؟ .. لا غير معقول.. اذا لماذا؟..
                  ( وعد.. هيا سنغادر)
                  رفعت رأسها اليه لترى علامات التعب واضحة على ملامحه.. فقالت معتذرة: اسفة لكل ما عرضتك له من مشاكل بسببي..
                  وضع سبابته على شفته وقال: لا اريد سماع هذا الكلام.. انت زميلة عزيزة.. والدفاع عنك واجب علي..
                  تطلعت الى ذراعه وقالت بقلق وقالت: كيف حال ذراعك الان؟..
                  قال بابتسامة: بخير.. بفضل اسعافاتك..
                  بادلته الابتسامة.. فقال هو: هيا لنغادر الان..
                  قالها وهو ينتظرها ان تتحرك.. فسارت الى جواره وهما يغادران مركز الشرطة.. وما ان استقر بهما المقام في السيارة .. حتى قال طارق وهو يدير المحرك: سوف ننطلق الى الصحيفة.. لتسلمي تقريرك الى رئيس التحرير..
                  قالت باستنكار: ماذا تقول؟.. سنذهب الى المشفى اولا لنسعف ذراعك..
                  - دعك من ذراعي.. ستكون بخير..
                  - لا.. ثم ان تقريري قد وضعته بسيارتي عند ذلك المبنى..فالنذهب اولا الى المشفى لتعالج ذراعك ومن ثم يمكننا الذهاب الى الصحيفة..
                  قال طارق بتفكير: ولكننا قد تأخرنا كثيرا واخشى ان لا يقبل بتقريرك بعد ذلك..
                  هزت رأسها وقالت: لا يهم.. ما يهمني هي ذراعك الان..
                  صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ما رأيك ان انزلك بجوار سيارتك واكمل انا طريقي الى المشفى؟..
                  قالت وعد في سرعة: لا.. انت بالكاد تقود بذراع واحدة ..وتحتاج لمن يقود عوضا عنك ان احتجت لذلك..ثم ان الطريق الى المبنى يبعد مسافة طويلة نوعا ما عن هنا..
                  قال طارق بابتسامة: حسنا فهمت يا ايتها الزميلة العنيدة..
                  عقدت وعد ذراعيها امام صدرها ومن ثم قالت: جيد يا ايها الجليد المتحرك..
                  اتسعت ابتسماته وقال: لم اعد جليدا بعد اليوم.. لقد بات يتلاشى شيئا فشيئا..
                  التفتت له وقالت مبتسمة: ولم؟..
                  قال وهو يختلس النظرات اليها: الم اخبرك بأن صحفية عنيدة قد دخلت حياتي فجأة لتقلبها رأسا على عقب؟..
                  الجم الارتباك لسانها لبضع لحظات .. ومن ثم قالت مغيرة دفة الحديث: لم تخبرني.. كيف وصلت الى حيث كنت انا؟..
                  ادرك محاولتها في تغيير الموضوع.. وقال مجيبا: الم تتصلي بي؟..
                  قالت بدهشة : انا فعلت؟..لا ابدا لم....
                  بترت عبارتها.. وعقدت حاجبيها وهي تتذكر.. ومن ثم قالت بغتة: اجل.. لقد اتصلت لاخبرك ان كل شيء سار على ما يرام.. ولكني انهيت المحادثة في سرعة قبل ان تجيب على الهاتف..
                  قال طارق بهدوء:وانا شعرت بالقلق من هذه المكالمة وراودني شعور بأنك تحتاجين الي مما دفعني الى طلب العنوان من رئيس التحرير لاتي اليك..
                  - ومنحك العنوان بهذه البساطة؟..
                  قال طارق بابتسامة: مطلقا احتاج الامر الى حبك الموضوع واعداد قصة متقنة وبالكاد انطلت عليه..
                  قالت وعد بابتسامة: اعرفه.. داهية.. لا ينطلي عليه شيء ابدا..
                  ضحك طارق وقال: معك حق في هذا. .
                  وتوقف طارق الى جوار المشفى في تلك اللحظة ليقول: هاقد وصلنا الى المشفى.. خذي سيارتي وعودي بها و....
                  قاطعته في سرعة: لن اتحرك من مكاني قبل ان اطمأن عليك..
                  قال طارق وهو يهز رأسه: عنيدة..
                  قالت وهي تلتفت له: مغرور..
                  شعر بالدهشة والتفت لها قائلا: انا ؟..
                  اومأت برأسها بمرح وقالت: اجل انت..
                  رفع حاجبيه وقال بسخرية: يبدوا وانك ستجبريني على توصيلك الى الصحيفة الان..لتعلمي من هو المغرور فعلا..
                  اسرعت تقول بتوتر: لا ..لا اريد العودة.. انت لست مغرورا ابدا..
                  قال مبتسما: جيد.. جيد..هكذا هي الفتاة المطيعة..
                  تطلعت اليه بحنق.. ولكن ابتسامته لا تلبث ان تجبرها على الابتسام ..فقالت مكابرة: لا تصدق كل ما يقال لك..
                  ضحك طارق مرة اخرى.. وهبط برفقتها .. ووعد تحمل بقلبها القلق الكبير على ذراع طارق المصابة...
                  **********
                  دعونا نترك طارق ووعد ونتوجه الى تلك الشركة الصغيرة التي غادر الموظفين فيها مكاتبهم اعلانا عن انتهاء موعد العمل.. وهم يشعرون بالراحة لانتهاء وقت العمل الشاق.. وبداية وقت الراحة الذي سيقضونه مع اسرهم.. او مع اصدقائهم..
                  وابتسمت تلك الموظفة بسعادة وهي تصافح احدى الموظفات وتقول: اراك بخير غدا..الى اللقاء..
                  غمزت الموظفة لها قائلة: سلمي لنا على المدير يا ليلى..لا تنسي..
                  قالت بارتباك مشوب بالخجل: لا تخشي شيئا لن انسى..
                  لوحت لها زميلتها بكفها قبل ان تغادر مبنى الشركة.. والتقطت ليلى نفسا عميقا قبل ان تغادر مبنى الشركة بدورها وهي تسير بخطوات هادئة بعض الشيء وشاردة .. والتقطت مفتاح سيارتها لتفتحها و...
                  (الى اين؟..)
                  انتفضت اثر الصوت الذي سمعته فجأة والتفت بحدة الى مصدر الصوت ومن ثم قالت وهي تزفر بقوة: ارعبتني يا عماد.. لا تفاجئني هكذا وانا شاردة الذهن..والا سأصاب بسكتة قلبية..
                  قال مبتسما: لا اظن..
                  قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: ولم لا تظن؟..
                  قال مبتسما وهو يشير لها: لان بقلبك يسكن شاب يدعى عماد.. لن يسمح لأي شيء بأن يصيبك..
                  قالت مازحة: سأرفع من ايجار المساكن بقلبي لعله يغادره..
                  مال نحوها وقال بهمس: لن يتحرك من مكانه شبرا واحدا.. ولو وصلت الايجارات الى الملايين..
                  قالت مبتسمة وهي تتطلع الى عينيه العميقتين: اعرفه.. يبذر امواله على كل شيء..
                  قال وهو يغمز بعينه: كل شيءيصبح رخيصا لاجل الحصول على مكان بقلبك..
                  ارتبكت ليلى وتوردت وجنتاها خجلا.. فاطرقت برأسها وهي تحاول السيطرة على خجلها هذا.. فقال عماد متسائلا بغتة: هل قمت بشراء فستان لحفل الخطبة؟..
                  هزت رأسها نفيا ومن ثم قالت: لا ليس بعد..
                  قال مبتسما: جيد..
                  قالت بحيرة: ولم جيد؟..
                  جذبها من معصمها لتسير معه.. فقالت هي بغرابة: عماد ما الامر؟..
                  توقف امام سيارته ومن ثم قال: تفضلي الى الداخل.. فسنذهب الى مكان ما..
                  - واين هذا المكان؟..
                  قال مبتسما: لا أسألة حتى نصل..
                  قالت بابتسامة ساخرة: وماذا تفيد الاسألة بعد ان نصل؟..
                  ضحك وقال: لست اعلم.. المهم انها مفاجأة..
                  دلفت الى المقعد المجاور له.. واحتل هو مقعد القيادة.. لينطلق بالسيارة..وقالت والفضول وصل منها مبلغه: اخبرني الي اين نحن ذاهبان؟..
                  قال بابتسامة ماكرة: اذا وصلنا سأخبرك..
                  قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها: شكرا لك ففي تلك الفترة لدي عينان لأتعرف المكان بنفسي..
                  قال مبتسما: اذا انتظري لتعرفي المكان بنفسك..
                  قالت بعد وهلة من الصمت: سنذهب الى احد المطاعم .. اليس كذلك؟..
                  قال وهو يبتسم: لا ليس كذلك..
                  قالت بتفكير: اذا الى احد المجمعات او الحدائق.. او الاسواق..
                  قال وهو يختلس النظر لها: ولا هذا ايضا..
                  قالت بفضول: عماد اخبرني.. مللت الانتظار.. والفضول يكاد يقتلني..
                  - رويدك لم يبقى شيء ونصل..
                  التفتت عنه وقالت: سأنتظر ولكن لخمس دقائق فحسب..
                  غمز بعينه وقال: تكفيني حتى ولو اضطررت للقفز على السيارات..
                  ابتسمت بهدوء.. فقال هو بعد فترة من الصمت: ها قد وصلنا.. ولكن المشكلة هي كيف بامكاني العثور على موقف لسيارتي..
                  والتفت لها ليقول بلهجة ذات مغزى: ام تفضلين ان اسرع بالوقوف بأحد المواقف قبل ان تسبقني اليها احدى السيارات..
                  ارتفع حاجباها بدهشة ..وهي لم تستوعب ما قاله بعد.. والتفتت لتتطلع الى حيث هم.. وما ان شاهدت المكان .. حتى ارتسمت الابتسامة على ثغرها وقالت مداعبة: افضل ان تسبقك الى الموقف احدى السيارت بكل تأكيد..
                  قال بمرح: اجل كالمرة السابقة الذي ظللت لربع ساعة ابحث عن موقف للسيارات بعد ان تنازلت عن موقف السيارة لك..
                  قالت بعناد: لم يكن يخصك .. بل يخصني انا..
                  قال مبتسما بسخرية: بلى اعلم ذلك.. ولهذا فقد جئت بعد ان عثرت انا على الموقف وكدت ان ادخل سيارتي به..
                  قالت مبتسمة: هل سنتشاجر الان؟..اخبرني لم جئت بي الى هنا؟..
                  غمز بعينه وقال: المتجر الذي التقينا به لاول مرة.. ما رأيك به وبالفساتين التي يقوم ببيعها؟..
                  قالت وهي غير مدركة القصد من سؤاله: فساتينه رائعة جدا ولكن اغلبها غالي الثمن و....
                  بترت عبارتها والتفتت له بحدة لتقول: هل تعني اني سأشتري فستان الخطبة من هذا المتجر ؟... ومعك؟..
                  - اجل هذا ما اقصده..
                  قالت بارتباك: ولكن .. ولكني ارغب بالشراء لوحدي.. لاني ...
                  قاطعها قائلا: وما رأيك ان قلت اني اود ان اختار الفستان معك؟..
                  توردت وجنتاها واطرقت برأسها فقال مبتسما: هيا اريد ان ارى ذوقك وما ستقومين باختياره..
                  ازدردت لعابها وقالت متهربة من الموضوع: لنأجل هذا الى يوم اخر.. فأنا اشعر بالتعب..
                  قال عماد بخبث: لم تحزري..
                  ادركت ان محاولاتها فاشلة لا محالة ففتحت باب السيارة لتغادرها وغادر عماد بدوره.. وقال وهما يتوجهان الى حيث المتجر: لا تفكري بالسعر اتسمعين.. ما يهمني هو ان تختاري ما ترينه الاجمل والافضل بالنسبة لك..
                  قالت وهي تمط شفتيها: ها قد بدأنا سنتشاجر من اولها..
                  ابتسم ابتسامة واسعة وقال: ولم الشجار؟..
                  قالت وهي تهز كتفيها: لاني من المستحيل ان اشتري فستانا حتى لو اعجبني اذا كان ثمنه مرتفع..

                  تعليق

                  • Merve
                    عضو فضي
                    • Jan 2013
                    • 692

                    رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

                    قال في سرعة: لا تفكري بالنقود.. لدي مبلغ مممتاز قد قمت بتجميعه سابقا..
                    قالت بنظرة تأنيب: لا تبعثر نقودك هنا وهناك.. فقد تحتاجها ذات يوم ..
                    قال بحب: وهل لدي اغلى منك لأمنحها كنوز العالم كله؟..
                    توردت وجنتاها وقالت مسيطرة على خجلها: ولو ..هذا لا يمنحني الحق في تبذير اموالك التي جمعتها لسنين طوال..
                    دلفا الى المتجر في تلك اللحظة وقال بهمس بعض الشيء: كلماتك هذه وحدها تثبت لي انك لا تفكرين الا في مصلحتي.. فلا داعي لأن ترفضي طلبي..وتقبلي بشراء فستان لك الان..
                    قالت بابتسامة: لقد وصلنا على اية حال ولا مجال للتراجع..
                    ابتسم بدوره وقال وهو يغمز بعينه له: هيا ارني ذوقك..
                    قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: اتظن الامر بهذه السهولة؟.. عليك الانتظار لاربع ساعات على الاقل حتى اجد الفستان الذي يناسبني.. والى ساعة أخرى لأرى قياسه.. هذا ان اعجبني شيء.. وان لم نخرج من هنا خاليا اليدين..
                    اتسعت ابتسامته وقال بمكر: لا تحاولي.. لن اتراجع.. وسأبقى معك ولو استدعى الامر ان نظل الى منتصف الليل..
                    هزت كتفيها وقالت بلامبالاة مصطنعة: هذا شأنك..
                    واردفت وهي تلتفت له: ولكن لا تتبعني في كل حركة .. فلن استطيع الاختيار بشكل جيد هكذا..
                    غمز بعينه وقال بابتسامة: لن افعل..
                    قالت وهي تطلع له بحنق: هذا يعني انك ستفعل العكس تماما .. اليس كذلك؟..
                    لوح بكفه وقال مصطنعا: ابدا.. ابدا.. سأقف هنا ولن اتحرك..
                    تطلعت له بنظرة سريعة ومن ثم قالت: سنرى..
                    وتوجهت لتختار احد الفساتين من المجموعات العديدة المعلقة المختلفة الالوان والاشكال.. شعرت بالحيرة وهي تطلع الى كل ما حولها.. كل تصميم يبدوا فريدا بنوعه.. اخذت تقارن بين الالوان والتصماميم المختلفة.. في حين ابتسم عماد بمكر وهو يهم بأن يتبعها...ولكن رأى باب المتجر يفتح في تلك اللحظة.. فالتفت بحركة عفوية لينظر الى القادم.. ثم التفت عنه ليكمل طريقه.. ولكن صوت القادم جعله يتجمد بمكانه دون ان يخطو خطوة واحدة.. سمع ذلك الرجل الذي يبدوا في الأربعينيات من عمره يقول وهو يقترب منه: كيف حالك يا عماد.. وكيف حال والدك؟..
                    قال عماد بتوتر على الرغم منه: بخير.. كيف حالك انت يا عماه؟..
                    اشار الرجل الى فتاة تقف بالقرب من المكان وقال : هذه ابنتي .. وهي من اصرت على القدوم الى هنا لشراء فستان من هنا..
                    اقتربت الفتاة من المكان وقالت: ابي.. لقد وجدت ف...
                    بترت عبارتها عندما لاحظت وجود عماد .. واقتربت من المكان بهدوء.. وفي اللحظة ذاتها انتبهت ليلى ان عماد يقف في مكان ما من المتجر وهو يتحدث مع رجل وفتاة.. عقدت حاجبيها واتجهت نحوه.. وشعر عماد بخطواتها التي تقترب.. فالتفت لها وابتسم بقلق.. ووقفت هي الى جواره وهي تتطلع الى الرجل والفتاة.. فقال عماد وهو يزدرد لعابه ويتطلع الى ليلى: اعرفك يا عماه.. ليلى خطيبتي..
                    قال الرجل مبتسما: هل قمت بالخطبة دون ان تدعونا؟..
                    اسرع عماد يقول: لا ابدا.. حفل الخطبة الاسبوع القادم.. وستكون اول المدعوين يا عم..ولكننا قد عقدنا قراننا بالامس فحسب..
                    قال الرجل بابتسامة واسعة: مبارك يا عماد .. الف مبارك..
                    ابتسم عماد وقال: اشكرك يا عماه..
                    التفت الرجل للفتاة الواقفة الى جواره: هذا هو عماد الذي حدثتك عنه طويلا..ابن اعز اصدقائي..
                    قالت الفتاة بهدوء متسائلة: ابن صاحب شركة الزجاج؟..
                    قال وهو يومئ برأسه: بلى هو.. وهو يعمل بكل اخلاص وكأنه احد الموظفين وليس ابن صاحب الشركة وان الشركة هي ملك له و....
                    توقف الزمن لدى ليلى ولم تعد تسمع المزيد مما قيل او سيقال ..عقارب الساعة تجمدت بعد الذي سمعته.. وصدمتها بالحقيقة الجمت لسانها وجمدت نظراتها وهي غير قادرة على فعل شيء سوى التطلع اليه بصدمة وجمود وذهول.. وهي غير مصدقة تقريبا لما سمعت.. ومن جانب اخر كان عماد يتطلع لها باضطراب وهو في انتظار ردة فعلها مما سمعته..والقلق والتوتر قد بلغ منه مبلغه...

                    تعليق

                    • Merve
                      عضو فضي
                      • Jan 2013
                      • 692

                      رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

                      * الجزء السابع والعشرون*
                      (لماذا خدعتني؟)




                      توقف الوقت في تلك اللحظة.. لم يعد للزمان او المكان أي اهمية..توقفت الصورة وتوقف المشهد بين عماد وليلى.. وكلاهما يتطلع الى الاخر ولكن بشعور مختلف..فالاول كان يشعر بالقلق والتوتر من ردة فعلها.. وينتظرها ان تنطق بكلمة ليعرف مالذي تفكر فيه.. وصبره يكاد ينفذ من الانتظار..
                      ومن جهة اخرى.. كانت ليلى غير قادرة على التفوه بكلمة .. وهي تحاول استيعاب ما قيل..تحاول استيعاب ان عماد كان يكذب عليها طوال الوقت.. يخدعها.. وفي ماذا؟ .. في اهم شيء.. الا وهو هويته.. لماذا لم يخبرها الصدق؟ .. لماذا لم يقل بكل وضوح انه ابن صاحب الشركة؟.. هل ظن انها لا تستحق عائلة غنية مثله ام ماذ؟ا.. كيف لم تدرك هذا قبل الان.؟. لقد فات الاوان وانعقد قرانهما.. ولكن لا.. لم يفت بعد.. ولن تصمت على فعلته هذه..
                      وعقدت حاجبيها بغتة وتطلعت الى عماد بنظرات جامدة خالية من اية مشاعر..وشعر عماد بقلقه يتضاعف من نظرتها هذه فقال بهمس: ليلى..
                      القت عليه نظرة لم تكن تحمل سوى معنى واحد..(لقد خيبت ظني بك).. ومضت في طريقها مغادرة المتجر دون ان تلقي عليه كلمة واحدة.. تطلع عماد اليها بذهول ونظرتها تقطعه من الداخل الف قطعة.. بالتأكيد قد فهمت الموضوع بشكل خاطئ..وقال للرجل باعتذار: عن اذنك..
                      قال له الرجل وهو يهز رأسه: اذنك معك..
                      اسرع عماد يغادر المتجر بدوره وهو يأمل ان يلحق بليلى وان لا تكون قدغادرت.. وشعر براحة نسبية وهو يراها واقفة تنتظر احدى سيارات الاجرة .. واشارت لاحداها بالتوقف في تلك اللحظة.. فأتجه نحوها واسرع يناديها: ليلى ..
                      لم تلتفت له حتى وصدمتها تفوق الوصف بعد ان علمت انه يخدعها طوال الوقت ومنذ البداية.. بداية علاقتهما التي كانت يجب ان تقوم على اساس الصراحة و الصدق والثقة المتبادلة ..كان اساسها الزيف والكذب والخداع..
                      شعرت بغصة في حلقها وهي ترى سيارة الاجرة قد توقفت.. وسارت نحوها ولكنها شعرت بكف تمسك ذراعها.. والتفتت ببرود الى عماد وهي تتطلع اليه بصمت.. وقال عماد بجدية: ليلى اود ان اتحدث اليك..
                      قالت بحنق: اترك ذراعي..اريد ان اغادر..
                      قال عماد بحزم: لن تغادري قبل ان تفهمي الموضوع على شكله الصحيح.. ولماذا اخفيت عنك الحقيقة..
                      التفتت له ليلى وقالت بانفعال والدموع تترقرق في عينيها : افهم ماذا؟.. اجبني.. انك كنت تخدعني طوال الوقت.. انك كنت تمثل علي دور الموظف.. ان الاساس الذي كان يجب ان نبنيه في بداية حياتنا لم يكن سوى زيفا وكذبا وان...
                      شعرت بغصة في حلقها فبترت عبارتها ومن ثم قالت وهي تطرق برأسها بمرارة: وانك قد اخفيت عني الحقيقة لاني لست في مستوى عائلتك..او ربما لانك خشيت ان اطمع بنقودك.. فاقبل الزواج بك لهذا السبب..
                      قال عماد في سرعة: ليلى انت تفهمين الامر بشكل خاطئ.. انت اكثر شخص يعلم اني لم ولن افكر باختلاف الطبقات في حياتي.. وحتى ولو كنت تعانين من شدة الفقر فلن اهتم وسأرتبط بك..
                      قالت بعصبية: حديث مجرد حديث.. لا اجد منك سوى الحديث.. اخفيت عني حقيقة كونك صاحب الشركة.. واستمريت في خداعي على الرغم من اني خطيبتك وفي حكم زوجتك الان..لقد بنيت حياتنا علىكذبة .. وكل هذا لانك تخشى ان اكون طامعة باموالك..
                      قال عماد وهو يعقد حاجبيه: انا يا ليلى؟.. انا لم افعل لك شيئا سوى الحديث يوما؟.. الم اعدك بالزواج ؟..وقد وفيت بوعدي .. ولو كنت اخشى ان تكوني طامعة باموالي كما تقولين .. لما فكرت بالارتباط بك يوما ..ولكني كنت اعلم أي فتاة هي انت.. وربما منذ اول مرة رأيتك فيها..
                      قالت بانفعال ودموعها تجاهد لان تسيل على وجنتيها: اذا لم اخفيت عني الحقيقة؟ .. لم كذبت؟.. هل تريدني ان اصدقك بعد ان كذبت في اهم شيء وهو هويتك؟..
                      قال وهو يحاول ان يمتص غضبها: الطريق ليس مكانا للحوار..سنكمل حديثنا بالسيارة.. تعالي معي..
                      قالت وهي تشيح بوجهها: اذهب انت وحدك.. وسأغادر انا بسيارة اجرة..
                      قال وهو يحاول تمالك اعصابه: بل ستأتين معي..
                      - لا اريد..
                      قال عماد بغضب: لست امزح معك.. هل تريدين الركوب في سيارة اجرة لوحدك.. وانا موجود؟..
                      قالت بعناد: سأذهب سيرا على الاقدام لو تطلب الامر..
                      قال عماد بحدة: ليلى.. تعالي معي ولا تدعي صبري ينفذ..
                      التفتت له وقالت ودموعها قد انتصرت في النهاية لتسيل على وجنتيها: لقد خدعتني يا عماد ..هل تريد مني بعد ذلك ان اثق بك واستمر معك في علاقتنا؟..
                      شعر بالشفقة نحوها وهو يراها تبكي على هذا النحو.. لم يعلم ان كذبته هذه التي استخدمها يوما ليقرب العلاقة بينهما.. ستكون سببا في ابتعادهما عن بعضهما في النهاية!..
                      وقال بحنان: ليلى علاقتي بك اكبر من كل شيء.. انت لم تدعي لي الفرصة حتى لأشرح موقفي.. وسبب اخفائي للحقيقة..
                      - لا اريد ان اعلم..
                      قال بيأس: كما تشائين.. ولكن انا من سيوصلك الى المنزل.. لن تغادري في سيارة اجرة ابدا..
                      تطلع اليها وهو ينتظرها ان تتحرك.. سارت ولكن خطواتها كانت بطيئة.. ماحدث معها لم يكن بالشيء الهين.. من احبته ومنحته قلبها كان يخدعها لا اكثر ..حبها له جعلها تثق به ثقة عمياء.. وتصدق كل حرف نطق به.. وهي الغبية كيف لم تنتبه الى التشابه بين اسم والده واسم صاحب الشركة.. كيف ؟.. كيف؟..
                      دلفت الى السيارة وجلست على المقعد .. ودموعها تسيل بصمت على وجنتيها..واختلس عماد النظرات اليها وهو يقود السيارة وهو غير قادر على رؤيتها تتألم وهو صامت.. مهما يكن ومهما يحدث.. ليلى هي الفتاة التي يحب والتي يعشق.. انها خطيبته .. كيف يتركها تتألم لوحدها وهو لا يفعل شيئا سوى النظر اليها.. وقال بحنان: ليلى لا اريد ان ارى دموعك.. صدقيني لم اقصد ما فهمتيه باخفائي للحقيقة..
                      قالت بحدة: ما السبب اذا؟.. كنت تشعر بالعار مني واني لن اناسب مستوى عائلتك الغنية..و..
                      قاطعها قائلا: يكفي.. لا تفسري الامور كما تشائين.. الامر كله اني لم ارد ان...
                      اغلقت اذنيها بكفيها وقالت: لا اريد سماع المزيد.. لا اريد.. لقد قتلتني مرة ولا اريد ان اموت مرة اخرى..
                      قال برجاء: اسمعيني فقط حتى انتهي من كلامي..
                      صرخت بانهيار: يكفي.. يكفي..لا اريد سماع شيء.. لا اريد.. كاذب.. كاذب..
                      كلماتها كانت كالسكاكين التي تنغرز بصدره وقلبه الواحدة تلو الاخرى.. لا تعلم ان كلماتها تجرحه الى اقصى حد.. كيف لا.. وهي تتهمه بشيء اراد منه ان يتقرب منها.. هل هذا هو جزاءه؟.. لم يفكر ان يكذب عليها يوما.. ولكنها تظن اليوم ان كل شيء قاله لها بات كذبا وربما حتى حبه لها..
                      لم يكن عماد مخطأ في حدسه.. فليلى في تلك اللحظة كانت بدأت تشعر بالشك من كل كلماته..(احبك يا ليلى)..(اعدك بانك ستكونين سعيدة معي)..(لم احب فتاة في حياتي سواك).. كل هذا كذب ..خداع.. لقد كذب مرة ومن السهل ان يكذب الاف المرات غيرها.. انها لا تكره شيء في هذا العالم اكثر من الكذب والخداع.. واذا كان هذا هو بداية لحياتها مع عماد فهي لا تريد هذه الحياة..لا تريدها...
                      اختلست نظرة صامته له.. لا تستطيع ان تنكر انها تحبه.. وان حبه بات نبض قلبها .. لا تستطيع ان تنكر انه الشاب الوحيد الذي رأت فيه كل صفات فارس احلامها.. و...ولكنه بالنهاية لم يكن سوى كاذب..مخادع.. استغل حبها لمصلحته ولم يهتم بمشاعرها التي تعلقت به..
                      وصلا في تلك اللحظة الى منزلها.. فتوقف عماد عنده وقال وهو يزفر بحدة: انت تظلميني يا ليلى..
                      قالت دون ان تلتفت له: وانت خدعتني يا عماد.. خدعتني في كل شيء..
                      قال في سرعة : اقسم يا ليلى.. اقسم بالله بأني لم اقل لك شيئا كاذبا طوال فترة علاقتي بك وان كل ما قلته لك هو الحقيقة.. ما عدا ما اخفتيه عنك بكوني ابن صاحب الشركة..
                      قالت ليلى وهي تفتح باب السيارة وتزدرد لعابها لاخفاء تلك الغصة التي ملأت حلقها: جيد انك اعترفت بان ما قلته يومها كان كذبا..
                      قال عماد بوجه شاحب: ليلى انت لا تفهمين..
                      قالت وهي تهم بمغادرة من السيارة: ولا اريد ان افهم..
                      امسك بكفها قبل ان تغادر.. وشعرت ليلى بالدهشة والارتباك من مسكة يده التي ترجف جسدها بالرغم منها ولكنها لم تلتفت له وظلت صامتة.. وقال عماد في تلك اللحظة بحب وحنان: انظري الي..
                      لم تشأ ذلك وقالت بشحوب: دعني اذهب ارجوك.. انا متعبة..
                      قال مكررا: انظري الي فقط.. وسأدعك تذهبين..
                      التفتت له وقالت وهي تزدرد لعابها: هاقد فعلت..والان ماذا؟..
                      ضغط على كفها بحنان وهمس: احبك يا ليلى واقسم على هذا .. ومستعد لأن اكتبها بدمي... لو شككت لحظة واحدة في حبي لك..
                      رفعت عينيها اليه وهمت بأن تقول شيء ما.. ولكن عيناه اصمتتها تماما.. تلك العينين العميقتين التي تجذبها اليه .. في بحر حنانهما وصلابتهما.. وبعثرت نظراتها بعيدا لتخفي مشاعرها عن عماد واسرعت تجذب كفها وهي تقول: دعني اذهب الان..
                      ترك كفها .. فاسرعت تغادر السيارة ودموعها تسيل على وجنتيها دون توقف..في حين تنهد هو بحرار وقال وهو يكور قبضة يده متحدثا الى نفسه : (والان ماذا يا عماد؟.. ما الحل؟.. يبدوا ان ليلى قد فقدت ثقتها بك.. ما الذي ستفعله؟ .. ستترك حبكما يتلاشى كذرات الغبار بهذه السهولة.. ام ستفعل المستحيل لتعيد علاقتكما كما كانت..وتعيد ثقة ليلى بك..)
                      واردف بصوت متهدج: ( لو استمعت الي فقط يا ليلى..لما غادرت وانت تتألمين .. ولما كان هذا حالي الان.. لعلمت اني لم اخفي الحقيقة عنك.. الا لأتقرب منك وتعرفي بحبي.. دون ان يكون هناك ما يمنع ان تبادليني مشاعري..اخبريني يا ليلى أكل ذنبي اني قد ولدت لأكون ابن صاحب الشركة ..وولدت انت لتكوني موظفة لدي.. اهذا هو كل ذنبي.. ليتني لم اكن الا موظفا مثلك.. فربما لن تفكري بي على هذا النحو لحظتها)
                      وغادر بسيارته المكان وانفاسه المتوترة تزداد .. وهو يفكر بأي حل ليعيد المياه الى مجاريها بينه وبين ليلى..
                      ومن بعيد.. تطلعت تلك الفتاة من نافذة غرفتها.. الى سيارة عماد التي غادرت المكان من امام منزلها.. وعادت الدموع لتسيل على وجنتيها وهي تمسك بستارة التافذة وتقول بصوت مختنق: وانا ايضا احبك يا عماد ..لا تذهب وتتركني .. لا تتخلى عني ارجوك.. انا بحاجة اليك..
                      ولم تلبث ان سقطت على الارض لتبكي بانهيار وهي تقول: لماذا يا عماد؟.. لماذا خدعتني؟.. لماذا؟؟..
                      واختلطت دموعها بشهقاتها المكتومة.. التي لم يسمعها أحد.. سوى تلك الزهور الحمراء التي كانت تتحرك باستكانة مع ذلك النسيم الهادئ الذي تغلغل الى الغرفة.. وكأنها تشاركها حزنها والامها هذه..
                      ***********

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...