فتيات في بحر الحب.. قصة من تأليفي!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Kikumaru Eiji
    عـضـو
    • Nov 2008
    • 28

    #31

    " لا تتركني وحيدة "

    دخل الشخص الذي يراقب "مايكل" إلى غرفة المدير في الشركة...وعندما وقف أمام المكتب.. سأله المدير قائلاً:
    لقد إنتهى عملك منذ اسبوع, لماذا تأخرت؟
    إنحنى الشاب "ارون" امامه وقال معتذراً:
    ارجوا المعذرة يا سيدي, لكني أردت التحقق من شيء.
    سأله المدير بإستغراب:
    ما هو هذا الشيء؟
    قال الشاب "ارون" مرتبكاً:
    هل ... الانسة "تينا" على علاقة بالسيد "توماس"؟
    ابتسم المدير رداً عليه:
    نعم.... إنهما صديقين...
    وضع "ارون" يده على المكتب وقال مندهشاً:
    لكن ما رأيته يوحي بأنهما صديقين منذ مدة طويلة.. وأيضاً...
    توقف "ارون" عن الكلام, فقال المدير بإلحاح:
    ماذا أيضاً؟... أجبني..
    أبعد "ارون" وجهه عن المدير وقال بإستياء:
    إنها لا تنادي السيد "توماس" بإسمه.. لقد سمعتها تقول "أشكرك يا "مايكل".
    اتسعت عيني المدير ونهض من كرسيه بسرعة وعلامات الذهول إمتزجت مع الغضب على وجهه
    وضرب بيده على المكتب بقوة وهو يقول بعصبية:
    قم بإستدعاء "توماس" في الحال.
    قال "ارون" في قلق:
    حاضر.
    بعد دقائق قليلة, دخل "مايكل" إلى مكتب المدير, وراه يقف مقابلاً للنافدة... فقال "مايكل" بهدوء:
    هل طلبت رؤيتي يا سيدي؟
    التفت المدير إلى "مايكل" وقال له ببرود:
    اقترب اكثر أيها الشاب.
    تقدم "مايكل" للأمام حتى توقف بالقرب من مكتب المدير, وقال:
    نعم يا سيدي.
    حاول المدير أن يركز على صوت "مايكل" لعله يتذكره, فسأله قائلاً:
    كيف يسير العمل معك؟
    ابتسم "مايكل" وهو يجيبه قائلاً:
    إنه ممتعٌ للغاية.
    اقترب المدير اكثر ووقف مقابلاً له تماماً, ثم سأله:
    هل بدأت ترافق إبنتي "تينا"؟
    احس "مايكل" ببعض القلق وهو يرد قائلاً:
    ن ... نعم.
    وضع المدير يديه على كتف "مايكل" وقال:
    إسمعني جيداً أيها الشاب, أنا أكره أن اُخدع من قبل أي شخص...
    بدأ قلب "مايكل" يرتجف من الخوف, لأنه كان متوقعاً قدوم مثل هذا اليوم.. فقال بكلمات متقطعة:
    ما الذي... ترمي ... إليه؟
    ابعد المدير يده عن كتفه وقال محافظاً على أعصابه:
    أريدك أن تصارحني بالحقيقة.... هل انت "توماس" حقاً؟
    تراجع "مايكل" خطوةً للخلف وبدأ العرق يتصبب من جبينه ولم يتمكن من الرد على المدير.. ثم سمعه يقول مرة أخرى
    لكن بصوتٍ حاد:
    أجبني ... هل انت "توماس" أم شخصٌ اخر؟
    عظ "مايكل" شفتيه وابتسم قائلاً:
    لقد فات أوان الكذب الان يا سيدي.
    قال له المدير متسائلاً:
    ماذا؟
    أبعد "مايكل" عينيه عن المدير وهو يقول بجدية:
    هذا صحيح... أنا لست "توماس", انت تعرفني جيداً يا سيدي, لقد كنت تقوم بإهانتي دائماً لأنني
    أرافق إبنتك "تينا".... وجاء الوقت الذي طلبت مني ان ارافقها بنفسك.
    امسكه المدير من قميصه وقال بغضب وإنفعال:
    أيها المخادع القذر.. لقد جعلتني اثق بك طوال هذه المدة.
    صرخ "مايكل" قائلاً بنفس النبرة السابقة:
    لم يكن لدي خيارٌ اخر... أنا في أشد الحاجة للعمل, أريد أن اكسب المال من أجل والدتي.
    قام المدير بلكمه بقوة فسقطت نظارته على الأرض وخرج الدم من فمه, ثم ابتعد عن المدير وهو يعقد حاجبيه قائلاً:
    "تينا" هي من أصرت علي لأعمل هنا....
    ثم جثم على ركبتيه وقال في توسل:
    أرجوك عاقبني كما تريد لكن لا تؤذي "تينا" ... ارجوك يا سيدي.
    إقترب المدير منه وعيناه تشتعلان بالغضب وقال:
    إنهض حالاً.
    نهض "مايكل" من على الأرض بهدوء, لكنه لم يرفع رأسه.. وسمع المدير يقول بصوتٍ هادئ:
    لن أعاقبك أيها الشاب, ولن اعاقب "تينا"... لكني حزنت كثيراً لما فعلته, أتعلم لو أنك اتيت إلي بشكلك الطبيعي
    كنت سأرفضك بالتأكيد, لكن الان وبعدما رأيتك كيف تعمل, أعجبت بك كثيراً.
    رفع "مايكل" عينيه للمدير, وقال بحزن:
    أنا اسف... أرجوك سامحني.
    أدار المدير ظهره إليه وهو يقول:
    إسمك "مايكل" صحيح؟.... يمكنك البدء من جديد, إنسى ما حدث الان وعد إلى طبيعتك وسأسمح لك بالعودة
    للعمل هنا.
    علت الإبتسامة شفتي "مايكل" وقال بسعادة:
    شكراً لك يا سيدي.
    وقطع فرحت "مايكل" ما قاله المدير في تلك اللحظة:
    لكن على شرط ...
    وألتفت إليه متابعاً كلامه:
    لا يمكن أن اسمح لك بمرافقة "تينا" بعد الان, إذا كنت تريد العمل هنا إنسى "تينا".
    اتسعت عينا "مايكل" وقال بإنصطدام:
    هذا غير ممكن.
    رد عليه المدير بسرعة:
    إذن لن تعمل هنا.
    فكر "مايكل" بالأمر قليلاً, وتسائل بداخل نفسه "أيهما أهم كسب المال أم الحب؟".. ثم أجاب قائلاً:
    أنا موافق... أعدك بأنني سأترك "تينا".
    أبتسم المدير قائلاً:
    أحسنت يا "مايكل"... أنت تعجبني هكذا.
    لم يكن "مايكل" راضياً على هذا القرار بداخل نفسه لكنه لم يجد حلاً اخر سوى هذا.... فالحصول على المال
    لا يتم بسهولة كالحب في نظره...

    إنتهى هذا اليوم أخيراً, بدون حصول أي شيء جديد...
    في صباح اليوم التالي, تجهز الجميع للذهاب إلى الرحلة البحرية, ولم يكونا "هنري" و"روبرت" على علمٍ بما
    ينتظرهما في هذه الرحلة...
    وكان الكل سعيداً للغاية ومتحمساً للذهاب بسرعة ...

    بعد ساعة, في تمام الساعة الثامنة صباحاً تجمع الجميع على شاطئ البحر, ولم يتخلف أحدٌ عن الموعد
    سوى "تينا" لأنها كانت تحاول الإتصال على "مايكل" بدون جدوى ولم تشأ الذهاب لوحدها....
    ركب الجميع في قاربٌ شراعي أبيض متوسط الحجم, وكان به غرفةٌ صغيرة في وسطه...
    أبعد "جيم" الحبل المربوط في الميناء وتحرك القارب من تلقاء نفسه ....
    جلس كل واحدٍ على الكرسي المخصص له وبدأوا يتبادلون الأحاديث...
    وضعت "ساكورا" علبة الحلوى على الطاولة أمامهم ... وهي تقول بمرح:
    من يرغب بتذوق الحلوى التي اعددتها؟
    ضحكت "رينا" قائلة بسخرية:
    إنتبهوا قبل أن تأكلوا... ربما وضعت شيئاً في الحلوى.
    قالت "ساكورا" بغضب:
    إخرسي "رينا"... فهذا ليس من شأنك.
    ضحك الجميع عليهما, فأخذ كل واحدٍ منهم قطعه, وأخذت "ساكورا" واحدة واعطتها ل "اندي" وهي تقول:
    تفضل يا عزيزي.
    أخذها "اندي" وهو يقول:
    شكراً لكِ.
    بعدها بقليل, قال "جيم" بمرح وهو يخرج شيئاً من جيبه:
    ما رأيكم أن نلعب؟
    قال الجميع بصوتٍ واحد:
    فكرةٌ رائعة.
    وضع "جيم" أوراقاً مطوية على الطاولة وقال بمكر:
    في كل ورقة كُتب إسم شخصين منكم.... أنا سأختار من يأخذ الورقة, بعدها الشخصين اللذان يُكتب إسمهما
    سيجلسان بجانب بعضهما.
    قال الجميع بصوتٍ واحد وبنفس النبرة:
    ماذا؟
    نظر "جيم" إلى "ميمي" بإبتسامة واسعة, وقال:
    "ميمي"... أنا أرشحك لتسحبي الورقة.
    وجمع الأوراق في يده ومدها ل "ميمي" وهي تقول بخجل:
    أنا؟... ح ... حسناً.
    واخذت ورقة واحدة, فأبتسم "جيم" بسعادة, وفتحتها فأتسعت عينيها قائلة:
    لا... هذا مستحيل.
    إقترب الجميع من "ميمي", فقالت "لوسكا" وهي تنظر للجهة الأخرى:
    فعلاً... لا يمكن السماح لهذان الشخصان بالجلوس معاً.
    وضع "هنري" يده على الطاولة وقال بحيرة:
    ما المكتوب في الورقة؟
    أجابته "ميمي" وهي ترفع عينيها إليه:
    المكتوب هو "روبرت" و "هنري".
    نهض الإثنان من مكانهما ونظرا لبعضهما بغضب شديد, وتوجها الإثنان نحو "جيم" ووقف "روبرت" على يمينه
    والاخر على يساره.. فقال الأول:
    لماذا فعلت هذا يا "جيم"؟
    وقال "هنري" بإنفعال وهو يشير إلى "روبرت":
    لا يمكن أن اجلس بجانب مخلوقٍ كهذا.
    وقف "جيم" في وسطهما وادخل يديه في جيبه قائلاً:
    يبدو أن علي إخباركما بالأمر مباشرة.
    ثم تابع بجدية:
    نحن نريد أن ننهي الخلاف التافه الذي بينكما.
    عقد "هنري" حاجبيه وقال بعصبية:
    لا تتكلم وأنت لا تعرف شيئاً.... لا يمكنك إنهاء خلاف دام عشرين سنة.
    قال "روبرت" بنفس النبرة:
    لا تتدخل فيما لا يعنيك يا "جيم".
    وعاد كل واحدٍ إلى مكانه فقال "جيم" بهدوء:
    إنكما تتسببان المتاعب لنا, لهذا نرغب بإنهاء كل شيء.
    قالت "لوسكا" وهي تقف بجانب "جيم":
    هذا صحيح... أنتما عنيدان جداً.
    عقد "جيم" حاجبيه قائلاً:
    هل تعلمان من هو المتضرر بسببكما؟
    حرك "روبرت" عينيه إلى "جيم", وسمعه يقول:
    إنهما "رينا" و "بريتي".... لكن يبدو انكما لا تفكران بمشاعرهن.
    قطعت "بريتي" هذا الحديث قائلة وهي تقف في مؤخرة القارب:
    دعكم من هذا الكلام وأنظرا إلى هناك.
    وأشارت بيدها إلى السماء التي بدأت تغطيها الغيوم السوداء, فقال "جوزيف" في قلق:
    يبدو أننا سنواجه عاصفة.. علينا العودة.
    إلتفت "جيم" إلى الجهة الأخرى وقال في إنزعاج:
    لكننا بعيدون جداً عن الشاطئ, ما العمل؟
    شعرت الفتيات بالخوف وقالت "رينا" بقلق:
    يا إلهي, ما الذي علينا فعله؟
    أدار "جيم" جسده إليهم وقال بجدية عندما بدأ المطر بالهطول:
    إدخلوا إلى الغرفة جميعاً.
    توجه الجميع نحو الغرفة, لكن لم يستطع أيٌ منهم الجلوس من شدة الخوف, وأشتد هطول المطر وبدأت الرياح
    تبعد القارب أكثر عن الشاطئ, وانعدمت الرؤيا, واصبح الجو وكأنه الليل, وضعت "بريتي" رأسها على كتف "روبرت"
    وقالت بخوف:
    أتمنى أن ننجوا من هذه العاصفة.
    كانت الأمواج ترتطم بالنوافد مع أصوات الرياح المخيفة, فقال "جيم" في ذهول كالذي تدرك شيئاً:
    لقد نسيت أن أربط الأشرعة.
    وضع "جوزيف" يده على كتف "جيم" وقال :
    لنذهب معاً قبل أن يزداد الأمر سوءً.
    وخرجا معهما "اندي" و "هنري", صعد "جيم" إلى أعلى القارب, وبدأ يربط الأشرعة بمساعدة "جوزيف"
    بينما بقيا "هنري" يراقب الجهة اليمنى, و"اندي" في الجهة الأخرى, كانت الأمواج عالية وتبلل "هنري" كثيراً
    واضطر إلى الدخول بسرعة وهو يقول في تعب:
    إن العاصفة قوية.
    مسحت "رينا" وجه "هنري" بالمنديل وهي تقول:
    أتمنى ان ينتهي كل شيءٍ بسرعة.
    امسك "جيم" بالحبل الأخير, وقال ل "جوزيف:
    أترك البقية لي وعد.
    قال له "جوزيف" بصوت عال:
    كلا.
    إلتمع البرق في السماء, مع أصوات الرعد, وجاءت موجةٌ عالية فوق "جيم" و"جوزيف", فأستلقى "جوزيف" على الأرض
    وتمسك "جيم" بالحبل الذي في يده لكنه قُطع من قوة الموج العالية وسقط من الأعلى إلى البحر مباشرة وهو يصرخ, وحين سمعت
    "لوسكا" صوته قالت بإستغراب:
    "جيم"؟
    حاول "جوزيف" مساعدة "جيم" ومد يده إليه قائلاً:
    تمسك بي يا "جيم".
    وأمسك "اندي" ب "جوزيف" وهو يقول:
    إنتبه "جيم" هناك موجةٌ أخرى.
    لم يتمكن "جيم" من الوصول إلي يد "جوزيف" الممدودة إليه, وكان يقاوم الأمواج ويبتعد تدريجياً عن القارب,
    وجاءت الموجة الأخيرة, فأنخفضا "جوزيف" و"اندي" ولم يتمكنا من مساعدة "جيم" هذه المرة, خرجت "لوسكا"
    مسرعة ووقفت عند حافة القارب وهي تقول:
    "جيم".. أين "جيم"؟
    صرخ "جيم" قائلاً وهو في وسط البحر ويقاوم بشدة:
    "لوسكا".
    لم تستطع "لوسكا" إلا أن ترى يده التي بدأت تختفي في وسط تلك الأمواج, فغرقت عينيها بالدموع وهي تلتفت
    إلى "جوزيف" و"اندي" وتقول بتوسل:
    قوما بمساعدته, ما الذي تفعلانه؟... إنه يغرق.
    قال "جوزيف" بإحباط وحزن:
    لم نستطع فالموج عالٍ جداً... ولا نملك أطواق نجاه.
    صرخت "لوسكا" بأعلى صوتها بعدما اختفى "جيم" عن نظرها :
    "جيم".
    خرج الجميع من الغرفة وما زال المطر يهطل بشدة, وتجمعوا عند حافة القارب وبحثوا عن "جيم" لكنه لم
    يجدوا أي أثرٍ له, لقد إختفى نهائياً....
    أصيب الجميع بالحزن الشديد عليه, عندما بدأت الرياح تفقد قوتها... وبدأت الغيوم ترحل من السماء دخلت أشعة الشمس
    من بين تلك الشقوق, أما "لوسكا" فقد كانت تنادي على "جيم" بإلحاح ثم وضعت قدمها على حافة القارب محاولةً النزول
    إلى البحر لكن "جوزيف" أمسكها من الخلف وهو يقول:
    توقفي أيتها المجنونة.... هل تحاولين الموت؟
    صرخت "لوسكا" قائلة بحزن:
    دعني ألحق به.. لا يمكنني العيش بدون "جيم", لا يمكنني.
    وجثمت على ركبتيها وبدأت تبكي ودموعها تتساقط على الأرض, واتت "ميمي" إليها وكذلك "بريتي" وحاولا تهدئتها...
    فوضعت "لوسكا" رأسها في حضن "ميمي" وهي تقول باكية:
    لقد رحل... وتركني وحيدة في هذا العالم, لماذا "جيم"؟
    وضعت "ساكورا" يدها على شفتيها وانهمرت الدموع من عينيها من شدة الحزن والإشفاق على "لوسكا", فأحتضنها "اندي"
    بحنان وهي تبكي...
    بعد ذلك, رمت "ميمي" طوقاً من الورود إلى البحر, ودعى الجميع ل "جيم", ولم تتمكن "لوسكا" من التوقف عن البكاء وتردد
    بداخلها قائلة:
    "جيم"... لماذا رحلت؟... كم أود الصراخ لأفرغ الألم الذي في صدري, لم اعد احتمل اكثر.
    ورفعت رأسها إلى السماء والتفت إليها الجميع وهي تقول:
    "جيم"... لا تمت أرجوك, ما زلت أرغب بقول الكثير من الأشياء لك, أريدك ان تعلم كم احبك.
    إقترب "جوزيف" من "لوسكا" وأحتضنها وهو يقول:
    إبكي قدر ما تشائين يا "لوسكا", ودعينا ندعي ونتمنى أن يكون على قيد الحياة.
    اغمضت "لوسكا" عينيها وهزت رأسها موافقة...

    إنتهت هذه الرحلة التي اثرت على الجميع, ولم يتوقع احدٌ أن تتحول هذه الرحلة السعيدة إلى حزن
    بفقدان صديقٍ عزيز على قلوب الجميع...

    ************************************************

    تعليق

    • Kikumaru Eiji
      عـضـو
      • Nov 2008
      • 28

      #32

      " سأحاول أن أحبك "

      في المساء, توجهت "تينا" إلى الفندق, و عندما دخلت مسرعة توقفت عند المسئول وسألته قائلة:
      هل "توماس" موجود في غرفته؟
      هز المسئول رأسه نفياً وهو يرد عليها:
      كلا... لقد اعاد السيد "توماس" مفاتيح الشقة ودفع كل الأجرة ورحل.
      اتسعت عيني "تينا" وهي تقول مذهولة:
      مستحيل... لكن لماذا؟
      اجابها المسئول قائلاً:
      لا أعلم يا انسة....
      وتوقف عن الكلام حين رأى "تينا" تغادر الفندق, وهز كتفيه وعاد إلى عمله....
      نزلت "تينا" عبر الدرج ورفعت رأسها للسماء ونظرت للسماء التي تغطي الغيوم بعض اجزائها واحست
      بالحزن والضيق وتسائلت بداخل نفسها:
      لماذا رحل بدون أن يخبرني؟... ولماذا لا يرد على إتصالاتي؟...
      وفكرت قليلاً, ثم توجهت إلى منزله في أحد الأحياء الضيقة, وتوقفت عند ذلك الباب الخشبي وطرقته ...
      ففتح لها "مايكل" الباب وتسمر في مكانه مذهولاً حين رأى "تينا" تقف أمامه وقال مرتبكاً:
      اه.. "تينا"؟... لماذا اتيتِ إلى هنا؟
      سألته "تينا" ببرود:
      لماذا غادرت الفندق يا "مايكل"؟... وبدون أن تخبرني.
      اشاح "مايكل" بوجهه قائلاً في إستياء:
      لقد إنتهت لعبتنا اليوم يا "تينا"... فقد عرف والدك من أكون.
      تفاجأت "تينا" كثيراً بسماع هذا الخبر وارتجفت شفتيها قائلة وهي تضع يديها على كتفيه:
      كيف عرف ذلك؟
      أجابها "مايكل" في ضيق:
      لا أعلم, لكنه لم يطردني من العمل.... بل طلب مني أن اعود للعمل في الشركة بدون أن اتخفى في
      شخصية "توماس".
      ابتسمت "تينا" بإرتياح وقالت:
      هذا رائع بالفعل.... أليس كذلك؟
      إلتمعت عينا "مايكل" وهو ينظر إلى "تينا" بحزن ويقول بإستياء:
      لقد وافق على شرط .....
      وحين توقف عن الكلام إقتربت منه "تينا" وهي تسأله بإستغراب:
      ما هو هذا الشرط؟
      أبعد "مايكل" عينيه عن عيني "تينا" وقال في حنق:
      لقد قال "عليك أن تنسى تينا نهائياً إذا اردت العمل هنا"... ولم اجد خياراً سوى الموافقة على طلبه فأنا بحاجةٍ
      إلى المال لأوفر كل ما تطلبه والدتي.
      تراجعت "تينا" للخلف وهي تقول بإنصطدام:
      كلا... هذا لا يمكن, هل ستتخلى عني بهذه السهولة يا "مايكل"؟
      اشاح "مايكل" بوجهه وهو يغمض عينيه قائلاً:
      أنا اسف يا "تينا"... سامحيني, أنت تعلمين جيداً أنني حصلت على هذا العمل بصعوبة, لا اريد
      أن أضيع فرصتي الان.
      إمتلئت عينا "تينا" بالدموع وهي تردد قائلة:
      إذن, لقد كنت تكذب حين قلت بأنك تحبني, أليس كذلك؟
      فتح "مايكل" عينيه بسرعة والتفت إليها قائلاً:
      كلا ... هذا غير صحيح, أنا أحبك لكن ما الذي يمكنني فعله, أخبريني.
      انهمرت الدموع من عيني "تينا" وهي تبتسم قائلة:
      إذا اردت ان تنهي علاقتنا أخبرني الان, لكي اتراجع عن حبك.
      لم يتمكن "مايكل" من الرد على "تينا", وبالأصح لم يعرف ما يقوله... فأنحنت "تينا" أمامه وهي تقول:
      أشكرك على كل شيء.
      وابتعدت عنه وهو واقفٌ في مكانه بدون حراك, وضرب بيده على الحائط المجاور له وهو يقول بغضب:
      تباً.... انا اسف "تينا".
      وتابع كلامه وهو ينظر إليها وهي تغادر:
      اعدك بأنني سأبذل قصارى جهدي لإقناع والدك بهذا الأمر, فأنا أيضاً..... لا يمكنني العيش بدونك.

      فتحت "لوسكا"باب منزلها ودخلت, وعلى وجهها اثار الدموع الجافة...
      كانت والدتها تجلس في الصالة عندما دخلت, وقالت:
      مرحباً.... لقد عدت.
      نهضت والدتها من على الأريكة وقالت مرحبةً بها:
      أهلا بعودتك يا "لوسكا".... كيف كانت رحلتك اليوم مع أصدقائك؟
      إقتربت "لوسكا" من والدتها, وقالت بنبرةٍ حزينة:
      أمي....
      ورفعت رأسها وعيناها تمتلئان بالدموع, فقالت الأم بإندهاش وتساؤل وهي تمسك بكتف "لوسكا":
      ما الذي حدث لكِ يا صغيرتي؟
      عانقت "لوسكا" والدتها وهي تبكي وتقول بألم:
      لقد رحل "جيم" يا أمي... رحل وتركني وحيدةً في هذا العالم.
      إحتضنت الأم إبنتها "لوسكا" وقالت بدون أن تفهم قصدها:
      ما الذي تقصدينه بكلمة "رحل"..؟ ... أجيبني يا "لوسكا".
      مسحت "لوسكا" الدموع من عينيها, وساعدتها والدتها على الجلوس وتهدئتها.... ثم بدأت "لوسكا" تحكي
      لوالدتها كل ما حدث في الرحلة, ولم تتوقف دموعها عن السيلان على خدها....
      ربتت الأم على رأس "لوسكا" وقالت بإشفاق:
      "لوسكا".... تمني أن يكون على قيد الحياة يا ابنتي.
      وضعت "لوسكا" رأسها في حضن والدتها وهي تقول بعدما اغمضت عينيها:
      أتمنى ذلك فعلاً.... لأنني لم اعد قادرةً على تحمل الألم في قلبي.
      مسحت الأم دموع "لوسكا" وقالت لها بحنان:
      إذهبي إلى غرفتك الان يا صغيرتي, وارتاحي قليلاً.
      هزت "لوسكا" رأسها موافقة, وصعدت إلى غرفتها....
      حين دخلت "لوسكا" إلى غرفتها, رمت بنفسها على السرير, وهي تقول:
      لماذا رحل "جيم" قبل أن اخبره بمشاعري؟
      وعادت بها الذاكرة للحظات السعيدة التي قضتها معه, بالرغم من أنها قليلة....
      ضربت "لوسكا" بيدها على السرير وهي تقول في إستياء وضيق:
      لقد كان امامي منذ أن دخلت الجامعة, لكنني لم أعره أي اهتمام... لقد كنت غبية.
      وبقيت تبكي وتشعر بالألم طوال الليل... ونامت دون ان تشعر بشيء...

      دخل "مارك" إلى غرفة الطبيب, واغلق الباب خلفه... فرفع الطبيب رأسه عن الملف الذي كان يقرأه
      وابتسم قائلاً:
      مرحباً "مارك" ... كيف حالك اليوم؟
      تقدم "مارك" نحو الطبيب وهو يستعين بالعكازات, ثم قال بنبرةٍ هادئة:
      أريدك ان تسمح لي بمغادرة المستشفى في الغد.
      رد عليه الطبيب قائلاً بإستغراب:
      لكنك لم تشفى تماماً بعد....
      قاطعه "مارك" بنبرةٍ حادة:
      أرجوك, لم اعد قادراً على البقاء, أشعر بأن حالتي ستزداد سوءً لو بقيت هنا.
      أخرج الطبيب ورقة من درج مكتبه ووضعها على المكتب, وهو يقول:
      حسناً يا "مارك", يمكنك المغادرة غداً صباحاً.
      علت الضحكة شفتي "مارك" وقال بسعادة:
      أشكرك أيها الطبيب.
      وانحنى امامه وغادر الغرفة... وحين فتح الباب رأى "ديفا" تقف امامه وتسأله قائلة:
      هل وافق؟
      هز "مارك" رأسه مجيباً:
      نعم... سأغادر غداً صباحاً.
      قامت "ديفا" بمعانقة "مارك" بسعادة وهي تقول:
      أنا سعيدةٌ من اجلك.
      ربت "مارك" بيده على شعرها وقال بلطف:
      سوف اعوضك عن كل الأيام التي بقيت فيها بالمستشفى.
      وقطع هذا الجو السعيد, صوت والد "ديفا" وهو يقول بصوتٍ جاف:
      ما الذي تفعلينه هنا يا "ديفا"؟
      حركت "ديفا" رأسها بإتجاه والدها وارتجفت شفتيها قائلة:
      والدي... متى عدت؟
      كان والد "ديفا" مسافراً طوال تلك المدة, ولم يعرف بأن "ديفا" ما تزال بالمستشفى, لأنه حسب ما سمعه
      من الطبيب أن حالتها ليست سيئة لهذه الدرجة... وحين عاد من سفره عرف كل شيءٍ من زوجته, فقد أخبرته
      لأنها قلقةٌ على ابنتها من "مارك" ولا تريدها ان ترافقه بعد الان....
      قال الأب وهو يقترب منهما:
      تعالي معي حالاً يا "ديفا".
      هزت "ديفا" رأسها ب لا, واختبئت خلف "مارك" وهي تقول بنبرةٍ خائفة:
      لا أريد الذهاب معك يا والدي.
      وعندما تقدم الأب بإتجاهها مد "مارك" يده وسد الطريق عنه وهو يقول:
      المعذرة يا سيدي, لكن لن أسلم "ديفا" لك بهذه السهولة.
      عقد الأب "حاجبيه" ورمق "مارك" من الأعلى حتى الأسفل بنظراتٍ حاقدة ثم قال:
      إبتعد أيها الشاب, فهذا افضل لك.
      قال له "مارك" بهدوء وبرود:
      كلا.... لقد اخبرتك من قبل, لن اسلم "ديفا" حتى لو قتلتني.
      قام الأب بركل "مارك" في قدمه المصابة, واحس "مارك" بالألم يخرج من عينيه الواسعتين, وسقط العكاز من
      يده اليمنى ووقع "مارك" على الأرض وهو يتألم قائلاً:
      تباً لك أيها الرجل العجوز.
      امسك الأب بيد "ديفا" وسحبها بقوة وهي تصرخ قائلة:
      لا ... دعني وشأني.
      رد عليها الأب بعصبية حادة:
      تحركي يا "ديفا".
      لم تستطع "ديفا" أن تفلت يدها من قبضة والدها الذي يسحبها بقوة وهي ترفض الذهاب معه, وقاومت حتى تمكن
      "مارك" من اخذ عكازه وبذل جهده للنهوض من على الأرض وهو يسمع صراخ "ديفا" واتجه نحو الأب وأبعد قبضته
      عن يد "ديفا", والعرق يتصبب من جبينه بعدما وقف أمام "ديفا" ويقول بأنفاسه المتلاحقة:
      لن أغفر لك لو لمست شعرةً من "ديفا"... هل تفهم ذلك أيها السيد؟
      تراجع الأب للخلف قليلاً وقال بعصبية:
      إذن على "ديفا" أن تنسى أن لديها عائلة, وسنرى كيف ستعيشين أيتها السافلة.
      ورحل بعدما قال هذه الجملة, جثم "مارك" على الأرض وهو يتنفس بصعوبة, واتكئ على الحائط وهو يقول
      مبتسماً:
      لقد نجوتِ يا حبيبتي "ديفا".
      جلست "ديفا" بجانب "مارك" وهي تقول بصوتٍ باكي:
      "مارك" هل انت على ما يرام؟
      نظر "مارك" إلى قدمه وقال:
      نعم أنا على ما يرام, الحمد لله ان الأمر انتهى بسرعة.
      ثم ساعدته على النهوض واعادته إلى غرفته ليرتاح قليلاً حتى الغد ....

      ارتسمت صورة "جيم" في مخيلة "لوسكا" بينما كانت نائمة, وحين رأته قالت بسعادة وهي تركض إليه
      وتمد يديها:
      "جيم".... لقد عدت أخيراً يا عزيزي.
      مد "جيم" يديه إليها واحتضنها بدون ان يقول كلمة واحدة, قالت "لوسكا" وهي في حضنه:
      كنت أعلم بأنك على قيد الحياة.
      وحين رفعت رأسها إليه رأت الحزن على وجهه, وابتعد عنها تدريجياً وعندما حاولت الركض نحوه سقطت
      على ركبتيها في الأرض, ورأت الأمواج تبتلع "جيم" وتأخذه بعيداً عنها...
      رفعت "لوسكا" رأسها من على الوسادة بسرعة, وهي تتنفس بسرعة وتضع يدها على قلبها وتقول:
      "جيم".
      نهضت "لوسكا" من فراشها ووقفت امام النافدة وتأملت في النجوم المتوزعة في السماء السوداء, في ذلك
      الليل الهادئ, وسقطت دمعةٌ من عينيها لأن صورة "جيم" لم تبتعد من مخيلتها مطلقاً, فقالت في تألم:
      أتمنى أن اصرخ بأعلى صوتي لأفرغ الألم الذي في صدري.
      واخفضت رأسها وجلست على ركبتيها في الأرض وهي تضع يديها على النافدة وتقول بصوتٍ باكي:
      "جيم", لماذا رحلت عني؟... لا أستطيع العيش من دونك, لماذا تركتني وحيدة؟
      ثم غطت على عينيها بكفها واستمرت بالبكاء بدون توقف, واستلقت على الأرض وهي تنادي بإسم "جيم"
      وانخفض صوتها تدريجياً وعادت إلى النوم, لكن على الأرض هذه المرة.

      أشرقت شمس الصباح معلنةً عن قدوم يومٍ جديد ومميزٍ بالنسبة للجميع....
      رفعت "ميمي" يديها عالياً وهي مستلقيةٌ على فراشها, ومسحت عينيها بأصابع يدها اليمنى وقالت بإرهاق:
      ما زلت أشعر بالنعاس.
      وحركت رأسها ناظرةً إلى الستائر الزرقاء التي تغطي نافدة غرفتها, وابعدت الغطاء من فوقها وتوجهت
      نحو النافدة وازاحت الستائر وفتحت النافدة, عندها أحست بقليل من النشاط, قالت بصوتٍ عال:
      صباح الخير!
      إلتفت إليها "جاك" الذي كان يجلس على كرسي الطاولة في الحديقة ويقرأ المجلة, وحين سمع صوتها رمى بالمجلد
      وقال منزعجاً:
      اخرسي أيتها المزعجة.
      وضعت "ميمي" اصبعها تحت عينها واخرجت جزءً من لسانها وهي تقول بسخرية:
      لا تتدخل فيما لا يعنيك يا "جاك".
      تنهد "جاك" في ضجر ونهض من على الكرسي وهو يقول:
      إذهبِ لتغيير ملابسك في الحال, وانزلي إلى هنا.
      سألته "ميمي" بإستغراب:
      لماذا؟
      أجابها "جاك" بدون أن ينظر إليها:
      ألا تريدين مني أن اعلمكِ على قيادة السيارة؟... هيا إنزلي إذا كنتِ ترغبين بذلك.
      هزت "ميمي" رأسها موافقة وقالت بمرح:
      حسناً.
      ابتسم "جاك" في وجهها وذهب ليشغل السيارة, بينما ذهبت "ميمي" لتغيير ملابسها مرتديتاً بلوزةً طويلة تصل إلى
      خصرها لونها كالعشب مع بنطال "جينز" قصير يصل إلى اسفل ركبتيها مباشرة, ورفعت شعرها الأشقر بربطةٍ على نفس
      لون البلوزة وانزلت بعض الخصلات على وجهها, ثم خرجت من غرفتها متوجهتاً إلى سيارتها التي اشتراها والدها منذ
      مدة...
      وحين وصلت إليها رأت "جاك" يركب في محل السائق فقالت بتساؤل:
      أليس من المفترض أن اجلس هنا؟
      واشارت إلى مقعد "جاك", فضحك بسخرية وقال:
      سوف اعلمكِ اولاً بعدها سأسمح لكِ بالجلوس هنا.
      ركبت "ميمي" السيارة بجانب "جاك" واغلقت الباب وهي تقول:
      حسناً, أنا مستعدة.
      وحرك "جاك" السيارة ببطء, وبدأ يعلم "ميمي" عن كل شيء في القيادة, ولم يخرج "جاك" أبداً
      عن أحياء المدينة, وبعد مرور ربع الساعة من التعليم أوقف السيارة وقال وهو ينظر للأمام:
      الان جاء دورك في القيادة, هل انتِ جاهزة؟
      صمتت "ميمي" قليلاً ثم قالت:
      نعم.
      ونزلت من السيارة, وتبادلت المقاعد مع "جاك", كانت "ميمي" تشعر بالخوف الشديد وحين طلب منها "جاك"
      أن تبدأ إنطلقت بسرعة كبيرة, لدرجة أن الأتربه تناثرت من الخلف, فصرخ عليها "جاك" قائلا:
      ما الذي تفعلينه؟ ....... توقفي.
      توقفت "ميمي" عن القيادة وقالت بأنفاسٍ متلاحقة:
      أعتقد أنني أخطأت, أليس كذلك؟
      وضع "جاك" يده على رأسه وقال بإنزعاج:
      لهذا لم أكن راضياً على هذه الفكرة.
      ثم امسك بيدها وقال متسائلاً:
      هل اعلمكِ مرةً أخرى؟
      هزت "ميمي" رأسها وهي تجيبه:
      نعم.
      في ذلك الوقت, خرجت "تيما" من المنزل للتنزه قليلاً في أحياء المدينة, "تيما" من الفتيات اللواتي لا يفضلن
      الخروج كثيراً من المنزل, لكن إذا احست بالملل تتمشى في الحي فقط ....
      وبينما كانت تسير على قدميها وتنظر للطريق, عادت بها الذاكرة للماضي البعيد, قبل ثلاث سنواتٍ مضت... عندما
      كانت تسير في نفس هذا الطريق وهي تمسك بيد حبيبها الأول "جون" وتتبادل معه الأحاديث, في تلك اللحظات كانت
      تقول له وهي تنظر للسماء:
      أخبرني يا "جون".... ما هو أكثر شيءٍ تحبه في هذا العالم؟
      توقف "جون" عن السير واجابها قائلاً وهو يدير رأسه إليها:
      أكثر شيءٍ أحبه هو أنتِ يا حبيبتي "تيما".
      احمر وجه "تيما" خجلاً, واخفضت رأسها قائلة وهي تبتسم:
      أشكرك يا "جون".
      ثم احتضنا بعضهما بحب وحنان.....
      وبسرعة كبيرة, انتقلت ذاكرة "تيما" إلى تلك الليلة المثلجة التي فقدت فيها اعز ما تملكه, لقد فقدت "جون" في
      يوم عيد الميلاد, بعدما احتفلت معه, كانا في طريقهما للعودة إلى المنزل والثلج يتساقط عليهما و"جون" يمسك
      بالمظلة التي تحميه من الثلج مع "تيما", وفجأة رأى طفلاً صغيراً يسقط كرته في وسط الشارع ويركض إليها, وحين
      ألتقطتها كانت هناك سيارةٌ مسرعة تتجه نحو الطفل, فأسقط "جون" المظلة على الأرض وركض إلى الطفل وهو يصرخ قائلاً:
      إنتبه أيها الصغير.
      وحمله بين ذراعيه في اللحظة التي إصطدمت السيارة ب "جون" فوقع على ارض الشارع بقوة وهو يحتضن ذلك الطفل
      بين ذراعيه, اتسعت عينا "تيما" وارتجف جسدها وهي ترى ذلك المنظر المروع, فركضت بإتجاه "جون" وهي تقول:
      "جون"!!!!
      لم يُصب الطفل بأذى, وابتعد عن "جون" وهو يبكي وركض إلى امه التي إحتضنته, وتجمع الناس حول "جون"...
      جلست "تيما" على الأرض ووضعت رأس "جون" على ركبتيها وهي تهزه قائلة:
      "جون"... أجبني أرجوك.
      وانهمرت الدموع من عينيها بغزارة واحتضنته وهي تبكي, كانت ملابس "جون" ملطخةً بالدم الذي يسيل من رأسه وكل
      جسده, ثم قالت "تيما" بصوتٍ باكي ومتألم لفراقه:
      "جون"... اه, لماذا؟.. "جون" إفتح عينيك ارجوك.
      ووضعت يدها على خده البارد وقد غطى الثلج رأسها وكتفيها, وابتسمت قائلة:
      "جون"..... انت لم تمت, صحيح؟!... أنت...
      وجاءت سيارة الإسعاف وتم نقله إلى المستشفى, واكد كل الأطباء أن "جون" قد فارق الحياة, في ذلك اليوم
      اصبحت "تيما" سجينة في المنزل, لا تخرج إلا إذا ارادت زيارة قبر "جون" أو الذهاب إلى الجامعة, لولا وجود
      "اندي" الذي خفف عنها الكثير, وبذل قصارى جهده لإسعادها.

      مسحت "تيما" الدموع من على خدها, وهي تسير في الحي... ثم قالت وهي تنظر للسماء:
      "جون".. سيظل حبي لك محفوراً في قلبي إلى الأبد, يا حبيبي.
      وتابعت سيرها في الوقت التي كانت "ميمي" تقود السيارة في نفس ذلك الحي, وصلت "تيما" إلى مفترقٍ للطرق
      ورأت السيارة تتجه إليها بسرعة فأتسعت عينيها وتسمرت في مكانها من شدة الخوف, فراها "جاك" وصرخ قائلا بذهول:
      يا إلهي.. "تيما"؟
      وعدل المقود إلى الجهة اليمنى بسرعة و"ميمي" تصرخ قائلة وهي تغمض عينيها:
      سوف نصطدم بالفتاة.
      أستطاع "جاك" أن يبعد السيارة بسرعة كبيرة لكنه إصطدم بجدع الشجرة في الحديقة المجاورة للمكان الذي كانوا
      يسيرون فيه...
      نزل "جاك" بسرعةٍ من السيارة, فقالت له "ميمي" بإستغراب وهي تفتح عينيها:
      "جاك"... مهلاً.. إلى أين....
      وتوقفت عن الكلام حين رأته يركض بإتجاه "تيما", فظهرت علامات التساؤل على وجه "ميمي" واحتارت من امر
      هذه الفتاة ومن تكون...!
      امسك "جاك" بكتفي "تيما" المذهولة, وهو يقول بقلق:
      "تيما"... هل انتِ بخير يا عزيزتي؟
      رفعت "تيما" عينيها وهي تقول بشرود:
      "جاك"...
      وامتلئت عينيها بدموع الخوف وهي تنظر إليه, ثم عانقته وهي تبكي قائلة:
      "جاك"!... لقد رأيت الموت امام عيني, الان عرفت شعور "جون" عندما واجه هذه اللحظة.
      احتضنها "جاك" بين ذراعيه وهو يقول:
      لا داعي للبكاء يا "تيما".. أنتِ بأمانٍ الان.
      شعرت "ميمي" بالإشفاق على حال "تيما" بالرغم من انها لا تعرفها, رفع "جاك" رأس "تيما" ومسح دموعها من
      خدها الذي تحول إلى اللون الوردي, وابتسم في وجهها قائلاً:
      أنا معكِ يا "تيما", ولن تشعري بالوحدة ابداً.
      اخفضت "تيما" رأسها, فربت "جاك" على شعرها, ثم امسك بيدها وسار معها مبتعداً عن "ميمي", فرفعت "ميمي"
      حاجبيها ونزلت من السيارة وهي تقول:
      "جاك"... إلى أين انت ذاهب؟
      توقف "جاك" عن السير والتفت إليها قائلاً بإنزعاج وهو يمسك بكتف "تيما" الأيمن:
      عودي إلى المنزل لوحدك, واستدعي السائق ليأخذ السيارة.
      إستائت "ميمي" كثيراً من تصرف "جاك", وقالت وهي تعقد حاجبيها:
      تباً لك "جاك"... ثم من تلك الفتاة التي تركني من اجلها؟
      وعادت إلى البيت سيراً على الأقدام...

      بينما كانت "تيما" تسير مع "جاك" توقفت فجأة وقالت:
      يمكنني العودة لوحدي الان, فالمنزل قريبٌ من هنا.
      قال لها "جاك" بجدية:
      كلا.... لن اترككِ تعودين لوحدك.
      اغمضت "تيما" عينيها والتمعت رموشها بالدموع ووضعت يدها على صدرها قائلة:
      لا اعلم لماذا اتذكر "جون" كلما رأيتك...!...
      ثم فتحت عينيها ونظرت إليه وهي تتابع كلامها قائلة:
      اريد زيارة قبر "جون" الان, هل يمكنك إيصالي إلى هناك يا "جاك"؟
      هز "جاك" رأسه موافقاً, وفي الشارع الرئيسي أوقف سيارة اجرة وركبا معاً....
      وطوال الطريق, كانت "تيما" صامته ولم تنطق بكلمة, وحين وصلا, نزلت "تيما" من السيارة بهدوء ومعها
      "جاك" وتقدمت إلى داخل المقبرة, ثم توقفت امام قبر "جون" وجلست على الأرض والصفت كفيها ببعضهما وهي
      تقول بصوتٍ حزين و"جاك" يقف خلفها:
      "جون", كم اتمنى رؤيتك في هذه اللحظة, لكن هذا مستحيل!...
      وادارت رأسها إلى "جاك" وهي تقول بنفس النبرة:
      لقد مات حبيبي "جون" منذ ثلاث سنوات, ومنذ ذلك الحين لم اذق طعم الحب إلا معك, لكن سامحني يا "جاك"
      فأنا لا استطيع ان احبك كما احببت "جون".
      ابعد "جاك" عينيه عن عينيها وتفهم مشاعرها وقال:
      لا عليكِ يا "تيما", لكن يجب أن تعرفي شيئاً واحداً وهو ان حبي لكِ أكبر من اي شيءٍ اخر وسأنتظر اليوم
      الذي تنسين فيه حبك الأول.
      وسار مبتعداً عنها, فنهضت "تيما" من على الأرض وهب عليها نسيمٌ لطيف تمايل معه شعرها البني اللامع...
      وركضت بإتجاه "جاك" وامسكت بيده وهي تقول في توسل:
      لا تغضب أرجوك.... "جاك" انا في امس الحاجة إليك في هذه الفترة.
      ادار "جاك" جسده إليها وعانقها وهو يقول:
      لا يمكن ان اغضب منكِ يا "تيما", وكما اخبرتكِ من قبل.. لا يمكنني التخلي عنكِ مهما حدث.
      ثم نظر إليها وتابع قائلا:
      دعينا نعود إلى المنزل الان, عليكِ أن ترتاحي قليلاً يا عزيزتي.
      ردت عليه "تيما" قائلة:
      حسناً.
      وذهبا إلى المنزل سوياً, وقررت "تيما" أن تعيش حياتها وتحاول نسيان "جون" مهما كلف الأمر...

      *************************************************

      تعليق

      • *مزون شمر*
        عضو مؤسس
        • Nov 2006
        • 18994

        #33
        الله يعطيكِ العافيه

        تعليق

        • *عبير الزهور*
          V - I - P
          • Jun 2008
          • 3267

          #34
          الله يعطيك العافيه
          هذا الروايه مكتملة او لا ؟

          تعليق

          • ملكة الاحلام
            عضو متألق
            • Sep 2008
            • 275

            #35
            مشكورة على الرواية
            وانا متشوقه على تكملتها

            ممكن ملاحظة:
            تكتبي تقرير مبسط
            واهم شئ الشخصيات

            تعليق

            • ميس
              عـضـو فعال
              • Oct 2008
              • 87

              #36
              تسلم الايادي يا عسل....
              القصة رائعة كثيرا

              تعليق

              • ملكة الاحلام
                عضو متألق
                • Sep 2008
                • 275

                #37
                رد

                المشاركة الأصلية بواسطة ღ عبيرالزهور ღ
                الله يعطيك العافيه
                هذا الروايه مكتملة او لا ؟
                لا حبيبتي...
                الرواية مو مكتملة..

                تعليق

                • × عاشق القلوب ×
                  عـضـو فعال
                  • May 2009
                  • 163
                  • خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ

                  #38
                  يعطيك الف عافيه

                  قصه روعه

                  تعليق

                  • لحن آلأمل
                    عضو ماسي
                    • Feb 2011
                    • 1415


                    • آحبكم منتدى عبير ..
                      أدعولي بالتوفيق ..
                      سرآب ..

                    #39
                    رد: فتيات في بحر الحب.. قصة من تأليفي!

                    ينقل للأنسب

                    تعليق

                    google Ad Widget

                    تقليص
                    يعمل...