(الفصل الثالث)
ما أطهر هذه القلوب؛ وما أنقى سريرتها !! هكذا ردد عباس وقد أيقظه دوي الشعارات من أحلامه الرمادية ؛ وأعاده الى الواقع المرير والجميل بذات الوقت. هذا هو اليوم الذي كان ينتظره منذ زمن بعيد؛ اليوم الذي توحد به كلمة أبناء قريته بكلمة واحدة هي الحق ؛ اليوم الذي تذوب به الأحقاد والاثام ذوبا .. نعم؛ هذا هو الطريق الصائب الهادف؛ وليس كمثله طريق!!
أسرع عباس في ارتداء ملابسه المرتبة التي لا يستخدمها الا خلال العمليات وأثناء وجوده بالجامعة ؛ وارتدى غترته ولثم وجهه قبل أن يغادر منزله بعجلة بهدف الانظمام للمسيرة السلمية التي أقامتها قريته الصغيرة _ رجالا ونساء _ قبل أن تبتعد ويتعذر عليه اللحاق بها . وأخيرا؛ استطاع الانظمام اليها وراح يردد هتافاتها الحماسية بمنتهى التأثر. ولكن؛ ولسوء حظه ؛ فقد أسرعت الدوريات بالقدوم _بسبب الوشاية_ وبدأت بتفريق المتظاهرين برمي الرصاصات الطائشة والغاز المسيل للدموع بمنتهى الوحشية والقذارة. تفرقت المسيرة ؛ وعمت الضجة بالمكان ؛ وبقي بعض الشباب المتلثمين يهيلون على سيارات الجيب الحجارة بمنتهى الشجاعة والاقدام ؛ بما فيهم عباس الذي لم ينتشله شيْ من غمرة حماسه سوى صرخة مألوفة لديه ؛ استدار على أثرها ليجد يد من تلك الأيدي القذرة وهي تجر ابنة خاله الكبرى منال عنوة لداخل الجيب.. لم يفكر بشيْ؛ لم يفكر بعواقب ما قد يفعله ؛ وعندما اندفع باتجاهها ؛ لم يفكر حتى ان كان سينجو هذه المرة أيظا أم ان الله لن يقدر له النجاة. كل ما كان يفكر فيه هو منال ؛ ابنة خاله الذي أطعمه ورباه وأحاطه بحبه وحنانه ؛ منال التي صرخت بكل قوتها انها لا تستطيع العيش من دونه قبيل رحيلها . ولم يعي لنفسه الا وهو يصرخ باسمها بقوة ؛ وكل ما يتذكره انه انهال على الجندي الأجنبي رميا بالحجارة حتى استطاع صرفه عن منال التي أخذت تركض باتجاهه كالمذعورة وقد انهمرت دموع عزيزة من عينيها ؛ دموع أشبه بتلك الدموع الطفولية التي ذرفتها خوفا من ألم الفراق. وبدون ادراك ؛ صرخ فيها غاضبا ( لماذا لم تهربي مع الباقين ؟؟!!) ولم يتيح لها فرصة الرد ؛ فقد جرها من يدها بهدف الهرب من الجندي الذي بدأ بملاحقتهما ؛ أما هي فلم تستطع الا طاعته ؛ فقد بدت في حالة نفسية سيئة للغاية ؛ وما لبثت ان أجهشت بالبكاء !! واصلا الجري حتى استقر أمرهما عند حائط منعزل لأحدى البيوت القديمة .. استجمعت منال قواها واصلت بكاءها المرير ؛ وصرخت على حين غرة
(لقد قتل ياسر ؛ لقد قتله.. أتعرف الان لم لم أهرب ؟؟) صرخ بدوره بانفعال من هول الصدمة ( ياسر !! ابن خالتك ؟؟ هل أنت متأكدة من انه مات ؟!!) ودون أن تسأله أي سؤال أجابت وقد بدى كل شبر من جسدها يرتجف ( نعم.. متأكدة... لقد أتت الرصاصة في قلبه مباشرة ومات على الفور.. ما ان رأيته وعرفت من فعل به هذا حتى جن جنوني ؛ ورحت أهيل ذلك الوغد ضربا وصفعا ,,,, ) وعادت للبكاء باندفاع وقوة واضعة يديها فوق وجهها المتألم ؛ وبدى ل عباس انها الان ولا شك تستعيد منظر ياسر وهو مخضبا بالدماء . انحدرت الدموع من عينيه دون أدنى مقاومة ؛ وراح يضرب الحائط بكفه بحنق صائحا ( الأوغاد؛ الأنذال ؛ قساة القلوب..) ولم تزد صرخاته منال الا بكاءا؛ هتفت في خضم نحيبها ( اه يا خالتي !!
(لقد قتل ياسر ؛ لقد قتله.. أتعرف الان لم لم أهرب ؟؟) صرخ بدوره بانفعال من هول الصدمة ( ياسر !! ابن خالتك ؟؟ هل أنت متأكدة من انه مات ؟!!) ودون أن تسأله أي سؤال أجابت وقد بدى كل شبر من جسدها يرتجف ( نعم.. متأكدة... لقد أتت الرصاصة في قلبه مباشرة ومات على الفور.. ما ان رأيته وعرفت من فعل به هذا حتى جن جنوني ؛ ورحت أهيل ذلك الوغد ضربا وصفعا ,,,, ) وعادت للبكاء باندفاع وقوة واضعة يديها فوق وجهها المتألم ؛ وبدى ل عباس انها الان ولا شك تستعيد منظر ياسر وهو مخضبا بالدماء . انحدرت الدموع من عينيه دون أدنى مقاومة ؛ وراح يضرب الحائط بكفه بحنق صائحا ( الأوغاد؛ الأنذال ؛ قساة القلوب..) ولم تزد صرخاته منال الا بكاءا؛ هتفت في خضم نحيبها ( اه يا خالتي !!
تعليق