رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
خلخل أصابعه بحبال الحزام المرتبط بخصره ويده على هاتفه الذي يهيج بأنفاسه المضطربة : كيف؟ . .
: هالكلام وصلني الساعة 7 الصباح! . . أظن سليمان راح يضر فارس بدون شك! . . لكن المشكلة هو أنت!
سلطان توترت أصابعه ليترك الحزام دون أن يحاول فتحه : الحي مراقب! أنا اهم شي عندي بيتي!!
: كثفنا جهودنا الأمنية، لكن بالنهاية . . انت عارف الحال! سبق ودخلوا البيت وكسروه
سلطان شحب لونه بفوران دماءه : لو صار شي لأهلي ماراح يحصل لأحد طيب! مفهوم؟
: مفهوم طال عمرك لكن احنا سوينا اللي علينا! وش ودك نسوي أكثر وإحنا مستعدين؟
سلطان : ما شفتوا أثر أحد لما أحترقت المزرعة؟
: لا . . بس الجانب الخلفي اللي احترق ولا أحد من العمال شاف شي!
سلطان تنهد بهواء يضيق بإنحداراته في جوفه : طيب . . بس يصير شي ثاني بلغني!
: أبشر . .
أغلقه ليسقط الهاتف من يده بحركة الحبال التي أنسحبت للخلف، جره الحبل لإرتطام رأسه بعامود قاس حارق، أخفض رأسه ليتقيأ الدماء، شعر أنه يغيب كليا عن العالم الذي حوله.
لا عيناي ترى الإنعاكسات بإتجاه سليم ولا أنا أرى شيئا بمكانه الصحيح، أختنق يالله بغصات متكاثرة على حافة قلبي، لا تترك لي فرصة المرور سهلة ولا تترك لي فرصة الرجوع سهلة، إني عالق! . . " ثارت دماءه لتعتلي الحمرة عينيه، حاول أن يفتح الحزام ولا جدوى، أختنق وهو يشتد اكثر حول بطنه حتى شعر بغثيان مؤلم والدماء تنزف بعمق من رأسه، حاول أن ينادي، أن يصرخ ولكن بلع صوته بحرقة الدماء الثائرة، طريقة وحدة بأن يفتح الحبل الاول ولحظتها سيصعد به للاعلى وفرصة أن يرتطم بإحدى الأبراج الشاهقة كبيرة "
كانوا كثير يالله الذين فقدوا حياتهم بهذه الصورة المفجعة، لا تجعلني منهم! يا رب . . يارب . . يارب أسألك ثلاثا.
تقيأ مرة أخرى وهو يضع يده المرتخية على الحبل، كل شيء يخذله حتى قوته.
ثانية، لحظة ولحظتين، عد في داخله وهو يدرك تماما لو فقد وعيه الان سيذهب لموت شنيع ويفقد قدرته على التحكم بالحبال المرتبطة به.
مرت في باله بصورة موجعة، مرت بملامحها الباذخة، بكلماتها الناعمة، بربكة شفتيها وحمرة خجلها، مرت بصوتها الندي، مرت بألم.
فاتنا أن نعيش! أن نخيط لنا من الأرض قطعة من اجلنا، فاتنا أن نحيا بلا ألم. يا مرورك المر في ذاكرتي، ويا حزني الذي تشي به عيناي.
عاد بخطاه الذابلة للخلف وهو يحاول أن يسحب الحبل للجهة الأخرى، مسك القطع الحديدية الحادة الخارجة من الحزام، حاول أن يبعد إحداهما بلا حول ولا قوة.
في جهة أخرى خرج من المصعد متجها لأحمد : سلطان جاء ؟
أحمد : إيه وسأل عنك!
عبدالرحمن : بمكتبه ؟
أحمد : لا طلع للساحة!
عبدالرحمن عاد بخطواته للمصعد ولكن سرعان ما أبتعد : بس يخلص تدريب خله يمرني . . وإتجه نحو مكتبه.
سلطان تحت حرارة الشمس التي تغلي دماءه النازفة، يسعل ببحة مؤلمة دون أن يخرج صوته، يرى الموت بعينين يغيب نصفها ونصفها ينظر بوجع.
سقطت عيناه للدائرة الكهربائية المكشوفة، على بعد خطوات لو يقترب منها سيحترق لا محالة. تمر الدقائق وهو يتحامل على وجعه حتى لا يغيب وعيه. كل الأشياء السيئة التي فعلها تعبره، يشعر بأن الموت يداهمه بصورة فجائية.
كل الاشياء تتعلق بالجوهرة وحدها، تصبب عرقه مبللا وجهه الذي يختفي اللون منه، الموت الذي نعرفه جيدا لا يتعامل معا بشكل جيد، سكرات الموت الذي نسمعها دائما تأت أحيانا على هيئة كلمات. أنا أحتضر وأخشى على شخص واحد.
من أعلى وقف أمام النافذة تغرق عينيه بهذه المملكة الأمنية العملاقة، أنتبه لسلطان، غرقت عيناه حتى شدته الدماء، نظر للحبل الملتوي حوله، أدرك أنه يختنق. بخطى سريعة خرج ليهرول مفاجئا الجميع، نزل للأسفل بالسلالم دون أن ينتظر المصعد، ركض إليه، حاول أن يفك الحزام الذي يحاصره، رفع عينه لسلطان الذي أغمي عليه تماما.
عبدالرحمن وضع يده على عنقه ليستشعر نبضه، بصراخ: سلطان . .
أبعد أنظاره لتأت صرخته بعظمة مكانته في صدره، يستجدي أحد يأت يساعده.
نظر إليه برجاء كبير وهو يحاول أن يبعد الحبال عنه، وجهه لا يبشر بالخير من الدماء التي لم تتدفق إليه بعد : سلطان . .
وضع يده على رأسه ليلامس الدماء، نظر بدهشة لكفه من منظر الدماء، بصوت يموت تدريجيا : لا يا سلطان! . . لا . .
صرخ بقوة : أطلبوا الإسعاف! . .
خرج بعض الموظفين على صوته لتندهش أعينهم بما يرون، كأنها محاولة إنتحار لا يرونها إلا بالأفلام السينمائية.
عبدالرحمن ويده لا تفارق عنقه الشاحب : يارب . . يارب . . وضع يده الأخرى المنتشية بدماءه على وجهه دون أن يهتم بأي بلل.
أقترب أحمد ليحاول نزع الحبال عنه، بتوتر : كيف متشباكة ؟
عبدالرحمن بربكة عميقة : جيب أي شي نقطعه
أحمد : مستحيل! الحبال ما تتقطع بسهولة! . . لحظة . . مفروض هالحبل يكون بالجهة الثانية!
عبدالرحمن يحاول رفع رأس سلطان الذي بدأ بأكمله هو وجسده يذبلان معا وبغضب : وين الإسعاف!!!
أحمد : دقيقتين بالكثير وهم هنا . . بس عشان نلحق . . . . .
أتى مسفر المسؤول الاخر عن هذه الساحة : مافيه حل غير نحرق الحبل عشان يرتخي ونفكه!
عبدالرحمن : جيب كبريت !
أحمد وقف أمام جسد سلطان حتى لا تتسلل النار إليه.
عبدالرحمن وضع ذراعه بجانب رأسه أيضا حتى لا تقارب النار إليه، أقترب مسفر ليشعل النار بمنتصف الحبل وسرعان ما أطفأها، أخرج السكين الحادة من جيبه ليقطع بها الحبل اللين بعد الحرق، بمجرد ما قطع اخر أوتار الحبل حتى سقط على الأرض، جلس عبدالرحمن على ركبتيه ليرفع رأسه من الأرض الحارقة : نبضه ينخفض!!!
أحمد أنحنى الاخر ليجري أول ما تعلمه في حياته، شبك كفيه ببعضهما البعض ليضعها فوق قلب سلطان، بقوة ضغطه حاول أن يعيد نبضه لإتزانه، حاول مرة ومرتين وثلاثة ولا يحصل شيء سوى الدماء التي تخرج من فمه.
عبدالرحمن يشعر بأن قلبه يقارب على التوقف من منظر سلطان، لا يتحمل فاجعة جديدة! أؤمن والله أن المصائب لا تأت فرادى، يارب يارب يارب أحفظه.
أحمد برهبة : نبضه متوقف!!!
عبدالرحمن أشتعلت عيناه بالحمرة : لا . . أبعد . . وضع رأسه على صدره ولا شيء يسمعه! وهذه " اللاشيء " تعني موت لا يصطبر عليه.
عبدالرحمن بنبرة متحشرجة : وين الإسعاف؟ . . ويننننهم
أحمد بتوتر وقف وهو يشعر بأن العالم يدور به، خسارة سلطان تعني خسارة دولة بأكملها، من بعد سلطان العيد و عبدالله القايد و مقرن و الان ؟ هذا ما لا طاقة لنا به.
موته مخطط! هذه الحبال المتشابكة ليست صدفة! ورب البيت ليست صدفة، إنما مفتعلة من أحدهم.
دقائق عميقة حتى دخل رجال الإسعاف، وقف عبدالرحمن ملطخا بدماءه يحاول أن يصدق عكس ما تشير إليه صورته، وضعوا جسده الذابل على سرير الإسعاف المتحرك وخرجوا به دون أن يقولوا شيئا يطمئننا، إتجه نحو المغاسل ليغسل يديه و وجهه، توضأ بثواني ممتدة بتفكير غائب تماما. أحاول أن لا أفكر بأسوأ الأشياء ولكن تأت بغتة.
خرج متجها للغرفة المنزوية، نزع حذاءه، شعر بأن قواه تنهار فعليا ليسجد قبل كل شيء، إلتصق جبينه على سجادة الصلاة بملامح صبرت عمرا وفي أرذل هذا العمر فقد قواه و صبره، لا يحتمل الموت الذي يحمل نعش الذكريات على الدوام! لا يحتمل أن تنتهي حياة أحد بصورة مؤذية.
سالت دمعته التي تصطدم بالسجادة، يارب الناس والحياة، يارب الموت والنهايات، يارب الأمن والأمان ، يارب قلبه لا ترينا به مكروها، أعد له نبضه وحياته ولا تحملنا فوق طاقتنا بفقده، يارب أنت تعلم بحاجتنا إليه بعدك، يارب أنت تعلم بوجع عائلته فلا تتركنا نبكيه، يارب أرزقنا النفس المؤمنة بقضاءك وقدرك. يارب إنه لا يعجز عنك شيئا ولا يخيب من سألك.
،
دخل مشمئز من الملامح التي يراها، يشتد بغضه لهذه الأعين التي تلاحق ظلاله، فتح الباب لينظر لوالده : السلام عليكم
رائد بهدوء دون أن يرفع عينه : وعليكم السلام
فارس تقدم نحوه لينحني ويقبل رأسه : وش صاير ؟
رائد يرفع رأسه ليسند ظهره على الكرسي : أنت اللي قولي وش صاير ؟
فارس : مافهمت!!
رائد يلوي فمه يمنة : فارس لا تستفز أعصابي
فارس : والله مو فاهم
رائد وقف بغضب : وش مخبي عني؟
فارس : ولا ش
لم يكمل من والده الذي دفعه بإتجاه الجدار، أحاط رقبته بكفيه الحادتين، بغضب يضغط على أسنانه : وش مخبي عني؟
فارس يختنق بقبضة يده، تركه لينحني بسعاله الضيق، رفع عيناه بهيجان مالح : قلت لك ما أعرف شي!!!
رائد : طيب!! . . وين عبير؟ تركتها وين؟
فارس : كلامك معي مو معها
رائد بصراخ : فارس!! . . لو تموت قدامي ما كملت معها!
فارس : ماراح أموت قدامك! وبكمل معها
رائد يصفعه بقوة ليشده من ياقته : لا تعاندني!
فارس نزفت شفته بالدماء الثائرة : سم وأبشر بكل شيء عدا عبير
رائد يدفعه ليضرب رأسه بالجدار، تجاهل فارس كل ألامه ليردف : هذا اللي طلبتني عشانه؟
رائد :قلوبهم كلهم بتحترق بما فيهم عبير!!
فارس تنهد وهو يمسح دماءه بطرف كمه : واضح يا يبه أنك بديت تنسى كثير! عبير هي أنا لو ضريتها بتضرني! عاد إذا يطاوعك قلبك تضر ولدك فهذا شي ثاني
رائد : أتركها زي الكلاب! وأبشر بكل اللي تبيه
فارس : لا
رائد بعصبية هائلة : أتركها يا فارس لا تخليني أوجع قلبك فيها!!!
فارس : مستحييل
رائد : إذا تركتها وعد ما يجيها شي
فارس ثارت أعصابه ليردف : تحاول تجبرني أني أتركها!!
رائد : أقسم لك بالله لو تركتها ما أخلي ظل يسيء لها
فارس : يبه لا تسوي فيني كذا!!
رائد : أتركها! . . أتركها وأوعدك ما راح يضرها شي! لو تحبها صدق أتركها
فارس مسح على وجهه وعينيه تشتد بحمرتها : اللي تسويه في ولدك حرام! خله يعيش ولو مرة
رائد بخفوت : سليمان راح يذبحك معها! أنا قاعد أحميك
فارس بضعف الحب الذي دائما ما يستمد قوته منه : بس احبها! مقدر . . روحي معها
رائد بحنية لا يبددها الزمن، يقترب منه ليمسح دماءه بكفه : أنا احاول ألقى منفذ عشان أورط سليمان مع اسلي . . لكن ماراح أضمن أنه ماراح يجيك شي! . . فارس أحلف لك بالله أنه هالمرة مالي مصلحة في هالموضوع! أبيك تتركها عشانك
فارس : مقدر
رائد : إلا بتقدر! . . بكرا تنسى عبير وطوايف عبير!
فارس : مقدر لا تطلب مني شي فوق طاقتي!!
رائد : فارس! لا تجبرني أستخدم القوة معك!!!! مثل ما صار هالزواج بتدبيري ينتهي بتدبيري بعد! ولا تتوقع أنه عبدالرحمن بيجي يوم يرضى فيه عنك!! . . لا أنت تناسبها ولا هي تناسبك! أتركها من الحين قبل لا تدخل في معمعة ما تنتهي على خير!
فارس عقد حاجبيه : نسيت أمي؟ قلت ما تناسبك؟ تزوجتها وأنتهى زواجكم فيني! ليه تحرمني من شي أنت مقدرت تحرم نفسك منه؟
رائد بغضب : أنا غير وأنت غير!!! فارس للمرة الالف أقولك أتركها
فارس وضع يده على رأسه بمحاولة جادة أن لا تنهار خطاه المبعثرة : مستعد أسوي لك أي شي بس أترك عبير لي . .
رائد : ما ينفع! وجودك معها خطر لك ولها! . .
لم أترجى في حياتي شيئا كرجائي من أجل عبير : أكيد فيه حل! . .
رائد للحظة الأولى أدرك عمق الحب في عين إبنه، صمت لثواني من عينيه التي تتوهج بحمرة العشق : يا يبه أسمع كلامي! أصلا طريقة زواجكم مبنية على فشل!!! لا عبدالرحمن راضي ولا أنا! مستحيل أحد يتنازل منا! . . مهما حاولت تطول بالوقت بينك وبين عبير بالنهاية لا أنت لها ولا هي لك
فارس بجمود ملامحه الغير مصدقة لكل هذه الإتهامات : عبير لي . . سواء رضيتوا أو لا
رائد : فارس! فارس أفهم أنها ماهي لك! . . أتركها!! تتألم من غيابها أحسن من أنك تتألم من موتها
فارس : الأعمار بيد الله
رائد بعصبية : لكن ناخذ بالأسباب! أنا أعرف شغلي زين وأعرف كيف تنتهي فيه الأمور!!! كنت عارف أنك تشتغل من وراي! ورطت نفسك وورطتني معك!!! كان مفروض كل معلومة تعرفها تقولها لي بس شوف نهاية سكوتك وهدوئك! . . فارس بتطلقها وبتتركها أحسن لك وأحسن لها
تأت الكلمات بصورة قاتلة، بصورة مفجعة اكثر من كونها كلمات، تأت بشكل إنتحاري فوق كل إحتمالاتنا بالحياة.
فارس : وأنا يبه؟ ما عشت بعمري يوم حلو! طلبتك إلا هي
رائد صمت طويلا حتى سحبه له وعانقه بإندفاع الحنان في صدره، ذبل جسده بعناق والده الحزين : عشانك وعشانها.
فارس بضيق يخنق صوته : كم مرة يا يبه أموت في هالحياة؟ كم مرة أتعذب؟ . . خلني بس مرة أعيش!
رائد بخفوت قريبا من أذنه : فيه أشياء تستصعبها بالبداية وما تتقبلها لكن بعدين تقتنع فيها!
فارس بحسرة : عبير ماينطبق عليها هالكلام! . . يبه عبير اللي شفت فيها نفسي وحياتي! كيف تقوى تقولي أترك حياتك! مقدر! . . . تكفى يبه!
رائد يضيق صوته : ماعاد ينفع هالكلام
فارس يبتعد عن حضنه الفسيح : كيف أتركها ؟ والله أموت
رائد : بسم الله عليك! . . فارس ما أخبرك ضعيف!! أنت قادر توقف على حيلك بدونها
فارس : كنت صادق يوم قلت لك نحن قوم إذا أحبوا ماتوا . .
رائد نظر إليه بنظرات لا منتهية من التيه : كنت صادق!
فارس يشير لقلبه : هنا الوجع مين يداويه؟
رائد : أتركه للأيام
فارس أشاح بنظره ليردف : الأيام داوتك بعد أمي؟
رائد : إيه
فارس : تكذب يا يبه! . . تكذب وأنت لهفتك بعيونك كل ما أتصلت
رائد بحدة : فارس!!!
فارس بضيق يجلس على حافة النافذة ونظراته ممتلئة بالرجاء : مقدر يا يبه! والله مقدر . . تعرف وش يعني أتركها؟
رائد بهدوء : حبيت الشخص الغلط! وهذا الحل بالنهاية
فارس : أوقف مع ولدك ولو مرة! أنصفني
رائد : وأنا ما عمري وقفت معك؟ أسألك بالله يا فارس تصدق؟ أنا لو اعرف أنه مصلحتك معها كان خليتها معك لكن أنا عارف أنه مصلحتك صفر معها!
فارس تنهد : طيب
رائد : بتطلقها؟ بتنهي هالموضوع بكرا ؟
نظر للسقف بعينيه التي تحمر حبا/عشقا : إن شاء الله
رائد عقد حاجبيه لينحني بظهره ويقبل رأس إبنه الذي لا يعتلي مكانته أحد بقلبه/بحياته، أحاط يده برأسه : بنتظرك بكرا! لا تتأخر
فارس أبتعد ليخرج، نزل للأسفل بالسلالم المتأملة لخطاه التائهة.
ركب سيارته خارجا من الحي الأسوأ على الإطلاق، أبتعد عن المنطقة متجها نحو الفندق، تعبره الدقائق والمطر يهطل بغزارة! لا شيء أخف من المطر ولا شيء أثقل من وجع الماء.
،
خلخل أصابعه بحبال الحزام المرتبط بخصره ويده على هاتفه الذي يهيج بأنفاسه المضطربة : كيف؟ . .
: هالكلام وصلني الساعة 7 الصباح! . . أظن سليمان راح يضر فارس بدون شك! . . لكن المشكلة هو أنت!
سلطان توترت أصابعه ليترك الحزام دون أن يحاول فتحه : الحي مراقب! أنا اهم شي عندي بيتي!!
: كثفنا جهودنا الأمنية، لكن بالنهاية . . انت عارف الحال! سبق ودخلوا البيت وكسروه
سلطان شحب لونه بفوران دماءه : لو صار شي لأهلي ماراح يحصل لأحد طيب! مفهوم؟
: مفهوم طال عمرك لكن احنا سوينا اللي علينا! وش ودك نسوي أكثر وإحنا مستعدين؟
سلطان : ما شفتوا أثر أحد لما أحترقت المزرعة؟
: لا . . بس الجانب الخلفي اللي احترق ولا أحد من العمال شاف شي!
سلطان تنهد بهواء يضيق بإنحداراته في جوفه : طيب . . بس يصير شي ثاني بلغني!
: أبشر . .
أغلقه ليسقط الهاتف من يده بحركة الحبال التي أنسحبت للخلف، جره الحبل لإرتطام رأسه بعامود قاس حارق، أخفض رأسه ليتقيأ الدماء، شعر أنه يغيب كليا عن العالم الذي حوله.
لا عيناي ترى الإنعاكسات بإتجاه سليم ولا أنا أرى شيئا بمكانه الصحيح، أختنق يالله بغصات متكاثرة على حافة قلبي، لا تترك لي فرصة المرور سهلة ولا تترك لي فرصة الرجوع سهلة، إني عالق! . . " ثارت دماءه لتعتلي الحمرة عينيه، حاول أن يفتح الحزام ولا جدوى، أختنق وهو يشتد اكثر حول بطنه حتى شعر بغثيان مؤلم والدماء تنزف بعمق من رأسه، حاول أن ينادي، أن يصرخ ولكن بلع صوته بحرقة الدماء الثائرة، طريقة وحدة بأن يفتح الحبل الاول ولحظتها سيصعد به للاعلى وفرصة أن يرتطم بإحدى الأبراج الشاهقة كبيرة "
كانوا كثير يالله الذين فقدوا حياتهم بهذه الصورة المفجعة، لا تجعلني منهم! يا رب . . يارب . . يارب أسألك ثلاثا.
تقيأ مرة أخرى وهو يضع يده المرتخية على الحبل، كل شيء يخذله حتى قوته.
ثانية، لحظة ولحظتين، عد في داخله وهو يدرك تماما لو فقد وعيه الان سيذهب لموت شنيع ويفقد قدرته على التحكم بالحبال المرتبطة به.
مرت في باله بصورة موجعة، مرت بملامحها الباذخة، بكلماتها الناعمة، بربكة شفتيها وحمرة خجلها، مرت بصوتها الندي، مرت بألم.
فاتنا أن نعيش! أن نخيط لنا من الأرض قطعة من اجلنا، فاتنا أن نحيا بلا ألم. يا مرورك المر في ذاكرتي، ويا حزني الذي تشي به عيناي.
عاد بخطاه الذابلة للخلف وهو يحاول أن يسحب الحبل للجهة الأخرى، مسك القطع الحديدية الحادة الخارجة من الحزام، حاول أن يبعد إحداهما بلا حول ولا قوة.
في جهة أخرى خرج من المصعد متجها لأحمد : سلطان جاء ؟
أحمد : إيه وسأل عنك!
عبدالرحمن : بمكتبه ؟
أحمد : لا طلع للساحة!
عبدالرحمن عاد بخطواته للمصعد ولكن سرعان ما أبتعد : بس يخلص تدريب خله يمرني . . وإتجه نحو مكتبه.
سلطان تحت حرارة الشمس التي تغلي دماءه النازفة، يسعل ببحة مؤلمة دون أن يخرج صوته، يرى الموت بعينين يغيب نصفها ونصفها ينظر بوجع.
سقطت عيناه للدائرة الكهربائية المكشوفة، على بعد خطوات لو يقترب منها سيحترق لا محالة. تمر الدقائق وهو يتحامل على وجعه حتى لا يغيب وعيه. كل الأشياء السيئة التي فعلها تعبره، يشعر بأن الموت يداهمه بصورة فجائية.
كل الاشياء تتعلق بالجوهرة وحدها، تصبب عرقه مبللا وجهه الذي يختفي اللون منه، الموت الذي نعرفه جيدا لا يتعامل معا بشكل جيد، سكرات الموت الذي نسمعها دائما تأت أحيانا على هيئة كلمات. أنا أحتضر وأخشى على شخص واحد.
من أعلى وقف أمام النافذة تغرق عينيه بهذه المملكة الأمنية العملاقة، أنتبه لسلطان، غرقت عيناه حتى شدته الدماء، نظر للحبل الملتوي حوله، أدرك أنه يختنق. بخطى سريعة خرج ليهرول مفاجئا الجميع، نزل للأسفل بالسلالم دون أن ينتظر المصعد، ركض إليه، حاول أن يفك الحزام الذي يحاصره، رفع عينه لسلطان الذي أغمي عليه تماما.
عبدالرحمن وضع يده على عنقه ليستشعر نبضه، بصراخ: سلطان . .
أبعد أنظاره لتأت صرخته بعظمة مكانته في صدره، يستجدي أحد يأت يساعده.
نظر إليه برجاء كبير وهو يحاول أن يبعد الحبال عنه، وجهه لا يبشر بالخير من الدماء التي لم تتدفق إليه بعد : سلطان . .
وضع يده على رأسه ليلامس الدماء، نظر بدهشة لكفه من منظر الدماء، بصوت يموت تدريجيا : لا يا سلطان! . . لا . .
صرخ بقوة : أطلبوا الإسعاف! . .
خرج بعض الموظفين على صوته لتندهش أعينهم بما يرون، كأنها محاولة إنتحار لا يرونها إلا بالأفلام السينمائية.
عبدالرحمن ويده لا تفارق عنقه الشاحب : يارب . . يارب . . وضع يده الأخرى المنتشية بدماءه على وجهه دون أن يهتم بأي بلل.
أقترب أحمد ليحاول نزع الحبال عنه، بتوتر : كيف متشباكة ؟
عبدالرحمن بربكة عميقة : جيب أي شي نقطعه
أحمد : مستحيل! الحبال ما تتقطع بسهولة! . . لحظة . . مفروض هالحبل يكون بالجهة الثانية!
عبدالرحمن يحاول رفع رأس سلطان الذي بدأ بأكمله هو وجسده يذبلان معا وبغضب : وين الإسعاف!!!
أحمد : دقيقتين بالكثير وهم هنا . . بس عشان نلحق . . . . .
أتى مسفر المسؤول الاخر عن هذه الساحة : مافيه حل غير نحرق الحبل عشان يرتخي ونفكه!
عبدالرحمن : جيب كبريت !
أحمد وقف أمام جسد سلطان حتى لا تتسلل النار إليه.
عبدالرحمن وضع ذراعه بجانب رأسه أيضا حتى لا تقارب النار إليه، أقترب مسفر ليشعل النار بمنتصف الحبل وسرعان ما أطفأها، أخرج السكين الحادة من جيبه ليقطع بها الحبل اللين بعد الحرق، بمجرد ما قطع اخر أوتار الحبل حتى سقط على الأرض، جلس عبدالرحمن على ركبتيه ليرفع رأسه من الأرض الحارقة : نبضه ينخفض!!!
أحمد أنحنى الاخر ليجري أول ما تعلمه في حياته، شبك كفيه ببعضهما البعض ليضعها فوق قلب سلطان، بقوة ضغطه حاول أن يعيد نبضه لإتزانه، حاول مرة ومرتين وثلاثة ولا يحصل شيء سوى الدماء التي تخرج من فمه.
عبدالرحمن يشعر بأن قلبه يقارب على التوقف من منظر سلطان، لا يتحمل فاجعة جديدة! أؤمن والله أن المصائب لا تأت فرادى، يارب يارب يارب أحفظه.
أحمد برهبة : نبضه متوقف!!!
عبدالرحمن أشتعلت عيناه بالحمرة : لا . . أبعد . . وضع رأسه على صدره ولا شيء يسمعه! وهذه " اللاشيء " تعني موت لا يصطبر عليه.
عبدالرحمن بنبرة متحشرجة : وين الإسعاف؟ . . ويننننهم
أحمد بتوتر وقف وهو يشعر بأن العالم يدور به، خسارة سلطان تعني خسارة دولة بأكملها، من بعد سلطان العيد و عبدالله القايد و مقرن و الان ؟ هذا ما لا طاقة لنا به.
موته مخطط! هذه الحبال المتشابكة ليست صدفة! ورب البيت ليست صدفة، إنما مفتعلة من أحدهم.
دقائق عميقة حتى دخل رجال الإسعاف، وقف عبدالرحمن ملطخا بدماءه يحاول أن يصدق عكس ما تشير إليه صورته، وضعوا جسده الذابل على سرير الإسعاف المتحرك وخرجوا به دون أن يقولوا شيئا يطمئننا، إتجه نحو المغاسل ليغسل يديه و وجهه، توضأ بثواني ممتدة بتفكير غائب تماما. أحاول أن لا أفكر بأسوأ الأشياء ولكن تأت بغتة.
خرج متجها للغرفة المنزوية، نزع حذاءه، شعر بأن قواه تنهار فعليا ليسجد قبل كل شيء، إلتصق جبينه على سجادة الصلاة بملامح صبرت عمرا وفي أرذل هذا العمر فقد قواه و صبره، لا يحتمل الموت الذي يحمل نعش الذكريات على الدوام! لا يحتمل أن تنتهي حياة أحد بصورة مؤذية.
سالت دمعته التي تصطدم بالسجادة، يارب الناس والحياة، يارب الموت والنهايات، يارب الأمن والأمان ، يارب قلبه لا ترينا به مكروها، أعد له نبضه وحياته ولا تحملنا فوق طاقتنا بفقده، يارب أنت تعلم بحاجتنا إليه بعدك، يارب أنت تعلم بوجع عائلته فلا تتركنا نبكيه، يارب أرزقنا النفس المؤمنة بقضاءك وقدرك. يارب إنه لا يعجز عنك شيئا ولا يخيب من سألك.
،
دخل مشمئز من الملامح التي يراها، يشتد بغضه لهذه الأعين التي تلاحق ظلاله، فتح الباب لينظر لوالده : السلام عليكم
رائد بهدوء دون أن يرفع عينه : وعليكم السلام
فارس تقدم نحوه لينحني ويقبل رأسه : وش صاير ؟
رائد يرفع رأسه ليسند ظهره على الكرسي : أنت اللي قولي وش صاير ؟
فارس : مافهمت!!
رائد يلوي فمه يمنة : فارس لا تستفز أعصابي
فارس : والله مو فاهم
رائد وقف بغضب : وش مخبي عني؟
فارس : ولا ش
لم يكمل من والده الذي دفعه بإتجاه الجدار، أحاط رقبته بكفيه الحادتين، بغضب يضغط على أسنانه : وش مخبي عني؟
فارس يختنق بقبضة يده، تركه لينحني بسعاله الضيق، رفع عيناه بهيجان مالح : قلت لك ما أعرف شي!!!
رائد : طيب!! . . وين عبير؟ تركتها وين؟
فارس : كلامك معي مو معها
رائد بصراخ : فارس!! . . لو تموت قدامي ما كملت معها!
فارس : ماراح أموت قدامك! وبكمل معها
رائد يصفعه بقوة ليشده من ياقته : لا تعاندني!
فارس نزفت شفته بالدماء الثائرة : سم وأبشر بكل شيء عدا عبير
رائد يدفعه ليضرب رأسه بالجدار، تجاهل فارس كل ألامه ليردف : هذا اللي طلبتني عشانه؟
رائد :قلوبهم كلهم بتحترق بما فيهم عبير!!
فارس تنهد وهو يمسح دماءه بطرف كمه : واضح يا يبه أنك بديت تنسى كثير! عبير هي أنا لو ضريتها بتضرني! عاد إذا يطاوعك قلبك تضر ولدك فهذا شي ثاني
رائد : أتركها زي الكلاب! وأبشر بكل اللي تبيه
فارس : لا
رائد بعصبية هائلة : أتركها يا فارس لا تخليني أوجع قلبك فيها!!!
فارس : مستحييل
رائد : إذا تركتها وعد ما يجيها شي
فارس ثارت أعصابه ليردف : تحاول تجبرني أني أتركها!!
رائد : أقسم لك بالله لو تركتها ما أخلي ظل يسيء لها
فارس : يبه لا تسوي فيني كذا!!
رائد : أتركها! . . أتركها وأوعدك ما راح يضرها شي! لو تحبها صدق أتركها
فارس مسح على وجهه وعينيه تشتد بحمرتها : اللي تسويه في ولدك حرام! خله يعيش ولو مرة
رائد بخفوت : سليمان راح يذبحك معها! أنا قاعد أحميك
فارس بضعف الحب الذي دائما ما يستمد قوته منه : بس احبها! مقدر . . روحي معها
رائد بحنية لا يبددها الزمن، يقترب منه ليمسح دماءه بكفه : أنا احاول ألقى منفذ عشان أورط سليمان مع اسلي . . لكن ماراح أضمن أنه ماراح يجيك شي! . . فارس أحلف لك بالله أنه هالمرة مالي مصلحة في هالموضوع! أبيك تتركها عشانك
فارس : مقدر
رائد : إلا بتقدر! . . بكرا تنسى عبير وطوايف عبير!
فارس : مقدر لا تطلب مني شي فوق طاقتي!!
رائد : فارس! لا تجبرني أستخدم القوة معك!!!! مثل ما صار هالزواج بتدبيري ينتهي بتدبيري بعد! ولا تتوقع أنه عبدالرحمن بيجي يوم يرضى فيه عنك!! . . لا أنت تناسبها ولا هي تناسبك! أتركها من الحين قبل لا تدخل في معمعة ما تنتهي على خير!
فارس عقد حاجبيه : نسيت أمي؟ قلت ما تناسبك؟ تزوجتها وأنتهى زواجكم فيني! ليه تحرمني من شي أنت مقدرت تحرم نفسك منه؟
رائد بغضب : أنا غير وأنت غير!!! فارس للمرة الالف أقولك أتركها
فارس وضع يده على رأسه بمحاولة جادة أن لا تنهار خطاه المبعثرة : مستعد أسوي لك أي شي بس أترك عبير لي . .
رائد : ما ينفع! وجودك معها خطر لك ولها! . .
لم أترجى في حياتي شيئا كرجائي من أجل عبير : أكيد فيه حل! . .
رائد للحظة الأولى أدرك عمق الحب في عين إبنه، صمت لثواني من عينيه التي تتوهج بحمرة العشق : يا يبه أسمع كلامي! أصلا طريقة زواجكم مبنية على فشل!!! لا عبدالرحمن راضي ولا أنا! مستحيل أحد يتنازل منا! . . مهما حاولت تطول بالوقت بينك وبين عبير بالنهاية لا أنت لها ولا هي لك
فارس بجمود ملامحه الغير مصدقة لكل هذه الإتهامات : عبير لي . . سواء رضيتوا أو لا
رائد : فارس! فارس أفهم أنها ماهي لك! . . أتركها!! تتألم من غيابها أحسن من أنك تتألم من موتها
فارس : الأعمار بيد الله
رائد بعصبية : لكن ناخذ بالأسباب! أنا أعرف شغلي زين وأعرف كيف تنتهي فيه الأمور!!! كنت عارف أنك تشتغل من وراي! ورطت نفسك وورطتني معك!!! كان مفروض كل معلومة تعرفها تقولها لي بس شوف نهاية سكوتك وهدوئك! . . فارس بتطلقها وبتتركها أحسن لك وأحسن لها
تأت الكلمات بصورة قاتلة، بصورة مفجعة اكثر من كونها كلمات، تأت بشكل إنتحاري فوق كل إحتمالاتنا بالحياة.
فارس : وأنا يبه؟ ما عشت بعمري يوم حلو! طلبتك إلا هي
رائد صمت طويلا حتى سحبه له وعانقه بإندفاع الحنان في صدره، ذبل جسده بعناق والده الحزين : عشانك وعشانها.
فارس بضيق يخنق صوته : كم مرة يا يبه أموت في هالحياة؟ كم مرة أتعذب؟ . . خلني بس مرة أعيش!
رائد بخفوت قريبا من أذنه : فيه أشياء تستصعبها بالبداية وما تتقبلها لكن بعدين تقتنع فيها!
فارس بحسرة : عبير ماينطبق عليها هالكلام! . . يبه عبير اللي شفت فيها نفسي وحياتي! كيف تقوى تقولي أترك حياتك! مقدر! . . . تكفى يبه!
رائد يضيق صوته : ماعاد ينفع هالكلام
فارس يبتعد عن حضنه الفسيح : كيف أتركها ؟ والله أموت
رائد : بسم الله عليك! . . فارس ما أخبرك ضعيف!! أنت قادر توقف على حيلك بدونها
فارس : كنت صادق يوم قلت لك نحن قوم إذا أحبوا ماتوا . .
رائد نظر إليه بنظرات لا منتهية من التيه : كنت صادق!
فارس يشير لقلبه : هنا الوجع مين يداويه؟
رائد : أتركه للأيام
فارس أشاح بنظره ليردف : الأيام داوتك بعد أمي؟
رائد : إيه
فارس : تكذب يا يبه! . . تكذب وأنت لهفتك بعيونك كل ما أتصلت
رائد بحدة : فارس!!!
فارس بضيق يجلس على حافة النافذة ونظراته ممتلئة بالرجاء : مقدر يا يبه! والله مقدر . . تعرف وش يعني أتركها؟
رائد بهدوء : حبيت الشخص الغلط! وهذا الحل بالنهاية
فارس : أوقف مع ولدك ولو مرة! أنصفني
رائد : وأنا ما عمري وقفت معك؟ أسألك بالله يا فارس تصدق؟ أنا لو اعرف أنه مصلحتك معها كان خليتها معك لكن أنا عارف أنه مصلحتك صفر معها!
فارس تنهد : طيب
رائد : بتطلقها؟ بتنهي هالموضوع بكرا ؟
نظر للسقف بعينيه التي تحمر حبا/عشقا : إن شاء الله
رائد عقد حاجبيه لينحني بظهره ويقبل رأس إبنه الذي لا يعتلي مكانته أحد بقلبه/بحياته، أحاط يده برأسه : بنتظرك بكرا! لا تتأخر
فارس أبتعد ليخرج، نزل للأسفل بالسلالم المتأملة لخطاه التائهة.
ركب سيارته خارجا من الحي الأسوأ على الإطلاق، أبتعد عن المنطقة متجها نحو الفندق، تعبره الدقائق والمطر يهطل بغزارة! لا شيء أخف من المطر ولا شيء أثقل من وجع الماء.
تعليق