" لا تتركني وحيدة "
دخل الشخص الذي يراقب "مايكل" إلى غرفة المدير في الشركة...وعندما وقف أمام المكتب.. سأله المدير قائلاً:
لقد إنتهى عملك منذ اسبوع, لماذا تأخرت؟
إنحنى الشاب "ارون" امامه وقال معتذراً:
ارجوا المعذرة يا سيدي, لكني أردت التحقق من شيء.
سأله المدير بإستغراب:
ما هو هذا الشيء؟
قال الشاب "ارون" مرتبكاً:
هل ... الانسة "تينا" على علاقة بالسيد "توماس"؟
ابتسم المدير رداً عليه:
نعم.... إنهما صديقين...
وضع "ارون" يده على المكتب وقال مندهشاً:
لكن ما رأيته يوحي بأنهما صديقين منذ مدة طويلة.. وأيضاً...
توقف "ارون" عن الكلام, فقال المدير بإلحاح:
ماذا أيضاً؟... أجبني..
أبعد "ارون" وجهه عن المدير وقال بإستياء:
إنها لا تنادي السيد "توماس" بإسمه.. لقد سمعتها تقول "أشكرك يا "مايكل".
اتسعت عيني المدير ونهض من كرسيه بسرعة وعلامات الذهول إمتزجت مع الغضب على وجهه
وضرب بيده على المكتب بقوة وهو يقول بعصبية:
قم بإستدعاء "توماس" في الحال.
قال "ارون" في قلق:
حاضر.
بعد دقائق قليلة, دخل "مايكل" إلى مكتب المدير, وراه يقف مقابلاً للنافدة... فقال "مايكل" بهدوء:
هل طلبت رؤيتي يا سيدي؟
التفت المدير إلى "مايكل" وقال له ببرود:
اقترب اكثر أيها الشاب.
تقدم "مايكل" للأمام حتى توقف بالقرب من مكتب المدير, وقال:
نعم يا سيدي.
حاول المدير أن يركز على صوت "مايكل" لعله يتذكره, فسأله قائلاً:
كيف يسير العمل معك؟
ابتسم "مايكل" وهو يجيبه قائلاً:
إنه ممتعٌ للغاية.
اقترب المدير اكثر ووقف مقابلاً له تماماً, ثم سأله:
هل بدأت ترافق إبنتي "تينا"؟
احس "مايكل" ببعض القلق وهو يرد قائلاً:
ن ... نعم.
وضع المدير يديه على كتف "مايكل" وقال:
إسمعني جيداً أيها الشاب, أنا أكره أن اُخدع من قبل أي شخص...
بدأ قلب "مايكل" يرتجف من الخوف, لأنه كان متوقعاً قدوم مثل هذا اليوم.. فقال بكلمات متقطعة:
ما الذي... ترمي ... إليه؟
ابعد المدير يده عن كتفه وقال محافظاً على أعصابه:
أريدك أن تصارحني بالحقيقة.... هل انت "توماس" حقاً؟
تراجع "مايكل" خطوةً للخلف وبدأ العرق يتصبب من جبينه ولم يتمكن من الرد على المدير.. ثم سمعه يقول مرة أخرى
لكن بصوتٍ حاد:
أجبني ... هل انت "توماس" أم شخصٌ اخر؟
عظ "مايكل" شفتيه وابتسم قائلاً:
لقد فات أوان الكذب الان يا سيدي.
قال له المدير متسائلاً:
ماذا؟
أبعد "مايكل" عينيه عن المدير وهو يقول بجدية:
هذا صحيح... أنا لست "توماس", انت تعرفني جيداً يا سيدي, لقد كنت تقوم بإهانتي دائماً لأنني
أرافق إبنتك "تينا".... وجاء الوقت الذي طلبت مني ان ارافقها بنفسك.
امسكه المدير من قميصه وقال بغضب وإنفعال:
أيها المخادع القذر.. لقد جعلتني اثق بك طوال هذه المدة.
صرخ "مايكل" قائلاً بنفس النبرة السابقة:
لم يكن لدي خيارٌ اخر... أنا في أشد الحاجة للعمل, أريد أن اكسب المال من أجل والدتي.
قام المدير بلكمه بقوة فسقطت نظارته على الأرض وخرج الدم من فمه, ثم ابتعد عن المدير وهو يعقد حاجبيه قائلاً:
"تينا" هي من أصرت علي لأعمل هنا....
ثم جثم على ركبتيه وقال في توسل:
أرجوك عاقبني كما تريد لكن لا تؤذي "تينا" ... ارجوك يا سيدي.
إقترب المدير منه وعيناه تشتعلان بالغضب وقال:
إنهض حالاً.
نهض "مايكل" من على الأرض بهدوء, لكنه لم يرفع رأسه.. وسمع المدير يقول بصوتٍ هادئ:
لن أعاقبك أيها الشاب, ولن اعاقب "تينا"... لكني حزنت كثيراً لما فعلته, أتعلم لو أنك اتيت إلي بشكلك الطبيعي
كنت سأرفضك بالتأكيد, لكن الان وبعدما رأيتك كيف تعمل, أعجبت بك كثيراً.
رفع "مايكل" عينيه للمدير, وقال بحزن:
أنا اسف... أرجوك سامحني.
أدار المدير ظهره إليه وهو يقول:
إسمك "مايكل" صحيح؟.... يمكنك البدء من جديد, إنسى ما حدث الان وعد إلى طبيعتك وسأسمح لك بالعودة
للعمل هنا.
علت الإبتسامة شفتي "مايكل" وقال بسعادة:
شكراً لك يا سيدي.
وقطع فرحت "مايكل" ما قاله المدير في تلك اللحظة:
لكن على شرط ...
وألتفت إليه متابعاً كلامه:
لا يمكن أن اسمح لك بمرافقة "تينا" بعد الان, إذا كنت تريد العمل هنا إنسى "تينا".
اتسعت عينا "مايكل" وقال بإنصطدام:
هذا غير ممكن.
رد عليه المدير بسرعة:
إذن لن تعمل هنا.
فكر "مايكل" بالأمر قليلاً, وتسائل بداخل نفسه "أيهما أهم كسب المال أم الحب؟".. ثم أجاب قائلاً:
أنا موافق... أعدك بأنني سأترك "تينا".
أبتسم المدير قائلاً:
أحسنت يا "مايكل"... أنت تعجبني هكذا.
لم يكن "مايكل" راضياً على هذا القرار بداخل نفسه لكنه لم يجد حلاً اخر سوى هذا.... فالحصول على المال
لا يتم بسهولة كالحب في نظره...
إنتهى هذا اليوم أخيراً, بدون حصول أي شيء جديد...
في صباح اليوم التالي, تجهز الجميع للذهاب إلى الرحلة البحرية, ولم يكونا "هنري" و"روبرت" على علمٍ بما
ينتظرهما في هذه الرحلة...
وكان الكل سعيداً للغاية ومتحمساً للذهاب بسرعة ...
بعد ساعة, في تمام الساعة الثامنة صباحاً تجمع الجميع على شاطئ البحر, ولم يتخلف أحدٌ عن الموعد
سوى "تينا" لأنها كانت تحاول الإتصال على "مايكل" بدون جدوى ولم تشأ الذهاب لوحدها....
ركب الجميع في قاربٌ شراعي أبيض متوسط الحجم, وكان به غرفةٌ صغيرة في وسطه...
أبعد "جيم" الحبل المربوط في الميناء وتحرك القارب من تلقاء نفسه ....
جلس كل واحدٍ على الكرسي المخصص له وبدأوا يتبادلون الأحاديث...
وضعت "ساكورا" علبة الحلوى على الطاولة أمامهم ... وهي تقول بمرح:
من يرغب بتذوق الحلوى التي اعددتها؟
ضحكت "رينا" قائلة بسخرية:
إنتبهوا قبل أن تأكلوا... ربما وضعت شيئاً في الحلوى.
قالت "ساكورا" بغضب:
إخرسي "رينا"... فهذا ليس من شأنك.
ضحك الجميع عليهما, فأخذ كل واحدٍ منهم قطعه, وأخذت "ساكورا" واحدة واعطتها ل "اندي" وهي تقول:
تفضل يا عزيزي.
أخذها "اندي" وهو يقول:
شكراً لكِ.
بعدها بقليل, قال "جيم" بمرح وهو يخرج شيئاً من جيبه:
ما رأيكم أن نلعب؟
قال الجميع بصوتٍ واحد:
فكرةٌ رائعة.
وضع "جيم" أوراقاً مطوية على الطاولة وقال بمكر:
في كل ورقة كُتب إسم شخصين منكم.... أنا سأختار من يأخذ الورقة, بعدها الشخصين اللذان يُكتب إسمهما
سيجلسان بجانب بعضهما.
قال الجميع بصوتٍ واحد وبنفس النبرة:
ماذا؟
نظر "جيم" إلى "ميمي" بإبتسامة واسعة, وقال:
"ميمي"... أنا أرشحك لتسحبي الورقة.
وجمع الأوراق في يده ومدها ل "ميمي" وهي تقول بخجل:
أنا؟... ح ... حسناً.
واخذت ورقة واحدة, فأبتسم "جيم" بسعادة, وفتحتها فأتسعت عينيها قائلة:
لا... هذا مستحيل.
إقترب الجميع من "ميمي", فقالت "لوسكا" وهي تنظر للجهة الأخرى:
فعلاً... لا يمكن السماح لهذان الشخصان بالجلوس معاً.
وضع "هنري" يده على الطاولة وقال بحيرة:
ما المكتوب في الورقة؟
أجابته "ميمي" وهي ترفع عينيها إليه:
المكتوب هو "روبرت" و "هنري".
نهض الإثنان من مكانهما ونظرا لبعضهما بغضب شديد, وتوجها الإثنان نحو "جيم" ووقف "روبرت" على يمينه
والاخر على يساره.. فقال الأول:
لماذا فعلت هذا يا "جيم"؟
وقال "هنري" بإنفعال وهو يشير إلى "روبرت":
لا يمكن أن اجلس بجانب مخلوقٍ كهذا.
وقف "جيم" في وسطهما وادخل يديه في جيبه قائلاً:
يبدو أن علي إخباركما بالأمر مباشرة.
ثم تابع بجدية:
نحن نريد أن ننهي الخلاف التافه الذي بينكما.
عقد "هنري" حاجبيه وقال بعصبية:
لا تتكلم وأنت لا تعرف شيئاً.... لا يمكنك إنهاء خلاف دام عشرين سنة.
قال "روبرت" بنفس النبرة:
لا تتدخل فيما لا يعنيك يا "جيم".
وعاد كل واحدٍ إلى مكانه فقال "جيم" بهدوء:
إنكما تتسببان المتاعب لنا, لهذا نرغب بإنهاء كل شيء.
قالت "لوسكا" وهي تقف بجانب "جيم":
هذا صحيح... أنتما عنيدان جداً.
عقد "جيم" حاجبيه قائلاً:
هل تعلمان من هو المتضرر بسببكما؟
حرك "روبرت" عينيه إلى "جيم", وسمعه يقول:
إنهما "رينا" و "بريتي".... لكن يبدو انكما لا تفكران بمشاعرهن.
قطعت "بريتي" هذا الحديث قائلة وهي تقف في مؤخرة القارب:
دعكم من هذا الكلام وأنظرا إلى هناك.
وأشارت بيدها إلى السماء التي بدأت تغطيها الغيوم السوداء, فقال "جوزيف" في قلق:
يبدو أننا سنواجه عاصفة.. علينا العودة.
إلتفت "جيم" إلى الجهة الأخرى وقال في إنزعاج:
لكننا بعيدون جداً عن الشاطئ, ما العمل؟
شعرت الفتيات بالخوف وقالت "رينا" بقلق:
يا إلهي, ما الذي علينا فعله؟
أدار "جيم" جسده إليهم وقال بجدية عندما بدأ المطر بالهطول:
إدخلوا إلى الغرفة جميعاً.
توجه الجميع نحو الغرفة, لكن لم يستطع أيٌ منهم الجلوس من شدة الخوف, وأشتد هطول المطر وبدأت الرياح
تبعد القارب أكثر عن الشاطئ, وانعدمت الرؤيا, واصبح الجو وكأنه الليل, وضعت "بريتي" رأسها على كتف "روبرت"
وقالت بخوف:
أتمنى أن ننجوا من هذه العاصفة.
كانت الأمواج ترتطم بالنوافد مع أصوات الرياح المخيفة, فقال "جيم" في ذهول كالذي تدرك شيئاً:
لقد نسيت أن أربط الأشرعة.
وضع "جوزيف" يده على كتف "جيم" وقال :
لنذهب معاً قبل أن يزداد الأمر سوءً.
وخرجا معهما "اندي" و "هنري", صعد "جيم" إلى أعلى القارب, وبدأ يربط الأشرعة بمساعدة "جوزيف"
بينما بقيا "هنري" يراقب الجهة اليمنى, و"اندي" في الجهة الأخرى, كانت الأمواج عالية وتبلل "هنري" كثيراً
واضطر إلى الدخول بسرعة وهو يقول في تعب:
إن العاصفة قوية.
مسحت "رينا" وجه "هنري" بالمنديل وهي تقول:
أتمنى ان ينتهي كل شيءٍ بسرعة.
امسك "جيم" بالحبل الأخير, وقال ل "جوزيف:
أترك البقية لي وعد.
قال له "جوزيف" بصوت عال:
كلا.
إلتمع البرق في السماء, مع أصوات الرعد, وجاءت موجةٌ عالية فوق "جيم" و"جوزيف", فأستلقى "جوزيف" على الأرض
وتمسك "جيم" بالحبل الذي في يده لكنه قُطع من قوة الموج العالية وسقط من الأعلى إلى البحر مباشرة وهو يصرخ, وحين سمعت
"لوسكا" صوته قالت بإستغراب:
"جيم"؟
حاول "جوزيف" مساعدة "جيم" ومد يده إليه قائلاً:
تمسك بي يا "جيم".
وأمسك "اندي" ب "جوزيف" وهو يقول:
إنتبه "جيم" هناك موجةٌ أخرى.
لم يتمكن "جيم" من الوصول إلي يد "جوزيف" الممدودة إليه, وكان يقاوم الأمواج ويبتعد تدريجياً عن القارب,
وجاءت الموجة الأخيرة, فأنخفضا "جوزيف" و"اندي" ولم يتمكنا من مساعدة "جيم" هذه المرة, خرجت "لوسكا"
مسرعة ووقفت عند حافة القارب وهي تقول:
"جيم".. أين "جيم"؟
صرخ "جيم" قائلاً وهو في وسط البحر ويقاوم بشدة:
"لوسكا".
لم تستطع "لوسكا" إلا أن ترى يده التي بدأت تختفي في وسط تلك الأمواج, فغرقت عينيها بالدموع وهي تلتفت
إلى "جوزيف" و"اندي" وتقول بتوسل:
قوما بمساعدته, ما الذي تفعلانه؟... إنه يغرق.
قال "جوزيف" بإحباط وحزن:
لم نستطع فالموج عالٍ جداً... ولا نملك أطواق نجاه.
صرخت "لوسكا" بأعلى صوتها بعدما اختفى "جيم" عن نظرها :
"جيم".
خرج الجميع من الغرفة وما زال المطر يهطل بشدة, وتجمعوا عند حافة القارب وبحثوا عن "جيم" لكنه لم
يجدوا أي أثرٍ له, لقد إختفى نهائياً....
أصيب الجميع بالحزن الشديد عليه, عندما بدأت الرياح تفقد قوتها... وبدأت الغيوم ترحل من السماء دخلت أشعة الشمس
من بين تلك الشقوق, أما "لوسكا" فقد كانت تنادي على "جيم" بإلحاح ثم وضعت قدمها على حافة القارب محاولةً النزول
إلى البحر لكن "جوزيف" أمسكها من الخلف وهو يقول:
توقفي أيتها المجنونة.... هل تحاولين الموت؟
صرخت "لوسكا" قائلة بحزن:
دعني ألحق به.. لا يمكنني العيش بدون "جيم", لا يمكنني.
وجثمت على ركبتيها وبدأت تبكي ودموعها تتساقط على الأرض, واتت "ميمي" إليها وكذلك "بريتي" وحاولا تهدئتها...
فوضعت "لوسكا" رأسها في حضن "ميمي" وهي تقول باكية:
لقد رحل... وتركني وحيدة في هذا العالم, لماذا "جيم"؟
وضعت "ساكورا" يدها على شفتيها وانهمرت الدموع من عينيها من شدة الحزن والإشفاق على "لوسكا", فأحتضنها "اندي"
بحنان وهي تبكي...
بعد ذلك, رمت "ميمي" طوقاً من الورود إلى البحر, ودعى الجميع ل "جيم", ولم تتمكن "لوسكا" من التوقف عن البكاء وتردد
بداخلها قائلة:
"جيم"... لماذا رحلت؟... كم أود الصراخ لأفرغ الألم الذي في صدري, لم اعد احتمل اكثر.
ورفعت رأسها إلى السماء والتفت إليها الجميع وهي تقول:
"جيم"... لا تمت أرجوك, ما زلت أرغب بقول الكثير من الأشياء لك, أريدك ان تعلم كم احبك.
إقترب "جوزيف" من "لوسكا" وأحتضنها وهو يقول:
إبكي قدر ما تشائين يا "لوسكا", ودعينا ندعي ونتمنى أن يكون على قيد الحياة.
اغمضت "لوسكا" عينيها وهزت رأسها موافقة...
إنتهت هذه الرحلة التي اثرت على الجميع, ولم يتوقع احدٌ أن تتحول هذه الرحلة السعيدة إلى حزن
بفقدان صديقٍ عزيز على قلوب الجميع...
************************************************
تعليق