طرقت حصه الباب على غرفة مشاعل , كانت مشاعل جالسة
على الكرسيّ مقابل التسريحة , دخلت حصه وأغلقت الباب
من خلفها وقالت : مشاعل .. ممكن نتكلّم ؟!
ابتسمت مشاعل وقالت : تفضلي , هاه .. قولي وش عندك ؟!
قالت حصه بعدما جلست : ودّي أتكلّم معتس بموضوع
قالت مشاعل : خير .. وش فيه ؟!
قالت حصه : تصدقين .. كبرتي بعيني
قالت مشاعل : كبرت بعينتس ؟! , ليه .. بعدين لهالدرجه
أنا كنت طايحه من عينتس ههههه
قالت حصه : لأ موب قصدي , بس جد كبرتي بعيني .. يعني
لما انسجن أبو حمد .. أنا قلت هذي أكيد بتروح بيت أهلها
وبتقول خلّوه يطلّقني .. رجال مديون ومسجون وعنده مشاكل ..
ضحكت مشاعل وقالت : من صدقتس ؟! , من صدقتس حصه
كنتي متوقعه أسوّي كذا ههههه
قالت حصه : مدري .. يعني توقّعت , وبعدين استغربت يوم
بعتي ذهبتس كلّه وكل فلوستس بالبنك
قالت مشاعل : مير ما عرفتيني زين ! , مهوب أنا اللي أسوّيها ..
لو يصير وش ما يصير مستحيل أتخلّى عن أبو حمد , وبعدين
لو عندي مليون ريال صدقيني مستحيل أبخل بريال واحد منها
على أبو حمد ! , عبدالمحسن زوجي وحبيبي .. حفظني وصانّي
وما عمره ضايقني ولا شفت منّه شيّ شين ..
قالت حصه : طيّب ممكن نتكلّم بصراحه ؟! , أنا البارحه مدري
وش اللي جاني .. جلست طول الليل أفكّر .. بسألتس يا مشاعل
وكوني صريحه معي ..
قالت مشاعل : اسألي
قالت حصه : ارجعي بذاكرتك أكثر من أربع سنين ورى ..
قالت مشاعل : طيّب ؟!
قالت حصه : أبو حمد .. عبدالمحسن .. ليه تزوّجتيه ؟! , ليه
وافقتي عليه ؟!!
قالت مشاعل : هههههه معقوله عقب كل هالسنين جايّه تسأليني
هالسؤال ؟!
قالت حصه : عادي .. تكفين جاوبيني مشاعل
قالت مشاعل : طيّب , بجاوبتس , انتي عارفه بعض الأشياء ..
بس مهيب مشكله أنا بقول لتس السالفه كلها .. طبعاً أنا ما تقدّم
لي أحد قبل أبو حمد الا شخص واحد لما كان عمري سته وعشرين
سنه تقريباً , كان هالشخص يدخّن وأبوي سأل عنّه ومحد مدحه
والكل ذمّه , أبوي قال لي مستحيل تاخذينه .. وما صار نصيب ,
مرّت الأيّام والسنين .. كمّلت ثلاثين سنه .. صار عمري فوق
الثلاثين يعني عانس , وقتها قلت خلاص قطار الزواج فاتني
على قولتهم وما ظنّتي بتزوّج , خصوصاً انّه ما عندنا قرايب
ومعارف كثير .. طبعاً أبوي الله يرحمه كان صديق أبو حمد ,
كان أكبر منّه بالعمر طبعاً بس كانوا أخويا وربع , أبوي كان
مريض وقتها .. وكان يتشكّى لأبو حمد من غير ما يقصد ,
كان يقول له أنا مريض وخايف انّ يومي قرّب و ودّي أتطمّن
على بنتي في بيت رجلها سعيده ومستوره قبل ما أموت ..
طبعاً أبو حمد كان يقول له لا تقول هالكلام وبعد عمرن طويل
ان شالله , طبعاً صادف بوقتها انّتس كنتي طالعه من البيت
ومتهاوشه مع أبو حمد وهو مهدّدتس , مدري وش فكّر فيه
أبو حمد .. تقدّم لي وخطبني من أبوي , طبعاً قال لي أبوي
هذا أكبر منتس بعشرين سنه تقريباً ومتزوّج وعنده عيال ..
بس صدقيني وقتها كنت أحس انتس خلاص بتطلّقين , ما كنت
متوقعه انتس بترجعين خصوصاً بعد ما يعرس عليتس ..
كنت خايفه وما ودّي أخرب بيت أحد , خطبني أبو حمد
وكلّمته قبل الملكه .. قبل العقد , كنت مصرّه أكلّمه لو .. لو
عالتلفون وبحضور أبوي .. قلت له أنا ما ودّي أخرب بيتك
وحياة زوجتك , بس هو قال لي انتس معانده وشكلكم بتطلّقون ..
استخرت وفكّرت وقبلت فيه , قلت هذا اخر نصيب .. ما ظنتي
بنخطب بعد .. ما عدت صغيره , تزوّجته وجيت هالبيت .. كان
حمد فالشرقيّه يدرس ما كان موجود .. كان الموجود ساره وندى
بس .. وكانوا يروحون ويرجعون عليتس ببيت أخوتس , ندى
ما جاني منها شي .. بس ساره حسّيت انها حاقده , كارهتني ..
كانت صغيره وكنت عاذرتها , أكيد بتكرهني لأنّي صرت
بمكان أمها .. بس كنت أحاول أكسبها , وبيوم من الأيّام
جت بنتس ساره وقالت لي : "أمّي برتجع .. أمّي برتجع !" ,
ما صدقت وقلت مستحيل .. بس فعلاً انتي رجعتي , كنت
خايفه , قلت الله يعينّي والله يستر من الأيّام الجايّه .. دخلتي
البيت وشفتس .. شفت بعيونتس نار ! , شفت الكره والشر كلّه ! ,
قلت الله يجيرني منها .. هذي ما راح تخلّيني في حالي وأنا
بطبعي طيّبه وما أحب أأذي أحد أو أرد على أحد , مرّت الأيّام
وبديتي تضايقيني وتغثّيني .. بس ما كنتي تقدرين تتمادين لأن
أبو حمد مهدّدتس , بعدها بفتره بسيطه توفّى أبوي الله يرحمه ..
حزنت كثير على أبوي , حسّيت انّتس رحمتيني وخفّيتي عنّي
شوي .. وبعدها برضو رجّعتي تضايقيني .. بس بعدين فقدتي
الأمل وزهقتي لأني ما كنت أرد عليتس ولا أبيّن أي شي ,
بعدين صار الوضع عادي ومرّت الأيّام والسنين ..
قالت حصه : ايه .. كذا يعني
قالت مشاعل : ههههه معقوله جايّه تسأليني هالسؤال
هالحين ؟! , طيّب أنا بسألتس وأبيتس تجاوبيني بصراحه
انتي بعد ؟!
قالت حصه : اسألي
قالت مشاعل : انتي .. ليه طلعتي من بيت أبو حمد ؟! ,
وليه رجعتي ؟!!
قالت حصه : ههههه , يعني سؤال بسؤال ! , طيّب بقول لتس ..
أنا كنت عايشه مع أبو حمد
عيشه عاديّه , بعدين مدري وش اللي صار لي .. مدري وش
هاللي جاني , صرت أناظر لفوق وكرهت عيشتنا .. ملّيت من
الفقر اللي حنّا فيه , صارت مشاكل كثيره بيني وبين أبو حمد ..
كنت أبي أسافر وهو ما يقدر لأن ما عنده فلوس , وأبي ساره
تدرس على حسابنا لأنها ما انقبلت بالجامعه وهو ما يقدر لأن
ما عنده فلوس , كنت أبي هالبيت القديم يترمّم ويتجدّد وهو ما
يقدر لأن ما عنده فلوس ! , زادت المشاكل والهواش بيننا ,
صارت مشاكل كثيره وأنا ملّيت من هالعيشه .. ابليس ركب
راسي وطلعت من البيت ورحت بيت أخوي .. لمّيت كل
أغراضي وجلست عند أخوي , كنت شايشه ومشتطّه وحايمه
كبدي من عيشتي .. أبو حمد كان كل يوم يجي عند أخوي
ويترجّاه يبي يكلّمني ويتفاهم معي بس أنا رافضه .. قلت
ما أرجع له الين ينفّذ كلّ شروطي وكل طلباتي ! , أبو حمد
حاول وذل نفسه بس مافيه فايده .. حالته الماديّه كانت صعبه
وحاول يراضيني بمبلغ بسيط بس أنا عيّيت , ابليس كان
راكب راسي وما رضيت بأي شي , بعدها صرت أشيّش
بناتي وأحرّضهم ضدّه وأبيهم يجون يسكنون معي في بيت
أخوي ! , أبو حمد زهق وطفش وقال لأخوي قل لها ان
ما عقلت وصارت مَرَه لا تشوف شي ما شافته ! , طنّشت
وعاندت أكثر , بعدها حلف أبو حمد .. حلف يمين ان ما
عقلت ورجعت انّه بيعرس علي !! , وقتها ما صدّقت ..
قلت تهديد وبس , الين اتّصلت علي ساره بيوم وقالت
لي : "يمّه أبوي تزوّج !" , حسّيت كن مويه بارده طاحت
علي .. ما صدّقت ! , وطبعاً هو كان حاطتس براسه عشان
خاطر أبوتس الله يرحمه .. تزوّجتس بفتره قصيره ودخّلتس
على بناتي , جتني ساره لبيت أخوي تبكي وقالت لي عاللي
صار وترجّتني انّي أرجع , وقتها كنت مصدومه كثير ..
ما صدّقت انّه سوّاها وأعرس علي ! , بعد فتره حسّيت
انّي صحيت وقمت لنفسي .. شلت أغراضي ولمّيت
ملابسي وخلّيت أخوي بدر يكلمه ويقول له انّي أرجع ..
رجعت لبيتي وشفتك انتي فيه , حسّيت قلبي يحترق ..
نار وشبّت في جوفي ! , تألّمت كثير وندمت .. كنت
أحاول أضايقتس وأطفشتس بس مافيه فايده .. انتي
كنتي ما تردّين علي وتقهريني أكثر لأن عمرتس ما
شكيتيني لأبو حمد ! , مرّت الأيّام والسنين وصار
الوضع عادي ونسيت حقدي وكرهي لتس ورضخت
للأمر الواقع على ما يقولون
قالت مشاعل : طيّب والحين .. تكرهيني ؟!
قالت حصه : لأ , وانتي ؟!
قالت مشاعل : عمري ما كرهتك !
قالت حصه : تصدقين .. أحسّ انتس صرتي قريبه
منّي أكثر !
قالت مشاعل : أكيد عقب سالفة أبو حمد .. صار همّنا
واحد ومصيبتنا وحده وهدفنا واحد .. انّ أبو حمد يطلع
من السجن , أبو حمد هو الشي المشترك بيننا ..
قالت حصه : تحبّينه ؟!
قالت مشاعل : هههههه انتي وش جايتس على هالأسأله
اليوم ؟! , ايه .. أحبّه ! , وانتي ؟!
قالت حصه : أكيد أحبّه .. أحبّه ! , أقول مشاعل ..
وش رايتس من اليوم ورايح نفتح صفحه جديده ؟! ,
صدق والله .. يعني نحسّن علاقتنا وتعاملنا مع
بعض .. أبو حمد أكيد بيفرح اذا شافنا متفاهمات
وعلاقتنا زينه ..
قالت مشاعل بابتسامة : أنا من زمان ودّي بهالشي ..
صدقيني يا حصه , اذا علي أنا ما أكرهتس وعمري
ما كرهتس أو شلت لتس في قلبي حقد أو غل .. بس
لو بنجرّح في بعض ونبعد عن بعض ما راح يصير
شي .. ولا راح يتغيّر .. أنا قاعده على قلبتس وانتي
قاعده على قلبي ! هههههه
قالت حصه : هههههه .. اي والله .. قاعدات على قلوب
بعض , عاد تصدقين كنت أفكّر أوّل ان أبو حمد لو ربح
بالأسهم والله رزقه أبيه يطلّعني ببيت لحالي ..
قالت مشاعل : يمكن ربّتس ما كاتب ان كل وحده تصير
في بيت لحالها .. وانّنا نبقى مع بعض !
قالت حصه : بكره لازم ننظّف البيت زين ونعدّله ونبخّره
ونزهّب أحلى عشا لأبو حمد
قالت مشاعل : أكيد .. أكيد
***
أتى الغد , يوم طلوع أبو حمد من السجن , ذهب حمد لأخذه
من هناك , كان الكلّ ينتظره في الحوش على أحرّ من الجمر ,
سُمع صوت السيارة عند الباب ووقف الجميع عند الباب ,
فتح حمد الباب بمفتاحه بهدوء ودخل ومن خلفه أبو حمد
وأغلق الباب , كان حمد ممسكاً بشنطة والده بيد .. وبيد
والده باليد الأخرى , وقف أبو حمد في مكانه وأربعة نساءٍ
واقفات أمامه وينظرن اليه , كان وجهه بائساً والسواد حول
عينيه وخطوط الأسى على وجهه .. بدا أكبر عمراً , تقدّمت
اليه ساره وندى وسلّمتا عليه وقبّلتا رأسها , سلّمت عليه
مشاعل ومن ثم حصه , كان عيون أبو حمد في الأرض
ولم يرفعها أبداً , قالت حصه : الحمدلله على سلامتك ..
قال أبو حمد : الله يسلّمكم ..
قالت مشاعل : نوّرت بيتك يابو حمد ..
قالت ساره : البيت من غيرك ما يسوى شي يا يبه ..
قالت حصه : تعالوا ادخلوا جوّه .. ليه واقفين بالحوش
قال حمد : يلله يبه .. خل ندخل داخل
دخل الجميع داخل البيت , قالت حصه : بتروح غرفتك ترتاح
أبو حمد ؟!
قال أبو حمد : لا .. بجلس بالصاله شوي
دخل أبو حمد الصالة وكانت خطواته بطيئة , جلس وجلس الجميع
حوله , قالت حصه : والله تو ما نوّر البيت .. ما تّصوّر من غيرك
وشلون حالتنا ..
قالت مشاعل : العشا جاهز .. نحط العشا , أكيد جوعان
قال أبو حمد : حطّوا العشا
قامت مشاعل وندى لإحضار العشاء , فرشوا السّفرة على الأرض
و وضعوا عليها العشاء , جلس الجميع حول السّفرة وأبو حمد
لم يتكلّم وبدا بائساً وحزيناً وعيناه في الأرض , كان الكل ينظر
الى أبو حمد بخوف وفرح , كان الجميع يتحدّثون و يحاولون رسم
الابتسامة على وجه أبو حمد البائس الحزين , انتهى العشاء وغسّل
الجميع أيديهم ورفعوا السفرة والصحون , عادوا الى الصالة
واجتمعوا حول أبو حمد , قال أبو حمد بعد أن رأى الجميع حوله ي
نظرون اليه بابتسامة منتظرينه : أنا عندي شي ودّي أقول لكم ايّاه ..
قالت حصه : امر يابو حمد .. قول
قال أبو حمد : تصدّقون .. هالشي اللي صار علّمني و وضّح لي
أشياء كثيره .. خلاني أعرف وش كثر حريمي ويعيالي يحبّوني ..
خلاني أعرف غلاتي عندهم وغلاهم عندي , عرفت وش قد
السجن صعب على نفس البرئ .. أو خلّونا نقول على نفس اللي
انجسن غصبن عنّه , سامحوني كلّكم .. حصه ومشاعل
سامحوني تكفون .. بيّعتكم ذهبكم كلّه وكل فلوسكم .. وانت
يا حمد بيّعتك سيارتك وخرّبت فرحتك بنجاحك , وانتي
يا ساره .. وانتي يا ندى , بس صدقوني أنا كل همّي كان
انّي أربح بالأسهم وأحسن معيشتنا وأرضيكم وأحسّن وضعنا
.. بس صار عكس اللي توقّعته , ربّكم ما كاتب انّي أربح ..
وخسرت خساره كبيره , سامحوني يا حريمي .. سامحوني
يا عيالي , أشغلتكم وبكّيتكم وعذّبتكم معي .. تكفون سامحوني ..
قالت حصه : يابو حمد انت اللي سامحنا .. انت سوّيت كل
هالشي على شانّا , كان كل همكم تسعدنا وترضينا وتحسّن
وضعنا .. حنّا اللي ما قدّرنا حالتك الماديّه , السموحه منك
يابو حمد موب منّنا ..
قالت مشاعل : يسلم راسك يابو حمد .. انت راس المال
وانت كل شي , وكل شي راح بيتعوّض ان شالله , أهم
شي انت يالغالي ..
قال أبو حمد : ما تتصوّرون جلستكم حولي كلّكم وانتم
وأنا بصحّه وعافيه .. متراضين ومتحابّين وقلوبنا على
بعض , هالشي يسوى عندي الدنيا وما فيها ..
قالت ساره : الله يخلّيك لنا يبه ولا يحرمنا منك ..
قال حمد : يبه أنا تخصّصي نادر ومطلوب ..
وأوعدك انّي بشتغل وبنحسن أوضاعنا
قالت ندى : حتى أنا يبه .. بدخل الجامعه وبدرس وبشد
حيلي ان شالله ..
قال أبو حمد : الله يوفّقكم يا عيالي .. وانتم يا حصه ويا
مشاعل .. انتوا بالذات سامحوني .. أحسّ انّي ظلمتكم
كثير معي ..
قالت حصه : حشا والله يابو حمد .. قلت لك حنّا اللي
اسفين موب انت ..
قالت مشاعل : حنّا اللي حمّلناك فوق طاقتك .. انت
اللي اعذرنا , الله يخلّيك لنا ولا يحرمنا منّك
ابتسم أبو حمد ابتسامةً عريضة تخفي ورائها بعض
الأسى , ولكن الجميع فرح بأبو حمد .. وبهذه الإبتسامة
***
اتّصلت بشاير على ابنتها لولوه : ألو ..
قالت لولوه : ألو .. هلا يمّه
قالت بشاير : هلا بنيّتي .. وش أخبارتس
قالت لولوه : أنا بخير يمّه .. انتي طنيني عليك , عساك
مرتاحه
قالت بشاير : الحمدلله على كل حال .. هاه جت مرت
أبوتس للبيت ؟!
قالت لولوه : بكره بتجي .. أبوي شرا أثاث جديد وجهّز
البيت ..
قالت بشاير : وغرفة النوم القديمه .. رماها ؟!
قالت لولوه : هاه .. ايه .. جو عمّال الجمعيّه الخيريّه
وأخذوها .. وشرا غرفه جديده لزوجته
قالت بشاير : المهم , قولي لأبوتس بروح أسكن مع
أمي ببيت جدتي !
قالت لولوه : أسكن عندكم ؟! , ودّي بصراحه .. بس ..
أخاف أبوي ما يوافق
قالت بشاير بحزم : موب على كيفه .. قولي له أمي تقول ,
أنا مستحيل أخلّيتس تعيشين مع مرت أبو , لو مهما يصير ..
بيت جدتس فيه غرفه فاضيه .. وانتي بتجلسين عند أمتس
وجدتس الين يجيتس نصيبتس وتروحين بيت رجلتس ..
قولي له ولمّي أغراضتس كلّها وتعالي .. وحطّي في بالتس
ان مالتس رجعه لذاك البيت طول ما أنا عايشه باذن الله !
قالت لولوه : طيّب يمه .. ابشري , بقول له وعساه يوافق
***
نام أبو حمد هذه الليلة في غرفة حصه , قال أبو حمد : حصه ..
من وين جبتوا الفلوس بالضبط ؟!
قالت حصه بابتسامة : لا تشغل بالك يابو حمد .. زي ما قلنا
لك .. بعنا ذهبنا كلّه .. وحمد باع سيارته , ومشاعل عندها
كم ألف بالبنك .. وتسلّفنا من أخوي بدر , وطبعاً مع فلوس
الأسهم .. سعر الأسهم يعني ..
قال أبو حمد : مدري من وين أوّدي وجهي منكم .. أنا ...
قالت حصه : أفا يابو حمد .. الفلوس وش خانتها اذا ما
ساعدنا فيها بعض .. يرحم والديك لا تقول هالكلام مرّه
ثانيه , يسلم راسك والفلوس بكيفها .. تروح وتجي والله
يرزقنا ان شالله ..
قال أبو حمد : أنا لازم أعوّضكم .. و بدر لازم نرجّع له
فلوسه , بدر أخوتس ما قصّر الله لا يقصّر بعمره
قالت حصه : ان شالله .. بحيل الله , ادعي ربّك ان
أمورنا تتحسّن .. والحمدلله عالستر والعافيه بس ..
قال أبو حمد : اي والله الحمدلله على كل حال ..
***
قال غسان (زوج عبير) لزوجته عبير : خلاص يا عبير ..
عن جد انتي مو معقوله !
قالت عبير : بس يا غسان هي رفيقتي ..
قال غسان : طيّب واذا رفيقتك ؟! , وبعدين دانيه
بنت بلدك وجيراننا من سنين وبنعرفهم منيح , يعني
مو معقول ما تفرحي لها وتروحي لبيتها وتقوليلها
كلام بيضيّق الخلق ..
قالت عبير : شو قصدك ؟!
قال غسان : يعني مو لازم تخسري دانيه وأهلها
وأهل البنايه مشان رفيقتك .. رفيقتك بشاير تطلّقت
وانتهى موضوعها , هيّي ياللي ما عرفت تحافظ على
زوجها أكيد وطلّقها ..
قالت عبير : يعني قولتك .. أنا لازم افرح لدانيه ؟!
قال غسان : طبعاً لازم تفرحي لها .. مهما كان هي
بنت بلدك وأهلها بنعرفهم منيح وجيراننا من زمان ..
قال عبير بتردّد : صح .. أنا لازم اتّصل بدانيه وأكلّما ..
مهما يكون أنا لازم افرح لها واتمنى لها الخير .. وبشاير
.. بشاير تطلّقت والله يستر عليها !
قال غسان : هاد هوّ عين العقل .. وأنا بنصحك انّو
تقطعي علاقتك بهي بشاير .. لأنو علاقتك فيها
محدوده يعني مو صداقه من أيّام الصبا !
قالت عبير : اقطع علاقتي فيها ؟!
قال غسان : أنا هيك رأيي .. مشان ما تنتزع لاقتك مع
دانيه وأهلها وسكان البنايه .. خصوصاً انّو الكل
عرف انّك صديقة زوجة ناصر القديمه
قالت عبير بتردّد : ما بعرف .. بس بفكّر .. ويتهيّألي
انّو هاد ياللي راح يصير !
***
وافق ناصر على أن تسكن لولوه عند والدتها وجدّتها
بعدما وضع بعض الشروط , أتت لولوه لبيت جدّتها
وكانت سعيدة وحزينة في نفس الوقت , كانت لولوه
وبشاير وأم مساعد ومشاعل في صالة أم مساعد ,
قالت بشاير : زي ما قلت .. مستحيل أخلّي بنتي
تعيش مع زوجة أب !
قالت أم مساعد : العين أوسع من البيت لبنيّتي لولوه ,
ودام أبوها موافق وراضي خلاص
قالت بشاير : أبوها من أوّلأ كان مشغول وما يدري
عنها .. وشلون هالحين مع الزوجه الجديده ! , أحسن
شي تبقى عندي وقبال عيني ..
قالت أم مساعد : حيّاها الله لولوه والبيت بيتها ..
و وشلون رجلتس هالحين يا مشاعل .. عسى مهوب
متكدّر حيل ؟!
قالت مشاعل : يعني .. أكيد متضايق عقب سجنه ..
ويبيله وقت عشان يتعدّى هالأزمه ..
قالت أم مساعد : الله يعينه ويوسّع صدره وييّسر
أمره .. وانتم بعد حاولوا تخفّفون عنّه ..
قالت بشاير : أكيد يمّه .. أكيد
***
يتبع
على الكرسيّ مقابل التسريحة , دخلت حصه وأغلقت الباب
من خلفها وقالت : مشاعل .. ممكن نتكلّم ؟!
ابتسمت مشاعل وقالت : تفضلي , هاه .. قولي وش عندك ؟!
قالت حصه بعدما جلست : ودّي أتكلّم معتس بموضوع
قالت مشاعل : خير .. وش فيه ؟!
قالت حصه : تصدقين .. كبرتي بعيني
قالت مشاعل : كبرت بعينتس ؟! , ليه .. بعدين لهالدرجه
أنا كنت طايحه من عينتس ههههه
قالت حصه : لأ موب قصدي , بس جد كبرتي بعيني .. يعني
لما انسجن أبو حمد .. أنا قلت هذي أكيد بتروح بيت أهلها
وبتقول خلّوه يطلّقني .. رجال مديون ومسجون وعنده مشاكل ..
ضحكت مشاعل وقالت : من صدقتس ؟! , من صدقتس حصه
كنتي متوقعه أسوّي كذا ههههه
قالت حصه : مدري .. يعني توقّعت , وبعدين استغربت يوم
بعتي ذهبتس كلّه وكل فلوستس بالبنك
قالت مشاعل : مير ما عرفتيني زين ! , مهوب أنا اللي أسوّيها ..
لو يصير وش ما يصير مستحيل أتخلّى عن أبو حمد , وبعدين
لو عندي مليون ريال صدقيني مستحيل أبخل بريال واحد منها
على أبو حمد ! , عبدالمحسن زوجي وحبيبي .. حفظني وصانّي
وما عمره ضايقني ولا شفت منّه شيّ شين ..
قالت حصه : طيّب ممكن نتكلّم بصراحه ؟! , أنا البارحه مدري
وش اللي جاني .. جلست طول الليل أفكّر .. بسألتس يا مشاعل
وكوني صريحه معي ..
قالت مشاعل : اسألي
قالت حصه : ارجعي بذاكرتك أكثر من أربع سنين ورى ..
قالت مشاعل : طيّب ؟!
قالت حصه : أبو حمد .. عبدالمحسن .. ليه تزوّجتيه ؟! , ليه
وافقتي عليه ؟!!
قالت مشاعل : هههههه معقوله عقب كل هالسنين جايّه تسأليني
هالسؤال ؟!
قالت حصه : عادي .. تكفين جاوبيني مشاعل
قالت مشاعل : طيّب , بجاوبتس , انتي عارفه بعض الأشياء ..
بس مهيب مشكله أنا بقول لتس السالفه كلها .. طبعاً أنا ما تقدّم
لي أحد قبل أبو حمد الا شخص واحد لما كان عمري سته وعشرين
سنه تقريباً , كان هالشخص يدخّن وأبوي سأل عنّه ومحد مدحه
والكل ذمّه , أبوي قال لي مستحيل تاخذينه .. وما صار نصيب ,
مرّت الأيّام والسنين .. كمّلت ثلاثين سنه .. صار عمري فوق
الثلاثين يعني عانس , وقتها قلت خلاص قطار الزواج فاتني
على قولتهم وما ظنّتي بتزوّج , خصوصاً انّه ما عندنا قرايب
ومعارف كثير .. طبعاً أبوي الله يرحمه كان صديق أبو حمد ,
كان أكبر منّه بالعمر طبعاً بس كانوا أخويا وربع , أبوي كان
مريض وقتها .. وكان يتشكّى لأبو حمد من غير ما يقصد ,
كان يقول له أنا مريض وخايف انّ يومي قرّب و ودّي أتطمّن
على بنتي في بيت رجلها سعيده ومستوره قبل ما أموت ..
طبعاً أبو حمد كان يقول له لا تقول هالكلام وبعد عمرن طويل
ان شالله , طبعاً صادف بوقتها انّتس كنتي طالعه من البيت
ومتهاوشه مع أبو حمد وهو مهدّدتس , مدري وش فكّر فيه
أبو حمد .. تقدّم لي وخطبني من أبوي , طبعاً قال لي أبوي
هذا أكبر منتس بعشرين سنه تقريباً ومتزوّج وعنده عيال ..
بس صدقيني وقتها كنت أحس انتس خلاص بتطلّقين , ما كنت
متوقعه انتس بترجعين خصوصاً بعد ما يعرس عليتس ..
كنت خايفه وما ودّي أخرب بيت أحد , خطبني أبو حمد
وكلّمته قبل الملكه .. قبل العقد , كنت مصرّه أكلّمه لو .. لو
عالتلفون وبحضور أبوي .. قلت له أنا ما ودّي أخرب بيتك
وحياة زوجتك , بس هو قال لي انتس معانده وشكلكم بتطلّقون ..
استخرت وفكّرت وقبلت فيه , قلت هذا اخر نصيب .. ما ظنتي
بنخطب بعد .. ما عدت صغيره , تزوّجته وجيت هالبيت .. كان
حمد فالشرقيّه يدرس ما كان موجود .. كان الموجود ساره وندى
بس .. وكانوا يروحون ويرجعون عليتس ببيت أخوتس , ندى
ما جاني منها شي .. بس ساره حسّيت انها حاقده , كارهتني ..
كانت صغيره وكنت عاذرتها , أكيد بتكرهني لأنّي صرت
بمكان أمها .. بس كنت أحاول أكسبها , وبيوم من الأيّام
جت بنتس ساره وقالت لي : "أمّي برتجع .. أمّي برتجع !" ,
ما صدقت وقلت مستحيل .. بس فعلاً انتي رجعتي , كنت
خايفه , قلت الله يعينّي والله يستر من الأيّام الجايّه .. دخلتي
البيت وشفتس .. شفت بعيونتس نار ! , شفت الكره والشر كلّه ! ,
قلت الله يجيرني منها .. هذي ما راح تخلّيني في حالي وأنا
بطبعي طيّبه وما أحب أأذي أحد أو أرد على أحد , مرّت الأيّام
وبديتي تضايقيني وتغثّيني .. بس ما كنتي تقدرين تتمادين لأن
أبو حمد مهدّدتس , بعدها بفتره بسيطه توفّى أبوي الله يرحمه ..
حزنت كثير على أبوي , حسّيت انّتس رحمتيني وخفّيتي عنّي
شوي .. وبعدها برضو رجّعتي تضايقيني .. بس بعدين فقدتي
الأمل وزهقتي لأني ما كنت أرد عليتس ولا أبيّن أي شي ,
بعدين صار الوضع عادي ومرّت الأيّام والسنين ..
قالت حصه : ايه .. كذا يعني
قالت مشاعل : ههههه معقوله جايّه تسأليني هالسؤال
هالحين ؟! , طيّب أنا بسألتس وأبيتس تجاوبيني بصراحه
انتي بعد ؟!
قالت حصه : اسألي
قالت مشاعل : انتي .. ليه طلعتي من بيت أبو حمد ؟! ,
وليه رجعتي ؟!!
قالت حصه : ههههه , يعني سؤال بسؤال ! , طيّب بقول لتس ..
أنا كنت عايشه مع أبو حمد
عيشه عاديّه , بعدين مدري وش اللي صار لي .. مدري وش
هاللي جاني , صرت أناظر لفوق وكرهت عيشتنا .. ملّيت من
الفقر اللي حنّا فيه , صارت مشاكل كثيره بيني وبين أبو حمد ..
كنت أبي أسافر وهو ما يقدر لأن ما عنده فلوس , وأبي ساره
تدرس على حسابنا لأنها ما انقبلت بالجامعه وهو ما يقدر لأن
ما عنده فلوس , كنت أبي هالبيت القديم يترمّم ويتجدّد وهو ما
يقدر لأن ما عنده فلوس ! , زادت المشاكل والهواش بيننا ,
صارت مشاكل كثيره وأنا ملّيت من هالعيشه .. ابليس ركب
راسي وطلعت من البيت ورحت بيت أخوي .. لمّيت كل
أغراضي وجلست عند أخوي , كنت شايشه ومشتطّه وحايمه
كبدي من عيشتي .. أبو حمد كان كل يوم يجي عند أخوي
ويترجّاه يبي يكلّمني ويتفاهم معي بس أنا رافضه .. قلت
ما أرجع له الين ينفّذ كلّ شروطي وكل طلباتي ! , أبو حمد
حاول وذل نفسه بس مافيه فايده .. حالته الماديّه كانت صعبه
وحاول يراضيني بمبلغ بسيط بس أنا عيّيت , ابليس كان
راكب راسي وما رضيت بأي شي , بعدها صرت أشيّش
بناتي وأحرّضهم ضدّه وأبيهم يجون يسكنون معي في بيت
أخوي ! , أبو حمد زهق وطفش وقال لأخوي قل لها ان
ما عقلت وصارت مَرَه لا تشوف شي ما شافته ! , طنّشت
وعاندت أكثر , بعدها حلف أبو حمد .. حلف يمين ان ما
عقلت ورجعت انّه بيعرس علي !! , وقتها ما صدّقت ..
قلت تهديد وبس , الين اتّصلت علي ساره بيوم وقالت
لي : "يمّه أبوي تزوّج !" , حسّيت كن مويه بارده طاحت
علي .. ما صدّقت ! , وطبعاً هو كان حاطتس براسه عشان
خاطر أبوتس الله يرحمه .. تزوّجتس بفتره قصيره ودخّلتس
على بناتي , جتني ساره لبيت أخوي تبكي وقالت لي عاللي
صار وترجّتني انّي أرجع , وقتها كنت مصدومه كثير ..
ما صدّقت انّه سوّاها وأعرس علي ! , بعد فتره حسّيت
انّي صحيت وقمت لنفسي .. شلت أغراضي ولمّيت
ملابسي وخلّيت أخوي بدر يكلمه ويقول له انّي أرجع ..
رجعت لبيتي وشفتك انتي فيه , حسّيت قلبي يحترق ..
نار وشبّت في جوفي ! , تألّمت كثير وندمت .. كنت
أحاول أضايقتس وأطفشتس بس مافيه فايده .. انتي
كنتي ما تردّين علي وتقهريني أكثر لأن عمرتس ما
شكيتيني لأبو حمد ! , مرّت الأيّام والسنين وصار
الوضع عادي ونسيت حقدي وكرهي لتس ورضخت
للأمر الواقع على ما يقولون
قالت مشاعل : طيّب والحين .. تكرهيني ؟!
قالت حصه : لأ , وانتي ؟!
قالت مشاعل : عمري ما كرهتك !
قالت حصه : تصدقين .. أحسّ انتس صرتي قريبه
منّي أكثر !
قالت مشاعل : أكيد عقب سالفة أبو حمد .. صار همّنا
واحد ومصيبتنا وحده وهدفنا واحد .. انّ أبو حمد يطلع
من السجن , أبو حمد هو الشي المشترك بيننا ..
قالت حصه : تحبّينه ؟!
قالت مشاعل : هههههه انتي وش جايتس على هالأسأله
اليوم ؟! , ايه .. أحبّه ! , وانتي ؟!
قالت حصه : أكيد أحبّه .. أحبّه ! , أقول مشاعل ..
وش رايتس من اليوم ورايح نفتح صفحه جديده ؟! ,
صدق والله .. يعني نحسّن علاقتنا وتعاملنا مع
بعض .. أبو حمد أكيد بيفرح اذا شافنا متفاهمات
وعلاقتنا زينه ..
قالت مشاعل بابتسامة : أنا من زمان ودّي بهالشي ..
صدقيني يا حصه , اذا علي أنا ما أكرهتس وعمري
ما كرهتس أو شلت لتس في قلبي حقد أو غل .. بس
لو بنجرّح في بعض ونبعد عن بعض ما راح يصير
شي .. ولا راح يتغيّر .. أنا قاعده على قلبتس وانتي
قاعده على قلبي ! هههههه
قالت حصه : هههههه .. اي والله .. قاعدات على قلوب
بعض , عاد تصدقين كنت أفكّر أوّل ان أبو حمد لو ربح
بالأسهم والله رزقه أبيه يطلّعني ببيت لحالي ..
قالت مشاعل : يمكن ربّتس ما كاتب ان كل وحده تصير
في بيت لحالها .. وانّنا نبقى مع بعض !
قالت حصه : بكره لازم ننظّف البيت زين ونعدّله ونبخّره
ونزهّب أحلى عشا لأبو حمد
قالت مشاعل : أكيد .. أكيد
***
أتى الغد , يوم طلوع أبو حمد من السجن , ذهب حمد لأخذه
من هناك , كان الكلّ ينتظره في الحوش على أحرّ من الجمر ,
سُمع صوت السيارة عند الباب ووقف الجميع عند الباب ,
فتح حمد الباب بمفتاحه بهدوء ودخل ومن خلفه أبو حمد
وأغلق الباب , كان حمد ممسكاً بشنطة والده بيد .. وبيد
والده باليد الأخرى , وقف أبو حمد في مكانه وأربعة نساءٍ
واقفات أمامه وينظرن اليه , كان وجهه بائساً والسواد حول
عينيه وخطوط الأسى على وجهه .. بدا أكبر عمراً , تقدّمت
اليه ساره وندى وسلّمتا عليه وقبّلتا رأسها , سلّمت عليه
مشاعل ومن ثم حصه , كان عيون أبو حمد في الأرض
ولم يرفعها أبداً , قالت حصه : الحمدلله على سلامتك ..
قال أبو حمد : الله يسلّمكم ..
قالت مشاعل : نوّرت بيتك يابو حمد ..
قالت ساره : البيت من غيرك ما يسوى شي يا يبه ..
قالت حصه : تعالوا ادخلوا جوّه .. ليه واقفين بالحوش
قال حمد : يلله يبه .. خل ندخل داخل
دخل الجميع داخل البيت , قالت حصه : بتروح غرفتك ترتاح
أبو حمد ؟!
قال أبو حمد : لا .. بجلس بالصاله شوي
دخل أبو حمد الصالة وكانت خطواته بطيئة , جلس وجلس الجميع
حوله , قالت حصه : والله تو ما نوّر البيت .. ما تّصوّر من غيرك
وشلون حالتنا ..
قالت مشاعل : العشا جاهز .. نحط العشا , أكيد جوعان
قال أبو حمد : حطّوا العشا
قامت مشاعل وندى لإحضار العشاء , فرشوا السّفرة على الأرض
و وضعوا عليها العشاء , جلس الجميع حول السّفرة وأبو حمد
لم يتكلّم وبدا بائساً وحزيناً وعيناه في الأرض , كان الكل ينظر
الى أبو حمد بخوف وفرح , كان الجميع يتحدّثون و يحاولون رسم
الابتسامة على وجه أبو حمد البائس الحزين , انتهى العشاء وغسّل
الجميع أيديهم ورفعوا السفرة والصحون , عادوا الى الصالة
واجتمعوا حول أبو حمد , قال أبو حمد بعد أن رأى الجميع حوله ي
نظرون اليه بابتسامة منتظرينه : أنا عندي شي ودّي أقول لكم ايّاه ..
قالت حصه : امر يابو حمد .. قول
قال أبو حمد : تصدّقون .. هالشي اللي صار علّمني و وضّح لي
أشياء كثيره .. خلاني أعرف وش كثر حريمي ويعيالي يحبّوني ..
خلاني أعرف غلاتي عندهم وغلاهم عندي , عرفت وش قد
السجن صعب على نفس البرئ .. أو خلّونا نقول على نفس اللي
انجسن غصبن عنّه , سامحوني كلّكم .. حصه ومشاعل
سامحوني تكفون .. بيّعتكم ذهبكم كلّه وكل فلوسكم .. وانت
يا حمد بيّعتك سيارتك وخرّبت فرحتك بنجاحك , وانتي
يا ساره .. وانتي يا ندى , بس صدقوني أنا كل همّي كان
انّي أربح بالأسهم وأحسن معيشتنا وأرضيكم وأحسّن وضعنا
.. بس صار عكس اللي توقّعته , ربّكم ما كاتب انّي أربح ..
وخسرت خساره كبيره , سامحوني يا حريمي .. سامحوني
يا عيالي , أشغلتكم وبكّيتكم وعذّبتكم معي .. تكفون سامحوني ..
قالت حصه : يابو حمد انت اللي سامحنا .. انت سوّيت كل
هالشي على شانّا , كان كل همكم تسعدنا وترضينا وتحسّن
وضعنا .. حنّا اللي ما قدّرنا حالتك الماديّه , السموحه منك
يابو حمد موب منّنا ..
قالت مشاعل : يسلم راسك يابو حمد .. انت راس المال
وانت كل شي , وكل شي راح بيتعوّض ان شالله , أهم
شي انت يالغالي ..
قال أبو حمد : ما تتصوّرون جلستكم حولي كلّكم وانتم
وأنا بصحّه وعافيه .. متراضين ومتحابّين وقلوبنا على
بعض , هالشي يسوى عندي الدنيا وما فيها ..
قالت ساره : الله يخلّيك لنا يبه ولا يحرمنا منك ..
قال حمد : يبه أنا تخصّصي نادر ومطلوب ..
وأوعدك انّي بشتغل وبنحسن أوضاعنا
قالت ندى : حتى أنا يبه .. بدخل الجامعه وبدرس وبشد
حيلي ان شالله ..
قال أبو حمد : الله يوفّقكم يا عيالي .. وانتم يا حصه ويا
مشاعل .. انتوا بالذات سامحوني .. أحسّ انّي ظلمتكم
كثير معي ..
قالت حصه : حشا والله يابو حمد .. قلت لك حنّا اللي
اسفين موب انت ..
قالت مشاعل : حنّا اللي حمّلناك فوق طاقتك .. انت
اللي اعذرنا , الله يخلّيك لنا ولا يحرمنا منّك
ابتسم أبو حمد ابتسامةً عريضة تخفي ورائها بعض
الأسى , ولكن الجميع فرح بأبو حمد .. وبهذه الإبتسامة
***
اتّصلت بشاير على ابنتها لولوه : ألو ..
قالت لولوه : ألو .. هلا يمّه
قالت بشاير : هلا بنيّتي .. وش أخبارتس
قالت لولوه : أنا بخير يمّه .. انتي طنيني عليك , عساك
مرتاحه
قالت بشاير : الحمدلله على كل حال .. هاه جت مرت
أبوتس للبيت ؟!
قالت لولوه : بكره بتجي .. أبوي شرا أثاث جديد وجهّز
البيت ..
قالت بشاير : وغرفة النوم القديمه .. رماها ؟!
قالت لولوه : هاه .. ايه .. جو عمّال الجمعيّه الخيريّه
وأخذوها .. وشرا غرفه جديده لزوجته
قالت بشاير : المهم , قولي لأبوتس بروح أسكن مع
أمي ببيت جدتي !
قالت لولوه : أسكن عندكم ؟! , ودّي بصراحه .. بس ..
أخاف أبوي ما يوافق
قالت بشاير بحزم : موب على كيفه .. قولي له أمي تقول ,
أنا مستحيل أخلّيتس تعيشين مع مرت أبو , لو مهما يصير ..
بيت جدتس فيه غرفه فاضيه .. وانتي بتجلسين عند أمتس
وجدتس الين يجيتس نصيبتس وتروحين بيت رجلتس ..
قولي له ولمّي أغراضتس كلّها وتعالي .. وحطّي في بالتس
ان مالتس رجعه لذاك البيت طول ما أنا عايشه باذن الله !
قالت لولوه : طيّب يمه .. ابشري , بقول له وعساه يوافق
***
نام أبو حمد هذه الليلة في غرفة حصه , قال أبو حمد : حصه ..
من وين جبتوا الفلوس بالضبط ؟!
قالت حصه بابتسامة : لا تشغل بالك يابو حمد .. زي ما قلنا
لك .. بعنا ذهبنا كلّه .. وحمد باع سيارته , ومشاعل عندها
كم ألف بالبنك .. وتسلّفنا من أخوي بدر , وطبعاً مع فلوس
الأسهم .. سعر الأسهم يعني ..
قال أبو حمد : مدري من وين أوّدي وجهي منكم .. أنا ...
قالت حصه : أفا يابو حمد .. الفلوس وش خانتها اذا ما
ساعدنا فيها بعض .. يرحم والديك لا تقول هالكلام مرّه
ثانيه , يسلم راسك والفلوس بكيفها .. تروح وتجي والله
يرزقنا ان شالله ..
قال أبو حمد : أنا لازم أعوّضكم .. و بدر لازم نرجّع له
فلوسه , بدر أخوتس ما قصّر الله لا يقصّر بعمره
قالت حصه : ان شالله .. بحيل الله , ادعي ربّك ان
أمورنا تتحسّن .. والحمدلله عالستر والعافيه بس ..
قال أبو حمد : اي والله الحمدلله على كل حال ..
***
قال غسان (زوج عبير) لزوجته عبير : خلاص يا عبير ..
عن جد انتي مو معقوله !
قالت عبير : بس يا غسان هي رفيقتي ..
قال غسان : طيّب واذا رفيقتك ؟! , وبعدين دانيه
بنت بلدك وجيراننا من سنين وبنعرفهم منيح , يعني
مو معقول ما تفرحي لها وتروحي لبيتها وتقوليلها
كلام بيضيّق الخلق ..
قالت عبير : شو قصدك ؟!
قال غسان : يعني مو لازم تخسري دانيه وأهلها
وأهل البنايه مشان رفيقتك .. رفيقتك بشاير تطلّقت
وانتهى موضوعها , هيّي ياللي ما عرفت تحافظ على
زوجها أكيد وطلّقها ..
قالت عبير : يعني قولتك .. أنا لازم افرح لدانيه ؟!
قال غسان : طبعاً لازم تفرحي لها .. مهما كان هي
بنت بلدك وأهلها بنعرفهم منيح وجيراننا من زمان ..
قال عبير بتردّد : صح .. أنا لازم اتّصل بدانيه وأكلّما ..
مهما يكون أنا لازم افرح لها واتمنى لها الخير .. وبشاير
.. بشاير تطلّقت والله يستر عليها !
قال غسان : هاد هوّ عين العقل .. وأنا بنصحك انّو
تقطعي علاقتك بهي بشاير .. لأنو علاقتك فيها
محدوده يعني مو صداقه من أيّام الصبا !
قالت عبير : اقطع علاقتي فيها ؟!
قال غسان : أنا هيك رأيي .. مشان ما تنتزع لاقتك مع
دانيه وأهلها وسكان البنايه .. خصوصاً انّو الكل
عرف انّك صديقة زوجة ناصر القديمه
قالت عبير بتردّد : ما بعرف .. بس بفكّر .. ويتهيّألي
انّو هاد ياللي راح يصير !
***
وافق ناصر على أن تسكن لولوه عند والدتها وجدّتها
بعدما وضع بعض الشروط , أتت لولوه لبيت جدّتها
وكانت سعيدة وحزينة في نفس الوقت , كانت لولوه
وبشاير وأم مساعد ومشاعل في صالة أم مساعد ,
قالت بشاير : زي ما قلت .. مستحيل أخلّي بنتي
تعيش مع زوجة أب !
قالت أم مساعد : العين أوسع من البيت لبنيّتي لولوه ,
ودام أبوها موافق وراضي خلاص
قالت بشاير : أبوها من أوّلأ كان مشغول وما يدري
عنها .. وشلون هالحين مع الزوجه الجديده ! , أحسن
شي تبقى عندي وقبال عيني ..
قالت أم مساعد : حيّاها الله لولوه والبيت بيتها ..
و وشلون رجلتس هالحين يا مشاعل .. عسى مهوب
متكدّر حيل ؟!
قالت مشاعل : يعني .. أكيد متضايق عقب سجنه ..
ويبيله وقت عشان يتعدّى هالأزمه ..
قالت أم مساعد : الله يعينه ويوسّع صدره وييّسر
أمره .. وانتم بعد حاولوا تخفّفون عنّه ..
قالت بشاير : أكيد يمّه .. أكيد
***
يتبع
تعليق