ملامح الحزن العتيق...

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
    عضو ماسي
    • May 2009
    • 708
    • .
      .
      .


      .
      .
      .


    #81


    فصلٌ رابع عشر ..


    ~~ مشاعرٌ مبعثرة مطعونةٌ .. مقتولة .. مولودة .. ~~



    النصيب ماهو اقوى من القدر ..
    والقدر اخذ مني الصديق ..
    والحياة بعد فرقى سعود ماهي حياة ..
    وماعاد تفرق اني اضيع او اموت ..!
    او حتى يقودوني على امرٍ مابيه ..!


    نزل الاغراض في بيت جدته وسلم عليها وطلع من دون مايفتح أي موضوع معها ..
    التفت لبيت لافي المقابل لبيت عماد وجدته وزفر بقهر ..
    انا وين ربي بلاني بكم ..!
    ركب سيارته ومشى على نية انه يرجع لبيت اهله ..
    بس المواضيع اللي تنتظره في بيت اهله ماتسره وتزعجه وماتقبلها ابداً ..
    غير مساره لبيت فوزية ..
    هي الاخت والعمه واللي يقدر اقل شي يشتكي لها وتوقف في صفه
    بالرغم ان الموضوع تقريباً حُسم وانتهى امره ..!
    الا ان الأمل لازال له بصيص ..!
    طالما الخميس ماجا والخطبة ماتمت ..!

    دق عليها الباب وفتحت له الشغاله اللي اعتادت على حريم القرية وزياراتهن في الضحى ..!
    قال : فوزية فيه ..؟
    ردت الشغاله وهي ترجع ورى الباب : يس مستر مدام فيه بس نوم .
    دخل وهو يقول : روحي روحي صحيها بسرعه قولي فهد يبغاتس ضروري .
    نادى بصوت عالي وهو يتوجه للصاله .. : ياولد ياشهد يافيصل .. ياهل البيت .. ياولد ..
    المكان يلج بصوته الثقيل والعالي ..
    نزلت فوزية بعيون نايمه وهي مغسلة وجهها ولابسه روب طويل على بيجامتها ..
    قالت : حيَّا الله فهيدان .. جابك الله ..
    سلمت عليه وهي تقول : زين انك جيت ابي اعرف العلوم اللي سمعتها صدق ولا اشاعه .
    رمى نفسه على الكنب باحباط قال : مسرعها توصلتس .. ولا مخططين لي كلكم قبل ارجع .
    ضحكت قالت : ياخي انا للحين مو مصدقه .. ماقدر اتخيل صراحه .. بس وش فيك محبط كذا ..؟
    : وش اللي مايحبطني وانا مغصوب عاد انا جايتس ابي فزعتس ولا رايتس .. رفع رجله على الطاوله اللي تتوسط الانتريه وسند براسه على الكنب وكمل : عاد اخر عمر فهد يحتاج مشورة مرة .. صدق هزلت ...!
    ضحكت فوزية قالت : الحمد لله رب العالمين اللي يشوفك يقول شايب ومابينه وبين القبر شي وانت تقول اخر عمري .. المهم انا والله يافهد ماقد فرحت مثل مافرحت يوم سمعت اخبارك الطيبة من عماد .
    فز وعدل جلسته قال : عماد وش دراه ..؟
    رفعت فوزية حاجبها بغرابه قالت : وشو اللي وش دراه .. موب وظيفتك عنده في شركته ..؟
    : الحين وش دخل وظيفتي في اللي انا اقوله لتس .
    عقدت حواجبها قالت : وش اللي انت تقوله لي .. انا مو فاهمه منك شي ترى قصدي بالاخبار اللي جاتني عنك الوظيفه وانك صرت تشتغل عند عماد .
    : وبس هذا ا للي مفرحتس ومطير النوم من عينتس .
    : اجل وش اللي محبطك ان شاء الله ومغصوبٍ عليه ..؟
    : انتي ماتدرين ان عجوزتس شبت في ابوي تبيني اخطب من بنات لافي .
    فزت فوزية على حيلها قالت :لا ان شاء الله مايقوله الله ..؟ اذا ماتبي منهن يافهد انا اللي اقف في وجه امي وناصر .
    ابتسم فهد لردة فعلها قال : بعدي والله عمتي ..! فكيني من العرس كله ..
    : لا العرس كله لا اسفه .. بس اذا انت ماتبي من بنات لافي ابشر من يفكك . اصلاً انا اساس البلا كله لأني قلت لناصر الرجال كبر ونبي نشوف عياله وامي ماصدقت خبر وعرضت بنات لافي .
    صر فهد عيونه وهو يطالعها قال : اها .. اجل انتي اسباب البلا .. ماعاد عليّ يافوزية مثل ماورطتيني تفكيني .. بعدين بنات لافي وش فيتس عليهم . ماقد سمعنا عنهن الا كل طيب ..!
    ردت فوزية وهي تزفر بأوف : انا بعد ماسمعت عنهن الا كل طيب بس شادن دايماً تقول نوف شرسه في تعاملها معها .. غير كذا شهد بعد تقول لي .. .. المهم ماعليك انت منها البنت ابداً ماتناسبك والثانية اصغر منك بواجد .. ضحكت قالت : ولا تبي لك مقرودة مثل العنود . عاد تخيل بزارينك يافهد مثل العنود هههههههههههههههههه .
    عقد فهد حواجبه قال : ام كشة اللي تطوف الديره كلها حافيه .. اححح والله يوم اشوفها تمشي حافيه ان رجولي تعورني ..
    ضحكت فوزية منه وفجأة كتفت يدينها وكأنها تذكرت شي مهم بعيد عن الضحك قالت بجديه : كلمت عماد ..؟ اخذت رايه ..؟ ولا في الامور هذي ماعليكم منه ولاتفكرون فيه الا اذا احتجتوه ..؟
    رد فهد بعصبيه وهو يوقف : انا ولد ابوي .. الكلام هذا وشو .. انتي تدرين ان عماد اخوي الكبير وكل امرٍ امشي فيه اخذ شوره قبل شور ابوي .. ولا بس انتي منفعله وودتس تحطين حرتس فيني بالكلام اللي يغث . الشرهه موب عليتس ....
    قاطعته بصوت اهدى وفيه لكنة اعتذار : ماقصدي يافهد بس موضوع مثل هذا لابد تاخذون راي عماد فيه .. بعدين تعال .. ليش ماتنتظرون احمد عماد يقول بيجي بعد شهرين ثلاثه بالكثير ..
    اتسعت ابتسامة فهد وهو يقول : والله وجبتيها يام فيصل .. هالمرة سامحتتس على الخرابيط اللي قبل شوي عشان الفكرة الحلوة هذي .. يالله بروح لابوي اقول له بننتظر عمي احمد .. سلام .
    عطاها ظهره وهي تقول : اصبر تغدا عندنا ترى عزيز على وشك يجي الحين ..
    رد عليها وهو يفتح الباب من دون مايلتفت لها : تغدي مع عزيزتس لحالتس عليكم بالعافيه .

    وصل لشقته الساعه عشرة صباحاً راجع من الشركة ...
    ومرعليها قبل ماينام ... شافها تغط بنومها في سريره وانسحب من الغرفه للمجلس ..
    دخل في فراش فهد اللي للحين غريب عليه وتغطى ببطانيته وغمض جفونه يستجدي النوم يجيه لايسوي فيه مثل البارحه لمن عانده وهجره ..!
    البارحة كانت ليلته عصيبه ..!

    جافاه النوم لأن قربها والتفكير فيها شيء اصعب منه بكثير
    والحالة اللي هو فيها اكبر من كل التوقعات ..
    حاول ينام وهو يتقلب في فراش فهد اللي ماعتاد عليه ..
    النوم ماقدر يوصله من بين الزخم الهائل في الأفكار اللي هاجمته وكانت سد منيع ضده .. !!
    تنهد من اعماقه وهو يسند براسه على مخدته ويعيد حساباته من جديد ..
    " البنت متعلقه فيني وانا مانفعها ولا افيدها ولاراح اسعدها
    وياخوفي انها بانية مستقبلها معاي وانا مستقبلي مظلم وكئيب ..
    مسد شعره وغمض عيونه بقوة وزفر " البلا اني ماقدر اتركها .. ماقدر ياربي .. ومستحيل اتخيل انها مع غيري .. اه يارب رحمتك .. يارب رحمتك .."
    ضم جفونه على بعض والتهى بالمعوذات واية الكرسي لعلها تهدي عواصف الأفكار اللي أرقته ..
    ردد (اللهمَّ إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تُطهر بها قلبي، وتكشف بها كربي، وتغفر بها ذنبي، وتُصلح بها أمري، وتُغني بها فقري، وتُذهب بها شري، وتكشف بها همي وغمي، وتشفي بها سقمي، وتقضي بها ديني، وتجلو بها حزني، وتجمع بها شملي )
    غفت عينه على الذكر بسلام ..
    ..
    وبعد اذان العصر ..!
    فتح عيونه بصعوبة على صوتها ..
    : عماد ... عماد قوم صل الظهر والعصر .. عماد .
    تراءت له صورتها بالبيجامه الواسعه بلون الزهر وأكمامها طويلة ..
    شعرها الأسود ينزل على خدودها بتمرد وعصيان وهي ترجعه ورى اذنها باستمرار وحركة اعتادها وصارت لها طبع ..
    نفسه يمد يده لها ويضمها دقيقتين ، ثلاث ، خمس بالكثير ..
    لكن ضميره الصاحي له بكل محاولة تهور رده ومنعه ..
    انقلب على جنبه وظهره ناحيتها قال : اطلعي وسكري الباب .
    : طيب عماد قوم .. العصر راح وقته بعدين انا صاحيه من الظهر لوحدي .
    غطى وجهه باللحاف وهو يقول : دقي على نايف خليه يجي يرجعك لبيتكم .
    تأففت باعتراض وزعل ورجعت للصاله ..
    وهو قام وجلس ..
    شد شعره بقلق وحيرة ..!
    وبقلبه " وش هالحياة اللي اهرب منها وتلحقني واعيشها بعذاب "
    طالع في الباب يتبع اثرها اللي اختفى ورمى اللحاف عنه و راح يتوضأ في دورة المياه الملحقة بقسم الرجال ..
    رجع للمجلس وبعد ماصلى فرض العصر طلع لها ..
    كانت جالسة على الكنبة وتكلم امها وتضحك معاها ..
    وقف عندها ينتظرها تكمل قالت وهي تطالع فيه : طيب يمه هذا عماد صحى ......... حاضر ان شاء الله ولايهمك يالغاليه ........... الله يسلمك .......... مع السلامه .
    طالعت فيه قالت : امي تسلم عليك .
    جلس على الكنبة وهو يقول بصوت نايم : الله يسلمها اسمعك تقولين حاضر وولايهمك .
    ابتسمت له وهي تاخذ الريموت وتشغل التلفزيون قالت : توصيني عليك .. تقول اهتمي فيه ولاتخلينه ياكل شي من برا وانتي عنده .
    خلل شعره بأصابعه قال : ايييه ذكرتيني طبعا ماكلتي شي للحين ..
    : ليش البيت فيه شي ..؟ حتى سكر ماحصلت عشان اسوي شاهي ..!
    : شقة عزوبي عاد .. يالله قومي البسي بنروح نتغدى في مطعم .
    عضت على شفتها السفلى قالت : مممم لا خلاص طلبت .
    رفع راسه من على الكنبه قال وهو عاقد حواجبه ولهجة عدم الرضا واضحه : وشو ..؟ طلبتي ..؟ ومن اللي قال لك تطلبين ..
    قامت وجلست بنفس مكانها البارحه على الطاولة ومقابلة له قالت : عماد اش فيها اذا طلبت ..؟ ترى المطعم اللي طلبت لك منه راح يعجبك .. طالعت في الارض وكملت : بعدين انا متعوده زمان اني اطلب .. ولو ادري انك ماترضى ماطلبت ولا سويت لك مفاجأة ولاغديتك على ذوقي .
    ردها كله اعتذرا وحنية ..!
    تمنى انها ماجات للبيت ولا جلس معاها لوحدها ولا سمع منها هالكلام ..
    ضم وجهه بيدينه قال : متى طلبتي ..؟
    : قبل ساعه ... بس يبغى له كمان نص ساعه عشان يوصل .
    عقد حواجبه قال : وش طالبه ذبيحه ..؟
    ضحكت بصوت واطي قالت : لا لا موذبيحه .. بتشوفه بعد شوي .
    قال : اجل بقوم اتروش على بال مايجي غداتس .
    مشى من عندها هارب ..
    خايف منها وعليها ..
    " يارب "
    لفظها لسانه مستغيث ومستنجد ودخل الحمام لعله يبعد عنها لحد مايجي الغدا ويلتهي فيه .

    في نفس الوقت ..!
    تمسد وجهها المتوهج خجل من نفسها وتصرفها وكلامها ..!
    ضميرها الحي يحثها على الاستمرار وخجلها وعدم تعودها ينفرونها من التمادي ..!
    "يافضحي منه الحين وش بيقول ..!
    جريئة ورامية نفسها ليّ .."
    حركت رجلها بعصبيه ورفعت وجهها بشموخ ..
    " عساه يقول اللي يقول
    المهم اني اقدر اقرب منه واقدر اساعده في النور ..
    اقدر اقول سافر وتعالج
    اقدر اقول روح لطبيب عربي
    اقدر اقول لاتاكل كذا وكل كذا ..!
    هذا يفيدك وهذا يضرك "
    تنفست بعمق وهي تردد
    لسه ياشادن مابدا التعب ..!
    هيأي نفسك للجاي وقوي عزيمتك .
    رفعت نظرها للسماء ويدينها تضغط على خدودها بقوة وقالت نفس كلمته بنفس حاجته ورغبته
    " يارب "
    بعد برهه من الوقت ..!
    قطع صوت الجرس عليها تفكيرها وشافت عماد يعدي من عندها وفتح الباب ..
    ناداها بصوت عالي بعد ماقفل الباب : شادن .
    وجاته تمشي قالت : ها وصل ..؟ خلاص اتركه انا ادخله واحضره .
    اخذت اطباق السمك المشوي ورتبتها على السفرة وهي تفكر بكلام الدكتور : لازم ياكل هو وكل من يهدد بالعدوى اطعمة تقوي من جهاز المناعه مثل السمك اللي بدون زيوت والخضار والفاكهه والزعتر مهم جداً ومفيد جداً ..
    ناداها عماد وهي مسرحه وتتذكر وش بعد يحتاج جسم عماد لتقوية جهاز مناعته قالت بارتباك : ها ا هلا هلا .. سوري ماسمعتك .
    جلس على السفرة وهو يقول : وين رحتي . . ؟
    عضت على شفايفها بحركة خجولة وقالت بذكاء ساعدها في الموقف : بصراحه شكلك رجع لي ذكرى .. مممم مادري تحبها ولا لا .
    حط اللقمه في فمه وهو يقول : أي ذكرى .
    طالعت في شعره الرطب قالت : تتذكر هذاك اليوم قبل زواجنا وانت خارج من غرفتك وانا طالعه مع الدرج ..
    قاطعها : ايه اذكر ... الا وش طاري عليك تطلبين سمك ومشوي ..؟
    : اش رايك بالله مو لذيذ .
    : الا والله المطعم هذا عزمت فيه وفد اماراتي وصاروا اذا جوا لجده مايتعدونه .
    قالت بمكر : عشان تعرف اني ذوق واختياري دايماً بمحله .
    رفع نظره لها قال بخيبه : ايه والدليل انك تركتي امك واخوك وصديقتك واخترتي تجلسين عندي .
    حست انها مخنوقه من كلمته ..!
    تبكي قدامه وتصرخ وتقول الا عندي ذوق وانت بالدنيا كلها ..!
    ولا تسكت وتمشيها وتحسسه انها مافهمت ..
    بلعت لقمتها بقوة قالت : اش رايك نخرج نتمشى .
    : وش رايك اردك لاهلك تجلسين عندهم للجمعه وترجعين عشان دوامك .
    : بروح لامي واجلس عندها الليلة بس برجع الجمعه عشان بيتي وزوجي وجدتي .. والدوام اخر همي .
    كفت يدها ورجعت ورى وهو يطالع فيها ..
    يحب ابتسامتها ويحب ضحكتها اكثر
    ويحب يشوفها معصبة ورافعه حاجبها بزعل ..
    ويحب كلامها رغم انه معترض عليه ..!
    قال : بتتغدين ولا تراني قمت وخسرتك عزيمتك .
    : تغدى انت اش عليك فيني . بعدين ماعادت عزيمتي مو انت اللي دفعت .
    ابتسم قال : امشي بس كملي اكلك خلي حركات البزارين عنك ... عشان نروح لعمتي ام نايف ماشفتها لي اسبوع بسلم عليها واخذ علومها .
    تهلل وجهها فرح وهو يقول عمتي ..
    هذا الشي الوحيد اللي يحسسها انه مو معترض على زواجه منها ..
    رجعت مكانها وكملت غداها وهي كل ماتحاول تفتح اي موضوع بدهاء يسكره عماد بذكاء ..!


    ***




    الفقد في حياتنا صعب على أي شخص مهما كانت قدرات تحمله ودرجات صبره وتجلده ..!
    له وقعه وتأثيراته
    احياناً يودي بنا للجنون
    أحياناً يورث بدواخلنا الخوف للأبد ..
    والأكيد انه يوغل الحزن بقلوبنا لسنين عدة اذا ما استمر طول العمر ..!!
    جالسه في غرفتها وكل شي حولها غريب ..!
    رغم ان المكان هو هو ..!
    والأشخاص هم نفسهم ..!
    الا ان الدنيا موحشة عليها وكأنها اول مرة تواجه الحياة لوحدها ..
    تعبانه ومثقله لدرجه انها ماتقدر تفكر بشي ..!
    ولا تسمع شي ..
    ولا حتى تقول شي ..!!!
    دخلت عليها امها في يدها صينيه فيها كاسة حليب وشرايح توست مدهونة بجبنة ..
    قالت والابتسامه تعتلي وجهها فرحة بوجود سارة في البيت وقومتها بالسلامه : ياصح النوم .. صحيتي ياقلب امك ..؟
    ابتسمت سارة لامها بوجع .
    قالت : هلا يمه صح بدنك .. ليه تتعبي نفسك ماني جيعانه .
    ردت امها وهي تحط الصينيه على الكومودينو بجنبها وتجلس على طرف سريرها : ياقلبي لازم تاكلين اليوم ماتغديتي زين .. والدكتور يقول انك نزفتي دم كثير يبغالك شهور عشان تعوضينه .. خذي اشربي .. قولي بسم الله .
    رشفت سارة من كاسة الحليب مجامله ودفته بعيد عنها قالت : يمه ماقدر .. يكفي البارحه شادن قاعده تدف الاكل في فمي غصب .
    تنهدت امها بحب وهي تتذكر موقف شادن قالت : ياربي ياهالبنت مادري كيف ارد لها جميلها .. صدق ماتعرفين معدن الطيب الا وقت الشدة وشادن اصيله ماخيبت الظن فيها الله يرزقها ..
    ابتسمت سارة بامتنان قالت : تصدقين انها دقت عليّ بعد العصر وصحتني اصلي .. عاد انا صعب اقدر اوصل للحمام ولولا الشغاله نايمه عندي كان تبهذلت .
    قالت امها بلوم : قلت لك بنام عندك بعد الظهر وانتي اللي رفضتي .
    : لا يمه مو يكفي انك تاركه ابوي كل الفترة اللي راحت وانا في المستشفى ومقابلتني والبارحه نايمه عندي .. خلاص انا الحين احسن الحمد لله .
    ضمت امها على يدها قالت : ترى ابوك ومشاري قرروا انا نروح للمدينه بناخذ هناك اسبوع اسبوعين على كيفك ..
    تنهدت ساره وغمضت وهي تحط راسها على صدر امها وتحاول ترد العبرة قالت : يمه انا مرة تعبانه ... ابغى ارتاح .. مادري فين اروح .
    مسحت امها على راسها بلطف وقالت : تدرين ان ابوك قال نبغى نروح لتركيا لأنك تحبينها بس انا رفضت قلت نروح للمدينه .. كل هذا عشان ترتاحين نفسياً لأن اللي يروح لها مهموم ينشرح صدره وترتاح نفسيته .
    سكتت سارة محملة بالهموم والذكريات تمخر قلبها وتنزفه كل ماعصفت بتفكيرها ..
    واكتفت امها بالكلام هذا لأن الدكتورمحرص عليهم مايطولون الكلام معاها حتى مايرهقونها بالكلام او حتى الاستماع ..!




    ***




    في الديرة ..!
    حول النار الصغيرة في المنقل ( وعاء معدني مستطيل الشكل على اربع قوائم يوضع في الجمر اما للتدفئة او تسخين القهوة والشاي ) اللي يتوسط مجلس ناصر ..
    جالس في صدر المجلس وفهد على يمينه ودلة القهوة في يده يصب لابوه واخوانه ويرجعها على طرف المنقل ..
    البرد اشتد في القرية والمناطق اللي حولها ..
    قال ناصر بلهجة حاده : انا علمتك الخميس يعني الخميس . ولا انت تبي تماطلنا لين تغير رايك .
    فك فهد شماغه اللي تلثم به لأن ريحة كربون النار تضايق صدره اللي للحين مابريء من التهاب البرد وشكلها وريحتها تذكره بوجع سعود وفراقه ..!
    قال لابوه : يايبه انا ماقلت شي .. واللي تبيه يصير وعلى راسي بس يرضيك اني اخطب وعماد مادرى .. ترى مهب زينه في حق عماد اللي يعتبر نفسه ولدك الكبير واخونا كلنا .
    : وانا اشهد ان عماد ولدي واكبر عيالي بس الخوف انك حاط(ن) عماد حجة وتبي تغير رايك ويكون في علمك يافهد انا علمت لافي وغازي اخوه قلت الخميس نبي نجتمع عندكم والرجال لمحت له وعرف وش ابي منه واكيد انه ينتظرنا بكرة لاتحاول تثنيني عن اللي ابيه ..
    قال بندر وهو متكي على التكاية وينعس : والله مهيب زينه في حق ابو مشعل .. انتظره يبه ولا خلني بكرة اروح لأي ديرة فيها شبكة وادق عليه .
    قالت ام فهد وهي تحرك الجمر وتثبت ابريق الشاهي عليه بعد ماصبت لخالد المتمدد في اخر المجلس منه بيالة : يابو فهد .. انت تراك تعجلت ماكان قلت للافي عن جيتكم ...
    قاطعها بنبرة عصبيه : وراني ماتعجل يوم ابي شوف عيال فهد وبندر .
    وقف بندر وهو يقول : اسمحوا لي ابي ادخل انام .. وانت يافهد والله ان مادقيت على عماد وبلغته لياخذ بخاطره ... هذا مهب أي موضوع هذا زواج ووقفة رجال لازم يكون معنا .
    هز فهد راسه قال : وانا وش اقول من اليوم ..؟ والله الظاهر اني ابي اسري ادق عليه .
    ردت ام فهد : لا والله ماتروح في هالليل والبرد وانت صدرك تعبان .. خله بكرة من اصبح افلح .
    دخلت عليهم منال وكتابها في يدها قالت : فهد تقدر تشرح لي مسألة هنا .. صعبة وبندر يقول مايقدر يشرح وهو نعسان .
    قال فهد : هاتيها اشوف .
    قام خالد وعدل جلسته قال : انتي يامنال وش اللي معنيتس قايل لتس ادخلي معهد معلمات مثل بنات لافي وتخرجي مدرسه .. ها وش بتحصلين بعد الثانوية .
    قال فهد وهو يكتب مسألة الفيزيا في كشكول منال : وش بتحصل يعني اكيد مادخلت الثانوية الا عشان تكمل دراستها .
    قالت امها : وين تكملها ..؟ ولا تبيها تدخل السكن مثل خوات مرة عمك احمد .
    فز خالد ولد ال16 سنه قال : والله لتموت مادخلته .. هذا اللي ناقص نفك بناتنا في السكن ولحالهن .
    : لا وش يدخلها السكن تروح معي وتسكن عندي هي واختها لين يخلصون دراستهم .
    رد ابوهم اللي اثاره فهد بموضوع عماد وحس انه تسرع .. رغم انه ماغاب عنه بس حب يخطب والملكه يشهدها عماد ولاتفوته .. : هالحين اشرح لاختك ثم لياكملت الثانوية يالله في العافيه هذيك الساعه تعالوا قولوا اللي عندكم .
    قال فهد : منال تدرين انا نزلت الكيس اللي من عند ام نايف لكم ولا لا انا ماعاد اجمع ذاكرتي فشلتني بخلق الله .
    ردت امه مقاطعه : لاوالله وانا امك ماشفنا شي .
    قال فهد لخالد اللي يتصفح كتابه بملل : خالد فز هات الكيس الأبيض الكبير من شنطة السيارة ..
    رمى عليه المفتاح وقام خالد .. وانغمس فهد يشرح لمنال المسأله اللي فهمتها على طول وبدون عقد ..
    قالت : اشوا انها سهله ..
    قاطعتها امها وهي تفتح الكيس اللي جابه خالد للتو ..
    : ماشاء الله تبارك الله . . الله يبيض وجه هاك الحرمه ..
    قربت منال منها قالت : اشوف يمه .
    فتحت الكيس الكبير وحصلت فيه عسل نحل وبخور من الأصلي الفاخر ..
    وداخله كيس ثاني فيه قطع اقمشة وخاتم ذهب وعطورات للبنات وبلايز صوف .
    سحبت منال البلايز والعطورات قالت : عز الله ماذاكرت حنان ان شافتها .. بس بروح اوريها اكيد انها بتنسى هم المذاكرة .
    طلعت من المجلس والكل منشغل بنفسه اللي يفكر وشلون يوصل الموضوع لعماد
    واللي يفكر متى يجي عماد ويفكه من الموضوع كله ..
    واللي منشغل باختبار بكرة وشلون يعدي منه ..
    واللي منشغله بتمييز الهدايا باعجاب وتفكر وشلون ترد الهديه بأحلى واحسن ..!



    ***

    يتبع,,,


    تعليق

    • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
      عضو ماسي
      • May 2009
      • 708
      • .
        .
        .


        .
        .
        .


      #82


      ظهر الخميس ..!
      وفي بيت امها ..
      اخذت جوالها وكلمت سارة وتطمنت انها وصلت للمدينه وانها احسن من امس واللي قبله ..
      وبعد مكالمة سارة اللي ماطولتها جلست بملل ..!
      طالعت في امها الملتهية بمراجعة الجزء اللي راح تختبر فيه بكرة عصر الجمعة في الدار ..
      جو السكوت يحيلها للتفكير
      وتفكيرها محصور في حياتها مع عماد ..!
      وحياتها مع عماد شائكة ومتعبه ومرهقه ..
      عماد تعبها بسلبيته وبعده وعدم تجاوبه معاها رغم انه يبي ..!
      وهي تعبت من يوم اخذته وهي تصبر وتتحمل وتنتظر بكرة ..
      امس لولا ان نايف حلف انه يتعشى عندهم ويضيفهم ولا ماجلس بعد القهوة دقيقة وحده ..
      اصراره على عدم الاحتكاك فيهم اكثر من ضيف خفيف يوترها وينرفزها ..
      وعذره اللي هي فاهمته ومقدرته ان عماد حاس انه مو من حقه يجلس معاهم ويلبس ثوب زوج بنتهم اللي لابد يحتفون به ..
      وهو بنظره انه على العكس
      زوج وهمي ومايستحق الحفاوة ..!
      تسحبت وهي تتذكر كلامه لها قبل مايخرج ..
      " اذا بغيتي شي دقي عليّ رقمي مع نايف خذيه منه .. واذا بغيتي تجين للشقة بلغيني قبل "
      دخلت غرفة نايف وهو غاط في نومه ..!
      واخذت جواله وسجلت رقم عماد في جوالها وراحت لغرفتها ..
      دورت على حجه تبرر له اتصالها عليه ..
      حجه ماتحرجها ولاتحرجه ..!
      سبب قوي والأهم يقنعه ..!
      ضغطت زر الاتصال بتهور وبعزيمة والحجه للحين ماجات ولالقتها ..
      دق مرة ومرتين وثلاث ..
      اخيراً رد بصوت نايم وهو يقول : الو .
      تنحنحت بصوت خافت قالت : هلا عماد .. السلام عليكم .
      سكت لبرهه ورد : عليكم السلام من معي ..؟
      : ها ..؟ ماعرفتني .
      : اوووه هلا هلا شادن .. اجل هذا رقمك .
      : ايوه . عماد انت نايم ..؟
      عدل راسه على المخده قال : لا خلاص صحيت . بغيتي شي .
      : ممم .. ايوه ..
      جاتها الفكرة والحجه لعندها من عند ربي قالت : ابغاك تقوم تصحصح وتاخذ لك شور وتصلي الظهر وتجي للغدا عندنا .
      رد وهو يتثاوب ويعدل اللحاف عليه قال بعفوية : والله ياشادن صوتك في التلفون ابد مايساعد ان الواحد يصحى .
      ردت بعفوية مماثلة : ها ..؟ كيف .. مافهمت .
      ضحك وصوته النايم والكسول يخترقها ويستقر بقاع قلبها قال : هههههههههههههه عليك صوت مهوب صاحي في التلفون .
      امتقع وجهها حمرة خجل ..
      اول مرة يغازلها ..
      لا لا مو اول مرة قد مسك يدها قبل وقال " الحلو يصنع حلو "
      بس هذا اللي سمعته منه ..
      وصلها صوته هالمرة مختلف ..
      الاحساس بالذنب وصحوة الضميرة واقفين له سد منيع بينه وبينها ..
      قال وهو يتنحنح ويحاول يرجع لطبعه الجاف معاها : وشلون امك ونايف .
      غمضت عيونها بخيبة واحباط قالت : كلهم بخير ويسألون عنك .. يالله عماد ترى استناك على الغدا لاتردني .
      : لا لا تغدوا البارح انا متعشي عندكم يكفي ..
      قاطعته : عماد الله يخليك لاتقول هالكلام وتحسسني انك غريب عنا ترى هذا بيت خالك وعياله .
      : ادري انه بيت خالي وعياله بسس .
      : بس مافيه عذر يالله قول طيب ..
      : لاوالله مايمديني اجيكم .. بروح احلق وامر على واحد من العيال يمكن اطلع انا وياه نتغدى برا .
      : عماد طلبتك لاتردني .. يمديك تحلق وتجي .. اصلاً انا لسه ماسويت الغدا . بعوض عزيمة امس اللي صارت على حسابك وانا اللي كنت ناوية اغديك على حسابي .
      وش اللي تسويه فيه
      يوم بعد يوم تقتحمه اكثر
      ليته رجع للديره ولا جلس في جده وشافها وكلمها وحس فيها اكثر ..
      ليته يقدر يهرب ويبعد وينساها وينسى شكلها وصوتها وقربها ..
      : ها اش قلت ..؟
      تنهد وهو يرفع اللحاف عنه ويقوم قال : وش قلت بعد .. امرنا لله .. بنت خالد تامر وحنا ننفذ .
      عضت على شفتها والابتسامه الخجلى على محياها قالت : تسلم الله يخليك لي .. يالله استناك وخذ راحتك .
      تجاهل جملتها الاولى قال بلهجة جافه مصطنعه : زين يالله مع السلامه .
      همست : الله معاك .

      قفلت منه وراحت للمطبخ بسرعه وفي راسها مليون فكرة وش الأنسب واللي يصلح له ..
      اخيراً استقرت على اكلات مو دسمة ..
      مرقوق وصينية خضار باللحمه وجريش وسلطات ..!
      ساعتين من الجهد والعمل بتفاني وتفنن مرت عليها هي وامها وشغالتهم الاندنوسية ..
      اخيراً انجزوا بإتقان ورضا ..
      دقت على عماد قال انه قريب من البيت وراحت تصحي نايف اللي قام بسرعه ونزل تحت ينتظر عماد ..
      الاستقبال والترحيب والجو الأسري اللي في بيت اهل شادن عمره ماحس فيه رغم انه عاش عند جدته وأفضت عليه من الحنان لدرجة الاشباع ..!
      وعاش مع عمانه واعتبرهم اهله لكن وجود الام والأخ والأخت وهو بينهم وكأنه واحد منهم احساس غريب ..!
      بعد ماتغدى مع نايف جابت شادن القهوة والشاهي وجلست عندهم وجات امها كملت الجلسة ..!
      ومع السواليف الهادية اللي كانت تدار غالباً بين عماد ونايف وعماد يسهب لنايف في شرح أي سؤال يقوله عن الاقتصاد ... الاسهم .. ادارة الاعمال .. تأثير الصحافه على التجارة .. الاعلانات ودورها .. وماتطرق للحديث عن نفسه ابداً الا لمن قال نايف : طيب انت مافكرت في الدكتوراه بعد الماجستير .
      طالع في شادن وعمته قال : ماكتب الله اني اكملها .. ولو ان الفكرة كانت وارده واحتمال تنفيذها بأي وقت . بس اني اسافر واترك جدتي بعد ماسافر احمد صعب عليها .
      قالت ام نايف : ليه ماتكملها هنا في السعودية .
      : في السعودية اريح لي لكن الشهادة من برا لها ميزات افضل ...
      قطع عليهم صوت المسج اللي وصل لجوال عماد الحديث وفتحه قرا مسج فهد والمجلس يدور فيه " انا لي ثلاث ساعات احاول ادق عليك والشبكة زفت عيا الاتصال يمسك .. لكن تعال اليوم ضروري الشايب مصمم يخطب لي من جارك لافي .. وكلمهم على اساس العصر نجيهم .. تكفى يابو مشعل لاتخيب ظني فيك انت خابر رايي زين في مسألة العرس وفوزية ناشبة لي تقول لاتناسب لافي .. عاد انا مالي غير الله ثم انت "
      وقف وهو مرتبك ..
      مصيبة حلت عليه وعلى فهد واهله ..!
      وش يسوي والعصر على وشك وهو لابد يوقف الخطبة بأي حال من الاحوال ..
      طالع في نايف اللي قال : عسى ماشر . ؟
      قال : ماشر ان شاء الله .. انا مضطر امشي الحين للديرة .
      شهقت شادن بهلع وطالع فيها قال بسرعه : مافيهم الا العافيه بس فيه موضوع يبيني فهد اجي احله بسرعه ومايحتمل التأجيل .
      قالت وهي مو مصدقه : عماد لاتكذب علينا .. جدتي فيها شي .. عماني ..
      قاطعها نايف بلهجه حاده : شادن وش هالكلام ..؟ بعدين يالله البسي بسرعه وامشي مع زوجك .
      قالت بخوف ولهجة حازمة : ايوه طبعا ماشيه استناني عماد لاتروح .
      زم شفايفه وهو يحس ان الوقت يداهمه قال : عجلي عليّ معك عشر دقايق ان تأخرتي مشيت ..
      طلعت بسرعه والتفت على نايف اللي تايه مابين ياخذ كلامه ويصدقه ولا يصدق حدسه وتعابير عماد المكتئبة ومهمومه ..
      قالت ام نايف بتروي وهدوء : فيه شي ياعماد ..؟ شكلك يقول ان الرسالة كدرتك ..!
      قال عماد بهدوء مصطنع : لاتخافون والله مافيه مايروعكم بس ان فهد غصبه خالي على العرس وهو مايبيه وينخاني ( يطلب نخوتي ) يبيني افكه من الموضوع .
      عصب نايف قال : وبس .. ؟ ياخي ماتحتاج المسأله انك تطق مشوار بهالسرعه .. بعدين هو حر مايبي الزواج يقول لا . وانا اعرف عمي ماتوصل معاه للغصيبه .
      : عاد فهد مايبي يزعل ابوه ونوى يحطها في راسي انا .
      قالت ام نايف بنفس الهدوء والخجل اذا قابلت عماد احتراماً له وتقدير : الله يستر عليك ياولدي لاتستعجل بالله .. وتأكد ان اللي ربي كاتبه راح يصير واذا فيه قسمه لفهد محد رادها .
      هز راسه باقتناع قال : اللي عليّ بسويه والباقي على ربي .
      وقف على باب المجلس ينتظرها بقلق وبركان انفعالات حاول جاهد انها ماتظهر وتبين عليه اثارها ..!
      مو معترض على زواج فهد وقسمته بقدر اعتراضه على نسب لافي وقرب لافي وبنت لافي ..!
      زفر وهو يطالع في ساعته قال : بالله يانايف استعجلها ..
      خرخ نايف من المجلس ورجع بعد دقيقتين وشنطتها في يده وهي تمشي بسرعه وتلف طرحتها على راسها قالت : ماعليه اسفه .
      رد عماد بسرعه : يالله يالله عجلي .
      التفت على امها ونايف قال : يالله نسلم عليكم .
      خرج بسرع متحاشي وداعها لامها واخوها اللي من بدايته ادمع عيونها وفضل انه ينتظرها برا ..!!




      اعتادت بيوت القرية الصغيرة انها تطلق اطفالها في طرقات القرية كل عصرية واذا قرب المغرب ضمتهم وسكرت ابوابها عليهم ..
      الدنيا امان والناس مسالمه ومحد يخاف من جاره ولاحد يخاف على عياله ..
      كانت العنود واقفه مع شهد بمريول المدرسه اللي ماتنزله الا اذا جات تنام وشعرها متطاير بدون تسريح او ترتيب ورجولها اللي اعتادت السير على تراب الديرة وعرفتها وعرفت مكامن الخطر والأمان حافية وعارية ..
      حكت فروة راسها بعنف وقالت : شهد ابلا شادن متى تجي .
      ردت شهد على العنود اللي تعودت تلعب معاها غالباً اذا سامر ولد نوير ما جا عندهم لأن في حضور سامر عند شهد يبطل الكل ..
      : امي تقول راحت عشان تشوف زميلتها اللي صار عليها حادث .
      : طيب متى بتجي .
      هزت شهد اكتافها ببراءة قالت : مادري .. اصلاً احنا كلنا بنجيكم بعد شوي .. امي وجدتي وخالتي ام فهد حتى خالي ناصر وخالي فواز كلهم بيجون عشان يخطبون نوف اختك .
      فتحت العنود عيونها بقوة متفاجئة قالت : قولي والله .
      ردت شهد : والله انا سمعت امي امس تقول لابوي بنروح نخطب نوف .
      : طيب من اللي يبي ياخذها .. عماد ..؟
      : لا عماد متزوج شادن ياغبيه .
      صرت العنود عيونها بحيرة قالت : وحتى اذا هو متزوج ...! انتي ماشفتي ابوسليِّم عند اربعه حريم وعياله واجد حتى ماقدر اعدهم .
      ردت شهد بحماس واندفاع : بس عماد حلو مو شايب مثل ابو سليم .
      عضت العنود على شفتها وهي تصر عيونها وتفكر بزوج نوف المستقبلي : اممممممم اجل من بياخذها .. ابوتس ولا عمتس فواز .
      : ابوي لا .. بس يمكن خالي فواز لان خالتي حليمه كانت تعبانه في رمضان وراحت للمستشفى .
      زمت العنود شفايفها قالت : انا اصلاً منيب معرسه بعدين عشان رجلي مايعرس عليّ .
      قالت شهد بلهجة تحذير وهي تعض على شفتها السفلى وتلتفت على بيت امها : اسكتي عيب تقولين كذا .. امي تقول عيب تتكلمون في الزواج .
      هزت العنود اكتافها بلا مبالاة قالت : حتى امي تقول عيب بس انا سمعت نورة ونوف يهرجون في العرس ونوف تقول انا مابي حمود ونورة تقول اخذيه ازين لتس من عماد معرس وعنده مرة . ونوف تقول عادي اهم شي ياخذني لو عنده ثلاث حريم ..
      ابتسمت العنود بمكر وكملت : اصلاً اختي نوف كل يوم تقز عماد مع الطاقه .
      حطت شهد يدينها على وسطها باعتراض قالت : ياسلام . اصلاً عماد متزوج احلى وحده في السعودية كلها .. ونوف اختك دبة وشعرها اصفر وع وع وع . والله مايتزوجها .
      وبحميه وعصبيه واندفاع ردت العنود : وع منتس انتي . لاتهرجين على اختي ازين منتس انتي وامتس اللي تلبس البنطلون قدام رجلها انا شايفتها بعيوني .
      ردت لها شهد بنفس اللهجه : امي احسن منك ياكلبه ياحمارة ياوسخه ياللي ماتنزلين مريولك حق المدرسه .. انقلعي لبيتكم يالله مابغاك تلعبين عند بيتنا .
      : اصلاً الشارع هذا مهوب لابوتس .. هذا حق الحكومه .
      : كذابه هذا شارعنا اشتراه ابوي عشان يصير عند بيتنا ..
      لحظات وكانت العنود تمسك بشعر شهد وشهد تستنجد وتستغيث بامها وابوها الين جات الشغاله وفكت شعرها من يدين العنود المفترسه ..
      قالت العنود : طسي ثم والله ان جيتينا شوي مع امتس اني لاذبحتس واقطع شعرتس كله لين تصيرين قرعه . ووالله لاعلم نوف اختي ماتاخذ خالتس الدب اللي يشرب الدخان . واخليها تاخذ عماد غصبٍ عنتس .
      دخلت شهد البيت باكيه بصوت عالي وهي تشتكي على امها وتوصف لها الألم اللي سببته لها العنود بيدينها القوية وبكلامها ..
      وفوزية تتحسب الله على العنود وتتحسر على فهد اللي بياخذ اخت العنود المتوحشه ..



      ***


      دخل على امه وهي لابسه عبايتها وتنتظر اول الناس ..
      سلم عليها قال : ابطينا ( ابطأنا _ تأخرنا ) عليتس ..؟
      : ايه ابطيتوا وراح النهار . انتم علامكم العرب يمديهم ينتظرون من صلاة العصر . والشمس قدها غربت ..
      هز ناصر راسه بندم ونظره على الارض قال : الرجال اللي نبي نخطب له معند يقول انتظروا عماد .. وانا والله مهب مرضيني اروح اخطب لفهد وعماد مهوب فيه .. مدري وش خلاني اتهور واوعد الرجال .
      : هيِّن عماد مهوب قايلٍ(ن) شي .. عجل بس يمدي الرجال ينتظرنا فضحتونا فيه . اجل ولدك مامشى للحين .
      مسك يدها وهي تمشي معه قالت : هو وفواز بيلحقونا .. وبندر اخذ امه وبيمر على فوزية يجيبها معه .
      : فهيدان هذا مهوب مستنع دايم يماطل ويمشي على كيفه مير الله يهديه ..
      مسح ناصر على راس امه قال بلهجة بارة وحنونة : الله يخليتس لي .. هو مهوب معترض ولا ماطل يقول بس انتظروا عماد ..
      ردت بحده : وانه رايحٍ(ن) لفوزية ويقول فكيني من العرس .
      تنهد ناصر وهو يتذكر كلام فوزية وترجيها له انه يدور غير بنات لافي ..
      قال : فوزية اربكتني بكلامها ماعاد ادري انا مع خطا ولا صواب .
      قاطعته : خل سوالف الحريم عنك ليا صارت امه موافقه ماعليك من احد .
      : الله يكتب لنا الخيرة .
      مضى ويد امه في يده وفضل انه يروح مشي لأن المسافه قصيرة والمشي افيد له ول امه ..
      نص ساعه وكان مجلس لافي يكتظ بناصر وعياله فهد وبندر وخالد وفواز اخوه وغازي اخو لافي ..!




      ***



      في الطريق الطويل راجعين للديرة بعد مامرت على امها وسارة وسلمت عليهم ..
      ساكت ومانبس ببنت شفه ..
      الأفكار ارقته من امس
      من موضوع لموضوع
      ومن هم لهمٍ جديد ..
      اول شي هم شادن واقتحامها لحياته ..
      ثم السالفه اللي طالعين بها لفهد ..
      الا هذي يافهد ماتاخذها وانا للحين عايش واقدر اردك ..
      مستحيل ارضى انك ترتبط بنوف بالذات ..
      سحب شماغه وعقاله وطاقيته من فوق راسه ورماها على المقعد الخلفي ورجع يركز في الطريق وهي صامته ..
      الأفكار ماريحتها هي الثانية
      واللي همها اكثر شي ليه معترض على زواج فهد لهالدرجه ..؟
      معقول يكون فهد مريض مثله ولا فيه سبب ثاني ..؟
      طالعت في الطريق بجنبها وهي تتعوذ من ابليس ووسوسته
      عماد لو يفكر بالزواج والارتباط كان فكر فيني
      انا اولى من انه يفكر في البعيده وهو مريض ومرضه معدي ..!
      سندت براسها على الشباك وسرحت مع الوباء اللي تصيَّد كبده واستقر فيها ..
      وش هالمرض ..؟
      حاصره وحرمه اقل المتع الزوجيه ..
      تذكرت كلام الدكتور وهو يقول : ينتقل عن طريق اللعاب .. وعن طريق ملامسة الجروح او نقل الدم .. والعلاقات الزوجية ..
      مسك بريك بقوة وهويشوف ناقة تقطع الطريق بالعرض وتمشي خيلاء و لا مبالاة بدون ماتوقف او تلتفت ..
      تلقائياً حط يده على صدرها يثبتها على المرتبه ..
      ثبت يده على صدها وهو يطالعها والسيارة تمشي بهدوء قال : ستر الله . وش فيك خايفه ..؟
      قلبها ينبض بقوة واطرافها باردة الدم توقف لثواني ورجع يمشي في اوردتها بقوة ... قالت : مو خايفه .. الحمد لله ان ربي ستر .
      سحب يده بالقوة قال : المنطقه هذي كلها نياق وياكثر الحوادث اللي تصير هنا .. الله يخزيك ياشيطان اول مرة انسى دعاء السفر .
      قالت : لا يكون انا السبب .
      ردد بصوت مسموع (بسم الله ، الحمد لله ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وأنا إلى ربنا لمنقلبون ، اللهم أنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوِ عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكابة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل )
      ورد عليها وهي تردد اللي قاله في صدرها قال : لا والله مهوب انتي السبب الا سالفة فهد اللي مدري كيف طلعت لي .. الله يسامح جدتي بس .
      كمل وهو يطالع في منطقه على يساره : شوفي هذا مكان حادث زميلاتك .
      رجعت لها الذكرى الحزينة قالت : الله يرحمهم ويشفي سارة .
      : تدرين ان فهد هو اللي ساعد بنت ابومشاري ؟
      : ايوه ادري قال لي نايف .. ترى ابو مشاري يدور عليه ويقول اذا جا لجده خلوه يمر عليّ . وهو الله يهديه ماهتم بالموضوع .
      : ماتدرين وش يبي فيه .
      ردت شادن وهي تتأمل الطريق قدامها بخوف : لا بس اللي اعرفه ان ابومشاري انسان شهم وكريم ويرد الجميل .
      عض عماد على طرف شنبه بأسنانه السفلى قال وهو يفكر لبعيد : اها ..
      شبكت يدينها في بعض والتفتت عليه قالت بحذر : عماد ممكن اسألك سؤال .
      رد بجفاء : اسألي .
      : ليه ماتبغى فهد يتزوج ..؟
      مالتفت عليها ولا اهتز منه شي .. قال ببرود : رجال مايبي الزواج الحين ولابغاه يتزوج بغصيبه مثلي !
      مهما كانت تقدر ظرفه الا انها انجرحت وفي الصميم ..
      سكتت ..
      ماعندها كلام ..!
      ولاتقدر على الاعتراض ..
      لأن هذا الحق ..
      التفت لها وعرف انه جرحها
      وسكت ...!
      لأن العذر ماراح يجني الا المتاعب
      وهو الى الان مكتفي من المتاعب اللي يعيشها معها وبسببها ..!
      كملوا الطريق بنفس الصمت اللي بدوا به ..
      ورجع كل واحد لخط افكاره اللي مشى عليها من اول ماركب السيارة ..
      اخيراً وصلوا القرية بعد اربع ساعات سفر منهكة ..
      فتح الباب بسرعه ونزل ولف جهتها وفتح لها الباب قال : ادخلي و سكري البوابه زين .. الظاهر ان البيوت مافيها احد . واغراضك خليها اجيبها شوي معي .
      دخلت البيت وهو رجع لبيت لافي بعد مالبس شماغه يجمع الأفكار اللي قدر يبتكرها لحل الموضوع .




      ***

      في بيت لافي وقسم الحريم ..!

      قالت ام نوف مرحبه ومهلية : حيا الله من زارنا ياهلا ومسهلا .. روحي يالعنود خلي خواتس يجيبون القهوة ..!
      قالت العنود ببراءة بلهاء : يمه اسأليهم وش يبون ..؟ نوف ابلشتني تقول روحي شوفي وش يبون .
      تغيرت ملامح ام نوف فشيلة وحرج قالت : قومي اذلفي نادي خواتس بالقهوة .
      ضحكت ام ناصر قالت : ياحليلها الله يصلحها .. هي وش مسويتن بشهد يوم عيّت تجي معنا .
      زفرت فوزية بحنق قالت : متهاوشات عند عماد وشادن ...
      قطعت كلامها وهي تشوف نوف تدخل بالقهوة على استحياء نزلتها على الارض وسلمت عليهم وهي بكامل اناقتها ..
      قالت ام فهد : ياماشاء الله تبارك الله .. انا من متى ماشفت نوف .. من قبل عرس عماد .. حتى العرس ماجوا بناتتس يام نوف .
      تغيرت ملامح نوف للكدر من السيرة الكئيبة قالت امها : ايه يوم عرس عماد كانت نوف تعيبانه واختها قعدت معها .
      بعد دقايق دخلت نورة وسلمت بهدوءها ورزانتها وثقتها ورجعت لغرفتها تذاكر لاختبار السبت فيزياء وادب .. ( للعلم معهد المعلمات يجمع بين قسمي العلمي والأدبي اجباري والاختبارات مادتين يومياً )
      استمرت الجلسة والسوالف ماقطعها غير العنود اللي وصلت مرعوبه قالت وهي تلهث : يانوف يانوف الحقي .. سكتت تاخذ نفس والعيون كلها عليها .. قالت بصوت متقطع : عماد ج ا ودخل مجلسنا .. قومي قومي شوفيه تراه بيِّن .
      الكل طالع في نوف اللي ذابت خجل ..
      وفي لحظة تمنت ان العنود ماخلقها ربي
      تمنت انها ماتت يوم ولدتها امها ولاشهدت هاليوم وهالجلسة ..
      كانت الوان وجهها تمزج الفشيلة والقهر والغيظ والخجل والاحراج ..
      قالت امها : الله يذهب عدوتس يالعنود .. انتي وراتس تروعينا ..
      ردت ام ناصر بفرح متجاهلة نوف وحرجها وموقفها ككل : ياربي انك تحييه .. ياربي انك تحييه .. ياربي ان تحييه .. ماهنت لي الجلسة لين جا ..
      فوزية الصامته بتعجب كانت تراقب نوف المحبطه قالت : العنود روحي نادي شادن قولي لها تجي .
      فرت العنود بسرعة البرق وكأن رجولها الحافية ماتلمس الأرض قالت نوف بتردد وخوف وحيا : هي جات تعلمني لأني سألتها اذا شادن جات ولا لا .
      قالت ام فهد بطيبة وعفوية : ايه ميدها ( قصدها ) ان شادن جات .. الله يهيدهم الجيل هذا مايمشي غير وهو طاير ومفجوع ..!
      سكتت فوزية وهي تسترجع كلام شادن عنها وتربطه بكلام العنود وبشراها لنوف بوصول عماد ..
      وفضلت انها تسكت لأن ماعاد فيه مجال للاعتراض على نوف ولا ايقاف الخطبة ..!
      والفاس قد طاحت في الراس ..


      ***
      يتبع,,,



      التعديل الأخير تم بواسطة ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ; 10-07-2009, 02:12 AM.

      تعليق

      • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
        عضو ماسي
        • May 2009
        • 708
        • .
          .
          .


          .
          .
          .


        #83

        دخل عليهم في المجلس بهامته وطوله الفارع
        وفزوا كل من في المجلس يرحبون فيه ويسلمون ..
        سلم عليهم بالدور ووصل لفهد وسلم عليه قال بهمس : احد تكلم ولا للحين .
        همس فهد : ابوي توه خطب .
        جلس عماد بجنب فهد بقهر ولو بيده رجع الوقت ساعه وحده بس ..
        قال : كملوا يالربع كلامكم الظاهر اني قطعت عليكم .
        رد ابوفهد : زين انك جيت ياولدي والله مابغيت اخطب لفهد الا وانت شاهد وحاضر مير تعجلت وعساه خير .
        سكت عماد وكمل لافي : والله يابو فهد جيتك على الراس انت ومن معك ولو هي ذبيحه ماعشتك .. البنت باخذ شورها وهي ان شاء الله انها من نصيب فهد . بس الشرع والواجب يقول اني لابد اشاورها .
        وفجأة وقف على الباب ببدلته العسكرية ..
        عيونه مكتظه غيره وقهر ودفاع المستميت ..
        بس اول ماوقعت نظرته على عماد ذاب الدفاع واستحال لاستسلام وهزيمة
        وشلون اقدر ارد و اتكلم وهو اللي لبسني هالبدله ..
        رفع عماد راسه لحمود اللي دخل لبيت عمه اول ماجا من الطايف في اجازته الاسبوعيه وجا ركض لبيت عمه مان سمع بالخبر ..!
        قال عماد : حيا الله العريف حمود ..
        دخل وسلم عليهم كلهم واشر له عماد يجلس بجنبه قال : تعال تعال عطني علومك .. من يوم توظفت ماشفتك .
        نزل راسه بحرج واحباط
        مستحي من عماد اللي اغرقه بجمايله وتوسط له ووظفه بعد ماتعب نفسياً من كثر ماقدم على الوظايف وشهادته الثانوية ماساعدته على القبول في وظيفه تعجبه ..!
        قال : ماقصرت يابو مشعل والعقيد ابو يوسف كل ماشافني وصاني اسلم له عليك .
        ربت عماد على كتفه بحركه تشجيعيه وهو يدري باللي فيه قال بصوت عالي : يابو نوف ..
        رد ابو نوف بحماس : يالبيه يابو مشعل .
        : ترانا ماجينا نخطب بنتك الكبيرة .. هذي عارفين انها لحمود وحنا مانخطب على خطبة اخونا وترى خالي مايدري ان حمود خاطبها .. حنا جايين للثانية طال عمرك ..
        طالع في خاله ناصر بنظرة رجا وانصاع ناصر لعماد وسكت بدون أي اعتراض ..
        كمل عماد : ويالربع انتم خطبتوا من دون ماتقولون لي .. وانا امس رحت وخطبت للرجال هذا .. اشر على فهد .. واللي خطبت منه رجال مثل هالوجيه وشرواها تاجر واعرفه وعطاني كلمة ووافق على فهد .. العذر من الله ثم منك يابونوف وترانا شارين بنتك وهي الاولى وفهد رجال يقدر يفتح بيتين وكفو .
        فتح فهد فمه متفاجيء وسط ذهول كل من في المجلس ..!
        قال فهد : انت وش ..
        قاطعه عماد : انا يافهد ماجيتك اليوم ومتعني الا ابي ابشرك وانا اخوك وابي اخذ خوالي نروح نملك في جده . لكن سبقتوني وصار اللي صار وعساها خيرة ..
        سكت لافي وتحولت ملامحه من البهجة والفرح للكابة ..!
        فرح بالاولى ونكد عليه عماد وخلاها حليلة لحمود وقدام كل الناس وهي رافضته وراسها والف سيف ولاتاخذه ..
        وفرح بالثانية وانكسرت الفرحه في عز مخضها ..! طلع الرجال خاطب قبلها بيوم ..
        قال ابو ناصر بوجه محبط وهو يراقب عماد وفهد اللي لغة العيون كانت بينهم وشكلهم متفاهمين .. : الراي رايك يابو نوف وهذا ابو مشعل علمك باللي عنده قبل لاتوافق البنت ويصير بيننا شيٍ رسمي .. ان بغت تصير حليلة ثانية لفهد ترانا شارين نسبك وقربك .. وان ماوافقت البنت هذا حقها وولدنا عنده المرة اللي اختارها ابو مشعل وبنتكم عسى الله يوفقها ويرزقها باللي يستاهلها ..
        تكلم فواز اللي الجمته مفاجأة عماد لدقايق : مانبي نسمع رايك اليوم يابونوف .. بكرة مثل هالوقت تعطينا العلم .. وانت جارنا ورفيقنا سواء وافقت البنت ولا ماوافقت ..
        الكل منصدم ويترقب حتى عماد اللي قلب الموضوع والسالفه رأساً على عقب ..
        ماعدا حمود اللي تهلل الفرح في وجهه وبانت تباشيره ..
        قال مستغل الفرصه : عمي دام الدعوة فيها خطبه وملكه ترى بنتك الكبيرة اولى انك تملك لها قبل الصغيرة .. وطلبتك ياعمي لاتردني ..
        تكلم غازي ابو حمود واخو لافي : حمود طلبك يابو نوف لاترده ..
        قال لافي باحباط : يالربع اصبروا ... العرب ضيوفي وجاييني خطاب ليا جا بكرة يصير خير .
        سكت عماد مكتفي باللي قاله ..
        حمود هو الأنسب لنوف ..
        لابد تتزوج بدل ماتتأمل من وراه خير لها ..!
        يدري انها ممكن تتعذب بس راح يكون مؤقت وتنسى وتعيش مع ولد عمها ويجيها ويرزقها ربي بذريه ..
        وقف عماد قال : انا استاذن يالربع المغرب اذن ونبي نلحق الصلاة ..
        وقفوا كلهم قال ناصر : انا خويك ياعماد ..
        نفض المجلس كله وقاموا الرجال ماعدا حمود وابوه اللي تحول كدرهم لفرح ..
        حاول لافي يثنيهم للعشاء واعتذروا ... وتركوه ووجهه ساحة من الكابة والهموم ..!




        ***



        رجعت العنود من بيت عماد ودخلت عند نوف اللي اختلت بنفسها بعد الموقف المحرج واللي عرفت وتأكدت انه ماعدى على فوزية بالسهل ..!
        قالت : تكفين يانوف خذي عماد و اقهري شهد .
        تحول غضب نوف الهادر الى حلم جميل بكلمات العنود وكأنها سكبت ماء زلال على عطش روحها ...!
        قالت بابتسامه : وشهد وش هي قايلةٍ لتس يوم تبيني اقهرها .. وكملت بتلذذ .. : واخذ عماد ..
        ردت العنود وهي تميل على مريولها وتطلع منه فتات خشب علق فيه واذاها في اسفل ساقها .. : تقول فواز جاي اليوم يخطبتس عشان مرته حليمة مريضة . بس انا قلت والله ماتاخذين اللي يشرب الدخان . ابيتس تاخذين عماد يازينه يانوف لوشفتيه محلق ولابس الثوب العودي ازين واحد بالديرة .
        عقدت نوف حواجبها وتقززت من فكرة زواجها من فواز ولا غيره ..!
        قالت : اها الحين عرفت وش جايبهم .. اشوا ان امي ماترضى انا نتزوج على حرمة ..! الله يستر لايبلوني بحمود ولايخيرون بيني وبين العله هذا اللي جا يخطب .
        قالت العنود : الحريم راحوا ماقعد الا ام حمود ..
        ردت نوف : ازين تلقين امي ردتهم . الا اقول عنود شفتي عماد يوم يطلع وين راح .
        جلست العنود وحكت ساقها قالت : احححححححح ايه شفته راح مع خواله لبيته ..
        دخلت عليها امها قالت بصوت واطي والحذر والتردد باينه عليها : نوف وانا امتس ترى ابوتس يبيتس بكلمة راس ..
        ردت نوف وهي تحط اصابعها على اذانها معلنه حسم الموضوع : يمه اذا عشان ضيوفتس واذا هم خطابين تراني منيب موافقه ومابي العرس عندكم نورة والمقروده هذي ..
        قاطعتها امها : ضيوفنا مشوا ولاجوا عشانتس .. جايين عشان نورة .. مابقى غير مرة عمتس وترى ابوتس ارسل للمملك ( المأذون ) يبي يملك لتس على حمود ..
        لفت الارض فيها وحست بغثيان وحاجة للترجيع ..!
        ارتعش جسدها من راسها لأطراف اقدامها ..
        وحطت يدها على صدرها ..
        قالت العنود ببراءة وفرح لمجرد الحدث : تكفيييييين يانوف اخذي حمود وخليه يسوي لتس عرس ازين من عرس عماد وشادن ..
        التفتت على العنود وكأنها ماصدقت انها تقول كلمه حتى تفش غلها فيها قالت : وش تقولين ياعلَّة .
        ارتجفت العنود من شكل نوف قالت : ا ا ا تكفين يانوف لاتضربيني والله ثم والله ماعيدها ..
        دورت الملاذ والعذر والحجه وماقدامها حيله غير انها تقول بخوف : يانوف يانوف شهد هي اللي قالته .. اصلاً انا قلت عيب تهرجين في العرس قالت امي .....
        مسكتها نوف بشعرها بهيجان وضربتها في كل مكان بجسمها وهي تقول : الله ياخذني قبل اخذه الله ياخذني قبل اخذه .. اه .
        قالت امها بخوف عليها وعلى العنود اللي نالت من الضرب بغير ذنب اكثر من احتمالها وطاقتها : الله يقطع شرتس .. فكي اختس يالمجنونة .. فكيها .
        فلتت العنود من يدين نوف بفعل امها وانحرفت الثانيه لفراشها ملاذها
        صرخت صرخة اعتراض ويأس وتعالى صراخها وهي تضرب راسها وصدرها بدون وعي ولارادياً .

        يوم ثاني ..!
        طلعت من غرفتها ومرت عليه في غرفته قبل ماتنزل لجدتها اللي ماقدرت البارحة تجلس عندها من فهد وبندر لأنهم سهروا عندها لين نامت ..!
        رامي نفسه على السرير باهمال والمخده على صدره وخدادية صغيره تحت راسه ..
        غاط في نومه وبجنبه دفتر اسود مرمي باهمال وقلم حبر لوّن المفرش ببقعة حبر براسه المكشوف ..
        نادت عليه مرتين مارد عليها ..
        : عماد .. عدل راسك رقبتك لايجيك شد عضلي فيها .. عماد ..
        ولاحياة لمن تنادي ..!
        تأففت بملل ..
        نومه ثقيل والغرفه تجيب لها الكابة لأنها ماعتادت الكركبة ولا تحبها ..!
        مسكت الدفتر الأسود وميزت تجليده الفاخر وتصفحته ..!
        كله مكتوب بالقلم الحبر ..
        اول صفحة ..!

        ميلاد يتم ..!
        شعورٌ مؤلم ان تنشأ بلا ام
        وتعيش دون صدر ام
        وقلب ام
        وخوف ام
        واحاسيس ام
        وان تفتقد كلمة ام في حياتك كلها ..

        مؤلم ان تكبر رجلاً وقد تصبح اباً بلا اب ..!
        اليتم في حياتي وصمة الم ..!
        وجدتي حصة كانت الشفاء والبلسم لكل الامي ..!


        طالعت فيه نايم وعيونها تمتلي بالدموع ..
        نفسها تحضنه وتحط راسه على صدرها
        تعوضه وتكون امه اللي فقدها في صغره ..!
        ويحتاجها في كبره ..
        انتفض صدرها وفتحت الدفتر بشكل عشوائي وشافت صفحة اليمة اخرى ..

        الحزن يصر ان يطوقني كالقيد
        فقدت امي فرضيت
        وفقدت ابي حياً فاقتنعت ..
        وفقدت صحتي واستسلمت ..
        وفقدت ابوتي فأُنهكت كمدا ..
        الحياة مجرد وشاحٌ اسود يحيطني بكابةٍ مجنونة تكاد تودي بي للتمرد على خالقي فأقبض روحي قبل حينها لولا شيءٌ من ايمان وقليلٌ من صبر ..!



        لا ياعماد لا تيأس لا ..


        فتحت صفحة وجع مؤرخة بتاريخ قبل سنتين وأشهر ..!

        امضيت تلك الليلة في المستشفى بارداً ..
        كل اطرافي سكنت وكأن قالب ثلجاً استوطن قلبي وأحشائي ..
        الروح مني تهاوت مان ادركت اسباب علتي واصفراري ..
        كبدي ياجدتي موبوءة ..
        يامي واختي نورة مريضة ..
        كبدي ياشقيقتي فوزية معتله ..
        كبدي ياقطعة كبدي ياصغيرتي شهد ملتهبة
        ياخالي ناصر ياأبي ابنك سيموت معتلاً بالوبائي ..
        ويافواز الأخ الكبير .. اخوك الأصغر سيدعك تجابه الدنيا وحيد .. وسيفارق الحياة معك ..
        وياحمد الرفيق الحبيب .. عمادك مات موبؤاً ..
        تلك الليلة التي ادركت ان مصابي قد اتاني هباءً وعبثا دون سببٌ واضح بعد اسئلة الطبيب الذي اعتاد هذا النوع من الأسئلة وتقبل نتائج الأوبئة والعلل ..
        هل نُقل اليك دماً ..
        هل اسعفت نازفٌ فلمسته ..
        هل مارست الحرام ..!
        هل استخدمت ادواتٍ شخصية لأشخاصٍ مرضى ..؟
        اسئلةٌ ارهقتني لأن اجابتها كانت نفياً ..
        اذاً ياطبيب ماذنبي الذي اقترفت وكل اجابتي لا ..؟
        اقسم انني لم اطأ الحرام يوماً
        ولم انتهك ماحرم الله ومنعه ..
        ولا اتذكر بأنني اسعفت نازف ودامي ..!
        ولم استخدم أي اداة لاتخصني
        وكل ادواتي من فرش اسنانٍ ومقص اظافر وشفرات حلاقه هي بي خاصة وانا من يستخدمها فقط ..!
        فلتخبرني اذاً ياطبيب ..!
        كيف اصابني الوباء ..
        وكيف تسلل لجسدي واستقر بكبدي فعلق بها ..
        بفتور وامتعاضه لامتعاضي واعتراضي اجابني الطبيب بأنه قدرٌ قدره الله عليّ ..!
        مؤمنٌ بالله وقدره
        وانا من الصابرين بإذنه ..
        وكانت ليلتي تلك برداً وعذابا ..




        دورت على الصفحات الأخيرة وش يقول وهي في حياته ..!
        زواجي المضحك المبكي ..!
        كانت ليلةٌ مليئة بالدموع والندم وتانيب الضمير ..
        هي امرأةٌ فاتنة
        وانا الرجل الجامد امامها ..!
        هي تتوهج حباً واملاً وتفاؤل ..
        وانا رجلٌ بائس يائسٌ في حياتها ..
        عيناها تقول شعراً
        وضحكتها تشبه أغنيةٌ فيروزيةٌ حالمه ..
        وأنا بحر الحزن الهائج دوماً ..!
        اعشقها وأخشاها ..


        من هذي اللي تعشقها ...؟؟؟
        طالعت فيه مابين يمكن انا ويمكن غيري ..
        ومن ياعماد .. !
        ونشيجها يعلو لأنها ببساطه ماتقدر تداري الدمع ..
        ودموعها تضعفها لثواني
        لكنها تظهر الضعف من قلبها وتزرع مكانه القوة والتجلد لبكرة وبعده ..!

        فتح عينه وهي ترتجف وتقرا وتشهق ..
        مانتبه للي في يدها لأن دموعها جذبت كل اهتمامه وركز على وجهها وصدرها اللي يعلو ويهبط ..
        قام وجلس يبي يتأكد هو في حلم ولا حقيقه ..
        فرك وجهه وعيونه يمكن اسبوع الدموع اللي راح مأثر فيه ويتوهم ..
        قال : بسم الله الرحمن الرحيم .. انتي وش فيك ..؟
        رمت الدفتر من يدها وجات تمشي وحضنته ..
        ضمت راسه على صدرها وهي واقفه ..
        ماتقدر تقاوم هالشعور ..
        استسلم لها لثواني وفك يدينها من عليه وهو يشوف الدفتر مرمي على الأرض ..
        لف يدينها على بعض وجلسها بجنبه .. وحط راسه بين يدينه والهم اعتلاه قد السماوات والأرض ..
        وقد الكون ومافي الكون ..!
        رفع راسه قال بغيض ووجع : قريتيه ..؟
        وقفت ورفعت راسه قالت : قرأت اول صفحة .. انت مو يتيم .. انا امك واختك وبنتك .. عماد ..
        قاطعها : وش قريتي بعد ..؟
        : ولا شي ..؟
        صرخ عليها بصوت عالي : قولي الصدق وش قريتي بعد ..؟
        مسحت دموعها قالت بتجلد : ولا شي .. اول صفحة وبس ..
        وقف واخذ الدفتر ورماه في زاوية الغرفه وهو ثاير قال : اللي دخلك عندي وشو ..؟ انا ماقلت لاتدخلين الا اذا قلت لك .. ولاتحسبين عشاني ساكت عنك الايام اللي راحت وادرايك راضي ولا غيرت رايي ..
        كانت جامده ماهتز منها شي ..!
        مقدره حاله وهيجانه ..
        سره وحس انه انكشف ..!
        واكيد انه مصدوم ومقهور ..
        صد عنها ورجع طالعها بسرعه قال بصوت اهدى وفيه لكنة رجا : شادن جاوبيني قولي لي وش قريتي بالضبط غير الصفحة الاولى ترى اعصابي ماتتحمل برودك ..
        انساب الدمع حار على خدها قالت : عماد ليش انت ماتصدقني ..؟ الدفتر فيه شي ثاني ..؟ عماد ليش انت كذا ..؟ انا ماقرأت الا اول صفحه .. ماحب اشوفك تتكلم عن اليتم وانت مو يتيم .. عندك ام واخت واب واخوان وانا .. انا ياعماد .. عماد ...
        قاطعها بوجع : اطلعي اطلعي الله يلعن الشيطان وين نكد علينا في هاليوم ..!
        قالت برجاء وترجي : طيب لاتزعل مني .. لاتزعل طيب .. طيب عماد مو زعلان ..؟
        حط يده على عيونه وضغط بإبهامه وسبابته على اطراف جبينه قال : اطلعي ياشادن ولاعاد تدخلين الغرفه الا بأمري هذاني قلت لك .. لاتخليني احرقها باللي فيها بسببك .
        طلعت بسرعه وراحت لغرفتها وتركته كومة هم ووجع ..!
        هذا ذنب نوف ..!
        اكيد ربي ينتقم لها منه ..
        تذكر حمود ولافي وهم طالعين من صلاة العشا ووجوهم مكتئبة ..
        ويوم قابلوه وسألهم وش فيه قال لافي ان بنته الكبيرة وجعت عليهم وودوها مسفر يقرا عليها ..
        رجع راسه ورى وعيونه على السطح " ياربي ماسويت اللي سويته الا لأنه احسن لها .. ياربي تدري بالخفايا والنوايا .. ياربي لاتاخذني بذنبها وارزقها واستر عليها وساعدني على بلواي "
        قام توضأ وطلع للمسجد وهو صامت ..!
        لأول مرة يطلع من البيت مايمر جدته ويتطمن عليها ..!
        مر المسجد وصلى الظهر ومشى لجده ..
        خلاص البعد هو اسلم طريقه والحل الوحيد ..
        وخلاص شادن لابد يلغي وجودها من حياته بس لين يعدي كم شهر حتى مايتكلمون عليها الناس بسبب طلاقها بعد اشهر من زواجها ..




        ***



        في بيتهم الشعبي المهتريء بفعل الزمن ..!
        منسدحه في فراشها وجسمها كله رضوض واثار ضرب السوط المبرح ..
        بعد حالة الهيجان اللي صارت لها ابوها لبسها عبايتها ووداها لمسفر ..
        ومسفر الرجل الملتحي على غير هدى ..
        اول ماشافها تبكي قال : متلبسها جني وعاشقها واذا جات سيرة العرس يغار ويخليها تمرد عليكم ..
        والحل عنده هو السوط والرفس والتوبيخ والكلام البذيء ..
        والقران مجرد اداة ودعوة للناس وتغليف لفعله .. والعياذ بالله ..
        صرخ عليها وزمجر وهو يقول بدون ترتيل كما امر الله وبدون هدوء حتى يكون علاج النفس وراحتها لاخوفها وزعزعتها ( قل اوحي الي انه استمع نفرٌ من الجن ...) وضربها بسوطه وهي تصرخ مابين الم مشاعرها وجسدها ..!
        اطلع منها ..
        اطلع اختار اصبع يدها ولا رجلها ..
        ويضرب بسوطه اللي اعتادته جلود بعض نساء القرية والقرى المجاروة وبعض المناطق البعيده ..
        ويخشاه الكثير ..!
        صرخت بعد جهد وتعب مضني بصوت ذبلان : طيب طيب .. طلعت خلاص فكوني خلاص طلعت .
        تنفس بعمق وارتياح قال بانتصار كاذب : ابشركم انه طلع ... هي تصلي ولا لا .
        قالت امها اللي مابقى من دموعها شي على بنتها اول الفرحة : ايه تصلي الفروض والنوافل ماقد خلتها .
        رفع صدره قال بتكشيرة كبرياء : ايه هذا جني مسلم .. لو انه كافر كان ماصلت ..
        رد ابوها بألم : ياشيخ وش يرده لايعود لها .
        فتح عيونه الجاحظة تحت حواجب كثيفه ومتقاربه : زوجها زوجها .. مافيه حل الا انك تزوجها قبل يرجع .. هو خايف هالحين من الضرب وان هدى جسدها ماتزوجت رجع ..!
        هز الأب راسه وهو يلتفت لزوجته المحتشمه تحت عبايتها ومو باين منها شي قال : ان شاء الله ياشيخ .
        طلع وهو يسندها .. صوتها تعب وانينها فتر ..!
        " الله لايعيدها من خطبة اللي نغصت علينا .."
        قالته امها وهي تسند نوف من الطرف الثاني..

        تحركت نوف والكابوس اللي امس بكل مافيه يزيد الامها بدءاً بالمملك ومروراً بسوط مسفر وانتهاء بحكم ابوها اللي اتخذه خوفاً عليها وماقدرت تقاومة خشية مسفر وطاريه ..!
        قربت منها امها قالت بحنان : نوف قومي وانا امتس اخذي حبتين بندول ..
        اخذت الحبتين وشربت وراها موية وطالعت في اختها اللي تذاكر بصمت عند راسها قالت بضعف وألم : نورة روحي ذاكري في غرفتس منيب نافعتس .
        قالت امها : خليها هي تقول مرتاحه .
        قالت نورة : يمه ابوي قال لهم على رفضي .
        هزت امها راسها قالت : ايه قال لهم .
        طالعت نوف في امها باستغراب وهي ماتدري وش السالفه الا ان فهد خطب نورة قالت : ليش ترفض نورة يمه فهد مافيه شي حتى ترفضه ..
        قالت امها : عماد يقول انه قد خطب لفهد قبل يدري عن خطبة اهله منا .. ويقول نبي بنتكم ثانية ..
        سردت لها امها السالفه بالتفصيل وردة الافعال سواء لها هي ولا ابوها ولا حمود ولا ام ناصر اللي سكتت باقتناع ان عماد مايسوي شي الا واكيد انه صحيح ..!
        كانت نورة تسمع الكلام وهي فاهمه مقصد عماد وانه مايبي قربهم لأن نوف في نظره ماتصلح لهم حرمة وخواتها اكيد مثلها ..!! بس اخفت كل هذا بقلبها حتى ماتزيد جروح اختها جروح .. !!!
        سندت نوف براسها على مخدتها ونزلت دموعها وبقلبها " مايبي اختي لولد خاله من كثر مايكرهني اه "
        غمضت عيونها على الدمع اللي فاض وامها واختها في صمت وحالة مؤسفه واسفة ..!



        ***


        اسبوعين الاجازة الفصلية مرت وهو في جده ..
        كل ماسألتها جدتها عنه اعتذرت وقالت انه مشغول وقايل لها عن غيابه وهي عاذرته ..
        لولا ان فهد يطمنهم عليه ولا كان تجننت وشكت انه مريض وطريح فراش ..
        مو من عادته يتأخر كل هالوقت ..!
        غمضت عيونها وزفرت بقهر لأنها هي وتطفلها ولقافتها السبب ..
        قالت فوزية اللي وصلت في التو واللحظة : سلام ياهوو محد يلومك على الحالة تأخر حبيب القلب .
        ابتسمت لعمتها بحزن وقامت سلمت عليها قالت : ايه والله تأخر وحشني ..!
        فركت فوزية اذنها بمرح قالت : نعم نعم نعم .. لو سمحتي عيدي ابغى اتأكد من اللي سمعته ..!
        ضحكت شادن من حركتها قالت : تعالي بس اجلسي مسوية حلا وشكله بيصير من نصيبك .
        : غير حق امس .
        قالت باحباط : غيره بس لعيونك ياعمتي العزيزة .. زمت شفايفها وكملت : كل يوم اسوي حلا اقول عماد بيجي ..
        : عماد هذا مرة زودها ..!
        قامت للمطبخ تمشي بتثاقل قالت بصوت عالي وصل لفوزية : عمتي لوسمحتي ترى مارضى عليه ..
        لحقتها فوزيه قالت : والله لو اني مابي يصير لامي شي كان اعلمها على حركاتها .. اجل مشغول وكل شوي يقول ابي اجي واعتذروا لي منهم وهو خراط ماعنده سالفه الا بس يبي يشوفك وانتي تشتاقين له وتنتظرين ..
        حضرت شادن حلا التوفية بالجوز ومحشية ببسكوت مكسر قالت : عمتي اذا تعزيني لاتجيبين سيرة عماد ورجاءً محد له دخل بيني وبين زوجي ..
        ردت فوزية بلامبالاة ممزوجه بغضب : قلعتك انتي وياه .. انا ابيك تكونين حريصة على حياتك وانتي بكيفك ..! المهم هذا كيف سويتيه ..
        قالت شادن بهدوء حزين : توفيه عادية بس في الوسط بسوكت شاهي مكسر لقطع صغيرة ..
        اكلت منه قطعه قالت : مممممم لذيذ ..
        قاطعتهم شهد وهي جاية من برا : ملييييييييييييت طفش طفش طفش .. ابغى احد يلعب معاي .. سامر موفيه والعنود ماتطلع من بيتهم خايفه من جني نوف يجي فيها ...
        قاطعتها شادن : شهد .. اش هالكلام .. لاتقولين جني وكلام فاضي نوف مافيها شي .. والشيخ هو المخرف أي احد يجيه زعلان قال فيك جني .
        قالت فوزية : شهد روحي غسلي يدينك ووجهك بعدين العنود هذي اللي يوم تصالحينها ويوم تهاوشينها فكينا من سيرتها ..
        راحت شهد تغسل و التفتت فوزية على شادن وقالت : انتي تدافعين عنها وهي بغت تموت على زوجك هذاك اليوم ...
        قاطعتها مرة ثانية وبعصبيه : خلاص ياعمتي فكينا من سيرتها هي الثانية كمان لانغتابها وناكل لحمها البنت بتتزوج وتروح في حالها وماعاد منها خوف ولا قلق .. بعدين عماد مايفكر فيها وهذا اللي مريحني .
        رفعت فوزية حاجبها باستغراب : اووووف ضامنته ياشدون .
        ردت شادن وهي تمد عليها طبق الحلا : وفي جيبي كمان . بس خليك من عماد ومن جارتنا المسكينه والله حزنت عليها نهاية الاختبارات .. لولا اني اخاف انها تعتبر زيارتي شماته كان زرتها .
        ضحكت فوزية وهي تطالع وراها وغيرت الموضوع قالت : ياحبي لك ياشادن .. اجل ضامنه ابو العيال .. وش اسميه هذا حب ولا .. غمزت وقالت : عشان مشتاقه .
        ردت شادن بضحكة مصطنعه : والله تقدرين تقولين حب وشوق كلها مجتمعه ..
        قطعت كلامها على صوت شهد اللي جات تجري بسرعه وهي تضحك بصوت عالي قالت : عماد .
        فتح يدينه لشهد وحضنها وعيونه على شادن ..
        جملتها الأخيرة وقفته بمكانه دقايق .. ونسته شوقه لشهد ..
        قال بصوت هادي : هلا ياشهد وش فيتس صايرة مزعجه .
        باسته شهد على خده بقوة وهي تقول : عشان كنت طفشانه .. عماد جبت لي هديه ولا لا .
        : ايه شوفيها مع الاغراض اللي جبتها ..
        وقفت فوزية وراحت سلمت عليه ..
        وشادن بمكانها ..
        مشتاقة له ..!
        وفرحانة برجعته ..
        حتى لو مو عشانها المهم انها تطمنت عليه ..!
        قال هو يشيل شهد : اخخخخخخخ كسرتي ظهري ياشهد ؟؟ صايرة دبه ماعاد اقدر اشيلتس ..
        عورها قلبها عليه قالت بلهفة : شهودة تعالي بعطيك حلا .
        نزل شهد ومد يده عليها وسلم على خدودها ببرود اتقاء لنغزات فوزية وخشية شكها قال : وشلونتس ياشادن .. عساتس مرتاحه في الاجازة ..؟
        هزت راسها وهي تبتسم : الحمد لله .. انت كيفك مرة طولت هالمرة ..!
        نزل شماغه وعقاله وجاكيته قال : انا بخير .. جدتي وين مالها حس ..؟
        : تصلي العشا .
        طالع في ساعته قال : ماشاء الله .. اجل يالله انا بقوم اصلي واجلس معها شوي قبل انام وترى بكرة بيجيني ضيوف الله الله بالشغل الزين لاوصيك .
        قالت فوزية : من بيجيك ..؟
        : ناس من معارفنا .. طالع في شادن قال : ترى فيه حريم بعد بيجون .
        قالت فوزية : بالله عليك من ..؟
        : بكرة بتعرفين المهم ابيتس يام فيصل عندي من قبل العصر ..
        : ان شاء الله .
        طالع في شادن قال : شادن غرفتي يمديها مليانه غبار ... قطع كلامه وهو يرفع حواجبه يستدرك الجملة اللي قالها قدام فوزية ومسد جبينه باطراف اصابعه قال لشادن : غرفتي فيها غبار وانا ابي لي منها اغراض روحي نظفيها بالله على بال ماصلي العشا .
        اخذت المفتاح منه وطلعت فوق وهو راح لقسم الرجال ..
        صلى ورجع لجدته اللي رحبت فيه وهلت ..!
        اعتذر من تأخيره ونسب الشغل للسبب وانه ارتبط بمواعيد مع ناس مهمين ..!
        ربع ساعة مر من الوقت وهو يسولف مع جدته وفوزية وجدته تلومه على غيابه وترك زوجته وفوزية تأيدها وتزيد اللوم ..
        قام قال : انا مانمت من امس .. بروح انام وراي بكرة شغل ..
        طلع وجدته تقول : الله يعينك ياوليدي وياجعله نوم العافية ..
        طلع وفي نيته انه راح يتجاهلها لمصلحتها بنظره ..
        ولأنه قرر انه يبتعد عنها قدر الامكان لين وقت معين وينقلها لجدة ثم يعطيها حريتها ..!
        وصل غرفته وشم ريحة عطرها تملا المكان ..
        شافها تبخ من العطر على المفرش والمخدات والخداديات الجديده اللي طلعتها له وفرشت بها سريره ..
        التفتت عليه وطالعت في الأرض بحرج قالت : عماد انا اسفه .
        نزل ثوبه وعلقه وعدى من عندها وهو يقول : اذا طلعتي سكري الباب وراك .
        : اذا طلعت .
        التفت عليها قال : ماقصرتي ومشكورة ويالله تصبحين على خير .
        جات تمشي عنده قالت : عماد لسه زعلان مني .. والله اسفه .
        قربت منه وسلمت على جبينه قالت : لاتزعل مني .. انا عارفه اني غلطانة بس لاتزعل .
        بكل مرة تغلبه ..
        وهو اللي يحسب نفسه قد اللي قرره ..
        تنهد بقوة وتمدد وتغطى قال : ماني زعلان منك .. وراضي ياشادن واذا فيه احد غلط فهو انا ..
        بس اطلعي وسكري الباب الله يرحم ابوك تعبان وهلكان ..
        : تعبان .. اجيب لك الدوا حقك ..
        قاطعها : لا مشكورة بس خليني ياشادن ..
        ابتسمت بانتصار وطلعت بسرعه وكأنها حققت انجاز ..
        طفت النور وقبل ماتطلع قال : شادن .
        : هلا .
        : بكرة مسوي لك مفاجأة عساها تعجبك .
        ماحبت تزودها وتطول بالكلام معاه قالت بفرح : ممم اوكي بنتظر بكرة على خير ..
        سكرت الباب ونزلت لعمتها والفرح على وجهها بادي ومرسوم

        ..
        وتحت طلعت فوزيةمن عند امها تدور شادن تبي تفهم منها بعد ماحست ان الجو بينها وبين عماد مشحون رغم انهم حاولوا يبينون ان الوضع عادي وطبيعي ..!
        ودخلت شهد عند جدتها وهي تتأفف ..
        قالت بعصبيه : جدتي خلاص انا زعلت من ولد خالتي .. ماحبه ماحبه .
        ردت ام ناصر باستنكار : ياوجه الله علامتس عليه .. ماجاب لتس هدية .
        رفعت نظرها فوق بملل وزعل قالت : الا جاب لي بس زعلانه لأنه ماينام مع شادن في غرفتها زي بابا وماما ومايكلمها كثير ... كل شوي ... وقلدته : شادن تعالي رتبي غرفتي .. شادن غرفتي كلها غبار ماقدر انام فيها .. وهي بس ترتب غرفته وتسوي له حلا وتهتم فيه بس هو مو حلو .. خلاص زعلت منه . بكرة قولي له لاتكلم شهد عشان هي زعلانه منك ..
        كانت ام ناصر شاكه في الوضع والحين جاب لها جهينة الخبر اليقين ..
        قالت : انتي وش يدريتس انه ماينام معها في غرفتها ..؟
        ردت شهد : من زمان قبل العيد اللي لبست فيه فستاني الابيض تعرفينه ..
        هزت ام ناصر راسها بإيه .. وكملت شهد ... : كان عماد ينام في غرفته وشادن في غرفتها الجديده الحلوة هذيك ..
        تلاشى كلام شهد وام ناصر تفكر بغضب وتتذكر بعض المواقف والنظرات والكلمات اللي شككتها بعلاقتهم وياما حاولت تتجاهلها وتتجنب التفكير فيها ..
        قالت بصوت مسموع بنبرة غاضبة وحاده : بنت خالد تضام في بيتي وانا حية وموجودة .. بنت خالد تضام وانا اللي حالفه مايشوفون الضيم وانا جدتهم حيةٍ(ن) لهم .

        رجعت من المدينة مضطرة عشان موعدها في المستشفى وبنفسية اريح واهدى نوعاً ما ..!
        قالت لمشاري اللي حاول يوقفها ويسندها تمشي على رجلها لأن الدكتور قال بعد شهر حاولي تمشي على رجلك وتحركين العضلات ..!
        الجو في حوش البيت والشتاء في جده ربيع .. خاصة من بعد العصر ..
        حاول مشاري يخليها تعتمد على نفسها والعكاز قالت بألم : اه مشاري مرة ماقدر امسكني بطيح ..
        مسكها مشاري بسرعه قال : مايصير كذا .. لازم تعتمدين على نفسك وتعودين نفسك على الحركة ..!
        دق جوال مشاري وشاف رقم ريهام ... قال : سارة اجلسي هنا وانا بكلم ريهام مزعلها امس ولي ساعتين ادق عليها ماترد .. بصالحها وارجع لك . لاتتحركين لين اجيك ..
        جلسها على الدرجات القصيرة اللي توصل لقسم الرجال وراح يمشي لاخر الحوش وهو منشغل بمكالمة خطيبته ..!
        حاولت تفتح العصير بيد وحده وماقدرت واضطرت انها تنتظر مشاري يجي يفتحه لها .. واخذت جوالها تقرا الرسايل اللي اغلبها من صاحباتها في الجامعه يتحمدون لها بالسلامه ..

        ***

        اليوم دق عليه مشاري وقال ان ابوه يدوره ويقول ضروري يجي ولا جاه بنفسه في شقتهم ..!
        ماحب انه يماطل ويتهرب اكثر من كذا ..
        وقرر انه يروح لابو مشاري ويشوف وش عنده خاصه ان عماد حثه على مقابلته وقال له ان الرجال كريم وشهم ومايبي غير انه يرد لك جميلكمعتمد على كلام شادن عنه ..
        حتى نايف كلامه نفس كلام عماد ..!
        وصل بيت ابومشاري ودق جرس الانترفون ..! ووصله صوت الشغاله بعد ثواني ..
        : مين ..؟
        : ابومشاري فيه ..؟
        : مستر مشاري موجود .
        : خليه يجي ..
        فتحت البوابه وقفلت السماعه وراحت تدور مشاري ..!
        انتظر فهد ثواني وهو يسمع صوت مشاري قريب وشكله يكلم في الجوال ...
        دف البوابه .. بشويش وحذر ..
        مستحي وطفشان من الوقفه ..
        وكل مادق على جوال مشاري حصله مشغول ..!
        اول مانفتح طرف البوابه لمحها جالسه على الدرج ..
        يدها ملفوفة بجبس وطرف ساقها الممدود بجنب العكاز عليه جبس ..
        رد الباب بهدوء وهو يلوم نفسه ويوبخها وشلون تجرأ وفتح باب الناس ورجع لسيارته ..!
        والذكرى تمخر افكاره وتفكيره ..
        شكلها وكلامها وبكاها ودمها وتأوهاتها وألامها ..
        وسعود بينهم ..!
        فتح مشاري الباب وهو في سيارته وناوي يمشي ..
        اثناه مشاري عن عزمه ونيته ورحب فيه واعتذر بأن الشغاله ماتدري وين مكانه وان ابوه متلهف لشوفه وجيته ..
        استوقفه دقايق بحجة انه بيدخل اخته داخل البيت لأنها ماتقدر تمشي لوحدها ولازم يساعدها وقدر فهد وانتظر دقايق .. ثم دخل ..


        ***

        نهاية الفصل الرابع عشر..

        تعليق

        • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
          عضو ماسي
          • May 2009
          • 708
          • .
            .
            .


            .
            .
            .


          #84

          فصلٌ خامس عشر ..



          ~~ باللقا هلت تباشير الفرح ~~



          ***

          رغم انه تذكرها بوجع واعادت له طيف سعود وذكراه
          الا انه حمد ربي وهو يشوفها بخير ..!
          وحس بنشوة سعاده انه مشارك في نجاتها ..
          دخل المجلس مع مشاري وبعد دقايق كان ابو مشاري عندهم ..
          رحب وهلاّ وكأن اللي زايره شخصية اجتماعيه هامّة ويستحق الحفاوة والتكريم ..
          في البداية كان يتكلم برسمية بحته وهو يسأل عن الحال والاخبار
          بس بطيبة مشاري ومعرفته وصحبته له انقلب الجو لسوالف ودية ..
          قال فهد لمشاري مستغل دخول ابومشاري لداخل البيت : اقول يامشاري ابوك وش يبي مني لي ساعتين جالس ماكلمني في شي .
          : اصبر يارجال بعد العشا بيقول لك اش يبغى ..!
          عدل فهد جلسته وهو يطالع في ساعة جواله : وش عشاه اللي يخليك لي .. انا وراي شغل منيب فاضي .
          : عاد ابوي مسوي لك عشا مايصير تروح وتتركه .
          حاول فهد يعترض واقنعه مشاري ان مافيه فايده من اعتراضه لأن العشا انتهى امره ..
          ساعه ثالثه وبعد صلاة العشا كان مجلس ابو مشاري مكتظ بالضيوف ومن ضمنهم نايف ..!
          عرَّف ابو مشاري على فهد بأنه اللي ساعد بنته في الحادث وان للرجال هذا جميل عليه ودينه في رقبته ليوم الدين ..!
          قال فهد برزانه وثقه : الله يسلمك يابو مشاري الله اللي ساعد بنتك وربي كاتب لها النجاة على يدي ولا يد غيري .. وانا ماسويت غير واجبي واللي املاه علي ضميري وديني ..
          جلس فهد بتوتر ونايف بجنبه ..
          قال لنايف بهمس : والله لودريت انه بيسوي كذا كان ماخليته يشوف وجهي .
          قرب نايف منه وهمس : وسع صدرك يارجال اللي سويته تستاهل عليه اكثر .. بنته الوحيده وماتبغاه يفرح بنجاتها .
          سكت فهد وهو يسترجع صورتها اللي لمحها ..
          ويتذكر شكلها وجلستها على الدرج وجوالها في يدها ..!
          شعرها البني بأطرافه الصفرا من اثر صبغه قديمة ..!
          وجسمها النحيل وهي جالسه على الدرجات ..
          هذا اللي قدر يلمحه من شكلها اليوم ..
          بس اللي حفظه منها في الحادث كثير ..
          رغم ان ملامحها كانت دامية وحزينة وبائسة ومفجوعه ..!
          الا انها رسخت في ذهنه وثبتت .
          انتبه لنايف وهو يقول : ترى مشاري يكلمك .
          رفع راسه لمشاري قال : سم ...
          اعاد مشاري جملته : اقول ماطلعت للبر ولا الشتا محد يطلع فيه .
          تنهد فهد وهو يتذكر البر قال : الله يذكر ايام البر بالخير راحت حلاتها مع اللي راح ..!
          اشر نايف لمشاري يعني اسكت واكتفى مشاري ب : الله يرحمه ..
          مر الوقت ،، والسوالف في مجلس ابومشاري عامرة ..
          وصار العشا جاهز ..
          قال ابو مشاري بصوت جهوري سمعه كل من في المجلس : تفضل يابو ناصر حياك الله .. تفضلوا ياجماعه الله يحييكم .
          وقف فهد والعيال معاه وجلس في صدر المقلط اللي حضروا فيه العشا ..!
          وبعد العشا بدا المجلس يخلو من الضيوف لحد مابقى فهد ونايف ومشاري ..
          وقف فهد وهو يقول : يالله ياجماعه اسمحوا لي ...
          قاطعه ابومشاري : اجلس يافهد ابيك بسالفه ..
          انصاع فهد لامر ابو مشاري وجلس .واستخرج ابو مشاري من جيبه ورقه مدها عليه وقال : هذي اقل هدية اقدمها لك يافهد بعد اللي سويته معاي .. والله اني احترت مادري وش اعطيك لكن ان شاء الله انها افضل من غيرها .
          اخذ فهد الورقه المستطيله اللي محد يجهل شكلها ..
          بس انذهل وهو يقرأ العدد المدون في الشيك 300 الف ريال ..
          رجع مده على ابو مشاري وهو يقول : الله يسامحك يابو مشاري مهيب هقوتي فيك ....
          قاطعه ابو مشاري باليمين اللي حلفه : والله مايرجع وانه حلال عليك .
          طالع فهد في مشاري ونايف قال : مابغيت هالتصرف منك يابو مشاري .. وانا يوم ساعدت بنتك مهوب لأنها بنتك ولا لأني اعرفكم .. أي احد مكانها كان شلته في سيارتي ووديته المستشفى ...
          كمل مشاري : وتبرعت له بدم رغم انك مريض وتحتاج دم .. وتقطع به مسافة 250 كيلو وانت صايم وتعبان .. وتجلس في المستشفى لين تطمن عليه وتبشر اهله انه حي ونجاه ربي .
          قال فهد بلهجة حاده : اكيد اني بسوي هالتصرف مع أي احد سواء اختك ولا غيرها .
          رد ابو مشاري : وشي طبيعي تنال جزاك من اهل اللي ساعدته .. الموضوع انتهى يافهد والمبلغ قليل ومو حقك ..
          سكت وهو يشوف فهد يشقق الشيك لقطع صغيرة قال : انت حلفت مايرجع لك .. وانا رجالٍ ماخذ على الواجب اجر يابو مشاري ..
          وقف وكمل : كرمكم الله .. اسمحوا لي بمشي .. ويالله اشوفكم على خير .
          فز مشاري ومسكه بيده قال : ترى ابوي مايقصد يهينك .. ابوي فرحان بسلامة اختي .. ماتدري هي وش بالنسبة له ونجاتها عنده تسوى الدنيا ومافيها .
          هز فهد راسه وسلَّم على راس ابو مشاري اللي ماتحرك من مكانه قال : انا عارف وش يقصد وادري ان نيته خير وهو بمقام ابوي مازعل منه ..
          وقف ابو مشاري وربت على كتف فهد قال : لو اخذت الشيك يافهد كان ريحتني .. انا حالف ان قامت سارة بالسلامه ......
          قاطعه فهد : هالشيك بدل ماتعطيني اياه عطه مساكين ومحتاجين واشكر ربي انه منّ على بنتك بالسلامه .
          قال مشاري : من هالناحيه ابوي ماقصر ...
          قاطعه ابوه وسكتّه بلهجة حاده : مشاري .. التفت لفهد قال : ياولدي الواحد اذا ماشكر ربه اول شي ليه اجل يشكر الناس ..
          قطع عليهم جوال مشاري الكلام وهو يكلم ريهام بهمس ويلوذ بجواله عن عيونهم لداخل البيت ..
          قال فهد : يالله اسمحوا ..
          : الله معك ياولدي ولا تقطعنا .
          : ان شاء الله .. كرمكم الله ويالله مع السلامه ..!
          وصله ابو مشاري للبوابه وودعه بذات الحفاوة اللي استقبله فيها ..




          ***




          احياناً الحياة تأخذ الفرح منا عنوة
          لكنها ماتلبث ان ترده قاصدة ومترصده ..!
          وجمرة الغياب تشعل نار شوقٍ بأقفاص الصدور
          تلهب القلب بأوردته وشرايينه وأذينه وبطينه ..!
          هي ...!
          قد اضناها الفراق ..!
          والنار بقلبها سعير ..!
          على من غيبهما الموت ..
          ومن ابعده عنها السفر ..!
          ورحلة عمرها ..
          كانت شقاء وقليلٌ من افراح ..!!!

          جالسه في صالتها .. سالفة شهد اللي قالتها لها ماخلت جفنها يغمض طول الليل ..!
          وعماد من اصبح وهو طالع برا يقول ان عنده شغل ..!
          والحين العصر مارجع ..!
          وصفحة الحساب لابد تنفتح ..
          الا الظلم ماتسمح به في بيتها ..
          والا ان شادن البنت الأصيلة تنقهر وتداري قهره ..!

          ..


          في هاللحظة كانت شادن واقفه في المطبخ وتشتغل بهمه وحماس ..!
          طلعت صينية الفطاير من الفرن وحطتها على الطاولة بحذر ..
          قالت للشغاله : لسلي طلعي الفطاير حطيها في الحافظة الكبيرة واقفليها .. انا بطلع وارجع بعد شوي ..!
          ولعت على الجمر وغسلت يدينها وطلعت للصاله ..
          مرت من عند جدتها اللي مو على عادتها تطفي الراديو وتسكت بدون ماتسولف معاها وتكلمها اما عن حديث ولا عن سالفة في الديرة ولا سالفه قديمه تسردها عليها منها تعيد الذكرى ومنها تسليها وتضيع الوقت ..
          قالت شادن وهي تقرب من جلسة جدتها : جدتي فيك شي .. اليوم منتي عاجبتني ..تحسين بشي ..؟
          ردت جدتها بفتور : لا ابد مافيني غير العافيه .. الا رجلتس وين راح ؟.
          مسحت يدينها بمنديل قالت : مادري صحيت ماشفته .
          ردت ام ناصر بلهجة حاده : اجل انتي تشوفينه ولا تدرين عنه ..؟
          زمت شادن شفايفها قالت بمرح : ادري ادري اش تقصدين ؟ يعني عشان رجع بعد اسبوعين واول مارجع نام والصباح خرج من بدري .
          ابتسمت بتودد لجدتها وكملت : مممم تدرين ياجدتي ان عماد البارحه قال لي انه عامل لي مفاجأة حلوة ..
          ردت ام ناصر بتشاؤم وبنفس اللهجة الحاده : الله يكفينا شره وشر مفاجعاته .. هو متى يجي بس ..؟
          طالعت شادن في الساعه المعلقه على جدار الصاله وهي تحاول تمسك نفسها ولا تضحك من كلمة ( مفاجعاته ) اللي قالتها جدتها ..
          قالت : اوووه ياجدتي بروح البس قبل الضيوف يجون .. انتي خلاص جاهزة ؟.
          هزت ام ناصر راسها بإيجاب وهمست ب : إيه خلصت .
          وبسرعه راحت شادن تجري مع الدرج ..
          تحممت بعد اليوم الحافل بالعجين والسكر والشكولاته واللي لطخ جسمها وملابسها
          حتى شعرها ماسلم ..!
          بعد ماطلعت ..
          جففت شعرها ولبست تنورة قصيرة من الصوف كاروهات الوانها بين البيج والبني المحروق وتحتها بنطلون بني جلد ومبطن بقماش قطني .!
          وعليه بلوزة بكم طويل وياقة طويلة لونها بني وضيقه على جسمها النحيل ..!
          وبسرعه قصوى عملت مكياج هادي وبسيط الوانه بدرجات البني وختمته بكحل وماسكرا وروج بني ولمعه بنفس لون الروج ..
          تعطرت ونزلت بعد مامشطت شعرها وتركته مسدول بحريه وحطت على اكتافها شال مشغول بالتريكو بلون بيج وأطرافه بنية ..!
          قابلتها فوزية بعد ما نزلت الاغراض اللي جابتها معاها في المطبخ قهوة وصينية حلا وبيتزا ..!
          وسلمت عليها وقالت : ها ماقال لك عماد متى بيجون ضيوفه ..؟
          ردت شادن ببراءة : لا ماقال بس الحين يجي ويقول ..
          ردت فوزية باستغراب : الحين يجي ..؟ ليه ماشفتيه وهو طالع لك قبل ربع ساعه يقول بتروش والبس ..
          تغير لون شادن قالت بارتباك : ها لا ماشفته انا كنت ….
          قاطعتها ام ناصر : ايه تلقينه في حجرته ماراح لحجرة شادن .
          ضحكت فوزية وشادن مصدومة ومذهولة من جدتها قالت فوزية باستخفاف : ليش هم مو عايشين بغرفه وحده ..؟
          ردت ام ناصر بلكنة غاضبة : انشديها ( اسأليها ) عندتس ..!!
          ابتسمت شادن ووجهها يكتسي حمرة احراج وارتباك قالت : تلاقينه حصلني اتحمم في الحمام وماقدر يستنى قام راح لغرفته .. القديمة .
          رمقتها جدتها بنظرة عدم رضى قالت فوزية : هذا هو .. جبنا سير الئط ..
          طالعت شادن فيها بنظرة تهديد وقالت وعلى وجهها ابتسامه : قصدك الذيب وجا على طاريه .
          نزل من الدرج بثوب اسود وغتره بيضا وهو يلبس ساعته الفضية وريحة عوده المعتق سابقته ..
          قالت فوزية : واو ماشاء الله تبارك الله .. وش سالفتك انت وحرمتك اليوم كل واحد يقول الزين عندي .
          طالع في فوزية هو يجاهد تجاهل شادن الواقفه وراها قال : شهد وين ماشوفها ..؟
          ردت فوزية وهي تضحك : ياخي شهد ذي عليها افكار .. كل شوي مطلعه ثلاثه فساتين وتحتار بينهم وتعد اللي يجي عليه العشرة تقول ابي البسه ..وماخلت شي في الدولاب الا وطلعته .. عاد جيتك وهي مارست على شي تلبسه وخليت الشغاله معاها .
          انسحبت شادن بهدوء وفوزية تتكلم وراحت للمطبخ ..
          ورد عماد على فوزية وهو يضحك بصوت خفيف : ياحبي لها هاللي ذوقها صعب .
          التفت على جدته قال : الغاليه علامها ساكته عسى ماشر تحسين بشي .
          ردت ام ناصر بزعل : مافيني شي .. بس اذا راحوا ضيوفك لي معك كلام انت ومرتك .
          ضحك وهو يطالع في ساعته قال : هههههههههههههههه اذا راحوا يالله في العافيه …!
          وصلتهم ريحة العود من جلس الرجال ..
          والتفت عماد على جهة المجلس قال : عز الله حطته في وقته .. يالله بروح انتظر الناس برا ..
          توجه للبوابه وغيرت خطواته مسيرها تحثه للمجلس لارداياً ..!
          وقف على الباب وهي تدور بالمبخره الذهبيه الكبيرة وتمرره على الستاير والوسايد والزوايا ..والمكتبه ..
          لحظات مرت عليه يتأملها بدون شعور ..
          شكلها اسر يسر الناظرين ..
          وشعرها رغم قصره الا انه عليها يشبه الليل بسواده ..!
          انوثتها تفيض على المكان سحر يخلب الألباب ..
          التفتت عليه قالت متفاجأة : عماد .. كويس انك جيت عشان ابخرك قبل يخلص .. ابتسمت له وكملت : ولو ان ريحة عطرك احلى بس لازم ابخرك .
          قربت منه وبخرته وهو ساكن وساكت وحاط يدينه على اطراف الباب قالت بجديه : عماد ترى جدتي قاعده تلمح بكلام قبل شوي عني انا وانت شكلها زعلانه ..
          اخذ المبخرة منها ونفخ على الجمر قال : انتي ماقلتي لها شي .
          : لا طبعا مستحيل اتكلم مع احد عن حياتنا .
          : الله يستر بس لاتشك بشي ثم تزعل ……
          قطع كلامه وهو يسمع صوت الجرس قال : هذا هم وصلوا .. مد عليها المبخرة وعطاها ظهره .. رجع التفت عليها قال : ان شفت دموع ياشادن ياويلك مني ..!
          طلع مع قسم الرجال وهي راحت لجدتها وفوزية تبلغهم بوصول الضيوف وبداخلها خايفه من سيرة الدموع ..!



          ***


          جالسه في غرفتها لوحدها وساكته
          افكارها تعبانه من التفكير ..
          والاسبوعين اللي مرت عليها كفيله انها تشبعها ارق وإرهاق
          الصمت انيسها وجليسها ..
          والوحده مطلبها وغايتها ..
          ماتبي تفكر بشي يتعب ..
          لاحمود ولاعماد ولا الكابوس مسفر اللي قلب لها حياتها في لحظات ...
          اكتفت بالتدقيق في رسمة ورود صغيره على بطانيتها ..!
          نفسها تمسك ورده حمرا وكبيرة ..
          نفسها تشم ريحة الورد الطبيعي ..
          عمرها وبحياتها ماشمته ولا لمسته ولا مسكته ..!
          تذكرت الورده الحمرا الجافه اللي بين طيات دفتر خلود حق التحضير ..
          بس استحت لاتمسكها ولا تشمها
          شكلها من شخص عزيز عليها ولا ماحتفظت فيها ..
          حركت اصبعها على الرسمه بنعومه وهي تحاول تصفي ذهنها بسيرة الورد وطاريه اللي تريح الاعصاب وتخفف التوتر ..
          رفعت راسها لنورة وهي داخله بصينية فيها شاهي ومضير ( اقط ) ومكسرات قالت نورة بملل : انتظرتس في الصاله لين مليت ماجيتي قلت مافيه الا اني اجي عندتس في غرفتس .
          صبت لها كاسة شاهي ومدته عليها قالت نوف بهدوء : امي وين راحت ..؟
          ردت نورة : راحت هي وام حمود يقهوون مهرة بنت ام سالم .
          عقدت نوف حواجبها قالت : مهرة ولدت ..؟
          : بسم الله علينا موب امي علمتنا قبل يومين وانتي اللي سألتيها عن وش جابت قالت لتس جابت ولد ..!!!
          فتحت نوف عيونها قالت : انا ..؟
          : بسم الله علينا منتيب صاحية ....
          قطعت نورة كلامها وهي تشوف وجه نوف متغير قالت بمرح : محد يلومتس لو تنسين لتس اسبوعين ماتجلسين مع احد ولاتكلمين احد .. حتى الاكل اعوذ بالله ماعاد تعرفين شكله ..!
          ردت نوف بألم : لاوالله يانورة .. انا لي كم يوم صايرة انسى وماقدر اركز في شي ..
          دمعت عيونها وهي تطالع في نورة وتشد على طرف البطانية بتوتر
          قالت : اصلاً ليش مانسى واتجنن بعد اللي صار لي ... يانورة صورة العله هذا ماتفارقني وصوته وفي اذني للحين .. ياليته ذبحني ومت في يده ..
          قالت نورة بوجع : يانوف استغفري ربتس مايجوز تمنين الموت ربي ادرى بعبده .. ثم انتي اللي جبتي هذا كله لنفستس وزين انها انتهت على خير السالفه .. تدرين امي وش قالت لي امس ..؟؟
          : وش قالت ..؟
          : قالت ان مسفر جانا وقال انه يبي يخطبتس بس ابوي رده قال انه ملك لتس على حمود .
          بكت نوف بقهر وقالت بصوت باكي : يعني مافيه حظ غير حمود ولا مسفر .. وتقولين حظنا زين يانورة .. وين الحظ اللي تقولينه .. حمود حظ ..؟ ومسفر عشم يانورة .. ياربي اخذني ياربي اخذني قبل اخذ حمود .
          تنهدت نورة بوجع ممزوج بملل ويأس من حال اختها قالت : يانوف اذكري ربي واستغفري .. انتي لو شفتي حمود هذاك اليوم وهو خايف عليتس كان ماقلتي اللي تقولين .. تكفين يانوف فكري بحمود .. تراه صار زوجتس خلاص ..
          قاطعتها ببكاء و : لا يانورة انا منيب اخذته .. ماقدر يانورة .. مابيه اذا تبينه انتي اخذيه .
          : وش هالكلام يانوف .. تكفين خليني اشوفتس عاقلة لومرة وحده .. والله ان كلام العنود اركد من كلامتس . امسكي امسكي هذا من مضير امي الجديد ذوقيه طعمه يهبل .
          صدت نوف عنها وتمددت في فراشها قالت : مابي شي بس خليني ارقد .
          : وشلون ترقدين وانتي ماقمتي الا الساعه ثلاث .. قومي قومي ولاتبين تخلين العشا عليّ تراني من يوم عطلت وانا اكرف لحالي وانتي منسدحه .
          ماردت عليها نوف وتغطت ببطانيتها وحمود وهاجسه مسيطر عليها في هاللحظة ..
          وشلون تفتك منه ..
          وشلون تهرب ولا تبعد عن الواقع السوداوي اللي يحاصرها ..
          من بعد سالفة ملكتها وحمود والتفاؤل مقتول والفرح ماتت تباشيره وعلاماته ..!
          قامت نورة واخذت الصينيه وهي تقول : الله يسامحتس بغيت استانس عدنتس وغثيتيني ..

          انفتح الباب بمفتاح عماد اللي يرحب ويهلي وصوت ضحكه واصلهم قبله ..
          : اصبر اصبر لاتفجعهم .. خلني امهد ..هههههههههههههههههه هييييي على هونك يابن الحلال ..
          دخل احمد خطواته تسابق لهفته وشوقه وحنينه ..
          رمى نفسه بين يدينها بدون أي انذار مسبق اواعلان ..
          متجمده للحظات ..
          مو مصدقه او مستوعبه ..
          المفاجأة كانت هائلة ..
          والصدمه ماكانت على البال ولا الخاطر ..
          هي نايمه ...؟
          ولا تحلم مثل عادتها بوجهه وزوله وريحته ولمته ..؟؟
          ولا انها صاحية وتتخيل ويتهيأ لها
          هو صدق وحقيقه اللي تشوفه بعينها وتحسه بقلبها ...
          لحظات مابين يمكن ويمكن ..
          صوته وضمته ودموعه كانت البرهان انه حقيقه مو خيال ولا وهم او حلم ..
          طاح عقاله على الأرض وهو يدفن راسه في صدرها ويلثم يدينها الثنتين وراسها بحرارة وشوق .. ويرجع ليدينها يلثمها ويحطها على خده ..
          : ياهلا ومرحبا .. ياربي انك تحيي هالوجه .. يالله لك الحمد اني شفته ..
          الغصة بحلقها خنقتها ووقفت باقي الكلام ..
          ودموعها انسلت من بين جفونها وكان الحنين اقوى من الصبر ..
          الجبل الصامد اهتز امام لحظة لقا تنتظرها من سنين وتحلم فيها كل يوم ..
          قالت بصوتها المختلط بالبكاء : ابطيت عليّ ياوليدي .. سنتين يادافع البلا .
          مسحت دموعها بطرف طرحتها السودا اللي ماتفارقها حتى بمنامها الا اذا استبدلتها بمثيلتها ..
          المفاجأة اكبر من انها تستحملها وأقوى من كل توقعاتها ..
          مسح دموعه هو الثاني بقفا يده قال : مابطيت الا بعذري يالغاليه .. سامحيني وارضي عني .
          سحبه عماد من حضن جدته وهو يضحك ويقول : ياخي هذا وانا موصيك لاتصير بزر .. قوم قوم نكدت على الغاليه .
          وقف احمد واخذ شماغه اللي طاح والتفت على فوزية
          الأخت الصغرى ، والصديقه ، رفيقة الطفولة والعمر .. وفتح لها يدينه ..
          كان السلام حار بحرارة الحنين واللهفه والشوق ..
          قال عماد : ياخي ترى حرمتي بعد مشتاقة لك عطها وجه .
          التفت على شادن المتأثرة بالموقف وابتسمت له وسلمت عليه بخجل وحذر ورسميه ..
          قال لعماد وهو يبتسم : يالملعون كل هالزين لك ..
          قال عماد بمحاولة منه اضفاء شيء من المرح ..: اذكر الله تراني خابرٍ عينك قوية ..
          ضحك احمد وهو يتوجه للمغاسل قال : لا اله الا الله ذكرت الله واخترته .. اوووه ترى ليلى عند الباب نسيتها .
          تحركت شادن من مكانها وراحت استقبلتها ودخلتها لمجلس الحريم بعد ماسلمت عليها
          قالت شادن بعد ماسلمت عليها .. : هلا والله .. كيف حالك ..؟
          رفعت ليلى حواجبها وهي تتأمل شادن قالت : الحمد لله بخير انتي كيفك ؟
          ردت شادن وهي تطالع بعبايتها السودا ( الخيمه ) والمطرزة بالتركواز على اطراف اكمامها الضيقه وأسفلها بنقشات كبيرة وواسعه : ماشي الحال الحمد لله .
          فتحت ليلى لثمتها ونزلت طرحتها اللي تغطي جبينها وأطرافها مثل العباية بتطريزها التركواز وحبات اللولو المنتثره في زواياها ..
          قالت : اوووف .. ياربي على هالبرد والجفاف .. جو الديرة هو هو مايتغير ابد ..!
          اخذت شادن عبايتها وطرحتها علقتها وهي مستغربه من اللبس والكلام .. قالت : الحين اشغل التكييف على الحار اذا انتي بردانه ..؟
          طالعت فوق قالت : ماشاء الله ومكيفات بعد ..زين ان الديرة بدت تتطور . ياختي مدري كيف قدرتي تعيشين فيها بعد ماتعودتي على حياة المدينة .
          ردت شادن بابتسامه وهي تحاول ماتبدأ بنقاش من اولها : الحمد لله مو ناقصني شي ومرتاحه .
          رفعت ليلى حواجبها بتعجب قالت : غريبة . انا لو تقطعيني ماقدرت اعيش فيها اكثر من يوم .. حتى حاولت في احمد اني امشي اليوم لاهلي بس مارضى .
          اكتفت شادن بابتسامه و : الله يعين .. عن اذنك بجيب القهوة ..
          قالت : لا لاتجيبين قهوة ترى ماشربها .
          : ماتشربين قهوة ..؟
          ردت ليلى : لا لا ماحب القهوة العادية ..!!
          : زين اجل بجيب شاهي ونعناع ويانسون ....
          قاطعتها : لا لا شكراً لاتتعبين نفسك . انا ماشرب غير كبتشينو ..
          تفاجأت شادن بطريقتها وطلبها .. واتسعت ابتسامتها غصب ..
          قالت .: ممممم خلاص اسوي لك ولا يهمك ..
          : ياليت اذا فيه من الجاهز ..
          : جاهز ماعندنا لكن بسوي لك وان شاء الله تعجبك ..
          : حتى سوبر ماركت ولا جمعيه مافيه جد جد الله يعينك على الحياة هنا ..!
          : ههههههههههههه اش نسوي عاد . . هذا النصيب واذا على الكماليات ماراح نموت من دونها ..
          سكتت ليلى وهي تتأمل الديكور اللي يزين سقف المجلس والتعتيق الهادي على الجدران ..
          وطلعت شادن متوجهه للمطبخ ..
          قابلت فوزية اللي جاية تسلم على ليلى قالت بابتسامه واسعه : اجلسي معاها لحد ماجيب الكبتشينو .
          فتحت فوزية عيونها باستغراب قالت : كبتشينو .. خير ان شاء الله ..؟
          انسحبت شادن من عندها من دون ماتضيف أي كلمه والثانية كملت طريقها ودخلت على ليلى حتى تسلم عليها ..


          دخلت شادن للمطبخ تحضر قهوة عمها وتضيّْفه بطريقتها ..
          حضرت الحلا والمعمول اللي سوته من بدري ..
          وزمت شفايفها وهي تتذكر قهوة ليلى اللي ماكانت على البال "هذي وشلون اسوي لها قهوتها .. لو فيه كابتشينو جاهز كان اشوا "
          تذكرت هبالها هي وسارة اذا اشتهوا كابتشينو وكانت مخلصة ولا مافيه احد يجيب لهم من برا .. قالت " بسويها بطريقتي انا وسارة التقليديه والله يعين ويساعد ان عجبتها كان بها ماعجبتها عنها ماشربت قهوة اليوم "
          حطت حليب وموية باردة وسكر في الخلاط الكهربائي لحد ماطلعت له رغوة وصبته في ثلاثه اكواب ..
          جهزت النسكافيه والسكر والموية الحارة وحطتها هي كمان في الخلاط وشغلته لحد ماشافت الرغوة ..
          صبتها في الاكواب على الحليب ورشت عليها بودرة شكولاتة نسكويك العادية ..
          قررت تاخذ قهوة عمها توديها قبل ماتودي قهوة ليلى ...
          بس دخل عماد عليها قال : هاتيها عنك .. ! التفت على الكبتشينو
          قال : هذي لمن ..؟
          : لزوجة عمي ماتشرب قهوة عاديه ..
          ضحك عماد باستهزاء قال : هههههههههههههه اجل ماتعجبها قهوتنا ... وريني بذوق ..
          شرب منها رشفه قال : هاتي هذا لي عز الله انه ازين من اللي اشتريه من برا ..
          حطه في الصينية قال باستهبال : حتى انا ماشرب قهوتكم ..
          فتحت فمها وضحكت وهو شال الصينية وتوجه للباب ورجع التفت عليها قال : ترى اخلاقها شينة وماتشوف الناس ناس بس تحمليها عشان احمد .. ابتسم وكمل : واذا طلبت كبتشينو سوي لها على طول ..
          طلع بصينية القهوة والضحكة على محياه .. وهي تضحك بصوت مسموع من كلامه او فرحه باسلوبه المرح معاها لأول مرة ..!
          احلى شي في وجود احمد انه غيّر موده وقلبه رأساً على عقب من اول مادخل ..
          ويمكن يشغل جدتها عن الملاحظات اللي ماكفت عنها من العصر ..!
          اخذت صينية القهوة ودخلت بها على فوزية وليلى والابتسامه على محياها ..
          سمعت فوزية تقول باستغراب : ياحبي لك ياليلى اللي يسمع كلامك يقول انك مو من الديرة ولا قد عشتي فيها ..
          ردت ليلى وهي تعدل كم بلوزتها الصوف قالت : ياقلبي كنت من الديرة ونقلنا من سنين وماعاد يربطني فيها شي غير زيارتكم .
          قالت فوزية : هذا كلامك وانتي ماطلعتي منها الا بعد ماخذتي احمد .. اجل وشلون لو عشتي طول عمرك في مدينة مثل شادن .
          رفعت نظرها لشادن قالت : من جد ياشادن مادري كيف عايشة هنا ولا كيف تتحملين تجلسين بدون كهربا وتلفون .
          ابتسمت شادن وقربت الصينية منها وحطت كوبها على الطاولة القزاز اللي قاعدتها خشب على هيئة جذع شجرة .. قالت : بالعكس انا احب الديرة لأني احب اهلها والكهربا موجوده حتى لو نص يوم .. والتلفون ان شاء الله بيجي بعد فترة قصيرة ..
          قالت فوزية : ياربي لك الحمد ان شادن عاقلة .. جد ياليلى انتي مررررة سخيفه .. يابنت وش اللي غيرك ماكنتي كذا .. بعدين العباية اللي دخلتي فيها وشلون تمشين فيها .
          ضحكت ليلى قالت : هذي اخر موديل نزل .. شادن وش عبايتك ..
          قالت فوزية : عباية راس وواسعه وسادة مثل عبايتي .
          طالعت شادن في فوزية اللي ماخذه راحتها مع ليلى وتكلمها بجلافه وبدون رسمية قالت : عمتي ترى ليلى ضيفتنا .
          اشرت ليلى بيدها وهي تقول : خليها خليها متعودة على اسلوبها .. يقولون انها كانت صديقتي واحنا صغار .
          ضحكت فوزية قالت : يقولون وكانت يالنذلة .
          دق جرس قسم الحريم ووقفت شادن وهي تسمع عماد يناديها بصوت عالي ..
          طلعت وهو يضحك مع احمد قال : روحي افتحي الباب وترى هذا كلامي اللي البارح لك .
          عقدت حواجبها وهي تبتسم وتتذكر وش مفاجأته لها غير عمها احمد واهله ..
          قال وهو مقابل لجدته واحمد ومتكي على التكاية : ان شفت لك دمعه وحده لاتلومين الا نفسك .
          هزت راسها ومشت للباب .. قال احمد : والله البنت مأثرة عليك باللهجة ياخوفي لاتجيني بكرة تقول كمان واشبك وياواد ..؟
          انفجر عماد بالضحك على غير عادته قال : ابشرك اني شوي واقولها .. اجلس مع شادن يومين بس وهذا وجهي ماتكلمت مثلها .
          قالت ام ناصر بدقه لعماد : شادن مامنها الله يستر عليها ليت الحريم مثلها بالصبر والستر على اللي فيها .
          قال احمد : افا الكلام دق يابو مشعل اعترف وش مزعلٍ امي فيه .
          التفت عماد على شهقة شادن وترحيبها وصوتها يتهدج ..
          قال : عز الله ماعدى حرمتي بالدموع الا انت ..
          لكزه احمد وهو يوقف قال : قوم خلنا ندخل عن الحرمة بتدخل .
          وقف عماد معه قال : عاد عمتي الله يستر عليها فيها حيا عمري ماشفته في الحريم .
          تنهد احمد وهو يقول : الله يرحمك ياخالد ويجعل قبرك روضة من رياض الجنه . امش امش الحرمة دخلت وشكلها تبي امي .
          وقف احمد بعيد عن ام نايف وسلم عليها من بعيد وردت عليه بصوت واطي وخجول ..
          قال : كيف الحال يام نايف عساكم بخير .
          : بخير الله يعافيك ... اش اخباركم انتم ..؟
          : بخير الله يسلمك . .
          عدى احمد للمجلس مكتفي بالسلام والسؤال ودخل للمجلس ..
          جا عماد وسلم على عمته اللي تقريباً اعتادت عليه .. قال لشادن : ها وش رايك ..؟
          ابتسمت شادن بامتنان قالت وهي تلف يدها على اكتاف امها المتكتفه بعبايتها الساترة : تسلم عماد .. عن جد احلى مفاجأة ..
          قال : نايف وين مادخل ..؟
          ردت ام نايف : الا الظاهر دخل من قسم الرجال .
          توجه عماد لقسم الرجال وكملت ام نايف مشيها للصالة عند ام ناصر ..
          بعد السلام والتراحيب اللي استقبلتها فيها ام ناصر ساعدت شادن جدتها على الوقوف ودخلتها للمجلس معاهم ..!
          وقفت ليلى وسلمت على ام ناصر ورجعت سلمت على ام نايف وهي تطالع فيها بحرج ..
          قربت فوزية وهمست لها : شوفي ستر الحرمة وتعلمي .
          لكزتها ليلى بكوعها وقالت بنفس الهمس : اقول اسكتي مو وقتك الحين .
          اخذت شادن عباية امها وغطاها وعلقتها والسعاده باينه عليها في كلامها وتصرفاتها وحركاتها ..




          ***



          بعد ماوصل الديرة ..
          دخل اخذ له شور سريع يعيد له نشاطه اللي نفد من التعب خلال الأربع ساعات الماضيه وهو جاي ..
          وقف فهد على المرايه يمشط شعره اللي بدا يطول ..!
          حاول يدسه خلف رقبته ولا يبين مع الشماغ حتى مايسمع كلمتين معتبره من ابوه وعمه فواز بسبب طول الشعر ..
          اخذ فروته ولبسها وحس بالدفء يتسلل لجسده في صقيع الديرة وبردها القارس ..
          مر طيف صورتها في ذهنه .. وحس بشي يسري في دمه ..
          من امس ومن بعد ماشافها ماقدر يتخلص من شكلها وصورتها سواء في الحادث ولا في بيت اهلها ..
          ليه اذا تذكرها حس ان بينه وبينها رابط قوي ..
          تشبهه بشي ..!!
          يمكن الحزن والوجع ذاته ومرارة الفقد عاشوها الاثنين ..
          ويمكن لأن الاثنين فقدوا وهم يطالعون وما قدروا يسوون شي ..!
          التفت وراه لبندر اخوه وهو يدخل ويقول : ترى عماد جا وابوي على جمر يبي يشوفه ويسأله عن سوالفه في بيت لافي .
          قال فهد وهو يعدل شماغه : الله يكفيني شر هالشياب لاينغصون عليّ ويغصبوني على شيٍ مابيه ...
          : وين بتروح انت ..؟
          : بجلس مع ابوي وعمي ثم اروح لاهل سعود الله يرحمه .
          رفع بندر حاجبه باستغراب قال : وانا اقول سيارتك مليانه اغراض ومانزلتها اثرك تبي تروح لهم ... طيب ارتاح لك شوي انت توك واصل .
          اخذ فهد مفاتيحه ومحفظته قال بوجع وهو يغمض عيونه بقوة ويصك اسنانه : الله يساعدني على شوفة اخته الصغيرة ..!
          قرب بندر منه قال بلهجة حانية : اذا روحتك لهم تبي تنكد عليك خلني اروح بدالك .
          رد فهد بصوت حاول انه يكون عادي لكن لكنة الألم ماختفت وكانت فيه واضحه وجلية : لا لا انا اللي لازم اروح لهم .. معك خمسمية ريال ..
          فتح بندر محفظته ومدها عليه بدون مايسأل واخذها فهد وهو يقول : اردها لك بكرة ان شاء الله .
          دخلت منال عليهم بسرعه وقطعت كلامهم بحماس قالت : عيال تخيلوا من اللي جا عند جدتي .
          قال بندر : من عندها ..؟
          قالت منال بحماس : عمي احمد .. ياربي ماني مصدقه اني بشوفه .
          رد فهد بضحكة : هالحين من يفكنا من حنان ان درت انه جا .
          قالت منال وهي تضحك : هههههههههه لو شفتوها ..! اول ماسمعت خالد وانطلقت تبدل ملابسها تبي تروح معه .
          : ابوي درى عنه ..؟
          : ايه وراح مع عمي فواز ..
          قال بندر : خلنا نروح نسلم على عمي ثم روح لمشوارك .
          : زين يالله امش معي وعلم خالد يجيب امي والبنات على سيارتك .
          اخذ بندر شماغه وعقاله وطلع مع فهد المشغول بلقاءه باهل سعود ..
          رغم انه اعتاد الا انه في كل مرة يستصعب الامر وكأنه اول مرة يقابلهم م ن بعد وفاة سعود ..
          وقف على صوت امه اللي استوقفته عند الباب : فهد يمه اصبر ابيك لاتروح .
          وقف فهد ورجع لها قال لبندر : اسبقني على السيارة وانا جاي وراك .
          التفت على امه قال : سمي يمه بغيتي شي ..؟
          وصلته امه وقربت منه قالت : يقولون عماد من البارح وهو فيه .. لاتنسى تسأله عن سالفة الخطبة اللي ماعطانا عنها علمن اكيد . الله يهديه مشى صبحية كلامه لنا ولا شفناه ولا سمعنا منه شي ..!
          هز فهد راسه قال : تلقين ابوي اخذ منه العلوم كلها .. لكن ابشري مالتس الا من يسأله ويرد لتس .
          طلع فهد من عندها وهو عارف ان الخطبة اللي قال عماد عنها وهمية وانه ماخطب ولا نوى يخطب له من دون علم اهله وشورهم .


          ***
          يتبع,,,



          تعليق

          • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
            عضو ماسي
            • May 2009
            • 708
            • .
              .
              .


              .
              .
              .


            #85


            البرد من بعد المغرب في أوجه ..!
            دخلت ام نوف بعد مارجعت من عند غنمها وهي تدور الدفا داخل البيت ..
            قالت العنود اللي تمشي معاها لها ساعه وتحن عليها تبيها تروح تتعشى عند جيرانهم : تكفين يايمه ابي اروح العب مع شهد وابي اشوف مرة احمد وابلا شادن .. تكفين يايمه طلبتس .
            ردت امها بتعب وكلل : حنا وين نسري في هالبرد .
            : يايمه بيتهم مهوب بعيد .. شوفيه قريب واخذي فروة ابوي وليا دخلنا نزليها عند الباب واذا رجعنا اخذيها والبسيها .
            : الله يقطع شرتس من بنت سويتي سواة نوف فيني ماتحيدين عن الشي لين تاخذينه غصب .. هاروحي لنورة خليها تسوي شعرتس وتدور لتس على ثوبٍ زين تلبسينه ..
            مرت من عند نوف وهي متمدده في فراشها وملتحفه ببطانيتها وعيونها ثابته في مكان واحد وعقلها بعيد عن المكان موديها لعالمها البعيد والمستحيل ..
            قالت امها بحنان وخوف وشفقه : يمه نوف .. اليوم وشلونتس ؟ .
            ماتحرك منها ساكن ..!
            وكررت الأم الملهوفة على بنتها وصحتها : نوف .. نوف .
            تحركت بهدوء وقالت بذات الهدوء : سمي يمه وش قلتي ماسمعتس .
            : يابنيتي اللي تسوينه بعمرتس مايجوز .. قومي كلي لتس لقمة وسولفي معنا وونسي عمرتس .
            نزلت من عينها دمعه قالت بألم : يمه انا مابي حمود .. حمود مايناسبني وابوي غصبني عليه .
            تنهدت امها بوجع لأن هذي الجملة الوحيدة اللي تكررها وتقولها كل ماحاولوا يفتحون معها أي سالفه اونقاش ..
            قالت بيأس وقلة حيلة : ماعاد بيدينا شي يانوف .. اول شايلين همتس يوم نقول ماعرست وهالحين مانبي نشيل همتس ونقول مطلقه .. حمود اخير لتس من مقعدتس في بيت ابوتس بلا رجال ولا عيال ..
            صدت بوجهها عن امها وزفرت باهه أليمة وعادت لصمتها وسكونها وأفكارها وعالمها ..!
            راحت امها لنورة اللي طلعت للعنود فستان طويل من الصوف وعليه جاكيت بكم طويل الوانه بين الأسود والاورنج ..
            قالت نورة : يمه اللي عزمتس من ..؟
            : ابوتس يقول خالد ولد ناصر عزمه ويقول خل اهلك يجون .
            : يعني اكيد العشا عند عماد مهوب عند ناصر .
            : ايه عند عماد ..!
            دخلت امها غرفتها بتلبس وتروح للعشاء ارضاءً للعنود وتلبية لدعوة جيرانهم .



            ***

            دخلت بسرعه وفي يدها كيس مليان العاب وعرايس ودباديب ..
            قالت فوزية : خلاص جمعتيها ..؟
            ردت شهد وهي تدور في الصاله : ايوه جمعتها بس رجعت الباربي وعباية فلة .
            عقدت فوزية حواجبها قالت : وليه رجعتيها مو زعلانه وماتبين منه شي ..؟
            قالت ببراءة : بس انا ابغى الباربي وابغى العباية حاجاته هذي مابغاها خلاص .
            ضحكت فوزية قالت : حريم .
            سألتها ليلى بغرور : وش فيها بنتك كذا ماتشوف الناس شي حتى سلام مافكرت تسلم .
            قالت فوزية لشهد : بنت ..! شهد ..! تعالي سلمي على خاله ام نايف وعمة ليلى .
            شهقت شهد وهي تطالع في ام نايف قالت بحرج وخدودها محمرة : انتي زوجة خالي خالد اللي مات .. وام شادن زوجة عماد .
            ضحكت ام نايف وهي تفتح لها يدينها قالت : ايوه .. تعالي ياقلبي سلمي ..
            سلمت عليها وجلست في حضنها قالت فوزية : باقي عمة ليلى قومي سلمي عليها .
            وقفت شهد وسلمت على ليلى بسرعه ورجعت لحضن ام نايف والثانية حاضنتها وتدلعها وتسمي عليها ..!
            دخلت شادن وشافت الكيس اللي نزلته شهد قالت : لمين هذا ..؟
            ردت شهد : هذي حاجات عماد رجعتها له لأني خلاص زاعلته .
            قالت شادن وهي تفتش الكيس : اوف اوف اوف شهد تزعل من عماد .. لا لا لا ماصدق ....
            قطعت كلامها وهي تحس قلبها تحرك من اليسار لليمين لمن شاف الصورة اللي تتوسط الألعاب والهدايا ..!
            طالعت بامها وعمتها وليلى وهم ملتهين مع بعض ويسولفون
            وسحبت الصورة منه بهدوء ودخلتها تحت بلوزتها وتنفست بعمق ورجعت الكيس في المجلس بمكانه ..!
            وطلعت برا ..!
            سمعت صوت عماد ينادي وفي يده صينية القهوة والشاهي قال : شادن خذي بالله جدديها ..
            اخذتها منه قالت بابتسامه : انتبه ترى فيه ناس زعلانه منك .
            لحقها للمطبخ وهو يعدل غترته البيضا ويثبت عقاله عليها قال : من اللي زعلان لايكون مرة احمد راعية الكبتشينو .
            قالت شادن بضحكة وهي تطالع وراه : لا لا شوفها واقفه وراك ..
            التفت على شهد وهي حاطة يدها اليمين على خصرها والثانية ماسكة بها الكيس ورافعه حواجبها معقودة وتشمق فيه بعيونها ..!
            قال : افا افا افا .. شهودة تزعل مني ... هذا الكلام اللي مايصييييييير ابد .. تعالي سلمي عليّ .
            ردت عليه بزعل : لأ ماني مسلمة خلاص تزاعلنا ..
            ضحك عماد وهو يثني ركبه ويجلس لمستواها قال : وش اللي مزعل حضرة شهد بنت عبدالعزيز ..
            مدت عليه الكيس قالت : كل حاجاتك اللي جبتها لي خلاص ماعاد ابغى عشاني زعلانه .
            فتح عماد الكيس وضحك قال : يالظالمة اخذة الهدايا الجديدة ومرجعة القديم واللي مليتي منه ..!
            كانت شادن تضحك وشهد ترد الضحكه وترسم على وجهها علامات الزعل قال عماد : طيب وش اللي مزعلك مني .
            : عشان انت ماتحب شادن وعشان نوف العله دايم تقزك وعشان ماتنام مع شادن ...
            حط يده على فمها وهو يسبحها ويدخلها للمطبخ ويشيلها على الطاولة قال بجديه : وش الكلام هذا ..؟
            قالت شهد : العنود علمتني انك زعلان من شادن ..
            طالعت شادن فيهم باستغراب قالت شهد : وعشان ماتحب شادن وهي احلى بنت في الديرة ..
            التفت لشادن قال : العلوم هذي منين جابتها ..؟
            هزت شادن اكتافها قالت باستغراب : مادري عنها اول مرة اسمعه منها .
            قال : وانتي تسمعين كلام العنود وتصدقينه .
            : ايه هي اصلاً تقول خلي عماد يخطب نوف مثل ابو سليم عنده اربع حريم وعيال كثيريييين .
            : وهي اللي قالت عماد ماينام مع شادن .
            : لأ انا شفتك تنام في غرفتك وكل يوم تقول لشادن رتبي غرفتي تعبان ابي انام .
            زم شفايفه قال : طيب وش اللي يرضيك عليّ الحين .
            : اول شي تصالح شادن وتحبها كثيييير زي بابا وماما .. بعدين تنام عندها عشان هي مسكينة يتيمة ماعندها ابو وتنام لوحدها .
            ضحك عماد قال : وبس هذي خالصين منها .. غيره .
            : طيب ليش انت ماتحب شادن .
            كانت شادن تطالع في شهد باستغراب وشرود وحضور وتشتت ..!
            التفت لشادن وشافها واقفه تنتظر حسم الحوار بنتيجه قال : وش دراك اني ماحبها ..؟
            : طيب احلف انك تحبها .
            تحركت شادن من مكانها قالت : شهد عيب تتكلمين كذا تبغين تسوين زي البنات قليلات الأدب ...
            سكتها عماد وهو يسحبها ويسلم على خدها قال : ها شفتي اني احبها .
            تنفست شهد بعمق وهي تبتسم بانتصار قالت : خلاص الحين صالحتك .. صرت احبك ..
            فتح لها يدينه وحضنها وهو يقول : عاد ان زعلت شهد من اللي بيرضى عليّ .. وجه نظراته لشادن الغاطسة في خجلها وبقعه حمراء اعتلت وجهها ورقبتها قال : القهوة ياشادن لاتتأخرين علينا بها .. شال شهد وكمل : الكلام هذا ان قلتيه لاحد ماعاد فيه شي اسمه هدايا والعاب .
            قالت ببراءة : طيب بعدين اذا صار عندك ولد اسمه مشعل تجيب له العاب زيي ولا لا ..؟
            نزلها قال : روحي روحي لامك خلاص انتي الحين كبيرة لاعاد اشوفك عند الرجال .
            ردت : اصلاً انا بجلس عند خالتي ام نايف هي تحبني كثير .
            : انتي من اللي مايحبك ..؟
            شهقت وهي تشوف العنود قالت : عماد روح روح يمكن العنود جابت الجني حق نوف معاها بعدين يدخل فيك .
            صد عماد عن الحرمه اللي دخلت ودخل للمجلس وهو يقهقه ويستغفر ويتحسب الله على ابليس شهد ..

            جالسين حول السفرة وهي معاهم ومو معاهم ..
            عيونها تقرحت من كثر البكا بعد ماكلمت اهل اميرة وقالت لها امها ان عيالها مايكفون اسئلة عنها ..
            قال مشاري وهو يطالع في يدها ورجلها وهي مقيدتها : اقول سارة .
            بلعت لقمتها قالت بهدوء وصوت مبحوح : هلا .
            : فيه جبيرة ناعمه ورقيقه اش رايك نسويها لك بدال هذا اللي الجبس وزنه اثقل من وزنك .
            طالعت في يدها الثقيلة قالت : ياليت والله اقدر افك هذا .. قرفني بالحر والعرق ومرة مضايقني .
            شرب ابوها كاسة اللبن قال : خلاص اليوم مشاري يوديك تغيرينه ويحطون لك واحد اخف من هذا .
            قالت امها باهتمام : اخاف نرجع من البداية ويضيع عمل الجبس هذا ..
            رد مشاري بثقه : لا لا انا سألت عنه ماراح يضرها شي .. المهم ياسارة البسي بعد شوي بوديك لاتتأخرين عليّ مواعد لي رجال بطلع انا وياه لأبحر .
            سحب ابوه الكرسي ووقف وهو يقول : الحمد لله .. مو فهد اللي بتطلع معاه .. ؟
            قال مشاري : لا مو فهد .. فهد طلع لديرتهم اليوم .
            : ليت في الرجال منه عشرة ..
            سألت سارة بعفوية : فهد مين ..؟
            رد مشاري : ولد عم شادن .. هذا اللي وداك المستشفى يوم الحادث .
            شهقت بصوت خافت وحطت يدها على فمها ..
            قالت : هذا ولد عم شادن ..؟
            : ايوه ولد عمها .. ماقلت لك انا ..؟
            : لا ماقلت .. حطت يدها على جبينها ومسدته قالت بصوت خجول : فشله.
            وقف مشاري وساعدها على الوقوف وهو يقول : لا فشلة ولا شي .. لاتفكرين بالموقف وانسيه نهائي ..
            زمت شفايفها وهي ترجع بذاكرتها للحادث وتحاول تنحيّ المصاب وتتخيل كيف كان شكلها بس ماقدرت تتذكر الا صورة الموت في الجثث والدم والسيارة ..
            جاتها امها ومسكتها بدال مشاري ومشتها لحد ماوصلت الكنب قالت لامها بهمس : يمه مرة متفشلة .. ياليت اللي ساعدني مايعرف عنا شي ..
            ردت امها باتزان : بسم الله علينا ياسارة .. ويعني شافك ..! كان بيدك هو .. ولاكنتي في حال شي ..! اسمعي كلام مشاري ولاتفكرين بالموقف كله .. ولاتصيرين حساسة كذا .
            وصل عندها ابوها وجلس بجنبها وهو ينشف يدينه بمناديل قال : ترى هو اللي اسعفك وتبرع لك بدمه ولولا الله ثم هو ماندري وش صار لك . والمسألة انسانية محد فكر باللي تفكرين فيه .. لف يده على اكتافها وكمل بلهجة دلال : يعني بلاخجل وبلا حيا ويافشلتي ويافضحي .. ميل جسمها عليه وهو يقول : كل الناس تدري ان بنتي متربية احسن تربيه واولهم فهد اللي شالك واسعفك ..
            ابتسمت لابوها اللي يحاول جاهد انه يغير مودها كل ماشاف ملامح الحزن على وجهها ويرسم الابتسامة لو مجرد طيف ..!


            ***

            في مجلس عماد اللي برا ..
            جالسين حول النار ..
            احمد وعماد وبندر بجاكيتات وخالد ولد ناصر لابس فروته وناصر في صدر المجلس بالبشت الاشقر المصنوع من الصوف ..!
            قال ناصر : تدرون فهد ونايف رجعوا من عند اهل المرحوم ولا لا .؟
            رد بندر : لا مالظاهر انهم رجعوا ..
            تكلم فواز مقاطع : الله يعينك يافهد .. كل مايروح لهم يرجع وهو شايل الحزن من جديد .
            قال احمد : والله يوم سمعت ا لخبر اني شايل هم فهد اكثر من هم اهله .. الله يرحمك ياسعود ويغمد روحك الجنه .
            حل الصمت فجأة مع صوت فهد اللي وصلهم وهو يدخل مع البوابه ويغني بعالي صوته وبلحن حزين وكأنه ينفث حزنه بطريقة معبرة ..

            ليت المنايا وقفت عنك ياسعود ......... خلّتك لين أوريتني في ضريحي

            أنت الصديق الصادق الود ياسعود ......... وانت الطبيب لقلبي اللي جريحي

            انا أشهد أني عقب فرقاك مقرود ......... ماأنلام انا لو كان اصفّق واصيحي

            والله لصيحك لين أجاورك ياسعود ......... الله يعجّل جنب قبرك مطيحي

            الدمع غار وجفّت العين ياسعود ......... والقلب ينحب والجوارح تصيحي

            دخل فهد بصحبة نايف اللي اصر انه يروح ويشوف اهل سعود ويتعرف عليهم ورجع والحزن يملا قلبه لموقف ام سعود من فهد اذا شافته ..
            سلم وتوجه لاخر المجلس بعيد عنهم وتمدد على ظهره على الكنب ورفع رجله على التكاية ..
            غطى وجهه بشماغه قال : لاتنادوني على عشاكم واذا نمت لحد يكلمني .
            اشر بندر لنايف وش صار ..؟ ورد نايف بإشارة بعدين اقول لك ..
            قال عماد لنايف : ابوخالد .. ادخل ياخي شوف اختك كل شوي وهي تقول نادوه لي .
            وقف نايف قال : كنت بجيها قبل شوي قالوا لي فيه حريم .
            وقف عماد مع نايف قال : خلني اناديها لك في المجلس اللي داخل ..
            دخل عماد مع نايف لمجلس الرجال بداخل البيت ونادى بصوت عالي : ياولد .. ياشهد .. ياشادن ..
            وصلته شادن وهي تضحك والعنود تمشي وراها وتقول ابلا يعني خلاص اقول لامي انتس بتجينا ...
            قطعت كلامها وهي تشوف عماد وتربط صورته بكلامه لها بعد ماشقق الرسالة وتراجعت قال : تعالي تعالي ..
            رجعت له بحيا قال : وش اسمك انتي ..؟
            دخلت العنود اصبعها في فمها وقعدت تعض عليه باحراج وخجل قالت شادن : هذي العنود الشاطرة .
            قال عماد وهو يبتسم من حركتها : وش تبي منك ..؟
            : تبغاني ازورهم ..!
            : اها .. تعالي تعالي نايف هنا .
            دخلت شادن وسلمت على نايف بلهفه قالت : دب فينك ليا ساعتين ادور عليك .
            قال نايف : والله جيت قالوا ان فيه حريم وانتي فوق .. وطلعت مع فهد ودوبني راجع ..
            التفت للعنود وهي تطالع فيهم وكأنها شايفه حدث مهم وتسجله بالحرف والحركة ..!
            ودارى وجهه عن العنود ورى شادن قال : اش هذا المخلوق اللي وراك .
            ضحكت شادن قالت بهمس : حرام عليك اسكت هذي بنت الجيران .
            قال عماد وعلى وجهه ابتسامه واسعه : تعالي يالعنود ..
            قربت العنود منهم بحذر وخوف وخجل قال : من احسن مدرسة عندكم بالمدرسة .
            ردت على طول وبدون تفكير : ابلا شادن .. اصلاً انا احبها وكل البنات يحبونها حتى صالحة بنت محمد جار خالك ناصر تحبها وتموت فيها .
            لف عماد يده ورى شادن قال : ماشاء الله طلعتوا تحبون مرتي وانا مادري ..
            ردت العنود بسرعه وهي تهز راسها : ايه نحبها .
            دنقت شادن براسها محرجه وخجلانه قال نايف اللي انتبه لحرج اخته وحب يلطف الجو : والله وطلع لك معجبين ياشدون خابر محد يرفع من معنوياتك الا سارة ..
            رفعت راسها لنايف ووجهها تكتسحه حمرة خجل من طوق يد عماد عليها وتحس بحرارته تشع في جسدها ..
            قال نايف : لا طلع العرق يابومشعل . اذا انت حريص على عمرك امسك الباب وانا وراك .
            قال عماد بعفوية : وش عرْقه . .؟
            : هذا عرق اللي في جبينها اذا طلع معناتها الأخت عصبت .. واذا عصبت انفد بجلدك .
            ضحك عماد بهدوء والتفت لجبين شادن يدور العرق .. لكن قربه منها احرف نظره ناحية عيونها ونسى نفسه لثواني وهو يتأملها ..
            في عيونها جاذبية لحظها من اول لمحة شاف فيها شادن ..!
            تيار بحر جارف اقتنع فيها ليلة زواجهم الباكية ..!
            سحر تأثيره بالغ وقوي المفعول ادركه وعرفه مع الأيام والوقت ..
            انتبه انه قد غاص وغرق وانتهى امره وماعاد فيه امل يرسو على بر ..!
            نسى العرق اللي يقوله نايف واكتفى بعيونها ..!
            قال بصوت بارد : نايف عيون شادن تشبه عيونك ..؟ .. هز راسه وكأنه مو مقتنع بكلامه وكمل : فيه شوية شبه صح ..
            رفع نايف حاجبه بابتسامه قال بغرور مصطنع : لابسم الله عليّ . . انا كلي ازين منها حتى اسألها يوم كنت اجيبها من الجامعه كيف البنات يلاحقوني ويحاولون يرقموني ويعاكسوني .
            فتحت شادن فمها وضحكت قالت : كلها مرة وحده جبتني من الجامعه وازعجتني فيها .
            طالعها عماد بجدية قال : اجل من كان يوديك ويجيبك .
            قالت : مع سارة .
            : وسارة من يوديها ..؟
            : السواق حقهم ..
            : اها ..! اشوا اشوا .. حسبتك تروحين مع مشاري ولا ابوه .
            يعني غيرة ..!
            ولا الحالة اليوم وفرحته باحمد مخربطته ومايدري وش يقول ..!
            صدت عنه بصعوبه وهي تطالع في العنود وحمرة الخجل والاحراج تكتسح بشرتها وتبث الحرارة في اوصالها ..!
            قالت بصوت خجول : عنود حبيبتي روحي العبي مع شهد ..
            ردت العنود : طيب بس تكفين ابلا لاتعلمين نوف اني عزمتس عشان ماترسبني ..!
            حاول نايف يكتم ضحكته بس ماقدر وانفجر ضاحك .. ورفع يده لهم يعني مع السلامه وطلع مع الباب وسط ذهول العنود منه وهي تجهل السبب ..!
            حاول عماد يتماسك حتى مايحرج البنت وطالع بشادن وهي تبتسم وتهز راسها للعنود قالت : لاحبيبتي ماراح اقول لها ونوف ماتقدر ترسبك لأنك ممتازة .
            : الا هي تقول ان عزمتيها ولا كلمتيها بقول لمدرساتس يرسبونتس .
            صد عماد وهو يضحك مايبغى يحرج العنود ويدينه على اكتاف شادن المنحرجه وبنفس الوقت تتماسك لاتضحك من كلام العنود قالت : ياعمري المدرسات عندهم امانه محد يرسب البنت الممتازة واذا رسبوها يفصلونها من التدريس ويطردونها وربي يعاقبها .. فهمتي ؟
            ضحكت العنود وهزت راسها قالت : ايه .
            قال عماد وهو يطلع من جيبه عشرين ريال : خذي هذي عشانتس تحبين شادن .. اشتري شكولاته وشيبس مو تروحين تشترين ايسكريم فاهمه .
            هزت راسها وهي تاخذ العشرين وتروح تجري لامها بفرح يشبه براءتها ..!
            مسك عماد يد شادن ودلّك اطراف اناملها وأظافرها بنعومة وهو ي قول بهدوء : ترى بكرة بنروح لمزرعتنا الكبيرة في الطايف ونجلس هناك اسبوع عشان احمد .
            قالت بصوت واطي وخجول : في الطايف ..؟
            : على حدود الطايف .. ترك يدها وعدل شماغه قال : رتبي لي شنطتي قبل تنامين وحطي لي ملابس دافيه ترى البرد هناك يكسر العظم .
            : حاضر .. زمت شفايفها قالت : اكثر من البرد هذا .
            اعطاها ظهره وهو يقول : ايه اقوى .. بس تدفي زين .. وعلمي فوزية تراها بتروح معنا هي وزوجها .

            : عماد .
            التفت عليها قال : سمي ..!
            : الجوال يشتغل في المزرعه .. اخذ جوالي معاي .
            : ايه شغال .. من بتكلمين .
            جات تمشي عنده وهي مركزة نظرها على وجهه قالت : ام وحده من صاحباتي كان عندها الخبيث في صدرها اكثر من سبع سنوات ..
            اصغى لها باهتمام وهي تكمل : تخيل كذا مرة أجلت العملية والحين الحمد لله تعافت بدون عملية ماعاد عندها شي .
            فتح عيونه قال : والله ؟.
            : ايوه دوبها امي قالت لي .. عاد انا بكلم صاحبتي اتحمد لها على سلامة امها .
            رد عليها : وشلون تعافت بدون عملية ..؟
            عيونها على وجهه وهو يسألها باهتمام قالت بمحاولة انها تشد من ازره وتخليه يتفاءل : موية زمزم وعلاج طبيعي ورقية شرعيه .
            : بسسس ..؟
            : هذا كلام امي عن بنتها .
            : ماشاء الله تبارك الله ..
            طلع جواله الثريا من جيبه قال : خذي كلميها الحين لو تبين .
            ابتسمت قالت : لا خلاص اذا بكرة فيه جوال ادق عليها منه اصلاً هي استحالة ترد على رقم غريب وانا الحين مشغولة .
            : زين ... يالله انا طالع للمجلس ترى العشا على وصول جهزوا السفرة ..
            طلع وهي تتبع اثاره وبقلبها يارب اول الخطوة بديتها بقوتك .. ساعدني على الباقي ولاتخذله ولاتخذلني ..



            ***

            يتبع,,,


            تعليق

            • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
              عضو ماسي
              • May 2009
              • 708
              • .
                .
                .


                .
                .
                .


              #86


              في مجلس الحريم ..
              دخلت عليهم العنود تجري وجلست بجنب امها وهمست في اذنها : يمه يمه شوفي عماد عطاني عشرين ريال .
              طالعت امها فيها بنظرة تهديد : وشو .. الله يفضح عدوتس فضحتينا في الرجال .
              ردت العنود بصوت عالي : يايمه هو عطاني اياها .. انا ماقلت له ..
              وصل حوارهم لام ناصر وام نايف وام نوف تقول : اجل ليش يعطيتس فلوس .
              : دخلتها العنود في صدر امها وهي تقول : عماد يقول عشانتس تحبين شادن خذي الفلوس هذي واشتري بها شكولاته وشيبس .
              هزت ام نوف راسها قالت : الله يجزاه خير ويرزقه .
              استمعت ام ناصر للحوار بدقه ..
              ماتدري تصدق كلام شهد ولاتصدق تصرفات شادن مع عماد وعدم اكتراثها وشكواها وكلامه للعنود ..!
              محتاره وشكوكها ماريحتها ابد .. لكن الا مايبين المستور وتعرف المخفي ان الله اشاء واراد ..!
              وفي زاوية المجلس ..
              ليلى وفوزية ومنال وحنان منزويات في الزاوية ويسولفون بحماس ..
              اخذت ليلى جوالها المزين باكسسوارات كثيرة .. وهي تسب الديرة والحياة في الديرة قالت : مدري وش اللي مفرحك فيها يافوزية .. ياربيييي جوالي ماله داعي هنا ..
              خطفته حنان من يدها وهي تقول : ياقلبي ياهالصورة وراعيييييييها والله يوم شفته لولا حياي من ابوي كان اضمه على صدري .. بس استحيت من ابوي وسلمت عليه عادي ..
              قالت فوزية : تراه من اول ماجا وهو يسأل عنك يقول بنتي وش اخبارها .
              حطت حنان يدها على قلبها قالت : بنته واخته وامه وابوه واهله كلهم الله يخليه لي ويخليني له .
              التفتت ليلى عليها وضربتها على راسها قالت : هييييي بنت انتي ترى هذا اللي تتكلمين عليه زوجي .
              ردت منال بعد ماحطت في فمها قطعه الحلا اللي قدامها : وانتي ترى اللي تقولين عنه زوجتس ماجبتي سيرته بالطيب من اليوم غير .. وقلدتها .. احمد قاهرني ، يرفع ضغطي ، تفكيره سخيف ، افكاره رجعيه ومتخلفه ، مايحب التطور ، كابتني ، يكره شي اسم حرية ...
              قاطعتها فوزية : بنت منال وش هالكلام .. ولو ليلى ضيفتنا عطوها لبكرة ولا بعد بكرة ثم استلموها على كيفكم ..
              رمقتها ليلى بنظره قالت : لاوالله .. الحين يعني سويتي خير .
              سندت فوزية بظهرها على التكاية قالت : الله يقطع ابليسك ياليلى عليك ثقل دم عمري ماشفته في احد . بس احلى شي فيك قلبك الطيب .
              ردت ليلى بتأفف : وانا وش مضيعني الا طيبة قلبي .. المهم زوجة عماد وين راحت .. ياربي من برودها يرفع الضغط .. من يوم جيت وهي توزع ابتسامات وتشتغل . . ماتتعب هي ..؟
              قالت منال باندفاع : لا عاد حدتس ياليلى تراني ساكته لي ساعه وانتي ماخليتي احد الا واعطيتيه نصيبه حتى امي وجدتي واخواني ماقصرتي عليهم .. بس شادن ترى ماسمح لتس .
              شهقت حنان وهي تفتش جوال ليلى وردت عليها ليلى بشهقه مماثله وهي تقول : قليلة ادب من سمح لك تفتشين ...؟
              رمته حنان عليها قالت : خسارة انتس زوجة عمي احمد ..!
              تبادلوا منال وفوزية النظرات مو فاهمات شي .. قالت فوزية : وش فيه ..؟
              سكتت ليلى وهي تقفل جوالها وتمتمت : انا الغلطانه اللي فتحته وخليته في يدها .


              ***

              بعد مارجعت من المستشفى ..!
              نزلت عكازها بجنبها وجلست بين امها ومشاري بخفة وهي تتأمل يدها ..!
              قال مشاري : لو كنت ادري انك بتمشين بالعكاز بسهولة كان سويناه لك من زمان .
              ردت وهي شبه مرتاحه : اوووه الحمد لله احسني خفيفه .. مو زي اول .
              قالت امها : ياربي لك الحمد ... خلاص من اليوم ورايح مافيه ساعدوني وشيلوني .
              ضحكت سارة وهي تمد يدها على مشاري قالت : ممكن توقع راح توقيعك الاول .
              طلع مشاري قلمه من جيبه وكتب : الحمد لله على السلامه ياسو...
              سحبت يهدها بخفه وهي تقول : وجع وجع وجع ... الشرهه مو عليك عليّ انا اللي اعطيك يدي توقع عليها .
              قهقه مشاري باستهبال قال : خلاص خلاص هاتي كنت ابغى اكتب ياسوسو بس انتي ماخذة فكرة شينه عني .
              صرت عينها قالت بشك : سوسو ولا سويرة ها ..
              : ههههههههههههههههههههههههههه لاوالله كنت ناوي اكتب سوسو .. مو شادن تقولك سوسو .
              تحولت ابتسامتها على طاري شادن لتكشيرة .. وتنهدت وقالت : ياعمري ياشادن .. مشتهية اجلس معاها واعرف اخبارها .
              قالت امها : مصيرها تجي ان شاء الله وتتقابلون وتجلسون مع بعض اكثر . يالله قوموا للعشا .
              قالت لامها ومشاري : اسمعوا .. تراني بكرة بروح لدار الايتام .. وابغى انزل السوق اشتري هدايا وألعاب للأيتام .
              حاول مشاري يعترض بس قاطعته امه وهي تقول : الله يعينك على فعل الخير .. خلاص تراني خويتك في المشوار .
              هزت سارة راسها لامها بامتنان لموافقتها قالت : الله يكتب اللي فيه الخير ..!



              ***


              فتحت عيونها بكسل على صوته وهو جالس بجنبها على السرير ويناديها ..
              : شادن .. يالله اصحي الساعه سبعه ماصليتي ولالبستي وكل الناس سبقتنا وراحت وانتي نايمه .. شادن قومي وش هالنوم اليوم .
              قالت بكسل وصوت نايم : طيب دقايق واصحى .. اذا بتروح روح وانا اجي مع امي ونايف .
              رجعت ودست نفسها في اللحاف وشدته عليها وراحت في نوم عميق ..
              ابتسم على شكلها قال : قومي يابنت الحلال مابقى غيري انا وياك ... شادن .. هزها ونادها من جديد : شادن اصحي ولا تراني صبيت على راسك كاس المويه هذا .
              قامت جلست ورجعت شعرها ورى قالت : تعبانه والله مافيني اصحى الحين .
              رد عماد بصوت حاني وهو يتأمل عيونها المغمضة وشعرها الفوضوي بنعومه وبيجامتها البيضا الأنيقه ..
              البارحه اشتغلت شغل عشر حريم لوحدها ..
              ماشتكت ولا تذمرت ولانامت الا بعد ماناموا كلهم وبعد مارتبت شنطته وشنطة جدتها ..
              مد يده ورجع خصلة نازلة على جبينها بدلع لورى اذنها وفتحت عيونها بكسل قال : ارجعي نامي متى ماشبعتي نوم نمشي .
              ماصدقت كلامه ورجعت رمت نفسها على السرير وهي تقول : بس عشر دقايق واصحى .
              سحب المخدة الثانية اللي المفترض انها تكون له وتكى عليها وهي يطالعها ..!
              وانتبه للورقه البيضا مكان المخده ..
              يعرف وش هالورقه من شكلها بس يجهل تخص من ..!
              سحبها وقلبها يشوف لمن هالصورة ..
              صورته ..؟؟
              رجعها بسرعه وهو يجزم ان فوزية اعطتها الصورة هذي لأنها هي اللي صورته ..!
              حط يدينه على وجهه ورجع يطالع فيها وهي تغط بنومها ..!
              يحبها وتحبه ..!
              واثق من حبها له ..!
              عيونها وكلامها وتصرفاتها كلها تثبت حبها له ..!
              تمدد بجنبها بدون شعور ولا احساس وغمض عيونه وهو يحاول مايقرب منها حتى مايزعج نومها ..!
              لف يده على عيونه وسرح مابين الخيال والواقع .. ولحظات حالمه ولحظات مريرة وبائسة .. غفت عينه بجنب شادن لأول مرة بدون أي مقاومه وبمنتهى الاستسلام ..!


              ***


              وصل احمد وامه وزوجته والشغاله للمزرعه الكبيرة وامه تذكر الله وتهلل وتبارك ..
              اشجارها كبرت وحيواناتها كثرت .!
              قالت وهي تشوف النياق في اخرها : احمد ياوليدي ودنا عند عطايا الرحمن خلني اشوفها ..!
              لف احمد بسيارته للركن المخصص للنياق حقت ام ناصر وعيالها وعماد من ضمنهم
              .. قال : ماشاء الله تبارك الله .. كثرانه مهب على خبري .
              ردت ام ناصر ووجهها يتهلل اعجاب وفرح ووناسة : ايه زادها عماد فوق خمسين قبل سنه .
              تكلمت ليلى بقرف : اوف اوف من الريحه .. ودوني للبيت بعدين ارجعوا تفرجوا على كيفكم .
              رد احمد بقلة صبر : ليلى بتسكتين ولا لا ..
              قالت ام ناصر بمودة : ودها ياوليدي للبيت خلها ترتاح وانا نزلني عند النياق .
              رد احمد بحزم : لا ارجعها ولا شي حالها حالنا تنزل وتتفرج ولاتقعد في السيارة تنتظرنا .. طالع في المرايه قال : هذا ناصر واهله وصلوا ..
              قالت ليلى : احمد وشلون انزل وناصر وعياله بيجون هنا ..؟
              تنهد احمد بتعب قال : الله يعين عليتس .. خليني انزلتس وارجع بامي .
              لف ورجع للبيت وشاف فهد يفتح باب البيت ويدخل الاغراض والشنط وبندر وخالد يساعدونه والبنات واقفات وراه ..
              قال احمد بصوت عالي : خلوا حنان تنزل معي ..
              رد فهد عليه : خلها تدخل نايف بيجي الحين ويتمشى في المزرعه مانبيها تحرجه ولايشوفها .
              التفت احمد على ليلى قال : انزلي وادخلي مع الباب اللي ورى الحين ارسل حنان تفتح لك .
              نزلت ليلى من المقعد الخلفي وهي تتأفف ..
              صاحية من صلاة الفجر والبارحه مانامت زي الناس من تغيير المكان والبرد ..!
              وياليت بعد كل هالمعاناة تجني وناسة ولا راحة ..
              نزل احمد وطالع عيونها الباينه وحواجبها الخفيفه ولثمتها الفتنة .. فقرب منها وسحب طرحتها لحد ماغطت وجهها كله قال : اعتقد انتس اقتنعتي ان فيه احد غيرتس مايلبس هالفستان واللثمة .. شوفي لبس فوزية وشادن وتعلمي .
              سكت ماردت عليه لأنها في قرارة نفسها اقتنعت بأن لبسها منبوذ بينهم ..!
              دخل احمد من باب الرجال وشاف حنان ومنال قال : حنونة روحي افتحي الباب الصغير لليلى .
              طالعت حنان في منال قالت بهمس : منال روحي افتحي لها مالي خلق اتصبح بوجهها .
              همست منال : عاد انا لي خلق ..؟
              : تكفين روحي عني اخاف اخاف اشخبط على وجهها بأظافري .
              قال فهد وهو ياخذ سكينة حادة من المطبخ : هييييييي وحده منكم تروح تنظف قسم الرجال والثانية تفتح لحرمة عمي وتجي تنظف المطبخ عن الغبار .
              ردت منال بسرعه : انا ماشية لقسم الرجال .. رفعت حواجبها وجركتها بإغاضة لحنان وكملت : وانتي ياحنونه روحي افتحي الباب وارجعي نظفي المطبخ .. باي .
              ضربت حنان برجلها على الأرض قالت بقلة حيلة تقلدها : باي .. خافي ربك هذي مو كلمة مسلمين .
              هز احمد راسه وهو يقول : هذولا موب عاجباتني لكن شغلكم شوي عندي ..
              رجع لامه في السيارة وراحوا يلفون المزرعه ..!

              فتحت عيونها على الساعه 10 .. ومدت يدها اليمين على الكمدينو اخذت الساعه الصغيرة وشافتها وقامت جلست على طول ..
              نايم بجنبها بثوبه وجاكيته الجلد الأسود الطويل .. وشراباته ..
              ولاف الشال الصوف الممزوجه الوانه بين الاسود والرمادي على جبينه ومصدر صوت شخير خفيف لأن راسه مايل على طرف المخدة ووضعه مايساعده انه يتنفس بارتياح ..!
              شعورين لخبطتها وماقدرت تتبع احد فيهم بسرعه ..!
              الخجل كونه اول مرة ينام بجنبها ..
              وشعور الخوف اللي سيطر عليها خشية انه يكون تعبان ويحس بشي ..!
              نادته بهمس بعد تردد : عماد .. عماد .
              وما رد عليها الا شخيره المنتظم ..
              لمست يده بطرف اصبعها قالت : عماد ..
              فتح عيونه بصعوبه قالت : عماد فيك شي ..؟ تحس بشي ..؟
              مسك يدها بعد ماستوعب مكانه وواقعه وسحبها على صدره ..
              استرخت بهواده ودقات قلبها تزيد وتعلا وتتخربط وتتسابق ..
              قال بهمس : كم الساعه يالنوامه ..؟
              ابتسمت وقالت بذات الهمس : 10 ونص .
              ورجعت للسؤال اللي اقلقها : عماد تحس بشي ..؟
              غمض عيونه وهنا جزم انها ياكاشفته ياشاكه فيه ..
              قال باعلان للاستسلام في لحظة شبه حرجة : اليوم مافيني الا العافية ..
              تنهد من العمق وكمل : تبينا نمشي ولا جازت لك النومه .
              رفعت نفسها عن صدره قالت : لا خلنا نمشي ..! من متى وانت نايم هنا ...؟
              جلس على السرير ومس ظهره ويدينه وهو يتثاوب قال : الساعه سبعه حاولت اصحيك لقيتك تبين النوم وحطيت راسي بجنبك .
              ابتسمت له بخجل قالت : مانمت الا بعد ماصليت الفجر .. بس خلاص انزل وانا ببدل ملابسي والحقك .
              رجع وتمدد على السرير قال : بنتظرك هنا بس عجلي ..!
              اخذت ملابسها ودخلت الحمام بدلت في وقت قياسي وطلعت ..
              بنطلون جينز كحلي وبلوزة بيضا بكم طويل وعليها بلوفر قطني لنص الفخذ بحزام وزراير من الأمام ..!
              جمعت شعرها بشباصه والتفتت عليه وهو يناديها : شادن .. انتبهي لايشوفونك خوالي بالبنطلون ..
              هزت راسها قالت : ماخذه حذري ماعليك .. اخذت عبايتها في يدها قالت : يالله ننزل ..؟
              : عطيني الشنطة ..
              : ترى رتبت لك شنطتك .. شفتها ..؟
              رد عليها وهو خارج : ايه شفتها الله يجزاك خير .. يالله الحقيني .


              ***



              ماكانت تتخيل ان الصخب والازعاج ارتياح نفسي ويبث الهدوء للنفس ويطمنها ..
              كل انسان بداخله مشاعر واحاسيس وطاقات هائلة من الحنان
              احياناً يستغلها ويصبها في المكان المناسب
              واحياناً يشذ بها لطريق خاطيء
              واحياناً يكبتها وتموت بداخله ويدفنها
              وغيره يحتاج منها لو لمسة حانية
              كلمة رقيقه
              عبارة تخفف من وطأة الحزن والألم والفقد
              ..
              كانت سارة جالسة مع امها في دار الأيتام
              المكان اللي ياما وياما ارتادته فاطمه وعلمتها طريقه
              وحكت لها عن الاحساس فيه والشعور بقرب البراءة ..!
              اليوم بس حست باحساس فاطمه ..
              كانت دموعها تنزل مدراراً وهي تحاول تداريها عن الصغار اللي ينطون لها بين كل دمعه ودمعه : سارة رجلك تعورك .. يدك تعورك .. تبكين عشان يدك ورجلك مكسورة ..
              وكان ردها عليهم : لا مابكي بس عيوني تعبانه عشاني مانمت بدري وقعدت اتفرج على التلفزيون ..
              ضحكت فاطمة _ الطفلة المسماة على زميلتها صاحبة الأيادي البيضاء على الدار _ وحطت يدها على فمها قالت بذكاء وسرعة بديهه : سارة سارة يعني انتي تشوفين توم وجيري زيي انا وسمر ..
              ردت والعبرة تخنقها : ايوه اشوفها واشوف عدنان ولينا ..
              نط احمد ابن السابعه يتماً قال : تشوفين ابطال النينجا ..؟
              هزت راسها بأيوه و : ايوه اشوفها واحبها بس اذا عندي واجب ولا حفظ اطفي التلفزيون واذاكر عشان اصير ممتازة ..
              قالت ام مشاري وهي تطالع في ساعتها والوقت بدا يداهمها رغم انهم قضوا ثلاث ساعات ماحسوا فيها : يالله اسكتوا عشان سارة توزع عليكم الهدايا ..
              تحول الصخب في ثواني لهدوء وسكون وكل طفل مكتف يدينه حول صدره ويحاول يلفت نظرها بهدوءه وأدبه حتى ينال اولى الهدايا ..
              وزعت الهدايا كلها ورجع الصخب اكثر والازعاج لج بالمكان وبث الفرح فيه ونشوة السعادة بنيل اغلى مايتمناه الطفل ويحبه ..!
              طالعت سارة في زهرة الطفلة الغير شرعيه ..
              لقيطة وجدت بجوار برميل زباله ( والجميع بكرامه )
              عمرها فوق السبع سنوات لكن لغتها ركيكة لأسباب نفسية بحته ..
              قالت سارة بألم : زهرة حبيبتي ليه مو فرحانه زي اصحابك .
              وقفت زهرة وكيس هديتها في يدها قالت بتأتأة : د د دزاكِ الله ك ك كيل ( جزاكِ الله خير ) .. انا ابقى ماما فاطمة تزيب لي هدية عسان هي تحبني . ( انا ابغى ماما فاطمه تجيب لي هدية .... )
              حضنتها سارة بقوة وربتت على كتفها قالت والدموع فاضت وأغرقت صدرها : ياعمري هذي ارسلتها عليك ماما فاطمة ..
              رفعت نفسها من عليها وطالعتها بنظرات جامده قالت : ك ك ك كليها ت ت تزيبها هيَّ . ( خليها تجيبها هي )
              : هي الحين تعبانه شوية ماتقدر تيجي عندكم بس قالت ياسارة خذي هذي الهدية اديها زهرة وخليها تلعب فيها وتفرح وتنبسط مع اصحابها .
              وقف عبدالله طفل الثمان سنوات وحده ويتم قال بلهجة حجازية بحته : انا كمان مابغى هدي الهدية .. انا ماخد هدايا من احد الا من ماما فاطمه .
              ابتسمت له سارة من بين دموعها قالت : عبدالله حبيبي هذي من ماما فاطمه هي قالت لي انك تحب تصيد السمك واشترت لك السنارة والسمكات وكمان الكورة . وشووووف مسدس الموية اللي انت تطلبه كل مرة ..
              نزلت دموعه وحط يده على عيونه قال : بس انا ابغاها تيجي بنفسها .. هيَّا وعدتني ماتتأخر علي ودحين ليها سنه ماجات .. ابغى اقولها حاجة مهمه .
              انسحب بسرعه من المكان وراح يجري ودخل الغرفه وقفل بقوة ..
              والكورة والسمكات وسنارتها ومسدس الموية والواح الشكولاته كلها على الأرض ..
              وكأنه يقول ماما فاطمه اهم من هذا كله ..
              غيابها شهرين كأنه سنه عنه ..!
              ماقدرت سارة تلحقه ..
              هي اضعف من هالمواقف
              مابقى عندها مساحة لاضافة حزن جديد ..
              ممتلئة بالحزن والوجع حد الطفح والفيضان ..!
              قالت زهرة بملامح جامده وخالية من اي تعابير وهي تتأمل وجه سارة الباكي : انتي ت ت تبكين عس عس عسان ( عشان ) تبغي ماما فاطمه تدمك ( تضمك ) وتزيب ( تجيب ) لك دانينو وعصير منجا .
              انتفضت سارة وحاولت تتكلم ببقايا قوة انتهكها الحزن اليوم على ارض الدار : لا ياعمري مابكي .. بس اذا انتي تحبين ماما فاطمة خذي الهدية والعبي فيها زي فاطمة وسلوى ورهف .. شوفي .. !
              خرجت العروسة المصنوعه من القطن والقماش وكملت : مرررة حلوة تشبهك .. خذي نيميها في حضنك .. غني لها دوها يادوها .
              تأملتها زهرة ببرود ومدت يدها واخذتها قالت : ك ك كلي ماما تيزي بسرررررعه قو قو قو قولي زهرة تبغاك زي عبدالله .
              هزت سارة راسها ورجعت لامها اللي تمسح دموعها وهي تسمع الحوارات الصغيرة بأصواتها وعقليات اصحابها وكبيرة بمعانيها وإنسانيتها ..
              نفسها ترتمي في حضن امها حتى تلمها من الشتات والحزن والألم والذكريات بس تراجعت خشية انها تؤلم الأطفال وهم يفتقدون للحضن والأم وهم يطالعونها ..
              قالت لامها : يمه يالله خلينا نمشي .
              قالت امها : ادعي لصاحبتك يمكن هالوقت ساعة استجابة ..
              وجهت سارة بيدينها للسماء وابتهلت للي يراقبهم باللي في قلبها
              لفاطمه وزميلاتها ونفسها ..!


              ***

              في السيارة ..
              قال عماد لشادن اللي تحس بالبرد يتغلغل لعظمها ..
              : ليه ماجبتي لك شي ثقيل ..؟
              : ماكنت عارفه ان البرد عندكم كذا ..!
              : ايه متعوده على جو جده في عز الشتا حر ..
              : يازين جو جده هالأيام .. طالعت في جوالها قالت : اوووه الحمد لله الشبكه فُل ..
              : بتكلمين خويتك ..؟
              : لابخليها اذا وصلنا بس نفسي ادق على سارة اخذ اخبارها ..
              قال عماد : اشووووا انك ذكرتيني .. وش رايك في سارة ..؟
              التفتت عليه وسحبت غطا عيونها لورا قالت : من أي ناحية ..؟
              : زوجة لشخص يهمك ..؟
              قالت بابتسامه : اذا قصدك على نايف تراها اكبر منه ونايف يعتبرها اخته وهي كمان تعتبره اخوها .
              : لا لا مو نايف ..
              عقدت حواجبها قالت : غير نايف ويهمني .. لايكون بتزوجها احد من عماني ..؟
              ابتسم قال بمحاولة لاستفزازها : لا بتزوجها انا .. ابو مشاري رجال وينشري واخوها والنعم وامها يقولون فيها خير وراعية دين .
              تدري انه يمزح ويحاول يستفزها ..!
              قالت ببرود : بس سارة ماراح توافق عليك ..!
              اتستعت ابتسامته قال : افا ليه ماتوافق ولا عشان انتي صديقتها ماتبي تاخذ زوجك .
              : لا مو عشان كذا ..! بس هي تدري اني ماراح اتنازل عن حقوقي لأي مخلوق في الدنيا حتى لو لها هي اعز الناس .
              انطفت الابتسامه بالتدريج من ملامحه قال بجديه : الموضوع اللي تقصدينه لازم نتكلم فيه بجديه بس مو الحين ..
              طالعت في الطريق بجنبها قالت : لا الحين ولا بعدين ياعماد .. اذا اشتكيت لك ساعتها يحق لك تكلمني فيه .. انا راضيه بعيشتي كذا الا اذا انت ....
              قاطعها : اتركينا من هالموضوع الحين .. قولي لي بنت ابو مشاري تصلح نخطبها لفهد ولد خالي ناصر .
              فتحت عيونها مو مصدقه قالت : لا عماد عن جد تتكلم . ..؟
              : والله اكلمك جد .. خالي من امس وهو كل شوي يسألني من اللي خطبتها لفهد وانا اقول بعدين اعلمك ... والصراحة ابو مشاري ونعم الرجال .. وبنته اذا هي صديقتك اكيد انها تناسبه .. التفت عليها وكمل : ولا وش رايك ..؟
              : سارة مافيه منها .. بس اخاف ماتوافق .. خاصة ان لها تجربة قبل ..
              : البركة فيك انتي .. اقنعيها ..!
              : لا ياعماد .. انا ماعرف فهد وماقدر اقنع سارة في احد ماعرفه ومن باب انه قريبي . خاصة ان سارة نفسيتها تعبانه بعد الحادث ووفاة زميلاتها وطلاقها ..
              : فهد انا اضمنه لك .. رجال وينحط على اليمنى ... سكت شوي وكمل : تصدقين محد يناسب فهد غيرها ويمكن هي مايناسبها غير فهد .. ظروفهم متشابهه ويمكن يعينون بعض على الحزن ..
              وصل عماد المزرعه المسورة بسور عالي وفتح له العامل السوداني وهو يرحب فيه .. ودخل بسيارته ..
              شهقت شادن من منظر المزرعه وشكلها ..
              الشتا قاسي على اشجارها الكبيرة رغم انها لازالت تحتفظ بلونها الأخضر ورونقها الا انها ذابله من البرودة القارسة في منطقة جبلية ومرتفعه عن سطح البحر كالطايف ..!
              قالت شادن وهي تطالع في زاوية المزرعه بعيد عن الأشجار وفي اتجاه النياق الكثيرة : يممممممه تخوف ..
              طالعها عماد وهو يبتسم : العصر اطلعي انتي والبنات وتفرجوا عليها كلها بس لاتبعدون تراها كبيرة فوق 2 كيلو .
              قالت وهي تناظر المكان وتتفحصه : مرة متحمسه اتمشى فيها ...
              قال عماد : ادخلي من هنا .. وانا برجع للعيال ...
              مسكها بيدها قال : سالفة خطبة فهد لاتقولينها لاحد لين اكلم فهد وخالي .
              : حاضر ..
              نزلت وتوجهت للباب اللي أشر عليه عماد ودخلت البيت الكبير اللي يتوسط المزرعه ..!


              ***


              في البيت الشعبي المهتريء ..!
              نورة وامها وابوها والعنود في الصالة قدام الدفاية اللي تشتعل بالغاز ..!
              قالت نورة وهي تقرب يدينها من شعلة الدفاية : يبه الله يرضى عليك اصبروا عليها اقل شي لين تتقبل الموضوع .
              رد ابوها وهو يشرب فنجال القهوة دفعه وحده : مهيب متقبلته لين تروح لبيت رجلها وتعرفه زين .
              كانت العنود مشغولة بكاسة الحليب اللي اضافت لها سكر وشربتها كلها وتحاول توصل بقايا السكر اللزجة في قاع البيالة لفمها بتروي وانتظار ..
              قالت نورة : العنود وش هالحركات .. قومي هاتي لتس ملعقه وطلعي السكر جبتي لي المرض بحركتس هذي ..!
              رد ابوها : خفي على اختس يانورة تراها صغيرة وجاهلة وانا ابوتس .
              قالت العنود والكاسة على فمها : نورة اشوا من بنتك المجنونة اليوم بغت تذبحني يوم قلت ان عماد عطاني عشرين ريال .
              قال ابوها : عنود وانا ابوتس نوف ماتبيتس تاخذين فلوس من احد ليا بغيتي فلوس روحي لها وهي تعطيتس .
              ردت العنود : مهب قصدها يايبه .. هي عشانها تحسب عماد يبي يخطب...
              صرخت نورة بصوت عالي تسكتها : عنود وتراب .. اتركي البياله وطسي اغسلي وجهتس وارمي في الزباله على طريقتس .
              قالت امها بحده : بنت انا ماقلت اخفضي صوتس لايسمعتس احد برا .. فضحتوني بخلق ربي كل من مر من عند بيتنا الا ويسمع اصواتكم ..!
              ردت نورة والشرر يتطاير من عيونها خوف ان العنود تفضح اختها قدام ابوها ثم يهون مسفر معه ..
              : يبه ترى العنود ماتحترم نوف وقليلة ادب ... ونوف هالايام ماتستحمل شي .
              قال ابوها وهو يعدل جلسته ويلتفت على العنود : والله ان سمعت انتس ماتحترمين خواتس اني لاوديتس مسفر .
              طيرت العنود عيونها وهبدت على صدرها بيدها قالت : والله ثم والله لاحترمهن بس لاتوديني مسفر المجنون .
              : ها اعقلي واسمعي كلام خواتس .
              هزت راسها ونورة تتنفس الصعداء بارتياح لأنها انقذت الموقف في اخر لحظة من لسان العنود ..







              ***


              تحت شجرة الطلح اللي نبتت عشوائياً في وسط المزرعه الكبيرة وأصرت ام ناصر انها ماتجتث من جذورها .. لأنها مثل ماتقول " غارسها ربي في ارضنا "
              كان فهد واقف ومعلق الذبيحه في احد اغصانها العريضه ويسلخ بعصبيه ووجه مكفهر وغاضب ..
              قال لعماد بطفش : ايه وش عليك جايني شبعان نوم وماشي على كيف كيفك محد صبحك قبل اذان الفجر وكرفك في الذبح والدم ..
              نزل عماد نظارته السودا وتنحى عن الدم لايلمس ملابسه : وش فيها الاخلاق اليوم قافله عسى ماشر ..؟
              : وراها ماتقفل وعجوزك تمشينا على كيفها ..! حلفت الا تذبح الذبيحه في البيت والسوداني مايلمسها ولايسلخها مدري شاكة انه مهب مسلم ولا مهب معجبها ولا مدري وش سالفتها ..
              : اعوذ بالله منك انا كم مرة قلت لك لاتقول عجوز استح على وجهك ياخي ولا تتكلم عن جدتك بالكلام هذا .
              : توكل على الله بس خلني انجز شغلي .
              لبس عماد نظارته قال : اخوانك وينهم عنك مايخدمونك اذا انت تعبان .
              : بندر جاني قبل شوي وارسلته يجيب لنا اغراض ناقصتنا .. وخالد التيس مافيه فايده غير مناقر خواته .. وخالك الخبل ذا منتهي ماخلا مكان في المزرعه ماراح له وهو يسحب ذي العجوز معه يقال لهم مشتاقين لبعض ثم اخرتها راح يقابلها وترك ابوي وعمي في المجلس وهم متعنين وجايين عشانه .
              ضحك عماد منه وهز راسه بيأس وهو يقول : لاحول ولاقوة الا بالله .. هذا وانا جايك ابي اعلمك بالبنت اللي بخطبها لك .. ماتستاهل من يجوزك وهذا كلامك .
              تأفف فهد بملل قال : جاني الثاني .. اقول روح منيب ناقصك خلني اخلص من هالجهاد واروح انام لي لو ثلاث ساعات ...
              قال عماد : وخالي اللي وهقتني معه وش اقول له ..؟
              : قول له فهد عيّا مايبي العرس .
              : عيّا ها ...؟ اجل بكرة اذا قالك خالي تعال اعرس على بنت فلان ولا مدري من لاشوفك تنخاني وتقول تكفي يابو مشعل .. ترى مالي شغل فيك ...
              سكت فهد وهو يقطع اوصال الذبيحه المعلقه في الشجرة بحرفنه وخبرة .. قال عماد وهو يلتفت له من بعيد : اسمع ترى ان سألني خالي بقول اني خطبت لك من ابومشاري وانت ماوافقت .
              طاحت السكين من يد فهد وهو يسترجع كلمة عماد اللي كمل مسيره ويربطها بالصورة والشكل اللي ماغابوا عنه ..!
              مشى ورى عماد وترك الذبيحه معلقه وراه قال بصوت عالي يمزج الحيرة والتردد بعدم التصديق : تعال تعال .. عماد .. اصبر ..!
              وقف عماد قال : هلا .. وراك تركت ذبيحتك وجيت ..؟
              : ها... ؟ بنادي خالد يكملها ماباقي شي ..!
              دخل عماد المجلس وسلم على خاله ناصر وفواز وجلس بينهم ونايف متغطي بالبطانية وجالس في زاوية المجلس ..
              قال ناصر وهو يطالع في فهد : انا ابو فهد .. انت ورى ماغسلت يدينك وبدلت ملابسك عن الدم ..!
              رد فهد وهو يطالع في خالد : بروح اغسل الحين .. خالد قوم روح كمل الذبيحه مابقي منها شي .
              ارتعص خالد قال وهو يطالع في ابوه : يبه انا ماعرف اسلخ زين .
              صرخ فهد بعصبيه : قوم اذلف مامنك فايده .. يالله ولاسمع منك كلمة وحده .
              قال ناصر : قوم اسمع كلام اخوك ياخالد .
              وقف خالد بعصبيه وطلع من دون مايتكلم قال فهد لنايف : نايف بالله قوم طلع لي ملابس نظيفه من الشنطه .. وجيبها لي عند الحمام بتروش الله يعين على هالبرد .
              قال فواز وهو متلحف بفروته ومتلثم : لاتروش في البرد يلتهب صدرك من جديد .
              : بتروش غصب .. ماقدر اصبر على هالقرف .
              وقف نايف وراح لشنطة فهد وطلع ملابسه اللي يحتاجها ووداها عند الحمام ..
              سند عماد بظهره على المسندة قال : العامل ماجاب لكم حليب نياق ..؟
              رد ناصر : الا جابه لنا من بدري .. هذا هو قدامك في البراد اللي على يمينك .
              قرب عماد من الحليب وصب له كاسة وهو يتذكر كلام الدكتور اللي نصحه بحليب النياق لأن فيه دراسه جديدة اثبتت فاعليته في مقاومات التهاب الكبدي ......!
              دخل نايف قال : انا بنتظر بندر برا .. عن اذنكم .
              قال فواز باستغراب : وش السالفه ..؟ وراه متخربط ..؟ قبل شوي وش زينه ..!
              رد ناصر : وش يرده لايتفرقع وينهبل ويتخربط وخويه فهيدان .. الله يعين على هالولد .. التفت على عماد وكمل : الا على الطاري ياعماد .. انت مانويت تعطيني علمٍ(ن) اكيد .. ؟
              ربت عماد على فخذ خاله بهدوء قال : العلم الاكيد ياخالي اني بغيت بنت ابو مشاري لولدك وهو والله مادري عنه شكله ماوافق عليها .
              قال فواز : والله والنعم .. قابلته قبل ايام في المدينه عز الله رجال وولده رجال . ووراه مايوافق ولا بس عبط ..؟
              قال ناصر : بنته اللي صار عليها حادث في رمضان . ؟
              سرد لهم عماد اخبارها واصاباتها ونفسيتها وكلام شادن عنها ووشلون صحت .. وهم مصغين له باهتمام ..
              دخل فهد وهو يسمعه يقول : انا شايفها تناسب فهد وهو يناسبها ....
              قاطعه فهد قال : شلها من راسك انا مابيها ..
              عقد فواز حواجبه قال : وبس ماتبيها ..؟ هذا اللي عندك .. كل ماقلنا اعرس قلت مابي .
              شال فهد منشفته من فوق شعره الرطب ولبس قميصه ولف شماغه على راسه ..
              قال عماد : طيب ليه معترض على بنت ابو مشاري ..؟
              تمدد فهد في فراشه قال : مطلقه ومابيها ولحد يكلمني في السالفه هذي مرة ثانية .. والعرس برضيكم واعرس بس اللي اختارها انا لحد يختار لي عشان مافشلكم ..
              هز ابوه راسه بأسى وهو يرد : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..



              ***


              بعد الغدا وحزة العصرية ..!
              كانت جالسة مع امها والبنات وهي في قمة سعادتها
              اللي وصلت له مع عماد يعتبر خطوة كبيرة وناجحه ..!
              قالت فوزية في شادن وهي تغمز لها : اشوف الوجه مشرق اليوم بزيادة .. كل هذا عشان السيد عماد رجع ..؟
              طالعتها ليلى بعقدة حواجبها وهي توها صاحية من النوم قالت : رجع من وين ..؟
              ردت منال بحده : من وين يعني .. اكيد من شغله ..!
              صبت شادن فنجال قهوة وخلعت البلوفر حقها لأن الغرفة فيها دفاية كهربائية وبثت الدفى في المكان ..!
              قالت : منال مدي عليّ شنطتي الصغيرة وراك ولاعليك امر .
              مدت منال شنطتها وفتحتها شادن ..
              سوت لها ميك اب خفيف وكحلت عيونها وحددت شفايفها ولونتها بروج لحمي من شانيل ..!
              سمعت صوته يناديها واخذت عطرها بخت عليها بختين وفتحت شعرها وخرجت له ..
              وصلته وهي تمشي بهدوء قالت : هلا عماد ..
              مد عليها شماغه وعقاله وهو ساكت ويحاول يتجاهل شكلها ..
              قالت بدلع : وين احطها ..؟
              رد عليها وهو يرفع حاجبه ويقلدها : وين احطها ..
              تكلم بجديه : حطيها بأي مكان المهم لاخربط بينها وبين شمغ العيال ..
              اتسعت ابتسامتها قالت : ترى شفت غرفتك وحرمتها على البنات ..
              طلعت المفتاح من جيب بنطلونها قالت : خلاص صارت لي .
              اكتسى وجهه حرارة واعتلته قشعريرة وحس بارتباك قال : خذيها حلال عليك .. وروحي جيبي لي قهوة بشرب لي فنجال مع جدتي واحمد هنا .
              هزت راسها بتمشي ورجعت قالت : بتتقهوى هنا .. ليه ماتروح للمجلس عند عماني ..؟
              : وليه ماتقهوى هنا مع جدتي واحمد ..؟
              : بصراحه .. البيت هنا كله حريم وماني مستعده اتهاوش مع وحده منهم اذا شفتها ..
              رفع حواجبه باستغراب قال : لاوالله ..؟ كل هذي غيرة ..؟
              ردت بسرعه ووجها يشتعل حمرة خجل : ماتبغاني اغار عليك ..؟
              امتدت يده بسرعه ومسك يدها قال : تعالي .. وش سالفة حركات الدلع هذي ..
              طالعت وراها بتشوف اذا احد منتبه لها ولا لا قالت بضحكه : والله مو دلع بس مبسوطه .
              سحبها بيدها لحد ماوصل باب الغرفه حقته القريبة من قسم الرجال قال : افتحي الباب .. بسرعه لحد يشوفك .
              طلعت المفتاح من جيبها وسحبه منها وفتح ودخلها قدامه ودخل ..
              سكر الباب بالمفتاح قال بلهجة امرة : اجلسي .
              جلست وهي متوترة ومرتبكه وخايفه من اللي بيقوله ..
              قال : شادن انتي تستفزيني ببرودك هذا .. ولا ماعندك احساس ..؟ ولا ناوية تنتقمين مني بطريقة خبيثة .
              فزت ورفعت يدها تسكته قالت : عماد اش هالكلام .. ليه تقول كذا ..
              اخذ يدينها ولثمها بلهفه قال : مابيك تضيعين عمرك معي .. ومابي اضيع معك اكثر من كذا ..؟
              ابتسمت له بتودد ورعشة الخجل والارتباك تسري بجسدها وتوترها اكثر قالت : عماد لاتقول كذا الله يخليك ... اش رايك نطلع نتمشى بالمزرعه .
              هز راسه قال : يالله طالما ان خوالي والعيال نايمين البسي عبايتك ..!
              ردت : حتى داخل كلهم ناموا الا البنات .
              قال وهو يطلع من الغرفه : بمر على جدتي ووليدها اخر العنقود من يوم جا وهو لاصق فيها ..
              ضحكت قالت : بجيب عبايتي وجوالي .. لحظة بس .
              راحت لمجلس الحريم وقابلت منال وهي خارجة من المطبخ وتناديها : شادن ... شدونه .
              وقفت لها غصب قالت : هلا .
              مدت عليها كاسة عصير قالت : امسكي بالله بلف شعري بهذلني .. كملت منال وهي تلف شعرها الطويل .. : اش رايك نروح نتمشى حنان نامت وخلتني مع مرة عمي اللي تجيب المرض وعمتي فوزية عليها طولة بال عمري ماشفت مثلها . ياربي مادري كيف تتحملها .
              قالت شادن : ماعليه منال خليها مرة ثانية الحين بطلع انا وعماد .
              زمت منال شفايفها ولفت للمرايه تطالع بشكلها وتزبط الخصلة الكثيفه اللي نزلتها على كتفها ..
              تسمرت بمكانها وارتجفت يدها وصوت ليلى وهي تتكلم يخترقها لحد العظم ..
              هزها وقلب لها حياتها رأساً على عقب ..!
              السعادة اللي عاشتها قبل شوي صحتها منها ليلى على كابوس مرير ..
              وقفت على الباب وليلى تتكلم وفوزية تكذبها وتوبخها وتدافع ..
              وطاحت الكاسة من يدها وتحول الزجاج لشظايا اختلطت بالعصير ..!
              وقفت فوزية وشافتها فاتحه عيونها وفمها بذهول ..
              وانطلقت شادن تجري لغرفة عماد ..
              قفلت الباب قبل توصلها فوزية ..
              قالت فوزية : شادن افتحي الله يخليك لاتقلبينها مشكله ترى ماعندها سالفه ..

              نهاية الفصل الخامس عشر..

              تعليق

              • *مزون شمر*
                عضو مؤسس
                • Nov 2006
                • 18994

                #87
                الله يعطيكِ العافيه
                ننتظر تكملت الروايه

                تعليق

                • Loli.
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 5514



                  • أيـــام .. كانت أيام :(


                    تليغرامي للإقتباسات
                    اضغط هنا


                    .

                    شيخة قلبه سابقا

                  #88
                  تكملتها الله يخليك

                  اسفه على المتأخر

                  تعليق

                  • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
                    عضو ماسي
                    • May 2009
                    • 708
                    • .
                      .
                      .


                      .
                      .
                      .


                    #89










                    فصلٌ سادس عشر

                    ~~ صرخة شعور ~~


                    في قسم الرجال ..
                    حزة العصرية ...
                    اجواء الطايف في فصل الشتاء ..
                    غيم وبرد ..
                    وبرده صقيع ..
                    واقف على باب المجلس اللي يطل على المزرعه مباشرة ولابس دقلة ثقيلة ( الدقلة جاكيت طويل لأسفل الثوب وأقمشته متعدده اما ثقيله او خفيفه ) ومتلثم بشماغه ..! ومدخل يده في جيبه .. بين كل فترة وفترة يضم على المنديل اللي لفه بعناية وحرص عليه ..!
                    وطلع يمشي في المزرعه بيختلي بنفسه وبالمنديل واللي فيه ..
                    ماعتاد على الأجواء الباردة لأن جده شتاها ربيع وباقي فصولها حرارة ورطوبة ..!
                    من الظهر ماقدر يتكلم ولايركز وتفكيره منشغل بشي واحد ..
                    طلع المنديل وفتحه بحذر بعد ماحس بالأمان ان ماحوله عيون تشوفه ..
                    وتأمل اللي بداخله دقايق كادت تطول لولا صوت عمه اللي قصرها وهو يناديه ..
                    قال : نايف وانا عمك تعال ارقد مع العيال .. تراهم بيسهرون ويقعدون يشوون ويلعبون للصبح بس الصلاة ياوليدي لاتفوتك .. ترى الصلاة على المؤمنين كتاباً موقوتاً لابد نصليها على وقتها ..
                    اعاد نايف المنديل بسرعه لجيبه وهو مرتبك وكأنه جاني ومرتكب له منكر وخايف احد يكتشفه قال : هلا عمي .. ها .. مافيني نوم .. بجلس معك .. الا عمي فواز نام ..؟
                    رد ناصر وهو يمشي وفي يده عصا ورامي نظره لاخر المزرعه الكبيرة ويتشوف للنياق اللي طلعت تاكل من العلف المنثور قدام شبكها ..
                    قال : ايه رقد ومابقي غير انت .. وحتى عماد واحمد يمديهم رقدوا عند امي بس روح وانا عمك وارقد مع العيال .
                    : ماني نايم ومخليك لوحدك .. بجلس معك .
                    : لايابوي ماعليك مني انا رجال ارقد بعد صلاة العشا واقوم مع صلاة الفجر .. وانتم شباب وسعوا صدوركم واسهروا واستانسوا المهم لاتلتهون عن صلاتكم وانا عمك ..
                    حاول نايف يعترض بأنه مافيه نوم وان وده يجلس معه بس ناصر حسم الموضوع ب : والله لتدخل وترقد مع العيال ولاتهتم لي .. انا بروح اشوف النياق والحلال واعود اقعد مع عجوزي داخل البيت .
                    لبى نايف حلفان عمه ودخل للمجلس والثاني توجه للنياق اللي شوفها بالنسبه له يشرح الصدر ويسره ..!


                    ***


                    دخل غرفة جدته القريبة من غرفته ..
                    احمد منسدح ومسند راسه على التكاية ومغطي وجهه بشماغه وشكله نايم ..
                    وام ناصر متمدده في فراشها وتسبح وتذكر الله بصوت واطي والتعب ماخذ منها مأخذ ..
                    شافت عماد يدخل قبل لاتغفى عينها قالت بصوت مرتخي من تأثير النوم اللي بدت بوادره تتسلل لجفونها وتكسل جسمها : هلا ياوليدي ادخل وتسان ( كان ) ودك تاخذ لك غفوة انسدح عند احمد ...
                    رد عليها : لا ماعندي نوم .. كلكم صاحين بدري الا انا ومرتي .
                    قالت ام ناصر بصوت اوضح : ياوليدي مرتك مافكت يدها من يوم جات يمديها رقدت من زود التعب وانت اخذ لك غطة مع الخلق اللي رقدت .
                    جلس بجنب جدته والتفت على احمد قال : ماعندي نوم هالوقت بس هذا ورى مايروح لاخوانه يومه مقابلتس من يوم جا .. حتى الغدا بالقوة جا يتغدى عندنا .
                    تنهدت ام ناصر بحب واطمئنان قالت : الله لايحر قلبي عليه .. خله يقعد عندي اشبع منه ويشبع مني .
                    ضحك عماد بصوت واطي قال : اجل هذا يشبع .. الله يعافيه بس لو يسمع كلامي ويتزوج يوم الدكاترة يقولون ماعنده مشاكل ويجيه عيال يشغلونه عنتس كان ابرك له .
                    هزت ام ناصر راسها باستسلام قالت : والله ماخليت عنه شي ... خص انه مهوب مرتاح مع مرته ويقول ان مايمر يوم الا وهو متهاوشٍ معها .
                    : هههههههههههههههه راعية الكبتشينو هذي ....
                    قطع كلامه على صوت فوزية وهي تنادي شادن بلهفه وفز بسرعه ..
                    ..
                    كانت فوزية تدق الباب وتنادي : شادن افتحي يابنت الحلال .. انتي من عقلك تصدقين هالمهبولة .. شادن والله هذاني احلف لك انها تكذب وماعندها سالفه، شادن افتحي خليني افهمك ، شادن ، شادن .. اسمعيني بس .. انا اعرف ليلى واعرف عماد .. ليلى نذله وعماد مستحيل يغلط على احد مو عليك انتي زوجته وبنت خاله ....
                    وقف ورى فوزية قال بصوته الثقيل والحاد والامر : فوزية .. ! وش فيه ..؟
                    رمقته فوزية بنظرة عتب قالت : مادري عنها اسألها وتقول لك ..
                    انسحبت فوزية من المكان بحضوره
                    ورجعت لليلى الجالسة بكل غرور وبرود ولؤم وهي تتصفح جوالها وترسل منه مسجات وتستقبل والابتسامه على شفاهها كل ماوردت لجوالها رساله ..!
                    قالت فوزية بعصبيه وانفعال وحواجبها معقوده : انتي ماتخافين ربك ، ماتستحين على وجهك ، صدق انك قليلة ادب كيف تتبلين على الرجال وتقولين عنه هالكلام .
                    عضت على شفتها السفلى بمحاوله منها انها تخفي ابتسامتها اللي صنعتها الرسالة اللي وصلتها ..
                    قالت : وانا وش قلت ..؟ ماقلت الا اللي سمعته ..!
                    : كذابه وستين كذابه ..
                    قالت منال اللي دخلت بعد فوزية : عمتي وش فيه ..؟
                    غمضت فوزية عيونها وفتحتها قالت : مافيه شي ..! الا اختك وينها ماشفتها من بعد الغدا .
                    : حنان نايمه مع امي وخالتي ام نايف وحليمه ... عمتي بالله تقولين لي وش فيه ... وشادن ليه رمت كاسة العصير من يدها وراحت تجري ..
                    طالعت فوزية في ليلى قالت : شادن سمعت العله هذي وهي تتكلم عليها هي وعماد .
                    وقفت ليلى قالت : حدك عاد يافوزية تراك تلطشين بالكلام من يوم جيت انا ماقلت الا الصدق .
                    طالعت منال فيها بنص عين قالت : حقتس وماجاتس نصه .. لاتحسبين حنان ماقالت لي عن جوالتس وخرابيطتس الوسخه .
                    رفعت ليلى راسها قالت : اصحي ياماما الناس طلعت من الحفر اللي انتم عايشين فيها ووصلت القمر وانتي واختك قلبتوا الدنيا على راسي عشان شي تافه .
                    التفت فوزية على منال قالت : وش شايفه حنان ..؟
                    انفتح شعر منال الطويل بحركة سريعه ماقدرت تسيطر عليه بسرعه قالت بتأفف وملل من شعرها وليلى : خليها هي تقول لتس ياعمتي انا انزه لساني عن وسخ حرمة اخوتس .
                    عضت فوزية على شفتها السفلى قالت : الله يفشلتس هذا ومالتس الا يومين قلبتي الدنيا ..
                    قالت منال بهمس : عمتي روحي لعماد يناديتس .
                    طلعت فوزية من غير ماتتكلم وشافته على باب البيت قالت : مافتَحَت ..؟
                    قال عماد وهو يعدل فروته على جسمه ويلف شاله الصوف على راسه : البسي لتس شي ثقيل واطلعي معي برا علميني وش صار لها ..!
                    كررت فوزية سؤالها باهتمام : هي مافتحت لك ..؟
                    : لا .
                    قالت فوزية وهي تحاول تهرب من عماد ومواجهته اذا سألها عن شادن : ماعليه عماد ماقدر اطلع فصولي تعبان وبيصحى وماعنده احد ..
                    : زين .. وش اللي صاير ..؟ قبل شوي وش زينها ورايحة من عندي تجيب عبايتها كنا بنطلع انا وياها ..؟
                    : اذا طلعت اسألها وتكفى لاتدخلني بينكم خذ من راسها لراسك .
                    هز راسه بحيرة واعطاها ظهره طالع برا البيت وهو يتمتم : يصير خير ان شاء الله .
                    وده يروح يشوفها ويلمس جروحها
                    ورغبته بالهروب تحفزه انه يركب سيارته ويمشي لجده ويلتهي بشغله وشركته وارقامه وحساباته ..
                    بس وجود احمد وتجمع اهله في المزرعه يعيقه عن البعد ..
                    وسبب ثاني واضح ويحاول يبعده ويتجاهله..
                    هو انها صارت في حياته شيء اساسي صعب يستغني عنه ..
                    توجه لخاله في اخر المزرعه وهو يلف الشال على وجهه عن الهواء البارد اللي يلسعه فيه ..!


                    ***


                    دخلت عليها امها بزبدية صغيرة فيها خبز بر مقطع لقطع صغيرة ومفروك باللبن والسمن ..كوجبة مشبعه ومريحة لمعدتها اللي اخر عهد لها بالأكل قبل يومين وكان حبة شابورة مع كاسة حليب ماكملتها ..
                    جلست ام نوف بجنب نوف بعد صلت المغرب وتمددت على فراشها
                    قالت الام بلهجة حانية : يمه نوف .. قومي يابنيتي اكلي لتس لقمةٍ(ن) حارة ..
                    وصلت الريحة الشهية لأنفها وحست ان معدتها تحثها على الأقتراب والأكل ..
                    بس العدائية الغريبة تجاه رغباتها وقفت بينها وبين الأكل وريحته ..
                    قالت بعناد وعصبيه : مابيه ولاتغصبيني على شي مانيب ماكله .
                    ردت امها بتعب : يانوف اكلي ترى عنادتس مهوب نافعتس واللي صار صار وابوتس يقول ان ماتحسنت حالتها تراني خليتها تعرس في العيد .
                    حطت يدها على صدرها ونبضات قلبها تزيد وهي تتخيل حمود وتتذكر شكله ..
                    قالت : والله ما اخذه لو اذبح عمري انا علمتكم وانتوا غصبتوني عليه . .. وترى ذنبي في رقبة ابوي .
                    نزلت دموعها سيل وسيرة الزواج تتراءى قدامها واقع ..
                    " مابيه .. مابيه .. ياربي اخذني قبل اخذه .."
                    سحبت بطانيتها واندست فيها وغاصت بمخاوفها وهلعها وتخيلاتها المؤرقة ..
                    قامت امها وهي تردد "لاحول ولاقوة الا بالله " بيأس وخوف وقلق ورجا وترجي ..
                    وطلعت لزوجها تبي تشكي له حال بنتهم بكرهم واول فرحتهم لعل وعسى انه يتحرك ويشوف لبنته صرفه وحل وعلاج . .
                    قابلتها نورة وهي طالعه من عند نوف قالت : ها يمه وشلونها ماكلت ..؟
                    هزت امها راسها بيأس وقلة حيلة قالت : لاوالله عيت .. ادخلي ادخلي شوفي وجهها اصفر ولا يتهيّا لي .
                    قالت نورة بمرار : شفته يمه اصفر وعيونها تروع .. ان ماكلت خلي ابوي يوديها لمستشفى قبل لاتموت عندنا من الجفاف و الجوع ..
                    هبدت امها على صدرها وتعدتها بخطوات واسعه لابوها ..
                    كان جالس يتقهوى والعنود تسولف عليه وهو يسمع لها باصغاء ..
                    : يبه انت ليش موب مثل عماد يوم بيته وش كبببببببببره وفيه العاب وفيه درج وكله قزاز المرايا وش كثرها والطاولات في كل مكان والمطبخ مثل اللي نشوفه في التلفزيون .
                    : يابنيتي عماد رجالٍ درس وتوظف ورزقه ربي وعنده فلوس مهب مثلي ...
                    قاطعته ببراءه : حتى انت عندك فلوس .. انا شايفةٍ(ن) في صندوقك الحديد مية ريال وخمسينين ..
                    كانت تحرك اصابعها بحماس وكأنها وصلت لأعلى الارقام وهي تقول مية ..
                    ضحك ابوها منها قال : وانتي وش خلاتس تفتشين صندوقي ......
                    قاطعته ام نوف وهي تحث خطاها لجلسته في زاوية الصالة الدافيه واللي تحيد عن الباب والهواء البارد ..
                    قالت : ابو نوف ترى بنتك اهلكت عمرها بعمرها .. لها ثلاث ايام مادخل بطنها الزاد .. الدبرة وش وانا اشوفها تهلك قدام عيني .
                    نزل لافي فنجاله وتنهد بصوت عالي وذكر الله : لا اله الا الله .. هي وراها تسوي فينا هالسواة .
                    : نورة تقول لازم نوديها مستشفى ولا تراها تبي تموت من الجوع والجفاف .
                    عدل جلسته قال : دواها مهب عند الدكاترة .. دواها عند مسفر ولا خليت حمود ياخذها الاسبوع الجاي ويعالجها بمعرفته .
                    انطلقت العنود تجري مثل البرق بدون ماينتبه لها احد ودخلت على نوف المتغطية ببطانيتها ونورة عندها تحاول تبثها شيء من التفاؤل بالنصايح والتذكير ..
                    قالت العنود بلهفة .. : نورة نورة .. ابوي يقول بودي نوف لمسفر ولا خليت حمود ياخذها الاسبوع الجاي .
                    صفقت بيدينها وسط ذهول نورة وكملت : ياويلي ماشتريت لي فستان لعرس نوف .. مايمدينا ... بس باخذ من عند شهد فستانها الكبير الابيض اللي فيه ورده كبيرة على صدره .. هي تقول وسيع عليّ ومابيه .....
                    رفعت نوف بطانيتها قالت بصوت ضعيف : نورة طلعيها ولا تراني ذبحتها ثم ذبحت عمري بعدها .
                    قالت نورة : اطلعي يالعنود ولا ترى ابوي بيوديتس لمسفر ..!
                    طلعت العنود بنفس سرعتها اللي دخلت بها وقامت نوف وجلست ..
                    نظرها شارد وعيونها زايغه وهي منهكه وتعبانه قالت بهمس : كل شي يهون مع مسفر يانورة ..
                    قطعت كلامها والدموع تنزل من عيونها قالت نورة : ماتبين مسفر ..؟ هاقومي واجلسي مع امي وابوي اللي قطعتي قلوبهم عليتس .. واكلي وخافي ربتس تراتس تذبحين نفستس وهذا مايجوز .
                    هزت راسها بلا قالت : اذا طلقني العله هذا اقوم واسوي اللي يبونه .
                    ردت نورة بحده : واذا طلقتس ..؟ وش بتسوين من بيتقدم لتس اصلاً ولا تبين تقعدين عاله على امي وابوي طول عمرتس وتحيلين بيننا وبين الزواج .
                    تاهت نظراتها في الغرفة ..
                    محد فاهمها ..
                    انا خلاص مابغى شي اسمه زواج
                    حتى عماد لو تقدم لي ماراح اوافق عليه
                    طابت النفس منه
                    وعفته يوم عيا يخلي فهد ياخذني ودف حمود عليّ عشان يفتك هو ولد خاله منيّ ..!
                    مايبيني حتى لولد خاله .. اه .
                    وقفت وهي تحس بدوخه والأرض تحوم بها والغرفه تظلم في وجهها ..
                    قالت نورة وهي تشوفها تاخذ عبايتها وطرحتها : بسم الله الرحمن الرحيم .. وين بتروحين ..؟
                    همست ببرود : بروح اتوضأ واطلع امشي في الحوش .
                    : تمشين بعبايتس ..؟
                    : بردانه ومابي اللحاف وماقدر البس شي ثقيل .
                    هزت نورة اكتافها بشك وهي تراقبها الين اختفت من امامها ..
                    عدت من عند امها وابوها اللي لازال محور حديثهم زواجها هو بت فيه وانتهى امره وهي تحاول فيه يتريث وينتظر لين تتعافى وتظهر من حالتها ...!
                    لمحتها العنود ووقفت وراحت تمشي وراها على اطراف اصابعها اللي اعتادت الأرض والفتها ..
                    طلعت نوف مع الباب وصكته بقوة من دون ماتشوف العنود او تنتبه لها ..
                    ورجعت العنود تجري لنورة قالت : نورة نوف وين راحت ..؟
                    فتحت نورة كتاب لاتحزن لعايض القرني اللي استعارته من وحده من زميلاتها .. قالت : للحمام وتبي تتمشى في الحوش .
                    : لا نوف طلعت برا .
                    سكرت نورة الكتاب بقوة وفتحت عيونها قالت : قولي والله ..
                    حطت العنود اصبعها على حلقها بالعرض قالت : الله يقص رقبتي كان كذبت .
                    فزت نورة وراحت تتأكد مالقت لها اثر لابالحمام ولا بالحوش .. وراحت لابوها تجري قالت : يبه نوف طلعت برا ..
                    عدت من عندهم واخذت عبايتها ولفت طرحتها على راسها وانطلقت تجري بالشبشب حقت البيت .. وامها وابوها وراها ..
                    قال ابوها بصوت عالي : اصبري يانورة يمكن انها عند بيت عمتس .
                    اشرت نورة بيدها وهي تقول : يبه نوف تعبانه بالمرة .. بلحقها واشوف وين راحت .
                    الوقت بعد المغرب ..
                    والليل بدا يخيم ..
                    والنور شبه معدوم في طرقات القرية الا من ضوء القمر والنجوم ..
                    لمحت الحرمة من بعيد وهي تمشي بسرعه ومتوجهه للمزرعه حقت ابوها وعمها .. واللي تبعد عنهم حوالي نصف كيلو متر وماتفصل بينهم الا مسافه خالية من المباني ..
                    رجعت لابوها اللي يمشي وراها قالت : يبه راحت للوادي ..
                    رد لافي الرجل الكبير في السن والوحيد بلا ولد يسنده ويعزه قال بقلة حيلة : الحقيها وانا ابوتس .. رديها مالها روحة هالحزة ...
                    صرخت امها وهي تحط يدها على راسها قالت : ياويلي ويلاه على بنتي ... البير البير يابو نوف .. الحق بنتك تراها ماتفك الموت من فمها لها كم يوم .
                    فتح فمه بين الشيب اللي يكسو شنبه ولحيته قال : انا ماشوف زين هالحزة روحوا علموا غازي وولده يجوني ..
                    قالت نورة لابوها : لايبه لاتعلم احد بس عطني مفتاح سيارتك .
                    عطاها المفتاح وهو يقول : اجل روحي يالعنود علمي حمود يلحقنا ولا يعلم احد اخاف انها طاحت في البير ومانقدر نظهرها ..
                    ركب بجنب نورة اللي تعلمت السواقه من زمن لأن ابوها احتاج وقفتها معه اكثر من مرة ..
                    اذا ضاعت الغنم ..!
                    اذا بغى موية من مكان بعيد وماله قدرة على السواقه ..!
                    واذا احد احتاج شي من قرية بعيد في الليل خلاها تسوق وهو بجنبها لين يوصلون للمكان اللي يبيه ..
                    شغلتها وبسرعة البرق داست على بنزين الونيت وتحركت ووجهتها للمزرعه ..
                    تشوفت لنوف ماعادت تشوفها ..
                    قالت بصوت عالي ..: نوووووووووووف ..


                    ..

                    يتبع,,,

                    تعليق

                    • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
                      عضو ماسي
                      • May 2009
                      • 708
                      • .
                        .
                        .


                        .
                        .
                        .


                      #90


                      وعلى باب بيتهم
                      كان واقف ويدخن بشراهه .
                      يفكر بحياته وشلون يبداها مع نوف وهو يدري انها رافضته وماتبيه ..
                      ياترى ليه كارهته وهو اللي يحبها من صغره ويودها من بين بنات خواله وخالاته ..
                      بنى احلامه معاها وعليها ولأجلها ..!
                      التفت للعنود وهي تجري بسرعة اعتادها وتعود عليها ..
                      ورجع سحب نفس عميق من سيجارته اللي ماعرفها الا بعد رفض نوف له للمرة الأولى ..
                      اخيراً وصلته وهي ترتجف وعيونها متجمد فيها الدمع ورافض ينزل ..
                      قال بخوف على العنود وشكلها المرعوب : عنود علامتس وش جايبتس هالوقت .. عمي فيه شي ..
                      قالت وهي تلهث : ابوي يقول الحق على نوف طاحت في البير .
                      رمى زقارته من يده وفز من مكانه قال بعدم استيعاب : وش تقولين ..؟
                      ارتجفت العنود وشبكت يدينها في بعض قال بارتباك : طاحت ، طاحت ، طاحت .. تبي تطيح .. راحت للوادي وامي تقول ودها تموت .
                      راح بخطوات واسعه اختصرها للنصف وركب سيارته وشاف العنود تتعثر بخطوتها والخوف بدا يشلها ..!
                      قال : تعالي لاتخافين اركبي معي .
                      ركبت معه وانطلق باتجاه المزرعه ..
                      يايلحق يامايلحق ...!




                      ***

                      جلس مع خاله ناصر بعد المغرب والكل نايم ..!
                      قام ناصر وهو يردد : جيل الله يهديه بس .. لاصلاة ومقام ولا حياة مع الناس ..
                      ابتسم عماد وهو يصب له حليب نياق في كوب كبير قال : هذا وانت اللي مقومهم ينامون عشان يسهرون .
                      رد ناصر بعصبيه : قومتهم يكسرون عنهم ويرقدون ساعة ساعتين موب النهار كله ويتركون طاعة ربهم .
                      اخذ كاسة فيها مويه وصب في يده منها قليل رشه على بندر اللي تحرك على طول وجلس وهو يقول : قمت قمت ترانا بردانين وانت زدتنا بالماء البارد اللي يخليك لي .
                      تكلم ناصر بعصبيه وزعل : قوموا صلوا خافوا ربكم .. لاعصر ولا مغرب .
                      جلس نايف وهو مغمض وحاط يده على حلقه قال : عمي لاترش الموية عليّ الظاهر اني محموم وحلقي ملتهب .
                      تغيرت لهجة ناصر لحنية واضحه قال : والله ..؟ هاقوم وانا عمك صلّ العصر والمغرب وانا برسل خالد يجيب لك ليمون وبندول من عند الحريم .
                      وقف نايف بلبسه الفنيله البيضا والبنطلون الابيض العادي قال عماد الملتحف بفروته : نايف ارجع خذ لحاف ترى الجو بارد عليك .
                      رجع نايف واخذ جاكيته وشماغه وطلع للحمام اللي يبعد عن المجالس بمسافه قصيرة ..!
                      واستمر ناصر في محاولته بتصحية فهد وبندر واحمد ..
                      قال لبندر اللي رجع ينام : بندر تبي تقوم ولا صبيت الما على راسك ..
                      وقف بندر بسرعه وطلع بدون لحاف ورجع جلس قال : نايف في الحمام ... والبرد برا يقطع القلب .. خلني انسدح لين يجي .
                      رجع ناصر وجلس قال : والله ماتنسدح .. اجلس لين ولد عمك يطلع ثم روح ادخل بعده ..
                      جلس بندر على التكاية وسحب بطانيته غطى بها ظهره وغمض عيونه بقهر وسند براسه على الجدار وراه ..
                      قال ناصر : لا ترقد وانت قاعد .. قوّم اخوك وعمك ..
                      مد بندر يده على بطانية فهد وسحبها بقوة عنه وفز فهد جلس قال بصوت عالي وعصبي : صاحي انت ولا مجنون انا ماقلت الف مرى لحد يرفع اللحاف عني وانا نايم .
                      رد بندر بمزاج سيء : ابوي ابلشني يقول قومه .
                      : ابوي ماسحب لحافي تجي تسحبه انت .. اقسم بالله لوعدتها يابندر لتشوف شي مايسرك .
                      تكلم ناصر بصوت عالي : انتم ماتخافون ربكم .. قوموا صلوا .. المغرب راح وقته وانتم مجيفين عندي من كثر النوم ..
                      قام احمد وجلس قال : الله يخليك لي يابو فهد انت ماتغير هالعادة ابد .. ترى النايم مرفوع عنه القلم .
                      : مرفوع عنه القلم اذا صار ماعنده احد يقومه لكن ذنبكم في رقبتي ان ماقومتكم .
                      كان جالس معهم بجسده وتفكيره بعيد ..
                      عندها وبين افكارها وهواجيسها تايه ومايدري وين يرسي ..
                      تذكر كلامها " ماني مستعده اتهاوش مع وحد من البنات اذا شفتها "
                      معقول زعلت لأني شفت ليلى الظهر ..
                      عز الله بتزعل كل يوم اجل
                      ليلى من يوم اخذت احمد وانا اشوف وجهها كل يوم ..!
                      ارتسم على وجهه طيف ابتسامه ساخرة ..
                      " هالخبلة لاتكون تغار من ليلى وهي ازين منها بمليون مرة "
                      مسك جواله ودق على فوزية ووقف طلع برا عن هواش ناصر لفهد واحمد ..
                      ردت عليه فوزية وقالت على طول : هلا ياعماد ماطلعت ومارضت تفتح .. خلها متى ماطلعت تكلمها .
                      : انا ابي اعرف وش صار لها بالضبط .
                      : مادري عنها اذا شفتها اسألها وحلوا مشاكلكم بينكم .
                      : اها يعني انا في الموضوع .
                      : بصراحه انت اصل الموضوع ..
                      التفتت فوزية على ليلى المشغولة بجوالها ورسايلها قالت : مرة خالك ماقصرت نشرت الغسيل ..
                      عقد حواجبه قال : وشووو ..؟ وش تقولين انتي ..؟ أي مرة خال فيهم .
                      : مادري عنك اللي انت تعطيه اخبارك واسرارك اول بأول .
                      عض على شفته قال : زين زين .. يالله مع السلامه .
                      قفل جواله ودخل لخاله اللي لازال يهاوش فهد ويجاهده للقومة من النوم ..
                      قرب عماد من فهد ولكزه برجله قال : استح على وجهك وقوم اذا منت خايف من ربي قوم عشان ابوك اللي رفعت سكره وضغطه .. فهد ..
                      رفع صوته اكثر : فههههههههد .. يالله قوم فز .
                      زفر فهد وقام جلس ومسد وجهه قال : الحين انتم وش تبون مني صلاتي وبيني وبين ربي وش اللي حاشركم .
                      رد عماد بتوتر وعصبيه : اقول قوم بس وخاف ربك عليك فرضين ماصليتها والعشا على وشك .. قوم هذا نايف وبندر قاموا .
                      قرب من احمد المنسدح ومتكي على ذراعه قال : احمد مهوب خبري فيك تأخر صلاتك وش اللي غيرك ...؟
                      انسدح احمد على ظهره قال بتعب وهم وضح في لهجته : محد يبقى على حاله يابو مشعل .
                      شده عماد بيده بقوة جلس احمد على اثرها قال : اعوذ بالله بغيت تقطع يدي .
                      : فز قوم صل وتعال اجلس ابي سولف معي .. تراك من يوم جيت وانت مقابل جدتي محد شافك .
                      شد احمد شعره قال : امي وينها صدق .. تدري وشلونها .
                      قال فهد بسخرية : علمه علمه عن امه ماغير يداريها وتداريه من يوم جا .
                      رد ناصر بلهجة حادة : انت ماعند كبير ولاتحشم احد ..
                      وقف فهد ورمى اللحاف عنه وراح للحمام بعد ماشاف بندر يدخل متوضي بدون مايرد ولاينتظر بقية كلام ابوه ..!
                      قال ناصر لعماد : عماد وانا خالك ورى وجهك اليوم مهوب معجبني .
                      رفع عماد حاجبه وأطلق اهه قصيرة قال : قلة نوم ياخال .
                      : ورى مارقدت مثل اللي رقدوا للعشا يوم دينك ازين من دينهم وتهتم بصلاتك اكثر منهم .
                      : بصلي العشا وانام ان شاء الله . .
                      رجع التفت لاحمد قال بهمس : اللي هامك وشو ..؟
                      جلس احمد وثنى ركبه ولف يدينه حولها قال بملل : هامني حظي ونصيبي ياعماد ..
                      زفر عماد : كلن فيه خيره بس قوم واحمد ربك على النعمه . بس والله ياحرمتك تبي من يسنعها بالعقال .
                      قال احمد بملل : عندك اياها تراني ماقصرت استخدمت كل الاساليب ومامن جدوى .
                      وقف وحط فروة فهد على اكتافه وطلع وهو يقول : بروح اشوف امي واصلي عندها وان شفتها تبي الجية عندكم جبتها .
                      طلع احمد وعماد جالس بمكانه يتبعه بنظراته ويتأمل حال احمد اللي زاد تذمره من زوجته ..

                      وصل بالسيارة بسرعه ووقفها قدام المزرعه الصغيرة بمسافه قصيرة ..
                      ونزل منها بدون مايطفي محركها ..
                      انطلق يجري بلا اتجاه . .
                      كل مافيه ينطق بنوف ..
                      وصوته دوى بداخله لكنه عجز يطلع ..
                      كانت عيونه تحوف المكان وتاكل ارض المزرعه اللي مافيها الا عدد قليل من النخل وحشائش قصيرة تغطي الأرض ..
                      وصل للبير المسورة بشبك حديد من اجل لايطيح فيها انسان او حيوان يمر بالمكان ..
                      سمع نورة تجري بين النخل والمكان قد اظلم والنور معدوم ..!
                      اول ماوقعت عينها على حمود وهو متجمد قدام سور البير غطت وجهها بطرف طرحتها قالت : ماعتقد انها وصلت البير . سبَرْتها ( طليت عليها ) قبل شوي مافيها شي .
                      تجاوز البير من الجهه الثانية وشاف السواد المتكوم تحت النخله القريبة من البير وقرب منه واخذ نفس عميق لمن ادرك انها حرمه بعبايتها
                      قال باحباط وخيبة ممزوجة بفرحة نجاتها : روحي علمي عمي لقيتها .
                      وصلت نورة للمكان اللي يطالعه حمود وهي تلهث وتبكي ..
                      اول ماشافتها صرخت عليها : ليييش يانووووف ليش تسوين في امي وابوي كذا .... حرام عليتس خافي ربي .. ضمتها على صدرها بقوة والثانية ترتجف بذهول ..
                      قال حمود : وخري يانورة خليها عندي ..
                      ردت نورة وهي تحاول ماتحتك بحمود اللي ماشافها ولا كلمها من سنين طويلة : لا ياحمود لو سمحت خلها عندي وناد ابوي .
                      تكلم بلهجة امرة : نوف حرمتي يانورة .. روحي علمي امتس وابوتس انها بخير وانا بجيبها .
                      وقفت نورة منفذه ومستحيه من ولد عمها لاتراده بالكلام بس يد نوف اللي قبضت على طرف عبايتها بكل قوتها وقفتها بمكانها ..
                      جلست نورة مثنية ركبها قالت بهمس في اذنها ماقدر حمود يسمع منه شي : هذا حمود ولد عمتس بغى يموت عليتس .. دوري اللي يبيتس ولاتدورين اللي تبينه . قومي يانوف وتعوذي من ابليس .
                      همست نوف بخوف وهي تضم على معصم نورة بقوة : لاتروحين عني خليتس معي . انا اخاف ربي وماقدر اذبح نفسي .. بس مابي الحياة يانورة ..
                      قال حمود باستسلام : انا بروح اعلم اهلتس انها بخير هاتيها معتس بسرعه ولاتراني رجعت وجبتها غصبٍ عليها .
                      رجع بخطوات واسعه وسريعه وراح لابوها اللي تسمرت رجوله بمكان واحد وانتقل نظره من بقعه لبقعه وهو يتخيل زولها وهيئتها وصوتها في كل مكان تطيح عينه عليه ..
                      قال حمود : ابشرك ياعمي لقيناها تقول انها جاية تمشى وتغير جو .
                      ارتجفت شفايف الشايب فرح وقهر وحسرة قال : حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل .. هجدتنا الله يهجد عدوها .
                      ربت حمود على كتف عمه يطمنه قال : امش ياعمي معي اختها بتجيبها معها ..
                      هز لافي راسه قال : خلنا نبشر امها يمديها انفجعت المسكينه .
                      وصلت نورة وهي تسند نوف قال لافي : اقلعيها للسيارة الله يفرج لي منها عجل يوم ماخلتني اذوق النوم لي شهر واليوم بغت تذبحني انا وامها . حسبي الله عليها من بنت .
                      ركب حمود سيارته وهو ساكت ومنزل نظره للأرض وركب عمه معه ..
                      ونورة اخذت اختها وامها والعنود ووصلتهم للبيت ..
                      نزلت نوف بمساندة نورة وامها وراها تشهق وتبكي بمرار وتهمس لها : امشي فضحتيني الله يفضح عدوتس .
                      التفتت للعنود القابعه في السيارة بهلع وأسنانها تصك في بعض من سيرة فقد نوف ولا رمي نفسها في البير ..
                      قالت امها بلهفه : العنود علامتس يمه .
                      كان صدرها يلعو ويهبط وشفايفها مبيضة ووجهها باهت قالت برجفه : يم يم يمممه نووووف بغت تموت في الب البييير .
                      ضمتها امها وهي تتحسب الله وتدعي ان الله يحمي بنتها ..! قالت : نوف مافيها شي شوفيها بخير ياقلبي ..
                      هزت العنود راسها وهي بخوفها ودخلت مع امها اللي شالتها وهي ضامتها على صدرها ..!
                      دخل لافي بيته واستوقفه حمود ب : عمي ..!
                      وقف لافي بوجه يكسوه السواد قال : سم وانا عمك ..!
                      : سم الله عدوك .. ابيك تسمح لي اخذ حرمتي الاسبوع هذا .
                      رفع لافي راسه قال : ياولدي هي ماتبيك وانا غصبتها ...
                      قاطعه حمود : طلبتك ياعمي لاتردني وان شاء الله انك مانت بندمان .
                      هز لافي راسه قال بإذعان واستسلام : تعال بعد اسبوع واخذها خلها تجهز وانا عمك .
                      دخل حمود يده في جيبه يدور دخان وتذكر عمه ورجع طلعها قال : بكرة الظهر المهر عندك ان شاء الله ... انتبهوا لها ياعمي ولاتخلونها لحالها .. ويالله اسلم عليك .
                      سكت لافي واكتفى بمراقبته وهو يركب سيارته ويحركها بسرعه متوجه للطريق اللي يودي لخارج القريه كلها ..


                      ***


                      عدى عليها اليوم وهي في غرفتها ..!
                      نامت بعد العشا وماصحت الا على اذان الفجر ..
                      صلت فرضها وجلست على سجادتها والبيت هادي مافيه الا صوت جدتها وهي تسبح وتهلل وتذكر الله ..
                      استرجعت السالفه اللي سمعتها من ليلى ..
                      وحست بتشويش ذهني اعجزتها عن تحديد الطريقه اللي المفروض تتبعها ..
                      ليه هو اللي يقهرها وهي اللي تدور رضاه ..!
                      ليه هي اللي تتنازل وهو مايقدِّر ..!
                      ليه كل ماقالت فرجت ترجع تتسكر بوجهها
                      معقول ان النصيب هو اللي يفرض عليها اللي يصير
                      معقول ان حياتها مع عماد ماراح تستمر والعراقيل اللي تواجهها انذار بعدم الاستمرار ..
                      ومعقول ان عماد فعلاً مايبيها بحياته وانه كارهها ولايبي قربها ..
                      عقدت حواجبها ومسدت جبينها بتوتر ..
                      طيب تصرفاته غير
                      حتى امس كان مرة غير ..
                      زفرت ب : يارب .
                      وقامت طبقت شرشف صلاتها وسجادتها ورفعتها في الدولاب الخشب الصغير اللي يتوسط الغرفه ..
                      اخذت جوالها وفتحته وحصلت رساله من نايف .. ( اذا صحيتي دقي عليّ ضروري )
                      شهقت وهي تتخيل الكلام وصل نايف ..
                      ونايف مايتحمل عليها كلمة او اهانه ..
                      تخيلت عماد وموقفه قدامهم ..
                      بسرعه استبعدت الموقف اللي كرهته قالت بصوت سمعته : لاياربي ... لاياربي .. تكفى ياربي استر علينا ولاتفضحنا ولاتجيب المشاكل بين اهلي .
                      طلعت لجدتها وهي تضم على جوالها وشافت احمد طالع من عندها ..
                      حست بمغص في بطنها وهي تتذكر كلام ليلى وتتخيل صورتها قدام عمها .. وش يقول عنها ..
                      قال احمد والابتسامه على محياه : ياهلا والله .. حيا الله بنت اخوي النوامه .. وش سالفتتس انتي وزوجتس نايمين من بدري كأنكم دجاج .
                      ضحكت شادن مجامله قالت : عاد انا نايمه من العصر .. صليتوا في المسجد ولا لسه .
                      وبنفس ابتسامته قال : ماعندنا مسجد قريب بس صلينا انا والعيال جماعه .. على فكرة عماد تراه تعبان روحي شوفيه .
                      ارتعبت من الكلمه قالت : تعبان اش فيه ..؟
                      قبل لايرد احمد وصلهم صوت ام ناصر من داخل غرفتها تقول : احمد ياوليدي لاتروعها ..
                      نفضت راسها تبي تفهم وتستوعب قال احمد : مافيه شي بس القولون شكله تهيج عليه ..
                      ردت بلهفة : هو وين الحين ..؟
                      قالت ام ناصر : شادن تعالي يامي ..
                      دخلت عند جدتها قالت : جدتي عماد اش فيه ..؟
                      : مافيه غير العافية تو احمد جا من عنده يقول طيب .. ماغير قيلونه متهيج عليه وليله كله وهو يستفرغ .
                      بلعت ريقها بصعوبه متناسية الكلام اللي سمعته من ليلى ..
                      تفكيرها محصور فيه ،
                      وقلبها خايف عليه ،
                      ومشاعرها منصبه ناحيته ..
                      قالت : هو صاحي الحين ؟
                      رد احمد اللي رجع ووقف على الباب قال : مافيه شي يابنت الحلال يقول انه نسى علاجه وامس غداه كان دَسِم .
                      عضت على شفتها قالت : اجل بدق عليه الحين .
                      ردت ام ناصر : سوي له فطور وارسليه عليه تراه ماتعشى البارح معهم .
                      هزت راسها ورجعت دخلت المطبخ على نية انها تدق عليه وغايتها تتطمن على صحته ..!

                      ***



                      متمدد في فراشه الوثير ومغمض عيونه ..
                      ينتظر متى يجي الصبح حتى يروح يشتري علاجه اللي مايقدر يرسل احد يجيبه ..
                      سمع جواله يدق ورفعه يطالع من المتصل .
                      فتح عيونه وهو يشوف الشادن يتصل بك ..
                      حط الوضع صامت وعلى شفاهه ابتسامة تعجب ..!
                      "اكيد قال لها احمد اني تعبان وانشغلت بي ..
                      ياقلب هالبنت "
                      وقف تفكيره عنها وصوت جواله يدق مرة ثانية ..
                      ويعيد نفس الحركه ويحطه صامت ..
                      اهتمامها فيه يثيره ..!
                      يسبب له حالة انسجام غريبة ..!
                      يحس باحتواء عمره ماحسه ولاشعر فيه قبل يعرفها ..!
                      فيها جاذبيه تحسسه بانتماؤه لها غصب ..!
                      فتح الخط وهو يشوف اتصالها الثالث بإلحاح ...
                      قال بهدوء : الو ..
                      ردت بلهفه وزعل وحرج : هلا عماد .. كيفك الحين .. قالوا لي انك تعبان .
                      تنهد وهو يمسد شعره بيده اليسار ويده اليمين ماسكه جواله على اذنه قال : بخير .. انتي اللي وشلونك يالزعلانه .
                      عقدت حواجبها رافضة ذكرى امس وسبب زعلها قالت : انا مو مهم .. المهم انت قول لي كيفك الحين .. ؟
                      التفت على نايف وفهد وهم يتململون مافيهم نوم قال بصوت خافت : شادن تقدرين تطلعين برا ابيك شوي ..؟
                      ردت ببرود واحباط : بسوي لك فطور وارسله عليك .. ماقدر اخرج من العيال .. بس اذا تبغى شي قوله لي ارسله لك مع الشغاله .
                      : افا وين اللي تغار امس اشوف اليوم ماهمك وبترسلين الشغاله عندي .. ترى محد صاحي غيري .
                      امتلت عيونها دموع ..
                      وهي تتذكر خيبتها الكبيرة ..
                      هي اللي دايماً تلمح له وتبين غيرتها وطلع مايستاهلها ..
                      قالت بصوت مخنوق ولهجة السخرية واضحة بكلامها : ليه اغار وانا واثقه فيك ..!
                      حس بكلامها موجوع وقام عدل جلسته قال فهد وهو يرفع يده عن وجهه : ياخي ودك تغازلها لاتغازلها عندنا العزوبية ترى مايجوز .. قوم دور لك مكان فاضي ولا قابل عجوزك وغازل مرتك قدامها كود انها ترضى عليك تراها قبل يومين تشكيك لابوي تقول انك مهملها وماعليك منها ..
                      ابتسم عماد من فهد قال : الله يصلحك بس ..هذاني احاول فيك على بنت ابومشاري وانت معند ماتبيها ..
                      سمع شادن تقول بصوت عالي عكس لهجتها السابقه : ياسلام .. وخير ان شاء الله ليه يرفض سارة ..؟
                      رد عماد وعلى وجهه ابتسامه وهو يطالع في فهد : مايبيها يقول مطلقه ..؟
                      : واذا مطلقه ..؟ بعدين هو عرف ليه مطلقه عشان يرفضها ولا بس اسم انها مطلقه خلاص مايبيها ..؟
                      ضحك عماد قال : هههههههههههه والله يانتي شاطه عشان خويتك .
                      رد نايف بصوته المبحوح بفعل الزكام والتهاب اللوز : الله يعينك على شادن من بيفكك من لسانها والسالفه فيها سارة .
                      توسد فهد ذراعه وهو يسمع بكل دقه ..
                      يبي احد يفتح الموضوع من جديد ..
                      نفسه احد يقول لا انت غلطان ..
                      ترى مو مطلقه
                      تراها بنت بنوت ومحد مس منها شعره ..
                      يبي من يقول انك لو اخذتها بتكون اول رجل في حياتها .
                      تراءت له صورتها بلمحه امام ناظره ووغطى وجهه بالبطانية الناعمه وتنهد من عمق مشاعره الجديدة ..
                      وصله صوت عماد وهو يقول : بالله مادخل بها زوجها ..؟
                      رفع الغطا عنه منذهل وهو ينقل نظره بين عماد ونايف ..
                      طلع عماد برا وهو يكلم شادن المندفعه في هجومها على اعتراض فهد على صديقة عمرها ..
                      قال فهد : هذا وين راح ..؟
                      رد نايف : ماراح يفتك من شادن بسهولة اعرفها ..
                      جلس فهد وشد شعره المتبعثر على رقبته باهمال قال : نايف قوم سولف معي .
                      قال نايف وهو مغمض : والله يافهد ماقدر اتكلم من اللوز تبيني اسمع لك ماعندي اشكال بس اسولف صعب .
                      ثنى فهد رجوله ولف يدينه حولها قال : اسمع .. ابيك تقول لي كل شي عن بنت ابومشاري .
                      رد نايف : مو امس مارضيت تسمع مني .. اول ماقلت خلها تنسى سالفة طلاقها سكتني .
                      : ياخي انت تدري اني متهور وامس كنت طفشان من جدتك .. قوم قوم بالله علمني . .. هي صدق مادخل بها اللي طلقها وليه طلقها ومنهو ..؟
                      فتح نايف عيونه قال : كل هالأسئلة اجاوبك عليها .. اصبر لين اتعافى وابشر باللي تبغاه . الحين اسف .
                      سحب فهد اللحاف من عليه قال : وانا وش يصبرني لين تتعافى ..؟ فز كلمني .
                      جلس نايف وسحب البطانية ورجع تمدد وضم اللحاف عليه قال : خطبها واحد من جيراننا القديمين .. المهم ابو مشاري زوجه على اساس معرفته باهله والرجال طلع داشر ..
                      قاطعه فهد : داشر وشلون راعي مخدرات ولا بنات ولا وشو …؟
                      : شاذ والعياذ بالله .. المهم الرجال الحين في السجن واهل سارة رفعوا عليه قضية والمحكمة طلقتها منه .. خلاص ..؟
                      : لا مهوب خلاص .. هي … سكت ورجع يعيد صيغة السؤال بتروي .. اقصد هي ماكانت تبيه يوم تطلقت ولا اهلها غاصبينها .
                      جلس نايف قال لفهد بتفهم : اللي عرفته من اخوها وامي انها صلت الاستخارة وعافته وعافت سيرته ..
                      قاطعه فهد باهتمام : وانك تقول خلها تنسى سالفة الطلاق اكيد انها زعلت عشانه ..؟
                      : لا ماقصد انها زعلت .. بس شي طبيعي ان البنت طالعه من مشكلة خطوبة وملكة ثم طلاق والحادث ونفسيتها دمار اكيد ان الوقت مو مناسب الحين انك تفكر تخطبها .
                      حك فهد شعره وزم شفايفه قال بخيبه : صادق .. اخخخخ بس .. لولا سالفة الطلاق ذي كان يمديها هانت .
                      اخذ نايف علبة المناديل وسحب واحد مسح به خشمه قال : فهد ابعد عني لاعديك ..
                      اندس فهد في لحافه وهو يقول : نام نام بس قبل لايجي الظهر ثم ينكد ابوي علينا وحنا ماشبعنا نوم .


                      ***

                      وصل لبيت الشعر وهي تكلمه عن سارة وخالد وانها هي اللي طلبت الطلاق وعافته من سمعته وسلوكه الشين ..
                      قال وهو يعدي من وراه لشجرة التين الذابلة بفعل الشتا والبرد قال : اصبري اصبري .. انا وش ابي في سارة الحين .. قلعة فهد اخذها ولا ماخذها انا اللي عليّ سويته ونصحته وماقصرت عليه . خلينا فيك انتي . ماودك تشوفين المزرعه تراها اكبر من مزارعنا اللي في الديرة .
                      سرى بجسدها حرارة وفترت عظامها ..
                      ثنت رجولها وجلست في المطبخ وهي تحاول تثبت الخصلة المتمردة على وجهها بحرج وتوتر ..
                      قالت : بعدين اشوفها .. بلعت ريقها وكملت تبي تنهي المكالمة المتعبه
                      : طيب .. تبغى شي قبل ماقفل ترى المكالمة على حسابي وخلاص راح اوصل الحد الإئتماني .
                      لف شاله الصوف على راسه زين قال : وكم حدك اللي انتي خايفه توصلين له ..؟
                      : خمسمية ريال ..
                      : اذا قفلتي ارفعيه الحين لألف .
                      : لا ليه ارفعه .. بتروح كلها رسوم وانا ماكلمت ..
                      : اجل انا ماعلمتك ان الجوال بيشتغل في الديرة خلال شهر .
                      شهقت قالت : والله صادق ..
                      : ايه صادق ان شاء الله .. اقول شادن سوي لي فطور وجيبيه لبيت الشعر عجلي عليّ … انتظرك طيب .. ؟
                      عقدت حواجبها قالت : خلاص يجيك الفطور بعد شوي …
                      : ان كان بترسلين الشغاله لاتتعبين نفسك .
                      رفعت حاجبها الأيسر قالت بزعل : ماراح ارسلها . بس ماقلت لي تحس بشي الحين ..؟
                      ارتسمت على ملامحه ابتسامه لها عدة مغازي ..
                      فرحة باهتمامها ،
                      تعجب لسؤالها وهو شاك انه سبب زعلها ،
                      وناسة لأنها تغار عليه ،
                      والأهم لأنه راح يشوفها وهي تجيب الفطور ..
                      قال بمكر : ايه تعبان تعالي تطمني عليّ …
                      حاولت تلملم حروف ترد بها عليه ..
                      وتبعثرت كل الحروف ..
                      يرهقها باسلوبه ..
                      ويحرجها
                      امس جارحها وقاهرها ومع هذا تنقاد له وتتبعه وتدوره ..
                      ضاع الرد بين زوايا عقلها المرتبك وتفكيرها المتوتر واثرت السكوت ..
                      اتسعت ابتسامته لحرجها قال : زين زين يالله انتظرك لاتطولين .
                      رمت حاضر على شفتها وسمعها بهمس وقفلت ..
                      تحركت من مكانها حين وصلها صوت جدتها واحمد وهم يمشون في الصاله باتجاه باب البيت وطلعت لهم قالت : فين رايحين ..؟
                      ردت ام ناصر بهمه : بروح اشوف عماد اكلني قلبي عليه وانتي البسي جلالتس والحقينا شوفي رجلتس يحتاج شي .
                      ردت شادن بابتسامه حنونة ومطمئنة لجدتها : دوبني كلمته الحين وان شاء الله انه بخير .. بس بسوي الفطور والحقكم .
                      قال احمد : لاتسوين حليب ترى عماد وصى العامل يجيب له حليب نياق .. مادري وش سالفته مع حليب النياق اول ماكان يحبه ومن امس وهو طايح فيه .
                      ردت ام ناصر وهم يطلعون من الباب : ياوليدي حليب البل ( الابل ) زين وكله فوايد .
                      طلعوا من البيت وقابلوا ناصر اللي توه قام من المصلى المخصص في المزرعه يقرأ قران لين تطلع الشمس كعادته بعد كل صلاة فجر .


                      ***

                      صلت الفجر ووقفت على باب غرفتها تنتظره يمر بعد النقاش الطويل العريض اللي درا بينه وبينها ..
                      شافته ينزل بثوبه الابيض وشماغه وعقاله في يده قالت سارة وهي تحاول تثبت خطواتها بعكازها وتسيطر على مشيتها : مشمش .. استنى .
                      التفت عليها بعيون منفخه وصوت ثقيل من اثر النوم قال : سارة ماني رايق لك ..
                      ابتسمت وقربت منه قالت : يهون عليك تحسسني بالذنب وانا احس انك زعلان .
                      لبس طاقيته ورمى شماغه على راسه بمهارة قال : ماني زعلان ولا شي .. اصلاً انتي اش عليك فيني ازعل ولا مازعل .. خلي قراراتك تنفعك .
                      قالت بتعب من الوقفه : تعال خلني اكلمك .
                      رد عليها بحزم ولهجة حاده : موضوع امس انتهينا منه .. انا مو موافق اذا رأيي يهمك .. شوفي ابوي وامي شاوريهم .
                      : شاورتهم امي تقول عمل خير وتؤجرين عليه … وابوي يقول بكيفك وانتي حرة .
                      عطاها ظهره ونزل من الدرج قال بصوت عالي : وانا اقول لا والف لا .. تتركين وظيفتك وتشتغلين بدار الايتام ومجاناً لا .
                      وقفت على راس الدرج زامة شفايفهاقالت : ليش تمنعني من عمل الخير . .؟
                      : مامنعتك انا قلت رأيي .. عمل الخير تقدرين تخصصين جزء من راتبك لهم اعانه ، تبرع ، هدية ، صدقه ، سميها اللي تبين .. المهم مو تتركين وظيفتك وتقابلينهم .. فيه ناس متخصصه في المجال هذا .. وانتي ساعدي بالمادة ولك عليّ اوديك كل اسبوع لو تبغين .
                      وقف وطالع فيها زين قال : فكري .. لو تركتي الوظيفه واخذت مدرسة ثانية مكانك وراتبك اللي بيصير لها ماراح يستفيدون منه الايتام اذا مافكرت فيهم .. بس انتي لو عطيتيهم من راتبك راح يستفيدون … وترى لو توظفتي في الجمعيه مجاناً يمكن تقطعين رزق وحده من اللي يدورون وظيفه وتروحين عليها فرصة راتب اذا فيه متبرعه تمسك مكانها مجاناً .
                      طلع بعد كلامه وسكر الباب بقوة وهي واقفه على الدرج ..
                      مقتنعه ومحتارة ..
                      كلام مشاري مقنع لدرجة انها ممكن تتنحى عن الفكرة .. بس الرغبه بداخلها انها تقرب من الأيتام وتمد لهم يدها تمسح دموعهم وتمسح على روسهم وتضمهم تلح عليها بجنون ..
                      ورغبة ثانية هي البعد كلية عن جو التدريس والذكرى اللي راح تهاجمها في كل درس تحضره وتشرحه حتى وان غيرت مدرستها ونقلت من السبيل ..!
                      رجعت لغرفتها تمشي وهي تتركى على عكازها بتوجس وحذر خشية الطيحة وشادن في مخيلتها لو كانت فيه يمديها ساعدتها على التفكير ووجهتها الوجهه المقنعه اكثر .. اما أيدتها ولا منعتها بححج وأساليب مقنعه ..
                      ولو فاطمة .. زفرت باهه موجوعه ورفعت نظرها للسماء وابتهلت اللهم أرحمها وأسكنها فسيح جناتك
                      اللهم باعد بينهن وبين خطاياهن كما باعدت بين المشرق والمغرب
                      اللهم نقهن من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
                      اللهم اغسلهن بالثلج والماء والبرد
                      اللهم أبدلهن داراً خيراً من دورهن وأهلاً خيراً من أهلهن
                      اللهم اجمعنا وإياهن في مستقر رحمتك


                      ***
                      يتبع,,,



                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...