رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *مزون شمر*
    عضو مؤسس
    • Nov 2006
    • 18994

    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي



    -


    قبل عدة ساعات، واقف بجهة مقاربة لمكان اللقاء المنتظر، ينظر لرسالة مجهولة المصدر تثير في داخله 100 إستفهام، تجمدت أصابعه على الورقة البيضاء، حتى تجعدت أطرافها بضيق صبره الذي لم يعد يحتمل أي مماطلة.
    عبدالرحمن : كيف جت هالرسالة الى هنا ؟
    : هذا اللي ما نعرفه! وش رايك؟ كيف نتصرف؟
    عبدالرحمن تنهد : مستحيل يكون فيصل أخفى عننا شي ثاني!!
    : وممكن أخفى!
    عبدالرحمن يخرج من السيارة ليستنشق من هواء باريس النقي، أخرج هاتفه ليتصل على سلطان، يرن مرة ومرتين ولا إجابة.
    في مكان اخر كان ينظر إلى ملامحهم بريبة، اقترب من أحدهم ليقف بتوتر : سم طال عمرك
    سلطان يقرأ الإسم على البطاقة ليردف وصوته المتعب يشتد ببحته : متى توظفت ؟
    : ا . . قبل 4 شهور تقريبا
    سلطان : 4 شهور!!! على أي أساس
    : كانوا طالبين إداريين
    سلطان : مين طالب؟
    هز كتفيه باللامعرفة : أنا قدمت أوراقي لإدارة شؤون الموظفين وبعد كم يوم اتصلوا واقبلوني
    سلطان يسند ذراعه على الطاولة : مافيه شي مستقل إسمه إدارة شؤون الموظفين! الإدارة هذي مسؤولة عن الموظفين اللي متعينيين رسميا ماهي مسؤولة عن التوظيف
    : ا أتوقع إدارة التوظيف أختلط علي الإسم
    سلطان : ومين هذي إدارة التوظيف اللي ما اعرفها
    أحمد من خلفه خشية من تعب سلطان أن لا يتفاقم : طال عمرك أنت ارتاح وأنا . .
    يقاطعه سلطان : أول نتعرف على الأخ الكريم اللي قدامي! مين إدارة الموظفين؟
    : أنا قدمت أوراقي و . .
    يقاطعه سلطان : لمين؟ أي موظف؟
    : ما أدري عن إسمه . . ما أعرفهم
    سلطان بسخرية : ماتعرفهم! صار لك 4 شهور هنا وتقول ما أعرفهم! لا يكون بعد ما تعرفني
    بإبتسامة مرتبكة : لا أكيد الله يسلمك . . أنا أقصد ناسي مين استقبلني في التوظيف؟
    سلطان : وش سألوك في المقابلة الشخصية للوظيفة ؟
    : ا . . سألوني عن . . تخصصي و . .
    سلطان بحدة : وش سألوك بعيد عن التخصص؟
    : عن توقعي لطبيعة العمل هنا و . .
    سلطان يقاطعه بغضب لم يسيطر عليه : ما فيه حمار يسأل واحد متقدم لوظيفة وش تتوقع طبيعة العمل هنا؟ وش رايك بعد يسألك ويقول متوقع أنك بتنبسط ولا بتتضايق؟ . . تستهبل على مخي!!!
    : لا طال عمرك ماعاش من يستهبل عليك . . أنا بس توترت من سؤالك ومو قادر أتذكر التفاصيل
    سلطان يقترب بخطاه أكثر : كيف مو قادر تتذكر التفاصيل! رحت أي دور؟
    : الأول
    سلطان بإبتسامة يكاد أن يحترق من خلفها : الدور الأول مافيه غير الحجز وبعض الأرشيفات!!!
    : إلا
    سلطان : يعني تعرف أكثر مني! دلني وين أي مكتب؟
    شتت نظراته المرتبكة : أنا بس ما تعودت أتكلم معاك وما أشوفك الا بالجرايد و .. يعني عشان كذا شوي متوتر أكيد مو قصدي أخدعك بمعلومة
    سلطان : سمعني وش السي في حقك؟
    : تخصصي محاسبة
    سلطان : محاسبة!! فيه أحد متوسط لك هنا!! . . .
    بعصبية يكمل : يعني لازم أوقف عند راس كل واحد وأقيم شغله مافيه إدارة صاحية تمسك مهامها صح!
    أحمد : الحين أرسلك ملف تعيينه
    سلطان : ناد لي مسؤول التوظيف! بشوف وش هالوظايف اللي نزلت بدون علمي!!!
    أحمد : أبشر . . إتجه للطابق العلوي مرتبكا من غضب سلطان الذي يجتمع مع تعبه ومرضه، سلطان بنظرة تفحصية : وش قاعد تشتغل عليه الحين؟
    : و .. ولا شي اليوم ماعطوني أشياء أراجعها وابحث فيها
    سلطان : تبحث وتراجع فيها؟ قلت أنك محاسبة وداخل على أساس أنك إداري! والحين تقول أبحث وأراجع!!! وش وظيفتك بالضبط؟ يمكن أنا غبي وماأفهم بعد كل هالسنين
    : محشوم! أنا أقصد اليوم شغلنا خفيف ما كان فيه شي
    سلطان : عطوك ملفات تبحث فيها وتدقق؟
    : ا . . ل . . أقصد إيه
    سلطان : ملفات أيش؟
    : إستجوابات ساب
    سلطان بغضب : هذي الملفات ما يمسكها أي أحد! بعطيك دقيقة وحدة إذا ما تكلمت بدون لف ودوران ساعتها بوريك نجوم الليل في عز الظهر!!!
    خرجت عروق وجهه الضيقة بالإرتباك : أتكلم عن أيش؟
    سلطان : وظيفتك كإداري هنا يعني بتمسك ملفات الموظفين وتتابع إجازاتهم و معاشاتهم و كل ما يتعلق فيهم! لأنك أنت هنا بمكتب شؤون الموظفين يا ذكي!!
    تجمدت ملامحه دون أن تفلت منه كلمة واضحة.
    سلطان : ما تشوف اللوحة اللي قدامك!!
    بسخرية يكمل : هنا يجون طال عمرك و يقدمون على إجازاتهم وأعذارهم الطبية و يقدمون للدورات السنوية والشهرية . . 4 شهور ما علمتك هالأشياء؟ . .
    دخل أحمد ويرافقه المسؤول عن التوظيف المبدئي قبل المقابلة الشخصية، إلتفت سلطان : ألأخ الكريم هذا مين موظفه؟ مر عليك ملفه ؟
    المسؤول : إيه الله يسلمك وظفناه يوم ترقوا الدفعة السابقة
    سلطان إلتفت على الموظف الاخر : هذا اللي وظفك؟ مريت من عنده
    توتر من ضيق تنفسه الذي لا تسعه حنجرته، سلطان : واضح من نظراتك أنه هذي أول مرة تشوفه
    المسؤول : اللي مروا علي كثير حتى أنا شخصيا ما اتذكره لكن اللي قبل 4 شهور مروا علي قبل المقابلة الشخصية
    سلطان : عبدالرحمن شافهم؟
    المسؤول : أتوقع . .
    سلطان بحدة : ماأبيك تتوقع! أبي عبدالرحمن وش قال؟
    المسؤول : ما شافهم
    سلطان ينظر للطاولة وعليها هاتفه : عطني جوالك
    : عفوا!!
    سلطان : قلت عطني جوالك!!!
    مد له هاتفه بربكة تشتت نظراته.
    اتصل على اخر رقم وهو يضعه على السماعة الخارجية " سبيكر " : هلا فهد . .
    سلطان ينظر لبطاقته التي يعلقها بإسم " وليد " أغلقه ليرمي الهاتف على وجهه : يا سلام على الحمير اللي عندي!!!
    لم يتردد سلطان ولا للحظة بأن يلكمه أمام الجميع على عينه، بغضب كبير : حسابك أقسم لك بالله بيكون عسير! . . وخل زياد ينفعك يوم توسط لك هنا!!
    إلتفت لأحمد :أفتح لي تحقيق بطريقة توظيفه! . . بتهديد عيناه للمسؤول الذي أمامه . . لو عرفت بأنه لك علاقة ولا أحد ثاني هنا له علاقة أقسم بالله ماراح أرحمكم!!! . . وأحجز هالكلب . . حتى الكلب أشرف من هالأشكال . .
    أقترب من فهد مرة أخرى ليردف : أضيف للسي في حقك يا محاسب تهم تزوير وتلاعب و .. والباقي تعرفه إن شاء الله لا أحكموا عليك . .
    خرج وهو يفتح ياقة ثوبه بعد ان اختنق بغضبه، دخل مكتبه بشعور فظيع، كل مصيبة يتداركها تجعله يقف بحيرة مما يخفى عليه، جلس ليطوق رأسه بكفيه : يارب رحمتك
    رفع عينه لهاتفه الذي يهتز، أجاب : هلا بوسعود
    عبدالرحمن : صار لي ساعة أدق عليك!!
    سلطان : ما كنت بالمكتب! . . أكتشفت مصيبة جديدة
    عبدالرحمن : واضح أنه اليوم يوم مصايب!!
    سلطان : ليه وش صار؟
    عبدالرحمن : قولي مصيبتك أول بعدين بتفاهم معك على اللي صاير هنا
    سلطان : وأنا داخل اليوم شفت واحد بمكتب شؤون الموظفين . . وشكله غريب أول مرة أشوفه! المهم كلمته وبدا يرتبك ويلف ويدور! . . بالنهاية طلع حيوان زيه زي غيره . . وشكله هو اللي يوصل الأخبار بعد زياد
    عبدالرحمن تنهد براحة : الحمدلله على الأقل قطعنا جذورهم من عندنا
    سلطان : إيه هذا أهم شي . . لله الفضل والمنة
    عبدالرحمن : جتني رسالة مدري مين حاطها! وبقولك بس أبيك تشيل فكرة سلطان العيد من بالك
    سلطان بسخرية : قول أصلا مخي متشنج من سالفة سلطان الله يرحمه
    عبدالرحمن : مكتوب أنه رائد ما راح يجي وأنه مقابلتنا مع سليمان راح تكشفنا بطريقة خاطئة وبتخلينا نفقد سيطرتنا على الموضوع !!
    سلطان : مين هذا ؟
    عبدالرحمن : أنا نفسي ماني عارف! مكتوب بخط اليد
    سلطان : تعرف خط سلطان العيد؟
    عبدالرحمن تنهد : أستغفر الله!! سلطان وش قلنا ؟ الرجال ميت والله يرحمه لا تشوش أفكارنا بشي مستحيل
    سلطان : طيب ليه مانقول هذي لعبة منهم عشان يبعدونا!
    عبدالرحمن : أنا فكرت بهالطريقة بس رائد إلى الان ما وصل
    سلطان : صار له شي؟
    عبدالرحمن : ماأتوقع! لو صار له كان وصلنا خبر . .
    سلطان : وين عبدالعزيز ؟
    عبدالرحمن بغضب ساخر : ما بشرتك؟
    سلطان تنهد : وش بعد؟
    عبدالرحمن : عبدالعزيز عرف عن غادة والحين ما أدري وين مكانه
    سلطان تجمدت ملامحه/نظراته ليردف : شلون عرف؟
    عبدالرحمن : وصلت له صورها مع ناصر!! وأكيد الحين مقوم الدنيا والله يستر وش قاعد يخطط له
    سلطان : كل شي انقلب على راسنا بوقت واحد!
    عبدالرحمن : سلطان . . وش رايك تجي باريس؟ خلنا ننهي الموضوع بسرعة ماعاد يتحمل خسارات فوق كل هذا!
    سلطان : وهنا؟
    عبدالرحمن : منت وحدك! فيه مسؤولين وفيه موظفين! . . نحتاج تجي ، بالنهاية مافي غير هالحل! لازم نتنازل ونقابلهم!! بكلا الحالتين إحنا مستعينيين بالسلطات الفرنسية بأنها تقبض عليهم لكن مستحيل يتم بدون لا نحطهم كلهم قدام بعض ونخليهم يطيحون في شر أعمالهم
    سلطان تنهد : هالطريقة سوها سلطان العيد قبلنا وطاح فيها
    عبدالرحمن : وش نسوي؟ نجلس نحط إيدنا تحت خدنا ونراقب كيف واحد ورى الثاني يضيع! والله يعلم الحين كيف حال ناصر ولا حال عبدالعزيز!!!
    سلطان : ما قلت نحط إيدنا على خدنا! لكن فيه حلول منطقية أكثر!! أخاف نخسرهم مثل ما خسرنا قبلهم
    عبدالرحمن : وش الحل المنطقي برايك ؟
    سلطان : نفاوض رائد، هو أصلا بينه وبين سليمان عداوة، ممكن نمحي سليمان عن طريقه . . وبعدها نفكر بطريقة نقبض فيها على رائد بدون أي مشاكل وبأدلة واضحة بدون لا نلقى له دعم من الجوازات اللي يحملها!!
    عبدالرحمن : مستحيل رائد بيتعاطى معك
    سلطان : نجرب ونحاول
    عبدالرحمن بحدة : ماهو وقت تجربة يا سلطان!!! وإحساسي يقول أنه فيصل مخبي عنا شي غير اللي قاله!! رسايل رائد ولا سليمان ماتجي بهالطريقة!
    سلطان : يوم راجعت الموظفين عند رائد مر عليك إسم فهد؟
    عبدالرحمن : لا . . كل الأسماء كانت صحيحة ما عدا إسم واحد بحثت عنه ولا قدرت ألقى أي معلومة عنه
    سلطان يمسك الورقة التي أمامه ويخرج القلم من جيبه الأمامي : وش إسمه ؟
    عبدالرحمن : قاسم معاذ
    سلطان عقد حاجبيه : قاري هالإسم بس مدري وين
    عبدالرحمن : حتى أنا حسيت أنه مار علي بس يوم بحثت فيه ما لقيت أي شي!! أتوقع إسم مزور
    سلطان يشخبط على الورقة برسوم تخطيطة وأسهم كثيرة : إذا قلنا أنه بداية دخول سليمان كانت عن طريق قضية منصور! ومثل ما فهمنا من عبدالله أنه أم المقتول تنازلت بشرط زواج بنتها! لو افترضنا أنه الأم تبي الستر لبنتها مستحيل تسلمها لقاتل ولدها! . . فيه لبس بالموضوع!! هذا يعني أنه فيه توقعين إما أنه فهد معهم! أو أنه فهد ضحية راحت بيد يزيد اللي حاول يلبسها منصور وهددوا أم فهد . . في كلا الحالتين أكيد فيه شي تعرفه أم فهد!!
    عبدالرحمن : أنا متاكد من مسألة أم فهد! فيه شي وراها . . ممكن يكون الإسم المزور قاسم معاذ صاحبه يزيد!! أو ممكن أحد يعرفه رائد . . بس المشكلة انه اللي داخلين بين رائد وسليمان مصرحين بأسماءهم ما خافوا من رائد أنه يكشفهم!! هذا يعني أنه الإسم المزور ماله علاقة بسليمان . . يعني مو يزيد! لكن أكيد يزيد له علاقة فيهم
    سلطان : تتوقع فيصل يعرف ؟
    عبدالرحمن : فيصل علاقته مع سليمان ماهو مع رائد!! يعني رجال سليمان مكشوفين قدامنا
    سلطان : ممكن حصل شي بين الحادث و وفاة سلطان العيد؟
    عبدالرحمن : رجعنا لنفس الموال! سلطان توفى بعد الحادث
    سلطان : جثث غادة و سلطان كانت جاهزة! وش هالترتيب اللي جاء بالصدفة؟
    عبدالرحمن بحدة : سلطان!! مانبي نشتغل على توقعات وأوهام
    سلطان : ما يثير فضولك أنه بو عبدالعزيز اشتغل بعد وفاته؟
    عبدالرحمن : ما اشتغل! لكن كان يتلقى تهديدات تخليه يتصرف كأي شخص
    سلطان : قدامك ملف يخص إسم يحمل فواز! ما شفناه ولا حضر ولا إستجواب ومسجل أنه تم إستجوابه من عبدالمجيد . . تقاعد عبدالمجيد راح باريس . . قبلها تقاعد سلطان راح باريس . . لا تقولي صدفة ومستحيل يتقابلون!!
    عبدالرحمن : وش تبي توصله؟
    سلطان : عبدالمجيد و سلطان مسكوا ملف فواز وممكن يكون حسب توقعنا أنه فواز هو سليمان . . لكن ممكن مايكون سليمان لأن ماعندنا دليل واضح! . . اللي يعرف سلطان وعبدالمجيد . . وبعدها يجي فيصل ويقولنا عن اللي صار بعد الحادث! وقبلها ببداية السنة يجي مقرن ويقولنا أنه عبدالعزيز ما يدري أنه غادة حية!! . . ما تحس أنه كل هالأشياء تصير من شخص واحد لكن يحاول يشتتنا لأسماء ثانية
    عبدالرحمن : لو فعلا كان هو شخص واحد! مين ممكن يخاطر بكل هالأسماء ويترك سليمان و رائد بدون علم!!
    سلطان : صرت متأكد 70٪ أنه اللي ورى كل هذا شخص نعرفه
    عبدالرحمن بغضب : تبينا نحفر قبر سلطان ونوريك أنه مات!!
    سلطان : وانا أقولك أنه مات الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة، لكن قصدي أنه ما مات بعد الحادث مباشرة! حصلت أشياء بعد الحادث وبعدها توفى
    عبدالرحمن : بكرا عندي موعد مع إدارة المستشفى وبحقق بموضوع الجثث على قولتك!!
    سلطان : طيب . . إرجع البيت الحين دام رائد ما وصل . . . أكيد هذي لعبة من رائد
    عبدالرحمن : حطينا كام داخل، براقب الوضع ولو أني عارف مستحيل يحصل التبادل بهالطريقة . . حل مسائل الشغل اللي قدامك الحين وحاول تحجز أول رحلة لباريس


    ،

    تعليق

    • *مزون شمر*
      عضو مؤسس
      • Nov 2006
      • 18994

      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي




      ابتهل قلبه بكل ذكر يتصل بالله، وقف على أقدامه التي تتجمد على المساحة الخضراء، بلع ريقه بصعوبة وهو يثبت الهاتف بكتفه، بنبرة خافتة : دخلت . .
      : طيب يا ابوي انتبه لحد يشوفك . . حاول تصعد للدور الثاني
      فيصل : البيت مراقب! في كل جهة كاميرا
      : الكاميرات الأمامية ما تتحرك، مثبته بجهة وحدة، الكاميرا اللي حولها لصق أزرق هي اللي تتحرك
      فيصل رفع عينه : اللي قدامي أتوقع أنه فيها جهاز إستشعار!!!
      : طيب . . حاول تروح للجهة الثانية
      فيصل : ما كنت أدري عن بيت سليمان هنا! أخاف داخل مايكون فيه أحد
      : تطمن انا معك وقبلي الله معك . . روح للجهة الثانية الحين
      فيصل بضيق خطواته، قطع أمتارا كثيرة حول المنزل ليقف بجانب الباب الخلفي : فيه كاميرا
      : خذ أي ورقة وأطويها على شكل مثلثات، ثبتها بأي شي وحطها على طرف الكاميرا، بيصير الفوكس عليها، معروف نظام هالكاميرات
      فيصل : بيشكون!!
      : بيحسبونه عصفور ولا أي شي . . حطها الحين
      فيصل وقف على ركبتيه على التراب، أخرج ورقة من جيبه ليطويها على شكل " طير " مررها على لسانه حتى يثبتها، رفع يده لأقصى ما يمكن أن يصل إليه، زحف بالورقة للكاميرا بخفة حتى لا تظهر وكأنها أتت فجأة.
      : ضبطتها
      : طيب الحين حرك الكاميرة للجدار وخل الورقة تتحرك معها . . بثانيتين يا فيصل مو أكثر
      فيصل بتوتر : بسم الله . . وضع إبهامه وأصبعه الأوسط خلف الكاميرا ليلفها بسرعة ويفلت يده.
      صمت لدقائق ينتظر أي ردة فعل مفاجئة ليردف بضحكة : تمام . . أدخل الحين؟
      : انتظر دقيقة عشان تتعطل كل الكاميرات اللي تتبع هالكاميرة
      فيصل : وكيف أعرف أنها تعطلت؟
      : شوف الكاميرات اللي فوق اذا تحرك إتجاهها معناها بتعلق الصورة وماراح تشتغل مثل الكاميرا الرئيسية
      فيصل رفع عينه للسور الشاهق ليراقب الكاميرات الموضوعة على جوانبه، أنتظر لدقيقة وأكثر ولم تتحرك : ما ت . . إلا .. أدخل؟
      : الطريق قدامك محد بيقدر يشوفك
      فيصل : بسم الله . . . دخل ليلتفت للمساحة الواسعة الخالية من أي ظل، نظر للنوافذ الزجاجية المغلقة، ولا عين تنفذ منها.
      إتجه نحو الباب الخلفي ليدخل بخفة دون أن يصدر أي صوت، نظر للزجاج العاكس الذي أمامه ولم يلحظ أي أحد يعبر المجالس الفارغة، إتجه نحو الدرج ليصعد بخطوات سريعة، نظر للغرف نظرة عميقة قبل أن يدخل أول غرفة على يساره، خرج منها ليتبعه دخوله للغرفة الأخرى، أغلق الباب خلفه : وين أقدر ألقى الأوراق؟
      : بتلقاهم بين الكتب اللي في غرفته
      فيصل : مستحيل يحطهم هنا!
      : مو مستحيل! دايم يحفظهم بمكان محد يتوقعه أنه يحط أوراق مهمة فيه! . . يعني مجرد تمويه
      فيصل تنهد ليبحث بين كتب أدبية ذات أسماء مشهورة تميل للأدب الغربي، أخرج كتابا كتابا وهو يبحث بين أوراقه، حتى وصل إلى المنتصف وسقطت الأوراق المطوية على الأرض، اعاد الكتاب لمكانه ليجلس على الأرض وهو يفتح الأوراق ويتأكد منها، أتسعت إبتسامته عندما قرأ إسمه، هذا الدليل الذين يستمرون بتهديدهم لي به أصبح بيدي!!
      : وش صار؟
      فيصل بنبرة تتسع لفرح عميق : لقيتهم
      : الحمدلله . . يالله فيصل أخذ منديل النظارات وأمسح كل مكان مسكته . .
      فيصل : طيب . . . أخرج المنديل الذي جاء به من جيبه، ليمسح الجهة بأكملها ويزيل بصماته من عليها : أدور على أشياء ممكن تفيد بوسعود و سلطان؟
      : خل هالأمور علي . . لا تخاطر بنفسك
      فيصل : البيت شكله فاضي . . خلني أدور؟
      : مستحيل يحط أي دليل لشغله في بيته
      فيصل : طيب . . وضع الأوراق بأكملها في جيبه دون أن يقرأها جميعها. إتجه نحو الباب حتى سمع صوت خطوات تسير بإتجاهه، وقف خلفه وهو يلصق ظهره بالجدار، انفتح الباب ليغطي نصف جسده بالباب.
      سار الشخص المجهول بإتجاه الطاولة ليردف وهو يتحدث بالهاتف : أبد هذا كل اللي صار! . . . . . . . إيه طبعا . . . . يمكن للحين بالمستشفى! . . . سمعت من واحد يقول أنه حالته خطيرة . . . إيه وش أقولك من اليوم! نفسه الحبل خنقه عاد الله أعلم مين نكبه! . . . ههههههههههههههه كل الأمور تمشي تمام . . .
      على بعد خطوات كانت النظارة الشمسية التي تعتلي رأسه تنزلق ببطء ولا يستطيع أن يرفع يده ويحرك الباب، تسارع نبضه وهو يدعو أن لا تسقط النظارة وتصدر صوتا.
      إلتفت جسد الشخص الاخر بجهة معاكسة لفيصل : كلها يومين وماعاد تسمع بإسمه . . . . . على كلامهم أنه ما لحقت الإسعاف عليه . . الكلب فهد ما يرد ولا كان عرفت وش صار بالضبط . . . . إيه ولا يهمك . . . . . دبرتوا موضوع فارس؟ . . . . . ههههههههههههه كفو والله . . . . . بأقل من اسبوع إن شاء الله ونطوي صفحتهم . . . . . كلمني قالي عيا لا يقبل الرشوة! . . والله طلعوا الفرنسيين راعيين أخلاق!! . . . . . وش قررتوا تسوون فيه؟ . . . أنا والله فكرت وقلت ليه ما تطلعون ناصر من القضية وتعلقونه بعبدالعزيز . . . . ماراح يسكت له خذها مني! . . . عبدالعزيز بعد ما عرف بيمسك ناصر ويذبحه بنفسه . . . . . . كيف بتقدر تذبحونه وهو بالسجن؟ . . . مستحيل حتى يتسمم إذا هم رفضوا الرشوات! . . . أنا أقولك هي طريقة وحدة، طلعوه وأنهوها براحتكم! ساعتها الكل راح يلتفت لهالموضوع وممكن حتى نلبس التهمة عبدالعزيز ونقول أنه اخته هي السبب وأنه يبي ينتقم ومافيه غيره متهم . . . . أضربوا عصفورين بحجر! . . . . . . ههههههههههه كلم سليمان وقوله والله بظرف يومين وبتشوف وش بيصير . . . . . . بس يبيلك تجيب بصمات عبدالعزيز وتحطها عند جثة ناصر ساعتها لو يموت ماراح يطلع منها خصوصا بهالفترة أنه عبدالعزيز ما هو خاضع لأوامر بوسعود . . . . . . . . خلاص شف سليمان وأكيد ماراح يعارض . . اهم شي جيبوا دليل يبرىء ناصر عشان يطلع . . . .. . يخي اندبلت كبدي والله أبي أخلص من هالموضوع عشان أطلع من هالخياس اللي عايش فيه
      تعرق جبينه ولمع بقطرات عرقه من التوتر والنظارة مازالت تهدده بالسقوط.
      اشتدت أنفاسه التي يحاول أن يكتمها، وهو يعلم أنه بمجرد أن يلتفت إليه سينتبه لظله الواضح،
      من خلف الهاتف فهم صمت فيصل ووصله الصوت البغيض الذي يخطط على القتل : قرب من عنده وأكتم فمه، لا تخليه يشوفك! أخنقه لين يغمى عليه وأطلع
      فيصل وضع قدمه اليسرى خلف اليمنى ليدوس على حذاءه وينزعه وكرر الحركة بقدمه اليسرى، أقترب حتى لا يصدر أي صوت بخطاه، وقف خلفه تماما وبحركة سريعة وضع ذراعه حوله، كتم على فمه أمام صرخاته التي يحاول أن يستنجد بها، دقيقتين تماما حتى ارتخى جسده وسقط مغميا عليه، بهرولة ارتدى حذاءه ونزل للأسفل، خرج للشارع المقابل للمنزل ليقف متنهدا براحة : طلعت . . .


      ،


      مسحت على وجهها مرارا، حتى فقد جلدها الحياة/اللون، تصبغت بالشحوب، ومازالت الرجفة تسكن أطرافها وتسعر بدماءها التي تنتشي بالغضب لحظة وتبكي لحظات كثيرة.
      رفعت عينيها إليه : محد راضي من أهلك علي وأنت مضطر أنك تمشي مع كلامهم!!
      يوسف بحدة : طبعا لا! لا تفسرين من مخك . . أنا الحين أكلمك بموضوع أمك لا تفتحين مواضيع ثانية
      مهرة بعينيها المحمرة بالدمع : صح كلامك . . أمي عرضتني عليك لأنها دارية أنه أخوك بريء
      يوسف بغضب يقف ليشير إليها بالسبابة : ما قلت عرضتك علي!!! لا تقوليني كلام ما قلته!! . . أنا قلت أمك تخبي شي أو خايفة أنها تقول شي يخص أخوك الله يرحمه
      مهرة بضيق : ليه تشوه صورته قدامي؟ ما تحس وش ممكن تسوي فيني لما تتكلم عن فهد بهالطريقة؟ . . ترضى أحد يتكلم عن خواتك أو عن منصور بنفس طريقتك تو!!!
      يوسف : مهرة ما تكلمت عنه بتأكيد مني، أنا بس أقولك اللي صار بالضبط واللي يبون يعرفونه من أمك! .. لا تخلينا كلنا ننحرج ونحط نفسنا بموقف بايخ بسبب أمك . . . بس دقي عليها وفهميها الموضوع وأنها لازم تتكلم! على الأقل تقولي ساعتها أقدر أتفاهم معهم بأنها ماتجي أو يحققون معها!!
      مهرة عقدت حاجبيها لتقف : طيب مثل ماتبي . . . أخذت هاتفها لتتصل على والدتها أمام أنظار يوسف المترقبة.
      : هلا يمه . .
      والدتها : هلابتس . .
      مهرة : يمه أبي أكلمك بموضوع يخص فهد الله يرحمه
      والدتها : الله يرحمه . . وش به ؟
      مهرة : تعرفين مين كلم أو مين قابل قبل وفاته؟
      والدتها : وش هالسؤال!!
      مهرة : يمه جاوبيني!
      والدتها بعصبية : اجاوبتس وانا ماعرف ليه تسألين هالسؤال!
      مهرة : لأن الحين فتحوا تحقيق وتأكدوا أنه منصور بريء لكن قالوا أنه أمه مخبية شي
      والدتها : أنا!! مهبل(ن) ما يدرون وين الله حاطهم!!
      مهرة : يمه راح يجيبونك من حايل للرياض عشان يحققون معك! إذا فيه شي قولي لي عشان نحط يوسف وأخوه بالصورة
      والدتها : وش صورته وش خرابيطه! توفى أخوتس والله يرحمه واللي ذبحه أخو رجلتس لا يلعبون بمختس!
      مهرة برجاء يذيب دموعها على خدها : يمه تكفين
      والدتها : وش تبيني أقول!! هالتسلاب لعبوا بمختس صح؟
      مهرة : راح ينادونك وبيجبرونك تجين هنا عشان التحقيق!!
      والدتها : ما يجي من وراهم خير! لو رجلتس به خير ما يقول بجيب أم مرتي وأعنيها للرياض
      مهرة : أنا وين وأنت وين يا يمه! . . بس أبي أعرف وش صار قبل وفاته
      والدتها : ما صار شي! انفجعنا عسى الله يفجع العدو
      مهرة بخفوت : يممه مو حلو منظرنا لما تروحين ويمسكونك بحجة أنه تكذبين!!
      والدتها : الله يسلط أبليس عليهم كانهم يبون يتبلون علي
      مهرة : محد يبي يتبلى عليك بس هم مستغربين كيف أم ترضى تزوج بنتها لواحد أخوه قاتل ولدها!
      والدتها : ما خلصنا من هالسالفة! انا كنت أبي أحرق قلب أهله عليه مثل ما حرقوا قلبي وأزوجك إياه بس أخوه طق الصدر وفزع له
      مهرة بضيق : طبعا أنا ولا أهمك بشي
      والدتها : أكيد تهمينن! وانا اعرف أبوهم ما يرضى بالظليمة من جينا الرياض ولا جابوا سيرة أمنها انذكر اسمه
      مهرة : يعني هذا سبب مقنع لطريقة زواجي عشان تقنعين الشرطة فيه
      والدتها : إيه سبب مقنع عاجبهم يا هلا ماهو عاجبهم يضربون راسهم بالجدار وش علاقتي بعد
      مهرة : فهد الله يرحمه قابل أحد؟ يمه تكفين جاوبيني
      والدتها : ما قابل أحد . . طلع من البيت ومن بعدها صار اللي صار . . وش بيدرينن عن الغيب
      يوسف يقترب منها : عطيني أكلمها . . مدت له الهاتف ليأخذه : ألو
      والدتها : هلا بالصوت اللي ما وراه شي(ن) زين
      يوسف : هذي شرطة ماهي لعبة عشان تخدعينهم!! خلال أسبوع راح يوصلك خبر إستدعاءك وإن ماجيتي برضاك بيجيبونك بالغصب وساعتها استقبلي الفضايح
      أم مهرة : وش تبينن أسوي! أتعنى للرياض عشان أقابلهم
      يوسف : بس جاوبينا على أسئلتنا! . . تعرفين شي وماقلتيه؟ إذا خايفة قولي لي أنا وماراح يجيك شي
      أم مهرة : وش خايفتن منه! صاحي أنت!!! . . هذا ولدي يالأغبر تبينن أضره حتى وهو في قبره! كل اللي عندي قلته ليلة الحادثة الله لا يعيدها من ليلة
      يوسف بتوسل : أنا اسف . . حقك علي بس تكفين قولي وش اللي تخبينه علينا؟
      أم مهرة : لا حول ولا قوة الا بالله أحتسي صيني ما تفهم!
      يوسف : لا تفضحينا أكثر ما أحنا مفضوحين! . . وش اللي تعرفينه عن فهد الله يرحمه؟ إذا غلط قولي لنا وصدقيني موب صاير شي شين!
      أم مهرة : اللي يغلط أشكالك ماهو ولدي اللي يغلط
      يوسف بغضب لا يسيطر عليه : هالكلام روحي قوليه للشرطة! يسجنونك ويجلدونك على النصب والكذب!!
      أم مهرة : هذا اللي ناقص!! لو بك خير ما قلت أجر أم مرتي! بس مقيولة وش نرتجي من واحد أخوه قاتل!!
      يوسف : هذي شرطة ! تعرفين وش يعني شرطة مافيها حب خشوم!!
      أم مهرة : إن جيت الرياض بمر هالشرطة اللي تحتسي عنه وبمر بعد بنيتي وباخذها معي وخلك قابل أخوك اللي فر مخك
      يوسف بحدة يحاول أن لا تفلت أعصابه منه ويتلفظ بأبشع الألفاظ لمرأة بمقام والدته : الأدلة ثبتت أنه منصور ماله علاقة! لكن ثبتت بعد أنه لك علاقة بتغيير مجرى القضية . .
      أم مهرة : الله يشلع قلب العدو قل امين! وش اللي غيرته! أنتم صاحيين على تالي عمري تحاسبونن
      يوسف مسح على وجهه : ساعديني عشان أساعدك! وش اللي تعرفينه عن فهد الله يرحمه وماقلتيه للشرطة أول مرة
      ام مهرة بغضب : أعرف أنكم ناس تدورون الخراب! وتتبلون
      يوسف يمد الهاتف لمهرة : تفاهمي مع أمك
      مهرة : ألو
      أم مهرة بإنفعال : ماتجلسين مع هالتسلب! بكلم خالتس ونجيتس الرياض وخله يعض أصابعه ندم يوم أنه يبي يجرني للشرطة ويفضح بي
      مهرة : يمه . .
      تقاطعها : وصمة تصم العدو . . جهزي شنطتس مالتس جلسة عندهم! يوم أنهم يقولون إني بايعتتس وماأبيتس! أنا أعلمهم مين اللي بايع الثاني
      مهرة : هذا كلام الشرطة ومن حقها تسأل لما شافت أنه الموضوع غريب! كيف أم تخلي بنتها تتزوج من واحد أخوه قاتل ولدها!
      أم مهرة : خلاص أجل يبشرون بخليه يطلقتس عساس يقتنعون أنه ما يصير أم تزوج بنيتها لاخو قاتل
      مهرة ببكاء بح صوتها : فوق انه نفسيتي تعبانة تزيدينها علي! بس جاوبيني وريحيني
      والدتها بصراخ : وش اجاوبتس عليه! يتسذبون وتصدقينهم
      مهرة : يعني ماتعرفين شي
      والدتها : وش رايتس بعد أحلف لتس على كتاب الله!! حسبي الله ونعم الوكيل هذا اللي أقوله بس أنا أوريه رجلتس يوم ينافخ علي ! والله ثم والله
      مهرة تقاطعها : لا تحلفين
      والدتها : والله ما تجلسين عنده . .
      مهرة بضيق : يمممه
      والدتها : لا تناقشينن! يومين وأنا جايتتس مع خالتس . . لابوه من زواج ماجاب لنا الا وجع الراس! فوق ما احنا عافين عن ولدهم وبعد يتهمونن! جعلهم اللي مانيب قايلة . . وراتس بس . . وأغلقته دون أن تنتظر من إبنتها أي تعليق.
      يوسف تنهد: استغفر الله العلي العظيم
      مهرة : أمي صادقة لو فيه شي مخبيته كان ارتبكت! أنا اعرف أمي ما تقدر تكذب زي الناس وتغطي كذبتها
      يوسف : مهرة لا تجننيني! كل شي يقول أنه أمك تكذب
      مهرة بغضب : لا تتهم أمي على باطل! قلت لك مستحيل تكذب، كلمتها قدامك وتأكدت أنه مستحيل تكون كذبت بالموضوع
      يوسف : أنا ما عاد أقدر أتوسط لها ولا حتى أقدر امنع الشرطة عنها! بيمسكونها تحقيق يخليها تكره الساعة اللي كذبت فيها
      مهرة بحدة : ماألوم أمي يوم تدعي عليكم! كذبتوا الكذبة وصدقتوها
      يوسف اقترب منها : وش قصدك ؟
      مهرة : اللي فهمته! أمي ما كذبت . . إذا ما كان أخوك القاتل، فأكيد أمي ماراح يهون عليها ولدها وتتبلى على أحد بالقتل! أنت متصور أنه قتل مو شي عادي عشان أمي تكذب فيه! . . امي تخاف الله ماهي كذابة عشان تتهمونها
      يوسف : محد معصوم عن الخطأ، إذا أمك غلطت خل تواجه غلطها
      مهرة انفجرت لتصرخ : لو أمك مكانها! ترضى أحد يتكلم عنها كذا ويقول عنها كذابة وغلطانة . . ولا عشان أمي ماوراها أحد قمت أنت وأخوك تحذفون عليها الإتهامات!!
      يوسف بدهشة من صوتها الذي اعتلى بنبرته، بغضب شديد : صوتك لا يعلى لا أدفنك أنت وياه!!
      مهرة تكتفت لتعطيه ظهرها وهي تغرق ببكاءها : ابشرك أنه امي تبي تبين لكم أنه نظرتكم الغريبة للموضوع غلط وتبي تاخذني معها عشان تثبت لك أنت وأخوك أنه مافيه أم ترمي بنتها على قاتل ولدها
      يوسف : العصمة مو بإيد أمك . . حطيها في بالك . . . خرج ليغلق الباب بقوة، فتح أول أزارير ثوبه بإختناق من هذا النقاش الذي أثار دماءه بحدته.


      ،


      نظرت للهاتف وهي تنزوي بالغرفة الضيقة، في كل رنة لا تستطيع أن تصل بها إلى صوت يطمئنها تسقط دمعة مالحة تمتص الحياة من ملامحها، نظرت لإسم " عبدالعزيز " كثيرا ولا إجابة تصلها، كل ما يصلها " الرقم خاطىء "، وناصر أيضا أشتقته، يوم واحد يمر بدونه بعد هذه الفترة الكئيبة تجعلني أشعر أنني فقدت جزء مني، لا قدرة لدي حتى احتمل كل هذا الضغط النفسي الذي يربك ذاكرتي المشوشة، لو أنني أتذكر أماكن لأصدقاء أعرفهم، لو أنني فقط أعرف أين أنا من حياة أصدقائي القدامى، أين أنا من " عبدالعزيز "، يارب ساعدني. يارب!
      رن جرس الشقة ليقع الهاتف من بين يديها، إرتجفت بخوف من وحدتها هذه اللحظة، لا أحد بجانبها، لا شيء يطمئنها سوى لفظ " الله "، يارب أحفظني.
      وقفت لتجر خطوة خلف خطوة ببطء يسقطها ببحر مالح من البكاء، نظرت من العين السحرية لترى ملامحه التي فقدتها طوال الفتنة الماضية، سحبت حجابها لتلفه حول رأسها وأنتبهت بأن بلوزتها قصيرة، تراجعت لتأخذ معطفها الذي يغطي جسدها، فتحت الباب.
      وليد بإبتسامة وهو يرتعش من البرد والثلج المستاقط على لندن : السلام عليكم
      غادة ببحة : وعليكم السلام!
      وليد : تو وصلت لندن كنت عند ناصر . .
      غادة بلهفة : وش صار؟
      وليد : كل الأدلة ضده! ما ودي أضايقك بس واضح أنه بيجلس هناك كثير . . وجلستك هنا بروحك أكيد غلط
      غادة بضيق : يعني ماراح يطلع ؟
      وليد : لا
      غادة : طيب هو ما ذبحه بإرادته . . كان يدافع عن نفسه
      وليد : هالأشياء ما تهمهم قد ما يهمهم الشي المحسوس! والشي المحسوس يقول أنه ناصر قتله بكامل إرادته
      غادة : طيب وش أسوي الحين؟
      وليد : أنسب حل أننا نتواصل مع السفارة ويجيبون عنوان أخوك . . وممكن حتى يطلقونك من ناصر
      غادة عقدت حاجبيها : كيف يطلقوني؟!!!
      وليد : يسوي توكيل ويتم الطلاق عادي . . أنت ماتبين الطلاق؟
      غادة ارتبكت لتردف : أبي أشوف عبدالعزيز الحين
      وليد : طيب . . إذا جاهزة خلينا نروح المترو ونرجع باريس . .
      غادة بعمق عاطفتها التي تجهلها تعود لنفس السؤال : طيب وناصر؟
      وليد بهدوء : وش نسوي! مافيه حل يا غادة . . لو فيه طريقة أساعده فيها كان ساعدته
      غادة بإرهاق : طيب . . بس دقيقة أجيب أغراضي
      وليد : أنتظرك

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


        ،

        لم يترك لها أي مجال بأن تتصل على أحد، تركها وحيدة دون أن يخبرها لأي ملاذ تلجأ.
        نظرت لأسفل الباب الذي ينزلق منه ظرف أبيض، ارتعش جسدها لتتجمد بمكانها، تمر اللحظة تلو اللحظة حتى يسكن الهواء بأكمله الذي يحيط بها، اقتربت من الباب لتأخذ الظرف، فتحته لتبلع ريقها بصعوبة، أشد ما اواجهه في حياتي " الخيبة " وأصعب ما أستطيع أن أتجاوزه هي الخيبة ذاتها.
        تقلب الأوراق لتقرأ صور محادثات بينه وبين فتاة لا تعرف مصدرها، كلمات مبتذلة تشك بمصداقية أن فارس يكتب مثل هذه العبارات، نظرت للصورة التي يقف بها بإنحناء بسيط وبيده كأس . . لا يالله . . يارب لا تشوهه بعيني هكذا.
        في اللحظة التي تغلبت بها على الصوت الذي يذكرني دائما بأن هناك عقوبة تنتظرني، باللحظة ذاتها أصاب بعقوبة لم أتخيلها ولا للحظة، " لم تحتمل قدماها الوقوف لتجلس على الأرض وعيناها تنهمر ببكاء طويل يشبه صبرها الذي عانت منه "
        كان حلما لا أريد أن أفوق منه، كان شيئا طيبا في حياتي، ولكن تلاشى كما تتلاشى اللحظات السعيدة التي لا تستطيل أبدا من أجل ضحكاتنا، كنت أراك كاملا حتى طمس الله عيني عن عيوبك، ولكن أسوأ الصفات التي يمكن أن يواجهها المرء بحياته تتكور بك وتتكاثر أيضا، كنت مثلهم! وأنا التي صدقتك على الرغم من كل شيء، تشرب وتتحدث مع نساء كثر من بينهم أنا، أنا التي أصبحت بمثل رداءتهم ودناءتهم، أنا التي أحببت شخص لا ينتمي للأخلاق بشيء. أستحق كل هذا! لأنني كنت ساذجة بما يكفي حتى أتصورك بطهارة هذا الكون وبياضه، لم يا فارس؟ يا من غيرت إنتمائي فداء قلبك، يا من جعلتني أمحي السنين التي مضت وأعيش العمر من أجل الذي ينمو بيننا كشجرة شاهقة لن يقدر أحدا على قطعها سوى من قدر لنا هذا الحب، من قدر لنا أن نعيش يوما يوازي العمر بأكمله، من قدر لنا أن نلتقي ب " أحبك ".
        وضعت رأسها على ركبتيها لتنخرط ببكاء لا يهدأ، تشعر بأن روحها تنزلق من جوفها، بأنها تختنق حد الموت.
        أفضل أن أموت ولا أن أصدم بك، أصدم بعينيك التي أحبها.
        بالأسفل قريب من الفندق، حمد : حطيت الصور . . بشوف فارس الكلب وش بيسوي!
        : ورط نفسك برائد بعدها . . محد بيخسر غيرك
        حمد تنهد : أنا مالي دخل . . فيه أحد يعرف أني وديتها ؟
        بتوتر : لا
        حمد : اجل أبلع لسانك ولا تتكلم بالموضوع!


        ،

        يمد له كوب الماء بعد أن أستيقظت عيناه ببطء واثار الدماء باقية على ملامحه وملابسه : سم يا ابوي
        فارس ينظر إليه بإستغراب، تأمل المكان الذي يحويه، الذوق الشرقي يطغى على المكان ذو الألوان العتيقة، أعاد نظره للرجل الواقف أمامه.
        : تفضل . .
        فارس : مين أنت ؟
        بإبتسامة حانية : خذ يا أبوك وبعدين نتكلم
        فارس يأخذ كأس الماء ويشرب ربعه ليضعه على الطاولة، بعقدة حاجبيه وكل حركة بسيطة يتحركها يشعر بأن ضلعا من ضلوعة ينفصل عنه : انا وين؟
        : بالحفظ والصون، لكن أبي أطلبك منك طلب وإن شاء الله ما تردني
        فارس بعينيه المتعبة والهالات تنتشر حولها : تطلبني بأيش؟
        : أبيك تقعد عندي هاليومين . . عشان نفسك
        فارس وقفت بتعب حتى سقط على الأريكة مرة أخرى : مشكور على اللي سويته معاي ماأبي منك شي ثاني
        : ما تعرفني؟
        فارس : لا . .
        تنهد : طيب . . أنت ارتاح الحين وبخليهم يحضرون لك شي دافي يريحك
        فارس : مين أنت؟
        : تعرف بعدين . .
        فارس عقد حاجبيه : كيف أقعد عند واحد ماأعرفه؟ . . لو سمحت أتركني أشوف طريقي
        : فارس يبه ارتاح! والله إني خايف عليك
        فارس : خايف علي من أيش؟
        : أشياء كثيرة . . أنت بس ريح نفسك ولا تشغل بالك
        فارس : طيب أبي جوال أتصل فيه
        : لا . . كذا بيعرفون مكانك . . صدقني مسألة يومين وراح أشرح لك الموضوع . .
        رن هاتفه ليردف : خذ راحتك البيت بيتك . . . وقف ليجيب : هلا فيصل . .

        تعليق

        • *مزون شمر*
          عضو مؤسس
          • Nov 2006
          • 18994

          رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
          إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()


          رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية، بقلم : طيش !
          ( الجزء الثاني من 74 + البارت 75 )



          " اللهم أصلح أحوالنا و احفظنا من الفتن "

          المدخل ل المتنبي :"""



          أرق على أرق ومثلي يأرق
          وجوى يزيد وعبرة تترقرق
          جهد الصبابة أن تكون كما أرى
          عين مسهدة وقلب يخفق
          ما لاح برق أو ترنم طائر
          إلا انثنيت ولي فؤاد شيق
          جربت من نار الهوى ما تنطفي
          نار الغضا وتكل عما يحرق
          وعذلت أهل العشق حتى ذقته
          فعجبت كيف يموت من لا يعشق
          وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني
          عيرتهم فلقيت منهم ما لقوا




          رن هاتفه ليردف : خذ راحتك البيت بيتك . . . وقف ليجيب : هلا فيصل . .
          عقد حاجبيه فارس لينظر للمغسلة التي أمامه، إتجه نحوها ليبلل ملامحه بالمياه الباردة وعقله يتشوش بفكرة وحيدة محلها عبير، نظر للمراة التي تعكس الصورة بإستقامة واضحة لا تشبه إعوجاج ضلعه، نظر للساعة المعلقة على الجدار الخشبي وتعتليها كلمة " الله " هذا الرجل يشبه أحدا أعرفه، رأيته بجريدة أو على غلاف ما، أجزم أنه ذو مكانة رفيعة وله من السمعة الكثير، ولكن من؟
          قبل ساعات كنت مرميا وعيني تغيب بمهل عن الدنيا، اخر ما أتذكر السلاح المصوب بإتجاهي والأقدام التي تلم حشدها حولي لتضربني.
          أودعت قلبي بفكرة أنك حبيبتي و عند الله لا تضيع الودائع، أنت الان معهم هذا ما يهم، مع والدك بالطبع، ما يحدث أنني الان أفكر بأي طريقة سترحلين بها عن باريس، بأي هيئة ستغادريني! كنت أود بشدة أن أسميك بدعاءي " زوجتي " ، لن يفهم أحدا الوجع بأن تطمح لقول/للفظ ربما لن يغير شيء ولكنه يعنيني بالكثير، يعنيني بأنه إرتباط وثيق لا يفض قيده أحد سواي بعد الله، جبان! أدرك ذلك، أتخذت الشجاعة بأن أتركك ولكنني الان تائب من هذا الغياب، أشعر بأن روحي تنفصل عني، وحرارة الندم تغرز المرض بصدري، تنتشر في ولا تبقي أي ضلعا صالحا للحياة من بعدك، مريض بك! إني ماض على كل شيء، لا فائدة لهذا الندم بعد كل هذا، من حقك الحياة كما تريدين ومن حقي أن أذهب فداء لقبلة/حياة تجمعنا، مازال صوتك الناعم يا عبير يرن في إذني، سنة ونصف أطاردك كخيال، أنا الكافر بالحب من قبلك، العابث بالحياة والسائر بها بلا هدف، و نظرة واحدة لصورة نائمة على الرف أشغلت عقلي لساعات طويلة، و أتخذت من قلبي مكانا لأياما عديدة، لا أنكر أنني بحثت عنك في البداية لأشبع فضولي من بعد رؤيتك، كنت أريد أن أتسلى وأسمع صوتك مثل أي " ناقص " يبحث عن " أنثى " لمجرد كونها " أنثى " لا غير، ولكن قلبي كفر بهذه الأفعال، انجذب ناحيتك حتى أفسدت علي فسادي و أصلحت قلبا فطرته أن يحبك، أنا المؤمن بقلبك و أنت الحلم و الهدف و الغاية و الوسيلة و السبب و الداعي و كل ما ينتمي للعيش و الحياة.
          وكنت أعرف إستحالة ما أفعل نحن نرتبط بالحب ولم نستطع أن نرتبط بعائلتين متوافقتين، كنت أعرف ولكنني واصلت الإحتراق بك، حتى اندلعتي في دماءي و عقلي وبين خلاياي و في صوتي وأعلى حنجرتي، كنت تعبريني كقصيدة يستحيل على ذاكرتي أن تنساها، أحسنت الأبيات المكسورة وأصلحت أوزانا لم تكن لولاك أن تتزن، كيف أغنيك الان؟ يا من لي على هواها مشقة، إني على العناء راض.
          من خلفه : صل ركعتين ترتاح فيها
          لم يلتفت، أخفض نظره، يصلي فترة ثم ينتكس، يعش عمرا لا يصلي به ركعة، كيف تواجه الله هذه الروح؟
          يؤذيني أنني مسلم بالوراثة، أنني منقطع تماما عن العبادات ولا أتصل بالله سوى الدعاء، لأنني أعرف يالله أن لا أحد معي سواك، لأنني أعرف مهما تماديت بعصياني سأعود إليك لأن هذه فطرتي، لأن الملاذ أنت، ردني يالله إليك، ردني إليك ردا جميلا، لم أكسب من هذه الدنيا شيء حتى الحب، ولا أريد أن أخسر الاخرة، ردني يالله إليك وأرحمني.
          أنت تعلم ما في نفسي، تعلم يالله أنني أريد الحياة التي تكون خلف سجدة، ولكن أهوائي أقسى من أن تفارقني، أصلحني يا كريم و حبب إلي طاعتك كما أحببتها لقلبي.
          : فارس
          فارس بضيق : وين لقيتني ؟
          : ما لقيتك، كنت معك
          فارس : راقبتني؟
          : لا . . يهمني تكون بخير
          فارس إلتفت عليه بشحوب ملامحه وعينيه التي تضيء بالحمرة : مين تكون؟
          عقد حاجبيه و بياض شعره يزيده وقارا : فيه أشياء ما يصلح تعرفها الحين، بعدين بتفهم كل شي
          فارس خرج ليجلس على الأريكة وهو ينحني بظهره ليثبت أكواعه على فخذيه ويديه على رأسه، جلس أمامه : أسمع وأنا أبوك يا فارس . . مافيه أحد يجبرك تسوي شي ما تبيه . . أنت منت عبد لأحد . . أنت حر وأمرك بإيدك
          فارس دون أن يرفع رأسه : تعرف عني كثير!!
          : أكثر من الكثير نفسه . . هذي زوجتك محد يقدر يطلقك منها
          فارس بسخرية يؤذي روحه بها : وين يجتمع رائد الجوهي مع عبدالرحمن ال متعب ؟
          : عبدالرحمن ممكن يكون حازم بهالمواضيع وما يقبل أنصاف الحلول لكن مستحيل يظلمك أو يظلمها
          فارس : تعرف أبوها زين؟
          بنظرة تلألأت بها عيناه حنينا : ابوها! . . ماراح تلقى بحياتك شخص نفس حكمته و رجاحة عقله
          فارس رفع عينه لينظر للرجل الذي يبلغ من العمر الكثير و الشيب يملأ رأسه ويزاحم السواد في عوارضه الخفيفة : أشغلت فضولي! . . تعرفني وتعرف بوسعود!!
          : كل شي بوقته، قريب إن شاء الله . . . أبيك ترتاح وتريح روحك ولا تثقل على نفسك بالهم!! صدقني محد عايش مرتاح! لا تحاول تصحح كل هالعالم اللي حولك . . صحح بس نفسك وإذا صححتها كل من حولك راح يتغير . . . على الأقل يتغير بقلبك
          فارس بتوتر إبتسم : تخوفني! . . أحسك تقرأ أفكاري
          ربت على كتفه بإبتسامة : لأني متوقع كيف تفكر! . . الله يهنيك ويسعدك ويرزقك الذرية الصالحة
          فارس صمت، تجمدت ملامحه، لم يسمع ولا لمرة هذا اللفظ، هذا الدعاء تحديدا، إرتجف قلبه المنقبض خوفا على عبير، كيف لكلمات بسيطة أن تستثير الحزن بصدري، لأول مرة أحدا يقولها لي بهذه الحنية و الحب، سبحان من جعلنا لا نهتز لمواقف هائلة ونهتز لكلمات خافتة، سبحان من جعل دعاء من شخص لا أعرفه يثير كل خلية حسية، اختلفت ديانات العالم المنزلة و المستحدثة ولكنها اجتمعت ب " امين " خلف كل صلاة، أجتمعت بنا والتي تعني بحسب فهمي الضيق " أحبك " ، امين على حياة طيبة ستجمعنا، امين على سماء سخية ستربطنا، امين على قلب جعل الله به نورا من أجلك، امين على الوصل/اللقاء، على الأطفال الذين يحبسون ملامحك و يغطيهم جفنك، امين على الهداية و الصلاح، امين على قلبك وامين على أحبك.
          : عساه امين
          فارس همس : امين

          ،

          يجلس بجانبها والهم يزيده حزنا على ما وصل به الحال، أن تكون أبا ليس سهلا، ان تعيش من اجل أحد أيضا ليس سهلا، أن تحمل على كتفك مسؤولية وطن يزيد من الأمر صعوبة، الولاء لهذه الأرض التي خلقنا منها، للصحراء التي تحن إلينا كلما أمتلأت سماء الرياض بالتراب، للقرى الصغيرة والمحافظات التابعة لمدننا الشاهقة، الولاء وكل الولاء للشهادة التي تتوسط البساط الأخضر. يارب ساعدنا، إنا نحتاجك، نحتاج أن تربت على قلوبنا وتطمئنها من كل حزن و كمد و قهر و ضيق، إنا ننيب إليك فأرحم عبدا شهد لك بالوحدانية والعبودية.
          ضي تنحنحت لتردف بإتزان جاهدت أن تصل إليه : عبدالرحمن
          إلتفت عليها بإبتسامة خافتة يحاول أن يطمئنها بها، يحمل نفسه فوق طاقته ليرى الإبتسامة لمن حوله في وقت يفقد كل أسباب الراحة والإستقرار و أيضا يفقد سببا للإبتسامة : سمي
          ضي : سم الله عدوك . . أبي أكلمك بموضوع بس . . يعني
          عبدالرحمن يلتفت بكامل جسده عليها ليضع يده على شعرها الطويل : وشو ؟ قولي
          ضي أخذت نفس عميق لترتفع الدموع ناحية عينيها، كل الإعترافات حتى أبسطها دائما تجيء صريحة حادة و أحيانا قاتلة.
          عبدالرحمن يمسح دمعتها قبل أن تسقط : متضايقة؟ . . تطمني إن شاء الله كلها يومين وراح نرجع للرياض
          ضي إبتسمت حتى تغلب بكاءها ولكن هذا الدمع من غلبها حين تساقط كمطر باريس هذه الأيام
          عبدالرحمن تنهد بعقدة حاجبيه : ضي؟ . . وش فيك يبه؟
          ضي اخفظت رأسها، جبنت في اخر لحظة بأن تقول له.
          شدها ليعانقها، حاول بكل قدرته أن يمتص حزنها بهذا العناق، يحزنه أن تعاني ضي أيضا.
          غطت ملامحها بكتفه ودمعها يبلله وبصوت مختنق : ما أبيك تزعل مني . . والله أموت يا عبدالرحمن لو تضايقت مني
          عبدالرحمن : بسم الله عليك . . ليه أزعل؟
          ضي ببكاء : مقدرت أقولك . . بس والله مو بإيدي . . خفت . . خفت كثير . .
          عبدالرحمن أبعدها قليلا ليقابل ملامحها الناعمة، رفع حاجبه : وش صاير؟ وش اللي ماأعرفه ؟
          ضي شتت نظراتها : اسفة . .
          عبدالرحمن : وش الموضوع لا تخوفيني
          ضي بربكة وهي تلم كفيها في حضنها : أأ . . قبل يعني فترة عرفت . . بس ما كنت . .
          يقاطعها : عن ؟
          ضي بشكل سريع أبتعدت بجسدها للخلف قليلا وهي تنطقها : حامل
          تجمد هذا العالم بأكمله في عينيه، نظر إليها بدهشة دون أن يساعده الصوت بأن ينطق كلمة واحدة، انتفض قلبه من هذه الكلمة، انتفض من الفرحة التي تجيء بشكل مفاجئا، أدركت تماما بعد هذا العمر أنني أخاف من لحظات الفرح التي لا تطول أبدا، " عقد حاجبيه بردة فعل لا يفهمها جيدا " أجاهد بأن لا يهتز بي ضلعا من أي خبر يجيء بصورة مفاجئة، أحاول بكل ما أملك أن لا ينحني ظهري بأي شيء من أجل هذه الأوضاع التي تقتل القلب ببطء لتجمد الإحساس به، ولكنك يا ضي عيني أنت إستثناء من هذا بأكمله.
          ضي عضت شفتها السفلية لترفع عينيها بتردد حتى تراه، سرعان ما شتتها بحمرة ملامحها الباكية، خافت أن تقع بشباك نظراته لتعيش حزنا يصب من عينيه.
          عبدالرحمن بلع ريقه بصعوبة أنفاسه التي تخمد برئتيه: متى؟
          ضي بخفوت مهتز : هذا الشهر الثاني
          عبدالرحمن همس مشتتا نظراته : الحمدلله
          ضي رفعت عينيها لتنظر إليه بعينين باكيتين : مو متضايق؟
          عبدالرحمن اقترب منها ليقبل جبينها بقبلة عميقة، أستطال بالثواني وهو يلامس جبينها المرتفع بدرجة حرارته، أبتعد ليردف : أؤمن بأن كل اللي يصير خيرة
          ضي دون إرادتها أجهشت عيناها مرة أخرى : يعني ما ودك بهالطفل ؟
          : مو قصدي . . سحب يدها ليضغط عليها بدعم معنوي يقدره جيدا.
          أكمل : محد يرد شي فضله الله وأختاره له، صحيح إني طلبت منك تاكلين حبوب المنع وقطعتيها بدون علمي . . لكن من حقك! مقدر أحاسبك على شي أنت تبينه
          ضي : إذا أنت ماتبيه أنا ماأبيه
          عبدالرحمن يمسح على شعرها بإبتسامة تكسره كثيرا : واللي تبينه أنا أبيه
          ضي : ماأبي أخليك تشيل هم فوق همك ولا ت
          يقاطعها بضحكة تتمايل بقلب ضي الغني به : استحي على وجهك! فيه أحد يقول عن ولده هم ؟
          ضي ابتسمت بين بكاءها : كنت خايفة، خفت تعصب من . . . مدري بس أشياء كثيرة خلتني أخاف!
          عبدالرحمن يمسح دموعها بكفه الحانية : ليه أحملك فوق طاقتك؟ وأخليك تشيلين همي بعد! أعرف شعورك يا ضي . . أعرف وشلون تشيلين هم كيف توصلين خبر لأحد . . وماأبيك تجربين شعوري ، هذا الشعور اللي ما يخليك تنامين براحة ويقتلك كل يوم وكل لحظة تفكرين فيه
          ضي تضع يديها على كفه التي تعانق خدها لتسحبها قليلا وتقبل باطن كفه : الله يخليك لي
          عبدالرحمن وقف ليمسكها من يدها ويوقفها بإبتسامته الهادئة: توضي وخلينا نصلي الشفع و الوتر . .
          ضي : أنا على وضوء . .
          عبدالرحمن : طيب . . تقدم ناحية القبلة، أخذت حجابها لتصلي خلفه، سكن المكان بصلاتهم وصوت المطر الذي يضطرب بالخارج يعبر مسامعهم كطمأنينة، سجد وفي أول سجدة أبتهل قلبه بالصلاة على النبي إقتداء لسنة الدعاء، ليصمت قليلا بخشوع عظيم حتى تصاعدت روحه بالكلمات الراكعة لله " اللهم يا كريم يا رحمن يا منان رد بناتي إلي وأحفظهم بحفظك، اللهم إني أستودعتك فلذات كبدي فأحفظهم وأحمهم، يارب لا تريني بهم مكروها وأصلح أمرهم وسهل ما صعب عليهم، يارب أرزقهم الدرجات العليا في الدنيا والاخرة و أجمعهم بمن يحبون، يارب أحفظ قلوبهم من الوجع و الحزن . .
          أطال بسجوده وصمت بعد " الحزن " ، من شأن الكلمات أيضا أن تقف كغصة وتمنع الصوت عنا،( بناتي ) الصوت المبتهج في داخلي أما الان أحتاج حنجرة أخرى لأواصل السير على نبرة أتعبها الوقوف " الغصة ". مهما بلغنا من القوة الا أننا فقراء ضعفاء أمام الله، سقطت دمعته على السجادة.
          ليكمل " يارب يا كريم أرزقني القوة والصبر حتى احتمل وجعهم، يارب أرزقني النفس الصبورة التي تحمدك في أشد المصائب وأصعبها، اللهم احفظ زوجتي و اكرمها بما تشتهي نفسها ولا تصعب عليها أمرا إنه لا يعجز عنك شيء، اللهم ارزقها السعادة و الراحة. . . . . اللهم أحفظهم . . أحفظهم يا رحيم.


          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

            ،

            في ساعات الفجر الأولى دخل لعتمة المنزل الذي يزداد إضطرابا بسكونه، إلتفت ليندهش من وجودها : عمة؟
            إلتفتت حصة التي غفت قليلا وهي تنتظره : جيت!
            إقترب منها ليقبل رأسها ويجلس على ركبتيه أمامها : وش فيك نايمة هنا؟ كنتي تنتظريني؟
            حصة صمتت قليلا حتى تتغلب على نوبة البكاء التي أصابتها طوال اليوم : متضايقة من اللي قاعد يصير فيك ومو قادرة أرتاح دقيقة وحدة
            سلطان : تطمني . . ما فيني الا العافية . . يا ما شفت ولقيت بتجي على هذي!
            حصة تمسح على رأسه القريب من حضنها : طلبتك يا سلطان لا تطلقها!
            سلطان بضيق : قومي نامي ارتاحي شكلك مانمتي طول اليوم . .
            حصة : تكفى يا سلطان والله قلبي بيتقطع من هالموضوع
            سلطان : بسم الله على قلبك عساه فيني ولا فيك
            حصة ببكاءها الذي لا يهدأ : لا توجعني فيك . . بس عط نفسك فرصة والله ما تستاهل كل هذا
            سلطان سعل قليلا من المرض الذي يتفاقم عليه في كل لحظة، وقف ليجلس بجانبها : الحين تبكين كأن احد ميت لك؟ والله أنا اللي بتقطعين لي قلبي!! يا عمري ماتدرين وين الخيرة . . الله يسهل من عنده ويرزقنا
            حصة : ليه ما تفهمني يا سلطان! موجوعة والله العظيم . . ماراح تلقى وحدة تناسبك غيرها! أنتم مكتوبين لبعض لا تضيعها من إيدك
            سلطان بضيق يمسح دموعها بكفه وبنبرته الخافتة يشع قلبه لها : طيب لا تبكين! . . لا تبكين
            حصة : لو أبوك الله يرحمه موجود وشافك كذا والله لا يحلف عليك أنك ترجعها!
            سلطان : الله يرحمه ويغفر له ويغفر لأمواتنا جميعا . .
            حصة : كلكم بإيدكم الحل . . وش بتسوي بعدها؟ بتصحى عشان تشتغل وتنام عشان تريح من هالشغل وما بينهم أنت مشغول . . وإلى متى؟ بعد عمر طويل تتقاعد ومين بتلقى عندك؟ . . بس فكر بطريقة منطقية أنه اللي تسوونه أكبر غلط! والله أكبر غلط
            سلطان بإبتسامة يخفف وطأة هذا البكاء : يا ويل قلبي بس! مين اللي بيتطلق أنت ولا الجوهرة ؟
            حصة تضربه على كتفه : أنا اللي بتطلق وش رايك؟
            سلطان : بنتك وهي بنتك مابكيتي عليها كذا
            حصة : لأني عارفة عواقب تصرفاتها لكن أنت يا سلطان عارفة وش بيصير بحياتك بعد الجوهرة!! تكفى يا سلطان أبي أفرح فيك وبعيالك
            سلطان بلع ريقه بصعوبة ليردف : يا أميمتي أنت . . ماعاش من يرد لك طلب بس خلي هالموضوع وطلعيه من بالك . . أنا ما أنفع للزواج وأريحك من الاخر . . عفت الحريم
            حصة صدت عنه بضيق : ما تعرف مصلحتك! والله ماتعرفها
            سلطان : مشاكلنا ما تنتهي، بنوجع بعض كثيير
            حصة : بتنتهي لو بس تقدمت خطوة وحدة
            سلطان ابتسم : ملاحظة أنك ما تفقدين الأمل كل مرة نفس الكلام تقولينه
            حصة : وبجلس طول عمري أزن عليك لين تتعدل! . . فيه شي إسمه تفاهم وتنازل وتضحية عشان حياة زوجية زي الخلق . . . المشكلة أنكم إثنينتكم تبون بعض وأكذب وقول لا .. والله لا اذبحك لو تكذب!!
            سلطان بضحكة يريد أن يبعدها عن هذا الموضوع : ولدك جلف ما يفهم بهالأمور
            حصة بسخرية : ناجح بحياتك العملية وفاشل مع مرتبة الشرف بحياتك الخاصة
            سلطان : الشكوى لله . .
            حصة : فرحة وحدة مستكثرها على نفسك!! وش فيها لو قلت للجوهرة أبيك . . وش بينقص منك؟ هذا وأنت راعي دين وتعرف بالدين وتدري أنه أبغض الحلال عند الله الطلاق
            سلطان بضحكة مبحوحة صادقة : عشاني راعي دين على قولتك أدري أنه ماهو أبغض الحلال عند الله الطلاق . . وهذا حديث مغلوط عن الرسول صلى الله عليه وسلم . . كيف شي حلال شرعه الله يكرهه الرحمن؟ يعني بالعقل ما يدخل هالحديث . . لأن في الطلاق فوائد! وأكيد لحكمة منه شرعه
            حصة نظرت إليه بجمود ليبتسم سلطان : حجرت لك ؟
            حصة : الشرهة على اللي مقابلك!!
            سلطان غرق بضحكته ليردف : جعلني ماأبكيك . . قومي نامي وريحي نفسك
            حصة : إيه أضحك! ماشاء الله على روحك اللي لها كل هالقدرة على التجاهل
            سلطان : لا حول ولا قوة الا بالله وش تبيني أسوي؟ أجلس لك وأبكي وألطم حظي! عندي أمور أهم تخص شغلي! . . . وعلى فكرة معدي سالفة الصبح ولا عاد تحاولين تجمعينا بأي طريقة
            حصة من غضبها لم تعد تعرف ماهية قولها : هذا إذا ما حطيت صورها في البيت كله عشان تحترق كبدك شوي وتروح لها
            سلطان : تبين الملائكة ما تدخل البيت؟
            حصة : أشوف غرفة سعاد ما قلت والله الملائكة ما تدخل بيتي! لو ماجيت وسنعت غرفتها كان الله يعلم كم بقيت تحر الجوهرة فيها . .
            سلطان تنهد : الله يصلحك بس
            حصة : أنا أعرف كيف أطيح اللي براسك . . بيجي يوم وتعض أصابعك ندم على اللي قاعد تضيعه منك، يخي شفت الجوهرة بس قلت لها أنك تعبان فزت لك ونست كل شي عشان تكلمك . . يعني لو بس ترفع سماعة التليفون عليها وبكلمتين حلوة تتسنع فيها وتعقل مثل كل الرجال بترضى وبتجيك
            سلطان سعل بمرارة دون توقف لتربت حصة خلف ظهره : يا لكاعتك!! بس تبي تضيع السالفة
            سلطان بضيق بح صوته من السعال : ذبحتني الكحة والله
            حصة : لو قاعد في البيت اليوم مو أحسن! رحت ورجعت أسوأ من أول . . المهم شد حيلك شوي بس وكلمها
            سلطان : بقولك شي . . الحين أمر بمرحلة مهمة بشغلي ومضطر إني أعطيها كل وقتي حتى لو على حساب نفسي وحياتي
            حصة : إلى متى؟ بس قولي متى تنتهي هالمرحلة المهمة اللي من فتحت عينك على هالدنيا وأنت تمر فيها
            سلطان : كل شي يخص شغلي مهم، وأي غلط صغير يضيعنا وببساطة ينهينا
            حصة برجاء : سلطان
            سلطان : يا عيونه طلعي هالموضوع من بالك ونامي وأرتاحي . . وأعتبري ما صار الا كل خير
            حصة : اتصل عليها . . بس على الأقل حسسها أنك مهتم . . تطمن عليها وأسأل عنها
            سلطان : وش بستفيد؟
            حصة : صاير تفكيرك إستغلالي لازم مقابل لكل فعل تسويه! ما ينفع تكون أخلاقك حلوة شوي مع البنت؟
            سلطان ابتسم : أفا! صرت إستغلالي الحين؟
            حصة بضيق انفعلت : منت إستغلالي! والدليل أنك حمار وماتفكر بنفسك!
            سلطان مازالت الإبتسامة المتعبة تتسع حتى أظهرت أسنانه : مقبولة منك يا أم العنود
            حصة : وش أسوي فيك يا سلطان ؟ بموت من حرتي عليك!!! وش بيصير في هالدنيا لو قلت لها وش أخبارك يالجوهرة ؟
            سلطان : الحين غيرتي توجهاتك! قبل شوي تقولين رجعها والحين تبيني بس أكلمها
            حصة بسخرية : عاد حكم القوي على الضعيف! كل ماجيتك من جهة عندت
            سلطان : طيب خلاص
            حصة : تكلمها ؟
            سلطان : إيه
            حصة : إحلف
            سلطان غرق بضحكته ليردف بتعب وهو يسند ظهره على الأريكة : ما عاد فيه ثقة؟
            حصة : إخلص علي وإحلف عشان أعرف كيف أواجهك بالحجة؟
            سلطان : والله العظيم بكرا بكلمها
            حصة إبتسمت : خل أسلوبك حلو
            سلطان بسخرية : سجلي وش الكلام اللي تبيني أقوله ؟
            حصة : لا طبعا ماراح أتدخل بينكم
            سلطان لم يتمالك نفسه من الضحك ليردف بين ضحكاته : بسم الله على قلبك اللي ما تدخل
            حصة إبتسمت بإحمرار وجنتيها : اللي سويته مو تدخل . . إسمه إصلاح . . الله يصلح قلوبكم ويجمعكم
            سلطان مسح على وجهه بإرهاق دون أن ينطق شيئا لتدفعه حصة من كتفه : قل امين عساك اللي مانيب قايلة
            سلطان بتعب واضح : امين . . امييييين . . . اميييييييييين
            حصة ضحكت لتردف : يممه منك حتى امين مستخسر تقولها!!
            سلطان : قلتها في قلبي
            حصة : أنت ماشاء الله عليك كل شي تقوله في قلبك ولما أقولك سو كذا ولا لا تسوي كذا قلت أنا أمشي ورى عقلي . .
            سلطان سعل بشدة حتى أردف وهو يغمض عينيه ويضغط عليها بأصابعه : اللهم صل وسلم على محمد . . شكل حرارتي بترتفع من نقاشك!!
            حصة بخبث تلقي عليه من أعظم أبيات الشعر الفصيح في العصر العباسي : جربت من نار الهوى ما تنطفي نار الغضا و تكل عما يحرق . .
            سلطان إلتفت عليها بنظرة حادة لتكتم حصة بضحكتها وهي تردف واقفة : أمزح وش فيك ؟ . . تصبح على خير . . . أختفت من عينيه سريعا بلذة إقناعه بمحادثة الجوهرة.
            ضل يراقبها حتى تلاشت، تمتم بتنهيدة : سبحانك لا اله الا أنت وأتوب إليك . . . صعد للأعلى ودون أي سيطرة منه على عقله الذي بدا يكمل الأبيات " و عذلت أهل العشق حتى ذقته فعجبت كيف يموت من لا يعشق؟ وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني عيرتهم فلقيت منهم ما لقوا " دخل لياخذ نفس عميق حتى يطرد كلمات المتنبي من عقله الغارق بقصيدته التي تضرب بها الأمثال حتى هذا اليوم، نزع حذاءه ليرمي نفسه على السرير بإرهاق دون أن يغير ملابسه، سحب وسادة الجوهرة ليضعها فوق وسادته وتصل رائحة عطرها أنفه متجهة لعقله الذي مازال يستذكر صوت القصيدة،
            " أرق على أرق ومثلي يأرق " في كل جزء مني وعلى كل جزء و فوق الحال وبين كل حال تضعين مسببا للأرق، للغرق، للاوجود، للغياب، عفيف يالجوهرة لم أسكر ولم يذهب عقلي شيء عدا عينيك، لم يكذب من لعن الفتنة، الفتنة التي تسرق مني نوما في هذه الساعات.
            أستلقى على ظهره متقلبا، يحاول جذب النوم بالذكر : استغفر الله . . .
            كاد أن ينفجر عقله من القصائد التي يقرأها عليه في وقت يحاول أن يقرأ به الأذكار، في كل لحظة يلفظ ذكر من أجل أن ينام مرتاحا يقاطعه مقطع قصيدة، لم يبقى شيئا حفظه منذ زمن بعيد لم يعاد عليه في هذا الليل، بدأ يكرر الإستغفار في داخله : أستغفرك ربي من ديار تجلب حزنا . . لم يكمل بمقاطعة قلبه الذي يحفظ " واستلذ نسيمها من دياركم، كأن أنفاسه من نشركم قبل "
            تنهد بمحاولة قمع كل محاولات عقله وقلبه في ترديد الشعر في وقت يريد فقط السكون والهدوء، ولا فائدة مع كل كلمة تستنطق لسانه بخفوت يجيب عقله بطريقة مستفزة وهو لا يخضع لأي سيطرة منه، التفكير يخرج عن إرادتنا مهما حاولنا أن لا نفكر، نستطيع أن نمنع أنفسنا من الكلام و أعيننا من النظر و لكننا لا نستطيع أن أنمنع أنفسنا من التفكير وهذه الحقيقة في وقت مثل هذا تشد أعصابه وتستفزه.
            بإسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فأن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فأحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. بمقاطعة قلبية : " ولو أنني أستغفر الله كلما ذكرتك لم تكتب علي ذنوب "
            اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.
            بمقاطعة أخرى : " هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى و زرتك حتى قيل ليس له صبرا "
            دفن رأسه بالوسادة ليشتعل عطرها بكل خلية في جسده، أغمض عينيه ليردد بصوت منخفض حتى لا يفكر بأي شيء اخر : أستغفر الله . . أستغفر الله . . أستغفر الله . . .
            أندهش من نفسه التي تحفظ أبياتا لم يرددها يوما، دخل في صراع مع الوسادة حتى ينام " شطر واحد يا حصة أشعلتي به ذاكرتي النائمة ".
            على بعد طويل في شرق المملكة كانت مستلقية على السرير وكفيها على بطنها وعيناها للسقف.
            لم يجيئها النوم رغم أنها لم تستيقظ متأخرا، ابتسمت من الإسم الذي جاء بقلبها " بدر بن سلطان بن بدر الجابر "، أريده يحمل سمرة والده و عينيه التي تناقض كل ما يقول دائما، كيف أنتظر 9 أشهر ؟ لا افهم مقدرة الحامل على إنتظار كل هذه الشهور بصبر وحلم وأنا منذ الان أعد الوقت من اجله! وأعد اللحظة التي تجيء به، لم اتمنى شيء كمجيئه بظروف اجمل لا ينفصل بها عني أحد أحببته قاسيا حتى أصبحت قسوته لطفا بعيني، يا وداعة الأشياء الجميلة في صدري إني أحبك بقرار يشمل الحياة.
            إلتفتت للباب الذي انفتح، أفنان : صاحية ؟
            الجوهرة أستعدلت لتجلس : إيه
            أفنان : طفشت وقلت مالي غيرك
            الجوهرة : ما عدلتي نومك؟
            أفنان : لا للحين . . وش رايك نجيب فيلم ونسهر عليه ؟
            الجوهرة : مو مشتهية والله
            أفنان بملل : طيب الجو حلو خلينا نسهر برا . .
            الجوهرة بإبتسامة : جد مالي خلق أتحرك
            أفنان : من الحين بديتي تتعيجزين شلون لو تصيرين بالسابع!
            الجوهرة : أجلسي وسولفي عن باريس وكان
            أفنان : تعبت وأنا أسولف لك وأعيد نفس السوالف! خلاص خلصت سواليفي
            الجوهرة إبتسمت : سولفي عن أي شي؟ عن رواية قريتيها ؟
            أفنان : يوه يا قدمك! صار لي سنتين ما أقرأ
            الجوهرة : أجل بنام وأنت روحي أسهري لحالك
            أفنان برجاء : جوج! يخي بموت من الملل . . سوي معي شي مفيد قبل لا ترجعين الرياض!!
            الجوهرة تنهدت بضيق من كلمتها الأخيرة لتردف : وش تبيني أسوي؟
            أفنان بصمت لثواني : صح ما قلت لك! رجعت أحفظ أجزاء جديدة من القران
            الجوهرة بنبرة فرح : شدي حيلك لا تقطعين . . ما بقى لك الا الأجزاء الأخيرة
            أفنان : يارب أقدر وأحفظهم . . والله تعبت تخيلي أحفظ وأسمع ألقى نفسي ماحفظت نفس الناس
            الجوهرة : طيب أنا قلت لك أسمعي بالقارئ اللي تبينه وخلي إذنك تحفظ معك . . القران ما ينفع تحفظينه بطريقة الترديد، لازم تحفظه عينك معك بالقراءة وإذنك بالإنصات عشان يبقى بذاكرتك فترة طويلة
            أفنان صمتت لثواني طويلة لا حديث يقطع صمتهم حتى أردفت : طيب بسألك سؤال
            الجوهرة : وشو ؟
            أفنان : تضايقتي من ريان اليوم ؟
            الجوهرة : أنا ؟ لا ليه ؟
            أفنان : أجل ليه بكيتي؟
            الجوهرة بلعت ريقها : مو عنه
            أفنان : ترى ريان بدا يتغير والله حتى صايرة أسئلته مو كثيرة مثل دايم، يعني أجاوبه وينهي الموضوع ما يستفسر كثير . . وأنت بعد لا تشيلين بقلبك عليه!
            الجوهرة : مين قال إني شايلة عليه؟ أفنان تراه أخوي مهما صار مالي غيره
            أفنان : أنا بس قلت لك يوم حسيت أنه اوضاعكم للحين متوترة
            الجوهرة : لا تطمني، قلبي ما يشيل على سلطان!
            أفنان بضحكة : سلطان!! والله ماخذ عقلك هالسلطان نساك حتى إسم أخوك
            الجوهرة تصاعدت الحمرة لوجنتيها لتستمر أفنان بنظراتها المتغنجة : إيه وش أخبار سلطان ؟
            الجوهرة شتت نظراتها : بخير
            أفنان بإبتسامة فسيحة : متى بيجي؟
            الجوهرة : ليه يجي ؟
            أفنان : يعني عشان ياخذك، ماراح يجي هنا؟
            الجوهرة بتوتر : الحين هو مشغول . . مدري بالضبط متى بينتهي شغله


            ،

            في صباح هادىء بالغيم، مضطرب بالشعور، تتصاعد الأحلام وتتسامى دون أي قدرة على الإمساك بها! تفلت منا أحلامنا التي هي ذواتنا، تفلت منا أنفسنا ولا نسيطر عليها.
            بين أربعة جدران صماء ينظر لوميض الضوء المنبعث من ثقب بزاوية السجن الإنفرادي، رأس مالي في هذه الحياة ثلاث لا يزيدهم فردا، والدي و عبدالعزيز و غادة، و إثنين أنفصل عنهم شيئا فشيئا، ما حيلتي لأعيش وأنا مقيد بهذه الصورة، لا أطلب من الدنيا عدل وحكمها بيد البشر، لله أترك أمر الحياة والناس. يا وجع قلبي و يا ضيق الفرح بجوفي! قبل سنوات كانت الحياة تتمهد امامي وتبسط على كفها من الفرح حزم لامنتهية، كانت تأت دائما في الكلمات بضمير يحمل غادة، ياء الملكية التي تنهي الكلمات كان يزعجني أنها ألتوت على نفسها كهاء الغائب، وأنت لم تغيبي لحظة عن روحي، " أخفض رأسه من فكرة وجود وليد معها هذه الأثناء، وعده بأن لا يقترب منها ولا يخبرها شيء "
            قبل ساعات طويلة في مكتب الضابط يقابله.
            وليد : والحين وش بتسوي ؟
            ناصر : ولا شي! . . أبيك تبلغ فيصل بموضوع غادة أنها بروحها عشان يتصرف
            وليد : وينها ؟
            ناصر بتهديد يشير إليه بسبابته : صدقني ماراح يحصل خير لو عرفت أنك أنت اللي رحت لها
            وليد إبتسم بهدوء : قضيت سنة كاملة معها! لو بضرها كان ضريتها من زمان
            ناصر : الكلام الدرامي هذا وفره لنفسك! بلغ فيصل ومشكور
            وليد تنهد : وش مشكلتك معي؟ أنا أحاول أساعدك!!
            ناصر بحدة : بتساعدني؟ بلغ فيصل وماتقصر
            وليد : عطني عنوانها طيب، أقول لفيصل أيش؟
            ناصر يسحب الورقة الموجودة على الطاولة ليكتب عنوانه في لندن، مد الورقة وقبل أن يلتقطها وليد سحبها ليعيد تهديده : صدقني لو يوصلني خبر أنك معها بحرقك في مكانك!!
            وليد وقف ليمد يده ويأخذ الورقة : أستغرب من أنانيتك حتى وهي بروحها! ما خفت عليها من أحد لكن خفت عليها مني!!
            ناصر وقف ليقترب منه : إذا حبيت بتعرف وقتها وش يعني أنك تغار من ظل يلامسها و ماهو ظلك!
            وليد : يعني لو كنت أناني محد بيشره علي بنظرك؟
            ناصر : الأنانية إنك تفكر بنفسك وتتجاهل اللي حولك وأنا ما تجاهلت أحد.

            يتبع

            تعليق

            • *مزون شمر*
              عضو مؤسس
              • Nov 2006
              • 18994

              رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


              ،
              يقف أمام النافذة المطلة على الحديقة المنزلية، وعيناه تراقب هيفاء التي تحضر طاولة الطعام للفطور، يأته صوته المشتعل بالغضب : يعني ما جبت الأوراق؟
              فيصل ببرود : ليه أجيبها ؟ عطني سبب يخليني أروح وأجيبها
              عمر بحدة : فيصل!!
              فيصل بضحكة : ودي أذبح ذبيحة على شرف هالصوت!
              عمر بعقدة حاجبيه : أذبحها على شرفك حبيبي!! أقسم لك بالله ماتكون في بيتك الليلة إن ما طلعت الأوراق
              فيصل يلحن الكلمات ويمططها بإستفزاز : أنا اسف عشان الأوراق اللي شايف نفسك فيها صارت بإيدي . . وهذي الأوراق بتنحشر في فمك
              عمر بهدوء يخفي خلفه براكين مشتعلة : كيف طلعت لك ؟
              فيصل بسخرية : أمطرت الرياض
              عمر بغضب : تكلم! كيف وصلت لك؟
              فيصل : زي الكلب تروح وتطلع ناصر ولا بضطر أسوي شي يحرقك فيه سليمان قبل لا أوصل الموضوع لأبو سعود وسلطان
              عمر : ناصر ماراح يطلع! وبشوف وش بتسوي يا فيصل؟
              فيصل تنهد : عاد الشكوى لله، اللهم بلغت اللهم فأشهد . . سو سوري
              عمر : مين وراك؟
              فيصل غرق بضحكة عميقة ليردف : اللي قاعد يصير لك أمر محزن ومثير للشفقة! صرت تشك بنفسك صح؟ يا حياتي والله
              عمر بحدة : لو أنك رجال تقول مين!
              فيصل : مقطعتك الرجولة! والله عاد ما يهمني أكون رجال بعيونك . . يكفيني أنه ينتهي اللي بديتوه بخسارة كبيرة لكم
              عمر : كأنك ما بديته معنا!!
              فيصل بإستفزاز : أنا؟ متى؟
              عمر : تنكر؟
              فيصل : عطني دليل واحد إني كنت معكم؟ . . .
              إلتزم عمر الصمت، ليكمل فيصل : حاول ما تجي الساعة 7 بتوقيتكم الا وناصر طالع وإلا والله أنت اللي ما راح تنام الليلة!! . . أغلقه ليتنهد براحة الكون أجمع، اتسعت إبتسامته الفسيحة حتى ظهرت أسنانه في لحظة شعر بها أن هذا العالم يقف على شرفة منزله، نزل للأسفل ليمر مكتبه الذي ورثه عن والده، وضع الأوراق في الخزانة، انتبه للسلاح العتيق النائم على الأوراق، لمعت في رأسه فكرة ليضعه في جيبه ويغلق الخزانة جيدا، خرج متجها نحو الخلف، إلتفتت عليه بإبتسامة : صباح الخير
              فيصل بنبرة مبتهجة : صباح النور والسرور والرضا
              هيفاء : عمتي خذت ريف وطلعت ويوم شفت الجو حلو قلت نفطر هنا
              فيصل : زين تسوين . . جلس لتجلس بمقابله . .
              هيفاء : كنت أبغى أستأذن منك يعني لو أقدر أروح لأهلي اليوم
              فيصل رفع عينه : إيه أكيد
              هيفاء أبتسمت : مشكور
              فيصل : حسستيني إني رئيسك بالشغل على هالإستئذان!!
              هيفاء ارتبكت بتوتر عميق لتردف : ا . . يعني عشان . .
              فيصل وبدا يقع بعشق ربكتها، ليتمتع اكثر بصمته ويراقب حركاتها العفوية المتوترة، أكملت : مو مفروض استأذن؟
              فيصل بلع ضحكته قبل أن يصخب بها ليردف : مو قصدي كذا
              هيفاء : أجل؟ يعني طريقتي بالإستئذان
              فيصل هز رأسه بالإيجاب ليأخذ كأس العصير ويشرب منه.
              هيفاء تمتمت : الله ياخذ دفاشتي!!
              فيصل : عفوا؟
              هيفاء : ولا شي بس لأني متعودة أستأذن بهالطريقة
              وبداخلها تمتمت " الله يسامحني على الكذبة انا لو أستأذن منك زي ما استأذن من أبوي بترمي علي الطلاق "
              فيصل بإستلعان يربكها ويقف على كل كلمة : يعني تروحين لأبوك وتقولين أبغى أستأذن منك لو أقدر أروح لصديقتي؟؟؟
              هيفاء إبتسمت بتوتر : يعني مو كذا بس لأن ما أعرف أستأذن
              فيصل : ما تستأذنين! تطلعين بدون إستئذان؟
              هيفاء أخذت نفس عميق : لالا .. خلاص أنسى أشرح لك بعدين
              إبتسم إبتسامة أوقعت قلب هيفاء : بنسى يا عيني ليه ما أنسى؟
              هيفاء تصاعدت الحمرة لتتورد وجنتيها، شربت من كأس الماء لتخفف حرارة جسدها المرتفع بالربكة.
              فيصل ضلت عيناه تغرق بتفاصيلها وتبحر بمراقبتها، لم ترفع عينيها تدرك أنه ينظر إليها، بدأت تحرك الملعقة على الصحن دون أن تأكل لقمة واحدة.
              فيصل : هيفا
              رفعت رأسها وبتعجل : لبيه . . ا أقصد هلا
              فيصل بضحكة : وش فيك مستخسرة علي كلمة حلوة؟
              هيفاء بربكة : لا لا مو قصدي كذا أقصد يعني . . خلاص لبيه
              فيصل إبتسم : تلبين بمكة . . قومي بوريك شي
              هيفاء وقفت لتسير خلفه وهي تضع يديها على خديها المشتعلين بحرارتهما، " يالله عليك يا فيصل " لم أتوقع أن تصيبني كل هذه الربكة بحضورك، أشعر بأن نظراتك لها خطى مهيبة لا قدرة على قلبي بأن يتحملها، فيك شيء لا أدري ما تفسيره، و على عينيك أمر يتخطى العادة، يجيئني شعور أنه أمر خارق، أعني بذلك النظر إليك وإستكشاف تفاصيلك التي تهرول حولك، يبدو لي أنني أقع بك/فيك.
              إلتفت عليها لتسير بجانبه متجهان لمكان لا تعرفه، نظرت للمكان الخاوي سوى من زرع بسيط يزينه.
              فيصل يأخذ علبة المياه ليضعها على بعد 20 متر تقريبا، رفعت حاجبها بإستغراب : وش بنسوي؟
              فيصل : بعلمك شي . . أخرج السلاح لتبتعد خطوتين للخلف بشهقة فلتت منها رعبا.
              فيصل : بسم الله عليك! . . تعالي
              هيفاء : لا مستحيل . . ما احب أمسكه ولا . .
              يقترب منها ليسحبها من ذراعها، هيفاء برجاء : لا تكفى والله أخاف منه . . أعرف نفسي والله ما اكذب إني ماأشوف زين وممكن أوديك بداهية
              فيصل بإبتسامة شاسعة : أنا معك
              هيفاء بتوتر وكأنها تواجه الموت : والله العظيم والله ما اكذب . .
              فيصل : مين قال إنك تكذبين! أنا معك . . يالله أوقفي زين
              هيفاء : تكفى لا . . حتى بمزرعتنا أخواني يعطون ريم ومايعطوني لأني ما أشوف زين . . والله ما اكذب
              فيصل بضحكة يشدها ليجعل ظهرها ملاصق لجسده، ووجهه على كتفها، مد يديها بإستقامة ليضع إبهامها والسبابة على السلاح ومن فوقها يده، هيفاء بضيق : ما أبغى أتعلم واللي يرحم لي والديك! . . علمني أي شي خايس الا هذا
              فيصل : أعلمك كيف تقرأين؟
              هيفاء أشتد إحراجها من إدراكه لكذبها، إلتزمت الصمت وهي تبلع رهبتها من السلاح.
              فيصل لف قدمه على ساقه حتى يثبتها، أغمضت عينيها بشدة لتضغط على الزناد وتذهب الرصاصة بعيدة كل البعد عن قارورة المياه.
              فتحت عيناها بتجمد تام، فيصل يهمس بالقرب من إذنها : لازم تتعلمين كيف تدافعين عن نفسك، بكرا لا سمح الله اذا صار شي تكونين عارفة وفاهمة
              هيفاء : خلاص؟
              فيصل : أبي العلبة تنفقع!
              هيفاء إلتفتت عليه وساقها مازالت مثبته بقدمه، لاصق بطنه بطنها ويده خلف ظهرها، وبصوت مرتبك تنطق الكلمات بهيئة مستعجلة : والله إني أخاف من هالأشياء وعندي فوبيا منها . .
              فيصل بهذا القرب لم ينطق شيئا، اكتفى بعينيه التي تراقب شفتيها المتحركتين بكلمات سريعة.
              إرتجف فكيها لتبلع ريقها مشتتة نظراتها بعيدا عنه في وقت يحيطها جسده من كل إتجاه، ابعد قدمه عن ساقها ليجاور قدمه قدمها، أمال رأسه قليلا ليصل لمستوى شفتيها، ويده تنزل من أعلى ظهرها لتحيط خصرها، أغمضت عينيها ليلتحم جسده بجسدها، ارتفعت درجة حرارتها الداخلية ليغيب قلبها عن الوعي بما حوله، ويديها المرتجفتين تغفو على صدره.
              عن الشعور الذي أجهله في هذه الأثناء؟ كيف أحكيه؟ قلبي بكر لم يعشق من قبل ولم يسلك طريق الهوى، تغيرني يا فيصل بظرف يومين، تقلبني رأسا على عقب، تفض الحياة بعيني ليصعد مقامها نحوك، نحوك أنت فقط لا يشاركك إنسانا ولا جمادا، فوق العادة، ما أعنيه تماما أن هذا الشعور المحمر خلف قلبي فوق العادة، أجهل ماهية الشعور ولكنني أدرك تماما بأن هناك شيئا يشدني إليك، كنت أظن أن عينيك وحدها المصيبة إلا أن شفتيك أكثر المصائب ودا.
              ابتعد بحرارة أنفاسه التي أنتقلت لرئتيها لتضج أنفاسه بداخلها، ولا أعرف وصفا يا هيفاء أعمق من قول المتنبي " قد ذقت ماء حياة من مقبلها، لو صاب تربا لأحيا سالف الأمم "، للمرة الأولى أتذوق الجنة بترتيل شفاه غانية، أتحسر للعمر الذي مضى دون أن أفكر بالزواج، وأرثي الان من يعيش دون أنثى، أقصد فتنة.
              ابتعدت خطوتين للخلف دون أن تتجرأ بالنظر إليه، سارت بإتجاه الداخل وأنفاسها تضطرب إضطرابا يصل لقلبها الذي يرتفع أشد إرتفاع بحركته، دخلت لتصعد بخطوات سريعة نحو الأعلى، أغلقت الباب لتسند ظهرها عليه، وضعت يدها اليمنى على خدها والاخرى على صدرها لتهدأ من روعها، نظرت للنافذة و جسدها من قدميها حتى رأسها يشع حمرة ويضيء، بللت شفتيها بلسانها لتبتسم من ربكة شعورها، تسللت أصابعها نحو فمها لتشعر بأن شفتيها تحترق بحرارته، إتجهت نحو الحمام لتبلل ملامحها بمياه باردة، نشفت وجهها المحمر بخجله، جلست على الأريكة وتفكيرها يتشوش بأشياء كثيرة لا تستطيع أن تحددها.
              قبلة واحدة أدت إلى غياب عقلي عن وعيه كيف لو أطالها؟




              يسير ذهابا وإيابا، وصوت ضربات القلم على إصبعه يرن صداها، إلتفت للباب ليدخل أسامة : ما لقيناه
              رائد بغضب يقترب منه ليحرقه بجحيمه : طلع فارس من تحت الأرض! والله ثم والله لو يصير له شي راح أحرقكم كلكم
              أسامة صابته الرهبة من وعيده : سوينا اللي علينا! وأنت ما كلفتنا نراقبه
              رائد يصفعه بقوة حتى أصطدم جسده بالجدار، بصراخ : وأنا الحين كلفتكم!! فارس يطلع لي!!!
              نزفت شفاه أسامة وهو يقف بإرتباك : إن شاء الله
              رائد : أنقلع عن وجهي ولا ترجع الا وفارس معك . . . جلس خلف مكتبه وأفكاره تشتد سوء حول فارس، أنحنى بظهره وقدمه اليمنى تضرب الأرض بإستمرار لتعبر عن توترها أيضا، سيصاب بالجنون من غياب فارس عنه، يتمنى أن يموت ولا يصله خبر سيء عنه، أهتز هاتفه على الطاولة ليسحبه، فتح الرسالة لتصاب عيناه بجمود سحب كل أنفاسه للداخل ولم يزفر بشيء، اختنق صدره من الصورة التي يراها، من منظر فارس الملقى على الأرض والدماء تنتشر على جسده و تبلل الجزء الاخر من ملابسه، لا يريد أن يصدق أن شيئا حل به، للمرة الأولى منذ فترة بعيدة ترتجف عينيه وتسبب ربكة فكيها التي تزداد إصطداماتها ببعضها البعض، وقف وهو يضع يده اليسرى على جبينه من صداع يداهمه ويشتت رؤيته، خرج من الغرفة ليصرخ بصرخة هزت أركان الشقة، تجمعوا بأقل من الثانية إليه، إقترب من أسامه ليحيط رقبته بيديه : تعرف مكان فارس؟ . . تعرفه
              أسامة أختنق من قبضة يده دون أن يجيبه بأي شيء،
              رائد يرمي كل خططه بعرض الحائط من أجل إبنه : سليمان صح؟
              أسامة بدهشة أتسعت عيناه من معرفة رائد به، لكمه حتى سقط على الأرض، سحبه ليلكمه بشدة مرة أخرى، دفعه بإتجاه الجدار ليسحب قميصه ويضربه مرة أخرى، رفسه على بطنه ليثير غثيانه : تكلم لا أقسم بالله أدفنك بمكانك!!
              أسامة والدماء تنزف من كل جزء بجسده، بصعوبة نطق : ما أدري
              رائد يرفسه بقوة : أنا أبيك تدري . . إلتفت للواقفين خلفه . . جيب سلاحي
              أسامة برهبة أحمرت عيناه : ما أعرف شي صدقني
              يمد حمد السلاح إليه ليأخذه، صوبه بإتجاه أسامة : عندك دقيقة وحدة لو ما تكلمت ترحم على نفسك
              أسامة بضيق صوته : سليمان ذبحه
              رائد لم يتردد ولا للحظة أن يضغط على الزناد، وجهه لساق أسامة، انطلقت الرصاصة لتنغرز به وتهتز الجدران التي تحيطه بصرخته الموجعة حد البكاء، صرخ بقوة وعينيه تجهش بالوجع، أنحنى رائد إليه بنبرة لم ولن يجيء من يشابه غضبها : والله لا أفقهكم بالتعذيب كيف يكون!! .. ولدي أنا تذبحونه وترمون جثته !!! والله إن ما خليتكم تدعون على أنفسكم بالموت ما أكون رائد . . . والحين بتقولهم عن مكانه ماهو أنا اللي ولدي ينرمي على الطريق!!! وحسابكم جايكم بالدور . . . . دخل لغرفته ليضرب الباب بقوة حتى يغلقه، قبض على يده ليضربها على الجدار، صمد لدقائق طويلة حتى أهتز جسده ببكاء داخلي لا يقوى على الخروج، لم تحمله أقدامه ليجلس على ركبتيه وهو يغمض عينيه ويضغط عليها بكفه.
              " يا عيون أبوك! يا عيونه كيف تتركني؟ " اشتدت حمرة عينيه بحزن لم يعتاده أبدا، بحزن يصيب قلبه ويقتلعه، أخفض رأسه بأنفاس تحبس نفسها في صدره وتخنقه.
              إلا أنت! أدفع للحياة كل شيء عداك، أبكيك يا فارس لعمر كامل ولن أتجاوز أمرك، أرجوك يالله ليقل أحدا أنها مزحة أو كذبة، ليقل أحدا أي شيء إلا موته، إلا موتي. ما كنت أخشى بالحياة شيئا عداه، فارس الإستثناء في كل شيء، أتوسلك يالله لو كان كابوسا أيقظني منه، أيقظني . .
              أنهارت كل خلية تسبح في جسده ولم يعد يفرق بين منامه ويقظته، جن جنونه مع إبنه. رفع رأسه للسقف وضحكات إبنه تأت بصورة موجعة وكلماته الضيقة تبح في ذاكرته " ماكذبت يا يبه يوم قلت نحن قوم يا إذا عشقوا ماتوا "

              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                " بسم الله عليك يا يبه من الموت " تأت الحقيقة بسهام حادة لا تقدر قلبا ثمل من عشقه لإبنه، تأت بصورة مفجعة، لا أرضى بالعيش، بالحياة، بالدنيا وعيناك لا تطل بناظريها، كنت أود بأن تكون اخر شخص تراه عيني في إحتضاري، ولكنك ذهبت مبكرا ولم أراك، لم أراك يا فارس! كل شيء في ينطق " الاه " و الوجع، إني على بعادك لا أصبر وإني
                على حزني موعود، لو كنت معي في ذروة جحيمي بهذه الدنيا لقلت إنني أعيش في الجنة، أما الان لو وضعوني بين مسببات السعادة لعشت جحيما يحرق جسدي دونك.
                يخترقه صوته مجددا لتسقط دمعة يتيمة على خده الأيسر تكسر رجلا لم يكسره موت احد من قبل ولم يكسره حدثا هز بيته و عمله، يجيء صوته الضاحك " رائد : طبعا كاتب قصة حب . . عارفك ناقص حنان، فارس بضحكة عميقة : مغرقني بحنانك وش لي بحنان غيرك "
                تسترجع ذاكرته صوته بكل الكلمات الضيقة والواسعة بفرحها، يأت صوته قاتلا لكل صبر يحاول أن يثبت عليه.
                ارتخى جسده بذبول، شحبت ملامحه من محادثته في نفس هذا المكان ،
                " رائد بغضب : أنقلع عن وجهي
                فارس بإبتسامة : والله يا يبه صرت تنكر على الرايحة والجاية! أحلف لك بالله أنك للحين أمي في بالك
                رائد رفع عينه إليه : وإذا أمك في بالي وش بتسوي؟ قلت لك أمك هذي مهي بصاحية حتى عقب هالسنين داخلة في مخي أعوذ بالله منها
                فارس بضحكة منتصرة : عاد قلبك ومالك سيطرة عليه
                رائد : دبلت كبدي الله يدبل كبد العدو! . . قوم عن وجهي لا يجيك ذاك الكف اللي يثقفك بأصول الحب
                فارس إتسعت إبتسامته حتى ظهرت أسنانه وهو يستفز والده بكلماته : عسل على قلبي يا أبو فارس لو تكفخني من اليوم لين بكرا
                رائد : أنقلع لا والله . .
                يقاطعه فارس : ههههههههههههههههه وش فيك عصبت؟ كنت أمزح بس شكل طاري امي يقلب قلبك
                رائد : الا يقلب معدتي، الشرهة بس على اللي مقابلك
                فارس : جرير وش يقول يبه . . يقول إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا . .
                رائد : الله ياخذك أنت وجرير قل امين . . صدق فاضي ماعندك شغل غير تحفظ بهالشعر اللي ماوراه الا النكد الله ينكد على عدوك
                فارس بخبث : وش دعوى يبه! هذا أشهر بيت في الغزل مفروض تكون حافظه . .
                رائد : ترى أمك ضاحكة عليك عيونها مهي حورا . . هي فيها إنحراف
                فارس غرق بضحكته ليردف : ماشاء الله على الذاكرة اللي حافظة أصغر التفاصيل
                رائد يحذف عليه علبة المناديل وهو يخفي إبتسامته : قم وراك
                فارس بضحكته التي تشبه ضحكة والده : المشكلة أنك أبوي
                رائد بحدة : أنا مشكلة؟
                فارس بإبتسامة يقف ويقترب منه، قبل رأسه ليبتعد خطوتين للخلف : بكون صريح معك، أنا أكره بعض تصرفاتك وأكره تحكمك فيني وأكره طريقتك بالتعامل مع غيري. . .
                رائد يعيد النظر للورق : أنقلع ما أبي أسمع
                فارس بنبرة صادقة : وترى ما أحملك ذنب شي! الصالح لو بأسوأ المجتمعات بيضل صالح والفاسد لو بأحسن المجتمعات بيضل فاسد . . ما أحملك شي يا يبه، لأن الله بيحاسبني على أعمالي ماراح يحاسب أحد ثاني، وأكبر مثال أنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم! أكيد ماراح يحاسب الله الرسول على عمه! محد يشيل ذنب الثاني! أغلاطي هي من نفسي مو منك . . ومهما تصرفت وقلت بس لو يخيروني عمري ماراح أنفصل عنك . . ولا راح أرضى إني أعيش بعيد عنك . .
                رائد يرفع عينه : وش مناسبة هالكلام؟
                فارس : أنت سألتني ليه أنت بالنسبة لي مشكلة؟
                رائد : ما فهمت!!!
                فارس بعلاقته الحميمية التي لا تهتز مع والده أبدا : المشكلة إنه حبي لك يتناقض مع حبي لعبير . .
                رائد عقد حاجبيه : ليه ؟
                فارس بإبتسامة يبلع بها ضحكته على ملامح والده : أحبني لأني ولدك
                رائد بضحكة وقف مقتربا منه : صحيح ؟
                فارس أطلق ضحكته ليردف : و أحب عيوني لأنها تشبهك
                رائد غرق بضحكته : يا سلام على الغزل الصريح!
                فارس بعينيه التي تشاركه الطرب والبهجة على الكلمات : و الحمدلله إنك أبوي حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه


                ،

                وقفت بإتزان أمامها، ومن داخلها تحترق من وجودها معه بين 4 جدران وسقف يشهد عليهما، وأنا يا عزيز؟ أنا التي يشهد على حبي لك أربعة، قلبي المرتجف و عيني الذابلتين، و صوتي الضيق و جسدي المرتعش، لك حكمهم يا سلطانا أتخذ من صدر أنثى عرشا، لك ملكهم يا رجلا أستوطن قلبا أرسل إليك، تركت قلبا وضع في طريقك منذ زمن والان أدفع ثمن الطريق الذي سلكته، أنافس الحياة بك بعد أن كنت لك حياة، يسرقوني منك! وأنا وحدي التي أحبك.
                أثير بإبتسامة ناعمة ترسم على ملامحها الباذخة بجمالها : تفكرين كيف أبعد عن طريقك؟
                رتيل أخذت نفس عميق لتردف : أدعي الله كثير إني أنا اللي أبعد عن طريقك!
                أثير بضحكة مستفزة : بالمناسبة، عزوز حبيبي قالي كلمة أمس وأشغلت بالي كثير أظنها تهمك
                رتيل بلعت ريقها بصعوبة وهي تجاهد أن لا تفلت أعصابها منها.
                أثير بدلع : قالي نفسي هي أنا حياتي اللي مستحيل يقاسمني فيها أحد حتى لو كان جزء من هالحياة . .
                رتيل شدت على شفتها السفلية بأسنانها حتى لا ترتجف ، أثير تكمل : أظن غلطتي بكلمة نفسك او شكلك فاهمتها غلط بقاموس عزوز
                رتيل شتت نظراتها لتعيدها بإشتعالهما لعيني أثير، بحركة خافتة تراجعت أثير للخلف خطوتين من نظراتها التي شعرت وكأنها تجلدها.
                إن كنت تخاف من أحد يا عزيز يجب أن تخاف من المرأة إن اشتعلت غيرتها، الرجال أسلحتهم واضحة أما النساء لهن جيوش سرية إن اندلعت لن يقف بوجهها أحد، النساء اللاتي أسقطن حكومات لم يستطع رجل واحد أن يقمع جزء منها، هؤلاء النساء يجتمعن في مرأة واحدة ويعينها الشيطان بكيد عظيم إن أشتدت غيرتها، فقط استفز غيرتها وسترى الجحيم بعينه.
                أثير بلعت ريقها من نظرات رتيل الغريبة والمخيفة بنفس الوقت، شتت نظراتها لتردف بتوتر أتضح على صوتها عطفا على أن عبدالعزيز خرج ولا تستبعد أن تفعل رتيل بها شيئا مجنون : وأسألي عبدالعزيز إذا جاء . .
                نطقت إسمه دون دلع حتى لا ترتكب بها جريمة، رتيل أقتربت أكثر بجسدها إليها وبإبتسامة تخفي معان كثيرة : كنت أبيك تتفاجئين باللي راح يصير، بس راح أعلمك كيف تدفعين ثمن أغلاطك معي!
                أثير : تهدديني؟
                رتيل بحدة : إيه أهددك . . أتق شري يا أثير لا والله أطلع حرة عبير وأبوي وعبدالعزيز فيك
                أثير أخذت نفس تعيد به توازنها : في بيتي وتهدديني بعد؟ أنا والله اللي لازم أقولك يا غريب كن أديب
                رتيل ضحكت بسخرية لاذعة : ما أحتاج أعيد لك نفس المنوال كل يوم . . لا تحاولين تعوضين نقص ثقتك بعبدالعزيز بترديدك لحكي أنت تعرفين أنك تلعبين فيه على نفسك! يكفي عيونه اللي تفضحه مهما حاول يبين لك . . مفهوم؟
                أثير : الله العالم مين يعوض نقصه!
                رتيل إقتربت لتشتعل نظراتها بغضب الغيرة : أبعدي عن طريقي
                أثير غرقت في عينيها لتردف بعد صمت لثواني : وإن ما بعدت؟
                رتيل : فيه شي ما تعرفينه عني! ضميري ميت وأسألي عبدالعزيز عنه، هو بنفسه شهد عليه أول ما جاء الرياض!
                أثير تراجعت لتأخذ حقيبتها وهاتفها : طبعا راح أسأله وأبلغه بتهديدك الحلو . . . خرجت لتضرب الباب بقوة، رمشت عينيها لتسيل دمعة حارقة على خدها الأيمن، أخذت العلبة الزجاجية الموضوعة على الطاولة لترميها على الحائط وهي تصرخ بغضب يندمج مع بكاءها : حقييييييير! . . حقيييير . . . جلست على ركبتيها، اخفضت رأسها ببكاء صبرت عليه كثير. وضعت كفيها على إذنها حتى لا تسمع صوت قلبها المرتجف، كيف أصم سمعي عن قلبي؟ أكرهك وأنا كاذبة، سأرددها حتى أصدقها مثل ما صدقت مسألة أثير، سأصدقها يوما وأكرهك يا عبدالعزيز.

                يتبع

                تعليق

                • *مزون شمر*
                  عضو مؤسس
                  • Nov 2006
                  • 18994

                  رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                  ،


                  بغضب، بحزن، بحسرة و حقد ينظر إليه، لست على قيد الحياة ولا التراب يدثرني، إني معلق منذ أن غابوا! كيف أستطاع قلبك أن يفعلها بي وأنت أب؟ تدرك معنى أن تكون وحيدا، كيف قدرت أن تحزني بهذه الصورة؟ وأنا ناديتك " يبه " من يشفي علتي؟ من يساعدني على الوقوف مجددا؟ ألم تشفق علي؟ كنت أستيقظ في بيتك كل يوم وأنا قلبي يمرض بهم! كنت أراك وعيني تحترق ببكاء محبوس! ألم تخبر نفسك بضرورة معرفتي بلقاءها؟ كيف أستطعت " يا أبوي يا أبو سعود . . يا أبو زوجتي "
                  من يسكن حرارة القهر المندلعة في؟ من يضمد جراحي؟ من يقرأ على قلبي حتى يطمئن؟ من أجل الله كيف لم ترحمني سنة كاملة؟ من أجله كيف لم تخبرني في وقت كنت تراني به أتلهف لذكرى تمر على بالي، كيف تؤذيني بهذه الهيئة المتطرفة؟ في داخلي إستفهامات موجعة لا يخمدها جواب، لا يخمدها والله سوى الموت.
                  عبدالرحمن الواقف ومن خلفه أرض خضراء واسعة : أجلس
                  عبدالعزيز : ليه تسوي فيني كذا ؟
                  عبدالرحمن بقلة حيلة : أجلس يا عبدالعزيز
                  عبدالعزيز عقد حاجبيه بضيق : ليه؟
                  عبدالرحمن بضيق أشد : عبدالعزيز
                  عبدالعزيز : لا تقول إسمي . . أبي أنسى إني عرفتك
                  عبدالرحمن يقترب منه ليبتعد عبدالعزيز بخطواته : ما كان بإيدنا شي ثاني
                  عبدالعزيز بصراخ أوجع قلب عبدالرحمن : كل شي ماهو بإيدكم! سرقتوا حياتي، قابلت ناس أحلف بالله ما تخلون عيالكم يقابلونهم . . طيحتوني من ورطة لورطة . . دخلت غيبوبة و رجعت وأنكسرت و طحت في المستشفى ألف مرة . . . و عشت بأرق لفترة طويلة . . . وأستخسرتوا تقولون روح لأختك . .
                  أعتلت نبرته مرة أخرى : هذي أختي! خليت أختي سنة وأكثر بروحها . . . من أيش مخلوقين؟ قولوا لي اللي بداخلكم قلب ولا حجر ؟ . . والله لو إني يهودي ما تسوون كذا! . . كذا تعاملون ولد سلطان العيد . . كذا تعاملون شخص ما قد جاب سيرتكم بأي شي شين . . كذا تسوون مع شخص خسر نفسه عشان شغلكم! . . أنتم من أيش؟
                  عبدالرحمن شتت نظراته : ما كنا نعرف أنك ماتدري بالبداية
                  عبدالعزيز : طيب وعرفتوا! . . ليه ما تكلمتوا؟ والله العظيم لو أشتغل عندكم عبد رضيت بس عشان واحد من أهلي يرجع لي . . وأنتم بخلتوا علي! بخلت يا يبه
                  نظر إليه عبدالرحمن بضعف حقيقي من كلمته الأخيرة : عبدالعزيز . . بس أسمعني لين الاخر ولا تقاطعني
                  عبدالعزيز وعينيه بدأ الدمع يتراكم بها : ما أبي أسمع . . بس قولي وين غادة؟ . . ارحم قلب ما بقى منه شي وقولي وينها
                  عبدالرحمن : عبدالعزيز أرجوك
                  عبدالعزيز لم تحتمله قدماه ليجلس، وإنكساراته تعاد عليه هذه الفترة بألم وحشرجة روح متعبة : وينها! . . يكفي اللي سويتوه فيني! تذكر أول ماجيت الرياض وش قلت! قلت لك لا بغيتوا تنحرون روح لا تعذبونها! . . وأنتم قتلتوا فيني أعظم شي . . قتلتوا فيني الحياة
                  عبدالرحمن لم يحتمل إنهيار عبدالعزيز ليخونه الثبات/الإتزان، أحمرت عيناه بضعف : أقسم لك بالله أننا بالبداية ما كنا ندري . .
                  عبدالعزيز رفع عينه للسماء برجاء صادق : يارب رحمتك
                  عبدالرحمن : لا تسوي في نفسك كذا وتوجعني عليك . . تكفى يا عبدالعزيز لا تسوي كذا
                  عبدالعزيز بإنهيار تام ينظر إليه : يوجعك إني أموت؟ ما ظنتي! ما هزني شي في هالحياة كثر ما هزني موتهم وما أوجعني شي كثر ما أوجعني إني أنخدعت فيكم!
                  عبدالرحمن : فيه أشياء نكون مجبورين عليها والله العظيم نكون مجبورين . . أفهم هالشي يا عز
                  عبدالعزيز : لو كان أبوي عايش كان راح تتجرأون تتصرفون مع ولده بهالطريقة؟ . . . . أنتم تصرفتم كذا لأن ما عاد لي أحد ولما عرفتوا بوجود غادة قلتوا ما يصير! . . قلتوا ما يصير يعيش . . لازم يموت بحزنه وضيقه . . . حسبي الله . . حسبي عليكم ضعف اللحظات اللي حلمت فيها وخفت عليها . . حسبي عليكم بضعف الدقايق اللي راح فيها عني النوم . . . . . حسبي عليكم كثر ما أوجعتوا قلبي
                  عبدالرحمن يجلس على الأرض بجانبه : يا بعد الدنيا يا عبدالعزيز أسمعني. .
                  عبدالعزيز بهمس خافت يبح معه صوته : وينها؟ . . قولي مكانها . . . قولي ما عاد أبي شي منكم بس قولي وينها! لا تحرقون قلبي أكثر من كذا! ما سمعتوا بناس تموت من حزنها؟ . . لا تذبحوني وأنا ما شفتها!
                  عبدالرحمن تلألأت عيناه بالدمع، أشد موقف يواجهه منذ زمن بعيد، إنكسار الرجال تحديدا يزيد من إنكساراته، إنكسار عزيز بالذات هو إنكسار الرجال بأكملهم، نظر إليه وهدبيه يرتجفان بشحوب : بتشوفها
                  عبدالعزيز بخفوت : كيف قوى قلبك؟ يرضيك تعيش اللي عشته مع وحدة من بناتك؟ بنتك غابت بس كم يوم وقلبت الدنيا وضاقت بك! وأنا تاركني سنة وأكثر بدونها؟ . . يا قو قلوبكم! كيف قدرتوا تنامون؟ كيف كانت قلوبكم مرتاحة؟
                  عبدالرحمن : جانا خبرها في وقت ما نقدر نتصرف فيه بأي شي . . كان خطر أننا نكشف حياتها لأحد خصوصا في ذيك الفترة
                  عبدالعزيز بحزن العالم الذي يختصر نفسه بصوته، بعذاب الحروب والمعارك، بوجع المرضى و الثكالى، ببحة المشتكين و الحزانى : وش خسرت؟ ما خسرت شي بس اللي خسر هو أنا! احترقت بأحلامي وأنا أنتظر صوت واحد من أهلي! وأنا أنتظر جيتهم! عشت أيام عمرك ما راح تحس بوجعها، كنت أصحى وأنا أحس موتهم حلم! كنت أصحى وأنا أتخيلهم في كل جهة ألتفت عليها . . كانت كوابيسهم تكبر فيني وأنا أنتظر متى يروح هالكابوس؟ . . جلست شهور وأنا تعبان من حزني! ويوم تجاوزته وامنت بأنهم رحلوا! طلعت غادة هنا . . عاشت شهور وأيام وأنا ماني عندها . . .
                  بصراخ : حرام تكون أبو! وأنت ما فكرت حتى بأني أخوها اللي محترق عليها . .
                  عبدالرحمن ببحته التي تتضح على صوته : كان ممكن لو عرفت هي تروح فيها! كنا مضطرين نخبي عليك لين يجي وقت مناسب نقولك ف
                  يقاطعه بغضب : متى الوقت المناسب؟ أنا لو ما عرفت الحين كان ما قلتوا لي؟ على الأقل أعترفوا أنكم أذنبتوا! . . بس مهما استغفرتوا لحزني والله لا يضيع حقي يوم القيامة
                  عبدالرحمن بدهشة : لا تفكر بهالصورة
                  عبدالعزيز بحدة : تبيني أفكر بنفس طريقتك وأتصرف مثل ما تبي! تبوني الشخص اللي ما يفتح فمه بشي وينفذ الأوامر؟ . . بس مهما سويتوا مستحيل أكون بهالهيئة!!! . . راح تدفعون ثمن اللي سويتوه فيني طول هالسنة والنص . . . راح احرقكم مثل ما حرقتوني . . راح احرقك ببنتك . .
                  عبدالرحمن : لا تنتقم بأغلاطي من بنتي، أنتقم مني
                  عبدالعزيز بكلمات أوجعته : ليه ما قلت هالحكي مع غادة! وش ذنبها هي ؟
                  عبدالرحمن : ذنبها أنها بنت شخص يدورون عليه ناس كثير ويتصيدون له ناس أكثر
                  عبدالعزيز بحدة : ورتيل بنت شخص ضيع لي حياتي
                  عبدالرحمن تنهد بوجع : سامح
                  عبدالعزيز : مثل ما ضميركم مات وانا ضميري مات
                  عبدالرحمن : عبدالعزيز لا تسوي شي برتيل
                  عبدالعزيز : جيت متأخر
                  عبدالرحمن بغضب لم يسيطر عليه : إلا رتيل . . إلا هي يا عز
                  عبدالعزيز : شفت! شفت كيف تخاف عليها حتى مني . . بس ما خفت على أختي اللي من لحمي ودمي من . . . . أصلا مافيه أحد معها . . مافيه!!
                  عبدالرحمن : كانت بالحفظ والصون، كان معاها مقرن
                  عبدالعزيز بهدوء أنفاسه التي تموت بداخله : وينها؟ ارحم حالي وخلني أشوفها . . ما تركت مكان بباريس مادورت فيه عليها . . من الصبح وأنا أدورها . . واللي يرحم بناتك وينها؟
                  احمر وجه عبدالعزيز بالبكاء المحبوس لتلتقط عيناه عيني عبدالرحمن اللامعتين بالدمع، عبدالرحمن : معاها ناصر
                  عبدالعزيز إبتسم بخيبة عظيمة : ادري! . . حتى ناصر اللي ماتوقعته يوجعني أوجعني! . . وش بقى ما صار لي؟ قولي بس وش بقى؟ . . . أنا لو أموت محد بيتعجب! أصلا بيتعجبون كيف للحين عايش!
                  عبدالرحمن بصوت راج : عبدالعزيز
                  عبدالعزيز بإبتسامة شاحبة : موجعتني أشياء كثيرة . . لدرجة أدعي على نفسي وعلى إسم عبدالعزيز اللي ارتبط بأبوي . . . . . تمنيت كثير لو كنت رايح معهم ليلة الحادث! تمنيت والله إني ما عشت الى اليوم! . . تمنيت إني ما عرفتكم ولا شفتكم! تمنيت إني ما صحيت من الغيبوبة . . تمنيت إني ما هربت من رائد . . تمنيت إني أموت بدون كل هالتعذيب . . تمنيت أموت من حادث بس ما أموت من حرتي على نفسي
                  عبدالرحمن : بكرا بتعرف أنه كل هذا خيرة
                  عبدالعزيز : وحزني خيرة؟ حزني اللي مخلي حتى ناصر يخونني بمعرفته وهو الشخص الوحيد اللي بكيت قدامه؟ هو الشخص الوحيد اللي تركت فيه كبرياءي وماحبست دمعة وحدة قدامه!
                  عبدالرحمن : كلنا نغلط، ممكن أشياء بنظرك صحيحة غلط بنظرنا وممكن العكس
                  عبدالعزيز بغضب : وين الصح بأنك تحرق قلبي بأختي؟ الله لا يسامحكم ولا يحللكم . . الله يحرق قلوبكم مثل ما احرقتوا قلبي
                  عبدالرحمن بوجع من دعاءه المؤذي لقلبه : وإحنا يا عبدالعزيز ما عشنا بالسعادة اللي متوقعها!! إذا أنت خسرت أهلك إحنا خسرنا وإلى الان نخسر . . لا تسوي في نفسك كذا ولا تتعبنا بكلامك . . لا تتعبنا يا عبدالعزيز
                  عبدالعزيز : تعرف وش ندمان عليه؟ ندمان على اللحظة اللي كشف فيها فارس عن نفسه قدامك وتزوج بنتك بإسمه الصريح،
                  بحقد عميق يردف : كنت بكون أسعد الناس لو تزوج على أساس أنه مشعل وقدرت أخدعك فيه . . صدق كان بوقتها نيتي إني أخدعك عشان يخدمني فارس بموضوع رائد! لكن كانت بتتغير أفكاري وأخلي خدعته لك إدانة للي سويته بحقي
                  تجمدت حواسه من الصدمة التي يلقيها عليه عزيز، كان يعرف ان مشعل هو ذاته فارس منذ ان رأى فارس في ذلك اليوم البائس ولكن لم يتوقع ولا 1٪ أن عبدالعزيز يساعده بهذه الطريقة.
                  عبدالعزيز وقف ليبتعد للخلف مهددا : أنسى إنه عندك بنت . . مثل ما نسيتوني غادة . . . ولا تقولي وينها! ماراح أستغرب أصلا . . بتضلون أكثر الناس دناءة بعيوني . .
                  في جهة اخرى وضعت ظهرها ضي على الجدار ويدها على شفتيها المرتجفتين، ودموعها لا تهدأ، موجوعة من إنكسار عبدالعزيز الذي لم تشهد على إنكسار بهذه الطريقة المؤذية لروحها، رغم أنها لم تعرف عبدالعزيز جيدا ولكن منظره وصوته الحاد يزلزل أعماق كل من يسمعه، ولا تطيق أيضا أن ترى عبدالرحمن بهذا الضعف، ماذا يحدث يالله؟ كل شيء بيومين أنقلب رأسا على عقب!!


                  ،

                  يجلس بجانبها في المقاعد الثابتة أقدامها فوق الرصيف، لا كلمات تعبرهما ولا صوت يجيء بهما، تغرق بالطريق الذي يسلكه المارة بهرولة وأخرى ببطء، تغرق بتأملاتها وهي تفكر بالحياة التي تنتظرها بعد هذا اليوم، بالحياة التي ستلتفت عليها! أنتمي إليك يا ناصر، رغما عني أنتمي لقلبك، علمني كيف أتجاوزه الان؟ أتعلق بك في وقت تحتضر به الأشياء بيننا! أتعلق بك في وقت تبتعد به عني، متى ستصل الرسالة التي قلت لي أن أنتظرها؟ متى سأنظر إليها وأقرأها؟ ربما هي وحدها من ستهرم معي؟ من ستنام معي، ربما هي وحدها التي تحقق أحلامنا بالكلمات، أريد أن احبك يا ناصر، أن أحبك بمثل الشدة التي سبقت الحادث، أريد وبشدة أن أعشقك بطريقة جنونية لا تحبطها ذاكرة ولا نسيان، حزينة من الحياة والناس، حزينة لأن لا شيء يستقيم وضلعي أعوج!
                  إلتفت عليها وهو يدخل كفيه بجيوبه : بردانة؟ نقوم؟
                  غادة دون أن تنظر إليه : أقدر ازور ناصر؟
                  وليد بكذب لا يتردد به : لا، ممنوع زيارته
                  غادة بضيق : طيب ما قالك شي ثاني؟ شي يتعلق فيني؟
                  وليد تنهد : لا، قالي بس أوديك السفارة عشان يتصرفون وترجعين لأخوك قبل لا تطول مدتك هنا
                  غادة : حتى عبدالعزيز مو قادرين نوصله!!
                  وليد : ما أبي أحبطك بس لا تتأملين بناصر كثير . .
                  إلتفتت غادة عليه بإستغراب : ليه؟ . . ناصر ما ذبحه كان يدافع عن نفسه و
                  يقاطعها بهدوء : بعيونك يدافع عن نفسه لكن ممكن ما شفتيه! . . لاتخلين الحب يعميك
                  غادة تجمدت ملامحها والبياض يخرج من شفتيهما برجفة : مستحيل! ناصر ما ذبحه بتعمد
                  وليد : وأنا كنت أقول مثلك، لكن يوم رحت اخر مرة أتضح أنه متعمد . . مستحيل يطلع من القضية وكل الأدلة تشهد ضده . . مافيه ولا دليل واقف معاه الا شهادتك!! . . وأنا أخاف عليك يا غادة . . والله العظيم أخاف عليك
                  غادة هزت رأسها بالنفي، لا تريد أن تصدق شيئا من حديثه لتردف : مستحييل . . تعرف وش يعني مستحيل!!
                  وليد : ما أبي الا إنك ترجعين لأخوك سالمة . . وراح أحاول قد ما أقدر إنك توصلين لعبدالعزيز بأسرع وقت
                  غادة بضيق غاضب : وش صار يوم رحت؟ فيه شي صاير مو راضي تقوله لي!!!
                  وليد : ولا شي . . كلمت ناصر وجيتك
                  غادة أخفضت رأسها لتجهش عينيها بالبكاء : صرت أخاف على نفسي من هالبكي . . أخاف من هالضيقة اللي تجيني، مافيه شي أوجع من إنك تجهل نفسك؟ نفسك اللي هي ذاكرتك! . . أبي أتذكر أشياء كثيرة بس ماني قادرة لكن قلبي يتذكر، أحس فيه يا وليد . . أحس إني أعشقه . . أعشقه حد الجنون . . . كيف يرجع لي؟ أبي ناصر يكون بخير
                  وليد عقد حاجبيه بضيق : وهو بخير . . إن شاء الله بيكون بخير
                  غادة مسحت على ملامحها لتردف ببحة موجعة تشبه بحة أخيها : يارب



                  تعليق

                  • *مزون شمر*
                    عضو مؤسس
                    • Nov 2006
                    • 18994

                    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                    ،

                    نظر إليه بحاجب مرفوع من صوته الذي يرتفع بغضب لا يراه مبررا : في القضاء مافيه أمي ولا أبوي يا يوسف!!
                    يوسف بقهر : فتحتوا قضية مسكرة وقلنا معليه لكن الحين بعد بتتهمون الناس وتجيبون المصايب فوق راسي!!!
                    والده : وين المصيبة بالضبط؟ المصيبة أننا نعرف الحق؟
                    يوسف يفيض قلبه بالضيق : مو على حسابي يا يبه
                    والده : ليه تدافع بهالطريقة وكأنك تعرف شي؟ . . إذا أمها غلطانة خلها تتحاسب
                    يوسف بغضب : أم زوجتي! تعرف يا يبه وش يعني أم زوجتي؟ كيف أرضى أنها تتحاسب وأجلس أحط يدي تحت خدي أنتظر حضرتكم متى تحترمون قدر هالناس بحياتي! إذا أمها ما تعني لكم شي فهي تعني لي
                    منصور تنهد : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
                    والدته : تعوذوا من الشيطان لا تتهاوشون وتكبرون الموضوع
                    يوسف إلتفت لوالدته : يعني يمه وش أسوي؟ واقف بين نارين بين اللي مفروض يهتمون لحساسية هالموضوع بالنسبة لي وبين مهرة
                    والده : يا يوسف يا بعد روحي أنا فاهم وضعك بس هالموضوع حساس بالنسبة لموضوع أكبر منه، تو اكتشفناه والحين مضطرين نكمل تحقيقات . . هالشي مو متعلق بقضية فهد وبس! هالشي متعلق بقضايا كثيير
                    يوسف : يعني تبي أمها تدخل بين الرجال عشان تعيد لهم نفس الحكي اللي قالته بالبداية؟
                    صمت والده قليلا حتى أردف بضيق : خلاص ماراح يصير الا اللي بخاطرك! تجي هنا والبيت بيتها . . أنا بنفسي بحقق معها بدون شرطة ولا شي
                    والدته بإبتسامة تنظر ليوسف الغاضب : شفت . . هذانا حاليناها! يالله هونها ولا تضيق صدري عليك
                    يوسف صمت كثيرا مع حديث والدته حتى نظر لوالده ونطق : وبتحلها مع الضابط؟
                    والده : تطمن علاقاتي معهم قوية
                    أتاهم صوتها المبتهج : سلام
                    إلتفتوا جميعهم، لتتسع إبتسامة والدها : وعليكم السلام حي هالطلة
                    تقدمت هيفاء إليه لتقبل رأسه ويده : الله يحييك، سلمت على منصور الذي عانقها بشدة : أشتقنا لك
                    هيفاء : واضح! أنتم زين ما نسيتوني
                    منصور : والله أننا مشتاقين لك، بس ماش دايم ظالمتنا
                    هيفاء قبلت والدتها بحميمية كبيرة لتنظر ليوسف الذي وقف لها، طبع قبلته بالقرب من عينيها في عناق لا يليق إلا بهما : شلونك ؟
                    هيفاء : بخير الحمدلله . . نظرت إليهم لتردف . . وش فيه جوكم مشحون؟
                    والدتها: اجلسي لا مشحون ولا شي . . قولي لنا أخبارك
                    والدها : فيصل نزل؟
                    هيفاء : لا قال عنده شغل بس بيجي بعد شوي ويشوفكم . . إلتفتت لوالدتها . . أنا الحمدلله أخباري عال العال . . أنتم بشروني؟ وش مسوين ؟
                    والدها وتعانق أصابعه سبحته : والله البيت فاقدك . .
                    هيفاء بإبتسامة شاسعة : عرفتوا قيمتي
                    والدتها تضربها بخفة على كتفها : ليه في أحد كان مقلل قيمتك؟
                    هيفاء بضحكة :وناسة كل يوم بجيكم اذا بتستقبلوني كذا
                    يوسف وقف : عن إذنكم . . خرج بهدوء ليثير علامات الإستفهام بعيني هيفاء
                    : صاير شي؟
                    منصور : متضايق شوي من قضية فهد أخو مهرة
                    في جهة اخرى صعد بخطوات ثقيلة للأعلى، وقف امام باب غرفته كثيرا وهو يسحب هواء تستجيب له أعصابه فترتخي من هذه الشدة، فتحه بخفوت لتقع عيناه على جسدها المستلقي على السرير دون غطاء، أغلقه ليقترب منها وملامحها الباكية نائمة بهدوء، بضيق حاجبيه أخذ الفراش ليغطيها جيدا، أبعد خصلاتها المتمردة عن ملامحها لينحني عليها بقبلة بين حاجبيها، بقبلته فتحت عينيها المتعبتين، شعرت به من نومها الذي لا يتعدى بخفته أي عمق، جلس بجانبها ليشتت نظراته بعيدا ب هم يثقل على كتفيه.
                    مهرة بضيق أستعدلت حتى تجلس، وقفت لتهرب من وجوده بجانبها، راقبها حتى دخلت إلى الحمام، بللت ملامحها المرتجفة بالحمرة بماء بارد، نظرت للمراة التي تكشف حزنها من عينين لامعتين.
                    لم يكن موتك عاديا يا فهد! تمر سنة ومازال موتك يستثير حزننا في كل لحظة، لو كنت هنا لما أخذوا أمي! لو كنت هنا لما بكيت الان، أخطأت! أخطأت باليوم الذي أحببته فيه وهو سيبقى ينظر إلي بنظرة أخت فهد الذي تورط بقضيته أخيه، لو كان بإمكاني الان أن أكرهه لما ترددت لحظة، لو بإمكاني أن أصرخ بوجهه حتى لا يجيء بسيرتك، لفعلت يا فهد. ولكنني لا أستطيع، لا أقدر! يقف كالغصة بداخلي لا أتجاوزها ولا أعود للوراء، في كلا الحالتين أنا واقفة بالمنتصف، بين قلبي وعقلي، أشعر وكأنني أعيش بقاع من الجحيم، لا يفهمون معنى أن الذي مات هو أخي وليس أحدا من الشارع حتى لا يهتمون بمشاعرنا! نحن الذين نبكيك إلى اليوم لا ندري في أي جسد نحتمي.
                    سحبت منديلا لتجفف وجهها، خرجت دون أن تنظر إليه في وقت كان ينظر إليها ولتصرفاتها التي تعبر عن هروبها منه وصدودها، جلست على الأريكة وهي تعطيه ظهرها.
                    بصوت متزن : كلمت أبوي وماراح تروح أمك مكان غير بيتنا . . أبوي بنفسه هو اللي راح يكلمها
                    مهرة بضيق : زين حسيتوا أننا ناس ولنا مشاعر
                    يوسف : محد أهانك ولا أهان أمك يا مهرة!! هالموضوع مثل ماهو حساس بالنسبة لك فهو حساس للقضية اللي تهم الكل
                    مهرة إلتفتت عليه : بس تجي أمي راح أروح معها! أختنقت من الرياض وهوا الرياض
                    يوسف نظر إليها بجمود : تبين تبعدين وبس!!!
                    مهرة : أنت وعدتني إنك توديني لأمي قبل أسبوعين وهذا أمي بتجي بنفسها . . أنا جد مختنقة من أهلك ومن بيتكم يا يوسف
                    يوسف تنهد : سوي اللي تبينه . . أستلقى على ظهره ليأخذ هاتفه ويلتهي به حتى يخفف غضبه الذي بدا يضج بكل خلية في جسده.
                    مهرة أطالت نظرها لتجاهله لها في هذه اللحظات، في كل نظرة كانت تصعد الدمعة من قلبها ناحية عينيها، في كل رمشة كان جزء من قلبها يسقط.
                    شعر بنظراتها، لم يتحرك ضلت عيناه على شاشة هاتفه ومازالت عينيها تطوف حوله، أخذ نفس عميق ولا يفهم ماهية الشيء الذي يراه، عقله ليس بهاتفه أبدا.

                    يتبع

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي




                      ،

                      كان ينتظر الملف الذي سيصله وعيناه على محادثة الجوهرة بالواتس اب، بدأ يحرك أصبعه الأوسط والسبابة على الطاولة بموسيقية وهو يفكر بأكثر من طريقة يسأل بها عنها، رفع عينه للنافذة الزجاجية التي تطل على ساحة التدريب ليعيد النظر لشاشة هاتفه، لم ترمش عيناه أول ما قرأ " on line " أخذ نفس عميق ليسحب هاتفه ويتصل عليها، ثواني قليلة حتى أتى صوتها المرتبك : ألو
                      سلطان : السلام عليكم
                      الجوهرة : وعليكم السلام والرحمة
                      سلطان : شلونك؟
                      الجوهرة توترت من سؤاله الذي يعتبر مفاجىء لقلبها، بضيق صوتها : بخير . . صاير شي؟
                      سلطان : وش بيصير مثلا ؟
                      الجوهرة : ا . . لا بس أستغربت
                      سلطان : استخرتي ؟
                      الجوهرة بلعت ريقها بصعوبة، لو تعلم إنني أخاف الإستخارة، أخاف من اللاإطمئنان معك، أخاف من الإنفصال الذي يكون مبنيا على " حكمة من الله " لو تعلم يا سلطان أنني جبانة في الصلاة، أريد أن ننفصل دون أن أضع في بالي أنني لن أكون مطمئنة معك، دون أن تلمع في عيني دمعة بأنك لم تكون خيرة لي، ببساطة يا والد طفلي وسيد قلبي، أنني أؤمن بأنك وداعة الله لي و مضيت معك على سبيل أنك خيرة لي ولا أريد أن تتغير قناعاتي.
                      سلطان : الجوهرة؟؟
                      الجوهرة : لا
                      سلطان تنهد : انا فكرت . .
                      الجوهرة : وأيش وصلت له ؟
                      سلطان : بروح باريس لشغل وقلت في نفسي هذي فرصة عشان أحدد وش أبي من الحياة
                      الجوهرة : كم بتغيب ؟
                      سلطان : ماعندي علم بالمدة
                      الجوهرة تكره أن تتكلم بلسان عقلها الذي تجبر عليه لتقمع محاولاتها القلبية بالإنتفاضة : كذا ولا كذا القناعات وحدة
                      سلطان سعل قليلا ليردف : وش القناعات الثابتة؟
                      الجوهرة : اذا ما تنازلت واعتذرت واعترفت بأغلاطك ووعدتني أنك تصلحها ماراح أرجع
                      سلطان بغضب : يعني أنا بس اللي مطلوب مني أنفذ وأنت اللي بتنتظرين؟
                      الجوهرة بضيق : ما أطلب منك تنفذ! أطلب منك إذا تبي الحياة اللي معي تحترمني
                      سلطان بحدة : تستفزيني في كل مرة أحاول فيها ما أتنرفز!!!
                      الجوهرة : ما أستفزك! هذي أبسط حقوقي، ماني عبدة لك يا سلطان بتلقاني متى ما اشتهيت
                      سلطان : تعبت من كلامك هذا! عمري ما أهنتك بهالطريقة أو خذيت منك حقوقي بطريقة مذلة!! أفهمي إنه عمري ما جيتك وبغيتك مثل مايشتهي مزاجي وكل هذا من خرافات عقلك!
                      الجوهرة بلعت ريقها بصعوبة لتردف : أنت تشوف شي غير اللي أشوفه! . . أنا أشوفك أهنتني وذليتني وماهي خرافات من عقلي
                      سلطان بعصبية : أنت حتى نفسك مو عارفة وش تبين!! تناقضين كلامك في كل مرة! . . الشرهة على اللي متصل بس
                      الجوهرة بضيق : شفت! حتى إتصالك تمن فيه وتستخسره فيني
                      ضحك من غضبه ليندفع بإنفعاله : عاد جاك العذر لين عندك عشان تتحججين فيه!!
                      الجوهرة : سلطان
                      سلطان بعصبية كبيرة يزيد عليها ضغط أعصابه في الفترة الأخيرة : ما عدتي الجوهرة اللي أعرفها! كل تصرفاتك ماهي واضحة!! فيه أحد يأثر عليك؟
                      الجوهرة بغضب لم تسيطر عليه : على فكرة صفحتك بيضا قدام أهلي كلهم! وإذا فيه أحد يعرف بتصرفاتك فهو عمتك! بس اكتشفت أصلا إنك ماتحب أحد يكون قوي ويوقف بوجهك! تبي الكل يخضعون لك ويوم شفتني أنادي بحقي أتهمتني وقلت فيه أحد يأثر علي!!! ليه ما تستوعب إني أبي أبسط حقوقي وهو أنك تعتذر
                      سلطان : عقب حكيك هذا حتى لو كنت مفكر بالإعتذار ماراح اعتذر! لأن حتى أنا من أبسط حقوقي إنك تحترميني وما ترمين حكي مثل هذا . . ماني أصغر عيالك!!
                      الجوهرة بعصبية تنرفزت من أسلوبه : أنت بأي حق تفكر كذا؟ بأي حق يا سلطان!!! . . . دام كذا أنا بعطيك إياها على بلاطة وأقولك ما أبيك
                      سلطان صمت قليلا حتى يردف : تبين الطلاق؟
                      الجوهرة بصعوبة: إيه
                      سلطان بغضب أتضحت به عروق ملامحه : أنت طال . .
                      الجوهرة : . . . . .

                      ،

                      إلتفت عليه : ما راح أطول
                      : متأكد أنه زوجتك رجعت؟
                      فارس : إيه متأكد أرسلت مسج لنايف . . بس بجيب أغراضي وأدفع للفندق
                      : خلاص انتظرك . . مانقدر نطول
                      فارس خرج من السيارة ليتجه بعرج خفيف في ساقه اليمنى للفندق، دخل المصعد الكهربائي وسبابته تضغط على الطابق الثالث، أخذ نفس عميق بملامحه المتعبة وتزداد تعب في كل إرتفاع، أنفتح المصعد ليتجه نحو الغرفة 302، فتحها بخفوت، ليرفع عينه وقبل أن يخفضها تجمدت ناحيتها، أنصدم من وجودها، إلتفت لكل جهة من الغرفة حتى يتأكد من خلوها من أحد اخر، بدهشة : عبير!!!
                      عبير وقفت وملامحها تعبر عن بكاء أستمر ليوم كامل : جيت؟ . . عرفت أنك مو قد المسؤولية!
                      أغلق الباب ليقترب منها : ما جاك أحد؟
                      عبير بغضب : ليه سويت كل هذا؟
                      فارس عقد حاجبيه بإستغراب : وش سويت ؟
                      عبير : تنكر بعد؟ ليتني ماعشت يوم واحد معاك ولا عرفتك!!
                      فارس : عبيير؟؟
                      عبير بصراخ أبكاها من وجع الخيبة : لا تنطق إسمي! . . أكره نفسي كل ما تذكرت إنك قدرت تتزوجني!!
                      فارس بلع ريقه بصعوبة : وش فيك؟ . . وش صار؟
                      عبير تأخذ الظرف من على الطاولة لترميه عليه متجاهلة الجروح التي على وجهه، لا تلقي بالا لتعبه وفي قلبها تندلع الحسرة، يفتحه فارس ليتنهد بضيق دون أي كلمة تنقذ الموقف، لا شيء يساعده! كل شيء يقف ضده من والده للكلمات الجامدة على لسانه.
                      أي وجع يستطيع أن يكابر إلى الان؟ أي وجع من الممكن أن أمحيه بهذه السهولة؟ وأخسرك يا عبير للمرة اللاأدري! أرجوك، هذه المرة لا يقف قلبك ضدي! يتفاقم حزني بشكل لا يطاق، أنا أحتاجك أكثر من أي لحظة سابقة.
                      عبير : ماتقدر تنكر؟ .. علمني وش بقى من رجولتك؟ . . وفوق هذا تاركني وكأنك تدري في مصيبة تحاول تخبيها عني
                      فارس : فاهمة غلط
                      عبير تبتعد عنه بخطوات للخلف : وش اللي فاهمته غلط؟ تكلم بنات وتشرب و . . أيش بعد؟ ولا أنا من ضمن البنات اللي تكلمهم ومتعود عليهم . .
                      فارس بغضب يحتد صوته : عبير! . . لاتكلميني بهالطريقة
                      عبير بغضب أكبر : المفروض أنا اللي أعصب ماهو أنت!
                      فارس بتنهيدة : ممكن تسمعيني بدل هالصراخ؟
                      عبير : لا مو ممكن! أصلا ما أتشرف إني أسمعك . . منقرفة منك ومن نفسي . . الله أعلم كم بنت قابلت وكم بنت . .
                      أخفضت رأسها ببكاء يجرح صوتها، تشعر بأن قلبها يكسر ضلوعها المحيطة به، تشعر بأن أوردتها تنهب دماءها وتجمدها، تشعر باللاشيء ناحية الحياة.
                      نصيبي من هذا العذاب أتى كافيا لمعرفتك، خنت ثقة والدي وأنت خنتني، لا حق يضيع بهذه الحياة وكما تدين تدان، لم تفعل بي كل هذا يا فارس؟ لم تحزني بهذا القدر؟ أشعر إني أختنق من الندب التي تنتشر على جسدي ومن هذه الجروح، أنا أفقد نفسي تماما ولا أحد يمد يد العون إلي، لم يجيء والدي بعد ولم أرى أحدا يشفي قلبي من هذا الحزن، وأنت أيضا تزيدني، تقتلع جذوري بحدة، أن أصاب بهكذا خيبة وكأنني أصاب بمرض عضال يشعرني بأنني أنتظر الموت. " كيف تخون وعيناك فردوس؟ " كيف تقوى يا حبيبي؟
                      إقترب منها لتزداد إبتعادا حتى ألتصق ظهرها بالجدار : هذي أشياء قديمة، قبل ماأعرفك زين
                      عبير ببكاء تفقد به كل خياراتها، إرتجفت شفتيها : الحين عرفت قيمة إني أفقد أبوي! عرفت كيف الناس تجرحني بهالطريقة اللي تفجعني!
                      فارس: ماهو انا اللي أجرحك!
                      عبير بضيق تنهار ببطء : أبيه . . ودني له . . ما عاد لي في حياتك شي!
                      فارس برجاء عينيه الذابلتين : طيب أنا أعترف، أنا سيء في كل شيء لكني أنا اللي أحبك فوق كل شيء.
                      عبير نظرت إليه بشفافية دمعها، أهتز قلبها المرتجف من جملته التي لا تعبرها بسلام، استيقظت الربكة في دماءها المستثارة بالبكاء : كم مرة قلت أحبك لأحد غيري؟ كم مرة شافت عيونك غيري؟ . . تكذب يا فارس . .
                      فارس : والله العظيم ما قلتها لأحد غيرك بهالصدق!
                      عبير : وش اللي بيخليني أثق فيك؟ كيف أثق بشخص ما أحترم حدود الله؟ أنا أصلا فقدت ثقتي بالكل أول ما عرفتك! أول ما عرفت وش يعني الخوف؟ الخوف اللي يخليني أروح لطريق حذرني الله منه . .
                      فارس أخذ نفس عميق وهو يستنجد بالكلمات حتى تساعده : لا توجعيني فوق حزني!!
                      عبير بخفوت بح صوتها ليواسيها البكاء بحزن عميق : ليه؟
                      فارس : وش تبيني أعترف لك فيه؟ . . أنا غلطت، تصرفت تصرفات ما تنكتب ولا تنقال بس عمري ما انصلح حالي الا معاك! وعمري ما صدقت بشي كثر صدقي بكلامي لك
                      عبير بجدية تقتلها قبل أن تقتله : ما أبيك يا فارس! قلتها قبل أمس مقدرت تكون زوجي ولا راح تقدر!
                      فارس بضيق يشعره بأنه يحمل العالم في صدره : لك اللي تبين
                      عبير : بتطلقني وبنسى إنك مريت في حياتي
                      فارس بإنكسار واضح في صوته : مريت؟ . . يا قو قلبك على هالكلمة
                      عبير كانت ستتكلم لولا إنهيار عينيها بالبكاء، شدت على شفتيها حتى لا تخرج " اه " تزيدها وجعا.
                      فارس بعقدة حاجبيه : واضح إنك قادرة أنك تكملين حياتك بدون لا تلتفين لورى! في كلا الحالتين كان الإنفصال قدامنا بس كان ممكن يكون بطريقة ألطف من كذا
                      عبير شتت نظراتها بعيدا : أساسنا خراب! وأنا ما أرضى بهالخراب
                      فارس بغضب يقترب منها ليلتصق بطنها ببطنه : حبي لك عمره ما كان خراب! الخراب إننا نلتقي بين هالجدران
                      عبير أبعدت عينيه، تخاف هذا القرب وهذه العينين التي من شأنها أن تحبط أي عمل و مخطط تلزم نفسها به، فارس بوجع يتسرب لأنفاسها : أعترف بكل شي راح تتهميني فيه لكن أعترف إننا ألتقينا بالوقت الغلط ، الوقت اللي ما ساعدنا بشي ولا جمعنا بمكان واحد ينفع نقول عنه إنه المكان الصح!
                      عبير دون أن تنظر إليه : ما أبي أسمع شي، أبي أطلع من هنا وأشوف أبوي
                      فارس : من علمك تقسين؟
                      عبير : أنت اللي قسيت، جرحتني وخيبتني فيك!
                      فارس كان سيتكلم لولا إنطفاء الكهرباء وتتبعها الانوار التي تضيء الغرفة، ارتعش جسد عبير من هذه العتمة، صمدت قبل أن . . .


                      ،

                      يستلقي على الأريكة بألم فظيع من ساقه التي يلفها الشاش الأبيض ومازالت الرصاصة تغرز الوجع فيه : هذا اللي صار
                      عمر بدهشة : رحنا وطي!!
                      أسامة : لو عرف سليمان بنروح فيها . .
                      عمر وضع يديه على رأسه : وفيصل مسك الأوراق علينا!! كل شي بدا يطلع من سيطرتنا! . .
                      أسامة : كيف أخذ الأوراق؟
                      عمر : واضح أنه دخل البيت في غيابنا . . وش الحل يا أسامة؟
                      أسامة : لازم نفكر بحل، أنا لو رجعت لرائد ليخلص علي
                      عمر : ما نقدر نهرب وجوازاتنا عنده ؟ . . وش رايك نخبي عليه لين ندبر لنا حيلة
                      أسامة : إلى متى؟ بيوصله علم رائد أكيد
                      عمر بضيق تنهد : فيصل أمره محلول الليلة لكن رائد!!!!
                      أسامة صمت حتى داهمت الأصوات الخارجية الغرفة، عمر هرول سريعا للنافذة بإستغراب من هذه الضوضاء، نظر للسيارة التي يخرج منها رائد لتتسع عيناه بالصدمة : قامت جهنم في البيت!!!!


                      ،

                      نظر إليها بدهشة وأعصابه تتلف شيئا فشيئا : متى قالت هالحكي ؟
                      أثير : الصبح! عشان تعرف أنك مخدوع فيها . .
                      عبدالعزيز بهدوء : أدخلي غرفتك ولا تطلعين
                      أثير بخوف : وش تبي تسوي؟
                      عبدالعزيز بغضب : أدخلي!!!
                      برهبة بلعت ريقها لتدخل وتغلق عليها الباب، عبدالعزيز رمى معطفه و سكارفه على الأريكة وهو يفتح أول أزارير قميصه، إتجه ناحية باب الغرفة ليشد على مقبض الباب ويفتحه بغضب، إلتفت عليها وهي جالسة على الكرسي وغارقة بتفكيرها . . وقفت بخوف من نظرات عينيه التي تشبه نظراته عندما حلمت به أنه يأتها، بلعت ريقها لترفع حاجبها بإستفهام واضح.
                      عبدالعزيز : قلت لك أكثر من مرة لا تلعبين معاي!! أنت اللي تجبريني أتصرف كذا
                      رتيل تجمدت أقدامها من كلماته التي تشبه تماما كلماته في تلك الليلة التي أتى عليها، تراجعت للخلف والرجفة تسكن أطرافها، أقترب منه ليشدها بقوة ناحيته وبوعيد : تحملي أخطاءك!! . . دفعها على السرير لتتسع نظراتها بالدهشة والدمع يصعد مجرى الكلمات إلى عينها، حاولت أن تقف ولكن ثبتها بكتفيها لتصرخ بوجهه : أتركنننني . .


                      .
                      .

                      " تصل إليها رسالة ضيقة ( عبدالعزيز في شقتكم القديمة ) نظرت إليها بدهشة وفي عينيها تلمع الفرحة، رمشت كثيرا حتى تصدق أنه فعلا موجود بباريس وبالشقة ذاتها . . "
                      .
                      .

                      يقرأ على عجل / اللي ورى كل هذا هو . . .
                      وقف بدهشة/صدمة/إستغراب/إحتضار تام لعقله.



                      أنتهى البارت

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...