رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *مزون شمر*
    عضو مؤسس
    • Nov 2006
    • 18994

    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

    رائد بحدة نظراته : إللي يلمسني يلمس نار بجحيمها! وشكلك بتلحق أبوك
    ناصر إلتفت ليوجه السلاح ناحية رائد ولكن يد سلطان من خلفه سحبته بقوة، بدأوا رجال رائد بالتدخل جميعهم وهم يحاصرونهم بالأسلحة الموجهة إليهم، أمام تهديد رائد بعبدالعزيز لم يكن بين يدي سلطان أي حيلة، رمى السلاح في كف الرجل الذي أمامه.
    رائد : ماهو أنا اللي بذبحك! هم بنفسهم راح يذبحونك، . . . عاد لكرسيه وبسخرية . . أول نكمل الفيلم لين نوصل لهذا المشهد عشان يكون الكل على بينة
    عبدالعزيز رفع عينه للسقف وهو يحاول أن يمتص غضبه متجاهلا جروح وجهه : بيجي وقت راح أعرف كيف أنتقم منكم!! ووقتها مافيه شي بيردني
    عبدالرحمن أعطاهم ظهره وهو يرفس بقدمه الأريكة، كل شيء يقع من بين أيدهم حتى الثقة من ناصر و عبدالعزيز سقطت ولا يمكنها العودة بسهولة.
    ناصر حاول أن يتقدم إلى عبدالعزيز ولكن فوهة السلاح ألتصقت برأسه. رائد : خلونا حلوين مانبي إشتباكات بينكم لين ننهي من سرد القصة والمسرحية مدري الفيلم كامل . . ماشاء الله أحترت وش أسميها! قصة ولا فيلم ولا أيش بالضبط! إن جينا للتمثيل أبدعتوا وإن جينا للحوار بعد أبدعتوا وإن جينا للإخراج رايتكم بيضا ما خليتوا بذرة شك في قلوب ناصر وعبدالعزيز . . . وصلنا لعند وليد وغادة، عشان ما نظلم حقهم وقتها عرف سلطان وبوسعود أنه اللي مع غادة ماهي أمها الحقيقة، لأن أمها ماتت بالحادث، وهذا الشي من تدبير مقرن! عاد الله أعلم إذا مقرن يتصرف بكل هذا من فيصل بس! يعني ما نشكك بمقرن كثير لكن كان يقدر يقول عن أمها دام قدر يقول عن غادة لهم! لكن المصيبة تدخل شخص ثاني! هذا الشخص أشتغل وياكم وحافظكم اللي هو عبدالمجيد، تقاعد بعد سلطان العيد بفترة وهو اللي أبعد فيصل عن خطأه اللي ارتكبه بحقك يا ناصر أنت وعبدالعزيز و ذبح غادة بعيونكم و عرفها على وليد ووصلها لكل هذا، يوم أبعد فيصل تدخل عبدالمجيد بأمور مقرن وضغط عليه وهذا الشي ما قبله حبيبي سليمان وخلاه يذبح مقرن، الصفة المشتركة بيني وبين سليمان إننا نذبح من يغدرنا! وهذا الشي ينطبق على كل من واجهناه بحياتنا الله يسلمكم، راح مقرن وبقيتوا أنتم تدورون وتحوسون وتقولون مين ذبح مقرن ومين تدخل بشغلنا ومين زرع زياد بيننا ومين تعرض لمنصور ولد عبدالله قبل سنة، ومين ومين؟ وكل الإجابات هي سليمان! اللي ساعدني بدون لا يحس ويدري، حتى فهد اللي جا متأخر قدر يلعب في مخكم! . . بسخرية . . طبعا قلتوا وش ذا الصدفة إسمه فهد بعد؟ لا يكون هو اللي أنذبح؟ وأكيد أنلعب على مخكم كالعادة! . . لكن خابت توقعاتكم لما عرفتوا أنه هذا الفهد تابع لسليمان وماله علاقة باللي صار قبل سنة، المهم ماعلينا لو بعدد الحالات اللي أنضحك فيها عليكم بتعب! . . إلا ما قلتوا لي ما سألتوا نفسكم مين طلع الجثث وحضرها؟ حي الذكاء اللي في سليمان اللي تتهمونه بضعفه لكن مقدرتوا توصلون لذكاءه عشان تكشفونه! بعد الحادث مباشرة لما أكتشفوا حياة سلطان وغادة، قالوا هذا الشي ما حسبنا حسابه، وعلى طول دخلوا للجثث اللي في ثلاجة الموتى! وبسهولة طلعوا شهادة وفاة للجميع وبسهولة لما أكتشفوا أنه مافيه جثة يقدرون يحطونها بدال سلطان العيد لكن لقوا جثة بدل غادة، جابوا سلطان العيد بنفسه وشالوا الأجهزة منه وحطوه قدامك يا عبدالعزيز! تذكر لما جيته؟ شفته بعيونك وكان يعتبر حي، وبعدها مباشرة بكم يوم توفى! وأندفن بداله شخص ثاني! وصليت على شخص ثاني بعد!! هذا كل اللي صار بعد الحادث مباشرة، وكان من تخطيط سليمان اللي أستعمل فيصل ومقرن و كان بمعرفة واضحة من عبدالمجيد اللي يعرف الحادثة من بدايتها إلى نهايتها لكن خبى حتى على أصدقاءه! وحاول يتصرف من كيفه لكن ما نجح بأنه يوقف شي واحد رغم إنه عنده كل الأدلة بإدانتنا لكن مستحيل يملك الجرأة بأنه يضربنا لأن يدري وش راح يجيه!
    سلطان بإبتسامة مستفزة : صحيح! عبدالمجيد ما يملك الشجاعة بأنه يضربكم بأدلته! برافو والله، تفتخر وأنت تسرد القصة بتفاصيلها رغم إنك مخدوع فيها مثل ما إحنا مخدوعين
    رائد بإبتسامة تشبه إبتسامة سلطان : هذا أنا خذيت حقي والدليل سليمان قدامي ومربوط وبينذبح بعد! لكن أنتم وش خذيتوا؟ خذيتوا خيانة من مقرن وعبدالمجيد و خذيتوا غضب من ناصر و عبدالعزيز و جازيتوا كل اللي حولكم بالغدر! ما دافعتوا عن مقرن ولا فهمتوه وما دافعتوا عن عبدالعزيز ولا أحد!! أنا صادق ولا؟
    عبدالرحمن بإتزان : خلصت حكيك؟ وصلت للي تبيه ولا باقي شي ما بعد قلته؟
    رائد بضحكة : لا أبد كل التفاصيل ذكرتها ولله الحمد . . بس خلنا بعد نزيد من إدراك عبدالعزيز شوي ونسأله كانه يدري عن صالح العيد؟ ولد عم أبوه؟
    عبدالرحمن بغضب : رائد
    رائد بسخرية : ضربنا الوتر الحساس شكلنا! . . يا شقاك يا عبدالعزيز حتى أبوك ما قالك حقيقة أهله!! وش هالدنيا اللي تلعب بالبني ادم بس!
    أردف بتنهيدة : صالح العيد كان شريكي وأبوك تبرا منه تصور ولا حتى ساعده عشان كذا لجأ لي لكن بعد أبوك أعماه حقده وذبح ولد عمه بنفسه
    عبدالرحمن : مين ذبح صالح؟ ما كأنه مات متسمم وبإيدك بعد؟
    رائد بإنكار : أبدا ولا قربت منه، اللي ذبحه ولد عمه ما يحب أحد ينافسه، مشكلة سلطان العيد كان أناني في كل حياته ولما جاء وقت يختار فيه أختار سلطان بن بدر عليكم كلكم لأنه كان يصدر أنانيته لسلطان، وما حب احد ياخذ هالمنصب منكم عشان كذا عصب بو منصور وقدم على التقاعد!
    سلطان بسخرية من قهره الذي يصاب به : تكذب الكذبة وتصدقها!!
    رائد بإبتسامة : قولنا كيف ترشحت لهالمنصب وفيه اللي أولى منك؟ مو كان بواسطة قوية من سلطان العيد اللي تقاعد وهو مسلمك زمام الأمور بكبرها ومتجاهل الكل!!
    عبدالرحمن : ترشيح سلطان جاء بموافقتنا كلنا لعلمك ولا تحاول تزرع الفتنة بيننا لأنك تبطي!
    رائد : أي موافقة هذي اللي خلتكم تتهاوشون قدام الموظفين وصارت مشكلة بينكم وبين سلطان العيد؟ مو كانت عشان سلطان وأنه ما يستحق هالمنصب وأنه توه صغير وغير مؤهل؟
    سلطان بهدوء مستفز : إيه صح عليك! بس لأن اللي في مخك درج، ما تفهم وش سبب الهوشة صح فعشان كذا تقول دام مافهمتها لازم أخترع لها سبب بمزاجي! محد تقبل وجودي بالبداية بهالمنصب لكن ماهو عشانهم ضدي! هم ضد خبرتي القصيرة، لكن بالنهاية وقفوا معي وبو منصور ما تقاعد بعد تسليمي للمنصب، أشتغل معاي إلى أن أختار طريق التجارة وتقاعد بعدها، وصالح العيد أنا بنفسي تسلمت ملفه وكان متسمم! لأن عرفت أنه راح ينقلب عليك ويروح لولد عمه لأنه بالنهاية الدم واحد والعرق يحن! ولما جاك صالح العيد كان سلطان الله يرحمه يحاول بكل جهده إنه يوقفه عن العفن اللي يجي من وراك! لكن كان إختياره ومقدر يخضعه وهو رجال يملك حق القرار، وأضطر يحاربه لأن ما ألتفت لإسمه ألتفت لوطنه.
    رائد بهدوء : والله عاد محد بيصدق هالحكي غيركم لأن ماشاء الله عندكم تاريخ مشرف بالكذب وبالأفلام!!
    ناصر نظر بصورة أوقعت الشك في نفس رائد : رجعوه!!
    عبدالرحمن بحدة أنفجر بوجهه : قلت راح تطلعهم بمجرد ما نجي! خلنا على إتفاقنا
    رائد ينظر إلى ناصر : رجعه . . . قيد الرجل أيدي ناصر بكفيه ليأخذه للمكان الذي كان فيه هو وعبدالعزيز .
    رائد وقف بتنهيدة : وأنا غيرت إتفاقي! وبمزاجي . . . . . مسك هاتفه ليقرأ الرسالة التي تأتيه في هذه الأثناء، رفع عيناه بإتجاه عبدالرحمن : تبيني أقولك الأخبار ولا بدري عليها؟ أخاف يرتفع ضغطك ونبتلش!!
    عبدالرحمن لا تركع نظراته بأي رجاء لرائد، مازال شامخا رغم هذه الهزات التي تصيبه ومازال يحاول أن يحافظ على هدوء أمام إضطراب الإستفزاز الذي تحت قدميه ومازال يفكر بإتمام الخطة نفسها رغم كل شيء يحصل الان.
    رائد : بنتك . . كنا بنجيبها لك لكن للأسف رجالك أجبرونا نطلق الرصاص عليها
    رفع عينه عبدالعزيز وهو يمسح باطن كفه بقميصه، لم ترمش أبدا وهو يسمع رائد ينطق ببطء شديد حتى يستفزهم أكثر : بنتك رتيل!
    عبدالرحمن كرر بصوت خافت حتى يصبره الله على هذه المصيبة : لا إله الا الله . . لا إله لا الله . . لا إله الا الله
    سلطان : أنت اللي بديتها وترحم على ولدك!!
    أنفجر رائد بضحكة طويلة : عفوا؟ أترحم على مين؟ وش هالتأخر المخي اللي في راسكم!!
    سلطان : طول السنين اللي فاتت ما تعرضنا لأهلك ولا حاولنا ندخل ناس مالهم ذنب بهالمشاكل! في وقت كنت تتعرض لنا بأهلنا وتلوي ذراعنا فيهم! وصبرنا وقلنا مهما صار مالنا ندخل بناس ذنبهم إنهم يرتبطون بإسمك لكن هالمرة أنت ما عطيتنا أي خيار!!
    رائد بسخرية : يطلق عليكم الحين . . مثيرين للشفقة بإمتياز! . . ولدي مات يا حبيبي، لكن دمه مايروح هدر، الكل بيدفع ثمن أغلاطه معي والكل بيدفع ثمن حزني على ولدي!! وكانت بدايتها بنتك وبيجيك الدور يا سلطان!!
    سلطان : مات؟ والله أنت اللي عندك تأخر مخي!
    عبدالرحمن لم تحمله قدماه، جلس وهو يضغط بأصابعه على الأريكة.
    يالله خذ مني الإحساس إن صابها الوجع والألم، يالله أذبح بي الشعور في الوقت الذي تمرض بها إبنتي ولا تجعل الحزن يتحشرج بي ويبقي روحي في المنتصف، لا أحيا ولا أموت، هذا الشعور الذي يجيئني كلما غادرني من أحب، يارب أرزقني الصبر وساعدني وأرفع عني هذا البلاء الذي يشطر ظهري وقلبي معا.
    عبدالعزيز أخذ نفس عميق، أنتهى برؤية فارس و عبدالمجيد، رائد وضع يده على الطاولة قبل أن تضعفه قواه المشتتة، يحاول أن يصدق ما تراه عيناه، تجمدت عيناه وتجمد ماء محاجره مع نظراته الضائعة في ملامح إبنه.
    هل ما أراه حقيقة أم من فرط الخيال، لو كان حلما يالله أدعوك أن لا أستيقظ منه، هل هذه العينان التي تقتبسني صاحبها إبني؟ أم من الأربعين الذين يشبهونه؟ ولكن من يقدر على أن يشبه نظراته الشفافة والحادة في الوقت نفسه؟ من يقدر أن يكون جميلا كأبني؟ وشاعرا كاتبا كإبني أيضا؟ من يقدر أن يعشق مثل عشق إبني ويحيا في عينيه ميلادي؟ لم تمت، وأنا الذي ظننت انك غادرتني، كيف صدقت أمر موتك وأنا حتى لم أرى جثتك وضللت أبحث عنها! كيف خدعت بموتك وأنا لا اقدر على العيش بهناء دونك، أتدري أنك غيث لقلب والدك، وأنا في بعدك جفاف ، أتدري أن الحب في حياتي هو أنت وفقط، أتدري أيضا أنني أشتقتك.
    رفع فارس حاجبه بإستغراب من نظرات والده، أقترب إليه بتوجس : يبه
    حزين يا أبوك! كل فكرة بعدك تعبرني / صدى. و أنا تعودتك صوت، وكل ضحكة في غيابك، وهم و أنا اللي ما تروق لي الضحكات بلا صوت، يا نبرة الحياة فيني لو تدري إنه الحياة ترتبط فيك، وأن أجمل العمر في يديك، يا فارس! يا كل مواني الفرح في صدري، ما هد شراعي غير / موتك ؟ . . . و يالله على الحياة اللي تجيبها بقربك.
    تعلقت نظرات عبدالعزيز بعيني عبدالمجيد، كانت نظراته تنطق شرا و حقدا.
    سحبه رائد إليه ليعانقه بشدة وهو يحاول أن يستنشق رائحته التي غادرته طوال الأيام الماضية، فارس استغرب من هذا العناق الشديد وهو يشعر بوجع والده من عينيه، همس في إذنه : وش فيك يبه؟
    رائد بمثل همسه : حسبت إني فقدتك، حسبت إنك ضعت من إيدي!
    فارس قبله بالقرب من عينيه وبحوار هامس لا يسمعه سواهما : صارت أمور كثيرة راح أقولها لك بس بطلبك شي
    رائد : تأمرني،
    فارس : أتركهم! . . أتركهم لو لي خاطر عندك يبه
    رائد أبعده وهو ينظر إلى عينيه بإبتسامة منتشية بالحياة : أهم شي إنك بخير
    فارس إلتفت إليهم، نظر إلى عبدالرحمن بنظرة شتتها بسرعة، بعد أن صافحه بإسم مشعل لا يتجرأ أن يضع عينه بعينه بإسم فارس
    عبدالمجيد : حسابك صار معاي! وأتوقع فارس أكبر دليل
    رائد فهم قصده، نظر إلى إبنه، فارس : يبه لو سمحت
    رائد ومازالت عيناه تثير الشفقة من شدة عدم تصديقها لرؤية إبنه، ينظر إليه وكأنه للمرة الأولى يراه
    فارس برجاء : يبه . .
    رائد تنهد : علم ربعك ما عاد يتعرضون لطرف مني وأوعدهم ما أتعرض لهم بشي
    عبدالمجيد إلتفت لسلطان هامسا : لا تهتم! تقدرون تروحون الحين قبل لا يصير شي يعاكسنا
    سلطان بمثل الهمس : ماراح أتحرك وأتركه
    عبدالمجيد بحدة : سلطان!!
    سلطان وتذكر كلمة من عبدالمجيد قبل عدة سنوات " عبدالمجيد : بصفتي مسؤول أنا قادر أأمرك، أطلع يا سلطان " : هالمرة أنت منت مسؤولي عشان تأمرني!!
    عبدالمجيد أدرك أن لا فرصة لإقناع سلطان في هذا الوقت الضيق : عب
    قاطعه قبل أن يكمل إسمه : ومنت مسؤولي بعد ولا تقدر تتحكم مثل ما تحكمت بأختي
    عبدالمجيد بدهشة ينظر إليهم، سلطان إلتفت لعبدالعزيز : ممكن تحكم عقلك هالمرة وتتصرف صح
    عبدالعزيز بنرفزة : يخي أنا مستغرب من شي واحد! عقب كل هذا لكم وجه تأمروني!!! عمري ماراح أشوف ناس ماعندها دم وحيا مثلكم!!
    رائد إلتفت لإبنه : شفت بنفسك! هم ما يبون يتحركون
    فارس : عبدالعزيز . .
    عبدالعزيز نظر إليهم : على فكرة فارس اللي تصنفونه من ألد أعدائكم!! هو الوحيد اللي وفى لي وأنتم يا ربع أبوي ما قدرتوا تحسنون لي بتصرف واحد!!
    فارس حاول أن يبتعد من جهة والده ليقترب منهم ولكن يد رائد طوقت معصمه : خلك هنا
    بإستغراب إلتفت من خوفه الكبير من تحركه بأي حركة بسيطة : يبه!!!
    رائد بحدة : قلت خلك هنا
    رفع عينه لعبدالعزيز مرة أخرى وسحب ورقة من مكتب والده، كتبت عنوان الفندق : تقدر تروح لأختك أنت وناصر . . وين ناصر؟
    رائد : الحين أطلعه
    عبدالعزيز بعناد يريد ان يقهرهم به كما أحزنوه : ماني متحرك!

    يتبع

    تعليق

    • *مزون شمر*
      عضو مؤسس
      • Nov 2006
      • 18994

      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

      ،

      مرهق بالعمل لساعات طويلة، لا يرفع رأسه من على الأوراق، وفي كل لحظة تمر ولا يسمع أخبارا تجيء من باريس يشعر بأن الفرصة تتضاءل أمامه وتفقد نجاحها الذي عملوا من اجله لسنوات طويلة، هذه المرة لا حل وسط ولون احادي يفصلهما! إما أبيض أو أسود وإما جنة او نار، رفع عينه لمتعب : وصل شي؟
      متعب : لا! بس اللي عرفته أنه الكل مجتمع عن رائد
      عبدالله : يارب أرحمنا برحمتك بس لا يصير شي يودينا في ستين داهية!!
      متعب بهدوء : بديت أتفاءل! لو رائد بيسوي شي كان سواه من الصبح ما انتظر كل هالساعات
      عبدالله : يمكن، إن شاء الله ما يصير الا كل خير . . خلص أحمد من الأوراق؟
      متعب : إيه كنت جاي أقولك عنها، ليه ما نحقق مع أم فهد الله يرحمه؟
      عبدالله : لأن مافيه فايدة من كلامها، كنت مخطط بس تجي الرياض أحقق معها لكن ما تركت فرصة وما أبي أجرجرها بطلب رسمي وإلى اخره وأنا عارف إنه لو عندها علم كان قالته لبنتها حتى!!
      متعب : بس الولد طلعت سمعته بالقاع! أكيد أمه تعرف وعشان كذا تنكر وتتخبى
      عبدالله : الله يرحمه ويغفر له ماني قايل غير كذا، المهم أننا عرفنا سبب حادثة منصور وربي يجيب سليمان على خير ونحاكمه
      متعب : أنا قلت ممكن تعترف بشي ثاني يفيدنا أكثر،
      عبدالله : مع أنه مافيه أي مجال للعاطفة لكن ما تنلام أمه، صدقني يا متعب لو جربت شعور إنه يكون لك ولد او بنت، مستعد عشانهم تتصرف بوحشية وعدوانية إتجاه الناس اللي حولك عشان تحميهم، ويمكن هي من النوع العدواني على الكل عدا عيالها!!
      متعب تنهد : يمكن، بس أنت قلتها مافيه مجال للعاطفة، وأنا مقدر شعورها لكن هي خلتنا سنة كاملة ماندري عن هالأسباب! يعني أجرمت في حقنا بعد
      عبدالله : هي ضرتنا! ما نختلف بهالشي لكن عفى الله عنها وغفر لها
      متعب إبتسم : الله ياجرك على نيتك . . تامرني على شي قبل لا أطلع؟
      عبدالله : سلامتك
      متعب : الله يسلمك . . . أخرج عبدالله هاتفه ويتصل على عبدالمجيد، أطالت الثوان بدقاتها حتى تأكد تماما أن عبدالمجيد أصبح عند رائد.
      نظر إلى الساعة التي تشير إلى العاشرة مساء بتوقيت الرياض ، أخذ نفس عميق حتى وقف وترك كل شيء بين يديه، عاد لطبيعة عمله والقرارت التي تأت مفاجئة للجميع رغم انها تسبق عملا شاقا وتحليلا طويلا، أراد أن يستشعر لذة الإنتصار بعد مشقة وعناء بإتصال من عبدالرحمن أو سلطان، لو وصله خبر القبض عليهم لا يدري كيف سيصف شعوره؟ إبتسم من فكرة إنتهاء شبح رائد الجوهي من هذه الحياة، إنتهاء شخص أضر بالجميع وأضر نفسه وهو يدرك أنه سينتهي يوما ما، إما بالسجن أو الموت، يريده حيا حتى يسجن وينال عقابه وجزاءه كما ينبغي ليكون عبرة للجميع، لن يكون إنتصارا فرديا لو تحقق، هذا الإنتصار لو حدث سيكون فضله بعد الله لسلطان العيد و عبدالرحمن و سلطان بن بدر و مقرن و عبدالمجيد و سعد و متعب و أحمد و أصغر فرد هنا رأى سهرهم حتى اخر ساعة من الفجر على هذا الأمن، يالله لو يجيء هذا الإنتصار خاليا من الشوائب وأعني بالشوائب إصابة من يعنينا أمره، كل رجل مر وذاق حلاوة معرفة الحقيقة رحل، بدأها سلطان العيد وغادر، ثم أكملها مقرن وغادر والان عبدالمجيد! و عبدالرحمن و سلطان بن بدر، أتمنى لا يغادرونا أيضا.
      خرج من المكتب ليتجه ناحية مكتب مكتظ بالعاملين، وضع ورقة على الطاولة : هذا أمر مختوم بمصادرة منزل رائد وسليمان
      رفع أحمد عينه بدهشة من أمر كان على رف الإنتظار لسنوات طويلة خشية من القوة المتصلة ببعضها البعض، والجماعات المتكاثرة حولهم، كان لابد من تدميرهم واحدا تلو الواحد حتى يتم القبض عليهم بسهولة، كان لابد من إستئصالهم من جذورهم وليس قطعهم بالقبض فقط! هذا الأمر يعني أن هناك أخبارا سعيدة من باريس، ولكن إلى الان لم يصل أي خبر.
      عبدالله : خلال ساعة وحدة أبي هالأمر نفذ على أكمل وجه
      أحمد وقف بإبتسامة : أبشر خلال ساعة راح توصلك الأخبار الحلوة بإذن الله . . . خرج وهو يأخذ ورقة التبليغ، ليتم تنفيذها بصورة فعلية وليست نظرية.




      إبتسمت حصة بدهشة وهي تنظر إلى عائشة، وقفت : جد؟
      عائشة تنظر للكتب التي بين يديها : هذا ماما الجوهرة يعطي أنا، وفيه يقرا . .
      حصة : إيوا؟
      عائشة : وأنا يبي يصير مسلم
      حصة وضعت يدها على قلبها وبإبتسامة لا تفارقها : أحس بشعور أم العروس .. وش ذا الفرحة؟
      ضحكت عائشة دون أن تفهم معنى كلماتها : شنو يسوي الحين؟
      حصة : يالله لك الحمد والشكر، قولي معي .. و لا أقولك خلي الجوهرة تكلمك عشان تفرح بعد
      عائشة وقفت بحماسة وإبتسامتها تسكن ثغرها، رفعت حصة هاتفها ومن شدة الفرحة بدأت عيناها تدمع بالإبتسامات الطويلة المستبشرة خيرا.
      تحركت الجوهرة بصعوبة من سريرها حتى تأخذ هاتفها الذي وضعته أفنان بعيدا عنها، تمتمت وهي تسير بتعب الحمل الذي يجعلها لا تطيق شيئا ولا تطيق رائحة عطر في غرفتها.
      أجابت : ألو
      حصة : لا يكون صحيتك؟
      الجوهرة : لا ما كنت نايمة، صاير شي؟ خوفتيني
      حصة بصوت مبتهج : مو صاير الا كل خير، عندي لك خبر حلو
      الجوهرة : وشو؟
      حصة : أنت معطية عايشة كتب عن الإسلام؟
      الجوهرة : إيه عطيتها قبل فترة طويلة
      حصة : طيب كلميها . .
      الجوهرة بعدم إستيعاب : ألو
      بعد ثوان قليلة أتى صوت عائشة الشغوف : السلام عليكم
      الجوهرة بإبتسامة : وعليكم السلام، وحشتيني والله يا عيوش
      عائشة : انا بعد فيه يشتاق! أنا يقول حق ماما حصة تو . . أنا قريت هذا كتاب كله
      الجوهرة : إيه؟
      عائشة : أنا يبغى يصير مسلم
      الجوهرة ضحكت بدهشة دمجت بالفرح : تبغين تسلمين؟
      عائشة : إيوا! والله أنا يبغى يصير مسلم
      الجوهرة بفرحة كبيرة سقطت دمعتها من فكرة أنها سبب بسيط لإسلامها : قريتي كل الكتب اللي عطيتك إياها وعرفتي كل شي؟
      عائشة : إيوا أنا يقرأ كله كتاب، شنو يقول الحين؟
      الجوهرة بإبتسامة بدأ صوتها يرتجف : طيب قولي معاي . . أشهد
      عائشة : أشهد
      الجوهرة : أن لا إله
      عائشة : أن لا إله
      الجوهرة : إلا الله
      عائشة : إلا الله
      الجوهرة ببكاء السعادة التي تقع في قلبها : وأشهد
      عائشة : وأشهد
      الجوهرة : أن محمدا
      عائشة : أن مهمدا
      الجوهرة : رسول الله
      عائشة : رسول الله
      الجوهرة بصوت تقاطعه أنفاسها المضطربة بالفرح : الحمدلله . . الحمدلله . . . الحين روحي صلي طيب، صلي ركعة
      عائشة بحماسة أنها تعلمت شيئا : يقرا فاتهة ؟ " فاتحة "
      الجوهرة ببهجة : إيوا الفاتحة و تعرفين وش تقولين بعدها؟
      عائشة : أنا يشوف صورة كيف يسلي " يصلي "
      الجوهرة : تمام أنت الحين توضيتي صح؟
      عائشة : إيه أنا يسوي وضوء قبل شويا
      الجوهرة : فرحتيني كثييير، مدري كيف بنام اليوم من الفرحة
      عائشة : شلون ينام؟
      الجوهرة ضحكت : لا ما أقصدك! أقصد أنا لأني مررة فرحانة ماراح أقدر أنام . . فهمتي؟
      عائشة : إيوا يفهم
      الجوهرة : إذا أحتجتي أي شيء، أتصلي علي في أي وقت . . طيب؟
      عائشة : طيب . . أعطت الهاتف لحصة . . الله يجعله في ميزان حسناتك
      الجوهرة : امين، يا كثر سعادتي اليوم! أحس الأرض مو شايلتني
      حصة : ما صدقت يوم جتني، وقلت لازم أتصل عليك وأخليك بنفسك تنطقين لها الشهادة
      الجوهرة : يا بعد عمري والله
      حصة إبتسمت : يالله ما نشغلك أكثر والوقت تأخر، تامرين على شي يا روحي ؟
      الجوهرة : سلامة قلبك
      حصة : الله يسلمك ، بحفظ الرحمن . . أغلقته لتخرج من غرفتها وتنزل بخطوات سريعة للأسفل جعلت صوت والدتها الحاد يأتها بسرعة : الجوهرة ووجع! تركضين وأنت توك طالعة من المستشفى
      الجوهرة نظرت للعائلة المجتمعة في الصالة، بإبتسامة شاسعة : الليلة من أسعد ليالي حياتي
      عبدالمحسن إبتسم من أجل إبتسامتها : فرحينا معاك
      أفنان بضحكة : لحظة خلينا نخمن
      والدتها : لا قولي وش تخمينه جعلك اللي مانيب قايلة . . وشو الجوهرة وقفتي قلبي؟
      الجوهرة : تو أسلمت شغالتنا في الرياض، عطيتها كتب قبل فترة لكن يومها طولت توقعت إنها ما أقتنعت بالإسلام أثاريها طول الوقت تقرأ فيهم
      والدتها ببهجة : ياربي لك الحمد . . تعالي خلني أخمك
      الجوهرة بضحكة جلست على ركبتيها عند أقدام والدتها لتعانقها وهي جالسة : يممه لو تدرين وش كثر فرحانة! أحس قلبي يرتجف من الفرحة
      عبدالمحسن : يا عساها تشفع لك بإيمانها يوم القيامة
      الجوهرة قبلت جبين والدتها : امين يارب . . ياليتها قدامي وأحضنها كذا لين أقول بس! جاني شوق مفاجئ لشوفتها
      عبدالمحسن : كلمتيها؟
      الجوهرة بحماس : وخليتها تنطق الشهادة بعد . .
      أفنان : الله يرزقنا هالفرحة بس! أغبطك جربتي فرحة إسلام شخص وجربتي ختم القران
      الجوهرة : أنا شكلي بحسد نفسي الحين على هالفرحة، يالله لك الحمد والشكر
      أفنان إبتسمت : امين يارب . . بالله أسرقيها كم يوم وخليها تجينا
      الجوهرة : ياليت والله
      دخل ريان وتبعته ريم : السلام عليكم
      : وعليكم السلام والرحمة
      رفع ريان حاجبه من الضحكات التي تنتشر بالأجواء : فرحونا معكم
      عبدالمحسن : شغالة سلطان أسلمت على إيد أختك
      ريان إبتسم : جد؟ . . الله يرزقك أجره
      الجوهرة : امين ويرزقك
      ريم بإبتسامة : الله يديم فرحتك بس
      الجوهرة : امين . . وبعفوية نست كل حزن في حياتها أحس بشعور إنها بنتي أو شي زي كذا، المهم سعادة كبيرة
      أفنان ضحكت : شكل الوعي بيغيب من الفرحة!
      الجوهرة بضحكة : تعرفين شعور اللي ودك ترقصين ودك تنقزين ودك تركضين ودك تفجرين طاقة الفرحة كلها
      ريان الذي لم يشاهد الجوهرة بهذه الفرحة منذ مدة طويلة، بإبتسامة : أنتظري لا ولدتي فجري هالطاقات الحين لازم تنتبهين للي في بطنك
      الجوهرة إلتفتت عليه وأبتسمت : برقص مع ولدي أصلا
      أفنان : يخي ياليتها أسلمت من زمان دامها بتخلينا نشوفك تضحكين كذا
      والدتها : إيه والله، يا عساك دوم مبسوطة
      الجوهرة أضاءت عيناها بالدمع، أردفت والدتها : قلنا نبي نشوفك مبسوطة مو تبكين
      الجوهرة إبتسمت : والله مبسوطة
      ريم : على هالفرحة بودي لشغالتنا في الرياض كتب عن الإسلام خلنا نجرب شعورك
      الجوهرة : أصلا الدعوة إلى الإسلام واجبة، مايجوز إنه الخدم يرجعون لبلادهم وأنتم ما بلغتوا عن الإسلام بشي! بكرا الحجة بتكون عليك يوم القيامة
      ريم أخذت نفس عميق : لا إن شاء الله خوفتيني، بكرا أكلم أمي تعطيهم كتب . .
      أفنان : أنخرشتي يا بنت عبدالله؟
      ريم بضحكة : تحسبيني بجلس أطالعك! عاد كل شيء الا واجبات الدين مافيها إستهتار،
      أفنان : عاد والله قبل كم سنة سوينا حملة بالجامعة، مدري العيب فيها ولا فيهم محد أسلم منها . . مع إنه الأسلوب كان لطيف
      ريان : أنت مو مكلوفة تخلينهم يؤمنون، أنت مطلوب منك إنك تبلغين الإسلام بحسب قدرتك وصلاحياتك يعني ماهو واجب عليك تروحين وتسافرين وتنشرين الإسلام لكن واجب عليك بمحيطك إذا وجد
      أفنان : شكرا على النغزة المبطنة، تطمن ما عاد بسافر بدونكم
      ريان بضحكة صاخبة : والله ما كنت أقصدك بس أنت ينطبق عليك يحسبون كل صيحة عليهم
      عبدالمحسن بإبتسامة : بالله؟ كأننا ما نعرف أسلوبك
      أفنان : شفت حتى أبوي كشفك! واضحة أساليبك
      ريان إبتسم : أستغفر الله، والله ما كنت قاصدك كنت أقصد المضمون أنه واجبات الإسلام حسب القدرة والشخص نفسه يعني أكيد واجبات الرجال غير البنت
      أم ريان : يا زين هاللمة
      أفنان : يمه أنت اليوم تحسسينا إننا عايلة ما نشوف بعض الا بالسنة مرة،
      أم ريان ضربتها على كتفها : إيه والله كلكم في غرفكم لا تطلعون ولا نشوفكم!! هذا وإحنا في بيت واحد
      أفنان قبلت كتف والدتها الذي يجاورها : نومي متلخبط ولا كان جلست عندك العصر
      عبدالمحسن : الجوهرة تعشيتي؟
      الجوهرة : ماكلة المغرب ونفسي منسدة، . . وقفت . . بروح أنام
      الجوهرة مشت بخطى لا تتحكم بسرعتها، والدتها : أمشي بشويش مو كذا
      الجوهرة بضحكة تسير على أطراف أصابعها : كذا يعني؟
      والدتها : يا ملكعة
      الجوهرة إلتفتت عليها : امزح طيب . . تصبحون على خير
      : وأنت من أهل الخير
      صعدت للأعلى وهي تشعر بنشوة الفرح في قلبها، دخلت الحمام لتتوضأ، صلت ركعة شكر لله على هذه الفرحة التي تأتها دون سابق إنذار.
      لا أحد سيفهم معنى الفرح إن جاء من شخص ليس بالقريب، يكون فرحا شاهقا لا يثبط علوه أحدا غير الذي أوجده، لم أفرح كهذه الفرحة منذ مدة طويلة حتى شعرت أنني فعلا انسى طعم الفرح ولكن أيضا لا قدرة تضاهي قوة الله ولا كرما يضاهيه عندما يرزق عبده، ممتنة لك يالله على هذه الليلة وعلى هذا العمر بأكمله، ممتنة للدين الذي يخلق من أبسط الأشياء، سعادة. ممتنة للحياة التي بقدر ما تحزني بأسباب عديدة إلا أنها تفرحني بسبب واحد، يالله! " وش كثر السعادة جميلة! "
      في جهة اخرى كانت تتحدث مع إبنتها : و اليوم أسلمت
      العنود ببرود : طيب الحمدلله . .
      حصة : الشرهة بس على اللي يكلمك ومبسوط
      العنود : وش أقول يمه بعد، يعني ما تعني لي شي عشان أفرح لها . .
      حصة : المهم قولي لي وش أخبارك؟
      العنود : بخير الحمدلله
      حصة : وماجد؟
      العنود بحماس : عال العال، بيجيه نقل إن شاء الله لفرع الوكالة بلندن، متحمسة كثير أعيش هناك وأستقر بعد، ماعرفت أتكيف هنا أبد، على الأقل هناك عندي صداقات
      حصة : الله يسهل عليكم، ولو أنه ودي تتكرمين علينا وتجينا الرياض
      العنود : والله يمه مشتاقة لك بس هرمون الكره للرياض مرتفع عندي!
      حصة بسخرية : مررة مرتفع ماشاء الله بس لو حفلة لصديقة من صديقاتك نطيتي!!
      العنود : ولا تزعلين بقول لماجد يحجز لنا على الأسبوع الجاي
      حصة : وش أبي في زيارة مو جاية من طيب خاطر؟
      العنود بضيق : يعني يمه وش أسوي؟ أقولك ماني طايقة الرياض وجيتها ما يرضيك أقولك بجيك ومايرضيك بعد!!
      حصة : الله يصلحك بس،
      العنود : امين ويصلحنا كلنا . .
      حصة : طيب ماودك تصيرين أم وتفرحيني؟ ودي يجيني منك خبر يثلج الصدر
      العنود بإندفاع : لا بسم الله علي
      حصة بإستغراب : وش بسم الله عليك! هذولي نعمة من ربي وزينة حياتك
      العنود : معليش يمه بس أنا في الوقت الحالي ماني فاضية ولا أنا مستعدة لفكرة الأم والقرف ذا!
      حصة : يارب لا تسخط علينا! أنت تتكلمين بوعيك؟
      العنود : أصلا ماجد بعد ما وده، إحنا الإثنين ما يصلح نجيب عيال على الأقل في الثلاث سنوات الجاية بعدها إن ربي كتب ندرس مشروع العيال
      حصة : تدرسون؟ . . خلف الله عليكم بس
      العنود : يمه لازم تحطين في بالك إني ماراح أجيب عيال بس عشان أجيب وبكرا الله يبلاني فيهم، أنا لا بغيت أجيب عيال أبي أجيبهم وأربيهم تربية سنعة وأدرسهم صح، وبعدين يمكن أنا وماجد نتطلق! يعني لازم بعد أنا وياه نكون على وفاق
      حصة : كل هالفترة وأنت منت معه على وفاق؟
      العنود : إلا بس يعني مدري وش بيصير بعدين! ما أبي أحمل وبعدها الطفل يتشتت
      حصة : هذا الكلام لي ؟
      العنود : لا طبعا حاشاك، أنا بس أقصد فكرة تربية الطفل صعبة ومحتاجة دراسة قبلها عشان نقررها أنا وماجد
      حصة تنهدت : أنا أقول تصبحين على خير قبل لا يرتفع ضغطي


      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

        ،

        وضعت عبدالله الصغير في سريره الناعم، إلتفتت عليه : ليه ما تروحون الصبح؟ مو زين سفر الليل!
        منصور : عشان نوصل الصبح ونلقاهم، لأن بعد مو معقولة نطق بابهم بليل ونقول نبي نشوف بنتكم!!
        نجلاء : طيب براحتك،
        منصور إبتسم : يا زينك وأنت عاقلة
        نجلاء رفعت حاجبها : ليه وش كنت طول الفترة اللي فاتت ؟
        منصور : أبد هادية وما تتهاوشين مع مرت يوسف ولا تقولين لها شي
        نجلاء : تتطنز؟ لعلمك إلى الان ما أطيقها بس متقبلتها بصدر رحب عشانك أولا وعشان يوسف
        منصور : البنت ما تستاهل كل هالكره منك! لو كنت مكانها كان ذبحتينا! يعني فقدت أخوها وأمها ما وقفت بصفها وش تبينها تتصرف معك؟ أكيد بتكون عدوانية!!
        نجلاء : إيوا كمل دفاع عنها وكأنها هي صاحبة الحق في الموضوع!!
        منصور : أنا أدافع عن الحق، هي فعلا ما تستاهل كل هذا
        نجلاء : إذا رحت هناك خل بينكم ثالث
        منصور تنهد : شكرا على ثقتك الكبيرة فيني
        نجلاء : شفت زعلت من كلمة وأنت تقولي معلقات وتبيني أقول ماشاء الله على حبيبي اللي يدافع عن الحق
        منصور : نجلا يا روحي أفهمي! هذي زوجة أخوي اللي ما قصر معي بشي ويوم أستفزعته فزع لي! وش تبيني أسوي؟ أشوفه مقهور وأسكت! طبيعي بروح لها وبفهمها
        نجلاء : ويوسف يستاهل من يفزع له ما قلت شي، بس تقهرني لما تحكي عنها يخي لا تدافع وأنت ما شفتها ولا سمعت كلامها معنا
        منصور : قلت لك البنت مقهورة طبيعي بتتكلم معكم كذا! أجل تبينها تاخذكم بالأحضان؟
        نجلاء أخذت نفس عميق : طيب طيب . . خلاص سكر الموضوع ولا تتأخر على علي . . رفعت الفراش ودخلت به لتغطي جسدها، نظرت إليه مازال واقفا يتأملها : ماتضايقت تطمن.
        منصور إبتسم ليجلس على السرير، أنحنى بظهره ليقبل خدها : تصبحين على خير
        نجلاء إبتسمت رغما عنها : وأنت من أهله ، أتصل علي بس توصل
        منصور : إن شاء الله . . وقف وأخذ هاتفه : فمان الله
        خرج ليلقى يوسف بوجهه، عقد حاجبيه : وين رايح بهالليل؟
        منصور بتوتر : ا . . مشوار
        يوسف : مشوار؟ الحين؟
        منصور : بتحقق معي؟
        يوسف تنهد بتعب : حقك علينا . . صعد الدرج ليتجه ناحية غرفته، دخل وهو يضع قدمه اليمنى خلف اليسرى وينزع حذاءه ويكرر الحركة مع قدمه اليمنى، رمى نفسه على السرير بإرهاق واضح دون أن يغير ملابسه، نامت عيناه لثوان حتى اهتز هاتفه بجيبه، أخرجه دون أن يفتح عينه، أنزلق الهاتف منه بحركة يده التي دفعته ليصل لقدمه وببطء شديد كان يسحبه بساقه دون أن يكلف نفسه بأن يجلس ويأخذه بيده، بعد دقيقتين وصل الهاتف إلى أصابعه، نظر إلى المكالمة الفائتة علي ، دخل الواتس اب وكتب له " وش تبي ؟ صوتي ماله خلق يرد "
        علي " كنت بسألك عن منصور بس خلاص أذلف "
        يوسف " وش مشواركم ؟ "
        علي " مشوار خاص "
        يوسف " مالي خلق أضحك والله "
        علي " أصلا أنت لك خلق لشي؟ "
        يوسف " أقول علمني بس ماني نايم لين أعرف وش عندكم ؟ "
        علي " هههههههههههههههه أذبح نفسك من الفضول "
        يوسف " أخلص علي يا حيوان "
        علي " تأدب معي وقول لو سمحت يا علي ممكن تعلمني وبعدها أفكر "
        يوسف " يا حيوان ممكن تعلمنن ؟ "
        علي " ذبحتك الحايلية حتى كلامك تغير! "
        يوسف بقي لثوان " متنح " حتى أستوعب كلمته، إبتسم " شايف؟ بس لعلمك تراها ما تحكي حايلي . . يالله خذ وجهك معك "
        علي " طيب يا ولد عبدالله "
        يوسف أغلق هاتفه ووضعه جانبا، نظر إلى الباب الذي يفتح، إبتسم لوالدته : هلا يمه
        والدته : جيت أتطمن عليك، اكلت شي؟
        يوسف : والله يا يمه ماني مشتهي شي، بنام عشان بكرا أصحى بدري و أودي أهل فيصل للمستشفى
        والدته : شوف عيونك كيف ذبلانة؟ من قلة الأكل والنوم، قوم أكل لك شي
        يوسف برجاء : تكفين يمه خليني أنام والله ماني مشتهي! لو أشتهيت تعرفين ولدك يهجم على الأكل
        والدته أقتربت منه : حتى تعيجزت تغير ملابسك؟
        يوسف بإبتسامة : لأني ميت أبي النوم
        والدته ترفع الفراش لتغطيه : نوم العوافي يا قلبي . . .


        ،

        تكتفت وهي تنظر للفراغ الذي أمامها ولظل سارة فقط : أكيد رجعوا للرياض! وما كلف عمره يقولي تراني رايح!! الله يلعنه هو وياها
        سارة إلتفتت بحدة : أثييير! قولي أي كلمة معفنة بس لا تلعنين
        أثير : أستغفر الله، يا عسى حوبتي ما تتعداها!! بموت من القهر ماراح أرتاح لين أشوفها!
        سارة عقدت حاجبيها : يمكن ما راحوا! يعني يمكن رجعت لأبوها وجلس معاها بفندق أو بأي مكان ثاني
        أثير : متهاوش مع أبوها مستحيل يرضى يجلس عنده! أكيد رجع الرياض . . الله يقهرها مثل ما قهرتني
        سارة : أمشي نطلع وأوصلك البيت
        أثير ضربت بقدمها الأرض : يارب أرحمني بس . . .
        في جهة أخرى مازالت نائمة على السرير والسكينة تنتشر من حولها، يدخل عليها بين حين واخر ممرض يطمئن عليها ويخرج دون أن يصدر ضجيجا يوقضها، ومازالت الأجهزة تتصل بيدها وملامحها السمراء الناعمة يغطيها الجهاز الذي يبعث الأكسجين بأسلاكه. المنوم كان أثره قويا لدرجة أنها بقيت نائمة إلى الان منذ الصباح.
        وعلى بعد مسافات طويلة، وتحت سقف مختلف يضم ألوانا من المتفجرات الغازية، وقف رائد وأنسحب من الغرفة مع إبنه وهو يغلقها جيدا و رجاله الإثنين في الداخل يراقبان الوضع عن كثب، لفظ قبل خروجه : موعدنا الصبح راح أوقع عقدي مع اسلي، وما راح تتدخلون بأي بضاعة مشتركة بيننا. وهذا اللي أتفقنا عليه
        عبدالرحمن إلتفت لعبدالمجيد : وش صار لها؟
        عبدالمجيد : تطمن هي بخير، تعرف أفلام رائد إصابتها مو كبيرة لكنه يبالغ عشان يستفزك
        رفع عبدالعزيز عينه إليهما، ليقف ويتجه ناحية النافذة، أعطاهم ظهره وأدخل كفه المجروحة من الزجاج في جيب بنطاله وعيناه تتأمل سماء باريس المضيئة بالنجوم.
        سلطان أنحنى بظهره وهو يطوق رأسه بكلتا يديه، هجم عليه الصداع ولم يبقي به خلية صالحة للتفكير.
        عبدالمجيد : سلطان . .
        سلطان : مستحيل يصير فينا كل هذا! كيف نسمح له؟
        عبدالرحمن : ماعاد بإيدنا حيلة!!
        سلطان : إلا، لازم نتصرف ونوقف هالفوضى!! هو عرف كيف يلوي ذراعنا لكن إحنا قادرين نلوي له ذراعه بعد!! ليتك ما جبت فارس! لو هددناه فيه مثل ما يستعمل أسلوبه الوصخ معنا!! كان ممكن نحل هالموضوع
        عبدالمجيد : قلت لك لا تهتم
        سلطان بغضب صرخ : لا تقولي لا تهتم، هذا شغلي اللي مكلف فيه ماني جالس ألعب
        عبدالرحمن بحدة : صوتك!! . . لا يعلى
        سلطان وقف وهو يتنهد : أستغفر الله بس!!!
        إلتفت عبدالعزيز عليهم بنظرة لا تدل على معنى ثابت إلا أنها تحمل كرها شديدا، عاد بأنظاره للنافذة دون أن يشاركهم الحديث بكلمة.
        عبدالرحمن نظر إليه وهذه الفرصة الوحيدة التي يستطيع أن يشرح له دون تدخل رائد بالمنتصف، وقف وأقترب إليه : عبدالعزيز . .
        عبدالعزيز لا يجيبه بشيء، أردف : أسمعني للاخر وبعدها أحكم على كيفك . . والله إني شايل همك فوق همي
        ولا يبادله بغير الصمت، واصل بحديثه : أنت تعرف نية رائد وتدري وش مقصده بكل هذا! يبي يشتتا ويضعفنا بضعف ثقتنا في بعض، حتى أستخدم سليمان اللي ضده معاه! كل هذا عشان يزعزعنا، ما كان عندنا علم بتفاصيل الحادث، عرفناها مثل أي شخص وقلت لك كثير إننا ما ندري، ولما عرفنا ما قدرنا نقولك، أنت متخيل إنه لو عرفت بموضوع إختك بعد الحادث، راح تجذب العيون كلها لك وبهالوقت أبوك ماهو فيه عشان يحميكم ويشرح لكم! كان واجبنا إننا نبعدك عن هالأشياء ونحاول نوصل لوقت مناسب نشرح لك فيه كل شي، أنت فكر لو عرفت وأنت بوسط معمعتك مع رائد و إنتحالك لصالح؟ وش كان بيصير؟ أنت عشان كلمة بسيطة مننا رحت عند رائد وقلت له إنك زوج بنتي! أفهم يا عبدالعزيز إنك إنسان عصبي لو كنت إنسان هادي كان ممكن أشياء كثيرة تغيرت، لكن كنا ندري إننا ما وصلنا للحب في قلبك عشان تتقبل موضوع إخفاءنا لخبر أختك، كنا ندري إنك بتثور في وجهنا وتتصرف بأشياء الله أعلم وش كانت بتكون!! كل الظروف في ذيك الفترة خلتنا نقول معليش بنأجل هالخبر لفترة ثانية يكون عبدالعزيز جاهز لها، ما حاولنا نضرك بشي! ولا خططنا للحظة إننا نضرك! حتى في البداية يوم قلت لك إبعد عن أي علاقة وصداقة كان قصدي ما أوجعك! ماكنت أبيك تضيق وتحزن على أحد، كنت أبيك تشغل نفسك وتشغل يومك كله من صبحه لين ليله بالشغل، والله كنت أبيك مكان أبوك الله يرحمه وكنت عارف إنه ثقتي بقدرتك على الشغل في محلها، ساعدتنا بأشياء كثيرة، لا تجي بالنهاية تبعثر كل شي . . لا تسامحنا لكن لا توقف ضدنا! لا تشمت أحد فينا!!
        عبدالعزيز : خلصت؟
        عبدالرحمن : أقسم لك بالعلي العظيم اللي خلق فيني هالروح وأنطق لساني إني أخاف عليك وكأنك ولدي وإنه سلطان نفسه يغليك من غلا أبوك ولا حاول ولا حتى فكر إنه يضرك بشي بالعكس حتى حدته معك كان يحاول فيها إنه يكسبك ويمحي كل الحواجز اللي بينكم! ولا واحد فينا حاول يضرك أو يسيء لك . . أحلف لك بالله يا عبدالعزيز، و من حلف لكم بالله فصدقوه . .
        عبدالعزيز إلتفت عليه بكامل جسده : أعرف شي واحد بهالحياة، إنه الجزاء من جنس العمل، اللي صار فيكم هالفترة أثق إنه جزاءكم وهذا أقل من اللي تستحقونه فعلا
        عبدالرحمن : عبدالعزيز اللي تسويه يكسرك قبل ما يكسرنا!!
        عبدالعزيز : ما بقى فيني ضلع ما كسرتوه! وش باقي عشان أكسره؟
        عبدالرحمن : حط عقلك في راسك وفكر بمنطقية ليه سوينا كذا؟ وبتعرف إنه كل شي وكل تصرف سويناه كان عشانك وكل خطأ صار ماكانت بدايته منا، لكن أشتركنا فيه لما عرفناه لكن بعد مو بإيدنا! أحيانا نتصرف بأشياء خارج إرادتنا ورغبتنا، أبدا ماكانت رغبتنا إننا نبعدها عنك، لما جيت باريس كنت أقول لمقرن أشياء ماني مقتنع فيها لكن ماكنت أقدر أقوله الله يرحمه غير إني أشوفك مناسب وإنك أنسب شخص ممكن يخدمنا وإنه ما وراك احد! لكن هذا ما يعني إني بغيت مضرتك وإنه حياتك ما تهمني، بعدها عرفت بموضوع غادة وماكان بإيدنا حل ثاني! ماكنا ندري عن سليمان وكنا نتوقع إنه قوة رائد متشعبة وإنه في كل جهة راح يواجهنا هالرائد!! كان لازم نبعد إختك عشان ما يضرها أحد، صحيح اعتمدنا على مقرن في هالموضوع لكن ما كنا ندري بعد إنه مقرن مجبور وخاضع لتهديد من طرفهم! . .
        عبدالمجيد وقف : أبوك يا عبدالعزيز ما تقاعد كذا بدون سبب منطقي! تقاعد عشان يبعد الأنظار عنه ويشتغل براحته لكن مع ذلك قدر يتسرب خبر معرفته بأدلة قوية وشغله فيها لرائد اللي ظل يهددها فترة طويلة حتى يوم الحادث اللي دخل فيه سليمان على الخط، كل التفاصيل عن الحادث عرفتها لكن أعرف شي واحد، إنه أبوك الله يرحمه بعد تقاعده أشتغل و سلمني كل شي، كنت معاه لحظة بلحظة وإحنا نكتشف أمر سليمان ونحاول نحاصره، لكن ما كمل أبوك وأخذ الله أمانته، وكملت اللي بداه مع مقرن وكنت عارف إننا نرتكب أخطاء كثيرة بحقك يا عبدالعزيز وبحق حتى سلطان وبوسعود، لكن كنا مجبورين عشان نكمل بحثنا ونتصرف معهم، سليمان اللي أكتشفناه أنا وأبوك قبل أكثر من سنة، قبل كم يوم عرفوه بوسعود وسلطان! يعني حتى خبر يهم شغلهم ويحدد مصيرهم توهم يعرفونه!! يعني فيه أشياء ما نقدر نقولها ماهو رغبة منا لكن غصبا عنا، ولو أبوك عايش كان بيقولك نفس الكلام! بيقولك إننا أحيانا نضطر نخبي جزء من الحقيقة عشان ننجح بشغلنا! فيه أشياء كثيرة شافوها سلطان و عبدالرحمن وأنخدعوا فيها مننا لأن كانت المصلحة وقتها إنهم ما يعرفون! وأنت بعد المصلحة وقتها كانت تقولنا إنه ماهو لازم تعرف الحين! و كنا بنقولك بوقت مناسب، لكن سليمان أستغل الفرصة وطلعنا بعيونك ناس حقيرة ما تفكر فيك والحين رائد بعد كملها . .
        سلطان من مسافة طويلة بعيدا عنهم : أكرهنا ماراح نجبرك تحبنا، ولا راح نجبرك تسامحنا، نبيك بس تفكر بأسبابنا وتفهمنا
        عبدالعزيز نظر إلى سلطان، أكمل بنبرة صادقة : ماهو بإيدنا، ماهو كل شي نبيه يتحقق لنا عشان سلطتنا، لا يا عز! أحيانا تتحقق أشياء كثيرة رافضينها لكن مضطرين نتعامل معها وتعاملنا معها ماهو يعني موافقتنا عليها ونفس هالشي ينطبق على غادة
        عبدالعزيز : لما ماتوا أهلك كم ضليت ما تعرف بالموضوع؟ . . يوم . . يومين . . ثلاث . . أسبوع؟
        سلطان : شهر ونص
        عبدالعزيز : وأنا أكثر من سنة يا سلطان، حرقتوني! وتقولون معليش ماهو بإيدنا، تذبحوني وتقولون بعد معليش ما قصدنا ناخذ من عمرك حياته، وأنا معليش بعد! لا تطلبون مني فوق طاقتي! لا تحاولون تقهروني اكثر بأسبابكم اللي ما تشفع لكم!!
        سلطان : وهالأسباب اللي ما تشفع لنا تخليك ترفع سلاحك على واحد فينا؟
        عبدالعزيز : أسألك بالله لو أنت مكاني كان تقبلت الموضوع بصدر رحب؟ أنا لو بإيدي الحين أنهيكم من على هالأرض
        سلطان : ماراح أتقبل لكن ماراح أوقف ضدهم
        عبدالعزيز : همشتوني بما فيه الكفاية
        سلطان بغضب والضيق يغزو محاجره : لا صار على كتفك أمن وأمان شخص واحد بتعرف شعورنا الحين فما بالك بأرض وخلق!! لا عرفت قيمة إنك ما تقدر تنام من التفكير بتفهم ليه سوينا كذا؟ بتعرف إننا أحيانا نمشي ونكمل وإحنا مقتولين من الداخل!! تحسب أبوك مايعني لي شي؟ أبوك كان كل حياتي، لو أقولك رباني ما كذبت! وأنا رجال طول بعرض أعاد كل أفكاري ورباني عمليا، بعد الله هو صاحب الفضل باللي وصلت له الان، وتحسبنا جدران مالنا إحساس؟ بعد وفاة أهلك كنا أكثر ناس منهارين من داخلنا! وأنا فقدت أبوي! أبوي اللي ما حمل دمي لكن حملت قلبه معي وين ما رحت!! لو كان لي القدرة بأني أعرف أنه كل هذا راح يصير كان حبسته بعيوني وما خليته يروح مكان! لو كنت أدري بموضوع سليمان كان حاولت أوقفه حتى لو على حساب منصبي!! مو وحدك اللي واجهت الموت والفقد يا عبدالعزيز! كلنا فقدنا ناس نحبها وكلنا جربنا الموت، أنا أسوأ شخص ممكن تقابله في الحياة العادية وأتمنى إني ماني سيء كثير بالحياة العملية! وش تبي؟ وش تطلب؟ تبينا نعتذر؟ أنا أقولها لك قدامهم الحين أنا اسف، أنا اسف يا ولد أبوي! تبينا نبرر لك؟ بررنا لك؟ وش تبي منا بالضبط؟ تبينا نبعد عنك ولا عاد تشوفنا؟ أبشر، كمل حياتك بالمكان اللي تبيه، ماعاد راح نتدخل فيك ولا راح نجبرك تشتغل أو حتى تجي الرياض، بس نبي منك شي واحد! لا تضيقها في وجهنا! ماندري إحنا نحيا بكرا ولا نموت، لا تضيقها علينا وأنت تدري إنه نيتنا إتجاهك سليمة من كل هذا.
        عبدالعزيز وهذه النبرة الصادقة تضعفه و " اسف يا ولد أبوي " متعبة بإتكاءها على قلبه الهزيل.
        للمرة الثانية يعتذر لي! وأنا الذي سمعت من الجميع أن اسف لا يعترف بها سلطان ولا تخرج من شفتيه، ماذا يعني أن يقولها لي؟ ماذا يعني أن يخصني بها؟ أريد أن أصدقك ولكن كل شيء بما فيهم قلبي يقيم حاجزا بيني وبينكم، أشعر بمرارة أكبر من كل شيء، وأشعر أن الدمع يحتبس بقلبي ويملئه حزنا في هذه الليلة، أشعر بأنني أحتاج بشدة لأبي، محتاج أن أضع رأسي في حجره وأشرح له حزني، يبه أشتقت أن أقولها! يا ماساتي الكبيرة و يا حزني! مهما قلت أعتدت الفقد تصفعني الحاجة، الحاجة لكلماتهم الخافتة و سكينة حضورهم، لو أنني ظفرت بدقائق أخيرة مع أبي قبل أن يرحل، قبل أن يغادرني ويتركني على غصن جاف، يحييه بكاءي في كل مرة، أشتقتك هذا كل ما في الامر.

        يتبع

        تعليق

        • *مزون شمر*
          عضو مؤسس
          • Nov 2006
          • 18994

          رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

          النهاية | الجزء 81.



          تعيش أنت وتبقى
          أنا الذي مت حقا
          حاشاك يا نور عيني
          تلقى الذي أنا ألقى
          قد كان ما كان مني
          والله خير وأبقى
          ولم أجد بين موتي
          وبين هجرك فرقا
          يا أنعم الناس بالا
          إلى متى فيك أشقى
          سمعت عنك حديثا
          يا رب لا كان صدقا
          حاشاك تنقض عهدي
          وعروتي فيك وثقى
          وما عهدتك إلا
          من أكرم الناس خلقا
          يا ألف مولاي مهلا
          يا ألف مولاي رفقا
          لك الحياة فإني
          أموت لا شك عشقا
          لم يبق مني إلا
          بقية ليس تبقى

          بهاء الدين زهير.




          ،

          شحب لونها من الأرق والبكاء، إلتفتت لتنظر إلى غادة الغارقة بالتفكير، أخذت نفس عميق لتقف وتجلس بمقابلها : ليه ما نمتي؟
          غادة : مافيني نوم
          ضي : سمعتي عبير بنفسك، قالت أنهم بخير الحمدلله بس هالمرة شكله شغلهم مطول،
          غادة بعين تدمع وبكلمة مكسورة تعبر صوتها بعكازة البحة : بتطمن بشوفتهم، مشتهية أفرح، كل مافرحت صارت مصيبة لين بديت أخاف حتى من إحساسي بالسعادة، ودي بس لو مرة تتم اموري بدون لا يطلع لنا هم جديد
          ضي وضعت كفها فوق كف غادة الدافئة كعينيها بهذه اللحظة، سبحان من خلق هذه العينين ودقتها، وأقتبسها من عيني عبدالعزيز بذات الدقة، إن عيناهم قتالة بالوجع، وأنا أشعر برعشة حزنهم، أن تقف بالمنتصف دون أن يجاورك أحد، لا أم تخفف وطأة الحياة على قلبك ولا أب يقرأ على رأسك ايات السكينة كلما تزعزع أمنك، الوحدة أن تكون الشمس فوقنا تحرق أجسادنا وتبقي الروح باردة / مرتجفة. من يدثر الروح؟ لا شيء كقرب الحبيب، أشعر بك يا غادة وبهذا الحزن المصطف في رمشك.
          غادة بصوت مخنوق : يا رب رحمتك
          ضي بإبتسامة ناعمة مسحت دمع غادة بأطراف كفها : نامي وارتاحي، وإن شاء الله الصباح يجينا خبر حلو، أدري إنك تحسين بالوحدة هنا لكن كلنا جمبك، وعبدالعزيز يهمنا والله
          غادة بلعت ريقها بصعوبة ومحاجرها تكتظ بالدمع : بحاول أنام . .
          ضي نظرت لعبير التي نامت أخيرا وشعرها المبعثر يغطي نصف ملامحها، اقتربت منها لتغطيها جيدا بالفراش، وضعت يدها على بطنها، تجمدت خطاها اول ما شعرت بإهتزازته وحركته الخافتة في رحمها، قفزت الإبتسامة إلى شفتيها ودمعة رقيقة تعبر خدها الأيمن.
          هذه الأمومة تأتيني بفرح أكثر مما أستحق، لا أدري كيف أجازي هذه السعادة بشكر يليق بالله! أنا ممتنة حتى للأيام السينة التي جعلتني أشعر بحركة أبني، ممتنة للحياة الناعمة التي تجيئني كلما تذكرت أنني / أحمل طفلا في أحشائي، لو انك معي يا عبدالرحمن الان؟ لو أنك تشعر بزوجتك وحبيبتك و إبنتك أيضا! لو أرى عيناك وهي تبتسم لحركاته في بطني، ليتني أراها الان وأشرح لك مقدار الحزن في بعدك ومقدار موتي في غيابك، يالله يا عبدالرحمن! تمكنت من قلبي حد اللا حد.


          ،

          في الصباح الباكر، على بعد بضع كيلومترات من حائل، إلتفت لمنصور : نريح شوي ولا جاء الظهر رحنا لهم
          منصور : إيه شف لك أي فندق على الطريق ننام كم ساعة
          علي وضع يده على فمه وهو يتثاءب : جاني النوم، تعال سوق بدالي لين نلقى لنا فندق
          منصور : لا تكفى واللي يرحم والديك ميت أبي النوم
          علي : الله لا يبارك في العدو، كله بيوت ماهنا فندق!!
          منصور : إذا مالقيت شف لك أي ظلال وأوقف عندها، ننام بالسيارة لأن طاقتي طفت
          علي : شف الجو غيم! شكلها بتمطر . . الله يرزق الرياض المسكينة
          منصور : قبل كم يوم مطرت الرياض
          علي : قصدك رش!! ووقف بعدها . .
          منصور تنهد : يالله عاد الحين نستلم تحليل مناخ السعودية منك وبنجلس طول الصبح كذا
          علي إبتسم : والله ناقصنا يوسف كان حللك المناخ صح . . . . لحظة لحظة . . فتح شباك منصور ليقف عند إحدى الرجال : السلام عليكم أخوي
          : وعليكم السلام
          علي : وين نلقى فندق قريب؟
          : خلك سيدا لين يلف فيك الشارع يمين ثم بتل سيدا بتلقى دوار لف من عنده يسار وبيوضح لك فندق بنهاية الشارع
          علي : مشكور ما تقصر . . .
          في الرياض بمثل هذا الوقت كان يوسف جالس بسيارته ينتظرهم وعيناه المتعبة تغطيها النظارة الشمسية، ومع طول إنتظاره بدأت أفكاره تنشغل بلسع قلبه. هي لم ترى فيني إلا زوجا مؤقتا من السهل عليها أن تنفصل عنه، وأنا لم أرى بها إلا حياة من الصعب علي أن أدفنها، وإذا دفنت أرضها كيف أهدم سماءها؟ كيف أتجاهل اثارها الباقية في قلبي؟ وكيف ألم الحطام الذي خلفته وأنساها؟ تمارسين يا مهرة معي أشد انواع العذاب، لا أدري كيف استطعت أن تحملين ذنب غيرك من أجل الدفاع عن أفكار والدتك وأنا؟ من يدافع عن قلبي؟ أنا الذي رضيتك قناعتي بهذه الدنيا، وأنت البسيطة الناعمة التي كان النور يقف بعينيها كلما حاولنا أن نعتمك، ولكنك الان ترتضين بهذه العتمة؟ وأنا الذي عهدتك قوية تقمع الظلام بيديها؟ أين العهد؟ وأين ميثاقه؟
          دخلت أم فيصل : السلام عليكم
          يوسف : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          ريف بشقاوة قفزت لتجلس بين الكرسيين الأماميان وتنظر ليوسف، إبتسم لها وهو يقبلها ويستنشق رائحتها الجميلة : كيف ريف ؟
          ريف تقلد نبرة الكبار : الحمدلله
          أم فيصل بهدوء : ريف . .
          يوسف : خليها عندي . . شلونك يا أم فيصل ؟
          أم فيصل : بخير الحمدلله
          ركبت هيفاء . . السلام عليكم
          يوسف : وعليكم السلام . . . أجلس ريف بجانب هيفاء في الأمام : لا تتحركين
          ريف التي تحتضن عروستها الصغيرة: طيب
          حرك سيارته متجها إلى المستشفى، وبظرف زمن قصير ركنها في الأماكن المخصصة. نزل ويده تمسك بيد ريف ومن خلفه هيفاء و أم فيصل، صعدا للطابق الذي يحتوي على جناحه.
          صادفه الدكتور الذي أصبح صديق يوسف من أحاديثهم المكررة : يوسف ..
          إلتفت عليه : صباح الخير
          الدكتور : صباح النور . . عندي لك خبر حلو
          يوسف : بشر
          الدكتور : فيصل فتح عيونه وصحى، حتى تكلم معانا . . تونا خلصنا من فحصه وتأكدنا من وعيه التام بكل الأمور اللي حوله . .
          أبتهلت عين والدته المتلهفة له، يا رحمة الله التي لا تتركنا أبدا، وحين قلت يالله لا أقدر على رؤيته مريضا كان الجواب إستيقاظه، يا روح أمك التي تشتاقك كلما باعدت بجسدك الطرق الطويلة وأبقيت قلبك حاضر معنا، يا ريحة الغالي و يا السعادة التي تحتضر إذا تعبت، أمر مرضك ليس عاديا، هذا المرض تنزف له أرواحنا و ربك يشهد على بكاءنا و غرقنا، يالله عليك يا فيصل إن حملت الوجع بجسدك و أوجعتنا به نحن الذين نسكن صدرك ونرى الحياة بعينيك من الطبيعي أن نفقد توازن الحياة بعتمة حضورك.
          يوسف رفع نظارته ليضعها فوق رأسه : ياربي لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك . . . سار بإتجاه غرفته ليفتحها بهدوء، ركضت ريف أولا ليتبعها يوسف بإبتسامة شاسعة : الحمدلله على السلامة . . حي بو عبدالله وحي هالوجه
          فيصل الذي يشعر بثقل لسانه، حاول أن يلفظها بإتزان ولكن خانه إتزانه واكتفى بإبتسامة.
          ريف تتأمل الأجهزة بإندهاش كبير وهي التي لم تدخل غرفة كهذه مسبقا، دارت حول نفسها فوق الكرسي الذي وقفت عليه : يعورك؟
          فيصل هز رأسه بالرفض دون أن ينطق شيئا. ريف بحركة سريعة جلست على السرير المرتفع بجانب رأسه بسبب قرب الكرسي منه، أنحنت عليه لتقبله أسفل عينه اليمنى، فيصل بتعب واضح بحركاته الثقيلة، وضع ذراعه خلف ظهرها ليقبل خدها بإبتسامة ضيقة.
          اقتربت منه والدته وهي تخلخل يدها بيده الباردة : الحمدلله على السلامة يا أبوي
          يوسف اقترب هو الاخر ليحمل ريف حتى لا تضايقه بحركتها . . قفزت على يديه لتمسك بيده وتخرج معه : هو مريض حيل ولا نص ونص ولا شوية؟
          يوسف يسير معها في الممر : شوية، بس هو كان يبي يشوفكم الحين بنرجع له وتجلسين معه، بس قولي دايم الله يشفيه ويخليه وبيصير طيب
          ريف بشقاوة نبرتها : الله يشفيه ويخليه . . الله يشفيه ويخليه . . الله يشفيه ويخليه . . الله يشفيه ويخليه . .
          يوسف لم يتحمل فتنة صوتها الطفولي، حملها بين يديه ليغرقها بقبلاته : باكلك مالي شغل
          صخبت ضحكات ريف، يوسف أبعدها بإبتسامة : إذا جتني بنت بسميها ريف
          ريف رفعت حاجبيها : لا أنت بتسميها تهاني
          يوسف بضحكة : ماشاء الله تبارك الرحمن، تتذكرين؟
          ريف : إيوا قلت لي مرة إنك تحب تهاني
          يوسف إبتسم : بنتي الثانية بسميها ريف، أنا بكثر نسل الأمة إن شاء الله
          ريف لم تفهم كلماته : وشو نسل؟
          يوسف : يعني بجيب بنات كثير وعيال كثيير . . بتصير عايلتنا كبيرة
          ريف : لا مو حلو، بس بنت وحدة و ولد واحد
          يوسف : ليه مو حلو؟ ماتبين عايلتنا تصير كبيرة؟ وفيصل يجيب عيال كثيير بعد
          ريف بغيرة : لا أنت تجيب كيفك بس فيصل لا
          يوسف بضحكة : ليه فيصل لا ؟
          ريف : فيصل لي بروحي أنا وهيفا وأمي
          عنده، أجهشت عيناها الحانية بالدمع، فيصل عقد حاجبيه وتزداد صعوبة حديثه : يمه
          والدته : يا عيونها . . لا تتعب نفسك بالكلام . . أنحنت وقبلت جبينه حتى سقطت دمعة عليه . . الله لا يفجعني بس ولا أبكيك
          هيفاء نزعت نقابها وهي تقف بنهاية السرير، كانت تنظر إليهما دون أن تتحدث بكلمة.
          والدته : البيت بدونك ما يسوى، فقدناك كثيير
          فيصل أكتفى بإبتسامة أمام مشقة الكلام، وملامحه تزداد إصفرارا بالشحوب، كان هذا أقسى ما واجهه طوال عمره، أن يواجه الموت بعين مفتوحة، وهو يدرك أن لا رجلا من بعده عند والدته، خاف كثيرا من وحدة تصيب امه ومن حزنا يصب في قلبه، أدرك معنى درويش في قوله " وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي "، أول ما أستيقظ في ساعات الفجر الأخيرة ضل لثوان ودقائق يتأمل المكان دون أن يصدر حركة ما، أسترجع الأحداث الأخيرة و يمه التي بحثت عيناه لموضع يطمئن به عليها، إلى أن دخل الممرض وتفاجئ من إستيقاظه، اقترب منه وهو يضع يده على عينيه ليتأكد من وعيه، لم يكن يدرك ماذا يفعل الممرض ولكن أراد أن يرى والدته، همس ببحة قاتلة : يمه . . ليأته صوت الممرض : الحمدلله . . خرج لينادي الدكتور.
          أعادته والدته بصوتها ونظراتها التي تملؤوها اللهفة، أعادته لواقعه وبترت أفكاره : طول الليل وأنا أدعي إني ما أشوفك بحالة سيئة، الحمدلله إنك صحيت ومن الله عليك بالعافية، كل شي يهون دامك تحس فينا وباللي حولك . .
          فيصل أحمرت عيناه بدمع مخنوق، نظرات والدته تكسره جدا وتكسر حتى حصون هيفاء وتبكيها.
          والدته تمسح ملامحه ودمعته قبل أن تسقط، إبتسمت : الحمدلله إنك بخير . .
          فيصل أغمض عينه لثوان طويلة حتى تتزن محاجره وتبخر دمعه، فتحها والإبتسامة تحيي شحوبه : الحمدلله . . . نظر إلى هيفاء الواقفة بعيدا عنهما.
          والدته إلتفتت عليها : تعالي أجلسي أنا بروح أشوف ريف . . خرجت وتركتهما حتى لا تضايقهما وبالحقيقة كانت تريد أن ترتاح من حشد الدموع المحتبسة بداخلها ولم تود أن يراها فيصل بهذه الحالة.
          اقتربت هيفاء منه وجلست بجانبه ويديها تتشابك بنقابها المتوسط حضنها، دون أن ترفع عينها الباكية له.
          فيصل مد يده إليها.
          كيف أخبرك يا فيصل بأن نظرة منك تعيد هذا الإتزان و التوازن في الحياة، يا رب لا تجعلني أراه حزينا أو تعيسا أبدا، لا قدرة لي على تحمل دموع الرجال التي تفقد قلبي وعيه، كيف لو كان الرجل / أنت! أشتقتك كثيرا، لو تدري أنني ملكت الكون هذا الصباح برؤيتك، لم أفقد أملي بشفاءك أبدا، ولكنني كنت أنتظر بلهفة أن أراك تبادلني النظر.
          وضعت يدها في يده، قرب كفها من شفتيه التي قبلتها بعمق جعل عيناها تصب انهارا من الدموع.
          فيصل : لا تبكين
          هيفاء بين دمع مالح يضيق بحنجرتها نطقت : غصبا عني، كنت راح أموت لو صار لك شي، كل ليلة أحلم فيك وأشوف نفس الصورة اللي شفتها ذيك الليلة يوم كنت على الأرض ودمك يغرق فيك، خفت! . . من إني أفقدك! وخفت على أمك بعد . . .
          فيصل شد على يدها وكأنه يريد أن يخبرها بأنه بجانبها دائما، أراد أن يتحدث بكلمات كثيرة ولكنه صوته الضعيف يندس بصدره.
          هيفاء : الحمدلله إنك بخير . . الحمدلله، أمس كنت أبكي لأنك ما تحس في وجودي واليوم تكلمني! وش كثر سعادتي فيك يا فيصل
          فيصل بلع ريقه بصعوبه وهو يغمض عينيه من حدة حنجرته الجافة، هيفاء شعرت به : لا تقولي شي، يكفيني أشوفك ويارب تقوم لنا بالسلامة


          ،

          تقلب كثيرا وهو يحاول العودة إلى النوم ولم يستطع، وقف وأخذ هاتفه ليخرج من الغرفة، اتصل على ياسر الذي تحدث معه في بداية علاج تركي : السلام عليكم
          ياسر : وعليكم السلام . . مين معاي؟
          عبدالمحسن : عبدالمحسن خالد ال متعب
          ياسر : يا هلا والله . . بشرنا عنك ؟
          عبدالمحسن : بخير الحمدلله . . أتصلت عشان أتطمن على حالة تركي
          ياسر : تركي من أسبوع هو بالسعودية
          عبدالمحسن لم يتوقع ولا للحظة أن ما رأته الجوهرة حقيقة : عفوا؟
          ياسر : تركي عندكم
          عبدالمحسن : كيف يطلع بدون إذن مني؟
          ياسر : با بو ريان ماعاد له حاجة بالجلوس أكثر، أنا بنفسي حجزت له تذكرته وعلى مسؤوليتي
          عبدالمحسن بغضب : فيه قوانين بالمستشفى صح كلامي ولا غلطان؟
          ياسر : تركي عرف غلطته ومحتاج وقفتك وياه الحين
          عبدالمحسن : بس ماكان لازم يطلع بدون علمي
          ياسر بهدوء : أعتذر منك لكن أنا سويت اللي شفته صح، راح أرسلك رقمه الجديد الحين وأتمنى أنك تكلمه
          عبدالمحسن بعصبية أغلق الهاتف دون أن يجيب عليه بكلمة، إتجه ناحية غرفة الجوهرة ليفتح الباب بهدوء ويطل عليها، كانت نائمة بهدوء وسكينة لا يزعزعها شيء، اقترب منها لينحني بقبلة رقيقة على رأسها، أبعد شعرها المبعثر من وجهها وضل يتأملها لوقت طويل حتى خرج.
          نظر إلى شاشة هاتفه التي تضيء برسالة جديدة، نزل للأسفل متجها إلى المجلس الخارجي.
          جلس لثوان طويلة يتأمل الرقم دون أن يضغط عليه، ثانية تلو الثانية حتى اتصل، أتى صوته الضيق : ألو
          عبدالمحسن لم يظن أبدا أن صوته العائد يقيم الحنين في قلبه : السلام عليكم
          طال صمت تركي بعد أن سمع صوته، حتى نطق : وعليكم السلام
          عبدالمحسن : الحمدلله على السلامة
          كانت إجابات تركي لا تجيء سريعا، كانت الربكة واضحة في نبرته : الله يسلمك
          عبدالمحسن : وينك فيه؟
          تركي بلع ريقه بصعوبة : بفندق
          عبدالمحسن : أي فندق؟
          تركي : ليه؟ . . والله ماني مقرب لكم بشي وبطلع من حياتك كلها
          عبدالمحسن : أبي أشوفك
          تركي برجاء : عارف وش بتسوي! لكن والله ما عاد راح أقرب لكم! وإذا تبيني أطلع من الشرقية بكبرها راح أطلع وأروح لأي مكان ثاني . .
          عبدالمحسن : تركي! قلت أبي أشوفك . . أرسلي العنوان بسرعة، بنتظرك دقيقتين وأشوف العنوان عندي . . أغلقه وضاق قلبه بصوته المتوسل الذي يظن بأنه سوف يتعرض له.


          ،يتبع

          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


            دخل رائد ومعه اسلي ليتوسط المكان أمامهم، إبتسم بإنتصار لذيذ لروحه وهذه الضربة التي ستقصم ظهورهم، جلس أمامهم : طبعا عشان أضمن حقي بعد، راح أوقعكم ولو حاولتوا تغدرون فيني بطلع هالورقة وأقول شوفوا! حتى هم شركاء معي . .
            عبدالرحمن عقد حاجبيه : وين ناصر؟
            رائد إبتسم بإستفزاز : بالحفظ والصون طمن قلبك . . بس نخلص إجراءات عقدنا بالأول
            اسلي ذو الملامح العربية رغم بياضه الذي يميل للشقار، دون أن ينطق كلمة واحدة فتح الملفات ووزع الأوراق على الطاولة، نظر سلطان إليه بنظرات متفحصة مدققة.
            دخل فارس،و نظر إلى والده بنظرة أراد أن ينفذ بها رجاءه بأن لا يضرهم و جلس على الكرسي الذي خلف مكتب رائد.
            رائد يمسك القلم ويوقع على الورقة تلو الورقة، والإبتسامة لا تفارق محياه، رفع عينه لعبدالمجيد : دورك
            عبدالمجيد بإستجابة لأمره، إتجه إليه وأخذ الأوراق ليوقعها، وضعها على الطاولة ليأت الدور على عبدالرحمن الذي لا يدري بأي هم يشغل تفكيره ومن كل جهة يهجم على جسده هم جديد، أنحنى ليوقع ويشترك بعملية محرمة قانونيا.
            أخذ سلطان القلم منه و وقع هو الاخر كشريك في هذه المهمة، رمى القلم على الطاولة ليلقي بنظرة متوعدة في وجه رائد.
            رائد بإبتسامة : شرفتوني يا شركائي، مدري من دونكم وش كان راح يصير!!
            عبدالعزيز دون أن يبالي بما يحدث : وين ناصر؟
            رائد : ناصر؟ . . بيجيك لا تخاف
            عبدالمجيد بحدة : رائد! طلع ناصر
            رائد بضحكة : قلت لكم بيطلع! هدوا . . بعدنا ما تناقشنا ببنود إتفاقنا
            عبدالرحمن : ما عاد باقي بيننا كلام! طلع ناصر بسرعة
            عبدالمجيد نظر إلى اسلي بنظرة أثارت الريبة في نفس رائد، اسلي وقف وهو يلملم أوراقه، اقترب من رائد أكثر وهو يسقط ورقة بجانب قدمه، أنحنى ليأخذها ويقف بجواره، بحركة مخادعة كان يريد أن يدخل هاتفه بجيبه ولكن سحب السلاح من حزامه و وضعه على رأس رائد.
            فارس وقف بصدمة، تبعتها نظرات سلطان وعبدالرحمن وعبدالعزيز أما عبدالمجيد فكان ينتظر هذه اللحظة.
            رائد تجمدت ملامحه أمام فوهة السلاح الملتصقة برأسه، كل رجاله الذين حوله أخرجوا أسلحتهم الموجهة إلى اسلي
            رائد بحدة موجهة لرجاله : وش تنتظرون؟
            اسلي شده من رقبته أكثر وبلكنة نجدية صدمته صدمة قاسية : لو قرب واحد منهم ماراح يحصلك خير
            تجمدت نظرات الجميع عندما ضجت مسامعهم بنبرته العربية، لم يتوقعوا ولا في الخيال أن اسلي خدعة.
            فارس اقترب غير مباليا لتأت صرخة والده : أبعد
            فارس بعقدة حاجبيه : ماراح أبعد . .
            عبدالمجيد : فارس
            فارس بصراخ إلتفت عليه : ما قلت لي إنه بيصير كذا!!!
            عبدالمجيد : وأنا عند كلمتي . . فارس أبعد
            فارس : ماراح أبعد . . اقترب بخطاه إلى والده، بنظرات حادة من اسلي : إذا تبي سلامة أبوك أبعد
            وقف بلا حول ولا قوة، نظر إلى عيني والده بنظرات أراد أن يسحب بها روح والده ويحبسها بداخله، أراد أن يقتبس هذه النظرات من عينيه ويضعها في جيب قلبه.
            عبدالمجيد : سنين وسنين وإحنا نحاول نوقفك، كان لازم تعرف إنه العدالة راح تقام في يوم وإنه لذتك ماراح تدوم
            رائد : شايف كم شخص حولي؟ بغمضة عين راح تنتهون بدون لا تثيرون شفقتي
            عبدالمجيد : وبغمضة عين راح تنتهي بعد . . عبدالملك . .
            عبدالملك ( اسلي ) : بهدوء راح تمشي قدامي وأي تعرض أو حركة من أحد رجالك راح يعرضك للموت ماهو للخطر بس!! مفهوم كلامي؟
            ضج صوت سيارات الشرطة المحاصرة للمكان في الوقت المناسب، أردف : خلهم يرمون أسلحتهم
            بنظرات من رائد دون ان ينطق كلمة رمى رجاله كل الأسلحة التي بحوزتهم، عبدالملك : الشرطة تنتظرك! ماعاد فيه أي مجال للهرب ومثل ما قلت لك محاولتك للهرب راح تنهيك.
            رائد عض بأسنانه شفته السفلية، لا يتحمل أن يهزم في أوج إنتصاره.
            سار خطوات قليلة أمام أنظار فارس التي تضيق شيئا فشيئا، رائد بتهور دفع بقدمه ساق عبدالملك، ليشده عبدالملك أكثر ويسقطه على الأرض، تقدم أحد رجال رائد ليمسك ذراع عبدالملك و يحاول أن يخلصها من السلاح، وبجزء من الثانية أنطلقت رصاصة والمفاجئة أنها كانت من يد إحدى رجاله وليس عبدالملك، أصابت الجزء الأيسر من صدره ليسقط على ظهره، بتهور من ذات الرجل أنطلقت رصاصة أخرى بجانب إصابته الأولى، ضج المكان بصوت الرصاص حتى تدخلت أفراد الشرطة وبدأت تمسك رجال رائد بأكملهم ومعهم سليمان.
            عبدالعزيز أرتعش قلبه من منظر رائد، و صدمة فارس التي أمامه.
            سقط فارس على ركبتيه وهو يقترب من والده : يبه! . . يبببه . . . صرخ بقوة : يبه . . . يبه . .
            بكى دون أن يحاول أن يمسك نفسه، تساقطت دموعه كنزيف من الدماء الثائرة، وضع يده على صدر والده المبلل بالحمرة وعينا رائد مغمضة فقدت الحياة، ضرب صدر والده كثير بكفيه وهو يردد بأنين يشبه أنين الأطفال الذين تاهوا في الدنيا، فقد الإتزان وعقله تماما وهو غير مصدق هذه الحمرة التي تغرق المكان : لا تتركني! . . لا تتركني . .. قوووم . . . صرخ . . قوووووووم . . . وضع رأسه على صدر والده وهو يجهش بالبكاء وبدأ الغاز يتسرب والمتفجرات تعمل عملها بالعد التنازلي للدقائق البسيطة.
            عبدالمجيد حاول أن يسحب فارس الذي دفعه : ما يموت . . مستحيل يموووت ويتركني
            سلطان أختنق وهو يفتح أزارير قميصه، عبدالعزيز بخطى سريعة خرج وهو ينزل للأسفل، إلتفت يمينه وشماله يبحث عن ناصر، أندلعت النار أمامه ليبتعد، صرخ حتى يسمعه : ناصر!! . . . أتى إحدى رجال الأمن ليخرجه.
            عبدالعزيز دفعه عنه ليسحبه الرجل مرة أخرى، صرخ بوجهه بالفرنسية : ليس موا " laissez moi = أتركني "
            اقترب أكثر وهو ينادي بصوت أعلى : ناصصصر! . . .
            في الأعلى كان يرثي والده بأشد انواع البكاء و القهر، تبللت ملابسه بدماء والده وهو ينادي يبه حتى بح صوته ولم يلقى سوى الصدى، لم يبالي بالإختناق الذي يواجهه من الغاز المتفجر بالمنزل ويدرك أن عدة ثواني وسينفجر كل هذا.
            لا حياة تنتظرني دونك، لا أريد العيش! أنا أقبل على الموت بشهية مفتوحة يا والدي، رد علي قل أنك تسمعني! قل أنك هنا معي، لا تصمت، هذا الصمت لا يليق بك، قل ولدي فارس حتى أطمئن أنك بخير، قلها، لا تصمت! لا يمكنك أن تموت هكذا وأنت وعدتني أن تبقى معي دائما مهما تعارضت معك، لا يمكنك يا أبي أن تفعل هذا بي! لا بد أن تقاوم! لا بد أن أسمع صوتك وحالا.
            همس : يبه . . يا روح ولدك، يا روح فارس كيف تترك هالروح؟
            اقترب منه عبدالمجيد مرة أخرى وهو يجلس على ركبتيه بجانبه : فارس
            فارس : قوي! يقدر يقاوم! أعرفه يقدر . . صابوه كثير لكن قام . .
            عبدالمجيد سعل من الجو الملوث : قوم . . قوم معي
            فارس أخفض رأسه ليجهش بالبكاء وأنينه يشطر عبدالمجيد : ليه سوا كذا؟ ليه؟
            دخل رجلان يحملان سرير الإسعاف حتى يضعون رائد عليه ويخرجونه من المنزل.
            فارس نظر إلى والده نظرة أخيرة، أنحنى ليقبل رأسه وهو يبكي فقده، أطال بتقبيله حتى ألتصق أنفه بجبين والده وعيناه تئن وتغص بالدمع، كانت صرخاته فوق أي رجولة تحاول أن تكابر أمام بكاءه، صرخاته كان ظلها / حاد في صوته المبحوح. ومازال يحاول أن يسترجع صوته بنداء والده.
            كنت أريد أن اقول لك قبل أن ترحل، أنني اسف على كل لحظة تذمرت فيها منك، أنني اسف على كل لحظة لم أقف بها بجانبك، إنني اسف على كل لحظة رأيتك بها ولم أقل لك " أن حظي بائس بعملك المحرم وحظي الجميل أنك أبي " . . أنا اسف لأنني لم أستطيع أن أوقف شر أعمالك، ولم أستطع أن أغيرك، ليتني حاولت أكثر! ليتني جعلتك تموت بسلام أكبر، أنا اسف لأنني لست بخير الان وأنت الذي كنت تقول لي دائما " يهمني تكون بخير "، رحلت الان! وكيف أجد شخصا يخبرني بذات القول.
            حضن رأس والده وهو يقربه من صدره ويشم رائحته للمرة الأخيرة، كان يقبل جبينه مرارا وهو لا يريد ان يتركه.
            تقدم الرجلان حتى يحملا جسده، فارس برجاء : قولهم بس دقيقة . . بس دقيقة
            عبدالمجيد الذي لا تدمع عيناه الا نادرا، صعدت الحمرة في أوجها على حال فارس، أشار للرجلان بالإنتظار قليلا رغم أنه لا مجال للإنتظار أمام تصاعد الغاز.
            أريد أن أحبس رائحتك في، أن أحملك معي، لم رحلت؟ لم؟! يا من أفديه بروحي و إن طلب عيني لأخترت العمى، طعم اليتم وأنا بهذا العمر لاذع يا أبي! طعمه مر لم أعتاده رغم بعدك عني في أيام كثيرة، ولكن لا أحتمل بعدك عمرا بأكمله، يا روح روحي، لم فعلت بنفسك هذا؟ لم قتلتني وقتلت نفسك؟ كيف سأواصلك؟ كيف سأسمع صوتك إن أشتقت إليك؟ إبنك ضعيف جدا أمام شيئين أنت أحدهما، من يربت على كتفي؟ من أخبره عن عشقي و أحلامي؟ من سيستهزأ بي الان بكلماته. من سيقول لي " خل الشعر ينفعك! " من سأخبره بقصائدي وكتاباتي؟ من سأغني له مقاطع شعرية كتبتها، من سأعيد على مسامعه كلما رأيته " يبه إحنا من قوم إذا عشقوا ماتوا " لمن أقولها من بعدك؟ أنا لا أبكي! ربما هذا نوع من الموت.
            عبدالمجيد وقف بعد أن إزداد إختناقه، ومسك ذراع فارس : خلاص . .
            فارس ترك رأس والده ليسقط بقوة على السرير الذي سيحمل عليه إلى ثلاجة الموتى.
            اقتربت يده من يد والده ليقربها من شفتيه ويغرقها بالقبل، أستشنق رائحته بلهفة وحنين يبدأ من هذه اللحظة، صبرني يالله! صبرني قبل أن أفقد قلبي معه.
            عبدالمجيد : قل إنا لله وإنا إليه راجعون . .
            فارس تصاعدت أنفاسه المضطربة وضج صوت رجفته : إنا لله وإنا إليه راجعون . . .
            في الأسفل كان عبدالرحمن يوقع على أمر أمني مختص بالشرطة، سلطان بحث بعينيه عن عبدالعزيز ليسير إلى الداخل بإنشغال عبدالرحمن الذي كان يحسب ان عبدالعزيز خرج.
            دخل لأول ممر لينادي وهو يضع الكمام على وجهه : عبدالعزيز . . .
            نادى مرارا وتكرارا وهو يتقدم أكثر للنار المندلعة في الطابق السفلي : عز!!!
            بحث بعينيه ليأخذ قطعة خشبية مرمية على الأرض ويحاول أن يقترب بها من النار حتى لا تصيب وجهه.
            صرخ بقوة أكبر : عز!
            أقترب منه إحدى رجال الإطفاء ودون أن يلفظ كلمة واحد أشار له بيده إلى مكان على يمينه، إتجه إليه سلطان لينظر لعبدالعزيز الذي يبحث بكل غرفة تواجهه رغم النار التي تحرق المكان : عبدالعزيز . . . مسكه من ذراعه
            عبدالعزيز إلتفت عليه بإضطراب أنفاسه المختنقة : وين ناصر؟ . . .
            سلطان : يدورونه . . أطلع . .
            عبدالعزيز يسحب ذراعه من بين يديه ليصرخ : ناصر!!
            سلطان بخضوع لفعل عبدالعزيز بدأ يبحث معه، وبكل لحظة تمر يتضاءل الأمل بداخله.
            إلا أنت يا ناصر! لا تخفيني بأمرك هكذا، لا تقتلني أكثر وروحي لم تعد تتحمل موت اخر، لا تفعلها أرجوك! لا تفعلها برفيق عمرك الذي أساء إليك ولكنه عاد، عاد من أجل العمر الذي مضى بيننا، أنت تعلم أنني لا أقدر على العيش دونك! أنت الذي تشاركني الحزن بقدر ما تشاركني الفرح، كنت دائما معي! وكنت تستنطق صمتي بعينيك، يا من علم عيني الدمع و أخبرتني دائما " لا تشكي لي! إبكي معي " لا تفعلها من أجل الله، وتقتلني.
            سلطان أنتبه لقطعة الزجاج القريبة من رقبة عبدالعزيز وسحبها لتدخل بكفه، قاوم وجعه وهو يشعر بفتات الزجاج بباطن يده، وقف قليلا ليخرج قطعة الزجاج الصغيرة، دخل غرفة اخرى : ماهو موجود!!
            عبدالعزيز : ما دوروه!. .
            سلطان : والله دوروه الرجال قبل شوي!! وبيدخلون الإطفائيين الحين يدورونه!
            عبدالعزيز : مستحيل وين أختفى؟ . . . صرخ بأعلى ما يملك من نبرة . . . ناصر
            وأين ناصر؟ أينك يا شاعرنا الذي كان يروينا بكلماته كلما جف المزاج وفسد، أينك يا روحنا التي تشاركنا وتحبسنا بداخلها دائما؟ أينك يا وجودنا في حضرة وجودك، يا من تمثلنا بقلبك وتشهد لنا؟ أينك يا بحة صوتي الحزينة حين تضيق الكلمات في حنجرتي؟ كل شيء فاتنا حتى الضحكة، علم هذا الصدى الحديث إن كان النداء / مبحوح، وعلم هذه النار بجسدك إن كان الجسد لا يرد لنا الكلمات! ناديتك بأقصى حمرة في دمائي ولم تجيبني؟ أينك؟ أخاف علي من ضياعي و حشرجة الجفاف في جلدي.
            سعل عبدالعزيز كثيرا إثر الإختناق، وبدأ تركيزه يضطرب، بحدة من سلطان لم تترك لعبدالعزيز أي مجال، ألصقه بالجدار ونزع كمامه ليضعه عليه : يمكن طلع . . . . . سار عبدالعزيز أمامه وهو من خلفه للخروج بخيبة أمل كبيرة، ثوان قليلة حتى أصابتهم أشعة شمس باريس، بحث بنظراته عنه في الطرق الطويلة المقابلة له! أأيجب أن أخاف الان؟
            نزع الكمام ليأخذ قارورة المياه التي امتدت له، أفرغها بجوفه، ليلتفت على سلطان : كيف يطلع؟
            سلطان ابتعد قليلا وهو يسعل ببحة موجعة، أخذ منديل ليلاحظ الدماء التي تندفع من بين شفتيه، أدرك أن جرح لثته، اقترب منه عبدالعزيز ليمد له الماء، تمضمض سلطان به وبدأ الإصفرار يتضح على ملامحه، مسح وجهه بالمياه الباردة، نظر إلى عبدالعزيز : يمكن طلع لما صعدوا رجال رائد لفوق، لأن مافيه أي شخص بالدور الأول
            عبدالعزيز رفع عينه للدخان المتصاعد من المنزل بعد أن أنفجرت النار به، وهو يدعو أن لا يكون ناصر بداخله.
            اقترب عبدالرحمن منهم : راح عبدالمجيد مع فارس، . . أنتبه لوجه سلطان ويده . . . وش فيك؟
            سلطان : دخلت فيني قطعة قزاز،
            إلتفت عبدالرحمن لإحدى المسعفين ليقترب منهم بنظرة فهمها، فتح شنطته ومازال إزدحام الأمن في الحي يضج في هذه الأثناء.
            عقم جرحه ولفه كفه بالشاش، ونظر إلى عبدالعزيز إن كان يحتاج شيء، دون أن يترك مجال لعبدالعزيز بالمناقشة أخذ كفه ليطهر جرحها الذي طال منذ الأمس، ولفها بالشاش أيضا.
            عبدالرحمن : شكرا . .
            عبدالعزيز : وين الفندق؟
            عبدالرحمن : بخليهم يوصلونك
            عبدالعزيز ضغط على جفنيه بشدة إثر الصداع الذي هاجمه، تنهد : طيب
            سلطان : أنا بروح لعبدالمجيد
            عبدالرحمن : بجيكم، بس بمر المستشفى وأتطمن
            عبدالعزيز الذي أغمض عينيه فتحها من لفظ المستشفى وأمال شفته السفلية بأسنانه.
            أبسط الحركات وأدقها كانت دليل واضح على العراك الذي يجري في قلبه، مشط بأصابعه شعره من مقدمة رأسه وهو يريد أن يفكر بإتجاه واحد، لا يخالطه أي إتجاه اخر ولكن هذا ما لا يرضاه قلبه.
            : بروح معاك المستشفى
            عبدالرحمن إتسعت محاجره بالدهشة ولكنه لم يبين له : طيب . . خلنا نمشي
            في الرياض، إتسعت إبتسامته بعد سهر منذ الليلة الفائتة حتى وصل الخبر أخيرا، القبض على سليمان و موت رائد إثر طلقة اتت من إحدى رجاله، عبدالله و أول ردة فعل كانت سجدة شكر في منتصف الممر.

            تعليق

            • *مزون شمر*
              عضو مؤسس
              • Nov 2006
              • 18994

              رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

              اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.
              يالله! على كرمك وأنت تثلج صدورنا بخبر أنتظرناه لسنين، يالله على السعادة التي تأت من هذا الخبر، والجميع بخير أيضا! ياربي لك الحمد . . ياربي لك الحمد.
              تهللت وجوههم جميعا وهم يكررون الحمد والشهادة، لذة النجاح بعد تعب سنين مضت لا تضاهيها لذة، كان كالحلم! وأصبح حقيقة، كان بمقدرتنا أن نقبض عليهم منذ اول لحظة ولكن كنا نعلم أنه سيخرج من بعدهم واحدا وإثنين وثلاثة، لكننا عملنا على مبدأ واحد، أن نضعفهم ونستأصلهم، يالله! سيطير قلبي من فرحه، سيجن تماما.
              كانت الإبتسامات مبكية من شدة فرحها، هذا الفرح الذي طال إنتظاره، لم يكن فرحا لفرد واحد بل لإدارة كاملة تعبت ونالت حصاد تعبه.
              في باريس، اقترب سلطان من حديقة صغيرة بين البيوت ولا أحد بها من الثلج، دخلها وهو يحتاج أن يسجد بأي مكان كان، سجد على الأرض الباردة، لتسقط من عينه اليسرى دمعة وحيدة كانت رسالة ضيقة ل / سلطان العيد.
              رفع من السجود ليتنهد تنهيدة طويلة، بقي جالسا على الأرض، همس : الحمدلله
              أدخل كفه التي يلفها الشاش الأبيض في جيب معطفه ليستشعر هاتفه، أخرجه وفتحه ليجد كما من الإتصالات من عمته و عبدالمحسن و عبدالله و أشخاصا اخرين ، ضغط على عينه التي شعر وكأن نارا تحرقها، إتصل على الجوهرة .
              كانت واقفة أمام المراة الطويلة وهي ترتدي بلوزتها، انتبهت لإهتزاز الهاتف على السرير، شعرت بغثيان بأول خطوة أقتربت فيها من هاتفها، عادت للخلف لتتجه نحو الحمام، تقيأت إثر معدتها الفارغة التي تستثير الغثيان، اغتسلت وتمضمضت، إلتفتت لوالدتها التي دخلت الغرفة : إنزلي إكلي لك شي
              الجوهرة وضعت يدها على بطنها : يمه تكفين أبي زنجبيل أحس معدتي تقلب
              والدتها : الحين أسويه لك، بس أنزلي عشان تاكلين شي
              الجوهرة : بجيك . . إتجهت نحو سريرها، جلست وأخذت هاتفها، كانت في طور أن تزفر شهيقها ولكن تجمدت عندما رأت إسمه مكالمة فائتة ، يربكني إسمك فما بالك بصوتك؟
              رفعت شعرها بيديها وربطته بخصلة، مسحت على وجهها لتأخذ نفس عميق وضغطت على إسمه، ثوان قصيرة حتى أجابها : ألو
              الجوهرة بللت شفتيها بلسانها إثر ربكتها : مساء الخير
              سلطان : مساء النور
              طال الصمت بعد تحية روتينية لتقطعه الجوهرة : ما كنت عند الجوال قبل شوي
              برب السماء لم اتصلت يا أنا؟ ماذا أريد منها؟ وعن ماذا أسألها؟ كنت أريد فقط أن أسمع صوتك دون أن أخطو خطوة واحدة للأمام، من أي أرض جئت؟ وبأي بركان أثرت حممه في داخلي؟ تهشم غصن الكلام، وأي نبرة تجمع حطامه؟ أوقعت في ظرف أيام على قلبي / خضرته و في جزء من هذه الأيام أيضا بددتي الربيع الذي أعشب صدري، من أي شيء خلقت حتى تقيمين بصوتك إحتلالا كاملا لا مفر منه، أنا لا أفتقدك! أنا أموتك. و أنا لا أكابر أنا رغما عني أصد عنك، لو أن الطريق ممهد أمامي لقول شيء يجعلني أتمسك بك أكثر! لو أنه فقط يتيح لي فرصة هذا القول لما ترددت لحظة ولكنني أعرف نفسي " أشقي عمري دايم ".
              الجوهرة زادها هذا الصمت ربكة وسارت الرعشة بإتجاه قلبها الذي انتفض بصوت أنفاسه المبعثرة التي تصله.
              بجمود حاولت أن تحبس بداخله الفيضان الذي يقيمه صوته : تامرني بشي؟
              أأمرك بالحب و بممارسة الحب جهرا، أما زلت تفضلين الخفاء؟
              سلطان : أتصلت أتطمن
              الجوهرة بلعت ريقها بصعوبة : أمورنا تمام . . أنا وولدك
              سلطان : الحمدلله،
              من أجل الله ماذا تفعل يا سلطان؟ ماذا تريد أن تصل إليه؟ يا رجلا أعزني بالهوى بقدر ما أذلني، و بدد العالمين بملامحه وسكنني! يا رجلا يخضع له القلب عمدا رغم قسوتك، وعجبت من قلبي الذي يهفو إلى ظالم! عجبت من عيني التي مازالت ترتبك ويرتجف رمشها من حدة صوتك، عجبت من أحبك التي مازالت تتكاثر وتعشب في صدري، يا رجلا أبقاني على حافة الإنهيار وهو إتزاني! كيف أطيق البعد عنك وأنت مركز توازني؟ يا حدة السمرة في ملامحك و يا شقائي بها، يا شقائي بمقطع إسمك الذي يبعثرني رغم صلاتي وسكينتي، كيف أتجاوزك؟ وأنت قدر لا ألام على مصائبه، وكيف ألام؟ و أعظم مصيبة عيناك سببها، يا قلبي المعنى بأسبابك إنني لا أدل طريقا لا تقاطعني بها ظلالك.
              سلطان حك جبينه وهو يردف : محتاجة شي؟
              أحتاج عيناك، وأمر بحاجة شديدة لبريقها.
              الجوهرة : لا . . مع السلامة
              سلطان : بحفظ الرحمن . . . أغلقه دون أن يقدر على قول كلمة واحدة من الكلمات المتزاحمة في صدره.


              ،

              أرتدت مهرة عباءتها بعد أن علمت بوجوده، أخذت نقابها لتنظر لوالدتها : لا تخافين ماني قايلة شي
              والدتها : دارية إنتس ماراح تقولين شي بس تذكري إنه أهلتس هنيا ويوسف ماراح يبقى لك طول العمر
              مهرة بضيق لبست نقابها ونزلت للأسفل، دخلت للمجلس وبطرفه جلست في حين أن منصور كان يجلس بعيدا عنها : السلام عليكم
              مهرة : وعليكم السلام
              منصور : شلونك؟
              مهرة : بخير الحمدلله
              منصور بتوتر : أنا جايك اليوم وأبي أقولك اللي عندي وأبيك تسمعيني لين الاخر . . . . صمت قليلا حتى أردف . . يوسف ما يدري بجيتي لك ولا أبيه يدري، أنا عارف إنه مشكلتك الأساسية معي ماهي مع يوسف، بس بقولك أنه ما لأحد حق أنه يوقف حياتك، إحنا مانشوفك أخت فهد اللي صارت لنا قضية بإسمه، إحنا نشوفك زوجة يوسف وبس! إذا أنت تعتبرين إنه اساس زواجك من يوسف هالمشكلة وبمجرد ما أنحلت فخلاص ماله داعي هالزواج فانت غلطانة، لأن من أول يوم كنا ندري بأنه فهد قضيته مو مثل ماهي مذكورة وكان الكل يعرف بأنه مالي أي يد في اللي صار، لكن رغم هذا كنا نعاملك على أساس زوجة يوسف لا أكثر ولا أقل، وأمي أعتبرتك وحدة من بناتها! وإن كان أحد ضايقك بكلمة أنا بنفسي الحين أعتذر لك، يوسف ماله أي ذنب بوصول الخبر لك الحين! لأنه كان يعرف بأنه مالي علاقة وأخوك الله يرحمه تورط معهم لكن ماكان يربط مصيره بمصير أهله، وأنت لا تربطين مصيرك بمصير أهلك!! هذا شي فات وأنتهى من سنة، والحكي بالماضي لا راح يقدم ولا يزيد، أبدأي صفحة جديدة وأنسي اللي فات، وصدقيني محد بيتذكره! إلا أنت! إذا حاولتي تنبشين فيه كل مرة، مافيه عايلة بهالوجود كاملة! وأفرادها كلهم مثاليين! لكن مافيه عايلة بعد تصير ضحية فرد واحد، وأنت لا تصيرين ضحية اخوك بعد!! أقتنعي بمسألة إنه مالك أي علاقة وذنب باللي صار، ذنبك الحين إنك تربطين مصيرك بمصير غيرك، يا مهرة أنت مالك دخل في أحد! ولا لك دخل باللي صار قبل، أنا أعرف أنه أخوك ومن حقك تعرفين كل صغيرة وكبيرة عنه لكن شي صار وأنتهى، تشوفين إنه يوسف يستحق منك كل هذا؟ هو يبيك أنت بحاضرك ما يبيك بماضييك!! لا تدمرين نفسك وتدمرينه معك! لا أنت تستاهلين التعاسة عشان أهلك ولا هو يستاهل الحزن عشان رغبتك!!
              مهرة بضيق صوتها المتحشرج : أنا ما أقبل إني أحس وكأني مفروضة عليكم
              منصور بإنفعال : منت مفروضة والله منت مفروضة! يوسف يبيك وأبوي وأمي وخواتي متقبلين وجودك وفرحانين فيك!! وحتى يوسف صرت أحس بسعادته معاك رغم كل شي!! لا تهدمين حياتك بهالطريقة! اللي تسوينه أكبر غلط بحق نفسك قبل لا يكون بحق يوسف
              مهرة : ما بني على باطل فهو باطل
              منصور : و رب ضارة حسنة بعد!! بس فكري وخذي وقتك بالتفكير أكثر قبل لا تندمين وإذا فكرتي بجهة أهلي تأكدي إننا كلنا نبيك ومنت مفروضة على أحد!


              ،

              يجلس بمقابله دون أن يرفع عينه وينظر إليه، تشابكت يده ببعضها ولا كلمات تحضر في صوته، أقشعر جسده من هذا الصمت الذي يربك قلبه.
              لا أنتظر مغفرة عبدالمحسن، أعرف جيدا أنه من المستحيل أن يسامحني بسهولة، أحتاج عمرا يوازي الثمانية سنوات التي مرت حتى يتجاهل ما حدث لإبنته، ولكن لن ينسى! لن يقدر على محو شيء وضعته نصب عينيه على الدوام، ولكن أسأل الله أن يلينه علي، أن يعطيني فرصة واحدة حتى أصحح ما حدث، لو أن الأمر بيدي لكرهتها، لنفرت منها، ولكنها تمكنت مني، كان حبها أقوى من أن أواجهه لوحدي، كنت أراها بمواصفات شريكة حياتي حتى لعنت أنها إبنة أخي وهذا التصنيف الذي يجعل من أمر إجتماعنا مستحيلا، حاولت أن أنساها ولكنني جننت بها حتى تجردت من كل المسميات وأردتها زوجتي، عشقتها ومازلت، أنا لا قدرة لي على محو الجوهرة بهذه السهولة. ولكن سأحاول! سأحاول أن أعود لنفسي التي كانت حية قبل 8 سنوات.
              عبدالمحسن : وش أخبارك؟
              تركي بإقتضاب : بخير
              عبدالمحسن : كلمت ياسر وقالي أخبارك بس أبي أسمعها منك
              تركي بضيق : أي أخبار؟
              عبدالمحسن : ماراح تقولي ليه رجعت؟
              تركي نظر إليه وسرعان ما شتت نظراته : اسف
              عبدالمحسن أشتد ضيقه : على ؟
              تركي تلألأت عيناه بالدمع : خنت ثقتك، بس والله ماكانت غايتي أضايق أحد، كنت بس . . .
              تحشرج صوته ولم يقدر على مواصلة الحديث، عبدالمحسن : تركي
              تركي يكمل بصوت يضعفه قبضة الدمع عليه : أنجنيت والله فيها! وما كنت أبي أضرها بشي، بس الحين حالف ما عاد أقرب لها كنت أبي أشوفها قبل كم يوم لكن ما خلتني أقولها كلمة وحدة، بس والله ماعاد بقرب لها، وأصلا قلت راح أنقل لأي منطقة ثانية بعيد عنكم
              قامت صلاة العصر و تسلل إلى مسامعهما الله أكبر ، وقف عبدالمحسن وبأمر : أمش معي نصلي . .
              تركي كان ينتظر منه ردة فعل على حديثه ولم يجد شيئا، وقف وتبعه حتى دخلا إلى المسجد المجاور للفندق.
              صلى بجانب أخيه بعد عهد طويل لم يصلي به مع عبدالمحسن، أخذ نفس عميق وهو يغمض عينه حتى كبر بعد الإمام.
              أنتهت الركعة الأولى وبعدها الثانية إلى أن أتى التشهد الأخير والسلام، وبإيمان تام بمعجزة الدعاء لفظ تركي " يارب لين قلبه علي، يارب لينه و أنزع حبها من صدري ".
              إلتفت لعبدالمحسن بعد أن بدأ الرجال يخرجون من المسجد، بتردد كبير أقترب وأنحنى ليقبل رأسه، قبله حتى أجهشت عيناه، حاول أن يمسك نفسه ولكن البكاء على المعاصي أشد حرقة على النفس.
              عبدالمحسن تجمد بمكانه دون أن يلتفت أو يحاول أن يرفع عينه عليه، صوت بكائه كان يشطره بإستمرار، أخذ نفس عميق، وهو يحاول بجد أن لا يفقد توازنه، أخفض تركي رأسه وهو يكرر الأسف في كل دمعة يذرفها.
              إلتفت عليه عبدالمحسن بكامل جسده، أحاط رأس أخيه بيديه ورفعه لينظر إليه : اجبرتني يا تركي!!
              تركي بلع غصاته ورغم أن يدا عبدالمحسن ترفع رأسه إلى أنه لا يضع عينه بعين أخيه : الله يغفر لي حزنك . .
              عبدالمحسن سحبه بقوة ليعانقه ودمعة أتعبها الزمن نزلت بقهر شديد : الله يغفر لك حزنها . . الله يغفر لك حزنها . . .
              بكى تركي كالطفل بين ذراعي عبدالمحسن وهو يذوق مرارة الذنب و وجعه في صدره، لم يكن سعيدا أبدا بمعصيته لله لكن كان يشعر بلذة وقتية لم يستطع أن يمنع نفسه منها، كانت أهواءه أكبر من أن تواجه وتقمع، وحين قلت سابقا بأن لي القدرة أن أعيش بعيدا عن هذه الحياة كنت أكذب على نفسي، لا أستطيع أن أحيا دون عبدالمحسن و عبدالرحمن، لا أستطيع ولا أقدر على الحياة بعيدا عنهم ولكنني اذيتهم! ربما عبدالرحمن لم يشعر بعد بهذا الأذى ولكن إن عرف يوما ما بما حدث سيصاب بخيبة موجعة، وأنا لا أقدر على وجع عبدالرحمن أيضا.
              عبدالمحسن : توعدني ماعاد تشوفها! ولا عاد تقرب لمكان هي تكون فيه . . أوعدني يا تركي تذبح الجوهرة في قلبك و حياتك وتنسى إنها بنت أخوك، ماعندك بنات من أخوانك الا أفنان و رتيل و عبير وبس!!
              تركي ببحة موجعة : والله، ماراح أقرب لها
              عبدالمحسن : وإذا تبيني أسامحك، ترجع لقبل 8 سنين لما بديت تحفظ قران وقطعته، إذا ختمت القران بتجاهل كل اللي صار، أوعدني تختم القران، وأوعدك بنسى إنك تركي اللي دمرت بنتي!!
              تركي يغطي عينيه بكتف عبدالمحسن : راح أحاول بكل ما أقدر إني أختمه
              عبدالمحسن : أرجع تركي أخوي اللي أعرفه

              يتبع

              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                ،


                مرر كفه على جبينها الدافئ ليلتفت إلى الدكتور، ينتظر شيئا يطمئنه ويساعده على التفاؤل بأمرها، ضاقت عيناه عندما راها بهذه الصورة، هي الأسوأ حظا دائما والتي تواجه الموت بكثرة تقتلني، تمر المرة الأولى وتجبر الثانية وتخطو الثالثة وأخشى أن تواجه هذا الخطر مرة رابعة وخامسة ولن يفيدنا تمسكها بالحياة شيئا، جميلتي! التي مازالت تشعر بنا وتقاوم من أجلنا، لو أنظر لعينيك و أشبع شوقي لها.
                الدكتور : للأسف واجهت إنهيارا نفسيا جعلنا نخدرها ولكنها ستستيقظ بعد وقت قصير أو في الليل ربما.
                عبدالرحمن أنحنى ليقبل جبينها، مسح على شعرها وهو يخلخل خصلاتها بأصابعه.
                مازلت جميلتي! وإبنتي التي يعجبني فيها كل شيء حتى تمردها، مازلت انت بسمرتك الناعمة تنعشين الحياة في صدري، يارب عساه يشفيك ويبدد العتمة في قلبي عليك، يارب عساه يصلحك ويسعد قلب والدك، يارب عساه لا يصل حزن إلى محاجرك اللؤلؤية والتي أحبها كثيرا، أنتهت فترة تعيسة من حياتي وأريد أن أبدأ فترة أخرى بضحكتك. أثق بقوتك وبمقاومتك من أجل الحياة، أثق جيدا أن إبنتي مهما واجهت ستقف على أقدامها، حنيت و هذا كل ما أعنيه بكلامي السابق.
                خرج ليقترب من عبدالعزيز الذي كان ينتظره، بهدوء : صاحية؟
                عبدالرحمن : لا، قال يمكن تصحى بعد شوي أو في الليل . . خلنا نروح الفندق؟
                صمت طويلا حتى نطق بشتات نظراته : بشوفها
                عبدالرحمن دون أن ينظر إليه : بنتظرك تحت بالسيارة . . .
                عبدالعزيز أخذ نفس عميق ليفتح باب غرفتها، أغلقه من خلفه وبكل خطوة يخطوها وعيناه لا ترمش، عقد حاجبيه عندما نظر إليها، وقف بالقرب منها عند رأسها، وضع يده على شعرها البندقي وأصابعه تخلخله ببطء لا يضايقها.
                إني لأعيذك من ضياعي، وأظنك تزيدنه، وإني لأعيذك من حبي، وأظنك ترتكبينه. لا ذنب لك بما قتلت، إن كان مرتكب الجريمة عيناك وليست يداك، لا ذنب لك يا رتيل! سوى أن النور حين ينعكس على السمراء يذبح ، وأنا وقعت بهذا الضياء، منذ اللحظة التي كنت أسير بها وألتفت من أجل ظلك الذي ينعكس من النافذة، ومنذ أن لمحت عيناك وأستهزأت بها، لم أكن أقصد الإستهزاء، ولكن الرجال حين تلفتهم عينان تشبه عيناك يحاولون أن يخفون شدة الإعجاب بتصرفات مقللة من شأنها، هذا كل ما في الأمر، لم وصلنا إلى هذه النقطة؟ أدرك فداحة خطأي، ولكن من فرط الشقاء أصحبت أخاف الفرح، أخاف أن اقترب منه.
                سحب الكرسي من خلفه بقدمه ليجلس بجانبها، وضع يده فوق كفها الباردة، قربها من شفتيه ليقبلها.
                الظن الذي يجيئني في هذه اللحظة، أنه بمجرد أن تغادرين باريس ستغادريني، كنت دائما أخبرك أنني أعرف النهاية، أعرف ما سيحدث بنهاية المطاف، ستتكاثر اخطاءنا حتى يصبح من فرط الجنون أن نتجاهلها ونعفو عنها، لا أنت القادرة على الغفران ولا أنا القادر على النسيان.
                ترك يدها على بطنها، لينظر إلى ملامحها مرة أخرى، همس : رتيل!
                أجيبيني ولو لمرة أخيرة، أريد أن أرى عيناك وهي تخبرني بحقيقة لا يعكسها لسانك، أشتقت للحب الذي تشي به نظراتك.
                عبدالعزيز إبتسم من الفكرة التي جاءته، وقف لينحني عليها، قبل جفنها النائم وهو يهمس بصوت خافت : هنا الود . . نزل إلى خدها و هنا الحنان . . اقترب من جبينها ليقبله . . وهنا موضع الإحترام . . .
                في الوقت الذي كان يلامس جزء من صدره المنحني جسدها، همس : رتيل، على فكرة إذا طلعت الحين ماعاد بجيك، يعني ماراح تصحين؟ . . .
                دخلت الممرضة من خلفه ليرفع نفسه بسرعة، إلتفت عليها، الممرضة بإبتسامة : توقعت أنها مستيقظة، لابد أن تستيقظ لأن التخدير الذي أخذته كان خفيفا.
                عبدالعزيز تمتم : أنا أعرف كيف أصحيك . .
                الممرضة : عفوا؟
                عبدالعزيز : شكرا لك
                خرجت الممرضة ليعود عبدالعزيز بإنحناءه عليها، بخفوت : أبوك تحت، يعني أطلع؟ . . أطلع؟ . . . . اقترب بشدة حتى لاصق أنفها أنفه، همس : تبين تجربين موضع العشق؟ نسيناه . . . قبلها وأطال بقبلته حتى بدأت تتحرك بتضايق
                إبتعد عنها وهو يعطيها ظهره حتى يحبس ضحكته التي قفزت نحو شفتيه، بلل شفته بلسانه وعاد إليها : الحمدلله على السلامة
                رتيل بقيت لدقيقتين تنظر إليه حتى أستوعبت، أضطربت أنفاسها بإضطراب التركيز بنظراتها.
                عبدالعزيز : أبوك تحت
                رتيل : وينه؟
                عبدالعزيز : أقولك تحت، بيرجع لك بس بيروح للفندق أول
                رتيل بضيق وضعت يدها على ملامحها الباردة، لترفع حاجبها : وش سويت؟
                عبدالعزيز إبتسم : كنت أعلمك فن القبل
                رتيل بغضب : بالله؟
                عبدالعزيز ضحك ومن بين ضحكاته نطق : ما يصير تعصبين بعدين تتعبين أكثر! . .
                رتيل إلتفتت للجهة الأخرى حتى لا تراه، شعرت بأن نارا تحرق حنجرتها.
                عبدالعزيز : أفهم من كذا إنك تطرديني؟
                رتيل: ناد لي أبوي
                عبدالعزيز بجدية : رتيل
                رتيل نظرت إليه، رفعت حاجبها بحدة : وش تبي؟ ترى أبد طيحتي بالمستشفى ما نستني شي
                عبدالعزيز تنهد : ولا أنا أبيك تنسين شي، أنتهى كل شي هنا أصلا
                " لو كلمة تجبر خاطري فيها يا عزيز " كلمة واحدة قل فقط أنك أشتقت، إجعلني أشعر ولو لمرة أنني شيء مهم في حياتك وأن مرضي يعنيك، لم جئت؟ لتزيد لوعتي و وجعي، جئت حتى تصيبني بخيبة أكبر، أنت أسوأ رجل يمارس رجولته علي، هذه الرجولة التي أقوى مما أحتمل، وهي تجيئني بحب لا أستطيع أن أتجاهله، المعادلة الصعبة أن أجمل الأشياء تأت منك و أوجعها تصيبني منك أيضا، لا أدري مالحل؟ وماهي حيلتي وقلبي مكبل بهواك؟ في ذلك اليوم، عندما أغرقتني بقبلاتك وقلت بين حشد من ضحكاتك " عندي خبرة بفن القبل " قلت لك مقطعا يجيئني دائما كذكرى لعينيك. " يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين، إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين " قتلتني يا عبدالعزيز بسمرتك و حدتها.
                عبدالعزيز : ماراح تقولين شي؟
                رتيل بعصبية وأعصابها تشتد أكثر : مين لازم يقول؟ أنا ولا أنت؟ تحب تقهرني وتضايقني . . . ضعفت قواها وهي تبكي وتحاول أن تغطي ملامحها بالوسادة حتى لا يرى دمعها الذي يسقط بوضوح أحبك في عينيها.
                عبدالعزيز حاول أن يقترب ولكن وقف بمكانه، بهدوء : ماجيت أقهرك ولا أضايقك، جيت أتطمن عليك
                رتيل : كذاب!!
                عبدالعزيز : والله، كنت بروح الفندق أول عشان غادة . .
                رتيل نظرت إليه بمحاجر ممتلئة بضياء الدمع، بإنفعال : وتطمنت؟ أنا بخير الحمدلله، لكن بعد ما شفتك ماني بخير!!
                عبدالعزيز فهم تماما أنها متوترة و يتضح ذلك من كلماتها المتقطعة وإنفعالها، أردفت ببكاء عميق وهي ترتجف بأنفاسها : عمرك ماراح تحس، لين أموت ذيك الساعة بتتذكر وتقول والله فيه بني ادم ينتظرني
                عبدالعزيز بضيق : بسم الله عليك
                رتيل بصراخ : بسم الله علي منك . . أنت اللي تذبحني وأنت اللي تمرضني!!
                عبدالعزيز بخفوت : طيب إهدي خلاص، لا يرتفع ضغطك
                رتيل بقهر وعيناها لا تجف : شف أنا وين أحكي وهو وين يحكي!! وتقول جاي تتطمن بعد؟ . . يارب بس أرحمني
                عبدالعزيز بحدة يقترب منها : رتيل خلاص!! بتخلين الممر كله يسمعك الحين
                رتيل أخفضت عينيها لتدخل بدوامة من البكاء المستمر، تنهد وهو يضع يده على شعرها : ليه أنفعلتي؟ ماحاولت أستفزك ولا أقهرك . . صايرة ما تتحملين كلمة مني
                رتيل بإنكسار نبرتها : ليه تسوي فيني كذا؟
                عبدالعزيز : ما سويت شي، لو أدري إنه جيتي لك بتسوي كذا ما جيتك، يهمني بعد إنك تكونين بخير
                رتيل تشتت نظراتها : يارب ساعدني بس
                عبدالعزيز وهذه الدموع تكسره، وتلينه رغما عنه، مسح ملامحها بأطراف كفه : لا تبكين، تو ما مر عليك يومين
                رتيل نظرت إلى عينيه القريبة منها ولا تفصله عنها سوى بضع سنتيمترات، طال صمتهما.
                أأموت أم مالعمل؟ ما كان بالبعد خيرا حتى أرضى به، خيري يا عزيز معك وأنت شحيح بالهوى! وأنا لا أتنازل! مثل بقية نساء بلدي اللاتي لم يعتادون التنازل ابدا إن كان هذا يخل بكبرياءهم، كيف أتنازل؟ وأنا كنت صاحبة الرغبة والخطوة الأولى في كل أمورنا الفائتة؟ تذكر؟ سألتني في أول زيارة لباريس " وين بتروحين " أجبتك " جهنم " و وقتها ضحكت وقلت " كويس بطريقي " أظنك كنت صادق حينها، نحن في الجحيم و أنت لا تعطف علي أبدا. لم يكن سيضرك شيئا لو تقدمت خطوة للأمام وتمسكت بي مثل ما أتمسك بك في كل مرة وأتجاهل أمر عقلي، لم تفعل بي كل هذا يا عزيز؟ والله لا أستحق أن تحزني بهذه الطريقة الموجعة.
                عبدالعزيز بلع ريقه من نظراتها التي تزيده حزنا، أردف : بترجعون الرياض بس تقومين بالسلامة، شدي حيلك
                رتيل بقهر : بنرجع؟ طبعا أنت منت منا! طبيعي أصلا ليه أسأل، عمرك ماراح تكون منا لأن عمرك ماراح تفكر بأحد غير نفسك، كل مرة أقتنع أكثر إنك أناني وتحب نفسك أكثر من شي ثاني، وطريق بيوجعك تبعد عنه حتى لو أحد ينتظرك فيه وطريق فيه لذتك حتى لو مافيه أحد ينتظرك مشيت فيه!!
                عبدالعزيز : وأنت ظالمة! لأن عمري ما فكرت أمشي ورى رغبتي! شوفي حالتي اللي وصلت لها وعقب كل هذا تقولين أناني؟ بدا حقدك يعميك فعلا!!
                رتيل بغضب : أطلع برا
                عبدالعزيز نظر إليها طويلا حتى صرخت مرة أخرى : أطلللع
                عبدالعزيز ابتعد عنها، وبهدوء : طيب
                رتيل من بين إندلاعات الحرقة في صدرها وتصاعد البكاء في عينيها نطقت : ما أبي أشوفك . .
                إتجه عبدالعزيز ناحية الباب وبمجرد أن وضع يده على مقبض الباب حتى توقف وهو يسمعها تبكي وتنادي يمه ، للمرة الأولى يسمع لفظ " يمه " من بين شفتيها، كان يدرك خسارتها لوالدتها ولكن لم يدرك أن حزنها يتفاقم في كل لحظة تحتاج أن تبكي على صدر أحد.
                دفنت وجهها بالوسادة وهي تستلقي على جمبها متجاهلة أمر إصابتها، أختنق صوتها بكلمات كثيرة لا مجال لفهمها : يارب . . ليه كذا؟ ياربي . . . يا يمه . . .
                لم يقدر أن يفتح الباب ويخرج وهو يسمعها تبكي بهذه الصورة، تنهد: يارب . .
                عاد بخطاه ليبرهن لها أنه يتمسك بها رغم أنها تهينه، جلس على السرير بجانبها بعد أن أستلقت على جمبها وتركت مساحة فارغة، سحبها برفق رغم محاولاتها بأن تبعده : أتركني
                عبدالعزيز شدها إلى صدره : أششش! خلاص
                رتيل بإنهيار تام لا فرصة للسيطرة عليه، حاولت أن تضرب صدره وتبعده ولكن ذراعيه جمدت حركاتها : ليييه!
                عبدالعزيز وبدأ صوته يختنق معها : رتيل . . خلاص
                رتيل وهي تحبس وجهها في صدره : تحبها؟ طيب وأنا؟ ليه تزوجتني؟ ليه تسوون فيني كذا؟ ماني حجر عشان ما أحس! ليه تلعبون في قلبي بمزاجكم؟ أنت وأبوي كلكم تعاملوني كأني عديمة إحساس . . تعببببت
                عبدالعزيز قبل رأسها ولم يحاول أن يحرك وجهه بعيدا عنها، ضلت شفتاه تلامس رأسها.
                رتيل ببكاء : ليه يا عزيز؟ أنت تدري وش في قلبي لك؟ كيف تقوى تسوي فيني كذا؟
                عبدالعزيز وصدره يرتفع بعلو ويسقط بذات العلو، قلبه ينتفض من مكانه مع كل حرف تنطقه شفاهها : إرتاحي، لا تفكرين بأشياء راحت
                رتيل بعلو صوتها المتعب : لا تقول لا تفكرين! هذي نفسي كيف ما أفكر فيها!! ياربي . . ليه لييييه
                عبدالعزيز أبعدها عن صدره حتى يحيط رأسه وينظر إلى عينيها التي تقابله : ما أحب أشوفك كذا، تذبحيني والله
                رتيل : ما تعرف شعوري ولا راح تفهمه، بموت يا عبدالعزيز لما أفكر إنك معاها، أحس بنار تحرقني! أنا ما أستاهل تسوي فيني كذا، من البداية كنت تهيني مع كل كلمة، وبعدها أهنتني بأفعالك! وش جريمتي عشان تسوي كل هذا؟ عشاني بنت عبدالرحمن؟
                عبدالعزيز : ماعاش من يهينك
                رتيل بغضب : لا تحاول تقنعني بأي كلمة! أنت تهيني . . تهيني يا عبدالعزيز، حتى الحين تهين شعوري لما أبين لك كل شي وتجلس تجاوبني بأشياء ثانية
                عبدالعزيز : كيف أجاوبك؟
                رتيل تلف وجهها للجهة الأخرى : وش أبي بحب أنا طلبته؟ إما تجي منك ولا ما أبيه . .
                عبدالعزيز الذي مازال يحاوط وجهه أرغمها على النظر إليه : الحين فهمت كلام ابوك لي، لما قالي لا تكون علاقات وصداقات مع أحد، فهمت وش كان يقصد
                رتيل بحدة نظراتها : الله يسلم أبوي كانه داري إنك إنسان بارد تجرح الواحد وتجي تداويه!!
                عبدالعزيز عقد حاجبيه وبحدة نبرته : تدرين وش الفكرة اللي في بالي الحين؟ إنك جاحدة وظالمة
                رتيل بغضبها الذي لا يهدأ دفعته بكفيها الرقيقتين، لم يتحرك من مكانه ولم تهزه ضربتها الناعمة : ليه رجعت؟ . . ما أبغى أشوفك
                عبدالعزيز رغما عنه إبتسم : ومتناقضة
                رتيل : وأنت أناني وحقير وبارد و نذل و قاسي و متسلط وو . .
                لم تكمل من قبلته المفاجئة التي أعادت رأسها إلى الوسادة، ويديه تقيد كفي رتيل، همس وهو يبتعد مقدار 5 سم عن شفتيها : وعاشق
                فتحت عينيها وصدرها لا يتنفس بسلام إثر الإضطراب الذي يعيشه ويجعله يرتفع بعلو الشهيق ويزفر بهبوط شديد، نظرت إليه وشحوب ملامحها يتحول للحمرة، رفع عبدالعزيز نفسه عنها حتى لا يضغط على مكان الإصابة، ترك كفيها ليقف بعد أن سمع صوت الباب، عبدالرحمن قبل أن ينظر إلى رتيل : وين . . صمت عندما رأى إبنته، أقترب منها : يا بعد عمري، الحمدلله على السلامة . . قرت عيوني
                عانقته بشدة وهي تنظر من على كتف والدها عيني عبدالعزيز، أرادت أن تمتص الهدوء من جسد أبيها : الله يسلمك
                عبدالرحمن أنتبه لتنفسها غير المنتظم، أبعدها لينظر إلى وجهها الباكي : وش مبكيك؟ . . إلتفت لعبدالعزيز . . .
                عبدالعزيز حك رقبته بتوتر وحرارة جسده ترتفع إلى أوجها : كانت تبيك
                عبدالرحمن عاد بأنظاره إليها وهو يمسح وجهها ويبعد خصلات شعرها الملتوية من على وجهها : شلونك الحين؟ حاسة بألم؟
                رتيل هزت رأسها بالنفي و زادت عقدة حاجبي والدها من أنفاسها التي تشعره وكأنها ركضت للتو : فيك شي؟
                رتيل بإبتسامة أرادت أن تطمئنه : لا، . . أشتقت لك
                عبدالرحمن يقبل جبينها : تشتاق لك الجنة، وأنا أشتقت لكم والله بس الحمدلله عدت على خير . .تنذكر ولا تنعاد يارب
                رتيل : امين . .
                عبدالرحمن : تجلسين بروحك بس شوي؟ بروح أنا وعبدالعزيز للفندق وبرجع لك بعدها
                رتيل فقدت الإدراك بكل الكلمات التي يقولها والدها، وبقيت صامتة.
                عبدالرحمن بإستغراب : رتيييل
                رتيل : ها
                عبدالرحمن : وش فيك؟ شكلك مو طبيعي . . إلتفت لعبدالعزيز . . قايلها شي؟
                عبدالعزيز : وش بقولها يعني؟ أصلا توها صحت وبكت على طول . . صح؟
                عبدالرحمن أنتظر تأكيد رتيل الذي طال وأربك عبدالعزيز، نطقت وهي تبلع ريقها بصعوبة : إيه
                عبدالرحمن : طيب بتركك وماني مطول عليك بس عشان ما ينشغل بالي على عبير وضي
                رتيل : طيب
                عبدالرحمن : إذا بتخافين بجلس عندك
                رتيل : لا عادي بنتظرك
                وقف : يالله عبدالعزيز . . خرج وتبعه عبدالعزيز الذي إلتفت عليها بنظرة أخيرة تبتسم .
                رتيل وضعت يدها على قلبها لتستشعر الزلازل التي صابته، إلتفتت للشاشة التي تبين صورة نبضات قلبها، تأملتها لعلها تفهم شيء ولكن لم تستنتج أي معلومة منه.
                وضعت رأسها على الوسادة لتتمتم : مجنون!


                تعليق

                • *مزون شمر*
                  عضو مؤسس
                  • Nov 2006
                  • 18994

                  رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

                  ،

                  بدأت تدور حول نفسها بطريقة غريبة وهي تفكر كيف تبدأ كلماتها معه، كيف تخبره دون أن يغضب؟ كيف تجعله يبتسم على كل قول ستنطق به؟
                  إن أخبرته أنني أكذب لن يصدقني بعد ذلك وربما يعايرني ويقول لي أنت كذبتي قبل هذه المرة لن استغرب أن تكذبين مرة اخرى، وإن لم أخبره سأشعر بالذنب دائما وربما يقول لعائلته عني ويبدأون بالسؤال ويصل الأمر لأبي، إن وصل لأبي سيفضحني بالتأكيد أمامهم ويهزأني! ماهي الطريقة الناعمة التي لن تضايقني مستقبلا ولن تضايقه أيضا؟ يارب ساعدني بفكرة أستطيع بها أن أقنعه.
                  أوقف دورانها بيديه : أنهبلتي؟
                  ريم شعرت بالدوار من طريقتها بالتفكير، نظرت إليه بعد ثوان طويلة : أحب أفكر كذا
                  ريان إبتسم : كل شي عندك غريب
                  ريم تشابكت أصابعها : ريان بقولك شي
                  ريان جلس على الأريكة ورفع عينيه : قولي
                  ريم أخذت نفس عميق وهي تغمض عينيه، أردف : وهذا بعد من طقوس تفكيرك
                  ريم جلست بمقابله : لا تتمصخر! بس أحاول اقولك بطريقة لطيفة ما تزعجك؟
                  ريان : يعني الموضوع يزعجني؟
                  ريم : أسألك سؤال
                  ريان : أسألي
                  ريم : لو عرفت شي أنقهرت منه وش تسوي؟
                  ريان بكذب أراد أن يستدرجها بالقول : عادي، أنقهر ساعة وأرضى
                  ريم : يعني منت من النوع اللي يعصب ويجلس أيام وهو معصب
                  ريان : أنا؟؟؟ أبدا ماني من هالنوع
                  ريم : طيب . . . يعني هو موضوع صغير بس صار كبير . . تذكر لما خليتك تكلم يوسف عشان تتأكد من المرض وكذا؟
                  ريان : إيه؟
                  ريم تنحنحت : أنا أكذب . . . بنبرة طفولية وهي تحلف بس والله العظيم والله يا ريان إنه قصدي مو الكذب، بس كنت أبيك تعطيني وجه شوي
                  ريان كان من الممكن أن يغضب ولكن أمام نبرتها وهي تشرح جعلته ينظر إليها بجمود.
                  ريم : يعني كانت حياتنا باردة مررة فقلت وش أسوي؟ مافيه إلا شي يخليك تفكر فيني! وماجاء في بالي غير هالفكرة وصديقتي جربتها يعني . . جربتها مع زوجها وتقولي إنه مرة تغير وحمستني . . وبس جربتها . . بس والله العظيم إنه الهدف كان هو الخير .. ولا أنا ما أكذب! وماني راعية كذب . . يعني هو الإنسان طبيعي ماراح يصدق في كل حياته، لازم يكذب أحيانا كذبة بيضا عشان يمشي حياته . . وهذي تعتبر كذبة بيضا ما ضرتك ولا ضرتني . . بالعكس خلتك دايم تدلعني
                  ريان : أدلعك؟
                  ريم بربكة : يعني مو تدلعني بالصيغة المتعارف عليه، أقصد صرت شوي حنون، حتى أهلك لاحظوه وقاموا يسألوني . . والله العظيم إنه امك سألتني
                  ريان مسك نفسه عن الإبتسامة أمام حلفها المتكرر، ريم بضيق : وحتى صديقتي نفسها قالت لاتقولين له وتفضحين نفسك، خليها تمشي عليه عشان مايظن فيك ظن سوء، بس أنا قلت لا! ريان عاقل ويعرف إنه أحيانا نتصرف حسب النوايا
                  ريان بحدة : تتبلين على نفسك؟ مجنونة أنت ولا صاحية؟ بكرا تمرضين وساعتها ماينفعك كلام صديقتك!!
                  ريم : والله العظيم يا ري
                  ريان يقاطعها : خلاص لا تحلفين
                  ريم : أدري إني غلطت وأنا اسفة وأدري إني . .
                  ريان يقاطعها مرة اخرى : سكري الموضوع
                  ريم وقفت لتجلس على الطاولة القريبة منه : زعلان؟ . . والله العظيم يا ريان إني أحلم نعيش بسلام وكذا حياة وردية وحلوة . .
                  ريان قفزت على شفتيه ضحكة قصيرة، جعلت ريم تبتسم.
                  بتنهيدة : وإحنا مو عايشين بسلام وحياة وردية على قولتك؟
                  ريم : يعني الحمدلله محنا سيئين لكن ما بيننا توافق لا في الإهتمام ولا الأفكار ولا شي . . يعني بتكون الحياة حلوة لو أهتميت بإهتماماتي وأنا أهتميت بإهتماماتك، أنا حتى لما أسألك وش الأكلة اللي تحبها تقولي مافيه شي محدد! يعني ماتخليني أعرف عنك شي بس أنزل المطبخ تقولي أفنان ريان يحب سلطة الزبادي . . طيب قولي أحب سلطة الزبادي خلني أسويها لك
                  ريان بإبتسامة : وش دخل ذي في ذي ؟
                  ريم : إلا لها دخل، يعني أنت حاط حواجز بيننا، تحسسني إني زميلك بالشغل ماتشاركني أي إهتمام
                  ريان : لأن فعلا ماعندي إهتمامات معينة
                  ريم بقهر : بس أفنان تعرف إهتماماتك من السما
                  ريان : طيب وش تبين تعرفين ؟
                  ريم لانت ملامحها بإبتسامة : قولي كل شي عشان لا قالوا ريان كذا وكذا، ما أجلس مفهية مدري وش السالفة وأطلع اخر من يعلم بمعلومة عنك كأني ماني زوجتك


                  ،

                  عبدالمجيد يمد له كأس الماء : سم
                  فارس يأخذه ويشرب ربعه بعين تذبل شيئا فشيئا، وضع رأسه على الأريكة وأغمض عيناه، لينام بسكينة الطفل إن أغمي عليه من التعب، وقف عبدالمجيد وجلب له فراش غطاه جيدا وأغلق الأنوار حتى لا ينزعج من شيء.
                  خرج لسلطان الجالس بسيكنته الخاصة : بترجع للرياض الليلة ولا بكرا؟
                  سلطان : بعد شوي بروح المطار
                  عبدالمجيد : توصل بالسلامة
                  سلطان : تنهد : الله يسلمك، شلونه؟
                  عبدالمجيد : ماهو بخير أبد بس تو نام . . .
                  سلطان بضيق : ما كان لازم يموت قدام ولده! بس قدر الله وماشاء فعل، مهما كان مجرم بس الجريمة فعلا إنه يموت بهالصورة!!
                  عبدالمجيد : إن شاء ربي رحمه وإن شاء غفر له، أمره بإيد الله مانقدر نقول شي ثاني
                  سلطان : جيبه معك الرياض لا تتركه هنا، أصلا ماعاد له بيت هناك بعد! لو ينفع نخليه يشتغل بأي وظيفة أتوسط له فيها . . أنت وش رايك؟
                  عبدالمجيد : يبي له فترة طويلة عشان يتقبل موت أبوه
                  سلطان : طيب أنت قوله أي شي يبيه أنا مستعد أسويه له، ترى الفراغ مو زين له! بيوسوس فيه وبيخليه ينهبل من التفكير!
                  عبدالمجيد : بستشيرك بشي، خلنا نكلم عبدالرحمن يخلي بنته تجي له
                  سلطان رفع حاجبيه بإستغراب : نعم! ليه؟
                  عبدالمجيد : يعني . .
                  سلطان يقاطعه : تراه زواج على ورق ومحد راضي فيه
                  عبدالمجيد : لا غلطان! فارس راضي فيها وهي راضية بعد
                  سلطان بدهشة : متى أمداه يرضى هي وياه؟ . . وش ذا الحب الرخيص اللي من يومين حبوا بعض!!
                  عبدالمجيد تنهد : سلطان ماهو وقت تمصخرك!! جد يحبون بعض ولا تسألني كيف . . يمكن هي الوحيدة اللي بتقدر تطلعه من جو هالكابة
                  سلطان : مستحيل يوافق عبدالرحمن عقب اللي صار! بيحفظ بناته بعيونه ولا راح يخلي أحد يقرب لهم
                  عبدالمجيد : سلطان! أنا وياك لا أتفقنا بنقدر نقنعه ونبين له! وبعدين فارس ماهو سيء! بالعكس رجال والنعم فيه وماله علاقة بإسم أبوه
                  سلطان : يعني وش قصدك؟ تبيهم يكملون حياتهم مثل اي زوجين!
                  عبدالمجيد : إيه
                  سلطان ضحك من أفكار عبدالمجيد : أنت عارف كيف الزواج تم؟ مستحيل يكملون مع بعض
                  عبدالمجيد : مو توك تقول مستعد أسوي له أي شي؟
                  سلطان : بس عاد ماهو على حساب بنات بو سعود
                  عبدالمجيد : يعني بتترك مهمة الإقناع علي؟
                  سلطان تنهد : وش أقوله؟ أقوله معليش يا عبدالرحمن خل بنتك تروح له؟ كيف بيثق أصلا ؟
                  عبدالمجيد : لما نرجع الرياض على خير إن شاء الله بيكون فارس قدام عيونه وبيثق فيه وبيتطمن على بنته
                  سلطان مسح وجهه بكفيه : طيب، بس يرجعون الرياض راح أكلمه ولو إني عارف وش بتكون ردة فعله
                  عبدالمجيد : كلامي مع كلامك بيفيد، أنت جرب وش بتخسر؟
                  سلطان وقف : طيب اللي تشوفه . . أنا ماشي تامرني على شي
                  عبدالمجيد : توصل بالسلامة
                  سلطان : ألله يسلمك . . . . وهو يسير بإتجاه الباب إلتفت عليه . . ما سألتك كيف جتك فكرة اسلي؟
                  عبدالمجيد بإبتسامة : أفكار سلطان العيد الله يرحمه
                  سلطان رفع حاجبيه بإندهاش : صار لنا سنتين مدري 3 سنوات نقول فيه واحد إسمه اسلي وراح يجي يوم يقابله رائد وحالتنا حالة اخر شي يطلع واحد منا!!
                  عبدالمجيد : لو بتفكر بكل الأشياء اللي صارت بتكتشف إنك ماتدري عن تفاصيلها
                  سلطان تنهد : خل يجي سعد ويجيب أمل معه عشان أفرغ اللي بقى في داخلي
                  عبدالمجيد : لا سعد خله علي وأمل بتحاكم حالها من حالهم
                  سلطان : و وليد؟
                  عبدالمجيد : لا عاد هنا لا يلعب فيك الشيطان، وليد ما سوا أي شي خارج القانون
                  سلطان : أجل خلني أبشرك الشيطان على قولتك وش يقولي، ودي أشوفه بعد وأطلع الحرة الخاصة فيه
                  عبدالمجيد بجدية : سلطان! جد أترك وليد عنك، لأنه هو تصرف مثل أي شخص راح يكون بمكانه . . لا تدخل المشاكل العائلية بموضوعه
                  سلطان نظر إلى ساعته التي تشير إلى هبوط المغرب على سماء الرياض : وأنت مصدق إني بروح له ميونخ، بس في خاطري طبعا . . . يالله سلام . . . خرج ونزل بالسلالم وهو يكتب في الواتس اب ل " جنتي " ( الساعة 9 طيارتي يعني بوصل تقريبا 3 الفجر )
                  لم تمر دقيقة إلا وأضاء هاتفه بإتصالها، أجابها بصوت مبتهج : يا هلا
                  حصة : هلابك، بشرني عنك؟
                  سلطان يشير إلى التاكسي بالوقوف : بخير الحمدلله وأموري تمام، أنت شلونك؟
                  حصة : الحمدلله بصحة وعافية، خلصت شغلك كله؟
                  سلطان : إيه الحمدلله، بلغي السواق عشان يجيني المطار
                  حصة : أبشر . . ما قلت لك ؟
                  سلطان : وشو ؟
                  حصة : عايشة أسلمت
                  سلطان : ماشاء الله، متى ؟
                  حصة : أمس وأحزر من اللي أنطقها الشهادة؟
                  سلطان : أنت؟ ولا العنود جايتك
                  حصة : الجوهرة، هي اللي معطتها الكتب أصلا . . لو تشوف فرحتها
                  سلطان بإستغراب : الجوهرة بالرياض؟؟؟
                  حصة : لا، كلمناها بالجوال . . بنبرة تستدرجه . . إذا ودك مرة تقدر تجيبها للرياض
                  سلطان : هذي اللي قالت يا سلطان ماعاد بفتح الموضوع معك
                  حصة : يخي وش أسوي، بس أسمع صوتك أحس لساني يركض يبي يقول الجوهرة بأي سالفة حتى لو أنه مافيه سالفة
                  سلطان غرق بضحكته : مالك حل
                  حصة إبتسمت : بس اخر سؤال، كلمتها من جيت باريس ولا لأ ؟ يالله جبت لك سالفة إتصل عليها وقولها عن عايشة! ومنها تتطمن عليها بدون ما تجرح كبرياء سموك!!
                  سلطان بلع ريقه متنهدا : كلمتها، وتطمنت عليها
                  حصة : جد؟
                  سلطان : إيه والله اليوم الظهر كلمتها
                  حصة : وشلونها؟
                  سلطان بضحكة : يعني ماتدرين؟
                  حصة : لازم أعرف الحال من ناحيتك
                  سلطان : أبد الله يسلمك تقول إنها بخير الحمدلله
                  حصة : وش رايك تروح لمطار الملك فهد؟
                  سلطان : الطيارة بمزاجي، أقولهم نزلوني بالدمام ؟
                  حصة بخبث : يعني أنت تبي الدمام؟ وعذرك الطيارة؟
                  سلطان : لا أنا أجاوبك على سؤالك . .
                  حصة : طيب تعال خلني أشوفك وترتاح وأقرأ عليك كود الشياطين تهجد وتقولي . . تقلد نبرته . . والله يا حصة عندي مشوار للشرقية
                  سلطان : لا حول ولا قوة الا بالله . . لا تخافين بجي الشرقية
                  حصة غرقت بضحكتها : والله إني دارية
                  سلطان : طبيعي بجي . . بشوف أبوها بعد
                  حصة : رجعها يا سلطان
                  سلطان بإستفزاز : عدتها بتنتهي إن شاء الله و . .
                  تقاطعه حصة بإنفعال : قل امين . .
                  سلطان بضحكة : حصة بسألك سؤال جد
                  حصة : وشو مع إنك ما تستاهل
                  سلطان : الجوهرة بأي شهر؟
                  حصة ضربت صدرها بيدها : عسى السما ما تطيح علينا! مرتك يا سلطان . . تعرف وش يعني مرتك؟ مفروض عارف هي في أي يوم حتى؟
                  سلطان تنهد : تبيني أذكرك إني ماعرفت بحملها إلا متأخر وش يدريني متى حملت ؟
                  حصة : إيه صح . . بس ولو كان مفروض تسأل . . هي بالشهر الثالث
                  سلطان : باقي لها 6 شهور ؟
                  حصة : إيه 6 شهور إن شاء الله . . يعني على صيف 2013 بتولد بإذن الله . . . الله يسهل عليها
                  سلطان : بس يولدون بالسابع؟
                  حصة : سلطان معلوماتك الطبية زيرو . . فيه ناس حتى تولد بالثامن . . يعني ماهو شرط يا السابع يا التاسع . . تدري إنه فيه حريم يوصلون لبداية العاشر
                  سلطان : أدري بس أبي أعرف متى يكون وقت ولادتها
                  حصة : يارب يارب يارب إنها تولد بالرياض
                  سلطان : أنا أفكر وين وأنت وين، أنا بس ما أبي يكون عندي دورة برا أو مسافر
                  حصة بحدة : طبعا، أهم شي عندك شغلك . . ما أقول الا مالت عليك وعلى اللي متحمس! قلت يسأل متى ولادتها يعني مهتم! أثاريك تبي تنسق عشان ماتكون مسافر






                  يتبع

                  تعليق

                  • *مزون شمر*
                    عضو مؤسس
                    • Nov 2006
                    • 18994

                    رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                    سحبها لصدره بقوة، وقفت على أطراف أصابعها وهي تستنشقه بلهفة، قبل رأسها وهي تخفضه باكية، بهمس : لا تبكين!
                    غادة أبتعدت حتى تنظر إليه بنظرات يضيئها الإشتياق : الحمدلله الحمدلله . . كنت راح أموت لو صار لك شي
                    عبدالعزيز : بسم الله عليك . . قبل جبينها وهو يطيلها بذكرى والدته و والده و هديل . . خلينا نطلع من هنا
                    غادة مسحت ملامحها من اثار البكاء التي تغزوها، مسكت يده لتخرج من الفندق وهم يسيران على الرصيف.
                    كنت أشعر ولوهلة أنني فقدت عائلتي المتمثلة بك، أنت ليس وحدك يا عزيز! أصبحت تقف بهيبة أبي وعناق أمي وضحكة هديل، إن فقدتك! فقدت عائلتي مرة أخرى وهذا مالاطاقة لي به، يكفيني فقد واحد لا أريد للتجربة أن تتكرر! أريدك أنت، وأن أعيش على شرفة صوتك وأنسى كل ما مر خلال هذه السنة، أحتاجك يا أخوي ولا أملك أي سدا يمنع حاجتي لك، أصبحت كل شيء في حياتي، وأخافك! والله أخاف أن تستيقظ عيني في يوم ما ولا أراك، وأخاف من هذه الوحدة أن تطيل بعتمتها، أرجوك بدد الظلام بعينيك و أجعلنا / نعيش. فقط نعيش.
                    غادة : وين كنت باليومين اللي فاتوا؟ وش صار لك؟
                    عبدالعزيز : شغل، لكن أنتهى
                    غادة بتوتر عميق : وناصر معاك
                    عبدالعزيز إلتفت عليها وبنبرة تحمل معنى أعمق : إن شاء الله أنه معاي
                    غادة : وينه؟
                    عبدالعزيز : راح يجي . . مخنوق من باريس و لا عاد لي نفس أمشي بشوارعها! راح نطلع من هنا لأي مكان غير الرياض
                    غادة شدت على كفه وهي تسانده : المكان اللي بتروح له راح أروح له معاك
                    عبدالعزيز بوجع يرجف قلبه : بس يجي ناصر راح أقوله، راح نبني حياتنا بعيد عن باريس والرياض وكل مكان فيه أحد يعرفنا، راح نبدأ من جديد
                    غادة التي فهمته جيدا : وش منه موجوع؟
                    عبدالعزيز صمت وأكمل معها السير، وقفت غادة لتجبره على الوقوف : قولي!
                    عبدالعزيز : موجوع من كل شي حولي، أبي أبعد بأقرب فرصة من باريس
                    غادة : و رتيل؟
                    عبدالعزيز أتاه السؤال بغتة ليصمت.
                    غادة : قالوا لك؟
                    عبدالعزيز : وصلني الخبر
                    غادة : رحت شفتها؟
                    عبدالعزيز : إيه كنت عندها
                    غادة : شلونها؟
                    عبدالعزيز : بخير إن شاء الله بتقوم بالسلامة بسرعة
                    غادة : ماراح تجلس عندها
                    عبدالعزيز تنهد : غادة لا تشغلين نفسك بأموري . . خل يجي ناصر بس وارتاح
                    غادة : بس . .
                    يقاطعها : قلت لك لا تشغلين نفسك فيني . . أشار لتاكسي بالوقوف ليركبان ويتجهان نحو شقتهما . .
                    إلتفت عليها عبدالعزيز : أخذي كل أغراضك، ماراح أجلس الليلة هنا
                    غادة : خلنا نروح المستشفى
                    عبدالعزيز : لا يا غادة . .
                    غادة : عبدالعزيز ما يصير . . خلنا نروح
                    عبدالعزيز : ليه كل هالحدة عشانها؟ وش سوت لك؟
                    غادة : ما سوت لي شي بس مكسور قلبي عليها، وهي زوجتك أصلا يعني مفروض أنت أكثر واحد توقف بصفها الحين
                    عبدالعزيز تنهد : رت . . أقصد غادة
                    غادة إبتسمت : إيوا رتيل . . عبدالعزيز روح للمستشفى
                    عبدالعزيز بضيق : ما نمت وواصلة معي ونفسيتي بالحضيض طبيعي بخربط، واللي يرحم والديك لا تضغطين علي
                    غادة : هذا طلب مني؟ ترد لي طلب؟
                    عبدالعزيز صمت لثوان طويلة حتى نطق : توني كنت عندها، الله يخليك يا غادة
                    غادة : بسألك سؤال وجاوبني بصراحة
                    عبدالعزيز : عارف وش بتسألين عشان كذا لا
                    غادة : وش بسأل ؟
                    عبدالعزيز : أثير ولا رتيل؟
                    غادة أبتسمت بإندهاش : لأني مصدومة منك كيف تزوجت مرتين بسنة وحدة؟ الأولى رتيل وبعدها أثير! طبيعي بسأل ليه؟
                    عبدالعزيز : راح أقولك كل شي بوقته
                    غادة : بس أنا أبي أسمع الحين، قلبي يقولي إنه قلبك مافيه الا شخص واحد وهو رتيل بس ليه أثير؟
                    عبدالعزيز : ومتى أكتشفت هالشي؟ بهالسرعة قدرتي تحللين الموضوع؟
                    غادة : أنا إحساسي يقول كذا لأن عمرك ما قلت أبي أثير! حتى كنت دايم تنزعج لما نذكرها عشانك
                    عبدالعزيز إتسعت محاجره : تتذكرين؟
                    غادة عقدت حاجبيها : إيه أتذكر
                    عبدالعزيز بدهشة : تتذكرين كل شي ؟
                    غادة بلعت ريقها برجفة : وش فيك عبدالعزيز؟ أتذكر بعض الأشياء اللي فاتت . .
                    عبدالعزيز تنهد : يعني تتذكرين وش صار قبل الحادث؟
                    غادة : كانت ليلة عرسي . .
                    عبدالعزيز : إيه صح . .
                    وصلا إلى العمارة التي تضم شقتهم، نزل لينظر إلى الجسد الذي يعطيه ظهره، بصوت حاد : ناصر
                    إلتفت عليه بعد أن طال إنتظاره له، عبدالعزيز تقدم إليه : وين كنت؟ تعبت وأنا أدورك؟
                    ناصر : رحت أدور وليد . .
                    عبدالعزيز بغضب : طيب ليه ما قلت لي؟ توقعتك تحللت من النار وأنت جالس تدور وليد!!! وأصلا هو ماهو فيه!!
                    ناصر بضيق نظر إلى غادة الواقفة بجمود خلف أخيها، أكمل : المهم أسمعني تروح تجيب جوازك وتحضر شنطتك وبنطلع الليلة من باريس!!
                    ناصر : وين بنروح ؟
                    عبدالعزيز بعصبية : أي زفت! المهم ما نجلس هنا، نروح للندن أقرب شي وبعدها نفكر بأي مكان ثاني . . طيب؟
                    ناصر : طيب . .
                    عبدالعزيز : روح الحين لشقتك وجيب أغراضك وبنتظرك هنا
                    ناصر تنهد : طيب . . . دخل عبدالعزيز إلى العمارة وضلت غادة واقفة، أطالت بنظراتها وأطال هو بتأملها.
                    أعرف هذه النظرات جيدا! وأعرف سرها، لم تتغير يا ناصر، مازلت الرجل الأسمر المبعثر لكل خلية إتزان تحفني! مازلت الرجل الذي اطل من النافذة كل يوم لأراه، والذي يجذبني إليه كالمغناطيس، مازلت الرجل الذي أحبه ومازلت أحبه لأن فطرتي / هي حبه. عدنا!
                    دخلت دون أن تنطق شيئا، وقف عبدالعزيز في منتصف الدرج ينتظرها، مشت معه ناحية الشقة، حاول أن يفتحها ولكن لاحظ أنها مقفلة والمفتاح بها، ثوان قليلة حتى تقدمت أثير وفتحته وهي التي تنتظره من الصباح، تجمدت عيناها برؤية غادة، أبتعدت عدة خطوات للخلف برهبة من الذي تراه، إرتعش جسدها بأكملها وعيناها مازالت تتسع أكثر وأكثر بوجود غادة.
                    من رهبتها أستثار الخوف معدتها حتى شعرت بالغثيان، إتجهت نحو المغاسل لتتقيء صدمتها من الحياة التي تجيء بغادة.
                    إلتفتت على عبدالعزيز : خافت؟ ماكانت تدري عني صح؟
                    عبدالعزيز تنهد : أدخلي أجلسي وأنا أروح أشوفها . . . إتجه إليها . . أثير
                    تمضمضت وأخذت المنشفة تمسح وجهها الذي شحب، وبرجفة تقطع صوتها : هذي غادة!!
                    عبدالعزيز عقد حاجبيه : إيه، قبل فترة عرفت بوجودها وشفتها
                    أثير بلعت ريقها بصعوبة : يعني حية؟
                    عبدالعزيز بإنفعال : وش فيك؟ أقولك حية وتسأليني عقبها!!
                    أثير : قلبي وقف حسبت إني أتوهم ولا شي
                    عبدالعزيز مسح على وجهها : لا تتوهمين ولا شي
                    أثير : وين كنت طيب كل هالفترة؟
                    عبدالعزيز : شغل مقدرت أطلع منه، حتى غادة نفسها توني اليوم مريتها
                    أثير تذكرت أمر رتيل لتلفظ : أصلا انا أبغاك بموضوع
                    عبدالعزيز : وشو ؟
                    أثير : ست الحسن والدلال عارف وش سوت فيني؟
                    عبدالعزيز تنهد : أثير واللي يرحم والديك نفسيتي واصلة للحضيض ماني متحمل أي شي
                    أثير : لا لازم تعرف، مزورة تحليلي الطبي ولا تسألني كيف لأني أنا مدري وش نوع الجنون اللي في مخها! ومخليتني لأيام أصدق إني مريضة وقلبي يعاني! واخر شي أروح المستشفى وتقولي الدكتور كل شي فيك سليم و أنه فيه وحدة كلمتنا وشرحنا لها وطبعا مافيه وحدة بالشقة غيرها
                    عبدالعزيز بعدم تصديق : هي سوت كذا؟
                    أثير : أقسم لك بالله إنه هذا اللي صار، ولو تبي روح للمستشفى وكلم دكتورتي وبتعرف بنفسك إنها أتصلت وغيرت التحليل
                    عبدالعزيز : طيب
                    أثير بإنفعال : وش طيب؟ أنا ماراح أجلس أنتظرها تطبق جنونها علي وعليك، عبدالعزيز يا أنا يا هي
                    عبدالعزيز بحدة : أثير، قلت طيب يعني أنهي الموضوع . . تركها وإتجه للصالة.
                    أثير تمتمت : طيب وراك وراك لين تطلقها!!
                    غادة : كيفها الحين؟
                    عبدالعزيز : بخير لا تشغلين بالك،
                    غادة : ماراح تروح لرتيل؟
                    عبدالعزيز : وش قلت يا غادة؟
                    غادة بضيق : لأني أبي أتطمن عليها بعد، هي ما قصرت طول ما كنت معها
                    عبدالعزيز : غادة! يا روحي لا تزيدينها علي
                    غادة : ماني قادرة أفهمك وأفهم تصرفاتك . . بحدة أردفت . . لو القرار بإيدي ولو كنت مكانك ما كنت تركتها إلى الان!! . . روح يا عبدالعزيز ما يصير كذا
                    عبدالعزيز : مصدوم منك يا غادة على وقوفك الحاد معها؟ طيب وانا وش سويت؟ رحت لها وأهلها الحين عندها.
                    دخلت أثير لتقاطع حديثهم، تنحنحت كثيرا حتى نطقت : مساء الخير غادة
                    غادة إبتسمت : مساء النور . . شلونك الحين؟ عساك أحسن؟
                    أثير صمتت بعد أن سمعت صوتها، تحاول أن تستوعبه لثوان طويلة : بخير


                    ،


                    إبتسم عبدالرحمن حتى رفعها عن مستوى الأرض بخفة : يا روحي!
                    عبير بضيق : أشتقت لك أشتقت لك أشتقت لك أشتقت لك . . . كررتها كثيرا حتى قاطعتها ضحكة والدها.
                    تقدمت ضي على صوت ضحكاته، ببهجة : ما بغيت!!
                    أنزل عبير ليتقدم ناحية ضي وعانقها وهو يغرقها بقبلاته، همس في إذنها : وحشتيني
                    " أشتقتك، توحشتك، وحشتني " و كل مصطلحات الحنين لن تكفي لشرح وتوضيح مقدار شوقي لعناقك و رائحتك، في كل مرة اتأكد بأن لا حياة أستطيع أنظر إليها وعيناك لا تشاركني النظر، لا أستطيع العيش بهناء وأنت بعيد وتحمل في قلبك هناءي! إني على الرغم من كل شيء يحصل ويحدث في حياتنا إلا أنه سبب رئيسي يجعلني أقول دائما " الحمدلله عليك وش كثر أحبك! "
                    عبير : شفت رتيل؟
                    عبدالرحمن : توني كنت عندها، هي بخير الحمدلله . . بس تطلع بالسلامة راح نرجع على طول الرياض
                    عبير : طيب وش سويتوا؟ وش صار معكم؟
                    عبدالرحمن : كل أمورنا بخير الحمدلله، حققنا اليوم نجاح كبير لله الفضل والمنة
                    ضي : الحمدلله، يعني أنتهى كل هذا؟
                    عبدالرحمن : إيه الحمدلله أنتهى كل شي هنا في باريس
                    عبير أرادت أن تسحب منه خبر عن فارس ولكن لم تستطع ان تسأل بطريقة غير مباشرة، جلست على طرف السرير : غادة طلعت قبل شوي قالوا إنه عبدالعزيز جاء
                    عبدالرحمن : إيه هو سبقنا وجاكم . .
                    ضي : كلكم بخير؟
                    عبدالرحمن : كلنا الحمدلله
                    ضي إبتسمت : الحمدلله . . طيب خلنا نروح لرتيل ونشوفها
                    عبير : إيه خلنا نروح
                    عبدالرحمن : بس برتاح ساعتين على الأقل وبعدها بنروح كلها إن شاء الله . .
                    ضي : نوم العوافي
                    عبدالرحمن : الله يعافيك
                    عبير بتوتر جلست : وش صار مع رائد؟
                    عبدالرحمن : مات
                    عبير شهقت : وشو!!!
                    عبدالرحمن نظر إليها : مات الله يغفر له . . وش فيك تفاجئتي؟
                    عبير : ا . . لا بس أنصدمت شوي . . كيف مات؟
                    عبدالرحمن : تعرض لطلق نار، الله يصبر ولده بس
                    عبير بللت شفتيها بلسانها من الربكة : ولده كان موجود هناك؟
                    عبدالرحمن : إيه، أكيد صعبة عليه يموت أبوه قدامه!!! . . الله لا يفجعنا بأحد ويرجعنا الرياض سالمين
                    عبير همست وبدأت أفكارها تدور حول فارس : امين . . .


                    ،


                    بعد شهرين


                    في الرياض تحديدا، ( منزل عبدالله القايد )
                    تقف على أطراف أصابعها وهي تقرأ بضحكة الأوراق التي كتبها فيصل : وهذي بعد . . كما لو أنك جئت حتى تبثين بي الحياة. . هالله الله!
                    فيصل المستلقي على الأريكة وينظر إليها بتركيز : وش بقى ما قريتيه ؟
                    هيفاء : طيحت قلبي يومها، وقمت أصيح ورحت كلمت أبوي قلت السالفة فيها إن بس زين ما طلعت مثل ما انا فاهمتها
                    فيصل وقف ليهجم عليها بضحكة وهو يأخذ منها الأوراق، عانقها من الخلف وهو يهمس بإذنها : ما أحب أحد يقرأ شي كتبته
                    هيفاء إتسعت إبتسامتها : خلاص راحت عليك! كل الأوراق قريتها وفتحت كل الكتب . .
                    فيصل كان سينطق شيئا لولا حضور ريف التي تكتفت : ماما تقول أنزلوا على الغدا
                    هيفاء تنحنحت وهي تحك رقبتها من المنظر الذي دخلت عليه ريف، نزلت ومن خلفها فيصل الذي حمل بين يديه ريف وأغلقها بقبلاته : ثاني مرة دقي الباب بعدها أدخلي
                    ريف : دقيته بس ما سمعتوني
                    هيفاء إلتفتت عليها بحرج كبير : فيصل خلاص
                    فيصل عض شفته حتى يمسك ضحكته وينزلها، أقترب من والدته وقبل رأسها، نظر إلى الطاولة المجهزة بأكل يغريه تماما : يسلم لي هالإيدين
                    والدته : عساه عافية . .
                    هيفاء جلست بمقابله، أخذت نفس عميق من السعادة التي تحيطها بوجود فيصل.
                    ظننت بك أول ما قرأت الأوراق سوء ولكن أدركت تماما أننا أحيانا نتصرف بطريقة بشعة ولكن غايتنا منها / ضحكة وفرحة، أنا ممتنة للأيام التي تجمعني معك تحت سقف واحد وممتنة لطعم الحب الذي تذوقته منك، وللضحكة التي بادلتني بها، أنا ممتنة لأول لحظة قبلتني بها وجعلتني أشعر بأن حياة قضمت قلبي وليست شفاهك، أنت أجمل شيء حصل بحياتي وأحلم بطفل ينمو بين أحشائي يحمل دماءك، أحلم باللحظة التي أسمع بها أنني حامل، وأثق أنه سيجيء هذا اليوم، سيجيء وأنت حبيبي.


                    ،

                    " عبود قام يمشي، يسلم لي قلبه "
                    نطقها وهو يلاعبه، رفع عينه لوالدته : شايفة قام يمشي
                    والدته بإبتسامة : الله يحفظه ويخليه . .
                    أبو منصور : عبدالله . . . هرول عبدالله الصغير إليه حتى سقط بحضنه، رفعه وأغرقه بقبلاته : يا زينه يا ناس
                    والدته : يوسف ما أتصل عليك؟
                    منصور : أكيد وصل حايل . . إن شاء الله ما يرجع الا معها
                    والدته : والله خايفة تصمم على رايها
                    منصور : وبيصمم يوسف بعد على رايه، طول أمس أنا من جهة وعلي من جهة وحشينا راسه عشان يروح
                    والدته : والله مهرة وش حليلها بس راسها يابس! ذا عيبها
                    منصور إبتسم : ما تنلام بعد . . . إن شاء الله إنه نجلا ما تطول عشان ما تخرب مزاجي
                    : هذي نجلا جت قبل لا يخرب مزاجك
                    منصور رفع عينه : ساعة أنتظرك . . المشكلة عزيمة أمها مفروض مهتمة اكثر مني
                    نجلاء : شايفة خالتي ولدك وش كثر متحلطم؟
                    أم منصور : منصور زودتها
                    منصور وهو يقترب منها، قرص خدها : نمزح مع أم عبدالله . . ضحكت نجلاء وهي تحمل بين يديها عبدالله الصغير : مع السلامة . . . ركبت السيارة . . . يالله منصور تذكر اليوم وشو ؟ ولا والله بزعل
                    منصور ضحك وهو يلتفت عليها : يوم ميلادك مير إني ما أعترف فيه أنا اسف
                    نجلاء بضيق : طيب قول كل عام وأنت بخير لو جبر خاطر
                    منصور بإبتسامة : كل عام وأنت بخير وسعادة و فرحة و صحة وعافية و . . وش بعد تبين ؟
                    نجلاء إبتسمت عيناها التي تضيء بالدمع : وكل عام وأنا أحبك . .
                    منصور : وكل عام وأنت تحبيني
                    نجلاء ضربت كتفه : قول وأنا أحبك؟ رومانسيتك تحت الصفر
                    منصور سحبها حتى يقبل رأسها : أنا رومانسيتي أفعال . . حرك سيارته وعينا عبدالله على الطريق والأضواء التي تثير إنجذابه.
                    وأيضا أحبك، مرت سنة ونصف على زواجنا ومازلت أشعر بحماسة الحب وشغفه وكأنها أول ليلة معك، أنت النصيب الصالح الذي كنا ندعو إليه وأنا قسمتك، ممتنة للحياة التي تجعلني أتمسك بك دائما وأبدا، ممتنة لعبدالله الذي وثق حبنا بميلاده، وفي كل سنة أكبر بها أشعر بأن حبك مازال صبيا في داخلي، لا يشيخ شيئا عيناك تحفه يا منصور.


                    يتبع

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


                      " الصدف أحيانا تخلق السعادة لكن نفس الصدف أحيانا تكون سبب تعاسة "
                      أغلقت صفحة نواف بتويتر وهي تقرأ اخر تغريدة له قبل شهر، وهي تتنهد، من فرط خيالها أن تتوقع بإمكانها من الزواج من شخص لا يعرف عنها شيء، أقبلي يا أفنان بالوقع، هذا الوقع! كيف سيجيء ويتزوجني هكذا؟ منطقيا هذا لا يحدث، ولكن أردت لو صدفة تخلق سعادتي، لو شيئا يحدث يجعله يطرق باب منزلنا، لم أشعر أنني أحبه بهذه الشدة في وقت سابق ولكن هو أول شيء أفتح صفحته قبل أنام وعندما أستيقظ، أصبح جزء من يومي، تمنيت أن يتحقق لي ولو كان خيالا أؤمن به حتى يجيء حقيقة، ولكن لا حب يأت بهذه الطريقة ولا حياة تبنى بأساس خيالي.
                      رفعت عينها للجوهرة التي دخلت عليها : وش فيك جالسة بالظلمة؟
                      أفنان تنهدت : نسيت لا أشغل النور
                      الجوهرة إبتسمت : جايبة لك خبر يعني ممكن حلو وممكن لا . . على حسب
                      أفنان : وشو ؟
                      الجوهرة : أمي قالت لي أقولك لأنها تقول محد يعرف يتفاهم مع أفنان غيرك
                      أفنان وقفت بربكة : إيه وشو قولي؟ خرعتيني
                      الجوهرة : فيه ناس أتصلوا وأطلبوك لولدهم
                      أفنان : مين؟
                      الجوهرة : ما تعرفينهم، شفتي خوال زوج هيفاء . . منهم
                      أفنان بضيق : طيب وش إسمه؟
                      الجوهرة : إسمه نايف، يشتغل بنفس المكان اللي فيه فيصل زوج هيفا . . ويعني الرجال كويس ويقولون أخلاقه حلوة وأمي تقول إذا وافقت أفنان بلغت أبوك
                      أفنان جلست بخيبة لا تدري لم أتاها أمل أن تسمع إسم نواف باخر لحظة.
                      الجوهرة : وش فيك ضقت؟ استخيري وشوفي! أما إذا تفكرين بنواف فأنت مجنونة
                      أفنان : ما أفكر فيه
                      الجوهرة : لا تكذبين!!! أفنان صدقيني بتتعبين إذا بتفكرين بشخص شفتيه بالصدفة . .
                      أفنان ضاقت محاجرها : طيب خلاص أرد على امي بعدين
                      الجوهرة : أنت عارفة بقرارة نفسك إنه مافيه زواجات كذا! شافك يومين وقال بخطبها، يعني هي تصير بس مو دايم! وحتى أنت ماتعرفين عنه شي . . يمكن متزوج يمكن عنده عيال بعد . . . ويمكن اللي في داخلك مجرد إعجاب وبينتهي . . . . أستخيري وشوفي
                      طل ريان عليهما : أنت هنا وأنا أدورك
                      الجوهرة إلتفتت : ليه ؟
                      ريان : سلطان تحت
                      الجوهرة إرتجفت أطرافها وهي تبلع ريقها بصعوبة : جد ؟
                      ريان : إيه . . بالمجلس مع أبوي
                      الجوهرة : طيب بنزل له
                      إتجه ريان لغرفته وأول ما فتح الباب رأى باقة ورد بوجهه، إبتسم : ريم؟
                      أبعدت ريم باقة الورد من أمام وجهها : بمناسبة حصولك على ترقية بالشغل
                      ريان : عندي حساسية من الورد
                      ريم بإحباط : جد عاد ؟
                      ريان بضحكة أخذها : تسلمين
                      ريم إبتسمت : الله يسلمك . . مسكت يده لتذهب به إلى الغرفة الأخرى، وبمنتصف الطاولة كيكة ناعمة بلون الفانيلا.
                      ريم : تعبت وأنا أنتظرك بغيت أصلي ركعتين عشان تحن وتجي الغرفة
                      ريان بإبتسامة : شكرا
                      ريم : عفوا . . طيب قول كلمة ثانية غير تسلمين و شكرا
                      ريان إلتفت عليها وبدأ الإحراج يتضح عليه : ا. . شكرا بعد
                      ريم غرقت بضحكتها : خلاص راضية فيها . . .
                      لو أنني بقيت على احلامي لما تقدمت لحظة، كان لزاما علي أن أجهض أحلام الصبا الوردية وأتعايش مع واقعي، كان لزاما أن أتقبل ريان بسلبياته، التي أصبحت بنظري الان نوع من الإختلاف لا أكثر، تعلمت كيف أخلق من هذا الواقع حلما ورديا طويل الأمد، حتى نظراتك أصبحت بالنسبة لي شيء مقدس، أشعر دائما أن نظراتك معي تختلف، وهذا يشعرني بأنني لست عادية بحياتك، بالنسبة لك يا ريان / أنا أحبك.


                      ،


                      بدأت قدمه بالإهتزاز وهو ينتظر حضورها إليه، طال إنتظاره ويخشى أن لا تخرج إليه، رغم أنه لم يسمع صوتها منذ تلك الليلة ولا يدري ما تغير بها، حتى ملامحها أشتاقها بشدة.
                      قاطعت أفكاره بدخولها، رفع عينه إليها تابعا وقوفه، طال الهدوء بينهما وهو يتأملها بلهفة الشوق بعد أن غابت عن عينيه لمدة طويلة.
                      مهرة : مساء الخير
                      حاولت أن تتجاوزه وتجلس ولكن ذراعه قاطعت سيرها، بشدة سحبها إليه وعانقها، لم يستطع أن يقاوم حضورها بعد كل هذا الغياب.
                      كيف أستطعت أن أعيش كل هذه الفترة دون صوتك؟ و عيناك؟ أشتقت إليك، وبلغت من شوقي الصبابة، لم نبتعد من أجل هذا الكبرياء؟ كل خطوة وكل إنفصال بالحب سببه الكبرياء الذي لو نروضه قليلا لقدرنا على العيش بسلام.
                      مهرة إرتجفت واترفعت حرارة الحمرة بجسدها من عناقه، همست : يوسف
                      أبتعد عنها لينظر إليها : كيف تضيعين نفسك كذا ؟
                      مهرة بضيق : يوسف الله يخليك لا توجعني
                      يوسف : جاي عشان اخذك
                      مهرة : تكلمنا بهالموضوع
                      يوسف : إيه تكلمنا! لكن لما يكون سبب الطلاق مقنع أبشري بوقتها لكن عشان أخوك اللي مات الله يرحمه ولا يدري عنك طبعا لا
                      مهرة أمتلأت عينيها بالدموع : يوسف أرجوك!!
                      يوسف : أنت اللي أرجوك! . . ما يصير تهدمين كل شي عشان سبب واحد؟ وفيه مليون سبب عشان نكمل
                      مهرة ببكاء : حط نفسك مكاني، تخيل كيف بناظر أهلك؟ والله مالي وجه
                      يوسف بإنفعال : وش دخلك فيهم؟ أصلا حتى هم قبل لا أجيك يكلموني ويقولون خلك مصمم عليها . . والله العظيم إنه أمي تنتظرك وتبيك
                      مهرة أخفضت رأسها، أردف : مالي خاطر عندك ؟
                      مهرة بإندفاع : إلا طبعا
                      يوسف إبتسم : طيب؟
                      مهرة : أحس أفكاري تشتت، مو قادرة أفكر صح
                      يوسف : أنا أفكر عنك وأقولك جيبي أغراضك وخلينا نمشي عشان نوصل الرياض بدري
                      مهرة : يوسف
                      يوسف : لا يوسف ولا غيره . . بنتظرك
                      مهرة : بس . .
                      يوسف : قلت بنتظرك
                      مهرة عضت شفتها السفلية بتوتر : والله أخاف من الحياة اللي بتجيني
                      يوسف اقترب ليقبل جبينها : أنا معاك . . خرج لينتظرها بالسيارة دون أن يترك لها مجال للنقاش والتفكير.
                      تنهدت مهرة تعلم أن والدتها لن تقف هذه المرة بوجهها، خرجت لتجدها : جاء يوسف
                      والدتها : أدري
                      مهرة بلعت ريقها : بروح معاه
                      والدتها : ماعاد لي شغل بحياتتس
                      مهرة بضيق جلست على ركبتيها عند أقدامها : يمه تكفين، وش أسوي أنا بدون رضاك؟
                      والدتها : إذا تبين رضاي ماتركضين وراه
                      مهرة : هو زوجي .. تكفين يمه طلبتك
                      والدتها بضيق : بكرا تتهاوشين معه وتقولين صادزة يمه
                      مهرة : لا ماني متهاوشة معه ولا قايلة صادقة يمه، يوسف مستحيل يأذيني بشي . . تكفين
                      والدتها : روحي وشو له تنتظرين؟
                      مهرة : ماني رايحة بدون لا ترضين علي . . . قبلت ظاهر كفها ورفعت عينيها إليه . . . ها؟؟
                      والدتها تنهدت بقلة حيلة : طيب روحي
                      مهرة إبتسمت ووقفت لتقبل رأسها : يالله عساك ترضين عليه . . .
                      ركضت للأعلى ليأت صوت والدتها : شوي شوي لا تطيحين
                      هذه المرة يا يوسف أرجو أن يكون الغياب الفائت اخر بعد بيننا، أنا التي كنت الطرف الظالم في هذه العلاقة ولكنني كنت أشتاقك في كل لحظة، ولكن كل شيء أمامي يجعلني أفكر بأن لا بداية جديدة بيننا، تصور كل شيء يخبرني، عندما مر أكثر من شهرين ولم أسمع بها صوتك أدركت أنك لا تفكر أبدا بأن تعيدني لحياتك، شعرت بالخيبة رغم أنني أنا سببها، ولكن كنت أريد إصرارا منك بعد أن تحدثت مع منصور، أردت فعلا أن أستيقظ على عينيك، لا يهم! الذي يهمني حالا أنك بالأسفل تنتظرني.


                      ،

                      في ميونخ، يسمع لمريضه الذي يعاني من فرط كابة، وفي كل كلمة ينطقها يستذكر غادة التي كانت تخبره بمثل هذا الحزن وبنبرة هذا الوجع، لم أنجح ولم أفلح أبدا بأي علاقة بحياتي، مازلت موجوع! حاولت أن أتمسك بكل فرصة أتت إلي ولكن لم أستطع أبدا، أنا الذي بعد الله أساعد غيري أعجز عن مساعدة نفسي، أحلم بأن أكون عائلة ولكن هذه العائلة لا تريدني، حاولت مرة تقليديا وحاولت ثانية بصورة حب أردته وبكلا الحالتين فشلت، لا نصيب لي ولا حظ بالحب! والان؟ أكمل حياتي برتابة، أستيقظ لأنظم مواعيدي، أحضر دورات وأعطي دروس وأداوم بالعيادة، وماذا أيضا؟ لا شيء سوى الوحدة التي تحفني، الوحدة التي مهما حاولت أن أنسلخ عنها لا أقدر، هي تنمو بدل جلدي ومن يقدر أن ينزع هذا الجلد؟ لا أحد! وحيد جدا و لا أظن أنني أستحق هذا الكم من الوجع.


                      ،


                      في حلقة قران بالمعهد، كان يحفظ الجزء المطلوب منه، " ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا " أكمل حفظ نصف القران وتبقى النصف الاخر.
                      حلاوة حفظ القران لن يستشعرها سوى حافظ الكتاب، يستشعر بكل المواقف في حياته أن هناك ايات سكينة تتلى في قلبه وهناك ايات تذكره عند الإقدام على ذنب ما وهناك ايات ترتل جمال الجنة عندما يتعب من طاعته، أحاول أن أنسى الجوهرة! لا أقول أنها لا تجيئني وتخترق عقلي، مازالت بسطوة حضورها ولكن بدأت أنزع إنجذابي إليها، أشعر أنني بحاجة لأعوام طويلة حتى أتخلص من حبها، اقتربت من عبدالمحسن، سيسامحني قريبا! أنا متأكد أنه سيسامحني حين أخبره أنني ختمت القران، كنت دائما أظن أن صاحب المعصية لا بد أن تكون نهايته مروعة وكأننا لا نملك رب رحيم، أكتشفت أن صاحب المعصية له حق الإختيار إما الجنة أو النار، لا أحد يجازى بشيء لا يريده، جميعنا نجازى بما نريد، حتى لو أنكرنا ذلك! بالنهاية أنا عصيت الله إذن أنا راض بالعقاب، لكن الحمدلله على التوبة ، الحمدلله على هذا الدين الذي جعل ذنبي صغيرا أمام رحمته وعظمته.


                      ،


                      أغلق هاتفه بعد أن تحدث مع والده الذي مازال منذ شهرين يسأله نفس السؤال عن غادة " كيف لقيتها؟ " ويشرح له ذات الموضوع في كل مرة.
                      في جزء من الرياض جميلا، ركن سيارته ليلتفت عليها : هذا المسجد
                      غادة إبتسمت : اللي بنيته لي؟
                      ناصر : إيه . . كنت متحمس أجي الرياض عشان أوريك إياه بس الله يهدي عبدالعزيز كأن الرياض ذبحته على كرهه لها
                      غادة : المهم شفته الحين، وبعدين عزوز رضى على الرياض لا تنسى
                      ناصر : وش عقبه؟ عقب ما راح صوتي وأنا أقنعه . . .
                      غادة إلتفتت بكامل جسده إليه : جد ناصر، أنا محظوظة فيك . . يعني عقب كل اللي صار أنت هنا وقدامي
                      ناصر : أنا اللي محظوظ فيك، . . بضحكة من فرحته أحس إني بحلم! لو تدرين كم مرة بكيت وقلت كيف أعيش بدونها؟ حياتي مالها قيمة أبدا بدونك
                      غادة : الله لا يحرمني منك ويخليك لي
                      ناصر : اللهم امين يارب
                      غادة : تدرين وش جاي على بالي؟
                      ناصر : وشو ؟
                      غادة : إنه أحلامنا اللي كتبناها! ما تحس إنها تحققت؟ يعني ماتحققت بالوقت اللي أنتظرناه فيه لكنها بالنهاية تحققت
                      ناصر : خليه يجي البطل ومستعد أخليه يربيني
                      غادة غرفت بضحكتها وهي تضع يدها على بطنها : يوه مطولين، أحسب 8 شهور بالتمام
                      ناصر : أنتظره سنة وسنتين واللي يبي . .
                      غادة : بتكمل فرحتي لو تصالح عبدالعزيز مع رتيل
                      ناصر : أخوك راسه مصدي! ما يعرف يتعامل مع الأنثى
                      غادة تنهدت : حرام عليك!! هو بس مايعرف يعبر صح
                      ناصر بإبتسامة : وش رايك نطب عليه الحين ؟
                      غادة : قلت بتمشيني بالرياض ! بعدها نطب عليه
                      ناصر بضحكة : أوديك قصر المصمك؟
                      غادة : تتطنز؟
                      ناصر : وش فيه! حاله من حال برج إيفل! ولا هذاك على راسه ريشة، هذا تراثنا مفروض تعتزين فيه
                      غادة : ومين قال إني ماني معتزة فيه؟ بالعكس بس يعني ودني مكان فيه حياة
                      ناصر : مافيه غير الأسواق . .
                      غادة : طيب خلنا نروح لأي سوق بديت أجوع
                      ناصر حرك سيارته، وعيني غادة تنظر للمسجد نظرة أخيرة.
                      كيف أشكر الله عليك بما يليق؟ تبني لي مسجدا؟ هذا أكبر طموح لم أكن تصل يدي إليه! مرت سنين على معرفتي بك ورغم أن السعادة لم تكن تمر هذه السنين ولكن يكفيني اخر شهرين، أنا أسعد إنسانة على هذه الأرض في هذه اللحظة، مرت أياما كنت أبكيك وأنا أجهلك، كنت أقول أن جزء مني فقدته، ولكن لم أستطع أن أتذكر إسمك وهيئتك، ولكن قلبك كنت أعرفه وهو من أشكي له قولي " أشتقت "، ومرت أيام أكثر حزنا و وجعا حين حاولت أن أتذكرك ولم أستطع، حين شعرت بأنني شخصيتين، وأنني مشتتة ضائعة، ولكن مرت أيضا، والان أمر بمرحلة أنا لا أعرفك وفقط، أنا أعشقك كوداعة الخيرة من الله في قلبي. وأنت الخيرة التي أردتها.



                      يتبع

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...