"أريد البقاء بجانب حُبي "
وصلت "بريتي" مع والدتها إلى المستشفى بعدما تلقوا اتصالا من "مارسل" وقال فيه:
إن حالة "مارك" سيئة, عليكم أن تأتوا إلى المستشفى حالاً.
توقفت "بريتي" عن الركض عندما رأت "مارسل" متكئاً على الجدار وعلى وجهه علامات الحزن
وملابسه ملطخة بالدم لأن قام بحمل "مارك" إلى السيارة...
وقفت الأم بجانبه وسألته بقلق:
كيف حال "مارك"؟.... وأين هو الان؟
أشاح "مارسل" بوجهه وهو يرد عليها:
لقد قال الطبيب, إن نسبة نجاته من الخطر 30% لأن معظم أعضاء جسده قد تحطمت
وحالته سيئة للغاية, وهو في غيبوبةٍ الان ولا أحد يعلم متى سينهض.
انهمرت الدموع من عيني الأم وهي تسمع كلام "مارسل" وسألته بنبرة باكية:
هل يمكنني رؤيته؟
هز "مارسل" رأسه ب لا, ثم قال:
لا يمكننا رؤيته اليوم, أعتذر لقول هذا.. لكن "مارك" بين الحياة والموت.
صرخت "بريتي" في وجه "مارسل" قائلة:
لماذا تقول هذا...؟ سوف ندعو له بالشفاء العاجل.
قال "مارسل" بنبرةِ غاضبة:
لو أنه لم يقم بحماية تلك الفتاة, لكان الوضع أفضل بكثير.
سألته "بريتي" في حيرة:
أي فتاةٍ تقصد؟
حكي لها "مارسل" كل ما حدث بالتفصيل, وعندما انتهى... جلست الأم على مقعد الانتظار وهي تقول
بندم:
لماذا فعل ذلك؟.... ما الذي طلبه "مارك" ورفضنا أن نعطيه..؟
واستمرت بالبكاء, وجلست "بريتي" بجانبها واحتضنتها, وحاولت أن تهدئها قليلاً....
من جهةٍ أخرى, كان والداي "ديفا" يجلسون بجانبها, وهي مستلقيةٌ على السرير ولم تستيقظ بعد
لكن حالتها لم تكن سيئة ك "مارك"... كل ما حدث لها هو أنها أصيبت في رأسها وكتفيها مع بعض
الجروح في كلتا قدميها....
استيقظت "ديفا" لكنها لم تفتح عينيها لأنها سمعت والدتها تقول:
لماذا فعلت هذا؟
أجابها الأب قائلاً في ضيق:
هذه نهاية إهمالكِ لها... كان عليك أن تنتبهي لتصرفاتها.
صرخت الأم قائلة بغضب:
وأنت أيضاً... اللوم يقع عليك, لأنك تسافر دائماً وتضع كل المسؤولية على عاتقي.
قاطعتهما "ديفا" قائلة ببرود:
أخرجا من هنا!
فالتفتا إليها, وتابعت قائلة وهي تفتح عينيها:
أريد أن أبقى لوحدي... غادرا حالاً.
خرجا الاثنان بدون أن ينطقا بكلمة.. لأنهما على علمٍ بحالتها.....
امتلأت عينا "ديفا" بالدموع وهي تهمس بداخل نفسها:
لماذا لا أزال على قيد الحياة؟.... وأين "مارك"...؟
في أحد المطاعم الراقية, جلست "ساكورا" مع "اندي" مقابلان لبعضهما, ثم سألها:
ماذا ستطلبين الان؟
فتحت "ساكورا" قائمة الأصناف وأبتسمت قائلة:
هناك أصنافٌ جديدة.
قام "اندي" بسحب الكرسي الذي يجلس عليه ووضعه بجانبها وجلس... حدقت به "ساكورا"
بإستغراب وقالت:
هل أنت جاد؟!
رد عليها "اندي" ضاحكاً:
بالتأكيد.
ثم أختارا معاً ما سيتناولانه وأخبروا النادل, ثم عاد "اندي" إلى مكانه...
توقف المطر أخيراً, وخرجت "ميري" مع "ساي" من تحت الشجرة, وقالت وهي تمد يديها:
الجو رائع.
ونظرت إلى السماء ورأت قوس قزح وأشارت إليه وهي تقول:
إنه قوس قزح... أنظر يا "ساي".
وقف "ساي" بجانبها ورفع رأسه للسماء وهو يقول:
إنه رائع حقاً.
ثم نظر إلى "ميري" وسألها:
إلى أين تودين الذهاب الان؟
فكرت "ميري" قليلاً, ثم قالت مبتسمة:
أريدك أن تأخذني في نزهة لأرى معالم المدينة, لأنني لم اتي إلى هنا منذ زمن.
أمسك "ساي" بيدها وركض بها وهو يقول بمرح:
هيا بنا... سأريك أشياء جميلة.
وصلت "تينا" لمنزل "مايكل" ودقت الجرس, ففتح لها "مايكل" الباب, ورفع حاجبيه حين راها مبللة
من المطر ووجهها مليءٌ بالدموع, فقال وهو يمسك بيدها:
تعالي إلى الداخل كي لا تصابي بالبرد.
بعد مرور وقت, إرتدت "تينا" ثوباً أعطتها إياه والدته, ثم غطت جسدها بالمعطف وجلست على الأريكة...
وضع "مايكل" كأسٌ به قهوة ساخنة على الطاولة أمامها ثم قال:
ستشعرين بالدفء عندما تشربين هذا.
قالت له "تينا" بصوتٍ خافت:
شكراً لك "مايكل"!
وجلس بجانبها ووضع كفه على كتفها الأيسر وسألها:
أخبريني, ما الذي حدث؟
ردت عليه "تينا" وعيناها تمتلئ بالدموع:
لقد رفض... والدي لا يريد مني أن أرافقك.
وتابعت وهي تنظر إليه والدموع تنهمر من عينيها:
لا يمكنني فعل ذلك!... أنا أحبك يا "مايكل".
إرتجفت شفتيه ولم يعرف ماذا يقول.. فأحتضنها وقال:
لا بأس... سأكون بجانبكِ دائماً.
في ذلك الحين, ركبت "ميمي" مع "جوزيف" على قاربٍ أبيض صغير, يسير على ضفاف النهر...
بينما كانا فيه, أنزلت "ميمي" يدها إلى النهر وأبتسمت وهي تخفض عينيها قائلة:
إنه بارد...
جلس "جوزيف" أمامها ومد يده إلى خذها وقال بحنان:
مثلكِ تماماً يا عزيزتي.
إحمر وجه "ميمي" خجلاً ثم ردت عليه قائلة وهي تضع كفها على يده:
أشكرك يا "جوزيف".
أخرجت "ميمي" علبةً مربعة الشكل ومتوسطة الحجم من حقيبتها, ومغلفة باللون الزهري مع شريط
بلون السماء... نظر إليها "جوزيف" بإستغراب ثم سألها:
ما هذا؟
إتسعت شفتي "ميمي" مبتسمة وهي تقول:
لقد أعددتُ هذا لك.
وحين فتحتها, رأى فيها كل الأصناف التي يحبها وقال بسعادة:
إنها جميلة.
قالت له "ميمي" بخجل:
أتمنى أن تعجبك.
إلتمعت عينا "جوزيف" وهو يقول بلطف:
بالطبع ستعجبني... لأنكِ اعددتها بنفسكِ يا عزيزتي.
ثم تناولا الغذاء معاً, وهما على القارب وسط النهر, ومع نسمات الهواء الباردة...
وصلت "ساكورا" مع "اندي" إلى شاطئ البحر, ونزلا من السيارة معاً... غطست "ساكورا" بقدمها على
البحر وقالت:
إنه باردٌ كالثلج.
وقف "اندي" بجانبها, وانحنى نحو البحر, وأخذ القليل من الماء في يده, وقام برشه على "ساكورا"
وهو يضحك قائلاً:
عليكِ أن تشعري ببرودته أكثر.
فتحت "ساكورا" شعرها وهو مبلل, وقامت بأخذ الماء في كلتا يديها وصبته على رأسه وهي تقول في مكر
وتبتسم:
أعتقد أنك تحبه هكذا, أليس كذلك؟
نظر "اندي" إلى الجهة الأخرى, بعدما سمع صوتاً غريباً, وحين التفت رأى شخصان يركبان في الزورق
الكهربائي السريع, ويسيران في البحر, فأشار إليه قائلاً:
لنركب في هذه... ما رأيك؟
ظهرت السعادة على وجهها وهي تقول بمرح:
هيا بنا...!
وأستأجر "اندي" واحداً, ووقف عليه في المقدمة, و"ساكورا" تتمسك به من الخلف...
ثم قال وهو يشغله:
هل أنتِ مستعده؟
هزت رأسها وهي تقول:
نعم.
إنطلق "اندي" بسرعةٍ كبيرة, وكان كلما يميل بالزورق ينزل عليها الماء كالمطر, وهما يضحكان
واستمتعا بوقتهما كثيراً وبقيا يلعبان فيه مدة 10 دقائق, ثم عادا إلى الشاطئ وهما متعبان... ورجعا للمنزل
في المساء بعدما هبط الظلام...
دخلت "ميري" مع "ساي" إلى محل الألعاب الإلكترونية, وتحدا بعضهما, ففاز "ساي" في لعبة القتال على
"ميري", ثم أشتروا الطعام وتناولاه معاً, وشربا العصير من نفس الكوب, وألتقطا الصور وعادا للمنزل
في وقتٍ متأخر...
تناول "هنري" العشاء مع عائلة "رينا".. وبعدما أنتهوا, قامت الأم بتقديم الشاي لهم... ثم قالت أخت
"رينا" متسائله:
"هنري".... هل تحب "رينا" فعلاً؟
إحمر وجه "رينا" خجلاً وقالت لشقيقتها بإرتباك:
ما هذا السؤال؟
نهضت الأخت من مكانها وجلست بجانب "هنري" وهي تقول:
هيا أخبرني...
أجابها "هنري" بكل ثقة:
بالطبع أحبها.. "رينا" حبي الأول ولا يمكنني التفريط فيه.
قامت "رينا" بسحب "هنري" من ذراعه, وصعدت به إلى غرفتها, وأغلقت الباب بالمفتاح...
ثم قالت وهي تضع يدها على قلبها:
"هنري" ... أنا اسفة لأنني فعلت هذا, لكني اود التحدث معك على انفراد.
وقف "هنري" أمامها وهو يقول:
حسناً.
وجلسا على السرير, وبينما كانا يتبادلان الأحاديث, قالت "رينا" بتساؤل:
أخبرني... ما سبب الخلاف الذي بينك وبين "روبرت"؟
عقد "هنري" حاجبيه وأشاح بوجهه قائلاً:
هل لديكِ رغبةٌ في سماع هذه القصة المملة؟
هزت "رينا" رأسها وهي تجيبه:
نعم.. خاصةً وأن الكراهية بينكما تدفعني لمعرفة السبب.
بدأ "هنري" يحكي لها كل ما حدث بالتفصيل وقال:
منذ زمنٍ طويل, كانت والدتي صديقةٌ حميمه لوالدة "روبرت", ودرستا معاً... وفي يومٍ من الأيام
تزوج والدي من أمي, وعمي تزوج صديقتها وكان الزفاف في نفس اليوم من شدة تعلقهما ببعضهم...
بعدها بفترةٍ ليست طويلة, اصيب والدي بالمرض وقال الأطباء أن العملية تكلف الكثير من المال, وذهبت
والدتي إلى صديقتها طلباً للمساعدة, وكان ردها في ذلك الوقت انها لا تملك مالاً لكي تقرضها منه, ولأن
معارف والدتي قليلون لم تتمكن من توفير المبلغ, وتوفي والدي لأن المرض اشتد عليه, كانت والدتي حاملاً
عندما توفي والدي, وكذلك صديقتها... عندما وصلت صديقة أمي لشهر الولادة أحست بألمٍ فظيع ولم تعرف
ما تفعل, فذهبت تطلب المساعدة من والدتي, أغلقت والدتي الباب في وجه صديقتها التي ظلت تصرخ وتطرق
الباب بكل جهدها, ووالدتي غير مبالية بأمرها مطلقاً, حتى جاء أحد الجيران وحملها إلى المستشفى, وذهبت
والدتي إلى المستشفى نفسه عندما أحست بقليلٍ من الألم وتمكنت من الذهاب بنفسها... وولدتا في الوقت ذاته.
وصمت "هنري" عند هذا الجزء, فأقتربت "رينا" منه وسألته بحيرة:
ماذا حدث بعد ذلك؟
إلتمعت عينا "هنري" وهو يكمل القصة قائلا:
كل واحدةٍ قطعت وعداً على نفسها بأن تربي ابنها على كراهية الاخر.... لقد حاول عمي جاهداً
أن يقرب "روبرت" مني عندما كنا في الخامسة من عمرنا, كنت ألعب معه سراً وإذا رأته والدته تضربه
ضرباً مبرحاً, كان يأتي دائماً بالكثير من الكدمات على وجهه.. بعد ذلك بدأنا نكره بعضنا تدريجياً بسبب
خلافٍ بين صديقتين لا علاقة لنا به... هذه هي كل القصة.
إتسعت عينا "رينا" ذهولاً وهي تقول:
لا أصدق... إنها أغرب قصة سمعتها في حياتي.
تنهد "هنري" وأخفض حاجبيه وهو يقول مبتسماَ:
أنا سعيدٌ جداً لأنكِ أستمعتِ إلي, أشعر بالإرتياح لأنني أخبرتك.
وضعت "رينا" كفها على كفه وهي تقول:
كلما أحتجت إلي ستجدني أمامك.
مد "هنري" يديه وأحتضنها بحب وهو يقول:
شكراً لكِ يا عزيزتي.
دق جرس الساعة عند الثانية عشرة تماماً من منتصف الليل, حينها نهض "هنري" من على السرير
ونظر ل "رينا" وهو يقول بصوتٍ هادئ:
لقد تأخر الوقت, علي الذهاب الان.
وقفت "رينا" بجانبه وقالت وهي تخفض رأسها :
حسناً... لا بأس.
قام "هنري" بتقبيلها في جبهتها, ثم أبتعد ملوحاً بيده وهو يقول بمرح:
إلى اللقاء.
لحقت به "رينا" وهي تقول:
سأرافقك.
في تلك الساعة, كان "روبرت" يحاول الإتصال على "بريتي" لكن بلا جدوى, فقد نسيت
أن تأخذ الهاتف معها إلى المستشفى....
رمى "روبرت" هاتفه على الأريكة في غرفة المعيشة, وتنهد قائلاً بضجر:
أين يمكن أن تكون في هذا الوقت؟
في المستشفى, نظر "مارسل" إلى الساعة في يده وقال وهو يبتعد عن الجدار:
لا فائدة من بقائنا هنا, علينا العودة للمنزل.
رفعت الأم رأسها وقالت محدقةً به:
أنا سأبقى هنا حتى اطمئن على "مارك".
وضعت "بريتي" يدها على كتف والدتها وقالت:
عليكِ أن ترتاحي يا والدتي, فأنتِ تبدين متعبة.
عقدت الأم حاجبيها وهي تقول في ضيق:
أنا بخير... إذهبا أنتما.
أخذ "مارسل" نفساً عميقاً وجلس على الأرض امام والدته وقال:
أعدكِ بأنني سأحظرك إلى هنا صباح الغد.... ما رأيك؟
صمتت الأم لبرهة ثم أغمضت عينيها وقالت بإستسلام:
حسناً... أتمنى أن تحافظ على وعدك يا "مارسل".
إتسعت شفتي "مارسل" مبتسماً, وهز رأسه موافقاً وهو يقول:
أعدكِ بذلك.
وأمسك بيدها وساعدها على الوقوف, وغادروا المستشفى...
رفعت "ديفا" رأسها من على الوسادة, وأستغلت الفرصة بما أنه لا يوجد أحدٌ بجوارها, وحين وضعت
قدميها على الأرض أحست بالألم, ثم قالت بشجاعة وإصرار:
يجب ان أرى "مارك"... لن أبالي بالألم.
كانت "ديفا" مُصرةً على رؤيته, لأنها سمعت الممرضة تقول لزميلتها في العمل بجانب غرفة "ديفا":
هناك شابٌ صغير في العناية المركزة, حالته سيئة جداً.
مدت "ديفا" يديها ممسكة بالجدار وسارت ببطءٍ شديد لأن قدميها مصابتان...
بدأ الدم ينزف من قدمها ويخرج من الضماد حين غادرت الغرفة, وكانت تسير وتتلفت حولها لكي لا يراها أحد...
حين وصلت "ديفا" إلى غرفة "مارك", كانت تتنفس بصعوبة, وفتحت الباب بالقوة ودخلت...
إتسعت عيناها حين رأت "مارك" مطروحاً على السرير, والجروح تملئ وجهه مع ضماداتٍ كثيرة في جسده...
والأجهزة الطبية عليه, إقتربت "ديفا" قليلاً ووقعت على الأرض لأن قدميها لم تعد قادرة على حملها, إنهمرت الدموع
من عينيها وهي تزحف على الأرض للوصول إليه وتقول متألمه:
"مارك"... يجب أن ....
ومدت يدها وتمسكت بالسرير, وكانت تجلس بجانب "مارك" ووضعت كفها على خده وأبتسمت قائلة
بنبرةٍ باكية:
كان يجب أن نموت معاً, أليس كذلك؟.... لم أكن أريدك أن تصل إلى هذه الحالة.
وعانقته وهي تغمض عينيها, وأغمي عليها وهي بهذا الوضع....
في الصباح الباكر, دخلت الممرضة بالصدفة إلى غرفة "مارك" وحين رأت "ديفا", سقط دفتر الملاحظات من
الذي كانت تحمله بيدها على الأرض, ونادت الطبيب في الحال.
قام الأطباء بإعادة "ديفا" إلى غرفتها, ووضعها على السرير, وغيروا الضمادات التي في قدميها, وبعدما إنتهوا
قال الطبيب وهو يمسح عرقه:
إنها مجنونة!... نهضت بالرغم من إصاباتها.
سألته الممرضة في حيرة:
وما العمل الان؟... أخشى أن تذهب ثانيةً.
تنهد الطبيب قائلاً:
علينا أن نخبر والديها بالأمر, ونرى ما سيفعلانه معها...
نظرت الممرضة إلى "ديفا" بإشفاق, ثم خرجت مع الطبيب.
*********************************************
وصلت "بريتي" مع والدتها إلى المستشفى بعدما تلقوا اتصالا من "مارسل" وقال فيه:
إن حالة "مارك" سيئة, عليكم أن تأتوا إلى المستشفى حالاً.
توقفت "بريتي" عن الركض عندما رأت "مارسل" متكئاً على الجدار وعلى وجهه علامات الحزن
وملابسه ملطخة بالدم لأن قام بحمل "مارك" إلى السيارة...
وقفت الأم بجانبه وسألته بقلق:
كيف حال "مارك"؟.... وأين هو الان؟
أشاح "مارسل" بوجهه وهو يرد عليها:
لقد قال الطبيب, إن نسبة نجاته من الخطر 30% لأن معظم أعضاء جسده قد تحطمت
وحالته سيئة للغاية, وهو في غيبوبةٍ الان ولا أحد يعلم متى سينهض.
انهمرت الدموع من عيني الأم وهي تسمع كلام "مارسل" وسألته بنبرة باكية:
هل يمكنني رؤيته؟
هز "مارسل" رأسه ب لا, ثم قال:
لا يمكننا رؤيته اليوم, أعتذر لقول هذا.. لكن "مارك" بين الحياة والموت.
صرخت "بريتي" في وجه "مارسل" قائلة:
لماذا تقول هذا...؟ سوف ندعو له بالشفاء العاجل.
قال "مارسل" بنبرةِ غاضبة:
لو أنه لم يقم بحماية تلك الفتاة, لكان الوضع أفضل بكثير.
سألته "بريتي" في حيرة:
أي فتاةٍ تقصد؟
حكي لها "مارسل" كل ما حدث بالتفصيل, وعندما انتهى... جلست الأم على مقعد الانتظار وهي تقول
بندم:
لماذا فعل ذلك؟.... ما الذي طلبه "مارك" ورفضنا أن نعطيه..؟
واستمرت بالبكاء, وجلست "بريتي" بجانبها واحتضنتها, وحاولت أن تهدئها قليلاً....
من جهةٍ أخرى, كان والداي "ديفا" يجلسون بجانبها, وهي مستلقيةٌ على السرير ولم تستيقظ بعد
لكن حالتها لم تكن سيئة ك "مارك"... كل ما حدث لها هو أنها أصيبت في رأسها وكتفيها مع بعض
الجروح في كلتا قدميها....
استيقظت "ديفا" لكنها لم تفتح عينيها لأنها سمعت والدتها تقول:
لماذا فعلت هذا؟
أجابها الأب قائلاً في ضيق:
هذه نهاية إهمالكِ لها... كان عليك أن تنتبهي لتصرفاتها.
صرخت الأم قائلة بغضب:
وأنت أيضاً... اللوم يقع عليك, لأنك تسافر دائماً وتضع كل المسؤولية على عاتقي.
قاطعتهما "ديفا" قائلة ببرود:
أخرجا من هنا!
فالتفتا إليها, وتابعت قائلة وهي تفتح عينيها:
أريد أن أبقى لوحدي... غادرا حالاً.
خرجا الاثنان بدون أن ينطقا بكلمة.. لأنهما على علمٍ بحالتها.....
امتلأت عينا "ديفا" بالدموع وهي تهمس بداخل نفسها:
لماذا لا أزال على قيد الحياة؟.... وأين "مارك"...؟
في أحد المطاعم الراقية, جلست "ساكورا" مع "اندي" مقابلان لبعضهما, ثم سألها:
ماذا ستطلبين الان؟
فتحت "ساكورا" قائمة الأصناف وأبتسمت قائلة:
هناك أصنافٌ جديدة.
قام "اندي" بسحب الكرسي الذي يجلس عليه ووضعه بجانبها وجلس... حدقت به "ساكورا"
بإستغراب وقالت:
هل أنت جاد؟!
رد عليها "اندي" ضاحكاً:
بالتأكيد.
ثم أختارا معاً ما سيتناولانه وأخبروا النادل, ثم عاد "اندي" إلى مكانه...
توقف المطر أخيراً, وخرجت "ميري" مع "ساي" من تحت الشجرة, وقالت وهي تمد يديها:
الجو رائع.
ونظرت إلى السماء ورأت قوس قزح وأشارت إليه وهي تقول:
إنه قوس قزح... أنظر يا "ساي".
وقف "ساي" بجانبها ورفع رأسه للسماء وهو يقول:
إنه رائع حقاً.
ثم نظر إلى "ميري" وسألها:
إلى أين تودين الذهاب الان؟
فكرت "ميري" قليلاً, ثم قالت مبتسمة:
أريدك أن تأخذني في نزهة لأرى معالم المدينة, لأنني لم اتي إلى هنا منذ زمن.
أمسك "ساي" بيدها وركض بها وهو يقول بمرح:
هيا بنا... سأريك أشياء جميلة.
وصلت "تينا" لمنزل "مايكل" ودقت الجرس, ففتح لها "مايكل" الباب, ورفع حاجبيه حين راها مبللة
من المطر ووجهها مليءٌ بالدموع, فقال وهو يمسك بيدها:
تعالي إلى الداخل كي لا تصابي بالبرد.
بعد مرور وقت, إرتدت "تينا" ثوباً أعطتها إياه والدته, ثم غطت جسدها بالمعطف وجلست على الأريكة...
وضع "مايكل" كأسٌ به قهوة ساخنة على الطاولة أمامها ثم قال:
ستشعرين بالدفء عندما تشربين هذا.
قالت له "تينا" بصوتٍ خافت:
شكراً لك "مايكل"!
وجلس بجانبها ووضع كفه على كتفها الأيسر وسألها:
أخبريني, ما الذي حدث؟
ردت عليه "تينا" وعيناها تمتلئ بالدموع:
لقد رفض... والدي لا يريد مني أن أرافقك.
وتابعت وهي تنظر إليه والدموع تنهمر من عينيها:
لا يمكنني فعل ذلك!... أنا أحبك يا "مايكل".
إرتجفت شفتيه ولم يعرف ماذا يقول.. فأحتضنها وقال:
لا بأس... سأكون بجانبكِ دائماً.
في ذلك الحين, ركبت "ميمي" مع "جوزيف" على قاربٍ أبيض صغير, يسير على ضفاف النهر...
بينما كانا فيه, أنزلت "ميمي" يدها إلى النهر وأبتسمت وهي تخفض عينيها قائلة:
إنه بارد...
جلس "جوزيف" أمامها ومد يده إلى خذها وقال بحنان:
مثلكِ تماماً يا عزيزتي.
إحمر وجه "ميمي" خجلاً ثم ردت عليه قائلة وهي تضع كفها على يده:
أشكرك يا "جوزيف".
أخرجت "ميمي" علبةً مربعة الشكل ومتوسطة الحجم من حقيبتها, ومغلفة باللون الزهري مع شريط
بلون السماء... نظر إليها "جوزيف" بإستغراب ثم سألها:
ما هذا؟
إتسعت شفتي "ميمي" مبتسمة وهي تقول:
لقد أعددتُ هذا لك.
وحين فتحتها, رأى فيها كل الأصناف التي يحبها وقال بسعادة:
إنها جميلة.
قالت له "ميمي" بخجل:
أتمنى أن تعجبك.
إلتمعت عينا "جوزيف" وهو يقول بلطف:
بالطبع ستعجبني... لأنكِ اعددتها بنفسكِ يا عزيزتي.
ثم تناولا الغذاء معاً, وهما على القارب وسط النهر, ومع نسمات الهواء الباردة...
وصلت "ساكورا" مع "اندي" إلى شاطئ البحر, ونزلا من السيارة معاً... غطست "ساكورا" بقدمها على
البحر وقالت:
إنه باردٌ كالثلج.
وقف "اندي" بجانبها, وانحنى نحو البحر, وأخذ القليل من الماء في يده, وقام برشه على "ساكورا"
وهو يضحك قائلاً:
عليكِ أن تشعري ببرودته أكثر.
فتحت "ساكورا" شعرها وهو مبلل, وقامت بأخذ الماء في كلتا يديها وصبته على رأسه وهي تقول في مكر
وتبتسم:
أعتقد أنك تحبه هكذا, أليس كذلك؟
نظر "اندي" إلى الجهة الأخرى, بعدما سمع صوتاً غريباً, وحين التفت رأى شخصان يركبان في الزورق
الكهربائي السريع, ويسيران في البحر, فأشار إليه قائلاً:
لنركب في هذه... ما رأيك؟
ظهرت السعادة على وجهها وهي تقول بمرح:
هيا بنا...!
وأستأجر "اندي" واحداً, ووقف عليه في المقدمة, و"ساكورا" تتمسك به من الخلف...
ثم قال وهو يشغله:
هل أنتِ مستعده؟
هزت رأسها وهي تقول:
نعم.
إنطلق "اندي" بسرعةٍ كبيرة, وكان كلما يميل بالزورق ينزل عليها الماء كالمطر, وهما يضحكان
واستمتعا بوقتهما كثيراً وبقيا يلعبان فيه مدة 10 دقائق, ثم عادا إلى الشاطئ وهما متعبان... ورجعا للمنزل
في المساء بعدما هبط الظلام...
دخلت "ميري" مع "ساي" إلى محل الألعاب الإلكترونية, وتحدا بعضهما, ففاز "ساي" في لعبة القتال على
"ميري", ثم أشتروا الطعام وتناولاه معاً, وشربا العصير من نفس الكوب, وألتقطا الصور وعادا للمنزل
في وقتٍ متأخر...
تناول "هنري" العشاء مع عائلة "رينا".. وبعدما أنتهوا, قامت الأم بتقديم الشاي لهم... ثم قالت أخت
"رينا" متسائله:
"هنري".... هل تحب "رينا" فعلاً؟
إحمر وجه "رينا" خجلاً وقالت لشقيقتها بإرتباك:
ما هذا السؤال؟
نهضت الأخت من مكانها وجلست بجانب "هنري" وهي تقول:
هيا أخبرني...
أجابها "هنري" بكل ثقة:
بالطبع أحبها.. "رينا" حبي الأول ولا يمكنني التفريط فيه.
قامت "رينا" بسحب "هنري" من ذراعه, وصعدت به إلى غرفتها, وأغلقت الباب بالمفتاح...
ثم قالت وهي تضع يدها على قلبها:
"هنري" ... أنا اسفة لأنني فعلت هذا, لكني اود التحدث معك على انفراد.
وقف "هنري" أمامها وهو يقول:
حسناً.
وجلسا على السرير, وبينما كانا يتبادلان الأحاديث, قالت "رينا" بتساؤل:
أخبرني... ما سبب الخلاف الذي بينك وبين "روبرت"؟
عقد "هنري" حاجبيه وأشاح بوجهه قائلاً:
هل لديكِ رغبةٌ في سماع هذه القصة المملة؟
هزت "رينا" رأسها وهي تجيبه:
نعم.. خاصةً وأن الكراهية بينكما تدفعني لمعرفة السبب.
بدأ "هنري" يحكي لها كل ما حدث بالتفصيل وقال:
منذ زمنٍ طويل, كانت والدتي صديقةٌ حميمه لوالدة "روبرت", ودرستا معاً... وفي يومٍ من الأيام
تزوج والدي من أمي, وعمي تزوج صديقتها وكان الزفاف في نفس اليوم من شدة تعلقهما ببعضهم...
بعدها بفترةٍ ليست طويلة, اصيب والدي بالمرض وقال الأطباء أن العملية تكلف الكثير من المال, وذهبت
والدتي إلى صديقتها طلباً للمساعدة, وكان ردها في ذلك الوقت انها لا تملك مالاً لكي تقرضها منه, ولأن
معارف والدتي قليلون لم تتمكن من توفير المبلغ, وتوفي والدي لأن المرض اشتد عليه, كانت والدتي حاملاً
عندما توفي والدي, وكذلك صديقتها... عندما وصلت صديقة أمي لشهر الولادة أحست بألمٍ فظيع ولم تعرف
ما تفعل, فذهبت تطلب المساعدة من والدتي, أغلقت والدتي الباب في وجه صديقتها التي ظلت تصرخ وتطرق
الباب بكل جهدها, ووالدتي غير مبالية بأمرها مطلقاً, حتى جاء أحد الجيران وحملها إلى المستشفى, وذهبت
والدتي إلى المستشفى نفسه عندما أحست بقليلٍ من الألم وتمكنت من الذهاب بنفسها... وولدتا في الوقت ذاته.
وصمت "هنري" عند هذا الجزء, فأقتربت "رينا" منه وسألته بحيرة:
ماذا حدث بعد ذلك؟
إلتمعت عينا "هنري" وهو يكمل القصة قائلا:
كل واحدةٍ قطعت وعداً على نفسها بأن تربي ابنها على كراهية الاخر.... لقد حاول عمي جاهداً
أن يقرب "روبرت" مني عندما كنا في الخامسة من عمرنا, كنت ألعب معه سراً وإذا رأته والدته تضربه
ضرباً مبرحاً, كان يأتي دائماً بالكثير من الكدمات على وجهه.. بعد ذلك بدأنا نكره بعضنا تدريجياً بسبب
خلافٍ بين صديقتين لا علاقة لنا به... هذه هي كل القصة.
إتسعت عينا "رينا" ذهولاً وهي تقول:
لا أصدق... إنها أغرب قصة سمعتها في حياتي.
تنهد "هنري" وأخفض حاجبيه وهو يقول مبتسماَ:
أنا سعيدٌ جداً لأنكِ أستمعتِ إلي, أشعر بالإرتياح لأنني أخبرتك.
وضعت "رينا" كفها على كفه وهي تقول:
كلما أحتجت إلي ستجدني أمامك.
مد "هنري" يديه وأحتضنها بحب وهو يقول:
شكراً لكِ يا عزيزتي.
دق جرس الساعة عند الثانية عشرة تماماً من منتصف الليل, حينها نهض "هنري" من على السرير
ونظر ل "رينا" وهو يقول بصوتٍ هادئ:
لقد تأخر الوقت, علي الذهاب الان.
وقفت "رينا" بجانبه وقالت وهي تخفض رأسها :
حسناً... لا بأس.
قام "هنري" بتقبيلها في جبهتها, ثم أبتعد ملوحاً بيده وهو يقول بمرح:
إلى اللقاء.
لحقت به "رينا" وهي تقول:
سأرافقك.
في تلك الساعة, كان "روبرت" يحاول الإتصال على "بريتي" لكن بلا جدوى, فقد نسيت
أن تأخذ الهاتف معها إلى المستشفى....
رمى "روبرت" هاتفه على الأريكة في غرفة المعيشة, وتنهد قائلاً بضجر:
أين يمكن أن تكون في هذا الوقت؟
في المستشفى, نظر "مارسل" إلى الساعة في يده وقال وهو يبتعد عن الجدار:
لا فائدة من بقائنا هنا, علينا العودة للمنزل.
رفعت الأم رأسها وقالت محدقةً به:
أنا سأبقى هنا حتى اطمئن على "مارك".
وضعت "بريتي" يدها على كتف والدتها وقالت:
عليكِ أن ترتاحي يا والدتي, فأنتِ تبدين متعبة.
عقدت الأم حاجبيها وهي تقول في ضيق:
أنا بخير... إذهبا أنتما.
أخذ "مارسل" نفساً عميقاً وجلس على الأرض امام والدته وقال:
أعدكِ بأنني سأحظرك إلى هنا صباح الغد.... ما رأيك؟
صمتت الأم لبرهة ثم أغمضت عينيها وقالت بإستسلام:
حسناً... أتمنى أن تحافظ على وعدك يا "مارسل".
إتسعت شفتي "مارسل" مبتسماً, وهز رأسه موافقاً وهو يقول:
أعدكِ بذلك.
وأمسك بيدها وساعدها على الوقوف, وغادروا المستشفى...
رفعت "ديفا" رأسها من على الوسادة, وأستغلت الفرصة بما أنه لا يوجد أحدٌ بجوارها, وحين وضعت
قدميها على الأرض أحست بالألم, ثم قالت بشجاعة وإصرار:
يجب ان أرى "مارك"... لن أبالي بالألم.
كانت "ديفا" مُصرةً على رؤيته, لأنها سمعت الممرضة تقول لزميلتها في العمل بجانب غرفة "ديفا":
هناك شابٌ صغير في العناية المركزة, حالته سيئة جداً.
مدت "ديفا" يديها ممسكة بالجدار وسارت ببطءٍ شديد لأن قدميها مصابتان...
بدأ الدم ينزف من قدمها ويخرج من الضماد حين غادرت الغرفة, وكانت تسير وتتلفت حولها لكي لا يراها أحد...
حين وصلت "ديفا" إلى غرفة "مارك", كانت تتنفس بصعوبة, وفتحت الباب بالقوة ودخلت...
إتسعت عيناها حين رأت "مارك" مطروحاً على السرير, والجروح تملئ وجهه مع ضماداتٍ كثيرة في جسده...
والأجهزة الطبية عليه, إقتربت "ديفا" قليلاً ووقعت على الأرض لأن قدميها لم تعد قادرة على حملها, إنهمرت الدموع
من عينيها وهي تزحف على الأرض للوصول إليه وتقول متألمه:
"مارك"... يجب أن ....
ومدت يدها وتمسكت بالسرير, وكانت تجلس بجانب "مارك" ووضعت كفها على خده وأبتسمت قائلة
بنبرةٍ باكية:
كان يجب أن نموت معاً, أليس كذلك؟.... لم أكن أريدك أن تصل إلى هذه الحالة.
وعانقته وهي تغمض عينيها, وأغمي عليها وهي بهذا الوضع....
في الصباح الباكر, دخلت الممرضة بالصدفة إلى غرفة "مارك" وحين رأت "ديفا", سقط دفتر الملاحظات من
الذي كانت تحمله بيدها على الأرض, ونادت الطبيب في الحال.
قام الأطباء بإعادة "ديفا" إلى غرفتها, ووضعها على السرير, وغيروا الضمادات التي في قدميها, وبعدما إنتهوا
قال الطبيب وهو يمسح عرقه:
إنها مجنونة!... نهضت بالرغم من إصاباتها.
سألته الممرضة في حيرة:
وما العمل الان؟... أخشى أن تذهب ثانيةً.
تنهد الطبيب قائلاً:
علينا أن نخبر والديها بالأمر, ونرى ما سيفعلانه معها...
نظرت الممرضة إلى "ديفا" بإشفاق, ثم خرجت مع الطبيب.
*********************************************
تعليق