قاطعه حسين باهتمام كبير باخر خبر ( ان منال غريبة الأطوار ؛ لست أفهمها ؛ ما الذي تسعى اليه ؟؟) لوى عباس
شفتيه بأسى ( تسعى لادخالي مستشفى الأمراض العصبية !!) ضحك حسين معلقا ( ربما أعجبتها التمثيلية القديمة !)
علّق عباس بدوره مبديا ما يضن ( لا أعتقد !) عاد حسين للموضوع الذي اتصل من أجله ( المهم ؛ غدا صباحا
ستقام مسيرة أمام السفارة الأمريكية ؛ هل ستذهب ؟!) أكد عباس بمنتهى الحماس ( بالطبع ؛ أخبرني ؛ هل ستذهب
أنت والرفاق ؟) أجاب حسين بحماس شديد ( اننا في الطليعة !!) وأضاف ( سنتقابل هناك حسنا ؟ هيا.. في أمان الله )
(في أمان الله) ....
انضم عباس للمسيرة المتوجهة لمبنى السفارة الأمريكية بالصفوف الرجالية وبرفقة أصدقاءه المخلصين مرددا شعاراتهم
الحماسية المعادية ل شارون و أمريكا والداعية الى التحرك السريع ازاء قضية فلسطين التي باتت تزداد سوءا
على سوء ؛ وتقدمت المسيرة شيئا فشيئا ؛ حتى وصلت الى السفارة ؛ فذهبت الحماسة بأحد المتظاهرين بالصعود
الى أعلى المبنى لاسقاط العلم الأمريكي و استبداله بالعلم الفلسطيني ؛ فما كان من قوات الأمن التي بررت وجودها
بالسعي الى تفريق المتظاهرين لا غير ؛ الا ان رمت المتظاهرين _ بما فيهم الشاب _ بالرصاص المطاطي ومسيّل
الدموع بشكل مكثث وعشوائي ؛ حتى تفرقت المسيرة وسط برك من الدماء والجروح الخطيرة ؛ ونقل عباس
الى المستشفى بعد محاولته الحماسية فاقد الرشد وقد تعددت جراحه وتهاوى جسده اعياءا ؛ ولم يستفق الا بعد مدة
على صوت خاله وهو يربت على وجنته بحنان أبوي كبير (يا حبيبي يا عباس ! كيف تشعر الان ؟؟) سأله
وقد كان لا يزال في شبه غيبوبة ( هل مات أحد ؟!) أجابه خاله مطمئنا ( لا..اطمئن يا بنيّ ؛ فقط بعض الجرحى )
ابتلع ريقه بصعوبة ( أريد ماء..) أسرعت المرأة المتواجدة برفقة خاله باحظار الماء ؛ وساعده خاله بالاعتدال في
جلسته وناوله اياه بلهفة ( خذ اشرب يا حبيبي ؛ ستكون بخير ان شاء الله ؛ لقد أخبرني الطبيب ان بوسعك المغادرة
في صباح بعد الغد..) سأل في عجب ( هل أنا في المستشفى ؟؟) ...( نعم ؛ قلي ؛ هل تتألم بشدة ؟!) تأوه
عباس وقد بدأ يشعر بألم كبير ( ان ساقي تؤلمني كثيرا يا خالي؟؟) واساه الأخير معيدا اياه الى وضعه السابق
ليشعر براحة أكبر ( ستتحسن قريبا بأذن الله..) حاول تبديد الغمامة المتمثلة على عينيه برمشها عدة مرات
سائلا ( من هذه المرأة التي برفقتك ؟!) تقدمت منه على استحياء ؛ كان يبدو من صوتها انها تبكي ( أنا منال
يا عباس.. كيف حالك ؟!) نزلت منه دمعة ساخنة على حين غرة ( بخير..) حاولت النطق ببعض الكلمات
( اطمئن يا عباس ؛ ان جروحك ليست بالخطيرة..) سألها بصوت متقطع ضعيف ( لماذا تبكين اذن ؟؟)
ولم يحصل على الاجابة ؛ فقد دخلت زوجة خاله في فزع ؛ وانهالت على زوجها وعلى الطبيب مسبقا بألف
سؤال و سؤال !!!
وقضى عباس يومه الأول بالمستشفى شبه وحيد ؛ بعد ان اضطرا كل من خاله و منال الى الانصراف لأعمالهما
تعليق