رواية ( دموع الحقيقة ) كامله

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • *عبير الزهور*
    V - I - P
    • Jun 2008
    • 3267

    #21
    ( ان أكثر ما ينغص عيشي حال تلك المسكينة التي أبو الا أن يسلبوها فرحتها المنتظرة ؛ فتحولت من من عروس مبتهجة الى أخت ثاكلة

    لا تتوقف دقيقة عن البكاء .. لقد سلبونا صديقا وأخا ؛ سلبونا فرحتنا يا عباس !!!) أجهش عباس بالبكاء بصورة مفاجئة ؛ فتجمعوا

    من حوله في شبه دائرة وقد هالهم موقفه ؛ فهذه هي المرة الأولى التي يبكي فيها أو يفقد أعصابه بهذه الصورة... ساد صمت ثقيل قطعه

    وهو ينهض متثاقلا الى الباب ( أراكم باذن الله !!) وخرج من مجلس الرجال ليصدم برؤية زهراء وقد همت بالخروج مرتدية

    عباءتها وخمارها الأسود. ألقى عليها نظرة ذات مغزى عميق ؛ وغادر متوجها لمنزل صديقه بنفس أنهكها الحزن والأسى؛ حيث

    استقبلهأبو حسين في أسى لا يقل عن أساه قائلا وهو يفسح له الطريق ليدخل الى المجلس المجاور للباب الرئيسي ( تفضل؛

    تفضل يا بنيّ !) جلس بجوار أباحسين متكئا على احدى المساند بجلسته العربية ؛ ودون أن ينبس؛ ابتدره الأخير بالقول بلهجة

    أبوية حانية ( لا تحزن يا عباس ؛ باذن الله سيفرج عنه ؛ أنا من جهتي لن أصمت ؛ سأ قوّم الدنيا وأقعدها حتى يخرج سالما

    باذن الله ..) أيده عباس في غضب جم ( كلنا لن نسكت يا عمي ؛ سنملأ الدنيا احتجاجا حتى يفرج عنه وعن جميع المعتقلين

    الذين لم يكن لهم ذنب سوى كلمة حق تفوهوا بها أو خطوها على احدى المنازل ) ونهض فجأة وقد تناهت لمسامعه صرخات

    جنان والدتها هاتفا بمنتهى الاصرار والتحدي مغادرا ( أعدك يا عمي بأن دموع نساءنا وصرخات أطفالنا لن تمر كمر

    السحاب ؛ أعدك !!) ........

    رجع عباس الى منزله بقلب محروق ودموع حارة تجري على خديه دون توقف. قبل دقائق كان فرحا بالهدوء السياسي المزعوم ؛

    وهاهو ذا يدرك انه كان الهدوء الذي يسبق العاصفة . ويالها من عاصفة !! انها عاصفة هوجاء اقتلعت مشاعره من الأعماق ؛ وغدى

    كمن يهوي في منحدر سحيق ليس له قرار أو نهاية .. رمى بجسده المنهك على سريره المتواضع وراح يسترجع ذكرى الأيام الخوالي

    التي جمعته ب حسين ؛ فتذكره وهو يقول (الله كريم لا يبخل ) فصاح بحرقة واضعا يديه على وجهه الثاكل ( يالهي ! من لي غيرك

    أرجوه فيسمعني ؛ وأدعوه فلا يخذلني ؟! ) قاطع صوت رنين الجرس توسلاته ؛ تثاقل في النهوض ؛ لابد انه أحد رفاقه ات لمواساته؛

    أو انه خاله ات للاطمئنان عليه بعد ان سمع الخبر . ولكن توقعاته تبخرت كالسراب حين قام بفتح الباب ليجد منال من خلفه برفقة

    أختها الصغيرة زينب !!! انها المرة الأولى التي تحظر فيها الى منزله . هكذا فكر وهو يحدق فيها بذهول لم يستطع السيطرة عليه.

    تمعنت في عينيه المحمرتين قبل أن تتمتم قائلة وهي تدفع اليه بصحن كبير مليْ بالطعام في ارتباك ظاهر ( خذ هذا يا عباس؛

    لابد انك جائع ولم تتناول شيئا منذ الصباح ؛ أليس كذلك ؟!) تذكر السندويشات التي لم يذق منها لقمة واحدة بسببها ؛ وتناول منها

    الطبق في امتنان قائلا دون أن يعي لأسلوبه الجدي الذي اتبعه في الحديث ( شكرا منال ؛ لقد أتعبت نفسك دونما داع ..)

    أطرقت بعينيها وكأنها تقاوم أمرا ما ؛ ومن ثم رفعتهما في توتر وتمتمت ( أبدا ! بالهناء والشفاء .. المهم أن لا تشغل نفسك

    كثيرا بقضية حسين ؛ سيفرج عنه بالقريب العاجل ان شاء الله ) كانت نظراتها و أسلوبها يوحيان بأنها تعرف حقيقة من

    تكلم بشكل جيد ؛ هذا ما أدركه عباس ؛ فاستسلم لذكاءها دون حاجة لاعلان استسلامه وقال برزانة ( ان شاء الله ! )

    تعليق

    • *عبير الزهور*
      V - I - P
      • Jun 2008
      • 3267

      #22
      ودعته منصرفة وهي تلملم طرف عباءتها وتجر أختها الصغيرة من يدها ( في أمان الله ) رد باحترام وقد تسارعت دقات

      قلبه (يحفظك الله ) .

      عبّر الرفاق عن موقفهم بمظاهرة سلمية شملت جميع أفراد القرية رجالا ونساءا ؛ سرعان ما تشتت بفعل مسيّل الدموع

      والرصاص المطاطي الذي استخدمه رجال الأمن لتفريقها وتم اعتقال عدد لابأس به من الشباب خلال ذلك ؛ فكانت ردة فعل

      همجية وغير متعقلة للرد على احتجاجات الشعب الثائر غضبا وظلما .

      دخل عباس لمنزل خاله بقلب مكسور وارادة فولاذية لاتتزلزل مهما حدث ؛ لأنها تستمد قوتها من نبع الايمان الذي لا ينضب.

      استقبله خاله بذراعين مفتوحتين وأجلسه بقربه على المائدة سائلا اياه وقد أشار لهندامه المشعث المغبر ( ما الذي حدث لك يا عباس ؟

      هل أصابك مكروه ؟!) تظاهر بالبكاء كالأطفال ضاربا طاولة الطعام عدة مرات بكفه الخشنة باحتجاج ( انهم لا يريدون الافراج عن

      صديقي يا خالي ! لقد أمطرونا رصاصا ومسيلا للدموع وكدت أختنق لولا أن أحدهم قد جذبني بسرعة وفر بي !!) هدأه خاله

      بحنان بالغ ( لا عليك يا بنيّ ؛ النصر قريب باذن الله ) استمرت زوجة خاله في مهمة بث الأمل في نفسه قائلة وهي تستعد لنقل

      أطباق الغذاء الى المائدة بمساعدة من منال ( خالك محق يا عباس ؛ وان طال الظلم فلابد للحق أن يظهر اجلا أم عاجلا )

      انتبه لنظرة منال الغريبة عندما تفوهت أمها بجملتها الأخيرة قبل أن تسرع لتناول وجبتها في المطبخ كعادتها في الأيام الأخيرة.

      لقد غدت تصرفات منال غير طبيعية بالنسبة لأسرتها ؛ نظراتها وأسلوبها يوحيان بأنها تحمل سرا دفينا لا يتجرأ أحدا بالمطالبة

      بمعرفته؛ وكان خائفا بينه وبين نفسه من أن لا تستطيع اخفاء هذا السر طويلا عمن حولها !!! سحبته زوجة خاله من أفكاره وتمنياته وهي

      تقدم له الشاي بعد الغداء . تناول الفنجان بيد مرتجفة ؛ فرمقته الأخيرة بنظرة اشفاق واستدارت لزوجها بنظرات قلقة فهمها على الفور؛

      فاقترب من ابن أخته وراح يهاديه ويروّح عنه بكل ما أوتي من قوة وارادة .

      كانت أيام عباس في هذه الحقبة كالوردة المصفرة من قلة الماء ؛ كان يقضي لياليه ساهرا على قراءة الايات القرانية والأدعية المأثورة

      لينهض صباحا متوجها لكليته بروح تفتقر الى الحماس . أما بفترة ما بعد الظهر ؛ فكان يتجنب أحيانا فتح الورشة حتى لا يتسبب ذلك

      في مضاعفة أحزانه بتذكر حسين وحضوره بجواره في هذا المكان . وفي المساء ؛ كان يقوم باستئناث عملياته الجهادية مع جنود الله

      معبرين عن موقفهم ومواصلتهم للدفاع عن حقوقهم برغم حملات التعسف و التعذيب التي تشنها الحكومة على شعبها المظلوم الصامد.

      هكذا كانت تسير عجلة حياة عباس حتى أتى ذلك اليوم الذي كان ينتظره بفارغ الصبر ويتمنى طيّ الأيام لأجله ؛ انه اليوم الذي اتصل

      به المخفر بأسرة حسين لتبشرهم بالسماح لهم بزيارة ابنهم بصباح اليوم التالي على ألا يزيد عدد الزائرين على (8) أشخاص .

      هتف عباس بسعادة ( ثمانية أشخاص ؟؟ أسامة ؛ لؤي ؛ يوسف ؛ عبدالله ؛ فالتبشروا ؛ حان وقت اللقاء !!!) .......


      (نهاية الفصل الرابع)

      تعليق

      • *عبير الزهور*
        V - I - P
        • Jun 2008
        • 3267

        #23
        (الفصل الخامس)

        ("عباس" !!) صاح "حسين" بأسمه بقوة بعد ان عانق والديه وأخواته ؛ فتجمعت الدموع في عينيه شوقا وكأنه لم ير صديقه
        الحميم لسبع سنوات وليس لسبعة أيام ؛ واندفع اليه معانقا بمنتهى القوة التي كادت تحطم عظامه بينما وقف بقية الرفاق من خلفه
        منتظرين نصيبهم من العناق.. وأثناء ذلك ؛ جلست عائلة "حسين" الصغيرة على سجادة أحظروها بصحبتهم مع الكثير من
        الطعام المطبوخ والشراب والألبسة. فك "حسين" العناق بعد مدة طويلة ليتأمل وجه صديقه ؛ وتمتم وقد انهمرت الدموع غزيرة
        من عينيه البنية (اه ! ما أقسى الفراق يا "عباس" !!) أكد "عباس" مواسيا (لن يطول ان شاء الله ؛ ستخرج عما قريب..
        على فكرة ؛ كتبت لك رسالة بموضوع هام أود مناقشتك به فالوضع لا يسمح كما ترى..) وأشار بعينيه الى الجموع القادمة
        لزيارته ؛ فأومأ "حسين" متفهما ( اعطها أمي أو احظرها معك ان أتيت لزيارتي . أعلم انك والرفاق مشغولون بالجامعة
        والامتحانات قريبة ؛ فلا تكلفوا أنفسكم بالحظور؛ هل تعدني بذلك يا "عباس" ؟! ) رد "عباس" مازحا وهو يبتعد ليفسح المجال
        لرفاقه (أنا لا.. ولكن اسأل الباقي !!) جلسوا جميعا على سجادة مقاربة بعد السلام عليه ؛ فأخذ يتحدث باسهاب عن رحلة
        المعاناة التي يمر بها السجناء بالمعتقل خلال سنوات من تعذيب ووحشية واهمال ؛ وما مر به شخصيا خلال الأسبوع الفائت
        قائلا وملامح الاجهاد واضحة من خلال ملابسه الرثة وجروحه العديدة على مختلف أنحاء جسده ( لقد علقوني على المروحة
        حتى كادت يداي أن تنفصلا عن جسدي ؛ خلعوا بعض أظافري وضربوني بوحشية ؛ وكل هذا لأعترف بجرم لم أرتكبه..
        يدعّون انني ساهمت في حرق احدى المحال التجارية المتعاونة مع الحكومة !! متى فعلت ذلك وأنا لا أكاد ألتقط أنفاسي ؟؟!!)
        رمقه رفاقه بنظرات تكذيب وسخرية ؛ فابتسم بخفة من حيث لا تلحظه أسرته ومن ثم تابع حديثه بروح معنوية متحسنة
        ( ان الرجال هنا يقضون أوقاتهم بالدروس الدينية المفيدة وصناعة المجسمات ؛ ويستخدمون هذه الطريقة في تهريب الرسائل
        أحيانا الى ذويهم !!) أضاف جملته الأخيرة مبتسما بخبث ؛ فابتسم الحظور بدورهم حبا فيه ؛ ومن ثم راح كل منهم يقص له
        الأحداث العامة للناس والأوضاع السياسية المتأزمة مؤخرا .. وبعد مدة ؛ قام حارس الأمن بطرد العائلات بوقاحة ؛ فاستعدوا
        للمغادرة وودعو "حسين" سائلين اياه ان كان يحتاج لشيئا ما قبل رحيلهم ؛ فأوصى والديه وأخته باحظار بعض الحاجيات ؛
        وأكد عليهم أن لا يتحدثوا عن الوضع السياسي برسائلهم لأنها ستكون مراقبة ؛ كما انه انتزع وعدا من رفاقه بأن ينتبهوا
        لدراستهم ولا يشغلوا أنفسهم بأمره كثيرا وبخاصة بأيام الامتحانات .. وبعد كل هذه التوصيات ؛ انصرف "عباس" ورفاقه
        الى منازلهم وقد تملكتهم السعادة لرؤية صديقهم من جانب ؛ والتعاسة لما قاساه من جانب اخر !! ,,,,,

        انشغل _"جنود الله"_ بالمذاكرة للامتحانات التي باتت على الأبواب ؛ وكان كلما مر يوم على "عباس" ؛ شعر بالأسى البالغ
        لحال "حسين" أكثر وأكثر.. فها هو الوقت يمر وهو لم يخرج بعد ؛ ومستقبله بات في خطر أكيد ... وبرغم كل الحنق الذي
        يشعر به ؛ الا انه كان يجد نفسه مضطرا للتركيز في المذاكرة ؛ حتى لا يفوته (الكورس) هو الاخر !!
        كانت "زينب" الصغيرة قد تعودت على احظار الطعام له في المنزل بهذه الأثناء بعد أن أقنعهم _ بالذات خاله_ بأن لديه
        (أعمالا هامة ) تتوجب منه اتمامها على وجه السرعة ؛ ولذا فقد استتب له الأمر بملازمة كتابه ليلا ونهارا .. وبرغم انطلاء
        هذا العذر على خاله وزوجته ؛ الا ان "عباس" كان متأكدا بحدسه ان "منال" هي الوحيدة التي لم ينطلي عليها الأمر ؛ وانها
        تدرك جيدا أسباب هذا الغياب المؤقت !!

        تعليق

        • *عبير الزهور*
          V - I - P
          • Jun 2008
          • 3267

          #24
          وفي أول يوم للأمتحان ؛ كان عباس قد تهيأ فكريا لاستقبال ما سينهال عليه من الأسئلة ؛ ولكن فؤاده كان متعلقا بالسجن
          الذي يقبع حسين خلف قضبان احدى زنزاناته . لا شيْ ولا أحد أصبح قادرا على ملىْ الفراغ الذي خلّفه هذا الصديق الغالي
          والمقرب الى نفسه ؛ رغم محاولات كثيرة من قبل رفاقه بائت بالفشل بالنهاية ...

          حاول عباس ابعاد هذه الخواطر عن نفسه مؤقتا وهو يستقبل صديقه الحنون عبدالله بابتسامة لطيفة بعد ان انتهى الامتحان
          وأبلى فيه بلاءا حسنا ( ها ؟ ما أخبار الامتحان يا بطل ؟؟) بادله عبدالله المزاح ( لقد صرعت معظم الأسئلة وألقيت بها
          أرضا دون أدنى مقاومة ؛ ولكن سيفي قد كسر وانتهى الوقت قبل أن أستعير سيفا اخر !!) ضحك عباس بقوة وضربه
          على كتفه بود ( ظريف جدا !!) أكد عبد الله ( من عاشر قوما ..) أكمل عباس ( صار منهم ؛ ولكن من تقصد ؟؟)
          وبتلقائية أجاب عبدالله ( أختي زهراء من غيرها ؟؟) وجم عباس لا شعوريا ؛ بينما تابع عبدالله دون أن يلاحظ
          ما اعتراه وقد رافقه الى السيارة حتى يقله الى منزله (زهراء هي شمعة بيتنا يا عباس؛ انها تذهلني وتعجبني بكل
          تصرفاتها وبحثها الدائم عن الحقيقة بصفحات الكتب التي لا تمل منها .. تروح وتجيء دون انقطاع وكأنها مقبلة على حرب
          اسلامية لن تنتهي ! تعقد الجلسات والندوات بمنزلنا لتلقي الدروس الدينية وتلاوة القران بالمساء ؛ بينما تحظر الى الجامعة
          صباحا وتتمم رحلتها بين الكتب عصرا ؛ ورغم كل هذا الانشغال؛ الا انها لا تنسى واجباتها اتجاهنا كأفراد أسرة ؛ تغدقنا بحبها
          وروحها الطاهرة التي صارت جزء له أهميته وثقله بالمنزل ؛ وبالنسبة لي بالذات,,,, اوه !! لقد أخذني الحديث عن شيْ
          لا يعنيك ؛ أنا اسف !!) تابع عباس القيادة ( لا أبدا ! يسعدني أن تكون راضيا وسعيدا بأختك ؛ في الحقيقة لم أسمع عنها
          الا الخير..) غمرت عبدالله السعادة لهذا الاطراء وكأنه موجه اليه وهتف في عباس ( عباس ؛ لما لا تتزوج
          زهراء ؟؟) ألجمته المفاجئة عن الكلام ؛ فبهت لونه وتغيرت قسماته وبان الارتباك على محياه . كانا قد وصلا لمنزل
          عبدالله الذي سارع في الاستفسار عن صمت رفيقه المفاجىْ ( ما بك ؟ هل فاجئتك ؟!) أكد عباس بتوتر وقلق شديدين
          ( في الحقيقة نعم ! أنت تعلم يا عبدالله انني مطارد ورجل ذو وجهين ؛ فأنا بنظر الجميع _ما عداكم_ مجرد شاب أحمق
          لا يفقه شيئا . ثم انني ...) قاطعه رفيقه بود ( أعرف ما ستقول ؛ المال ؛ أليس كذلك ؟؟) فكر عباس لهنيئة ؛ كيف
          بوسعه مصارحته بعلاقته العاطفية مع ابنة خاله ؟؟ ماذا سيقول له ؟؟ انني لا أريد أختك وأفضل ابنة خالي منال ؟؟

          حتما سيتعرض للاحراج ؛ وسأسقط من عينيه ؛ وسيعتبرني أختلق الحجج لوجود عيب بزهراء حاشا لله !! واستجمع
          شتات نفسه سريعا وهو يقول بنبرة هادئة حتى لا يخالج عبدالله الشك ( نعم !) استرسل رفيقه بالحديث بلهجة حماسية
          واثقة ( من ناحية المال أختي زهراء لا تحب الرفاهية والاحتفالات التي لا طائل من وراءها ؛ ثم انها ستقدر ضروفك .
          أما عن الدور الذي تلعبه ؛ فبعد الزواج يمكنك الكف عن تقمصه والظهور بمظهر الرجل الذي أثابه الزواج الى رشده ؛ ولن
          تكون في خطر طالما أظهرت بكل قواك انك لا تهتم بالسياسة ولا يشغل تفكيرك سوى زوجتك وأولادك ..) تأمل عباس
          مأزقه وقال ( هذا بعد الزواج ؛ أما قبله فكيف سترضى برجل أحمق ؟؟) راح عبد الله يؤكد له باصرار وبجهل لدوافع
          صديقه للرفض ( لن ترفضك لهذا السبب ؛ لأنني سأقنعها بالقبول ؛ وهي ستذعن لي بالتأكيد ؛ لأنها واثقة من حبي لها
          وحسن اختياري) سدت الطرق على عباس حتى أصبح في موقف لا يحسد عليه ؛ ولم يدر بما يجيبه ؟؟؟

          خفف عنه عبدالله وطأة الكلام وهو ينهض مغادرا السيارة قائلا بلهجته الحانية ( فكر يا عباس ! أعرف انك مشوش؛
          أستودعك الله !!!) وعاد عباس أدراجه و الحيرة تثقل قلبه الذي زاد هما على هم ... ما هذا المأزق الذي وضع فيه دون
          أن يحسب له أي حساب ؟؟؟ وما العمل وهو يحب منال ولا يمكنه التخلي عنها وعن رغبته بالزواج منها ؟؟؟ وماذا يقول
          لحسين برسالته التي كان قد كتبها ليحثه على الاعتراف باعجابه بزهراء وبتصرفه الخاطىْ في المحاضرة ؟؟؟
          هل يرسلها ؟ أم يبدلها برسالة أخرى يشرح فيها ما حدث معه للتو ؟؟ وهل سيحزن حسين عندما يعلم بأن عبدالله
          يريده زوجا ل زهراء ؟؟ نعم ؛ هو سيحزن .. انه يحبها حتى وان حاول اخفاء ذلك !! تردده في المقابلة الأخيرة
          كان يوحي بمدى صعوبة البوح والاعتراف.. حسين تغير فجأة وأصبح في حالة مرعبة من الاضطراب والكتمان...
          وقرر عباس : ( فاليتكلم هو أولا ) ومزق الرسالة !!!...................

          تعليق

          • *عبير الزهور*
            V - I - P
            • Jun 2008
            • 3267

            #25
            استعد عباس _بعد تناول وجبة غذاءه _ لغسل الثياب المتراكمة بعد ان أدرك ان زينب ذات الجسد النحيل لن تقدر على حملها الى أمها التي لم يحب زيادة أعباءها الكثيرة في الأيام التي انشغلت بها منال بالامتحانات عن أداء الواجبات المنزلية
            برفقة والدتها . وما ان جمّعها في سلة طويلة حتى يبدأ بغسلها ؛ حتى تناهى الى مسمعه صوت رنين الجرس بالصالة...
            أسرع في غسل يديه المليئة بالصابون وعدّل من هندامه الذي اتسخ بدوره اثر وضعه للصابون بالغسالة بطريقة خاطئة ؛ وخطا
            نحو الباب الرئيسي ليفتحه ويتفاجىْ بوجه منال من خلفه !!

            هتفت به بدهشة متأملة منظره المضحك ( ما هذا ؟ ما الذي قلب منظرك هكذا ؟! ) تأمل ثيابه المتسخة باحراج كبير ؛ وحاول
            النطق ببعض الكلمات ( لقد كنت.. كنت أغسل الثياب !) تبسمت ضاحكة وحاولت التماسك وصاحت بلهجة أقرب الى السخرية واللوم وكأنها تدرك دوافعه لفعل ذلك (لا .. اذهب أنت لانجاز أعمالك المهمة ؛ وأنا سأتكفل بهذه المهمة !!)
            قاطعها وقد اتخذ منه الارتباك موضعا لا يقوى معه على رفع عينيه اليها ( ولكن .. أنت لديك امتحانات وزوجة خالي..)
            قاطعته بدورها بمنتهى الاصرار؛ وقالت بلهجة ذات مغزى ( لست الوحيدة التي عليها امتحانات ! أقصد ان كل البنات لديهن
            امتحانات ويساعدن أمهاتهن .. هيا لا تضيّع الوقت واحظر سلة الثياب !!) ولم يجد بدا من الرضوخ لاصرارها ؛ وقفل راجعا الى الداخل وأحظر السلة وناولها اياها في حرج بالغ بددته بقولها ( أرجو أن لا تتجرأ وتفعل ذلك ثانية يا عباس !
            أمي ستغضب منك كثيرا وأنت تعرف جيدا انها شديدة الحساسية بهذه الأمور وتعتبرك كابنها الذي لم ترزق به ) توسل اليها
            (لا تخبريها !) أكدت له ( لن أفعل !) وغادرت بعد وداع قصير ؛ فدخل الى منزله حائر القؤاد ؛ مشتت الفكر.. في الوقت الذي باتت فيه تصرفات منال تأخذ طابعا مريحا ؛ يأتي عبدالله ليحول راحته الى قلق مرير. تلا بعض الايات وبعض الأدعية قبل أن يتفرغ لمذاكرته بنهم متجاهلا الأحداث الصاخبة التي تعصف حياته مؤخرا .. وهكذا ؛ قضى عباس أيام امتحاناته بسلام ؛ ولم يخض مع عبدالله بموضوع زهراء ثانية متصنعا التفكير ؛ وأول ما قام به بعد ان غادرته هذه الأيام المشحونة بالتوتر والقلق ؛ هو زيارة أخاه جاسم بيوم الجمعة الذي كان اجازة له من عمله كرجل أمن باحدى المستشفيات .
            واستقبله توأمه بمنتهى الفرح والسرور قائلا وهو يفسح له الطريق للدخول الى شقته المتواضعة بينما تتوارى زوجته تحت حجابها المنزلي (أهلا بالمفكر العظيم ! ها .. ما أخبار الامتحانات ؟!) ابتسم عباس بسعادة جالسا بجوار أخيه بالصالة (كل شيْ على ما يرام بأذن الله.. على فكرة أين صديقي ؟ لا تضن انني أتيت لزيارتك أنت !!) ضحك جاسم بقوة بينما دخلت زوجته برفقة الصغير ؛ وبعد السلام ؛ ناولته اياه بود ( ها هو صديقك المشاكس ! لقد بعثك الله لتخلصني منه حتى أتم اعداد الغداء ؛ فأخاك العزيز يتهرب من المسؤولية ) تبسم جاسم ضاحكا وبرر موقفه ( انه لا يدعني أنام طيلة الليل يا عباس ! دائما يبكي حتى عدمت الحيلة لاسكاته !!) وخزه عباس مازحا ( الان تريد النوم ها ؟! في الماضي كنت ورفاقك لا تكفون عن السهر طوال الليل ولا تدعونا نخلد للراحة !! )

            تعليق

            • *عبير الزهور*
              V - I - P
              • Jun 2008
              • 3267

              #26
              قهقه جاسم وسايره في المزاح مذكرا اياه ( وكانت
              أمي المسكينة تبذل جهدا جبارا لايقاضي كل يوم حتى أتناول وجبة الغداء برفقتكم !!) غيّر عباس الموضوع متحدثا عن الامتحانات وحياته المملة من دون صديقه حسين حتى لا تنقلب الجلسة الى مناحة كعادة جاسم كلما تذكر والدته . وتحت اصرار زوجة أخيه ؛ تناول الغداء برفقتهم بعد ان اتصل هاتفيا بزوجة خاله ليخبرها بالأمر..
              أعلن جاسم بعد ان غسّل يديه بمطبخه الصغير ( الليلة سأذهب برفقتك الى بيت خالي ؛ ما رأيك ؟) شجعه عباس (خير ما تفعل بالطبع ؛ صلة الرحم تطيل العمر يا جاسم . والان ؛ أستودعكم الله ؛ سأذهب لتنظيف المنزل فقد انشغلت عن ذلك بأيام الامتحانات ) وغادر بعد ان أكد ل عفاف انه لا داعي لتكبد عناء التنظيف بدلا منه ؛ فما عندها من أعمال يكفيها ويزيد؛
              اظافة لتعوده على فعل ذلك منذ أمد طويل..

              ان أكثر ما أذهله حال رجوعه الى المنزل هو تلقيه لرسالة حسين التي سلمها اياه والده الذي كاد اليأس أن يتسلل الى نفسه من كثرة الضغط على جرس الباب دون جواب من أحد. دخل الى منزله والفرح يغمره من أخمص قدميه حتى قمة رأسه !!
              ألقى بجسده على الكرسي القابع خلف طاولته المنزلية وراح يمزق الأوراق الكثيرة التي كانت تحيط بالرسالة من باب الحيطة والحذر ؛ وبدأ في قراءة الكلمات التالية بسم الله .. صديقي الغالي عباس ؛ السلام عليك ورحمة الله وبركاته وبعد :
              أكتب اليك هذه الرسالة وأنا على أحر من الجمر شوقا اليك ؛ والى رؤية وجهك الغالي والمحبب الى نفسي ؛ وتائقا لأعرف أخبارك مع الامتحانات .. أتمنى أن تكون قد نفذت وعدك بعدم التفكير بأمري والتفرغ للمذاكرة . انه حكم الله يا عباس !
              وعسى أن تكرهو شيئا وهو خير لكم .. أليس كذلك ؟؟ ... عباس ؛ انني دائم التفكير بك وبأيامنا الجميلة التي قضيناها سوية ؛ ولست بحاجة لذكر مدى حبي لك ومدى قربك من نفسي ؛ فأنت تعلم بذلك أشد العلم. لقد تعرفت على شبان طيبون بكثرة ؛ ولكن واحد منهم لم يسد الفراغ الذي تركته في نفسي ؛ برغم استفادتي الدينية الجمة حين أستمع لمحاظراتهم وحواراتهم الشيقة .. ربما لاحظت ترددي باخر مرة زرتني فيها منفردا فبل الامتحانات بأيام .. لقد كنت أريد أن أستودعك سرا في نفسي ؛ ولكن الحرج قد شل لساني برغم من انني لا أتردد باخبارك عما يجتاحني من هموم. لقد ترددت هذه المرة ؛ كما ترددت أنت حين شرعت باخباري بقصتك مع منال بعد ان عادوا الى الوطن بأيام قليلة .. أتذكر ؟؟ لا بد انك تذكر جيدا هذا الموقف الصعب الذي أحببت أن أخلص نفسي منه بالكتابة !! انني معجب ب زهراء أخت عبدالله وأنوي جديا الزواج منها ؛ ولكن
              ظروفي صعبة كظروفك ؛ وربما هي أكثر صعوبة من ظروفك بكثير .. لا أعلم ان كان هذا الأمر مفاجئة لك ؛ ولكن على كل حال هذه هي الحقيقة التي تأكدت منها بأول يوم لي بالسجن !! السجن يا أخي الغالي يعّري المشاعر ؛ ويحطم الكبرياء والمغالاة التي ننسجها حول قلوبنا ؛ ويعلمنا أن نتخلص منها ونتعلم الطاعة والخشوع لالهنا الكريم الذي لا يبخل.. وقد تتساءل
              عن عمر هذه المشاعر ؛ فأؤكد لك انني لا أعلم !! كل ما أنا متأكد منه انني ما أحببتها الا بعد أن سمعت عنها كل الخير من أختي جنان ؛ وتأكدت من ذلك بطريقتي من بعض المعارف ومن عبدالله بالذات .. أتمنى _على الأقل_ أن أخرج قبل بدء الكورس القادم لأستأنث الدراسة من جديد وأبني لحياتي المتعطلة حتى أستطيع مفاتحة عبدالله بالموضوع ؛ وها أنا ذا أدعو ربي ليلا ونهارا حتى تتحقق لي هذه الأمنية الغالية ؛ فادعوا لي أنت أيظا يا عباس .... أخوك حسين .

              تعليق

              • *عبير الزهور*
                V - I - P
                • Jun 2008
                • 3267

                #27

                طوى عباس الرسالة براحة ؛ ودون أن يحس ؛ نزلت من عينيه دمعتان كبيرتان !! ما أشد حبي لك يا حسين ؛ وما أروع القرار الذي س
                سأتخذه من دون أذن منك !! .. نعم ؛ لقد اتخذت قراري الأخير الذي لا رجوع فيه ؛ وسيكون عبدالله أول من يعرف به .. نعم ؛ لا بد

                من التصرف بجرأة والا ضاعت زهراء من يديك يا حسين ! يجب أن تسامحني ؛ هذا كل ما أطلبه منك !! ...

                وسارع باتجاه مسكن عبدالله قبل أن يتراجع أو يتزلزل اصراره . سمع صوت زهراء عند المدخل ؛ فابتسم برقة متذكرا عبارات

                حسين التي تمتدحها ؛ وضغط على جرس الباب بثقة ؛ فقدمت اليه من وراءه سائلة بهدوء ( من بالباب ؟) أجابها عباس بسرعة

                (هل عبدالله موجود ؟) ...( نعم ؛ ادخل اليه ؛ انه في المجلس ) وترك لها فرصة التواري باحدى الحجرات ودخل مكررا اسم

                الله الى مجلس الرجال حيث وجد عبدالله جالس بمفرده يتناول وجبة غداءه . وما ان انتبه الأخير لمقدمه حتى نهض بوجه

                منطلق وحياه بحرارة داعيا اياه للجلوس بجواره ( أهلا بك يا عباس ؛ ما هذه المفاجئة المذهلة ؟! على العموم لقد أتيت

                بوقتك لتتناول معي وجبة الغداء )

                تعليق

                • *عبير الزهور*
                  V - I - P
                  • Jun 2008
                  • 3267

                  #28
                  اتخذ مجلسه بجواره وأكد له بامتنان ( بالهناء والشفاء ؛ لقد تناولت غداءي بمنزل أخي ؛

                  فقط أتيت لأحدثك...) قاطعه عبدالله ( عن زهراء ؛ أليس كذلك ؟!) تلعثم عباس وحاول مباشرة حديثه ؛ لولا ان

                  عبدالله قاطعه مرة أخرى قائلا ( عباس ؛ انني عاتب عليك ) تطلع اليه بتساؤل وصاح ( لماذا ؟؟) ضحك عبدالله

                  على حين غرة ؛ وهتف به باستنكار مازحا ( أهكذا أنا اخر من يعلم ؟؟ لقد اكتشفت انك داهية !!) ....( ماذا تقصد ؟؟)

                  أجابه على الفور بذات اللهجة المازحة ( أقصد منال ابنة خالك بالطبع !! أليس هذا ما أردت اخباري به للتو ؟؟)

                  وتابع عبدالله حين أدرك عمق صدمته وذهوله ( لقد أخبرني يوسف ؛ طبعا أنت لم تعترف له ولكنه شديد

                  الملاحظة . أتذكر حين لمح دوريات الشغب باخر عملية على بعد 50 كيلو متر !!) تفاجىْ عباس من اسلوب

                  عبدالله المازح وأخذه للموضوع بكل هذه البساطة ( يالني من أحمق !!) هكذا هتف عباس لنفسه !

                  لماذا اعتقدت بأن عبدالله سيجرح ويهان عندما أبوح له بالحقيقة ؟ لماذا خجلت من مشاعري البريئة وكتمتها

                  بأعماقي وكأنها جرم لا يغتفر؟؟ والأهم من ذلك ؛ لماذا تسرعت وقررت مفاتحة عبدالله برغم علمي ان حسين

                  قد لا يحبذ هذا التصرف ؟؟ هل لأحافظ على زهراء ل حسين كما زعمت ؛ أم ان هناك دوافع أنانية سكنتني

                  كوساوس الشيطان ولم أفكر الا بتخليص نفسي من هذا المأزق ؟؟ يالني من أناني ! يالني من مجرم !!

                  وعى لصوت عبدالله يقتلعه بقوة من تأنيب الضمير قائلا بحيرة ( ما بك ؟ هل ضايقك اني عرفت ؟!)

                  سارع عباس في النهوض حتى يفسح لرفيقه المجال كي يتم طعامه ( لا أبدا .. ولكنني لم أتوقع أن تأخذ الأمر

                  بكل هذه البساطة ! ) ابتسم عبدالله بثقة ( أنت لم ترفض زهراء لعيب في أخلاقها لا سمح الله ؛ والحياة

                  الزوجية أهم ما فيها المودة والرحمة ؛ أليس كذلك ؟! ) شعر عباس بالراحة لهذا التفهم ؛ وغادر بعد وداع

                  قصير متوجها الى ورشته التي طال اغلاقها ... انه يشعر اليوم بسعادة جمة وطمأنينة كبيرة ؛ وكأن رسالة

                  حسين وحديث عبدالله قد بثا القوة بشتى أنحاء جسده ؛ فصار يملك من العزيمة ما يعادل قوة وعزيمة مائة رجل !!

                  نعم ؛ ها قد طوى السنين طيا وصارت الجامعة وامتحاناتها شيْ من الماضي يضعه خلف ظهره ولا يفكر به طرفة عين ؛ أما

                  مشكلة زهراء فقد حلت تقريبا وليس ناقص سوى خروج حسين بالسلامة ان شاء الله . والأهم من كل ذلك ؛ ان منال

                  صارت تعامله بطريقة ودية أنسته عجرفتها وعنادها في الماضي .

                  توجه عباس برفقة جاسم الى منزل خاله بعد أداء فريضة المغرب بالمسجد . وفي الطريق ؛ قهقه جاسم فجأة وصاح

                  بتوأمه ( أتعرف ماذا كان يقول لي الشيخ بالمسجد ؟ يقول ان الحياة قلبت رأسا على عقب ؛ فالمجانين في محافظة تامة

                  على الصلاة بالمسجد ؛ أما العقلاء فمعتكفين في منازلهم كالنساء !!) شاركه عباس الضحك بنفس راضية ( سيفرح

                  كثيرا

                  تعليق

                  • *عبير الزهور*
                    V - I - P
                    • Jun 2008
                    • 3267

                    #29
                    اذن عندما يكتشف انني أحد العقلاء الذين يلقي عليهم الملامة والعتب !!) تحولت لهجة جاسم الى لهجة جدية

                    قلقة وهو يقول ( أنا من يجب أن يلقي عليك الملامة ! لقد أجدت تمثيل دور الأحمق .. أعترف بذلك ؛ فقد أدهشتني

                    بالمسجد حتى شككت بأمرك !! ولكن الى متى ؟؟ الى متى يا عباس ؟؟ ) لاذ عباس بالصمت مطرقا ؛ انها

                    ليست المرة الأولى التي يواجهه فيها بهذا الكلام الذي لا يخلو من الواقعية ؛ ولكنه في حيرة من أمره لا يعرف ما الصواب

                    وما الخطأ ؟! ... واصل جاسم محاولات الاقناع التي لم يتخلص منها الا بدخولهما الى المنزل المقصود ؛ فدخلا

                    متلازمين بعد ان توارت أم محمد و منال خلف الحجاب المنزلي ؛ وكان خالهم في استقبالهم ؛ حيث تقدم لضمهما

                    كل بذراع ؛ وأجلسهما بجواره متمتما بعد تنهيدة قوية ( لقد تركتي رجالا يا شقيقتي العزيزة..) سأله جاسم بلهفة

                    ( هل تضن انها سامحتني يا خالي ؟؟) ربت ابا محمد على ظهره بمودة عميقة وقال بلهجة حنونة أبوية ( مادمت

                    قد تبت يا ولدي توبة نصوحا ؛ فأن الله لن يتخلى عنك ؛ وسيسامحك على ما اقترفت ؛ وأمك يا ولدي لا تتمنى

                    ولا ترجو غير ذلك لك ولأخيك .. الأم لا تكره ابنها وعلى استعداد دائم لمسامحته مهما فعل يا جاسم ) بدى

                    جاسم أكثر ارتياحا لسماع هذا الكلام من خاله ؛ فتبددت ملامح القلق والتوتر عن محياه شيئا وشيئا ؛ وسكنت

                    ثائرته لهنيئة دخلت خلالها زوجة خاله الى الصالة وحيتهما بحرارة ؛ ودار الحوار فيما بينهم حتى توقفوا عند

                    محطة منال وانتهاءها من الدراسة الجامعية وخططها المستقبلية ؛ فأسهبت أم محمد قائلة ( منال

                    فتاة عنيدة والدراسة أفسدتها .. انها تصر على خوض تجربة العمل ) عارضها زوجها بشيْ من الحزم

                    ( انها حرة يا امرأة !! دعيها تفعل ما تراه مناسبا ..) احتجت ( ولكن ...) قاطعها بحدة ( الفتاة اليوم غير فتاة

                    الأمس ؛ والعمل ليس عيبا بل فيه فوائد كثيرة ) أصرت على موقفها محاولة اقناعه ( ولكنه لا يريدها أن تعمل !!)

                    قاطعها ( فاليذهب الى الجحيم اذن ! هذه شروطنا فان قبلها أهلا وسهلا ؛ وان لم يقبلها فاليبحث عن أخرى ..)

                    تدخل جاسم وقد تملكه الرعب ( عمن تتحدثان ؟؟) أجابته زوجة خاله بحماس وسعادة كبيرة ( عن الشاب

                    المتقدم لخطبة منال !!! ) استدار جاسم الى أخيه وكأنه يخشى أن يسقط أرضا ؛ فأبصر ملامحه المكتنفة

                    لكل معاني الدهشة والذهول والألم ؛ فبادر بالقول باحتجاج عنيف ( ولكن يا زوجة خالي...) قاطعه عباس

                    بغتة وقد وعى من صدمته مدركا ما اعتزم جاسم النطق به وهو يجره الى الباب الرئيسي بحركة طفولية بلهاء

                    مسيطرا على دموعه التي بدأت بالتجمع على مقلتيه ( جاسم !! لقد وعدتني باصطحابي الى الحديقة حيث

                    الألعاب المسلية ؛ هل نسيت وعدك ؟؟) تطلع اليه جاسم بحنق شديد وتخلص من قبضته بالقوة وصاح فيه

                    ( اتركني يا عباس !! ) رماه توأمه بنظرة توسل وضراعة ؛ فخفف من حدة نظراته الشرسة ورافقه الى

                    الخارج بهدف التفاهم معه . ولما استقر بهما المسير بقرب البقالة المتواضعة القريبة من منزله ؛ صاح فيه

                    بغضب رهيب ( هيا .. هيا اقنعني بدوافعك الغير منطقية !!) هتف عباس بلهجة منكسرة ( الغسر منطقي

                    أن تخبرهم بالحقيقة !!) فاجئه جاسم بمنتهى الضيق والازدراء ( أنت جبان وأناني !! نعم ... لا تنظر اليّ

                    بهاتين العينين التين لا تعرفان الا البكاء !! تصرف كرجل لأول مرة وتذكر السنين المضنية التي قضيتها

                    وحيدا تنتظر رجوعها اليك ,, هذه المرة ستفقدها للأبد يا عباس ولن تفيدك بلاهتك في شيء ؛ بل ستكون

                    فيما بعد كالناقوس المدوي الذي يقرع ليذكرك بحسرة وخيبة لن تسامح نفسك عليها ما حييت !!!!!!!



                    ( نهاية الفصل الخامس )

                    تعليق

                    • *مزون شمر*
                      عضو مؤسس
                      • Nov 2006
                      • 18994

                      #30
                      يسلموو عبووره

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...