ومضات من ذاكرة فراشة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دليل الساري
    عضو ذهبي
    • Feb 2009
    • 849

    #11


    مرت الأيام وكأنها حلم على العصفور

    فهو سعيد بوجوده بقرب فتاته الجميلة


    وهي تغدق عليه من اهتمامها وحنانها

    ما أسعدك من عصفور كان يحدث نفسه دائما

    في كل صباح تأتي الفتاة وتحمله وتضعه بالقرب من النافذة

    وتجلس بقربه وتطعمه بيدها وتداعب ريشه الناعم

    ومن هناك يستمتع الإثنان بمنظر البحيرة الصغيرة

    وسطحها الذي يشبه المراة فتعكس أشعة الشمس

    فتحول سطحها للون الفضي المبهر للأنظار

    فيضيء وجه ملاكه الصغير بنور الكون

    و تطرب نفسه ويشدو بأجمل الألحان

    ليسعد قلب أجمل فتاة رأتها عينه

    الى أن كان يوم مر فيه شاب و أقترب

    من البحيرة و جلس على حافتها

    وأخذ يغترف منها بيديه وقطرات الماء تنساب

    من بين يديه وكأنها حبات لؤلؤ فضية

    وأشعة الشمس جعلت منه انسان نوري

    وأخذ ينثر الماء على وجهه وعنقه

    ثم استقام والتفت نحو النافذة

    وهنا شعرت بان ملاكي حبست أنفاسها

    وزادت دقات قلبها

    أما الشاب فقد توقف عن الحركة وكأنه تمثال

    يبدو أن وجه فتاتي قد سحره كما سحرني من قبل

    ثم أخذ في الإقتراب حتي توقف أمام النافذة

    فكان شاب طويل القامة رشيق الجسم أسمر اللون

    قوي الملامح ذا ابتسامة طفولية

    القى التحية بصوت مبحوح

    وردت ملاكي بصوت كله خجل ورقة

    وعين الشاب لم تفارق عينيها

    وكانه مسحور.........



    همست ملاكي: هل أنت عابر سبيل

    الفتى المسحور: كنت كذلك

    اسدلت اجفانها وقالت: ماذا تعني بقولك كنت كذلك؟

    الفتى: كنت عابر سبيل وسحرني المكان بجماله ولا اريد الإبتعاد عنه

    الفتاة: وهل ستبقى في الغابة؟

    الفتى: اذ رغبت الغابة في بقائي معها سأبقى

    الفتاة: وكيف هذا ؟ الغابة لا تختار سكانها

    الفتى: ولكن أنا أريدها أن تختارني وإلا سأرحل و لن أعود

    الفتاة: طلبك غريب لم أسمع به من قبل

    الفتى: لأبقى يجب أن يكون هناك سبب لبقائي

    الفتاة: وما هو السبب في إعتقادك؟

    الفتى: أن أخذ موافقة سكان الغابة

    الفتاة مندهشة: وكيف ستأخذ هذه الموافقة ، هل ستسأل كل من في الغابة؟

    الفتى مبتسما: أنت من سكانها وسأكتفي بموافقتك

    احمر وجه ملاكي ورمشت بعينيها ولم تتفوه بكلمة

    الفتى: هل اعتبر صمتك رفضا؟

    ردت الفتاة متسرعة : لا ،ثم تنبهت لخبث السؤال واحمرت من الخجل وادارت وجهها عنه

    وسمعت قهقهة الفتى وقال: حسنا لقد تأكدت مما أريد

    وأخذت تداعبني بأناملها الناعمة وكأنها تداري ملامح وجهها عنه

    وهنا لاحظ وجودي وسأل: هل هذا طائر جريح؟

    نظرت اليه وقالت : لقد أصيب منذ يومين وأنا أقوم على رعايته

    مد يده ولمس ريشي قائلا: يا لك من طائر محظوظ

    وهنا جاء نداء لفتاتي من داخل المنزل

    الفتاة: أعتذر منك يجب أن أذهب

    الفتى : حسنا ، وهل سأراك مرة اخرى؟

    الفتاة: أنا اعيش هنا

    الفتى: حسنا اذا سنلتقى ، إالى اللقاء

    الفتاة: إلى اللقاء

    ثم استدار الفتى مغادرا وعيون ملاكي تتبعه وفجأة

    التفت للخلف ونظر إليها ورفع يده ملوحا ثم مشى........



    هذا الصباح أستيقظت ملاكي سعيدة

    البسمة لم تفارق شفتيها

    وتترنم باغنية جميلة

    وبعد أن انهت واجباتها

    حملتني لنخرج في جولتنا اليومية

    كانت تطوف بي في الغابة ثم تعود لتجلس على ضفاف البحيرة الفضية

    وهناك وبين هذا الجمال الساحر أنشد لملاكي أجمل الالحان

    استلقت على العشب الأخضر ورائحته الندية تداعب أنفها الصغير

    أغمضت عينيها وهي تستمع لتغريدي وانا قابع بجوارها وكأني حارسها

    ما أجمل أن اكون حارس لملاك رائع الجمال

    وفجأة حجبت أشعة الشمس وشعرت بأن هناك من يراقبها

    فتحت عينيها لتشاهد ظل الفتى يسقط عليها وابتسامة اعجاب مرسومة على وجهه

    اعتدلت جالسة وهي تزيح شعرها المتناثر على وجهها وعلا الاحمرار خديها من المفاجأة

    هنا بادرها الفتى بالتحية وسألها: هل لي بمشاركتك في الجلوس؟

    نفضت ثوبها وقالت: ان شئت ، فالمكان للجميع

    ابتسم وقال: ولكني لا اريد ازعاجك

    ردت: وهل تنوي ازعاجي؟

    الفتى: بالطبع لا ، انا اريد فقط أن التمتع بمنظر البحيرة

    نظرت اليه ثم قالت: اذا تفضل بالجلوس

    جلس بقربها وأخذ يحدثها عن نفسه وهي تستمع اليه بكل انتباه

    وعينيه لم تفارق عينيها طوال الوقت

    وانا كنت اشاهد هذا المنظر وأرى فيه ولادة شيء جميل بين ملاكي والفتى

    ومرت أيام وتوالت اللقاءات بينهما عند البحيرة في كل صباح

    وتغيرت احوال صغيرتي فقد أصبحت أكثر سعادة وحيوية

    وعندما يحل المساء وتأوي الى سريرها تضعني بقربها وتحدثني بما يختلج في قلبها

    وأنا أستمع لها وأستمتع بلمسة أناملها الناعمة على ريشي

    وأصبح ما بينهما أكبر من مجرد اعجاب

    فهما يتلهفان على اللقاء والاحاديث بينهما لا تتوقف والنظرات لا تنقطع

    الى أن جاء يوم..........



    في تلك الليلة

    علمت ملاكي أن عليهم مغادرة الغابة

    والإنتقال للمدينة

    نزل الخبر عليها وكأنه صاعقة

    ماذا تفعل

    كيف تستطيع أن لا ترى فتاها كل يوم

    وهل يحتمل قلبها هذا الفراق

    اسئلة كثيرة دارت في ذهنها ولكن لا جواب لها

    ولم تذق طعم النوم في ليلتها تلك

    ومع بزوغ اول ضوء للفجر

    نهضت وقد عزمت على ان تبكر في الذهاب الى البحيرة

    لعلها تخفف من قلقها

    وأرتدت الفستان الذي يفضله الفتى

    وكأنها تريد أن تودعه بالشكل الذي يحب أن يراها فيه

    ومع شروق الشمس خرجت وأنا أطير حولها

    وأشعر بحزنها و شرود ذهنها

    وجلست على ضفاف البحيرة

    وهي تتأمل سطحها الهاديء

    كم هي في حاجة لهذا الهدوء

    لأن بداخلها عاصفة من المشاعر

    ولحظات وكان الفتى يسرع الخطى فرحا

    وهو لايعلم ما ينتظره من أخبار

    وحياها مبتسما وجلس بقربها

    فردت التحية وهي تغتصب الإبتسام

    نظر الى عينيها وشعر بخطبا ما

    سأل: ما بك ؟

    ردت: هناك خبر سيء

    وبقلق: أخبريني ،فانا أري الكثير من الكلام في عينيك

    بحزن: سوف نغادر اليوم الى المدينة

    عم الصمت وخيم الذهول على الفتى

    ماذا تقول ! وكيف يمكن لهذا أن يحدث

    أخذته الأفكار والتساؤلات والحيرة

    سأل: وماذا سنفعل ! هل سنحرم من رؤية بعضنا البعض؟

    لا: هذا ما قالته الفتاة وهي تعتصر ألما

    سأعود أعدك بذلك

    الفتى : وهل سيتحقق الوعد وأن تحقق فمتى سيكون ؟

    الفتاة: قريبا فأنا لا أستطيع أن أحيا بعيدة عنك

    أنتظرني ولا تفقد الأمل سيأتي اليوم الذي نلتقي فيه مجددا

    وسيكون لقاء بدون فراق

    وهنا سمعت من ينادى باسمها ويحثها على الاستعداد للرحيل

    ماذا ؟ هل أصبح الرحيل حقيقة ؟

    وهنا صافحت الفتى مودعة والألم مرسوم على وجه الفتى

    والدموع تتساقط على وجنتي ملاكي وكأنها حبات لؤلؤ

    ولم تستطع أن تفلت يدها من يد الفتى

    وكأن قلبيهما التصقا ويرفضان الإنفصال

    ومع ازدياد النداء عليها أرغمت على سحب يدها من يده

    وألقت عليه كلمة الوداع على أمل اللقاء القريب

    وأستدارت وهي تمسك بيدها وكأنها تحتفظ بلمسته

    وتخطو ببطء كالذاهب الى حتفه

    وقبل أن ترحل حانت منها التفاته أخيرة لتطبع صورة فتاها في عينيها وقلبها

    وهو يتابع رحيلها بعينين دامعتين وقلب يعتصر ألما

    كيف تحول هذا اليوم من يوم سعيد منذ أن أستيقظ الى يوم لا ينسى قسوته في حياته

    وهو يرى قلبه يذهب ويفارقه ولا يعلم هل سيكون بعد الفراق اجتماع للأحبه؟................



    ساد صمت

    قطعته الفراشة بسؤالها: وماذا حدث بعد ذلك؟

    العصفور: ذهبت ملاكي وغاب صوتها وضحكاتها

    الفراشة: والفتى ؟

    العصفور: أصبح كسير القلب

    الفراشة: هل مازال هنا في الغابة؟

    العصفور: وكيف تريده أن يترك المكان الذي ولد فيه حبه الكبير

    الفراشة: أين هو الأن؟

    العصفور: كل صباح يأتي الى البحيرة في نفس الوقت الذي كان يلتقيان فيه

    ويجلس ينظر الى سطح الماء ويتحدث الى البحيرة

    الفراشة: يا له من فتى مسكين

    العصفور: وفي مثل هذا الوقت يأتي ليجلس تحت هذه الشجرة وكأنه ينتظر عودة حبيبته

    ولحظات حتى رأت الفراشة فتى طويل القامة يمشي على مهل والحزن يفيض من ملامحه

    وجلس تحت الشجرة وألقى نظرة متألمة على الطائر

    ثم أمسك الناى الذي بيده وقربه من شفتيه وبدأ في العزف

    كان لحنا شجيا وحزينا ينفطر له القلب ويدمع العين

    وعندما انتهى من العزف رفع رأسه وهو يمسك بالناى ودمعة كبيرة تسيل على خده

    الفراشة: الفتى سيموت من الكمد

    العصفور : هذا هو حاله من يوم فراقه لملاكي

    وطار العصفور وحط على كتف الفتى الذي مد له يده وحمله وأخذ يداعب ريشه الناعم.........



    هذا هو حال العشاق

    لقاء.. حب ثم فراق وعذاب

    فقد وجد الفتى سلوته في زيارة

    الأماكن التي كانت تجمعه مع محبوبته

    وفي عزف الألحان التي كانت تطربها

    والجلوس تحت الشجرة التي كانت تجلس

    تحتها مع عصفورها

    فهنا ىكل يوم يأتي ليجلس مع العصفور

    في انتظار عودة الحياة لهم

    فقد كانت هي الروح بالنسبة للفتى

    والمنقذ الرحيم بالنسبة للطائر

    وما جمعهم هو فقدانهم لملاكهم الرقيق

    هكذا مرت الأيام قاسية حزينة باردة على الفتى والطائر

    فأصبح لا غنى لهم عن بعضهم البعض

    كلا يرى محبوبته في عين الأخر

    وفي يوم كانت الفراشة في زيارة العصفور الأصفر

    والفتى يجلس تحت شجرة البرتقال كما هو دائما

    وبيده الناى تخرج منه الحانا شجية دافئة

    تثير الأشجان و تطيب النفوس

    والطائر يجلس على غصن الشجرة ويستمع لعزف الفتى

    وفجأة انتفض العصفور وأخذ يغرد ويطير ويرفرف بجناحيه

    وكأنه يرقص فرحا

    توقف الفتى عن العزف مندهشا من تصرف الطائر الغريب

    وشعر بأن هناك أمرا ما يريد الطائر أخباره به

    أستقام الفتى وأخذ ينظر في الإتجاه الذي طار اليه العصفور

    و جمد في مكانه و نظرة من الحيرة والتساؤل على وجهه

    هل هو في حلم ؟

    أهي حقيقة أم خيال؟

    أحقا عيناه لا تتوهم رؤية محبوبته قادمة عن بعد!

    أسراب ما يرى!

    ولكن تحليق الطائربجنون يدل على أن ما يراه حقيقة وليس وهما

    لماذا فقدت القدرة على الحركة ؟ أهكذا أستقبل حبيبتي بعد طول الغياب؟

    تساؤلات دارت في ذهن الفتى ، وكأن هذه الأسئلة كانت الشرارة التي

    فجرت طاقته و حنينه المكبوت

    فرؤيتها تسرع الخطى نحوه جعله يعدو نحوها وكأنه يحلق كالطائر الذي كان

    قد وصل الى الفتاة و ضمته بين يديها في حنان وقبلته برقة

    وأقترب الفتى منها ولم يستطع منع نفسه من فتح ذراعيه

    ليحتضن جسد فتاته التي اشتاق لها كثيرا

    وأخذ يدور بها فرحا كطفل حصل على هدية العيد

    وضحكاتهم تملأ ارجاء الغابة

    الغابة التي شهدت ولادة حبهم وبكت على فراقهم

    واليوم تشدو بعودة الحبيبين

    واخيرا وضعت قدمها على الأرض وهو ممسكا بها

    وكأنه يخاف أن تغادره أو يكون في حلم ولا يريد الإستيقاظ منه

    ونظر في عينيها بكل الحب وقال: لا تبتعدي عني ابدا

    قالت وعينها تفيض عشق: لا حياة لي في بعدك

    أتيت لأبقى....



    النهاية

    التعديل الأخير تم بواسطة دليل الساري; 20-10-2009, 12:25 AM.

    تعليق

    • وزير السلطان
      عضو مؤسس
      • May 2005
      • 3779

      #12
      ماشاءالله تبارك الله..
      صراحتن من أروع ماقرأت من الأدب...

      أبدعت بصراحه...
      فقد أخذتينا برحلة متميزه
      منتقلين فيها بين أزهار الغابة النديه....
      وأنهارها العذبه...
      أبهرني جمال النسج والخيال لديك...
      إلى الأمام وفقك الله

      تعليق

      • الصمت عنواني
        عـضـو
        • Jul 2009
        • 36

        #13
        شو هالكلمات الحلوه والخواطر اللتي تأخذنا بعيد

        فعلا استمتعت بما كتبت يعطيك الف عافيه

        تعليق

        • @ ماسة فلسطين @
          عضو ذهبي
          • May 2009
          • 928

          • ليس عيبا إن ارتكبت خطأ ما العيب أن

            لا تتعلم من الخطأ ومن أخطاء الآخرين

            هنا

          #14
          فراشتي

          /
          /
          هي صغيرتي

          أميرتي بألوانها

          الممزوجه لوحة فنان

          بعطرها تثمل الانسان

          بجمال منظرها ملكة الزمان

          هي غاليتي رائعه في كل مكان

          فراشتي تحلق مع عصافير الحب

          لتريني كم تهوى الحياه أحبك

          غاليتي وفراشتي فانت أروع

          ما كنت وكان

          /
          /
          سلمتي دليل وسلمت فراشاتك
          غاليتي

          تعليق

          • دليل الساري
            عضو ذهبي
            • Feb 2009
            • 849

            #15
            ومضات الذكريات تحلو بمروركم في بستانها
            كل تقديري ل:
            سيف الملوك
            الصمت عنواني
            ماسة فلسطين
            ولمن مر ولم يترك ذكرى
            ومضه..
            ربما لفراشتي من عودة,,,,
            دليل الساري

            تعليق

            • الشاعر الاديب
              عـضـو فعال
              • Aug 2009
              • 74

              #16
              الله الله الله

              أعجبتني كثيرا وبالفعل تخيلتها كالفيلم السينمائي وعشت معها طويلا


              والذي أعجبني أكثر هو الصدق والأريحية والطبيعية في هذا النص


              فالكون كله يعرف الصدق والصراحة الا الانسان


              رقيقة أنتى ها هنا استمرى بكل الخير....

              أديب

              تعليق

              • هدهد الأحلام
                عـضـو
                • Jul 2010
                • 39

                #17
                رائع جدا

                يسلمو كثير

                انتظر جديدك

                [/url][/IMG]



                [/url][/IMG]

                تعليق

                google Ad Widget

                تقليص
                يعمل...