مقاصد الصيام ..,

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ح ـكآية
    V - I - P
    • Nov 2008
    • 1818
    • اللهم لك الحمد ..

    مقاصد الصيام ..,




    لا يخفى على كل مؤمن أن الله فرض فرائض رحمة بنا، ولطفا منه، وما من فريضة إلا ولها حكمة ومقصد يعود على الممتثلين بها بالمصالح العاجلة والاجلة.
    لكن قد نغفل عن هذه الحكم السامية والمقاصد العالية في ظل الفتن المحدثة، وفي ظل هذا العصر المشوب بالمغريات المانعة من تحقيق الأغراض التي من أجلها شرع الله الشرائع وسن السنن، ومن ثم يحرم العديد من المسلمين من الانتفاع بجلب المصالح الدنيوية والأخروية، فالدنيا دار زرع والاخرة دار حصاد.
    تذكير بمجموعة من المقاصد التي من أجلها شرع الله الصيام حتى يعود علينا الانقطاع عن المأكل والمشرب بنفع عام وشامل للحياة الفانية والباقية.
    قد يبدو لبعض المسلمين في ظل التغيرات الزمانية والبعد عن دين الله وعن حقيقة شرائع الله أن هذا الصيام ما هو إلا تعذيب للنفس وحرمانها من شهواتها، وحتى إن كانوا من الصائمين كان الصوم مجرد انقطاع عن المأكل والمشرب، أما الانقطاع عن شهوة النظر وما يتبعها فيكاد يغيب في مجتمعاتنا في شهر العبادة، فمظاهر الانحلال والتبعية والعدوانية بادية للعيان لا استتار فيها واستحياء ولا احترام.



    إذن كيف نعيد تحقيق المقاصد السامية للصيام؟
    وكيف يكون صيامنا صحيحا في مظهره وجوهره؟
    وبكلمة جامعة، لماذا نصوم؟
    وما هي مقاصد الصيام الدنيوية والأخروية؟.


    المقاصد الدنيوية:





    - مقصد التقوى ..

    الجواب على هذه الأسئلة نجده بكل يسر في قوله تعالى: ( يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)البقرة 184
    حيث علل الله الأمر بالصيام تعليلا ظاهرا وصريحا وهو تحقيق صفة التقوى في نفس الذين امنوا، ولا شك في أن النداء بوصف الإيمان أولا ، وهو أساس كل خير ومنبع كل فضيلة، وفي ذكر التقوى في الاخر وهو روح الإيمان وسر الفلاح، إرشاد قوي ودلالة قوية واضحة أن نتيجة الصيام الصحيح الكامل هي امتلاك النفس لتقوى الله في السر والعلن، فإن لم يتحقق هذا المقصد كان الصيام مجرد تعب ونصب.


    والتقوى :هي اجتناب ما ليس به بأس مخافة أن يكون به بأس، وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخفه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يكون سببا في غضب الله وعقابه، وقاية تقيه منه، يعني ذلك فعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات، وأكثر من هذا فعل المندوبات وترك المكروهات.
    قال عمر بن عبد العزيز( ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض عليه)
    وقال الحسن البصري:(ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام).
    وقال أيضا:(إن لأهل التقوى علامات: صدق الحديث، الوفاء بالعهد، صلة الرحم، رحمة الضعفاء، قلة الفخر والكبر، بذل المعروف، حسن الخلق، سعة الحلم، اتباع العلم فيما يقرب إلى الله).
    فإذا كان المقصد الأعظم للصيام نص الله عليه بصريح الكلام فإن هناك مقاصد أخرى عظيمة يمكن استنباطها بتتبع جملة من النصوص الشرعية نذكر منها:





    - مقصد الهداية..

    قرن الله تعالى شهر الصيام بالقران فقال: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)البقرة183
    فشهر رمضان اختاره الله لينزل ما به يهتدي الناس كل الناس، فهو محطة هداية وطلب الهداية، إنه الشهر الذي يقبل فيه عباد الرحمن على عبادته،
    يقول سعيد النورسي:(لما كان القران الكريم قد نزل في شهر رمضان المبارك فلابد من التجرد عن الحاجيات الدنيئة للنفس، ونبذ سفاسف الأمور وترهاتها استعدادا للقيام باستقبال ذلك الخطاب السماوي استقبالا طيبا يليق به، وذلك باستحضار وقت نزوله في هذا الشهر والتشبه بحالات روحانية ملائكية،
    بترك الأكل والشرب، والقيام بتلاوة ذلك القران الكريم تلاوة كأن الايات تتنزل مجددا، والإصغاء إليه بهذا الشعور بخشوع كامل، واستماع إلى ما فيه من الخطاب الإلهي للسمو إلى مقام رفيع، وحالة روحية سامية،
    كأن القارئ يسمعه من الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، بل شد السمع إليه كأنه يسمعه من جبريل عليه السلام، بل من المتكلم الأزلي سبحانه وتعالى، ثم القيام بتبليغ القران الكريم وتلاوته للاخرين تبيانا لحكمة من حكم نزوله)
    الشكر ثمرة الحياة وغاية الكائنات ص12 لسعيد النورسي.




    - مقصد الشكر..

    لا شك أن المؤمن إن حرم شيئا ثم ناله كان ذلك مبعثا له لشكر المنعم واعتراف بالعجز والضعف
    يقول سعيد النورسي:(إن الله سبحانه وتعالى قد خلق وجه الأرض مائدة ممتدة عامرة بالنعم التي لا يحصرها العد، وأعدها إعدادا بديعا من حيث لا يحتسبه الإنسان، فهو سبحانه يبين بهذا الوضع، كمال ربوبيته ورحمانيته ورحيميته، بيد أن الإنسان لا يبصر تماما تحت حجاب الغفلة وضمن ستائر الأسباب الحقيقة الباهرة التي يفيدها ويعبر عنها هذا الوضع،
    وقد ينساها.. أما في رمضان المبارك فالمؤمنون يصبحون فورا في حكم جيش منظم، يتقلدون جميعا وشاح العبودية لله،
    ويكونون في وضع متأهب قبيل الإفطار تلبية أمر القادر الأزلي( تفضلوا) إلى مائدة ضيافته الكريمة)
    الشكر ثمرة الحياة ص6 سعيد النورسي فيعرفون أن ذلك الفضل الكبير من الله العظيم فتقبل قلوبهم على ذكره وشكره وامتثال أمره.


    إن صيام رمضان المبارك لهو مفتاح شكر حقيقي خالص وحمد عظيم عام لله سبحانه، ذلك أن أغلب الناس لا يدركون قيمة نعم كثيرة لعدم تعرضهم لقسوة الحرمان،
    فالناس قد خلقهم الله على صور متباينة من حيث المعيشة، ولا جرم أن الأغنياء لا يستطيعون أن يستشعروا شعورا كاملا حالات الفقر الباعثة على الرأفة والرحمة والإحساس
    بالمحرومين، ولا يمكنهم أن يحسوا إحساسا تاما بجوعهم إلا من خلال الجوع المتولد عن الصوم، فأمر الله بالصوم لتعرف الأنفس معنى افتقادها لما به تسعد في الدنيا،
    وتدرك ألم الجوع والفقر وتعلم أنها نعم الله الثمينة التي تستوجب الشكر،
    وأعظم مظهر للشكر هو مد يد المعاونة للمحتاجين وإسداء الإحسان إلى الاخرين.
    وما اختتام شهر رمضان بافتراض زكاة الفطر إلا دليل على الدعوة إلى الجود والكرم.
    فمن مقاصد الصوم إحساس الصائم بعظم نعم الله عليه فهو يمسك عليها مؤقتا أجل الإحساس بقيمتها، ومضار الحرمان منها ومن ثم تلين قلوبهم وجلودهم لذكر الله ،
    وينمو في أنفسهم الإحساس بالمسؤولية التضامنية عندما يتذكر أحوال المحرومين فيرحم الجائع ويكسي العاري.




    - الصوم تزكية ..

    من مقاصد الصوم كذلك تربية النفس وتهذيبها، وتقويم أخلاقها وجعلها تتخلى عن تصرفاتها العشوائية والعدوانية، ففي شهر الصوم يغرس خلق المراقبة وخلق الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية،
    فيعمل المؤمنون على تجديد نياتهم وتقوية عزائمهم فيثبتون على نوائب الدهر كلها، ويتلقون التكاليف الشرعية بقوة لا تعرف الضعف وثبات لا تعرف الملل، وإرادة لا تعرف الهزيمة، وإخلاص لا يعرف الرياء.
    يقول السعيد النورسي:( إن النفس الإنسانية تنسى ذاتها بالغفلة، ولا ترى ما في ماهيتها من عجز غير محدود، ومن فقر لا يتناهى، ومن تقصيرات بالغة، بل لاتريد أن ترى هذه الأمور الكامنة في ماهيتها فلا تفكر في غاية ضعفها ومدى تعرضها للزوال ومدى استهداف المصائب لها..
    ومن ثم تنسى خالقها الذي يربيها بكمال الشفقة والرأفة فتهوى في هاوية الأخلاق الرديئة ناسية عاقبة أمرها وعقبى حياتها وحياة أخراها. ولكن صوم رمضان يشعر أشد الناس غفلة وأعتاهم تمردا بضعفهم وعجزهم، فبواسطة الجوع يفكر كل منهم في نفسه...
    ويتذكر مدى ضعفه ومدى حاجته إلى الرحمة الإلهية ورأفتها،
    فيشعر في أعماقه توقا إلى طرق باب المغفرة الربانية بعجز كامل وفقر ظاهر متخليا عن فرعنة النفس متهيئا بذلك لطرق باب الرحمة الإلهية)

    الشكر ثمرة الحياة وغاية الكائنات ص12،
    فتزكو نفسه وتتعود على طاعة أوامر الله واجتناب نواهيه وفي هذا إعلاء للجانب الروحي على الجانب المادي، والصوم لا يكبح جماح شهوة البطن والفرج فقط بل يكبح حتى الشهوات النفسية

    قال صلى الله عليه وسلم ( إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم)

    فالصوم الكامل يجعل جميع حواس الإنسان كالعين والأذن والقلب والخيال والفكر على نوع من الصوم، كما تقوم به المعدة، أي تجنيب الحواس تلك من المحرمات والسفاهات وما لا يعنيها من أمور، وسوقها إلى عبودية خاصة لكل منها،
    فيروض لسانه على الصوم من الكذب والغيبة والعبارات النابية ويمنعه عنها ويرطب ذلك اللسان بذكر الله وتلاوة القران ، ويغض بصره عن المحرمات، ويسد أذنه عن الكلام البذيء،
    و لا يمد يده إلى حرام ولا يدسها في غش وخداع، ولا تسعى رجله إلى حرام..
    ويجعل سائر حواسه على نوع من الصيام يناسبها.




    - الصوم وقاية ..

    قال صلى الله عليه وسلم :(الصوم جنة) يعني إنه وقاية ،
    فكما يقي من الوقوع في الأثام، ويقي من النار فإنه يقي النفس من الأمراض، إذ أن الإنسان كلما سلكت نفسه سلوكا طليقا في الأكل والشرب يسبب له أضرارا في حياته الشخصية،
    فالصوم يقي من الأمراض الناشئة من امتلاء المعدة وإدخال الطعام على الطعام.
    وغيرها من الأمور التي تكلف المختصون ببيانها علميا وطبيا.


    يتبع ,, ~
  • ح ـكآية
    V - I - P
    • Nov 2008
    • 1818
    • اللهم لك الحمد ..

    #2
    المقاصد الأخروية



    جعل الله لكل عمل جزاء مخصوصا معروفا إلا الصيام فإنه أخفى عظيم أجره عنده سبحانه وجعله خاصا به وذلك لأنه العبادة التي لا تظهر للعيان ولا يطلع عليها أحد. ولا يتطرق إليه الرياء، قال صلى الله عليه وسلم:( كل عمل ابن ادم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) أخرجه مسلم وأحمد، فإذا كان الجزاء الأعظم للصوم قد استأثر الله بعلمه فإنه قد أظهر لنا بعض ثمراته الأخروية منها:

    - العتق من النار..

    عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) رواه البخاري ومسلم،
    فمقصد الصيام الأخروي هو العتق من النار عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم:( وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) رواه الترمذي

    - دخول الريان..

    بل إن الله أعد بابا خاصا في الجنة لا يدخله إلا الصائمون قال صلى الله عليه وسلم:(إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد) متفق عليه

    - الصيام شفيع..
    قال صلى الله عليه وسلم: ( الصيام والقران يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، يقول القران: رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه فيشفعان) رواه البخاري.


    إن الصوم الكامل هو الذي يجعل صاحبه دائم استحضار وجود الله في كل قول يقوله وكل عمل يعمله، وهو الذي يجعل صاحبه ينهل من الكنوز الرمضانية من صلاة وقيام وذكر وصدقة وقراءة قران وتوبة ورضا وشكر وصلة للرحم، هو الذي يجعل صاحبه يستحضر البشائر الرمضانية فيتعرض لرحمة الله ومغفرته ونصره وعتقه من النار فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار فإذا لم تتحقق هذه المقاصد لم يكن للعبد سوى الجوع والعطش.

    تعليق

    • ح ـكآية
      V - I - P
      • Nov 2008
      • 1818
      • اللهم لك الحمد ..

      #3
      من أسرار الصيام



      خلق الله عز وجل الناس ليعرفوه ويعبدوه قياما بحق الربوبية والألوهية
      كما قال تعالى في سورة الذاريات الاية 56 ﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ .


      لكن مفهوم العبادة تعرض للتحريف حتى أصبح يطلق فقط على أركان الإسلام، في حين أنه أوسع من ذلك وأشمل وأعمق. إذ يتضمن كل ما يصدر عن المكلف موافقا للشرع، خالصا لوجه الله تعالى
      ﴿ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ .


      من أعظم هذه العبادات، الصيام حيث نسبه الله عز وجل إلى نفسه نسبة تشريف وتعظيم كما جاء ذلك في الحديث القدسي المتفق عليه كل عمل ابن ادم له، إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي .


      ولعل الصيام استحق هذا التخصيص بالنسبة إلى الله تعالى لما له من أسرار عظيمة أذكر منها:


      1- أنه يعد الصائم لدرجة التقوى والارتقاء في مدارج السالكين، يقول الإمام ابن القيم:


      وللصوم تأثير عجيب على حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها، أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى
      كما قال الله تعالى ﴿ ياأيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ .


      2- أنه يزكي النفس ويدربها على كمال العبودية لله تعالى:


      فلو شاء العبد الصائم لأكل وشرب أو جامع امرأته ولم يعلم بذلك أحد، ولكنه ترك ذلك لوجه الله تعالى وحده، وفي هذا جاء الحديث: والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، كل عمل ابن ادم له، إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به متفق عليه.


      3- أنه يكسر شهوات النفوس ويقطع أسباب الاسترقاق والتعبد للأشياء:


      فالعباد لو داموا على أغراضهم لا سترقتهم الأشياء واستعبدتهم وقطعتهم عن الله كل القطع
      قال الإمام القصيري في كتابهشعب الإيمان: فالصوم يقطع أسباب التعبد لغير الله ويورث الحرية من الرق للشهوات والشبهات
      لأن المراد من الإنسان أن يكون مالكا للأشياء وخليفة فيها لا أن تكون مالكة له لأنه خليفة لله في ملكه،
      فإذا استغرق في أغراضه وملكته فقد أقلب الحكمة وصير الفاعل مفعولا والأعلى أسفل
      كما قال الله تعالى: ﴿ أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين﴾ .


      وقد علم الله تعالى أن رمضان في قطع ذلك -أي أسباب التعبد لله لغير الله- إذا صامه الصائمون كما يجب، ولذلك ورد في الخبر:


      إذا سلم رمضان سلمت السنة كلها.
      ومن زاد زادت حريته ما لم يخرج إلى ضرر بالنفس والعقل بل الكمال المحض في حق الإنسان أن يملك الأشياء ولا تملكه ويسترقها بالخلافة ولا تسترقه فيتناول الشهوات في أوقاتها ويضعها في أماكنها، وهذا هو وصف الربوبية يتصرف في ملكه بالتدبير ولا يشغله بل يملكه كل الملك ويقهره كل القهرص 137.


      4- إنه يشعر الصائم بنعمة الله تعالى عليه:


      فإن إلف النعم يفقد الإحساس بقيمتها، ولا يعرف مقدار النعمة إلا عند فقدها، وبضدها تتميز الأشياء،
      وهذا ما أشير إليه في حديث رواه أحمد والترمذي،
      قال فيه صلى الله عليه وسلم: عرض على ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: لا يارب، ولكني أشبع يوما، وأجوع يوما، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك .


      5- إنه مناسبة لقهر عدو الله:


      فإن وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات، وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب،
      ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليجري من ابن ادم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع متفق عليه.
      قال الإمام الغزالي في الإحياء: فلما كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدا لمسالكه وتضييقا لمجاريه استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل، ففي قمع عدو الله نصرة لله سبحانه، وناصر الله تعالى موقوف على النصرة له،
      قال الله تعالى: ﴿ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ .


      فالبداية بالجهد من العبد والجزاء بالهداية من الله عز وجل،
      ولذلك قال الله تعالى: ﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ .


      ويضيف الغزالي: .. فالشهوات مرتع الشياطين، ومرعاهم فما دامت مخصبة لم ينقطع ترددهم ما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال الله سبحانه وكان محجوبا عن لقائه،
      وقال صلى الله عليه وسلم: لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني ادم لنظروا إلى ملكوت السماوات أخرجه الإمام أحمد.


      وفي هذا الوجه صار الصوم باب العبادة وصار جنة(المجلد الأول ص 274).
      وأختم الحديث عن أسرار الصوم بكلمة جامعة للدكتور يوسف القرضاوي قال فيها:


      والحق أن صيام رمضان مدرسة متميزة، يفتحها الإسلام كل عام للتربية العملية على أعظم القيم-وأرفع المعاني، فمن اغتنمها وتعرض لنفحات ربه فيها فأحسن الصيام كما أمره الله، ثم أحسن القيام
      كما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
      فقد نجح في الامتحان وخرج من هذا الموسم العظيم رابح التجارة، مبارك الصفقة،
      وأي ربح أعظم من نيل المغفرة والعتق من النار؟
      روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه،
      ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه. من كتاب تيسير الفقه فقه الصيام ص 16.

      تعليق

      • ح ـكآية
        V - I - P
        • Nov 2008
        • 1818
        • اللهم لك الحمد ..

        #4
        من فطر صائما…



        أخي، أختي .....


        هل تطمع في أن يكتب لك أجر صائم؟
        هل ترغب في محو كل ذنوبك مهما كثرت، بل وعتق رقبتك من النار؟
        هل تريد أن تستغفر لك ملائكة الرحمان؟
        هل ترغب في أن تصلي عليك الملائكة في شهر رمضان، ويصلي عليك جبريل عليه السلام ليلة القدر؟


        نعم،
        بإمكانك أن تفوز بكل ذلك وأكثر إن أنت قمت بعمل بسيط لا يكلفك كثيرا:
        إن فطرت صائما أو صائمة.

        ولنستمع لبشرى الرسول صلى الله عليه وسلم لمن فطر صائما في الأحاديث التالية:


        روى الترمذي والنسائي وابن ماجة، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما،
        أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء.


        وفي رواية: من غير أن ينقص من أجره شيء.


        وروى ابن حبان في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فطر صائما يعني في رمضان كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبة من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء،
        قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم،
        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله لمن فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن.


        وروى الترمذي واللفظ له، وابن ماجة، وابن خزيمة وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عمارة الأنصارية رضي الله عنها فقدمت إليه طعاما فقال: كلي، فقالت: إني صائمة،
        فقال: إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا وربما قال حتى يشبعوا.


        وفي رواية لابن ماجة أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الصائم تسبح عظامه وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده.


        وروى الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فطر صائما على طعام وشراب من حلال صلت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان، وصلى عليه جبريل ليلة القدر.


        صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
        إنها غنيمة وأي غنيمة يغتنمها كل ذي عقل رشيد وفهم سديد.

        -من فطر صائما..


        عمل بسيط لا يكلف كبير جهد، ولا كثير مال، ولا طويل وقت، وهو عند الله عز وجل عظيم.


        عمل يحقق به المرء ما لا يحققه بغيره من الأعمال العظام.


        صورة مثيرة ومشهد رائع لتكافل اجتماعي سامي لصائم يفطر عند أخيه، فينظر الله عز وجل إليهما نظر القبول والرضى، ويكتب لهما معا أجر الصيام، ويجعل لمن استضاف وأطعم المغفرة والعتق من النار،
        وصلاة الملائكة وجبريل عليه السلام.



        ولهذا أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائم المستضاف إلى أدب سامي وهو أن يدعو لمن استضافه
        وأفطره بدعاء نبوي جميل وهو:
        أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامك الأبرار وصلت عليكم الملائكة رواه أبو داود.

        -من فطر صائما..



        عمل إنساني يؤسس به المسلم دعائم المجتمع الإسلامي الراقي بوضع لبنات التعارف
        والتالف، والصلة والتراحم، والرعاية والتعاون على البر والتقوى، والتكافل الاجتماعي.

        -من فطر صائما..



        إذ أن له بعدا دنيويا في بناء المجتمع الحضاري المسلم، فإن له بعدا أعمق وأسمى، إنه البعد الأخروي، إذ بالإطعام تتحقق معاني التحاب في الله، والتزاور في الله، والتواصل في الله، والتناصح في الله..

        وهذه الأمور إذ توطد علاقتنا بالخلق فإنها توثق علاقتنا بالخالق عز وجل الذي أوجب على نفسه محبة المتحابين فيه، المتزاورين فيه، المتواصلين فيه، المتناصحين فيه.


        وأي مقام أعظم من المقام الذي ادخره الله تعالى للمتحابين فيه يوم القيامة والذي وصفه لنا في
        الحديث الذي رواه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانتهم من الله، قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هم؟
        قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها،
        فو الله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس،
        وقرأ الاية (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).


        إن هذا الفضل ليدفعنا دفعا لاغتنام هذا العمل، وأن نسعى بقلوب منشرحة محبة وأيدي معطاءة سخية لقبول من زارنا، وإفطار من ورد علينا من الصائمين خصوصا،
        وأن نكمل هذا العمل بما يجمله من اداب وأخلاق ولباقة يلتزم بها كل من المضيف والمضاف.
        ولله الحمد من قبل ومن بعد.

        تعليق

        • ح ـكآية
          V - I - P
          • Nov 2008
          • 1818
          • اللهم لك الحمد ..

          #5
          الصوم:


          نصف الصبر وربع الإيمان


          أن أهم سلاح لجهاد النفس ومعالجتها هو الصبر، أبو الفضائل وأمها، وباب معية الله ومحبته، قال تعالى: (إن الله مع الصابرين) سورة البقرة: الاية 249 ، (والله يحب الصابرين) سورة ال عمران الاية 146.

          فالصبر قوة، وهو من صفات الرجال أهل الإيمان ولإحسان والكمال.
          * فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل*
          الأستاذ عبد السلام ياسين. كتاب الإحسان.

          ويضيف أبو حامد الغزالي رحمه الله منسقا وجامعا:


          [الصبر ربع الإيمان بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم الصوم نصف الصبر.
          وبمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم الصبر نصف الإيمان]
          كتاب في علوم الدين.





          والصوم باب العبادات:




          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم




          (لكل شيء باب وباب العبادة الصوم)



          فلسمو مكانة الصوم ومنزلته أنسبه الله جل شأنه إلى نفسه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

          ( كل عمل ابن ادم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فانه لي وأنا اجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك )رواه مسلم وهذا لفظه.





          فجدير بنا أن يكون إقبالنا على الصيام و صيام رمضان المبارك على الابواب من حيث كونه لله، محبة وشوقا والله عند حسن ظن عبده به فليظن به ما يشاء.

          تعليق

          • نفركويس
            V - I - P
            • Apr 2009
            • 3674

            #6
            بارك الله فيك وجعل ماكتبتيه في موازين حسناتك
            جميل ما خطته يمناك
            موضوع ملئي بالفوائد والمعلومات
            وفيه من التحفيز على الصيام والعباده الكثير
            يعطيك الف عافيه
            لاعدمناك

            تعليق

            • ~ ملكة احساسي ~
              عضو متألق
              • Dec 2008
              • 255
              • ﻟگ ﺂلحمد ː ربي˛بقدر ː ﻣ̉ا ﻧ͠ﺳﻋډ و نتأﻟﻣ̉ ≈" آلحمدللہ ♥

              #7
              رائعه بهلوله .،
              ربي يجزاك الخير غاليتي ..~

              تعليق

              • ح ـكآية
                V - I - P
                • Nov 2008
                • 1818
                • اللهم لك الحمد ..

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة نفركويس
                بارك الله فيك وجعل ماكتبتيه في موازين حسناتك
                جميل ما خطته يمناك
                موضوع ملئي بالفوائد والمعلومات
                وفيه من التحفيز على الصيام والعباده الكثير
                يعطيك الف عافيه
                لاعدمناك

                امين يارب العالمين
                اشكر لك مرورك وتحفيزك لفعل الخير

                تعليق

                • ح ـكآية
                  V - I - P
                  • Nov 2008
                  • 1818
                  • اللهم لك الحمد ..

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ~ ملكة احساسي ~
                  رائعه بهلوله .،
                  ربي يجزاك الخير غاليتي ..~
                  الرائع مرورك ملكة اشكر لك مرورك

                  واتمنى لك الفائدة

                  تعليق

                  • ح ـكآية
                    V - I - P
                    • Nov 2008
                    • 1818
                    • اللهم لك الحمد ..

                    #10
                    الصوم مدرسة الإحسان


                    قال الله تعالى: ﴿ يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾


                    -المتقي قطعا..

                    وتقوى الله عز وجل في النص هي العلة المقتضية للحكم،
                    لأنه منصوص عليها تصريحا، وهي اتقاء سخطه واستحضار رقابته،
                    لأنه سبحانه أهل لأن يخشى ويهاب، ويجل ويعظم في صدور عباده، ﴿ هو أهل التقوى وأهل المغفرة﴾

                    وحقيقتها أنه إذا أراد مسلم أن يقدم على خطيئة ما، أو زين له الشيطان هفوة من الهفوات أو هنة من الهنات، ثم استحضر رقابة الإله وصفات كبريائه وعظمته، فضلا عن جماله وجلاله، ثم أبى التوحل في خضخاض المحظور، فذاك هو المتقي قطعا.

                    قال ابن مسعود:

                    في قوله تعالى: ﴿ اتقوا الله حق تقاته﴾ : هي أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر،

                    وكما قال طلق ابن حبيب:

                    التقوى هي أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله .

                    وهذا الاستحياء الجميل من الله، والخوف العظيم من الجليل سبحانه، مرتبة سامقة في الدين ومنزلة راقية فيه& إنها مرتبة الإحسان العالية التي عرفها المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

                    وهي عزيزة نادرة كالكبريت الأحمر

                    كما قال الإمام الشافعي:


                    أعز الأشياء ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة حق عند من يرجى أو يخاف ، ويعضده حديث أبي طفيل مرفوعا بسند صحيح: استحي من الله استحياء رجل ذي هيبة من أهلك

                    وكما قال الحارث المحاسبي:

                    المراقبة علم القلب بقرب الرب .

                    والمقصود هاهنا أن الصوم مدرسة لاستشراف منزلة الإحسان، وإجلال الله في نفوس عباده، فكم من مختل بالطيبات وأصناف للطعام، ولكنه يأبى الاقتراب منها
                    ورعا من الله، أو ذوقها استحياء منه سبحانه،

                    ناشدا قول ابن السماك:

                    يا مدمن الذنب أما تستحيي والله في الخلوة ثانيكا
                    غرك من بك إمهاله وستره طول مساويكا


                    ولاشك أن هذه التقوى إذا سرت في شرايين المجتمع ومؤسساته كلها في رمضان وغيره من الشهور، ستستأصل جذور الفساد كلها سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، بل سيصبح المجتمع ملائكيا لأن جميع أفراده في مراقبة ومشاهدة للخالق سبحانه، فلا اجتثاث إذن لهذا الارتكاس العام في حمأة الفتنة الدنسة، والانغماس الكلي في المستنقع الاسن من لدن كثير من أهل البغي والفساد من المسلمين جريا وراء النزغات واللذات الهابطة إلا بتربية إحسانية مدارها على الصوم.

                    تعليق

                    google Ad Widget

                    تقليص
                    يعمل...