رد: منازل القمر للكاتبة:برد المشاعر(كاملةة)
الفصل الثالث و العشرون
كدت أصاب بالجنون حين اتصلت بي عمتها وقالت لي أن ألحقها لأنها تموت
فتحت عليها الباب ودخلت فكان الألم واضحا على وجهها رغم ادعائها الصمود
أخرجت عباءتها من الخزانة ممسكا لها في حضني ولا أفهم مما يجري شيئا
كانت تتألم بين ذراعي ثم أمسكت قلبها بقوة وقالت بصوت متألم
" قلبي ..... قلبي اه "
وسقطت من يدي أرضا نزلت عندها أجلستها متكئة على كتفي وقلت
" تماسكي يا قمر تماسكي "
أمسكت قميصي ونظرها لسقف الغرفة ثم مدت يدها للسقف وقالت مبتسمة بحزن
ودموع " أراها ... أرى قدميها تقفزان هناك وأسمع صوت ضحكاتها "
مدت يدها للأعلى أكثر وقالت بألم " قمر خذيني إليك "
شعرت بأحشائي تتمزق وقلبي يرتجف وعجز لساني عن الكلام فحضنتها
بقوة أدسها في حضني كي لا ترى المزيد ولا تطلب الذهاب لها وتتركني
شعرت بيدها تمسك قميصي بقوة ثم قالت
" لما نسيت السطح وفتاة السطح يا رائد لما نسيت قمر الطفلة تلميذتك الوحيدة "
أبعدتها عن حضني ومسحت بيدي على وجهها وقال بهمس حزين
" لماذا يا قمر لماذا خنتني "
نظرت لعيناي نظرة لا أنساها ما حييت ... نظرة تحمل كل معاني الحزن والألم
والحب وقالت بابتسامة حزينة " لأني أحببتك "
ثم أمسكت قلبها بتألم ودست وجهها في حضني وقالت بصعوبة
" أخبرتك أني لا أريد أن أموت هنا ليثني أكرهك كما تكرهني يا رائد "
ثم شهقت بقوة وارتخى جسدها بي ذراعاي وسقطت يدها أرضا أبعدتها عن حضني
أنظر لها بضياع كانت بين يداي كقطعة القماش , كورقة خريف فارقت شجرتها
كنت انظر لها بصدمة فقدت معها جميع حواسي , أحسست الان بشعور من يقول
شعرت بقلبي ينشطر نصفان , أمسكت يدها برجفة فكانت باردة كالجليد فضغطت
عليها بقوة وقلت بهمس " قمر حبيبتي "
لكنها لم تتحرك ... لم تفتح عينيها ولم تجب , حضنتها بقوة وقلت بصوت مخنوق
" لا يا قمر لا تفعليها بي ... قمر أرجوك "
كنت أحضنها وأحضنها وأدسها بين ضلوعي وأترجاها أن تجيب أن تنظر إلي
ودون فائدة , أبعدتها عن حضني أتلمس يديها ووجهها ... كل شيء بارد كل شيء
كالجليد , ضغطت بيدي على قلبها بقوة ولا أشعر بأي نبض كان عقلي يرفض
فكرة أن ألمس عرق رقبتها وكأني أخشى من حقيقة أنا متأكد منها ثم جمعت
الأجزاء المتبقية من قواي المنهارة أغمضت عيناي بشدة وألم ومررت أصابعي
ببطء على عنقها فأحسست بنبض ضعيف , من مفاجئتي حملتها بين يداي وانطلقت
بها للسيارة وغادرت بسرعة جنونية للمستشفى , يد تحرك المقود ويد تحضنها
لصدري بقوة , كم شعرت اليوم أن الطريق طويل وأن السيارات تسير بسرعة
السلحفاة بل أبطأ منها بكثير , وصلت المستشفى ونزلت احملها بين ذراعاي
وأركض بها الممرات لا عباءة لا حجاب وبفستانها القطني القصير شعرها متناثر
حولها يلامس ركبتاي وكل من مررت به نظر لها ووكز من بجانبه إن كان لا يرى فضممت وجهها لحضني وصرخت راكضا
" إلى ما تنظرون هي امرأة متحجبة غضوا أبصاركم عنها "
وصلت نصف الممر وصرخت بكل صوتي " ممرضات ليأتي أي أحد يا مغفلين "
خرجت اثنتان تركضان نحوي لأخذها مني فقلت " ليس هنا ... العناية أي
شيء غير الطوارئ استدعوا الدكتور منصور دكتور القلب ملفها لديه
( قمر بشير) بسرعة أرجوكم "
أحضروا سريرا ووضعوها فيه وركضوا بها جهة المصعد وأنا خلفهم أدخلوها
العناية وتركوني في الخارج أجلس دقيقة وأجوب الممر دقائق أهدأ لحظة وأضرب
الجدار بقبضتي لحظات ومرت الساعة والساعتين والثلاث ولا أحد يخرج سوى
ركضا ويجرون مكالمات بمن لا أدري ومؤكد بطبيبها في ألمانيا , لا أفهم شيئا !
لما قالت عمتها هذا وكيف علمت ؟ هل هذا ما تعنيه قمر بموت الورد هل كانت
تعلم أنها ستموت ! كنت أحك جسدي كمدمن المخدرات الذي نقصت عليه الجرعة
ثم أحضن رأسي بيداي جالسا على كرسي الانتظار
قررت إبعادها عني لأرحمها مني فلم أقدر , جربت نسيان كل ما فعلت بي ولم أنجح
قررت أن أعيدها لعمتها وانفصل عنها ولم أستطع حتى اتخاذ قرار نهائي حيال الأمر
تبعتها للمزرعة لا أعلم غيرة عليها من خالي أم خوفا عليها من سوزان أم شوقا غلبني
وانتهز الفرصة وما أن رأيتها هناك حتى اكتشفت أنني عبثا أحاول وأني لن أتخلص
من وجودها في قلبي لا قمر الطفلة ولا ضوء القمر ولا قمر الحاضر فقررت بعد
عودتنا هنا أن نتحدث بروية واعلم لما خانتني ولما تسكت عن الأمر لكنها سجنت
نفسها ولم أحب إرغامها على الخروج كي لا نتشاجر فلم تخرج إلا على رسالة
سوزان التي لا اعلم من أين تحصلت على رقم هاتفي وانتهى بنا الأمر أن تحدثنا
عن ما نكتم وهي تموت بين يداي , يالا سخافتك يا رائد كانت طوال الوقت تنتظر
أن أتذكرها وأنا أنتظر أن تتحدث من تلقاء نفسها وكل واحد منا يسير في اتجاه حتى
انتهى كل شيء , تبا لغرورك وكبرياءك كنت تحدثت معها قبل أن يفوت الأوان
اتكأت برأسي على الجدار فسمعت أصوات خطوات تركض نحوي فنظرت يمينا
فكانت عمتها وزوجها , وقفت وقلت بتساؤل " متى وصلتم وكيف علمتم أننا هنا !! "
اقتربت عمتها مني أمسكت قميصي بقوة وقالت وهي تهزني
" ماذا فعلت لقمر ماذا حدث لها تكلم ؟؟ "
بقيت أنظر لها بصدمة فقالت ببكاء " قتلتها يا رائد , علمت أن صوتها مؤخرا لا
يبشر بخير كانت تموت أماك وأنت تتفرج عليها "
أمسكها زوجها وأبعدها عني فقالت ببكاء مرير وهي تصرخ بي " تركناها أمانة لديك
لولا حبها لك ما وافقنا زواجك بها لقد أضعتها منا لقد أكملت باقي مسيرة عذابها سحقا
لك يا رائد اسأل الله أن تتجرع ما جرعتها إياه فلم تصل قمر لهذه المرحلة إلا بعد
عذاب طويل بعد ألم نفسي وروحي "
بقيت أنظر لها بصمت وكأن لساني مات كانت تسرد مأساتها التي كانت أمام
عيني ولا أراها , كانت تصرخ بحرقة وزوجها يبعدها بقوة حتى خرج الطبيب
منصور فركضا كليهما باتجاهه وقالا معا " هل ماتت ؟ "
كنت أنظر لهم بصدمة , لما هم موقنون من موتها !! ما الذي يجري وأنا اخر
من يعلم به , تنهد بضيق وقال " قلبها ضعيف جدا , تلفت القطعة الاصطناعية
وعمل الصمام في تباطؤ "
ثم هز رأسه وقال بيأس " مسألة وقت فقط ويتوقف قلبها "
أمسكت عمتها يداه وقالت برجاء " انقدوا ابنتي يا دكتور منصور أرجوكم "
قال بحزن " ما كان عليكم تركها حتى تصل لهذه المرحلة كنتم أحظرتموها منذ
تخدرت يدها اليسرى لقد قتلتموها بالبطيء فكم تحملت من ألم , أخبرناكم أن
الضغوط النفسية سيئة عليها وأن تحضروها ما أن تشعر بالخدر في يدها "
كنت ميت نعم حواسي ماتت وأنا أستمع لما يقول , تخدر يدها كان منذ وفاة والدي
كنت أقتلها نعم أنا اقتلها وهي تقول أن ذلك طبيعي , لماذا كانت تريد الموت على
يدي !! غادر الطبيب وخرجوا جميعهم من حجرتها وتركوها تموت وحدها هناك
تركوا قلبها يضعف ويضعف حتى تختفي دقاته وتختفي هي معه
نظرت لي عمتها بحقد وقالت " لن ننسى لك هذا يا رائد أقسم أن تدفع ثمن قتلك
لها يا ابن المنذر يا متحجر يا من لا تملك ذرة مشاعر وإنسانية تراها تتألم أمامك
منذ أشهر وتقف تتفرج "
قلت بصوت منخفض ضعيف وتائه " قالت أن ذلك طبيعي هي أرادت أن تموت "
قالت بصراخ غاضب " ومن أوصلها لكل تلك المراحل غيرك أنت , ثلاث مراحل
مرت بها أمامك من خدر يدها لألمها لألم قلبها وأنت تتفرج "
بقيت أنظر لها دون كلام فما لدي لأقوله غير الصمت , كنت بالفعل من أوصلها لتلك
المراحل أنا وشقيقتاي لا بل أنا وحدي , كنا ثلاثتنا ننظر لبعض كالتائهين في الصحراء
حتى دخل على صمتنا ذاك الصوت الغليظ الثقيل القادم من خلفي قائلا
" أين هي ابنتي ؟؟ "
نظرنا لصاحب الصوت ثلاثتنا فكان رجل في منتصف الخمسين تقريبا يرتدي
معطفا خريفيا حتى نهاية ساقيه له منكبان أعرض حتى من منكباي ونظرة حادة
تنم عن شخصية ذات قوة غير معهودة , يضع يديه في جيوبه وينظر لنا بضياع
ركضت عمة قمر نحوه وحضنته بقوة وهي تقبل وجهه وتبكي وتقول
" بشير عدت يا أخي عدت أخيرا "
كان جامدا مكانه ونظره علي ثم ارتجف فكه وقال
" أين ابنتي ؟ أين قمر يا هذا ؟ أين قمر يا صباح ؟ أين ابنتي يا هاشم "
كدت أصاب بالجنون حين اتصلت بي عمتها وقالت لي أن ألحقها لأنها تموت
فتحت عليها الباب ودخلت فكان الألم واضحا على وجهها رغم ادعائها الصمود
أخرجت عباءتها من الخزانة ممسكا لها في حضني ولا أفهم مما يجري شيئا
كانت تتألم بين ذراعي ثم أمسكت قلبها بقوة وقالت بصوت متألم
" قلبي ..... قلبي اه "
وسقطت من يدي أرضا نزلت عندها أجلستها متكئة على كتفي وقلت
" تماسكي يا قمر تماسكي "
أمسكت قميصي ونظرها لسقف الغرفة ثم مدت يدها للسقف وقالت مبتسمة بحزن
ودموع " أراها ... أرى قدميها تقفزان هناك وأسمع صوت ضحكاتها "
مدت يدها للأعلى أكثر وقالت بألم " قمر خذيني إليك "
شعرت بأحشائي تتمزق وقلبي يرتجف وعجز لساني عن الكلام فحضنتها
بقوة أدسها في حضني كي لا ترى المزيد ولا تطلب الذهاب لها وتتركني
شعرت بيدها تمسك قميصي بقوة ثم قالت
" لما نسيت السطح وفتاة السطح يا رائد لما نسيت قمر الطفلة تلميذتك الوحيدة "
أبعدتها عن حضني ومسحت بيدي على وجهها وقال بهمس حزين
" لماذا يا قمر لماذا خنتني "
نظرت لعيناي نظرة لا أنساها ما حييت ... نظرة تحمل كل معاني الحزن والألم
والحب وقالت بابتسامة حزينة " لأني أحببتك "
ثم أمسكت قلبها بتألم ودست وجهها في حضني وقالت بصعوبة
" أخبرتك أني لا أريد أن أموت هنا ليثني أكرهك كما تكرهني يا رائد "
ثم شهقت بقوة وارتخى جسدها بي ذراعاي وسقطت يدها أرضا أبعدتها عن حضني
أنظر لها بضياع كانت بين يداي كقطعة القماش , كورقة خريف فارقت شجرتها
كنت انظر لها بصدمة فقدت معها جميع حواسي , أحسست الان بشعور من يقول
شعرت بقلبي ينشطر نصفان , أمسكت يدها برجفة فكانت باردة كالجليد فضغطت
عليها بقوة وقلت بهمس " قمر حبيبتي "
لكنها لم تتحرك ... لم تفتح عينيها ولم تجب , حضنتها بقوة وقلت بصوت مخنوق
" لا يا قمر لا تفعليها بي ... قمر أرجوك "
كنت أحضنها وأحضنها وأدسها بين ضلوعي وأترجاها أن تجيب أن تنظر إلي
ودون فائدة , أبعدتها عن حضني أتلمس يديها ووجهها ... كل شيء بارد كل شيء
كالجليد , ضغطت بيدي على قلبها بقوة ولا أشعر بأي نبض كان عقلي يرفض
فكرة أن ألمس عرق رقبتها وكأني أخشى من حقيقة أنا متأكد منها ثم جمعت
الأجزاء المتبقية من قواي المنهارة أغمضت عيناي بشدة وألم ومررت أصابعي
ببطء على عنقها فأحسست بنبض ضعيف , من مفاجئتي حملتها بين يداي وانطلقت
بها للسيارة وغادرت بسرعة جنونية للمستشفى , يد تحرك المقود ويد تحضنها
لصدري بقوة , كم شعرت اليوم أن الطريق طويل وأن السيارات تسير بسرعة
السلحفاة بل أبطأ منها بكثير , وصلت المستشفى ونزلت احملها بين ذراعاي
وأركض بها الممرات لا عباءة لا حجاب وبفستانها القطني القصير شعرها متناثر
حولها يلامس ركبتاي وكل من مررت به نظر لها ووكز من بجانبه إن كان لا يرى فضممت وجهها لحضني وصرخت راكضا
" إلى ما تنظرون هي امرأة متحجبة غضوا أبصاركم عنها "
وصلت نصف الممر وصرخت بكل صوتي " ممرضات ليأتي أي أحد يا مغفلين "
خرجت اثنتان تركضان نحوي لأخذها مني فقلت " ليس هنا ... العناية أي
شيء غير الطوارئ استدعوا الدكتور منصور دكتور القلب ملفها لديه
( قمر بشير) بسرعة أرجوكم "
أحضروا سريرا ووضعوها فيه وركضوا بها جهة المصعد وأنا خلفهم أدخلوها
العناية وتركوني في الخارج أجلس دقيقة وأجوب الممر دقائق أهدأ لحظة وأضرب
الجدار بقبضتي لحظات ومرت الساعة والساعتين والثلاث ولا أحد يخرج سوى
ركضا ويجرون مكالمات بمن لا أدري ومؤكد بطبيبها في ألمانيا , لا أفهم شيئا !
لما قالت عمتها هذا وكيف علمت ؟ هل هذا ما تعنيه قمر بموت الورد هل كانت
تعلم أنها ستموت ! كنت أحك جسدي كمدمن المخدرات الذي نقصت عليه الجرعة
ثم أحضن رأسي بيداي جالسا على كرسي الانتظار
قررت إبعادها عني لأرحمها مني فلم أقدر , جربت نسيان كل ما فعلت بي ولم أنجح
قررت أن أعيدها لعمتها وانفصل عنها ولم أستطع حتى اتخاذ قرار نهائي حيال الأمر
تبعتها للمزرعة لا أعلم غيرة عليها من خالي أم خوفا عليها من سوزان أم شوقا غلبني
وانتهز الفرصة وما أن رأيتها هناك حتى اكتشفت أنني عبثا أحاول وأني لن أتخلص
من وجودها في قلبي لا قمر الطفلة ولا ضوء القمر ولا قمر الحاضر فقررت بعد
عودتنا هنا أن نتحدث بروية واعلم لما خانتني ولما تسكت عن الأمر لكنها سجنت
نفسها ولم أحب إرغامها على الخروج كي لا نتشاجر فلم تخرج إلا على رسالة
سوزان التي لا اعلم من أين تحصلت على رقم هاتفي وانتهى بنا الأمر أن تحدثنا
عن ما نكتم وهي تموت بين يداي , يالا سخافتك يا رائد كانت طوال الوقت تنتظر
أن أتذكرها وأنا أنتظر أن تتحدث من تلقاء نفسها وكل واحد منا يسير في اتجاه حتى
انتهى كل شيء , تبا لغرورك وكبرياءك كنت تحدثت معها قبل أن يفوت الأوان
اتكأت برأسي على الجدار فسمعت أصوات خطوات تركض نحوي فنظرت يمينا
فكانت عمتها وزوجها , وقفت وقلت بتساؤل " متى وصلتم وكيف علمتم أننا هنا !! "
اقتربت عمتها مني أمسكت قميصي بقوة وقالت وهي تهزني
" ماذا فعلت لقمر ماذا حدث لها تكلم ؟؟ "
بقيت أنظر لها بصدمة فقالت ببكاء " قتلتها يا رائد , علمت أن صوتها مؤخرا لا
يبشر بخير كانت تموت أماك وأنت تتفرج عليها "
أمسكها زوجها وأبعدها عني فقالت ببكاء مرير وهي تصرخ بي " تركناها أمانة لديك
لولا حبها لك ما وافقنا زواجك بها لقد أضعتها منا لقد أكملت باقي مسيرة عذابها سحقا
لك يا رائد اسأل الله أن تتجرع ما جرعتها إياه فلم تصل قمر لهذه المرحلة إلا بعد
عذاب طويل بعد ألم نفسي وروحي "
بقيت أنظر لها بصمت وكأن لساني مات كانت تسرد مأساتها التي كانت أمام
عيني ولا أراها , كانت تصرخ بحرقة وزوجها يبعدها بقوة حتى خرج الطبيب
منصور فركضا كليهما باتجاهه وقالا معا " هل ماتت ؟ "
كنت أنظر لهم بصدمة , لما هم موقنون من موتها !! ما الذي يجري وأنا اخر
من يعلم به , تنهد بضيق وقال " قلبها ضعيف جدا , تلفت القطعة الاصطناعية
وعمل الصمام في تباطؤ "
ثم هز رأسه وقال بيأس " مسألة وقت فقط ويتوقف قلبها "
أمسكت عمتها يداه وقالت برجاء " انقدوا ابنتي يا دكتور منصور أرجوكم "
قال بحزن " ما كان عليكم تركها حتى تصل لهذه المرحلة كنتم أحظرتموها منذ
تخدرت يدها اليسرى لقد قتلتموها بالبطيء فكم تحملت من ألم , أخبرناكم أن
الضغوط النفسية سيئة عليها وأن تحضروها ما أن تشعر بالخدر في يدها "
كنت ميت نعم حواسي ماتت وأنا أستمع لما يقول , تخدر يدها كان منذ وفاة والدي
كنت أقتلها نعم أنا اقتلها وهي تقول أن ذلك طبيعي , لماذا كانت تريد الموت على
يدي !! غادر الطبيب وخرجوا جميعهم من حجرتها وتركوها تموت وحدها هناك
تركوا قلبها يضعف ويضعف حتى تختفي دقاته وتختفي هي معه
نظرت لي عمتها بحقد وقالت " لن ننسى لك هذا يا رائد أقسم أن تدفع ثمن قتلك
لها يا ابن المنذر يا متحجر يا من لا تملك ذرة مشاعر وإنسانية تراها تتألم أمامك
منذ أشهر وتقف تتفرج "
قلت بصوت منخفض ضعيف وتائه " قالت أن ذلك طبيعي هي أرادت أن تموت "
قالت بصراخ غاضب " ومن أوصلها لكل تلك المراحل غيرك أنت , ثلاث مراحل
مرت بها أمامك من خدر يدها لألمها لألم قلبها وأنت تتفرج "
بقيت أنظر لها دون كلام فما لدي لأقوله غير الصمت , كنت بالفعل من أوصلها لتلك
المراحل أنا وشقيقتاي لا بل أنا وحدي , كنا ثلاثتنا ننظر لبعض كالتائهين في الصحراء
حتى دخل على صمتنا ذاك الصوت الغليظ الثقيل القادم من خلفي قائلا
" أين هي ابنتي ؟؟ "
نظرنا لصاحب الصوت ثلاثتنا فكان رجل في منتصف الخمسين تقريبا يرتدي
معطفا خريفيا حتى نهاية ساقيه له منكبان أعرض حتى من منكباي ونظرة حادة
تنم عن شخصية ذات قوة غير معهودة , يضع يديه في جيوبه وينظر لنا بضياع
ركضت عمة قمر نحوه وحضنته بقوة وهي تقبل وجهه وتبكي وتقول
" بشير عدت يا أخي عدت أخيرا "
كان جامدا مكانه ونظره علي ثم ارتجف فكه وقال
" أين ابنتي ؟ أين قمر يا هذا ؟ أين قمر يا صباح ؟ أين ابنتي يا هاشم "
تعليق