تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح ونحن البحر والسفن
ان الذي يرتجي شيئا بهمته .. يلقاه لو حاربته انس او جن
فاقصد الى قمم الاشياء تدركها .. تجري الرياح كما رادت لها السفن
تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح ونحن البحر والسفن
ان الذي يرتجي شيئا بهمته .. يلقاه لو حاربته انس او جن
فاقصد الى قمم الاشياء تدركها .. تجري الرياح كما رادت لها السفن
رد: سر المنزل الغامض والوردة الذهبية... خيال علمي، غموض
“ما الذي تريدينني ان استمع اليه عزيزتي"
كتمت لورا غيظها وقالت بهدوء:
“كان ويل يحاول التحدث اليك، وانت غارقة في تصفح هذا الشيء"
نظرت الى ويل بهدوء فقال وابتسامة السخرية لا تفارق شفتيه:
“كيف حالك اينجيل؟"
“اسمي انجيليكا"
اكمل ويل متجاهلا:
“هل انت بخير؟ مضى وقت طويل"
“لقد كانت ثلاثة أسابيع.. فكيف اصبحت وقتا طويلا؟"
“مع ذلك انه وقت طويل.. كيف هي عطلتك؟؟"
“جيدة"
“كيف تشغلين وقتك؟ هل بالعمل؟؟ -وبضحكة ساخرة- كيف تسير اعمالك"
تذكرت عندما كان ينظر الي في الفندق وفهمت مقصده.. انه يلمح إلى كوني أعمل موظفة استقبال.. ياله من وغد!!
ابتسمت قائلة:
“جيدة جدا"
“ماذا تعملين؟"
نظرت اليه طويلا رافعة احد حاجباي وبابتسامتي الجانبية المعهودة "الا تعرف؟"
“هههه لا بأس ان كنت لا تريدين الاجابة... بعض الأعمال تكون محرجة ان عرفت"
“ولم قد تكون محرجة؟؟ كل الأعمال جديرة بالاحترام"
“اجل.. كالعمل في الاستقبال بأحد الفنادق.. عمل جدير بالاحترام بحق!"
“تماما"
خيم الصمت على طاولتنا برهة، قطعتها لورا بقولها:
“هل اتينا للمناقشة ام لنستمتع ونودع بعضنا؟؟ بدأت اشعر بالملل حقا"
قام رايموند ومد يده اليها قائلا:
“أتراقصيني من فضلك"
احمر وجه لورا ونظرت الي كأنها تطلب موافقتي!! ابتسمت اليها ابتسامة عريضة فاطمأنت وامسكت بيد رايموند وتوجها الى منصة الرقص التي كانت في وسط القاعة... فكرت في نفسي.. عجيب امر لورا.. منذ متى وهي تطلب اذني؟ ثم انه ليس عليها ذلك.. انا صديقتها، لا سيدتها!
مر بعض الوقت وويليام ما زال يحاول ان يفتح حديثا معي بينما أليكساندر في شرود مستمر.. لم يعجبني الوضع ابدا فنهضت من مكاني..
“إلى أين"
نظرت الى ويليام باستنكار وقلت:
“لأصارع وحشا.. ما رأيك؟"
“هههه يعجبني ذلك"
“اذا ادعو الله ان يرسل لك وواحدا.. ذاهبة الى دورة المياه ايها العبقري".
“هههههه"
تجاهلته واكملت طريقي.. دخلت الى دورة المياه لأغسل وجهي واتامل نفسي في المرآة.. لم اكن اضع الكثير من مساحيق التجميل اذ ان ألوان ملابسي صارخة بعض الشيء واكتفيت بأحمر شفاه شفاف وبعض الكحل والماسكارا واحمر الخدود... حتى انا كنت ملفتة للنظر بعض الشيء.. فانا نصف اسبانية ونصف ايطالية لذا فانا لا اشبه الانجليز باي شكل من الأشكال بشعري الاسود وعيناي العسليتان عدلت شكلي بسرعة وخرجت...
لم أكن أريد العودة الى القاعة حيث الحفلة الصاخبة.. لاحظت وجود باب شفاف يكشف عن وجود حديقة خلفه.. كان الباب مفتوحا فلم اتردد ثانية في الذهاب إليه والقاء نظرة...
هناك.. توجد نافورة عملاقة بالوسط يحيطها ممر حجري طويل، وعلى جوانب الطريق ورود ملونة نسقت بطريقة رائعة.. أخذت اتمشى وأنا أتأمل ما حولي وأفكر في حالي... سمعت صوتا خلفي، فاستدرت لارى من هناك.. كان هناك شاب يبدو مرهقا.. لم أستطع تمييز ملامحه جيدا حيث انه كان ينظر على الأرض.. جلس على أقرب مقعد وأمسك رأسه. تجاهلته وتابعت تجولي بالحديقة.. وقفت عند أحد أحواض الزرع أتأمل أزهاره وإذا بظل طويل خلفي يحجب الضوء عني.. التفت لأرى أليكساندر أمامي مباشرة..
“ما الذي تفعلينه هنا.. لقد قلت انك ذاهبة لدورة المياه حسب ما أذكر."
“وما شأنك انت؟ لقد كنت هناك.. ولكني فضلت الحديقة على صخب الحفل وازعاج صديقك"
ابتسم ابتسامة جانبية وقال:
“انتي وصديقي لا تكفان عن السخرية من بعضكما.. كأنكما بالابتدائية.. لا على وشك دخول الجامعة"
“لم لا تخبر صديقك بذلك بدل أن تسخر مني.. "
سكت ولم يرد.. لكنه بقي يتأملني بنظرات عجزت عن تفسيرها..
يتبع..
وهاي التكملة.. سامحوني طولت عليكم.. وان شاء الله برجع بنزل بأقرب وقت..
دمتم بود..
تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح ونحن البحر والسفن
ان الذي يرتجي شيئا بهمته .. يلقاه لو حاربته انس او جن
فاقصد الى قمم الاشياء تدركها .. تجري الرياح كما رادت لها السفن
رد: سر المنزل الغامض والوردة الذهبية... خيال علمي، غموض
ما اجمل الروايه وما اجمل القصةوما اجمل العيون التي تحكيها والاجمل منهم كلهم الخيال الواسع لم اتمكن من قراءة القصة في الوقت الحالي ولكن ساحاول قرائتها كاملاما شاء الله. عليك مبدعه
تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح ونحن البحر والسفن
ان الذي يرتجي شيئا بهمته .. يلقاه لو حاربته انس او جن
فاقصد الى قمم الاشياء تدركها .. تجري الرياح كما رادت لها السفن
رد: سر المنزل الغامض والوردة الذهبية... خيال علمي، غموض
المشاركة الأصلية بواسطة اسامة
ما اجمل الروايه وما اجمل القصةوما اجمل العيون التي تحكيها والاجمل منهم كلهم الخيال الواسع لم اتمكن من قراءة القصة في الوقت الحالي ولكن ساحاول قرائتها كاملاما شاء الله. عليك مبدعه
تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح ونحن البحر والسفن
ان الذي يرتجي شيئا بهمته .. يلقاه لو حاربته انس او جن
فاقصد الى قمم الاشياء تدركها .. تجري الرياح كما رادت لها السفن
رد: سر المنزل الغامض والوردة الذهبية... خيال علمي، غموض
البارت العاشر..
بقي يتأملني بنظرات عجزت عن تفسيرها... لاحظت في عينيه بريقا غريبا عجزت عن تفسير ماهيته، فأدرت وجهي وتظاهرت بالانشغال بالأزهار... بعد برهة تسارعت أنفاس أليكساندر وأصبحت رياح أنفاسه تصل إلي رغم أنه يقف على بعد متر مني.. وفجأة نادى علي بصوت لاهث:
"أنجيليكا"
استدرت إليه بسرعة.. فقد ظننت أنه أصيب بشيء ما، لكنه كان مازال واقفا يحدق بي وهو يتنفس بسرعة... نظرت اليه طويلا عله يتكلم، لكن... حدث شيء جعلني أتسمر في مكاني غير مستوعبة لما يحصل أمامي... كنت قد لاحظت شيئا غريبا في عينيه.. فقد كان لونهما يتحول شيئا فشيئا إلى اللون الخمري! وشعره بدا وكأنه على وشك أن تشتعل فيه النار حيث أن منابت شعره كانت قد اصطبغت بالأحمر الناري، وقد أخذ الاحمرار يزداد تدريجيا ليغطي سواد شعره!! لم افهم ما يحدث؛ فقد كان الأمر غير منطقيا أبدا... أغمضت عيناي بشدة وفتحتهما لأجد أليكساندر ما يزال أمامي بهيأته الطبيعية.. مما جعلني أظن اني كنت أحلم...
"ماذا، أليكساندر"
"اه لا شيء.. انتبهي على نفسك جيدا... أنت لا تفهمين ما يدور حولك"
"ماذا تقول؟؟ هل يمكن ان تشرح لي"
لكنه استدار ومشى مسرعا.. وقفت قليلا اتذكر آخر ما قاله وأعيده في عقلي علي أفهم ما عناه.. لكني عوضا عن ذلك وقعت في حيرة من أمري زاد عليها تذكري كيف لمعت عيناه السوداء باللون الأحمر عندما ألقى علي نظرة أخيرة قبل أن يستدير خارجا... تلك اللمعة التي قبل أن أراها كنت على وشك الاقتناع باني تخيلت أليكساندر بشعر ناري وعيون خمرية.. ولكنها جعلتني أستبعد ذلك لأغوص في بحيرة من التساؤلات!
عدت أخيرا الى قاعة الحفل لأجد لورا تنظر الي بنظرات متسائلة بينما ويليام ما يزال ينظر إلي بذات النظرات الساخرة كأن عيناه قد تجمدتا عليها... جلست مكاني وأنا أقول "لقد تأخرت بعض الشيء.. اعذروني" لتسألني لورا..
"ما الذي أخرك هكذا؟"
نظرت إلى أليكساندر نظرة خاطفة قبل أن أجيب:
"لا شيء.. هل من مشكلة؟"
"لا أبدا.. لقد وزعوا أطباق الحلوى.. احتفظت بطبق لك.. تفضلي"
مدت إلي الطبق فتناولته منها مبتسمة..
"شكرا لك"
"العفو"
أخذت أتناول الحلوى بصمت، بينما لورا، رايموند وويليام يتحدثون ويضحكون... نظرت مجددا إلى أليكساندر.. كان يتناول حلواه بهدوء هو الآخر ويتابع حديث الثلاثة بين الفينة والأخرى... رن جوال أليكس عندما شارف على إنهاء طبقه.. فخرج من القاعة حتى يرد على المتصل، ليعود بعد قليل مسرعا ليأخذ معطفه ويخرج...
نظر رايموند إلى ويليام سائلا:
"ما الذي حدث له.. لم أره في حياتي مسرعا هكذا"
"لا أدري.. لابد أنه حادث عمل"
تنهد رايموند بعدم اقتناع وعاد ليكمل حديثه...
بعد انتهاء الحفلة، كانت لورا ثملة وبالكاد تستطيع الوقوف.. اتصلت بسائقها جايك وأعطيته عنوان القاعة ليأتي ويأخذنا إلى المنزل... رافقت لورا إلى منزلها وسلمتها لوالديها اللذان شكراني وعرضا علي ان يوصلني جايك إلى منزلي، إلا أنني رفضت بشكل لائق محتجة بأن منزلي قريب.. وكم كنت غبية حين رفضت!!
خرجت من منزل لورا بعد أن ودعت والديها وتوجهت إلى منزلي.. كان منزلي يبعد مشية ما يقارب ال20 دقيقة.. أي أنه لم يكن قريبا جدا.. ولكنني اردت ان امشي وحدي في هدوء الليل وسكون الطريق..
كنت امشي في هدوء مكتفة ذراعاي وعيناي ساهمتان، كنت أفكر في ما آل إليه حالي وفي ما علي أن أفعل لأحقق النجاح الباهر الذي أطمح إليه.. أحسست بشخص يتبعني فأسرعت قليلا، ولكن الشخص كان أسرع مني فقبض على ذراعاي.. كنت أشعر بأنفاسه تحرقني، و قوة قبضته تبث الخوف والرعب في نفسي.. حاولت جاهدة التملص والهرب ولكنني لم أستطع كأن حركتي شلت! أحسست بتلك الانفاس تقترب من عنقي أكثر فأكثر وأنا لا أستطيع الحراك!!
فجأة.. ظهر شخص آخر ليدفع الرجل الممسك بي بقوة، ليمسك بي ويطير عاليا! لم أفهم ما يحدث وظننت أنني أحلم مجددا فأغلقت عيناي عل هذا الحلم المزعج ينتهي، ولكن.. عندما فتحت عيناي.. كنت لازلت متشبثة بالشخص الذي أنقذني.. ابتعدت قليلا لعلي أعرف أين أنا، ولدهشتي.. رأيت رودريك أمامي! رودريك هو الذي أنقذني وطار بي.. بقيت أحدق فيه برهة غير مستوعبة لما حدث.. فقد قفز بي عاليا جدا بين الأسطح والأشجار مثل قرد مرن.. أو نينجا متمرس! ولكن مهلا.. النينجا غير حقيقيون.. كما أن رودريك ليس قردا.. يا إلهي ما الذي يحدث معي؟؟ أما آن لهذا الحلم العجيب أن ينتهي؟؟ أغمضت عيناي بقوة لوقت طويل وعدت وفتحتهما لأجد رودريك ما يزال أمامي مركزا ناظريه علي وتعابير غامضة بادية على وجهه.. كأن رودريك قد مل من الصمت الذي خيم على المكان؛ فاخترقه بقوله:
"أأنت بخير أنجيليكا؟"
بقيت صامتة دون أن أجيب، فهزني بقوة علني أستفيق من الصدمة..
"أنجيليكا.. أجيبيني.."
"اوه.. نعم.. ما الذي حدث للتو"
ابتسم رودريك بارتباك وأجاب:
"لا شيء.. فقد كدت أن تتعرضي للهجوم فساعدتك"
"اه صحيح.. شخص غامض أمسك بي.. أذكر أني لمحت أن له شعر أشقر بلاتيني... ولكن.. ما الذي فعلته أنت للتو.. أأنت انسان؟!"
هم رودريك بالإجابة لكنه عدل عن ذلك وبقي يحدق بي بصمت... كان يبدو مختلفا عن المرة الماضية.. حيث أنه كان يرتدي بنطال جينز أسود و قميصا أصفر، ونصف أزراره مفتوحة...
"كيف استطعت فعل ذلك رودريك؟؟ هذه لا تبدو أبدا كقوى بشرية.. أم أن هذا ما يسمونه بتحول الخيال إلى واقع بالجهد والإصرار؟"
قلت ذلك وأنا رافعة حاجباي ساخرة... يا لغرابتي.. أأكون مصدومة ومتوترة ومع ذلك قادرة على السخرية؟!! لم أكن أعلم أني أستطيع كبح أعصابي إلى هذه الدرجة"
قطع علي تفكيري صوت رودريك مجددا.. كان يرفع أحد حاجبيه و مبتسما ابتسامة جانبية ويقول:
"لا عليك أنجيليكا.. هدئي من روعك.. ليس عليك الضغط على أعصابك لإخفاء شعورك.. على الأقل ليس وأنت معي"
تجمدت من الدهشة.. إن هذا الشخص غير طبيعي أبدا.. هل يمكن لشخص أن يملك تلك القوة البدنية، والمرونة والقفز العالي جدا؟ وفوق ذلك قراءة الأفكار؟؟ لقد بدأت أخاف حقا.. التفت لأرى ما حولي هربا من نظراته ورغبة مني في معرفة أين نحن، وكل ما رأيته كان بوابة شاهقة، الكثير من الورود الداكنة ومدخل منزل كبير.. لقد كنت في حديقة المنزل المريب مرة أخرى!!
تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح ونحن البحر والسفن
ان الذي يرتجي شيئا بهمته .. يلقاه لو حاربته انس او جن
فاقصد الى قمم الاشياء تدركها .. تجري الرياح كما رادت لها السفن
رد: سر المنزل الغامض والوردة الذهبية... خيال علمي، غموض
.. البارت الحادي عشر..
لم أعلم ما أفعل، ولا أدري كيف كان شعوري... نظرت إلى رودريك مرة أخرى، كانت ملامحه جامدة مما أصابني بالخوف أكثر... فكرت أن ما علي فعله هو ان أخرج من هنا بسرعة، وأعود إلى منزلي.. لا يهمني كم تأخر الوقت ولا انعزال المنطقة وريبتها... جل ما أريد هو ان اعود الى المنزل... التقطت حقيبتي التي كانت قد سقطت على الأرض واستدرت خارجة...
"أذاهبة دون أن تودعينا كما فعلت في المرة السابقة؟ لا تخافي.. لن ألتهمك.. يمكنك البقاء هنا.. إلا ان كنت تريدين التعرض لهجوم آخر.."
"كف عن السخرية رودريك.. لا أريد المبيت هنا.. أريد أن أعود إلى المنزل.. أنا متعبة"
"لماذا؟"
"ليس من شأنك.. أنا حقا أريد أن أرتاح، لذا أنا عائدة إلى منزلي... إلى اللقاء"
قلت ذلك واستدرت لأخرج.. إلا أن رودريك اعترض طريقي بسرعة أذهلتني قائلا:
"لن تذهبي إلى أي مكان.. أأنت مجنونة؟ سيمسك بك شخص ما ويقطعك إربا.. اليوم هو يوم الارتواء سي..."
"يوم الارتواء؟؟ ما هذا؟ ولماذا أمسكت عن الكلام؟؟ أنا لا أفهم شيئا"
بقي رودريك صامتا.. فقد كاد أن يبوح بسر ما كما فهمت.. كانت ملامحه متوترة.. كأنه في امتحان صعب.. وكنت أنظر إليه متسائلة أنتظر منه تفسيرا...
"رودريك..."
"لا يهم، انسي ما قلته لك للتو.. ولكن أرجوك ابقي في منزلي الليلة.. الطريق غير آمن"
هززت رأسي بعصبية وقلت بشيء من الحدة:
"غير آمن من ماذا؟؟ هلا توقفت عن التحدث بالألغاز وتكلمت بوضوح لو سمحت؟؟"
"أنجيليكا.. استمعي إلي دون أن تناقشي.. أن أحاول أن أحميك... أنت لا تفهمين كل ما يدور حولك"
أحسست كأن أحدا قد سكب علي ماء باردا عند سماعي جملته الأخيرة.. كانت تلك الجملة تتكرر في عقلي ببطء... لقد قيلت لي هذه الجملة مرتين في هذه الليلة.. ومن شخصين غريبي الأطوار لا أعرف عنهما شيئا...
سمعت رودريك يقول أخيرا وهو يقترب:
"هيا بنا إلى الداخل"
ابتعدت عنه بسرعة وأنا أهز رأسي يمنة ويسرة..
"لا أريد.. ابتعد عني"
ولكنه انسك بي وثبت نظرات عينيه الخضراء على عيني ...
"ستدخلين إلى المنزل.. وستكونين بأمان ولن تغادري قبل الصباح"
ودون ان ينتظر مني ردا أمسك بيدي وقادني إلى الداخل...
كنت مستغربة من نفسي.. كيف لم أستطع الرفض؟ وكيف لم أقاوم قبضته على يدي؟ وكيف لم أجرأ على الهرب أو التمنع عن الامتناع عن اجتياز عتبة ذلك الباب؟؟ إلى أي حد تستطيع تلك العيون إخضاع الناظر إليها أو إقناعه بمجرد التحديق في عينيه؟
كنت أمشي معه مثل المخدرة ولم انتبه إلا عندما اجتزنا القاعة الرئيسية لندخل في ممر صغير يقود إلى غرفة واسعة ملآى بالتماثيل المرصعة والتحف القديمة.. كان فيها أرائك عالية بدت مريحة وطاولات صغيرة على الزوايا وفي الوسط.. لابد أن هذه هي غرفة الجلوس..
أنار رودريك المشاعل المعلقة على جدران الغرفة وقال:
"انتظريني هنا.. سأعود حالا"
جلست على أقرب مقعد دون أن أنبس ببنت شفة.. كنت مرهقة الفكر.. ومتعبة الجسد.. ملت برأسي لأستند على يدي وأغمض عيناي.. كانت عيناي تحرقانني.. وشعرت برغبة في النوم... انتبهت عندما دخل رودريك حاملا صينية فيها فنجان شاي وطبقا من الكعك.. كان قد بدل ملابسه إلى تلك الملابس التاريخية التي رأيته فيها أول مرة..
"تناولي هذا.. لابد أنك متعبة جدا.. لقد جهزت لك غرفة لتباتي فيها... وأنرت المشاعل كي تنير لك الطريق المؤدي إليها... علي أن أخرج.. وسأحاول ألا أتأخر.. خذي راحتك أرجوك"
"لم يكن عليك فعل كل هذا.. كما أنك كنت ستوفر عن نفسك الكثير من وجع الرأس لو تركتني أعود إلى المنزل.. على كل، شكرا لك"
ابتسم ابتسامة عريضة وخرج دون أن يقول شيئا.. أما أنا فقد بقيت ساهمة أفكر إلى أن استطعت طرد تلك الأفكار وأتناول شيئا مما قدمه لي رودريك..
شربت الشاي وتناولت بعضا من الكعكات المصفوفة.. ثم عدت لأغرق في أفكاري.. تذكرت أليكساندر كيف خيل إلي أن ألوان شعره وعينيه تبدلت، وتلك الجملة التي قالها قبل أن يبتعد والتي جعلتني أغرق في تساؤلاتي.. ثم قالها لي رودريك مرة أخرى وبنفس الصيغة! أحقا أبدو كمن لا يعلم أين رما به القدر؟ شعرت بصداع شديد، فقمت من مكاني لأتتبع ضوء المشاعل لأصل إلى الغرفة المجهزة لي كما قال رودريك... خرجت من الغرفة إلى الممر، وتبعت النور إلى الأعلى.. تذكرت فجأة تلك اللوحة التي شاهدتها في هذا المكان.. فأردت أن أراها كمن يريد أن يلقي التحية... وقفت أمامها متأملة، وقفت أمامها متأملة، وقفت أمامها متأملة لجمال الألوان ودقة الرسم، متفحصة للوجوه مناجية لهم... أمضيت وقتا طويلا أنظر إلى الفتى الصغير ذا الشعر الأحمر؛ شعره ذكرني بعض الشيء بشعر أليكساندر عندما بدا لي احمر اللون، نظرت إلى تقاسيم وجهه.. كانت عيناه خمرية! هل يعقل هذا؟ أذكر تماما أن عيناه كانتا زرقاء قاتمة.. لا خمرية غريبة!! أغمضت عيناي وفتحتهما مجددا.. ولكن.. بدا أن عيناه كانتا فعلا خمريتان! تجاهلت ذلك، وأقنعت نفسي أني لا أتذكر جيدا وأن تلك العينان خمريتان منذ ان رسمتا.. انتقلت بنظري إلى الفتى الآخر.. الذي شبهته برودريك عندما زرت المنزل المرة الماضية... شعر أشقر كأشعة الشمس وبشرة برونزية.. خليط عجيب جذاب زاد على جاذبيته عينان خضراوان كخضرة الغابة... ولكن.. هذه المرة لم تكن تلك العيون خضراء... فقد كانت خمرية أيضا!! تجمدت مكاني وأنا أتمتم:
"لا.. مستحيل.. لا يمكن أن أخطأ مرتين.. ان كنت قد أخطأت وظننت أن لون عيون الفتى ذا الشعر الأحمر هو الأزرق القاتم وهو في الحقيقة خمري، فمستحيل أن أعتقد أن لون عيون الفتى الآخر خضراء وفي الحقيقة هي الأخرى خمرية! لابد أن هناك خطأ ما.. قد تكون هذه ليست اللوحة التي رأيتها المرة الماضية.. قد تكون لوحة أخرى.. يا إلهي.."
قطع علي ملاحظتي لشيء آخر.. لقد برقت تلك العيون الأربعة الخمرية ببريق غريب.. ثم خبت فجأة! لا يمكن أنني أحلم.. لا يمكن أنني أتخيل كل هذا.. مهلا.. ربما أنا حقا أتخيل.. فهذا شيء غير منطقي احتمال حدوثه يساوي الصفر.
تعليق