رد: رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك
***********
قال طارق بهدوء شديد وهو يجلس على مقعد الانتظار: لن تفيديني في شيء.. سأدخل الى داخل الغرفة ليتم خياطة الجرح ومن ثم اخرج.. ماذا ستفعلين انت؟.. وعلى ماذا تريدين الاطمئنان؟..
قالت وعد باصرار: لن اتركك.. انا من كان سببا في اصابتك هذه .. وعلي على الاقل ان اطمأن عليك..
قال طارق وهو يزفر بحدة: تطمأني على ماذا؟.. خياطة الجرح؟.. استمعي الي.. الصحيفة ستغلق ابوابها بعد نصف ساعة لا اكثر.. خذي سيارتي واذهبي بها لتجلبي تقريرك من سيارتك ومن ثم تنطلقين الى الصحيفة لتسلمي تقريرك.. وحتى يحين ذلك الوقت.. اكون انا قد عولجت.. وبانتظارك حتى تعودي الي واصطحبك بسيارتي الى حيث سيارتك..
ظهر التردد على وجهها فقال وهو يشد على يدها بتشجيع بيده السليمة: هيا يا وعد.. انها فرصتك الوحيدة لتكوني صحفية.. اليست هذه هي كلماتك؟..
قالت بتردد: ولكني قلقة عليك..
قال وهو يتنهد: لن تفيديني في شيء بانتظارك معي.. وثانيا سأكون بانتظارك هنا.. حتى تنتهي من تسليم تقريرك.. ومن ثم ينتهي وقت العمل بالصحيفة.. فتعودي الى هنا.. اتفقنا؟..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: هل ستكون بخير لوحدك؟..
ابتسم وقال: لست بطفل يا وعد.. يمكنك الذهاب ..وسأكون على ما يرام..
قالت وعد بكلمات متقطعة: اهتم بنفسك..
ونهضت من مكانها فقال هو مبتسما: بل اهتمي انت بنفسك..
اومأت برأسها وهمت بالتحرك من مكانها لولا ان ناداها قائلا: وعد..
التفتت اليه في لهفة وقالت: اجل.. ما الأمر؟..
ابتسم وقال وهو يرفع مفاتيح سيارته امام ناظريها: لقد نسيت أخذ مفاتيح السيارة..
ابتسمت ابتسامة باهتة ومن ثم قالت: يبدوا ان ذهني مشتت هذا اليوم..
قالتها ومن ثم التقطت من كفه المفاتيح قبل ان تتجه بخطوات بطيئة لتسير بممر المشفى وهي تختلس النظر اليه بين الفترة والاخرى.. وتفكر في العودة اليه.. لا تريد ان تتركه .. ولكن هذه هي فرصتها الوحيدة كما قال طارق لتكون صحفية.. وتنهدت بقوة وهي تغادر المشفى الى حيث مواقف السيارات.. وهناك انطلقت بسيارته الى ذلك المبنى على الفور لتأخذ تقريرها ومن ثم تنطلق بعدها الى الصحيفة.. ولكن ذهنها وتفكيرها ظلا مع طارق.. طارق الذي دافع عنها بكل شجاعة وشهامة.. طارق الذي لم يكترث بأي شيء قد يصيبه من اجلها.. طارق الذي تشعر باهتمامه نحوها احيانا وتتمنى ان يكون ما هو اكثر من ذلك.. طارق الذي وثق بها وفتح لها قلبه ليخبرها بالحكاية التي جعلته بارد المشاعر وصلب الاحاسيس..
سؤال واحد اخذ يشغل تفكيرها.. لماذا يهتم لأمرها وترى في عينيه الحنان احيانا.. هل يبادلها المشاعر؟..لا.. بكل تأكيد لا..مايا هي حب حياته ويبدوا بأنها قد احتلت قلبه بالكامل حتى انه لم يعد يرى سواها في هذا العالم.. على الرغم من انها قد غادرته..انا لست الا زميلة عزيزة استطاعت اخراجه من محنته واعادته الى جزء من طبيعته السابقة.. الم يقل ذلك بنفسه؟..
وانتبهت في تلك اللحظة الى وصولها بجوار سيارتها.. وهبطت من سيارته لتتجه الى سيارتها وتفتح الباب الامامي لتأخذ من داخل السيارة كل الاوراق اللازمة لتقريرها وكاميرتها الخاصة.. قبل ان تعود الى سيارته وتنطلق بها الى الصحيفة ..وحاولت بقدر الامكان ان تصل قبل فترة تسمح لها بتسليم تقريرها ..على الاقل قبل ربع ساعة من اغلاق الصحيفة لابوابها.. وضغطت على دواسة الوقود لتزيد من سرعة السيارة..
وما ان وصلت الى المواقف حتى اسرعت بايقاف السيارة.. والخروج منها.. لتدلف الى المبنى وتصعد بالمصعد الى الطابق الثالث..والتقطت نفسا عميقا وهي ترى نفسها اخيرا امام باب مكتب رئيس التحرير.. وطرقت الباب بطرقات متتابعة.. وما ان سمعت صوته يدعوها للدخول.. حتى دلفت الى الداخل وهمت بقول شيء ما .. لولا ان اسرع رئيس التحرير يقول ساخرا: لا يزال الوقت مبكرا يا انسة..لماذا جئت؟.. لم يبقى على انتهاء وقت العمل سوى عشر دقائق..
قالت وعد وهي تطلع الى ساعة يدها: بل اثنا عشر دقيقة يا استاذ نادر..
صاح فيها قائلا: لا تستخفي بدمك أتفهمين.. نحن هنا بالصحيفة علينا ان نسابق الزمن.. وانت ماذا فعلت ؟.. ارسلتك بمهمة قبل اربع ساعات لمجرد اعداد تقرير وصور.. لتختفي ولا اراك الا قبل عشر دقائق من انتهاء وقت العمل..
قالت وعد وهي تزفر بحدة: لم يكن ذلك بيدي يا استاذ نادر .. لقد تأخرنا بسبب عدد من المشاكل التي واجهتنا.. ولو علمت بما اصابنا لما قمت بلومي على تأخري..
قال رئيس التحرير بحدة: لا يهمني ما قد يحدث.. ما يهمني هو ان تقومي بعملك في وقته المحدد.. لقد اتفقت معك ان تسلميني التقرير هذا اليوم والا ...
قاطعته قائلة وهي تضع الاوراق على الطاولة: لا داعي للتهديد.. ها هو التقرير امامك وبالنسبة للصور فستكون جاهزة بعد قليل فحسب..
تطلع الى التقرير الذي امامه بغرابة وكأنه كان يظن بأنها لن تستطيع ان تعده وتنتهي منه اليوم وخصوصا بعد ان تأخرت كل هذا الوقت ومن ثم قال: حسنا لا بأس و بما انك سلمت التقرير اليوم فسأتقاضى عن الأمر..وقرار تعيينك في الوظيفة بشكل مستمر سيصدر بعد مراجعة التقرير بنفسي ومعرفة ان كنت اهلا لتكوني في هذا المكان او لا..
قالت وهي تمط شفتيها: والان يا استاذ نادر.. هل استطيع الانصراف؟..
اومأ برأسه بهدوء .. والتفتت عنه.. فأسرع يهتف بها قائلا: لحظة واحدة..
التفتت له فقال وهو يعقد حاجبيه: ما الذي دعا الى تأخركما انت والاستاذ طارق؟.. هل قام بمساعدتك في اعداد التقرير؟.. لقد وعدني بأن لا يفعل وانا اعرف من يكون هذا الاخير جيدا.. وبما انه قد وعد فهو لا يخلف ابدا.. ربما انت من الح عليه و...
قاطعته في سرعة واستنكار: لا داعي للقلق.. لم يساعدني بحرف واحد.. ثم انه لم يكن لديه الوقت الكافي لمساعدتي..
قال متسائلا: لم ؟..ما الذي حدث؟..
قالت ببرود: بما انك تثق به اسأله بنفسك.. فأخشى ان تعتبر ما سأقوله كذبا..
عقد حاجبيه بقوة وقال بصرامة: عودي الى مكتبك في الحال..
هزت كتفيها وقالت: ومن قال اني لن افعل..
وخرجت من مكتبه لتهبط بالمصعد الى الطابق الثاني ومن ثم تتوجه الى القسم الذي تعمل به..وهناك قابلها أحمد وقال بدهشة: انسة وعد.. متى عدت؟..
قالت وهي تزفر بحدة: الان فحسب..
تسائل قائلا: وما الذي حدث لك؟.. لقد اتصلت على طارق فجأة واتجه بعدها فورا مغادرا الصحيفة..
قالت وهي تتنهد: انها حكاية طويلة.. سأخبرك بها.. ولكن هل تصنع لي معروفا ؟..
قال مبتسما: بكل تأكيد..
سلمته كاميرتها ومن ثم قالت: اريدك ان تقوم بطباعة الصور الموجودة في ذاكرة هذه (الكاميرا)..
قال مبتسما: هذا فقط.. لقد ظننت ان الامر فيه توسل للمدير او شيء من هذا القبيل..
ابتسمت بهدوء.. في حين قام هو بتشغيل الة التصوير..ومن ثم وصلها بجهاز الحاسوب..وقال وهو مندمج بعمله: والان.. اخبريني ما الذي حدث لك انت ؟..واين طارق؟..
اخذت تشرح له الامر بهدوء.. ةتباطئت سرعة عمله على جهاز الحاسوب وهو يستمع اليها وعيناه تتوسعان تدريجيا.. وقالت منهية الحديث: ولقد جئت الى هنا لاسلم التقرير ومن ثم انطلق الى المشفى مرة اخرى حيث سيكون طارق..
قال احمد بغير تصديق: كل هذا قد حدث دون حتى ان يخبرني احدكما.. ورجال الشرطة كيف لم ينتبهوا لكل ما حدث؟..
قالت وهي تتنهد: لقد كانوا جميعا مشغولون بالمبنى والاصابات .. وسيارتي كانت تبعد قليلا عنهم..
قال احمد وهو يعقد حاجبيه: وذلك الوغد.. كيف استطاع ان يختلق كل تلك الاكاذيب ليبرأ نفسه؟..
- انسان وقح مثله كان علينا ان نتوقع كل شيء منه..
غمز بعينه وقال: بصراحة..لقد كان يستحق ما فعلته به..
فهمت انه يعني تلك الصفعة التي وجهتها لذلك الشاب الوقح عندما تجرأ وامسك ذراعها..ابتسمت لوهلة ومن ثم لم تلبث ان قالت في سرعة: حسنا يا استاذ احمد.. معذرة إن كنت سأأخرك عن اعمالك لتقوم بطباعة صور التقرير..ولكني مضطرة لأذهب الى الاستاذ طارق بالمشفى... حتى...
قاطعها قائلا: يبدوا انه لم يعد هناك حاجة لذهابك..
قالت بغرابة: ماذا تعني؟..
ابتسم وقال: انظري من جاء الينا بنفسه..
رفعت رأسها الى حيث ينظر واصطدمت عيناها بعيني طارق للحظات.. وهي في ذهول من وجوده معهم .. وقال هو بابتسامة: مرحبا بالجميع..
قال احمد مبتسما: اهلا بك.. وحمدلله على السلامة..
نقلت وعد بصرها لا اراديا الى ذراعه لتطلع الى ذلك الرباط الذي التف حول ذراعه.. وتمالكت نفسها لتتحدث وتسيطر على ذهولها.. في حين قال طارق مبتسما: ماذا يا وعد؟.. الا يوجد حمدلله على السلامة على الاقل؟..
قالت وهي لا تزال غير مستوعبة لما تراه: كيف جئت الى هنا؟..
قال وهو يهز كتفيه: بواسطة سيارة اجرة..
قالت وهي تعقد حاجبيها: ولماذا لم تنتظرني حتى اعود؟..الم تعدني بذلك؟..
قال مبتسما: بلى ولكني لم اشأ ان اتعبك..
قالت بحنق: انت مصاب وتفكر ان كان مجرد توصيلك سيتعبني ام لا..
لم يجبها فقالت بحنق اكبر: عنيد..
قال طارق بهدوء وهو يتقدم منها: ولكني لست اشد عنادا منك.. ارأيت ماذا فعل بك عنادك.. لولا وصولي الى المكان في الوقت المناسب.. يعلم الله ما قد كان سيحدث لك..
كانت تعلم انها مخطأة ولكنها قالت بتحدي: لقد سار كل شيء على ما يرام.. وما حدث كان مصادفة ليس الا..
قال وهي يتطلع لها بضيق: ستظلين على عنادك هذا دائما..
والتفت عنها ليتوجه الى مكتبه .. فاسرعت تقول وهي تطرق برأسها: اسفة على كل ما حصل لك اليوم بسببي..
قال طارق وهو يلتفت لها وقد تحول ضيقه الى ابتسامة: وماذا كنت اقول انا منذ الصباح؟.. لا داعي للاعتذار.. انت لا تعلمين بانك زميلة عزيزة علينا جميعا هنا..
ابتسمت بهدوء وهي تطلع اليه..في حين كان احمد قد راقب كل ما حدث امامه.. وانصت الى كل ما قيل.. وهو يظن.. لا بل متأكد.. ان قصة حب جديدة اخذت تنسج خيوطها بين هاذين الاثنين...
***********
قال طارق بهدوء شديد وهو يجلس على مقعد الانتظار: لن تفيديني في شيء.. سأدخل الى داخل الغرفة ليتم خياطة الجرح ومن ثم اخرج.. ماذا ستفعلين انت؟.. وعلى ماذا تريدين الاطمئنان؟..
قالت وعد باصرار: لن اتركك.. انا من كان سببا في اصابتك هذه .. وعلي على الاقل ان اطمأن عليك..
قال طارق وهو يزفر بحدة: تطمأني على ماذا؟.. خياطة الجرح؟.. استمعي الي.. الصحيفة ستغلق ابوابها بعد نصف ساعة لا اكثر.. خذي سيارتي واذهبي بها لتجلبي تقريرك من سيارتك ومن ثم تنطلقين الى الصحيفة لتسلمي تقريرك.. وحتى يحين ذلك الوقت.. اكون انا قد عولجت.. وبانتظارك حتى تعودي الي واصطحبك بسيارتي الى حيث سيارتك..
ظهر التردد على وجهها فقال وهو يشد على يدها بتشجيع بيده السليمة: هيا يا وعد.. انها فرصتك الوحيدة لتكوني صحفية.. اليست هذه هي كلماتك؟..
قالت بتردد: ولكني قلقة عليك..
قال وهو يتنهد: لن تفيديني في شيء بانتظارك معي.. وثانيا سأكون بانتظارك هنا.. حتى تنتهي من تسليم تقريرك.. ومن ثم ينتهي وقت العمل بالصحيفة.. فتعودي الى هنا.. اتفقنا؟..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: هل ستكون بخير لوحدك؟..
ابتسم وقال: لست بطفل يا وعد.. يمكنك الذهاب ..وسأكون على ما يرام..
قالت وعد بكلمات متقطعة: اهتم بنفسك..
ونهضت من مكانها فقال هو مبتسما: بل اهتمي انت بنفسك..
اومأت برأسها وهمت بالتحرك من مكانها لولا ان ناداها قائلا: وعد..
التفتت اليه في لهفة وقالت: اجل.. ما الأمر؟..
ابتسم وقال وهو يرفع مفاتيح سيارته امام ناظريها: لقد نسيت أخذ مفاتيح السيارة..
ابتسمت ابتسامة باهتة ومن ثم قالت: يبدوا ان ذهني مشتت هذا اليوم..
قالتها ومن ثم التقطت من كفه المفاتيح قبل ان تتجه بخطوات بطيئة لتسير بممر المشفى وهي تختلس النظر اليه بين الفترة والاخرى.. وتفكر في العودة اليه.. لا تريد ان تتركه .. ولكن هذه هي فرصتها الوحيدة كما قال طارق لتكون صحفية.. وتنهدت بقوة وهي تغادر المشفى الى حيث مواقف السيارات.. وهناك انطلقت بسيارته الى ذلك المبنى على الفور لتأخذ تقريرها ومن ثم تنطلق بعدها الى الصحيفة.. ولكن ذهنها وتفكيرها ظلا مع طارق.. طارق الذي دافع عنها بكل شجاعة وشهامة.. طارق الذي لم يكترث بأي شيء قد يصيبه من اجلها.. طارق الذي تشعر باهتمامه نحوها احيانا وتتمنى ان يكون ما هو اكثر من ذلك.. طارق الذي وثق بها وفتح لها قلبه ليخبرها بالحكاية التي جعلته بارد المشاعر وصلب الاحاسيس..
سؤال واحد اخذ يشغل تفكيرها.. لماذا يهتم لأمرها وترى في عينيه الحنان احيانا.. هل يبادلها المشاعر؟..لا.. بكل تأكيد لا..مايا هي حب حياته ويبدوا بأنها قد احتلت قلبه بالكامل حتى انه لم يعد يرى سواها في هذا العالم.. على الرغم من انها قد غادرته..انا لست الا زميلة عزيزة استطاعت اخراجه من محنته واعادته الى جزء من طبيعته السابقة.. الم يقل ذلك بنفسه؟..
وانتبهت في تلك اللحظة الى وصولها بجوار سيارتها.. وهبطت من سيارته لتتجه الى سيارتها وتفتح الباب الامامي لتأخذ من داخل السيارة كل الاوراق اللازمة لتقريرها وكاميرتها الخاصة.. قبل ان تعود الى سيارته وتنطلق بها الى الصحيفة ..وحاولت بقدر الامكان ان تصل قبل فترة تسمح لها بتسليم تقريرها ..على الاقل قبل ربع ساعة من اغلاق الصحيفة لابوابها.. وضغطت على دواسة الوقود لتزيد من سرعة السيارة..
وما ان وصلت الى المواقف حتى اسرعت بايقاف السيارة.. والخروج منها.. لتدلف الى المبنى وتصعد بالمصعد الى الطابق الثالث..والتقطت نفسا عميقا وهي ترى نفسها اخيرا امام باب مكتب رئيس التحرير.. وطرقت الباب بطرقات متتابعة.. وما ان سمعت صوته يدعوها للدخول.. حتى دلفت الى الداخل وهمت بقول شيء ما .. لولا ان اسرع رئيس التحرير يقول ساخرا: لا يزال الوقت مبكرا يا انسة..لماذا جئت؟.. لم يبقى على انتهاء وقت العمل سوى عشر دقائق..
قالت وعد وهي تطلع الى ساعة يدها: بل اثنا عشر دقيقة يا استاذ نادر..
صاح فيها قائلا: لا تستخفي بدمك أتفهمين.. نحن هنا بالصحيفة علينا ان نسابق الزمن.. وانت ماذا فعلت ؟.. ارسلتك بمهمة قبل اربع ساعات لمجرد اعداد تقرير وصور.. لتختفي ولا اراك الا قبل عشر دقائق من انتهاء وقت العمل..
قالت وعد وهي تزفر بحدة: لم يكن ذلك بيدي يا استاذ نادر .. لقد تأخرنا بسبب عدد من المشاكل التي واجهتنا.. ولو علمت بما اصابنا لما قمت بلومي على تأخري..
قال رئيس التحرير بحدة: لا يهمني ما قد يحدث.. ما يهمني هو ان تقومي بعملك في وقته المحدد.. لقد اتفقت معك ان تسلميني التقرير هذا اليوم والا ...
قاطعته قائلة وهي تضع الاوراق على الطاولة: لا داعي للتهديد.. ها هو التقرير امامك وبالنسبة للصور فستكون جاهزة بعد قليل فحسب..
تطلع الى التقرير الذي امامه بغرابة وكأنه كان يظن بأنها لن تستطيع ان تعده وتنتهي منه اليوم وخصوصا بعد ان تأخرت كل هذا الوقت ومن ثم قال: حسنا لا بأس و بما انك سلمت التقرير اليوم فسأتقاضى عن الأمر..وقرار تعيينك في الوظيفة بشكل مستمر سيصدر بعد مراجعة التقرير بنفسي ومعرفة ان كنت اهلا لتكوني في هذا المكان او لا..
قالت وهي تمط شفتيها: والان يا استاذ نادر.. هل استطيع الانصراف؟..
اومأ برأسه بهدوء .. والتفتت عنه.. فأسرع يهتف بها قائلا: لحظة واحدة..
التفتت له فقال وهو يعقد حاجبيه: ما الذي دعا الى تأخركما انت والاستاذ طارق؟.. هل قام بمساعدتك في اعداد التقرير؟.. لقد وعدني بأن لا يفعل وانا اعرف من يكون هذا الاخير جيدا.. وبما انه قد وعد فهو لا يخلف ابدا.. ربما انت من الح عليه و...
قاطعته في سرعة واستنكار: لا داعي للقلق.. لم يساعدني بحرف واحد.. ثم انه لم يكن لديه الوقت الكافي لمساعدتي..
قال متسائلا: لم ؟..ما الذي حدث؟..
قالت ببرود: بما انك تثق به اسأله بنفسك.. فأخشى ان تعتبر ما سأقوله كذبا..
عقد حاجبيه بقوة وقال بصرامة: عودي الى مكتبك في الحال..
هزت كتفيها وقالت: ومن قال اني لن افعل..
وخرجت من مكتبه لتهبط بالمصعد الى الطابق الثاني ومن ثم تتوجه الى القسم الذي تعمل به..وهناك قابلها أحمد وقال بدهشة: انسة وعد.. متى عدت؟..
قالت وهي تزفر بحدة: الان فحسب..
تسائل قائلا: وما الذي حدث لك؟.. لقد اتصلت على طارق فجأة واتجه بعدها فورا مغادرا الصحيفة..
قالت وهي تتنهد: انها حكاية طويلة.. سأخبرك بها.. ولكن هل تصنع لي معروفا ؟..
قال مبتسما: بكل تأكيد..
سلمته كاميرتها ومن ثم قالت: اريدك ان تقوم بطباعة الصور الموجودة في ذاكرة هذه (الكاميرا)..
قال مبتسما: هذا فقط.. لقد ظننت ان الامر فيه توسل للمدير او شيء من هذا القبيل..
ابتسمت بهدوء.. في حين قام هو بتشغيل الة التصوير..ومن ثم وصلها بجهاز الحاسوب..وقال وهو مندمج بعمله: والان.. اخبريني ما الذي حدث لك انت ؟..واين طارق؟..
اخذت تشرح له الامر بهدوء.. ةتباطئت سرعة عمله على جهاز الحاسوب وهو يستمع اليها وعيناه تتوسعان تدريجيا.. وقالت منهية الحديث: ولقد جئت الى هنا لاسلم التقرير ومن ثم انطلق الى المشفى مرة اخرى حيث سيكون طارق..
قال احمد بغير تصديق: كل هذا قد حدث دون حتى ان يخبرني احدكما.. ورجال الشرطة كيف لم ينتبهوا لكل ما حدث؟..
قالت وهي تتنهد: لقد كانوا جميعا مشغولون بالمبنى والاصابات .. وسيارتي كانت تبعد قليلا عنهم..
قال احمد وهو يعقد حاجبيه: وذلك الوغد.. كيف استطاع ان يختلق كل تلك الاكاذيب ليبرأ نفسه؟..
- انسان وقح مثله كان علينا ان نتوقع كل شيء منه..
غمز بعينه وقال: بصراحة..لقد كان يستحق ما فعلته به..
فهمت انه يعني تلك الصفعة التي وجهتها لذلك الشاب الوقح عندما تجرأ وامسك ذراعها..ابتسمت لوهلة ومن ثم لم تلبث ان قالت في سرعة: حسنا يا استاذ احمد.. معذرة إن كنت سأأخرك عن اعمالك لتقوم بطباعة صور التقرير..ولكني مضطرة لأذهب الى الاستاذ طارق بالمشفى... حتى...
قاطعها قائلا: يبدوا انه لم يعد هناك حاجة لذهابك..
قالت بغرابة: ماذا تعني؟..
ابتسم وقال: انظري من جاء الينا بنفسه..
رفعت رأسها الى حيث ينظر واصطدمت عيناها بعيني طارق للحظات.. وهي في ذهول من وجوده معهم .. وقال هو بابتسامة: مرحبا بالجميع..
قال احمد مبتسما: اهلا بك.. وحمدلله على السلامة..
نقلت وعد بصرها لا اراديا الى ذراعه لتطلع الى ذلك الرباط الذي التف حول ذراعه.. وتمالكت نفسها لتتحدث وتسيطر على ذهولها.. في حين قال طارق مبتسما: ماذا يا وعد؟.. الا يوجد حمدلله على السلامة على الاقل؟..
قالت وهي لا تزال غير مستوعبة لما تراه: كيف جئت الى هنا؟..
قال وهو يهز كتفيه: بواسطة سيارة اجرة..
قالت وهي تعقد حاجبيها: ولماذا لم تنتظرني حتى اعود؟..الم تعدني بذلك؟..
قال مبتسما: بلى ولكني لم اشأ ان اتعبك..
قالت بحنق: انت مصاب وتفكر ان كان مجرد توصيلك سيتعبني ام لا..
لم يجبها فقالت بحنق اكبر: عنيد..
قال طارق بهدوء وهو يتقدم منها: ولكني لست اشد عنادا منك.. ارأيت ماذا فعل بك عنادك.. لولا وصولي الى المكان في الوقت المناسب.. يعلم الله ما قد كان سيحدث لك..
كانت تعلم انها مخطأة ولكنها قالت بتحدي: لقد سار كل شيء على ما يرام.. وما حدث كان مصادفة ليس الا..
قال وهي يتطلع لها بضيق: ستظلين على عنادك هذا دائما..
والتفت عنها ليتوجه الى مكتبه .. فاسرعت تقول وهي تطرق برأسها: اسفة على كل ما حصل لك اليوم بسببي..
قال طارق وهو يلتفت لها وقد تحول ضيقه الى ابتسامة: وماذا كنت اقول انا منذ الصباح؟.. لا داعي للاعتذار.. انت لا تعلمين بانك زميلة عزيزة علينا جميعا هنا..
ابتسمت بهدوء وهي تطلع اليه..في حين كان احمد قد راقب كل ما حدث امامه.. وانصت الى كل ما قيل.. وهو يظن.. لا بل متأكد.. ان قصة حب جديدة اخذت تنسج خيوطها بين هاذين الاثنين...
تعليق