الصديق الصدوق
: ..................أريده أن يكون أمينا، صادقا، أن تسود بيننا الثقة، الاحترام، الصدق والوفاء، أن يكون معي صريحا، متواجدا في أغلب الأحيان، في حزني
وفي فرحي، يواسيني في حزني ويشيد بعطاءاتي في فرحي، يتمنى لي الخير ، ويعطيني بلا مقابل ... :
أليس هذا ما نقوله جميعا ؟ أليس هذا ما نبحث عنه جميعا ؟ أجل هذا ما يقوله أغلب الناس، أما الباقون فلا يريدون الصداقة، لكني
أحب أن أطرح سؤالا واضحا وعميقا : هل أنا مثال للصديق الصدوق ؟ إن قلت نعم مباشرة فاعلم أنك تثبت لنفسك حقيقة لست
عليها وإن ترددت فاعلم أن ترددك إشارة أنك لست كذلك، وإن نفيت الأمر فاعلم أنك على الأقل صريح مع نفسك لكنك لست
بالصديق الصدوق، وما دامت حالات الإجابة الثلاثة تشير إلى عدم اتصافنا بهذه الصفة فإذن لا صديقا صدوقا بعد اليوم.
ربما نظرتي هي متشائمة وربما هي من الواقع، فعلا هي من الواقع، فكم لنا من أصدقاء بهذه الدنيا العجيبة، فكر معي ولو قليلا
في عددهم ستجدهم كثيرين، لكن حاول معي في دقائق أن تتخيل أنك تقف أمامهم جميعا، ثم أزل ما توفر لديك شيئا فشيئا،
ما توفر لديك مما يمكن أن يجذب الأصدقاء إليك : اختفت سيارتي = ثم انظر إلى أصدقائك = اختفى منهم خمسة، اختفى راتبي
= اختفى معه أربعة، انتهت دراستي الجامعية = اختفى مع ذلك أكثر من ثلاث مائة صديق وما بقي سوى أربعة من أصدقائي من
الجامعة، حصلت على رخصة السياقة = اختفى معها عشرة أصدقاء وربما بقي واحد منهم فقط، أختفى هذا فاختفى معه أولائك...
بعد أن تتخيل ذلك ستجد أن الصديق الصدوق بالنسبة لك هو :
- إما معك لشيء تملكه ويعجبه، يختفي باختفاء هذا الشيء.
- إما معك لحقبة من الزمن، أو رحلة مؤقتة في دراسة، مصلحة، عمل... ، يختفي بانتهاء هذه الحقبة.
- إما هو معك كتحدي ، كهدف، أو كونيس، كتحدي لك معه في سبيل الوصول لأمر ما قبله من شفاء من مرض، أو اعتلاء لمنصب،
أو وصول للنقطة المنشودة قبله، أو كهدف استغلالي لنية ما، أو فقط كونيس في مرحلة من مراحل الحياة.
بعد هذا كله، ألا تجد معي أن فكرتك عن الصديق الصدوق فكرة سلبية ؟ مادية؟ تتعلق بأمور ذنيوية فانية ؟ أجل أنت كذلك، وبالتالي
أحب أن أقول لك لست بالصديق الصدوق، فكيف إذن تريد، وتبحث عن صديق صدوق ؟ ! فإن كان هناك صديق صدوق فعلا فاعلم
أنك لن تكون صديقه لأنك لست بالصديق الصدوق.
............ كن فعلا صديقا صدوقا ولك أصدقاء سواء صدوقين أم لا، على الأقل فذلك أفضل من ألا تكون صدوقا وصديقا لصديق صدوق، وكن
صدوقا مع الصديق الصدوق وصدوقا للصديق فلربما بصداقتك مع الصديق تجعل منه صديقا صدوقا لصديق ، وهذا الأخير ربما يجعل
من نفسه صدبقا صدوقا، فتنتشر بسببك الصداقة الصدوقة، واعلم أن الصديق الصدوق ...
من رسمي
تعليق