استكمالا للاحداث التي جرت خلال الأشهر الثلاثة والنصف الماضية..
راشد اللي مايعرف يلف ويدور
واللي مستحرم مشاعره المتدفقة ناحية نوف
وهي ماتحل له
كلم عبدالعزيز أنه يبي يخطبها..وخصوصا أنه يخاف حد يخطبها قبله..
بس عبدالعزيز طلب منه يأجل الكلام في الموضوع
لأن أبوها مختفي
ومن معرفته لجواهر.. جواهر مستحيل توافق
وعبدالله مفقود.. عدا أن نوف نفسها بعدها صغيرة
لكن في نفس الوقت عبدالعزيز مايبي يضيع راشد على نوف
راشد شاب نادر.. ومثله ينخطب
وعبدالعزيز نفسه يعرف ناس يعرضون على راشد أنهم يزوجونه..
عبدالعزيز بأخوية رد على راشد: أنت واحد ماتنرد..
لكن أنت عارف أن أبو البنية مفقود في العراق..
أنا بصراحة أبيك لبنت أختي.. وأبيها لك.. لأنه كل واحد منكم يستحق الخير كله..
أنا ما أقدر أجبرك أنك تنتظر.. رغم أني أتمنى أنك تنتظر
ونوف تستحق الانتظار..
فهل أنت مستعد تنتظر لين على الأقل نعرف موضوع عبدالله وين بيرسى؟؟
راشد اللي أصبح مستحيل يفكر في أحد غير نوف، رد بثقة: مستعد أنتظر بدل السنة سنتين.. أنا بعدني صغير.. وتوني تخرجت.. بس أنا خفت حد يسبقني عليها.. وهذا أنت عرفت أني ابيها..
عبدالعزيز بثقة رقيقة: وإن شاء الله إنها لك..
سالم ومنيرة حب يتعمق بالتدريج وبقوة.. طبخة كانت تستوي بهدوء..
سالم شال الجبس.. وطابت كل إصاباته.. وفي كامل قوته الجسدية والبدنية..
التقارير اللي محمد بعثها برا رجعت ردودها إنه حالة سالم مثل ماشخصت أول مرة: ضرر في مركز البصر في المخ
أما أنه مؤقت وسيستعيد بصره بالتدريج مع تحسن المركز
أو أنه دائم وبيظل طول عمره ضرير
محمد ماقال لسالم شيء.. قال أن الردود مابعد وصلت
منيرة تولعها بسالم يزداد كل يوم عن اليوم اللي قبله..
تعاني من حرمانها من سالم..
حتى جلوسها بجواره صار يوتره..
وهي مضطرة للتباعد حتى لا يشعر سالم أنها تحاول ان تغريه..
بينما هو أصلا على وشك الانهيار ورغبته العارمة فيها تذبحه لأبعد حد
ديمة عادت للأجواء الأنثوية برقة وعذوبة..
من يرى أنوثتها المصفاة الرقيقة الان يستحيل أن يصدق حالها قبل حوالي 5 أشهر..
قصت شعرها قصة أنثوية رقيقة..
بدأت تضع مكياج يناسب سنها: ماسكرا وغلوس
يستحيل أن تطلع من البيت بدون عبايتها وشيلتها المشدودة بأحكام على رأسها..
بدت تكون صداقات قوية مع زميلاتها في المدرسة
ولكنها ماكانت تحب تطلع من البيت لأن عوالم الهكرز مازالت تستغرق وقت فراغها.. ولكن تهكيرها بدأ يتراجع لاتجاهات أخرى
وهي تقلل علاقاتها مع أصدقائها الهكرز
في مخطط طويل الأمد تدريجي لانهاء علاقاتها فيهم..
ديمة مادخلت بيت عبدالله منذ زيارتها الأخيرة للسلام على جواهر
كانت حزينة جدا لغياب ولد خالتها عبدالله..
لذا ما أحد منهم شاف طلتها الجديدة
رغم أنهم عرفوا فيها من عائشة التي كانت تزورهم بشكل متكرر للسؤال عن تطور وضع عبدالله
غياب عبدالله ترك جرح عميق في قلب عائشة
عبدالله ماكان مجرد ابن أختها لكن كان صديقها وصندوق أسرارها طول عمرها..
نورة وعبدالعزيز.. الحياة الهادئة الناعمة بالشخصية العذبة اللي يتمتع فيها كل واحد منهم.. وكأن كل واحد منهم بكمل عذوبة الثاني..
نورة تنتظر بشوق إنها تحمل.. لكن مع مرور كل شهر ترى فيه دورتها الشهرية.. تشعر بالحزن.. رغم انه لم يمض على زواجهم إلا أربعة أشهر
عبدالعزيز مشغول بعبدالله
عبدالله كمل أكثر من 4 شهور منذ اختفائه.. ومع كذا مازال مستمر بالاتصال اليومي بفاضل ونصار.. وشركة الأمن اللي كلفها بالبحث.. والداخلية العراقية.. والخارجيتان القطرية والعراقية..
وخصوصا أن جواهر لا تنسى مطلقا تذكيره
رغم أنه مايحتاج حد يذكره
(يالله لا تحرمني أني أروح العراق أجيب عبدالله.. مثل ماراح عشان يجيبني)
ماجد من ناحيته كان يتبادل هذا السؤال مع عبدالعزيز..
أيام كثيرة كان هو اللي يروح ويسأل بالتنسيق مع عبدالعزيز
غياب عبدالله حز كثيرا وبعمق في نفس ماجد..
عبدالله صداقة 18 سنة.. وجمعتهم عشرة عميقة مستحيل شيء يهزها..
لدرجة أنه كان يستفسر من عبدالعزيز بطريق غير مباشر عن الناس اللي استقبلوهم في بغداد.. كان يبي يروح بنفسه
لكن عبدالعزيز فهم قصده وحلف عليه.. أنه ولا يفكر يروح.. لأنه روحته مالها داعي.. لو لقوه هم بيتصلون فيهم.. وروحة ماجد لا تقدم ولا توخر
الحمل لم يحن اوانه لنورة.. ولكنه كان نصيب أخرى
دلال حامل..
حامل في شهرين الحين..
الخبر اللي نشر عاصفة من الفرحة الكاسحة
اجتاحت ماجد في المقام الأول
لتصل تياراتها لنجلاء وأم جاسم وبناتها
الكل كان سعيد بحمل دلال لأنهم كانوا خايفين أنه يكون عندها مشاكل تمنعها من الحمل
ولم يعلم أحد أنها كانت عذراء حتى تزوجت ماجد
إلا نجلاء التي اخبرها ماجد
لأنه شعر أنه إذا لم يشرك أحد معه في فرحته
فأنه قد يصيبه سكتة قلبية من شدة الفرحة
الخبر اللي أفرح نجلاء لأبعد حد
وهمست بخبث لماجد: للمرة الثالثة أقولها
والله أني أمي داعية لك يامجود.. شكلك كنت مرضيها من قلب
محمد اشتغل واستلم وظيفته الجديدة..اللي كانت وظيفة ممتازة في مكان ممتاز.. ربي عطاه على قد نيته النقية
اشترى له سيارة جديدة
لأنه كان يبي يشتري سيارة قبل يرجع سعود ويشتريها له
مخططاته مع مزنة مشوشة ومضطربة.. عقب ماطلق سعود دانة وبدون سبب معروف
محمد ماله وجه يخطب مزنة من عمه.. قرر يأجل التفكير في الموضوع شوي.. يشوف أيش اللي ممكن يصير..
العاشق المتيم الصغير: خالد
كانت حالته أسوأ.. تولعه بالجازي كان أكبر بكثير من مشاعر محمد المنطقية ناحية مزنة..
وأخته الغالية هي من وقع عليها الظلم من سعود أخو الجازي
كان يشعر كمن هو بين المطرقة والسندان
كان يشعر بغضب كبير من سعود اللي تجرأ وطلق دانة
(حد يلاقي دانة ويطلقها؟!! لا وحتى بدون مايبلغ أبي.. كنه ماخذها من الشارع مالها والي
وأخته ذي بأخنق قلبي لين ينساها..
اللي يدوس على طرف دانة مستحيل قلبي يصفا له)
مزنة اشتغلت بعد.. وبدت تداوم في مدرستها اللي كانت قريبة من البيت كمدرسة اجتماعيات..
دانة مستمرة في استغراقها في عملها
توقفت تماما عن كتابة أية شيء
اشتاقت لدفترها.. تشعر بوحشة بدونه
بعد أن رافقها 16 عاما
بدأت تكتب فيه وهي في العاشرة
حتى أخر سطر كتبته قبل حوالي 3 أشهر ونص
عدتها انتهت من حوالي أسبوعين
والهارب مازال هاربا
لم تعلم أن الهارب عاد في هذه اللحظة بالذات
في هذه اللحظة بالذات كان ينزل من الطائرة
بعد أن قضى 4 شهور في لبنان
**********************
أم سعود وبناتها قاعدين في الصالة
على قهوة العصر
البنات امتحاناتهم قربت
وأم سعود من غياب سعود.. ثم خبر طلاقه
وهي شيء في نفسها مكسور
في الوقت اللي كانت الجازي نفسيتها زفت من نفس الموضوعين
مها كانت الوحيدة المبتسمة.. اللي دائما تواجه الحزن والضيق واليأس بالابتسامة
مها بمرح: يا أم سعود .. الجويزي... وحدوووووووه
أم سعود بهدوء: لا إله إلا الله..
الجازي ساكتة..
مها عطتها كوع: الجويزي وعلة.. لا يكون ميت لش ميت..
الجازي بعصبية: مها بليز.. مالش شغل فيني..
مها شدت أطراف شعر الجازي برقة وهي تضحك وتقول: أبليس يغربلش يا بنت.. وش أبليسه؟؟
الجازي اليوم حاسة بضيقة غير طبيعية
(الضيقة اللي دايم (ن) تالي عصير....وش حيلتي وأردها لا تجيني)
حاسة العبرة خانقتها.. تبي تبكي وهي ماتعرف السبب
بصوت مخنوق ردت على مها: مها أنا ماني بمتفرغة لش.. خليني دام الخاطر وسيع عليش..
مها بخوف مصطنع: يمه خوفتيني.. يالدلوعة
لمعلوماتش: أولا أنا الكبيرة وأنتي الصغيرة.. بيننا فرق 4 سنين مهوب شوي..
ثانيا: أنا الدبة.. وأنتي المسلولة..
يعني أنتي اللي أحشمي روحش وانطقي
لايجيش علمن فوق علمش..
وهم في نقرتهم
مها بمرحها.. والجازي بضيقتها
تفاجأوا بصوت هادئ واثق وقوي يغطي على كل صوت ويسكب حضوره على كل حضور: السلام عليكم ياجماعة..
أول من نط كانت الجازي اللي صارت عيونها قد الفناجيل وامتلت دموع وهي تشوف سعود قدامها..
رمت نفسها على صدره وهي تبكي بعنف.. أم سعود ارتعبت من بكاء الجازي وامتلت عيونها دموع..
بطلنا الصامت: مها.. كالعادة ضحكها عالي.. ودمعها صامت..
سعود بحنان كان يمسح على شعر الجازي اللي غرقت صدره بدموعها : الجازي أنتي ماشبعتي بكاء.. رحت وأنتي تبكين.. ورجعت وأنتي تبكين..
الجازي بين شهقاتها ودموعها وسيولة أنفها: كذا تكذب علي.. وكذا تسوي.. الشهرين صارت أربعة.. لا وتطلق دانة بعد..
سعود اللي كان حاضن الجازي برقة تصلب صدره وذراعيه بعنف والجازي تعيده للحقيقة اللي يبي ينساها (أنه طلق دانة)
لكنه رد عليها بنفس الحنان: التأخير غصبا عني.. والزواج والطلاق كلها قسمة ونصيب..
الجازي تشاهق: بس دانة ماتستاهل كذا..
سعود حط يده بحنان على فم الجازي: خلاص يا أخيش.. حكي في الفايت نقصان في العقل..
ثم ألتفت على أمه وحضنها بعمق وهو يقبل رأسها ثم يدها: كذا يا أمك تسوي في بنت عمك اللي ما مثلها في البنات..كذا.....
سعود قاطعها بهدوء وحزم: يمه تكفين.. ما أبي حد يكلمني في أي شيء..
والكلام للكل.. ما أبي حد يذكر موضوع طلاقي قدامي ولا يعاتبني.. ولا يفتحه قدامي أبد..
ووقتها كان يحتضن مها اللي قالت بتردد: ليش سعود أنت منت بناوي ترجع دانة خلاص؟؟
سعود بنفس هدوءه وبشخصيته الاعتيادية الواثقة: لا ماني بمرجعها.. وقلت خلاص كلام في ذا الموضوع ما أبي..
************************
بعد المغرب.. في غرفة دانة
مزنة متوترة وتروح وتجي..
في الوقت اللي دانة كانت تقرأ مجلة طبية حول تطورات جراحة الأسنان..
دانة وهي مستمرة في القراءة: أنتي يا أبلة مزنة تراش حولتيني.. أقعدي على حيلش.. وش فيش؟؟
مزنة بتوتر: بكرة عندنا غدا لرجال.. والرجال هذا على وصول الحين..
دانة تركت المجلة من يدها وهي تنط وتقول بلهفة: فيه حد جاي يخطبش؟؟
مزنة وهي تطل مع الشباك وتقول بتوتر: وش خطبته أنتي بعد..؟؟ تعالي وتعرفين قصدي..
دانة قربت من مزنة وطلت معها من الشباك
حست أن قلبها بيوقف
بل قلبها توقف وعشرات المشاعر الصاخبة تعتصره بعنف
وهي تشوف الفيكسار الذهبي اللي كان يوقف في حوش بيتهم..
حست أن قلبها بيوقف
بل قلبها توقف وعشرات المشاعر الصاخبة تعتصره بعنف
وهي تشوف الفيكسار الذهبي اللي كان يوقف في حوش بيتهم..
دانة تسمرت عند الشباك وعيونها تتركز على حركة سواق السيارة..
دانة حست بشعور عذب مر لذيذ جارح وهي تشوفه بعد مرور كل هذا الوقت..
أكثر شيء حز بخاطرها والمها لأبعد حد أنه كان نحفان شوي.. بين طوله أكثر مع نحافته الجديدة..
ثوبه الأبيض المنساب باستقامة على جسده ماقدر يخبي هذي النحافة..
سعود كان واقف عند سيارته بعد ماسكرها
كان اول شيء سواه أنه رفع عينه لشباك غرفة دانة غصبا عنه..
الشباك شباك عاكس
في النهار لا يظهر مافي الداخل
ولكن في الليل تظهر الخيالات من خلفه
جات عينه في عينها..
هو ماشاف عيونها لكن دانة شافته بوضوح
حست نظرته الحزينة مثل طعنة غائرة في صدرها
استغربت.. عمر سعود مارفع عينه..
لكنها تذكرت الدفتر..
وحست بخجل عارم يجتاحها وهي تتراجع بعنف في الوقت اللي شفايفه كانت تهمس بشيء.. هذا كله حصل في أجزاء من الثانية..
في الوقت اللي سعود لما رفع عينه
لمح الخيال الملاصق للشباك..
حس بالم عذب..دافئ
مازالت على نفس عادتها اللي ذكرتها في دفترها
همس: اشتقت لش حبيبتي.. والله ميت من شوقي لش..ميت
لكنه شاف الخيال وهو يختفي بسرعة..
حس بعذابه يتجدد
خذ نفس عميق
ودخل لمجلس عمه..
**********************
سالم كان متمدد شوي.. بعد مارجع من المسجد من صلاة المغرب..
من بعد ماتحسنت صحته.. مافوت صلاة في المسجد.. عنده عامل في المجلس الخارجي يوديه ويجيبه.. للمسجد الملاصق للبيت..
صار يقدر يتحرك في كامل البيت بروحه.. ومايحتاج أي مساعدة داخله.. صار يحفظ مكان كل شيء بدقة..
شغله ماعاد قدر يروح له.. وكل مدير شركته بالتصرف..
بس كان فيه أشياء يستشيرونه فيه عن طريق التلفون..
بشكل عام ماعاد طلع من البيت إلا نادرا..
وبالتالي منيرة ماتطلع من البيت إلا معاه..
لكن ربعه محمد وجبر وخالد وخصوصا محمد كانوا تقريبا يمرون عليه عقب صلاة العشاء غالبية الأيام..
بينما طول اليوم يكون هو ومنيرة بس..
نهائي ماخطر بباله أنه يطلب من منيرة أنها توديه فوق
عقب اللي صار المرة الأخيرة..
كل مايتذكر الأيام اللي كانت ماتتكلم فيها وحالته وهو يرتجي حرف من شفايفها.. يحرم حتى يذكر لها الطابق العلوي مجرد ذكر..
لكن هذا لا يمنع أنه هو شخصيا صار يحفظ الطريق فوق
ويطلع بنفسه كل يوم..
سمع صوت خطوات منيرة تدخل.. دخلت ساكتة تظنه نايم
سالم بحنان: هلا حبيبتي من وين جاية؟؟
منيرة كان نفسها تميل عليه وتقبل رأسه لكنها توجهت للتسريحة وهي تقول بعذوبة: كنت في المطبخ.. أقول للخدامة وش تجهز
عشان ربعك إذا جاءوا بعد العشاء..
سالم بنفس الحنان: الله لا يحرمني منس.. دايمة مبيضة وجهي..
سالم وقف بثقة وتوجه للتسريحة بخطوات واثقة..
منيرة توترت.. سالم من بعد ماصار يدل في البيت ومايحتاج مساعدة.. وهو مايحبها تقرب منه..
يحب يكلمها وهم بينهم مسافة معينة..
سالم وصلها .. حدد مكانها بالضبط من صوت أنفاسها اللي بدأ بالتعالي..
وقف وراها بالضبط بهدوء
رأسها يصل لذقنه..
حط يديه على أكتافها
وهي بدأت بالارتعاش
وأنفاسها بالاضطراب..
وهي تشوف وجه سالم في المرايه..
وملامح وجهه اللي حملت تعبير غامض
سالم بعمق: وشفيس منيرة؟؟ خايفة مني؟؟
منيرة بصوت واطي متوتر: لا طبعا..
سالم بنفس العمق: زين ليش تتنافضين كذا؟؟
منيرة سكتت من الرهبة والخجل..
في الوقت اللي سالم رفع يديه عن أكتافها لشعرها المفكوك وهو يلمه بكفوفه بحنان
ويطبع على شعرها الغافي بين يديه قبلات حانية..
منيرة بدأ قلبها يدق بعنف غير طبيعي..
وهي ماتعرف خطوة سالم القادمة..
لكن سالم مثل ماحضر فجأة.. انسحب فجأة
وهو يفلت شعرها
ويخرج من الغرفة كلها
ومن البيت كامل للمجلس الخارجي..
منيرة لشدة انفعالها جلست على كرسي التسريحة
وانفعالها أكبر منها
ورجولها ماتقدر تشيلها
ماتعودت على هذي اللمسات من سالم
في الوقت اللي سالم
كان يغلبه انفعال أكبر
وحس أنه كان على وشك التهور
لولا أنه قهر نفسه بعنف.. وبقسوة
وقرر يطلع من البيت كامل
سالم حاسس أنه ماعاد قادر يستحمل أكثر من كذا حرمانه من منيرة
عشان كذا كان يفكر يسافر كم يوم
يرتاح شوي من الضغط النفسي اللي يحسه بقرب منيرة
وخصوصا أنه خلاص يشعر بقرب انهياره..
الانهيار اللي بيحرمه من متعة مرته الأولى وهو يتمتع بالنظر إلى وجه منيرة ...
******************
سعود قاعد في مجلس عمه..
هو اتصل في عمه أول ماوصل عشان يسلم عليه ويقول له أنه بيمره
عمه حلف عليه يتغدى عنده بكرة.. ويمر عليه عقب المغرب..
عمه سلم عليه بترحيب وحنان ودفء رغم أنه عاتب عليه عشان طلاقه لدانة
لكن أبو خالد كان يعز سعود بالذات أكثر حتى من خالد
ويصعب عليه إنه يجفاه أو يقسى عليه
والزواج مهما كان قسمة ونصيب
خالد سلم على سعود سلام بارد
وقعد على جنب.. وهو يبي يمسك على سعود كلمة
عشان يفضي حرته فيه..
أبوخالد يسأل سعود بود: أشلون كانت أوضاعك في لبنان؟؟
عسى كنت مرتاح؟؟
أنا خبري بلبنان في أواخر السبعينات قبل الحرب الأهلية.. رحت لها أنا وأم خالد عقب ماتزوجنا بكم شهر..
خالد هو اللي رد قبل سعود وهو يقول ببرود: زين يبه أنك ماوديت أمي لبنان ذا الأيام..
وإلا كان رجعتها لنا مطلقة..
سعود اللي فهم قصد خالد من النغزة سكت وماقال شيء
في الوقت اللي أبو خالد ألتفت عليه بحدة وقال: أعتقد أني ما سألتك يا أسود الوجه..
خالد رد بنفس البرود: يبه أنا بس خايف عليك يجيك الحالة اللي لبنان تجيبها للرياجيل المتزوجين.. وتخليهم يطلقون نسوانهم بدون سبب..
سعود اللي خلاص مو قادر يسكت.. قال ببروده الشهير المثير: هذا أنت قلتها: نسوانهم.. يعني أنت مالك شغل..
إذا أنت تزوجت لا تودي مرتك هناك...
ولا تخلي أخيها يجيبها وراك وأنت ماعندك خبر في شيء..!!!
خالد فهم نغزة سعود.. وكان بيرد لولا ان أبو خالد مسك يده بقوة وهو يقول : أذكروا الله ياعيال.. أذكروا الله
سعود قال بهدوء حازم: لا إله إلا الله
وأنا أصلا أستاذن
ربعي منتظريني في مجلسي ومحمد عندهم بأروح لهم..
رخصوا لي..
أبو خالد بود: وهو يسلم على سعود: لا تنسى غداك بكرة عندي
سعود قال بنفس الود:إن شاء الله.. وأنت وخالد لا تنسون بعد بكرة مسوي عشاء في الفورسيزونز عشان ترقيتي..
ولازم تكون معي قدام الرياجيل
أبو خالد بود كبير: إن شاء الله يا أبيك.. إن شاء الله
سعود طلع وركب سيارته..
عينه غصبا عنه اتجهت مباشرة لشباك دانة
كانت ستاير الشيفون منزلة
ولمح خيال يروح ويجي
ووخزات الألم في قلب سعود تتعمق..ببعد غائر
حرك سيارته في الوقت اللي وصلته رنة مسج..
قبل مايفتح المسج
حس بطعنة لا شبيه لها في عذوبتها
في وحشيتها
في انفعالها
وهو يشوف اسم دانة يتصدر المسج
قبل مايفتح المسج
حس بطعنة لا شبيه لها في عذوبتها
في وحشيتها
في انفعالها
وهو يشوف اسم دانة يتصدر المسج
سعود توتر بشدة.. أيش اللي ممكن دانة تكتبه له..؟؟
قرر يطلع من بيت عمه قبل يفتح المسج
حرك بسيارته لشارع خالي ثم وقف سيارته على جنب
خذ نفس عميق.. وفتح المسج
" أبي دفتري
لو سمحت"
سعود رغم حزنه العميق ابتسم
كتب لها
" ومافيه قبلها
الحمدلله على السلامة ياولد عمي"
مسج دانة
" الحمدلله على السلامة
وأبي دفتري"
مسج سعود
" الله يسلمك
ورد طلبك: أنا اسف"
مسج دانة
" شنو اسف هذي؟؟
الدفتر هذا حقي
بأي حق تحتفظ فيه عندك
أصلا أنا غلطانة اللي خليتك تقراه"
مسج سعود
" الدفتر صار حقي أنا
لو عندك اعتراض
اشتكي علي عند الشرطة
وقولي لهم أنك تبغين دفترك"
مسج دانة
"سعود
وحق عشرتنا
لوكان باقي لها عندك حق
ترجع لي الدفتر"
سعود حس بألم قاسي مر يجتاحه بكل العنفوان.. وهو يقول لنفسه
(وحق عشرتنا؟!!
وانا وش ذبحني إلا عشرتنا
كل دقيقة من الأيام اللي عشناها سوا
ذكراها تنحرني نحر
ذكرى همساتك
وبسماتك
ولمساتك
وريحة عبيرك
وحق عشرتنا
وحق عشرتنا؟؟!!!!)
تنهد سعود بكل ألم الدنيا ووجيعته
وكتب لها
" الدفتر بيكون عندك بكرة
لكن لا تلوميني على استخدام الصفحات الأخيرة
ماتوقعت أنك تبين ترجعينه
عقب ماكان أنيسي الوحيد
طيلة الشهور اللي فاتت"
مسج دانة
"إذا كان أنيسك في كم شهر
فهو كان أنيسي ل16سنة
وشكرا مقدما على إعادته"
مسج سعود
" وليش الشكر مقدما
منتي بناوية تشكريني بكرة إذا رجعته"
مسج دانة بكلمة واحدة حادة
"لا..."
****************
عبدالعزيز راجع لبيته من مجلس خاله..
عشان يتوضأ ويروح لصلاة العشاء اللي مابعد أذن..
نورة اليوم جاتها خالة التنظيف الجذري..
كانت لابسة بنطلون جينز..
ورابطة راسها كله بسكارف مغطي شعرها كله ومربوط ورا رقبتها..
وتيشرت علاق..
كانت طالعة على السلم.. وتنظف اللمبات وبين فتحات نقشات الجبس اللي على البوردز والسقف..
عبدالعزيز شافها ما انتبهت له وهي مستغرقة في شغلها
طالعها بحب كبير لدقايق.. ثم تنحنح..
نورة تشهق وتكلمه وهي فوق.. وهو اقف تحت ماسك في السلم: الله يقطع إبليسك عزوز نقزتني... لو أني الحين طحت على رأسي واستخفيت وانت ابتلشت فيني...
وبعدين عزوزي عقلي عليه تحفظات جامدة.. يعني مع أي تأثيرات بسيطة خرعة وإلا طيحة.. سلم على الباقي من عقلي الخفيف..
عبدالعزيز وهو يضحك على خبالها: يسلم لي عقلج الخفيف بس..
وعقب كمل بابتسامة: وبعدين أنا قايل لج قبل أنا ما أحبج تلبسين بنطلون جينز..
نورة وهي تبتسم وتنزل بشويش: شوف عزوزي لازم تكون حذر في اختيار عباراتك مع وحدة مخفة مثلي..
أنت قلت لي ما تحب.. يعني ماقلت لي ممنوع..
وأنا وحدة أحب التملص والبحث عن الأعذار.. والدين يسر عزوزي....
والله لو أني لابسة شيء غير ذا البنطلون مع كل التنظيف اللي سويته كان بدلت 20 مرة..
عبدالعزيز قرب منها وقرص خدها وهو يطبع قبلتين شفافة على كل جفن من أجفانها: فديت النصابة ياناس..
******************
سالم رجع للبيت بعد ماسرى محمد من عنده في وقت متأخر من الليل..
أول مادخل على منيرة اللي كانت قاعدة تنتظره بقلق: وش فيك تاخرت واجد الليلة حبيبي..؟؟
سالم برقة وهو متجه للسرير: أنا ومحمد كنا نتفق على تفاصيل السفر
منيرة نطت عبرتها ببلعومها وقلبها وقف: أي سفر ياسالم؟؟
سالم قعد بثقة وهو يقول بهدوء: أنا ومحمد كنا نبي نسافر دبي من وقت.. بس محمد ماكان يقدر يسافر ويخلي هله وسعود مهوب موجود
الحين سعود رجع.. بعد بكرة عنده عشاء في فندق.. بأحضره أنا ومحمد وبنطلع من العشاء على المطار..
أنا كنت أبي أروح على سيارة.. بس محمد حلف أنه مايسوق فيني سيارة على خط طويل مرة ثانية..
منيرة وعبرتها خانقتها: وش طرى عليك السفر؟؟
سالم بحنان: ضقت من الحبسة ياقلبي.. يعني ما ترخصين لي أروح؟؟
منيرة قربت منه وجلست على الارض.. وحطت رأسها على رجوله.. حركتها المحببة..
سالم كان يمسح على شعرها وهي تقول بصوت مخنوق: تكفى لا تطول علي.. أنا ما أقدر أصبر على غيبتك..
سالم بنبرة مشبعة بالحنان: ماني بمطول إن شاء الله
****************
ثاني يوم
بعد ما خلص غداء الرياجيل عند أبو خالد
الدفتر كان مع سعود في السيارة
بس ماعرف أشلون يوصله لدانة
استحى يعطيه عمه.. وإلا خالد اللي كنه مصقوع على وجهه كفين كل ماشاف سعود..
قرر يعطيه وحدة من خواته ويخليها توصله لها العصر
بعث مسج لدانة وهو طالع لسيارته
" الدفتر معي
بس ماعرفت أشلون أوصله
العصر بأخلي وحدة من خواتي تجيبه"
بس دانة ماردت عليه بشيء..
سعود لما رجع من صلاة العصر
لقى أمه ومها رايحين لبيت خالته أم متعب
ومالقى إلا الجازي بس..
قال لها بحنان: الجازي ما أشتقتي لغالية؟؟
الجازي قالت بعيارة: لا.. شايفتها اليوم في المدرسة..
سعود بنفس الحنان لكن بحزم: زين قومي ألبسي.. فيه شغلة أبيش توصلينها لدانة..
الجازي باحترام: عطني خمس دقايق بس أكشخ.. تبي غالية تعلق علي..
سعود قرص خدها وهو يقول: أكشخي براحتش.. أنا أنتظر في السيارة..
العلاقة بين سعود وخواته أصبحت تتجه في اتجاه غاية في الشفافية من قبل سفره للبنان.. وهذه الشفافية تتعمق بعد عودته..
سعود كان يبي يلقي على الدفتر نظرة حنان وشوق أخيرة
قبل يرجعه داخل الظرف البني الكبير ويغلقه بأحكام..
بعد نص ساعة كان سعود يوقف عند بيت عمه
ويعطي الظرف للجازي
الجازي بحذر: اولا خويلد العلة هنا وإلا لا؟؟
سعود بغضب حازم: أولا احشمي ولد عمش.. ولو سمعتش مرة ثانية تقولين كذا وريتش الشغل
ثانيا لا مهوب هنا.. سيارته مهيب هنا
ويالله أنزلي وأنا بأرجع عليش بعد المغرب
الجازي بخجل: خلاص دام ولد عمنا الشيخ خالد مهوب هنا.. خلني لبعد العشاء وأنت اللي بتقول لأمي وتحميني منها عشان ماتلاغيني..
سعود غصبا عنه ابتسم: زين خلاص اللي تبينه.. انزلي بس.. فضيتي رأسي بقرقرتش..
الجازي نزلت واثقة لأنها عارفة بعدم وجود خالد اللي بعدها حاقدة عليه بسبب موقفه أخر مرة معها
البنات كلهم دانة ومزنة وغالية كانوا قاعدين مع امهم على قهوة العصر في صالة البيت الرئيسية
بالعادة لما يجيهم حد يقومون للمجلس.. من الصالة اللي الدرج فيها وهي طريق للرايح والجاي
بس لأن خالد غير موجود فالجازي كان عادي عندها تجلس معهم..
أول مادخلت الجازي وشافوها البنات نطوا كلهم يرحبون فيها
الجازي تحب بنات عمها كلهم.. ولكل وحدة منهم غلاها.. وصحيح غالية خصوصا صديقتها المقربة وزميلتها في المدرسة
لكن غلا الدانة عندها غير.. غلا الدانة عندها صار من غلا سعود
بعد السلام الجازي عطت دانة الظرف بصمت.. ودانة خذته بصمت وحطته ورا ظهرها
الجازي فسخت نقابها وحطت شيلتها على أكتافها
كانت لابسه الطوق الحديدي اللي يفرق خصلات الشعر وعليه كرستالات متفرقة وشعرها مفكوك.. وجالسة بين دانة وغالية
غالية أول ماشافت شعرها.. خبطتها على مؤخرة رأسها بقوة
خلت رأسها يميل قدام..
دانة بغضب: وش فيش عليها.؟؟.. عيب عليش غالية..
الجازي كانت تضحك: خليها تموت حرة.. أنا عارفة وش فيها..
غالية وهي تضحك: الحمارة ذي أنا قايلة لها لاعاد تسوي شعرها كذا.. لأني أموت من الحرة
يعني عشان ربي ماعطاني شعر ناعم مثل شعرها.. تسوي في شعرها حركات تقهرني
أم خالد باستنكار: أذكري الله يابنت.. لا تنظلين بنت عمش..
غالية بمرح: ازهليها.. محصنة ضد النظل.. وإلا كان قد أبطحوها بنات المدرسة وهي تتدلع بذا الشعر..
مزنة باستنكار: الله وأكبر عليكم كلكم.. لاحول ولاقوة إلا بالله.. اذكروا اسم الله
غالية بابتسامة: كلوني عشان بنت عمهم..
ألتفتت على الجازي وهي تفتف عليها: تف تف.. ماشاء الله لاحول ولاقوة إلا بالله..
الجازي بعيارة: غرقتيني بتفالش يالوسخة..
دانة اللي فعلا خافت على الجازي، حضنتها بحنان بيد وحدة وهي حاطها يدها الثانية على شعرها وتقرأ عليها وتحصنها
اللي ماحد يعرفه في البيت
انه خالد لما طلع لصلاة العصر
واجه واحد من ربعه في المسجد قال انه محتاج سيارته
خالد عطاه السيارة ورجع البيت مشي
ولأنه ماكان فيه حد الصالة فماحد شافه
بينما هو طلع لغرفته ونام..
الكل طبعا كان تركيزه مع الجازي ودانة وماحد منتبه صوب الدرج..
خالد اللي نازل بشويش.. لما وصل لنص الدرج
لفت انتباهه أنه دانة حاضنة حد ووجهه غير واضح.. وقف
مو عارف وش السالفة
لما خلصت دانة قرايتها.. الجازي رفعت رأسها
وخالد تراجع بعنف وحياء لما عرف الجازي
وحس بطعنة مؤلمة لذيذة في عمق قلبه الشفاف
كان شكلها اليوم ورقة طلتها أكثر من عذاب بالنسبة له
أكثر من العذاب بكثير
رجع خالد لغرفته قبل ماحد ينتبه لك
لكن في كل مرة يشوف الجازي
يكون خالد قبل شوفة الجازي.. غير خالد بعد شوفة الجازي
خالد الان هائم.. سرحان.. ذائب.. مسحور..مشدود.. مذهول..................يحب
أ يكون هذا قدر ابناء أبوخالد؟؟
أن يذيب ابناء أبو سعود قلوبهم الشفافة؟؟
خالد كان جالس على سريره وهو يحس أن رجوله ماتشيله.. وطبول الحرب تعلن صراخها الأبدي في قلبه بنبضاته المجنونة..
(أنا ابي أعرف الجويزي البزر ذي أشلون قدرت تقلب كياني كذا.. أشلون؟!!.. أشلون؟!!)
خالد حاس بألم حقيقي يجتاحه بحده.. وهو يشعر بمدى تجذر إحساسه بالجازي في عمق أعماقه..
يكره مشاعره المتدفقة بعنف ناحية الجازي..
ويتمنى لو يستطيع أن يوقف طوفانها الهادر اللي كان يسحبه بعمق..
قبله دانة حاولت أن توقف طوفان مشاعرها ناحية سعود.. وفشلت..
فياترى بينجح خالد في اللي فشلت فيه أخته؟!!!!!
*******************
دلال قاعدة تشوف التلفزيون.. وهي مالها خلق شي
الوحم كان ذابحها..
ماجد داخل بشويش
دلال وحمها صار بماجد.. ماتطيقه يجي جنبها ولا تطيق ريحته..
(من قد ماهي تحبه.. يقال اللي تموت بزوجها يجي وحمها فيه!!!!)
وماجد ميت من شوقه لها..
له أكثر من أسبوعين حتى يدها مامسكها..
كل ماحاول بس يقعد جنبها.. نطت للحمام ترجع..
ماجد في نفسه(كيفها... هي أصلا مرجعه مرجعه!!)
ماجد جاء من وراها بشويش.. ومع أن دلال بدت تشم الريحة.. بس قبل ما تنتبه كان يحضنها من وراها ويطبع قبلته الدافية المشتاقة على خدها
ومع أن دلال بدت تصرخ وهي تحاول تخلص نفسها من يدين ماجد..
بس ماجد مافلتها إلا لما طاب خاطره، ثم قال بعيارة : خلاص روحي رجعي الحين..
دلال نطت للحمام ترجع.. ماجد خذ كاس ماي ووقف لها عند الباب..
دلال طلعت .. خذت منه الكأس وراحت جلست بعيد عنه..
وهي تقول بتعب: حرام عليك حبيبي.. لا عاد تقرب مني فديتك.. خلني لين أخلص وحامي بس حرام عليك..
ماجد بمرح: ومتى ذا الوحم بيخلص.. عقب ماتطلع روحي..
دلال بتردد: أبي لي شهر بعد يمكن..
ماجد باستنكار: شهر بعد.. أنتي اللي حرام عليج.. اتقي الله فيني..
ماجد برفض قاطع: لا لا ياقلبي مستحيل.. أنا ممكن أستحمل أي شيء وأنتي قدامي.. بس أني ما أشوفج بعد هذي ما أقدر استحملها..
وعقب كمل بعيارة: كله من عين أختي.. أمحق أخت.. كل ماتشوفني تقول أمي داعية لك.. تجي تشوفني الحين وأنتي تشوتيني..
دلال برقة: غصبا عني حبيبي.. كلها شوي ويخلص الوحم..
ماجد بمرح: زين بس أقعد جنبج.. ماراح أسوي شيء..
دلال برعب: لا ماجد تكفى خلك بعيد.. تعبت من كثر الترجيع..
******************
الجازي رجعت لبيتهم بعد ماتعشت في بيت عمها
محمد اللي جاء يأخذها..
بعد ما أتصل عليه سعود يروح يجيبها..
سعود قرر أن يقلل روحاته لبيت عمه قد مايقدر
احساسه بوجوده قرب دانة.. أكثر من مؤلم بالنسبة له
وفوق احتماله وطاقته وقلبه المتيم فيها
خالد ماطلع من غرفته نهائي..
الرجال اللي خذ سيارته
جاء ووقفها في مظلة بيتهم وعطا المفتاح لسواقهم وراح.. عقب ماكلم خالد..
محمد لما جاء يأخذ أخته.. شاف سيارة خالد اتصل عليه ينزل عليه..
خالد نزل على محمد والبنات كانوا انتقلوا لمجلس الحريم..
وقف عند محمد الجالس في سيارته وهو يسولف معه..
وقلبه مشغول بالمخلوقة اللي بتطلع بعد شوي
وكان يبي يدخل قبل هي تطلع
مايبي يشوفها.. شوفتها تعذيب له بكل معنى الكلمة
بس وهو بعده يسولف مع محمد اللي كان يقول له عن سفرته لدبي مع سالم
طلعت الجازي اللي حومت كبدها لما شافت خالد واقف
(وع.. أبي اعرف محمد وش عاجبه في ولد عمه المعفن ذا؟!)
الجازي ركبت جنب محمد..
وخالد حس أنه من الذوق أنه يسلم فقال لها بأدب : مساش الله بالخير يا بنت سعيد
الجازي في نفسها (ياشين التميلح) وردت عليه بدون نفس: مساك الله بالنور
خالد (وش فيها كني ذابح أمها وإلا أبيها؟!) : أشلونش وأشلون الوالدة؟؟
الجازي ماردت عليه متقصدة
محمد يحسبها ماسمعت.. قال بطريقته المرحة: هيه الجويزي عمش خالد يقول: أشلونش؟؟
محمد يضحك وقال وهو متقصد: أخس ياذي.. تنافخ بعد وجه البومة..
خالد ضحك.. حس محمد يبي ينتقم له من وقاحتها..
والجازي ولعت على محمد وعبرتها نطت بحلقها
وسكتت
محمد كمل عليها للاخر: لحول الحين الليلة بيغرق بيتنا دموع.. دلوعتنا انجرحت مشاعرها
تكفى ياخالد لا تنسون الامدادت العاجلة وقوارب النجاة..
خلاص الجازي قفلت.. فتحت الباب ونزلت..
محمد بعصبية: وين بتروحين؟؟
الجازي بصوت مخنوق وهي تحاول ماتبكي عشان ماتشمت خالد فيها: ما أبي أروح معك.. بأكلم سعود يجيني..
محمد ولع: اركبي قدام أقطع العقال على ظهرش ياقليلة الحيا..
الجازي مشت تبي تدخل داخل.. في الوقت اللي محمد نزل معصب..
محمد كان مستحيل يضربها لأنه يشوف الجازي طفلة بكل معنى الكلمة..
لكنه عصب عليها لأخر حد..
أولا قلت أدبها على ولد عمها..
ثانيا: فشلت محمد وصغرته قدام خالد
خلاص محمد صار واصل الجازي وهي مرعوبة منه
وحاسة بغلطتها اللي هي سوتها
مادرت وين تروح كان أقرب حد لها خالد اللي لحق محمد يبي يمسكه
خالد انصدم بل انصعق بل انسحق
وهو يشوف الجازي تتوجه ناحيته
لا ووتخبى ورا ظهره وهي تقول وهي تبكي:
تكفى خالد تكفى لا تخليه يضربني هنا.. خلاص بأرجع معه..خله يضربني في البيت..
وهي تقول كلمتها وتمسك في عضود خالد من وراه
وهي متخبية وراه من محمد
لنا أن نتخيل إذا كان ملمس شعر الجازي فعل بخالد شيء لايمكن وصفه بالكلمات.. فكيف بملمس كفيها الناعمين على عضديه الصلبين؟!!!!
الجازي الطفلة بتهورها الأهوج أولا وأخيرا.. لم تعرف ماذا فعلت بقلب هذا المتيم..
كانت لمستها له بالنسبة لها غير مقصودة.. ولم تثر في داخلها أكثر من رغبتها البريئة الطفولية في الاحتماء
شيء لم يتجاوز هذا مطلقا إلى عمق مشاعرها
بينما لمستها صهرت قلب خالد صهرا.. أذابته
أشعلت مشاعره المهتاجة بعنف مرير أصلا
نسفت كل وعوده الفاترة أنه سينساها أو يتنساها
لكنه حاول كتم طوفان مشاعره الهادر الكاسح وهو يمسك بيد محمد ويقول بأخوية:
طالبك محمد خلاص.. الجازي في وجهي وزبينتي
وأنا طالبك ماتسوي لها شيء في البيت..
محمد بغضب: ماني بمسوي لها شيء..
بس دواها عند سعود...
الجازي سمعت اسم سعود بكت بهستيرية: تكفى ياخالد قل له لايقول لسعود شيء..
خلاص انا اسفة.. والله ما أتعودها
كله ولا سعود.. تكفى ياخالد..تكفى.. خله هو يضربني بس لايقول لسعود شيء
خالد خلاص ماعاد مستحمل أصلا.. يبيهم يروحون ينهار
ماسكة فيه
وتقول له تكفى
لا وتبكي بعد
وحدة من هذي الثلاثة كافية تذيب قلبه.. فكيف بها كلها مجتمعة؟!!!
خلاص قلبه ماعاد مستحمل.. ثلاث ضربات في الرأس تقتل
خالد بصوت شبه منهار: محمد تكفى طالبك يا أخيك طلبة تنسى ذا الموضوع وماتقوله لأحد
الموضوع كله مايستاهل
محمد لحد الحين يشوف أخته الجازي طفلة.. عشان كذا ماقدر يعتب عليها على حركتها.. ولا على طريقة استنجادها بخالد الشبيهه بطرق الأطفال
الجازي فلتت عضود خالد.. ورجعت لسيارة محمد وركبت وهي بعدها تبكي بصوت مرتفع..
خالد تماسك لحد ماطلعت سيارة محمد برا البيت
وانهار جالس على عتبة باب البيت..
وتيارات مشاعر عنيفة متوحشة حادة وعميقة تمزق قلبه الرقيق لشظايا متطايرة..
**************
عبدالعزيز يعود لبيته بعد صلاة العشاء مباشرة..
كانت نورة تتكلم في التلفون مع أمها بعد ماخلصت الشاور اللي هي خذته بعد جهد التنظيف اللي اليوم..
أول ماشافته دخل
أستأذنت أمها وقفلت..
عبدالعزيز سلم.. وجلس بارهاق جنب نورة.. وهو يخلع غترته ويحطها جنبها.. ويسند رأسه على كتف نورة..
نورة بحنان وهي تنظر لعينيه المغلقتين تحضنه برقة وتمسح على شعره بحنان: وش فيك حبيبي كنت طالع من عندي للصلاة مافيك شيء؟؟ تعبان؟؟
عبدالعزيز بخفوت: شوي ياقلبي..
نورة بحب: موضوع عبدالله بعد؟؟
عبدالعزيز بتحسر: وفيه غيره.. تو فاضل مكلمني.. أملي بالله كبير.. لكن كل يوم يمر يحسرني أكثر..
واللي ذابحني جواهر.. جواهر يانورة..
نورة برقة: فديتها جواهر ماشاء الله عليها متصبرة وشايلة هم الناس كلهم..
عبدالعزيز بحسرة: بالكم ماحد فاهمها قدي.. أنا اللي حاس فيها.. في النار اللي بقلبها.. مثل ماكانت تخبي وجيعتها في عيالها.. وتنطر الليل يجي عشان تفضي قلبها
الحين حتى البكاء حرمت نفسها منه عشان عبدالله.. أنا أحس بروحها وهي تذوب شوي شوي..
خايف عليها يانورة خايف عليها..
نورة بحب: لا تحاتي فديتك.. هذا عيالها عندها ملهينها.. وبكرة بعد تجيب بيبي صغير يأخذ كل وقتها.. ويلهيها عن التفكير
عبدالعزيز بتعب وهو يشد على خصر نورة ويحضنها: أتمنى.. أتمنى
*********************
في بيت أبو خالد الليلة قلبان ذائبان..
منهاران من بعد خروج الجازي من بيتهم
وكل منهما معتكف في غرفته المغلقة عليه
ولكل منهما سبب لانهياره
خالد سبب انهياره هو الجازي ذاتها
الطفلة الطائشة التي اذابت قلبه الشفاف وهي لا تعلم ولا تقصد..
ودانة سبب انهيارها هو ما أحضرته الجازي معها
دفترها الوردي الضخم
دانة لما تركت دفترها عند سعود كانت الصفحات العشر الأخيرة بيضاء فارغة..
لكنها الان ممتلئة..
بخط سعود المشابه له في أناقته واستقامته..
دانة شعرت بصدمة حقيقية وهي ترى صفحاتها المغزوة بمشاعر سعود وانفعالاته
أخذت نفسا عميقا وبدأت تقرأ وهي ترتجف كورقة يابسة وحيدة معلقة في غصن.. تنتظر هزة الريح الأخيرة لتسقط..
وأناملها الطويلة الناعمة تلامس بارتعاش هادر أوراقها
التي احتضنت خطا غير خطها.. ومشاعرا غير مشاعرها
ولم يكن خط أيا كان ومشاعره
بل كان خط سعود ومشاعره..
دانة شعرت بصدمة حقيقية وهي ترى صفحاتها المغزوة بمشاعر سعود وانفعالاته
أخذت نفسا عميقا وبدأت تقرأ وهي ترتجف..
وأناملها الطويلة الناعمة تلامس بارتعاش هادر أوراقها
التي احتضنت خطا غير خطها.. ومشاعرا غير مشاعرها
ولم يكن خط أيا كان ومشاعره
بل كان خط سعود ومشاعره..
كانت الصفحات العشر تحتوي تاريخ كل يوم خلال الأشهر الماضية..
وبجانب كل تاريخ سطر أو سطران بذات المحتوى المتكرر مع اختلاف العبارات..
" أنا ندمان.. عدد شعر رأسي ندمان.. كل يوم أحرق نفسي بالحسايف..
دانة راحت.. ومابقى لي إلا الحسرة..
مستحيل أطلب سماحها لاني مستحيل أسامح نفسي أو أسمح لها تسامحني.. لأني ما أستحقها..
لكني
أعشقك يادانة أعشقك
كل نبضة بقلبي تهتف باسمك
كل نفس يتردد في صدري يطلع ويدخل عشانك
أحبك لاخر قطرة في دمي أحبك
أحبك لأخر نفس في حياتي أحبك"
(سعود كان ليليا يسهر مع دفتر دانة اللي أعاد قراءته عدة مرات.... وبعد كل قراءة وقبل ينام يفتح الصفحة الاخيرة ويسجل التاريخ.. ويسجل شعوره في لحظتها)
" تعبت ياربي.. والله تعبت..
هذا الحزن ماله اخر..
ماله أخر..
لو أقدر أحرق قلبي عشان أطلع حبه منه كان سويتها..
كان أحرقته ونثرت رماده..
هو يحبني
وأنا أحبه..
فليه لذا الدرجة كان صعب علينا نكمل مع بعض
مع كل الحب الكبير اللي جمعنا؟؟
ليه؟؟
ليه؟؟؟؟؟؟
ليه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
*****************
بعد 3 أيام...
سالم أصبح في دبي...
بعد أن ودعته منيرة بدموعها الصامتة التي ألهبت قلبه
وهو يشعر بها تبلل وجهه
وهي تلصق خدها بخده مودعة...
سالم ماطلع من بيته لين جاء علي وخذ منيرة
عشان يروح وهو متطمن عليها..
محمد حجز لهم في كيمبنسكي كنوع من التغيير وعشان يكونون ملاصقين لنجم دبي الجديد (مول الإمارات)
بعد ماتعودوا كل مرة أنهم ينزلون في وسط دبي في الماريوت أو الانتركونتنتال..
لكن أي مكان ماكان يفرق عند سالم..
كل الأماكن عنده سواسية..
محمد حاس بضيقة سالم..
وخصوصا أن سالم بعد ماكان تعود في بيته أنه يدل كل شيء
هنا هو محتاج مساعدة محمد في كل شيء..
من لما طلعوا من المطار وذراعه في ذراع محمد مافلته..
سالم من لما وصلوا البارحة في الليل متأخر وهو حاس بصداع أليم.. مانفع معاه بنادول ولا بروفين ولاغيره..
محمد لزم يوديه الطبيب
لكن سالم رافض، يقول: شوي صداع وبيروح..
سالم كان نايم...
محمد صحا قبله.. ونزل يبي يشتري شامبو ويرجع..
سالم كان حاس بالصداع حتى وهو نايم حاس في رأسه دوامات ألم.. واحلام غريبة..
بعد طلعة محمد بدقايق..
سالم فتح عينه..
"بسم الله الرحمن الرحيم"
رجع يسكرهم
فتحهم..
"بسم الله الرحمن الرحيم"
سكرهم مرة ثانية
"الله أكبر.. الله أكبر.....الله أكبر.."
ضوء..
ضوء....
ضوء.........
شعاع ضوء خافت كان يعبر أمام عينيه التي اعتادت الظلام
شعاع ضوء بدد وحشة روحه المرة..
شعاع ضوء بعث في أوصاله رعشة أشبه بلسعات نار لاهبة
كان سعيدا لدرجة الألم والحرقة والوجع
سعيدا لدرجة العجز عن البكاء
سعيدا لدرجة الانهيار..
سالم نط جالس وهو يصرخ بهستيرية: محمد.. محمد.. محمد..
بس محمد اللي مابعد رجع... مارد عليه
ماكان يشوف بمعنى الشوف..
لكنه كان يبصر خيالات.. والأهم ضوء.. ضوء.. ضوء
سالم رجع يصرخ وهو حاس قلبه بيوقف من الفرحة.. من المفاجأة.. من الخوف بل من الرعب: محمد... محمد... محمد...
انبح صوته وهو ينادي محمد بهستيرية..
بس بلا رد
وظل يصارخ لحد مافضا طاقة الانفعال الاولى اللي عنده
وبعد السكرة جاءت الفكرة..
وتفكير معين يسيطر على سالم..
سالم قرر مايقول لمحمد شيء... هو لحد الحين مايشوف بمعنى الشوف...
ومايبي يعطي نفسه او يعطي محمد أمل
يمكن يكون اللي هو شافه شيء مؤقت..
يمكن يظل بس يشوف خيالات..
الاف الأفكار المحبطة بدأت تتوارد لذهن سالم
قرر أنه مايتفاءل كثير عشان ماينصدم لو سارت الأحداث عكس اماله
محمد يدخل..
لقى سالم جالس على السرير وعيونه مبققة..
محمد بصوته المرح: صبحك الله بالخير يابو مبارك..
سالم بهدوء وهو يحاول يركز بصره على محمد اللي قاعد يشوف خياله قدامه: صبحك الله بالنور..
محمد بود: أنا نزلت أشتري شامبو.. متى صحيت؟؟
سالم بذات الهدوء الجامد: توني صحيت..
محمد: خلني اتسبح.. وعقبه ننزل نفطر..
سالم بنبرة خاصة: ماعليه يامحمد يا أخوك..أنا أبيك توديني دكتور عيون.. أسأل عن أحسن دكتور هنا وخلنا نروح له عقب الفطور على طول..
محمد برعب: ليه عسى ماشر؟؟
سالم بهدوء: مافيه شيء بس أنا خايف أنه الصداع اللي معي يكون سببه من عيوني..
********************
سالم جالس عند الدكتور بعد ماحكا له كل شيء بالتفصيل الممل..
سالم مارضى أنه محمد يدخل معاه...
الشيء اللي حز في خاطر محمد كثير لكنه ماقال شيء..
الدكتور باللهجة الطبية المعتادة: بص يابني.. زي مائالوا لك ئبل كده..
إزا كان العمى سببه ضرر في مركز الإبصار.. فمعنى كده إن الضرر اللي عندك كان مؤقت.. وأنه بدأ يستعيد نشاطه..
لكن مدى استعادة النشاط دي غير معروفة..
يعني ممكن أنه أنتا تستمر تشوف خيالات بس.. وممكن تستعيد بصرك كلو..
وممكن تستعيد قزء ويكون عندك ضعف نظر تحتاج نظارة معاه..
سالم بقلق: أنا اللي هامني.. هل من الممكن أنه حالة العمى ترجع لي.. يعني حتى الخيالات اللي أشوفها الحين ما أقدر أشوفها وأرجع للظلام مرة ثانية..؟؟
الدكتور بلهجة مطمئنة: كلو بأيد ربنا.. لكن لأ مش هترجع لك حالة العمى.. لأنه المركز بدأ يتنشط.. الشك بس في مدى التطور الإبصاري..
سالم بفرح غامر: مشكور يادكتور مشكور.. طيب فيه علاج معين ممكن أستخدمه؟؟
الدكتور بحنان طبي: لأ مفيش.. الحاجة اللي ممكن أنصحك فيها
أنك تحاول تنشط البصر عندك بتركيزك على أشياء معينة مبدئيا لفترة ئصيرة.. تزداد تدريقيا..
سالم شكر الدكتور مرة ثانية وطلع لمحمد..
وطبعا الأثنين سووا فيلم هندي طويل من الحلف والحلف المضاد مين يدفع فاتورة الدكتور..
وهم في التاكسي.. محمد يسأل سالم بود أخوي: وين تبينا نروح؟؟
سالم بتفكير عميق: أبي أروح خور دبي..
محمد بود: بس الخور حلاته بعد المغرب.. الحين إحنا الظهر والجو حر موووت..
خل نروح نتغدى الحين.. والخور نروح له بعد المغرب
سالم بنفس الود المغلف اليوم بفرحته الخاصة جدا والعميقة: مثل ماتبي..
******************
بعد صلاة العشاء.. في الدوحة..
كان عبدالعزيز وزوجته نورة معزومين على العشاء عند جواهر..
وهم وصلوهم بعد صلاة المغرب على طول...
جواهر ونوف ونوف قاعدين مع بعض..
عبدالعزيز وعبدالعزيز.. قاعدين في المجلس الخارجي..
عبدالعزيز الصغير كان في قلبه حزن عميق إن مجلس أبوه انهجر عقب ماكان عامر..
ماكان حد يزور عبدالعزيز إلا خاله وماجد وخال ابوه ثاني.. وربعه هو.. وأحيانا عيال خال أمه...
وأكثر الأحيان كانوا يستخدمون مجلس عبدالله الداخلي..
والمجلس الخارجي غارق في الوحشة ينتظر رجعة راعيه..
لما أذن العشاء عبدالعزيز الكبير والصغير راحو مع بعض للصلاة في المسجد القريب مشي..
لما خلصوا صلاة وكانوا بيطلعون سوا..
عبدالعزيز الكبير واجه واحد من ربع عبدالله.. فجلس يسأل عبدالعزيز عن تطورات اختفاء عبدالله وهل هناك أي أخبار عنه؟!!
عزوز استأذن لأنه كان موعد حصته والمدرس على وصول..
عبدالعزيز الكبير خلص بسرعة الإجابات اللي تعب من تكرارها لكل معارف عبدالله اللي ما ينتهون..
رجع لبيت أخته..
وهو قريب من شارع البيت..
سمع صرخة جمدت الدم في عروقه..
صرخة خلعت قلبه من مكانه بكل الرعب والهلع والخوف الممكن تصورهم
عبدالعزيز الكبير خلص بسرعة الإجابات اللي تعب من تكرارها لكل معارف عبدالله اللي ما ينتهون..
رجع لبيت أخته..
وهو قريب من شارع البيت..
سمع صرخة جمدت الدم في عروقه..
صرخة خلعت قلبه من مكانه بكل الرعب والهلع
كانت
صرخة عزوز..
عبدالعزيز صار يركض بدون إحساس..
لحد ماوصل للمنظر اللي فجعه..
كان فيه واحد ولد لابس تريننغ رياضة وبيده عصا بيسبول
وعبدالعزيز كان مرمي على الأرض
ورافع العصا يبي يهوي فيها على رأس عبدالعزيز
الولد صار له زمان مراقب عزوز.. وصار يعرف مواعيد طلعاته وخرجاته..
وشارع بيت عبدالله ماكان فيه غير بيت عبدالله الضخم..
عشان كذا غالبا ماحد يمر فيه إلا لو كان يبي بيت عبدالله..
ومن بعد اختفاء عبدالله وزوار عبدالله الكثار قلوا او بمعنى أصح انقطعوا مرتجين عودة عبدالله بالسلامة..
فالولد بعد شهور من التخطيط.. قرر أن ينفذ عمليته اليوم
يضرب عزوز.. يكسر له عظم أو عظمين.. يفتح له راسه..
لكن القتل ماخطر بباله..
وقرر أنه ينتظره على لفة بيتهم بعد رجعته من صلاة العشاء
وهو متخبي.. أول مايشوفه يستغل عنصر المفاجأة ويضربه على رجله...
وإذا وقع على الأرض يكمل عليه..
لكنه ماعمل حساب العناية الألهية.. اللي خلت خاله موجود معه الليلة..
عبدالعزيز بكل سرعته ركض ناحيتهم.. الولد كان كل تركيزه مع عزوز.. فما أنتبه للي جاه من وراه وكتفه بكل قوة وانتزع العصا من يده ورماها على الأرض..
عبدالعزيز صرخ على عزوز اللي كان مرمي على الأرض ويئن من ألم رجله : أتصل على الشرطة بسرعة..
عزوز بهدوء وألم: مافيه داعي ياخالي..
عبدالعزيز بغضب هادر: شنو مافيه داعي.. لو أني ماجيت كان قتلك.. هذا شروع في قتل..
الولد اللي بدأ يبكي: والله ياعمي أني ماكنت أبي أقتله.. بس كنت أبي أضربه..
عبدالعزيز بنفس لهجة الغضب الحادة: شنو تضربه؟!!.. جايب معك ذا العصا كلها وتقول أنك ماتبي تقتله..!!
عزوز وهو يقعد على حيله.. بس ماوقف على رجله.. اللي يبدو أنها مكسورة. ويقول بنفس هدوءه المتألم: خلاص خالي تكفى: هذا زميلي في المدرسة.. والسنة هذي أخر سنة عنده والامتحانات ماباقي عليها شيء..
خلاص كان بيننا خلاف.. وهذا احنا تصافينا
عبدالعزيز اللي مازال ماسك الولد من وراه ويقول بنفس غضبه: شنو خلاف؟؟ وتصافينا؟؟ شغل عصابات ذا موب طلاب مدارس.. أقول لك اتصل على الشرطة بسرعة..
عزوز كان شاغله الأول ديمه.. مايبي السالفة توصل الشرطة يجي اسمها في السالفة، قال لخاله برجاء حاد: تكفى ياخالي..تكفى.. إذا لأمي غلا عندك أنك تفكه.. هذا أنت عرفته.. وباعطيك اسمه بالكامل.. ولو صار لي شيء تقدر تطلعه..
مافيه داعي تسوي لي أنا وياه شوشرة وشرطة.. واحنا خلاص على وجه امتحانات انا وياه..
عبدالعزيز مع أنه كان مفول فك الولد ..
لكنه لفه ناحيته وعطاه كفين بأقوى ماعنده وهو يقول بحدة: هذي تربية لك كان أبوك مارباك.. ووالله ثم والله اللي ما حلفت به باطل.. أنك لو تعرضت لعبدالعزيز مرة ثانية وإلا حتى لمست شعرة منه
أنه مايصير لك طيب.. وتتمنى أن أبوك ماجابك..
الولد بخوف: إن شاء الله إن شاء الله..
وراح يركض لسيارته اللي كانت واقفة في الزاوية..
عبدالعزيز الكبير وطى على عزوز بقلق هادر وهو يقول: وش حاس فيه..؟؟
عزوز وهو يتجلد: الظاهر أنه رجلي مكسورة
عبدالعزيز بغضب: يعني كسر رجلك.. وخليتيني أهده..
عزوز برجاء: تكفى ياخالي ماتجيب سيرته.. قل للناس كلهم أني عثرت وأحنا في الطريق وانكسرت رجلي...
عزوز بثقة وهو يتألم: والله العظيم ياخالي أني ماسويت شيء أخاف منه..
بس فيه شيء أحب أني أحتفظ فيه لنفسي لأنه فيه سمعة ناس..
تكفى ياخالي ما تسألني أكثر.. وكان لي معزة عندك.. تسوي مثل ما أبي..
وأنا أحلف لك برب الكعبة أني والله ماسويت شيء غلط..
عبدالعزيز هدأ وألم حاد يخنق روحه على عزوز وعلى جواهر اللي مو ناقصة ألم وتوجع
عبدالعزيز أتصل بمحي الدين يطلع لهم برا البيت.. عشان يودي عزوز المستشفى..
وأتصل بجواهر يقول لها أنه هو وعبدالعزيز مشتهين يطلعون يسهرون برا.. وبيرجعون عليهم متاخر شوي..
وأتصل في مدرس عبدالعزيز اللي كان على وصول أنه مايجي..
*********************
سالم ومحمد جالسين في مقهى من المقاهي اللي على خور دبي...
الجو كان رطب وحر شوي.. لكن هذا مايمنع أن نسمات الخور الخاصة الرقيقة كانت تهب عليهم..
سالم محلق في أجوائه الخاصة.. وعلى شفتيه ابتسامة من زمان ماشافها محمد..
وبعثت في قلب محمد الحنون سعادة بالغة..
محمد بعيارة: اللي ماخذ عقلك يتهنأ به..
سالم بابتسامته الدافئة وهو يحاول يدقق في وجه محمد اللي ماكان يشوف إلا خياله بدون وضوح: ماحد ماخذ عقلي
بس جلستنا هنا.. ذكرتني بأيام مضت..
محمد بابتسامة: بس ليت الجو مثل أخر جينا هنا
أخر مرة جينا السنة اللي فاتت شهر 2 كان الجو خيال..
سالم بود: ولا يهمك نرجع هنا شهر 11 وإلا 12.. الجو حلو بعد..
محمد وهو يفاتح سالم في موضوع شاغله من الصبح وماعاد قادر يكتم: سالم أنت عيونك توجعك؟؟
سالم بهدوء: لا .. ليش تقول كذا؟؟
محمد بقلق: من الصبح وأنا شايفك شوي تفتحتهم لأقصى حد.. وشوي تصرهم.. واليوم بعد مارضيت أني أدخل معك للدكتور..
سالم اللي حاس بمشاعر محمد الأخوية الدافئة ماقدر يكتم على محمد أكثر: محمد قلت القمصان والألوان يوم أنك لابس تيشرت أحمر..
محمد وهو يضحك: الله يفضحك نتابع الموض ............
محمد قطع كلامه ونط من كرسيه واللي على الخور كلهم يسمعون صراخه: أنت شايفني؟؟ شايفني؟؟؟؟
أنت تشوف؟؟ أنت تشوف؟؟
سالم وهو يقول بسعادة: فضحتنا.. قصر حسك.. أشوف طشاش.. يالله أني شايف لون التيشرت.. بس أحمر ما ينتخبأ لو لون ثاني يمكن ماكان عرفته..
محمد انتزع سالم من كرسيه وهو يحضنه بعنف والعبرة خانقته: مبروك ياسالم مبروك.. المهم أنك بديت تشوف.. وإن شاء الله ربي مهوب مخيبك..
وعقب كمل محمد بابتسامة : إلا من متى وانت تشوف يالخاين؟؟
سالم بود: توني يوم صحيت الصبح.. ومابغيت أقول لك لين أتاكد من الدكتور.. بس أنا ما أبي حد يدري يامحمد ولا حد..
*******************
الساعة صارت وحدة بعد نص الليل..
وعبدالعزيز وعزوز مارجعوا بعد
جواهر جننتهم اتصالات وهم يقولون أنهم بيرجعون
اللي طمنها أن الاثنين كلموها.. بس تأخيرهم شغل قلبها..
و نورة انشغل بالها كثير وحست أعصابها تحترق لأنه عبدالعزيز بطبعه ينام بدري عشان يصحى لصلاة التهجد..
وماتعود يسهر كذا.. حست أنه فيه شيء غير طبيعي..
بعد دقايق عبدالعزيز أرسل مسج لنورة: ألبسي عباتج أنا وعزوز داخلين الحين.. وبنمشي..
نورة نطت تلبس عباتها وهي تقول: كاهم واصلين
جواهر ونوف نطوا بعد.. لأنهم كلهم كانوا حاسين بقلق عارم..
دخل عبدالعزيز وهو يسند عزوز.. اللي كان يسحب رجله المجبسة..
جواهر شافت المنظر قدامها حست أنها ماتقدر تمشي ورجولها ما تشيلها فرجعت تجلس على الكنبة وجسدها منهار.. وأعصابها فالتة منها
نوف نطت عندهم وعبرتها بحلقها وهي تقول: عزوز وش فيك..؟؟
عزوز بلهجة هادئة: مجرد كسر بسيط ، عثرت وأنا طالع من المسجد..
عبدالعزيز قرر يلتزم الصمت، ويخلي عزوز يقول اللي يبيه
عزوز وعبدالعزيز توجهوا ناحية جواهر اللي كانت صامتة مانطقت بكلمة
عزوز جلس جنب أمه.. وباس رأسها وهو يقول: والله أني طيب يمه..
جواهر حضنته بعنف وهو تقول بحنان مؤلم متألم: الله يخليك لي يمه.. يا أمك قلبي ماعاد مستحمل خلاص.. حافظ على نفسك لو مو عشانك.. عشاني ياقلبي عشاني..
عزوز شال يدها وقبلها بحب واحترام: إن شاء الله يمه إن شاء الله..
********************
ثاني يوم..
في دبي.. سالم يصحا من النوم .. كان خايف يفتح عيونه.. بل مرعوب.. يلاقي ان الأضواء اللي شافها أمس كانت مجرد حلم
وأنه لو فتح عينه بيلاقي نفس الظلام اللي هو شايفه الحين وعينه مسكرة..
أكثر من نص ساعة وهو صاحي وعيونه مسكرة..
وهو يناجي ربه بعمق ويدعوه بوجع بألم بإيمان كبير.. أنه مايرده خائب عن بابه..
أنه مايحرمه من هذا الضوء
حتى لو مارجع له بصره كامل.. هو شاكر فضل ربه اللي من عليه برؤية هذا الضوء.. بعد ماخنق الظلام روحه..
هو مكتفي بهذا الضوء.. ومايطلب أكثر..
بسم الله الرحمن الرحيم.. بسم الله الرحمن الرحيم
وفتح عينه..
سالم نط عن سريره بعنف فجأة..
وفرحة عميقة تغتاله لأبعد حد..
فرحة لا يمكن التعبير عنها أو وصفها
فرحة خيالية محلقة..
فرحة عجز قلبه وأعصابه عن احتماله..
فرحة بحجم شهور القهر والحزن واليأس اللي هو عاشها وانذبح في كل يوم منها ألف مرة
ألتفت على محمد اللي كان نايم على سريره جنب سرير سالم..
وهو يهزه بعنف.. محمد نط جالس: بسم الله الرحمن الرحيم... عسى ماشر ياسالم؟؟
سالم حضنه بعنف أخوي وهو يقول بفرح عميق: اللهم لك الحمد والشكر.. اللهم لك الحمد والشكر..
محمد بقلق فرح وهو مو فاهم وش السالفة: سالم وش فيك؟؟
سالم بود وفرح وسعادة: محمد أنت من متى طلعت لك عارض؟؟ أخبرك حالقها على الأخر..
بس تدري.. حلو عليك.. مخليك رزة.. مع أنك في صوب والرزة في صوب..
محمد ماقدر يتكلم وهو حاس أنه لو تكلم اكيد بيبكي..
وهو يشوف سالم اللي كان يطالعه بتحديد وتركيز كأنه يبي يشوف كل شيء فاته في ملامح محمد خلال الشهور اللي فاتت..
يشوف عيونه اللي تلمع ببريق مبهر بعد شهور من انطفاء بريقها الحنون
محمد ظل صامت وهو يقول في نفسه (ألف شكر وحمد لك يارب.. اللهم لك الحمد والشكر)
سالم عقبها نط..
وفتح البلكونة وهو يبي يشوف الدنيا كلها
يبي يلتهم الكون بعيونه..
والكلمة اللي ماتغيب عن لسانه: اللهم لك الحمد والشكر..
محمد لحقه ووقفوا جنب بعض يطالعون العالم.. وانفعالهم أكبر من كل تعبير..
تعليق