ديوان الشاعر محمود درويش

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نوران العلي
    V - I - P
    • Feb 2009
    • 3156

    #11
    ج2\قصيدة: أنــا الأرض والأرض انــا

    -6-

    كأني أعود إلى ما مضى

    كأني أسير أمامي

    وبين البلاط وبين الرضا

    أعيد انسجامي

    أنا ولد الكلمات البسيطة

    وشهيد الخريطة

    أنا زهرة المشمش العائلية.

    فيا أيها القابضون على طرف المستحيل

    من البدء حتى الجليل

    أعيدوا إلي يدي

    أعيدوا إلي الهوية!

    -7-

    وفي شهر اذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال

    وتأتي العصافير غامضة كاعتراف البنات

    واضحة كالحقول

    العصافير ظل الحقول على القلب والكلمات.

    خديجة!

    - أين حفيداتك الذاهبات إلى حبهن الجديد؟

    - ذهبن ليقطفن بعض الحجارة-

    قالت خديجة وهي تحث الندى خلفهن.

    وفي شهر اذار يمشي التراب دما طازجا في الظهيرة. خمس بنات يخبئن حقلا من القمح تحت الضفيرة.
    يقرأن مطلع أنشودة على دوالي الخليل، ويكتبن خمس رسائل:

    تحيا بلادي

    من الصفر حتى الجليل

    ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة.

    خديجة! لا تغلقي الباب خلفك

    لا تذهبي في السحاب

    ستمطر هذا النهار

    ستمطر هذا النهار رصاصا

    ستمطر هذا النهار!

    وفي شهر اذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض أسرارها الدموية: خمس بنات على باب مدرسة ابتدائية يقتحمن جنود المظلات.
    يسطع بيت من الشعر أخضر... أخضر. خمس بنات على باب مدرسة إبتدائية ينكسرن مرايا مرايا

    البنات مرايا البلاد على القلب..

    في شهر اذار أحرقت الأرض أزهارها.

    -8-

    أنا شاهد المذبحة

    وشهيد الخريطة

    أنا ولد الكلمات البسيطة

    رأيت الحصى أجنحة

    رأيت الندى أسلحة

    عندما أغلقوا باب قلبي عليا

    وأقاموا الحواجز فيا

    ومنع التجول

    صار قلبي حارة

    وضلوعي حجارة

    وأطل القرنفل

    وأطل القرنفل

    -9-

    وفي شهر اذار رائحة للنباتات. هذا زواج العناصر. "اذار أقسى الشهور" وأكثرها شبقا.
    أي سيف سيعبر بين شهيقي وبين زفيري ولا يتكسر ! هذا عناقي الزراعي في ذروة الحب.
    هذا انطلاقي إلى العمر.

    فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي، وعودة حلمي إلى جسدي

    سوف تنفجر الأرض حين أحقق هذا الصراخ المكبل بالري والخجل القروي.

    وفي شهر اذار نأتي إلى هوس الذكريات، وتنمو علينا النباتات صاعدةى في اتجاهات كل البدايات. هذا نمو التداعي.
    أسمي صعودي إلى الزنزلخت التداعي. رأيت فتاة على شاطئ البحر قبل ثلاثين عاما
    وقلت: أنا الموج، فابتعدت في التداعي.
    رأيت شهيدين يستمعان إلى البحر:عكا تجئ مع الموج.

    عكا تروح مع الموج. وابتعدا في التداعي.

    ومالت خديجة نحو الندى، فاحترقت. خديجة! لا تغلقي الباب!

    إن الشعوب ستدخل هذا الكتاب وتأفل شمس أريحا بدون طقوس.

    فيا وطن الأنبياء...تكامل!

    ويا وطن الزراعين.. تكامل!

    ويا وطن الشهداء.. . تكامل!

    ويا وطن الضائعين .. تكامل!

    فكل شعاب الجبال امتداد لهذا النشيد.

    وكل الأناشيد فيك امتداد لزيتونة زملتني.

    -10-

    مساء صغير على قرية مهملة

    وعيناك نائمتان

    أعود ثلاثين عاما

    وخمس حروب

    وأشهد أن الزمان

    يخبئ لي سنبلة

    يغني المغني

    عن النار والغرباء

    وكان المساء مساء

    وكان المغني يغني



    ويستجوبونه:

    لماذا تغني؟

    يرد عليهم:

    لأني أغني

    .....

    وقد فتشوا صدره

    فلم يجدوا غير قلبه

    وقد فتشوا قلبه

    فلم يجدوا غير شعبه

    وقد فتشوا صوته

    فلم يجدوا غير حزنه

    وقد فتشوا حزنه

    فلم يجدوا غير سجنه

    وقد فتشوا سجنه

    فلم يجدوا غيرهم في القيود

    وراء التلال

    ينام المغني وحيدا

    وفي شهر اذار

    تصعد منه الظلال

    تعليق

    • نوران العلي
      V - I - P
      • Feb 2009
      • 3156

      #12
      ج3\قصيدة: أنــا الأرض والأرض انــا

      -11-

      أنا الأمل والسهل والرحب – قالت لي الأرض والعشب مثل التحية في الفجر

      هذا احتمال الذهاب إلى العمر خلف خديجة. لم يزرعوني لكي يحصدوني

      يريد الهواء الجليلي أن يتكلم عني، فينعس عند خديجة

      يريد الغزال الجليلي أن يهدم اليوم سجني، فيحرس ظل خديجة وهي تميل على نارها.

      يا خديجة! إني رأيت .. وصدقت رؤياي تأخذني في مداها وتأخذني في هواها.
      أنا العاشق الأبدي،
      السجين البديهي.
      يقتبس البرتقال اخضراري ويصبح هاجس يافا

      أنا الأرض منذ عرفت خديجة

      لم يعرفوني لكي يقتلوني

      بوسع النبات الجليلي أن يترعرع بين أصابع كفي
      ويرسم هذا المكان الموزع بين اجتهادي وحب خديجة

      هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر من شهر اذار حتى رحيل الهواء عن الأرض

      هذا التراب ترابي

      وهذا السحاب سحابي

      وهذا جبين خديجة

      أنا العاشق الأبدي – السجين البديهي

      رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكر..

      قيدي الحديدي يوقظها في المساء المبكر

      هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر،

      لا يسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم

      يسألون عن الأرض: هل نهضت

      طفلتي الأرض!

      هل عرفوك لكي يذبحوك؟

      وهل قيدوك بأحلامنا فانحدرت إلى جرحنا في الشتاء؟

      وهل عرفوك لكي يذبحوك

      وهل قيدوك بأحلامهم فارتفعت إلى حلمنا في الربيع؟

      أنا الأرض..

      يا أيها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها

      احرثوا جسدي!

      أيها الذاهبون إلى صخرة القدس

      مروا على جسدي

      أيها العابرون على جسدي

      لن تمروا

      أنا الأرض في جسد

      لن تمروا

      أنا الأرض في صحوها

      لن تمروا

      أنا الأرض. يا أيها العابرون على الأرض في صحوها

      لن تمروا

      لن تمروا

      لن تمروا!

      ____
      _

      تعليق

      • نوران العلي
        V - I - P
        • Feb 2009
        • 3156

        #13
        رسـالة مـن المـنفـى

        رسالة من المنفى



        تحية.. وقبلة

        وليس عندي ما أقول بعد

        من أين أبتدي؟ وأين أنتهي؟..

        ودورة الزمان دون حد

        وكل ما في غربتي

        زوادة، فيها رغيف يابس، وجد

        ودفتر يحمل عني بعض ما حملت

        بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد

        من أين أبتدي؟

        وكل ما قيل وما يقال بعد غد

        لا ينتهي بضمة.. أو لمسة من يد

        لا يرجع الغريب للديار

        لا ينزل الأمطار

        لا ينبت الريش على

        جناح طير ضائع.. منهد

        من أين أبتدي؟

        تحية.. وقبلة.. وبعد..



        -2-

        أقول للمذياع.. قل لها أنا بخير

        أقول للعصفور

        إن صادفتها يا طير

        لا تنسني، وقل بخير

        أنا بخير

        أنا بخير

        ما زال في عيني بصر!

        ما زال في السما قمر!

        وثوبي العتيق، حتى الان، ما اندثر

        تمزقت أطرافه

        لكنني رتقته.. ولم يزل بخير

        وصرت شابا جاوز العشرين

        تصوريني.. صرت في العشرين

        وصرت كالشباب يا أماه

        أواجه الحياه

        وأحمل العبء كما الرجال يحملون

        وأشتغل

        في مطعم.. وأغسل الصحون.

        وأصنع القهوة للزبون

        وألصق البسمات فوق وجهي الحزين

        ليفرح الزبون



        -3-

        أنا بخير

        قد صرت في العشرين

        وصرت كالشباب يا أماه

        أدخن التبغ، وأتكي على الجدار

        أقول للحلوة: اه

        كما يقول الاخرون

        « يا إخوتي، ما أطيب البنات،

        تصوروا كم مرة هي الحياة

        بدونهن.. مرة هي الحياة »

        وقال صاحبي: « هل عندكم رغيف؟

        يا إخوتي؛ ما قيمة الإنسان

        إن نام كل ليلة.. جوعان؟ »

        أنا بخير

        أنا بخير

        عندي رغيف أسمر

        وسلة صغيرة من الخضار



        -4-

        سمعت في المذياع

        تحية المشردين.. للمشردين

        قال الجميع: كلنا بخير

        لا أحد حزين ؛

        فكيف حال والدي؟

        ألم يزل كعهده، يحب ذكر الله

        والأبناء.. والتراب.. والزيتون؟

        وكيف حال إخوتي

        هل أصبحوا موظفين؟

        سمعت يوما والدي يقول:

        سيصبحون كلهم معلمين…

        سمعته يقول:

        (أجوع حتى أشتري لهم كتاب)

        لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب

        وكيف حال أختنا

        هل كبرت.. وجاءها خطاب؟

        وكيف حال جدتي

        ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب؟

        تدعو لنا…

        بالخير.. والشباب.. والثواب!

        وكيف حال بيتنا

        والعتبة الملساء.. والوجاق.. والأبواب؟

        سمعت في المذياع

        رسائل المشردين.. للمشردين

        جميعهم بخير!

        لكنني حزين..

        تكاد أن تأكلني الظنون

        لم يحمل المذياع عنكم خبرا..

        ولو حزين

        ولو حزين



        -5-

        الليل – يا أماه – ذئب جائع سفاح

        يطارد الغريب أينما مضى..

        ويفتح الافاق للأشباح

        وغابة الصفصاف لم تزل تعانق الرياح

        ماذا جنينا نحن يا أماه؟

        حتى نموت مرتين

        فمرة نموت في الحياة

        ومرة نموت عند الموت!

        هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء؟

        هبي مرضت ليلة.. وهد جسمي الداء!

        هل يذكر المساء

        مهاجرا أتى هنا.. ولم يعد إلى الوطن؟

        هل يذكر المساء

        مهاجرا مات بلا كفن؟

        يا غابة الصفصاف! هل ستذكرين

        أن الذي رموه تحت ظلك الحزين

        -كأي شيء ميت – إنسان؟

        هل تذكرين أنني إنسان

        وتفظين جثتي من سطوة الغربان؟



        أماه يا أماه.

        لمن كتبت هذه الأوراق

        أي بريد ذاهب يحملها؟

        سدت طريق البر والبحار والافاق..

        وأنت يا أماه

        والدي، وإخوتي، والأهل، والرفاق..

        لعلكم أحياء

        لعلكم أموات

        لعلكم مثلي بلا عنوان

        ما قيمة الإنسان

        بلا وطن

        بلا علم

        ودونما عنوان

        ما قيمة الإنسان؟

        ___

        تعليق

        • نوران العلي
          V - I - P
          • Feb 2009
          • 3156

          #14
          تصبحون على وطن .....

          تصبحون على وطن .....

          من ديوان ورد أقل

          محمود درويش





          عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو

          وأحرسهم من هواة الرثاء

          أقول لهم :

          تصبحون على وطن،
          من سحاب ومن شجر،
          من سراب وماء

          أهنئهم بالسلامة من حادث المستحيل
          ومن قيمة المذبح الفائضة
          وأسرق وقتا لكي يسرقوني من الوقت.

          هل كلنا شهداء؟

          وأهمس :

          يا أصدقائي اتركوا حائطا واحدا،
          لحبال الغسيل،
          اتركوا ليلة للغناء

          اعلق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلا،
          وناموا على سلم الكرمة الحامضة

          لأحرس أحلامكم من خناجر حراسكم
          وانقلاب الكتاب على الأنبياء

          وكونوا نشيد الذي لا نشيد له

          عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء
          أقول لكم :
          تصبحون على وطن

          حملوه على فرس راكضه

          وأهمس :

          يا أصدقائي
          لن تصبحوا مثلنا ...

          حبل مشنقة غامضه !

          ___
          _

          تعليق

          • نوران العلي
            V - I - P
            • Feb 2009
            • 3156

            #15
            قصة قصيدة::"أحن الى خبز أمي"

            قصة قصيدة::"أحن الى خبز أمي"

            في الثانية عشرة تعرضت للاضطهاد لأنهم رأوا فيك الشاعر، وفي السادسة عشرة دخلت السجن،
            وهناك فقط أدركت أن أمك تحبك لأنها جاءت لزيارتك في السجن، وقد كتبت تلك القصيدة الشهيرة
            "أحن الى خبز أمي"
            والتي أصبحت ترنيمة عاطفية وشعرية في العالم العربي بأسره. هل تحدثنا عن هذه القصيدة؟

            المشكلة أن الأطفال لا يفهمون أهلهم، والطفولة تطرح أسئلة بريئة ولا تستطيع أن تضع نفسها في
            الوضع النفسي والاقتصادي للأهل.
            وعندما انتقلت أسرتي من وضعها الاقتصادي المعقول، -
            لأننا كنا أسرة فلاحية تنتج خبزها وتحرث حقلها وتربي خيولها- الى وضع الأسرة اللاجئة التي تعيش
            حياة اجتماعية في منتهى القسوة (كنا ننام خمسة أشخاص في غرفة واحدة)، عندها شعرنا
            بالحرمان وحملنا أهلنا مسؤولية هذا الحرمان. وبالطبع، هذا الوضع المعاشي الصعب جعل الأهل
            أقسى مما كانوا عليه في السابق، وبالتالي كان انطباعي عن قسوة أمي انطباعا خاطئا، لأنها كانت
            تضطر الى السير مسافات طويلة لكي تحمل لنا الماء، الأمر الذي لم يكن يسمح لها بالتعبير عن
            عواطفها تجاهنا، وهذا ما أدركته فيما بعد. وانني أعتذر الان عن هذا الشعور المبكر، وقد عبرت
            لها كثيرا ومرارا عن اعتذاري، وأهديتها الكثير من القصائد.

            وعندما كنت في السجن زارتني وهي تحمل الفواكه والقهوة، ولا أنسى حزنها عندما صادر السجان
            ابريق القهوة وسكبه على الأرض، ولا أنسى دموعها، لذلك كتبت لها اعترافا شخصيا في زنزانتي،
            على علبة سجائر، أقول فيه:

            أحن الى خبز أمي
            وقهوة أمي
            ولمسة أمي..
            وتكبر في الطفولة
            يوما على صدر يوم
            وأعشق عمري لأني
            اذا مت،
            أخجل من دمع أمي.

            وكنت أظن أن هذا اعتذار شخصي من طفل الى أمه، ولم أعرف أن هذا الكلام سيتحول الى أغنية
            يغنيها ملايين الأطفال العرب.
            هذا يعني أن الشعر يأتي من احساس شخصي وأشياء حميمة، وليس من الأسئلة الكبرى لأن هذه
            تنبثق من أسئلة صغرى، ولأنه تبين أن هذا الطفل ليس في أنا فقط بل انه في الكثير من الأطفال،
            وأن أمي ليست أما شخصية بل عامة.

            تعليق

            • نوران العلي
              V - I - P
              • Feb 2009
              • 3156

              #16
              إلى أمـــي...

              محمود درويش

              إلى أمي


              أحن إلى خبز أمي

              وقهوة أمي

              ولمسة أمي

              وتكبر في الطفولة

              يوما على صدر يوم

              وأعشق عمري لأني

              إذا مت

              أخجل من دمع أمي

              * * *
              خذيني، إذا عدت يوما

              وشاحا لهدبك

              وغطي عظامي بعشب

              تعمد من طهر كعبك

              وشدي وثاقي..

              بخصلة شعر..

              بخيط يلوح في ذيل ثوبك

              عساني أصير إلها

              إلها أصير..

              إذا ما لمست قرارة قلبك!

              * * *
              ضعيني، إذا ما رجعت

              وقودا بتنور نارك

              وحبل الغسيل على سطح دارك

              لأني فقدت الوقوف

              بدون صلاة نهارك

              هرمت، فردي نجوم الطفولة

              حتى أشارك

              صغار العصافير

              درب الرجوع..

              لعش انتظارك..

              ___
              _

              تعليق

              • نوران العلي
                V - I - P
                • Feb 2009
                • 3156

                #17
                الـجسـر

                الجسر


                مشيا على الأقدام،

                أو زحفا على الأيدي نعود

                قالوا..

                وكان الصخر يضمر

                والمساء يدا تقود..

                لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

                دم، ومصيدة، وبيد

                كل القوافل قبلهم غاصت،

                وكان النهر يبصق ضفتيه

                قطعا من اللحم المفتت،

                في وجوه العائدين

                كانوا ثلاثة عائدين:

                شيخ، وابنته، وجندي قديم

                يقفون عند الجسر..

                (كان الجسر نعسانا، وكان الليل قبعة.

                وبعد دقائق يصلون. هل في البيت ماء؟

                وتحسس المفتاح ثم تلا من القران اية...)

                قال الشيخ منتعشا: وكم من منزل في الأرض يألفه الفتى

                قالت: ولكن المنازل يا أبي أطلال !

                فأجاب: تبنيها يدان..

                ولم يتم حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالوا !

                وتلته صقطقة البنادق..

                لن يمر العائدون

                حرس الحدود مرابط

                يحمي الحدود من الحنين

                (أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز هذا الجسر

                هذا الجسر مقصلة الذي رفض التسول تحت ظل وكالة الغوث الجديده.

                والموت بالمجان تحت الذل والأمطار، من يرفضه يقتل عند هذا الجسر.

                هذا الجسر مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن).

                الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

                قبعة الظلام

                والطلقة الأخرى..

                أصابت قلب جندي قديم

                والشيخ يأخذ كف ابنته ويتلو

                همسا من القران سوره

                وبلهجة كالحلم قال:

                - عينا حبيبتي الصغيره

                لي، يا جنود، وجهها القمحي لي

                لا تقتلوها، واقتلوني

                (كانت مياه النهر أغزر..

                فالذين رفضوا هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونا اخرا.

                والجسر، حين يصير تمثالا، سيصبغ – دون ريب-

                بالظهيرة والدماء وخضرة الموت المفاجئ).

                ... وبرغم أن القتل كان كالتدخين..

                لكن الجنود "الطيبين"،

                الطالعين على فهارس دفتر..

                قذفته أمعاء السنين،

                لم يقتلوا الاثنين..

                كان الشيخ يسقط في مياه النهر

                والبنت التي صارت يتيمه

                كانت ممزقة الثياب،

                وطار عطر الياسمين

                على صدرها العاري الذي

                ملأته رائحة الجريمه

                والصمت خيم مرة أخرى،

                وعاد النهر يبصق ضفتيه

                قطعا من اللحم المفتت

                .. في وجوه العائدين

                لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

                دم ومصيدة. ولم يعرف أحد

                شيئا عن النهر الذي

                يمتص لحم النازحين

                (والجسر يكبر كل يوم كالطريق،

                وهجرة الدم في مياه النهر تنحت من حصى الوادي

                تماثيلا لها لون النجوم، ولسعة الذكرى،

                وطعم الحب حين يصير أكثر من عبادة).

                ___
                _

                تعليق

                • نوران العلي
                  V - I - P
                  • Feb 2009
                  • 3156

                  #18
                  موسيقى عربية

                  موسيقى عربية


                  ( ليت الفتى حجر )

                  يا ليتني حجر...

                  أكلما شردت عينان

                  شردني

                  هذا السحاب سحابا

                  كلما خمشت عصفورة أفقا

                  فتشت عن وثن?

                  أكلما لمعت جيتارة

                  خضعت

                  روحي لمصرعها في رغوة السفن

                  أكلما وجدت أنثى أنوثتها

                  أضاءني البرق من خصري

                  وأحرقني!

                  أكلما ذبلت خبيزة

                  وبكى طير على فنن

                  أصابني مرض

                  أو صحت: يا وطني!

                  أكلما نور اللوز اشتعلت به

                  وكلما احترقا

                  كنت الدخان ومنديلا

                  تمزقني

                  ريح الشمال، ويمحو وجهي المطر؟

                  ليت الفتى حجر

                  يا ليتني حجر...

                  ___
                  _

                  تعليق

                  • نوران العلي
                    V - I - P
                    • Feb 2009
                    • 3156

                    #19
                    العصافير تموت في الجليل

                    العصافير تموت في الجليل


                    - نلتقي بعد قليل

                    بعد عام

                    بعد عامين

                    وجيل...

                    ورمت في الة التصوير

                    عشرين حديقة

                    وعصافير الجليل.

                    ومضت تبحث، خلف البحر،

                    عن معنى جديد للحقيقة.

                    - وطني حبل غسيل

                    لمناديل الدم المسفوك

                    في كل دقيقة

                    وتمددت على الشاطئ

                    رملا... ونخيل.



                    هي لا تعرف-

                    يا ريتا! وهبناك أنا والموت

                    سر الفرح الذابل في باب الجمارك

                    وتجددنا، أنا والموت،

                    في جبهتك الأولى

                    وفي شباك دارك.

                    وأنا والموت وجهان-

                    لماذا تهربين الان من وجهي

                    لماذا تهربين؟

                    ولماذا تهربين الان مما

                    يجعل القمح رموش الأرض، مما

                    يجعل البركان وجها اخرا للياسمين؟...

                    ولماذا تهربين ؟...



                    كان لا يتعبني في الليل إلا صمتها

                    حين يمتد أمام الباب

                    كالشارع... كالحي القديم

                    ليكن ما شئت - يا ريتا –

                    يكون الصمت فأسا

                    أو براويز نجوم

                    أو مناخا لمخاض الشجرة.

                    إنني أرتشف القبلة

                    من حد السكاكين،

                    تعالي ننتمي للمجزرة !...



                    سقطت كالورق الزائد

                    أسراب العصافير

                    بابار الزمن...

                    وأنا أنتشل الأجنحة الزرقاء

                    يا ريتا،

                    أنا شاهدة القبر الذي يكبر

                    يا ريتا،

                    أنا من تحفر الأغلال

                    في جلدي

                    شكلا للوطن...

                    ____
                    _

                    تعليق

                    • نوران العلي
                      V - I - P
                      • Feb 2009
                      • 3156

                      #20
                      ريتا والبندقية

                      ريتا والبندقية




                      بين ريتا وعيوني...بندقية

                      والذي يعرف ريتا، ينحني


                      لملاك في العيون العسلية!



                      ...وأنا قبلت ريتا

                      عندما كانت صغيرة

                      وأنا أذكر كيف التصقت

                      بي، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة

                      وأنا أذكر ريتا



                      مثلما يذكر عصفور غديره

                      اه... ريتا

                      بينما مليون عصفور وصورة

                      ومواعيد كثيرة

                      أطلقت نارا عليها...بندقية



                      اسم ريتا كان عيدا في فمي

                      جسم ريتا كان عرسا في دمي

                      وأنا ضعت بريتا...سنتين

                      وهي نامت فوق زندي سنتين

                      وتعاهدنا على أجمل كأس، واحترقنا

                      في نبيذ الشفتين

                      ولدنا مرتين!

                      اه... ريتا

                      أي شيء رد عن عينيك عيني

                      سوى إغفاء تين

                      وغيوم عسلية

                      قبل هذي البندقية!

                      كان يا ما كان

                      يا صمت العشية

                      قمري هاجر في الصبح بعيدا

                      في العيون العسلية

                      والمدينة

                      كنست كل المغنين، وريتا

                      بين ريتا وعيوني... بندقية.

                      ____
                      _

                      تعليق

                      google Ad Widget

                      تقليص
                      يعمل...