فتيات في بحر الحب.. قصة من تأليفي!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Kikumaru Eiji
    عـضـو
    • Nov 2008
    • 28

    فتيات في بحر الحب.. قصة من تأليفي!




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

    هذا أول موضوعٍ لي بالمنتدى.... سأطرح اليوم رواية قمتُ بتأليفها بنفسي ..... وقد نالت اعجاب الكثيرين
    وأتمنى ان تكونوا منهم .......

    القصة عبارةٌ عن فصول... في كل يومٍ سأضع فصلاً إذا رأيت اقبالاً عليها ......


    سأبدأ بالقصة في الرد التالي.....



  • Kikumaru Eiji
    عـضـو
    • Nov 2008
    • 28

    #2

    "اللقاء الأول"

    في إحدى الليالي الهادئة, اهتزت أغصان أوراق الشجر الخضراء نتيجة لهبوب الرياح, تلك الليلة قد صادفت مساء اخر يوم في الإجازة
    الصيفية الطويلة..في ساعات الليل المتأخرة كان التوتر يملئ قلب "ساكورا" التي تسلطت عينيها أمام شاشة الكمبيوتر,
    ولم تبالي بالجو الذي بدأ يتغير تدريجياً في الخارج, ومن شدة انسجامها على الإنترنت...
    ثم قطع هذا الانسجام صوت ارتطام الأشجار بنافدة غرفتها الزجاجية, فأطفئت الجهاز واستلقت على سريرها في وسط الغرفة وقامت بتغطية وجهها بالبطانية
    القطنيه وهي تفكر بالغد, وكيف سيكون أول يومٍ لها بالجامعة, فتاةٌ في ربيعها الثامن عشر لم تتعرف بعد على كثيرٍ من الناس في هذا المجتمع الفسيح لهذا
    سكن القلق قلبها لبضع دقائق, فقد غطت في النوم ولم تشعر بشيءٍ بعد ذلك....

    في صباح اليوم التالي كانت السماء زرقاء صافية والشمس المشرقة قد أطلت على غرفتها, توقفت عقارب الساعة عند
    السابعة والنصف ودق جرس المنبه ونهضت "ساكورا" بسرعة واتسعت عينيها ذهولاً عندما رأت الساعة وخرجت من غرفتها راكضة وهي
    في قمة الارتباك وتردد قائلة:
    لقد تأخرت, لماذا لم يوقظني أحد؟
    ثم أوقفها صوت شقيقها يقول في تساءل وبرود وهو يريح ظهره على الأريكة الزرقاء بالصالة:
    ما الأمر؟ ما الذي حدث لكي في هذا الصباح الباكر؟
    توقفت "ساكورا" عن الركض وهي تتنفس بصعوبة وأجابته وهي ترمقه بنظرات القلق والخوف:
    تأخرت كثيراً عن الجامعة.....
    أطلق شقيقها ضحكة عالية وقال في مرح:
    هل تعتقدين بأنك في المدرسة؟.... نظام الجامعة مختلف... دوامك يبدأ في التاسعة.
    احمر خذيها خجلاً و أخفضت رأسها قائلة في خجل بابتسامة خافته:
    لقد نسيت تماماً.
    ثم رجعت إلى الغرفة, وبدأت تجهز نفسها ببطء استعدادا للذهاب, وارتدت بلوزة باللون الزهري مع تنوره قصيرة, ورفعت شعرها البني وأبقت جزءً منه منسدلاً على كتفيها , وفجأة بعد مرور ساعة سمعت صوت سيارة شقيقها فنظرت عبر النافدة ورأته يلوح بيده يطلب منها النزول فقالت بعصبية:
    من قال بأنني أريد الذهاب الان؟
    ثم خرجت له وركبت في المقعد الأمامي بجانبه متسائلة:
    لمَ كل هذه العجلة؟
    أجابها بكل جدية:
    ستزدحم الشوارع بالسيارات فيما بعد وسنتأخر أكثر.
    بعدما سمعت هذه الإجابة التزمت الصمت, وبعد مرور 10 دقائق وصلت "ساكورا" إلى الجامعة, وحين نزلت قالت قبل أن تغلق الباب:
    سأتصل بك حالما أنتهي اتفقنا؟
    هز رأسه قائلاً وهو يبتسم:
    حسناً.
    تقدمت "ساكورا" بضع خطوات على قدميها, وتوقفت حين تجاوزت البوابة الرئيسية....
    تداخلت الأصوات الكثيرة مع بعضها ولم تتمكن "ساكورا" أن تنطق بكلمة بسبب ذلك الازدحام, كان ذلك الجو مختلفاً عن ما اعتادت عليه في المدرسة وبدأت تشعر بقليل من القلق حتى أنتقل إلى مسامعها صوت مألوف يقول باستغراب:
    "ساكورا"؟
    التفتت إلى مصدر الصوت ورأت صديقتها من المدرسة, وشعرت بالارتياح وابتسمت قائلة:
    "رينا".... ما الذي تفعلينه هنا؟
    أجابتها "رينا" باستغراب:
    ما الذي تتفوهين به؟.... أنا سأدرس هنا أيضاً.
    استعادت "ساكورا" نشاطها وعلت شفتيها ضحكةٌ سعيدة وهي تقول:
    هذا رائع.
    أمسكت "رينا" بكف "ساكورا" وجرتها إلى الداخل قائلة:
    دعينا ندخل وقوفنا هنا لن يغير شيئاً.
    ثم دخلتا إلى المبنى حيث قاعات المحاضرات, وتجولتا في الممر الداخلي, وبينما كانا يسيران قالت "رينا" في تساءل:
    لماذا دخلتي إلى هذا القسم؟.. أقصد قسم الرسم.
    أجابتها بكل ثقة:
    لأنني أحبه كثيراً.
    وفجأةً لفت نظرهما غرفةٌ مليئة باللوحات الملونة, واقتربتا ثم قاما بفتح الباب, كانت الغرفة باردة ومليئة بالأضواء البيضاء, وقالتا في ذهول:
    يا للروعة .
    كانت فرش الألوان موضوعةٌ بترتيب على الطاولات والألوان في كل مكان, وما لفت نظرهما أكثر وجود لوحةٍ كبيرة منعزلة عن بقية اللوحات
    ومن الواضح أنها مازالت قيد العمل, وقفت "ساكورا" أمام اللوحة وحدقت فيها قائلة:
    إنها رسمه هادئة ورائعة.
    رُسم في اللوحة شكل القمر وانعكاس ضوئه على سطح ضفة النهر, وأشارت "ساكورا" بإصبعها إلى النهر وانتقدت قائلة:
    لو وضع اللون أفتح هنا لكان أفضل.
    اقتربت "رينا" من اللوحة ومن غير قصد حركت يدها قليلاً وأدى ذلك إلى سكب اللون الأسود على أرجاء اللوحة, ارتبكت "رينا" كثيراً
    وشعرت بقلق شديد وهي تقول:
    ما الذي فعلته؟
    وبحركةٍ سريعة وضعت منديلاً فوق اللوحة وأسرعت "ساكورا" بإبعاده وهي تصرخ قائلة:
    لا تفعلي هذا.
    وحين أبعدته كانت اللوحة قد تلطخت أكثر....
    فُتح باب الغرفة في تلك الأثناء, والتفتا إلى الخلف وشاهدوا فتاةٌ تحمل كوباً من الماء وتنظر إليهما بكل برود وتساؤلهما:
    ما الذي تفعلانه هنا؟
    وتقدمت قليلاً ورأت لوحتها قد أفسدت, فشعرت بصدمة كبيرة وأسقطت الكوب من يدها من دون أن تشعر, وكُسر حين أرتطم بالأرض ثم قامت بإبعادهما
    وهي تحدق بالرسم التي قضت يومان من السهر في رسمها وبسطت كفيها على الطاولة وشعرت "رينا" بالأسى عليها ووضعت يدها على كتف الفتاة "تيما"
    وسمعتها تقول في أسف:
    أرجوكِ سامحيني , لم أكن أقصد فعل ذلك.
    وتراجعت "رينا" إلى الخلف مبعدةً يدها حين رأت دموع "تيما" تتساقط على الطاولة وهي تقول بصوتٍ باكي ومليءٍ بالحزن:
    لقد أمضيت يومان في رسم هذه اللوحة.
    اقتربت "ساكورا" وحاولت تشجيعها قائلة:
    يمكنك إعادة رسمها ونحن سنقوم بمساعدتك.
    صرخت "تيما" في وجهها وقالت بعصبية:
    هل تعتقدين بأن هذا سهل؟... يجب علي تسليمها في الغد.
    قاطعها صوت شخص يقول في عجلة:
    "تيما" لقد بدأت محاضرتنا.
    مسحت "تيما" دموعها وقالت وكأنها مستعدة:
    ساتي حالاً.
    لاحظ الفتى شحوب وجه "تيما" واحمرار عينيها فوقف أمامها ورفع رأسها قائلاً:
    ما الأمر؟
    ونظر إلى حالة الغرفة وإلى اللوحة, فاتسعت عينيه ثم سمع "تيما" تقول في إحباط:
    سوف أنسحب من المسابقة, "اندي"
    عقد "اندي" حاجبيه وقال في غضب:
    هل جننتِ؟... أنتِ تعلمين لماذا اشتركنا في هذه المسابقة.
    قاطعته قائلة وهي تهز رأسها نفياً:
    لم أعد أهتم... فأنا لن أربح على أية حال.
    ثم تابعت مبتسمة:
    لقد كان اشتراكي غلطةً منذ البداية.
    صفعها "اندي" على وجهها فوقعت على الأرض, وأمتلئ وجه "رينا" و"ساكورا" ذهولاً ولم يتمكنا من قول شيء لكن "اندي" قال بعصبية وجفاء:
    لم أكن اعلم أنك ضعيفةٌ هكذا.
    وضعت "تيما" يدها على خذها وبكت... لقد اشتركت "تيما" في هذه المسابقة لأن الجائزة عبارةٌ عن مبلغٍ مالي سيساعدها لإعطاء والدها لكي تعالج
    لكنها أصيبت بخيبة أمل حين أفسدت اللوحة , وفي الواقع كان "اندي" هو من ساعدها على الاشتراك لذلك أستاء كثيراً حين سمعها تقول بأنها سوف تنسحب....
    حمل "اندي" اللوحة بين يديه وقال بثقة بالغة:
    سأرسمها لكي...
    أبعدت "تيما" يديها عن وجهها ورفعت رأسها ناظرةً إليه باندهاش فبادلها النظرات بابتسامة صافية أنستها كل ما كان يضايقها فمد يده إليها وساعدها
    على النهوض من على الأرض وابتسمت والدموع تملئ عينيها, وكانت "ساكورا" تراقب ما يحدث بانسجام ونسيا السبب الذي دفعهما لدخول هذه الغرفة
    لكنهما تعرفا على صديقين جديدين....

    بعد ذلك بوقتٍ قصير, بدأت المحاضرة الأولى, و امتلأت القاعة بالطلاب والطالبات وفي وسط الهدوء الذي عم المكان لم يكن يسمع سوى صوت
    الشخص الذي يلقي المحاضرة , كانت "ساكورا" تعوم في بحر الشرود وكأنها في عالمٍ اخر, ولم تشعر بما يدور من حولها مطلقاً, و "رينا" كانت تتحدث
    بصوت خافت مع الفتاة "ميمي" التي كانت تجلس بجانبها...
    بعد مرور ساعتان انتهت المحاضرة, ورفعت "رينا" يديها عالياً وقالت في انتعاش:
    وأخيراً انتهى هذا الجو الممل.
    ووجهت بصرها نحو "ساكورا" التي استمرت بالنظر إلى الأمام وهزتها قائلة:
    هيه... "ساكورا"... ما الذي تفكرين به؟
    بدت "ساكورا" في تلك اللحظة كمن عاد إليه عقله, وقالت في ارتباك:
    لا... لاشيء.
    ثم أشارت "رينا" إلى "ميمي" قائلة:
    هذه صديقتنا الجديدة "ميمي".
    بدت الطيبة واضحة على وجه "ميمي" وهي تقول:
    سعدت بلقائك.
    ابتسمت "ساكورا" ورحبت بها هي الأخرى, وقاطعتها "رينا" قائلةً في تساؤل:
    بماذا كنتِ تفكرين طوال وقت المحاضرة؟
    ارتبكت "ساكورا" وهي تقول بضحكةٍ مصطنعة:
    لقد كنتُ أفكر بأمر "تيما".
    رمقتها "رينا" بنظراتٍ غريبة وابتسامة اغرب وقالت في سخرية:
    تفكرين ب "تيما" أم بالشخص الاخر؟
    احمر وجه "ساكورا" وهي ترد عليها:
    ما الذي تقولينه؟.... كفي عن المزاح.
    ووضعت رأسها بسرعةٍ على الطاولة وسمعت "ميمي" تهمس قائلة:
    هل تقصدين الفتى المدعو "اندي"؟
    رفعت "ساكورا" رأسها واقتربت من "ميمي" قائلة في إصرار:
    هل تعرفينه؟
    هزت رأسها نفياً وقالت متابعة:
    كل ما سمعته أنه في المستوى الثاني مع شقيقته "تيما".. ومشتركان في مسابقة رسم أفضل لوحة.
    صرخت كلٌ من "ساكورا" و "رينا" قائلتان:
    مستحيل...
    ضربت "ساكورا" بيدها على كتف "ميمي" وقالت:
    هل أنتِ واثقة؟
    أجابتها "ميمي" مستغربة:
    نعم.... لقد سمعت بعض الطلاب يقولون هذا.
    شعرت "ساكورا" بالارتياح وعادت إلى مكانها وهي تقول:
    حمد لله.
    عقدت "رينا" يديها وقالت موجهةً كلامها إلى "ساكورا":
    لكن.. هل أنتِ واثقة بأنك ستصبحين صديقةً له؟
    صرخت في وجهها قائلة:
    هذا ليس من شأنك.
    وقطع هذا الشجار صوت تساقط كتبٍ على الأرض ومرافقٌ له صوت صرخة فتاة, ثم نظروا إلى الخلف ورأوا شاباً يقف بجانب فتاة تجلس على الكرسي
    وتصرخ عليه قائلة:
    كيف تجرؤ على رمي الكتب على قدمي؟... ألا تعلم بأن هذا مؤلم.

    تعليق

    • Kikumaru Eiji
      عـضـو
      • Nov 2008
      • 28

      #3
      انحنى الشاب "هنري" أمامها وقال معتذراً:
      أعتذر على تصرفي هذا.
      وجلس على الأرض وبدأ بجمع الكتب الذي سقطت وحين أنهض انحنى لها مرةً أخرى وغادر القاعة من الباب الخلفي, شعرت "ساكورا" بالتضايق من تصرف
      الفتاة "لوسكا" وذهبت إليها قائلة :
      لماذا فعلتي هذا...؟
      رفعت عينيها لتنظر إلى من يقف أمامها وتساءلت ببرود:
      من أنتِ؟ وما شأنك؟
      أخفضت "ساكورا" حاجبيها وقالت في اسى:
      لقد أشفقت على ذلك الشاب.
      أخذت "لوسكا" حقيبتها ووضعتها على كتفها قائلة:
      الحقي به إذن... عليكِ يا عزيزتي ألا تنخدعي كثيراً, معظم الشباب هنا فاسدين وأنا أكرههم جميعاً ولا يمكنني أن أثق بهم.
      أغمضت عينيها وقالت بصوتٍ خافت:
      أنتِ مخطئة.
      غادرت "ساكورا" القاعة وهي مستاءة جداً
      وقفت بمحاذاة السور الذي في الدور الثاني من الجامعة وبقيت تنظر للطلاب في الطابق الأسفل وهي تتحدث مع نفسها قائلة في حزن:
      من المستحيل أن تكون مُحقة في كلامها.
      وشعرت ب "رينا" وهي تمسكها وتهمس في أذنيها قائلة:
      انتظري هنا... سأذهب لأحضر لكي شيئاً لتشربيه.
      بينما كانت "رينا" في طريقها إلى الكافتيريا, توقفت أمام المكتبة, وفضلت الدخول لتلقي نظرةً إلى الداخل, كان
      هناك عدد قليل من الطلاب, وهي تتجول رأت "هنري" يضع الكتب على الرفوف ثم راقبته حتى انتهى وسألته:
      هل أنت المسئول هنا؟
      أجابها وهو يبتسم:
      نعم... أحب الكُتب كثيراً لهذا أردت أن أكون المسئول هنا.
      عمى الصمت قليلاً أرجاء المكان فالجميع منسجمٌ في القراءة ثم قطعت "رينا" هذا الصمت بسؤالها:
      ما أسمك؟..
      أجابها بكل لطف وهو يلتفت إليها:
      "هنري"... وأنتِ؟
      شعرت ببعض الخجل وهي ترد عليه:
      "رينا".
      قال لها بمرح:
      اسم لطيف.
      أصبح وجهها وردياً من شدة الخجل وقالت:
      شكراً لكي.
      في ذلك الوقت, كانت كلٌ من "ساكورا" و "ميمي" ينتظران على السور, وبعد مرور نصف ساعةٍ على ذهابها قالت "ساكورا" في ضجر:
      لقد تأخرت.
      هزت "ميمي" رأسها وهي تقول بهدوء:
      صحيح... ربما بسبب الازدحام.
      فعلاً... لقد كان الازدحام هائلاً أمام الكافتيريا وفي وسط كل تلك الضجة وقفت "رينا" مع "هنري" وقالت في ذهول:
      ما كل هذا؟
      قال "هنري" مستغرباً:
      ربما أفقدهم الجوع صوابهم.
      في إحدى الطاولات الموجود في صالة الكافتيريا, كان هناك شابان يقفان بجانب فتاة تجلس على كرسيها وتشرب العصير بكل هدوء بينما كان
      أحدهن يتكلم بكل وقاحة وهو يضع يده على يدها المبسوطة على الطاولة ويقول:
      ما رأيك أن نصبح أصدقاء؟
      أبعدت الفتاة "تينا" العصير وأرجعته على الطاولة وقالت:
      المعذرة, أنا لا أُصادق القذرين أمثالك يا هذا.
      شعر الشاب بإحراج شديد أمام صديقه وقال في غضب:
      يا لكي من فتاةٍ وقحة.
      وقفت "تينا" وهي تحمل عصيرها ثم تظاهرت بأنها ستأخذ حقيبتها من الأرض وأسقطت الكوب من يدها عن قصد فوقع على بنطال الفتى
      وتلطخ منه فقال في اشمئزاز:
      ما الذي فعلته؟
      أخفضت "تينا" حاجبيها وقالت في سخرية:
      أنا اسفة, لم أكن أقصد.
      ثم حاول مد يده عليها وبحركةٍ سريعة رمت حقيبتها السوداء على وجهه بقوة وأسقطته على الأرض, وصمت الجميع ولم يسمع سوى صوت "تينا"
      وهي تقول بكل ثقة:
      لن أسمح لك أبداً بالاقتراب مني, وإذا حاولت ذلك مجدداً تأكد بأنك سوف تندم.
      حرك "هنري" شفتيه قائلاً في ذهول:
      يا لها من فتاةٍ قوية.
      ثم وجه كلامه إلى "رينا" بنفس النبرة:
      ألا تعتقدين ذلك؟
      اتسعت عينا "رينا" وهي تقول:
      صحيح.
      بعدها ظهرت على وجه "رينا" ملامح كمن نسي شيئاً مهماً وقالت في ارتباك:
      يا إلهي, لقد وعدت "ساكورا" بشراء عصيرٍ لها ول "ميمي"... لقد نسيت تماماً.
      في نفس تلك اللحظة رفعت "ميمي" هاتفها النقال ونظرت إلى الساعة وتنهدت بعمق قائلة في استياء:
      لقد مضت ساعةٌ على ذهابها.
      احترقت أعصاب "ساكورا" وضربت بيدها على السور وقالت في توتر:
      تباً, لم أعد أحتمل هذا.
      وسمعت صوتاً لطيفاً بجانبها يقول في مرح:
      هذه العصبية لا تليق بفتاةٍ جميلة مثلك.
      أدارت "ساكورا" عينيها لترى من يقف بجانبها, ورأت شاباً يقف في الجهة اليمنى من السور ويحدق بها بابتسامة صافية تعلو وجهه...
      رفعت "ساكورا" عينيها وهي تقول:
      عفواَ؟.. . لكن من أنت؟
      ضحك الشاب بمرح وقال بكل احترام منحنياً أمامهما:
      المعذرة , لم أعرفكما على نفسي, أنا أدعى "روبرت".
      لم تتمكنا "ميمي" و "ساكورا" من سماع اخر كلماته بسبب صوت الطائرة التي مرت من فوق المبنى الجامعي, ثم نظر "روبرت" للأعلى إلى تلك الطائرة
      وقال بصوتٍ هادئ جداً:
      لقد عادت أخيراً.
      وهبت نسمات هواءٍ قوية, وحرك شعره البني اللامع ثم همست "ميمي" بداخلها قائلة في تساؤل:
      من ينتظر يا تُرى؟
      وحدقت بوجهه قليلاً وعقدت حاجبيها ببطء وتابعت:
      لابد بأنه يعرف شخصاً وصل للتو إلى هذه المدينة.
      بعدها بقليل رفع "روبرت" يده اليمنى ورسم ابتسامة على وجهه وقال في سعادة:
      أراكما لاحقاً يا فتيات.
      أخفضت "ميمي" عينيها وقالت في إعجاب:
      كم هو لطيف!
      وفجأةً جاءت "رينا" مسرعة وهي تحمل كوبان من العصير في يدها ووقفت أمام كلٌ من "ساكورا" و "ميمي" ومدت يديها وهي تتنفس بصعوبة
      وتقول في تعب:
      اسفة على تأخري.. . لقد كُنت...
      وسكتت حين رأت النار تشتعل في عيني "ساكورا" فابتسمت "رينا" وقالت بارتباك:
      لم أقصد أن أتأخر عليكما , لكن هناك ما دفعني للتأخر.
      عقدت "ميمي" ساعديها على صدرها وقالت في تساؤل:
      ما هو هذا الشيء؟
      أجابتها وهي تفتح عصيرها:
      إنه موضوعٌ طويل... دعينا نذهب إلى القاعة لنرتاح قليلاً
      ثم توجهوا للقاعة المقابلة لهم, وجلست "ميمي" على في مكانها وقالت بارتياح:
      أشعر بالتعب, هذا الجو البارد في القاعة سيجعلني أنام.
      لم تمر عشر دقائق على جلوسهم ليرتاحوا إلا وسمعوا فتاةً تقول بأعلى صوتها:
      هناك محاضرةٌ للمستوى الأول في القاعة السادسة, هيا أسرعوا.
      نهضتا "رينا" و"ميمي" بسرعة ورمتا بالعصير في سلة المهملات, وقالت "رينا" موجهةً كلامها ل "ساكورا" التي لم تتحرك من مكانها:
      هيا تحركي بسرعة وإلا سنتأخر.
      أكملت "ساكورا" اخر رشفة عصير وتنهدت قائلة:
      لمَ العجلة؟ ... انتظري قليلاً.
      حملت "رينا" أشياءها وهي تقول في عجلة:
      يمكنك اللحاق بنا.
      ثم ألتفتت إلى "ميمي" متابعة:
      هيا بنا.
      بعد خروجهم بدقائق, نهضت "ساكورا" ببطء, وحين خرجت توقفت عن السير قائلةً في توتر:
      يا إلهي, لا اعرف إلى أين اتجهوا؟
      وتذكرت كلام الفتاة وتابعت طريقها راكضة لا تعلم مكان تلك المحاضرة....
      وفي مكانٍ اخر كانت "تيما" منهمكة بالرسم مع "اندي" في الغرفة, والتقطت "تيما" اللون الأبيض ووجدته قد نفذ من اللون فقالت في ضجر:
      لقد انتهى اللون الأبيض.
      فرمته على "اندي" وأمسكه بيده وتابعت كلامها قائلة بجفاء:
      اذهب لشراء واحدٍ اخر.
      شعر "اندي" بالملل وقال في تساؤل:
      لماذا لا تذهبين أنتِ؟
      صرخت في وجهه قائلةً في غضب:
      اذهب وإلا فلن أتمكن من إكمالها... هيا بسرعة.
      ضغط "اندي" على اللون بقبضة يده وعرف بأن "تيما" منفعلةٌ بسبب ما حدث لهذا فضل عدم الرد عليها وحمل نفسه للخارج...
      ركض "اندي" في الممر الفارغ بسرعة متوجهاً إلى محل أدوات الرسم وهو يقول مبتسماً:
      سوف تغضب كثيراً لو تأخرت.
      من جهةٍ أخرى ما زالت "ساكورا" تبحث عن المكان دون جدوى وبدأ القلق ينتابها كثيراً, وعند إحدى الزوايا اتجهت إلى الجهة اليسرى وأصطدم
      بها "اندي" بقوة لأنه كان يركض ووقع فوقها, سقطت "ساكورا" على رأسها مما أفقدها وعيها بينما أصيب "اندي" بخدشٍ في كتفه الأيمن وحين نهض
      ورأى "ساكورا" أصيب بالذعر ووضع يده على كتفها وهزها وهو يرتجف قائلاً في قلق:
      يا انسة... هل أنتِ بخير؟
      فتحت "ساكورا" عينيها قليلاً ولم تدرك ما هي عليه, وكان صوت نبضات قلبها يتردد في أذنها مع ألم في رأسها.. لم تتمكن "ساكورا" من رؤية "اندي"
      بوضوح لأنها لم تستعد وعيها تماما... قام "اندي" بحملها بين ذراعيه فالمه كتفه لكنه تحمل ليأخذها إلى الطبيب...
      توترت "رينا" كثيراً أثناء المحاضرة وهي تضرب بقدمها على الأرض وتتساءل في نفسها:
      ما الذي تفعله تلك الغبية حتى الان؟
      انتهى الطبيب من معاينة "ساكورا" ثم جلس على كرسي مكتبه, وسأله "اندي" عن حالتها فأجابه قائلا في اطمئنان:
      إنها بخير.... لقد أغمي عليها بسبب الصدمة فقط, لا داعي للقلق.
      شعر "اندي" بالارتياح ووضع يده على صدره قائلاً:
      الحمد لله ... لقد كاد قلبي يتوقف.
      ثم جلس بجانبها ووضع يديها بين كفيه وقال بحزنٍ شديد:
      أنا اسف.
      هبطت الطائرة على مطار تلك المدينة, ونزل الركاب وارتسمت على وجههم علامات التعب والإرهاق, وفي صالة المطار الكبيرة
      كان هناك شابٌ يسحب الحقيبة على الأرض ويسير بجانب فتاة أكبر منه سناً, وتوقفت عن السير فجأة وقالت بسعادة:
      وصلتُ أخيراً, لقد اشتقت إلى هذه المدينة كثيراً.
      قال لها شقيقها الذي يسير بجانبها في تعب:
      ما دمتِ بكل هذا النشاط, لماذا لا تقومين بحمل الحقيبة بدلاً عني؟
      التفتت "بريتي" إليه وقالت بابتسامة صافية:
      حمل الحقائب تعتبر رياضةً جيدة لك , أنا متعبة وأريد أن أصل للمنزل لكي أنام.
      جثم شقيقها على ركبتيه وقال في إرهاقٍ شديد:
      يا لكي من فتاةٍ كسولة.
      بعدها قام بإيقاف سيارة أجرة وركب فيها مع "بريتي" وبعد مرور بضع الوقت وصلوا إلى المنزل..
      اتجهت "بريتي" إلى غرفتها بأسرع مما يمكن ورمت بجسدها على السرير وقالت بسعادة:
      كم هذا مريح!
      لم تتمكن "بريتي" من تغيير ملابسها, لأنها غطت في نومٍ عميق ولم تشعر بشيء من شدة التعب.
      في الجامعة, تخيلت "ساكورا" أشياء غريبة وهي نائمة, وخُيل إليها بأنها تسمع صوتاً مألوفاً يعتذر إليها بحرارة وتوسل فقالت في داخل نفسها:
      صوت من هذا؟
      وفتحت عينيها ببطء, ورأت "اندي" يمسك بيدها, فاتسعت عيناها وأبعدت يدها عن قبضته بسرعة, فأندهش صم أبتسم
      بارتياح وقال:
      حمد لله على سلامتك.
      سألته "ساكورا" في حيرة:
      ما الذي حدث؟
      أجابها "اندي" بكل لطف:
      لقد اصطدمت بكِ فجأة, وسقطتِ على الأرض ثم قمت بحملك إلى هنا... أنا اسف لما حدث.
      ارتبكت "ساكورا" كثيراً وهي تتحدث إليه:
      لا داعي للاعتذار, لم يحدث شيء.
      ثم تابعت محدثةً نفسها في سعادة غامرة:
      تمكنت من رؤيته أخيراً, لا أصدق بأنه يجلس بجانبي في هذه اللحظة.
      وقطع انسجامها صوت تساؤله وهو يقول:
      لم أتمكن من معرفة اسمك... هل يمكنكِ أن...
      قاطعته قائلةً في سرعة:
      "ساكورا"... اسمي "ساكورا".
      ابتسم في وجهها قائلاً بإعجاب:
      اسم جميل.
      أحست "ساكورا" بقليلٍ من الخجل وقالت:
      ش شكراً لك.
      عند كل دقيقةٍ تمر, يزداد توتر "رينا" وقلقها عليها ولم يتبقى سؤال إلا وخطر في ذهنها, ولم تطمئن حتى سمعت المعلم يعلن عن
      انتهاء وقت المحاضرة فانطلقت من مكانها بسرعة من دون أن تخبر "ميمي" إلى أين ستذهب.
      اتجهت "رينا" إلى المكان الذي كانت تجلس فيه مع "ساكورا" لكنها لم تجد أي أثرٍ لأغراضها وركضت عبر الممرات ويدور في ذهنها
      سؤالٌ واحد:
      أين ذهبت؟
      في تلك الأثناء, كان "روبرت" يقف في إحدى زوايا الطابق السفلي, وأخرج هاتفه من جيبه وحدد على رقم "بريتي" وضغط طلب اتصال,
      رن هاتف "بريتي" وهو داخل حقيبتها, وهي تغط في النوم, وتخيلت بأنها تسمع صوت الرنين وحركت ذراعها وأسقطت الحقيبة على الأرض
      من دون أن تشعر وتابعت نومها, تنهد "روبرت" في يأس وأغلق الهاتف قائلا:
      لابد بأنها متعبة جداً, ولم تتمكن من الرد.
      فجأةً, رأت "رينا" بالمصادفة "ساكورا" تخرج مع "اندي" من إحدى الغرف واتجهت نحوهما, قالت "ساكورا" بهدوء:
      أشكرك على اهتمامك بي .
      هز "اندي" رأسه نفيا وهو يقول:
      لا داعي للشكر.
      ثم سمعا صوت "رينا" تقول وهي تتنفس بصعوبة:
      وجدتكِ أخيرا, أين كنتِ...؟
      أجابتها "ساكورا" في أسف:
      المعذرة, لقد حدثت أمورٌ كثيرة, سأطلعك عليها لاحقاً.
      اقترب "اندي" من "رينا" وأنحني قائلاً:
      أرجوا المعذرة, أنا السبب فيما حدث, أرجوكِ اعتني بها.
      رمت "تيما" فرشاة التلوين على الطاولة بقوة, وعضت شفتيها قائلةً في ضيق:
      يا له من شخصٍ عديم الفائدة.
      وخرجت من الغرفة في الوقت الذي كان فيه "اندي" عائداً إلى هناك, ورأته بالصدفة وقالت بصوتٍ غاضب:
      ما الذي كنت تفعله طوال الوقت؟
      بدا وجه "اندي" شاحباً وهو يقول بصوتٍ منخفض:
      أنا اسف "تيما".
      ثم حركت عينيها ونظرت إلى الجرح الذي بكتفه فأمسكت بيده وجرته إلى الداخل, وهو مندهشٌ من تصرفها الغريب, وأجلسته على الكرسي
      وقالت بلطف وهي تبتسم في وجهه:
      سأعالج جرحك, أبقى في مكانك ريثما أعود.
      وضع "اندي" يده على كتفه المصاب وأغمض عينيه مبتسماً بارتياح....
      بعد انتهاء الدوام, امتلأت الساحة بحشدٍ من الطلبة, وخرجت "ميمي" وهي تحمل أغراضها في يدها ووقفت أمام البوابة الرئيسية تبحث عن
      سيارة السائق, لكنها لم تجدها وحاولت الاتصال عدة مرات دون جدوى...
      همست "رينا" في أذني "ميمي" قائلة:
      ما الأمر؟
      أغلقت "ميمي" هاتفها وهي تجيبها بحزن:
      لقد تأخر السائق, ولا يرد على هاتفه.
      سكتت "رينا" لبرهة ثم قالت في حماس:
      يمكنك أن تأتي معنا, سوف نوصلك.
      أحست "ميمي" بقليل من الحرج, وهي تقول:
      لا شكراً... بيتي بعيدٌ عن هنا, لا أريد أن...
      قاطعت "ساكورا" كلامها قائلة:
      لا عليكِ... سوف نوصلك حتى لو كان في اخر العالم.
      ارتاح قلب "ميمي" حين سمعت هذا الكلام وقالت:
      شكراً لكما.
      شغل "روبرت" سيارته وأنطلق بها إلى منزل "بريتي" لأنه لم يستطع الانتظار للغد, لذا عند انتهاء وقت الدوام وعد
      نفسه بالذهاب إليها...
      شارفت الشمس على الغروب, واستيقظت "بريتي" في ذلك الوقت, وكان الإرهاق واضحاً على وجهها والتقطت حقيبتها من على الأرض
      وفتحت هاتفها لترى من الشخص الذي أتصل بها, فرأت اسم "روبرت" فاتسعت عينيها وشعرت بالسعادة التي غمرت قلبها, في تلك الأثناء
      وصل "روبرت" إلى منزلها وحين حاول الاتصال بها وجد أن هاتفها مشغول الان لأنها كانت تتصل به في نفس اللحظة لهذا ظهر لديها الرقم
      مشغول أيضاً فقالت في حزن:
      خسارة , كنت أود التحدث إليه.
      اتجهت "بريتي" إلى الشرفة وبالصدفة رأت سيارته واقفة عند باب المنزل فابتسمت بلهفة ولوحت بيدها اليمنى عالياً وحين لمحها "روبرت"
      نزل من السيارة وقال لها بصوت عالي:
      أهلاً, بعودتك ... "بريتي".
      ثم أخرج باقة وردٍ من سيارته, وأقترب من المنزل ووجد أن الباب مفتوح ودخل.
      لم تصدق "بريتي" عينيها وهي ترى "روبرت" يقترب منها وهي واقفة على الشرفة وتقول له بسعادة:
      اشتقت إليك كثيراً.
      بادلها بابتسامة وهو يرد عليها:
      وأنا أيضاً يا أميرتي.
      وقفت "بريتي" على سور الشرفة فأندهش "روبرت" عندما سمعها تقول:
      سأستغرق وقتاً أطول إذا نزلت من الدرج.
      أسقط "روبرت" باقة الورد ومد يديه قائلاً بكل سرور:
      تعالي إلي إذن.
      قفزت "بريتي" من الشرفة إلى المكان الذي يقف به "روبرت" وأمسك بها وأحتضنها بحب وهو يقول:
      انتظرتك طويلاً, "بريتي".
      نظرت إليه وقالت بصوت خجول:
      ما الذي تقوله؟... لقد غبت عنك مدة أسبوعين فقط.
      رد عليها وهو يداعب خصلات شعرها:
      المهم أنكِ قد عدت.
      فقام بإعطائها باقة الأزهار وهو يقول:
      هذه هديةٌ لك.. بداخلها بطاقة كتبت فيها كل ما أخذته اليوم في الجامعة... أريد أن أراكِ غداً.
      هزت "بريتي" رأسها قائلة:
      ساتي بالتأكيد.
      في ذلك الوقت. وصلت "تينا" إلى المنزل, وهي متعبة وتوجهت مباشرةً نحو غرفتها لتغيير ملابسها, ودخلت لتستحم وأحست ببعض
      النشاط بعد الاستحمام, وحين خرجت كانت تضع المنشفة على كتفيها وفتحت خزانة ملابسها لتختار ما ترتدي للغد وشدتها بلوزةٌ بيضاء جميلة
      الشكل وحاولت أخذها وفجأة رأتها متعلقةُ بمسمار خارج من الخزانة فأدى إلى قطع جزءٍ منها وقالت بإحباط:
      تباً, كنت أود ارتدائها غداً.
      ثم نزلت إلى والدتها التي كانت تجلس في غرفة المعيشة وسألتها قائلة:
      أمي, أين هي الخادمة؟
      أجابتها الأم بكل استغراب:
      ألا تعلمين بأنها قد عادت إلى بلدها هذا الصباح.
      أخفضت "تينا" حاجبيها وقالت :
      كم هذا مؤسف!
      بينما كانت "تينا" في طريقها للخروج من غرفة المعيشة سمعت والدتها تقول:
      ما الذي تريدينه من الخادمة؟
      أدارت "تينا" ظهرها وهي تجيب على تساؤل والدتها:
      لقد تمزقت بلوزتي قليلاً وأردت أن تصلحها لي... هذا كل ما في الأمر.
      عندما عادت "تينا" إلى غرفتها أمعنت النظر إلى بلوزتها البيضاء ووجدت بأنه من المستحيل عليها إصلاح هذا القطع بيدها, ثم وجهت نظرها
      إلى الساعة ووجدتها قد تجاوزت السادسة والنصف مساءً.. فأخذتها وخرجت من المنزل وذهبت إلى أقرب مكان لإصلاحها, دخلت "تينا" إلى
      أحد المحلات ووجدت شاباً يجلس هناك فاستغربت, لم تكن هذه المرة الأولى التي تأتي فيها إلى هذا المحل لكنها اعتادت على وجود رجلٌ كبير
      في السن, فقالت بكل هدوء:
      مرحباً.
      التفت الشاب إليها وقال بكل لطف:
      أهلاً... هل يمكنني أن أخدمك بشيء.
      ارتبكت "تينا" وهي تحدثه في تساؤل:
      أين هو الرجل الذي كان يعمل هنا؟
      أجابها الشاب باحترام:
      لقد ذهب إلى المنزل... وأنا أعمل عوضاً عنه في هذا الوقت.
      اقتربت "تينا" من الطاولة ووضعت البلوزة عليها فأخذها الشاب وأمعن النظر إليها وأبتسم قائلاً.:
      يمكنني إصلاحه بسهولة.
      أحست "تينا" بالسعادة وقالت:
      هل يمكن أن يجهز اليوم؟
      هز رأسه مجيباً:
      نعم... يمكنك العودة للمنزل وحين أنتهي منه سأخبرك.
      حين فتحت "تينا" الباب للخروج, سمعت الشاب يقول في تردد:
      هل .. يمكنك إعطائي رقم هاتفك؟... لا تسيء فهمي, أريده فقط لكي أتصل بكِ حالما أنتهي.
      ترددت "تينا" في البداية, لكنها فكرت بأنه ما دام الأمر متعلقاً بالعمل فلا بأس, فقامت بكتابته في ورقه ووضعتها على الطاولة من
      دون أن تنطق بكلمة ونظرت للشاب "مايكل" وكأنها تقول له "إياك أن تعطيه لأحد" فأبتسم قائلاً:
      لا تقلقي ... لن أستخدمه إلا مرةً واحدة فقط.
      رتبت "بريتي" أغراضها وأخرجتها كل من الحقيبة وأعادتها إلى الخزانة بينما كانت "ساكورا" تغط في النوم على سريرها...
      أما "رينا" فقد استلقت على سريرها وظلت تقلب هاتفها النقال...
      و "ميمي" تتبادل الأحاديث مع عائلتها وتحكي لهم عما حدث معها في الجامعة هذا اليوم...
      فتحت "لوسكا" دولاب ملابسها وجهزت ما سترتدي ثم ذهبت للنوم...
      وصلت الساعة إلى التاسعة تماماً, وما زال كلٌ من "تيما" و"اندي" بالجامعة...
      أنهت "تيما" رسم لوحتها أخيراً وقالت بسعادة:
      لقد أصبحت جاهزةً الان.
      فرح "اندي" من أجلها ووضع كفه على كتفها قائلاً:
      لنعد إلى البيت الان, لقد تأخر الوقت.
      وأطفئوا الأنوار وخرجوا عائدين إلى المنزل....
      أكمل "مايكل" إصلاح البلوزة, ثم قام بكيها وتغليفها جيداً لكي لا تتسخ, وبحث عن الورقة التي بها الرقم لكنه لم يجدها بأي
      مكان فقال في حيرة:
      ما العمل الان؟
      ونظر إلى البلوزة متابعاً:
      يبدو أن علي إيصالها بنفسي.
      أغلق "مايكل" المحل وأتجه إلى منزل "تينا" لأنه بالقرب من هناك, وسار على قدميه في ذلك الليل الهادئ وفجأة رأى سيارة ضوئها ساطع
      تقف أمام المنزل حين وصل فغطى عينيه بيده وقال بانزعاج:
      يا له من ضوء... ألا يمكنه إنقاصه قليلاً؟
      نزل من السيارة رجل بدا عليه الكبر, ويبدو على ملامح وجهه أنه قد تجاوز الأربعين, لم يطمئن "مايكل" حين شاهده, فهو يبدو
      عصبياً جداً من نظراته وصوته حين سأله قائلاً بجفاء:
      ما الذي تفعله هنا؟
      عقد "مايكل" حاجبيه وقال بجدية:
      أردت إيصال شيءٍ لشخصٍ يسكن هنا.
      نظر الرجل إلى ما يحمله "مايكل" في يده وعرف بأنها تخص "تينا" فصرخ في وجهه قائلا:
      يال جرأتك أيها الشاب, أتيت في هذا الليل لتقابل فتاة مدعياً بأنك توصل شيئاً لها.
      غضب "مايكل" من كلام هذا الرجل وأسلوبه الوقح ورد عليه بكل برود:
      يبدو بأنك ترى الجميع مثلك.. أيها الرجل المحترم.
      أدخل الرجل يده في جيبه وقال محاولاً تغطيه غضبه:
      ما الذي تقصده؟
      ابتسم رداً عليه ليغيظه:
      ما أقصده ... هو أنك لا تعرف معنى الاحترام وتشك بكل من حولك.
      اقترب الرجل من "مايكل" ببطء ورفع يده ليضربه لكنه أمسك بها وأكمل حديثه:
      أنا لم اتي إلى هنا لأتشاجر معك أيها السيد, لكن ما دام الأمر كذلك فقم أنت بإعطاء هذه للفتاة إذا كنت تسكن معها.
      وأعطاه إياها ورحل... وهو في طريقه تنهد قائلاً:
      ما أغرب هذا العالم.
      دخل والد "تينا" إلى المنزل ونيران الغضب تشتعل بداخله و نادي "تينا" بكل صوته فخرجت زوجته تتساءل في حيرة:
      ما الأمر؟.... ما الذي حدث؟
      نزلت "تينا" مسرعةً حين سمعت صراخ والدها وحين وقفت على الدرج وراها والدها قال في عصبية بالغة:
      كيف تجرئين على مقابلة شاب دون علمنا؟
      اتسعت عيني "تينا" وحاولت التركيز في سؤال والدها الغريب, وتساءلت بداخلها
      "من هو الشاب الذي قابلته دون علم والداي؟" فسألت والدها في قلق:
      من تقصد بهذا الكلام يا والدي؟
      رفع والدها الغلاف وقال :
      أقصد الشخص الذي أحضر هذا.
      ردت "تينا" على والدها بكل ثقةٍ وحزم:
      والدي, لقد أسأت الفهم, أنا لا أعرف هذا الشاب .. كل ما في الأمر أنني أردت إصلاح ثوبي ولم أجد في
      المحل سوى ذلك الفتى فأعطيته لكي يصلحها لي.
      ثم تابعت كلامها وهي تقترب من والدها:
      كما أنني لا أعرف شيئاً عنه سوى أنه يعمل في محل الخياطة بدلاً من الرجل المُسن.
      لم يتمكن الأب من الرد على ابنته التي أخذت ثوبها وصعدت إلى غرفتها, فجلس على الأريكة واخذ نفساً عميقاً وقال في إرهاق:
      يبدو بأن كثرت العمل أفقدتني صوابي.
      جلست الأم بجانبه وحاولت تهدئته بقولها:
      عليك أن تأخذ قسطاً من الراحة.
      أبعدت "تينا" الغلاف عن البلوزة, فرفعت حاجبيها وقالت في ذهول:
      لقد قام بكيها أيضاً.
      وقامت بتعليقها على واجهة الدولاب, وأطفئت الأنوار وخلدت للنوم...

      **************************************************

      تعليق

      • رومنسييه
        عضو متألق
        • Sep 2008
        • 342

        #4
        يسلمو على القصه والله يعطييك العافيه

        تعليق

        • Kikumaru Eiji
          عـضـو
          • Nov 2008
          • 28

          #5
          الله يسلمك والله ... أنتظر باقي الردود

          تعليق

          • *مزون شمر*
            عضو مؤسس
            • Nov 2006
            • 18994

            #6
            هلابك عزيزتي
            يسعدنا مشاركتك معنا
            ويعطيكِ العافيه على الروايه
            عزيزتي
            ياليت ترجعين القوانين
            لان من قوانين اذا مر شهر ولم تكتمل الروايه تنقل للمحذوفات
            وذالك لان في كثير ينزلون ولا يكملون و بكذا الروايه تكون غير مفيدة
            لهذا اضفنا هذا الشرط
            واتمنى تكملينها بسرعه ولا تنتظرين ردود
            موفقه


            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه الشروط تعتبر متفرعه من الشروط العامة شروط منتدى عبير العامه (https://v.3bir.net/148881/) وجميع مايذكر هنا هو اضافة لتلك الشروط او استنثاء منه اعزائى.....أعضاء منتديات عبير أسعد الله أوقاتكم بالخير والمسرات حرصا مني ومن ادارة هذا المنتدى على رقي هذا المكان و تجنيبه ماقد يسيء إليه .

            تعليق

            • Kikumaru Eiji
              عـضـو
              • Nov 2008
              • 28

              #7
              " حادثة الجامعة "

              طلع فجر يومٍ جديد, وبدأت أشعة الشمس بالشروق في السماء الزرقاء الصافية, ومازال معظم الناس يغطون في النوم...
              اخترقت خيوط أشعة الشمس زجاج النافدة المطلة على غرفة "ميمي" ففتحت عينيها ببطء ووجهت بصرها نحو الساعة المقابلة لسريرها
              ورأتها لم تتجاوز السادسة فحاولت أن تكمل نومها لكنها لم تستطع ففضلت النهوض على ذلك...
              بحثت "ميمي" عن أحدٍ مستيقظ, وحين أحست بالهدوء التام عرفت بأنه لم يستيقظ أحدٌ بعد فقالت في ضجر:
              لماذا استيقظت باكراً؟
              أعدت "ميمي" إفطارها بعدما أحست بالجوع ثم جلست على الطاولة في المطبخ وظهرت في مخيلتها صورة "روبرت" وهي تأكل فهزت
              رأسها نفياً وهي تقول :
              لماذا الان ؟..... لماذا أفكر به ؟
              بعدما أنهت فطورها, قامت بوضع الأطباق على المغسلة وذهبت لتجهز نفسها للذهاب إلى الجامعة.
              في تلك اللحظة, كانت "لوسكا" تسرح شعرها أمام المراة, وفجأةً أحست بدخول شقيقها إلى الغرفة بدون سابق إنذار فوضعت فرشاة الشعر على
              الطاولة قائلةً بجفاء:
              ألا تعرف كيف تطرق الباب؟
              أجابها وهو يجلس على السرير بلا مبالاة:
              لماذا علي أن أطرق الباب؟... فأنتِ أختي ولستِ شخصاً غريباً.
              وقفت "لوسكا" أمامه مباشرة وقالت:
              أولاً : أنا فتاة ومن المعيب أن تدخل حتى لو كنت أختك.
              ثانياً:أخرج حالاً لأنني أريد تغيير ملابسي.
              رفع شقيقها عينيه إليها وقال بجرأة:
              سأخرج بعد 10 دقائق.... أشعر أنني غير قادر على النهوض الان.
              أمسكته "لوسكا" من ملابسه وأوقفته على قدميه وقالت:
              يمكنك الخروج الان, أليس كذلك؟
              شعر شقيقها بأنه لا فائدة من الجدال فأبعد يدها وخرج قائلاً:
              ما هذا البيت الذي لا يوجد به شخصٌ مسلي؟
              ضحكت عليه "لوسكا" بعدما خرج وقالت:
              يا له من فتى... يريد أن يتسلى في هذا الصباح.
              لم تتمكن "بريتي" من النوم طوال الليل, وعندما حان وقت النهوض أحست بالنعاس, فرمت غطاء سريرها على الأرض
              وقالت بعصبية:
              أين كان النوم طوال الليل؟... ربما لأنه أول يومٍ لي بالجامعة.
              أوقف "مايكل" سيارته بالقرب من منزل "تينا", وأنتظرها حتى خرجت, فنزل من السيارة وأتجه إليها بعدما أطمئن أنها لوحدها
              وعندما لاحظته توقفت عن السير, وحرك شفتيه قائلاً:
              أعتذر عما حدث بالأمس.
              اتسعت شفتي "تينا" مبتسمة وقالت:
              أنا من يجب أن أعتذر, لقد كان والدي مرهقاً من العمل لهذا... أرجوا أن تسامحه.
              قال "مايكل" ببرود شديد:
              لا بأس.... لست من الأشخاص الذين يبالون بأمورٍ مثل هذه.
              شعرت "تينا" ببعض التضايق من أسلوبه في الكلام وقالت:
              حسناً... سأذهب الان.
              في الجامعة, كان "هنري" يسير في الساحة, فجاء إليه صديقه مسرعاً والحزن والقهر يملئ عينيه فسأله "هنري" متعجباً:
              ما الذي أصابك؟
              مد إليه الشاب تذكرتين لحضور فيلم سينمائي شهير وقال في أسى:
              الفتاة التي أحبها قد رفضتني.
              حاول "هنري" إخفاء ضحكته لكنه لم يستطع, فصرخ الشاب قائلاً:
              لماذا تضحك؟
              أجابه "هنري" بعدما توقف عن الضحك:
              لطالما أخبرتك أن أسلوبك في التعامل مع الفتيات خاطئ.
              وأخذ التذكرتين منه بسرعة وأبتعد عنه قائلاً في مرح:
              سأحتفظ بها من أجلك.
              عقد الشاب حاجبيه قائلاً في تمني:
              أتمنى أن ترفضك صديقتك كي أضحك عليك لاحقاً.
              نظر "هنري" إلى التذكرتان بينما كان يسير ثم جلس تحت الشجرة وقال في حيرة وتساءل:
              لا أعرف فتاةً معينة ستقبل بالذهاب معي.
              وبالمصادفة , رأى "رينا" قد وصلت إلى الجامعة في ذلك الوقت, وحدق بها وهو يفكر ثم أبتسم وقال ساخراً:
              يال الغباء, من المستحيل أن توافق "رينا" على الذهاب وهي لا تعرف عني شيئاً.
              وصلت "بريتي" إلى الجامعة وكانت تسير بين الطلبة, وتبحث لعلها تجد شخصاً تعرفه, ثم رأت "رينا" واتجهت إليها
              بسعادة وقالت:
              مرحباً "رينا".
              التفتت "رينا" إليها وقالت بفرح:
              "بريتي"... أهلاً... متى عُدت؟
              صافحتها "بريتي" وأجابتها:
              لقد عُدت بالأمس. اشتقت إليكم كثيراً.
              غلفت "تيما" لوحتها وحدقت بها بارتياح, لأن المشكلة التي وقعت فيها قد حُلت ثم دخل إليها "اندي" وسألها:
              هل أنتِ مستعدة؟
              هزت رأسها قائلة بثقة:
              نعم... أنا على أتم الاستعداد.
              اتصل "اندي" على السائق ليأتي لحمل اللوحة وأخذها إلى مقر المسابقة... وأغلق "اندي" الهاتف بعدما أخبره وقال:
              سيصل إلى هنا قريباً.
              وضعت "تيما" يدها على صدرها وتحسست نبضات قلبها المتسرعة وقالت:
              بدأت أشعر بالخوف وأفكر... هل سأربح أم لا...؟
              أجابها "اندي" باطمئنان :
              سواءً ربحتِ أو لا, ما دمتِ قد بذلتي جهدك فسوف تنتصرين.
              في تلك الأثناء, قام "هنري" بمناداة "رينا" بينما كانت تسير مع "بريتي" فأدارت رأسها للخلف وقالت متسائلة:
              نعم؟.
              ارتبك "هنري" وشعر بالخجل وهو يقول متردداً:
              هل يمكنني التحدث إليكِ؟
              ابتسمت "بريتي" في وجهها وقالت بصوت هادئ:
              يمكنك الذهاب... أما أنا فسأذهب إلى "روبرت".
              ظهرت علامات الغضب على وجه "هنري" عندما سمع اسم "روبرت" وشعر بالضيق ... لأن "روبرت" يكون ابن عمه وبسبب الخلافات
              العائلية تربى كل منهما على كراهية الاخر لهذا يتضايق كثيراً عندما يراه أو يسمع اسمه...
              اقتربت "رينا" منه بعدما ذهبت "بريتي" وقالت:
              ما الذي تريده مني؟
              أخفض "هنري" رأسه قائلاً وهو يبعد عينيه عن عينيها:
              أود دعوتكِ لحضور السينما... هل توافقين؟
              التزمت "رينا" بالصمت لفترة, وكانت علامات الاستغراب تملئ وجهها ثم قالت مترددة وهي تحرك يديها:
              سأفكر بالأمر... يمكنني أن أخبرك في نهاية الدوام.
              قال "هنري" في حماس:
              خذي وقتك في التفكير... ففي النهاية أنتِ الفتاة الوحيدة التي أعرفها.
              ابتسمت "رينا" وأحمر وجهها قائلة:
              لقد أخجلتني كثيراً.
              ثم ضحكا معاً في مرح...
              رفعت "ساكورا" رأسها من على الوسادة بسرعة, ونظرت إلى الساعة ووجدتها قد وصلت إلى 8:30 وتجمدت في مكانها قائلة في صدمة:
              تأخرت اليوم بالفعل.
              ونهضت وارتدت بلوزةً بنفسجية مع بنطالٍ أسود قصير يصل إلى ركبتيها وأخذت حقيبتها ودقت باب غرفة أخيها "ساي" لتيقظه لكنه لم
              يرد, فدخلت إليه ووجدته نائماً فقالت بصوتٍ عالٍ:
              هيا انهض.... سوف أتأخر .
              غطى "ساي" نفسه ببطانيته فنزعتها من فوقه وهي تصرخ قائلة:
              سوف أعطيك كل ما تريده إذا نهضت.
              جلس "ساي" على السرير وقال وهو شبه مستيقظ:
              أريد هاتفاً جديداً.
              ظهرت علامات الغضب على وجه "ساكورا" وسحبته من يده وهي تقول:
              خذني إلى الجامعة إذن.
              قام "ساي" بوضع يده على رأسه وقال بلا مبالاة:
              كل هذا الحب للجامعة... يا إلهي أنا متعب.
              بينما كانت "بريتي" تسير في الممر سمعت "روبرت" يقول بلطف:
              أنا هنا... يا أميرتي.
              التفتت "بريتي" للخلف ورأته يقف متكئاً على الجدار ويضع يديه في جيب بنطاله وقالت بسعادة:
              صباح الخير "روبرت".
              اقترب "روبرت" منها ووضع يده على كتفها الأيسر وقال هامساً:
              هل تعلمين أن الجامعة أصبحت أفضل بوجودك؟
              تحول وجه "بريتي " إلى اللون الوردي وقالت في خجل:
              أنت .... تبالغ كثيراً.
              أبعد "روبرت " يده وقال في مرح:
              بل على العكس يا أميرتي... أنت ِ الأجمل هنا.
              وصلت "لوسكا" إلى الجامعة وأخرجت هاتفها من الحقيبة وقلبته قليلاً ثم تنهدت قائلة:
              توقعت ذلك... لقد انتهى رصيدي ونسيت إخبار أخي بذلك.
              وأعادته إلى مكانه وتلفتت حولها ولم ترى سوى وجوهُ غريبة حولها...
              فأغمضت عينيها وقالت في استسلام:
              سأطلب من أحدهم أن يعيرني هاتفه في نهاية الدوام.
              وحين مشت خطوات قليلة اصطدم كتفها بكتف شاب هناك فحدقت به قائلة:
              هل أنت أعم ...
              وسكتت حين رأت أن هذا الشاب هو جارها فقال:
              أنا اسف.
              ثم تابع باندهاش:
              ألستِ "لوسكا"...؟ لم أركِ منذ فترة.
              ابتسمت "لوسكا" قائلةً باحترام:
              نعم... لم أخرج من البيت منذ فترة.
              وضع الشاب "جيم" يده على رأسها وقال ضاحكاً:
              لقد فهمت.
              وضعت "ميمي" حقيبتها على الكرسي داخل القاعة الهادئة, لأنه لم يكن هناك الكثير من الأشخاص وجلست مخرجةً مراةً صغيرة
              من حقيبتها وتأملت نفسها ثم أرجعتها حين رأت "رينا" اتيه...
              قالت "رينا" بهدوء:
              صباح الخير "ميمي".
              وجلست بجانبها وبدت كالمحتار في أمرٍ ما فسألتها "ميمي":
              تبدين غريبةً اليوم.. ما الأمر؟
              داعبت "رينا" أصابع يدها وقالت بصوتٍ خجول:
              لقد دعوتُ إلى السينما.
              هتفت "ميمي" في فرح من أجلها... وقالت:
              هذا رائع... من دعاكِ؟
              أجابتها في سرعة:
              "هنري".
              أخفضت "ميمي" حاجبيها وقالت في حيرة:
              من هذا؟
              حكت لها "رينا" ما حدث في اليوم السابق بين "هنري" و "لوسكا" فقالت "ميمي" باستيعاب:
              اه.. لقد عرفته.
              غرقت "رينا" في التفكير ( هل تذهب معه؟ أم لا؟)... ولاحظت "ميمي" ذلك واستمرت بالتحدث معها لكي تنسيها
              قليلاً هذا الموضوع...
              من جهةٍ أخرى, حين وصلت "تينا" جاء إليها ذلك الشاب الذي ضايقها سابقاً عند الكافتيريا وكأنه لم يكتفي وحين وقف أمامها
              قال بجرأة:
              لقد جئتُ لأرد إليك الدين.
              رفعت "تينا" رأسها ورمقته بنظراتها الباردة وقالت في سخرية:
              يبدو بأنه لا يوجد لديك عملٌ تقوم به سوى مضايقة الاخرين.
              عقد الشاب قبضته بقوة ثم أدخل يده في جيبه وقال باشمئزاز:
              أنتِ فتاةًُ مملة.
              ثم أبتسم متابعاً بجرأة:
              وتركضين خلف الشباب.. سأخبر الجميع بأنني رأيتك تقومين بعمل فظيع ليلة أمس, لقد دخلتي إلى منزل شاب
              ولا أحد يعلم ما الذي فعلته هناك.
              أخفضت "تينا" رأسها ولم تتحمل ما تسمعه ثم قامت بصفعه على وجهه بقوة وقالت في غضب:
              أمثالك لا يتعلمون بسهولةٍ يا هذا, لكني سأعلمك كيف تتعامل مع الاخرين.
              وقطع كلامها صوتٌ يقول في تشجيع:
              هذا صحيح.
              التفتت "تينا" إلى مصدر الصوت وقالت في استغراب:
              من أنت؟
              رفع "اندي" يده اليسرى لينظر إلى الساعة وقال في ضيق:
              لقد تأخر السائق.
              تنهدت "تيما" في ضجر وقالت:
              لم أعد أهتم... سواءً أتى أو لم يأتي...
              عقد "اندي" حاجبيه قائلاً:
              ماذا؟
              أجابته بخيبة أمل وعصبية:
              ما هذه المسابقة التي لم نجني منها سوى التعب.. لقد سئمت.
              قام "اندي" بإبعاد "تيما" عن اللوحة وأخذها هو وخرج من الغرفة متجهاً إلى مقر المسابقة ولحقت به "تيما".
              في مكانٍ اخر من الجامعة, قام "جوزيف" بركل ذلك الشاب الذي ضايق "تينا" في وجهه ورماه على الأرض... ثم أنخفض
              وهمس في أذنيه قائلاً:
              إذا أقتربت من هذه الفتاة أو من فتاةٍ أخرى ستدفع الثمن غالياً.
              حمل الشاب نفسه هارباً, وقالت "تينا" في اندهاش:
              إنه رائع... لكن ذلك الشاب لا يملك أية أحاسيس.
              اقترب "جوزيف" منها قائلاً بمرح:
              لن يعود بعد الان... أليس كذلك؟
              تابعت "تينا" سيرها وقالت حين مرت من عنده:
              شكراً لك على المساعدة.
              وضعت "تينا" يدها على قلبها بعدما ابتعدت عنه وقالت:
              أعترف بأنني كنتُ خائفة.
              ركب "اندي" سيارته وسألته "تيما" في حيرة:
              ما الذي تنوي فعله؟
              أجابها وهو يشتعل غضباً:
              سأوصلها بنفسي.... ابتعدي فقط.
              ابتعدت "تيما" عن السيارة فأنطلق "اندي" مسرعاً كالبرق وفي الطريق وجد ازدحاما هائلاً وذلك بسبب وجود حادث فأنتظر 5 دقائق و 10
              دقائق ولم يكن قادراً على التقدم أو التراجع وأنتظر حتى حُلت المشكلة بعد نصف ساعة ...
              تناقص عدد الطلاب في ساحة الجامعة بشكلٍ ملحوظ لأن معظمهم قد ذهب إلى المحاضرات... لكن "تيما" لم تتزحزح من مكانها خطوةٌ واحدة
              وتنظر إلى الساعة في كل دقيقة... لقد مرت ساعتان على ذهاب "اندي" وفجأة رأت سيارته فعلت الابتسامة شفتيها وقالت بسعادة:
              "اندي".!
              أوقف سيارته ونزل منهكاً فأخذته إلى الداخل ليرتاح قليلاً...
              بعد مرور الوقت, قام أحد المعلمين بأخذ طلاب المستوى الأول إلى غرفةٍ كبيرة وجميلة, ومرتبة بشكلٍ جذاب, أخذهم ليشرح
              لهم كيفية تصميم مسكنٍ خاص بهم, وفي وسط شرحه رن هاتفه المحمول وأعتذر من الطلبة وأمرهم بالبقاء هنا ريثما يعود....
              مرت 3 ساعات ومل معظم الطلاب من الانتظار, فضربت فتاةٌ بيدها على الطاولة التي في وسط الغرفة وقالت بضيق:
              إلى متى سنظل منتظرين؟
              أجابها "جيم" قائلاً ببرود:
              نحن جميعاً منتظرين مثلك, إذا لم تتحملي يمكنك الخروج.
              عقدت الفتاة حاجبيها وقالت:
              بالطبع سأفعل.
              وتدريجياً لحق بها معظم الطلبة, واخر شخصٍ خرج أغلق خلفه الباب بكل قوته....
              ولم يتبقى هناك سوى "ساكورا", "لوسكا", "رينا" , "ميمي", "تينا" , "بريتي" و"روبرت", و"هنري" , "جيم", "جوزيف"...
              رفعت "لوسكا" يدها عالياً وقالت وهي تتنهد:
              سأخرج أنا أيضاً, هذه الغرفة مملةٌ جداً.
              حين حاولت "لوسكا" فتح الباب وجدته مغلقاً وحاولت بكل جهدها ولم تستطع فتحه, فسألها "جيم" مستغرباً:
              ما الأمر يا "لوسكا"؟
              أجابته بصوتٍ خائف:
              الباب... لا يُفتح.
              قال الجميع بصوتٍ واحد:
              مستحيل !
              نظرت "ساكورا" من النافدة الزجاجية وهم في غرفة في الطابق الثالث والنوافذ من النوع الذي لا يُفتح إلا بمفتاحٍ خاص...
              انتظر الجميع لعلى أحداً يأتي لإنقاذهم, ومن سوء حظهم غادر المعلم الجامعة لأمرٍ طارئ, قالت "ميمي" وهي محبطة:
              يبدو بأننا لن نخرج من هنا.
              قال لها "جوزيف" متفائلاً:
              لماذا تقولين هذا؟... سوف نخرج بالتأكيد.
              ثم سألت "رينا" قائلة:
              لكن كيف؟
              نهض "جوزيف" من مكانه وقال مخاطباً الجميع:
              اسمعوا في حالة أننا بقينا هنا ولم يأتي أحد... يجب أن نفكر بخطة.
              سأله "روبرت" قائلاً:
              وما هي فكرتك يا هذا؟
              أجابه "جوزيف" وهو ينظر إليه:
              سوف نفكر بأفضل حل... لكن المشكلة أنني لا أعلم حتى الان ماذا أفعل.
              أراح "روبرت" ظهره على الأريكة وهو يجلس بجانب "بريتي" وأغمض عينيه قائلاً:
              أكثر ما يزعجني الان, هو أنني حُبست مع أشخاصٍ عديمي الفائدة.
              وفتح عينيه موجهاً نظره نحو "هنري" بابتسامة استفزازية, فأبتسم "هنري" قائلاً بلا مبالاة:
              اه, صحيح... الوقحين فقط يقولون مثل هذا الكلام, لأنني لست من مستواك لن أرد عليك.
              نهض "روبرت" مسرعاً وقال بعصبية:
              ماذا تقول؟
              صرخ "جوزيف" قائلاً بصوتٍ عالٍ:
              توقفا أنتما الاثنان...
              ثم سكت قليلاً وتابع قائلاً:
              من يراكما لا يصدق بأنكما أقرباء... أهدئوا جميعاً لا وقت للشجار.
              مر وقتٌ طويل, وبدأت الشمس تغرب, وتداخلت اخر أشعتها في أرجاء الغرفة ثم اتسعت عينا "جوزيف" وقال في حماس:
              لدي خطة.
              استعاد الجميع نشاطه, وسألته "ميمي" في سرعة:
              ما هي خطتك؟
              رد "جوزيف" قائلاُ بهدوء وبصوتٍ جاد:
              سأكسر النافدة, وأخرج منها, ثم أقوم بإحضار المساعدة لكم.
              صرخت "لوسكا" في وجهه قائلة:
              هل أنت مجنون؟... نحن في الطابق الثالث وستخاطر بحياتك لو قفزت من هنا.
              قال لها "جوزيف" بنفس النبرة السابقة:
              لكني لم أقل بأنني سأقفز منها... سوف أنزل ببطء.
              وتابع كلامه ليكمل خطته:
              كل ما عليكم فعله الان هو الابتعاد عن النافدة.
              وضع "جيم" يده على كتف "جوزيف" وقال مبتسماً:
              سأساعدك في عمل ذلك.
              وفقاً للخطة التي وضعها "جوزيف" ابتعد الجميع عن النافدة, عندما هبط الظلام ...
              قام "جيم" بحمل الكرسي ورماه إلى النافدة وعندما كُسر الزجاج دخل هواءٌ قوي من الخارج وتناثرت قطع الزجاج في أرجاء الغرفة...
              وقف "جوزيف" على حافة النافدة وألتفت للخلف قائلاً:
              "جيم", "روبرت", "هنري"... اهتموا بالبقية.
              ونزل مستعيناً بالأجزاء البارزة من الجدار المقابل, ومشى ببطء حتى وصل إلى الأرض ولوح لهم وذهب...
              عم الهدوء أرجاء المكان ولم يسمع سوى صوت حشرات الليل ,, قالت "بريتي" في قلق:
              أنا قلقة... سيقلق والداي لأنني تأخرت.
              قال لها "روبرت" بهدوء:
              لا داعي للقلق ما دمتُ معكِ, أخبريني هل تريدين العودة إلى المنزل الان؟
              قالت "بريتي" في استغراب:
              كيف ذلك؟... علينا أن ننتظر عودة "جوزيف".
              أخفض "روبرت" صوته وقال:
              أنا لا أثق بذلك الشاب.
              قاطعت "بريتي" كلامه وقالت بغضب:
              لن أخرج إلا مع الجميع...
              وصل "جوزيف" إلى منزله وبحث عن حبلٍ طويل ووجد واحداً في غرفته بعد عناء البحث.
              في تلك اللحظة, وقف "روبرت" قائلاً:
              أنا لم أعد أحتمل الانتظار.... ساخذ "بريتي" وأخرج من هنا.
              وضع "هنري" يده على خده وهو يتكئ على الطاولة وقال:
              أنانيٌ كعادتك... لكن كيف ستخرج أيها الذكي؟
              اقترب "روبرت" منه قائلاً بعصبية:
              سأخرج بالطريقة التي تعجبني ... هذا ليس من اختصاصك.
              شعر "هنري" بالغضب من تصرفاته فنهض قائلاً:
              أنانيٌ وحقير أيضاً.... لا تفكر إلا بنفسك.
              قام "روبرت" بلكم "هنري" بقوة أسقطته أرضاً, فنهض بسرعة ليردها له لكن صوت "بريتي" أوقفهما... وقالت وهي تقف وسطهما:
              أنتما.... ألا تقدران الحالة التي نحن بها؟
              التفتت إلى "روبرت" وقالت بحزن:
              لقد خيبة أملي يا "روبرت".
              وعادت إلى مكانها ولم ينطق أحدٌ بكلمة حتى سمعوا صوت "جوزيف" وهو يقول بسعادة:
              لقد عدت... هيا استعدوا للنزول.
              قام "جوزيف" برمي الحبل فألتقطه "جيم" وربطه في إحدى زوايا الغرفة... مد "روبرت" يده إلى "بريتي" فتجاهلته ونهضت مبتدعتا عنه
              ونزلوا واحداً تلوا الاخر, وكان "روبرت" قبل "هنري" فأخرج سكينةً صغيرة من جيبه وقطع جزءً من الحبل بدون أن يلاحظه أحد وحين نزل "هنري"
              وتعدى المكان قٌطع الحبل وهو ما زال في نصف الطابق الثاني وسقط على ظهره في الأرض, تعالت صرخات الجميع وركضت "رينا" باتجاهه وقالت:
              "هنري"... هل أنت بخير؟
              فتح "هنري" عينيه بصعوبة وقال بصوتٍ متقطع:
              أنا... أنا...
              ولم يشعر بنفسه بعد ذلك بعد ذلك الحادث ونُقل إلى المستشفى... في اللحظة التي سقط فيها "هنري" اتسعت شفتي "روبرت" مبتسماً بوقاحة...

              عادت "رينا" إلى المنزل في وقتٍ متأخر, وكان والديها قلقان جداً عليها وحين اقتربا منها سألتها والدتها عن سبب تأخرها
              فأجابتها بجفاء:
              لقد حدثت أمورٌ كثيرة لا رغبة لدي في قولها الان.
              احتضنتها والدتها بعطف وقالت بحنان:
              المهم أنكِ بخير.
              دخلت "رينا" إلى غرفتها وتذكرت ذلك الحادث عندما وضعت حقيبتها على السرير, ثم استلقت و أنفرش شعرها الطويل على الوسادة
              ورفعت عينيها للأعلى وهي تقول:
              كيف ... كيف حدث هذا؟
              وأغمضت عينيها ونامت حتى صباح اليوم التالي...


              **************************************************

              تعليق

              • Kikumaru Eiji
                عـضـو
                • Nov 2008
                • 28

                #8
                " لماذا يا روبرت؟!"

                في صباح اليوم التالي, تجمع الطلبة أمام مُلصق في الجدار, وحين قرأت "تينا" ما كُتب فيه اتسعت عينيها وقالت
                باندهاش:
                "جوزيف".. مستحيل.
                وانطلقت مسرعة إلى القاعة, واتجهت إلى "ساكورا" و "رينا" وقالت لهما وهي تتنفس بصعوبة:
                هل قرأتم المكتوب في الملصق؟
                استغربت "ساكورا" من طريقة "تينا" في الكلام وسألتها:
                ما المكتوب فيه؟
                أجابتها في سرعة وعيناها تشتعل غضباً:
                لقد تم حرمان "جوزيف" من الحضور إلى الجامعة لمدة أسبوع لأنه قام بإيذاء "هنري".
                شعرتا كلاً من "رينا" و"ساكورا" بهالةٍ من الخوف, وعقدت "ساكورا" حاجبيها وقالت وهي تقف بجدية:
                يجب أن نناقش الإدارة في هذا الأمر.
                واتجهوا الثلاثة إلى عميد الجامعة, وأخبروه بكل ما حدث في الليلة الماضية, وأنه من الظلم حرمان "جوزيف" بدون دليل
                يثبت أنه من فعل هذا, بل على العكس كان هو الشخص الوحيد الذي اهتم بأمر "هنري" ورافقه إلى المستشفى وبعدما أنهوا
                كلامهم, عقد العميد يديه على المكتب وقال بنبرةٍ حزينة:
                لكن ما لا تعلمونه هو أن "جوزيف" جاء إلي هذا الصباح وقال بأنه سيتحمل كامل المسؤولية بشرط ألا يعاقب البقية...
                لذلك تم حرمانه من دخول الجامعة لمدة أسبوع وهذا كله من أجلكم.
                بعد هذه العبارة التزموا الصمت جميعاً وغادروا الغرفة وهم يحملون في قلوبهم ألماّ كبيراً على "جوزيف" الذي أنقذهم من العقاب.
                في ذلك الوقت, كان "جوزيف" حابساً نفسه في غرفته, ومتكئٌ بظهره على السرير, وقام بثني ركبتيه وبدا شاحباً للغاية
                ولم يتمكن من النوم طوال الليل... ثم أغمض عينيه مسترجعاً ذكريات ما حدث وما قاله الطبيب عن حالة "هنري"....
                بعدما خرج الطبيب من غرفة "هنري" سأله "جوزيف" عن حالته فأجابه قائلاً:
                لقد كُسرت ذراعه اليمنى وقدمه اليسرى مع بعض الجروح في بقية جسده وسيبقى هنا لمدة أسبوعين أو
                حتى تتحسن حالته.
                قال "جوزيف" في ترجي:
                هل يمكنني رؤيته الان؟
                بينما كان الطبيب على وشك الرد سمعا صوت والدة "هنري" تقول بصوتٍ باكي:
                لن أسمح لأحد بالدخول إلى هنا, ارحل أيها الشاب ولا تريني وجهك مرةً أخرى.
                عظ "جوزيف" شفتيه حين سمع هذه العبارة وهي ما جعلته يقوم بطلب ذلك من العميد, وفكر بأنه من المحتمل أن يكون
                "هنري" بخير خلال أسبوع..
                دقت والدة "جوزيف" باب غرفته وحاولت فتحه لكنها وجدته مغلقاً من الداخل وسمعت "جوزيف" يقول بجفاء:
                هذا يكفي... كم مرةً قلت لكي لا أود رؤية أحد؟... دعيني وشأني.
                قالت له والدته وهي تحمل الفطور :
                لكن يجب أن تأكل...
                ووضعتها على الأرض... ثم غادرت.
                جلست "لوسكا" بجانب "ساكورا" و "تينا" ثم تبعها البقية وكانوا يتبادلون الأحاديث, وبقيت "رينا" في صمتٍ غير طبيعي فوجهت
                "ميمي" عينيها إليها وسألتها:
                "رينا".. لماذا أنتِ صامته؟
                أجابتها بصوتٍ جاف:
                لاشيء... لكني لا أشعر برغبةٍ في الكلام مطلقاً.
                لوح "جيم" بيده إليهم قائلاً في مرح:
                مرحباً يا فتيات... كيف حالكم اليوم؟
                ردت عليه "لوسكا" قائلة:
                "جيم"... نريد زيارة "هنري".
                أجابها في سرعة:
                لا يمكن ذلك.
                ثم قالت متابعةً كلامها:
                إذن "جوزيف"...
                قاطعها قائلاً بنفس النبرة:
                لا يمكن أيضاً.
                سألته "بريتي" مستغربة:
                لكن لماذا كل هذا؟
                أجابها قائلاً في ضيقٍ شديد:
                والدة "هنري" منعت عنه الزيارة, أما "جوزيف" فحبس نفسه في غرفته ولا يرغب برؤية أحد.
                امتلأت وجوه الجميع بالحزن, وظلوا صامتين لبعض الوقت, وقطعت "رينا" هذا الهدوء بقولها:
                سأذهب لزيارة "هنري" بعد انتهاء الدوام... من سيأتي معي؟
                أجابها الجميع بصوتٍ واحد:
                كلنا سنذهب معكِ.
                ثم نظرت إلى "جيم" بجدية فهز كتفيه قائلاً في استسلام:
                لا مفر من ذلك, سأوصلكم بنفسي.
                خرجت "بريتي" من القاعة بعدما اتفقت مع الجميع على الالتقاء عند بوابة الجامعة عند انتهاء الدوام, وبينما كانت تسير وقف "روبرت" أمامها فرفعت بصرها ورمقته بنظرات غاضبة فقال لها في أسى:
                أريد التحدثُ معكِ ب ...
                قاطعته قائلة بجفاء:
                لا أريد... أعتذر عما فعلته أولاً.
                ومرت بجانبه من دون النظر إليه فقال بعصبية:
                أنا لم أفعل شيئاً لكي أعامل منكِ بهذه الطريقة.
                ابتسمت "بريتي" في سخرية وقالت:
                بعد كل ما حدث, تقول لم أفعل شيئاً.
                التفت إليها "روبرت" وقال بصوتٍ بريء:
                أرجوكِ, سأفعل أي شيءٍ لإرضائك.
                قالت له في سرعة:
                طلبي الوحيد هو أن تتصالح مع "هنري".
                سكت "روبرت" وعقد حاجبيه قائلاً:
                لا يمكنني ذلك.
                أدارت "بريتي" ظهرها إليه وابتعدت من دون أن تناقشه, فضرب بيده على الحائط بقوة وقال في داخل نفسه وهو يشتعل غضباً:
                "هنري"......... لن أسامحك أبداً.
                في تلك اللحظة, فتح "هنري" عينيه وهو على السرير في المستشفى وتلفت حوله ببطء ولم يجد أحداً بجواره, فأخذ نفساً عميقاً, ودخلت إليه والدته وركضت باتجاهه قائلة بسعادة:
                "هنري"...... حمد لله على سلامتك.... كيف تشعر الان؟
                ابتسم في وجه والدته وقال بارتياح:
                أنا بخير... لكن ما الذي حدث؟
                أجابته قائلة في انزعاج:
                لقد سقطت من الطابق الثاني في الجامعة.
                ارتسمت في مخيلة "هنري" عدة أشياء, عندما قُطع الحبل وسقط, وتذكر وجه "رينا" القلق عليه, فهمس بداخل نفسه قائلاً:
                "رينا"... ليتها كانت بجانبي الان.
                في تلك الأثناء, كان "مايكل" منهمكاً في ترتيب المحل. وحين أخذ ثوباً من الأرض سقطت منه ورقة فألتقطها واتسعت عينيه قائلاً:
                هذا... إنه الرقم الذي أعطتني إياه تلك الفتاة.
                فحاول التخلص منه, لكنه تردد وأدخلها إلى جيبه وأكمل عمله.
                التقى "اندي" ب "ساكورا" في حديقة الجامعة, فأتجه نحوها... ورحب بها قائلاً:
                أهلاً... لم أركِ منذ فترة.
                قالت "ساكورا" في سعادة:
                كيف حالك "اندي"؟
                أجابها بكل مرح:
                أنا بخير... لكني أشعر بالملل, هل تمشين معي قليلاً؟
                قالت "ساكورا" وهي تشعر بالخجل:
                لا بأس.
                وفي وسط حديثهما, حكت "ساكورا" له عما حدث في الليلة الماضية... وبعدما انتهت قال "اندي" باستغراب:
                كل هذا حدث وأنا لا أعلم.... وكيف حال "هنري" الان؟
                أخفضت "ساكورا" رأسها وأجابته بحزن:
                أعتقد بأن حالته ليست جيدة, سنذهب لزيارته عند انتهاء الدوام.
                من جهةٍ أخرى, كانت "ميمي" تسير بمحاذاة ملعب كرة القدم, فقام أحد اللاعبين بركل الكرة بكل قوته واتجهت إلى "ميمي" فتسمرت في مكانها وجاء "روبرت" راكضاً وأبعدها عن الكرة ففتحت عينيها وهي في حضنه ورفعت رأسها ورأته يقول بعصبية:
                أنظر إلى أين ترمي الكرة يا هذا؟
                بدا وجه "روبرت" غاضباً جداً, فأبعدت "ميمي" نفسها وحاول الابتسام وهو يقول:
                هل أنت بخير؟
                هزت رأسها مجيبة في خجل:
                نعم... شكراً لك "روبرت".
                ثم مر من عندها ووضع يده على كتفها وقال بهدوء:
                انتبهي في المرة القادمة.
                خجلت "ميمي" كثيراً من هذا الموقف... وبقيت واقفة في مكانها بعض الوقت...
                فتحت "بريتي" خزانه كتبها في الجامعة, وبينما كانت تبحث تذكرت "روبرت" وأشفقت عليه لكنها هزت رأسها نفياً وقالت بجدية:
                كلا.... يجب أن يتغير "روبرت" ويصفي قلبه من الحقد.
                وأغلقت باب الخزانة بعدما أخرجت ما تريده, وعادت.
                جلست "ساكورا" مع "اندي" تحت الشجرة وأجزاء من خيوط أشعة الشمس تغطي أجسادهم... قال "اندي" بصوتٍ لطيف:
                كنتٌ أتمنى اصطحابك معي اليوم.
                سألته "ساكورا" باستغراب:
                إلى أين؟
                اتكئ "اندي" بظهره على جدع الشجرة ورفع رأسه قائلاً:
                إلى أي مكان ترغبين برؤيته, هل تحبين البحر؟
                هزت رأسها قائلة بسعادة:
                نعم, كثيراً... أحب اللعب برمل الشاطئ وإغراق قدمي في...
                وتوقفت عن الكلام حين رأت "اندي" يحدق بها بابتسامة واسعة على شفتيه أخفضت رأسها خجلاً فقال لها في تعجب:
                لماذا توقفتِ ؟... أحب سماع المزيد منكِ.
                أغمضت "ساكورا" عينيها وابتسمت قائلة:
                حسناً سأكمل.
                انتهى الدوام الجامعي, فعلى حسب الاتفاق تجمع الجميع عند البوابة.. فقال "جيم" في اندهاش:
                هل ستذهبون جميعاً؟
                كان المتواجدين كلهم فتيات ., "ساكورا" و"رينا" و"ميمي"و "تينا" و"بريتي" و"لوسكا"..
                حاول "جيم" أن يكون جاداً وقال:
                أنا اسف, لكني لا أستطيع أخذكم جميعاً... اختاروا اثنتين فقط.
                قالت "لوسكا" في عصبية:
                لكننا اتفقنا على الذهاب جميعاً.
                رد "جيم" عليها بكل ثقة:
                أعلم هذا, لكن كما تعلمون والدة "هنري" لن تسمح لنا بالدخول جميعاً.
                قالت "تينا" بصوت هادئ:
                إذن... ستذهب "رينا" فقط.
                اتسعت عينا "رينا" وقالت باندهاش:
                لماذا أنا؟
                ابتسمت "تينا" في مرح وهي تقول:
                أعتقد بأن "هنري" يود رؤيتك أكثر منا.
                ارتبكت "رينا" وسط عيون صديقاتها ثم استسلمت وقالت:
                حسناً, سوف أذهب.
                تجمعوا جميعاً حولها... وقالت لها "بريتي" بجدية:
                إياكِ إن تخبريه عما حدث مع جوزيف.
                وتابعت "ميمي" عنها وهي تعقد ساعديها:
                نعم, لأن حالته لا تتحمل الصدمات.
                صرخت "رينا" عليهم قائلة بصوتٍ غاضب:
                بالطبع لن أخبره... هل أنا غبية؟
                ركب "جيم" في سيارته وشغلها وركبت معه "رينا" وفتحت النافدة وقالت:
                سأخبركم بكل شيءٍ لاحقاً.
                وفي الطريق, كانت "رينا" تشعر بقليل من التوتر, ثم طمئنها "جيم" قائلاً:
                لا تقلقي...أعدك بأنكِ سترين "هنري".
                وحين وصلا إلى المستشفى, دخلا إلى المصعد واتجها إلى الطابق الثاني, وسارا في الممر وفجأةً توقف "جيم" عند الغرفة 119 وقال مشيراً إليها:
                هذه هي غرفته.
                ثم قام بدق الباب, ففتحت له والدة "هنري" وقالت بتساؤل:
                ما الذي تريده؟
                أجابها "جيم" بطيبة:
                نريد رؤية "هنري"... نحن أصدقائه من الجامعة.
                أُغلق الباب في وجه "جيم" فغضب كثيراً ودق الباب مجدداً, ففتحت الباب وخرجت إليهما وهي تقول:
                "هنري" نائم ولا يرغب برؤية أحد.
                ثم سمعت صوتاً خلفها يقول بجفاء:
                أنتِ مخطئة.
                فالتفتت للوراء, ورأت "هنري" يقف مستعيناً بالعُكاز, وساعده الأيمن مثني على صدره ومغطى بالضمادة. فقالت الأم في قلقٍ شديد:
                لماذا نهضت يا "هنري"؟
                رد عليها ببرود:
                لأنكِ كذبت علي وأخبرتني أنه لم يأتي أحدٌ لزيارتي, سأسمح لهما بالدخول.
                صرخت والدته في وجهه قائلة:
                كلا... سأسمح لشخصٍ واحد فقط.
                وجه "هنري" عينيه نحو "رينا" وهي تحدق به في حزن, فقال لها:
                تعالي إلى هنا .. "رينا".
                اقتربت "رينا" بخطواتٍ مرتبكة, حتى وصلت إليه ثم قال لوالدته:
                دعينا لوحدنا رجاءً.
                دخل وقام بإغلاق الباب, وضع "جيم " يده على رأسه وقال:
                لقد نسيا بأني موجودٌ هنا.
                قامت "رينا" بمساعده "هنري" على الجلوس على سريره وهي تقول:
                ما كان عليك أن ترهق نفسك.
                قال لها بصوتٍ منخفض:
                أردت رؤيتكِ في أقرب وقت.
                شكت "رينا" في الجملة التي قالها لأنها لم تستطع سماعها بوضوح فقالت:
                ماذا؟
                وضع "هنري" رأسه على الوسادة وهو يقول:
                لا شيء مهم.
                ثم تابع كلامه قائلاً بتساؤل:
                ما اخر التطورات في الجامعة؟
                ارتبكت "رينا" من سؤاله فلم تكن تتوقع أن يسألها بهذه السرعة, فقالت في تردد:
                لم يحدث شيء... مطلقاً.
                أدار رأسه إليها قائلاً بتساؤل:
                حقاً؟
                لم تتمكن "رينا" من إجابته هذه المرة, وفضلت تغيير الموضوع بقولها:
                الجميع ينتظرون خروجك من هنا.
                أغمض "هنري" عينيه وقال بصوتٍ مرهق:
                أنا سعيد لأنكِ هنا.
                ووضع يده على كفها. واتسعت شفتيه قائلاً:
                أتعلمين..... يدك باردةٌ جداً.
                وفتح عينيه متابعاً كلامه:
                عندما استيقظت... ارتسمت صورتك في مخيلتي... عندما... سقطت على الأرض.
                شعرت "رينا" بتعب "هنري" وقالت في قلق وتوسل:
                أرجوك توقف عن الكلام, تبدو متعباً جداً.
                بدأ العرق ينزل من جبينه ويتنفس بصعوبة, فمدت "رينا" يدها ووضعتها على جبهته وارتجفت قائلة:
                لقد أصبت بلحُمه.
                وحين نهضت لتستدعي الطبيب, أمسك بمعصمها وقال:
                لا تذهبي...
                عقدت "رينا" حاجبيها وقالت في غضب:
                ما الذي تقوله؟,,, حالتك سيئة.
                وأبعدت يده على معصمها وخرجت من الغرفة, فقال في ضيق:
                تباً, لماذا الان؟
                في ذلك الوقت, دخلت "ميمي" إلى غرفة المعيشة في بيتهم, حيث يتجمع كل أفراد الأسرة هناك, فجلست على الأريكة وسط حوارات عائلتها , ثم قالت موجهتاً كلامها للجميع:
                هل يمكنكم الإصغاء إلي لبعض الوقت؟
                قالت لها والدتها بعدما سكت الجميع:
                ما الأمر يا "ميمي"؟
                صمتت "ميمي" قليلاً لأنها كانت مترددة, لكنها استجمعت قوتها وقالت:
                أريد شراء سيارةً خاصةً بي.
                ظهرت علامات الذهول على كل الجالسين هناك, ثم أطلق شقيقها "جاك" ضحكة ساخرة وقال:
                تريدين سيارة؟... لا بد أنك تمزحين.
                وضحك الجميع عليها, وصرخ الأب قائلاً:
                أصمتوا جميعاً.
                رفعت "ميمي" رأسها ونظرت إلى والدها باستغراب وهو يقول بجدية:
                من حق "ميمي" أن تطلب ما تريده, هي لم تعد صغيرة... إذا كانت تريد سيارة فسأشتري لها.
                نهض "جاك" وقال بغضبٍ وضيق:
                لماذا؟... هي لديها سائق يوصلها إلى المكان الذي تريده.
                ردت عليه "ميمي":
                إنه ليس سائقي الخاص... كما أنه يتأخر علي أحياناً وأنا بالجامعة وأضطر إلى العودة مع زميلاتي.
                اقترب الأب منها وقال بحنان وهو يضع كفه على كتفها:
                لا داعي للقلق.... سأعلمكِ كيف تقودين السيارة ثم أشتري لك أي نوع تريدينه.
                عندما يتكلم والدها لا يستطيع أحدٌ مناقشته لذلك تضايق "جاك" وكان الشخص الوحيد الذي يعارض هذا الأمر.
                رن هاتف "تينا" في تلك اللحظة, فنظرت إلى الرقم وقالت باستغراب:
                رقمٌ غريب؟
                وعندما قامت بالضغط على زر الإجابة, أغلق "مايكل" الهاتف لأنه هو من كان يتصل , كان يجلس على الأريكة في غرفته وعندما أغلق الخط قال في ضيق:
                لماذا أتصل عليها؟
                ورمى بالهاتف ووقف أمام النافدة ونظر إلى القمر , وقال:
                إذا أردت التحدث إليها.... سأذهب بنفسي.
                كانت "تينا" تقرأ قصة في هاتفها النقال. ثم أغلقته ووضعته على الطاولة وفكرت من كان يتصل وتنهدت قائلة:
                لا يهم...
                وسمعت صوت رنة وصول رسالةٍ جديدة, وفتحتها واتسعت شفتيها من شدة الضيق لأن المكتوب في الرسالة كان:
                " هنري ليس على ما يرام, قد يبقى لمدة أسبوعين في المستشفى"
                "ادعوا له بالشفاء العاجل".
                أخفضت "تينا" رأسها وقالت بحزن:
                كم هذا مؤسف... أتمنى له الشفاء.
                اتجه "روبرت" إلى المستشفى وحين وصل سأل أحد الأطباء عن غرفة "هنري" فأخبروه ...وقف عند الباب ودخل , شعر بدخول أحد فجلس متكئا بظهره على السرير وتغيرت ملامح وجهه عندما رأى "روبرت" يقترب منه فقال في ضيق :
                ما الذي تفعله هنا يا هذا؟
                أجابه بسخرية مبتسما :
                جئت لأطمئن على ابن عمي العزيز .
                ثم أزال "روبرت" ابتسامته وعقد حاجبيه قائلا :
                وجودك هنا في المستشفى سبب لغيرك الكثير من المتاعب .
                سأله "هنري" في استغراب :
                ما الذي تقصده ؟
                جلس "روبرت" على السرير بجانبه وأجابه قائلا :
                يا لك من فتى , تتظاهر بأنك لا تعرف .
                صرخ "هنري" في وجهه قائلا:
                قلت لك اخبرني .
                التفت إليه " روبرت" وقال له بعصبية بالغة :
                لقد تم حرمان "جوزيف" من الحضور إلى الجامعة لمدة أسبوع كامل بسببك أنت .
                اتسعت عيني "هنري" وقال في ذهول :
                ماذا ؟.. مستحيل .
                نهض "روبرت" من على السرير وأدخل يده في جيب بنطاله وقال :
                عليك أن تحل هذه المشكلة بسرعة أيها الأحمق .
                بعدما خرج "روبرت" بدا وجه "هنري" شاحبا للغاية وارتجفت شفتيه وهو يقول :
                لا أصدق ذلك .
                في صباح اليوم التالي , التقط "هنري" عكازه بعد ما أحس أن صحته قد تحسنت , وغير ملابسه بصعوبة, وأستغل عدم وجود أحدٍ عنده وخرج من المستشفى, وأوقف سيارة أجرة ليتجه إلى الجامعة...
                وحين وصوله إلى هناك, كان يسير في ساحة الجامعة والجميع ينظرون إليه, وبالمصادفة راه "جيم" وركض نحوه ثم قال في اندهاش:
                لماذا أتيت إلى هنا؟
                أجابه "هنري" بجفاء:
                لكي أصحح الخطأ الذي ارتكبته.
                استغرب "جيم" ولم يفهم ما قصده وسأله قائلاً:
                أي خطأ؟
                مر "هنري" من عنده وهو يقول:
                سأخبرك لاحقاً.
                في تلك اللحظة, عند المنزل فتحت "تينا" باب السيارة للركوب فسمعت شخصاً يقول لها:
                يا انسة..؟
                التفتت "تينا" ورأت "مايكل" يقف بجانب السيارة فسألته قائلة:
                ما الذي تريده؟
                مد يده إليها وهو يحمل ورقةً بيضاء صغيرة وقال:
                جئت لأعيد لكي هذا.
                حدقت "تينا" بالورقة فابتسمت قائلة وهي تنظر إليه:
                يمكنك الاحتفاظ به.
                سكت "مايكل" لبعض الوقت ثم قال:
                لكن لماذا؟
                اقتربت "تينا" منه بعدما قامت بإغلاق باب السيارة ثم قالت بلطف:
                لأنني أريد أن نصبح أصدقاء, ما رأيك؟
                تفاجئ "مايكل" من هذه الجملة وقال بارتباك:
                لا بأس بذلك.... لكن...
                قاطعته قائلة بكل سرور:
                بدون لكن.... أخبرني ما أسمك؟
                أجابها بهدوء:
                "مايكل"... وأنتِ؟
                قالت له بابتسامة متفائلة:
                "تينا"...
                ثم نظرت إلى الساعة وقالت في قلقٍ شديد:
                يا إلهي... سأتأخر عن الجامعة.
                ورفعت يدها ملوحة لها وهي تتابع كلامها:
                أراك لاحقاً.......... "مايكل".
                وفي السيارة, قلبت "تينا" هاتفها وتوقفت عند الرقم الذي اتصل بها في الليلة الماضية وقالت:
                لا بد بأنه كان هو... "مايكل" لا أعلم لماذا... لكني أشعر بأنه شابٌ طيب و ....
                وحيد.
                وقف "هنري" أمام عميد الجامعة وقال بصوت جاد:
                أريد منك أن تلغي قرار حرمان "جوزيف" من الحضور إلى الجامعة
                ارتدى العميد نظارته وقال وهو ينظر إليه:
                ألا تعلم بأن "جوزيف" هو من طلب مني ذلك؟
                عظ "هنري" شفتيه وصرخ في وجه العميد قائلاً في غضب:
                ألم يكن من المفروض أن تمنعه من فعل ذلك؟.... يا لك من عميدٍ مهمل.
                ضرب العميد بيده على المكتب وقال متضايقاً:
                حسن ألفاظك يا هذا, وإلا قمت بفصلك.
                ابتسم "هنري" قائلاً في سخرية:
                إذا فعلت هذا, سوف أشتكي إلى من هم أكبر منك منصباً, وعندها ستتعلم بالتأكيد.
                أدار "هنري" ظهره إليه فسمع العميد يقول له:
                سأتحدث إلى عائلة "جوزيف" وأسمح له بالعودة إلى الجامعة ابتداء من الغد.
                بعد هذا, تأكد "هنري" بأن العميد ذا شخصية ضعيفة وباردة, لذلك انحنى أمامه ورحل عائداً إلى المستشفى.
                نهضت "رينا" من على الكرسي بسرعة وقالت في قلق:
                "هنري" كان هنا.
                أخبرها "جيم" بقدومه وأنه قد عرف بأن "جوزيف" قام بتحمل كامل المسؤولية وظن الجميع بأن "رينا" هي من أخبرته بذلك...

                التفوا الجميع حول "رينا" لمعرفة حقيقة هذا الأمر... فقالت "ساكورا" مدافعتاً عنها:
                من المستحيل أن تكون "رينا" قد أخبرته, فكما تعلمون هي أكثر شخصٍ يعلم بحالته.
                ردت عليها "لوسكا":
                لكن.... "رينا" هي الوحيدة التي قامت بزيارته.
                في وسط هذا الجدال, قالت "رينا" وعيناها تمتلئ غضباً:
                لا يهم.. سواءً صدقتم أو لم تصدقوا... كل ما أريد قوله الان هو شيءٌ واحد...
                وصمتت قليلاً ثم قالت متابعة كلامها:
                يمكنكم اتهامي إذا كان لديكم دليلٌ واضح على أنني من فعل هذا.
                ابتسمت "بريتي" في وجه "رينا" قائلةً بطيبة:
                أنا أصدقك "رينا".
                تراجعوا جميعاً عن ما قالوا, وردت "ميمي" قائلة:
                أنا أيضاً أثق ب "رينا".
                وضعت "تينا" كفها على خدها وقالت بانزعاج:
                إذن يتوجب علينا إيجاد الفاعل بأسرع وقت.
                وقفت "ساكورا" بجانب "رينا" وهي تضع يدها على كتفها وقالت:
                أرايتي؟... الجميع هنا وضع ثقته بكِ..... لذا علينا أن نتعاون على إيجاد ذلك الشخص.
                في تلك الأثناء, خرج "جوزيف" من غرفته, وأتجه إلى الأسفل, وبالمصادفة كانت والدته على وشك الصعود إليه, لذا عندما رأته
                قالت بسعادة:
                "جوزيف",,, لقد أتصل عميد الجامعة بي, وأخبرني بأنك تستطيع العودة إلى الجامعة ابتداء من الغد.
                رفع "جوزيف" حاجبيه وقال متعجباً:
                ماذا؟.... هل أنتِ جادة؟...
                هزت الأم رأسها وقالت وهي تقف أمامه مباشرة:
                نعم... قال بأن هناك شاباً يدعى "هنري" جاء إليه اليوم وطلب منه إلغاء هذا القرار نهائياً.
                اتسعت عيني "جوزيف" وهو يقول:
                "هنري"..... لكن كيف عرف ذلك؟
                وقف "روبرت" أمام حوضٍ للزهور بالجامعة, وجلس أمامه, وبالمصادفة رأته "بريتي" وهو يخرج سكيناً من جيبه ويقطف الزهرة, فتسمرت في مكانها
                وتذكرت ذلك اليوم, حين رأت مع البقية أن الحبل قد قطع بسكين فاقتربت منه ووقفت بجانبه وقالت متسائلة:
                ما الذي تفعله هنا؟
                نهض "روبرت" من على الأرض ومد يده حاملاً الزهرة وهو يقول مبتسماً:
                لقد قطفت هذه لكي.... أعلم بأنكِ تحبين هذا النوع كثيرا لذا...
                قاطعته قائلةً بجفاء:
                لا يمكنني أن أقبل هديةً من شخصٍ حقير.
                حرك "روبرت" شفتيه قائلاً باستغراب:
                ماذا؟
                نظرت إليه "بريتي" ونار الغضب تشتعل في عينيها وردت عليه قائلة:
                أنت من أسقط "هنري" من الطابق الثاني, ولابد بأنك الشخص الذي أخبره عن "جوزيف" أليس كذلك؟
                أبعد "روبرت" يده وأخفض رأسه قائلاً ببرود:
                لن أكذب عليكِ.... صحيح...... أنا من فعل هذا.
                لم تتمالك "بريتي" أعصابها وقامت بصفعه على وجهه وعيناها ممتلئتان بالدموع, وصرخت في وجهه قائلة:
                وتعترف أيضاً.... لقد خيبت ظني بك كثيراً.
                وسقطت دمعةٌ على خدها وهي تقول بصوتٍ باكي:
                اعتبر أن علاقتنا انتهت منذ هذه اللحظة.
                لم يستطع "روبرت" أن ينطق بكلمةٍ واحدة في تلك اللحظة, بل ظل واقفاً في مكانه, ويستمع إلى كلمات "بريتي" التي اخترقت قلبه
                وحين أنهت كلامها قال لها بحزن وهو ينظر إلى الجهة الأخرى:
                أتعلمين لماذا أخبرتك بالحقيقة....
                وصمت لبرهة ثم تابع وهو ينظر إليها:
                لأنني أحبك.... نعم أحبكِ كثيراً يا "بريتي"
                ابتعدت "بريتي" عنه بعدما قال كلمته الأخيرة, ولم تستطع منع نفسها من البكاء, ولم تتحمل هذه الحقيقة مطلقاً....
                عادت "بريتي" إلى القاعة بوجهٍ شاحب, وجلست بجانب "ساكورا" من دون أن تنطق بكلمة, فقالت لها "ساكورا" متسائلة:
                هل ستبحثين عن الفاعل معنا؟
                أجابتها "بريتي" بكل هدوء:
                لا داعي لذلك بعد الان.
                استغربت "ساكورا" مما قالته فسألتها:
                ما الذي تقصدينه؟.... هل عرفتِ الفاعل...؟
                ارتجفت "بريتي" وهي تقول بصوتٍ حزين:
                نعم ..... لقد عرفته.
                حدقت "ساكورا" بوجه "بريتي" وعرفت هي الأخرى من الذي تقصده, فنهضت من عندها وقامت بمناداة الجميع. وحين اجتمعوا قالت
                لهم "ساكورا":
                سنتوقف عن البحث الان.
                تكلم الجميع بصوتٍ واحد متسائلين:
                لماذا؟
                حركت "ساكورا" عينيها باتجاه "بريتي" التي لم تتحرك من مكانها. وحين نظر إليها الجميع, قالت "رينا" باستغراب:
                هل يمكن أن يكون.....؟
                هزت "ساكورا" رأسها مجيبة:
                نعم... إنه ابن عم "هنري" وصديق "بريتي"... إنه "روبرت".
                ظهرت على وجه الجميع علامات الصدمة والاندهاش, فقال "جيم":
                لكن لماذا فعل هذا؟
                أجابته "رينا" في حقد:
                لأنه قذر وحقير...
                ردت عليها "لوسكا" بصوتٍ حاد:
                هذا صحيح.... لا أصدق بأنه صديق "بريتي".
                ضربت "بريتي" بيدها على الطاولة لأنها لم تحتمل سماع كلماتهم الموجهة نحو "روبرت" فمهما فعل, فأنه يظل شخصاً مهماً في حياتها, وغادرت القاعة
                من دون أن تقول شيئاً, وأنظار الجميع موجهةٌ نحوها,,
                أشفقت "ميمي" على حالة "بريتي" وأنها متأثرةٌ جداً بما حدث, وكانت ستتبعها لكنها فضلت البقاء حتى تهدأ قليلاً.
                أما "روبرت" فقد أرجع ظهره للجدار ورفع رأسه ناظراً إلى السماء الزرقاء الصافية, وقال في حزن:
                سامحيني "بريتي".
                واتسعت شفتيه مبتسماً:
                لو كان الأمر بهذه السهولة, لما كان هناك داعٍ للرجال الأمن.
                رأت "تيما" مُلصقاً على الجدار, واقتربت منه لتقرأه ثم اتسعت عينيها ذهولاً لأنه كُتب بأنها قد فازت بالمركز الثاني في مسابقة أفضل لوحة...
                وارتجفت شفتيها وقالت:
                هل أنا في حلم؟.... لا أصدق.
                تذكرت بأن هذه الجائزة ستساعدها في عمل الكثير من الأشياء, كمساعدة والدها على إجراء العملية في أذنه المصابة بالرغم من أن النتيجة غير
                مضمونه... بقيت "تيما" واقفةً في مكانها لبعض الوقت ثم انطلقت إلى القاعة وفجأةً رأت "اندي" يقف على السور فقالت وهي تتنفس بصعوبة:
                "اندي"...
                أدار "اندي" رأسه إليها قائلاً بحيرة وتساؤل:
                ماذا هناك؟
                أجابته وهي مرتبكة:
                لقد .... فزت في المسابقة.
                أدرك "اندي" الأمر أخيراً, وركض باتجاهها وأحتضنها بسعادة وقال لها:
                مبروك يا عزيزتي.
                أغمضت "تيما" عينيها وهي تقول:
                شكراً على كل ما قدمته لي.

                ********************************************

                تعليق

                • Kikumaru Eiji
                  عـضـو
                  • Nov 2008
                  • 28

                  #9
                  " الصدمة الكبرى"

                  وقفت "ميمي" بجانب "بريتي" على السور, وبقيت صامته لبرهة, ثم قالت:
                  لا تتضايقي من كلامهم.... إنهم يعبرون عن غضبهم فقط.
                  كانت عينا "بريتي" موجهةً للطابق الأسفل وهي تجيب متظاهرةً بعدم المبالاة:
                  أنا لست متضايقة... فهذا الأمر لا يهم.
                  هب عليهما نسيمٌ خفيف, واستنشقت "ميمي" ذلك الهواء وهي تقول:
                  ما تقولينه مختلفٌ عما تقوله تعبير وجهك الحزينة.
                  اتسعت عينا "بريتي" وهي تلتفت للمكان الذي تقف فيه "ميمي" وقالت وعيناها تمتلئ بالدموع:
                  هذا غير صحيح.... أنا فقط.. أريد البقاء لوحدي.
                  وابتعدت عنها.... ثم همست "ميمي" في إشفاق:
                  إنها ترفض الاعتراف بالحقيقة.
                  وضع "هنري" رأسه على الوسادة بالمستشفى وهو مغمض العينين, وتنهد قائلاً بارتياح:
                  وأخيراً, حُلت المشكلة.
                  وفتح عينيه متابعاً في ضيق:
                  تباً لك يا "روبرت".... وجودك في الجامعة سبب لي الكثير من المتاعب.
                  دق أحدهم باب غرفة "هنري" فأذن له بالدخول, وكانت المفاجأة أن هذا الشخص هو "جوزيف" فقال "هنري" مُرحباً به:
                  أهلاً "جوزيف"...
                  اقترب "جوزيف" وجلس بجانبه قائلاً في تساءل:
                  لماذا ذهبت إلى الجامعة؟... ومن أخبرك عني...؟
                  عدل "هنري" جلسته وأتكئ بظهره على الجدار وهو يقول مبتسماً:
                  لقد أخبرني بذلك أحد الأشخاص الأوفياء.
                  رد عليه "جوزيف" في سرعه:
                  "رينا".... أليس كذلك؟
                  أجابه "هنري" بثقةٍ كبيرة:
                  كلا... "رينا" أكثر شخصٍ يعلم بحالتي هذه ومن المستحيل أن تخبرني.
                  احتار "جوزيف" كثيراً, ولكنه شعر بالارتياح عندما وضع "هنري" كفه على كتفه وقال:
                  المهم الان... هو أنك تستطيع العودة إلى الجامعة ابتداء من الغد.
                  قام "جوزيف" بمصافحة "هنري" كلتا يديه وقال بارتياح:
                  شكراً جزيلاً لك.
                  في تلك الأثناء, كانت "ميمي" تجلس مع "رينا" على طاولةٍ مقابلة الكافتيريا, ويتبادلان الأحاديث, وفجأة وقف "روبرت" بجانب
                  "ميمي" فحدقت به "رينا" بكراهية وأشارت ل "ميمي" بعينيها وحين ألتفتت إليه قالت بحنان:
                  أهلاً "روبرت".
                  استغربت "رينا" من تصرف "ميمي" وقالت بصوتٍ غاضب:
                  كيف ترحبين بشخصٍ خائن مثل هذا؟
                  أجاب "روبرت" رداً على "ميمي" متجاهلاً كلام "رينا":
                  هل يمكنني التحدث معكِ قليلاً؟
                  أخذت "رينا" عصيرها وقالت ل "ميمي" في ضيق:
                  سأذهب الان.
                  بعد ذهابها جلس "روبرت" على الكرسي المقابل لها وبقي صامتاً, حتى بدأت "ميمي" سؤالها:
                  ما الأمر الذي تريد التحدث به معي؟
                  عقد "روبرت" أصابع يده على الطاولة وقال بصوتٍ متألم:
                  لا بد بأنك قد علمتِ بما حدث.
                  هزت "ميمي" رأسها مجيبة:
                  نعم... أعلم.
                  لم يستطع "روبرت" رفع عينيه في عيني "ميمي" وكان يتحدث وهو خافضٌ رأسه:
                  لم أتوقع أن "بريتي" ستتضايق هكذا, نحن نعرف بعضنا منذ كنا في الإعدادية لكني لم أشاهدها كاليوم من قبل.
                  قالت له "ميمي" بجدية:
                  هذا ليس تصرف "بريتي" فقط, أي فتاةٍ في مكانها ستفعل هذا, خاصةً مع الشخص الذي تحبه.
                  سألها "روبرت" في حيرة:
                  ما الذي علي فعله الان؟.... أشعر بأني أسير بلا هدف من دونها.
                  صمتت "ميمي" بعض الوقت وظلت تفكر ثم قالت:
                  سأساعدك... لكن على شرط... وهو أن تحاول تغيير نفسك وإلا فإنك ستخسر جميع أصدقائك بهذه الطريقة.
                  عند انتهاء الدوام, عادت "تيما" مع "اندي" إلى المنزل, وهما في غاية السعادة, وعندما دخلا إلى البيت , رأت "تيما" والدتها تحمل طبقاً
                  به ماءٌ بارد فسألتها في حيرة:
                  ما الذي تفعلينه يا أمي؟
                  أجابتها بوجهٍ شاحب:
                  والدكما متعب جداً, وحرارته بدأت ترتفع.
                  أسقطت "تيما" حقيبتها وصعدا هي و"اندي" إلى غرفة والدها وحين دخلا, وجدا والدهما مستلقياً على السرير ومغطى ببطانية بيضاء, فاقتربت منه "تيما"
                  وأمسكت بيده وقالت بصوتٍ باكي:
                  سوف تشفى يا والدي بإذن الله, لقد بذلت جهدي وحصلت على الجائزة المالية وسنتمكن من دفع تكاليف العلاج.
                  وضع "اندي" يده على كتف "تيما" وهي تبكي وقال بإشفاق:
                  اهدئي قليلاً يا "تيما".... وإلا ...
                  وتوقف عن الكلام حين رأى والده يفتح عينيه وينظر إليهما بسعادة ويقول:
                  هل عدتم؟.... أنا مسرورٌ لأنكما بجانبي.
                  قال له "اندي" في قلق:
                  لا ترهق نفسك يا والدي... يمكنك أن تنام الان.
                  وأخذ "تيما" وخرجا من الغرفة, همس "اندي" قائلاً بصوتٍ منخفض:
                  ألا يمكنك حبس دموعكِ أمام والدي؟
                  أجابته بعصبية:
                  كلا.... فقلبي لا يتحمل رؤيته بهذه الحال.
                  قال "اندي" مجادلاً:
                  أعلم... إذا استمر الأمر هكذا لن أسمح لكي بالدخول مجدداً.
                  لم تقم "تيما" بالرد على "اندي" هذه المرة, وعادت إلى غرفتها...
                  في تلك اللحظة, دخلت "تينا" إلى المحل الذي يعمل به "مايكل" ولم تجد سوى الرجل العجوز وحين سألته عنه أجابها قائلاً:
                  لقد ذهب إلى النادي قبل قليل.
                  تساءلت "تينا" في داخل نفسها:
                  إلى أي نادي يذهب يا ترى؟
                  بالمصادفة, كانت "تينا" تنوي الذهاب إلى النادي أيضاً, وأرادت اصطحاب "مايكل" معها لهذا اضطرت للذهاب لوحدها.
                  في النادي, كان "مايكل" ماهراً في لعب كرة السلة ويتدرب دائماً هناك, وبعد انتهاء التدريب طلب منه المدرب إعادة الكرات إلى المخزن... كانت
                  "تينا" في نفس ذلك النادي, ودخلت إلى غرفة تغيير الملابس المجاورة لمخزن الكرات, بعدما أنهى "مايكل" ترتيب المكان أغلق الباب وسار قليلاً
                  ثم اتكئ بظهره على باب غرفة "تينا" وتنهد قائلاً في إرهاق:
                  كم أنا متعب!
                  نسيت "تينا" أن تغلق الباب عند دخولها, وهو من الأبواب الذي يفتح بسهولة, لذا عندما أتكئ "مايكل" عليه وقع إلى الداخل, وفتح عينيه ليرى
                  "تينا" التي لم تكن ترتدي سوى ملابسها الداخلية فاتسعت عينيه وخرج بسرعة وأغلق الباب وهو يتنفس بصعوبة بالغة ووضع يده على
                  قلبه وقال باندهاش:
                  ما هذا الذي فعلته؟... هل كانت تلك.... "تينا"؟
                  احمر وجه "تينا" خجلاً وذهولاً, فهي لم تتوقع حدوث أمرٍ كهذا وارتدت ملابسها بسرعة, وخرجت من الغرفة ورأت "مايكل" منحنياً أمامها
                  وهو يقول في أسف:
                  أعتذر بشدة عما بدر مني.... لم أكن أقصد فعل ذلك.
                  اقتربت منه "تينا" وقالت بابتسامة صافية:
                  لا داعي للاعتذار .... فهو لم يكن خطئك... أنا من نسي أن يغلق الباب.
                  رفع "مايكل" رأسه وقال بخجل:
                  حقاً؟.... لستِ غاضبةً مني.
                  هزت رأسها نفياً وهي تجيب:
                  بالطبع لا... إنه خطئي أنا.
                  بعد هذا الموقف, عرف "مايكل" أن "تينا" من النوع المتفهم الذي يعجبه... لهذا أعتذر لها مجدداً. وذهبا للتدرب معاً
                  وبقيا حتى المساء.
                  في طريق عودتهما للمنزل.... وهما بالسيارة قال "مايكل" وهو يقود:
                  لم أكن أعلم أنكِ تأتين إلي هذا النادي.
                  ردت عليه "تينا" مبتسمة:
                  لقد سجلت فيه منذ الأسبوع الماضي.... وأذهب يومان في الأسبوع... ماذا عنك؟
                  أجابها قائلاً بلطف:
                  أنا أذهب يومياً, فلا يوجد لدي عملٌ أقوم به... سوى مساعدة ذلك الرجل في المحل,
                  لقد تخرجت من الجامعة ولم أتمكن من الحصول على عمل في أي شركة بسبب سمعة والدي السيئة بالرغم من
                  أنه قد مات إلا أن الناس لم ينسوا ما فعله.
                  ظلت "تينا" تستمع إلى قصة "مايكل" ولم تشأ أن تسأله عن شيء, بعدما لاحظت الحزن في بريق عينيه, وتوقفت السيارة أمام
                  منزلها فقالت له:
                  شكراً لك على إيصالي إلى هنا.
                  رد عليها بصوتٍ رقيق:
                  لا داعي للشكر... ألسنا صديقين؟
                  أخفضت "تينا" رأسها وقالت في خجل:
                  صحيح...... نحن صديقين.
                  وفتحت الباب ونزلت, وحين أقتربت من المنزل لوحت بيدها قائلة:
                  أراك غداً.
                  رد عليها بنفس الطريقة ثم رحل...
                  رمت "تينا" حقيبتها على السرير في غرفتها, وضحكت عندما تذكرت ذلك الموقف... ودخلت لتستحم
                  لأنها تعرقت كثيراً أثناء التدريب..
                  كانت "ميمي" تتناول العشاء مع عائلتها على الطاولة, فوضع والدها الشوكة الفضية على الطبق وقال
                  موجهاً كلامه للجميع:
                  اسمعوا جميعاً... غداً سوف أشتري ل "ميمي" سيارةً جديدة على ذوقها.
                  تضايق "جاك" وسحب كرسيه ونهض قائلاًً في اعتراض:
                  أنا لن أسمح بحدوث هذا.
                  رد عليه الأب في سخرية:
                  إذن ما رأيك أن تجلس مكاني وتتحمل مسؤولية الأسرة؟
                  ثم صرخ في وجه الأب قائلاً بوقاحة:
                  أنا لم أقصد هذا... سأخبركم منذ الان, أنا لن أعترف ب "ميمي" إذا قادت السيارة.
                  اقترب الأب منه وصفعه على وجهه بقوة أسقطته أرضاً وقال بعصبية:
                  أخرج من هنا ... لا أريد رؤية وجهك مرة أخرى.
                  حدق "جاك" في وجه والده ونهض من على الأرض وغادر الغرفة... لم تتوقع "ميمي" بأن الأمور ستتعقد هكذا من أجل
                  قيادتها للسيارة, لذلك فكرت بالتراجع لكنها لم تستطع أن تخبر والدها بهذا القرار وهو غاضبٌ هكذا..
                  في تلك الأثناء, كانت "رينا" في المستشفى, وتجلس بجانب "هنري" وهو يتحدث إليها... ومن بين حديثهما قال في اعتذار
                  وهو يجلس على السرير:
                  أنا اسف لأنني لن أتمكن من أخذك إلى السينما في الأحد المقبل.
                  ابتسمت "رينا" وقالت بصوتٍ خجول:
                  صحتك عندي أهم من الذهاب إلي أي مكان.
                  سُعد "هنري" بسماع هذه الكلمات الجميلة ووضع يده على خدها الأيمن وأقترب منها, وقام بتقبيلها في خدها الأيسر... أصبح وجه
                  "رينا" محمراً جداً وهو يهمس في أذنيها:
                  شكراً لك "رينا"... بفضلك تحسنت حالتي.
                  ثم أبعد يده وأعاد ظهره إلى الجدار وهي على نفس الوضعية فضحك قائلاً في مرح:
                  تبدو علامات الاندهاش واضحةً على وجهك.
                  ارتبكت "رينا" وهي تقول بكلمات متقاطعة:
                  ماذا؟.... حقاً.... لم أكن أعلم... لقد فاجأتني.
                  أبعد "هنري" نظره عن "رينا" وقال بهدوء شديد:
                  في الواقع ... لا أعلم لماذا... لكني أرتاح لكي كثيراً يا "رينا" وأحب التحدث إليكِ. لذا تعالي لزيارتي يومياً.
                  أحست "رينا" بنبضات قلبها تخفق بشدة, وهي تضع يدها على صدرها وتقول في سعادة بداخلها:
                  أشعر بأن العالم لا يسعني... أنا في غاية السعادة يكفي أنني أجلس بجانبه.
                  وقطع حبل أفكارها عندما قال وهو ينظر إلى الساعة:
                  أعتقد بأن الوقت قد تأخر... أخشى أن يقلق والديكِ لتأخرك.
                  قالت "رينا" باستغراب:
                  فعلاً.... لقد تأخرت ... علي الذهاب الان.
                  اتصل "روبرت" على "بريتي" أكثر من مرة... لكنها لم ترد مطلقاً بالرغم من أنها كانت تجلس بجانب هاتفها النقال., ثم قام
                  بإرسال رسالة وكتب فيها:
                  "بريتي يا عزيزتي, أنا بحاجةٍ لسماع صوتك في هذه الدقائق. لن أتمكن من النوم وأنتِ على هذه الحال"
                  بعدما قرأتها قامت بإغلاق الهاتف تماماً وذهبت لتنام, وتركت "روبرت" يعاني طوال الليل.
                  في تلك اللحظات , كانت "ساكورا" أمام شاشة الكمبيوتر , تقلب في صفحات النت, وبالصدفة رأت رسالةً على بريدها الإلكتروني
                  وحين فتحتها رأت المكتوب:
                  " هل يمكنني التعرف إليكِ؟.... أجيبي بسرعة"
                  حذفت "ساكورا" الرسالة من الصندوق الخاص, بعدها ب 10 دقائق قام نفس الشخص بإرسال واحدة أخرى لكن بمحتوى
                  مختلف وكتب فيها:
                  "أنا أدرس معكِ بالجامعة, ومنذ أن رأيتك وأنا أفكر بكِ وحصلت على أيميلك بالمصادفة, وإذا كنت لا تصدقيني
                  فسأثبت لكي صحة كلامي "
                  وتابع في اخر الرسالة
                  "ألستِ "ساكورا؟"
                  اتسعت عينا "ساكورا" وشعرت بالخوف والقلق, وتسارعت نبضات قلبها وطرأ على بالها سؤالٌ وسؤال...
                  كيف عرف اسمها.....؟. هل هو حقاً بنفس الجامعة.......؟.
                  كادت سترد عليه إلا أن رسالته الأخيرة أوقفتها... وهي:
                  "أنا اسف "ساكورا"... أردتُ إخافتك قليلاً... أنا شقيقك "ساي""
                  توترت أعصاب "ساكورا" وخرجت مسرعةً من غرفتها.. واتجهت إلى غرفة "ساي" ودخلت من دون أن تطرق الباب.,
                  فنهض من مكانه وقال ضاحكاً:
                  لقد خدعتكُ بسهولة.
                  قامت "ساكورا" بصفعه على وجهه وقالت بعصبية:
                  يا لك من شخصٍ تافه.... وغبيٍ أيضاً.
                  أبعد "ساي" يده عن خده وقال بصوتٍ مرح:
                  تأكدي بأنني سأرد هذه الصفعة لكي... لكن بطريقتي الخاصة.
                  ثم تابع كلامه وهو يجلس أمام الكمبيوتر:
                  عليكِ أن تكوني حذرة فمن السهل خداع الفتيات عبر الإنترنت.
                  فكرت "ساكورا" في كلام شقيقها "ساي" كثيراً وتأكدت بأنه على حق فيما يقول, لكنها لا تستطيع تركه فهو
                  وسيلتها الوحيدة في التسلية.

                  طرقت "ميمي" باب غرفة والدها, وأذن لها بالدخول, وحين دخلت كان وجهها شاحباً وحزيناً فعرف والدها بأنها تريد قول
                  شيءٍ مهم, فمد يده إليها قائلاً:
                  تعالي إلى هنا.... "ميمي"!
                  جلست "ميمي" بجانب والدها وبقيت صامته ولا تنظر إليه حتى سألها في حيرة:
                  ماذا هناك؟
                  أجابته من دون أن تضع عينها في عينه:
                  أنا.... لم أعد أرغب بشراء سيارة.
                  سألها والدها في انزعاج:
                  لماذا؟.... لا تقولي بأنه من أجل ذلك المغفل "جاك".
                  ردت عليه بصوتٍ يملئه الحزن والاستياء:
                  لا أريد أن أخسر أخي لسببٍ تافه... لذا أرجوك دعنا نؤجل هذا الموضوع لوقتٍ لاحق.
                  وضع والدها يده على رأسها وقال مبتسماً:
                  كما تشائين يا "ميمي"... وأعلمي أنه متى ما أردتِ الحصول على شيء تعالي إلي ولا تترددي.
                  هزت رأسها قائلة:
                  حسناً.
                  خرجت "لوسكا" من الحمام بعدما استحمت واستعادت نشاطها, ثم قامت بتغيير ملابسها ونزلت لتناول العشاء مع والدتها وأخواتها...
                  أثناء العشاء.... توقفت الأم عن تناول الطعام ونظرت لأبنائها وكأن بداخلها شيء تود البوح به فسألتها "لوسكا":
                  ما المشكلة يا أمي؟
                  سكتت الأم لبرهة ثم قالت مجيبة:
                  سوف نترك المنزل قريباً.
                  كانت هذه الجملة مثل الصدمة لجميع أفراد المنزل, ومن شده دهشتهم لم ينطقوا بكلمة فتساءلت الأخت الكبرى:
                  لكن لماذا؟.... ما الذي حدث؟
                  أجابتها والدتها بكل أسى:
                  لأن بيتنا معرضٌ للهدم من قِبل الحكومة, لأنه على أرضٍ غير صالحة للسكن.... لهذا علينا البحث
                  عن منزلٍ اخر نسكن فيه.
                  تأثرت "لوسكا" كثيراً من هذا الخبر, وفقدت شهيتها في إكمال العشاء كما البقية أيضاً, وقالت بحزنٍ وألم شديدين:
                  كيف سنتمكن من الرحيل؟... لقد اعتدنا على هذا المكان وأحببناه كثيراً... كيف سنفترق عن جيراننا؟..
                  وهم إلى أين سيذهبون؟
                  عم الصمت أرجاء الغرفة, ولم يُسمع سوى صوت الأم وهي تقول:
                  المهم الان هو أن نحصل على بيتٍ جديد.... حتى لو كان خارج البلدة, لا مشكلة لدينا.
                  قال الابن الأكبر رداً على والدته:
                  حسناً... سوف أبحث من الغد إذا استطعت... وسأطلب من أصدقائي أن يساعدوني في
                  ذلك أيضاً.
                  عادت "لوسكا" إلى غرفتها, والحزن يسير داخل قلبها, ثم تمعنت في سريرها وأغراضها الخاصة وقالت بحزن:
                  هل سأتمكن من الرحيل بهذه السهولة.


                  ***********************************************

                  تعليق

                  • Kikumaru Eiji
                    عـضـو
                    • Nov 2008
                    • 28

                    #10
                    مافي داعي يا اخت مزون شمر.. فأنا اعرف القوانين جيداً... ولست من النوع الذي يتأخر في وضع

                    التكملة .... الرواية كاملة عندي وكل يوم بأحط 3 فصول حتى تنتهي ......

                    وإن شاء الله تعجبكم .....

                    تعليق

                    google Ad Widget

                    تقليص
                    يعمل...