موسوعة عبير الثقافية ..(مفهرسة),,

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نوران العلي
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 3156

    #71
    وعاش إسحاق

    في أرض فلسطين ورزقه الله سبحانه يعقوب عليه السلام إسرائيل والذي
    يعتبره اليهود أباهم، وكان إسحاق ويعقوب منارات للهدى بعد إبراهيم عليه السلام،
    وانظر إلى البيان القراني في إيجازه وروعته {وهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً
    جعلنا صالحين، وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات، وإقام الصلاة
    وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين} .

    ولد يعقوب عليه السلام في القرن 18 ق.م (حوالي 1750ق.م) في فلسطين، غير
    أنه هاجر على ما يظهر إلى حران الرها وهناك تزوج له أحد عشر ابناً منهم يوسف
    عليه السلام بينما ولد ابنه الثاني عشر بنيامين في أرض كنعان فلسطين وقد رجع
    يعقوب عليه السلام وأبناؤه إلى فلسطين وسكن عند سعيّر قرب الخليل،

    وقصته وقصة
    ابنه بوسف مشهورة ومفصلة في سورة يوسف من القران الكريم. وهي التي تحكي
    تامر إخوة يوسف على يوسف وإلقاءه في البئر واكتشاف قافلة له وبيعهم إياه في مصر،
    حيث شبّ هناك ودعا إلى الله وصمد أمام فتنة النساء وصبر في السجن حتى أكرمه الله
    بأن يوضع على خزائن مصر بعد تأويله الرؤيا وثبوت براءته. ثم إن يوسف استقدم
    أباه يعقوب وإخوته إلى مصر حيث رد الله البصر إلى يعقوب بعد أن ابيضت عيناه على
    فراق يوسف، كما عفا يوسف عن إخوته، وتذكر بعض الروايات أن يعقوب عاش في
    مصر 17 سنة غير أن دفن عليه السلام إلى جوار جده وأبيه إبراهيم وإسحاق في الخليل .

    ويبدو أن تلك الفترة التي عاش فيها يعقوب وأبناؤه في مصر كانت توافق حكم
    الهكسوس لمصر وهم أصلاً من غير المصريين، ويمثل حكمهم الأسرتين 15 و 16
    من الأسر التي حكمت مصر، واللتين امتد حكمهما لمصر من 1774 – 1567 ق.م .

    وعلى كل حال، يظهر أن يوسف وإخوته أبناء يعقوب إسرائيل نعموا بحرية العمل
    والعبادة في مصر وكان لهم دورهم في الدعوة إلى التوحيد، غير أن الأمر لم يستمر على
    حاله في أجيالهم المتعاقبة، فوقع بنو إسرائيل تحت الاضطهاد الفرعوني حتى أرسل الله
    موسى عليه السلام إلى فرعون لإخراج بني إسرائيل منها إلى الأرض المقدسة .

    تعليق

    • نوران العلي
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 3156

      #72

      (بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام )

      لقد كان بنو إسرائيل في تلك الفترة هم أهل الحق وحملة راية التوحيد، وكان فرعن مصر في ذلك
      الزمان متكبراً متعجرفاً يدعي الألوهية، وكان مفسداً يضطهد بني إسرائيل فيذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم
      {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين

      وقد ولد موسى عليه السلام في هذا الجو وتربى في بيت فرعون في تدبير رباني محكم، وقصة موسى
      ونشأته ودعوته لفرعون وخروجه ببني إسرائيل وهلاك فرعون أشهر من أن تروى .

      قدر الله سبحانه أن يعطي تلك الفئة المؤمنة في ذلك الزمان أرض فلسطين
      {ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين،
      ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} .

      وأرسل موسى عليه السلام إلى فرعون بهذا الأمر، يعاونه في ذلك أخوه هارون الذي بعث رسولاً أيضاً
      {وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين، حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق
      قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل

      غير أن فرعون يأبى ويتكبر ولا يؤمن بالايات والمعجزات التي جاء بها موسى، ويؤمن السحرة
      الذين حشدهم فرعون بدعوة موسى، ويسقط في يد فرعون، ويبدو أن الذين أظهروا إيمانهم
      وانضموا إلى بني إسرائيل كانوا عدداً محدوداً من أولاد وفتيان بين إسرائيل وكان إيمانهم مقروناً
      بخوف من أن يفتنهم فرعون
      {فما امن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين}.

      ثم إن موسى عليه السلام قاد من امن من قومه شرقاً فأتبعهم فرعون وجنوده، وحدثت قصة انشقاق
      البحر وإنقاذ الله سبحانه لبني إسرائيل وهلاك فرعون وجنوده

      {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم،
      وأزلفنا ثم الاخرين، وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الاخرين} .



      تعليق

      • نوران العلي
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 3156

        #73
        ونقف هنا عند بعض الاراء والروايات التاريخية التي يظهر منها أن عدد من خرج مع موسى

        من مصر كان حوالي ست الاف فقط أو خمسة عشر الفاً على بعض الروايات. أما تلك الفترة من
        الناحية التاريخية فكانت على ما يبدو خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وكان خروج بني إسرائيل
        من مصر تحديداً في حوالي الثلث الأخير من ذلك القرن. وهي فترة توافق حكم رعمسيس الثاني
        المشهور في هذا العصر برمسيس الثاني، ومن تقدير الله أن جثة هذا الفرعون معروضة في أحد
        المتاحف المصرية الان، وهذا يذكرنا بقوله سبحانه
        {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك اية، وإن كثيراً من الناس عن اياتنا لغافلون} .

        وبعد إنقاذ الله سبحانه لبني إسرائيل تبرز فصول معاناة موسى وهارون معهم،
        ويظهر من صفات
        هؤلاء ضعف الإيمان والجهل والجبن، فمن كادوا يخرجون من البحر حتى أتوا على قوم يعبدون
        أصناماً، {قولوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم الهة !!!}، ثم عندما يذهب موسى لميقات ربه يعبد
        قومه العجل رغم وجود هارون بينهم !! {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له
        خوار}، {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}، وكادوا يقتلون هارون عندما نهاهم عن كفرهم وهو
        الذي قال لأخيه موسى {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} وغيرها من المواقف .

        ثم يقود موسى بني إسرائيل باتجاه الأرض المقدسة ويقول لهم
        {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين
        ولكنهم يختارون الارتداد على أدبارهم،
        {قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا
        داخلون
        ولا ينفع فيهم النصح فيكررون، {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فأذهب
        أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون


        ويعلق سيد قطب رحمه الله على موقف بني إسرائيل هذا

        فيقول :إن جبلة يهود لتبدو هناك على حقيقتها، مكشوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجمل، إن الخطر
        ماثل قريب، ومن ثم لا يعصمهم منه حتى وعد الله لهم بأنهم أصحاب الأرض، وأن الله قد كتبها لهم،
        فهم يريدونه نصراً رخيصاً، لا ثمن فيه، ولا جهد فيه، نصراً مريحاً يتنزل عليهم تنزل المن
        والسلوى . . وهكذا يحرج الجبناء فيتوقحون، ويفزعون من الخطر أمامهم، هكذا في وقاحة العاجز لا
        تكلفه وقاحة اللسان إلا مد اللسان، {فأذهب أنت ربك!} فليس بربهم إذا كانت ربوبيته ستكلفهم
        القتال، {إنا ها هنا قاعدون}، لا نريد ملكاً، ولا نريد عزاً، ولا نريد أرض الميعاد، ودونها لقاء
        الجبارين، هذه هي نهاية المطاف بموسى عليه السلام، نهاية الجهد الجهيد، والسفر الطويل، واحتمال
        الرذالات والانحرافات والالتواءات من بين إسرائيل ! .

        ويتألم موسى عليه السلام ويلجأ إلى ربه {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي، فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين
        ويستجيب الله لنبيه {قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض

        وهكذا يحكم عليهم بالتيه بعد أن كانوا على أبواب الأرض المقدسة، ويظهر أن الله سبحانه قد حرمها
        على هذا الجيل من بني إسرائيل حتى ينشأ جيل غيره يصلب عوده في جو من خشونة الصحراء،
        فهذا الجيل أفسده الذل والاستعباد والطغيان في مصر فلم يعد يصلح لهذا الأمر الجليل .

        وتوفي موسى عليه السلام قبل أن يستطيع دخول الأرض المقدسة، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي
        هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن موسى عندما حان أجله قال رب أدنني من الأرض
        المقدسة رمية حجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لو أني عنده لأريتكم مكان قبره إلى
        جنب الطريق عند الكثيب الأحمر .

        تعليق

        • نوران العلي
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 3156

          #74

          ( دخول بني إسرائيل أرض فلسطين )

          وبعد أن نشأ جيل صلب جديد وبعد سنوات التيه قاد بني إسرائيل نبي لهم هو يوشع بن نون عليه
          السلام ويسميه اليهود يشوع وهو الذي عبر بهم نهر الأردن وانتصر على أعدائه واحتل مدينة
          أريحا، وكان عبوره نهر الأردن حوالي 1190 ق.م ثم غزا عاي بجوار رام الله، وحاول فتح
          القدس ولكنه لم يستطيع، وكان عدد اليهود قليلاً بحيث يصعب عليهم الانتشار واحتلال كافة المناطق
          والسيطرة عليها. ومما نعلمه عن يوشع من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوشع التقى
          أعداءه في معركة طالت حتى كادت الشمس تغيب فدعا الله ألا تغيب الشمس حتى تنتهي المعركة
          وينتصر فاستجاب الله لدعوته فأخر غروب الشمس حتى انتصر يوشع .

          وبعد يوشع عليه السلام تولى قيادة اليهود زعماء عرفوا بالقضاة وعرف عصرهم بعصر القضاة
          وعلى الرغم من محاولاتهم إصلاح قومهم فقد ساد عصرهم الذي دام حوالي 150 سنة، الفوضى
          والنكبات والخلافات والانحلال الخلقي والديني بين بني إسرائيل، وقد استوطنوا في تلك الفترة في
          الأراضي المرتفعة المحيطة بالقدس وفي السهول الشمالية في فلسطين .

          ولما شعر بنو إسرائيل بحالهم المتردي طلب الملأ منهم من نبي لهم (يقال ان اسمه صموئيل) أن
          يبعث عليهم ملكاً يقاتلون تحت رايته في سبيل الله، ولكن نبيهم الذي يعرف طباعهم قال لهم {هل
          عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا، قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا
          فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم {وأخبرهم نبيهم أن الله قد بعث عليهم طالوت ملكاً
          فاعترضوا بأنه أحق بالملك منه وأنه {لم يؤت سعة من المال
          فقال لهم نبيهم إن الله اصطفاه عليهم وزاده بسطة في العلم والجسم .


          وتولى القائد المؤمن طالوت الملك على بني إسرائيل، وكان ذلك حوالي سنة 1025ق.م،
          وتسميه الروايات الإسرائيلية شاؤول وتساقط أتباعه في الاختبار عندما ابتلاهم الله بنهر الأردن ومنعهم من
          الشرب منه {إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم}، ثم تساقط الكثير من القليل الذي
          بقي في الاختبار التالي عندما رأوا جالوت وجنوده فقالوا {لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده}، ولم
          تثبت في النهاية إلا ثلة قليلة مؤمنة أعطاها الله سبحانه النصر وقتل داود عليه السلام – وكان فتى
          في هذه المعركة جالوت بالمقلاع .


          ولا نعرف بعد ذلك ما حصل يقيناً لطالوت، غير أن الروايات الإسرائيلية تذكر أنه في سنة 1004
          ق.م تقريباً استطاع الفلسطينيون الانتصار على طالوت شاؤول في معركة جلبوع وأنهم قتلوا ثلاثة من
          أبنائه وأكرهوا على الانتحار وقطعوا رأسه وسمّروا جسده وأجساد أولاده على سور مدينة بيت شان بيسان .


          تعليق

          • نوران العلي
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 3156

            #75

            ( داود عليه السلام )

            وينفتح فصل جديد في تاريخ بين إسرائيل وفي انتشار وسيطرة دعوة التوحيد على الأرض المباركة
            وذلك بتولي داود عليه السلام الملك بعد طالوت سنة 1004 ق.م، ويعتبر داود عليه السلام
            المؤسس الحقيقي لمملكة بني إسرائيل في فلسطين، فقد قضى اليهود الفترة التي سبقت داود دون أن
            يملكوا سوى سلطان ضئيل في أجزاء محدودة من فلسطين ودون أن يستطيعوا أن يكونوا سادتها،
            ومضى جميع عصر القضاة في القتال الجزئي بجماعات صغيرة وذلك بأن تدافع كل جماعة (قبيلة)
            بمشقة عن قطعة الأرض التي استولت عليها .

            ولد داود عليه السلام في بيت لحم، واستمر حكمه أربعين عاماً تقريباً (1004-963 ق.م)
            وكانت عاصمة حكمه في البداية مدينة الخليل حيث مكث فيها سبع سنوات، ثم إنه فتح القدس حوالي
            سنة 995 ق.م فنقل عاصمته إليها. واصل حربه ضد الأقوام الكافرة في الأرض المقدسة حتى
            تمكن من إخضاعهم سنة 990 ق.م تقريباً،
            وأجبر دمشق على دفع الخراج وأخضع المؤابيين والأيدوميين والعمونيين،

            وهكذا سيطر أتباع التوحيد – في ذلك الزمان – لأول مرة – فيما نعلم –
            على معظم أنحاء فلسطين، غير أنه حدود مملكة داود عليه السلام في أغلب الظن لم تلامس البحر إلا
            من مكان قريب من يويا (يافا)، ويبدو أن حدود المملكة الإسرائيلية في أوجها كانت مئة وعشرين
            ميلاً في أطول أطوالا وستين ميلاً في أعرض عرضها وأقل من ذلك بكثير في أغلب الأحيان، أي أن
            مساحتها لم تزد عن 7200 ميل مربع أي حوالي 20 ألف كم2، وهذا أقل من مساحة فلسطين
            الحالية بحوالي سبعة الاف كم2. لقد سيطر اليهود على المناطق المرتفعة لكنهم أخفقوا في السيطرة
            على السهول وخصوصاً أجزاء كبيرة من الساحل الفلسطيني، وهي أجزاء لم تتم لدولتهم السيطرة
            عليها إطلاقاً طوال قيامها .

            وإذا كان يهود هذا الزمان يفاخرون بداود عليه السلام ويعتبرون أنفسهم حاملي لوائه وميراثه، فإن
            المسلمين يعتبرون أنفسهم أحق بداود من بني إسرائيل، وهم يؤمنون به نبياً من أنبياء الله ويحبونه ويكرمونه،
            ويفاخرون به لأنه أنشأ دولة الإيمان القائمة على التوحيد في فلسطين وهم السائرون على دربه
            الحاملون لرايته في هذا الزمان بعد أن نكص عنها بنو إسرائيل وكفروا وأشركوا ونقضوا عهودهم مع الله .

            ونعلم من القران الكريم أن الله سبحانه قد رزق داود عليه السلام العلم والحكمة، وأنزل عليه الزبور،
            وأنه أوتي ملكاً قوياً، وأن الجبال والطيور كانت تسبح معه وتذكر الله عندما كان يتلو مزاميره بصوته
            الخاشع المؤثر،
            {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب، إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق،
            والطير محشورة كل له أواب، وشددنا ملكه واتيناه الحكمة وفصل الخطاب
            وقوله تعالى :
            {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله . .}.

            وألان الله سبحانه وتعالى لداود الحديد فكان بين يديه كالشمع أو كالعجين يشكله كيف شاء دون حاجة
            لصهره في النار وهذه معجزة أعطاها الله لداود، وكان داود رغم ما أوتي من ملك يعمل بالحدادة ولا
            يأكل إلا من عمل يده، وقد طور داود صناعة الدروع في زمانه فبعد أن كان الدرع صفيحة واحدة تثقل
            حاملها وتعيق حركته هداه الله إلى أن تكن حلقاً متداخلة تسهل الحركة لا تنفذ منها السهام. . .

            {وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم، فهل أنتم شاكرون
            وقوله تعالى {ولقد أتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنّا له الحديد،
            أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير}.


            تعليق

            • نوران العلي
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 3156

              #76

              ( سليمان عليه السلام )


              ورث سليمان عليه السلام أباه داود في العلم والحكم والنبوة، وتشير الروايات إلى أن سليمان كان
              واحداً من 19 أبناً لداود، وأن سليمان ولد في القدس، وأن حكمه في الأرض المباركة استمر حوالي
              أربعين عاماً (963-923ق.م) .

              وقد وهب الله سبحانه سليمان ملكاً لا يحصل لأحد بعده فقد سخر الله له الجن لخدمته كما سخر له
              الريح تجري بأمره، واشتهر سليمان بحكمته وعدله وقوة سلطانه، كما علمه الله لغة الطير والحيوانات .

              لقد كان ملك سليمان بحد ذاته معجزة ربانية أعطاها الله له دلالة على نبوته، وقد نعمت فلسطين بهذا
              الحكم الإيماني المعجزة الذي تدعمه قوى الجن والإنس والطير والريح، وكرم الله سليمان بمعجزة
              إسالة النحاس له حتى كان يجري كأنه عين ماء متدفقة من الأرض، وشهدت مملكة سليمان حركة
              بناء وعمران ضخمة، كما امتد نفوذه ليصل مملكة سبأ في اليمن .

              ولقد جاء ذكر سليمان مرات عديدة في القران الكريم مشيراً إلى عمله وملكه ونبوته، قال تعالى محدثاً
              عن سليمان {قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب، فسخرنا له
              الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص، واخرين مقرنين في الأصفاد،
              هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب، وإن له عندنا لزلفى وحسن ماب} .

              قال تعالى {ورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا
              لهو الفضل المبين، وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون

              وقال تعالى {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل
              بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب
              وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا ال داود شكراً وقليل من عبادي الشكور

              وقال تعالى {ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء
              عالمين، ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين}.

              أما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستشف منه أن سليمان كان ذا قوة بدينة هائلة وأنه
              كان محباً للجهاد في سبيل الله، وأنه كان له زوجات كثيرات، فعن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله
              صلى الله عليه وسلم قال ::قال سليمان، لأطوفن الليلة على تسعين، وفي رواية: بمائة امرأة، كلهن
              تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسي فطاف عليهن، فلم
              تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال:
              إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون .

              وكانت وفاة سليمان عليه السلام اية من ايات الله ودرساً من الدروس للإنس والجن بأن الجن لا
              يعلمون الغيب، إذ أن سليمان عليه السلام وقف يصلي في المحراب وهو متكؤ على عصاه فمات وهو
              كذلك ومكث فترة طويلة والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة دون أن تدري بموته حتى أكلت
              الأرضة عصاه فسقط على الأرض،

              قال تعالى {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا داب الأرض
              تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} .



              تعليق

              • نوران العلي
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 3156

                #77
                مملكتا إسرائيل ويهوذا


                استمر حكم داود وسليمان حوالي ثماني عاماً وهو العصر الذهبي الذي حكمت فيه
                فلسطين تحت راية
                التوحيد والإيمان قبل الفتح الإسلامي لها .


                ( اليهود بعد دولة سليمان عليه السلام )

                وبعد وفاة سليمان انقسمت مملكته إلى قسمين شكّلا دولتين منفصلتين متعاديتين في كثير من
                الأحيان، وعانتا من الفساد الداخلي والضعف العسكري والسياسي والنفوذ الخارجي، فعند وفاة
                سليمان اجتمع ممثلو قبائل بني إسرائيل الأثنتي عشرة في شكيم قرب نابلس لمبايعة رحبعام بن
                سليمان، ولكن ممثلي عشر قبائل اتفقوا على عدم مبايعته لأنه لم يعدهم – حسب الروايات –
                بتخفيف الضرائب، وانتخبوا بدلاً منه يربعام من قبيلة أفرايم ملكاً وأطلقوا اسم إسرائيل على مملكتهم
                وعاصمتهم شكيم (ثم ترزة ثم السامرة)، أما قبيلتا يهوذا وبنيامين فقد حافظتا على ولائهما لرحبعام
                بن سليمان وكونتا تحت حكمه مملكة يهودا وعاصمتها القدس .

                أما مملكة إسرائيل فقد استمرت خلال الفترة 923 – 721 ق.م، وقد سمتها دائرة المعارف
                البريطانية ازدراء المملكة الذيلية، وقد خسرت بسبب غزة الدمشقيين كل الأراضي الواقعة شرقي
                الأردن وشمال اليرموك، كان عمري أشهر ملوك مملكة إسرائيل 885 –874 ق.م بنى السامرة
                وجعلها عاصمته، أما خليفته اخاب 874-852 ق.م فقد سمح لزوجته إيزابل بنت ملك صيدا
                وصور بفرض عبادة الإله الفينيقي بعل مما أدى إلى ثورة قام بها أحد الضباط واسمه ياهو أطاحت
                باخاب وأعاد عبادة يهوه. وفي عهد يربعام الثاني 785-74ق.م وهو الثالث من سلالة ياهو
                توسعت مملكته شمالاً على حساب الأراميين، لكن ذلك لم يستمر طويلاً إذ أدى ظهور الملك الاشوري
                تجلات بلسر الثالث 745-727 ق.م إلى الحد من هذا التوسع، وقام خليفته شلمنصر الخامس،
                ومن بعده سرجون الثاني بتأديب هوشع اخر ملوك إسرائيل وقضى على دولته سنة 721 ق.م،
                وقام الاشوريون بنقل سكان إسرائيل إلى حران والخابور وكردستان وفارس وأحلوا مكانهم جماعات
                من الاراميين، ويظهر أن المنفيين الإسرائيليين اندمجوا تماماً في الشعوب المجاورة لهم في المنفى
                فلم يبق بعد ذلك أثر للأسباط العشرة من بين إسرائيل .

                أما مملكة يهودا 923 – 586 ق.م فحسب الروايات الإسرائيلية (وهي تؤخذ بتفحص وحذر،
                حيث لا يوجد بين أيدينا ما ينفي أو يثبت الكثير مما فيها) فقد انتشرت في حكم يربعام بن سليمان
                923 – 916 ق.م العبادة الوثنية وفسدت أخلاق القوم بشيوع اللواط، وعندما خلفه ابنه أبيام
                913 ق.م بقيت الأخلاق فاسدة، وعندما حكم يهورام بن يهوشفاط 849-842 ق.م أخوته
                الستة مع جماعة من رؤساء القوم، أما يوحاز بن يوتام 735-715ق.م فيذكر أنه علق قلبه بحب
                الأوثان حتى إنه ضحى بأولاده على مذابح الالهة الوثنية وأطلق لنفسه عنان الشهوات والشرور،
                وأضل منسي بن حزقيا الذي حكم 687-642 ق.م قومه عن عبادة الله وأقام معابد وثنية .

                تعليق

                • نوران العلي
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 3156

                  #78
                  ولسنا نستغرب هذا عن بني إسرائيل فتلك أخلاقهم مع موسى عليه السلام تشهد بذلك،

                  كما أن القران الكريم يشير إلى أنهم غيروا وبدلوا وحرفوا كلام الله وقتلوا الأنبياء
                  {لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلاً كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون

                  ويحدثنا التاريخ
                  أنهم قتلوا النبي حزقيال حيث قتله قاض من قضاتهم لأنه نهاه عن منكرات فعلها، وأن الملك
                  منسى بن خرقيا قتل النبي أشعيا بن أموص إذ أمر بنشره على جذع شجرة لأنه نصحه وعظه، وأن
                  اليهود قتلوا النبي أرميا رجماً بالحجارة لأنه وبخهم على منكرات فعلوها .

                  ويظهر أن مملكة يهوذا قد اعترتها عوامل الضعف والوقوع تحت النفوذ الخارجي فترات طويلة، فقد
                  هوجمت مرات عديدة وهزمت ودخل المهاجمون القدس نفسها، كما فعل شيشق فرعون مصر عندما
                  دخل القدس واستولى على ما فيها (أواخر القرن 10 ق.م)، وهاجم الفلسطينيون والعرب القدس
                  في عهد يهورام 849 – 842 ق.م فدخلوها واستولوا على قصر يهورام وسبوا بنيه ونساءه،

                  أما الملك حزقيا 715 –687 ق.م فقد اضطر لإعلان خضوعه التام لملك الاشوريين سرجون
                  الثاني بعد أن أسقط مملكة إسرائيل، ودفع منسي بن حزقيا الجزية لأسرحدون واشور بانيبال ملكي
                  اشور، وقد قيد الاشوريون هذا الملك بسلاسل من نحاس وذهبوا به إلى بابل ثم عاد للقدس وبها
                  مات، وأيام حكم يوشيا بن امون 640 – 609 ق.م تقدم نخاو بعد أن حكم ثلاثة أشهر، وأرسله
                  لمصر أسيراً حيث مات هناك، وضع مكانه يهوياقيم بن يوشيا 609-598 ق.م وقد أرهق هذا
                  الحاكم الشعب بالضرائب ليدفع الجزية لسيده المصري ورجع إلى عبادة الأوثان، وفي أيام يهوياقيم

                  هزم بختنصر البابلي نخاو المصري شمال سوريا سنة 605 ق.م وزحف إلى أن وصل للقدس
                  وأخضع يهوياقيم وأذله وأدخل البلد تحت نفوذه، ولما ثار يهوياقيم على بختنصر دخل الأخير وجيشه
                  القدس وقيد يهوياقيم بسلاسل من نحاس حيث مات بعد مدة .

                  وعندما حكم يهوياكين 598-597 ق.م حاصر بنوخذ نصر بختنصر القدس وأخذ الملك مع عائلته
                  ورؤساء اليهود وحوالي عشرة الاف من سكانها (فيما يعرف بالسبي الأول) وبعض خزائن الهيكل
                  إلى بابل، ثم إن بختنصر عيّن صدقيا بن يوشيا 597-586 ق.م حيث أقسم له يمين الولاء، غير
                  أن صدقيا في اخر حكمه ثار على البابليين الذين ما لبثوا أن زحفوا للقدس وحاصروها 18 شهراً حتى أسقطوها،

                  وأخذ صدقيا أسيراً وربط بالسلاسل من نحاس وسيق إلى بابل، حيث يذكر أنه قتل أبناؤه أمامه
                  وسملت عيونه، وخرب نبوخذ نصر القدس ودمر الهيكل ونهب الخزائن والثروات، وجمع حوالي 40 ألفاً
                  من اليهود وسباهم إلى بابل السبي البابلي الثاني وهاجر من بقي من يهود إلى مصر ومنهم النبي
                  إرمياه، وبذلك سقطت مملكة يهودا 586 ق.م .

                  ويسجل التلمود أن سقوط دولة اليهود وتدميرها لم يكن إلا عندما بلغت ذنوب بين إسرائيل مبلغها
                  وفاقت حدود ما يطيقه الإله العظيم، وعندما رفضوا أن ينصتوا لكلمات وتحذيرات إرمياه وبعد تدمير
                  الهيكل وجه النبي إرمياه كلامه إلى نبوخذ نصر والكلدانيين قائلاً: لا تظن أنك بقوتك وحدها استطعت
                  أن تتغلب على شعب الله المختار، إنها ذنوبهم الفاجرة التي ساقتهم إلى هذا العذاب .

                  وتشير التوارة إلى اثام بين إسرائيل التي استحقوا بسببها سقوط مملكتهم، فتذكر على لسان أشعيا
                  أحد أنبيائهم ويل للأمة الخاطئة، الشعب الثقيل الاثم، نسل فاعلي الشر، أولاد مفسدين تركوا الرب،
                  استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى وراء سفر أشعيا – الإصحاح الأول، وتقول التوراة والأرض
                  تدنست تحت سكانها لأنهم تعدوا الشرائع، غيروا الفريضة، نكثوا العهد الأبدي سفر أشعيا –
                  الإصحاح 24 .

                  تعليق

                  • نوران العلي
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 3156

                    #79
                    تداول الهيمنة الفارسية والإغريقية والرومانية على فلسطين

                    عاش اليهود بعد سقوط ملكهم في فلسطين مرحلة السبي البابلي في العراق، وهي الفترة التي يظهر
                    أنهم بدأوا فيها بتدوين التوراة، أي بعد ما لا يقل عن سبعمائة سنة من ظهور موسى عليه السلام،
                    ولم ينتهوا من تدوينها إلا أواخر القرن الثاني ق.م (بعد أكثر من أربعمائة سنة) وخلال هذه الفترة
                    كان اليهود قد تركوا الالتزام بدينهم وقلدوا الدول التي يعيشون فيها بعبادة الأوثان .

                    ولاحت الفرصة لليهود للعودة مرة أخرى إلى فلسطين عندما أسقط الإمبراطور الفارسي قورش الثاني
                    الدولة البابلية الكلدانية 539 ق.م بمساعدة يهودية، وانتصر على ميديا، ومد نفوذه إلى فلسطين
                    التي دخلت في عصر السيطرة الفارسية 539 - 332 ق.م فقد سمح قورش بعودة اليهود إلى
                    فلسطين كما سمح لهم بإعادة بناء الهيكل في القدس، غير أن القليل من اليهود انتهزوا الفرصة لأن
                    الكثير من السبي أعجبتهم الأرض الجديدة، ولكن القلة المتشددة التي عارضت الاندماج حفظت بني
                    إسرائيل من الاندثار، ويذكر أحد المؤرخين أن عدد الراجعين كانوا 42 ألفاً وهم أقلية بالنسبة للعدد الحقيقي.
                    وقام هؤلاء اليهود ببناء الهيكل حيث اكتمل بناؤه في 515 ق.م. وفي منطقة القدس تمتع القدس
                    بنوع من الاستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسية، وهو حكم لم يكن يتجاوز نصف قطره عشرين كيلومتراً في أي اتجاه .

                    وفي سنة 332 ق.م احتل الإسكندر المقدوني فلسطين في إطار حملته الشهيرة التي احتل خلالها
                    بلاد الشام ومصر والعراق وإيران وأجزاء من الهند. وقد ترك الاسكندر اليهود دون أن يمسهم، ومنذ
                    ذلك التاريخ دخلت فلسطين في عصر السيطرة الهللينية الإغريقية الذي استمر حتى سنة 63 ق.م .

                    وبعد موت الإسكندر نشب نزاع بين قادته أدى إلى توزيع مملكته بينهم فكانت فلسطين (وباقي سوريا
                    المحوفة من جنوب اللاذقية ولبنان وأجزاء من سوريا كدمشق ومصر وبرقة (ليبيا) وبعض جزر
                    البحر الإيجي من نصيب القائد بطليموس، وسمي حكمه وحكم خلفائه من بعده بعصر البطالمة وقد
                    استمر في فلسطين من 302 – 198ق.م، وقد عطف البطالمة على اليهود الذين كان يدير
                    شؤونهم الكاهن الأكبر. ثم إن السلوقيين (الذين كان نصيبهم بعد وفاة الإسكندر سوريا الشمالية
                    واسيا الصغرى والرافدين والهضبة الإيرانية) استطاعوا السيطرة على فلسطين إثر معركة بانيون
                    التي حقق فيها الملك السلوقي انطيوخس الثالث نصراً كاملاً على البطالمة، وقد استمرت سيطرة
                    السلوقيين على فلسطين حتى 63 ق.م .

                    تعليق

                    • نوران العلي
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 3156

                      #80
                      وقد حاول السلوقيون صبغ اليهود بالصبغة الهللينية الإغريقية، فحاول انطيوخس الرابع صرف
                      اليهود عن دينهم وأرسل سنة 167 ق.م أحد قادته وكلفه إلغاء الطقوس الدينية اليهودية
                      والاستعاضة بالإله زيوس الأوليمبي عن الإله يهوه، وعيّن لهم كاهناً إغريقياً وثنياً في القدس، وحرّم
                      الختان واقتناء الأسفار المقدسة وأوجب أكل لحم الخنزير، وبموجب هذه الأوامر انقسم اليهود إلى
                      قسمين:
                      قسم انصر عن الشريعة مقتنعاً أو مكرهاً وهم المتهلنونأو المتأغرقون وأقاموا في القدس والمدن
                      الإغريقية وقسم اخر أقل عدداً هربوا من القدس وأطلق عليهم أسم حزب القديسيين .

                      وبشكل عام تأثر اليهود بالإغريقية فحلت الارامية محل العبرية وأصبحت اليونانية لغة الطبقة
                      المثقفة، ونشأ في اليهود جماعة تناصر اليونانيين تمكنوا من الوصول للحكم بقيادة كبير الكهنة جيسون .

                      أما الذين هربوا من القدس حزب القديسيين فقد اعتمدوا لقيادتهم متاثياس (متابيبه) كبير عائلة
                      الأشمونيين والذي مات بعد فترة قصيرة، فخلفه ابنه يهوذا الملقب المكابي أي المطرقة، وقد ثار على
                      السلوقيين وانتصر عليهم أكثر من مرة 166 –165 ق.م وانضم إليه قسم كبير من المترددين
                      اليهود، وهذا دفع انطيوخس الرابع لإيقاف اضطهاد اليهود فسمح لهم بممارسة دينهم جنباً إلى جنب
                      مع أنصار التأغرق. وعاد المكابيون إلى القدس في 25 كانون ثاني/ يناير 164 ق.م وما زال
                      اليهود يحتفلون بهذه المناسبة تحت اسم عيد الأنوار حانوكا .

                      تأسس لليهود بعد ذلك حكم ذاتي في القدس أخذ يتسع أو يضيق وتزداد مظاهر استقلاله أو تضعف
                      حسب صراع القوى الكبرى على فلسطين (الرومان – البطالمة – السلوقيين . .)، وأصبح الحكم
                      وراثياً في ذرية يهودا المكابي، وقد حكم المكابيون ككبار كهنة وسرعان ما سموا أنفسهم ملوكاً رغم
                      أنهم كانوا تابعين ويدفعون الخراج للسلوقيين. وفي سنة 143 ق.م أعفى الإمبراطور ديمتروس
                      الثاني اليهود من الضرائب، وأعطى لقب حاكم لسيمون واتفق اليهود على اعتباره ملكهم وبذلك
                      تأسس حكم ملكي اعترف به السلوقيون الذين أعطوا سيمون أيضاً حق صك النقود .

                      وفي عهد الملك اليهودي الكسندر جانيوس 103-76ق.م شمل حكمه شرق الأردن الذي سماه
                      اليهود بيريا وتوغل إلى الساحل أيضاً وكادت حدود مملكته تلامس حدود مملكة سليمان. وقد حكمت
                      بعده أرملته سالوم الكسندرا حتى 67 ق.م، ثم تخاصم أبناها على الحكم وتدخل العرب الأنباط في
                      مساعدة هيركانوس الثاني ضد أخيه أريستوبولوس. وفي سنة 63 ق.م قضى القائد الروماني
                      الشهير بومبي على الدويلة اليهودية، ونصّب هيركانوس الثاني كبيراً للكهنة، وحطم أسوار القدس،
                      وبتر الأجزاء الأخرى من أيدي اليهود، وأبقى على استمرار الأسرة المكابية في ظل الرومان .

                      وفي الفترة 47-40 ق.م دخلت المستعمرة تحت سيطرة حاكم أيدومية انتى بيتر وفي 40 ق.م
                      هاجم الفرس فلسطين ونصبوا أنتي جونوس أخو هركانوس الثاني حاكماً وكبيراً للكهنة، استمر حكم
                      أنتي جونوس ثلاث سنوات وكان هو اخر حكام الأسرة المكابية، وفي سنة 37 ق.م انتصر الرومان
                      على الفرس. واستعادوا السيطرة على فلسطين ونصبوا هيرودس ابن أنتي بيتر حاكماً، ورغم أن
                      هيرودس قد تهوّد وحاول استرضاء اليهود إلا أنه كان مبغوضاً من قبلهم، وكان هو بشكل عام طاغية
                      ظالماً شديد الولاء للرومان. وقد قام بتجديد الهيكل فضاعف مساحته ورفع سطحه وجعله على جانب
                      عظيم من الإتقان والهندسة .


                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...