في الطفولة
تقليص
X
-
-
تعليق
-
رد: في الطفولة
ويشتري الوالد جزور شاة
وثلاث ديوك بلدية وبعض الفواكه الجافة
والبيض البلدي
ومستلزمات النفساء والرضيعة
ويرسلها الى الدار مع أحد المعارف
رفقة الصبي الذي صار طفلا
وتهيئ للنفساء ما تسد به وعتاء النفاس
وكانت خالة الطفل خدوج من تقوم بحاجياتها
واختار الوالد اسم السعدية للمولودة الجديدة
وتم تسجيلها بكناش الحالة المدنية
وحضرت جدة الطفل مع جده لأمه ليباركان المولودة الجديدة
وكانت للطفل مودة خاصة مع جدته لأمه لا يفارقها
حيث وجد فيها الحنان الذي افتقده من جدته لابيه
وحضرت جارات الحارة ليباركن المولودة
وقد أعد لهن ثريد فأكلن وشبعن وزغردن وغنين
وتمر العشرة ايام من الولادة
وتتقوى والدة الطفل وتحمل الرضيعة في ظهرها وتقوم بأشغال البيت
وكان الصبي مرات ما يستمع للقصص والأغاني والبرامج من راديو شيخه
وكان الراديو ذا إطار خشبي بديع
وكثيرا ما كان ينصت له الطفل مع بنت عمه حليمة
التي تتقن العمل على تحويل الموجات
ومرة خرج زوجة عمه وابناؤنا في سفر
واستغل الطفل غيابهم
ويتسلل الى بيت الشيخ من خلال النافذة ويشعل الراديو
ويستمع لوحده بينما أخوه عبد اللطيف يحذره
ويقول له: ان جاء الشيخ ساخبره بفعلتك
ويستعطفه الطفل
بألا يفعل فامتثل
لانه يخاف بطش الطفل وعراكه
ويوما من ايام الصيف والعطلة حيث وفق الطفل في دراسته وانتقل الى القسم الأعلى بمباركة الجميع
يحضر خال الصبي المسمى حسين
من مدينة مراكش ليقضي ببيت اخته أياما من رخصته ويستقبله الصبي ويقبله
وصحب معه دراجة جديدة كان يمتطيها فأدخلها بهو الدار وأغلقها بإحكام واحتفظ بالمفتاح في جيبه
وبعد التحية والسلام
أعدت له الوالدة الطعام فأكل وشرب ونام ليستريح من سفره
واستغل الطفل نومه ففتح قفل الدراجة بقضيب من حديد
وأخرج الدراجة ليجوب بها ازقة الحارة
كانت جوله الطفل ممتعة
يتبعه اخوه عبد اللطيف جريا وعدوا
ويستعطفه هذا الاخير ليمن عليه بجولة واحدة
ويمكنه منها ماسكا مقود الدراجة لان اخاه لا يفقه القيادة
وبعد مرور وقت ليس بالهين يرجع الطفل مع أخيه
ليجدا خالهما يستفسرالوالدة عن مال دراجته
يتبعتعليق
-
-
رد: في الطفولة
12
ويدخل الطفلان تتوسطهما الدراجة يضحكان
وقد أمضيا وقتا ممتعا بواسطتها في اللعب
ويجدان خالهماتدور برأسه علامات استفهام
فيحمران خجلا
ويخاطب الخال ابن اخته
اين كنت يالدراجة يا شقي
كنت أتعلم السياقة يا خال
ألا تخاف حوادث السير
لا تخف يا خالي فإني تعلمت
وكيف فتحت القفل
امر بسيط, لما أكون معاك لوحدنا سأوريك كيف تفتح الأقفال
يالك من شقي قل نظيرك
وينصرف مع أخيه للعب مبارة في كرة القدم ببهو الدار
مع الفريق الثاني المتكون من ابن عمه عبد المالك وأخيه نور الدين
ويعلو صياح ولغط الفريقين داخل الدار وتتوالى القذفات هنا وهناك
إلا ان ضربة طائشة تكسر كؤوسا تنتظر النظافة بجانب البئر
وتحت وقع حطامها تخرج امي الزاهية زوجة الشيخ
لتنتزع الكرة من الملعب وتوقف المبارة
منذرة الفريقين بعذاب شديد سينتظرهما من عمهما لما يعود
وبينها هم كذلك اذ دخل الوالد والشيخ معا
وسكت كل من في الدار
لان بطش والد الطفل شديد
كل يأخذ ركنا
ويعم الهدوء ولا يعلم بما حدث لأن أمي الزاهية كانت رحيمة بالأولاد
ويقدم العشاءان للشيخ وأخيه
إعلان
عشاء الاسرتين كل على حدة
بعد أن قدم لهما الطفل الطست وصب على أيديها الماء من ( المقراج) وينظفانها بمنديل اسفنجي
ويشاركهما العشاء
ويخاطب الوالد ابنه مبشرا بأنه سيصحبه مع أخيه بعد الغد في رحلة
الى الجبل الأخضر حيت يقيم أخوه الاكبر الفقير عباس مع أسرته
ويضحك الصبي فرحا ويخرج ليخبر والدته وأخاه
يتبعتعليق
-
رد: في الطفولة
13
و في اليوم الموالي تهيئ لالا فاطمة مستلزمات السفر لزوجها وولديها وتصنع لهم قطعا من الحلوى
ويشتري الوالد بعض الحاجيات تخص أخاه الأكبر الفقير عباس وأسرته
وبعض المعارف من أهل البلد
ويتاهب الجميع للسفر ولا يدري الطفل معنى السفر لانه سيخوض أولى تجربة
ويبيت الطفل ليلته بين النوم واليقظة
الى ان سمع أذان الفجر فصلى الوالد مع أخيه والطفل وودع المسافرون الأهل
وقد لبسوا احسن ثيابهم
وذهبوا في انتظار الشاحنة التي ستقلهم الى الجبل الأخضر
ووصلت تلك الشاحنة
وقدسمع ازيز محركها من بعيد
وصعد المسافرون واخذوا امكنتهم الفارغة
واستقل الإبنان وأبوهما مقدا ثلاثيا
وابتدات الرحلة الطويلة
وفي طريقهم فتح الوالد قفة ليتناول مع ابنية فطورا خاصا بالخبز والبيض المسلوق
وهم في طريقهم اذ أحس الطفل بدوار شديد برأسه
صحبه غثيان
وغلبه القيئ ولم يرحمه ولم يجد إلا فجة من تحت مقعده لإفراغ ما في معدته
ويسترجع أنفاسه شيئا فشيئا ويغسل وجهه وقد أصبح الصباح
ويتابع الطفل رحلته من خلال نافذه الشاحنة المتهترئة
وإذ هم كذلك
اذ يتقدم الموكول إليه باستخلاص أجرة السفر ويؤديها الوالد مقابل ثلاثة وصلات
احتفظ بها في جيبه
وتتقدم الشاحنة شيئا فشيئا
رغم البطء الممل وكثرة الوقوف لانزال المسافرين الذين وصلوا وحمل الاخرين لمحطة قادمة
وقد مضت أكثر من ثلاث ساعات ووصلت الشاحنة
واستبشر المسافرون خيرا لوصولهم بسلام
ونزل الوالد ونزل الطفلان من ورائه
ليتسلم الامتعة بعد سفرية شاقة
انهك لها الولدان
وصادفالوصول يوم السوق الأسبوعي للمنطقة
وذهب الوالد في البحث عن أخيه
وترك الطفلان معا في حراسة الامتعة
يتبعتعليق
-
رد: في الطفولة
14
وبعد نصف ساعة يحضر الوالد وبمعيته أخوه الفقير عباس
الرجل الشهم ذو اللحية البيضاء تتخللها شعيرات سوداء لا بالطويله ولا بالقصيرة
يشع وجهه نورا وكان غليض البنية أسمر اللون
تتلى في وجهه سمات الصالحين
وغطى رأسه بعمامة بيضاء أتقن في تدويرها
ويرتدي جبته البيضاء التي زادت في بهائه
ويحضن الطفلين وكانت له مع صاحبنا محبة خاصة
وحضره معه ولده الأكبر احمد الذي استقبل الضيوف بابتسامته
معبرة ما بين الفرحة والاعجاب
وحمل الحقائب ووضعهم بعربة يجرها حصان
ويحمل عليها الطفلان ويركب هو و كل من الوالد وأخيه
وهما يضحكان ويتبادلان حديثها الممتع
الذي لا تكله الاذان
والطفلان يستمعان باهتمام
وتسير العربةفي اتجاه منزل العم طريقها غير المعبدة
ثارة في صعود وتارة في هبوط
والطفلان سعيدان برحلتهما الجبلية
ويمكنهما أبوهما من بعض الفاكهة الجافة والتمر
وقليلا من ماء بئر المنطقة
الذي وقف السائق لارواء دابته منه
وتستمر الرحلة بعد هذه الوقفة الوجيزة
ويستمتع الطفلان بمناظر الجبال والوديان و(العراصي)
والجنات الخضراء التي كثر خيرها
من تين وعنب واشجار زيتون ورمان ومياه تجري رقراقة في الوديان
وبعد ساعتين ونصف تصل العربة منزل العم محملة بما لذ وطاب
وتستقبل امي الغالية زوجة العم
الوالد والطفلين وتحضنهما
وتفرح بمقدمهما الى تلك الديار
كما تستقبلهم السيدة مليكة زوجة السيد أحمد
وكان كل ابناء العم متزوجين ويسكنون
مع أبيهم في ذلك المنزل الواسع الذي شيدت به غرف كثيرة بلبنات من طوب مسقفه بخشب وقصب
لكل واحد منهم غرفة الا عبد القادر وأسرته
كانوا يسكنون بمنزل يبعد من منزل العم بامتار
و كان مطبخ منزل العم مشتركا على الشياع مع ولديه عبد السلام أسرته وأحمد وأسرته
وكان لمليكة السابقة الذكر ولد وبنت من عمر الطفلين يسميان عبد المجيد وفاطمة
وكان المنزل يحتوي على زريبة للمواشي
ومخزن للعلف ومتجر له نافذة تطل على زقاق المنازل المجاورة
يدير شؤونه احمد وزوجته في غيابه
وكان فضاؤه غير مغطى
وبعد تناول الطعام وشرب كوؤس الشاي الشهية
والخبز الطازج الذي حرج من الفرن لتوة والسمن والعسل
يخرج الطفلان برفقة حفيد عمهما غبد المجيد
جريا في اتجاه الجبل يتسابقون للصعود
وكان الجبل تتخلله صخور صلبة
وبينما هم صاعدين
إذ عثرت قدم أخ الطفل عبد اللطيف
فسقط على قفاه
وارتطم رأسه بصخرة حادة صماء
وبدأ الدم يسيل من رأسه
ليرجعاه الى المنزل
يبكي من شدة الألم
يتبعتعليق
-
رد: في الطفولة
15
وتقدم له الاسعافات الاولية من طرف مديرة المنزل مليكة
وتنظف جرحه الغائر بالماء الساخن ومادة جافيل
وتملأ جرحه ب (حموم) المطبخ ( ما لصق على حائط المطبخ من الدخان)
ويستسلم للنوم
بينما خرج الطفل ووالده لزيارة شيخه الوقور الحاج احمد الخضراوي
فاكرم وفادتهما
وهذا الشيخ هو من علم الوالد واخاه القران الكريم وعلومه
ولازالت زاويته ملأى بالطلبة يعلمهم من علمه المستفيض وينفق عليهم من ماله الخاص
كل سكان البلد يدعون له بالخبر
كان شيخا وقورا ذا لحية خفيفة لونه ما بين السمورة البياض بارعا في الطول نحيف البنية
يهوى ركوب الخيل
ومن يراه يعطيه عمرا كعمر الوالد
لانه كان يداوم على الرياضة والتعليم من الفجر حتي السحر
لا ينام الا قليلا
ودخلا داره الفسيحة
وقبلت كل من زوجته وبناته وولداه الولد
كانت داره مترفة مبنية بالحديد والاسمنت وكأنها روضة من رياض أهل مراكش
باردة في الصيف وكان الشمس لا تزورها بخلاف الدور الكائنة هناك
كان له مسجد تقام فيه الصلاة وتؤدى فيه الجمعة لاهل القرية
ولبث الولد مع ابيه في ضيافة شيخ الشيوخ الى ان وصلت صلاة العشاء فاديت جماعة بالمسجد
وبعد الخروج جاء من اهل القرية كل من علم بقدوم الوالد محملا بعشائه ليستضيف الضيوف
ومن حسن حظ الضيوف ان اليوم يوم السوق الاسبوعي
لا تخلو دار من لحم وادام
وتناول الطفل مالذ له من الطعام الذي تعددت أصنافه واشكاله
فشبع حتى الثمالة وخرج ملتمسا لنسيم القرية العليل وللتمتع برؤية الجبال التي كساها الليل جمالا تحت ضوء القمر الذي كان بدرا
كان لوقع هذا المشهد الشاعري أثر في نفسية الطفل
وبعد الضيافة الكريمة يعود الولد مع ابيه التماسا للراحة في بيت العم
ووجدوا الفرش قد نصبت لاستقبال الاجسام التي تاقت لنوم عميق
ويمضي الليل وقد سمع اذان الفجر من طرف احمد
فيقومون لصلاتها جميعا
ليستقبلون يوما جديدا في القرية
ويعود الولد لفراشه الى ان تطلع الشمس
يتبعتعليق
-
رد: في الطفولة
16
ويقوم بعض افراد الاسرة الخضراوية في الصباح الباكر
ليخرجوا البهائم لسرحها لمراعيها
بالمروج المجاورة للجبل وكانت على مسافة كيلومتر تقريبا
وبعد طلوع الشمس من مرقدها
يفيق الطفل وأخوه الذي تعافي من جرحه بعد العناية الطبية التي تلقاها من مليكة الخبيرة
وقدمت لهم أنواع الرغائف المدهونة بالسمن والعسل
وهم في حضرة الأخوين الفقير عباس وعلي الذين انبسطا
والضحك لا يفارق ثغريهما
ويتكلمون في شؤون البلاد والعباد
ويسأله الوالد عن مصير بقراته اللاتي يتولى ابنه عبد القادر شأن تربيتها ورعايتها
فرد عليه الفقير عباس
ان بقراتك الثلاث قد ولدن عجو لا
وانها بصحة جيدة والحمد لله
فاستبشر الوالد بهذا الخبر
وكان الفقير عباس هو من يتولى صنع الشاي
وقد قدم له طست من النحاس الأصفر البراق ليغسل يدية قبل الاشتغال بماموريته
لا احد يعرف صنع الشاي كصنعه
وقدمت له ( صينية) صفراء نحمل برادا من الفضة وكؤوسا تشع نقاء
مصطفة بشكل نصف دائري حول البراد ( الابريق)
وكذلك قدمت له صينية أخري بها ثلاث أواني فضية في إحداها قطع من السكر
وفي الأخرى أجود أنواع حبوب الشاي الصيني الأخضر المفتول لا يقدم الا لضيف عزيز
وفي الأنية الأخيرة نعناع البلدة رائحته أزهت المكان عبيرا
وتتم طقوس صنع الشاي بتوأدة وحديث كله موزون
ويأكل الجميع الارغفة الشهية بنهم
وهي ساخنة يعلوها البخار
ويشربون كؤوس الشاي المنعنع
وتنتهي مراسيم الفطور الشبه الملكي
وقد شبعت البطون
وينصرف الطفلان مع عبد المجيد ركوبا على الحمير الغير المسرجة
كل فوق حماره
في اتجاه الجنائن
ويتعلم الطفلان كيفية قيادة الحمير بواسطة الخبير عبد المجيد
ويصلون الى الحديقة الغناء
التي أحيطت بأواق القصب
وماء الوادي يجري رقراقاوسطها
وابهرا بمنظرها الخلاب
وقد حوت من الثمار الذها
فيها اشجار العنب وعناقيدة قد تدلت أشيهى للاكلين
وفيها اشجار التين وقد اينعت ثمراته العسلية
وفيها اشجار الرمان الاحمر الزهي كل رمانة تزن ربع كيلو واكثر
وفيها الصبار وثمارة الشهية
فاكل الطفلان حتى شبعا من كل الانواع
حتى أصبح طفلنا زيادة في الزهو
لا يكلف نفسه مشقة قطف العنقود بل يأكل منه مباشرة والعنقود بكرمتة
وأمتعا ناظريهما بهذه الخضرة وبهذا الجو الشاعري الذي يحيي النفوس
وذهبا طلبا للعب في مجرى المياه
ويقومان بالسباحة في مياهه العذبة
وقد مر الوقت بسرعة ليعودا الى المنزل لحضور الغداء الفاخر والنوم بعده
طلبا للقيلولة والاسترخاء
يتبعتعليق
google Ad Widget
تقليص
تعليق