رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
بعد قانون جديد من والدهم حتى تصل لياقتهم للصورة المطلوبة , بدأوا بالركض حول قصرهم ,
رتيل وقفت وهي تضع يديها على ركبتيها وأنفاسها تتصاعد : أوووه تعبت
عبير وقفت أيضا : خلاص ؟
رتيل ألتفتت لترى الخادمة واقفة بثبات تراقبهم : الكلبة ذي بتقول لأبوي
عبير : لحول ماراحت
رتيل ركضت مرة أخرى و الشمس تحرق بدنها
عبير : سوي تان طبيعي
رتيل وهي تركض وبكلمات متقطعة : إسم الله على قلبك يالبيضا
عبير أطلقت ضحكتها و ركضت خلفها ولياقتها هي ورتيل في مستوى متدني جدا
و العشب المبلل كان كافيا ل تتزحلق رتيل وتطلق صرخة خافتة : لا ياربي
عبير لم تتمالك نفسها من الجلوس أرضا وتصخب بضحكتها على منظر رتيل
رتيل : أححح ظهري تكسر
عبير : اخ يابطني يبيلك صورة على الجلسة الجهنمية ذي
رتيل ومتمددة على ظهرها ويدها على بطنها : وش ذا تراني مانيب رجال أجلس أراكض !!
عبير ومازالت تضحك وبين ضحكاتها : لازم نتقبل الواقع في يوم من الأيام راح يتم تجنيد الحريم وأنا وأنتي على رأس القائمة
رتيل : جد أبوي تفكيره يحسسني أني عايشة بدولة إرهاب و قتل ومقاتل
عبير : الله يديم الأمن بس
رتيل : امين بس يختي تعبت والله
أتت أوزدي : بابا يقول ثلاثة ساعة
رتيل : طيب وانا اقول ساعة
أوزدي : أنا في كلام بابا مافي شغل
رتيل : تهدد بنت اللي مانيب قايلة , أنقلعي بس وراك
عبير وقفت وبدأت بالركض من جديد
رتيل وتذكرت مكافاة والدها وتحمست مرة أخرى لتقف تركض خلف عبير
,
هو الاخر يركض لوحده حول مضمار متعب , الأرض ليست مستوية من تحت , جميعها أحجار بارزة .. يضعه سلطان في أصعب الأماكن ليتدرب عليها , مرت الساعة الرابعة وهو يركض , تبقى ربع المسافة وينتهي الزمن المطلوب.
بالركض لا يفكر بشيء , كل من حوله يختفي ربما الإجهاد يعينه على نسيان الكثير من الأمور.
وصل أخيرا , لياقته بدأت تصل لمعدل جيد ولكن ليس جيد لشخص يدافع عن وطنه , مسك المنشفه البيضاء ومسح وجهه ورقبته المتعرقة , ينظر للفراغ ال حوله والسكون , اليوم الجميع مختفي ! لاوجود لابو سعود ولا سلطان ! ولا حتى مقرن , يشعر بمصيبة حصلت تجعلهم يختفون بأكملهم . . تنهد وهو يتجه لدورات المياه ويستحم.
دقائق معدودة حتى أنتهى و دخل لتلتقط إذنه حديثا
أحمد : أتوقع عبدالعزيز معاهم ؟
متعب ويضع أوراقا أخرى على المكتب : إيه ابوبدر قال أنه بيكون موجود
أحمد : طيب كيف ؟ هم يبونه بالفترة الجاية كيف يروح يتدرب هناك ؟
متعب : مدري عنهم والله ! لكن إذا دخل هالقوات يعني رسميا عزيز بيكون هنا
أحمد : هو قال يبغى
متعب : ماظنتي قالوا له عن هالموضوع !! *ألتفت عليه* تهقى أبوه الله يرحمه قاله عن تدريب سلطان ؟
أحمد : لا ماأظن .. عطني الأوراق خلني أرتب ملفات اليوم
متعب يمد له الأوراق
عبدالعزيز و كلمات كثيرة تتصادم بعقله , تدريب و قوات وشيء يدعى تدريب سلطان !! ماذا يحدث بالضبط ؟ دخل على هذه الغرفة المشرعة بابها
أحمد يرفع عينه : خلصت ؟
عبدالعزيز : إيه , وين بوسعود و سلطان ؟
متعب : يمكن مشغولين ما جو اليوم
عبدالعزيز ويبحث عن الخلاص منهم حتى يختلي مع هذه الأوراق : طيب
أحمد وأخذ الملف الذي رتب بها الأوراق وخرج
عبدالعزيز و حقد عليه , يشعر أنه أستقصد هذا التصرف ولم يحسن ظنه أبدا بفعلة أحمد
متعب يغلق الأدراج بحرص و يخرج
عبدالعزيز يخرج وأفكاره تضطرب من جديد , لايعرف ماذا يفعل الان ؟ تعود أن يسمع أمرا من سلطان أو بوسعود لكن اليوم لا أوامر لا شيء . . أخذ مفاتيحه و هاتفه وقرر العودة للبيت.
,
فتحت عينيها على الشباك الذي يخترقه الضوء , تحركت قليلا وأطلقت اه , تصلبت في مكانها , عيناها تحولت للسقف , كل جزء في جسدها يئن , تقطع لحمها ليلة البارح منه , لا تعلم كيف نامت ؟ كانت ببكاء مستمر لساعات الصباح الأولى , أغمضت عينها لتفتحها والدموع متجمعة بمحاجرها , لاتفكر بأمور كثيرة , تفكر الان كيف تقف من جديد ؟
توقعت أن الحياة مرة حين تفتح كلتا عينيها عليها بعد أن طال العمى بها ؟ توقعت بأن الإنصاف لن تلقاه ؟ توقعت الكثير لكن ليس جحيما بصقه سلطان بالأمس ! كيف تدافع عن نفسها بذراع مبتورة ؟ كيف ؟ ومع عجزها بدأ أنينها يخرج , لم يترك في جسدها أي جزء لم يجلده ؟ كل هذا بجانب و كلامه بجانب اخر.
بجحيم يلفظه بعينين تقف على حافة نار ثائرة وبصوته الرجولي الذي لم يبقى بها خلية لا تتأوه : حرمتيني منك !! *وبصرخة* تعرفين وش يعني حرمتيني !!! تعرفين لما كنت أجي و أنا أبي قربك ؟ شفتي كيف تصديني ؟ شفتي كيف العذاب لما أمسك نفسي عنك ! لما احاول ماأدوس عليك بطرف ! لما أحاول ماأضايقك بشيء !! كنت أتعب من نفسي اللي صبرت عنك ! أشوفك زوجتي بس انتي ماكنتي تشوفيني كذا ! ماتدرين وش يعني أتضايق من نفسي لما اشوفك تبكين وتحلمين في الكلب اللي معك !! كنت أتضايق لأني ماني قادر أسوي لك شي ! لأني كنت غبي وصدقتك أنا الحين متضايق !! أنا منك نفسي طابت ! جاء الوقت اللي أقولك *يردف بكلمات ك وقع السيف وهي تنغرز بجسدها* أنا ماأشوفك زوجة ولا أشوف أي شرف فيك ولا أي طهر و حفظك للقران أشوفه توبة لك بعد مصيبتك لله بس ماهو لي !! أنا ماني متسامح ولا أعرف كيف أغفر ولا تعودت أغفر !!!!
أفاقت من ذكرى ليلة الأمس على وجع التكييف البارد ال يخترق مسامات قلبها .. تسقط دموعها الحارة على خدها , تبكي بصوت متقطع يتأوه , صوتها الخافت يسمع !! لم تبكي بصمت يجرحها أكثر بل دعت لنفسها حرية البكاء بصوت قد يواسيها ويربت على كتف الصبر بها , يالله أنت تعلم بما يخفى عليه يالله أنت تعرف ماذا مررت به بينما هو لا يعرف يالله أنت الغفور الرحيم بينما هو لا يعرف أن يغفر يالله أنت تعلم بأن لا ذنب لي و لكن هو يسيء ظنه بي .. يالله أحتاجك أكثر من وقت مضى ! يالله ساعدني على الوقوف فوق هذه الأرض المضطربة ! . . . وبجملة تفتت الحجر ببكائها " اللهم أني أحببته زوجا و حبيبا و رفيقا و أخا و أبا فلا تزدني به تعلقا و علق قلبي بك "
حب الصامتين الذي لا يعرفون أن ينطقوا " أحبك " لبعضهم البعض , لا يلامون على معصيتهم للحياة.
,
تحاول أن تتناسى ضيقها من بوسعود , تحاول أن تتجاهل أمره لكن يحضر بقوة في وسط عقلها وقلبها وجسدها بأكمله , تشعر بالضياع لمجرد أن النقاش بينهم أحتد , تشعر بأن هذه الدنيا رخيصة إن أبتعدت عنه للحظة , قاطع هذا التفكير نبرة افنان المهتمة : إذا تعبانة أتركي عنك هالشغل وأنا أسويه عنك اليوم
ضي رفعت عينها عليها بضياع حقيقي : لأ عادي
أفنان : يعورك شي ؟
ضي : لأ لا تتعطلين عن شغلك مابقى وقت ولازم نسلمه
أفنان رفعت حاجب الإستغراب : متأكدة ؟
ضي : إيه .. عن إذنك .. توجهت لدورة المياه , غسلت وجهها ثلاثا , ليست بخير أبدا
ستتنازل عن أشياء كثيرة من اجله , أخرجت هاتفها وأتصلت به . . لا مجيب . . لابد أنه متضايق مني , بالتأكيد لن يرد
أرسلت له رسالة " اسفة , كلمني بس تشوف المسج والله مخنوقة .. أحتاجك "
,
تحت فتات صبر بدأ يتناثر , يفكر بعقلانية ولكن قلبه يقف بالمرصاد , يريد أن يفكر بإتزان ولكن مسرف بحبها لدرجة غير قادر على التمييز بين الصح و الخطأ , أمها مسلمة لا يمكن أن تفكر بعصيان ربها عن طريق رؤى ؟ إن كانت وافقت على زواج رؤى إذن الزواج سيكون صحيح , يحاول أن يواسي قلبه وعقله الغير مصدق بهذا الحديث , كيف يقنع والده ؟ كيف يخبره بأن مقرن متوفي ؟ رغم أنه يؤمن بأن مقرن ليس والدها ولكن يريد أن يكذب هذه الحقيقة.
لم الحب لا يقف في صفي ولو لمرة ؟ لم يضيق عندما تهفو نفسي إليه ؟ لم أنا في كل مرة أحب بها يقيدني الجميع ؟ سئمت قلبا ضاع به الحظ دون حب.
,
مجوفة بحالة من الجنون , تكاد تأكل أصابعها من كثرة تفكيرها , بهالات سوداء موجعة تحيط عينيها وشعرها مبعثر على كتفيها , تنظر للساعة المزعجة التي تطلق صوت رنين في كل دقيقة تمرها , لا يشغل بالها شيء مهم ؟ ما يشغل بالها ؟ هل هي تخيلت لقاء وليد و تخيلت حديث والدتها أم لأ ؟ هل هو خيال ولا وجود لوليد في عالمها ؟ و أن هذا محض من جنونها ؟ هل والدتها حقيقة أم خيال أيضا ؟ ربما أكون وحيدة لا أحد حولي وأنا أتخيل وجودهم ! الساعة تشير للرابعة عصرا ؟ هل صليت الظهر ؟ صليتها أم تخيلت أنني أصليها ؟ لا لا أنا صليتها ؟ . . . ألتفتت لسجادتها المطوية على السرير ؟ لم أصلي ؟ . . لاأحد يشعر بوجعها , حتى الكلمات تعجز عن إيصال ربع ماتشعر به من الضياع , أخفضت رأسها وبكت بشدة , وضعت كفوفها على أذنيها من طنين أزعجها , تريد أن تصرخ ؟ تشك في كل فعل تفعله ! تشك في نفسها حتى , بدأت أطرافها ترتجف . . حالة من التوتر الكبير تصيبها .. نسيت من أنا ! . . . اه يا أنا.
,
بضحكة متقوسة , بفرحة محشوة بعينيها , تضع أطراف أصابعها على أقدام ناصر وتقف عليها لتقبل مابين عينيه : مبارك عليك الشهر
يسحبها لصدره لتسقط أقدامها على الأرض : بك يتبارك شهري
غادة بإبتسامة خجولة , تبتعد قليلا عن صدره لترفع عيناها المتلألأة بالدمع له
ناصر يقترب لتغمض غادة عينيها , قبل عينها اليسرى وهو يهمس : يا روحي
غادة بكلمته هذا سقطت حصون أهدابها لينهال دمعها وهي ترمش وبصوت موجع : شفت الموت
ناصر يضمها بشده و أصابعه تخلخل خصلاتها و ذقنه مثبت على قمة رأسها بين سواد شعرها : أشششش لا تطرين الموت
غادة و تحكي له بالوجع : كنت بعيد حيل كل ماأقرب خطوة تبعد أكثر .. صوتي مات ماعرفت أصرخ و أناديك , كنت أبي أناديك كنت أبي أضمك كنت أبغى أقولك أني أحبك *شهقت بهذه الكلمة وزاد بكائها , أردفت بعد ثواني طويلة بصوت غير متزن* ضعت مني ... أختفيت .. أنقهرت منهم كانوا يقولون لي عظم الله أجرك .. يالله ياناصر لو تعرف كيف قضيت ليلة البارح !!! بغيت أموت من خوفي ! أنا وش بدونك ؟
صمت , يخاف الموت كثيرا يحترم هيبته لدرجة أن ذكره مهيب في قلبه لحد كبير
غادة : كوابيس شنيعة قاعد تجيني مع أنه زواجنا مابقى عليه شي !! أخاف مايتم .. أخاف يصير شي ويوقفه
ناصر بنبرة هادئة : إن شاء الله خير ! لا تفسرين الحلم الشين , والله يكتب لنا اللي يسرنا
غادة تبتعد عن حضنه مرة أخرى و وجهها المحمر يضعف ناصر , أردفت بنبرة مبحوحة : مهما صار و مهما راح يصير ماراح أختار غيرك زوج و حبيب و أنت كل شيء في حياتي
صحى مفزوع , صحى متبلل بعرقه , صحى وكأن حياة أخرى بثت في روحه , صحى متوجع
صدره يهبط بشدة و يرتفع , أنفاسه تسمع بشكل مخيف , بعقدة حاجبيه يفكر بماذا رأى ؟ غادة ؟ غادة تبكي ؟ رمضان الماضي كان يجمعهم ! , اه أشعر بنار مهولة أسفل قدمي , أشعر بحرقان في يسار صدري , أشعر بأن - أنا - ضاعت مني , أشعر بغادة.
أنحنى ظهره لتسقط الدمعة الموجعة لكل رجل , لتسقط دمعة إشتياقه , تمتم : يالله
رفع عينه وفي إذنه يرن " ضعت مني .. أختفيت " لو أن لقياك بالدنيا ليس وقع من جنون لقابلتك أسفل رنة القمر الصاخبة و أهمس بين عينيك " من ضاع مني هو أنت و من ضاع أيضا هو قلبي الذي كان مع (أنت) "
,
دخل بو سعود لقصر سلطان : صحي الجوهرة بسرعة .. وجلس على الكنبة
عائشة تطرق الباب بتملل من وضع الجوهرة الهادىء
سمعت الطرق و باغت الخوف قلبها , غير قادرة على الوقوف .. بنبرة مكسورة : مين ؟
عائشة من خلف الباب : ماما أنتي في يصحى ؟
سؤالها الغبي أجبرها على السكوت فلا طاقة لديها
عائشة : بابا أبدوالرهمان في تهت*تحت*
الجوهرة و صفعة قوية و كأن الليمون الحامض يرش على جروحها التي لم تلتئم
عائشة : يقول لازم يجي تهت .. يلا بسرئه ماما *بسرعة* . . ونزلت للأسفل
الجوهرة و اخر ماتوقعته بأن سلطان يخبره ؟ ربما يكون تحت معه . . بكت بضيق من نفسها , بكت الضعف و الإنكسار , بكت أن لاشيء يستحق الان بعد هذا !!
وضعت كفها على طرف الطاولة لتحاول الوقوف و إنزلاق قدمها أسقطها بشدة على ظهرها , أطلقت اه موجعة من حافة صدرها , شعرت بنار تحت ظهرها , تريد الوقوف , تريد ذراعا تمد إليها كي تستند إليها , تريد . . . . لا يا قلبي إلا هو !! إلا هو .. لا تضعفني يالله أمامه أكثر.
.
.
.
أنتهى البارت
،
بعد قانون جديد من والدهم حتى تصل لياقتهم للصورة المطلوبة , بدأوا بالركض حول قصرهم ,
رتيل وقفت وهي تضع يديها على ركبتيها وأنفاسها تتصاعد : أوووه تعبت
عبير وقفت أيضا : خلاص ؟
رتيل ألتفتت لترى الخادمة واقفة بثبات تراقبهم : الكلبة ذي بتقول لأبوي
عبير : لحول ماراحت
رتيل ركضت مرة أخرى و الشمس تحرق بدنها
عبير : سوي تان طبيعي
رتيل وهي تركض وبكلمات متقطعة : إسم الله على قلبك يالبيضا
عبير أطلقت ضحكتها و ركضت خلفها ولياقتها هي ورتيل في مستوى متدني جدا
و العشب المبلل كان كافيا ل تتزحلق رتيل وتطلق صرخة خافتة : لا ياربي
عبير لم تتمالك نفسها من الجلوس أرضا وتصخب بضحكتها على منظر رتيل
رتيل : أححح ظهري تكسر
عبير : اخ يابطني يبيلك صورة على الجلسة الجهنمية ذي
رتيل ومتمددة على ظهرها ويدها على بطنها : وش ذا تراني مانيب رجال أجلس أراكض !!
عبير ومازالت تضحك وبين ضحكاتها : لازم نتقبل الواقع في يوم من الأيام راح يتم تجنيد الحريم وأنا وأنتي على رأس القائمة
رتيل : جد أبوي تفكيره يحسسني أني عايشة بدولة إرهاب و قتل ومقاتل
عبير : الله يديم الأمن بس
رتيل : امين بس يختي تعبت والله
أتت أوزدي : بابا يقول ثلاثة ساعة
رتيل : طيب وانا اقول ساعة
أوزدي : أنا في كلام بابا مافي شغل
رتيل : تهدد بنت اللي مانيب قايلة , أنقلعي بس وراك
عبير وقفت وبدأت بالركض من جديد
رتيل وتذكرت مكافاة والدها وتحمست مرة أخرى لتقف تركض خلف عبير
,
هو الاخر يركض لوحده حول مضمار متعب , الأرض ليست مستوية من تحت , جميعها أحجار بارزة .. يضعه سلطان في أصعب الأماكن ليتدرب عليها , مرت الساعة الرابعة وهو يركض , تبقى ربع المسافة وينتهي الزمن المطلوب.
بالركض لا يفكر بشيء , كل من حوله يختفي ربما الإجهاد يعينه على نسيان الكثير من الأمور.
وصل أخيرا , لياقته بدأت تصل لمعدل جيد ولكن ليس جيد لشخص يدافع عن وطنه , مسك المنشفه البيضاء ومسح وجهه ورقبته المتعرقة , ينظر للفراغ ال حوله والسكون , اليوم الجميع مختفي ! لاوجود لابو سعود ولا سلطان ! ولا حتى مقرن , يشعر بمصيبة حصلت تجعلهم يختفون بأكملهم . . تنهد وهو يتجه لدورات المياه ويستحم.
دقائق معدودة حتى أنتهى و دخل لتلتقط إذنه حديثا
أحمد : أتوقع عبدالعزيز معاهم ؟
متعب ويضع أوراقا أخرى على المكتب : إيه ابوبدر قال أنه بيكون موجود
أحمد : طيب كيف ؟ هم يبونه بالفترة الجاية كيف يروح يتدرب هناك ؟
متعب : مدري عنهم والله ! لكن إذا دخل هالقوات يعني رسميا عزيز بيكون هنا
أحمد : هو قال يبغى
متعب : ماظنتي قالوا له عن هالموضوع !! *ألتفت عليه* تهقى أبوه الله يرحمه قاله عن تدريب سلطان ؟
أحمد : لا ماأظن .. عطني الأوراق خلني أرتب ملفات اليوم
متعب يمد له الأوراق
عبدالعزيز و كلمات كثيرة تتصادم بعقله , تدريب و قوات وشيء يدعى تدريب سلطان !! ماذا يحدث بالضبط ؟ دخل على هذه الغرفة المشرعة بابها
أحمد يرفع عينه : خلصت ؟
عبدالعزيز : إيه , وين بوسعود و سلطان ؟
متعب : يمكن مشغولين ما جو اليوم
عبدالعزيز ويبحث عن الخلاص منهم حتى يختلي مع هذه الأوراق : طيب
أحمد وأخذ الملف الذي رتب بها الأوراق وخرج
عبدالعزيز و حقد عليه , يشعر أنه أستقصد هذا التصرف ولم يحسن ظنه أبدا بفعلة أحمد
متعب يغلق الأدراج بحرص و يخرج
عبدالعزيز يخرج وأفكاره تضطرب من جديد , لايعرف ماذا يفعل الان ؟ تعود أن يسمع أمرا من سلطان أو بوسعود لكن اليوم لا أوامر لا شيء . . أخذ مفاتيحه و هاتفه وقرر العودة للبيت.
,
فتحت عينيها على الشباك الذي يخترقه الضوء , تحركت قليلا وأطلقت اه , تصلبت في مكانها , عيناها تحولت للسقف , كل جزء في جسدها يئن , تقطع لحمها ليلة البارح منه , لا تعلم كيف نامت ؟ كانت ببكاء مستمر لساعات الصباح الأولى , أغمضت عينها لتفتحها والدموع متجمعة بمحاجرها , لاتفكر بأمور كثيرة , تفكر الان كيف تقف من جديد ؟
توقعت أن الحياة مرة حين تفتح كلتا عينيها عليها بعد أن طال العمى بها ؟ توقعت بأن الإنصاف لن تلقاه ؟ توقعت الكثير لكن ليس جحيما بصقه سلطان بالأمس ! كيف تدافع عن نفسها بذراع مبتورة ؟ كيف ؟ ومع عجزها بدأ أنينها يخرج , لم يترك في جسدها أي جزء لم يجلده ؟ كل هذا بجانب و كلامه بجانب اخر.
بجحيم يلفظه بعينين تقف على حافة نار ثائرة وبصوته الرجولي الذي لم يبقى بها خلية لا تتأوه : حرمتيني منك !! *وبصرخة* تعرفين وش يعني حرمتيني !!! تعرفين لما كنت أجي و أنا أبي قربك ؟ شفتي كيف تصديني ؟ شفتي كيف العذاب لما أمسك نفسي عنك ! لما احاول ماأدوس عليك بطرف ! لما أحاول ماأضايقك بشيء !! كنت أتعب من نفسي اللي صبرت عنك ! أشوفك زوجتي بس انتي ماكنتي تشوفيني كذا ! ماتدرين وش يعني أتضايق من نفسي لما اشوفك تبكين وتحلمين في الكلب اللي معك !! كنت أتضايق لأني ماني قادر أسوي لك شي ! لأني كنت غبي وصدقتك أنا الحين متضايق !! أنا منك نفسي طابت ! جاء الوقت اللي أقولك *يردف بكلمات ك وقع السيف وهي تنغرز بجسدها* أنا ماأشوفك زوجة ولا أشوف أي شرف فيك ولا أي طهر و حفظك للقران أشوفه توبة لك بعد مصيبتك لله بس ماهو لي !! أنا ماني متسامح ولا أعرف كيف أغفر ولا تعودت أغفر !!!!
أفاقت من ذكرى ليلة الأمس على وجع التكييف البارد ال يخترق مسامات قلبها .. تسقط دموعها الحارة على خدها , تبكي بصوت متقطع يتأوه , صوتها الخافت يسمع !! لم تبكي بصمت يجرحها أكثر بل دعت لنفسها حرية البكاء بصوت قد يواسيها ويربت على كتف الصبر بها , يالله أنت تعلم بما يخفى عليه يالله أنت تعرف ماذا مررت به بينما هو لا يعرف يالله أنت الغفور الرحيم بينما هو لا يعرف أن يغفر يالله أنت تعلم بأن لا ذنب لي و لكن هو يسيء ظنه بي .. يالله أحتاجك أكثر من وقت مضى ! يالله ساعدني على الوقوف فوق هذه الأرض المضطربة ! . . . وبجملة تفتت الحجر ببكائها " اللهم أني أحببته زوجا و حبيبا و رفيقا و أخا و أبا فلا تزدني به تعلقا و علق قلبي بك "
حب الصامتين الذي لا يعرفون أن ينطقوا " أحبك " لبعضهم البعض , لا يلامون على معصيتهم للحياة.
,
تحاول أن تتناسى ضيقها من بوسعود , تحاول أن تتجاهل أمره لكن يحضر بقوة في وسط عقلها وقلبها وجسدها بأكمله , تشعر بالضياع لمجرد أن النقاش بينهم أحتد , تشعر بأن هذه الدنيا رخيصة إن أبتعدت عنه للحظة , قاطع هذا التفكير نبرة افنان المهتمة : إذا تعبانة أتركي عنك هالشغل وأنا أسويه عنك اليوم
ضي رفعت عينها عليها بضياع حقيقي : لأ عادي
أفنان : يعورك شي ؟
ضي : لأ لا تتعطلين عن شغلك مابقى وقت ولازم نسلمه
أفنان رفعت حاجب الإستغراب : متأكدة ؟
ضي : إيه .. عن إذنك .. توجهت لدورة المياه , غسلت وجهها ثلاثا , ليست بخير أبدا
ستتنازل عن أشياء كثيرة من اجله , أخرجت هاتفها وأتصلت به . . لا مجيب . . لابد أنه متضايق مني , بالتأكيد لن يرد
أرسلت له رسالة " اسفة , كلمني بس تشوف المسج والله مخنوقة .. أحتاجك "
,
تحت فتات صبر بدأ يتناثر , يفكر بعقلانية ولكن قلبه يقف بالمرصاد , يريد أن يفكر بإتزان ولكن مسرف بحبها لدرجة غير قادر على التمييز بين الصح و الخطأ , أمها مسلمة لا يمكن أن تفكر بعصيان ربها عن طريق رؤى ؟ إن كانت وافقت على زواج رؤى إذن الزواج سيكون صحيح , يحاول أن يواسي قلبه وعقله الغير مصدق بهذا الحديث , كيف يقنع والده ؟ كيف يخبره بأن مقرن متوفي ؟ رغم أنه يؤمن بأن مقرن ليس والدها ولكن يريد أن يكذب هذه الحقيقة.
لم الحب لا يقف في صفي ولو لمرة ؟ لم يضيق عندما تهفو نفسي إليه ؟ لم أنا في كل مرة أحب بها يقيدني الجميع ؟ سئمت قلبا ضاع به الحظ دون حب.
,
مجوفة بحالة من الجنون , تكاد تأكل أصابعها من كثرة تفكيرها , بهالات سوداء موجعة تحيط عينيها وشعرها مبعثر على كتفيها , تنظر للساعة المزعجة التي تطلق صوت رنين في كل دقيقة تمرها , لا يشغل بالها شيء مهم ؟ ما يشغل بالها ؟ هل هي تخيلت لقاء وليد و تخيلت حديث والدتها أم لأ ؟ هل هو خيال ولا وجود لوليد في عالمها ؟ و أن هذا محض من جنونها ؟ هل والدتها حقيقة أم خيال أيضا ؟ ربما أكون وحيدة لا أحد حولي وأنا أتخيل وجودهم ! الساعة تشير للرابعة عصرا ؟ هل صليت الظهر ؟ صليتها أم تخيلت أنني أصليها ؟ لا لا أنا صليتها ؟ . . . ألتفتت لسجادتها المطوية على السرير ؟ لم أصلي ؟ . . لاأحد يشعر بوجعها , حتى الكلمات تعجز عن إيصال ربع ماتشعر به من الضياع , أخفضت رأسها وبكت بشدة , وضعت كفوفها على أذنيها من طنين أزعجها , تريد أن تصرخ ؟ تشك في كل فعل تفعله ! تشك في نفسها حتى , بدأت أطرافها ترتجف . . حالة من التوتر الكبير تصيبها .. نسيت من أنا ! . . . اه يا أنا.
,
بضحكة متقوسة , بفرحة محشوة بعينيها , تضع أطراف أصابعها على أقدام ناصر وتقف عليها لتقبل مابين عينيه : مبارك عليك الشهر
يسحبها لصدره لتسقط أقدامها على الأرض : بك يتبارك شهري
غادة بإبتسامة خجولة , تبتعد قليلا عن صدره لترفع عيناها المتلألأة بالدمع له
ناصر يقترب لتغمض غادة عينيها , قبل عينها اليسرى وهو يهمس : يا روحي
غادة بكلمته هذا سقطت حصون أهدابها لينهال دمعها وهي ترمش وبصوت موجع : شفت الموت
ناصر يضمها بشده و أصابعه تخلخل خصلاتها و ذقنه مثبت على قمة رأسها بين سواد شعرها : أشششش لا تطرين الموت
غادة و تحكي له بالوجع : كنت بعيد حيل كل ماأقرب خطوة تبعد أكثر .. صوتي مات ماعرفت أصرخ و أناديك , كنت أبي أناديك كنت أبي أضمك كنت أبغى أقولك أني أحبك *شهقت بهذه الكلمة وزاد بكائها , أردفت بعد ثواني طويلة بصوت غير متزن* ضعت مني ... أختفيت .. أنقهرت منهم كانوا يقولون لي عظم الله أجرك .. يالله ياناصر لو تعرف كيف قضيت ليلة البارح !!! بغيت أموت من خوفي ! أنا وش بدونك ؟
صمت , يخاف الموت كثيرا يحترم هيبته لدرجة أن ذكره مهيب في قلبه لحد كبير
غادة : كوابيس شنيعة قاعد تجيني مع أنه زواجنا مابقى عليه شي !! أخاف مايتم .. أخاف يصير شي ويوقفه
ناصر بنبرة هادئة : إن شاء الله خير ! لا تفسرين الحلم الشين , والله يكتب لنا اللي يسرنا
غادة تبتعد عن حضنه مرة أخرى و وجهها المحمر يضعف ناصر , أردفت بنبرة مبحوحة : مهما صار و مهما راح يصير ماراح أختار غيرك زوج و حبيب و أنت كل شيء في حياتي
صحى مفزوع , صحى متبلل بعرقه , صحى وكأن حياة أخرى بثت في روحه , صحى متوجع
صدره يهبط بشدة و يرتفع , أنفاسه تسمع بشكل مخيف , بعقدة حاجبيه يفكر بماذا رأى ؟ غادة ؟ غادة تبكي ؟ رمضان الماضي كان يجمعهم ! , اه أشعر بنار مهولة أسفل قدمي , أشعر بحرقان في يسار صدري , أشعر بأن - أنا - ضاعت مني , أشعر بغادة.
أنحنى ظهره لتسقط الدمعة الموجعة لكل رجل , لتسقط دمعة إشتياقه , تمتم : يالله
رفع عينه وفي إذنه يرن " ضعت مني .. أختفيت " لو أن لقياك بالدنيا ليس وقع من جنون لقابلتك أسفل رنة القمر الصاخبة و أهمس بين عينيك " من ضاع مني هو أنت و من ضاع أيضا هو قلبي الذي كان مع (أنت) "
,
دخل بو سعود لقصر سلطان : صحي الجوهرة بسرعة .. وجلس على الكنبة
عائشة تطرق الباب بتملل من وضع الجوهرة الهادىء
سمعت الطرق و باغت الخوف قلبها , غير قادرة على الوقوف .. بنبرة مكسورة : مين ؟
عائشة من خلف الباب : ماما أنتي في يصحى ؟
سؤالها الغبي أجبرها على السكوت فلا طاقة لديها
عائشة : بابا أبدوالرهمان في تهت*تحت*
الجوهرة و صفعة قوية و كأن الليمون الحامض يرش على جروحها التي لم تلتئم
عائشة : يقول لازم يجي تهت .. يلا بسرئه ماما *بسرعة* . . ونزلت للأسفل
الجوهرة و اخر ماتوقعته بأن سلطان يخبره ؟ ربما يكون تحت معه . . بكت بضيق من نفسها , بكت الضعف و الإنكسار , بكت أن لاشيء يستحق الان بعد هذا !!
وضعت كفها على طرف الطاولة لتحاول الوقوف و إنزلاق قدمها أسقطها بشدة على ظهرها , أطلقت اه موجعة من حافة صدرها , شعرت بنار تحت ظهرها , تريد الوقوف , تريد ذراعا تمد إليها كي تستند إليها , تريد . . . . لا يا قلبي إلا هو !! إلا هو .. لا تضعفني يالله أمامه أكثر.
.
.
.
أنتهى البارت
تعليق