صرت أنساك يا جميلة في الوقت الذي قررت فيه أخيرا أن أنقب عن نفسي المخنوقة تحت أنقاض الذكرى لأرفعها و أنفض عنها الأمس قبل أن أضعها أمامي و أراها كيفما التفت .. علني أتذكرني أخيرا
أضعنا الكثير من الوقت و نحن نعد الثواني الهاربة منا كالمحتضرين ..
لم نشعر و نحن في زحام الأرقام أننا عشنا أكثر مما يجب, وأن الذي عشناه ليس جديرا بأن ننسبه إلى الذاكرة لأنه منزوع التفاصيل , شاحب , أبيض كالعالم المرسوم في عين عمياء .
لاأزال رغم كل هذا التعب منك, أرفع يدي للباري وفي قلبي دعاء محموم, مسموم, مضرج بملح عيني الذي ابتلعته كثيرا في المرات التي بكيت فيها بسببك, أن "يا رب ... أسعده ولا تجعل نوايا العذال تكنس من بين شفاهه تلك الإبتسامة ! "
أتعلم,
إلى الان أحاول أن أزج بطوب النسيان , كي أقيم ذلك الجدار العازل بين قلبي والعقل.
فإني أخشى منهما على نفسي, وأخشى عليهما مني,
فثلاثتنا لم نجتمع يوما على وفاء واحد, أو نسيان واحد
أن أفهمني معك فهذا يعني أن أفتح ذلك الصندوق القديم الذي حفظت فيه كبريائي, وأن أزرعني على طريق لا يؤدي إليك في النهاية ..
ولأني أخشى أن أصحو يوما في عالم لست فيه , أرضى بالهوان, وبأن أكون الشق المنسي في ذاكرتك ..
أرضى تحطيمك قلبي كلما ارتكبت الخيانات !
أرضى بابتسامتك كلما تجولت بين الغصص والبكاء !
وإني لا أدري يا أنت أي جرم ارتكبته في نفسي وأي موت أخذني دون أن أنتبه, وأي كفن لبسته حتى نسيت الشكوى من برودة جلدي !
- 1992 - تاريخ يأخذني إلى نظراتنا, أو بالأحرى إلى نظراتي !
إلى شعرك الأسود وطفولة ضحكتك,
إلى غيرتي من الهواء عليك,
إلى طفولتي !
إلى ما فقدته حين أحببتك, إلى الوردة الصفراء التي ماتت تحت أكعاب نسيانك,
إلى الخجل المرتجل,
إلى الشوق الذي لا يحتمل,
إلى مدينة حدودها المدرسة, وسكانها أنا وأنت والمقعد,
إلى الكتاب المدرسي وذلك النص الذي قرأناه سويا بصوتي المفقود وصوتك المعهود ,
إلى العقاب الذي أبعدني عنك !
كلها كراكيب الحنين ! فلا تأبه لها !
ضعها كما فعلت أسفل لسان صامت
تعليق