ملامح الحزن العتيق...

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
    عضو ماسي
    • May 2009
    • 708
    • .
      .
      .


      .
      .
      .


    #61


    رمضان في القرية بالذات تواصل واتصال ..
    الأهل بيوتهم وحده وجمعاتهم مستمرة ويومية ..
    ايامه تجمعهم على طاعة ربي وصلة رحمه ..
    بعد اسبوع من ايامه الفضيله
    عايشة احلى ايامها من يوم جات للديرة .. او لقرية الاجواد ..
    من بدايته وهي منطلقه بين بيوت عمانها وماترجع الا الساعه عشرة
    او اذا الفطور عندها يجونها بنات عمها ناصر ومايطلعون الا متأخرين وتدخل تنام على طول .
    حتى السحور ماتصحى عليه الا قبل الاذان على طول وتاكل شي خفيف وتصلي وتكمل نومها ..
    ماعاد عماد يشغل تفكيرها مثل اول
    او انها تعودت على بعده وتحاشيها وصارت هي تتجنب احراجه ..
    المهم انه مايشوفها الا بكامل اناقتها وابتسامتها على وجهها ..
    وتلبي له كل اللي يامر به وتحاول تظهر قدام عمانها واهلهم انها الزوجة المحبة والمتفانية لارضاء زوجها ..
    اما عماد فكان يقضي اغلب وقته مابين المزرعه وخواله .
    وجدته يتسحر معاها بدري وينام ..
    ماعاد يشوفها الا لمحات وهي داخله ولا طالعه ..
    رغم انه مرتاح لبعدها عنه وبعده عنه الا انه يسرق النظره لها ،
    والكلمه منها..
    اليوم الفطور عند بيت خاله ناصر ..
    ومن يوم رجع من المزرعه ماشافها ..
    نزل بعد مابدل ملابسه وراح لبيت خاله من بدري حتى يطمنه على فهد ويجلس معاه لين يأذن المغرب ..
    .
    استقبله خالد ولد خاله ناصر ودخل معاه للمجلس ..
    كانت جالسة بضيق وضيقه ومسنده بظهرها على المسنده وراها
    هي كانت تشك في وضعهم لكن من يوم دخل رمضان وشافتهم مايكلمون بعض وانه يحاول يتهرب منها ويبعد وهي تبعد وتدور اللي يشغلها ويجمعها بالناس حتى ماتقابله وتضايقه ..
    تأكدت شكوكها وصارت تراقب وتشوف ..
    قالت ام ناصر بكلمة قصيرة وصوت واطي ماوصل الا لعماد اللي جلس بجنبها : شفت مرتك من يوم جيت ..؟
    طالع في جدته قال : لاوالله جيت مالقيت احد في البيت .
    : شفتها نايمه ..؟
    : ها .. صاير شي ..؟
    رددت كلمته بينه وبينها باستهزاء قالت : صاير شي ..؟ مرتك في بيتها مريضه . وماظهرت من حجرتها ..!
    عقد حواجبه قال : مريضه ..؟
    : قوم روح لها وهرجها وشوفها محتاجة شي .. تبي شي .. خاف ربي في المسيكينه اللي من يوم اخذتها وهي صابرتن عليك وعلى اهمالك وغيابك .
    اخذ شماغه وطلع قال ناصر : انتي علامتس عليه الله يخليتس لي .
    : خله يروح يشوف مرته ويهتم فيها مثل مايهتم بعيال الناس .
    سكت ناصر وهو يشوف خالد ولده يدخل ويقول : يبه بندر يقول بودي امي والبنات لفهد في جده .
    رد ناصر وهو يهز راسه : انا قايل له . خل امك تروح تطمن عليه وترتاح مالها جدوى الا دمعتها عليه .
    تنهدت ام ناصر الأم الثكلى واللي تعرف فقد الضنى ومجربته : الله يطمن قليبها على ضناها وتقر عينها فيه .








    ***

    دخل البيت وطلع فوق على طول ..
    شافها متكومه على نفسها في سريرها ومتغطيه باللحاف مو باين منها شي ..
    وبجنبها كوب كبير فيه شاهي او عصير لونه بني فاتح ..
    مد يده ولمسه وحسه دافي ومشروب منه النص تقريباً ..
    ريحته موغريبه ..
    بس ماتذكرها ..
    قرب منها وجلس على طرف السرير قال : شادن .
    رفعت اللحاف عن وجهها بعد ماحست فيه وسمعت صوته ..
    قالت وهي معقده حواجبها : هلا .
    سندت بظهرها على مخدتها ورجعت شعرها المتبعثر على وجهها ورى ..
    قال : سلامات وش فيك .. ؟
    وجهها احمر وعيونها ذبلانه وحمرا وباين عليها التعب قالت : الله يسلمك .
    : وش تحسين فيه ..؟
    : ها .. ولا شي .. عادي .. بطني .
    كانت مرتبكه ومستحيه وخجلانه قال : قومي بوديك للطبيبة تعطيك شي .. هذا وشو اللي هنا .. ؟ افطرتي ..؟ لهالدرجة تعبانه . ؟
    نزلت نظرها للأرض قالت بخجل : قرفه .
    كشر قال : يالله امشي بوديك للمستوصف يعطونك شي احسن من الخرابيط اللي تشربينها .
    : لا مو لازم . خلاص انا الحين احسن .
    : احسن وهذا شكلك يالله بس لاتعاندين قومي .
    رفعت نظرها قالت : والله مو لازم طبيبة انا اعرف نفسي شويه وراح اصير كويسه .
    وبعفويه قال : طيب الألم من وين بالضبط .
    فتحت فمها قالت : بطني .. خلاص الحين مافيني شي .. انت روح افطر ترى المغرب حيأذن .
    صك اسنانه قال بقلة صبر وخوف : وريني الألم من وين ..؟
    ثنت رجولها ولفت يدينها عليها والمغص يزيد عليها قالت : بطني وظهري .. خلاص اخذت بندول وشربت قرفه الحين يخف .
    : ومن قال لك ان القرفه والخرابيط تخفف لك الألم ..
    غمضت عيونها وهي ماعاد فيها تتحمل الألم ولا سخافته قالت : انا اعرف نفسي .
    وقف قال بحزم : انا بطلع اخليك تبدلين ملابسك .. خمس دقايق والاقيك جاهزة .
    ردت بسرعه قالت : لا . ماني رايحه ولوسمحت روح افطر واتركني . انا مو ناقصتك .
    رجع لها قال : شادن .. انا مابي اضغط عليك ولا اجبرك بس كونك تتألمين قدامي وتتعبين لدرجة انك تفطرين هذا مايرضيني ولا راح اسكت ..
    حطت يدينها على وجهها قالت : انا معذورة ماعليّ صيام خلاص ارتحت .. عرفت ليه انا تعبانه .
    فتح فمه مايدري وش قصدها ..!
    وفجأة كأنه انضرب على راسه .
    انا وش يدريني عن الحريم واسرارهن ..
    لأول مرة يكون بموقف محرج مثل هذا ..
    قال بارتباك : وافرضي .. وش هالألم .
    عقدت حواجبها قالت : عادي انا متعودة .
    وقف قال باهتمام : طيب وش اللي يصلح لك غير القرفه .
    : خلاص شويه وحصير كويسه . انت بس اطفي النور وروح افطر .
    : لا ماني رايح برسل الشغاله تجيب لنا فطور هنا .
    : لا انا ماراح افطر بنام الحين ..
    هز راسه وخرج وهي حاولت تغفو لين تعدي ساعات الألم اللي تمر عليها كل شهر وتعتبر من اسوأ واصعب الأوقات بحياتها ..
    لامت نفسها على كلامها وصراحتها بس ماقدامها حل وهي تعبانه وقرفانه من الألم الا انها تفتك منه وتقول له ..
    شدت اللحاف على جسمها وتمنت لو انها راحت وغيرت جو وسمعت كلام جدتها ..
    هذا اللي استفادته
    احرجته واحرجت نفسها معاه ..


    ***

    طلع لبيت خاله وافطر هناك وسط اسألة جدته وخاله عن شادن وهو رد عليهم بأن معدتها تعبانه وتركها ترتاح ..
    بعد صلاة العشا والتراويح ..
    مارجع معاهم لبيت ناصر مثل عادته واثر انه يرجع لبيته ويشوفها ويتطمن عليها ..
    دخل عليها وهي على وضعها وشكلها نايمه وغاطه في نومها ..
    فتح النور وماتحركت وجلس على طرف سريرها قال : شادن .
    فتحت عيونها بهدوء وهي تحس براحه في جسمها بعد عاصفة الألم اللي اجتاحتها اليوم ..
    قامت وجلست قالت : عماد ..؟ من متى وانت هنا ..؟
    : توني دخلت .. ها وشلونك الحين ..؟
    : خلاص ماعاد فيني شي .
    رجعت شعرها ورى ولمته بالشباصة اللي بجنبها على الكومودينو قالت : افطرت ..؟
    : ايه افطرت وقلت للشغاله تجيب لك فطور .
    : مو مشتهية شي الحين بقوم اخذ لي شور .
    ابتسم على مصطلحاتها الغريبه عندهم في الديرة وبين اهله ..
    هي متمسكه بكلامها ومافكرت تغير منها كلمه وحده او انها تقلدهم ..
    وقف وتوجه للباب وهو يقول : قومي اجل اخذي لتس شور وانزلي تحت جدتي بتجي خليها تشوفتس طيبة ترها قلقت عليتس واقلقتني معها .
    خرج من دون ماترد وقامت اخذت لها شور ولبست تنورة جينز ازرق وبلوزة قطنية ودافيه بكم طويل لونها بيج ..
    فتحت شعرها وتزينت بمكياج خفيف وتعطرت ونزلت لجدتها اللي اول ماوصلت ارسلت لها الشغاله تسألها اذا هي بخير ولا لا ..
    انتبه لها وهي تنزل مع الدرج قبل لايدخل لغرفة جدته قال وعلى جبينه ابتسامة رضا واطمئنان : لا اشوا الحمد لله .. من يقول ان هذي اللي اليوم تلوى من الوجع .
    ابتسمت بخجل قالت : الحمد لله ماعاد فيني شي .
    دخل لغرفة جدته وهي جالسه على سجادتها وتصلي قال : خلصتي يام ناصر ولانطلع ونخليتس تكملين .
    طالعتهم ام ناصر وهي تتمتم بسبحان الله والحمد لله ولاله الا الله والله اكبر ولاحول ولا قوة الا بالله ..
    قالت : خلصت عسى الله لايفرقكم ويمد بعمري لين اشوف عيالكم .
    قالت شادن بجرأة وهي تبتسم لجدتها : اميين يارب ويخليك لنا وتشوفين عيال عيالنا وانتي طيبه ومتعافيه .
    مارفع نظره لها واكتفى بالسمع وبداخله ملايين الأسئله وكلها لها معنى ( لوين بتوصل بس )
    قالت ام ناصر وصوتها يتهدج : انا مايفرحني غير اذا شفتكم مع بعض .
    وكأن كل الكلام موجه له وهو ساكت ماتكلم ..
    اخيراً قال وهو يتعمد يغير الموضوع : قومي ياشادن خلي الشغاله تجيب لك شي تاكلينه .
    وقفت قالت : بجيب لنا كلنا ...
    قطعت كلامها وهي تشوف شهد وفوزية داخلين الغرفه قالت : هلا والله حياك الله يام فيصل .
    راحت شهد تجري لعماد وسلمت عليه قالت : اشتقت لك كثيييييييييير .
    طالعتها شادن وتذكرت الورقه وضحكت قالت : وانا طيب ماشتقتي لي ياشهوده ..
    رجعت لشادن وضمتها قالت : الا اشتقت لك بس عماد احبه كثييير واشتاق له كثيير ... عشششششان .. وطالعت فيه وضحكت .
    قالت شادن بضحكه : عشان ايش كملي ..
    طالعها عماد وهو يبتسم قال : هالبنت موب صاحيه هرجها اكبر منها الله يصلحها .
    قالت فوزية بعد ماسلمت على امها : الله يهديك ياعماد دلعتها عليّ الحين حياتها كلها اسرار وتخبي عني اشياء واذا قلت علميني قالت اشوف عماد اول شي يبغاني اعلم ولا لا .
    قال عماد : لا البنت الشاطرة تسمع كلام امها وماتخبي عنها شي .
    قالت شهد ببراءه : يعني اعلمهم على كلامك .
    ضحك عماد بصوت واضح لهم وهادي بنفس الوقت قال : هذي والله البلشة .. الحين انتي ماترتاحين وعندتس سالفه .
    قالت شادن اللي كانت واقفه على الباب : ها تبغون تجلسون هنا ولا تروحون للصاله احسن .
    قالت فوزية : شادن اليوم فيك شي يقولون انك تعبانه .
    رد عماد : لاله الا الله مسرع الخبر ينتشر .
    : وش خبره لايكون ...
    قاطعتها شادن : لا لا مافيني شي تعب بسيط وراح .
    فهمت فوزية عليها قالت : اها .. وبس وفواز جايني يقول تعبانه وعماد مافطر شايل همها . والله اني حسبت ان فيك شي بس الحمد لله .
    جات شهد اللي كانت تفكر بكلام عماد لها وشاغل تفكيرها .. عند شادن قالت وهي تمط كلامها : شادن ... شففففتتتتتيييي عماد يقوووووول .. وكملت بسرعه : اذا جا عنده بنت بيسميها شذا واذا ولد مشعل .
    قال عماد وهو يرجع لها ويشيلها ويحطها بطنها على راسه ويحركها .. وهي تضحك بهستيريا من الحركه : ابلشتني ياناس .. كل ماتشوف وجهي تقول اذا جالك بنت تسميها باسم فيه حرف شين واذا ولد مشعل ولا مشاري عشان حرف الشين .. وش اسوي بها .. ها ارميتس مع الشباك .. وش رايتس .
    كانت تضحك وتحرك اصبعها قدام وجهه بلا ..
    قالت ام ناصر : ياعساني اشوف مشعل ومشاري وخواتهم مالين عليّ البيت .
    نزل شهد ومر من عند شادن اللي واقفه عند الباب وهي مبسوطه من كلامهم وتضحك قال لها بهمس : هذا اللي استفدناه .
    اتسعت ابتسامتها وراحت للمطبخ تحضر له عشا وقهوة لعمتها وجدتها ..

    في جده ..
    وفي بيت نايف تحديداً ..
    وصل بندر بأهله ..
    الشوق مضني و الوله جبار ..
    ولهفة الأم على الضنى تكوي الفؤاد وتنهكه ..
    اول ماشافت وجهه الذبلان نزلت من عيونها دموع حارقه .
    ضمته وهو سلم عليها وباس راسها ويدينها وهو يقول : الله يخليتس لي مافيني الا العافيه ..
    لفت يدها من ورى رقبته وضمته وشمت ريحته وهي تقول : نطف قلبي عليك .. ابطيت علي وانا امك .
    باس يدها وتنفس عبقها بقوة لعلها تبريء شي من اللي في صدره ..
    قال : ابشرتس انا بخير بس لاتدمع عينتس عساني مابكيتس . تعالي اجلسي هنا ..
    التفت فهد لمنال وحنان اللي دخلوا بحذر وكل وحده متغطيه ومتخذه احتياطاتها تحسباً لدخول نايف وسلم عليهن ..
    وجلس في صدر المجلس وبندر وخالد حوله وامه بجنبه ومنال وحنان اخذوا زواية بعيد عنه شوي ..
    قال فهد : ترى نايف طلع مهوب جاي لين يدق عليّ .
    نزلوا البنات الغطا من عليهم واخذت امه راحتها في جلستها بدون عبايه ..
    وبدا سيل الأسئله لفهد عن صحته والكل يتحاشى سيرة الاسباب والفقيد .
    وهو يجاوبهم ويطمنهم بهدوء ..
    نزلت دمعة منال الحساسه وهي تشوف فهد مو فهد
    نحفان كثير
    وشعره الطويل قصه وصار مثل عماد وبندر وخالد ..
    عيونه ذبلانه وفيها حزن
    وصوته متغير من اثر المرض ..
    وكلامه جدي والضحكه ماعانقت محياه ولا شفاهه ..
    قال لها وهو يرسم على وجهه شبح ابتسامه مخيفه : قومي تعالي عندي وشو له الدموع ..؟
    نزلت دموعها اكثر ومسحتها وهي تجلس قريب منه قالت : خفنا عليك .
    غمض عيونه وتنحنح بصوت عالي حتى يبعد البحة من صوته
    قال : تعالي هنا ياحنان .. وش سويتوا في الدراسه عطلتوا ولا لا ..
    قالت منال : لا باقي لنا اسبوع ونعطل .
    دق جوال فهد وشافه رقم مشاري اللي صار يقضي اغلب وقته مع فهد ونايف ..
    رد على طول ب : ياهلا والله حيا الله مشاري .
    : هلا بك يابو ناصر .. ها كيفك اليوم .
    : بخير عساك بخير .. وين انت ..؟
    : قريب من البيت خلاص وقفت سيارتي .
    اشر فهد للبنات وامه يقومون وهو يقول : حياك الله ادخل اذا الباب مفتوح ولا افتحه لك .
    : لا مفتوح يالله سلام .
    : سلام ورحمة الله .
    وقفت امه مع البنات ودخلوا لداخل البيت ..
    ودخل مشاري اللي عرفه فهد على اخوانه بندر وخالد وجلس يسولف معاهم كأنه يعرفهم من سنين .



    ***
    يتبع,,,




    تعليق

    • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
      عضو ماسي
      • May 2009
      • 708
      • .
        .
        .


        .
        .
        .


      #62


      في مجلس الحريم لبيت ام نايف ..
      قالت ام فهد لبناتها : قومن ساعدن خالتسن ام نايف سون معها مثل ماتسوي شادن معي .
      قالت حنان اللي سندت بظهرها على الكنبة : يمه انا والله ماقدر السيارة كسرتني ..
      ردت امها : هذي نتيجة الصيام بلاسحور .. ماعاد تتحملين شي . قومي يامنال اخدمي خالتس .
      وقفت منال وراحت لام نايف في المطبخ وهي تبتسم بخجل قالت : خالتي عطيني عنك انا اسوي القهوة .
      ردت ام نايف النشيطه والمعروفه بمهارتها في المطبخ وشغل البيت عموماً : لا حبيبتي روحي ارتاحي انتي جاية من مكان بعيد واكيد تعبانه .. وانا اصلاً ماعندي شغل .
      : لاوالله مافيني تعب الحمد لله .. بعدين خليني اتسلى معتس .
      توجهت للمجلى وقعدت تغسل البيالات والصواني وهي تسولف لام نايف عن شادن وتكلمها عنها والثانية غمرها الفرح بسيرة فلذة الكبد وقطعة القلب وتطمن قلبها عليها وعلى اخبارها خاصة ان منال معجبة في شادن وطريقة اهتمامها بجدتها وشغلها اللي الكل يمدحه ..
      دخل نايف للبيت ونادى ياولد ..
      بالرغم ان الكلمة غريبه عليه الا انه اقتبسها من عيال عمه ومن عماد اذا دخلوا بيوتهم وعندهم ضيوف ..
      وقفت منال ورى الباب قالت : خالتي اطلعي له لايدخل .
      طلعت ام نايف قالت : بنت عمك عندي في المطبخ لاتدخل .
      ضحك لامه باستهبال قال بهمس : أي وحده فيهم ..؟
      ردت امه بحده : مالك شغل روح للمجلس واذا بغيت شي ناد عليّ .
      كمل ضحكه وبنفس الهمس : بالله مزيونه ولا مثل وجه عمي ناصر .
      : ولد قليل ادب انت .. البنت لاتسمعك . بعدين وش فيه وجه عمك ..؟
      : ابد سمح وطيب وشوفته تجيب العافيه .. بس ثلاثة ارباعه لحية وحواجب .. لكن شوفي اذا هي تشبه فهد اكيد انها مزيونه ..
      : يالله يالله على المجلس وبلاش تتكلم عن بنات الناس .
      ضحك نايف بصوت اعلى غصبٍ عنه قال : لنا الله يام نايف .. الحين ماتبيني اسأل عن زوجة المستقبل لكن بكرة تعالي وقولي عساني اشوف عيالك وعيال عيالك .
      خبطته على كتفه وهي تضحك قالت : بكرة شغلي معاك .. يالله روح البنت بتموت من الخرعه من صوتك .
      راح يمشي ورجع لها قال : والله ..؟ بتموت من الخرعه ..؟ اجل اكيد انها نعومه .. وطالما انها نعومه اكيد انها مزيونه . صح كلامي ولا لا .
      هزت امه راسها وهي تضحك من تصرفات الاستهبال اللي احياناً يتصنعها واحياناً تصدر منه بعفوية ..
      دخل قسم الرجال والتفتت امه على باب قسم الحريم وهو ينفتح ودخلت منه ام مشاري اللي تعتبر البيت بيتها وبيت اختها ومعاها سارة وشغالتهم ..
      استقبلتهم ام نايف وهي ترحب وتهلي ودخلتهم لمجلس الحريم ..
      رجعت لمنال في المطبخ قالت : منوله حبيبتي خلاص اتركي الشغل هذي شغالة جيراننا جات تساعدني .. روحي سلمي على جارتنا وبنتها صاحبة شادن ..
      اخذت منال منديل ومسحت به يدينها وهي تقول بفرح : سارة .
      طالعتها ام نايف قالت : ايوه سارة اكيد من كثر سوالف شادن عنها صرتوا تعرفونها .
      ضحكت منال وقالت : هههههههههههههه صرنا نشتغل ونفطر ونسهر على سيرة سارة وسوالفها هي وشادن .
      : اجل روحي شوفيها واجلسي معاها حتى تطمنين شادن عنها .
      : زين .
      طلعت منال وراحت لمجلس الحريم ..
      سلمت عليهم بخجل وشافت حنان اختها تسولف مع سارة ومنطلقه معاها كأنها تعرفها من سنين ..
      قالت حنان : سارونه هذي منال اختي اكبر مني بسنتين .
      سلمت سارة على منال قالت : ياعمري كلمتني شادن عنكم بس ماكانت تعرفكم كثير .
      ابتسمت منال قالت : حتى حنا ماعرفناها الا بعد ماتزوجت وخاصة في رمضان صرنا نشوفها يومياً .
      تعشوا وكملوا السهرة بود وسوالف وضحك واستغربوا البنات ان سارة ماتشبه لشادن في شي الا اللهجة والمصطلحات ..
      وام فهد حست ان الجو مناسبها بين ام نايف وجارتها اللي تشبهها كثير
      تمنت لو تجمعهم الدنيا مرة ثانية بليلة مثل هذي ..
      فيها الرضا والاطمئنان والضحكه والكلمة الطيبه والاجتماع على الخير والمحبة .

      ***

      فتحت شباك غرفتها وشافته واقف مع السايق ويكلمه ..
      قالت بصوت عالي .. : العنوود .. العنووود ..
      التفت السايق الهندي على الشباك اللي صدر منه الصوت كردة فعل طبيعيه قال عماد بلهجة حاده وضيق وهو يسحبه بيده بقوة : لاتطالع وراك .. امش داخل الله يلعن ابليس هالحريم .
      وصلت العنود لنوف بملل قالت : ها وش عندتس ..؟ ذبحتيني كل شوي وانتي واقفه على الشباك ويالعنود يالعنود تراني داخل البيت مهب برا .
      ردت نوف بعصبيه وهي تشوف عماد يدخل لغرفة الهندي اللي شافها : اقلبي وجهتس ماعاد ابيتس .
      : انا قايلتن لابوي لازم نوديتس مسفر عشان يظهر جنونتس عني .
      لاحت في راس نوف فكرة مجنونة قالت : عنود تبين تشترين فستان ابيض ونفاش مثل فستان البنت اللي شفتيها في التلفزيون .
      قلبت العنود نظرها فوق ولوت فمها قالت : ومن بيشتريه لي ياحظي .. امي بتجيب لي فستان من سوق الخميس .
      عضت نوف على اسنانها قالت : وانا وش معقدني غير سوق الخميس واحلامتس انتي ونورة اللي ماتتعداه . انا اشتري لتس لو باربعمية ريال .
      فتحت العنود عيونها بفرح قالت : وش تبيني اسوي لتس ..
      ابتسمت نوف لاختها اللي فهمتها قالت : انا ابعطيتس ورقة .. تعطينها عماد وقولي له هذي من عند شادن .
      قالت العنود ببراءة : وشادن ليش ماتعطيه اياها بنفسها موب رجلها ..؟
      : الا يالخبله بس هي كاتبة له كلام وطلبات تقول استحي منه واخاف يهاوشني .. خلوه يشوفوها وهو بعيد عني ازين .
      حكت العنود راسها وهي مو متقبله كلام نوف ولا دخل راسها قالت نوف : تدرين ان شادن تحبتس وتموت عليتس وتقول ليت العنود تعطيها عماد لأني احبها .
      ضحكت العنود وبفرح وحيا قالت : صدق .. ابلا شادن تحبني .. حتى انا احبها واشوفها ازين وحده بالمدرسه .
      غمضت نوف عيونها وفتحتها قالت : زين روحي وبعد ربع ساعه تعالي بدورها مدري وين حطيتها .
      : زين دوريها قبل لارقد تراني نعسانه .
      طلعت العنود واخذت نوف ورقة من دفتر العنود وبدت تكتب رسالتها بكل تركيز وحذر



      ***




      بعد اسبوع من رجعة اهله اللي مشوا اليوم الثاني ..
      اخر يوم بالدوامات
      ويوم الأربعاء تحديداً ..
      قرر انه يرجع للديرة ..
      يبي يواجه الديرة مثل ماواجه البر
      بس هالمرة مع الناس واهله
      مو وحيد ولحاله ..
      الذكرى تؤرقه لدرجة انه خايف ووجل من المواجهه
      اكيد انه راح يشوفه بكل شي ..
      وقف نايف عنده وهو يزبط شماغه عند المرايه قال : فهد انا عندي سيارتين .. خذ الجديده وسيارتي القديمه تعبرني .
      رجع للمكتبة حقت التلفزيون واخذ محفظته ومسبحته ودخل قميصه اللي يلبسه في البيت في شنطته الصغيره ..
      قال : والله يانايف مستحي منك ..
      قاطعه نايف : فهد والله اني لازعل منك وش هالكلام . .. امسك يارجال المفتاح احسن لك من الاستئجار ومشاكله .
      : اجل قبل العيد ان شاء الله بجي لجده وارجعها لك وارجع مع ابو مشعل ان جا لجده ..
      : متى مابغيت تعال ولا تتعنى عشان ترجعها ابداً ..
      اخذ فهد المفتاح من نايف وطلع بعد ماصلى الظهر حتى يلحق الفطور مع اهله ويفرح ابوه بجيته وهم مجتمعين ..
      ودع نايف وشكره وطلع متوكل على ربه ومسمي بذكره ..




      ***

      اليوم هو اخر ايام الشقا ..
      قبل الأجازة والفرح ..
      ولأن الوطن اغلى من الضنى
      استمروا في الكفاح ..
      لأن الوطن اغلى من العمر
      لابد من جهاد كل الظروف ..
      لجل الوطن
      نقدم الروح بلا ثمن
      مشوار الشقا ..
      وبعد المسافه موجله ..
      لاخر الدنيا صبر ..
      وشمس ..
      وسهر
      والنوم جافاه الكرى ..
      صوم وظما ..
      والكل يحسب كل دقة وثانية .
      متى الوصول ..
      كل الأماني ضايعه
      وكل احلام البنات
      والأمهات
      والطيبات
      تنتحر ..!
      على طريق الهاوية ..
      وفي اماكن نائية ..
      من اجل الوطن ..!
      وتعليم ابناء الوطن
      وتنشئة جيل مستقر
      وبناء مستقبل اسر
      وارواحهم تضمها كفوف القدر ..


      نايمه في جيمس ابو سعد ..
      تعبانه ومنهكه من كثرة التفكير بعد طلاقها اللي وصلها خبره بعد ثلاثه ايام وبعد محاولات جاهده من ابوها وامها ومشاري انهم يهيأونها نفسياً له ..
      انسدل الستار على ذكر خالد وسارة .. وسارة وخالد ..
      وصار كل واحد مفرد واسمه بعيد عن اسم الثاني مثل ماقدر الله وبعدهم عن بعض ..
      مال راسها على الشباك الساخن بفعل شمس الظهر الحارة ..
      قالت لها فاطمه بهمس : سارة .. سارة حبيبتي عدلي راسك لايجيك شد عضلي بعدين في رقبتك ..
      وماكان من سارة الا .. لاحياة لمن تنادي ..
      قالت اميرة وهي تعدل ظهرها وتسنده على المرتبة من جديد .. : الله يذكر شادن بالخير كانت تقول نوم سارة موت ..
      تنهدت سامية المدرسة العروس اللي تزوجت قبل رمضان باسبوع .. وتعينت في السبيل وكان التعيين سبب تنغيص شهر عسلها وحياتها ..
      قالت : اخيرا بتفرج علينا ونعيش زي الناس واسافر واقضي شهر عسل من جديد .
      ضحكت اميرة قالت : الله يهنيك ياقلبي عاد انا مشتاقه لعيالي احسني ماشفتهم في رمضان اخرج وهم نايمين واذا رجعت دخلت المطبخ ثلاث ساعات وهم ينامون بدري .
      ماشاركتهم فاطمه الملتهيه بالتسبيح والتهليل كعادتها ..
      قالت سامية وهي تطل على سارة من ورى اميرة وفاطمه : فاطمة صحيها ترى البنت بتنكسر رقبتها .
      قالت فاطمة : سارة قومي عدلي نومتك ..
      مدت يدها وعدلت لها راسها لكن سارة تحركت ورجعته زي اول وهي معقده حواجبها دلالة على انزعاجها وعدم رضاها ..
      قالت اميرة وهي تضحك : ياثقل نوم البنت .. كل هذا وماصحت .
      ردت ساميه : تذكرني بزوجي اذا ابغى اصحية ساعه عشان يحس فيني والمنبه مايأثر فيه لو يشتغل ساعتين ..
      بدت اميرة سالفه جديده عن زوج اختها ومعاناتها معاه اذا تبغى تصحيه وانها دايماً تتأخر على دوامها بسبب ثقل نومه ..
      نسوا سارة مع سوالف اميرة وراسها المايل على الشباك بطريقه متعبه ..

      العم ابو سعد سارح في طريقه يتأمله متر متر ..
      كعادته يوميا سواء هو رايح للقرية ولا راجع منها
      لأن الأنفس اللي معاه هو المسؤول الأول عنها ..
      اليوم يحاول يضبط تركيزه على قد مايقدر رغم انه البارحه تعبان وسهران طول الليل في المستشفى مع بنته احلام اللي طلقها زوجها في شهرها السادس وحالتها النفسيه السيئة ادت لولادتها مبكرة ..
      اليوم تأخر على البنات بس الحمد لله ان مديرة مدرسة السبيل تراعي ظروف البعد وماحاسبتهم رغم انهم مادخلوا المدرسة الا الساعه 10 ونص ..
      اخذته الأفكار لبنته وحالتها ومستقبل ولدها اللي محد يدري يكمل حياته ولا يكون شفيع لها ويرحمه ربي من اليتم والشحططه مع زوج ام ولا زوجة اب …
      احكم النوم سلطانه ..
      وسرقه على حين غفلة منه ..
      واستسلم وبدون مقاومه ..
      لأن التعب اخذ منه والإرهاق نال منه ..
      مالت السيارة على اليسار في الطريق المزدوج الواسع ..
      مانتبه لنفسه الا بعد فوات الاوان ..
      حاول يتفادى الونيت اللي محمل شعير وبرسيم ومتجه لقرية السبيل ..
      بس القدر كان اسرع والسيارة اقوى والصدمه اكبر واكبر للي في جيمس العم ابو سعد ..
      انقلابات عدة
      وصراخ وصوت فاطمة يعلو بالشهادة وذكر الله
      وساميه تصرخ بهلع
      واميرة سكتت من هول الصدمه وكثرة الأرتطامات وهي تنتظر النهاية وش بتكون ..
      وسارة اللي فزت من نومها على كابوس مخيف ..
      أصواتهم علت ثم علت ثم خفتت ثم سكتت واختفت ..

      نهاية الفصل الحادي عشر,,




      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        #63
        مشكوره وربي يعطيكِ العافيه
        عالروايه الرائعه
        تحياتي

        تعليق

        • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
          عضو ماسي
          • May 2009
          • 708
          • .
            .
            .


            .
            .
            .


          #64

          فصلٌ حادي عشر

          ~ ياقدر ماقوى عليك ~



          طلع النور بالتدريج وبدا الكون يوضح لهم بعد ساعتين ونص من يوم مامشوا من البيت .
          جالسين في سيارتهم ويمشون بهدوء ورى سيارة الرجال اللي جاب لهم خبر فهد ..
          زفر بندر بأووف دلاله على ملله ..
          قال وهو متكي على الباب وحاط جاكيته الصوف على اكتافه لأن الو صار بارد : ماقال لك متى نوصل .
          رد عماد وهو يعلي النور لأنه انحرف بالجيب ورى السيارة لمنعطف يدخل لقرية وضحت لهم بيوتها .
          : الظاهر انا وصلنا .
          عدل بندر جلسته وهو يتأمل المكان اللي لأول مرة يشوفه قال : ماقالك من متى وهو عنده .
          رد عماد عليه بهدوء وملل : كل اللي قاله لي علمتك فيه .
          تنهد بندر بأسى أسف وملل قال : مدري لوين بيوصلنا فهد معه .
          : قول الله يستر عليه بس .
          : الله يستر ويطمنا عليه
          وقف الرجال قدام بيت شعبي مايفرق عن بعض بيوت ديرتهم قال : انزلوا حياكم الله .
          نزل عماد وهو متلثم بشماغه وبندر يلف الجاكيت عليه بقوة ..
          قال عماد : فهد موجود هنا .
          هز الرجال راسه قال : اسمع وانا اخوك .. ترى الرجال حاله ابد مايسر وانا والله سويت اللي اقدر عليه وعملت جهدي بس اني ماقدرت اوديه المستشفيات البعيده .
          قال عماد : بيض الله وجهك كل علومك غانمه عسى الله يقدرنا ونرد لك جمايلك .
          دخلوا مع الرجال للمجلس المنزوي في ركن البيت وشافوا اللي ماسرهم ابد .
          كان مسجى على فراش وعليه بطانيتين وفروة .. وهو يئن بصوت واطي .
          قال الرجال : هذا حاله من ثلاث ايام وقبلها ماكان يتكلم .. والكحه ماتخليه لاياكل ولا ينام .
          انفجع بندر من شكل اخوه .. يشبهه ولا هو ..؟
          قرب منه وحط يده على راسه يجس حرارته كانت مرتفعه وكأن تحت جبينه نار مشتعله وحرارتها تعكسها جبهته .
          قال عماد بهلع : يالله يابندر خلنا نشيله للسيارة ..
          تكلم الرجال : اصبروا يالربع تقهووا وتغدوا وعينوا من الله خير ...
          قاطعه عماد : خوينا لازمه مستشفى ان الله اشاء واراد جيناك بوقتٍ ازين من هذا يابو ..
          تكلم الرجال : ابو .. وهمس وهو يطالع في فهد .. : ابو سعود .
          انتفض فهد اللي سمعه وصدر منه انين قطعته كحه قوية خلت بندر وعماد يطالعون في بعض بهلع وخوف وقلق ..
          حط يده على صدره وهو يتنفس بصعوبه ..
          ساعدوه عماد وبندر على الوقوف وساندوه لحد ماركب السيارة ..
          قال عماد : بندر اخذ سيارة عبدالرحمن وارجع لاهلك علم خالي اني بودي فهد لجده واذا يبي يجي هاته لشقتي خذ مفتاحها .
          مد عليه المفتاح وشغل سيارته ومشى والصمت كان رفيقهم مايقطعه الا كحة فهد الجافه القوية ولا انينه الخافت ..


          ***


          وقفت على الباب اكثر من عشر دقايق وهي تتأمل المكان ..
          السرير مقلوب وكأنه متهاوش مع مفرشه ومخداته ولحافه .
          التسريحه بأغراضها مكركبة وتحس ان يدها تحثها على الشغل بس لا
          هالمرة لا ..
          لايمكن تترك له مجال يهينها زي هذيك المرة ..
          تقدمت بحذر وهي تتخيل انه راح يدخل عليها بأي لحظة ..
          فتحت ادراج التسريحه ..
          خاوية الا من بعض الأدوات ك مقص اظافر .. مقص صغير عادي ..
          شفرات للحلاقه .. ملمع احذية ومحافظ قديمه ومداليات مفاتيح مكسورة ومستهلكه ..
          وورقة مطبقة ومرمية باهمال ..
          مدت يدها عليها وبجرأة فتحتها وهي تلوم نفسها ليه تتطفل وتدبر العذر بسرعه انه زوجي وحلاله حلالي .
          انفرطت ضحك وهي تتأمل الكلمات المكتوبة في الورقه بخط شهد ..
          عماد بخط كبير في الوسط ..
          وحاطه اسم شادن على اليمين واسم شهد على اليسار واسم شريفه ( امه) فوق .. واسم مشعل تحت ..
          ومحوطه حرف الشين من كل اسم وساحبته بسهم لاسم عماد
          وكاتبه تحت بخط كبير عماد يحب حرف الشين ..
          شافت عماد كاتب على الطرف وكأنه يثبت صحة كلامها ( باقي الشيخه حصة ياشهد )
          ضحكت من جديد على ذكاء شهد واحراج عماد وانها لازقه فيه وداخله من ضمن المقربين له غصب لو بتشابه الحروف .
          طبقت الورقه مثل ماكانت ورجعت الورقه مكانها .
          ووقفت تتأمل الغرفه من جديد ..
          كل شي يوحي فيها بالجمود
          مثله تماماً
          تشبهه في سكوتها وبرودتها وجمودها
          راحت للدولاب حق ملابسه .
          فتحته بحذر وكل دقه ولا حركه تحس قلبها بينخلع من مكانه
          خايفه ان عماد يدخل عليها ثم بأي وجه تقابله
          وبأي حجه تعتذر
          ريحة عطر العود المعتق اللي هاجمتها رجعت لها حركته في المطبخ وضمته لها
          رجعت جلست على السرير لأن ذكراها تهزها وتفقدها توازنها سواء العقلي او الجسدي .
          قعدت تتأمل الدولاب من بعيد وشافت الدرج المقفول وفزت له بسرعه ..
          بس خيبها واحبط كل محاولاتها انه كان مقفول . .
          هالادمي ليه غامض .. وعنده اسرار كثيرة .. ومتخذ جميع احتياطاته ..
          اخذت علب الدوا اللي في السلة وكأنها تبحث عن خيط
          يدلها على شي عن عماد
          أي شي ..
          المهم انها تدخل لعالمه وتفتح شي من مكنوناته .
          اخذت تبعثر العلب الفارغه وكلها خاوية من أي ورقة تحوي معلومات طبية للدواء من خواص تركيب ، مفعول الدواء ، لأعراض جانبية وأسباب ..
          لفت نظرها ان الاسماء على العلب متشابهه interferon
          و Lamuvidine
          متكررة .. وتقريباً هم الاسمين اللي على العلب
          قلبتها في يدها يمين ويسار ومافهمت من المصطلحات الطبية عليها من برا أي شيء ..
          اخذت من كل نوع علبه وقامت لغرفتها يمكن تفك شفرتها ..
          ولا احد يساعدها على فكها مع الوقت ..
          بعد مايأست من انها تلاقي مدخل تدخل عن طريقه لهالادمي الجامد والمتمثل في رجل هو زوجها سواء رضى ام ابى ..!


          ***

          في اكثر الأماكن اللي ارتبط فيها بالشقاء والعذاب
          اكثر الأمكان اللي زارها يتخبط بين اليأس والأمل
          المكان اللي زرع بداخله حقيقه مرة
          هي انه شخص مريض
          موبوء ..
          هالمكان بثه خبر زلزل حياته وغيّر مسار مستقبله ..
          وقف قدام الغرفه اللي فهد فيها ..
          طلع له الدكتور وسأله على طول : ها بشرني يادكتور .
          رد الدكتور السعودي وهو يهز راسه بأسف : الحاله متقدمه لابد ننقله للعناية المشدده ..
          كانت نظرات عماد متسمرة في الدكتور من غير مايتكلم وكمل الثاني : وين كنتوا عنه .. الرجال له مده ورئته ملتهبه . هذي نتيجة الاهمال ياخ عماد .
          تذكر عماد كلام الرجال اللي جاه يعلمه عنه يبيهم يجون ياخذونه لايموت في بيته ..
          ولدكم فهد بن ناصر في محنه تعالوا اخذوه من بيتي
          سأله عماد : وينه ..؟ ليه ماجبته معك ؟
          : الرجال مايتحمل السفر ولا العنا .. طريح فراش .
          : وش اللي صار عليه ومن وين عرفته و
          قاطعه الرجال : ولدكم لقيته طايح على وجهه في البر وفاقد الوعي .. اخذته احسبه ميت ويوم شفت تنفسه ضعيف وديته لبيتي لحفته ودفيته وشربته حليب دافي .. واشوا دفى جسده ورجعت الحياه لكن السعله اللي فيه خلت حاله يضعف ويتردى واليوم الرجال مريض وماضن انه يبي يعيش ..
          كانت عيونه تقدح شرر وخوف وهلع على فهد الأخ الولد ..
          رد عليه وهو في حالة مايحسد عليها : هو اللي ارسلك لي .
          : ايه حاولت اسأله عن اسمه واهله ماقدر يقول الا اسمه واسمك عماد بن مشعل في ديرة الاجواد .. وعيال الخير دلوني عليك . وانا ياخوك ماقدر انتظر للصبح الرجال يبي يدرك ( يموت ) وماودي اتحمل مسؤوليته ..
          تفهم عماد وضعه وقدر له معروفه وطلب منه ينتظره لين يبلغ اهله واهل فهد ..
          رجع لارض الواقع الحالي وهو يطالع في الممرضين يدفون سريره والكمام على انفه .. والأسلاك الطبية اللي تقيس النبض او توصل المحاليل الطبية لجسده تحيطه ..
          لحيته طالعه بشكل عشوائي ..
          وشعره نازل على اكتافه
          مبعثر ..
          متمرد ومتبهذل .
          مثل حال فهد ..
          جسمه نحل ولونه صار اسمر ..
          دق جواله وهو يتبع فهد بقلبه وعيونه ودعواته وأسفه ..
          وطالع في الشاشه وشاف اسم بندر ورد على طول ..
          : هلا يابندر .
          : هلا بك يابو مشعل ها بشر عسى فهد طيب .
          : ان شاء الله انه طيب انت وينك ..؟
          : جايك انا والوالد لجده خلاص وصلنا بس دلنا على المستشفى .
          : انا في السعودي الالماني اذا وصلته دق عليّ .
          : زين يالله .. مع السلامه .
          قفل من بندر والهم جاثم على قلبه وكاسي وجهه .
          وشلون يقول لخاله اللي ماذاق طعم الكرى من ليلة غياب فهد .
          زفر ودق على نايف يبلغه بحكم انه ولد عمه ولابد يعرف كل اللي يصير لهم ..
          مامضى الا ساعه وكان نايف واقف مع عماد والقهر باين عليه ..
          نايف يحب فهد بجنون رغم انه ماعرفه الا بوقت قصير بس كان كفيل انه يحبه ويوده لأن فهد من النوع اللي شخصيته تفرض وجودها ومحبتها بقلب أي شخص يعرفه ..



          ***

          انتفضت من كلام ابوها
          مستحيل يصير اللي يقوله .. او انها توافق على هالكلام
          قال ابوها بتودد وضعف الزمن باين في لهجته : يانوف يابنيتي والله انه اليوم اللي انتظره لي سنين .. حمود ولد عمتس وحسبة ولدي وابيه ياخذتس ولاياخذتس غيره . وانتي تعديتي السن اللي يعرسن فيه البنات .. ماعاد فيه خطاب وانا ابوتس .
          كانت دموعها سيل على وجهها وهي تصد عن ابوها مو متقبله كلامه
          وماعندها ادنى استعداد انها تسمعه ولا تركز فيه
          انا اخذ حمود ..
          بعد الصقر اللي احلم فيه اخذ الغراب
          والله مايصير ولايقوله ربي لو اجلس طول عمري احلم في عماد ..
          حطت اصابعها في اذانيها وابوها يترجاها تفهمه وتتفهمه ..
          قالت بغصة ورجفه واعتراض واصرار : يبه والله لو تقطعني قطعه قطعه ماخذته .. لاتغصبني ثم اذبح عمري .
          غمض ابوها بعيون المقهور
          رجلٌ مسن وأب وعيشته بنته بين نارين
          نار غصيبتها وتنفيذ اللي تقوله ونار عنوستها وجلوسها في بيته واعاقة خواتها من الزواج ان ماتزوجت ..
          عقد حواجبه قال : انا عطيت كلمتي لاخوي .. اذا تبين تكسرين كلمتي ..
          قاطعته : يبه تكفى طلبتك انا كبيرة والشور لي .. تكفى لاتغصني طلبتك يبه
          انهارت من البكا اكثر ومالت عليه وباست يدينه الثنتين : يبه تكفى طلبتك
          يبه الا الغصيبه لاتغصبني .. زوجه نوره .. هي دايم تمدحه يمكن يناسبها .. انا حمود مايناسبني .
          مسح على راسها بشفقه ووجع قال : يجيب الله خير يجيب الله خير .
          طلع من الغرفه ورمت نفسها على فراشها تنتفض وتبكي بهلع .
          ياويلي لو اخذ غيره
          ياويلي لو ربي يكتبني لغيره كان انتحر وافتك من الدنيا اللي عماد مهوب فيها .
          دخلت عليها امها والشرر يقدح من عيونها .
          : نوف ليه ماتوافقين على حمود .. حمود وش يعيبه يوم ماتبينه ..؟
          ثنت ركبها ودست وجهها بين يدنها وهي تحط جبينها على ركبتها وتبكي بحرارة : يمه مابيه وبس ولاتسأليني لأن ماعندي شي اقوله عنه .
          : فضحتينا بالناس .. الناس ماعاد لها هرجة غير بنتنا اللي عنست وعيت عن العرس .
          : يمممه .. يممه تكفين خليني لحالي .. حمود ان اخذته ذبحت نفسي .
          وقفت العنود على الباب قالت : يمه خليها هذي ماتستاهل حمود .. ياليت حمود ولد عمي ياخذ نورة مهيب عصبية وتهاوش مثل العله هذي .
          وقفت نوف بسرعه وكأنها تبي احد يعترضها غير امها وابوها وتفش اللي فيها فيه ..
          وصلت العنود اللي حاولت تلوذ بامها وكانت نوف اسرع ..
          مسكتها بشعرها وسحبتها ..
          كانت تضرب فيها بهستيريا وانفعال عصبي ونفسي ..
          والام مابين البنتين وتصرخ باعلى صوتها : فكي اختس يالمجنونه .. فكيها ذبحتيها ..
          اخيراً فكتها من بين يدين نوف .. والثانية تلهث قهر وتعب واحباط والدنيا في عينها ضيقه وظالمه وقاسيه ومجحفه .
          وصلت نورة على اصواتهم وصراخهم قالت : يمه وش فيه .. طالعت في العنود اللي تبكي بصوت عالي ووجها في خدوش بسبب اظافر نوف .. قالت : هذا فعل من .. العنود متهاوشة مع من ..؟
          بكت العنود اكثر وامها تحضنها وتحسب الله على ابليس قالت : نوف ضربتني .. الله يجعلها ماتاخذ حمود .. الله ياخذها ويجعل ابوي يوديها لمسفر .. اه .. هذي مجنونة قطعت شعري ووجهي ..
          طالعت نورة في نوف اللي تشهق بصمت وتمسح عيونها بمنديل وهي خايفه من العواقب لو ابوها درى عن ضربها للعنود حبيبته ..
          رمتها نورة بنظرة لوم وعتب ومغزاها وش نهاية هالرفض يانوف .
          قالت نوف بضجر : ها وش عندتس انتي بعد ..؟
          زمت نورة شفايفها قالت : ماعندي شي بس حكمي عقلتس قبل يفوتتس الفوت ثم ماعاد ينفع الصوت .
          طلعت نورة ولحقتها امها وهي لازالت تتحسب وتلحقها بدعوات لبناتها بالهداية والصلاح والستر ..

          يوم ثاني وفي مدرسة الاجواد ..
          وقفت في الشمس اللي تبثها شيء من الدفء
          خاصة ان الجو بارد في الصباح وجو الأجواد يشبه جو الطايف بحكم انها الأقرب ومرتفعه عن سطح الأرض مثل سطح منطقة الطايف .
          ضمت جسمها بيدينها وهي تنتظر الحصة تنهتي حتى تطلع من فصلها ..
          طالعت في نوف اللي جالسة في غرفة الاداره مقابله لها وملتهية ببعض الأوراق والدفاتر اللي تدقق فيها ..
          اليوم تكرهها اكثر من قبل
          تحقد عليها وتشوفها انسانه وضيعه
          وشلون مدرسة ومربية جيل تصرفاتها رعناء ..
          وشلون تنشيء بنات يخافون الله ويحافظون على قيمهم ومبادئهم ويكونون قد ثقة اهلهم وهي ماربت نفسها ولا احترمتها ..
          " الله يشفيها ويهديها "
          قالتها بقلبها وهي تلتفت للطالبات اللي اصواتهم علت على غير العادة وكأن فيه موضوع اثارهم ..
          : خير اش صاير اصواتكم طلعت ..؟
          ردت وحده من الطالبات : ابله شنطة مستورة فيها عقرب صغيرة ..
          تكلمت ثانية : شكلها جاية(ن) تدور الدفا في الشنطه ..
          وثالثه : اشوا انها ماقرصتها فكها ربي .
          كانت جامده مابين الطالبات اللي الوضع عندهم عادي الا مزنة الطالبة الخجولة واللي عمرها ماتجاوز 11 سنه قعدت ترتجف بهلع ..
          قالت شادن بخوف وهي تحاول تتشجع : مستورة لاتفتحين شنطتك طلعيها برا اذا تقدرين . مزنه ليه خايفه ماراح تنط عليك .
          حطت اصابعها اللي ترتجف في فمها وتكلمت سارة بنت عمها واللي قاعده بجنبها : ابلا اخوها الصغير مات من قرصة العقرب وجاتها عقده .
          كشرت شادن بخوف ..
          ياربي استر ..
          الله يلوم من يلومك يامزنه والله يذكرك بالخير ياناديه اثري خوفك منها ماكان من فراغ ..
          انتبهت لوحده من البنات وهي تقول : ابلا عادي نطلع الكتب وننفض الشنطه واذا طاحت ذبحناها .
          بلعت شادن ريقها وهي تتخيلها تطلع وتهجم عليها ولا على وحده من البنات قالت : لا لا انتم مسؤوليتي وانا خايفه عليكم .. طلعي شنطتك برا يامستوره حطيها عند البوابه .
          ضحكت وحده من البنات باستهزاء ورجعت ضحكتها بسرعه وهي تشوف شادن ترفع حاجبها مستنكرة ضحكتها بوضع مثل هذا ..
          قالت مستورة : ابلا انا شفتها صغييييرة اقدر اذبحها .
          : لا لا انا قلت طلعيها اسمعي الكلام ولاتجادلين يامستورة .
          : طيب ودفاتري ..وشلون اكتب فيها ..؟
          : بعدين تكتبين الملخص اذا خرجت العقرب من شنطتك ..
          اخذت مستورة شنطتها وطلعتها برا الفصل ورجعت جلست وشادن عاضة على اسنانها ليه هي اكثر وحده خايفه ..
          ليه ماتقدر تتأقلم على الحياة هنا بسهولة الناس تمر بجنبهم الحشرات عادي وهي ترتجف لين تحسها ابعدت والبنات هنا شوفة العقرب شي طبيعي ومتعود ين عليه وهي كادت تختفي من الخوف بصمت .
          انقذها صوت الصفارة واعلن انتهاء الحصة وبداية حصة ثانية ..
          طلعت بسرعه وتركت وراها اسئلة كثيرة في افواه الطالبات حول خوفها وقلقها وعدم مواجهتها لعقرب وصغيرة ...

          ***
          يتبع,,,


          تعليق

          • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
            عضو ماسي
            • May 2009
            • 708
            • .
              .
              .


              .
              .
              .


            #65


            بعد ثلاثه ايام كانت حافلة بالقلق والانتظار والترقب
            عماد جالس عند الدكتور ويكلمه بالتفصيل الممل عن حالة فهد .
            وناصر وبندر ونايف واقفين امام غرفة العناية المركزة ويراقبون حالته وهو يكح ولا يتحرك ..
            قال ابو فهد .. : انا بدخل عنده اشوفه صحى .
            رد بندر وهو عاقد حواجبه دلاله على الأسى على اخوه : انتظر لين الدكتور يسمح لنا .
            دخل الممرض ودخل معه ناصر وعيونه مركزها على ولده البكر اللي يصارع الوجع والحزن ..
            قرب منه وحط يده اليمين على جبينه وفتح فهد عيونه ببطء وغمض بارتياح ..
            المهم ان ابوه وامه تطمنوا عليه والباقي يهون ,,
            نفث ابوه عليه باية الكرسي والمعوذات ومسح على صدره وهو يكرر (اللهم رب الناس اشفه انت الشافي شفاءٌ لايغادره سقما اعيذك بكلمات الله التامات من شر ماخلق .. اعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامه ومن كل عينٍ لامه .. باسم الله ارقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك )
            نزلت دمعه من عين ابو فهد امام مرأى بندر ونايف اللي ابعدوا على طول عن الغرفه ومسحها بطرف شماغه وهو يهمس له : سامحني يابوك .. الظاهر ماجنى عليك غير كلامي لك . ارتجف صوته وكمل : الله يشفيك ويردك عليّ .
            تحرك فهد من مكانه ..
            الا دمعة ابوه ..!
            الا ضعفه وانكساره ..!
            الا انه يعتذر منه ..!
            بغى يتكلم واخذ نفس وكح بصعوبه واضطر انه يسكت قال الممرض السعودي : لوسمحت ياعم تفضل برا ولدك تعبان ومحتاج للراحه ووجودك عنده يتعبه .
            هز ناصر راسه وسلم على جبين فهد ..
            ونزلت دمعه من عين فهد وصلت لرقبته وهو مغمض كأنه مايبي يواجه الدنيا وهذا واقعه وحاله ..
            مسحها ابوه بقهر ..
            يحس ان ولده يتألم
            صدره منغرس فيه المرض والالتهاب الحاد ..
            ووجع فراق سعود ..
            طلع من عنده وهو يشوف الممرض يحقن فهد بمنوم ومسكن والثاني يستسلم للنوم بوجع ..
            وقف عماد قريب من خاله ومسكه بيده ..
            : تطمن ياخالي .. الدكتور يقول حالته تحسنت ..
            تنهد ناصر بحسافه على حال فهد قال : مالظاهر انها تحسنت ياعماد .. الرجال ماقدر يتكلم .
            : هذا طبيعي من البرد اللي تعرض له وقلة الأكل والحمى اكيد انه راح يتعب بس الأشعه تقول ان ماعنده الا التهاب وان شاء الله كلها اسبوع ويطلع .
            طالع ناصر في ساعته قال : تروح معي لبيت نايف ..؟
            فك عماد شماغه ولف جناحه بخبرة قال : لا الله يخليك لي وراي مية شغله .. ودي اكثف الشغل هاليومين قبل الشهر الفضيل ..
            : الله يعينك ياولدي .. يالله اجل نتواجه على خير .
            : على خير ياخال .. الله معك .

            طلعوا من المستشفى ..
            عماد راح لشغله وخاله وبندر راحوا مع نايف لبيته ..



            ***



            اسبوع ثاني وفهد يصارع الام الصدر ..
            مابين وجع الدنيا بدون سعود
            ووجع رئته اللي يصعب التنفس مع التهابها
            خاله وبندر رجعوا بعد ماطمنهم الدكتور ان فهد بدا يتحسن عن اول
            كان جالس في شقته يشرب قهوة تركيه ويراجع بعض المعاملات والمستندات المهمه ..
            ارضية الصاله مغطيتها الجرايد والكتب والأوراق والملفات ..
            دق الجرس فجأة وهو في قمة تركيزه .
            رمى القلم من يده ولام الحارس اللي ماعمره دق الا وهو مركز بشي مهم .
            فتح وتفاجأ في بندر اللي سلم ودخل وشهق على طول قال : اعوذ بالله انا وين انا داخل ..
            رد عماد وهو يرفع بعض الجرايد المنتشرة في المكان قال : ادخل للمجلس على بال مارتب المكان
            رمى بندر شماغه وقعد يرتب معاه بهمّه
            قال عماد : مريت فهد ..؟
            : لا توني وصلت .. نزلت ابوي عند نايف .
            : ليه ماجبته عندي ..؟
            : ياخي نسيت نايف انت .. اعوذ بالله انسان لحوح اول مادرى ان ابوي معي ويحلف اني ماتعداه المهم خذ ..
            مد على عماد ورقه قال : هذي من اهلك يقولون طلبات رمضان . ابلشني ابوي يقول وصلها له قبل يرجع .
            اخذها عماد ودخلها في جيب تي شيرته قال : وشلون جدتي ..؟
            : طيبة بس ازعجتني تقول خله يرجع .
            : قلت لها اني ماقدر ارجع واترك فهد .
            : قلت لها بس تقول دام انه تطمن عليه خله يرجع وحاله حالكم .
            : الحين من يفكني من تحقيقها ولومها .. الله بس يعين .
            : هههههههههههههههههه امش على هواها وترضى عنك .
            رجع بندر للباب قال عماد : وين بتروح اجلس خلنا نتقهوى .
            : لا نايف ينتظرني بالقهوة .. متى تبي تمشي انت للديرة .
            : مادري والله ماقررت للحين بس يمكن بكرة .
            : زين يالله سلام عليكم
            سكر بندر الباب وطلع عماد الورقة وانذهل
            47 غرض وكل غرض بجنبه 2 كرتون ولا 3 ..
            هذي صاحية .. !!
            وين احط هالاغراض ؟
            تأمل الورقة المزخرفه والخط الأنيق وابتسم
            ورجع يقراها طلب طلب ..
            اغلب المواد الغذائية اللي كاتبتها منزوع الدسم ولا قليل الدسم ..
            معقول تكون عشاني ولا عشان جدتي .. !
            رجع يكمل وهو يشوف اشياء قد سمع فيها وبعضها اول مرة يسمع فيها ..
            حس باطمئنان وهو يتذكر انها هناك ..
            مكانه ..
            والأهم ان جدته ماصار يحاتيها مثل اول ..
            متطمن انها في البيت وتراعيها وتجلس معها وتداريها .
            قرب الورقه من فمه وانفه وهو يفكر من يجيب له الاغراض خاصه ان ماله خلق يطلع .
            ووراه مية شغله ومعاملات لابد يراجعها ويوقع عليها ..
            وضروري يرجع للشركه بعد ساعه يقابل فايز ويكمل معاه الشغل ..
            اخترقه ريحة عطرها اللي لزق في الورقه من يدينها ولمساتها واثارها ..
            ورجع نظره للورقه الأنيقه ..
            ارتعش جسمه وحس بقشعريره وهو يشوف مكتوب في اخر الطلبات بخط صغير وكأنه خجلان ويبي يداري نفسه بين الحروف ..
            ( تأخرت علينا كثير .. ان شاء الله انك بخير )
            قراها اكثر من عشر مرات ..
            هذي وش بتسوي فيني
            ناوية لها على نية بس الله يستر منها ..!
            لبس ملابسه وخرج من الشقه وهو يكلم فايز مدير الشركه ويحمله المسؤوليه في غيابه .


            ***

            له اسبوع ونص غايب
            ماهمها غيابه كثر ماهمها زعل جدتها ..
            تذكرت الورقه اللي كتبتها له ووش بتكون ردة فعله اذا شاف كثرة الأغراض
            ولا الكلمه اللي كتبتها له
            عورها بطنها وهي تتخيله يقراها .
            وقامت من فوق الكرسي حق التسريحه ..
            حاولت تنشغل بأي شي غير التفكير فيه ..
            بدلت ملابسها ولبست بيجامه الوانها مابين الموف والزهري ..
            بأكمام طويلة وبنطلون واسع وطويل ..
            اخذت شباصتها في يدها وطلعت من غرفتها .
            تعودت ماتنام الا عندها مويه ..
            والمطبخ اللي فوق فارغ حتى ثلاجته وجودها زي عدمه ..
            نزلت مع الدرج وسمعت الباب ينفتح
            فزت بمكانها خوف ورعب وطاحت الشباصه من يدها واحدثت صوت وهي تتدحرج مع الدرج درجه درجه ..
            خاصة ان البيت خالي من الأصوات وجدتها والشغاله نايمين ..
            طالع فيها وفي يده اكياس كثيرة وعند الباب كراتين وكأنه جايب بقالة كاملة .
            عضت على شفتها السفلى منحرجه من نفسها اكثر مما هي منحرجه منه ..
            كل هذي طلبات ..؟
            صدق اني هبله ..
            تذكرت كلام جدتها عن حياتهم في رمضان وطقوسهم والتمست لنفسها العذر ..
            متردد وش يقول وهو يشوفها تطالع بالأغراض وتاكل بشفتها بحرج ..
            قال : جبنا لتس طلباتس ياطويلة العمر .. اللي تقدرينه شيليه واللي ماتقدرينه خليه للشغاله ولا بكره اشيله انا .
            نزلت بحرج قالت وهي ترسم على ملامحها ابتسامه بالغصب : الحمد لله على سلامتك . وماعليه خلّ الناس اذا افطروا عندنا يقولون احلى فطور فطور عماد اهله .
            مد عليها الجريده وشماغه وعقاله في يده قال وهو يتحاشى النظر فيها ويتجاهل جملتها الثانية
            : الله يسلمتس .. خذي حطي هذي في الصالة اقراها شوي ولا بكرة .. وسوي لي شاهي وثقليه .
            اخذتها من يده ولمست اطراف اصابعها اصابعه ..
            وخرت يدها بسرعه وطاحت الجريده من يدها ..
            قالت : اووه سوري ... اخذتها بسرعه وكملت بارتباك : أ أ طيب .. تعشيت ..؟
            اجمل لحظات يستمتع فيها لمن يشوفها ترتبك خجل اوتعلو جبينها وخدودها حمرة خجل ..
            ابتسم نصف ابتسامه قال : لا ماتعشيت .. وش بتعشيني ..؟
            بلعت ريقها وحست الدم يعلو لوجهها اكثر قالت : ها ..؟ اللي تبغاه .. بحط لك من عشانا .. مسوين صينية خضار بالدجاج . ولا ماتعجبك ..؟
            حس انها مرتبكه وماتدري وش تقول قال بهدوء : زين جهزي لي أي شي وجيبيه لغرفتي فوق . مالي خلق انتظر تحت .
            عدت من عنده وراحت للمطبخ ..
            وهو دخل غرفة جدته طل عليها وخرج توجه للدرج ومنه لغرفته ..
            رمت الجريده على الطاوله وسوت له شاهي وسخنت له العشا
            وقعدت تحضر وهي منقهره من طريقته وكلامه لها ..
            حتى سلام ماسلم زي الخلق والناس
            ولا كيفك ماقالها ولا سأل عن جدتي .
            وكل كلامه يامسخرة وياجد في جد .
            انسان جامد وماعنده احساس ..
            خرجت الصينيه البايروكس من الميكرويف وهي تتمتم ب ماعليه ياشادن تحملي وش وراك . . وبالصبر بتنالين اللي تبينه .
            طلعت فوق وهي تشيل الصينيه الكبيرة اللي رتبت فيها العشا والشاهي
            ..
            كان لابس قميص اسود بكم طويل ويمشط شعره قدام التسريحه ..
            شافها في المرايه ورمى الفرشه من يده قال : كان رتبتي غرفتي يوم ماقفلتها .
            رمته بنظره وهي تحط الصينيه على الارض قالت : مابغى اتدخل في خصوصياتك .
            ابتسم غصب عنه وهي تعقد حواجبها وتتكلم بضيق ..
            قال : زين ياللي ماتبين تتدخلين فيني وش اللي تأخرت عليكم .. ها .
            اجلسي تعشي معي تراني ماحب اكل لوحدي ..
            انحرجت من كلامه وطريقته
            واهتمامه وتجاهله ..
            اليوم هذا مو صاحي ..
            قالت : لا شكراً تعشيت.. اذا خلصت اكل خرج الصينيه برا وانا اجي ارجعها ..
            اعطته ظهرها بتخرج قال : تعالي تعالي ماتبين تعرفين علوم امتس ونايف .
            رجعت بسرعه قالت بلهفه : الا والله ابغى اعرف .. مريت امي ..؟ اش اخبارها وكيف نايف ..؟
            قال وهو ياكل ويرشف من بيالة الشاهي : قدمت لامتس على شغاله وقلت لنايف ان انتي اللي دفعتي الفلوس ..
            عضت على شفتها السفل برقة قالت : كم دفعت ؟.
            : مالك شغل .
            : الا لي شغل وراح ارجع لك فلوسك ان شاء الله بس اروح جده عشان اسحب راتبي .
            رفع نظره لها يبي يشوف ردة فعلها قال : انتي وش دخلتس .. انا رجال ابي اقدم لعمتي خدمه .
            وبنطرة مليانه اسئلة تبيه يفسر ويترجم ويوضح قالت : عمتك ؟.
            بلع لقمته وهو يطالع في الأكل قدامه ويواري نظره عن نظراتها المستغربه قال : ايه عمتي ولا عندتس شك ..؟
            نظراتها ماقدر يفسرها ..
            هل هي عتب ..؟
            ولا لوم ..؟
            ولا ليه تستخف فيني بكلامك هذا ..؟
            قالت وهي عاقده حواجبها من تناقضه وحركاته السخيفه بنظرها
            : المهم هي كيفها وكيف صحتها ..
            : طيبة وتسلم عليك ونايف بعد يسلم عليك .
            همست وهي مخنوقه : الله يسلمهم .
            نفسها تسأله كيف جاهم ومتى ووش قالت له امها بالتفصيل الممل وكل كلام نايف بس ماتبي تحرج نفسها معاه وتدري انه ماراح يبرد لها قلبها .
            فترت ملامحه وهو يشوف لونها بهت والذكريات والحنين خنقتها وقربت العَبْرَة ..
            قال بهدوء : اذا بين تروحين لهم بوديك أي وقت ماعندي أي اشكال لوتبين بكرة .
            هزت راسها قالت : لا مشكور .. صعب اروح ايام الدراسه وبكرة السبت .
            طلعت من عنده ودخلت غرفتها ..
            حاولت انها تتماسك وتصبر
            بس كانت الدموع اقوى من صبرها
            وتفجرت حنين وشوق
            سالت أسى وقهر على فراقهم وبعدهم
            اشتاقت لامها وتحس انها ماشافتها سنين ..
            واشتاقت لضحكة نايف من زمان عنها .
            ضمت مخدتها وهي مغمضة بقوة .. ورموشها مبللة بالدمع ..
            فتح عليها الباب ودخل قال : كنت عارف انك تبكين .. والله لودريت ماجبت لك سيرتهم ..!
            سحبت لها منديل وابتسمت وهي تمسح عيونها وخشمها قالت : عادي انا اصلاً بكاية ... خلصت عشا ..؟
            وقفت وهو يطالعها بدون مايتكلم
            الحمرة اللي اكتست جفونها وخدودها وخشمها واذانيها مشكله منها فتنة .
            مهما كان هو رجل وعنده احساس
            او انها بأنوثتها ووجودها احيت احساسه بعد ماقتله ..
            مشاعره اليوم اقوى منه
            وشادن سطوتها عليه مو مخليته يتحكم لابكلام ولا بشعور ..
            مسك يدها وهي جمدت بمكانها
            كانت تحس انه متغير من اول مادخل ..
            بس تغييره لحظي او لوقت .. وبسرعه يرجع زي اول
            يعني مو مقتنع انه يتغير .
            غمضت عيونها وهو يقرب يدها لشفايفه ويطبع عليها قبله لأول مرة .
            رجعت خصلة تمردت على جبنها ورى اذنها قالت : بروح اشيل الصينيه وارتب لك غرفتك كلها غبار .
            حس عماد بارتعاشة يدها وضم عليها بقوة قال بحنان مايدري ليه سيطر عليه : بكرة الصباح بوديك لاهلك .
            اختلف صوتها وهي تشوفه يطالع فيها بتأمل لأول مرة ..
            ومن هالقرب ..!
            وبكل هالأحاسيس ..
            ارتباك وخوف وخجل كلها امتزجت وشكلت منها كتله حمرا ومتجمده ..
            ماقدرت تنطق الا : بكرة صعب .
            رفع راسها اللي منزلته للأرض وتهمس له قال : ارفعي راسك ياشادن طالعيني وانتي تكلميني ..
            رفعت عيونها لوجهه بحرج ..
            وذاب كل الجليد ..
            ..

            انا انسان
            وقربك ايقض
            الوجدان ..
            ينام بداخلي
            احساس ..
            وتصحى بقلبي
            الاحزان ..
            ولو تدري ..
            هنا بصدري ..!
            سكاكين الوجع
            والاه
            وتسكن فيني
            المأساة
            تعالي وارتمي فيها
            عسى قربك يشافيها
            المسي
            جرحي خفا
            واغمري
            بردي دفا ..
            تعالي
            وايقظي فرحي .
            وادملي جرحي ..
            تعالي
            واضحكي فيني
            والعبي فيني
            واسكني فيني
            انا انسان
            وقربك ايقظ الوجدان .

            (اقدار )



            امتدت يده لها وضمها على صدره ..
            وهي مابين حلم دافي وحقيقه حالمة ..
            تصدق ولا تكذب
            رغم الرهبه والخوف
            الا ان الاطمئنان كان مخليها تستلم له بكل هواده وهدوء ..
            نست خوفها من مصيرها اللي حكم به عماد عليها ..
            واطمئنت لبداية نجاح خطواتها بقربه منها ..
            مرت دقايق قليله وهو حاضنها
            وهي مغمضه وترسم بقية الحلم
            ضحكته
            كلامه معاها بانطلاق
            فرحته بشوفتها ولهفته
            قبوله وتقبله لها بكل مكان وبكل وقت .
            وكأن الحلم مستكثر عليها ..
            لمن وخرها عن صدره وهو يطالع بالارض ويتحاشى وجهها ..
            صعب يمني نفسه بالحياه
            وهو ميت ..
            صعب انه يغير القدر
            ولا انه يحلم ويكسر في شادن الامال بعد سنوات قصيرة ..
            رحمه ربي بعلب الأدوية اللي اخذتها من غرفته
            وكأنها المنقذ الوحيد بعد الله وتكون وسيله كي يخرج من اللحظات العصيبه بنظره . .
            احكم قبضة يده على يدها
            قال بصوت باهت وهادي ومعاتب وحاني بنفس الوقت : هذي وش تبين فيها ليه جايبتها لغرفتك ..؟
            رفعت وجهها اللي كانت منزلته للأرض بخجل وطاحت عينها على الأدوية ..
            من وين تجيب الكلام ..؟
            وين العذر ..؟
            دخلت غرفتك وفتشتها ..؟
            ولا حاولت ادور على خيط يدخلني لأسرارك ويكشف لي غموضك ..؟
            ارحمني يارب .
            اخذت نفس عميق قال بجرأة انطلقت من شفاهه من دون مايحسب لها او يفكر في عواقبها وكأنه تسوقه على الكلام او بمعنى اصح تجبره على الفضفضه
            : تبين تعرفين هذي ليه ..؟
            هزت راسها بلا قالت : ها .. ؟ عماد ماقصدي شي بس امي عندها القولون ..
            حط وجهه قدام وجها ولفحتها انفاسه وهو يقول بهمس : وانا ماعندي قولون ياشادن .. فهمتي .. ماعندي قولون .
            انتفضت بمكانها ..
            وعلا صدرها وهبط وكأن قلبها بيخرج من مكانه خشية الصدمة والخوف من اللي بيقوله ..
            تهاوت على السرير جالسه وانفلتت يدها من يده ..
            قالت بشفايف ترتجف وصوت مخنوق وهي تحط يدها على فمها بأسى
            : عماد .
            قاطعها بضحكه خافته لأول مرة تسمعها وهو يشوف الهلع باين على وجهها وتترجمه رعشة يدينها وشفايفها ..
            جلس قدامها على ركبه قال : لاتخافين هذي فيتامينات .. انا مافيني الا العافيه .
            هزت راسها بلا واصرار انه يكذب .
            مسك ذقنها من تحت وشد عليه بسبابته وابهامه زي مايسوي مع شهد دايماً اذا عاتبها ولا زعلت منه وجا يراضيها
            قال بهمس : ليه ماتبين تصدقين .
            حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي مغمضه ..
            ماعندها كلام
            ولا تقدر عليه ..
            الأحاسيس بداخلها كثيرة بس كيف تظهرها وهي بموقف مثل هذا ..
            والصوت يخذلها والكلام يخونها ..
            وقف وهو يطالع في الباب ..
            لابد يبعد عنها ..
            يهرب لأقصى مكان
            حتى ماتكشفه ويفضح امره قدامها وبين اياديها ..
            مسح على راسها وطبع على جبينها قبله اجبرته على فعلها وطلع ..
            تركها مابين ندب وقهر
            تصدق عيونها والواقع ولا تصدق كلامه ..
            مو قولون ..؟
            ومستحيل تكون فيتامينات ..
            معقول ما فيه شي ..
            اجل ليه حياتهم كذا ..؟
            بس وشلون تعرف ..؟
            هو هرب منها خلاص ..
            وماتدري له رجعه ولا راح يحرِّمها للأبد ..!
            ابتسمت وهي تتذكر يدينه اللي حوطتها بقوة وهو يضمها .
            نفسها تروح له وترمي نفسها في حضنه مرة ثانيه وتعيش نفس الاحساس ..
            تلخبطت مشاعرها مابين ارتياح وطمأنينة وخوف من باكر ..
            تذكرت الصينيه واكيد انها عنده او برا غرفته ..
            وقفت وشافته يشيلها بنفسه قال بلهجة جافه : ارجعي نامي انا اللي ارجعها .
            ردت باصرار وهي تتسلح بالقوة واللامبالاة من تغيراته المفاجئة
            : اصلاً انا لازم انزل عشان ادخل الاغراض اللي جبتها ..
            : خليها بكرة ترجعها الشغاله ..
            ردت بابتسامه اغتصبتها من بين افكارها الموجوعه : فيه اشياء مايصير تبقى برا بحطها في الثلاجه ..
            : زين اجل خذي مني دام انك رايحه رايحه بغيت اخدمك وانزلها .
            بلعت ريقها وقالت : تسلم ماتقصر .
            تنهد من العمق بدون كلام ..
            واخذت الصينيه منه ورجع لغرفته سكر الباب بينه وبينها ..
            وهي راحت في طريقها ..
            وطريقها الليلة مابين الحلم والألم واليأس وبوادر امل تشوح لها من بعيد وبكرة يثبت لها ياتستقبلها ياتودعها ..

            وهل الشهر الفضيل
            القرية الصغيرة تحولت الى جماعات
            نص بيوتها تخلو من قبل المغرب والنص الثاني تستقبل
            مافيه بيت يفطورن اهله لوحدهم
            وهذي حلاة رمضان فيها
            اذن العصر وشادن في المطبخ تشتغل بهمه مع الشغاله ..
            اليوم الفطور عند ام ناصر وعيالها وبناتها مجتمعين عندها ..
            ماناقصهم الا نورة اللي عايشه في الرياض وماتجي الا في المناسبات والاجازات ..
            واحمد اللي متوظف في السفارة السعودية في عمان ..
            دخلت فوزية ومعاها صينيتين حلا وبيتزا قالت شادن وهي تحرك قدر الشوربه الكبير : عمتي دايماً اول يوم تتجمعون عند جدتي .
            ردت فوزية وهي تدخل الصواني بالفرن : ايوه بس دايما حريم اخواني وبنات ناصر يتجمعون من بدري ويساعدون الشغاله .. اليوم ماجوا شكلهم معتمدين عليك ولا مستحين منك .
            : يارب تساعدني .. ياليت امي عندي هي اللي اتكل عليها بعد الله في مواقف مثل هذي .
            قربت فوزية من القدر وشمت الريحه وغمضت قالت : قدها يابنت خالد .. ريحة طبخك لوحدها تشبع ..
            ضحكت شادن قالت : بعدي بعدي لاتفطرك الريحه .
            : هههههههههههههه شكلي شبعت .
            دخلت شهد تجري قالت : شادن عماد يقول خليها تسوي لي عصير مثل اللي سوته على السحور وتبرده .
            قالت : عماد فين عند جدتي ..؟
            قالت شهد : ايوه بسس ... امممم ... شادن لاتزعلين مني ..
            زمت شادن شفايفها قالت : علمتيه ها ..؟
            ضحكت شهد ببراءة قالت : وعماد ضحك كثير ..
            طالعتهم فوزية مستغربه قالت : وش صاير ..؟ تتكلمون الغاز اليوم .. شهد وش قلتي لعماد .
            طالعت شهد في شادن اللي تعض على شفايفها مقهورة قالت : شادن اقول لماما .. ماما ماتضحك زي عماد صح ياماما .
            ردت فوزية بضيق : ايه صح بس قولي .
            حطت سبابتها قدام امها وفتحت عيونها ورفعت حواجبها قالت : وعد ماتضحكين .
            : وعد يالله قولي .
            فتحت شادن الثلاجه وطلعت الفاكهه تبي تسوي لعماد عصير وهي ساكته وتتمنى لو تشوفه يضحك كثير .. ماتتخيله يضحك الا ابتسامه واخر مرة ضحك لمن قال مافيني شي حست ان ضحكته بوجع .
            قالت شهد : البنات في المدرسة يقولون شادن خافت من العقرب اللي دخلت في شنطة مستورة وطلعتها برا عند بوابه المدرسة . وخالة مزون طلعت كتب مستورة وضربتها ضربتها ضربتها الييييين ماتت .
            قالت فوزية باستغراب : طلعتي شنطة البنت برا وخليتيها .
            تكلمت شادن بعصبيه : اجل اخليها تلدغ البنات ولا اش اسوي .. تعالي شهد من اللي قالت لك ان الخالة هي اللي موتتها ..؟
            : العنود علمتني تقول الخالة علمت نوف ..
            شهقت شادن قالت : الحين بتسوي لي سالفه .. استغفر الله اللهم اني صايمه .
            دخل عماد وهو يضحك ويعض على شفته اللي تحت حتى يوقف ضحك قال : ذكريني اخذك للمزرعه واعلمتس وشلون تذبحين العقارب .
            وبردة فعل سريعه قالت : بسم الله عليّ مالقيت تعلمني الا ذبح العقارب .
            قالت فوزية : مادري كيف بيطلعون عيالك ياعماد اذا امهم تخاف من الحشرات .. تدري انها تخاف من شي اسمه جراده ..
            كانت جملتها الأولى كفيله انها تجمد كل حركاته وضحكته ونظرته ..
            بهت لون شادن وطاحت من يدها تفاحه كانت تقشرها ..
            دق الجرس وانسحب عماد بدون مايرد او يعلق او حتى ينتظر أي تعقيب ..
            بعد دقايق كانت منال وحنان بنات ناصر معاهم في المطبخ ...
            وامهم حلفت عليها شادن ماتدخل المطبخ وتروح تجلس مع جدتها لحد مايأذن المغرب ..
            وصلت حليمه زوجة فواز وراحت تكمل الجلسه مع ام ناصر وام فهد بأمر من شادن ورجاء ..


            ***
            يتبع,,,



            تعليق

            • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
              عضو ماسي
              • May 2009
              • 708
              • .
                .
                .


                .
                .
                .


              #66


              بعد اسبوع اول من شهر الخير ..
              كان جالس في المستشفى مع نايف اللي ماتركه ولا يوم ويفطر معاه الايام اللي راحت كلها ..
              قال فهد بصوت هادي ويده على صدره : نايف تراني ماني راجع للديرة الايام هذي وانا كتب لي الدكتور على خروج .
              فهم نايف مصقد فهد وتهلل وجهه لأن ولد عمه يطلب منه انه يجي عنده ويحسسه بقربه منه وحاجته له ..
              قال : الله يحييك في بيتك وبيت اخوك يافهد ..
              حط يده على يد نايف قال : بيض الله وجهك يابو خالد اشهد بالله انك رجال وماقصرت معي .. ويعلم الله ان معزتك من معزة بندر وخالد .
              دخل عماد عليهم وهو يبتسم وقطع كلامهم وهو يقول : فاتني فطورعمتي .. عز الله اني جاي مستعجل عشان الحقه .
              ضحك نايف وهو يوقف ويسلم على عماد قال : مافاتك الا الشر يابو مشعل .. فهد ماكل الا شي خفيف وامي الله يخليها لي حاسبة حساب مرضى الجناح كلهم .
              ضحك عماد وسلم على فهد وشده بيده قال : يالله قوم خل عنك الدلع .. ترى الدكتور كتب لك خروج .. تبينا نمشي للديرة ولا نجلس الليله في شقتي وبكرة نمشي .
              طالعوا فهد ونايف في بعض قال عماد : وش السالفه ..؟
              رد نايف : فهد بيطلع عندي كم يوم ..
              فهم عماد ان فهد مايقدر يرجع للديرة وجرحه للحين ماندمل والذكريات بتنزفه ويحتاج فترة نقاهه بعيد عنها ..
              قال باقتناع : على خير ان شاء الله .. بس امك وخواتك ابلشونا كل شوي بندر جاي يقول باخذهم اوديهم له وانا اقول اصبر فهد يجي بنفسه ويطمنهم .
              رد فهد بهدوء : خل بندر يجيبهم يوم واحد ويرجعهم .
              فك عماد شماغه ونسفه من جديد قال : زين يالله توكلوا على الله .. انا دفعت الفواتير وماعليك يافهد الا توقع على خروجك وتروح مع ولد عمك .
              قال نايف : وانت بتروح معاي للبيت والليلة بتتسحر عندي .
              : لا والله اعذرني انا جاي لفهد ووراي اشغال في الديرة لكن مثل ماوصيتك لاتنسى الشغاله تراها توصل بعد اسبوعين ..
              رد نايف : ان شاء الله مانسى .. ترى امي تسلم عليك وتقول اشكره واعطه الفلوس حقتها بس انت الله يهديك يابو مشعل ..
              قاطعه عماد قال : وليش تعطيني انا الفلوس ؟.. اذا بتعطون عطوا بنتكم هي اللي جابتها بفلوسها .. سلم لي بالله على عمتي وانا بإذن الله راح امرها قريب ..
              : يوصل ان شاء الله .
              قاله نايف وهو يجمع اغراض فهد اللي دخل يبدل ملابس المستشفى بملابس جديده جابها نايف له .
              طلع عماد متوجه للشركه قبل يمشي للديرة ..
              وخرج فهد مع نايف بعده بمده قصيرة ..
              الدنيا جديده عليه ..!
              وهو جديد عليها ..!
              عمره ماكان ضعيف بالشكل هذا ..!
              ووحيد بالشكل هذا ..!
              ويائس وحزين بالشكل هذا ..!
              تذكر ان اخر عهد له بالضحكه مع سعود ..!
              وان الفرح مات مع سعود ..!
              وان الطريق كئيب بدون سعود..!
              وحزين مثله الليلة .
              حط يده على صدره حتى لايفر قلبه من الحزن والوجع ..!
              وضم عليه يبي يهدي روعه بفقد سعود اللي كل يوم يثبت له ويتأكد منه .
              وكمل طريقه الجديد ..
              بثوبه الجديد
              وروحه الجديده
              وأحاسيسه المبعثرة والغريبة ..



              ***


              نزلت من فوق بعد ماصلت المغرب وبدلت ملابسها ..
              وعيونها كلها نوم ..!
              الدوام في رمضان متعب ..
              والمشوار يهد الحيل ..
              صحيح انها تطلع بعد ماتصلي الفجر مو نص الليل زي اول بس برضو كونها ماتقدر تشرب مويه وهي عطشانه اسمه هلاك ..
              قال مشاري وهو يشوف عيونها تحيطها هالات سودا : سارة اذا الدوام بيسوي فيك كذا بلاش منه مو محتاجه الوظيفه انتي .
              قالت : اسكت بس يامشاري اليوم حسبتني اموت من العطش بس الحمد لله ان المغرب اذن علينا في الطريق وشربت قارورة كاملة قبل ماكل شي .
              تكلمت امها وهي تمد عليها كوب العصير : سارة يمه مهما كان اصبري واتبعي السنه كلي لك لو حبة تمرة بعدين اشربي مويه .
              رشفت من عصيرها قالت : يمه اقول لك حسبتني اموت من العطش ...
              سكتت وهي تشوف مشاري يأشر لابوه والثاني يتمتم له قالت بعفوية : اش عندكم . ترى مافيه الا انا وامي .. اذا عندكم اسرار لاتقولونها لبعض قدامنا وتقهرونا .
              قالت امها : بتروحين تصلين التراويح معاي في المسجد ولا بتصلينها هنا .
              تثاوبت وهي تتمطط قالت : يمه مافيني اروح للمسجد .. بصليها هنا وانام .
              قال مشاري : هذي سنَّه اذا قدرتي تصلينها بتؤجرين واذا ماقدرتي ماراح يحاسبك ربي .
              ردت ام مشاري بعصبيه : وانت ماعندك غير هالكلام .. ماتقدر تقول صليها واستفيدي من الشهر هذا لايضيع عليك بالنوم ..
              ضحك مشاري من ردة فعل امه قال : والله اني كنت حاس انك بتقولين هالكلام .. انا مقتنع بكلامك وشوفيني ماقد تركت التراويح من فضل ربي بس اذا هي ماتقدر و تعبانه تروح ترتاح وتنام والدين يسر ..
              قالت سارة : لا تقعد تضيع السالفه اش عندك انت وابوي .. طالعت في ابوها اللي مو معاهم قالت : ابوي شكله مو عاجبني .. فيه شي ..؟
              رد ابوها : مافيه الا كل خير امور تخص الشغل شاغلتني .. انتي بس روحي نامي لك ساعتين واصحي اسهري معانا .
              : لا ان رحت انام بركه اذا صحيت الفجر ..
              قال مشاري وهو يقوم يبي يتوضأ لصلاة العشا : بكرة خميس روحي حطي راسك وطلعي نوم الاسبوع كله . عاد نوم سارة اللي اعرفه لو البيت ينفجر ماصحت .
              قامت وهي تقول : اذا قدرت اصحى بتسحر معاكم واذا ماقدرت يمه لاتنسين تصحيني اشرب مويه اهم شي .. اخاف اموت من العطش بعد اللي مر عليّ اليوم .
              طلعت فوق قال ابوها : الحين وشلون اقول لها على طلاقها .
              ردت ام مشاري بهدوء : انا لومكانك قلت لها .. سارة تغيرت وكبرت عن اول يابو مشاري . وبتفرح بفراق خالد الله يهديه .
              : الله يرزقها باللي يسعدها .. اللي مريحني ان ماعليها عدة .
              : لاتنسى تروح تلغي طلب نقلها للرياض .
              : كلمت عماد رجال شادن بنت خالد والغاه .. ووعدني انه ينقلها عندنا في جده .
              : صدق .. الله يبشرك بالخير ويجزاه خير .. ليه ماقلت لها وفرحتها .
              : اصبري لين نخلص من موضوعها ثم نبشرها باللي يسرها ..
              صبت له كاسة عصير وهي تقول : ترى العشا اذن قوم توضأ على بال مالبس عشان توديني بطريقك .
              شرب ابو مشاري كاسة العصير دفعه وحده ووقف قال : يالله .. انا متوضي بس ابي اغسل فمي عن العصير ازهمي مشاري لا يتأخر ..
              رد مشاري : انا ماشي يبه ووراي مشوار لنايف .. ولد عمه عنده ومعشيه .. الحقنا هناك لاتنسى تراه يقول خله يجي معاك ودق عليك جوالك مقفل .
              : روح تعشى انت وانا بعدين امر اسلم عليه وسلم لي عليهم واعتذر عني .
              طلع مشاري من البيت ونيته وخطوته لبيت الله يطلب رضاه وعفوه ..



              ***



              رمضان في القرية بالذات تواصل واتصال ..
              الأهل بيوتهم وحده وجمعاتهم مستمرة ويومية ..
              ايامه تجمعهم على طاعة ربي وصلة رحمه ..
              بعد اسبوع من ايامه الفضيله
              عايشة احلى ايامها من يوم جات للديرة .. او لقرية الاجواد ..
              من بدايته وهي منطلقه بين بيوت عمانها وماترجع الا الساعه عشرة
              او اذا الفطور عندها يجونها بنات عمها ناصر ومايطلعون الا متأخرين وتدخل تنام على طول .
              حتى السحور ماتصحى عليه الا قبل الاذان على طول وتاكل شي خفيف وتصلي وتكمل نومها ..
              ماعاد عماد يشغل تفكيرها مثل اول
              او انها تعودت على بعده وتحاشيها وصارت هي تتجنب احراجه ..
              المهم انه مايشوفها الا بكامل اناقتها وابتسامتها على وجهها ..
              وتلبي له كل اللي يامر به وتحاول تظهر قدام عمانها واهلهم انها الزوجة المحبة والمتفانية لارضاء زوجها ..
              اما عماد فكان يقضي اغلب وقته مابين المزرعه وخواله .
              وجدته يتسحر معاها بدري وينام ..
              ماعاد يشوفها الا لمحات وهي داخله ولا طالعه ..
              رغم انه مرتاح لبعدها عنه وبعده عنه الا انه يسرق النظره لها ،
              والكلمه منها..
              اليوم الفطور عند بيت خاله ناصر ..
              ومن يوم رجع من المزرعه ماشافها ..
              نزل بعد مابدل ملابسه وراح لبيت خاله من بدري حتى يطمنه على فهد ويجلس معاه لين يأذن المغرب ..
              .
              استقبله خالد ولد خاله ناصر ودخل معاه للمجلس ..
              كانت جالسة بضيق وضيقه ومسنده بظهرها على المسنده وراها
              هي كانت تشك في وضعهم لكن من يوم دخل رمضان وشافتهم مايكلمون بعض وانه يحاول يتهرب منها ويبعد وهي تبعد وتدور اللي يشغلها ويجمعها بالناس حتى ماتقابله وتضايقه ..
              تأكدت شكوكها وصارت تراقب وتشوف ..
              قالت ام ناصر بكلمة قصيرة وصوت واطي ماوصل الا لعماد اللي جلس بجنبها : شفت مرتك من يوم جيت ..؟
              طالع في جدته قال : لاوالله جيت مالقيت احد في البيت .
              : شفتها نايمه ..؟
              : ها .. صاير شي ..؟
              رددت كلمته بينه وبينها باستهزاء قالت : صاير شي ..؟ مرتك في بيتها مريضه . وماظهرت من حجرتها ..!
              عقد حواجبه قال : مريضه ..؟
              : قوم روح لها وهرجها وشوفها محتاجة شي .. تبي شي .. خاف ربي في المسيكينه اللي من يوم اخذتها وهي صابرتن عليك وعلى اهمالك وغيابك .
              اخذ شماغه وطلع قال ناصر : انتي علامتس عليه الله يخليتس لي .
              : خله يروح يشوف مرته ويهتم فيها مثل مايهتم بعيال الناس .
              سكت ناصر وهو يشوف خالد ولده يدخل ويقول : يبه بندر يقول بودي امي والبنات لفهد في جده .
              رد ناصر وهو يهز راسه : انا قايل له . خل امك تروح تطمن عليه وترتاح مالها جدوى الا دمعتها عليه .
              تنهدت ام ناصر الأم الثكلى واللي تعرف فقد الضنى ومجربته : الله يطمن قليبها على ضناها وتقر عينها فيه .


              ***
              يتبع,,,


              تعليق

              • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
                عضو ماسي
                • May 2009
                • 708
                • .
                  .
                  .


                  .
                  .
                  .


                #67


                دخل البيت وطلع فوق على طول ..
                شافها متكومه على نفسها في سريرها ومتغطيه باللحاف مو باين منها شي ..
                وبجنبها كوب كبير فيه شاهي او عصير لونه بني فاتح ..
                مد يده ولمسه وحسه دافي ومشروب منه النص تقريباً ..
                ريحته موغريبه ..
                بس ماتذكرها ..
                قرب منها وجلس على طرف السرير قال : شادن .
                رفعت اللحاف عن وجهها بعد ماحست فيه وسمعت صوته ..
                قالت وهي معقده حواجبها : هلا .
                سندت بظهرها على مخدتها ورجعت شعرها المتبعثر على وجهها ورى ..
                قال : سلامات وش فيك .. ؟
                وجهها احمر وعيونها ذبلانه وحمرا وباين عليها التعب قالت : الله يسلمك .
                : وش تحسين فيه ..؟
                : ها .. ولا شي .. عادي .. بطني .
                كانت مرتبكه ومستحيه وخجلانه قال : قومي بوديك للطبيبة تعطيك شي .. هذا وشو اللي هنا .. ؟ افطرتي ..؟ لهالدرجة تعبانه . ؟
                نزلت نظرها للأرض قالت بخجل : قرفه .
                كشر قال : يالله امشي بوديك للمستوصف يعطونك شي احسن من الخرابيط اللي تشربينها .
                : لا مو لازم . خلاص انا الحين احسن .
                : احسن وهذا شكلك يالله بس لاتعاندين قومي .
                رفعت نظرها قالت : والله مو لازم طبيبة انا اعرف نفسي شويه وراح اصير كويسه .
                وبعفويه قال : طيب الألم من وين بالضبط .
                فتحت فمها قالت : بطني .. خلاص الحين مافيني شي .. انت روح افطر ترى المغرب حيأذن .
                صك اسنانه قال بقلة صبر وخوف : وريني الألم من وين ..؟
                ثنت رجولها ولفت يدينها عليها والمغص يزيد عليها قالت : بطني وظهري .. خلاص اخذت بندول وشربت قرفه الحين يخف .
                : ومن قال لك ان القرفه والخرابيط تخفف لك الألم ..
                غمضت عيونها وهي ماعاد فيها تتحمل الألم ولا سخافته قالت : انا اعرف نفسي .
                وقف قال بحزم : انا بطلع اخليك تبدلين ملابسك .. خمس دقايق والاقيك جاهزة .
                ردت بسرعه قالت : لا . ماني رايحه ولوسمحت روح افطر واتركني . انا مو ناقصتك .
                رجع لها قال : شادن .. انا مابي اضغط عليك ولا اجبرك بس كونك تتألمين قدامي وتتعبين لدرجة انك تفطرين هذا مايرضيني ولا راح اسكت ..
                حطت يدينها على وجهها قالت : انا معذورة ماعليّ صيام خلاص ارتحت .. عرفت ليه انا تعبانه .
                فتح فمه مايدري وش قصدها ..!
                وفجأة كأنه انضرب على راسه .
                انا وش يدريني عن الحريم واسرارهن ..
                لأول مرة يكون بموقف محرج مثل هذا ..
                قال بارتباك : وافرضي .. وش هالألم .
                عقدت حواجبها قالت : عادي انا متعودة .
                وقف قال باهتمام : طيب وش اللي يصلح لك غير القرفه .
                : خلاص شويه وحصير كويسه . انت بس اطفي النور وروح افطر .
                : لا ماني رايح برسل الشغاله تجيب لنا فطور هنا .
                : لا انا ماراح افطر بنام الحين ..
                هز راسه وخرج وهي حاولت تغفو لين تعدي ساعات الألم اللي تمر عليها كل شهر وتعتبر من اسوأ واصعب الأوقات بحياتها ..
                لامت نفسها على كلامها وصراحتها بس ماقدامها حل وهي تعبانه وقرفانه من الألم الا انها تفتك منه وتقول له ..
                شدت اللحاف على جسمها وتمنت لو انها راحت وغيرت جو وسمعت كلام جدتها ..
                هذا اللي استفادته
                احرجته واحرجت نفسها معاه ..


                ***

                طلع لبيت خاله وافطر هناك وسط اسألة جدته وخاله عن شادن وهو رد عليهم بأن معدتها تعبانه وتركها ترتاح ..
                بعد صلاة العشا والتراويح ..
                مارجع معاهم لبيت ناصر مثل عادته واثر انه يرجع لبيته ويشوفها ويتطمن عليها ..
                دخل عليها وهي على وضعها وشكلها نايمه وغاطه في نومها ..
                فتح النور وماتحركت وجلس على طرف سريرها قال : شادن .
                فتحت عيونها بهدوء وهي تحس براحه في جسمها بعد عاصفة الألم اللي اجتاحتها اليوم ..
                قامت وجلست قالت : عماد ..؟ من متى وانت هنا ..؟
                : توني دخلت .. ها وشلونك الحين ..؟
                : خلاص ماعاد فيني شي .
                رجعت شعرها ورى ولمته بالشباصة اللي بجنبها على الكومودينو قالت : افطرت ..؟
                : ايه افطرت وقلت للشغاله تجيب لك فطور .
                : مو مشتهية شي الحين بقوم اخذ لي شور .
                ابتسم على مصطلحاتها الغريبه عندهم في الديرة وبين اهله ..
                هي متمسكه بكلامها ومافكرت تغير منها كلمه وحده او انها تقلدهم ..
                وقف وتوجه للباب وهو يقول : قومي اجل اخذي لتس شور وانزلي تحت جدتي بتجي خليها تشوفتس طيبة ترها قلقت عليتس واقلقتني معها .
                خرج من دون ماترد وقامت اخذت لها شور ولبست تنورة جينز ازرق وبلوزة قطنية ودافيه بكم طويل لونها بيج ..
                فتحت شعرها وتزينت بمكياج خفيف وتعطرت ونزلت لجدتها اللي اول ماوصلت ارسلت لها الشغاله تسألها اذا هي بخير ولا لا ..
                انتبه لها وهي تنزل مع الدرج قبل لايدخل لغرفة جدته قال وعلى جبينه ابتسامة رضا واطمئنان : لا اشوا الحمد لله .. من يقول ان هذي اللي اليوم تلوى من الوجع .
                ابتسمت بخجل قالت : الحمد لله ماعاد فيني شي .
                دخل لغرفة جدته وهي جالسه على سجادتها وتصلي قال : خلصتي يام ناصر ولانطلع ونخليتس تكملين .
                طالعتهم ام ناصر وهي تتمتم بسبحان الله والحمد لله ولاله الا الله والله اكبر ولاحول ولا قوة الا بالله ..
                قالت : خلصت عسى الله لايفرقكم ويمد بعمري لين اشوف عيالكم .
                قالت شادن بجرأة وهي تبتسم لجدتها : اميين يارب ويخليك لنا وتشوفين عيال عيالنا وانتي طيبه ومتعافيه .
                مارفع نظره لها واكتفى بالسمع وبداخله ملايين الأسئله وكلها لها معنى ( لوين بتوصل بس )
                قالت ام ناصر وصوتها يتهدج : انا مايفرحني غير اذا شفتكم مع بعض .
                وكأن كل الكلام موجه له وهو ساكت ماتكلم ..
                اخيراً قال وهو يتعمد يغير الموضوع : قومي ياشادن خلي الشغاله تجيب لك شي تاكلينه .
                وقفت قالت : بجيب لنا كلنا ...
                قطعت كلامها وهي تشوف شهد وفوزية داخلين الغرفه قالت : هلا والله حياك الله يام فيصل .
                راحت شهد تجري لعماد وسلمت عليه قالت : اشتقت لك كثيييييييييير .
                طالعتها شادن وتذكرت الورقه وضحكت قالت : وانا طيب ماشتقتي لي ياشهوده ..
                رجعت لشادن وضمتها قالت : الا اشتقت لك بس عماد احبه كثييير واشتاق له كثيير ... عشششششان .. وطالعت فيه وضحكت .
                قالت شادن بضحكه : عشان ايش كملي ..
                طالعها عماد وهو يبتسم قال : هالبنت موب صاحيه هرجها اكبر منها الله يصلحها .
                قالت فوزية بعد ماسلمت على امها : الله يهديك ياعماد دلعتها عليّ الحين حياتها كلها اسرار وتخبي عني اشياء واذا قلت علميني قالت اشوف عماد اول شي يبغاني اعلم ولا لا .
                قال عماد : لا البنت الشاطرة تسمع كلام امها وماتخبي عنها شي .
                قالت شهد ببراءه : يعني اعلمهم على كلامك .
                ضحك عماد بصوت واضح لهم وهادي بنفس الوقت قال : هذي والله البلشة .. الحين انتي ماترتاحين وعندتس سالفه .
                قالت شادن اللي كانت واقفه على الباب : ها تبغون تجلسون هنا ولا تروحون للصاله احسن .
                قالت فوزية : شادن اليوم فيك شي يقولون انك تعبانه .
                رد عماد : لاله الا الله مسرع الخبر ينتشر .
                : وش خبره لايكون ...
                قاطعتها شادن : لا لا مافيني شي تعب بسيط وراح .
                فهمت فوزية عليها قالت : اها .. وبس وفواز جايني يقول تعبانه وعماد مافطر شايل همها . والله اني حسبت ان فيك شي بس الحمد لله .
                جات شهد اللي كانت تفكر بكلام عماد لها وشاغل تفكيرها .. عند شادن قالت وهي تمط كلامها : شادن ... شففففتتتتتيييي عماد يقوووووول .. وكملت بسرعه : اذا جا عنده بنت بيسميها شذا واذا ولد مشعل .
                قال عماد وهو يرجع لها ويشيلها ويحطها بطنها على راسه ويحركها .. وهي تضحك بهستيريا من الحركه : ابلشتني ياناس .. كل ماتشوف وجهي تقول اذا جالك بنت تسميها باسم فيه حرف شين واذا ولد مشعل ولا مشاري عشان حرف الشين .. وش اسوي بها .. ها ارميتس مع الشباك .. وش رايتس .
                كانت تضحك وتحرك اصبعها قدام وجهه بلا ..
                قالت ام ناصر : ياعساني اشوف مشعل ومشاري وخواتهم مالين عليّ البيت .
                نزل شهد ومر من عند شادن اللي واقفه عند الباب وهي مبسوطه من كلامهم وتضحك قال لها بهمس : هذا اللي استفدناه .
                اتسعت ابتسامتها وراحت للمطبخ تحضر له عشا وقهوة لعمتها وجدتها ..

                في جده ..
                وفي بيت نايف تحديداً ..
                وصل بندر بأهله ..
                الشوق مضني و الوله جبار ..
                ولهفة الأم على الضنى تكوي الفؤاد وتنهكه ..
                اول ماشافت وجهه الذبلان نزلت من عيونها دموع حارقه .
                ضمته وهو سلم عليها وباس راسها ويدينها وهو يقول : الله يخليتس لي مافيني الا العافيه ..
                لفت يدها من ورى رقبته وضمته وشمت ريحته وهي تقول : نطف قلبي عليك .. ابطيت علي وانا امك .
                باس يدها وتنفس عبقها بقوة لعلها تبريء شي من اللي في صدره ..
                قال : ابشرتس انا بخير بس لاتدمع عينتس عساني مابكيتس . تعالي اجلسي هنا ..
                التفت فهد لمنال وحنان اللي دخلوا بحذر وكل وحده متغطيه ومتخذه احتياطاتها تحسباً لدخول نايف وسلم عليهن ..
                وجلس في صدر المجلس وبندر وخالد حوله وامه بجنبه ومنال وحنان اخذوا زواية بعيد عنه شوي ..
                قال فهد : ترى نايف طلع مهوب جاي لين يدق عليّ .
                نزلوا البنات الغطا من عليهم واخذت امه راحتها في جلستها بدون عبايه ..
                وبدا سيل الأسئله لفهد عن صحته والكل يتحاشى سيرة الاسباب والفقيد .
                وهو يجاوبهم ويطمنهم بهدوء ..
                نزلت دمعة منال الحساسه وهي تشوف فهد مو فهد
                نحفان كثير
                وشعره الطويل قصه وصار مثل عماد وبندر وخالد ..
                عيونه ذبلانه وفيها حزن
                وصوته متغير من اثر المرض ..
                وكلامه جدي والضحكه ماعانقت محياه ولا شفاهه ..
                قال لها وهو يرسم على وجهه شبح ابتسامه مخيفه : قومي تعالي عندي وشو له الدموع ..؟
                نزلت دموعها اكثر ومسحتها وهي تجلس قريب منه قالت : خفنا عليك .
                غمض عيونه وتنحنح بصوت عالي حتى يبعد البحة من صوته
                قال : تعالي هنا ياحنان .. وش سويتوا في الدراسه عطلتوا ولا لا ..
                قالت منال : لا باقي لنا اسبوع ونعطل .
                دق جوال فهد وشافه رقم مشاري اللي صار يقضي اغلب وقته مع فهد ونايف ..
                رد على طول ب : ياهلا والله حيا الله مشاري .
                : هلا بك يابو ناصر .. ها كيفك اليوم .
                : بخير عساك بخير .. وين انت ..؟
                : قريب من البيت خلاص وقفت سيارتي .
                اشر فهد للبنات وامه يقومون وهو يقول : حياك الله ادخل اذا الباب مفتوح ولا افتحه لك .
                : لا مفتوح يالله سلام .
                : سلام ورحمة الله .
                وقفت امه مع البنات ودخلوا لداخل البيت ..
                ودخل مشاري اللي عرفه فهد على اخوانه بندر وخالد وجلس يسولف معاهم كأنه يعرفهم من سنين .



                ***


                في مجلس الحريم لبيت ام نايف ..
                قالت ام فهد لبناتها : قومن ساعدن خالتسن ام نايف سون معها مثل ماتسوي شادن معي .
                قالت حنان اللي سندت بظهرها على الكنبة : يمه انا والله ماقدر السيارة كسرتني ..
                ردت امها : هذي نتيجة الصيام بلاسحور .. ماعاد تتحملين شي . قومي يامنال اخدمي خالتس .
                وقفت منال وراحت لام نايف في المطبخ وهي تبتسم بخجل قالت : خالتي عطيني عنك انا اسوي القهوة .
                ردت ام نايف النشيطه والمعروفه بمهارتها في المطبخ وشغل البيت عموماً : لا حبيبتي روحي ارتاحي انتي جاية من مكان بعيد واكيد تعبانه .. وانا اصلاً ماعندي شغل .
                : لاوالله مافيني تعب الحمد لله .. بعدين خليني اتسلى معتس .
                توجهت للمجلى وقعدت تغسل البيالات والصواني وهي تسولف لام نايف عن شادن وتكلمها عنها والثانية غمرها الفرح بسيرة فلذة الكبد وقطعة القلب وتطمن قلبها عليها وعلى اخبارها خاصة ان منال معجبة في شادن وطريقة اهتمامها بجدتها وشغلها اللي الكل يمدحه ..
                دخل نايف للبيت ونادى ياولد ..
                بالرغم ان الكلمة غريبه عليه الا انه اقتبسها من عيال عمه ومن عماد اذا دخلوا بيوتهم وعندهم ضيوف ..
                وقفت منال ورى الباب قالت : خالتي اطلعي له لايدخل .
                طلعت ام نايف قالت : بنت عمك عندي في المطبخ لاتدخل .
                ضحك لامه باستهبال قال بهمس : أي وحده فيهم ..؟
                ردت امه بحده : مالك شغل روح للمجلس واذا بغيت شي ناد عليّ .
                كمل ضحكه وبنفس الهمس : بالله مزيونه ولا مثل وجه عمي ناصر .
                : ولد قليل ادب انت .. البنت لاتسمعك . بعدين وش فيه وجه عمك ..؟
                : ابد سمح وطيب وشوفته تجيب العافيه .. بس ثلاثة ارباعه لحية وحواجب .. لكن شوفي اذا هي تشبه فهد اكيد انها مزيونه ..
                : يالله يالله على المجلس وبلاش تتكلم عن بنات الناس .
                ضحك نايف بصوت اعلى غصبٍ عنه قال : لنا الله يام نايف .. الحين ماتبيني اسأل عن زوجة المستقبل لكن بكرة تعالي وقولي عساني اشوف عيالك وعيال عيالك .
                خبطته على كتفه وهي تضحك قالت : بكرة شغلي معاك .. يالله روح البنت بتموت من الخرعه من صوتك .
                راح يمشي ورجع لها قال : والله ..؟ بتموت من الخرعه ..؟ اجل اكيد انها نعومه .. وطالما انها نعومه اكيد انها مزيونه . صح كلامي ولا لا .
                هزت امه راسها وهي تضحك من تصرفات الاستهبال اللي احياناً يتصنعها واحياناً تصدر منه بعفوية ..
                دخل قسم الرجال والتفتت امه على باب قسم الحريم وهو ينفتح ودخلت منه ام مشاري اللي تعتبر البيت بيتها وبيت اختها ومعاها سارة وشغالتهم ..
                استقبلتهم ام نايف وهي ترحب وتهلي ودخلتهم لمجلس الحريم ..
                رجعت لمنال في المطبخ قالت : منوله حبيبتي خلاص اتركي الشغل هذي شغالة جيراننا جات تساعدني .. روحي سلمي على جارتنا وبنتها صاحبة شادن ..
                اخذت منال منديل ومسحت به يدينها وهي تقول بفرح : سارة .
                طالعتها ام نايف قالت : ايوه سارة اكيد من كثر سوالف شادن عنها صرتوا تعرفونها .
                ضحكت منال وقالت : هههههههههههههه صرنا نشتغل ونفطر ونسهر على سيرة سارة وسوالفها هي وشادن .
                : اجل روحي شوفيها واجلسي معاها حتى تطمنين شادن عنها .
                : زين .
                طلعت منال وراحت لمجلس الحريم ..
                سلمت عليهم بخجل وشافت حنان اختها تسولف مع سارة ومنطلقه معاها كأنها تعرفها من سنين ..
                قالت حنان : سارونه هذي منال اختي اكبر مني بسنتين .
                سلمت سارة على منال قالت : ياعمري كلمتني شادن عنكم بس ماكانت تعرفكم كثير .
                ابتسمت منال قالت : حتى حنا ماعرفناها الا بعد ماتزوجت وخاصة في رمضان صرنا نشوفها يومياً .
                تعشوا وكملوا السهرة بود وسوالف وضحك واستغربوا البنات ان سارة ماتشبه لشادن في شي الا اللهجة والمصطلحات ..
                وام فهد حست ان الجو مناسبها بين ام نايف وجارتها اللي تشبهها كثير
                تمنت لو تجمعهم الدنيا مرة ثانية بليلة مثل هذي ..
                فيها الرضا والاطمئنان والضحكه والكلمة الطيبه والاجتماع على الخير والمحبة .

                ***

                فتحت شباك غرفتها وشافته واقف مع السايق ويكلمه ..
                قالت بصوت عالي .. : العنوود .. العنووود ..
                التفت السايق الهندي على الشباك اللي صدر منه الصوت كردة فعل طبيعيه قال عماد بلهجة حاده وضيق وهو يسحبه بيده بقوة : لاتطالع وراك .. امش داخل الله يلعن ابليس هالحريم .
                وصلت العنود لنوف بملل قالت : ها وش عندتس ..؟ ذبحتيني كل شوي وانتي واقفه على الشباك ويالعنود يالعنود تراني داخل البيت مهب برا .
                ردت نوف بعصبيه وهي تشوف عماد يدخل لغرفة الهندي اللي شافها : اقلبي وجهتس ماعاد ابيتس .
                : انا قايلتن لابوي لازم نوديتس مسفر عشان يظهر جنونتس عني .
                لاحت في راس نوف فكرة مجنونة قالت : عنود تبين تشترين فستان ابيض ونفاش مثل فستان البنت اللي شفتيها في التلفزيون .
                قلبت العنود نظرها فوق ولوت فمها قالت : ومن بيشتريه لي ياحظي .. امي بتجيب لي فستان من سوق الخميس .
                عضت نوف على اسنانها قالت : وانا وش معقدني غير سوق الخميس واحلامتس انتي ونورة اللي ماتتعداه . انا اشتري لتس لو باربعمية ريال .
                فتحت العنود عيونها بفرح قالت : وش تبيني اسوي لتس ..
                ابتسمت نوف لاختها اللي فهمتها قالت : انا ابعطيتس ورقة .. تعطينها عماد وقولي له هذي من عند شادن .
                قالت العنود ببراءة : وشادن ليش ماتعطيه اياها بنفسها موب رجلها ..؟
                : الا يالخبله بس هي كاتبة له كلام وطلبات تقول استحي منه واخاف يهاوشني .. خلوه يشوفوها وهو بعيد عني ازين .
                حكت العنود راسها وهي مو متقبله كلام نوف ولا دخل راسها قالت نوف : تدرين ان شادن تحبتس وتموت عليتس وتقول ليت العنود تعطيها عماد لأني احبها .
                ضحكت العنود وبفرح وحيا قالت : صدق .. ابلا شادن تحبني .. حتى انا احبها واشوفها ازين وحده بالمدرسه .
                غمضت نوف عيونها وفتحتها قالت : زين روحي وبعد ربع ساعه تعالي بدورها مدري وين حطيتها .
                : زين دوريها قبل لارقد تراني نعسانه .
                طلعت العنود واخذت نوف ورقة من دفتر العنود وبدت تكتب رسالتها بكل تركيز وحذر



                ***




                بعد اسبوع من رجعة اهله اللي مشوا اليوم الثاني ..
                اخر يوم بالدوامات
                ويوم الأربعاء تحديداً ..
                قرر انه يرجع للديرة ..
                يبي يواجه الديرة مثل ماواجه البر
                بس هالمرة مع الناس واهله
                مو وحيد ولحاله ..
                الذكرى تؤرقه لدرجة انه خايف ووجل من المواجهه
                اكيد انه راح يشوفه بكل شي ..
                وقف نايف عنده وهو يزبط شماغه عند المرايه قال : فهد انا عندي سيارتين .. خذ الجديده وسيارتي القديمه تعبرني .
                رجع للمكتبة حقت التلفزيون واخذ محفظته ومسبحته ودخل قميصه اللي يلبسه في البيت في شنطته الصغيره ..
                قال : والله يانايف مستحي منك ..
                قاطعه نايف : فهد والله اني لازعل منك وش هالكلام . .. امسك يارجال المفتاح احسن لك من الاستئجار ومشاكله .
                : اجل قبل العيد ان شاء الله بجي لجده وارجعها لك وارجع مع ابو مشعل ان جا لجده ..
                : متى مابغيت تعال ولا تتعنى عشان ترجعها ابداً ..
                اخذ فهد المفتاح من نايف وطلع بعد ماصلى الظهر حتى يلحق الفطور مع اهله ويفرح ابوه بجيته وهم مجتمعين ..
                ودع نايف وشكره وطلع متوكل على ربه ومسمي بذكره ..




                ***

                اليوم هو اخر ايام الشقا ..
                قبل الأجازة والفرح ..
                ولأن الوطن اغلى من الضنى
                استمروا في الكفاح ..
                لأن الوطن اغلى من العمر
                لابد من جهاد كل الظروف ..
                لجل الوطن
                نقدم الروح بلا ثمن
                مشوار الشقا ..
                وبعد المسافه موجله ..
                لاخر الدنيا صبر ..
                وشمس ..
                وسهر
                والنوم جافاه الكرى ..
                صوم وظما ..
                والكل يحسب كل دقة وثانية .
                متى الوصول ..
                كل الأماني ضايعه
                وكل احلام البنات
                والأمهات
                والطيبات
                تنتحر ..!
                على طريق الهاوية ..
                وفي اماكن نائية ..
                من اجل الوطن ..!
                وتعليم ابناء الوطن
                وتنشئة جيل مستقر
                وبناء مستقبل اسر
                وارواحهم تضمها كفوف القدر ..


                نايمه في جيمس ابو سعد ..
                تعبانه ومنهكه من كثرة التفكير بعد طلاقها اللي وصلها خبره بعد ثلاثه ايام وبعد محاولات جاهده من ابوها وامها ومشاري انهم يهيأونها نفسياً له ..
                انسدل الستار على ذكر خالد وسارة .. وسارة وخالد ..
                وصار كل واحد مفرد واسمه بعيد عن اسم الثاني مثل ماقدر الله وبعدهم عن بعض ..
                مال راسها على الشباك الساخن بفعل شمس الظهر الحارة ..
                قالت لها فاطمه بهمس : سارة .. سارة حبيبتي عدلي راسك لايجيك شد عضلي بعدين في رقبتك ..
                وماكان من سارة الا .. لاحياة لمن تنادي ..
                قالت اميرة وهي تعدل ظهرها وتسنده على المرتبة من جديد .. : الله يذكر شادن بالخير كانت تقول نوم سارة موت ..
                تنهدت سامية المدرسة العروس اللي تزوجت قبل رمضان باسبوع .. وتعينت في السبيل وكان التعيين سبب تنغيص شهر عسلها وحياتها ..
                قالت : اخيرا بتفرج علينا ونعيش زي الناس واسافر واقضي شهر عسل من جديد .
                ضحكت اميرة قالت : الله يهنيك ياقلبي عاد انا مشتاقه لعيالي احسني ماشفتهم في رمضان اخرج وهم نايمين واذا رجعت دخلت المطبخ ثلاث ساعات وهم ينامون بدري .
                ماشاركتهم فاطمه الملتهيه بالتسبيح والتهليل كعادتها ..
                قالت سامية وهي تطل على سارة من ورى اميرة وفاطمه : فاطمة صحيها ترى البنت بتنكسر رقبتها .
                قالت فاطمة : سارة قومي عدلي نومتك ..
                مدت يدها وعدلت لها راسها لكن سارة تحركت ورجعته زي اول وهي معقده حواجبها دلالة على انزعاجها وعدم رضاها ..
                قالت اميرة وهي تضحك : ياثقل نوم البنت .. كل هذا وماصحت .
                ردت ساميه : تذكرني بزوجي اذا ابغى اصحية ساعه عشان يحس فيني والمنبه مايأثر فيه لو يشتغل ساعتين ..
                بدت اميرة سالفه جديده عن زوج اختها ومعاناتها معاه اذا تبغى تصحيه وانها دايماً تتأخر على دوامها بسبب ثقل نومه ..
                نسوا سارة مع سوالف اميرة وراسها المايل على الشباك بطريقه متعبه ..

                العم ابو سعد سارح في طريقه يتأمله متر متر ..
                كعادته يوميا سواء هو رايح للقرية ولا راجع منها
                لأن الأنفس اللي معاه هو المسؤول الأول عنها ..
                اليوم يحاول يضبط تركيزه على قد مايقدر رغم انه البارحه تعبان وسهران طول الليل في المستشفى مع بنته احلام اللي طلقها زوجها في شهرها السادس وحالتها النفسيه السيئة ادت لولادتها مبكرة ..
                اليوم تأخر على البنات بس الحمد لله ان مديرة مدرسة السبيل تراعي ظروف البعد وماحاسبتهم رغم انهم مادخلوا المدرسة الا الساعه 10 ونص ..
                اخذته الأفكار لبنته وحالتها ومستقبل ولدها اللي محد يدري يكمل حياته ولا يكون شفيع لها ويرحمه ربي من اليتم والشحططه مع زوج ام ولا زوجة اب …
                احكم النوم سلطانه ..
                وسرقه على حين غفلة منه ..
                واستسلم وبدون مقاومه ..
                لأن التعب اخذ منه والإرهاق نال منه ..
                مالت السيارة على اليسار في الطريق المزدوج الواسع ..
                مانتبه لنفسه الا بعد فوات الاوان ..
                حاول يتفادى الونيت اللي محمل شعير وبرسيم ومتجه لقرية السبيل ..
                بس القدر كان اسرع والسيارة اقوى والصدمه اكبر واكبر للي في جيمس العم ابو سعد ..
                انقلابات عدة
                وصراخ وصوت فاطمة يعلو بالشهادة وذكر الله
                وساميه تصرخ بهلع
                واميرة سكتت من هول الصدمه وكثرة الأرتطامات وهي تنتظر النهاية وش بتكون ..
                وسارة اللي فزت من نومها على كابوس مخيف ..
                أصواتهم علت ثم علت ثم خفتت ثم سكتت واختفت ..

                نهاية الفصل الحادي عشر..



                تعليق

                • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
                  عضو ماسي
                  • May 2009
                  • 708
                  • .
                    .
                    .


                    .
                    .
                    .


                  #68


                  فصلٌ ثاني عشر

                  ~ ياحزن اغرس بقلبي موطنك ~





                  طلعت تدور العنود وهي مطبقه الورقه وماسكتها بإصبعينها السبابه والابهام خوفاً انها تتعفط ولا ماتطلع انيقه مثل ماطبقتها اذا فتحها ..
                  قالت : العنود .. العنود وين .
                  رمقتها نورة اللي ناقده على كل حركاتها ومرتفع ضغطها من وقفتها على الشباك وبدت تثبت لها شكوكها ان نوف حاطه عينها على جارهم عماد قالت وهي تطالع في المسلسل اللي يُعرض قبل العصر : اليوم وش سالفتس اشوف الود طلع للعنود مرة وحده .
                  اشرت لها نوف بيدها يعني ماني رايقة لك وفكيني ..
                  راحت تدور العنود وعيونها تبحث في كل مكان لحد مادخلت غرفة امها وابوها المنزوية في اخر البيت ..
                  طالعت في العنود وهي رامية نفسه على الارض ونايمه على بطنها ..
                  قالت بملل : نمتي الله يجعله نوم جدي يوم رقد ولاقام . عنود .. عنود . عنود قومي الله ياخذ عدوتس .
                  دخلت امها وراها جاية من المطبخ قالت بلوم ولهجة حاده : انتي وش تبين باختس .. خليها ترقد المسكينه البارح سهرانه واليوم انتي مخليتها تداوم غصب .
                  زفرت نوف بأووف ورجعت لغرفتها بأسى واحباط ..
                  اصلاً انا حظي في الحياة ردي
                  كل بابٍ اطقه ينسد بوجهي ..
                  وكل امنية احلم فيها مايتحقق الا نقيضها ..
                  حطت الورقة على اسنانها وهي تفكر وشلون تصادف عماد برا بيته وترسل العنود له على طول من دون أي عوائق سواء من امها ولا من اختها اللي تاكلها بنظرات اللوم والعتاب وشكله بيجي يوم وتنفجر فيها وتفضحها .
                  انا وش عليّ من نورة منيب رايقة لها هي وتخلفها
                  ماتدري ان الحب هو اللي يسير العقول والقلوب
                  وان اللي انا فيه مهوب بيدي ابد
                  انتبهت للورقة وقد ذاب طرفها من حكها في اسنانها وزفرت بأوف من اعماقها لتعبها اللي راح هدر
                  قامت لنفس الدفتر اللي اخذت منه ورقه وطلعت ثانيه وهي تتمتم : الرساله هذي ربي محيرٍ امرها لكن ان شاء الله انه مابعد التعب الا الفرج .
                  بدت تخط من جديد وهي تحاول انها تركز بكل حرف وكلمه حتى ماتشوه الكلام بخطأ املائي ولا شطب ..
                  عضت على شفايفها وكتبت بفرح وخجل وهي تتخيله يقرأ ويحس بالكلام . ويأثر فيه ويتأثر به ..



                  ***



                  اليوم اخر دوام لها في رمضان ..
                  نزلت من فوق بعد مانزلت عبايتها وصلت العصر وتوجهت لغرفة جدتها ..
                  وقفت على الباب وهي تشوفه متمدد على ظهره ورافع رجوله على التكاية .. وحاط شماغه تحت راسه ونايم وذراعه على عيونه ..
                  قدمت خطوتها ودخلت على جدتها وهمست بالسلام بعد ماسلمت على راسها .
                  ردت عليها جدتها بنفس الهمس ..
                  قالت شادن : جدتي عماد ليه نايم كذا .. الجو بارد عليه .
                  رمقتها جدتها بنظرة عدم رضى قالت : قومي لحفي رجلتس وشوفيه يبي شي من ا لبارح وهومهب صويحي عيونه ووجهه ماعجبوني .
                  قامت وطلعت لغرفتها وبدلت ملابسها بسرعه ونزلت بقميص قطني قصير وأكمامه قصيرة .. وفي يدها اللحاف حق سريرها ..
                  تعمدت تجيبه حتى تشوف ردة فعله كيف بتكون .
                  ودخلت بخفة وجدتها تتمتم مسبحة ومهلله وذاكرة ربها ..
                  غطته بهدوء وفتح عينه على الريحه اللي غمرته .. وغمض وشد اللحاف عليه وهو يقول بصوت نايم وكسول : ذبحتيني بريحة هالعطر .
                  طالعت في جدتها ورجعت تطالع فيه قالت : عماد تعبان انت فيك شي ..؟
                  انسدح على جنبه وهو يشد اللحاف عليه وكأنه يبي يضمه بدالها ..
                  قال : تعالي همزي لي ظهري ورقبتي الظاهر ان تعبي امس في المزرعه ماطلع من جسمي للحين .
                  وقفت بمكانها تستوعب اللي يامرها به ..
                  اهمزه .. .؟
                  يعني اسوي له مساج ..!!
                  يعني اقرب منه بحضور جدتي .. !!
                  كل هذا كان يدور في راسها وهي واقفه ..
                  قال : كل هذا تفكرين . خلاص لاتجين .
                  تقدمت وجات وراه ومسدت ظهره بحذر وحيا ..
                  اعتدل على ظهره ومسك يدها قال : عطرك وش اسمه ذا اللي دوختيني به .
                  تحركت وحاولت تبعد عنه لكن عماد ماسمح لأنه موثق يدها بيده
                  قالت بارتباك : مس ديور .
                  حط يدها على صدره وضم على كفها بيده قال : خليتس هنا لاتروحين .
                  اول مرة تحس انه يبيها قريبه منه
                  واول مرة تحس انه فعلاً صادق
                  واول مرة تحس بضعف في نظرته وصوته وجسمه .
                  يمكن التعب مأثر عليه ومو مخليه في وعيه ولا يتصرف لاشعورياً ..
                  غمض عيونه ويده على كفها ومثبتها على صدره قال بهمس : لاتصحيني الا اذا اذن العصر .
                  هذا وش يقول ..؟
                  لايكون يبيني اجلس كذا لين يأذن العصر يعني ثلاث ساعات .
                  قال : اذا متضايقه قومي ..!
                  امتقع وجهها بحمرة خجل قالت : اذا انت تبغاني اجلس بجلس .
                  قال : ايه ابيتس تجلسين .
                  قام جلس وهو يطالع في جدته المنشغله عنهم بمسبحتها وتسبيحها وهي متمدده على سريرها ورجع تمدد وراسه على فخذ شادن قال : دلكي راسي لين انام .
                  غمضت عيونها بقهر ..
                  ليه يسوي فيها كذا ..؟
                  وليه حاله كذا ..؟
                  عمرها مانصاعت لاحد مثل ماتنصاع له ..!!
                  مو راضيه عنه ولا هي زعلانه منه ..!
                  مشاعرها ضايعه معاه وماتقدر تحددها ..
                  دلكت فروة راسه بأطراف اناملها وبهدوء وهو مسترخي بدون كلام وكأنه رجع طفل ونام في حضن امه اللي انحرم منه ولا عرفه .
                  حست ان جسمه ثقل وتأكدت انه غط في نومه .
                  وسمحت لنفسها تراقبه بصمت وهدوء ..
                  انفه شامخ في وجهه بشكل دقيق وأنيق ..
                  عيونه واسعه حتى وهو مغمضها تحسها طويلة ..
                  ياترى وش تحمل نظرة عيونه اللي دايماً تحيرها .
                  ياترى وش تقول ..؟
                  وش الاسرار اللي تعرفها وودها تبوح بها لكل من شافها والناس تجهل لغتها واللي فيها .
                  تأملت ذقنه وفيها شعيرات طالعه بشكل مبعثر ويتخللها اكثر من خمس اوست شعرات بيضا .
                  شيب من العمر ولا شيب من الزمن واليتم والكفاح وجهاد الدنيا ياعماد .
                  شالت راسه من حضنها بصعوبه وسحبت لها مسنده من وراها وحطتها تحت راس عماد وهو انصاع لفعلها وريح راسه عليها بدون شعور .
                  غطته زين ووقفت قالت جدتها بهمس : يابنيتي انتبهي له شوفي وش يبي ووش مايبي واصبري عليه وسولفي معه ترى عماد رجال مايسولف ولايتكلم واجد خليه يسولف معتس انتي واغصبيه على سوالفتس .
                  حست شادن ان جدتها مارح تسكر الموضوع هذا لين عماد يصحى قالت بهمس : ابشري ياجدتي .. خليه ينام لايصحى على اصواتنا .. اليوم بتجي عمتي فوزية تفطر عندنا .. صح ..؟
                  ردت جدتها قالت : ايه بتجي رجلها مهوب فيه .
                  : اجل بروح للمطبخ اشوف الشغاله اش سوت ..
                  طلعت من عند جدتها وعماد اللي يغط في نومه وراحت للمطبخ وبدت شغلها لأن الفطور اليوم عندها ..

                  في الطريق الاسود
                  كان يمشي والذكريات المؤرقة تصاحبه
                  هنا له ضحكه وتعليق
                  وهناك كان يتمشى
                  وهنا مروا بهالمكان
                  وهناك جلسوا وسهروا للفجر ومامعاهم الا ترمس شاهي وبساط وتكايتين ..
                  وفي ذاك المكان وقفت سيارتهم وصلحوها ..
                  كل بقعه تحمل له ذكرى معه
                  وفي كل مكان ارتاده ومر عليه لسعود فيه ريحه
                  اطلق من اعماق قلبه تنهيده قطعها وهو يمسك بريك قوي عن اكياس الشعير وحزم البرسيم المنتشرة على الأرض ووقف وهو يشوف المنظر وسوءه .
                  المنطقة اللي فيها الحادث تقريباً محد يمر منها الا اللي يتوجه لطريق جده ومكه ..
                  والوقت هذا الناس في بيوتها وتنتظر الفطور ومحد يروح للمناطق البعيده ويمسك الطريق هذا ..
                  تلثم بشماغه حتى مايتعب الغبار رئته الملتهبه ..
                  ونزل للحادث بنخوة وفزعة شهم ..
                  الصوت اللي وصله ذكره بسعود ووجعه على سعود ..
                  كانت جالسة في الوسط ويدها غرقانه بالدم ووجهها كله خدوش ورقبتها بالمثل ..
                  عبايتها كأنها طالعه من تحت الأرض بفعل التراب اللي رمتها عليه سيارة ابو سعد على بعد 15 متر وهي تنقلب ..
                  ووصلت لزميلاتها زحف في طور الصدمه والألم والمصاب ..
                  كانت تصرخ بوجع وحزن استفاض على كل الامها وأفقدها الحس والألم .. : اه فاطمه قومي .. فاطمه تحركي لاتموتين .. فاطمه لاتخليني انا سارة اختك اللي تحتاجك .. اه .. فاطمه .
                  اميرة قومي لفارس ويزيد ورانيا يمديهم ينتظرونك ..
                  فاطمه لاتتركيني لوحدي .. فاطمه زوجك وابوك واخوانك واطفال الدار يبونك .. فاطمه تكفييين اصحي ..
                  التفتت على ساميه وهي مسجاة بلاعباية ولاطرحة وشعرها الذهبي القصير منثور على جبينها الدامي قالت : ساميه اي الحين يجون .. ابو سعد مات بس بيجون يساعدونا ..
                  قرب منها وهي ترثي وتستجدي وتحاول تعشم نفسها بالكلام معاهم ..
                  وتذكر نفسه لمن كان يكلم سعود وهو جثة هامده وكأنه يبي يقنع نفسه انه مامات ..
                  تراجع وهو يشوف الحريم مسجيات على الارض وسواقهن في سيارته كومة لحم .
                  مسك راسه وهو محتار مايدري وش التصرف الأفضل والصح بهالموقف العصيب .
                  الموت له رهبة ..
                  والموت هيبة محد يعرف عنها شي الا اللي عاش موقفه وشاف الجسد خالي وبلاروح ..
                  انحرف يبي يبلغ الاسعاف حتى ينجدون ويسعفون ..
                  وانهال من اثار الدم المنثور على الارض وتدل على ان صابحتها او صاحبها قطع مسافه مو قصيرة اكثر من عشرة متر ..
                  استرخت سارة وكأنها بتغيب عن الوعي او تسلم الروح مثل زميلاتها وهي تردد بصوت يخف شيئاً فشيئا .. وباستجداء وطلب ورغبه ويأس : قومي يافاطمة اهلك يبونك .. وقومي ياميرة عيالك يبونك وينتظرونك .. وتكفين ياسامية تماسكي وخليك قوية انتي عروس ..
                  راح بأقصى سرعه وهو يشوفها تتهاوى على الأرض بكلل وتعب ووجع جسدي وروحي ..
                  في غضون دقايق قليله وصل للمركز الصحي لقرية السبيل وشاءت الأقدار ان سيارة الاسعاف مو موجوده في المركز وانها نقلت مريضه قبل ساعات عندها ولادة متعسرة ..
                  ركب الدكتور وممرضتين مع فهد في سيارته وانطلق بأقصى سرعه لمكان الحادث ..
                  كانت على وضعها تنفسها بطيء والباقيات مثل ماهم ..
                  جثث مترامية وبدون حراك ..
                  اقترب الطبيب بجهاز جس النبض واصيب باحباط وهو يشيله من يد اميرة ثم فاطمة ثم ساميه لأن الروح انسلت من اجسادهم .. وابو سعد من شكله حُكم عليه ان فارق الحياة من بدري ..
                  زادت نبضات فهد وهو يشوف الطبيب يجس نبض الأخيرة الباكيه الموجوعه والحزينه ..
                  اخر ضحايا الحادث ..
                  فز الطبيب وهو يقول : لسه عايشة ..
                  نادى الممرضات بالاسعافات الأولية بس وش يلحق ووش يخلي
                  كسور ، جروح عميقه فيها قزاز ، والدم اللي نزف منها واحال بلوزتها للون الأحمر بدال السكري ..
                  امر الطبيب بنقلها فوراً لأقرب مستشفى وناظر فهد بنظرة استجداء ولسان حاله يقول ( مالها غير الله ثم انت )
                  فز فهد من مكانه وهمته بداخله تشحذه ..
                  وبأمر من الضمير الحي وروحه الطيبة ..
                  شالها بين يدينه بكل مغامرة ومجازفة ..
                  حركت شفاهها تبي تقول شي بس عجزت ..
                  وتعابير وجهها الدامي تدل على انها غاضبه وزعلانه ومعترضه على اللي يصير ..
                  ركب الدكتور بجنبه بعد ماوصل لها بعض المحاليل اللي تلزمها لجسدها ..
                  وحقنها بإبرة توقف النزف الهائل من جسدها ..
                  توكل على الله ومسك الطريق اللي يودي للطايف ولمستشفى الملك فيصل كون مركز حي السبيل تابع له ..
                  وكل رجاه انه يوصل المستشفى بأقصى سرعه ..
                  الطريق طويل ..
                  والأمل ضعيف وسط شهقات الممرضات كل شوي اذا نزفت سارة من يدها ولا فخذها ..
                  ثلاث ساعات وهو يمشي بسرعه قصوى ..
                  اضطر خلالها انه يوقف خمس مرات حتى الدكتور يسعف سارة كل مانزفت ولا ضعف نبضها ..
                  اخيراً وصل للمستشفى وفي غضون عشر دقايق كانت مسجاة في الطواري وتجرى لها الاسعافات اللي تحتاجها ..
                  وبعدين يافهد ..؟
                  تجلس ولا تمشي ..
                  صعب يمشي بعد كل هالقلق واللحظات العصيبة ماتطمن عليها ..!

                  ***
                  يتبع,,,


                  تعليق

                  • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
                    عضو ماسي
                    • May 2009
                    • 708
                    • .
                      .
                      .


                      .
                      .
                      .


                    #69

                    دخل بيته مابعد مارجع من صلاة التراويح
                    ونادى بصوت عالي تحسباً اذا فيه احد من اهل خواله ..
                    طلعت له شادن من الصالة الثانية وفي يدها المبخرة وهي تبتسم
                    اليوم تحس بنشوة سعاده وفرح واشتغلت بهمه وحماس لأنها بدت تثبت وجودها بحياته ..
                    جات تمشي عنده وهي مبدله ملابسها اللي كانت عليها المغرب والناس عندها ..
                    ببنطلون زيتي واسع من زارا وبلوزة لونها اورنج من مانجو بأكمام قصيرة ..
                    قالت : مافيه الا عمتي فوزية .. تعال اجلس عندنا .. كملت وهي تقرب منه : خلني ابخرك .
                    تأمل حركتها الخفيفه ونشاطها اللي مايفتر ..
                    من الظهر وهي تشتغل والحين الساعه قربت على عشرة وهي بنفس النشاط ..
                    قال : جدتي نامت .
                    ردت شادن : اوووه من بدري عشان تصحى تصلي التهجد .
                    هف على نفسه من البخور قال : هذا منين جبتيه موب حق جدتي .
                    ردت عليه وابتسامته على وجهها قالت : لا مو حق جدتي هذا من عندي اشترته امي لي ايام كنت اجهز لزواجي .
                    طعنته بالكلمه وحس بنار في قلبه ومست جسده ..
                    اي زواج هذا اللي تجهزين له ..؟
                    خلع جاكيته الجلد الأسود ومده عليها وسحب شماغه وعقاله وطاقيته ومدهم عليها ..
                    قال : هاتي المبخرة واطلعي ودي هذي لغرفتي ..
                    اخذتها من يده وطلعت بسرعه فوق وهو يتبعها بنظره ..
                    مثل الورد
                    وبعمر الورد
                    رقيقه وحنونه وجميلة ..
                    وكتب لها ربي انها تعيش معي .
                    يوم حظها ظلمها ونصيبها مانصفها ..
                    طلعت له شهد وهو واقف مكانه يتبع شادن اللي اختفت عن انظاره بقلبه وافكاره ..
                    وصلته شهد قالت : عماد ماسلمت عليّ .
                    نزل المبخرة على الطاولة وفتح لها يدينه ..
                    : هلا والله بالبنت المزيونه الشاطره ..
                    قالت بحماس : عماد عماد اكتشفت حاجة ثانية .
                    رفع حاجبه الايسر قال : وش اكتشفتي هالمرة يالذكيه ..؟
                    رفعت اصبعينها قالت : حرفين .
                    رد عليها بانفعال وحماس كاذبين : لاه حرفين مرة وحده .
                    : والله حرفين .. اقول لك ايش .
                    : ايه قولي .. وش الحرفين .
                    : حرف الألف وحرف الدال .
                    : والشين اللي ربطتيني به مع رقبتي وين راح .
                    ردت ببراءة وعفوية : لاء الشين انا وشادن ومشعل وامك خالتي شريفه وانت تحبنا .. صح ..؟
                    : ايييه صح .. بس وش الالف والدال .
                    : هذولا حقينك انت وشادن . اتركني عشان اكتبهم لك وتشوف حرف الألف والدال في اسمك وحرف الألف والدال في اسم شادن .
                    هز راسه بتعجب من هالبنت قال : هذي والله اللي بتجمعنا غصب .
                    " كان زين شهد تقدر ..
                    كان زين احد يجمعني فيك ياعماد " ..
                    قالته بقلبها وهي تنزل مع اخر درجات الدرج وكلامهم قد وصلها كله ..
                    قالت : عماد بصراحه غرفتك ماينجلس فيها .. مرة مكركبة وكلها غبار .. مادري كيف تقدر تنام فيها وانا دخلتها دقايق وانكتمت .
                    فتح زرارين ثوبه اللي فوق قال : زين متى مالقيتي وقت وفيك شدة نظفيها ..
                    : عادي الحين انظفها لك .. باخذ فيك اجر واخليك تنام بمكان نظيف .
                    كانت شهد تسمع الحوار بينهم وعلى راسها ملايين الاستفهامات وعلامات التعجب .
                    رد عليها عماد : لا لا الحين ابي قهوة تسوينها انتي ولاتقربها الشغاله حطيها لي في المكتب عندي شغل .
                    ابتهج قلبها قبل ماتعتلي بسمة الفرح جبينها قالت : حاضر من عيوني .. تبغى حلا ولا تمر معاها .
                    مسك شهد وشالها من جديد قال : جيبي اللي تجيبينه اهم شي القهوة ابيها قهوة شادن اللي كل يوم .
                    هزت راسها بحيا وفرح وراحت للمطبخ .
                    وهو راح لفوزية وسلم عليها قالت : ها وش اخبارك تقول شادن انك اليوم تعبان .. عسى مو القولون .
                    : لا مو قولون .. تعبت من شغلي في المزرعه .
                    : عندك روحه لجده .
                    : لا ليش ..؟
                    : عماد حرام عليك شادن مشتاقه لاهلها وامي تقول انك ماتبيها تعيد عند اهلها .
                    وقف قال : انا مارديتها اذا تبي تروح تمشي بس انا عازم نايف وامها يجونا في العيد وماعلمتها بسويها لها مفاجأة .
                    طالع في شهد اللي فزت من مكانها قال : والله والله لوتقولين لها ماجيب لك الباربي الجديد .
                    حطت اصبعها على شفايفها اللي قفلتها بقوة وهي تأشر بمعنى لا .
                    قال : اييييييه هذي البنت الشاطرة مو كل شي تسمعه تروح تقوله .
                    : يعني ماعلم عليك انت وشادن .
                    مافهم وش تقصد وراح فكره للحروف اللي اكتشفت انها تجمع اساميهم ..
                    قال : لا لاتعلمين وابلعي اللي تعرفينه وصكي فمك عليه .
                    ضحكت فوزية قالت : هالبنت ماخربها الا انت تراها بترجع عليك .
                    مسك شهد وبعثر لها شعرها القصير قال : هالبنت احسن بنت اتركوها بس لاحد يتكلم لها . .. المهم انا عندي شغل في المكتب مابي ازعاج وانتي ... طالع في شهد وكمل : روحي استعجلي شادن قولي عماد يقول عجلي .
                    راحت شهد تجري وطلع عماد لمكتبه ورجعت فوزية تتابع المسلسل الرمضاني اللي تعرضه ام بي سي ..

                    ..
                    خلصت شادن القهوة وحطت حلا منوع بسبوسة وكنافه واصابع العروس ورصتها في طبق واخذتها لعماد في مكتبه ..
                    اول مرة تدخل مكتبه اللي دايماً مقفول ولايفتحه الا اذا دخله ..
                    توجهت لاخر المكتب وهو جالس على كرسيه الدوار ويدقق في شاشة جهازه المحمول ..
                    قالت وهي تطالع في الأرفف المرصوص عليها كمية كتب لابأس بها ..
                    وتكون ربع مكتبه .. : اثري فيه كتب هنا وانا دايماً قاعده طفشانه .
                    مارفع نظره لها قال وهو يدخل بعض البيانات : ذكريني اعطيك مفتاح للمكتب بس انتبهي لاتتركينه مفتوح .
                    نزلت القهوة على الطاولة اللي تتوسط الأنتريه الجلد الأسود ..
                    وراحت تمشي عند جهة الكتب متجاهله كلامه ..
                    لمحها وهي تنتقل من جهه لجهه وترك الشغل اللي في يدها واكتفى بمراقبتها ..
                    قالت : واو عطيل .. اموت على مسرحيات شكسبير ..
                    وقف وصك جهازه وجا يمشي عند القهوة قال : اجل قريتي عطيل وديدمونه .؟
                    : قريت الله ياخذ اللي شقق كتبي ورواياتي .
                    : من ..؟
                    : صالح الله لايذكره بالخير .
                    جلس وصب له فنجال قال : اها .. تدرين انه في السجن وعليه حكم 15 سنه .
                    شهقت بخوف ومفاجأة قالت : والله من قال لك ..؟
                    رشف من فنجاله قال : خويي الضابط اللي مسكه .
                    رفعت حاجبها قالت : خويك قال لك ولا انت ورى قضيته .
                    : والله اللي بيعتدي على اهلي مانيب ساكت له وانتي ونايف وامك من اهلي .. واذا تبين الصدق انا مكلف واحد من المظفين عندي بالشركه يراقبه ويجيب لي اخباره يوم عرفت انه راعي مخدرات بلغت عنه والباقي تكفلت فيه المباحث والشرطه .
                    جات تمشي وعلى وجهها لمحة خوف وحزن قالت بجديه والقلق واضح عليها : الله يستر منه ياعماد ترى هذا مايسكت عن حقه كمان .. نسيت اش سوى لنايف .
                    ابتسم عماد على ردة فعلها وشافها قريبه منه وداهمته رغبة غريبه انه يغير الموضوع والجو ..
                    قال : مانسيت بس الحلا هذا من مسوية .
                    ردت وهي تطالع في تغليف الكتاب النحيف اللي في يدها قالت : مين يعني .
                    اخذ حبه من اصابع العروس قال : هذا وش اسمه ..؟
                    قالت بعفوية : هذا اصابع العروس .
                    وبحركة سريعه اخذ يدها وطالع في اصابعها الناعمه قال : يعني مثل هذي .
                    بردت اطرافها وفترت قالت بصوت مختلف ومرتبك : من قال ان هذي اصابع عروس .
                    رفع يدها من دون مايدقق في كلمتها ولا يعطيها بال واهتمام ..
                    باسها وشم ريحة عطرها قال : حلا ويصنع حلا كيف تجي هذي .
                    زادت نبضاتها ودق قلبها بقوة وغمضت وهي تحس ان الدم تجمع كلها في وجهها وقلبها يخفق زي الاله الفارغه ..
                    قالت بصوت يرتجف : غريبه .
                    فهم وش قصدها وعرف مرادها من الكلمه اللي زفرت بها بوجع ..
                    واثر السكوت وفضله على انه يتكلم ويزيد جروحها جروح ..
                    حمرة وجهها وخجلها وارتباكها شكلت منها فتنه اسره ..
                    لابد يقطع السكوت اللي خيّم عليهم ..
                    ولابد يضيف كلمة ولا يفتح موضوع يطلعه هو من الجو ..
                    قال : تبين السوق .. ؟
                    وقفت ووجهها وأذانيها تتوهج قالت : لا مايحتاج عندي اشياء جديدة لساتني مالبستها .
                    تنحنح بصوت واطي قال : زين وين بتروحين ..؟
                    : بروح اجلس عند عمتي قاعده لوحدها .. على فكرة انت عارف انها بتجلس عندنا بعد يومين .
                    صب له فنجال قال : ايه ادري .
                    : طيب فين تجلس ..؟
                    : ماتبي لها سؤال في غرفتها هي وعيالها .
                    عقدت حواجبها وعضت طرف شفتها السفلى قالت وهي تشبك يدينها بحيرة : يعني تنام فوق وقريب منا .
                    ضرب على جبينه بأطراف اصابعه قال بهم : اووووووه وين راحت عني هذي .
                    ابتسمت على حركته قالت بخبث : لو سويت الدور اللي فوق لنا كان احسن واستر .
                    وقف وجا عندها بقهر قال : استر .. ها ..؟ تدرين ليه ماسويت الدور اللي فوق للحين .
                    رفعت حواجبها قالت : ليه ..؟
                    قرب منها ورفع الخصله اللي دايماً تتمرد وتنزل على جبينها قال : مخليه لزوجتي ..!
                    بهت لونها وحست ان قلبها راح يوقف نبضه اللي كان بيخرج من قفصه وهو ينبض ويدق مثل الطبل لمن قرب منها ..
                    قالت بفتور : اي زوجه ..؟
                    رغم ان شكلها يحزن الا انه ابتسم غصب عنه ..
                    حنونة وطيبه وهاديه ومع هذا عصبية ومتسرعه وخوافه .
                    قال بهدوء : زوجتي اللي راح اختارها بنفسي .
                    طعنها في مقتل
                    وبتر الوريد ..
                    وانتهى امرها ..
                    قالت بردة فعل مقهورة ومتحسرة وندمانه وكرد اعتبار ومحافظة على اللي تبقى من كرامه : هه وزوجتك اللي بتختارها بتصبر عليك مثلي .
                    لاح في راسه قصدها ..
                    الخبله تحسب فيني شي
                    تحسبني عاجز
                    يعني كل هالفترة تظن اني مو رجال .
                    رفع يده ولم قبضته بقوة ورجعها قال : ماتوقعت انك غبيه يوم هذا ضنك فيني .
                    مادققت في معنى كلامه بقدر مادققت في كلمة غبية قالت بوجع ودمعتها تلوح بعينها وتنذر بالنزول : صح انا وحده غبية اللي حلمت ..
                    ونزلت الدمعه قهر ..
                    كملي ياشادن ..
                    قولي الكلمه اللي ابيها واحتاجها
                    ابيها منك حب ورغبة مو شفقه ..
                    طالعها بنظرات جامده تحمل وراها الف معنى والف كلمه والف احساس ومشاعر جديدة ومختلفه نبتت على يدها وبفعلها .
                    تركت شادن المكان وانسحبت وهي مبعثرة وتايهه
                    وين تروح ..؟
                    لفوزية ..؟
                    مالها خلق كلام ولا سوالف بعد الكلام اللي سمعته ..
                    تطلع لغرفتها اللي بجنب غرفته وتحس بقربه وتشعر في حركاته ودخوله وخروجه ..
                    فتحت الباب حق البيت وطلعت للحوش ..
                    الجو بارد وصقيع ...
                    بس برودته ماوصلت للنار اللي اشعلت قلبها غيرة .
                    ايه غيره قبل كل شي ..
                    ثم اهانة وقهر وخيبة امل ..
                    راحت تمشي بلا وجهه وهي تدور على البيت المحوط بسور واسع وطويل ..
                    سمعت صوت شهد وهي تتكلم وتقول : امي تقول مو في غرفتها ..
                    جلست ورى البيت وثنت رجولها ولفت يدينها عليها وهي تنتحب ..
                    البكا صار عادتها وطبيعتها ..
                    ماتطلع من مصيبه الا وتطيح بجديده
                    الله يرحمك يابوي غبت وغيّبت الفرح معك ..
                    وجهت بيدينها للسما على ذكر الغالي وابتهلت له بالدعاء من اعماق روحها وفي عز حاجتها له وندمها على ايام حياته ..!


                    ***

                    بعد ماجلس بعدها بدقايق ..
                    طلع من المكتب وهو يلوم نفسه ويوبخها ..
                    وشلون قدر يقهرها وهي انثى وماتقوى على الجرح والاهانه ..
                    وشلون يقهرها هي بالذات وهو المعروف بسخاءه في العطاء ..
                    طلع فوق يدورها ويتبع اثرها ..
                    مالقى لها لاحس ولا اثر الا بقايا ريحة عطرها اللي تفوح بها غرفتها واغراضها ..
                    رجع من حيث اتى ..
                    وفي قرارة نفسه انها اكيد عند فوزية ..
                    دخل الصاله وفوزية تشيل اغراضها قال : شادن وين ..؟
                    رفعت فوزية حاجبها مستغربه قالت : مادري من يوم طلعت لك ماشفتها .
                    : انتي وين بتروحين ..؟
                    : بروح لبيتي خلاص طولت .. بعدين عزيز بيجي الحين واكيد انه جيعان بروح قبل يرجع .
                    : زين اخلصي على بال ماجيب كوتي ( جاكيتي ) وشماغي .. بوصلك .
                    طلع ومر غرفتها مرة ثانية وتأكد انها مو في الحمام ومر على الغرف كلها مالها أي اثر ..
                    اخذ جاكيته من غرفته ونزل ..
                    ودى فوزية وعقله وقلبه معاها ..
                    مايدري وين مكانها ولا وش حالها ..
                    طول الطريق كان ساكت ..
                    وشهد تتكلم وتسأله واذا الحت اما يرد عليها ب ايه ولا قال مدري .
                    رجع للبيت وهو عازم انه يرجع يدورها ويحاول يعتذر منها بأي طريقه ..


                    ***

                    قرأتها للمرة الأربعين تقريباً ..
                    قالت بلهفه : عنود . تعالي بسرعه .. شوفي عماد ظهر من بيته مع فوزية وعيالها والله ثم والله ان رجع وماعطيتيه الورقه ماتشوفين الفستان سألت العنود ببراءة : نوف رسالتها وش فيها .؟
                    : انا سألت شادن قالت اغراض يجيبها لي من السوق .
                    وقفت العنود طمعانه في الفستان وفي خدمة شادن اللي تحبها كثير وتعتبرها احسن مدرسه عندهم في المدرسه ..
                    قالت : طيب ابلا شادن ماتقول شي لو قريتها ..؟
                    فزت نوف بمكانها قالت بعصبيه وشراسه : لا والله لين قريتيها لاموتتس .. لأن شادن حلفتني محد يفتحها وانا وعدتها وانتي تعرفين اللي يخلف وعده يصير مع المنافقين ..في الدرك الأسفل من النار .
                    هزت العنود راسها مقتنعه بالكلام اللي درسته وسمعته كثير وارعبها
                    قالت : ايه صح .
                    : اوعديني ماتفتحينها .
                    : وعد مافتحها .
                    تطمنت نوف ان اختها ماراح تفتحها لأنها دايماً تردد عذاب الاخرة ووعيد ربي وتخاف تسوي شي يغضب ربي ثم يعذبها ..
                    طلعت العنود بحب للمغامرة من اجل الفستان الحلم والفوز برضا نوف حتى توفي بوعدها ..
                    استوقفتها نوف وهي تجري وراها بقارورة عطر في يدها قالت :
                    اصبري بعطر الورقه ..
                    بخت عليها من عطرها الحار والقوي واعطتها العنود وانطلقت الثانية مثل البرق .
                    شافته يوقف سيارته عند بيته ..
                    ودقت شباك سيارته بشويش ..
                    فتح القزاز وهو يطالع في بنت جيرانهم اللي دايما يشوفها تلعب مع شهد عند بيتهم
                    قال بحذر : نعم ؟
                    مدت عليه الورقه قالت : هاك من عند ابلا شادن .!
                    استنكر الكلمه قال بردة فعل سريعه وباستغراب : وشو ؟
                    : نوف اختي تقول هذي من عند مرتك .
                    اخذ الورقه بوسط حيرة وذهول وتكذيب وخوف وشكوك .. !
                    والورقة بتثبت الشكوك ..!
                    ( ودي أعرف ليه أودك!
                    ليه من الغاليين أعدك..
                    ليه أحاول كل مره ألفت إحساسك وأشدك..
                    ولا بغيت أمشي وأقفي عيا قلبي لا يهدك!!
                    ودي أعرف بس وش سر اهتمامي ..
                    حتى لا مريت جنبي روحي ترسلك سلامي..
                    .........
                    ليش تعذبني وانت عارف اني احبك من سنين ..
                    ليش تتجاهلني وانا ا للي خليت حمود ولد عمي لانك ساكن القلب ومالكه
                    احبك واعشق ترابك واراضيك .
                    عاشقتك نوف )
                    عفط الورقه ولعن الساعه اللي فتح للبنت شباك سيارته ..
                    دق بوري واشر للعنود اللي جاته تجري بدون شبشب او شي يحمي رجولها من الأرض وترابها وحجرها وأذاها ..
                    اخذ الورقه وشققها لقصاصات يصعب على أي احد يقرا منها حرف واحد ..
                    مدها على العنود وطالع في الشباك وشاف نوف كعادتها واقفه عليه وتراقبه .
                    كانت تطالع وكأن بيغمى عليها من اللهفه والفرح والخوف ..
                    مشاعر مختلطة ومتناقضة والخوف هو سيد الموقف ..
                    رجولها مو قادره تضبطها ..
                    تخيلته وهو يقرا حروفها وكلامها ويتخيلها ويحس فيها وتتحرك لها مشاعره .. !
                    شافته يعطى العنود شي ورجعت وهي تمشي بفتور عكس لمن راحت له ..
                    مانتظرت نوف لحد ماتدخل وانطلقت لها تجري بتستقبلها عند الباب وهي تسب وتسخط في العنود اللي تمشي بمهل وبرود ..
                    طالعت في يدها اللي قابضتها ..
                    قالت : خذي ..
                    رمت قصاصات الورقة عليها وكملت : عماد يقول خلي اختس تعطيها شادن ..! ويقول لتس استري على عمرتس ازين لتس ..!
                    واه ياكبر الخيبة ..
                    واه يالاهانه ..
                    واه ياحب السنين اللي ضاع . .
                    حاولت تجمع الاوراق بس ماقدرت لأنها مجرد فتافيت طيرها الهوا ..
                    رجعت لغرفتها ووقفلت على نفسها بدموعها وجروحها وخيبتها وصورة حمود اللي لابد منه تلوح لها وتتراءى من امامها وتنربط بالمستقبل اللي مامنه مفر ..
                    رمت عمرها على فراشها وتغطت ببطانيتها ودخلت في دوامه من البكا المميت ...

                    دخل البيت وهو بين نارين ..
                    نار شادن اللي اكيد انها زعلانه ومقهورة ونار غيضه من هالبنت اللي يخاف انها تبلاه ولا تلحقه الأذى وهو يحاول يتحاشى ابوها ومايحتك فيه بسببها ..
                    مشى متوجه لداخل البيت .. وقبل مايدخل استوقفه الصوت اللي سمعه ..
                    شهقاتها وهي تبكي وتمتم بكلام ماقدر يفهمه من النحيب اللي يصحبه ..
                    لف بسرعه من ورى البيت ..
                    وشافها ..
                    ضامه نفسها بيدينها ودموعها تنزل ..
                    وهي تطالع في السما ..
                    ماقدر يرد رجوله وهو يمشي لها بسرعه ..
                    وقف عندها وهي متجمده وكأنها فقدت احساسها باللي حولها وشعورها بالاخرين ..
                    ثنى رجوله وجلس على ركبه بجنبها وعيونه مارفعها من عليها .
                    انكسر قلبه وانشطر على حالها ..
                    ليه تبكين على شي مايستاهل ..
                    عساني اتزوج اربعين ليش تهتمين ..
                    تغارين عليّ .. ؟
                    ولا ماتبين شريكه وبس .
                    مد يدينه وضم على اكتافها قال : قومي ادخلي البرد كسر عظامك .
                    رفعت يدينه من على اكتافها وماردت الا بالدموع اللي انخرطت فيها .
                    نزل جاكيته وحطه عليها وضم عليها بقوة قال بهمس : انتي ليه حساسه وكل كلمة تأثر فيك .. يعني ماتدرين اني كنت امزح معك .
                    غمرها الدفى وريحة عوده المعتق طغت على الهواء والأوكسجين وتنفستها لين حستها جرت في دمها مع اوردتها .
                    : قومي ادخلي عليك برد .
                    : عماد اتركني لوحدي ... انا تعبانه .
                    : طيب قومي ادخلي .
                    طالعته بعيون باكية ومعاتبه قالت : واذا دخلت تتوقع ارتاح .
                    باسها على جبينها قال بهمس : ادخلي لايسوي البرد فيك سواته في فهد .
                    بعدت عنه وصرخت قالت : عماد ارحمني انت ليه كذا ..؟ ليه حياتنا كذا ..؟ انا مستعده اعيش معاك على أي وضع حتى لو فيك عيوب الدنيا انا قابلتك وراضية فيك ..حرام عليك خلني ارتاح واعيش زي الناس ...
                    واجهشت ببكا مرير وكملت من وسط بكاها : خلني ارتاح الله يخليك .
                    كان همه انها تدخل البيت لأن يدينها كأنها قالب ثلج ..
                    ولبسهاخفيف وخوفه يصيبها اللي صاب فهد باسباب البرد ..
                    قال : ابشري بخليك ترتاحين بس قومي معي .. ادخلي للدفا .
                    تنهدت وبكت اكثر وهو لاف يده اليمين على اكتافها وماسك يدها اليسار بيده اليسار ..
                    ماقدر ينطق أي كلمه ..!
                    اصلاً وش عنده يقول ..!
                    يابنت انا رجال مريض ماصلح اكون زوج ..
                    اخاف تصيبك علتي .
                    انا انسان يشوف الدنيا كم سنه وتنتهي .
                    دخلوا البيت وطلع معاها لغرفتها كانت بتتكلم قال : اششششش ولاكلمه .. ماله داعي الكلام الحين .. والكلام اللي زعلك كله خرطي في خرطي .. انتي راعية البيت وهو ملكك انتي لحالك .. تبين تصدقين وأوريك اوراق ملكيته ..
                    لفت الأرض فيها وهي تطالع فيه ..
                    منذهله وخايفه ..
                    مصدقه ومكذبه ..
                    مطمنه ومو راضيه .
                    سحبها لسريرها قال : ارتاحي الحين وانا بنتظر لين تبدأ صلاة التهجد ابي ارجع الاقيك مثل اول .
                    مسح دمعتها بطرف اصبعه وباسها قال : لاشوف هذي تنزل .
                    طلع وهي بوسط ذهولها وصمتها وخوفها من اللي جاي ..
                    جمد الدمع ورجع قلبها ينبض بفتور وكأنه تعب من التضادات اللي صارت له في يوم واحد حافل بمشاعر مضطربة ..!



                    ***

                    يتبع,,,

                    تعليق

                    • ஜ .¸¸ فجر¸¸. ஜ
                      عضو ماسي
                      • May 2009
                      • 708
                      • .
                        .
                        .


                        .
                        .
                        .


                      #70

                      واقف على عظمين له اكثر من ست ساعات
                      وان جلس جلس دقايق ورجع يسأل عن المصابة اللي ماعرف حتى اسمها ..
                      ولا يروح يكمل محضر الشرطه ويحوس مع اهل المتوفيات اللي حضروا ..
                      الموت له سطوة ..
                      وحزنه مرير
                      والفقد موجع ..
                      وصلوا اهل اميرة زوجها واخوها وام زوجها اللي ياما وياما اشكتها على زميلاتها واشتكت من فعايلها ..
                      دخلوا حتى يتأكدون من الجثه وأول ماعرفوا ..
                      اللي صرخ ، واللي رجع كل مافي جوفه ، واللي طاح مغشي ..
                      اميرة اللي تركت فارس 4 سنوات ويزيد 6 ورانيا 2 ونصف .
                      تركتهم بلا ام .
                      بلا حضن دافي وقلب حاني .
                      بلا مأوى ان ضامتهم الدنيا .
                      تركتهم وغادرت بكل سهولة .
                      وسط ذهول الزوج وفجيعة الأخوان والأم ولأب وام الزوج اللي ماعرفت قيمتها الا بعد ماشافتها جسد بلا روح وحراك .
                      من بيلمك يافارس اذا صحوت مفزوع من نومك ..
                      من بيلبسك ثوبك الأبيض ويحضنك ويحصنك يايزيد اول يوم دراسي وهي اللي كانت تنتظر اليوم هذاك بوله وشغف .
                      من بيحتويكم ويحاول يدور رضاكم ويلبي طلباتكم ..
                      ابو ولا زوجة ابو .
                      ورانيا بنت السنتين ونص ..
                      الطفلة المفطومه ..
                      وشلون تنشأ البنت بدون ام ..
                      من بيجدل ظفايرها ..
                      ويختار لها ملابسها .
                      لمن بتقول اسرارها وخصوصياتها اذا تطور عمرها وكبرت ..
                      لمن بتسرد حكاياتها مع صديقاتها وسوالفها .
                      تركتهم اميرة وراحت ..
                      راحت لأنها ببساطه تبي تعيشهم بمستوى معيشي افضل ..
                      بس القدر ماكتب انها تحقق احلامها ..

                      ..
                      وقف فهد وهو يشوف زوج فاطمه يردد لاحول ولاقوة الا بالله اكثر من مئة مرة ..
                      فلاحول ولاقوة الا بالله تهون المصاب الجلل .
                      رددها لعلها تهدي نفسه الهادره غضباً وقهراً وامتعاضاً ..
                      راحت الشريكه والرفيقه ..
                      راحت وتركته وتركت وراها من الاحباب كثييير
                      وياكثر اللي بيصدمهم الخبر
                      بدءاً بأهلها واهله والجمعيات الخيريه ودور الأيتام اللي تعلقت فيهم وتعلقوا فيها ..
                      وقف فهد عنده بشكله الرث وملابسه الملطخه بالدم وشماغه المربوط على راسه بشكل عمليّ بحت .
                      : هونها وانا اخوك .. ادري ان مصيبتك مصيبة . ..
                      قاطعه الرجال الملتحي : اللهم لاعتراض اللهم لاعتراض اللهم لاعتراض .
                      غرقت لحيته بسيل الدموع وابعد فهد عنه وهو يشوف اخو زوجته المكلوم هو الثاني يجي ويسانده ويطلعه برا المستشفى ..

                      ..
                      وصل العريس بلهفته
                      شاب في العشرين ..
                      نظراته تدور في كل الأماكن لعل وعسى ...
                      انشرح خاطر فهد وهو يسمعه يقول للمرضه السعوديه بهلع : انتي شفتيها هي بنت شباب .. عرووووس عرووووس لسه .. صغيرة مو كبيرة . نحيفه .. ا ا ا شكلها شكلها ..
                      قاطعته الممرضه بوجع : اخوي بقيت جثة وحده ومصابة في العناية المشدده .. اذا الجثه مو زوجتك معناتها هي الوحيده اللي نجت .
                      رفع يدينه للسما مايدري ان الله حكم ونفذ حكمه ولاراد لقضائه .
                      دخل وجسمه يهتز رعب من الموت وهيبته ..
                      وخوف ان الجثه تكون للعروس .
                      كشفت الموظفه عن وجه الجثة وتهاوى على الأرض مغشي عليه ..
                      وياكسرها الفرحه في عز عزها ..
                      وياصعب فقدان الأمل في الهناء المنتظر .
                      شالوه الممرضين على ودخلوه الطواريء
                      كل هذا على مرأى من فهد ..
                      وكأن الله بعثه ليقول له ان مصابك هين مع مصاب غيرك .
                      مصيبه وتجبر مصيبه ..
                      وربَّ ضارةٍ نافعه ..
                      وصدق مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ
                      مسك راسه وهو يفكر بعظم المصاب ..
                      ذكر الله واستغفره وفز بمكانه لأن الصوت اللي سمعه مو غريب عليه ..
                      : مشاري وابوه .
                      وقف لهم واستقبلهم قال : خير يامشاري وش فيكم .
                      طالع فيه مشاري بوجه اصفر والرعب يدب في قلبه..
                      والأب الموجوع خايف من الصدمه ..
                      ووجهه يقول انه مايقدر على التحمل ..
                      قال فهد : بنتكم في الحادث ..
                      هز مشاري براسه قال : ارسلونا للثلاجه .
                      مسكه فهد من يده قال : الظاهر انها نجت .
                      طالع فيه ابو مشاري وخيط الأمل يلوح ووده يمسكه لايفلت ..
                      لكنه سكت خايف من ( الظاهر ) تحمل وراها العكس ..
                      قال مشاري : وش دراك ؟
                      : الجثث ثلاث تعرفوا اهلها عليها .. والباقي اصابة وحده وهي في العنايه لكن حالتها موب حرجه .
                      كرر مشاري جملته : وش دراك ..؟
                      رد فهد وهو يشد على ساعد ابو مشاري التايه مابين يصدق ويفرح ولا يخاف ويتوجس ..
                      قال : تعالوا للعناية المركزة وكلموا الدكتور تراه معي من اول ماجيت ويطمني عليها اول بأول .
                      هز ابو مشاري راسه وبقلبه ودوني أي مكان بس اتطمن ..
                      حثوا الخطى ووصلوا للعناية المشدده وكلم فهد الممرضه اللي عرفته من كثر ماسألها قال : هذولي اهل البنت خليهم يشوفونها من بعيد .
                      حاولت تعترض بس فهد اقنعها ان اهلها خايفين ماتكون هي فسمحت لهم بالدخول اقل من دقيقه ونظرة ويرجعون ..
                      دخل ابو مشاري والرهبه لاتقل عن رهبة اللي دخلوا على جثث اهلهم ..
                      مابين الأمل والخوف ..
                      تهللت اساريره وهو يشوفها مسجاه على السرير ومطبقة جفونها في وسط اجهزة واسلاك طبيه ..
                      هز راسه لمشاري اللي ماقدر ينتظر برا ودخل وشافها ..
                      تسند ابوه عليه ومسكه لحد ماطلعوا وهو يلهجون بحمد الله وشكره على نعمته وانه رد لهم بنتهم ..
                      ساعد فهد ابو مشاري على المشي وجلس على اقرب كرسي قال : ياولدي وش هالدم اللي عليك .
                      طالع فهد بملابسه اللي ماقدر يصلي منها قال : شوفة عينك .. قدر الله انه يحطني في طريقهم والحمد لله انا لحقنا بنتك .
                      طالع مشاري في فهد قال : هذا الدم ..
                      قاطعه فهد : دم المصابين .. هذا الدكتور جا اسأله عن اختك وانا خلاص بطلع ادور لي شي اكله من العصر وانا احوس لافطور ولا راحه .
                      اقبل عليهم الدكتور وتحمد لهم على سلامة بنتهم وطمنهم بأن اللي فيها كسور ورضوض وجروح .. وان شاء الله ان حالتها مو صعبة ولاحرجه ..
                      اقنعهم ان جلستهم مامنها فايده وانهم ماراح يشوفونها الا بعد 48 ساعه .
                      وعلمهم بأن اللي ساعد بنتهم هو الشاب اللي كان جالس معاهم وانه لولا الله ثم هو يمديها لحقت زميلاتها ..
                      طلع ابو مشاري مع ولده وبداخله كيف يرد الجميل لفهد ..
                      وصلوا بيتهم ودق على فهد بس احبط وجوال فهد مافيه شبكه ودلاله انه مسك الطريق اللي يودي لديرته ..


                      ***
                      تمددت على سريرها وهي في ذهول وصدمه من كلامه
                      يبي يسكتها ويراضيها بكلامه هذا ويقول ان البيت لها ..
                      يحسب الدنيا ماده في مادة .
                      مايدري اني مابغى منه فلوس ولا مادة ولا شي حسي ..
                      كل اللي ابيه هو ..
                      حطيت يدينها على وجهها وهي مخنوقه
                      بس مارضت الدموع تنزل
                      كلامها جمد الدموع ووقف البكا
                      ووصلها لما بعد البكا ..
                      تغطت بلحافها تدور الدفى
                      الدفى اللي يغمر روحها البارده قبل جسدها ..
                      بس وين الدفى وعماد الجليد ساكن بقلبها واعماقها
                      سمعت صوت الإمام وهو يقرأ بخشوع وتسلل الصوت والكلام لروحها
                      وتذكرت ان الباري في مثل هالوقت يدور من يتوجه له ويتضرع ويلبيه ..
                      فزت من سريرها وتوضأت وفرشت سجادتها اللي صارت تعرف ادق تفاصيل حياتها من كثر ماشكتها عليها ..
                      كملت صلاتها بخشوع وتونِّ وتضرعت لربها باللي في قلبها علّ وعسى ان الباب هذا محد يطرقه ويخيب ..
                      فزت من على سجادتها وهي تسمع خطواته تقطع الصمت الموحش في البيت ..
                      ودخلت في لحافها وغمضت عيونها ..
                      ماتبي تشوفه وتشتعل النار اللي هجدت على السجاده
                      وماتبي تسمعه وترجع لها صورة نوف اللي ربطتها بالدور اللي فوق وبحياته ..
                      وماتبيه يبرر ولا يعتذر لأن الشرخ عميق ...
                      ورتقه صعب ..
                      وماتبيه يفتح موضوع البيت وملكيتها له سواء يثبت ولا ينفي لأن هالكلام اكبر منها بكثير وأصعب من كل المواقف في حياتها ..
                      فتح الباب بهدوء من دون مايدقه وكأنه يثبت لها وله ان هالمكان واللي فيه حلاله
                      يدخل متى مارغب ويطلع بكيفه ..
                      شافها متمدده على سريرها ومتمسكه في لحافها وجفونها مغمضتها على عيونها واللي فيها .
                      تداري عنه ..!
                      ولا تخشى مواجهته ..! و
                      لا كارهه وجوده عندها .
                      خانته قدرته في المقاومه واقترب منها اكثر ..
                      وهي كذا تغريه وتجذبه ..
                      وشلون وهو قريبه منه ولا في حضنه ..
                      لو تدرين ياشادن باللي في الصدر ..
                      كان فرحتي وانا ابعدك واجفاك .
                      سحب جاكيته اللي على طرف سريرها واللي اختلط عوده مع ريحة عطرها وشكل ريحة مزجت القوة بالرقة ..
                      ضمه على صدره وانسحب من غرفتها لغرفته ..
                      لبس واخذ اغراضه اللي تهمه ونزل لجدته ..
                      بالقوة اقنعها ان عنده شغل في جده ..
                      ماقدامه حل الا الهروب ..
                      خاصة الليلة وفي هالوضع ..
                      سلم عليها وهي تردد الدعوات بحفظه وتوفيقه وتيسير اموره
                      ومشى وذكر الله يلهج بلسانه من دعاء سفر لاتكال وتفويضه امره ومعوذات وايات قرانية تعينه وتحصنه من الشرور والمساويء ..


                      ***


                      دخل بيت اهله قبيل السحور ..
                      ملابسه وشكله تقزز كل من شافه ..
                      شافته منال وصرخت بصوت افزع حنان الواقفه في المطبخ وبندر وخالد الجالسين على التلفزيون ..
                      قال فهد : هييي بنت اسكتي روعتي الناس .
                      جاته تمشي بسرعه وسلمت عليه وهي تتفقده قالت : ياويلي يافهد الدم هذا وشو ..؟ صاير عليك حادث .
                      رفع يدينه قال : مافيني شي شوفي .. لقيت قدامي حادث وساعدت فيه وهذا دم المصابين .
                      وصله بندر وسلم عليه وهو معقد حواجبه قال : استغفر الله هذا دم ادمي ولا دم ناقة منحورة عليك .
                      سلم على خالد وحنان قال : لاوالله حادث كرهني بعمري .
                      تكلمت منال وهي مكشرة قالت : ياعمري يافهد هو انت ناقص .
                      رمقها بندر بنظره لوم والتفت لفهد قال : غسل غسل والله الظاهر انك ماكلت شي من امس .
                      رفع فهد حواجبه بتعب قال : خلها على الله بس .. على سحوري ومتبرع بدم للمصاب والدنيا قدامي سودا بغيت اصدم مرتين .
                      قالت منال بلهفه : خلاص ادخل تروش وبدل ملابسك وانا احضر السحور الحين .
                      طلع ابوه على صوته وهو يرحب ويهلي كأن له سنين ماشافه ..
                      بس فتر صوته وهو يشوف هذا شكله وحاله ..
                      قال : ذابح لك رجال ..؟
                      جاه فهد يمشي قال : ماذبحت احد الله يخليك لي .. اسعفت لي مصابين وهذا دمهم .
                      زفر ابوه بارتياح وسلم فهد على جبينه ولثم يده قال ابوه : بشرني عنك وانا ابوك ..؟
                      هز فهد راسه قال : الحمد لله على النعمه والعافيه بخير من ربي ياجعلك بخير . الا الوالده وينها ..؟ نايمه . ؟
                      : مهب الظاهر ادخل لها وانا ابوك طمن قليبها ترى دمعتها ماجفت عليك .
                      رد فهد : خلني ابدل ثيابي لاتشوفني وهذا شكلي ..
                      قطعت عليهم شهقة امه وصرختها وهي تقول : ياويلي على وليدي ..
                      رفع لها يدينه وكأنه يقول شوفيني مافيني شي وجا يمشي عندها وهو يقول : اصبري الله يخليتس لي مافيني شي ناس صاير عليهم حادث واسعفتهم .
                      هدا روع الأم بالرغم ان المنظر مؤسف بس سلامة ولدها فوق كل شي
                      قالت : لاله الا الله وكل هذا دم .. حيوا ولا ماتوا .
                      عطاها فهد ظهره وتوجه لغرفته وهو يقول : مات اللي مات وحيا اللي حيا ..
                      طالع في حنان المتقرفه من هيئته وريحة الدم قال : تكفين ياحنان ابي لي حليب بزنجبيل قبل السحور .. البرد ذبحني والحكه قطعت صدري .
                      تكلم خالد : عجلي بدال مانتي واقفه وعافسةٍ وجهتس .
                      دخل فهد غرفته وبدل ملابسه وغسل وصلى العصر والمغرب والعشا وطلع لهم كمل جلسته معهم وهو يوصف لهم الحادث من دون مايجيب سيرة جيران نايف حتى ماينزعجون البنات خاصة انهم عرفوهم وحبوهم ..

                      ثلاثه ايام عصيبه مرت عليهم
                      حالتها من سوء لأسوأ ..
                      كسور في الفخذ والساعد من الجهه اليسار ..
                      جروح عميقه في الرأس والرقبه سببت لها نزيف والقزاز اخرجوه بصعوبه ..
                      وكل هذا يهون لأن الجرح مصيره يندمل
                      والكسر يجبر
                      وقف مشاري بجنبها وهي مطبقة جفونها لأنها ببساطه رافضه العودة ..
                      الصدمة سببت لها انهيار عصبي حاد ..
                      ان الواحد يصحى من نومه على فزع هذا بحد ذاته صدمه
                      لكن ترميه السيارة على بعد 15 متر وهي في طور الصدمه ثم تزحف رعب وخوف وألم ونزف وتوصل زميلاتها وهم اجساد بلا ارواح وتكلمهم اكثر من ساعه ونص هذا شي فوق الاحتمال
                      وخاصة ان سارة من النوع الرقيق اللي ماعتادت على الصلابه .
                      مسح مشاري على راسها وامه تتمتم بأدعية وابتهالات وتنفث عليها وتمسح جسدها ..
                      دخلت ريهام بنت خالتها وخطيبة مشاري قالت بهمس : ها كيفها الحين .
                      هز مشاري كتوفه وهو يحاول يختصر بكلمات معدوده لأن الأطباء حذروهم من ازعاجها قال : على حالها ماصحت .
                      مسكت ريهام يد مشاري قالت بهمس في اذنه : تعال اطلع معاي واترك خالتي تجلس عندها ..
                      خرج مشاري بناء على طلبها ووقف برا قال : ليه ماكلمتيني اجي اخذك .
                      ردت ريهام وهي تضيق فتحة نقابها وتميل طرف طرحتها عليها قالت : ماحبيت اتعبك ابوي نزلني وراح .. مشاري حبيبي لازم تاكل وتعيش وتحمد ربي انها مالحقت زميلاتها .
                      تنهد مشاري قال : الحمد لله على كل حال .. انا مامخوفني غير هالانهيار ولا الباقي كله مسألة وقت ان شاء الله .. طمنوني الدكاترة .
                      ضمت على يده برقة قالت : حبيبي انا اعرف سارة ممكن تتعب فترة بس راح ترجع خليك واثق من كلامي .
                      هز راسه قال : يالله امشي برجعك للبيت واقنعي امي ترجع معاك مرة رافضه تتحرك حتى فطور للحين مافطرت .
                      دخلت ريهام لخالتها اخت امها وام خطيبها وهمست في اذنها بترجي وسلمت على راسها وبإقناع قامت خالتها معاها ترجع لبيتها وتصلي العشاء والتروايح وتستغل الايام الفضيلة في الدعوات لبنتها اللي تركت قلبها عندها ..



                      ***
                      يتبع,,,




                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...