كم مر على اخر أحاديثنا يا صديقة ؟ حلم ؟ اثنان؟ مائة؟ لا أدري ... فالأرقام في رأسي تتداخل , لكني مع ذلك بحاجة لأن ألتقيك في أقرب حلم , حددي المكان و الزمان و علو الوسادة و إضاءة الغرفة و شكل القمر خارج الشرفة .. و ساتيك, لأني أشعر بمسيس الحاجة إليك حين أدلف إلى هذا المكان , بحاجة لأن أعكز على ضحكتك , فقد أهرمني الحزن و الوحدة باكرا , بحاجة لثرثرات نعرف كيف نبدأ بها و لا ندرك و نحن نطرب لرنين ألسنتنا متى يمكننا أن نضجر و ننهيها . !
عرفوا كيف يشعرونني أني غريبة , و أني رغم الإقبال الصادق عليهم معرضة في أية لحظة لكلمة صغيرة أو نظرة باردة تصدني و تعيدني من حيث نسجت على النول أوهامي . قلبت في ذهني كل الاحتمالات , و حاولت استشفاف الأسباب الخفية وراء هذا الجفاء , لكن بدوت في نظر نفسي و أنا أتعرى كائنا شديد الارتجاف , بعيدا , مصبوغا بألوان الغربة , مستاء لأنه أخطأ حين أعلن رغبته يوما في أن يدفأ , و أن يعود , و أن يبحث لنفسه عن وطن بين أحضان طرية كالخبز و دافئة كأحاديث الصحب إذا تحلقوا حول موقد .
لن أنتظر معجزة بحجمك لتتحقق حتى أستعيد شيئا من الطمأنينة ,
لا لن أفعلها , فليجلسوا على تلك الأريكة المهترئة التي كنت بالأمس أنزلق إليها كسمكة تنتظر البحر الذي هو أنت .
لن ألاحق المشاكسين بالعصا و أنا أصرخ : " من يجلس هنا سأكسر عظامه ! " , لن أجمد الهواء المحيط بتلك الأريكة حتى لا يتنفسه أحد سوانا ..
كبرت على هذه الحماقات الصغيرة . انظر بعينك كم كلفني هذا التعصب لهواك , لقد كلفني حبا لو وزعته على الكون لأقبل علي و ربت على رأسي و لأبعدت رقاه كابتي .. و أبعدتك معها .
قيل أنك مغادر وجودي , وأنك تخفي وراء الباب كفنا و وصية لم يذكر فيها إسمي , كأنك ستكلف الزمان بتوريثي الذكرى على حسابه الخاص , بينما تضمن لمن لا يتذكرونك إلا لماما أكواما طائلة من النسيان
تعليق