" سامحني يا مايكل "
بعد مرور أسبوعٍ كامل...
في الصباح الباكر من أحد الأيام, استيقظت "لوسكا" باكراً على غير العادة, وغيرت ملابسها بسرعة....
وبعدما انتهت طلبت من شقيقها أن يوصلها إلى الجامعة فرد عليها قائلاً في عجلة:
لا يمكنني ذلك ,,, فأنا مشغولٌ جداً اليوم.
صرخت "لوسكا" في وجهه قائلةً في حيرة:
لكن من سيأخذني إلى الجامعة؟
هز شقيقها كتفيه وقال وهو يبتعد عنها ويحرك يده:
هذا ليس من شأني.
أخرجت "لوسكا" هاتفها النقال من حقيبتها واتصلت على "بريتي" طالبةً منها أن تمر لها لتوصلها معها للجامعة هذا اليوم..
في الطريق, توقف "مارك" في وسط الطريق لأنه كان من سيوصل "بريتي" و "لوسكا" إلى الجامعة وأضطر إلى التوقف بسبب اصطدام أثنين
عرقلوا سير البقية, فقالت "بريتي" متذمرة:
هل هذا وقته الان؟.. سوف نتأخر.
ضرب "مارك" بيده على مقود السيارة وقال بضيق:
تباً... كم أكره الانتظار.
فضغط بقدمه على الفرامل بقوة مصدراً صوتاً مزعجاً, وأدار السيارة بسرعة البرق إلى الجهة اليسرى الخالية ودخل إلى أحد
الشوارع الضيقة وتمسكت "بريتي" بالمقعد وقالت بخوف:
ما الذي تفعله؟,,, هل أصبت بالجنون؟
شعرت "لوسكا" بخوفٍ شديد لأنها أحست أن الموت قادمٌ لا محالة, وحين خرج "مارك" من الشارع الفرعي, أخفض السرعة وتنهد
قائلاً بسعادة:
هذا رائع..... إنها أسهل طريقةٍ للعبور.
أخذت "بريتي" نفساً عميقاً وقالت بارتياح:
حمد لله... في المرة القادمة التي ستفعل فيها هذا, أخبرني لكي تستعد.
قالت "لوسكا" بداخل نفسها في صدمة:
تستعد؟.... هذا يعني بأنها مثل شقيقها تماماً.
التقطت "رينا" الساعة ونظرت إليها بعينين مرهقتين.. وأغمضتها قائلة في تعب:
لا رغبة لدي في الذهاب إلى الجامعة اليوم.
ثم رن هاتفها النقال , فردت عليه قائلة:
نعم... ساكورا".
أجابتها "ساكورا" قائلةً بتساؤل:
متى ستذهبين إلى الجامعة؟
ردت عليها بإرهاق:
لا رغبة لدي.
تساءلت "ساكورا" في حيرة:
لكن لماذا؟........ هيا أنهضي فقط.
تنهدت "رينا" في ضجر ووافقت على النهوض, وأغلقت السماعة.... واتجهت إلى النافدة وفتحتها وأحست بقليلٍ من النشاط عندما استنشقت
ذلك الهواء الطيب, وقامت بتغيير ملابسها وخرجت...
في تلك اللحظة, قام الطبيب بإزالة الضمادة عن يد "هنري" المصابة, وحركها بحرية وقال بارتياح:
أخيراً يمكنني الارتياح من ذلك الضمادة المزعج.
قال الطبيب وهو سعيدٌ من أجله:
يمكنك مغادرة المستشفى غداً... وبالنسبة لقدمك عليك أن تتدرب على تحريكها قليلاً لأنها على وشك الشفاء.
بعد خروج الطبيب, حاول "هنري" الوقوف بدون الاستعانة بالعكاز, لكنه وقع عند أول محاولة للسير وقال في تألم وهو
مستلقٍ على الأرض:
هذا مؤلم.
وأدار رأسه للخلف ونظر إلى قدمه المكسورة ووضع يده عليها وقال بجدية:
يجب أن أحاول... لم أعد أحتمل البقاء هنا وقتاً أطول.
وقال وهو يحاول النهوض بقوة:
تباً لك "روبرت"... سوف أجعلك تندم بالتأكيد.
وضعت "رينا" رأسها على الطاولة في أحدى القاعات, وقالت موجهةً كلامها ل "ساكورا":
ما الهدف من مجيئنا إلى هنا اليوم؟
أجابتها "ساكورا" قائلة وهي ترتب حقيبتها:
طلبتُ منكِ القدوم لأنه اخر يوم في الأسبوع, هذا يعني بأننا لن نلتقي لمدة يومين.
رفعت "رينا" رأسها وقالت متسائلة:
لماذا؟... ما رأيكِ ان نخرج غداً إلى السوق؟
وقطع كلامها صوت "جوزيف" وهو يقول:
صباح الخير.... كيف حالكما؟
التفتت إليه "رينا" وقالت بسعادة:
أهلاً "جوزيف"..
وجلس بجانبهما وهو يقول مبتسماً:
سمعت بأن "هنري" سيغادر المستشفى في مساء الغد.
قالت كلاً من "رينا" و "ساكورا" بفرح:
حقاً؟.... هذا رائع.
دخلت "ميمي" إلى الجامعة في تلك اللحظة, وكان "روبرت" في انتظارها وحين رأته توقفت عن السير وقالت باستغراب:
ما الأمر , "روبرت"؟
أجابها قائلا وهو يقف أمامها مباشرة:
لا شيء.... أردت إخباركِ فقط بأنني بدأت أحاول تنفيذ ما طلبته مني.
ابتسمت "ميمي" في وجهه قائلة:
هذا جيد... ابذل جهدك.
وضع يده على كتفها قائلاً:
شكراً لكي.
وبالمصادفة, رأى "بريتي" تقف خلف "ميمي" تقريباً فاتسعت عينيه وأبعد يده بسرعة فأدارت "ميمي" رأسها وحين رأت نظرات
"بريتي" الباردة اختفت ابتسامتها فقال "روبرت":
أهلاً "بريتي".... لقد ....
مرت "بريتي" بجانبه وقاطعت كلامه قائلةً ببرود:
استمتع بوقتك مع صديقتك الجديدة.
وقبل أن تبتعد أمسك بمعصمها وقال بتمني:
أرجوكِ استمعي إلي.
أبعدت "بريتي" يده بعنف وقالت من دون أن تلتفت إليه:
لا حديث بيننا بعد الان... هل تفهم هذا؟
وتابعت سيرها وعلى وجهها عبارات الحزن والغضب في الوقت ذاته...
اقتربت "ميمي" من "روبرت" وقالت في أسف:
أنا السبب.... أعتذر عما حدث.
نظر إليها "روبرت" وقال بصوتٍ محبط:
لا داعي لذلك.... فأنتِ لم تفعلي شيئاً.
أشفقت "ميمي" عليه وواصلت طريقها بعدما أبتعد, في ذلك الوقت كانت "بريتي" تجلس على الدرج وتقلب الصور التي في هاتفها النقال
وتوقفت عند صورتها مع "روبرت" في ليلة العيد, أخفضت حاجبيها قائلةً في ضيق:
ليت الزمن يعود للوراء.... لتغيرت أشياء كثيرة.
وحملت حقيبتها وصعدت للأعلى.... دخل "اندي" إلى قاعة المستوى الأول ولوح بيده ل "ساكورا" لكي تأتي....
وحين وقفت عنده قال لها:
سوف اخذكِ إلى مكانٍ جميل.
وأمسك بيدها قائلاً:
تعالي معي.
بينما كانا يسيران, سألته "ساكورا" في حيرة:
إلى أين سنذهب؟
أجابها قائلاً في مرح:
لمَ العجلة؟.... ستعرفين قريباً.
وتوقف عند غرفة في الطابق الثالث, وألتفت إليها قائلاً:
اقتربي أكثر.
وفتح الباب, لم يكن في الغرفة أحد غيرهما, كانت الغرفة مليئة بالالات الموسيقية لكن ما لفت نظر "ساكورا" هو البيانو ثم قالت
باندهاش:
لماذا أحضرتني إلى هذا المكان؟
تساءل "اندي" قائلاً في استغراب:
ألا تحبين الموسيقى؟
عندما كادت ستجيبه سمعا صوت عزفٍ قادم من الجهة اليسرى للغرفة, فالتفتا إلى مصدر الصوت ووجدا فتاةً تعزف على البيانو
بشكل جميل, وتصدر ألحاناً رائعة وحين توقفت قالت لهما:
هل تفاجأ تما؟.. .يمكنني أن أعزف لكما أي مقطوعةٍ تريدانها.
سألها "اندي" قائلاً:
من أنتِ؟
نهضت الفتاة من مكانها, وانحنت أمامهما قائلة في احترام:
أنا أدعى "جودي"... من المستوى الأول ورئيسةٌ لقسم الموسيقى.
قال لها "اندي" وهو ينظر إلى البيانو:
إنكِ عازفة رائعة... هل يمكنك أن تعزفي لنا واحدة أخرى؟
هزت رأسها قائلة بسعادة:
بالتأكيد.
همست "ساكورا" في أذنيه قائلة بخجل:
ما الذي تنوي فعله؟
ابتسم "اندي" في وجهها من دون أن يرد عليها, وبدأت "جودي" بالعزف... وقف "اندي" أمام "ساكورا" منحنياً ومد يده
قائلاً:
هل ترقصين معي؟.... ساكورا".
تسارعت نبضات قلب "ساكورا" وحركت شفتيها قائلة في إحراج:
حسناً.
وأمسكت بيده, واستمتعت "جودي" بالعزف لهما, وكانت "ساكورا" تشعر بخجل شديد لكنها أحست بالمتعة في نفس
الوقت واستمرت...
بعد ذلك, حين خرجا من الغرفة, قال "اندي" في أسى:
أنا اسف... هناك أمرٌ أردت نسيانه لهذا أردت الرقص معكِ والاستمتاع بوقتنا.
ردت عليه "ساكورا" بحنان:
من الجيد أن يقوم الإنسان بالترفيه عن نفسه في مثل هذه الظروف.
سكت "اندي" ثم نظر إلى "ساكورا" وقال بجدية:
"ساكورا"... أنا... أنا أريد أن أكون رفيقكِ من الان فصاعداً.
حاولت "ساكورا" إخفاء ابتسامتها لكنها لم تستطع وتراجعت للخلف قليلاً وقالت:
أنا... موافقة, في الواقع أنا أرتاح لك كثيراً وأحب التحدث معك.
قال "اندي" في سرعة:
وأنا أيضاً... ولأكون صادقاً.. أنا أحبك.
اتسعت عينا "ساكورا" واحمر وجهها خجلاً, ثم أبعدت عينيها عن نظراته وقالت هامسة لنفسها:
هل أنا في حلم؟...... إذا كان حلماً فلا أريد أن أستيقظ منه أبداً.
وقطع تفكيرها صوت "اندي" عندما قال:
علي الذهاب الان............. أراك لاحقاً.
وحين ذهب همست "ساكورا" في سعادة بالغة:
لقد أصبحت غارقة في بحر الحب..... حب "اندي".
في تلك اللحظة, كان تفكير "لوسكا" غارقاً في أمر المنزل, وبدا التعب على وجهها فسألتها "تينا" التي كانت تجلس بجانبها:
بماذا تفكرين... "لوسكا"؟
أرجعت "لوسكا" ظهرها للخلف وأجابتها بهدوء:
أفكر بموضوع المنزل.. إن منزلنا معرضٌ للهدم من قِبل الحكومة لأن الأرض التي عليها أصبحت غير صالحة للسكن
وستنهار في أي لحظة... ونحن الان نبحث عن منزل اخر نقيم فيه, ومن المحتمل أن يكون بعيداً عن هنا.
قالت "تينا" في إشفاق:
إنه لأمرٌ مزعج بالفعل, لكن عليك ألا تفكري كثيراً بهذا الأمر.
هزت "لوسكا" كتفيها وهي تتنهد قائلة:
سأحاول فعل ذلك.
جلست "ميمي" بجانب "بريتي" وقالت بارتباك:
"بريتي"... هل يمكنني التحدث معكِ؟
أجابتها "بريتي" بجفاء:
لا أعتقد بأن هناك حديثٌ بيننا.
صمتت "ميمي" لبرهة ثم قالت:
صدقيني... لا يوجد شيءٌ بيني وبين "روبرت".
صرخت "بريتي" في وجه "ميمي" قائلةً بعصبية:
لا يهمنِ هذا... دعيني وشأني فقط.
نهضت "ميمي" من ذلك المكان وخرجت من القاعة, بعد ذلك بوقت راها "جوزيف" تجلس تحت ظل الشجرة في الساحة
فتوجه نحوها وقال حين وقف أمامها:
لماذا تجلسين لوحدك.... "ميمي"؟
رفعت "ميمي" عينيها وقالت باندهاش:
"جوزيف"؟
في أحدى المدارس وبالتحديد المدرسة التي بها "مارك"... كان يركض بالكرة في الملعب مع أصدقائه, والفتيات يقومون
بمراقبتهم, وأحرز "مارك" هدفاً ولوح لأصدقائه مغادراً الملعب, رمت إحدى الفتيات منشفةً على وجهه فقال وهو يتنفس بصعوبة:
أنا متعب... شكراً لكي.
ثم أعاد إليها المنشفة وتابع قائلاً:
ما رأيكِ أن نشرب شيئاً بارداً؟
ردت عليه الفتاة "ديفا" قائلة:
حسناً.... كما تشاء.
وذهبا إلى كافتيريا بالقرب من المدرسة, وتناولا إفطارهما... بعدها قال "مارك":
إلى أين تريدين الذهاب في هذه العطلة؟
وضعت "ديفا" العصير على الطاولة وقالت بصوتها الهادئ:
لا أعلم... هل نذهب إلى السينما؟
فكر "مارك" قليلاً قم قال:
حسناً.... سأشتري التذاكر ونذهب هذا المساء.
اتصل "مايكل" على هاتف "تينا" لكنها لم تستطع الرد لأنها كانت بالمحاضرة... فأرسل لها رسالة يقول فيها:
هل أنتِ مشغولة اليوم؟... إذا لم تكوني مشغولة تعالي إلى ضفة النهر في الساعة الخامسة
مساءً... سأكون بانتظارك هناك.
ابتسمت "تينا" بسعادة وأرسلت له قائلة:
ساتي بالتأكيد.
رفع "مايكل" يده اليسرى لينظر إلى الساعة, وراها قد تجاوزت الواحدة ظهراً... فقال باهتمام:
ما زال الوقت باكراً... سأذهب لاخذ غفوةً بسيطة.
انتهى الدوام الجامعي في الساعة الثالثة تماماً, وركبت "تينا" السيارة مع شقيقها عائدةً إلى المنزل... وهناك استحمت وبدأت
تجهز نفسها للموعد الذي مع "مايكل" وفجأةً سمعت صوت طرق الباب فقالت:
أدخل.
دخلت أختها التي تصغرها بسنةٍ واحدة وقالت في عجلة:
ألم تجهزي بعد؟
استغربت "تينا" من سؤال أختها فقالت متسائلة:
أجهز نفسي..؟ لماذا...؟
وضعت أختها يدها على رأسها وقالت بضيق:
لقد نسيت إخبارك.
ثم تابعت بجدية:
اتصلت جدتي بالأمس وطلبت من والدي أن يسافر إليها ويأخذنا معه لأن ابنها قد عاد من الخارج وتريد
أن تقيم حفلةُ لقدومه ونحن متواجدين.
قالت "تينا" في توتر:
لكن.. أنا لدي موعد و .....
قاطعتها أختها قائلة بعصبية:
هل الموعد أهم من زيارة جدتي؟... هيا جهزي حقيبتك بسرعة, سيأتي والدي لاصطحابنا بعد قليل.
وغادرت الغرفة... جلست "تينا" على السرير وعقدت حاجبيها قائلة:
تباً........ لماذا اليوم بالذات؟
وعندما حاولت الاتصال ب "مايكل" وجدت أن رصيدها قد نفذ كلياً من اخر رسالة أرسلتها فقالت مصدومة:
ما العمل الان؟,,,, لا وقت لدي لشراء بطاقة.
ثم أخرجت حقيبتها من الخزانة ووضعت ملابس تكفيها ليومين, وغيرت ملابسها وارتدت معطفها وخرجت.... جاء والدها في
الساعة الرابعة والنصف وركبوا معه السيارة متوجهين إلى المطار, وأزداد توتر "تينا" أكثر فهمست لأختها في السيارة:
هل لديك رصيدٍ كافٍ في هاتفك؟
هزت أختها رأسها نفياً وهي تجيب:
كلا ...... لقد انتهى منذ أسبوع.
استسلمت "تينا" نهائياً في تلك اللحظة... ونظرت من خلال النافدة وهمست لنفسها قائلة:
أنا اسفة... "مايكل".
في ذلك الوقت, وصل "مايكل" إلى ضفة النهر في الساعة 4:50 وجلس على أحد المقاعد هناك وقال:
لقد أتيت قبل الموعد بعشر دقائق.
ومرت العشر دقائق بسرعة... ووصلت "تينا" مع عائلتها إلى المطار وظلت صامته طوال الوقت, وتفكر ب "مايكل" الذي ينتظرها بشوق..
مضى من الوقت 20 دقيقة تقريباً وبدأ "مايكل" يشعر بالملل من الانتظار فأتصل على هاتفها ووجده مغلقاً... ثم أخرج من جيبه تذكرتان لدخول
المسرحية, وكانت "تينا" قد صعدت إلى الطائرة وأغلقت هاتفها... بدأت الشمس بالغروب وبقي "مايكل" يحدق بالتذاكر وينظر إلى الساعة في كل دقيقة...
هبط الظلام أخيراً, ونهض "مايكل" من مكانه , ومزق التذاكر ورماها في النهر وقال باشمئزاز:
يبدو بأنه لا يوجد معنى للوفاء عند تلك الفتاة.
وعاد إلى المنزل متضايقاً جداً من تصرف "تينا"....
اشترت "رينا" باقة أزهار من محلٍ قريب من المستشفى, لتقدمها ل "هنري" وحين وصلت إلى غرفته ودخلت لم تجده هناك, فشعرت بالقلق
وسألت الممرضة... فأجابتها قائلة:
لقد تم نقله إلى غرفة 102 في الطابق الأول.
اتجهت "رينا" إلى تلك الغرفة وطرقت الباب ودخلت.... سُعد "هنري" كثيراً برؤيتها وفوجئت حين رأته يقف على قدميه بدون الاستعانة
بالعكاز فقالت متسائلة:
هل تستطيع السير؟
أجابها قائلاً والابتسامة تملئ وجهه:
قليلاً.... لن أتمكن من السير بسهولة.
ثم جلس على السرير ومد يده قائلاً:
تعالي إلى هنا.
جلست "رينا" بجانبه وأعطته باقة الأزهار فأخذها وهو يقول بسعادة:
أهذه لي؟............. أشكرك "رينا".
ابتسمت "رينا" قائلة:
هذه بمناسبة شفائك... وسأحضر لك هديةً أفضل عندما تخرج من المستشفى.
ظهرت على ملامح "هنري" كمن تذكر شيئاً وقال:
صحيح... والدتي ستقيم حفلةً يوم الأحد بمناسبة خروجي من المستشفى... أريدكِ أن تقومي بدعوة الجميع للحضور.
أخفضت "رينا" حاجبيها وقالت متسائلة في حيرة:
الجميع؟
هز رأسه بنعم... فأعادت السؤال مجدداً:
بدون استثناء؟...
استغرب "هنري" من سؤالها فقال بحيرة:
ما بكِ يا "رينا"؟... أنا أقصد جميع أصدقائنا, وقومي بدعوة "روبرت" أيضاً.
رفعت "رينا" حاجبيها وقالت باعتراض:
لماذا تقوم بدعوته؟........ هل نسيت ما الذي فعله؟
رد عليها "هنري" بجدية:
قومي بدعوته فقط ....... هل هذا واضح؟
أخذت "رينا" حقيبتها وانصرفت بدون أن تنطق بكلمة... وكانت تتساءل في داخلها:
هل فقد "هنري" عقله أم ماذا؟
في نفس الوقت, توقفت سيارة بيضاء أمام منزلٍ فخم... في مدينة إنجلترا ونزل من السيارة والد "تينا" وعائلتها, ودق الأب الجرس
ففتح له الخادم قائلاً باحترام:
تفضلوا بالدخول.... السيدة بانتظاركم.
رحبت السيدة "إليزابيث" بهم عندما دخلوا إلى الفيلا وقالت بسعادة:
لقد اشتقت إليكم كثيراً.
قام الأب بالاقتراب من أمه وقبلها في جبهتها قائلاً:
أنا مسرورٌ برؤيتك.
وبعدها جلسوا وتناولوا العشاء, وتبادلوا الأحاديث, ووسط كل هذا كانت "تينا" في عالمٍ منعزل عن البقية, واستمرت بالنظر
إلى النافدة بالرغم من شدة الظلام ثم سمعت جدتها "إليزابيث" تناديها قائلة:
"تينا".... ما بكِ يا صغيرتي؟! تبدين متعبة.
عدلت "تينا" جلستها وأجابت جدتها قائلة بصوتٍ خافت:
نعم.... أنا متعبة قليلاً من السفر.
وانحنت برأسها متابعة:
عن إذنكم.... سأذهب لأنام.
وصعدت إلى الطابق الثاني, ودخلت إلى الغرفة التي جهزتها لها "إليزابيث"... كانت الغرفة في قمة الفخامة وشكلها يبعث السرور
لكن هذا لم يغير شيئاً من حالة "تينا" لذلك استلقت على سريرها بعدما أطفئت الأنوار وظلت تفكر .. حتى نامت.
عاد "مايكل" وهو مستاء للغاية, وجلس على الأريكة في الصالة وعقد أصابع يده مع بعضها ثم قال بصوتٍ غاضب:
اللعنة.... لماذا.... "تينا"؟
كانت "رينا" خارجةً من المستشفى, وبالصدفة رأت "روبرت" يقف أمامها فقالت له بضيق شديد:
سأخبرك بأمرٍ يا هذا....
سألها "روبرت" بوقاحة:
وما هو هذا الأمر, أيتها الجميلة؟
تمالكت "رينا" أعصابها وهي تجيبه بخشونة:
"هنري" يريدك أن تحضر إلى حفلة خروجه من هنا يوم الأحد المقبل.
أبعد "روبرت" عينيه عن "رينا" وقال بغضب:
لن أحضر بالتأكيد.
تابعت "رينا" سيرها وعندما مرت من عنده قالت بهدوء:
"بريتي" ستكون هناك.
عظ "روبرت" شفتيه وتظاهر بعدم المبالاة وهو يقول:
هذا لا يهمنِ على الإطلاق.
بعدها, أرسلت "رينا" للجميع لحضور الحفلة....
اتجه "روبرت" إلى منزل "بريتي" بسرعةٍ خارقة, وحين وصل نزل من السيارة وأقترب من المنزل, وألتقط بعض الحصى الصغير
من الأرض, ورمى واحدة نحو نافدة غرفتها, كانت في ذلك الوقت تقرأ كتاباً وأغلقته حين سمعت صوتاً من النافدة, فاتجهت نحوها
وأزاحت قليلاً من الستار, ورأت "روبرت" يطلب منها النزول فقالت باشمئزاز:
ما الذي يريده الان في هذا الوقت المتأخر؟
لم ترغب "بريتي" بالنزول إليه, لكن في الوقت ذاته أرادت أن تعرف ما هو السبب الذي جعله يأتي إلى هنا فارتدت معطفها ونزلت إليه...
وصلت "بريتي" عند الباب الحديدي الذي يفصلها عنه لكنها لم تقم بفتحه بل سألته:
ما الذي تريده الان؟
رد عليها "روبرت" في شوق:
وأخيراً تمكنت من سماع صوتك يا أميرتي.
صرخت "بريتي" قائلة بعصبية:
هل جئت لتقول هذا الكلام؟
أجابها في عجلة ملحوظة:
كلا... لقد أتيت لكي...
وصمت لبرهة, فقربت "بريتي" أذنيها من الباب وسمعته يهمس بصوتٍ يائس وحزين:
أرجوكِ لا تذهبي إلى حفلة "هنري"..
اتسعت شفتي "بريتي" في ضيق ثم قالت معارضة:
هذا الأمر ليس من شأنك.... أنا من يقرر ما إذا كنت سأذهب أو لا.
أخفض "روبرت" حاجبيه وقال متضايقاً وبصوتٍ خافت:
لقد تغيرتِ كثيراً يا "بريتي"... لكني أعلم جيداً ما يوجد في داخل قلبك...
حركت "بريتي" شفتيها وهي تبسط يديها على الباب وتقول بتساؤل:
ما الذي تقصده بهذا الكلام؟
رد عليها بكل ثقة والابتسامة تعلو وجهه:
لقد قرأت في عينيك الحزن, مهما حاولتِ إخفاء ذلك بضحكاتك مع الاخرين لن تستطيع
إخفائه عني.
وتابع قائلاً بتفاؤل:
أنا واثقٌ بأنكِ ما زلتي تحبينني .. فأنا أعرفك منذ 6 سنوات وأستطيع التمييز بين حزنك وفرحك.
قاطعته "بريتي" والدموع تملئ عينيها:
هذا يكفي... أنا لم أعد أحبك كالسابق,,, ولا أرغب بالتحدث إليك, لذا ارحل من هنا.
تراجع "روبرت" للوراء وأخفض عينيه قائلاً:
سوف اتي لحفلة "هنري"... من أجلكِ فقط... إلى اللقاء.
وركب سيارته ورحل... جلست "بريتي" على ركبتيها في الأرض وسقطت دمعةٌ حزينة من عينيها على الأرض
وابتسمت قائلة بصوتٍ حزين:
يا لي من فتاةٍ غبية.. لم أستطع إخفاء حزني أمامه... "روبرت" أنا...
******************************************
بعد مرور أسبوعٍ كامل...
في الصباح الباكر من أحد الأيام, استيقظت "لوسكا" باكراً على غير العادة, وغيرت ملابسها بسرعة....
وبعدما انتهت طلبت من شقيقها أن يوصلها إلى الجامعة فرد عليها قائلاً في عجلة:
لا يمكنني ذلك ,,, فأنا مشغولٌ جداً اليوم.
صرخت "لوسكا" في وجهه قائلةً في حيرة:
لكن من سيأخذني إلى الجامعة؟
هز شقيقها كتفيه وقال وهو يبتعد عنها ويحرك يده:
هذا ليس من شأني.
أخرجت "لوسكا" هاتفها النقال من حقيبتها واتصلت على "بريتي" طالبةً منها أن تمر لها لتوصلها معها للجامعة هذا اليوم..
في الطريق, توقف "مارك" في وسط الطريق لأنه كان من سيوصل "بريتي" و "لوسكا" إلى الجامعة وأضطر إلى التوقف بسبب اصطدام أثنين
عرقلوا سير البقية, فقالت "بريتي" متذمرة:
هل هذا وقته الان؟.. سوف نتأخر.
ضرب "مارك" بيده على مقود السيارة وقال بضيق:
تباً... كم أكره الانتظار.
فضغط بقدمه على الفرامل بقوة مصدراً صوتاً مزعجاً, وأدار السيارة بسرعة البرق إلى الجهة اليسرى الخالية ودخل إلى أحد
الشوارع الضيقة وتمسكت "بريتي" بالمقعد وقالت بخوف:
ما الذي تفعله؟,,, هل أصبت بالجنون؟
شعرت "لوسكا" بخوفٍ شديد لأنها أحست أن الموت قادمٌ لا محالة, وحين خرج "مارك" من الشارع الفرعي, أخفض السرعة وتنهد
قائلاً بسعادة:
هذا رائع..... إنها أسهل طريقةٍ للعبور.
أخذت "بريتي" نفساً عميقاً وقالت بارتياح:
حمد لله... في المرة القادمة التي ستفعل فيها هذا, أخبرني لكي تستعد.
قالت "لوسكا" بداخل نفسها في صدمة:
تستعد؟.... هذا يعني بأنها مثل شقيقها تماماً.
التقطت "رينا" الساعة ونظرت إليها بعينين مرهقتين.. وأغمضتها قائلة في تعب:
لا رغبة لدي في الذهاب إلى الجامعة اليوم.
ثم رن هاتفها النقال , فردت عليه قائلة:
نعم... ساكورا".
أجابتها "ساكورا" قائلةً بتساؤل:
متى ستذهبين إلى الجامعة؟
ردت عليها بإرهاق:
لا رغبة لدي.
تساءلت "ساكورا" في حيرة:
لكن لماذا؟........ هيا أنهضي فقط.
تنهدت "رينا" في ضجر ووافقت على النهوض, وأغلقت السماعة.... واتجهت إلى النافدة وفتحتها وأحست بقليلٍ من النشاط عندما استنشقت
ذلك الهواء الطيب, وقامت بتغيير ملابسها وخرجت...
في تلك اللحظة, قام الطبيب بإزالة الضمادة عن يد "هنري" المصابة, وحركها بحرية وقال بارتياح:
أخيراً يمكنني الارتياح من ذلك الضمادة المزعج.
قال الطبيب وهو سعيدٌ من أجله:
يمكنك مغادرة المستشفى غداً... وبالنسبة لقدمك عليك أن تتدرب على تحريكها قليلاً لأنها على وشك الشفاء.
بعد خروج الطبيب, حاول "هنري" الوقوف بدون الاستعانة بالعكاز, لكنه وقع عند أول محاولة للسير وقال في تألم وهو
مستلقٍ على الأرض:
هذا مؤلم.
وأدار رأسه للخلف ونظر إلى قدمه المكسورة ووضع يده عليها وقال بجدية:
يجب أن أحاول... لم أعد أحتمل البقاء هنا وقتاً أطول.
وقال وهو يحاول النهوض بقوة:
تباً لك "روبرت"... سوف أجعلك تندم بالتأكيد.
وضعت "رينا" رأسها على الطاولة في أحدى القاعات, وقالت موجهةً كلامها ل "ساكورا":
ما الهدف من مجيئنا إلى هنا اليوم؟
أجابتها "ساكورا" قائلة وهي ترتب حقيبتها:
طلبتُ منكِ القدوم لأنه اخر يوم في الأسبوع, هذا يعني بأننا لن نلتقي لمدة يومين.
رفعت "رينا" رأسها وقالت متسائلة:
لماذا؟... ما رأيكِ ان نخرج غداً إلى السوق؟
وقطع كلامها صوت "جوزيف" وهو يقول:
صباح الخير.... كيف حالكما؟
التفتت إليه "رينا" وقالت بسعادة:
أهلاً "جوزيف"..
وجلس بجانبهما وهو يقول مبتسماً:
سمعت بأن "هنري" سيغادر المستشفى في مساء الغد.
قالت كلاً من "رينا" و "ساكورا" بفرح:
حقاً؟.... هذا رائع.
دخلت "ميمي" إلى الجامعة في تلك اللحظة, وكان "روبرت" في انتظارها وحين رأته توقفت عن السير وقالت باستغراب:
ما الأمر , "روبرت"؟
أجابها قائلا وهو يقف أمامها مباشرة:
لا شيء.... أردت إخباركِ فقط بأنني بدأت أحاول تنفيذ ما طلبته مني.
ابتسمت "ميمي" في وجهه قائلة:
هذا جيد... ابذل جهدك.
وضع يده على كتفها قائلاً:
شكراً لكي.
وبالمصادفة, رأى "بريتي" تقف خلف "ميمي" تقريباً فاتسعت عينيه وأبعد يده بسرعة فأدارت "ميمي" رأسها وحين رأت نظرات
"بريتي" الباردة اختفت ابتسامتها فقال "روبرت":
أهلاً "بريتي".... لقد ....
مرت "بريتي" بجانبه وقاطعت كلامه قائلةً ببرود:
استمتع بوقتك مع صديقتك الجديدة.
وقبل أن تبتعد أمسك بمعصمها وقال بتمني:
أرجوكِ استمعي إلي.
أبعدت "بريتي" يده بعنف وقالت من دون أن تلتفت إليه:
لا حديث بيننا بعد الان... هل تفهم هذا؟
وتابعت سيرها وعلى وجهها عبارات الحزن والغضب في الوقت ذاته...
اقتربت "ميمي" من "روبرت" وقالت في أسف:
أنا السبب.... أعتذر عما حدث.
نظر إليها "روبرت" وقال بصوتٍ محبط:
لا داعي لذلك.... فأنتِ لم تفعلي شيئاً.
أشفقت "ميمي" عليه وواصلت طريقها بعدما أبتعد, في ذلك الوقت كانت "بريتي" تجلس على الدرج وتقلب الصور التي في هاتفها النقال
وتوقفت عند صورتها مع "روبرت" في ليلة العيد, أخفضت حاجبيها قائلةً في ضيق:
ليت الزمن يعود للوراء.... لتغيرت أشياء كثيرة.
وحملت حقيبتها وصعدت للأعلى.... دخل "اندي" إلى قاعة المستوى الأول ولوح بيده ل "ساكورا" لكي تأتي....
وحين وقفت عنده قال لها:
سوف اخذكِ إلى مكانٍ جميل.
وأمسك بيدها قائلاً:
تعالي معي.
بينما كانا يسيران, سألته "ساكورا" في حيرة:
إلى أين سنذهب؟
أجابها قائلاً في مرح:
لمَ العجلة؟.... ستعرفين قريباً.
وتوقف عند غرفة في الطابق الثالث, وألتفت إليها قائلاً:
اقتربي أكثر.
وفتح الباب, لم يكن في الغرفة أحد غيرهما, كانت الغرفة مليئة بالالات الموسيقية لكن ما لفت نظر "ساكورا" هو البيانو ثم قالت
باندهاش:
لماذا أحضرتني إلى هذا المكان؟
تساءل "اندي" قائلاً في استغراب:
ألا تحبين الموسيقى؟
عندما كادت ستجيبه سمعا صوت عزفٍ قادم من الجهة اليسرى للغرفة, فالتفتا إلى مصدر الصوت ووجدا فتاةً تعزف على البيانو
بشكل جميل, وتصدر ألحاناً رائعة وحين توقفت قالت لهما:
هل تفاجأ تما؟.. .يمكنني أن أعزف لكما أي مقطوعةٍ تريدانها.
سألها "اندي" قائلاً:
من أنتِ؟
نهضت الفتاة من مكانها, وانحنت أمامهما قائلة في احترام:
أنا أدعى "جودي"... من المستوى الأول ورئيسةٌ لقسم الموسيقى.
قال لها "اندي" وهو ينظر إلى البيانو:
إنكِ عازفة رائعة... هل يمكنك أن تعزفي لنا واحدة أخرى؟
هزت رأسها قائلة بسعادة:
بالتأكيد.
همست "ساكورا" في أذنيه قائلة بخجل:
ما الذي تنوي فعله؟
ابتسم "اندي" في وجهها من دون أن يرد عليها, وبدأت "جودي" بالعزف... وقف "اندي" أمام "ساكورا" منحنياً ومد يده
قائلاً:
هل ترقصين معي؟.... ساكورا".
تسارعت نبضات قلب "ساكورا" وحركت شفتيها قائلة في إحراج:
حسناً.
وأمسكت بيده, واستمتعت "جودي" بالعزف لهما, وكانت "ساكورا" تشعر بخجل شديد لكنها أحست بالمتعة في نفس
الوقت واستمرت...
بعد ذلك, حين خرجا من الغرفة, قال "اندي" في أسى:
أنا اسف... هناك أمرٌ أردت نسيانه لهذا أردت الرقص معكِ والاستمتاع بوقتنا.
ردت عليه "ساكورا" بحنان:
من الجيد أن يقوم الإنسان بالترفيه عن نفسه في مثل هذه الظروف.
سكت "اندي" ثم نظر إلى "ساكورا" وقال بجدية:
"ساكورا"... أنا... أنا أريد أن أكون رفيقكِ من الان فصاعداً.
حاولت "ساكورا" إخفاء ابتسامتها لكنها لم تستطع وتراجعت للخلف قليلاً وقالت:
أنا... موافقة, في الواقع أنا أرتاح لك كثيراً وأحب التحدث معك.
قال "اندي" في سرعة:
وأنا أيضاً... ولأكون صادقاً.. أنا أحبك.
اتسعت عينا "ساكورا" واحمر وجهها خجلاً, ثم أبعدت عينيها عن نظراته وقالت هامسة لنفسها:
هل أنا في حلم؟...... إذا كان حلماً فلا أريد أن أستيقظ منه أبداً.
وقطع تفكيرها صوت "اندي" عندما قال:
علي الذهاب الان............. أراك لاحقاً.
وحين ذهب همست "ساكورا" في سعادة بالغة:
لقد أصبحت غارقة في بحر الحب..... حب "اندي".
في تلك اللحظة, كان تفكير "لوسكا" غارقاً في أمر المنزل, وبدا التعب على وجهها فسألتها "تينا" التي كانت تجلس بجانبها:
بماذا تفكرين... "لوسكا"؟
أرجعت "لوسكا" ظهرها للخلف وأجابتها بهدوء:
أفكر بموضوع المنزل.. إن منزلنا معرضٌ للهدم من قِبل الحكومة لأن الأرض التي عليها أصبحت غير صالحة للسكن
وستنهار في أي لحظة... ونحن الان نبحث عن منزل اخر نقيم فيه, ومن المحتمل أن يكون بعيداً عن هنا.
قالت "تينا" في إشفاق:
إنه لأمرٌ مزعج بالفعل, لكن عليك ألا تفكري كثيراً بهذا الأمر.
هزت "لوسكا" كتفيها وهي تتنهد قائلة:
سأحاول فعل ذلك.
جلست "ميمي" بجانب "بريتي" وقالت بارتباك:
"بريتي"... هل يمكنني التحدث معكِ؟
أجابتها "بريتي" بجفاء:
لا أعتقد بأن هناك حديثٌ بيننا.
صمتت "ميمي" لبرهة ثم قالت:
صدقيني... لا يوجد شيءٌ بيني وبين "روبرت".
صرخت "بريتي" في وجه "ميمي" قائلةً بعصبية:
لا يهمنِ هذا... دعيني وشأني فقط.
نهضت "ميمي" من ذلك المكان وخرجت من القاعة, بعد ذلك بوقت راها "جوزيف" تجلس تحت ظل الشجرة في الساحة
فتوجه نحوها وقال حين وقف أمامها:
لماذا تجلسين لوحدك.... "ميمي"؟
رفعت "ميمي" عينيها وقالت باندهاش:
"جوزيف"؟
في أحدى المدارس وبالتحديد المدرسة التي بها "مارك"... كان يركض بالكرة في الملعب مع أصدقائه, والفتيات يقومون
بمراقبتهم, وأحرز "مارك" هدفاً ولوح لأصدقائه مغادراً الملعب, رمت إحدى الفتيات منشفةً على وجهه فقال وهو يتنفس بصعوبة:
أنا متعب... شكراً لكي.
ثم أعاد إليها المنشفة وتابع قائلاً:
ما رأيكِ أن نشرب شيئاً بارداً؟
ردت عليه الفتاة "ديفا" قائلة:
حسناً.... كما تشاء.
وذهبا إلى كافتيريا بالقرب من المدرسة, وتناولا إفطارهما... بعدها قال "مارك":
إلى أين تريدين الذهاب في هذه العطلة؟
وضعت "ديفا" العصير على الطاولة وقالت بصوتها الهادئ:
لا أعلم... هل نذهب إلى السينما؟
فكر "مارك" قليلاً قم قال:
حسناً.... سأشتري التذاكر ونذهب هذا المساء.
اتصل "مايكل" على هاتف "تينا" لكنها لم تستطع الرد لأنها كانت بالمحاضرة... فأرسل لها رسالة يقول فيها:
هل أنتِ مشغولة اليوم؟... إذا لم تكوني مشغولة تعالي إلى ضفة النهر في الساعة الخامسة
مساءً... سأكون بانتظارك هناك.
ابتسمت "تينا" بسعادة وأرسلت له قائلة:
ساتي بالتأكيد.
رفع "مايكل" يده اليسرى لينظر إلى الساعة, وراها قد تجاوزت الواحدة ظهراً... فقال باهتمام:
ما زال الوقت باكراً... سأذهب لاخذ غفوةً بسيطة.
انتهى الدوام الجامعي في الساعة الثالثة تماماً, وركبت "تينا" السيارة مع شقيقها عائدةً إلى المنزل... وهناك استحمت وبدأت
تجهز نفسها للموعد الذي مع "مايكل" وفجأةً سمعت صوت طرق الباب فقالت:
أدخل.
دخلت أختها التي تصغرها بسنةٍ واحدة وقالت في عجلة:
ألم تجهزي بعد؟
استغربت "تينا" من سؤال أختها فقالت متسائلة:
أجهز نفسي..؟ لماذا...؟
وضعت أختها يدها على رأسها وقالت بضيق:
لقد نسيت إخبارك.
ثم تابعت بجدية:
اتصلت جدتي بالأمس وطلبت من والدي أن يسافر إليها ويأخذنا معه لأن ابنها قد عاد من الخارج وتريد
أن تقيم حفلةُ لقدومه ونحن متواجدين.
قالت "تينا" في توتر:
لكن.. أنا لدي موعد و .....
قاطعتها أختها قائلة بعصبية:
هل الموعد أهم من زيارة جدتي؟... هيا جهزي حقيبتك بسرعة, سيأتي والدي لاصطحابنا بعد قليل.
وغادرت الغرفة... جلست "تينا" على السرير وعقدت حاجبيها قائلة:
تباً........ لماذا اليوم بالذات؟
وعندما حاولت الاتصال ب "مايكل" وجدت أن رصيدها قد نفذ كلياً من اخر رسالة أرسلتها فقالت مصدومة:
ما العمل الان؟,,,, لا وقت لدي لشراء بطاقة.
ثم أخرجت حقيبتها من الخزانة ووضعت ملابس تكفيها ليومين, وغيرت ملابسها وارتدت معطفها وخرجت.... جاء والدها في
الساعة الرابعة والنصف وركبوا معه السيارة متوجهين إلى المطار, وأزداد توتر "تينا" أكثر فهمست لأختها في السيارة:
هل لديك رصيدٍ كافٍ في هاتفك؟
هزت أختها رأسها نفياً وهي تجيب:
كلا ...... لقد انتهى منذ أسبوع.
استسلمت "تينا" نهائياً في تلك اللحظة... ونظرت من خلال النافدة وهمست لنفسها قائلة:
أنا اسفة... "مايكل".
في ذلك الوقت, وصل "مايكل" إلى ضفة النهر في الساعة 4:50 وجلس على أحد المقاعد هناك وقال:
لقد أتيت قبل الموعد بعشر دقائق.
ومرت العشر دقائق بسرعة... ووصلت "تينا" مع عائلتها إلى المطار وظلت صامته طوال الوقت, وتفكر ب "مايكل" الذي ينتظرها بشوق..
مضى من الوقت 20 دقيقة تقريباً وبدأ "مايكل" يشعر بالملل من الانتظار فأتصل على هاتفها ووجده مغلقاً... ثم أخرج من جيبه تذكرتان لدخول
المسرحية, وكانت "تينا" قد صعدت إلى الطائرة وأغلقت هاتفها... بدأت الشمس بالغروب وبقي "مايكل" يحدق بالتذاكر وينظر إلى الساعة في كل دقيقة...
هبط الظلام أخيراً, ونهض "مايكل" من مكانه , ومزق التذاكر ورماها في النهر وقال باشمئزاز:
يبدو بأنه لا يوجد معنى للوفاء عند تلك الفتاة.
وعاد إلى المنزل متضايقاً جداً من تصرف "تينا"....
اشترت "رينا" باقة أزهار من محلٍ قريب من المستشفى, لتقدمها ل "هنري" وحين وصلت إلى غرفته ودخلت لم تجده هناك, فشعرت بالقلق
وسألت الممرضة... فأجابتها قائلة:
لقد تم نقله إلى غرفة 102 في الطابق الأول.
اتجهت "رينا" إلى تلك الغرفة وطرقت الباب ودخلت.... سُعد "هنري" كثيراً برؤيتها وفوجئت حين رأته يقف على قدميه بدون الاستعانة
بالعكاز فقالت متسائلة:
هل تستطيع السير؟
أجابها قائلاً والابتسامة تملئ وجهه:
قليلاً.... لن أتمكن من السير بسهولة.
ثم جلس على السرير ومد يده قائلاً:
تعالي إلى هنا.
جلست "رينا" بجانبه وأعطته باقة الأزهار فأخذها وهو يقول بسعادة:
أهذه لي؟............. أشكرك "رينا".
ابتسمت "رينا" قائلة:
هذه بمناسبة شفائك... وسأحضر لك هديةً أفضل عندما تخرج من المستشفى.
ظهرت على ملامح "هنري" كمن تذكر شيئاً وقال:
صحيح... والدتي ستقيم حفلةً يوم الأحد بمناسبة خروجي من المستشفى... أريدكِ أن تقومي بدعوة الجميع للحضور.
أخفضت "رينا" حاجبيها وقالت متسائلة في حيرة:
الجميع؟
هز رأسه بنعم... فأعادت السؤال مجدداً:
بدون استثناء؟...
استغرب "هنري" من سؤالها فقال بحيرة:
ما بكِ يا "رينا"؟... أنا أقصد جميع أصدقائنا, وقومي بدعوة "روبرت" أيضاً.
رفعت "رينا" حاجبيها وقالت باعتراض:
لماذا تقوم بدعوته؟........ هل نسيت ما الذي فعله؟
رد عليها "هنري" بجدية:
قومي بدعوته فقط ....... هل هذا واضح؟
أخذت "رينا" حقيبتها وانصرفت بدون أن تنطق بكلمة... وكانت تتساءل في داخلها:
هل فقد "هنري" عقله أم ماذا؟
في نفس الوقت, توقفت سيارة بيضاء أمام منزلٍ فخم... في مدينة إنجلترا ونزل من السيارة والد "تينا" وعائلتها, ودق الأب الجرس
ففتح له الخادم قائلاً باحترام:
تفضلوا بالدخول.... السيدة بانتظاركم.
رحبت السيدة "إليزابيث" بهم عندما دخلوا إلى الفيلا وقالت بسعادة:
لقد اشتقت إليكم كثيراً.
قام الأب بالاقتراب من أمه وقبلها في جبهتها قائلاً:
أنا مسرورٌ برؤيتك.
وبعدها جلسوا وتناولوا العشاء, وتبادلوا الأحاديث, ووسط كل هذا كانت "تينا" في عالمٍ منعزل عن البقية, واستمرت بالنظر
إلى النافدة بالرغم من شدة الظلام ثم سمعت جدتها "إليزابيث" تناديها قائلة:
"تينا".... ما بكِ يا صغيرتي؟! تبدين متعبة.
عدلت "تينا" جلستها وأجابت جدتها قائلة بصوتٍ خافت:
نعم.... أنا متعبة قليلاً من السفر.
وانحنت برأسها متابعة:
عن إذنكم.... سأذهب لأنام.
وصعدت إلى الطابق الثاني, ودخلت إلى الغرفة التي جهزتها لها "إليزابيث"... كانت الغرفة في قمة الفخامة وشكلها يبعث السرور
لكن هذا لم يغير شيئاً من حالة "تينا" لذلك استلقت على سريرها بعدما أطفئت الأنوار وظلت تفكر .. حتى نامت.
عاد "مايكل" وهو مستاء للغاية, وجلس على الأريكة في الصالة وعقد أصابع يده مع بعضها ثم قال بصوتٍ غاضب:
اللعنة.... لماذا.... "تينا"؟
كانت "رينا" خارجةً من المستشفى, وبالصدفة رأت "روبرت" يقف أمامها فقالت له بضيق شديد:
سأخبرك بأمرٍ يا هذا....
سألها "روبرت" بوقاحة:
وما هو هذا الأمر, أيتها الجميلة؟
تمالكت "رينا" أعصابها وهي تجيبه بخشونة:
"هنري" يريدك أن تحضر إلى حفلة خروجه من هنا يوم الأحد المقبل.
أبعد "روبرت" عينيه عن "رينا" وقال بغضب:
لن أحضر بالتأكيد.
تابعت "رينا" سيرها وعندما مرت من عنده قالت بهدوء:
"بريتي" ستكون هناك.
عظ "روبرت" شفتيه وتظاهر بعدم المبالاة وهو يقول:
هذا لا يهمنِ على الإطلاق.
بعدها, أرسلت "رينا" للجميع لحضور الحفلة....
اتجه "روبرت" إلى منزل "بريتي" بسرعةٍ خارقة, وحين وصل نزل من السيارة وأقترب من المنزل, وألتقط بعض الحصى الصغير
من الأرض, ورمى واحدة نحو نافدة غرفتها, كانت في ذلك الوقت تقرأ كتاباً وأغلقته حين سمعت صوتاً من النافدة, فاتجهت نحوها
وأزاحت قليلاً من الستار, ورأت "روبرت" يطلب منها النزول فقالت باشمئزاز:
ما الذي يريده الان في هذا الوقت المتأخر؟
لم ترغب "بريتي" بالنزول إليه, لكن في الوقت ذاته أرادت أن تعرف ما هو السبب الذي جعله يأتي إلى هنا فارتدت معطفها ونزلت إليه...
وصلت "بريتي" عند الباب الحديدي الذي يفصلها عنه لكنها لم تقم بفتحه بل سألته:
ما الذي تريده الان؟
رد عليها "روبرت" في شوق:
وأخيراً تمكنت من سماع صوتك يا أميرتي.
صرخت "بريتي" قائلة بعصبية:
هل جئت لتقول هذا الكلام؟
أجابها في عجلة ملحوظة:
كلا... لقد أتيت لكي...
وصمت لبرهة, فقربت "بريتي" أذنيها من الباب وسمعته يهمس بصوتٍ يائس وحزين:
أرجوكِ لا تذهبي إلى حفلة "هنري"..
اتسعت شفتي "بريتي" في ضيق ثم قالت معارضة:
هذا الأمر ليس من شأنك.... أنا من يقرر ما إذا كنت سأذهب أو لا.
أخفض "روبرت" حاجبيه وقال متضايقاً وبصوتٍ خافت:
لقد تغيرتِ كثيراً يا "بريتي"... لكني أعلم جيداً ما يوجد في داخل قلبك...
حركت "بريتي" شفتيها وهي تبسط يديها على الباب وتقول بتساؤل:
ما الذي تقصده بهذا الكلام؟
رد عليها بكل ثقة والابتسامة تعلو وجهه:
لقد قرأت في عينيك الحزن, مهما حاولتِ إخفاء ذلك بضحكاتك مع الاخرين لن تستطيع
إخفائه عني.
وتابع قائلاً بتفاؤل:
أنا واثقٌ بأنكِ ما زلتي تحبينني .. فأنا أعرفك منذ 6 سنوات وأستطيع التمييز بين حزنك وفرحك.
قاطعته "بريتي" والدموع تملئ عينيها:
هذا يكفي... أنا لم أعد أحبك كالسابق,,, ولا أرغب بالتحدث إليك, لذا ارحل من هنا.
تراجع "روبرت" للوراء وأخفض عينيه قائلاً:
سوف اتي لحفلة "هنري"... من أجلكِ فقط... إلى اللقاء.
وركب سيارته ورحل... جلست "بريتي" على ركبتيها في الأرض وسقطت دمعةٌ حزينة من عينيها على الأرض
وابتسمت قائلة بصوتٍ حزين:
يا لي من فتاةٍ غبية.. لم أستطع إخفاء حزني أمامه... "روبرت" أنا...
******************************************
تعليق