غيابك يفرغ الأمكنة والأزمنة والشخوص المهرولة على أرصفة الدخان,
غيابك صمت يقرع أكواب الماء كي يفضح عجزها عن الإرواء ...
غيابك صورة معلقة على الجدار المقابل لتشوهات الخطى...
تعترض طريقي كلما نويت المسير !
غيابك لعنة,
موت,
فنجان مسموم أشربه في المساء
كي أموت بتعاويذ الفقد !
مرة أخرى يعود, يسلبني ذاكرة كانت بالأمس تبكي على سجادة التوبة !
يأخذها بين يديه ويغسل عنها بياضها - المستجد - كي يلوثها باسمه من جديد .. !
ذلك الرجل هو من إختار أن يكون نصفي الاخر, الأقل برا بي, الأكثر قدرة على إيذائي بدموع قليلة,
هو الذي قرر فجأة أن نصبح إسمين بدل إسم واحد, وأن يختار كل منا لونه الجديد على قوس قزح العشق .. !
يعود مدعيا ما ليس له,
ويشير بإبهامه لقلب أدرك أنه يمزح حين يقول : " هذا القلب لك .. !"
أمي، حين يحدثني صوتك ألمح أعشاش الدخان في جوفي كالأطفال الجياع، تثرثر بالنار دون أن تملك أعواد الكبريت والزيت والحطب !
ولا أدري أين يمكن لهذا التيه المقعر في صدري أن يسافر دون أن يسأله أحد عن الأسباب وثمن التذاكر وموعد القطار وحالة الطقس التي لابد أن يصيبها الثوران حين تشتهي روحي الرحيل عنك بهدوء،
أمي .. إبنتك البكر متعبة، تلك الزينب التي كلما ناديتها يتغير لون قلبها ألف مرة من الفرح والخوف والحزن، متعبة !
أشتهي الموت في اليوم ثلاث مرات، ككل المصابين بعلل الأرض حين يتناولون أدويتهم ثلاثا دون أن يقترب ذلك اللون المعافى من وجوههم ويبتسم !
لم لم تخبريهم عني حين سألوك أي مكان في قلبك يؤلمك ؟
لم لم تجيبيهم بذلك الوضوح الذي يميزك عن العالمين، أني كل الامك ، وأني المساء الحزين الذي يبعثر غمام فناجين السهر بين عينيك !
ولم لم تصفعيني أمامهم كي تثبتي أنك قوية بما يكفي لتقتلي الامك بيديك ؟
لم لم تغمري وجهي بالتراب كي تدفنيني تحت أمطار بكائك وأكون في ذاكرتك فتاتا قديما لفتاة أعطيتها كل شيء إلا أمومتك !
ولم لم تعودي إلى رحمك كي ترجميه مليا بالفحم وتلعنيه في سرك كثير لأنه أنجبني والمك !
تعليق