رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
،
يجلس عبدالله أمام سلطان بجانب الضابط الذي يحقق بمسألة فيصل، سلطان : الساعة 10 و 45 دقيقة تمت الحادثة و العامل اللي كان موجود في الحي قال أنه فيه شخص دخل ما يسكن الحي وهو الوحيد اللي كان داخل في ذاك الوقت، دخل الساعة 8 و فيصل وصل بيته الساعة 10 . . ليه أنتظر 45 دقيقة ؟ وليه أصلا جاء من بدري إذا كان هو مراقب فيصل ويعرف مواعيد شغله!!!
عبدالله بإرهاق يستنزفه : ممكن عشان محد يشك!!
الضابط : تعرف يا بو بدر الطريقة اللي تم الإعتداء فيها على فيصل جت بصورة سريعة ولو حطينا سيناريو للي صار، بيتضح أنه المرتكب هرب من الناحية الشمالية عكس مكان دخوله من الناحية الثانية، لأن أقدامه وطت الزرع وواضح الأثر على الرصيف كان متجه للشمال، وسوينا نقطة تفتيش في الطريق العام لكن ما وصلنا لشي هذا يعني بعد أنه المرتكب جاء بدون سيارة! وتخبى!!
عبدالله تنهد : الحي اللي يسكنه فيصل جديد لو تخبى فيه بدون لا يروح للطريق العام بتكون في البيوت اللي ما بعد انسكنت
سلطان : صح! يمكن حتى يبعد الشبهات يكون موجود بالحي
عبدالله : أنا أقترح أنكم ترسلون القوات للحي ويفتشونه بيت بيت
الضابط : أبشر . . . عن إذنكم دقايق . . . . خرج
سلطان : أقص إيدي إذا ما هو سليمان الغبي، أنمسك من رائد بس الكلاب اللي هنا للحين ما يدرون وش صاير! حي من يمسكني إياه والله ما أخليه فيه عظم صاحي لأطلع حرة هالسنين فيه
عبدالله : واثق أنه سليمان ؟
سلطان : إيه لأن رائد أصلا ما يدري عن فيصل، يارب بس تلطف ولا يصير فيه شي . . ( وبسخرية يكمل ) ويوم كلمت الغالي طلع يدري عنه فيصل وهو اللي قاله يجينا ذاك اليوم قبل عرسه، وقالي أنه الحمير الثانيين بعد مخططين على ناصر! لو يصير شي في ناصر بعد! مدري وش أسوي ساعتها؟ يمكن أقطع ملابسي
عبدالله : دام صار كل شي على المكشوف إن شاء الله بتنحل بس المشكلة بعيالنا ولا كل شي يهون
سلطان : أنا بس لو أتطمن على عبدالعزيز وغادة و بنات عبدالرحمن كان قدرت أتصرف مع ******
عبدالله بعقدة حاجبيه أحتد صوته : سلطان!!!!
سلطان إبتسم بسخرية : صاير لساني وصخ من الناس الوصخة اللي أتعامل معها
عبدالله : طيب هدي شوي، ماشاء الله عليك ما تعبت من السب والحكي!!
سلطان : ولا راح أنام الليلة بعد لأن لساني موب راضي يهدا
عبدالله بضحكة يحاول أن يخفف هذا الحزن الذي يصيبه على فيصل : كأنه يرضى يهدأ في الأيام العادية
سلطان أنحنى بظهره ليضغط على رأسه بكفيه : لما كنت أقول لعبدالرحمن عن سلطان العيد ما كان يصدقني ويقولي أنت تبي تتهم وبس! وشوف وش صار!!!! قلبي كان حاس أنهم يشتغلون من ورانا،
عبدالله : وش شعورك لو أنحل هذا الموضوع بعد الله بفضلهم؟ ماراح تحس أنهم قدموا خدمة عظيمة لك؟
سلطان بغضب : والخساير اللي صارت لنا من يرجعها؟ لا تحسسني إنهم مسوين خدمة! هم ما خدمونا هم ضيعونا
عبدالله : ماراح تفهم أي شي طول ما انت معصب كذا!!
سلطان وقف : طمني إذا صار شي هنا وأنا بشوف عبدالرحمن عشان نشوف ناصر بعد قبل لا يصير له شي!
عبدالله : طيب . . وطمني عليكم بعد
سلطان : إن شاء الله . . بحفظ الرحمن . . . . . خرج ليسير ناحية سيارته البعيدة جدا عن مركز الشرطة، ثبت السلاح في خصره بعد أن خرج من مكانه قليلا، اقترب من سيارته ليصطدم بإحدى الأشخاص، سلطان دون أن ينظر إليه : عفوا . . .
فتح باب سيارته ليلتفت إلى الورقة المعلقة على الشباك، عاد خطوتين للخلف ليصرخ على الرجل ب " هيه " ، ركض الرجل ليخرج سلطان سلاحه ويركض خلفه، أشتدت سرعة سلطان متجاهلا التعب الذي يمر فيه هذه الفترة، رمى الرجل لوحة مهتزة لتعيق طريق سلطان في ممر ترابي ضيق بعيد عن الأنظار في هذه الساعة المتأخرة، قفز سلطان ليتبعه، سقط السلاح منه، تركه على الأرض ليقترب منه، دفعه على الجدار بكفيه ليضرب ظهره بقوة، إلتفت الرجل إليه، لكمه سلطان على عينيه ليقاوم الرجل بقدمه الذي ضربته بموضع جرحه، كتم سلطان أنفاسه ليقاوم الألم الذي أتى من هذا الجرح الغير ملتئم، لكمه بحدته/قوته، ليسقط الرجل على الأرض، سلطان بصوت يتسارع بالأنفاس : تهددني قدام عيوني! وقدام مركز الشرطة بعد!!! شفت مجرمين أغبياء بس مثلك تأكد ما بعد شفت!!! . . . . شده ليقف، لوى ذراعه خلف ظهره ليصرخ الرجل من الألم : مين مرسلك ؟
: اه
زاد بإلتواءه سلطان لتزداد صرخاته، صرخ سلطان بقوة : مين؟
: سليمان سليمان
سلطان : أنا أعلمك وش صار بسليمان! الأخبار بعدها ما وصلت لكم! للحين تنفذون تخطيطاته الغبية . . . قدامي لا أفجر فيك الحين
بدأ بالمشي أمامه وعندما مر من السلاح أنحنى سلطان ليأخذه وتأت قدم الرجل الاخر بإندفاع عند أنف سلطان ليسقطه، جن جنونه من جرأة الذي أمامه عليه وهو الذي لم يعتاد أن يتجرأ عليه أحد، بجنون ركض إليه ليمد قدمه ويسقطه، أمتد العراك من طرف واحد وهو سلطان لمدة دقائق طويلة، أفرغ كامل قهره بجسد الرجل الذي يقابله حتى أمتلىء بالجروح والدماء، وقف ليخرج هاتفه : عبدالله أرسلي إثنين من عندك، ورى المركز فيه أرض فاضية على جهة اليمين ممر خل يجون بسرعة
عبدالله : صاير شي؟
سلطان : بجيك الحين وأفهمك بس خلهم يجون بسرعة
عبدالله : طيب . . أغلقه ليخفض رأسه حتى يوقف النزيف الذي يصيبه إثر ضربة الرجل على أنفه، ثواني قليلة حتى أقتربا شرطيان.
سلطان : شيلوه ودوه المركز . . . . تبعهم ويمر في باله حين قرر أن يغير الثوب باللباس العسكري المعتاد، لم يعرف سببا واضحا في عقله لرداءه الان ولكن شعر بحكمة الله ورحمته حين أرتاده وإلا تمكن منه هذا الرجل بسهولة.
أعاد السلاح لموضعه بجانب قبعته التي نادرا ما يلبسها، بعد ثواني معدودة دخل للمركز ليقابل عبدالله.
عبدالله نظر لملامح سلطان بدهشة : وش صار؟
سلطان : خلني أجلس نشف ريقي الله ينشف ريق العدو . . . . دخل للغرفة ليفرغ كأس الماء في فمه : تلومني لا قلت لك أنهم حمير وأغبياء! سبحان الله حتى الضعفاء يقدرون بذكاءهم يصيرون خطريين مثل سليمان! لو فيه خير ما تخبى بأسماء مستعارة وما ضرب روسنا ببعض! لكنه جبان قدر يخدعنا لأنه يدري أننا نقدر بسهولة أننا نمسكه
عبدالله : عز الله ماهو رائد اللي قدام عيونك يهددك!!
سلطان تنهد : الحين يحققون مع هالكلب ونشوف وش عنده! غصبا عنه يطلع علم فيصل ولا أنا اللي بحقق معه
عبدالله : يا خوفي بس تدخل ورى فيصل من تهورك! . . . أقترب منه بحنيته المعتادة ليمسح جرحا بسيطا على جبينه
سلطان : جرح بسيط
عبدالله بإنفعال : أنت لو تجلس بين الحياة والموت تقول حادثة بسيطة!!!
سلطان أستند بظهره على الكرسي : لا حول ولا قوة الا بالله
عبدالله عاد لكرسيه : إيه تعوذ من شيطانك وخلك هادي شوي عشان نعرف نفكر . . تو متصل على منصور ويقول للحين بالعمليات
،
يدخل بخطى خافتة ضائقة، إلتفت عليهما ليجاهد على إبتسامة يقمعها الحزن : زين انكم صاحيين
ضي : كنا ننتظرك
عبدالرحمن بلل شفتيه بلسانه ليشد على شفته السفلية بتنهيدة تشرح حزنه بشكل أوضح : طيب لازم نطلع من هنا بأسرع وقت! . .
عبير عقدت حاجبيها : وين بنروح ؟
عبدالرحمن : بوديكم لفندق ترتاحون فيه أكثر . . . يالله حبيبتي مانبي نتأخر
عبير وقفت : طيب . . ماعندي شي أجيبه
ضي : إلا! جاب نايف كل أغراضنا لهنا من غبتي
عبير إلتفتت عليها : كويس! كنت أحسب أغراضنا هناك . . أجل يبه أنتظر شوي بس . . ودخلت للغرفة الأخرى
ضي أقتربت منه وبخفوت : سألتني عن مقرن وما جاوبتها خفت تنفجع فيه
عبدالرحمن : زين سويتي! أنا بقولها بنفسي
ضي : طيب، صار شي اليوم بعد؟ عيونك تعبانة
عبدالرحمن : من قل النوم لا تهتمين . . . رتبي أغراضك بسرعة وبنتظركم برا . . .
ضي : إن شاء الله
خرج عبدالرحمن ليشد على معطفه وكل زفير يختلط ببرودة بيضاء، يستنشق هواء نقيا وتفكيره يتشتت بأكثر من شيء، يتوسط أفكاره " رتيل و عبدالعزيز ".
ما دعاني الحزن يوما كما دعاني على بناتي! ولم يصيبني الوجع بعمق كما أصابني به " عزيز "، أنا الذي صبرت واصطبرت حتى تغلغل البياض في رأسي، لم أستطع أن أصطبر على حزن يجيء من عبدالعزيز، ليته يعلم عن مكانته في قلبي وهو إبن رجل مارست الحياة بأكملها بجواره، ليته يعلم أن له في القلب موضع لا يشاركه به أحدا، لا تحزني أكثر يا ( ولدي )، لا تحزني وأنا أمتلىء بالغم/الضيق، لا تحزني عليك ولا على رتيل، إننا يالله في ذمة الحزن موقوفين، اللهم نطلبك الفرج.
من خلفه يأت صوتها الناعم الذي تتبعه الرجفة من البرد : عبدالرحمن
إلتفت : أركبوا بيوصلكم نايف وراح ألحقكم
عبير ضاقت عينها من فكرة أرجفت قلبها : ليه ماتجي معنا؟
عبدالرحمن : عندي شغلة بسيطة يا يبه أخلصها وأجيكم
عبير : طيب . . . مشت خطوتين لتلتفت عليه، أقتربت منه لتعانقه وهي تقبل رأسه.
لم يكن عناقا عاديا، كان يدرك تماما أن عبير شعرت به، شعرت وكأنه يفارقهما، بحركته الدائمة لها الذي تعيدها لسنين ماضية، رفعها قليلا عن مستوى الأرض ليعانقها بشدة.
عبير بضيق : خلك معنا
عبدالرحمن : بكون معاكم إن شاء الله
عبير سقطت دمعتها على كتفه : يبه
عبدالرحمن : يا روح أبوك
عبير : لا تتركنا
عبدالرحمن قبل جبينها لينزلها، مسح ملامحها بإبتسامته الصافية من أي شحوب : ليه تقولين كذا؟
عبير ببحة : لأنك قلت بوصلكم بعدين قلت بلحقكم! يعني صار شي
عبدالرحمن : ما صار شي بس أنا ماكان قصدي بوصلكم بالمعنى الحرفي، قصدي بكون معاكم . . يالله يبه لا تبردين
عبير : لا تتأخر
عبدالرحمن : أبشري
عبير قبلت جبينه مرة أخرى والدمع يتدافع عن عينيها، قلبها لا يطمئن، شعورها الداخلي الذي يخبرها بأن مكروها سيحصل لا يفارقها، تنهدت لتدخل السيارة.
ضي بربكة : لا تخبي علي!!
عبدالرحمن يقترب منها ليقبل رأسها وهو يطيل بقبلته ويأخذ نفس عميق يستمده منها : مو صاير شي! . . أنتبهي على نفسك
ضي رفعت عينيها إليه : جد؟
عبدالرحمن : جد
ضي : طيب لا تطول علينا
عبدالرحمن : إن شاء الله
ضي خلخلت أصابعها بأصابعه لتشد عليها : ماراح أنام لين تجي
عبدالرحمن : ماراح أطول
ضي إبتسمت : إن شاء الله . . . بحفظ الرحمن . . . تركت يده لتدخل السيارة وتجلس بجانب عبير، همس : استودعتكم الله الذي لا تضيع ودائعه . . . . راقب بعينيه السيارة حتى أبتعدت.
أعطى الرجال الذين ينتظرونه ظهره ليقابل البيت، أخفض نظره ليتجمع الدمع ويخون صلابته التي ظهرت أمام الجميع، خانته قوته، كان سهلا عليه أن يتجاوز هذا الحزن ولكن شعور عبير المتوجس الذي تدفق ناحيته زاده أسفا وإنكسارا، كان سيكون سهلا لولا كلماتي الكاذبة التي قلتها، وأنا أعلم تماما بأنه من الصعب أن أعود إليهما اليوم! سأرددها كثيرا لم أشعر بحزن طوال حياتي كخزني في هذه الفترة، ولم أشعر بأنني منكسر مفلس إلا خلال هذه الأيام.
من خلفه : نروح يا بو سعود ؟
عبدالرحمن بلع غصته دون أن يلتفت إليه : إيه
مسح على وجهه ليضغط على عينيه، اللهم أرحمنا وصبرنا.
في جهة اخرى أضطرب صوتها : حاسة فيه شي!!
ضي : بيجينا يا عبير وماراح يطول! تعرفين أنه كلام أبوك وعد
عبير : ماراح أنام لين يجي
ضي : قلت له نفس الحكي وقالي ماراح أطول . . أنا تطمنت دام قال أنه ماراح يطول وبيجي
عبير بوسواس لا ينفك عنها : أخاف صار برتيل شي
ضي : بسم الله عليها! لا إن شاء الله مو صاير لها شي دامها عند عبدالعزيز
عبير تنهدت بوجع : كم صار لي ما شفتها؟ ودي أشوفها وأرتاح، أول مرة يصير فينا كذا تمر أيام وأسابيع مانشوف بعض . . .
،
يجلس عبدالله أمام سلطان بجانب الضابط الذي يحقق بمسألة فيصل، سلطان : الساعة 10 و 45 دقيقة تمت الحادثة و العامل اللي كان موجود في الحي قال أنه فيه شخص دخل ما يسكن الحي وهو الوحيد اللي كان داخل في ذاك الوقت، دخل الساعة 8 و فيصل وصل بيته الساعة 10 . . ليه أنتظر 45 دقيقة ؟ وليه أصلا جاء من بدري إذا كان هو مراقب فيصل ويعرف مواعيد شغله!!!
عبدالله بإرهاق يستنزفه : ممكن عشان محد يشك!!
الضابط : تعرف يا بو بدر الطريقة اللي تم الإعتداء فيها على فيصل جت بصورة سريعة ولو حطينا سيناريو للي صار، بيتضح أنه المرتكب هرب من الناحية الشمالية عكس مكان دخوله من الناحية الثانية، لأن أقدامه وطت الزرع وواضح الأثر على الرصيف كان متجه للشمال، وسوينا نقطة تفتيش في الطريق العام لكن ما وصلنا لشي هذا يعني بعد أنه المرتكب جاء بدون سيارة! وتخبى!!
عبدالله تنهد : الحي اللي يسكنه فيصل جديد لو تخبى فيه بدون لا يروح للطريق العام بتكون في البيوت اللي ما بعد انسكنت
سلطان : صح! يمكن حتى يبعد الشبهات يكون موجود بالحي
عبدالله : أنا أقترح أنكم ترسلون القوات للحي ويفتشونه بيت بيت
الضابط : أبشر . . . عن إذنكم دقايق . . . . خرج
سلطان : أقص إيدي إذا ما هو سليمان الغبي، أنمسك من رائد بس الكلاب اللي هنا للحين ما يدرون وش صاير! حي من يمسكني إياه والله ما أخليه فيه عظم صاحي لأطلع حرة هالسنين فيه
عبدالله : واثق أنه سليمان ؟
سلطان : إيه لأن رائد أصلا ما يدري عن فيصل، يارب بس تلطف ولا يصير فيه شي . . ( وبسخرية يكمل ) ويوم كلمت الغالي طلع يدري عنه فيصل وهو اللي قاله يجينا ذاك اليوم قبل عرسه، وقالي أنه الحمير الثانيين بعد مخططين على ناصر! لو يصير شي في ناصر بعد! مدري وش أسوي ساعتها؟ يمكن أقطع ملابسي
عبدالله : دام صار كل شي على المكشوف إن شاء الله بتنحل بس المشكلة بعيالنا ولا كل شي يهون
سلطان : أنا بس لو أتطمن على عبدالعزيز وغادة و بنات عبدالرحمن كان قدرت أتصرف مع ******
عبدالله بعقدة حاجبيه أحتد صوته : سلطان!!!!
سلطان إبتسم بسخرية : صاير لساني وصخ من الناس الوصخة اللي أتعامل معها
عبدالله : طيب هدي شوي، ماشاء الله عليك ما تعبت من السب والحكي!!
سلطان : ولا راح أنام الليلة بعد لأن لساني موب راضي يهدا
عبدالله بضحكة يحاول أن يخفف هذا الحزن الذي يصيبه على فيصل : كأنه يرضى يهدأ في الأيام العادية
سلطان أنحنى بظهره ليضغط على رأسه بكفيه : لما كنت أقول لعبدالرحمن عن سلطان العيد ما كان يصدقني ويقولي أنت تبي تتهم وبس! وشوف وش صار!!!! قلبي كان حاس أنهم يشتغلون من ورانا،
عبدالله : وش شعورك لو أنحل هذا الموضوع بعد الله بفضلهم؟ ماراح تحس أنهم قدموا خدمة عظيمة لك؟
سلطان بغضب : والخساير اللي صارت لنا من يرجعها؟ لا تحسسني إنهم مسوين خدمة! هم ما خدمونا هم ضيعونا
عبدالله : ماراح تفهم أي شي طول ما انت معصب كذا!!
سلطان وقف : طمني إذا صار شي هنا وأنا بشوف عبدالرحمن عشان نشوف ناصر بعد قبل لا يصير له شي!
عبدالله : طيب . . وطمني عليكم بعد
سلطان : إن شاء الله . . بحفظ الرحمن . . . . . خرج ليسير ناحية سيارته البعيدة جدا عن مركز الشرطة، ثبت السلاح في خصره بعد أن خرج من مكانه قليلا، اقترب من سيارته ليصطدم بإحدى الأشخاص، سلطان دون أن ينظر إليه : عفوا . . .
فتح باب سيارته ليلتفت إلى الورقة المعلقة على الشباك، عاد خطوتين للخلف ليصرخ على الرجل ب " هيه " ، ركض الرجل ليخرج سلطان سلاحه ويركض خلفه، أشتدت سرعة سلطان متجاهلا التعب الذي يمر فيه هذه الفترة، رمى الرجل لوحة مهتزة لتعيق طريق سلطان في ممر ترابي ضيق بعيد عن الأنظار في هذه الساعة المتأخرة، قفز سلطان ليتبعه، سقط السلاح منه، تركه على الأرض ليقترب منه، دفعه على الجدار بكفيه ليضرب ظهره بقوة، إلتفت الرجل إليه، لكمه سلطان على عينيه ليقاوم الرجل بقدمه الذي ضربته بموضع جرحه، كتم سلطان أنفاسه ليقاوم الألم الذي أتى من هذا الجرح الغير ملتئم، لكمه بحدته/قوته، ليسقط الرجل على الأرض، سلطان بصوت يتسارع بالأنفاس : تهددني قدام عيوني! وقدام مركز الشرطة بعد!!! شفت مجرمين أغبياء بس مثلك تأكد ما بعد شفت!!! . . . . شده ليقف، لوى ذراعه خلف ظهره ليصرخ الرجل من الألم : مين مرسلك ؟
: اه
زاد بإلتواءه سلطان لتزداد صرخاته، صرخ سلطان بقوة : مين؟
: سليمان سليمان
سلطان : أنا أعلمك وش صار بسليمان! الأخبار بعدها ما وصلت لكم! للحين تنفذون تخطيطاته الغبية . . . قدامي لا أفجر فيك الحين
بدأ بالمشي أمامه وعندما مر من السلاح أنحنى سلطان ليأخذه وتأت قدم الرجل الاخر بإندفاع عند أنف سلطان ليسقطه، جن جنونه من جرأة الذي أمامه عليه وهو الذي لم يعتاد أن يتجرأ عليه أحد، بجنون ركض إليه ليمد قدمه ويسقطه، أمتد العراك من طرف واحد وهو سلطان لمدة دقائق طويلة، أفرغ كامل قهره بجسد الرجل الذي يقابله حتى أمتلىء بالجروح والدماء، وقف ليخرج هاتفه : عبدالله أرسلي إثنين من عندك، ورى المركز فيه أرض فاضية على جهة اليمين ممر خل يجون بسرعة
عبدالله : صاير شي؟
سلطان : بجيك الحين وأفهمك بس خلهم يجون بسرعة
عبدالله : طيب . . أغلقه ليخفض رأسه حتى يوقف النزيف الذي يصيبه إثر ضربة الرجل على أنفه، ثواني قليلة حتى أقتربا شرطيان.
سلطان : شيلوه ودوه المركز . . . . تبعهم ويمر في باله حين قرر أن يغير الثوب باللباس العسكري المعتاد، لم يعرف سببا واضحا في عقله لرداءه الان ولكن شعر بحكمة الله ورحمته حين أرتاده وإلا تمكن منه هذا الرجل بسهولة.
أعاد السلاح لموضعه بجانب قبعته التي نادرا ما يلبسها، بعد ثواني معدودة دخل للمركز ليقابل عبدالله.
عبدالله نظر لملامح سلطان بدهشة : وش صار؟
سلطان : خلني أجلس نشف ريقي الله ينشف ريق العدو . . . . دخل للغرفة ليفرغ كأس الماء في فمه : تلومني لا قلت لك أنهم حمير وأغبياء! سبحان الله حتى الضعفاء يقدرون بذكاءهم يصيرون خطريين مثل سليمان! لو فيه خير ما تخبى بأسماء مستعارة وما ضرب روسنا ببعض! لكنه جبان قدر يخدعنا لأنه يدري أننا نقدر بسهولة أننا نمسكه
عبدالله : عز الله ماهو رائد اللي قدام عيونك يهددك!!
سلطان تنهد : الحين يحققون مع هالكلب ونشوف وش عنده! غصبا عنه يطلع علم فيصل ولا أنا اللي بحقق معه
عبدالله : يا خوفي بس تدخل ورى فيصل من تهورك! . . . أقترب منه بحنيته المعتادة ليمسح جرحا بسيطا على جبينه
سلطان : جرح بسيط
عبدالله بإنفعال : أنت لو تجلس بين الحياة والموت تقول حادثة بسيطة!!!
سلطان أستند بظهره على الكرسي : لا حول ولا قوة الا بالله
عبدالله عاد لكرسيه : إيه تعوذ من شيطانك وخلك هادي شوي عشان نعرف نفكر . . تو متصل على منصور ويقول للحين بالعمليات
،
يدخل بخطى خافتة ضائقة، إلتفت عليهما ليجاهد على إبتسامة يقمعها الحزن : زين انكم صاحيين
ضي : كنا ننتظرك
عبدالرحمن بلل شفتيه بلسانه ليشد على شفته السفلية بتنهيدة تشرح حزنه بشكل أوضح : طيب لازم نطلع من هنا بأسرع وقت! . .
عبير عقدت حاجبيها : وين بنروح ؟
عبدالرحمن : بوديكم لفندق ترتاحون فيه أكثر . . . يالله حبيبتي مانبي نتأخر
عبير وقفت : طيب . . ماعندي شي أجيبه
ضي : إلا! جاب نايف كل أغراضنا لهنا من غبتي
عبير إلتفتت عليها : كويس! كنت أحسب أغراضنا هناك . . أجل يبه أنتظر شوي بس . . ودخلت للغرفة الأخرى
ضي أقتربت منه وبخفوت : سألتني عن مقرن وما جاوبتها خفت تنفجع فيه
عبدالرحمن : زين سويتي! أنا بقولها بنفسي
ضي : طيب، صار شي اليوم بعد؟ عيونك تعبانة
عبدالرحمن : من قل النوم لا تهتمين . . . رتبي أغراضك بسرعة وبنتظركم برا . . .
ضي : إن شاء الله
خرج عبدالرحمن ليشد على معطفه وكل زفير يختلط ببرودة بيضاء، يستنشق هواء نقيا وتفكيره يتشتت بأكثر من شيء، يتوسط أفكاره " رتيل و عبدالعزيز ".
ما دعاني الحزن يوما كما دعاني على بناتي! ولم يصيبني الوجع بعمق كما أصابني به " عزيز "، أنا الذي صبرت واصطبرت حتى تغلغل البياض في رأسي، لم أستطع أن أصطبر على حزن يجيء من عبدالعزيز، ليته يعلم عن مكانته في قلبي وهو إبن رجل مارست الحياة بأكملها بجواره، ليته يعلم أن له في القلب موضع لا يشاركه به أحدا، لا تحزني أكثر يا ( ولدي )، لا تحزني وأنا أمتلىء بالغم/الضيق، لا تحزني عليك ولا على رتيل، إننا يالله في ذمة الحزن موقوفين، اللهم نطلبك الفرج.
من خلفه يأت صوتها الناعم الذي تتبعه الرجفة من البرد : عبدالرحمن
إلتفت : أركبوا بيوصلكم نايف وراح ألحقكم
عبير ضاقت عينها من فكرة أرجفت قلبها : ليه ماتجي معنا؟
عبدالرحمن : عندي شغلة بسيطة يا يبه أخلصها وأجيكم
عبير : طيب . . . مشت خطوتين لتلتفت عليه، أقتربت منه لتعانقه وهي تقبل رأسه.
لم يكن عناقا عاديا، كان يدرك تماما أن عبير شعرت به، شعرت وكأنه يفارقهما، بحركته الدائمة لها الذي تعيدها لسنين ماضية، رفعها قليلا عن مستوى الأرض ليعانقها بشدة.
عبير بضيق : خلك معنا
عبدالرحمن : بكون معاكم إن شاء الله
عبير سقطت دمعتها على كتفه : يبه
عبدالرحمن : يا روح أبوك
عبير : لا تتركنا
عبدالرحمن قبل جبينها لينزلها، مسح ملامحها بإبتسامته الصافية من أي شحوب : ليه تقولين كذا؟
عبير ببحة : لأنك قلت بوصلكم بعدين قلت بلحقكم! يعني صار شي
عبدالرحمن : ما صار شي بس أنا ماكان قصدي بوصلكم بالمعنى الحرفي، قصدي بكون معاكم . . يالله يبه لا تبردين
عبير : لا تتأخر
عبدالرحمن : أبشري
عبير قبلت جبينه مرة أخرى والدمع يتدافع عن عينيها، قلبها لا يطمئن، شعورها الداخلي الذي يخبرها بأن مكروها سيحصل لا يفارقها، تنهدت لتدخل السيارة.
ضي بربكة : لا تخبي علي!!
عبدالرحمن يقترب منها ليقبل رأسها وهو يطيل بقبلته ويأخذ نفس عميق يستمده منها : مو صاير شي! . . أنتبهي على نفسك
ضي رفعت عينيها إليه : جد؟
عبدالرحمن : جد
ضي : طيب لا تطول علينا
عبدالرحمن : إن شاء الله
ضي خلخلت أصابعها بأصابعه لتشد عليها : ماراح أنام لين تجي
عبدالرحمن : ماراح أطول
ضي إبتسمت : إن شاء الله . . . بحفظ الرحمن . . . تركت يده لتدخل السيارة وتجلس بجانب عبير، همس : استودعتكم الله الذي لا تضيع ودائعه . . . . راقب بعينيه السيارة حتى أبتعدت.
أعطى الرجال الذين ينتظرونه ظهره ليقابل البيت، أخفض نظره ليتجمع الدمع ويخون صلابته التي ظهرت أمام الجميع، خانته قوته، كان سهلا عليه أن يتجاوز هذا الحزن ولكن شعور عبير المتوجس الذي تدفق ناحيته زاده أسفا وإنكسارا، كان سيكون سهلا لولا كلماتي الكاذبة التي قلتها، وأنا أعلم تماما بأنه من الصعب أن أعود إليهما اليوم! سأرددها كثيرا لم أشعر بحزن طوال حياتي كخزني في هذه الفترة، ولم أشعر بأنني منكسر مفلس إلا خلال هذه الأيام.
من خلفه : نروح يا بو سعود ؟
عبدالرحمن بلع غصته دون أن يلتفت إليه : إيه
مسح على وجهه ليضغط على عينيه، اللهم أرحمنا وصبرنا.
في جهة اخرى أضطرب صوتها : حاسة فيه شي!!
ضي : بيجينا يا عبير وماراح يطول! تعرفين أنه كلام أبوك وعد
عبير : ماراح أنام لين يجي
ضي : قلت له نفس الحكي وقالي ماراح أطول . . أنا تطمنت دام قال أنه ماراح يطول وبيجي
عبير بوسواس لا ينفك عنها : أخاف صار برتيل شي
ضي : بسم الله عليها! لا إن شاء الله مو صاير لها شي دامها عند عبدالعزيز
عبير تنهدت بوجع : كم صار لي ما شفتها؟ ودي أشوفها وأرتاح، أول مرة يصير فينا كذا تمر أيام وأسابيع مانشوف بعض . . .
تعليق