تتفرق شياطيننا اناء العزلة ليبقى فقط في حوزتنا الشطر العابث منها , ذلك الذي تكون وساوسه مدوية أكثر مثل فحيح تنخله حواس تائه في الأحراش عن سائر الأصوات.
في عزلتي أشم رائحة الليل, عرق الليل , أشمئز من العتمة التي تلاحقني أينما ذهبت, أعطرها بضوء قنديلي فيتلاشى الضوء تماما كرشة عطر اقتلعتها عاصفة دخان عابرة .
أتذكرك في محاولة لإحراق الخوف و الوحدة,
أضحك و كأنك على مقربة مني تدغدغني بأحاديثك المسلية ,
ثم أصمت حين تستعيد عيناي وعيها فلا ترى سوى الفراغ و شيئا من وجهك يختفي تدريجيا ليذكرني بأن انزلاقي من الوهم إلى الواقع لم يكن " راديكاليا " ... و بأنه لابد أن يبقى منك شيء لأراه وهو يتلاشى
بحماسة الأطفال أركض إليك, بيني و بين لهاث صدري ترتسم ابتسامتك و تلك ال " على رسلك " فأتعب أكثر ليقيني أن المسافة بيننا أطول مما يجب وأن جسدك البعيد لم يكن يكبر حجمه كلما اقتربت , بل ظل صغيرا كالأشياء البعيدة .. كالأحلام التي لا تنوي الإقتراب .
أنت خارج الأوراق رجل عادي و عاشق سيء, و مصيبتي أن الجيب الوحيد الذي يعنيني غناه كان فمك الفقير جدا, فأنت لا تعرف كيف تزج بالكلمات في فيك ثم تحررها حين يمتثل وجهي أمامك, لم تستوعب من العشاق الذين أتعمد أن نجلس أنا إياك على مقربة منهم أي شيء, أي كلام, أي شيء على الإطلاق .
كتبت عن تعاستي معك الشيء الكثير حتى ملني الاخرون بسببك , و كل واحد منهم يذيل بعينيه المغادرتين أوراقي بالنصح الذي مفاده أن " غادريه أنت أيضا " .
أكذب إن قلت لك أن هذا الجنون العاقل لم يراودني لأكثر من غضب,
أكذب إن أنكرت أمامك أن للباب الذي يفضي إلى عالم لست فيه موسيقى هادئة, مخدرة, تجذبني و قلبي المنهك نحو المقبض الذي يدار تلقائيا دون أن ألمسه , وكأن كل شيء يمهد لي طريقا رحبا للنسيان . ولكني أعود أدراجي, أتقوقع أمام ذكراك, أعد الأشياء الجميلة بيننا و حين لا يرضيني تعدادها أغش كي أجعلها أكثر , و أكذب على الناس فأقول لهم بنبرة أرجو من خلالها أن أصدق نفسي : " إنه يحبني بجنون " .
إلى من لحقته راجية رجوعه ثم في غفلة من لهاثي استجار بالضباب :
اثرت الغياب ..
تمرنت عليه سرا كمن يعلم خطواته كيف تعزف على درب اللارجوع..
أسكت نزيف بكائي بوعد أعلم أنك لن تفي به حين قلت " سأعود " ..
من أجل ماذا ؟
و لأجل من؟
أتظن أن لك في عواصم الأغراب خليلا يحبك أكثر مني؟
أتظن أن أحضان الصقيع ستنسيك الشتاء أكثر من حضني؟
تعليق